سورة الأنفال و البراءة
2016-06-16
سورة الزلزال
2016-06-16

(4)
سورة التطهير

﴿بسم الله الرحمن الرحيم ، يا أيّها النبيُّ اتّقِ الله ولا تُطِع الكافرين والمنافقين﴾ باسمي أوحي إليك ، يا رسول الله حينما يأتيك الكفار والمنافقون ، أبوسفيان وعكرمة وأبو الأعور السلمي وعبد الله بن أبي سرح وطعمة بن أشرف ويقترحون أن تترك لهم آلهتهم ، ﴿إنّ الله كان عليماً حكيماً﴾ ان ربّك يعلم أنهّم انّما يطلبون منك أن تكفّ عن آلهتهم حتى يدعوا الناس إليها ويصدّوا عن الإسلام والله حكيم في الحكم ، ﴿واتّبع ما يُوحى إليك من ربّك﴾ وعليك دائماً باتبّاع نهج التوحيد ونفي الشرك ومحاربة الأوثان والأصنام وتابع وحي الله في جهاد الكفار، ﴿انّ الله كان بما تعملون خبيراً﴾ فعندما يأمرك الله بمحاربة اللات والعزّى وهُبل وغيرها فهو يعلم عمل الكفار في عبادتها وما يشركون ، ﴿وتوکَّلْ علی الله و کفی بالله وکيلا﴾ ولا يهمّك تکالب الکفار عليك وتواطؤ المشركين على الإسلام بل توكّل على الله في حربهم وهو يكفيك أمرهم .
﴿ما جَعَل اللهُ لرجلٍ من قَلْبين في جَوْفِه﴾ جوابنا للكفّار حيث قالوا ان لجميل بن معمر قلبين فهو أفضل من محمد : انّنا لم نخلق لبشر قلبين بتاتاً محمد هو أفضل منه ، ﴿وما جعل أزواجكم اللائي تُظاهرون منهنّ أمّهاتكم﴾ ، إنّ قول أحدكم لزوجتة : أنتِ عليَّ كظهر أمّي لا يجعلها أماً له فلا تحرم عليه أبداً بل يجب أن يكفّر عن قوله فقط ، ﴿و اجعَل أدعياءَکم أبناءَكم ذلکم قولکم بأفواهکم﴾ انّ الله لم يجعل من تتبّنوه کزيد إبناً لکم فهو زيد بن حارثة لا زيد بن محمد أيّها المنافقون المرجفون ، ﴿والله يقول الحق وهو يهدي السبيل﴾، فان كنتم تقولون باطلاً ان النبيّ تزوّج زوجة ابنه بعد أن حرم ذلك علينا فإن الله يقول حقاً انه ليس ابنه، وهو هداه لهذا و بفعله يهديکم لسبيل الحق ، ﴿ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ، فان لم تعلموا آباءهم﴾ فيجب عليكم أيّها المسلمون أن تدعوا من تتبنون باسم أبيه فقولوا زيد بن حارثة وان لم تعرفوا أباه کزياد بن أبيه ، ﴿فإخوانكم في الدين ومواليكم﴾ فاذا لم يعرف له أب لكنه يحسب واحداً من المسلمين و واحداً من محبيكم وأصدقائكم ، ﴿وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به ، ولكن ما تعمّدت قُلوبُکم﴾ فحرام عليکم أن تنسبوا زيداً الى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فَستُعاقَبون عليه ولا حرج لو سبق لسانكم من دون قصد للمعنى من دون تعمد ، ﴿وكان اللهُ غفوراً رحيماً﴾ فإن أخطأتم من دون قصد ، وقلتم زيد بن محمد سهواً فاستغفروا الله يغفر لکم ويرحمکم ويعفو عنکم برحمته.
﴿النبيّ أولى بالمؤمنين﴾ ان رسول الله أولى بالتصرّف في دماء المسلمين وفروجهم وأموالهم من تصرّفهم في أنفسهم تكويناً وتشريعاً، ﴿من أنْفسِهم﴾ فاذا كان المسلمون لهم الولاية على أنفسهم بشروطها لكن النبيّ له الولاية عليهم من دون شرط وقرأ ابن عباس « وهو أبٌ لهم » ﴿وأزواجه أمّهاتهم﴾ فلازم کونه أباً للأمة وله فوق ولاية الأب على ابنه أولوية عليهم ان تكون أزواجه أمّهات للمؤمنين ، ﴿وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله﴾ والأولوية في الميراث هي من أحكام القرآن الذي هو وحي الله فهي ثابتة للأقرب رحماً ونسباً الى يوم القيامة يحرم تزويجهنّ ، ﴿من المؤمنين والمهاجرين﴾ وهذه الأولوية في الميراث أوجبها الله وهي ناسخة لحق التوارث من عقد الإخاء بين المهاجرين والأنصار ، ﴿إلاّ أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً﴾ إلا أن يوصي أحد الأنصار بثلثه لأخيه من المهاجرين و غيره من المؤمنين لصديقه من أهل الإيمان ، ﴿كان ذلك في الكتاب مسطوراً﴾ أي ان حكم الإرث والتوارث في القرآن مكتوب بقوله : «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظّ الأنثيين» فلا يحقّ لأبي بكر أن ينكر إرث الزهراء ( عليها السلام) .
﴿وإذ أخذنا من النبييّن میثاقهم﴾ لا تنس يا رسول الله بأنّنا قد أخذنا المواثيق المؤكّدة من الأنبياء جميعاً ليؤدّوا واجب الرسالة كاملاً ، ﴿ومنك ومن نوح و ابراهيم و موسی و عيسی أبن مريم﴾ واخذنا ميثاق أولي العزم علي أن يبشّروا بمجيئك وأخذنا ميثاقاً كي تبشّر بظهور ولدك المهديّ ( عليه السلام ) . ﴿وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً﴾ وأخذنا من الأنبياء جميعاً المواثيق المؤكّدة على أداء الرسالة وتبليغ الأحكام والشرائع والبشارة بالمهدي ، ﴿ليسأل الصادقين عن صدقهم﴾ وبالتالي يسأل الله المصدّقين برسالة الأنبياء هل انهم صدقوهم في بشاراتهم بمبعث النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وظهور المهدي ونزول عيسى ( عليه السلام ) ، ﴿وأعدّ للكافرين عذاباً أليماً﴾ وان الله قد هيّأ لمن كفر بنبوّة الأنبياء وبشرائعهم السماوية وكذب برسالاتهم عذاب النار المؤلم .
