سورة نوح (ع)
2016-06-16
سورة النحل
2016-06-18

(16)
سورة يونس (ع)

﴿بسمِ الله الرَّحمٰن الرَّحيم الۤرۤ﴾ بإسم ذاتي ورحمانيّتي العامّة لجميع خَلقي ورحيميّتي الخاصّة بالمؤمنين أرمِزُ إليك يا حبيبي بما تعلمُهُ أنت وأهل بيتك ( عليهم السلام ) فَقَط ، بألف لام راء ، ﴿تلك آيات الكتاب الحكيم﴾ إنّ الآيات السابقة وهذه التي أوحيناها إليك هي آيات القرآن المحُكم الذي هودستور للحكم والحكومة ومطابقٌ للحكمة العظيمة والحكمة العمليّة ، ﴿أكانَ للنّاس عَجَباً أن أوحينا إلى رجلٍ منهم﴾ أفهل كان سبباً لَتَعَجُّب الناس من أهل مكة أن أنزلنا الوحي والقرآن على محمد بن عبد الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) الذي هو أحدُ رجال مكّة وشخصيّاتها وأشرفهُم : ﴿أن أنذِر الناس وبَشِّر الذين آمنوا أنَّ لهم قَدمَ صدقٍ عند ربهّم﴾ فهل فيه عجبٌ وحيُنا لمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن خوَّف الناس وهدّدهم إن أعرضوا عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وبشِّر الذين آمنوا بولايته أنَّ لهم قَدَم صدق بالولاية عند الله فيُثَبِّتُهم عليه ؟ ﴿قال الكافرون إنَّ هذا لساحرٌ مُبين﴾ فعندما نُنذرهم يا حبيبي بعذابنا إن أعرضوا عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) يقول الكفار إنّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هو ساحرٌ ظاهرٌ سِحرُه إذ لماذا لا تنزل الآيات في فضلِنا وتَنزِل في فضل عليٍّ ( عليه السلام ) وحدَهُ ؟.
﴿إنّ ربّكم الله الذي خَلَق السماوات والأرض في ستّة أيّام﴾ أيّها الناس إنّ القرآن ليس بكلام ساحرٍ بل هو كلامُ الله ربّكم الذي خلَقَ جميع الخلق بما فيها السماوات السَّبع والأرض بالتّدريج والرُّتبة الزّمنيّة في ستّة مقاطِع زمنيّة ، ﴿ثُمَّ استوى على العرش يُدبِّرُ الأمر﴾ وكان الله قبل ذلك ومع ذلك وبعد ذلك مُستولياً مُسيطراً بِسُلطانِه على عَرشِ القُدرة والعظَمة يُدبِّرُ اُمور الخلق وشؤون السماوات والأرض كلّها ، ﴿ما من شفيعٍ إلاّ مِن بَعد إذنِه﴾ واعلموا أيّها المسلمون ما مِن شفيعٍ لدى الله ووليٍّ يتصرَّف بالولاية التكوينيّة في الكون إلاّ بإذن الله وما من شفيعٍ من المعصومين والمؤمنين يوم القيامة إلاّ بإذنه، ﴿ذلكم الله ربّكم فاعبدوه أفلا تذكَرون﴾ فذلك هو الله ربّكم وتلك أوصافُه فعليكم بالخلوص في عبادته وطاعته فلا تعبدوا وتُطيعوا غيره أفلا يكفيكم ذلك ذِكراً وموعظةً، ﴿إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقّاً إنّه يَبدأُ الخلق ثُمَّ يُعيده﴾ فاعلموا أيّها الناس إنّ مرجعكم وميعادكم إلى الله جميعاً وهو الذي وعدكم بذلك ووعدُهُ الحق فلا يخلفه إنّه كما بدأَ خلقكم هو الذي يُعيدكم أيضاً، ﴿لِيَجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقِسط﴾ وذلك دليلُ المعاد وأمّا حِکمَتُه فهو لأجل الجَزاء فالذين آمنوا به وبولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) يُثيبهم على أعمالهم الصالحة ويجزيهم بالعدل فجزاؤهم الجنّة ، ﴿والذين كفروا لهم شرابٌ من حميم وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون﴾ وأمّا الذين کفروا بالله وبولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فلهم جزاءُ كُفرِهم . وعنادهم يوم القيامة شرابٌ من صهرِ الحديد والنُّحاس وعذابُ جهنَّم الحريق المؤلم نتيجة لكُفرهم .
﴿هو الذي جَعَل الشَّمس ضياءً والقمَرَ نوراً وقدَّرهُ منازل﴾ والله سبحانه القادرُ المتعالُ هو الذي جعل الشمس ملتهبةً مضيئةً وجعل القمر مُقتبساً لنور الشمس عاكساً لهُ وقدَّر القمر منازل من أوّل الهلال الى المحاق ، ﴿لِتعلموا عَدَدَ السّنين والحساب ما خلق الله ذلك إلاّ بالحق﴾ فقدَّر القمر منازل لكي تعلموا عدد الأيّام والشهور والسنين وحساب التاريخ كلّ ذلك بلطفه وفضله عليكم وما خلق الله ذلك إلاّ بنظام العدل والحقّ ، ﴿يُفصّل الآيات لقومٍ يعلمون﴾ فكما أنَّ الشّهور في كلّ سنةٍ إثنا عشَرَ شهراً فلا بُدّ أن يكون عدد الأئمّة إثنا عشر إماماً فقط لا يزيدون ولا ينقصون وبذلك شَرَحنا الآيات للذين لا يجهلون !!!
﴿إنّ في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات﴾ بالتأكيد إنّ في نظام تعاقُبِ الليل والنهار واختلاف ساعاتها في الفصول ونظام الخِلقة في السماوات والأرض دلائل على حكمةِ الصّانع وتدبيره يفقهُها المُتَّقون ، ﴿لقومٍ يتّقون﴾ وهذه الدّلائل والبراهين الدالّة على قُدرة الله وعظمته وحكمته وتدبيره يفهمُها ويعقِلُها المتّقون المتمسّكون بالقُرآن والعِترة فقط.
﴿إنّ الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدُّنيا واطمأنّوا بها﴾ وأمّا غير الأتقياء المؤمنون مِنَ الذين لم يتمسّكوا بالقرآن والعِترة رجاءَ رحمة الله يوم القيامة بَل رضوا بِلَذّات الحياة الدنيا ورَكَنوا إليها ، ﴿والذين هم عن آياتنا غافلون﴾ فأُولئك صفتهم أنهّم عن آيات الله ودلائله وبراهينه في عوالم الكَوْن والخِلقة غافلون وعن الآيات النازلة بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) في القرآن غافلون ! ﴿أُولئك مأواهُم النّار بما كانوا يكسبون﴾ فهؤلاء الذين يغفلون عن الآيات النّازلة بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) والدّلائل المُثبتة لضرورة وجود إمامٍ معصومٍ ورضوا بالحياة الدّنيا مصيرهم النّار جزاءً لما كَسبوه من الإِثم ، ﴿إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهُّم بإيمانهم﴾ وبالتأكيد إنّ الذين آمنوا بالله وبرسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) وعملوا الصالحات يهديهم الله سبحانه بنورِ عليّ بن أبي طالب والأئمة ( عليهم السلام ) وإيمانهم بهِم عند العبور من الصِّراط الى الجنّة ، ﴿تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم﴾ فهؤلاء المؤمنون يعبُرون الصِّراط بنور الولاية والإِيمان وبِيَدِهِم صكّ الجواز من يدِ عليٍّ (عليه السلام ) فيدخلون الجنّة وقصورها التي تجري من تحتها أنهار الجنّة في جنّات وبساتين النّعيم الخالد ، ﴿دعواهم فيها سُبحانك اللهمّ وتحيّتهم فيها سلام﴾ إنّ دُعاء المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الجنّة هو تسبيحُ الله وتقديسُهُ دائماً ويقولون سُبحانَك اللهمَّ وأمّا تحيّتُهُم فيما بينهم وتحيّتهم لحور العين هو سلامٌ عليكم ، ﴿وآخِر دعواهم أن الحمدُ لله ربِّ العالمين﴾ وهؤلاء المؤمنون دائماً يُعقِّبون تسبيحهم وسلامهم بقولهم : الحمدُ لله ربِّ العالمين على ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله الطاهرين فيحمدون الله على نِعمة الولاية والجنّة .
﴿ولو يُعَجّل الله للناس الشَّرَّ استعجالهم بالخير لقُضي إليهم أجلهم﴾ فيا حبيبي إنّ الله لا يَعجَل بالإنتقام من الذين لا يرجون لقاءَه ورضوا بالحياة الدُّنيا والّذين عن ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) غافلون فلو يُعجِّل عذابهم کمايستعجلون هم باکتسابِ المال لأهلَكَهُم وقَضى عليهم ﴿فَنذَرُ الذين لا يرجون لِقاءَنا في طُغيانهِم يَعمَهون﴾ فلأنّا لم نستعجِل بإنزال العذاب على مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) وأعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) فإنّا نَدَعُهُم في طُغيانهم يتخبَّطون كالعميان ولا يبصرون طريق الحقّ والعدل ، ﴿وإذا مَسَّ الإِنسان الضُّرُّ دعانا لجَِنبِهِ أو قاعداً أو قائماً﴾ وصِفَةُ الإِنسان غير المؤمن الصابر المتّقي هو أنّه إذا أصابَهُ ضُرٌّ وعجزَ عن دفعِهِ تراهُ يطلبُ من الله وأوليائه دفع ذلك عنه ولا يدعوه إلا في الضُّرّ ، ﴿فلمّا كشفنا عنه ضُرَّه مَرَّ كأن لم يَدعُنا إلى ضُرٍّ مسَّه كذلك زُيِّن للمُسرفين ما كانوا يعملون﴾ ولكنّه حينما يكشف الله عنه ضُرَّه ينسى الله وينسی نِعَمَهُ عليه ويعصي الله ويعصي أولياءه ولا يتمسَّك بالقرآن والعِترة وهكذا زيَّن إبليسُ لهؤلاء مخالفتهم لأهل البيت ( عليهم السلام ) .