﴿يا أيّها الذين آمنوا اذکروا نعمة الله عليکم إذ جاء تکم جنود﴾ أيّها المؤمنون تذكّروا نصر الله وعونه وتأييده ونجاته لكم بسيف علي بن أبي طالب يوم الأحزاب حينما أحاط بكم جيش الأحزاب ، ﴿فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها﴾ فعندما حاصرکم جيش الکفار ، وطلب عمرو بن عبدودّ البراز أرسلنا نحوه عاصفة الإيمان علي بن أبي طالب ومعه الملائكة السماوية التي لم تروها أنتم ، ﴿وكان الله بما تعملون بصيراً﴾ وكان الله يعلم و یرى ما قمتم به من حفر الخندق حول المدينة باقتراح سلمان المحمدي ( رضي الله عنه ) . ﴿إذ جاؤكم من فوقکم و من أسفل منکم﴾ وتذکر حيث حضر الکفار و عساکر الکفر والشرك الى المدينة من قبل الشمال والجنوب من الوادي ، ﴿وإذ زاغت الأبصار وبلغتِ القلوبُ الحناجِر﴾ وعندما طوّق جيش الأحزاب الخندق وأخذ عمرو بن عبدودّ ينادی هل من مبارز؟ والنبیّ ينادي هل من مجيب ؟ کدتم أن تموتوا خوفاً، ﴿وتظنّون بالله الظنونا﴾ فظنّ المنافقون والجبناء ومن كان ضعيف الإيمان ان الله لا يقدر على نصر رسوله ودينه بعليّ بن أبي طالب ( عليه السلام )، ﴿هنالك ابتُلي المؤمنون وزُلزلوا زلزالاً شديداً﴾ حينذاك امتحن الله جميع أصحابك فثبت انهم لا يوجد فيهم فتىً بطل شجاع وفدائي للإسلام غير علي بن أبي طالب (عليه السلام ) ، ﴿وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مَرَضٌ ما وعَدَنا الله ورسوله إلاّ غروراً﴾ وفي لحظة الخوف تلك قال معتب بن قشير وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وغيرهم : ان مواعيد محمد كلها هباء نابعة من غروره فسيهلك ، ﴿وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لکم فأرجعوا﴾ وعقبوا کلامهم هذا بخطابهم للأنصار أن ارجعوا الى بيوتكم فانه ان يغلب أحد الطرفين فستكونون معه أما الآن فستقتلون ، ﴿ويستأذن فريقٌ منهم النبيّ يقولون إن بيوتنا عَورة﴾ وعلى أثر كلام المنافقين يطلب الإذن بنو حارثة من رسول الله للرجوع الى بيوتهم بحجّة أنهّا مكشوفة وغير مغلقة ، ﴿وما هي بعورةٍ ان يريدون إلاّ فراراً﴾ ونحن نعلم يا رسول الله ان بيوت بنی حارثة غير مكشوفة بل مغلّقة الأبواب ولكنهم لا يقصدون سوى الفرار ﴿ولو دُخلت عليهم من أقطارها ثم سُئلوا الفتنة لأتوها﴾ فإذا رجعوا الى بيوتهم وهجم عليهم الكفار من اطرافها وأمروهم بأن يرجعوا الى الكفر والشرك لرجعوا ، ﴿وما تلبثوا بها إلاّ يسيرا﴾ وإذا رجعوا الى الكفر والشرك والفتنة لم تمرّ عليهم فترة طويلة بل سيهلکهم الله بأيديکم .
﴿ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار﴾ وسبق أن بني حارثة بعدما انهزموا في أُحد مع بني سلمة وعاتبهم الله اعطوا عهداً ان لا ينهزموا أبداً، ﴿وكان عهدُ الله مسؤولا﴾ ومن يعاهد الله ورسوله على أمر فان الله سيسأله و يحاسبه عن الوفاء بذلك العهد . ﴿قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل و إذاً لا تمتّعون إلّا قليلا﴾ قل لهم يا رسول الله : لا يفيدکم الفرار من الجهاد خشية من أن تقتلوا ، إذ لا تبقون بعد الفرار أحياءً إلّا أيّاماً قلائل ﴿قل من ذا الذي يعصمکم من الله ان أراد بکم سوءاً أو أراد بکم رحمة﴾ و قل لهم يا رسول الله ان الأجل والموت بيد الله فان أراد الله هلاککم فمن الذي ، ينجيكم منه وإن أراد الله بقاءكم فمن الذي يقتلكم ، ﴿ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيرا﴾ وقل لهم يا رسول الله أن لا يأملوا أحداً من الخلق يكون ولياً لهم وينصرهم فلا وليّ ولا ناصر سوى الله ، ﴿قد يعلم الله المعوّقين منكم والقائلين لإخوانهم هَلُمّ إلينا﴾ وقطعاً ويقيناً ان الله يعلم ما يقوله عبد الله بن أبي سلول وجماعته للمؤمنين ويطلبون منهم خذلان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ﴿ولا يأتون البأسَ إلا قليلا﴾ وهؤلاء المنافقون لا يحضرون القتال ولا يشتركون في الجهاد الّا حضوراً إسمياً ظاهرياً للرياء ، ﴿أشحّة عليكم فاذا جاء الخوف رأيتَهم ينظُرون إليك تدور أعيُنهم﴾ وهؤلاء المنافقون يبخلون عليكم بأموالهم وأنفسهم وصفتهم أنهم عندما هتف عمرو بن عبدودّ هل من مبارز يلتفتون يميناً وشمالاً خائفين ﴿كالذي يُغشى عليه من الموت﴾ وفي تلك اللحظة كانت حالتهم حالة المحتضر مشلولي القوى كأنّ على رؤوسهم الطير لا يستطيعون حيلة ، ﴿فاذا ذهب الخوف سَلَقوكم بألسنةٍ حدادٍ﴾ وعندما نجوا بفضل عليّ من الخوف أخذوا ينتقدون قول النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فيه : ( ضربة عليٍّ تعدل عبادة الثقلين ) واعترضوا على ذلك ، ﴿أشحّة على الخير أُولئك لم يؤمنوا﴾ إنّ ألسنة هؤلاء المنافقين بخيلة على أن تعترف لعلي بفضائله وتصف شجاعته فهؤلاء ليسوا بمؤمنين كما يدّعون ، ﴿فأحبَط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيراً﴾ ونتيجة لفرارهم من الجهاد وسلق ألسنتهم أحبط الله هجرتهم وإنفاقهم سابقاً ، وهذا الاحباط ليس بصعب على الله ﴿يحسَبُون الأحزاب لمْ يذهبوا﴾ إنّ هؤلاء المنافقين في حسبانهم ان علياً لم يهزم أحزاب المشركين وانهم لم يرجعوا الى مكّة ، ﴿وان يأت الأحزاب يودّوا لو أنهّم بادون في الأعراب﴾ وعلى فرض مجيء الأحزاب مرّة ثانية فهم يحبّون أن یکونوا في البادية مع الأعراب بعيدين عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ﴿يسألون عن أنبائكم ، ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلاّ قليلا﴾ وفي البادية سيستفسرون عن أخبار الحرب والقتال بين النبیّ والکفار وينوون ان کانوا في المدينة لا يشتركون في الجهاد إلا رياءاً .
﴿لقد كان في رسول الله أسوة حسنة﴾ أيّها الناس ان أردتم التأسيّ في الثبات والمثابرة والصبر والاقدام والتضحية والفداء للحقّ ففي رسول الله نعم الأسوة ، ﴿لِمَنْ كان يرجو الله واليوم الاخر ، وذَكَر الله كثيراً﴾ فرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خير أسوةٍ لمن يقصد من التأسيّ به رضا الله ويرجو رحمته والنجاة يوم القيامة ولمن يذكر الله بقلبه ولسانه دائماً .
﴿ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا : هذا ما وَعَدنا الله ورسوله﴾ وعلى نقيض المنافقين هم المؤمنون عندما يرون جيش الأحزاب يوم الخندق يقولون حان وقت النصر الذي وعدنا الله ورسوله على الكفار ،﴿وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً﴾ وقال المؤمنون حينما التقوا بالأحزاب : صدق الله إنه ينصرنا عليهم وصدق رسوله انّا سنغلبهم ، فازدادوا شجاعة وثباتاً ، ﴿من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾ نزلت في عليّ وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث ( عليهم السلام ) بالإِجماع فانهّم صدقوا في إيمانهم بالله وبرسوله ، ووفوا بما عاهدوا على الجهاد في سبيله ، ﴿فمنهم من قضى نحبه ومنهم مَنْ ينتظر ، وما بدّلوا تبديلا﴾ فحمزة بن عبد المطلب استُشهد يوم أحد ، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قُتل يوم بدر، وجعفر بن أبي طالب يوم مؤتة ، وعلي كان ينتظر الشهادة في الحرب والمحراب ، ﴿ليجزي الله الصادقين بصدقهم﴾ فعلي وحمزة وجعفر وعبيدة صدقوا ما عاهدوا الله عليه من الجهاد في سبيل الله و رسوله، ووفوا بصدق فجزاؤهم على الله الجنّة والشفاعة ، ﴿ويعذّب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً﴾ و حتميٌّ أنّ الله سيعذب المنافقين بنار جهنّم إن لم يتوبوا ،فان تابوا فربّما يشاء قبول توبتهم فانه يغفر لمن تاب ويرحمه ، ﴿وردّ الله الذين کفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً﴾ فيوم الخندق ردّ الله جيش الأحزاب و جيش الكفار والمشركين مندحرين خاسري المعركة ، لم ينالوا الفتح ، ﴿وکفی اللهُ المؤمنين القتالَ وکان الله قوياً عزيزا﴾ فحينذاك کفی الله سبحانه النبيّ وحزبه مقاتلة الأحزاب ونجّاهم بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) و ضربته لعمرو التي كانت من قوة الله رعزته ، ﴿و أنزل الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من صياصيهم﴾ فالله تعالي أنزل بني قريضة اليهود من حصونهم حيث خرجوا منها مخالفين للميثاق يؤيدّون الأحزاب ضدّكم ، ﴿و قذف في قلوبهم الرعب ، فريقاً تقتلون وتأسرون فريقاً﴾ فلما غلبتم الأحزاب بقلّتكم وضعفکم ، و کثرتهم وقوتهم ، قذف الله في قلوبهم الخوف منکم فقتلتم مقاتليهم وأسرتم ذراريهم ونساءهم ، ﴿وأورثَكم أرضَهم وديارهم وأموالهم﴾ فبعد حرب الخندق وغلبتهم على الأحزاب مباشرة أورثكم أرض خيبر وحصن خيبر وديار اليهود وأموالهم بسيف علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ﴿وأرضاً لم تطؤوها﴾ وأورثك الله يا محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، أرض فدك التي سلّمها اليهود لك من دون أن تطأها بالخيل والرجال فهي ملك لك بالفيء ، ﴿وكان الله على كل شيء قديراً﴾ فالله قادر على أن يلقي الرعب في قلوب يهود فدك فيسلموها لك ، وقادر على أن يجعلها ملكاً لك وحدك .