﴿ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لمّا ظلموا﴾ فيا حبيبي قُل لهؤلاء المنافقين الظالمين لحقِّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) والمخالفين لولايتهم بالتأكيد إنّا أهلكنا الاُمَم السالفة من قبلکم حينما ظلموا وعصوا رسولهم ، ﴿وجاءتهم رسلُهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين﴾ فالأُمَم الهالكة جاءتهم أنبياءهم بالدّلائل الواضحة ولكنّهم أبوا أن يؤمنوا بهم ويُطيعوهم وهكذا المنافقون من أُمَّتِك يا رسول الله أبَوا أن يؤمنوا بولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) فسنُهلِكُهُم بإجرامهم ذلك ، ﴿ثُمَّ جعلناكم خلائِف في الأرض من بعدهم لنَنظر كيف تعملون﴾ فبعد أن أهلكنا تلك الأُمَم الظالمة جعلناكم خَلَفاً لهم في الأرض وجعلنا فيكم محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) خُلفاء الله في الأرض لننظُر كيف تُعاملونهم فهل تُوالونهم أوتظلمونهم ؟؟
﴿وإذا تُتلیٰ عليهم آياتنا بيّناتٍ قال الّذين لا يرجون لقاءَنا ائتِ بقرآنٍ غير هذا﴾ فيا حبيبي حينما تتلو على الناس آيات القرآن النازلة بشأن عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) يقول المخالفون لهم الذين لا يرجون رحمة الله بموالاتهم جئنا بآياتٍ غير هذه الآيات ، ﴿أو بَدِّلْه قل ما يكون لي أن أُبَدّلُه من تِلقاءِ نفسي﴾ فيقولون إمّا أن تأتينا بقرآنٍ خالٍ من فضائل عليٍّ ( عليه السلام ) والعترة أو بَدِّل عليّاً ( عليه السلام ) واجعل مكانه أبا بكر أو أبا سفيان أو غيرهما ، فأجِبهُم : لا يحقُّ لي أن أُبَدّل عليّاً بهوى نفسي! ﴿إن أتّبِع إلاّ ما يوحى إليَّ إنّي أخاف إن عصيت ربّی عذاب يومٍ عظيم﴾ فإنّي بنَصبي عليّاً ( عليه السلام ) وليّاً و أمرکم باتّباعه إن أتّبع إلا ما يوحیٰ إليَّ من الله وإنّي أخاف الله ان عصيتُ الله وبدَّلتُ غيرَهُ مکانَه ومِن عذاب الله فی يوم الجزاء والحساب ، ﴿قُل لوشاء الله ما تَلوتُه عليكم ولا أدراكم بِه﴾ فقل لهم يا حبيبي : لو شاء الله أن يكون غير عليٍّ ( عليه السلام ) أحد مكانه ولياً وإماماً لما تلَوتُ عليكم آية ولايته ولما دريتُم بأنّه إمامٌ من بعدي ، ﴿فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون﴾ وقل لهم إنّكم إن كنتم لا تصدّقوني بأنّ الله أوحى إليَّ في عليٍّ ( عليه السلام ) وأمرني بتبليغ ولايته ألا تدرون إنّني مكنتُ بينكم أربعين سنة لم تصدُر منّي كذبةٌ واحدة فكيف أكذِبُ الآن أفلا تعقلون ؟؟ ﴿فمن أظلمُ ممَِّن افترى على الله كذباً أو كذّب بآياته إنّه لا يُفلِحُ المجرمون﴾ وقل لهم من هو أظلَمُ ممَِّن يفتري على الله كذباً ويقول إنَّه لم يؤمر بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) أو كذّب بالآيات النازلة بشأنه فالجواب ليس أظلمُ مِنهُ ، والنتيجة إنّه لا يُفلِحُ المجرمون المناوئون لعليٍّ ( عليه السلام ) .
﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم و لاينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ وهؤلاء المنافقون المخالفون لعليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) يعبدون عبادة طاعةٍ خُلفاء الجور دون الله وهم لا يضرُّهم مخالفتهم ولا ينفعهم طاعتهم ويدّعون أنهّم شفعاؤهم عند الله !! ﴿قل أتنَبِّئونَ الله بما لا يعلمُ في السماوات ولا في الأرض﴾ فقل لهم يا حبيبي : إنّ الله لم يتَّخِذ لنفسه شفيعاً من الظالمين الجائرين فهل تُنبّئون الله بما لم يتَّخِذ لنفسه في السماوات والأرض ؟؟ ﴿سبحانه وتعالى عمّا يشرکون﴾ وقل لهم سُبحانه فهو منزّهٌ عن آن يکون لَدَيهِ شفيعٌ من الظالمين أو يقبل من ظالمٍ شفاعةً وتعالى الله عمّا يُشركون بالله شرك عبادةٍ وشرك طاعة .
﴿وما كان الناس إلاّ أُمّةً واحدةً فاختلفوا﴾ يا حبيبي كان الإِختلاف بين الناس منذ قُتِل هابيل بيد قابيل إلي مَبعثِك فجمع الله الناس على الإِسلام بعد هلاك المشركين فلم تكن أُمّةٌ غير أُمّةٍ إسلامية واحدة فاختلفوا حول الخلافة بعدك ، ﴿ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لقُضي بينهم فيما فيه يختلفون﴾ ولولا أنّ الله وعد بتأخير عذاب أُمّتك الى ظهور المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) وسبقت كلمة تأجيل العقوبة منه لقضى الله بين المختلفين حول الخلافة بالإنتقام معجّلاً ، ﴿ويقولون لولا اُنزل عليه آية من ربّه﴾ فيا حبيبي إنّ هؤلاء المنافقين حينما يَرون نزول الآيات بشأن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) يقولون : لولا اُنزلت عليه آية بشأن أبي سفيان وأبي بكر أو عُمَر ومن شاكلَهُم ؟ ﴿فقل إنّما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين﴾ فقل لهم إنّ الاُمور الغيبيّة هي بيد الله فقط ومن تلك الاُمور غيبة ولدي المهدي ( عليه السلام ) فانتظروا ظهوره إنّي معكم من المنتظرين لظهور المهدي ( عليه السلام ) . ﴿وإذا أذقنا الناس رحمةً من بعد ضرّاء مَسَّتهُم إذا لهم مكرٌ في آياتنا﴾ فيا حبيبي ما أظلَم هؤلاء المنافقون فإنّنا حينما أذقنا الناس الرحمة ببركة محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) وأنقذناهم من شفا جُرُفٍ هارٍ وأنجيناهم من الفرس والروم فإذا بعضهم يمكرون بآل محمدٍ ( عليهم السلام ) !! ﴿قل الله أسرعُ مكراً إنّ رُسلنا يكتبون ما تمكرون﴾ فقل لهؤلاء الذين يمكرون بأهل بيتك ( عليهم السلام ) ويمكرون بعليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ليغتصبوا حقّه إنّ ملائکتنا يکتبون في صحائف عملِکُم ما تمکرون بآل محمد ( عليهم السلام ) .
«هو الذي يُسيّركم في البَرّ والبحر حتى إذا كنتم في الفُلك وجرَين بهم بريحٍ طيّبةٍ وفرحوا بها﴾ إنّ مَثَل هؤلاء هو كمثل السائرين في البحر، وسيّرهم الله يه وفي البَرّ وحينما كانوا جالسين في السفينة وهي تجري بهم بهدوءٍ وأمانٍ وهُم فرحون بذلك ، ﴿جاءتها ريحٌ عاصفٌ وجاءهُمُ الموجُ من كلِّ مكانٍ وظنّوا أنهّم أُحيطَ بهم﴾ وفي هذا الأثناء جاءت للسفينة عواصفٌ ورياحٌ شديدةٌ وأحاطت بها الأمواج الهائلة فرأوا أنهّم محُاطون بالأخطار من كلِّ جانبٍ وتهُدِّدُهم العواصف والأمواج ، ﴿دَعَوا الله مخلصين له الدّين لَئِن أنجيتنا من هذه لنكوننَّ من الشاكرين﴾ فعندما أحدق بهم الخطر العظيم توجّهوا الى الله وأخذوا يدعونه بإخلاصٍ وتضرُّعٍ ويعاهدونه لَئِن أنجيتنا من هذه المَهلكة ستكون من عبادك المطيعين الشاكرين ، ﴿فلمّا أنجاهُم إذا هُم يبغون في الأرض بغير الحقّ﴾ ولكنّ هؤلاء حينما استجاب الله دعاءَهُم وأنجاهُم من المهلكة الحتميّة بمحمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) إذا هُم يبَغون في الأرض الخلافة والرِّئاسة من غير حقِّ ويظلمون آل محمد ( عليهم السلام ) .
﴿يا أيّها الناس إنمّا بغيُكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثُمَّ إلينا مرجعكم فنُنَبِّئُكم بما كنتم تعملون﴾ فقل لهم يا حبيبي : أيّها الناس البُغاة على آل محمدٍ ( عليهم السلام ) إنمّا بغيكم مرَدُّهُ إلى أنفسكم إذ لا تَتمتَّعون بالخلافة في الحياة الدنيا إلاّ قليلاً ثُمَّ مرجعكم إلى الله فيجزيكم بِبَغيِكُم على آل محمد ( عليهم السلام ) ، ﴿إنمّا مَثَلُ الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل الناس والأنعام﴾ واضرب لهم مثلاً يا حبيبي وقُل : ليست الحياة الدّنيا إلاّ كمطَرٍ ينزل من السماء فيشرب منه الشوك والحشيش والشجر المُثمِر والزَّرع فهو فيضٌ عامٌّ يستفيذ منه كلّ زَرعٍ وهكذا الدّنيا يستفيد منها كلّ إنسانٍ ، ﴿حتّى إذا أخذَتِ الأرض زخرفها وازّينَت فظنَّ أهلها أنهّم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً﴾ ولكن متعة الحياة الدّنيا هذه ليست دائمة بل هي كعشب الرّبيع يعقبها الجفاف والخريف فالأمطار تسقي النبات فتمرع لكنّها تأتيها أمرنا بالجفاف بعد زينة الخضرة والنضارة ، ﴿فجعلناها حصيداً كان لم تغنَ بالأمس كذلك نُفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون﴾ فكما أنّ الزَّرع يحُصَد فكذلك زينة الحياة الدنيا ليست دائمةً بل زائلةٌ وعندما تغنیٰ فهي كأن لم تغنَ بالأمس وكأن لم تكُن فليعتبر أهل الدنيا وهكذا نشرحُ الآيات لمن يتفكَّر في شأن الدّنيا ! ﴿والله يدعو إلى دار السلام﴾ فالله لا يدعو إلى الرّكون إلى زينة الحياة الدنيا وملاذِّها الزائلة بل يدعوكم إلى العمل لأجل دار السلام والخُلد والجنان في الآخرة ونعيمها الدائمة ، ﴿ويهدي من يشاءُ الى صراطٍ مستقيم﴾ والله سبحانه لا يكتفي فقط بالدّعوة الى دار السلام بل يُرشدكم ويهديکم الي طريقها، وطريقها هو الصِّراطُ المستقيم ولاية محمد وآل محمد ( عليهم السلام ) والتمسُّك بهم .
﴿لِلّذين أحسنوا الحُسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قَتَرٌ ولا ذِلّةٌ﴾ فالذين يهديهم الله إلى ولاية محمد وآله ( عليهم السلام ) وأحسنوا موالاتهم ومتابعتهم فلهم الحُسنى من الشفاعة والجنّة والرضوان بل زيادةً على ذلك يشفعون هُم لغيرهم ولا يردُّ لهم الله شفاعةً ولا يخُجلهم ولا يذلّهم يوم القيامة ، ﴿أُولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون﴾ فهؤلاء الذين أحسنوا موالاة محمد وآل محمد ( عليهم السلام ) وثَبَتوا على ولايتهم والتمسّك بهم وتحمّلوا المشاقّ في سبيلهم هم أصحاب الجنّة خالدون فيها أبداً ، ﴿والذين كسبوا السّيئات جزاءُ سيّئةٍ بمثلها وترهقهم ذلّة﴾ والذين اکتسبوا الذنوب والآثام بترکهم ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وموالاتهم للظّالمين لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) والغاصبين لحقوقهم وظالمي شيعتهم سينتقم اللهُ منهم ويذلهّم كما أذلّوا الشيعة ، ﴿ما لهم من الله من عاصم كأنمّا أُغشِيَت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً﴾ فلا يعصمهم ولا يمنعهم ولا يصونهم خلفاءهم من انتقام الله وعذابه وإذلاله لهم فهم يوم القيامة وجوههم مسودّةٌ كسواد الظلام الحالك ، ﴿أُولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ فلا تشملهم شفاعة محمد وآل محمد ( عليهم السلام ) ولا ينقذهم أحدٌ من عذاب الله فيؤمَر بهم إلى جهنَّم فهم أصحابها وأهلها يخلدون فيها إلى الأبد.
﴿ويوم نحشرهم جميعاً ثُمَّ نقول للذين أشرکو مکانکم انتم وشرکاؤکم﴾ فيوم القيامة يحشر الله خلفاء الجور والظلم وأتباعهم جميعاً للحساب والعقاب فيقول لهم رسول الله وأمير المؤمنين قفوا جميعاً للحساب عن ولاية أهل البيت ( عليهم السلام )!! ﴿فزيَّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيّانا تعبدون﴾ فعندما نوقفهم للحساب نُزيّل المودّة من بينهم والولاء والمحبّة فيقول الخلفاء لأتباعهم الذين أطاعوهم وأشركوا بالله شرك طاعةٍ بطاعتهم إنّكم عبدتم إبليس فما كان يحقُّ لكم أن تطيعونا وتعبدونا دون الله ، ﴿فکفی بالله شهيداً بيننا و بينکم ان کُنّا عن عبادتكم لغافلين﴾ فيقول الخلفاء يوم القيامة لأتباعِهِم إنّ الله أحصى أعمالنا كلّها فيکفي به مُطَّلِعاً وشاهداً على كُفرنا وضلالنا وهو يعلم بأنّنا كنّا غافلين عن نتيجة عبادتكم لنا وغافلين عن عقابه عليها ، ﴿هناك تبلو كلُّ نفس ما أسلفَت﴾ فعند الميزان والصراط تختبر كلّ نفس مخالفة لأهل البيت ( عليهم السلام ) منهم موالاتهم للظّالمين وما أسلفت من الظُّلم في الدّنيا حيثُ لا تتمكّن من العبور والجواز على الصِّراط ، ﴿ورُدّوا إلى الله مولاهم الحقّ﴾ فيردّهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعليٌّ ( عليه السلام ) عن الحوض ولا يسقونهم من الكوثر فلا يجوزون على الصراط إلى الجنّة بل يرجعون القهقري إلى المحشر فيحكم الله الحُكم الحقّ بدخولهم النار ، ﴿وضلَّ عنهم ما كانوا يفترون﴾ فعند ذلك تذهب هباءً إدّعاءاتهم بأنّ الخلفاء سيشفعون لهم غداً ويُدخلونهم الجنّة ويفقدون أملهم فيهم وفي كلّ ما ادّعوه کذباً و افتراءً .
﴿قُل من يرزقكم من السماء والأرض﴾ فيا حبيبي ذَكِّرهم بأنّ الرزق بيد الله لا بيد خلفاء الجور والحكّام الجبابرة فقل لهم من الذي يُرسل الأمطار ويخُرج الزَّرع والمعادن لكم ؟ ﴿أمَّن يملك السّمع والأبصار﴾ واسألهُم مَنِ الذي بيده خلق العيون والآذان وهو يملك التصرّف فيها فإن أعمى أحداً فلا تقدرون على منحِهِ البصر وإن أصمّ فلا تقدرون على منحِهِ السَّمع ، ﴿ومن يخُرج الحيّ من الميّت ويخُرج الميّت من الحيّ﴾ واسألهُم يا حبيبي عن خالق الأحياء من العدم كلّها وممُيت الأحياء ومعدِمها ومن الذي يخُرج من الأرض الزَّرعَ ويخُرج من الأحياء الأموات غير الله ؟؟؟ ﴿ومَن يُدبّر الأمر فسيقولون الله﴾ وقُل لهم يا حبيبي مَنِ الذي يُدبِّر أمر المخلوقات أجمع ونظام الكون الدّقيق ربهّا أم غيره ؟ فسيجيبون أنّ الله هو مدبِّر أمور الخلق كلهم ، ﴿فقُل أفلا تتّقون﴾ فعند ذلك قل لهم يا حبيبي : بعد أن أقررتم بأنّ الله هو الرّازق والمالك والمحُيي والمُميت والمدبّر فهلاّ تتّقوه وتطيعوه بموالاة محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومتابعتهم ؟؟ ﴿فذلکم الله ربّکم الحقّ فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال﴾ وقل لهم ذلكم الله ربّكم حقاً وهو أحقُّ بالعبادة والطاعة من خلفائکم وهو الذی أمرکم بموالاة محمدٍ وأهل بيته ( عليهم السلام ) ومتابعة الحقّ فماذا بعد ولايتهم سوى الضَّلال عن الحقّ ؟ ﴿فأنّى تُصرَفون﴾ فإلى أين تصرفون بوجوهكم عن ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومتابعتهم والتمسّك بالقرآن والعترة وتتوجّهون إلى خلفاء الجور والظّلمة وأئمّة الضَّلال ؟؟؟ ﴿كذلك حَقَّت كلمة ربّك على الذين فَسقوا﴾ فکما أنهّم يصرفون بوجوههم عن ولايتك وولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) فكذلك حقَّت كلمة عذابِ الله علي الذين فسقوا بترك ولايتکم وطاعتکم ، ﴿انهّم لا يؤمنون﴾ فإنّ هؤلاء فسقوا بترکهم موالاتکم ومتابعتکم وبموالاة أعدائكم وطاعتهم وفسقوا لأنهّم لا يؤمنون بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ولا يؤمنون بعصمتهم وشفاعتهم وليسوا من شيعتهم .
﴿قُل هل من شركائكم من يبدأُ الخَلقَ ثُمَّ يعيده﴾ فاسألهم إستنكاراً وقُل لهم هل من خلفائكم ومتبوعيكم ومن تطيعونهم من دون الله وتُوالونهم من دون آل محمدٍ ( عليهم السلام ) من يقدر على أن يخلُق خلقاً ويحُييهِ بعد موته ؟؟؟ ﴿قُل الله يبدأُ الخلق ثم يعيده فأنّي تؤفكون﴾ فبعد أن تُلزمهم الإِقرار بأنّ خلفاءهم غير قادرين على خلق مخلوقٍ فقل لهم إنّ الله هو الذي يبدأُ بخلق الخلق ثم يثنّي بخلقه بعد موته وإعادته ثانياً فإلى أين تتّجهون بالطاعة والإِنقياد ؟؟ ﴿قُل هل من شركائكم من يهدي الى الحقّ ؟» ثُمَّ استفسر منهم إستنكاراً هل إنّ خلفاءهم وحُكّامهم واُمراءهم وملوكهم ورؤساءهم من يهدي النّاس إلى العدل والتّقوى والحَلال كأهل البيت ( عليهم السلام ) ؟ ﴿قل الله يهدي للحقّ﴾ ثمّ عقِّب سؤالك بالجواب القطعيّ الحاسم قائلاً إنّ الله هو يهدي الخلائق لولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ويهديهم للحقّ والعدل والجنّة . ﴿أفمن يهدي الى الحقّ أحقّ أن يُتّبَع﴾ ثمّ حكِّم وجدانهم وضمائرهم وعقولهم واسألهم إنّ من يهدي الى الحقّ كعليّ بن أبي طالب وولده ( عليهم السلام ) أحقّ بالاتباع والموالاة والمشايعة ، ﴿أمَّن لا يهدي إلاّ أن يُهدى ؟﴾ أم إنّ الخلفاء الذين لا يهتدون طريق الحقّ والعدل إلاّ أن يهديهم عليٌّ وولده ( عليهم السلام ) وينادون لولا عليٌّ لهَلكنا ولا يعرفون معنى الكلالة والأَبّ ، أحقّ ؟؟؟ ﴿فما لكم كيف تحكمون﴾ فبعد أن تُفهِمَهُم بأنّ حُكم العقل والشَّرع والإنصاف والوجدان هو أنّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) الذين يهدون إلى الحقّ أحقّ بالإتباع قُل لهم ما لَكُم كيفَ تحكمون بمتابعة خُلفاء الجَور؟؟؟.