﴿يا أيُّها النبيّ قُلْ لأزواجك﴾ يا رسول الله ، عندما سألتك عائشة وحفصة وأم حبيبة وجويرية وسودة كل واحدة متاعاً وحللاً و أثواباً سحولية فقل لهنّ : ﴿إنْ كنتنّ تُرِدنَ الحياة الدنيا وزينتها﴾ إن تزوجتن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إرادة لزخارف الحياة الدنيا ومتاعها وحليها وحللها وأثوابها وفرشها ، ﴿فتعالينَ أمتّعكنّ وأسرّحكنّ سراحاً جميلا﴾ فأنا مستعدّ لمنحكنّ هذه الأمتعة بشرط أن أطلقكنّ طلاقاً من غير نزاع أو خصومة أو ضرار ، ﴿وإن كنتنّ تُرِدن الله ورسولَه والدار الآخرة﴾ فاستَشِرن آباءكن ، فاذا رغبتم عن الأمتعة الدنيوية ورغبتن في الحياة الزوجية مع النبيّ وأردتنّ بذلك الجنّة فبها ، ﴿ فإن الله أعدّ للمُحسِنات منكنّ أجراً عظيماً﴾ فالله سبحانه أعدّ لخديجة المحسنة ، وأمّ أيمن وأمّ سلمة ومارية المحسنات الدرجات العالية في الجنة .
﴿يا نساء النبيّ من يأتِ منكنّ بفاحشة مبيّنة﴾ يا زوجات رسول الله أيّة واحدة تخرج من بيتها وخدرها ، وتعسكر العساكر وتريق الدماء وتتبغّل وتتجمّل و تنبحها كلاب الحوأب ، ﴿يضاعَف لها العذاب ضعفين ، وكان ذلك على الله يسيراً﴾ فهذه سيعذّبها الله عذاباً مضاعفاً على عذاب غيرها من النساء وليس ذلك بصعب على الله ، ﴿ومن يَقْنتْ منكنّ لله ورسوله وتعمل صالحاً﴾ وكل زوجة للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) تقنت وتتقي لله وتحافظ على حرمة النبيّ وتقرّ في بيتها وتوالي علياً وتحبّه كأمّ سلمة (رضي الله عنها)، ﴿نؤتِها أجرها مرّتين واعتدنا لها رزقاً كريماً﴾ فنحن من فضلنا وكرمنا وجودنا نغمرها برحمتنا ونعطيها أجر تقواها مضاعفاً ونعدّ لها في الجنّة أحسن الرزق .
﴿يا نساء النبيّ لستُنّ كأحدٍ من النساء إن اتّقيتُنّ﴾ يا زوجات رسول الله إنّكنّ أعظم أجراً ومثوبة من سائر نساء المسلمين عدا سيّدة النساء فاطمة إن خفتنّ من الله ، ﴿فلا تخضَعنَ بالقولِ فيطمعَ الذي في قلبهِ مرضٌ وقُلنَ قولاً معروفاً﴾ فإياكنّ أن تعبّرن عن عواطفكن وأحاسيسكنّ وحبّكنّ لبعض الرجال فيطمع مروان الکافر بقلبه فيكُنَّ ، بل أغلظن القول له ، ﴿وقَرْنَ فی بيوتکنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى﴾ ويجب عليكنّ القرار في بيت النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ويحرم عليكن الخروج للقتال وجرّ الجيوش كأيّام الجاهلية الأولى الأمويّة وخروج هند متبرّجة ، ﴿وأقِمن الصلاة وآتين الزكاة وأطِعْن الله ورسوله﴾ وبعد وجوب القرار في البيت يجب عليكن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ويجب عليكن إطاعة الله بمبايعة علي ، ﴿واذْكُرنَ ما يُتلى في بيوتِكُنّ من ايات الله والحكمة﴾ – هذه بقيّة الآية السابقة بحسب ترتيب النزول ولكن عند الجمع فُصلت بآية التطهير – فاذكرن ما كان يتلو رسول الله ( صلّى الله عليه وآله و سلّم ) في بيوتكنَّ من الوحي و القرآن و الأحكام ، ﴿إن الله كان لطيفاً خبيراً﴾ ان الله سبحانه وتعالي بإيجابه هذه الأحكام عليكن يريد أن يتلطّف على الأمة ويجمع شملها ويصون دماءها وهو خبير بمصلحة الأمة .
﴿إنما يُريد الله﴾ أيّها المعصومون الأربعة عشر : انحصرت مشيئة الله وإرادته الأزليّة والأبدية و إرادته التكوينية والتشريعية، ﴿ليذهبَ عنكم الرجس﴾ أراد و لم يرد سواه ، أن يعصمکم من کلّ إثمٍ ومن کل شينٍ وکل نقص ، أو عيب أو کفر أو نفاق أو فسق أو فجور ، ﴿أهلَ البَيْت﴾ أنتم يا أهل بيت النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وذلك البيت الذي لم يسدّ بابه ، ولم يقطع ميزابه ، فهو بيت علیّ ( عليه السلام) والزهراء ( عليها السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام) ﴿ويُطهِّرکم تطهيراً﴾ فتعلّقت إرادته أن يطهّرکم تکويناً و تشريعاً ، من الحدث والخبث ، والنجس ، ظاهراً و باطناً ، مادياً و معنوياً ، جسماً و روحاً
﴿إنّ المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات﴾ ان من اعتنق الإسلام ديناً وأقرّ بالشهادتين ، وأسلم ومن آمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر وما جاء به الوحي من النساء والرجال ، ﴿والقانتين والقانتات ، والصادقين والصادقات﴾ ومن اتّقى ربّه وخاف منه وصدق بكلام الله وصدق برسول الله وأحاديثه وصدق في القول ذكراً أو أنثى ، ﴿والصابرين والصابرات ، والخاشعين والخاشعات﴾ ومن صبر على الطاعة والجهاد ، وصبر عن المعصية ، وصبر على المصيبة ، ومن خشع قلبه لله وآياته رجلاً أو امرأة ، ﴿والمتصدّقين والمتصدّقات ، والصائمين والصائمات﴾ ومن أدّى الصدقات والزكوات والأخماس والكفارات ومن صام شهر رمضان من رجل أو مرأة ، ﴿والحافظين فروجهم ، والحافظات﴾ وكل من يحفظ فرجه ويمنعه عن الزنا واللواط ، ومن تستر بدنها عن الأجانب وتعف عن المساحقة والزنا والسفور ، ﴿والذاكرين الله كثيراً والذاكرات﴾ وكل رجل لا ينسى الله في أعماله وأقواله ويلهج بذكره كثيراً واللاتي يسبّحن تسبيحة الزهراء ( عليها السلام ) دائماً عقيب صلاتهن ، ﴿أعدّ الله لهم مَغفرة وأجراً عظيماً﴾ هيّا الله سبحانه لهؤلاء شفاعة لهفواتهم وزلاّتهم يوم القيامة ، وأعدّ لهم ثواباً وجزاءً لأعمالهم في الجنة ، ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسولُه أمراً ﴾ وهذا حكم من الله العظيم لأي رجل أو امرأة من أمّة الإسلام إذا أبرم الله أمراً و أصدر النبيّ حكماً أو وصيّة ، ﴿أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾ أن يترك من عيّنه الله ورسوله ، واختارا له كي يختار لنفسه من يهواه أو من يهواه للأمور، فلا يحقّ له الانتخاب ، ﴿ومن يَعصِ الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً﴾ ومن خالف من اختاره الله له لتولّی أموره ، وعصی الله ورسوله بانتخاب غيره لولاية الأمر فبالقطع انّه ضلّ عن الحق والصواب والشرع والعدل ، ﴿وإذ تقول للذي أنعم الله عليه ، وأنعمت عليه﴾ وتذكر يا رسول الله حيث تنصح زيد بن حارثة الذي أنعم الله عليه بتبنىّ النبيّ له ، وأنعمت عليه حيث زوجته زينب ، ﴿أمْسِكْ عليك زوجَك واتّق الله﴾ فتقول له : لا تطلق زينب بنت جحش ، عندما قال لك انه يريد طلاقها لأنهّا تترفع وتتشرف عليه فقلت لا تطلقها خوفاً من الله ، ﴿وتُخفي في نفسك ما الله مُبديهِ وتخشى النّاسَ واللهُ أَحقُّ أنْ تخشاه﴾ وكنت سابقاً تخفي في ضميرك بغضك لسنن الجاهلية من عدم تجويز تزويج نساء من تبنّوه ولم تظهره خشية من سخط الناس ، ﴿فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوّجناکها﴾ فلما تزوّج زيدٌ زينب بنت جحش ، وأجری شهوته ، وقضی حاجته منها ثم طلّقها أمرناك بتزويجها بعد العدة ، ﴿لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم﴾ وهذا الأمر بتزويج زينب هو لأجل أن يعلم المؤمنون أنّه لا حرمة في الزواج من نساء من تبنّوه وادّعوه ابناً، ﴿إذا قضوا منهنّ وطراً وكان أمرُ الله مفعولا﴾ وما الزواج من الزوجات المطلقات من قبل الأدعياء من غير دخول جائز فحسب، بل حتى مع الدخول والإنزال وإزالة البكارة والغشيان فهو جائز بعد الطلاق والعدة وحكم الله نافذ دائماً .
﴿ما كان علي النبيّ من حرجٍ فيما فرض الله له﴾ فعندما يكون الحكم صادراً من الله و فرض منه ، و حلل سبحانه التزويج من زوجات الأدعياء فلا اشكال على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ﴿سنّة الله في الذين خلوا من قبلُ وكان أمرُ الله قدراً مقدورا﴾ فمن سنن الله في الشرايع السابقة أن تنسخ شريعة بعض أحكام سابقتها والنسخ يدلّ على أمدٍ للحكم مقدر من جانب الله ، ﴿الذين يبلّغون رسالات الله ويخشونه﴾ وكذلك من سنة الله أن يبلغ الأنبياء أحکام شريعتهم حتی و لو كانت ناسخة لقبلها الي الناس ولا يخافونهم لأجل خوفهم من الله ، ﴿ و لا يخشون أحداً إلاّ الله و كفي بالله حسيباً﴾ و لا یخافون من الناس في إبلاغ أحكام الله إليهم بل يخافون من الله فقط وهو يكفيهم و يحاسب الناس غداً .
﴿ما کان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالکم﴾ ليس رسول الله ( صلّی الله عليه واله وسلّم ) أباً لزيد بن حارثة ، بل هو أب لولده القاسم والطاهر وإبراهيم والصدّيقة الزهراء والحسنين ( عليهما السلام ) وولدهم ﴿ولكنْ رسول الله وخاتم النبيّين وكان اللهُ بكلّ شيءٍ عليماً﴾ فهو وليّ لزيد كما هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأب لكل الأمة معنوياً وهو آخر نبيّ مرسل ولا نبيّ بعده يبعث .
﴿يا أيّها الذين آمنوا اذکروا الله ذکراً کثيرا﴾ أيّها المؤمنون عليکم أن تکونوا دائماً فی ذکر الله ولا تنسوه و الهجوا بذکره فهلّلوه وکبّروه واقرأوا القرآن وادعوه ، ﴿وسبّحوه بكرة وأصيلاً﴾ و عليکم بتسبيح الله و تقديسه والثناء عليه في الصباح والمساء كل يوم ، وأحسنه تسبيحة الزهراء ، ﴿هو الذي يصلّي عليکم وملائكته﴾ انّ الله تعالى يشملكم برحمته ويرحمكم وملائكة الله أيضاً يطلبون لكم الرحمة والمغفرة من الله ، ﴿لِيُخرِجَكم من الظلمات الى النور ، وكان بالمؤمنين رحيماً﴾ فإذا صلّى الله عليكم وملائكته فتخرجون بذلك من ظلمات الذنوب والآثام إلى نور الرحمة والمغفرة ، وهذه نتيجة رحمته تعالى ، ﴿تحيّتهم يومَ يلقونه سلامٌ وأعدَّ لهُم أجراً كريماً﴾ وفي لحظة الموت يحييهم ملك الموت بالسلام عليهم والرفق بهم وهيّأ الله لهم جزاءاً وافراً في الجنة .