﴿وما يَتّبع أكثرهم إلاّ ظنّاً﴾ فيا حبيبي ما يَتّبع أكثر أمّتك وغالبيّة المسلمين إلاّ خُلفاء الجور ظنّاً بأنهّم يهدونهم إلى الحقّ لكنّ ظنّهم خائِبٌ ، ﴿إنّ الظنّ لا يُغني من الحقّ شيئاً﴾ لكن بالتأكيد والقطع واليقين إنّ ظنّهم ذلك في خلفائهم لا يُغنيهم من تركِ الحقّ وموالاة أهل البيت ( عليهم السلام ) شيئاً، ﴿إنّ الله عليمٌ بما يفعلون﴾ وبالتأكيد إنّ الله جِدٌّ خبيرٌ ومطّلعٌ وعالمٌ بما يفعلونه من إتّباع الظنّ ومخالفة الحقّ والعدل فيجازيهم به .
﴿وما كان هذا القرآن أن يُفترى من دون الله﴾ فعندما يرون أنّ القرآن يتحدَّث عن فضائل عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) ولم تنزل في مدحِهِم آيةٌ واحدةٌ ويقولون إنّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يفتري الوحي على الله فقل لهم لا يمكن أن يكون القرآن من غير الله !! ﴿ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب﴾ فحتماً إنّ هذا القرآن بلفظه المعجز ومعانيه الإلهيّة ومعارفه الربوبية وحيٌ من الله و فيه تصديقٌ لإِمامة الأئمّة و ولاية عليٍّ و ولده ( عليهم السلام ) و تفصيل الأحكام الشرعية ، ﴿لا رييب فيه من ربّ العالمين﴾ و هذا القرآن من أوّله إلى آخره لا شكَّ فيه ولا ترديد ولا عيب ولا نقص ولا غلط ولا ركَّة ولا خطأ فقطعيٌّ أنّه كلام الله ووحيٌ من ربّ العالمين .
﴿أم يقولون افتراهُ قُل فأتوا بسورةٍ مثله﴾ فإذا يقول هؤلاء المنافقون : إنّ محمداً يفتري على ربّه القرآن ، قُل لهم إن كان ممكناً جعله وافتراؤه فافعلوا وأتوا ولو بسورةٍ واحدةٍ مثل القرآن ، ﴿وادعوا من استطعتم من دون الله﴾ وقل لهم متحدّياً فادعوا لإفتراء سورة تشبهُ القرآن من استطعتم من الجنّ والإِنس والاُدباء والبُلغاء والفُصحاء من عدا الله . ﴿إن كنتم صادقين﴾ فإن كنتم صادقين في دعوى الإِفتراء على الله فجرّبوا حتی يتّضح زيف کلامکم فآية الرّجم التي افريتموها فهي لا تشبه شيئاً من القرآن ، ﴿بل كذَّبوا بما لم يحُيطوا بعلمه﴾ فهؤلاء كذَّبوا بنزول الآايات في حقِّ عليٍّ وبشأن أهل البيت ( عليهم السلام ) مع أنهّم عجزوا عن الإتيان بمثله ولم يحيطوا بفضائل عليٍّ وولده ( عليهم السلام ) ، ﴿ولمّا يأتهم تأويله﴾ وإذا كانوا عاصروا القرآن حين نزوله وعرفوا شأن نزول الآيات في حقِّ عليٍّ ( عليه السلام ) لكنّهم لم يعرفوا تأويل تلك الآيات التي ستتّضح في المستقبل وسيعرفون التفسير الصحيح للقرآن بظهور المهديّ ( عليه السلام ) ، ﴿كذلك كذَّب الذين من قبلهم﴾ وهؤلاء كالاُمم الهالكة السالفة الذين كذّبوا الأنبياء والرُّسل وخالفوهم وكذّبوا بالوحى وأصرّوا على الكفر والجحود ، ﴿فانظر كيف كان عاقبة الظالمين﴾ فيا حبيبي اُنظُر كيف كانت عاقبة أمر الاُمَم الهالكة الظالمة حيث أهلكناهم بظلمهم فهكذا سنفعل بظالمي آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم .
﴿ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به﴾ فيا حبيبي إنّ من المسلمين من يؤمن بالقرآن النازل في حقِّ عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) ومن الأمّة الإِسلامية من لا يؤمن بالوحي النّازل من الله في حقّهم ، ﴿وربّك أعلم بالمفسدين﴾ فيا رسول الله إنَّ الله أعلُم من كلِّ عليمٍ بفساد وعقيدة المفسدين في الأرض المخالفين لعليٍّ ( عليهم السلام ) من الناكثين والقاسطين والمارقين وكلّ خلفاء الجور ، ﴿وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم﴾ فيا حبيبي إن كذّبوك هؤلاء المنافقين وقالوا إنّ آية التبليغ والولاية وغيرها لم تنزل من الله في عليٍّ ( عليهم لسلام ) بل أنّ محمداً هو الذي يدّعيها على الله فقُل لهم إني أُوالي عليّاً وأنتم والوا غيره ، ﴿أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون﴾ وقل لهم إن كنتم تبرَؤون من ولاية علیٍّ ( عليه السلام ) فأنا بريءٌ منکم ومن معاداتکم له و من موالاتکم لغيره و مخالفتکم لأهل البيت ( عليهم السلام ).
﴿ومنهم من يستمعون إليك أفأنتَ تُسمِعُ الصم ولو كانوا لا يعقلون﴾ فيا حبيبي إنّ من المنافقين من يستمِعُ إليك حينما تتحدَّث عن فضائل عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وتتلو الآيات النازلة بشأنهم لكنّهم بلا وعي وتدبّر ، ﴿ومنهم من ينظر إليك﴾ فيا حبيبي إنّ من هؤلاء المنافقين من ينظر إليك حینما تُباهِل النصارى بأهل بيتك ( عليهم السلام ) وحينما تُقَبِّل الحسنين وتعطي الراية لعليٍّ ( عليه السلام ) وترفعه يوم الغدير، ﴿أفأنت تهدي العُمَى ولو كانوا لا يُبصرون﴾ أفهل يمكن أن يهتدي الأعمى للطريق بالوصف فقط ؟ فهؤلاء كالعميان الذين لا يبصرون الطريق لغضّهم الطَّرف عناداً عن الحق وعن عليٍّ ( عليه السلام ) ﴿إنّ الله لا يظلم الناس شيئاً ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون﴾ بالتأكيد إنّ الله لا يظلم الناس حينما يأمرهم بموالاة محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) بل ذلك عينُ العدل واللُّطف منه ولكنّ الناس يظلمون أنفسهم بترك ولايتهم ، ﴿ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلاّ ساعةً من النهار﴾ فهؤلاء المنافقين من أعداء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخلفاء الجور والظلم ومخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) وإن دام مُلكُهم أكثر من ألف شهرٍ لكنّهم يحشرون يوم القيامة ويدوم عذابهم آلاف أضعاف مدّة ملكهم فكأنهّم لم يلبثوا في الملك إلاّ ساعة ، ﴿يتعارفون بينهم قد خَسِر الذين كذّبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين﴾ فيوم القيامة يعرف التابعين متبوعيهم من خلفاء الجور والظلم ويعرف الخلفاء أتباعهم من مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) ويعرفون جميعاً أنهّم خاسرون بتركهم ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وتكذيبهم ثواب الولاية نتيجة الهداية والموالاة لهم ! .
﴿وإمّا نُرينَّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينَّك﴾ فيا حبيبي ، فنحن سواءٌ إن نُريك عذاب المنافقين والمخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) أو لا نعذّبهم في حياتك بل نتوفينّك ونعذّبهم عند قيام ولدك المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) ، ﴿فإلينا مرجعهم ثُمَّ اللهُ شهيدٌ على ما يفعلون﴾ فإنّ مرجعهم ومآبهم ومصير هؤلاء المنافقين جميعاً إلى الله وحسابه وميزانه وعقابه وعذابه الشَّديد في الآخرة وهو شاهدٌ عادلٌ مُراقِبٌ على أفعالهم وظُلمهم وجورهم ، ﴿ولکلّ اُمّة رسولٌ فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقِسط وهم لا يظلمون﴾ وبديهيٌّ أنّ لكلِّ اُمّةٍ من الاُمَم رسولٌ يُنذرهم عذاب الله وانتقامه فحينما يأتيهم الرسول بالنُّذُر فيكذّبوه يقضي الله عليهم بعدله فيعذّبهم بذنوبهم ولا يظلم أحداً من غير ذنبٍ ، ﴿ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين﴾ فيا حبيبي إنَّ عذاب الله لمخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) بسيف المهديّ (عليه السلام ) من ولدِك حتميٌّ ولكنّهم يقولون متى هذا الوعد بالإِنتقام موعدُهُ ؟ إن كنتم صادقين في حتميّة ظهور المهدي ( عليه السلام ) ، ﴿قل لا أملِك لنفسي ضرّاً ولا نفعاً إلاّ ما شاء الله لكلِّ أُمّةٍ أجل﴾ فقل لهم يا حبيبي أنا وإن كانت لي الولاية المطلقة التامّة من قبل الله إلاّ أنيّ أُفوّض اُموري إلى الله ولا أُخالف تقديره فلا أُقدَّم موعد ظهور المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) ولا أُؤَخِّر دون الله فإنّ لكلّ أُمّةٍ أجلٌ للإِنتقام ، (فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون﴾ فلقيام المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) وانتقام الله بسيفه من المنافقين وتعذيبهم بيده موعدٌ محدّدُ وأجلٌ معيَّنٌ فإذا جاء وظهر المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون ولا يمُهَلون ولا يعذَرون .
﴿قُل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياناً أو نهاراً﴾ فقُل لمخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) يا حبيبي : أرأيتم لو جاءَكم موعِدُ الإِنتقام والعذاب بسيف القائم المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) ليلاً دون إعلام بل مُباغتةً ، أو نهاراً دفعةً واحدةً ، ﴿ماذا يستعجل منه المجرمون﴾ فما الذي يدعو المجرمين من مخالفي آل محمدٍ ( عليهم السلام ) للإِستعجال أليسوا يخافون الإِنتقام والثأر لدماء أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم وحقوقهم المغصوبة ؟ وهل لا يخافون العذاب والهلاك بسيفه ؟؟ ﴿أثمَّ إذا ما وقع آمنتم به﴾ فعندما يظهر القائم المهدي (عجّل الله تعالى فرجه ) المنتقم بالسيف فحينذاك يؤمنُ أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) بصدق وعدِ الله بظهوره فيُقال لهم توبيخاً لماذا لم تؤمنوا به من قبل ؟؟ ﴿الآن وقد كنتم به تستعجلون﴾ فيُقال للمجرمين المنافقين الذين كانوا يقولون لماذا لا يظهر مهديُّكم لو كنتم صادقين ؟ عندئذٍ الآن تؤمنون بصدق وعدِ الله ؟ وقد كنتم تستهزؤون وتطلبون ظهورَهُ عِناداً، ﴿ثُمَّ قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخُلد﴾ فعندما يُهلك الله الذين ظلموا آل محمد ( عليهم السلام ) وشيعتهم وظلموا أنفسهم بترك ولايتهم ومودّتهم بسيف المهدي ( عليه السلام ) ، يحشر الله أرواحهم إلى جهنَّم فتقول لهم ملائكة العذاب ذوقوا العذاب الأبديّ ، ﴿هل تُجزَون إلاّ بما كنتم تكسبون ؟ ﴾ وتقول لهم ملائكة العذاب ومالِكُ خازن النيران أفهل تنالون جزاءً غير جزاء عملكم في الدنيا ومخالفتكم لأهل البيت ( عليهم السلام )؟؟. ﴿ويستنبئونك أحقُّ هو؟﴾ فيا حبيبي يا رسول الله يستخبرونك ويسألونك عن نبإِ ظهور المهديّ ودولة آل محمدٍ (عليهم السلام ) هل سيكون حتماً وهل هو حقيقيٌّ قطعيٌّ ؟ ﴿قُل إي وربّي إنّه لَحَقٌّ وما أنتم بمعجزين﴾ فقل لهم يا حبيبي : نعم وحَقٌّ ربّي فهو والله وعدٌ حقٌّ وبالتأكيد إنه سيظهر فيملُأها قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظُلماً وجوراً وما أنتم بمعجزين المهديّ ( عليه السلام ) من القيام والإِنتقام ، ﴿ولو أنّ لكلِّ نفسٍ ظلمت ما في الأرض لافتدت به﴾ وقل لهم عند قيام المهديّ للثّأر والانتقام بالسيف من أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وظالمي شيعتهم ومُخالفيهم لو يکن لأحدهم کلّ خزائن الأرض يُقدِّمُها فديةً للخلاص من سيفه وانتقامه لم تَفِدهُ ، ﴿وأسرّوا الندامة لمّا رأوا العذاب﴾ فعند ذلك يندمون على ما فرَّطوا ويُسرّون ندامتهم إمّا لكي لا يشمُت بهم الشيعة وإما تأخذهم العزّة بالإِثم ويقولون كخلفائهم : ( النار ولا العار) ، وقُضيَ بينهم بالقسط وهم لا يُظلمون﴾ ففي يوم ظهور القائم المهدي (عليه السلام ) يحكُم بينهم بالعدل ويقضي بين مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) والشيعية بالعدل ولا يُظلم الشيعي بترك قصاص عدوّه ولا يُظلم المنافق بحكم لا يستحقُّه، ﴿ألا إنّ لله ما في السماوات والأرض﴾ فليعلم الناس جميعاً هذا الإِعلان وليعرفوا أنَّ الولاية التكوينيّة والتشريعيّة على الكون والسماوات والأرض هي لله فيُخوِّلها للمهديّ ( عليه السلام ) ﴿ألا إنّ وعد الله حقّ﴾ فسيرث الأرض ومَن عليها المهدي ( عليه السلام ) وسيحكُم على الكون أجمع وتشمل حكومته وسلطتُهُ جميع أقطار العالم وهو بقيّة الله في الأرض وظهوره حقٌّ حتميٌّ وعد الله به ولا يخُلِف ، ﴿ولكنّ أكثرهم لا يعلمون﴾ ولكنّ أكثر الأمة الإِسلامية وأكثر المسلمين لا يعلمون بأنّ ظهور المهديّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) هو وعد الله الذي هو حقٌّ وحتميٌّ وقطعيٌّ ، ﴿هو يحُيي ويمُيت وإليه تُرجعون﴾ إنّ المسلمين وإن كانوا يعلمون أنّ الله هويحُيي ويميت الخلائق لكن أكثرهم لايعلمون أن الله يحيي الأرض بعدل المهدي ( عليه السلام ويحُيي شيعتَهُ بعدله و يُميتُ أعدائهم بسيفه
﴿يا أيّها الناس قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم﴾ يا أيّها الناس جميعاً وأيهّا المسلمون خاصّة بالتأكيد جاءتكم هذه الآيات المنُذِرة والمُبشِّرة بقيام المهدي ( عليه السلام ) وظهوره موعظةٌ من ربّكم فاتّعظوا واتَّبِعوا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وانتظروا المهدي ( عليه السلام ) ، ﴿وشفاءٌ لما في الصدور﴾ والبشارة بظهور المهدي ( عليه السلام ) وقيامه ودولة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وحكومة العدل هي شفاءٌ لما في صدور المؤمنين والشيعة من الحُزن والهمّ والغمّ على آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومُصابهم ، ﴿وهُدىً ورحمةً للمؤمنين﴾ والبشارة بحتميّة ظهور المهديّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وهذه الآيات المثِبتَةِ لولاية الله التكوينية والتشريعية على الكون المثبتة بالنتيجة لولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) هِيَ دلائل وبراهين تهدي المؤمنين لولايتهم وهي رحمة لهم من الله ، ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا﴾ فقُل للمؤمنين من شيعة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) يا محُمَّد : إنَّ هذا كلّه بفضل الله ورحمته عليكم وعلى أئمّتكم المعصومين فلا تحزنوا من عنادِ المخالفين وعدائهم بل افرحوا بمتابعتكم وتمسُّكِكُم لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿هو خيرٌ ممّا يجمعون﴾ وقل لهم : إنّ موالاة أهل البيت ( عليهم السلام ) والتمسُّك بالقرآن والعترة ومتابعة الحقّ والعدل والهُدى بذلك هو أفضل من کلّ ما يجمعه ويکنزله أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) من الثّروة والمال والدُّنيا !!! ﴿قُل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزقٍ فجعلتم منهُ حراماً وحلالاً﴾ قل لأمّتك يا حبيبي : ليس من حقّكم أن تحُرِّموا ما حلَّل الله وتحُلِّلوا ما حرَّمه الله من رزق الأموال والفروج كغصبكم للفيء وفدَكٍ وتحليل الخُمس وتحريمکم المتعتَين المحلَّلتين وغيرها .
﴿قُل ألله أذِنَ لكم أم على الله تفترون﴾ فقل لهم يا حبيبي هل إنّ الله أذِنَ لكم بالإِجتهاد مُقابِلَ النَّصِّ وتحليل ما حرَّمهُ الله وتحريم ما حلَّلهُ الله ؟ أم أذن لكم بالبدعة وتشريع البدع أم يقيناً أنّكم تكذبون على الله وتفترون عليه بتشريعاتكم ، ﴿وما ظنُّ الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة﴾ فقل لهم أفهل يظنّ هؤلاء المبتدِعَة المخالفون لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، الّذين يكذبون على الله ورسوله ويحُرّمون الحلال ويحلّلون الحرام غير عذاب الله وعقابه يوم القيامة جزاءً لِبِدَعِهِم وأكاذيبهم ؟؟ ﴿إنّ الله لذو فضلٍ على الناس ولكنَّ أكثرهم لا يشكرون﴾ فبالتأكيد إنّ الله لهُ الفضل الكبير والمنّة واللُّطف على الناس بنصبه محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) للولاية والإِمامة وتشريع الأحكام ولكنّ أكثر الناس يتّبعون غيرهم ولا يشكرون فضل الله بنصب الأئمّة ! ﴿وما تكون في شأنٍ وما تتلو منهُ من قُرآنٍ﴾ فيا حبيبي يا محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ما تكون أنت في شأنٍ من شؤون تبليغ ولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وإبلاغ الأحكام وآيات القرآن التي تتلوها عليهم بشأن عليّ ( عليه السلام ) وفضلِهِ ، ﴿ولا تعملون من عملٍ إلاّ كُنّا عليكم شهوداً إذ تُفيضون فيه﴾ وأنتم أيّها المسلمون ما تعملون من عملٍ من الحلال والحرام وما تعملون من الطاعة والولاية لآل محُمَّدٍ ( عليهم السلام ) أو المخالفة والجفاء والعداء إلاّ كان الله و ملائکته عليکم شهوداً عليه حينَ ارتکابه.