﴿يا أيّها النبيّ إنّا أرسلناك شاهداً ومبشّراً ونذيراً﴾ يا رسول الله إنّ الله أرسلك الى البشر لكي تكون دليلاً لهم نحو الهدى ومبشّراً بالجنّة للمؤمنين ، و تنذر العاصين بالنار ، ﴿وداعياً الى الله بإذنه وسراجاً منيراً﴾ وتدعو الناس الى توحيد الله وعبادته ، والى دينه وشريعته ، والى رحمته ورضوانه ، وجنّته بأمره و أنت نور للهداية يقتدي بك الناس ، ﴿وبشّر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً﴾ يا بشير بشّر من اتبعك من المؤمنين وجاهد في سبيل الله وتمسّك بالقرآن و العترة من بعدك أن الله ضامن لهم الجنّة ونعيمها و درجاتها ، ﴿ولا تُطِع الكافرين والمنافقين﴾ يا رسول الله استمر في مخالفتك للكفار وجهادك مع الكفر ولا تسمع قول المنافقين ومشورتهم عليك بترك محاربة المشركين ، ﴿ودّع أذاهم وتوكّل على الله وكفى بالله وكيلا﴾ واتركهم وأعرض عن إيذاءهم إياك ونفاقهم عليك وتعاطفهم مع أعدائك في السرّ ، وتوكّل على الله فهو يكفيك أمرهم وهو نعم الوکيل .
﴿يا أيّها الذين آمنوا إذا نَكَحتم المؤمنات ثم طلّقتموهن من قبل أن تمسّوهنّ﴾، أيها المؤمنون المسلمون : من أحكام النكاح أنه إذا تزوجتم امرأة مسلمة ولم تدخلوا بها لا قبلاً ولا دُبراً، ولم تنزلوا في فرجها الماء ، ﴿فما لكم عليهن من عدّة تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحاً جميلاً﴾ ثم طلقتموها فلا تجب عليها عدّة الطلاق فلها أن تتزوج من رجل آخر مباشرة فيجب عليكم أن تعطوها نصف مهرها المسمى ، ﴿يا أيها النبىّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أُجورهنّ﴾ يا رسول الله بما أن عدد الزوجات في الإسلام أربع دائميات ، فاننا أحللنا لك التسع من الزوجات اللاتي أعطيتهن مهورهنّ ، ﴿وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك﴾ والزوجات المملوكات اللاتي تملكتهن بالفيء كمارية، وجويرية ، وصفية والسبى من الكفار المحاربين ، ﴿وبنات عمّك ، وبنات عمّاتك ، وبنات خالك ، وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك﴾ وأحللنا لك من بنات عبد المطلب وولده وبنات أخوالك بني زهرة كل امرأة هاجرت معك من مكّة الى المدينة لا غيرها ، ﴿وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين﴾ فكما خصصناك بتزويج التسعة دون سائر المسلمين نخصّك بزواج الهبة إن امرأة وهبت لك نفسها فتزوجها ، ﴿قد علمناما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم﴾ وهذه الأحكام الخاصة لك هي مع العلم بالأحکام العامة للمسلمين بالنسبة لعقد النکاح وملك اليمين المحدودة، ﴿لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفوراً رحيماً﴾ والعلّة في تشريع الأحكام الخاصة لك هي انّك لا تتزوج لأجل الشهوة بل تضطرّ لمصلحة ما للزواج فلولا هذه الأحكام لوقعت في الحرج والشدّة ﴿تُرجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء﴾ يا رسول الله تؤخر وتعزل عن سودة وعائشة وحفصة وأم حبيبة ، وتؤوى وتقرب إليك الباقى منهنّ تأديباً للمعزولات ، ﴿ومن ابتغيت ممن عزلت ، فلا جناح عليك ذلك أدني أن تقر أعينهنّ﴾ والتي قصدت عزلها باَلذات فعزلت معها غيرها تأديباً، فلا بأس إن طلبتها ورددتها بعد شهر ، وذلك أقرّ لعينها ، ﴿ولا يجزنّ ويرضين با آتيتهنّ کلهنّ ، والله يعلم ما فی قلوبکم وکان الله عليماً حليماً﴾ فالطلب، بعد العزل أو المضاجعة ، تقرّ عيونهن وترفع حزنهن ومن بعد هذا يرضين بما تعطيهنّ ولا يطلبن الثياب والحلل ، والله عالم بما في ضمائركم ، ﴿لا يحلّ لك النساء من بعد ولا أن تبدّل بهن من أزواج﴾ فالآن عندما بلغ نصاب زوجاتك التسع فلا يجوز لك أن تزيد على هذا العدد ولو بتبديل واحدة مکان واحدة بطلاقها والزواج من غيرها ، ﴿ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيباً﴾ فلا يجوز لك التزوّج بأكثر من تسع حتى ولو كان السبب جمال امرأة وحسنها الجذّاب سوى ما تمتلكها بملك يمين فالله يراقبك بدقة .
﴿يا أيّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي﴾ أيّها المسلمون الذين تدّعون الإيمان لا يجوز لكم أن تدخلوا الى كل بيت يكون للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته وبيت الزهراء خاصة بدون إذن ﴿إلاّ أن يؤذن لكم﴾ فلا يجوز ابتداء الاّ أن تأذن لكم الزهراء أو يجيز لكم الدخول إليه صاحب البيت علي بن أبي طالب أو أحد أهل بيته ، ﴿إلى طعام غير ناظرين إناه﴾ أو أن تُدعَوا الی وليمة فيجوز لكم أن تدخلوا بشرط عدم الانتظار لنضج الطعام وطبخه ، ﴿ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فاذا طعمتم فانتشروا﴾ فيجب عليكم إجابة الدعوة إذا دعيتم إليه فادخلوا على اسم الله فالدعوة إذن لكم بعد الأكل فاخرجوا سريعاً، ﴿ولا مستأنسين لحديث، إن ذلكم كان يؤذي النبيّ﴾ ولا يجوز لكم أن تجلسوا وتمكثوا بعد الطعام لمداولة الأحاديث بينكم ففي ذلك إيذاء للنبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ﴿فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق﴾ فيتأذّى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من ذلك لكنه يستحي منكم أن يخرجكم والله لا يستحي من قول الحق أبداً.