(وما يَعزُبُ عن ربّك من مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السماء﴾ ولا يغيبُ عن علم الله أيّ عملٍ من الطاعة والولاية أو المعصية أو النفاق حتى ولو كان قليلاً كمثقال ذرّةٍ وزنُها سواءً كان العمل تحت الأرض أو في الفضاء ، ﴿ولا أصغَر من ذلك ولا أكبر إلاّ في كتاب مُبين﴾ وكذا لو كان العمل جزاءً أقلّ من الذرَّة في الوزن أو أكبر في الميزان فكُلِّه مسجَّلٌ في صحيفة الأعمال وكتاب الرّقيب والعتيد والملكين الشاهدين .
﴿ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون﴾ فليعلم الناس جميعاً ونُعلِن للعالم أجمع والبشريّة كلّها : إنّ المؤمنين المتّقين من شيعة عليٍّ أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين ( عليهم السلام ) لا خوفٌ عليهم يوم القيامة عند الحساب ولا هُم يحزنون غداً ، ﴿الذين آمنوا وكانوا يتّقون﴾ فهؤلاء الأولياء لله الذين لا خوفٌ عليهم ولا يحزنون يوم القيامة هُمُ الذين آمنوا بالله ورسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) وكانوا يوالونهم ويتّبعونهم بالتّقوى والعمل الصالح ، ﴿لهُم البُشرى في الحياة الدّنيا﴾ ولهؤلاء المؤمنين المتّقين من شيعة أهل البيت البشارة بدولة الحقّ وحكومة المهدي ( عليه السلام ) من آل محمدٍ والغلبة على أعدائهم والإِنتقام منهم بسيفِه ، ﴿في الآخرة لا تبديل لكلمات الله﴾ وللشيعة المتّقين المتمسّكين بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) بشارة أُخرى في الحياة الآخرة بالخلود في الجنّة والأمن من الفزع الأكبر والبشارتان حتميّتان ولا تبديل لهما ، ﴿ذلك هو الفوز العظيم﴾ فقطعاً إنّ البشارة لهم من الله بحتميّة هلاكِ أعدائهم ومخالفيهم في الدّنيا والآخرة وفوزهم بالجنّة ورضى الله وشفاعة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) هو الفورُ العظيمُ الكبيرُ لهم .
﴿ولا يحزنك قولهم﴾ فيا حبيبي يا رسول الله لا يحزُنك قول المنافقين الحاسدين لعليٍّ ( عليه السلام ) والحاقدين على أهل بيتك ( عليهم السلام ) حينما يقولون : سنُذِلُّ أهل بيته من بعده وسنُذلُّ عليّاً ( عليه السلام ) وشيعته ، ﴿إنّ العزّة لله جميعاً هو السميع العليم﴾ فبالتأكيد أنّ العزّة هي لله ومن الله فهو الذي يُعزّ عليّاً وأهل بيتك ( عليهم السلام ) وشيعتهم في الدنيا والآخرة وإن يذلهم المنافقون والله يسمع أقوالهم ويعلم أفعالهم ، ﴿ألا انّ لله من في السماوات ومن في الأرض﴾ إعلموا أيُّها الناس وأيُّها المسلمون إنَّ جميع الخلق والعباد من الإِنس والجنّ والملائكة والحيوان كلّهم في قبضة مِلك الله وناصيتهم بيده ، ﴿وما يتَّبع الذين يدعون من دون الله شركاء﴾ وليعلم المنافقون المشركون بالله شركَ طاعة فيُطيعون خلفاء الجور دون الله ودون آل محمد ( عليهم السلام ) أنّ خلفاءهم أيضاً نواصيهم بيد الله وهم في قبضة انتقام الله ، ﴿إن يتّبعون إلاّ الظنَّ وإن هم إلاّ يخرصون﴾ فهؤلاء المنافقون المطيعون لخلفاء الجور المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) إن يتّبعون في طاعتهم لهم إلاّ الظنّ بأنهّم سيشفعون لهم عند الله وإن هُم إلاّ يَدَّعون الإِمامة في غير أهلها ويدَّعون كذباً وباطلاً محضاً، ﴿هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مُبصراً إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون﴾ فالله هو الذي جعل الظَّلام في اللّيل للرّاحة والنَّوم فيه وجعل الضَّوْءَ والنّور في النّهار ليُبصَرَ بِهِ ويُساعِد على الرؤية فهكذا جعل نور الأئمّة لهداية الطريق المستقيم ففي هذا دليلٌ على الولاية لِمن يسمع ، ﴿قالوا اتخَّذ الله ولداً سبحانه هو الغنيُّ له ما في السماوات وما في الأرض﴾ إنّ هؤلاء المنافقين كانوا قبل أن يتظاهروا بالإِسلام مُشركين بالله ويقولون بأنّ لله ولداً کعُزيرٍ والمسيح وغيرهما لكنَّ الله هو الغنيُّ بالذّات ولا يحتاج إلى ولدٍ وهو مالكُ السماوات والأرض ، ﴿إن عندكم من سلطانٍ بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾ فهل يوجد دليلٌ عقليٌّ على ما تنسبونه إلى الله من ولد أفهل أنّ الله جسمٌ أو هل له زوجةٌ أو هل يُساعد العقل والمنطقُ على هذه النسبة أيّها الجُهّال ؟؟
﴿قل إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يُفلحون﴾ فقل يا حبيبي لهؤلاء الذين كانت سابقتهم الشرك والآن هم يضمرون الشرك والنفاق ويظهرون الإِسلام ويكذبون على الله ويفترون عليه بادّعاء الإِمامة في غير أهلها إنهّم لا يفلحون ، ﴿متاعٌ في الدنيا ثمَّ إلينا مرجعهم ثمَّ نذيقهم العذاب الشّديد بما کانوا يکفرون﴾ إنّ مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) وأعداء عليّ ( عليه السلام ) وخلفاء الجور وأتباعهم المنافقين يتمتّعون بالخلافة في الدنيا لمدّة ثُمَّ مرجعهم إلى عقاب الله فيعذّبهم في النار الخلود جزاءً بما كانوا يكفرون بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ، ﴿واتلُ عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه يا قوم إن کان کبُر عليکم مقامي وتذکيري بآيات الله﴾ فيا حبيبي إن كان كبُر على المنافقين تذكيرهم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) فأتلُ عليهم قصّة نوح النبيّ ( عليه السلام ) حيث قال لقومه الكفار يا قوم أنا لا يهمُّني بعد أداءِ رسالتي إن يكبُر عليكم دعوتي وتذكيري لكم بعذاب الله !! ﴿فعلى الله توكّلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم﴾ فأنا متوكِّلٌ على الله في دعوتي إيّاکم وتذکيری لکم بعذاب الله ففكّروا فی أمرکم وفی عاقبتکم وفی عاقبة الذين تعبدونهم من دون الله ، ﴿ثُمَّ لا يَكُن أمركم عليكم غَُمّة﴾ فتدبّروا أقوالي ونُصحي وتذكيري ودعوتي وإنذاري وفَكِّروا فيها كي لا تكون عاقبة أمركم عليكم خفيّة فأنا محذِّركم ومنذركم عذاب الله وعقابه ، ﴿ثُمَّ اقضوا إليَّ ولا تُنظرون﴾ فبعد أن تَتُمّ عليكم الحُجّة فامضوا فيا تعزمون عليه ليهلك من هلك عن بيّنةٍ ويحيي من حَيَّ عن بيّنة فإن عزمتُم على الهُدى فبها ونعمت وإلا فاستعجلوا بالكفر كي تنالون جزاءكم عاجلاً ، ﴿فإن تولّيتم فما سألتُكم من أجرٍ﴾ فيما حبيبي قل لهم بعد أن تتلو عليهم قول نوحٍ لقومه أنا كذلك أقول لكم فإن تولّيتُم عن ولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) فأنا ما سألتكم على رسالتي من أجرٍ وما أردت منكم إلاّ المودّة في القُربي ، ﴿إن أجري إلاّ على الله واُمِرتُ أن أكون من المسلمين﴾ وقل لهم إنّ أجريَ على تبليغ رسالتي وولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ليس إلاً على ربّي الذي أمرني بذلك وجعلني أجيراً ، لذلك فعليه الأجر وقد أمرني الله أن أكون من المسلمين بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) من بعدي .