﴿وإذا سألتموهنّ متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجاب﴾ فعليكم أيها المسلمون إذا أردتم التحدّث لزوجات النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن تكلّموهن من خلف الأستار ، ﴿ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ﴾ فان التحدّث من وراء الستار أطهر لقلب طلحة الذي قال : لماذا يمنعنا من التحدّث الى بنات عمّنا ، وأطهر لقلب عائشة أيضاً، ﴿وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله﴾ يا أمّة الإسلام لا يحلّ لكم ولا يجوز لكم إيذاء النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في حياته وبعد مماته بأيّ نحو كان كإيذاء بضعته الزهراء وولدها ، ﴿ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده﴾ ولا يحل لکم ، و يحرم عليکم نکاح أمّهات المؤمنين وزوجات رسول الله ، فلا يجوز لطلحة حينما قال : سأتزوج عائشة من بعده ذلك أبداً، ﴿ان ذلکم کان عند الله عظيما﴾ فالتزوج من أمّهاتکم هو إثم وذنب عظيم عند الله فهو من المحرمات الأبدية في الإسلام ، ﴿إن تبدُوا شيئاً أو تخفوه فان الله کان بکل شیء عليماً﴾ أيّها المنافقون ، يا طلحة والأشعث وابن عوف وغيرهم إن أضمرتم أن تتزوّجوا زوجاته بعد مماته أو أعلنتموه فالله يعلم به ، ﴿لا جُناحَ عليهن في آبائهنّ و لا أبنائهنّ و لا إخوانهنّ و لا أبناء إخوانهنّ﴾ لا بأس علي المؤمنات أن يضعن الحجاب عن الآباء والأبناء والاخوة من الأب أو الأم والأبوين أو الرضاعة،﴿ولا أبناء اخواتهن ولا نساءهنّ ولا ما ملكت أيمانُهنّ﴾ ولا بأس عليهن أن لا يتحجبن من أولاد اخواتهن النسبيين والسببيين ولا جواريهن ولا مملوك لهن ، ﴿واتّقين الله إن الله كان على كل شيء شهيداً﴾ وعلى النساء أن يخفن الله من التبرّج لغير هؤلاء ، وعليهن أن يتقينه في إرضاء الرجال فانه حرام والله يشهد أعمالهن .
﴿إنّ الله وملالكته يُصلّون على النبيّ﴾ إنَّ الله يرفع من درجات النبيّ عنده ، وحتماً ان الملائكة تقول : اللهم صلِّ على محمد وآله فتصلّي عليه بهذا اللفظ ، والله يتقبل هذه الصلاة فقط ،﴿يا أيّها الذين آمنوا صلُّوا عليه﴾ أيّها المؤمنون يجب عليكم أن تصلّوا على النبيّ وآله في كل تشهّد في الصلاة ، ويستحبّ عند کل مرّة تذکرونه باسمه وتسمعون ذکره ، ﴿وسلّموا تسليما﴾ ويجب عليكم أيّها المسلمون أن تزوروا النبي من القريب أو البعيد ، في حياته وبعد مماته ، وتسلّموا عليه سلاماً كاملاً بعد التشهّد الأخير في الصلاة ، ﴿إنّ الذين يؤذون الله ورسوله﴾ ان الذين يسبّبون الإيذاء لله ورسوله من إحراق بيت الزهراء ، وكسر ضلعها وضربها بالسياط وآذوا علياً وولده ، ﴿لَعَنهم الله في الدُّنيا والآخرة وأعدَّ لهم عذاباً مُهينا﴾ هؤلاء المنافقون يطردهم الله من رحمته ويشملهم سخطه في الدنيا والآخرة وهيّأ لهم نار الله الموصدة وعذاب الحريق مع الذلة ، ﴿والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبُوا﴾ والمنافقون الذين يؤذون أمير المؤمنين عليّاً وشيعته وذريته الأتقياء رجالاً ونساءً من دون ذنب ارتكبوه ،﴿فقد احتملوا بُهتاناً وإثماً مُبيناً﴾ فهؤلاء الظالمون ارتكبوا بإيذاءهم لهُم وإلصاق التهم إليهم ظلماً وعدواناً، وارتكبوا ذنباً كبيراً، وظلماً واضحاً ، ﴿يا أيّها النبيّ قُل لأزواجِك وبناتِك ونساء المؤمنين﴾ يا رسول الله أبلغ نساءك وبناتك ، والنساء المسلمات الى يوم القيامة بحكم الحجاب ، فهو واجب عليهنّ حتماً، ﴿يُدنين عليهنّ من جلابيبهن ، ذلك أدنى أن يُعرَفنَ﴾ والحجاب الشرعي الواجب هو أن يرخين الملاءة والجلباب ، أو العباءة على رؤوسهنّ وصدورهنّ و يسترن زينتهن كي لا يُعرفن ، ﴿فلا يؤذَين و كان الله غفوراً رحيماً﴾ حتي لا ينظر إليهن بشهوة وريبة ، ولا يتعرض لهنّ الفساق ولا يتبعهن السفلة وأهل الأهواء ، والله يغفر لما سلف منهن ويرحمهن .