﴿فكذّبوه فنجّيناه ومن معه في الفُلك وجعلناهم خلائف﴾ فيا حبيبي كما انّ قوم نوحٍ كذّبوه فكذلك يكذّبك قومك من تيمٍ وعديٍّ وأُمَيّة وغيرهم فكما نجيّنا نوحاً ومن معهُ في السفينة وجعلناهم المستخلفين في الأرض فكذلك نُنَجّيك وأهل بيتك الذين هم سُفُنٌ النّجاة وشيعتهم ونستخلفهم في الأرض ، ﴿وأغرقنا الذين كذّبوا بآياتنا فانظُر كيف كان عاقبة المنذرين﴾ ، فکما أنّنا أغرقنا قوم نوحٍ الذين كذّبوا بآيات الله ، كذلك سنُهلِك أعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين كذّبوا بولايتهم بسيف المهديّ (عليه السلام ) فانظر وتيقَّن بأنَّ عاقبة من تُنذِرهم الهلاك ، ﴿ثُمَّ بعثنا من بعده رسلاً إلى قومهم بالبيّنات فما كانوا ليؤمنوا﴾ ويا حبيبي وبعد أن قضیٰ نوحٌ ومات وکثُر نسل البشر ثانياً، کفر أقوامٌ بالله فبعثنا من بعد نوحٍ إبراهيم ووُلِده الأنبياء ولوطاً وهوداً وصالح وأيّدناهم بالمعجزات لكنّ الكافرون لم يؤمنوا بهم ، ﴿بما كذّبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المُعتدين﴾ فالكفّار لم يؤمنوا بالله والرُّسُل والبينات بعد أن جاءهم الرُّسُل كما كانوا كفاراً من قبل مجيئهم إذ طُبعَ على قلوبهم العمیٰ والضّلال باعتدائهم على الأنبياء وعدم الطاعة لهم وإصرارهم على الكفر، ﴿ثُمَّ بعثنا من بعدهم موسى وهارون﴾ فيا حبيبي لا تنسی بأنّنا بعثنا بعد إبراهيم وآل إبراهيم موسی بن عمران کليم الله وبعثنا معه أخاه إماماً وخليفةً ووزيراً وكذلك جعلنا عليّاً ( عليه السلام ) لك أخاً ووزيراً وخليفةً من بعدك، ﴿إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين﴾ فبعثنا موسى وهارون إلى فرعون مصر وأتباعه وشعبه الكفّار بالتوراة والعصا والمعاجز الاُخرى وكانوا قوماً مجُرمين معاندين للحقّ ، ﴿فلمّا جاءهم الحقُّ من عندنا قالوا إنّ هذا لَسِحرٌ مبين﴾ فلمّا أن جاءهم موسی و هارون بالمعجزات والحقّ من عند الله قالوا بالتأکيد إنّ هذه الخوارق والمعجزات هي سحرٌ ظاهرٌ بيِّن ، ﴿قال موسى أتقولون للحقّ لمّا جاءكم﴾ قال موسى لقومه أتقولون لمُعجزة العصا واليد البيضاء التي هي حقٌّ جاءكم من قِبَل الله سحرٌ والسِّحر باطلٌ وإثم ، ﴿أسِحرٌ هذا ولا يُفلح السّاحرون﴾ فسألهَمُ مُستنكِراً أهذهِ المعاجز هى سحرٌ وهل يَقبَلُ هذا العقلُ والوجدان ؟ فإن كان سحراً ِلغَلَبتِه السَحرَة ولأنّه معجرٌ غَلَب السِّحرَ كُلِّه فهل يُفلح السَّحرَةُ بالسحر الباطل كلاً وهيهات !! ﴿قالوا أجئتَنا لِتَلفِتَنا عمّا وجدنا عليه آباءنا﴾ فأجابوه فراراً من الجواب على سؤاله قائلين : إنّك بهذه المعاجز جئتنا لِتمنَعَنا وتَرُدَّنا عن ديننا الذي وجدنا عليه آباءنا وهو الشِّرك ، ﴿وتكون لكم الكبرياءُ في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين﴾ واتهّموه وأخاهُ قائلين إنّكما تُريدان بهذه الدَّعوة أن تكون لكما الرِّئاسةُ والزعامة والإمامة والسيادة والعظمة في أرضِ مصر وما نحن بمؤمنين لكما بالرِّسالة ، فهكذا يا حبيبي يقولون لك ولعليٍّ أعدائكما ، ﴿وقال فرعون اُئتوني بكلِّ ساحرٍ عليم﴾ فلمّا نفی موسی عن نفسه التهمة وطلب الجاه والمقام والرِّئاسة والكبرياء وأظهر المعاجز التي يعجزُ عن مثلها فرعون وكلّ الطُّغاة أمَرَ فرعون بإحضار السَّحَرة المَهَرة جميعاً ، ﴿فلمّا جاء السَّحرةُ قال لهم موسى ألقوا ما أنتم مُلقون﴾ فلمّا أحضر فرعون السَّحرة المهرة وجمعُهم في مكانٍ واحدٍ مع موسى ليغلبوه بالسحر خاطبهم موسى قائلاً: إنّ السحر حرامٌ وباطلٌ لكن أنا مستعدٌّ لإِبطاله فألقوه ، ﴿فلمّا ألقوا قال موسى ما جئتُم به السِّحرُ إنّ الله سيبُطله إنّ الله لا يصلح عمَلَ المفسدين﴾ فلمّا ألقى السحرة عصَّيهم وحبالهم التي سعت كالحيّة قال موسى مبطلاً سحرهم ما جئتم به من السحر فإن الله سيبطله بإرادته ومشيئته وبمعجزتي إنّ الله لا يصلح سحر السّحرة المفسدين .
﴿ويحُِقّ الله الحقَّ بكلماته ولو كره المجرمون﴾ فالله سبحانه يحُقّ الحقَّ ويغلب به الباطل ويظهر المعجزة التي تقضي على السحر بكلمات الإِسم الأعظم التي يدعو بها الأنبياء والأئمّة على رغم المجرمين أعدائهم ، ﴿فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوفٍ من فرعون﴾ فمع أنّ موسي أبطل بمعجزةِ عصاه سحر السحرة وأظهر الحق وأبطل الباطل فما آمن من قومه إلاّ جماعةً قليلون كانوا يخُفون إيمانهم تقيّةً من الفراعنة ، ﴿ومَلَأهم أن يفتنهم وإنّ فرعون لعالٍ في الأرض وإنّه لمِنَ المُسرفين﴾ وكانوا يخافون من فرعون أن يستطمعهم بالمال والدنيا ويهدّدهم بالقتل والموت فيفتنهم عن دين موسى وبالتأكيد إنّ فرعون طغى واستكبر في مصر وأسرف بالأموال في سبيل المُلك والشّهوات ، ﴿وقال موسى يا قوم إن كُنتم آمنتم بالله فعليه توکّلوا إن کنتم مسلمين﴾ فلمّا رأی مومی شدّة خوف أتباعه من فرعون قال لهم يا قوم إن كنتم آمنتم بالله حقّاً وصدقاً ويقيناً فتوكّلوا عليه فهو يحفظكم من أذی فرعون ويدفع شرَّه والتوكُّل علي الله شرطُ الإيمان بالله ، ﴿فقالوا على الله توكّلنا ربَّنا لا تجعلنا فتنةً للقوم الظالمين﴾ فعندما أمرهم موسى بالتوكُّل على الله قالوا توكّلنا على الله ربَّنا وابتهلوا إلى الله سائلين قالوا ربَّنا لا تجعلنا نفتَتِن بالظالمين ونكون مُبتلين بفتنَتِهم وظلمهم ، ﴿ونجّنا برحمتك من القوم الكافرين﴾ فطلبوا النجاة من شرِّ فرعون وحزبه والكُفّار والظالمين من الله وسألوه ذلك قائلين : ربّنا نجِّنا برحمتك علينا من قوم فرعون والفراعنة ، ﴿وأوحينا الى موسى وأخيه أن تَبَوَّءآ لقومكُما بمصر بيوتاً﴾ فاستجبنا دعاءهم فأمرنا موسى وهارون بالوحي أن يُخرجا قومها من بيوت الكفار وإلى محلّةٍ خاصةٍ بهم بعد أن هَدَم فرعون بيعهم وصوامعهم ، ﴿واجعلوا بيوتكم قبلةً وأقيموا الصلاة وبشّر المؤمنين﴾ فأمرهم الله بأن يصلّوا في بيوتهم بدل الصلاة في البَيع والمعابد وأن يجعلوها محلَّ عباداتهم وأوحى الله لمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلَّم ) حبيبه أن يُبشِّر المؤمنين الموالين له ولآله بالنّجاة من فراعنةِ الزمان ! .
﴿وقال موسى ربّنا إنّك آتيت فرعون وملأهُ زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا﴾ فذهب موسى لميقات ربّه ومناجاته والتكلّم معهُ فقال : ربنا إنّك برحمتك أتممت الحجّة على فرعون وأتباعه فرزقتهم النِّعم والأموال والأولاد في الدُّنيا ، ﴿ربّنا ليُضلّوا عن سبيلك﴾ ربّنا إنّك رزقتهم كي يشكروا لك فضلك ويؤمنوا بك ويطيعوك ولا يعصوك ولكنّهم قد ضلّوا فكأنمّا رزقتهم ليُضلّوا الناس عن دينك حيث استعانوا بذلك عليه ، ﴿ربّنا اطمسْ على أموالهم واشدُد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتىّ يَرَوا العذاب الأليم) ربّنا دَمَّر أموالهم وأتلفها فعوِّضهم الفقر عنها واضرب بشدّةٍ على قلوبهم فإنهّا قاسيةٌ ربمّا تلين وتخشع فإنهّم من قسوتهم لا يؤمنوا بك حتّى يروا العذاب المؤلم والغرق في النيل ، ﴿قال قد أجيبت دعوتكافاستقيما ولا تتّبعان سبيل الذين لا يعلمون﴾ فعند ذلك استجاب الله دعاءهما وأوحى لموسى وهارون أنّي استَجبتُ دعاءكما فاستقيما على دعوتكما ولا تتّبِعا طريق الرُكون إلى الظالمين الذي هو عادة الجُهّال .
﴿وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبَعَهم فرعونُ وجنوده بَغياً وعَدواً﴾ فعندما حان حينُ استجابة الله دعوة موسى على فرعون أمرَهُ الله أن يجوز ببني إسرائيل بحر النيل بعد أن أوقف الماء كجدارين فعبروه فاتبعهم ولحقهم فرعون وجنوده ﴿حتّى إذا أدركهُ الغرق قال آمنتُ أنّه لا إله إلا الذي آمَنَت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين﴾ فلمّا عبر موسى وربعهُ النيل ووصل فرعون وجنوده إلى وسط النيل ردَّ الله المياه كما كانت فغرقت جنوده وحينما كاد أن يغرق فرعون قال : الآن آمنتُ بإله موسى كما آمَنَ به بنو إسرائيل وأنا منهم ، ﴿الآن وقد عصيتَ قبلُ وكُنتَ من المفسدين﴾ فأرسلنا جبرائيل فضرب فاهُ بطين النّيل قائلاً: الآن تقول آمنتُ لكي تنجو من الغرق وقد عصيت من قبلُ ولم تؤمن وكنت ظالماً معانداً باغياً مُعتدياً مفسداً ؟؟؟ ﴿فاليوم نُنَجّيك بِبَدَنِك لتكون لمن خلفَكَ آية﴾ وقال له لا بدّ وأن تهلك يا لعين ولكنَّ الله سيُنجّي بدنك ويخُرجه الى الساحل فيحنّطك قومك حتّى تكون للأجيال عبرةً ودليلاً على انتقام الله ، ﴿وإنّ كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون﴾ ويا حبيبي يا رسول الله مع أنَّ جسد فرعون المحُنَّط باقٍ في أهرامِ مصر لحدّ الآن لكنَّ كثيراً من الناس يغفلون عن الإعتبار فيه وعن دلائل عذاب الله .
﴿ولقد بوّأنا بني إسرائيل مُبَوَّأ صِدقٍ ورزقناهم من الطيّبات﴾ وبالتأكيد إنّنا أسكنّا بني إسرائيل موطن راحةٍ وسعادةٍ ورخاءٍ وأمانٍ في مصر وفلسطين والاُردُن ورزقناهم المنَّ والسلوى وجميع الفواكه والخضار ، ﴿فما اختلفوا حتى جاءُهم العِلم﴾ فما اختلف اليهود وبنو إسرائيل بشأن مجيء الرسول العربي راكب البعير الذي بَشَّرَ به التوراة ومبعث خاتم الأنبياء حتى أن ظهر محمدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وجاء بالقرآن !! ﴿إنّ ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ بالتأكيد يا حبيبي يا محمد ﴿صلّى الله عليه وآله وسلّم﴾ إنّ ربّك يقضي بين هؤلاء اليهود الذين اختلفوا بشأنِك منهم من قال هو ذلك الذي بَشَّر به موسى ومنهم من أنكر ويجُازيهم يوم القيامة على اختلافهم ، ﴿فإن كُنتَ في شَكٍّ ممّا أنزلنا إليك﴾ فيا حبيبي إنّك مُتَيقّنٌ من وجوب ولاية عليٍّ (عليه السلام ) على الناس كافّةً حتّى أنت وعلیٰ فرضِ أن تكون في شكٍّ من وجوب ولايته عليك وشمول آية التبليغ لذلك ، ﴿فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك﴾ فاسأل علماء اليهود والنصاری عن ضرورة تعيين موسی هارون خليفةً و تعيين عيسی الشّمعونَ الصَّفا ، خليفةً وأن لا بُدَّ لكُلّ نبيٍّ من وصيٍّ .
﴿لقد جاءك الحقُّ من ربّك فلا تكوننَّ من المُمترين﴾ فيا حبيبي إنّ ولاية عليٍّ (عليه السلام ) حقٌّ واجبٌ من الله جاءك لتُبلّغه الى الناس وتأمرهم به فلا تكن من الشاكّين ولا تجادل فيه ، ﴿ولا تكونَنَّ من الذين كذّبوا بآيات الله﴾ ويا حبيبي إيّاك ومُداهنة المنافقين ومجاملتهم ، وترك إبلاغ ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) مداراةً لهم ، ﴿فتكون من الخاسرين﴾ فيا حبيبي إن لم تبلّغ ولاية عليٍّ (عليه السلام ) وما اُنزِلَ فيه إلى الناس تكون من الخاسرين وكأنّك لم تُبَلِّغ رسالة الله أبداً ويحبط عملك ، ﴿إنّ الذين حقَّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون﴾ فيا حبيبي إنّ المنافقين المناوئين لعليٍّ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) الذين حقَّت عليهم كلمة العذاب من الله لا يؤمنون بولايتهم ولا يوالونهم ، ﴿ولو جاءتهم كلُّ آية حتى يروا العذاب الأليم﴾ فهؤلاء المخالفون لأهل البيت ( عليهم السلام ) لو جاءتهم الآيات النازلة بشأن عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) كلّها لم يؤمنوا بها وبهم حتى ينالون جزاءهم بسيف المهدي ( عليه السلام ) المنتقم.
﴿فلولا كانت قريةً آمنت فنفَعها إيمانها إلاّ قوم يونُس﴾ فعند نُزول العذاب لا ينفع النَّدَم والإِيمان فهلاً نَفعت الاُمَم السالفة إيمانها حين نزول العذاب عدى قوم يونس حيث آمنوا قبل نزول العذاب فارتفع عنهم ، ﴿لمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخِزيَ في الحياة الدنيا ومتّعناهم الى حين﴾ فقوم يونس آمنوا قبل نزول العذاب وتابوا وضجّوا الى الله مستغفرين فكشف عنهم العذاب المُهلك وهكذا

أمّتك لو آمنوا بالولاية قبل ظهور المهدي ( عليه السلام ) ينفعهم وإلاّ فلا ! ﴿ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعاً﴾ فيا حبيبي لو شاء الله أن يجُبِرَ جميع الناس على ولاية عليٍّ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) لآمنوا بولايتهم كلّهم لكنّه خَيِّر الناس كلّهم مختارين ، ﴿أفأنتَ تُكرِهُ الناس حتى يكونوا مُؤمنين﴾ فيا حبيبي بعد أن لم يجُبر الله الناس وجعلهم مختارين وأمرهم بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) اختياراً فهل يمُكنك إكراههم على أن يؤمنوا جميعاً بولايتهم فكيف وفيهم المنافق وولد الزِّنا والحيض ؟؟.
﴿وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلاّ بإذن الله﴾ ويا حبيبي ليس لأيّ نفسٍ من الإِنس والجنّ أن تؤمن بولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) إلاّ بإذن الله وتوفيقه وعنايته وهي خاصّةٌ لمن طابَ وطهُر مواليده ، ﴿ويجعل الرِّجس على الذين لا يعقلون﴾ وكلّ نفسٍ لم تؤمن بولايتهم يجعل الله اللعنة والعذاب عليها وعلى كلّ الذين لا يعقلون الآيات النازلة بشأن عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وفضائلهم وولايتهم ، ﴿فهل ينتظرون إلاّ مثل أيّام الذين خَلَوا من قبلهم﴾ فيا حبيبي هل ينتظر هؤلاء المنافقون المخالفون لعليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) إلاّ مثل أيّام انتقام الله من الاُمم الهالكة السالفة فتلك عاقبتهم حتماً ، ﴿قل فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين﴾ فقل لهم يا حبيبی فانتظروا ظهور المهدی من ولدی ( عليه السلام ) لينتقم بسيفه منکم وقل :إنّی مع المنتظرين له ومن المنتظرين لظهوره ! ﴿ثُمَّ نُنَجّي رسلنا والذين آمنوا﴾ وانّ الله سيُنجّي رسول الله وأهل بيت رسوله ومحمداً وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) الأئمّة المعصومين وشيعتهم المؤمنين بولايتهم من أعدائهم كما نَجّیٰ الرُّسُلَ من قبل ، ﴿كذلك خقّاً علينا نُنجي المؤمنين﴾ فكما أنّ الله نجّی نوحاً و حزبه و ابراهيم ولوط وموسی و عيسی وشيعتهم فكذلك حقّاً عليه واجباً باللُّطف والوفاء بالعهد والصدق بالوعد والعدل في القضاء أن يُنجّي شيعة آل محمد ( عليهم السلام ) المؤمنين .
﴿قل يا أيّها الناس إن كنتم في شكٍّ من ديني فلا أعبُد الذين تعبدون من دون الله﴾ فيا حبيبي قل للكفّار والمشركين والمنافقين أيّها الناس إن كنتم تشكّون في ديني هل هو حقٌّ أم لا فاعلموا أنّي لا أعبُدُ ولا أُطيعُ من تعبدونه من دون الله من صنمٍ أو بشرٍ ظالمٍ أو غيره ، ﴿ولكن أعبد الله الذي يتوفّاكم واُمِرت أن أكون من المؤمنين)﴾ بل أنا أعبُدُ الله وحده وأطيعه وحده وهو الذي ناصيتُکم بيده ويميتکم ويتوفّاكم وقد أمرني الله أن أكون من المؤمنين بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ومحّبتِه ، ﴿وأن أقِمْ وجهك للدّين حنيفاً ولا تكوننَّ من المشركين﴾ وأمرني الله بأن أثبت على الإِسلام والإِيمان وولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وأن اُقيم وجهي للدّين الذی اُکمِل بولايته حنيفاً مخُلصاً ولا أكون من المشركين بالطاعة لغير الله ، ﴿ولا تدعُ من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك فإن فعلت فإنّك إذاً من الظالمين﴾ ونهاني الله من أن اُطيع غير الله وأتّبِع هواء من أصحابي الذي لا ينفعني مودّته ولا يضرُّني مخالفته وهَدَّدَني الله قائلاً : إن فعلت ذلك فاُحسَبُ من الظالمين .
﴿وإن يمسكَ الله بضرٍّ فلا كاشف له إلاّ هو﴾ وثق يا محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إن يمسسك اللهُ اختباراً بضُرٍّ من أعدائك وأعداء عليٍّ ( عليه السلام ) وأذىً منهم فلا يكشفه إلاّ الله وحده فاصبر ، ﴿وإن يُرِدكَ بخيرٍ فلا رادَّ لفضله﴾ وإن أرادَك الله بخيرٍ وأراد لك النصر والغلبة وأراد لأهل بيتك ( عليهم السلام ) ، ذلك على أعدائكم فلا يتمكّنُ أحدٌ من ردِّ فضل الله عليكم ، ﴿يُصيبُ بهِ من يشاء من عباده وهو الغفور الرّحيم﴾ فالله سبحانه هو المتفضِّل الذي يصيب بفضله وخيره من يشاء من عباده