﴿لئن لمْ يَنْتَهِ المنافقون والذين في قلوبهم مرضٌ﴾ نُقسم إن لم يمتنع ويترك المنافقون نفاقهم وعداوتهم للحقّ ، وان لم يتب الكافرون بقلوبهم عن كفرهم ونفاقهم ﴿والمُرجفون في المدينة﴾ ونقسم إن لم يدع هؤلاء المنافقون إرجافهم ودعاياتهم التي ينشرونها في أهل يثرب ، ويقولون بغلبة الكفار على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وربعه ، ﴿لنغرينّك بهم ثمّ لا يجاورونك فيها إلاّ قليلاً﴾ ان لم ينتهوا عن النفاق والإرجاف لنسلّطنّك عليهم ، فتنفيهم وتبعدهم وبذلك لا يساكنونك المدينة إلا برهة قليلة ، ﴿ملعونين أين ما ثُقفوا أُخذوا وقُتّلوا تقتيلا﴾ إنّ المنافقين المرجفين ملعونون ، ويجب على الناس لعنهم وطردهم ، واذا ألقي عليهم القبض يجب إعدامهم وقتلهم ، ﴿سنّة الله في الذين خَلوا من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا﴾ حكم القتل للمنافقين المفسدين كان جارياً في الشرائع السابقة والأمم السالفة أيضاً ولا يتغير هذا الحكم الى الأبد . ﴿يسألك الناس عن الساعة قُلْ إنّماعِلمُها عند الله﴾ يا رسول الله حينما يسأل الناس منك عن وقت القيامة فأجبهم أنه استأثر بعلمه عنده ولم يُخبر به أحداً، ﴿وما يدريك لعلّ الساعة تكون قريباً﴾ وما يعلمك بها اذ لم يخبرك الله بها فالأمل والرجاء هو أن يكون وقت القيامة قد تقارب حيث أنت نبيّ آخر الزمان ، ﴿إنّ الله لَعَن الكافرين وأعدّ لهم سعيراً﴾ بالتأکيد إن الله أبعد الکفار عن رحمته و طردهم عن قربه كإبليس وهيّأ لهم ناراً شديدة ملتهبة في الجحيم ، ﴿خالدين فيها أبداً لا يجدون وليّاً ولا نصيراً﴾ فعندما يدخل الكفار النار، يبقون فيها مخلدين إلى الأبد ، ولا يحصل لهم شفيع للنجاة ولا من ينصرهم ويدفعهم عنها ، ﴿يَوم تُقلّب وُجوهُهم في النار﴾ عندئذ تقلب ملائكة النيران وخزنة جهنّم الغلاظ الشداد وجوههم يميناً وشمالاً ، أو رأساً على عقب وعلى قفاهم ، ﴿يقولون : يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا﴾ وحينذاك ينادون ويستغيثون ، ويصرخون و يعولون ، و يقولون : آه لو كنّا نطيع الله ونطيع رسول الله لما عذّبنا ، فواحسرتاه، ﴿وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا، فأضلّونا السبيلا﴾ ويقرّون حينئذ بالله ، و يقولون ، ربَّنا أن السبب في ضلالنا هم رؤساؤنا وقوّادنا ، حيث اتبعناهم فضللنا عن الهدى ، ﴿ربّنا آتِهم ضِعفين من العذاب والعنهم لعناً کبيراً﴾ ئم يدعون عليهم و يقولون : إلۤهنا عذّبهم عذاباً مضاعفاً، فعذابٌ لکفرهم ، و عذابٌ لإضلالنا ، وأبعدهم عن رحمتك و أطردهم باستمرار .
﴿يا أيّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى﴾ أيّها المؤمنون إيّاكم أن تتّهموا النبيّ وتؤذوه كبني إسرائيل عندما اتّهموا موسى بقتل هارون لا أنّهم اتّهموه بالادرة فالله لا يفضح نبيّه عارياً، ﴿فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً﴾ فحملت الملائكة جسدها رون ، وأتوا به الى بني إسرائيل ، فقال لهم : ما قتلني أخي ، وانّما متّ حتف أنفي ، ثم دفنوه فأصبح وجيهاً وبريئاً بإعجاز الله ، ﴿يا أيُّها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً﴾ أيّها المؤمنون خافوا الله ولا تقولوا : إنّ محمداً يخالف الله في تفضيل عليّ عليكم بل قولوا قولاً صحيحاً وصواباً بأن الله فضّل عليّاً عليکم ، ﴿يُصلح لکم أعمالکم ويغفر لکم ذنوبکم﴾ فاذا قلتم بأفضلية عليّ من جانب الله عليکم وإمامته وخلافته وولايته المنصوصة من الله يتقبّل أعمالكم ويغفر ذنوبكم ويعفو عنكم ، ﴿ومن يُطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ فمن أطاع الله بذلك ورسوله وأقرّ بولاية عليّ وإمرته على المؤمنين وأفضليته على سائر المسلمين ، فهو من الفائزين ، فعليّ وشيعته هم الفائزون يوم القيامة .
﴿إنّا عَرَضنا الأمانة على السَّماوات والأرض والجبال﴾ إنّا عرضنا مسؤولية تحمّل التكليف الإلهي على السماوات بما فيها ، والأرض وما فيها ، والجبال الراسية عرضاً تكوينياً، ﴿فأبين أن يحملنها وأشفقْنَ منها﴾ فأبين تكويناً وأظهرن عدم قابليتهن لتحمّل التکليف التشربعی لعدم تملکهن عقل الانسان ، و خِفن تكويناً من قبول العقل ، ﴿وحَملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولا﴾ وأمّا الإِنسان في عالم الذر حينما عرض عليه تحمّل التکليف رضي بذلك لمکان عقله ولکنه غالباً يظلم في أداء التكليف ويجهله ، ﴿ليعذّب الله المنافقين والمنافقات و المشرکين والمشرکات﴾ فإذا ارتکب الإنسان الظلم والجهل بالتکليف وأصبح منافقاً أو مشركاً وکافراً فالنتيجة ان الله سيعذّبه في الآخرة . ﴿ويتوب على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفوراً رحيماً﴾ ولكن إذا كان الإنسان مؤمناً وصدرت منه زلّة أوعثرة أو إثم في أداء التكليف ، فالله يتوب عليه ويغفر له ويرحمه.

نشر في الصفحات 112-95 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *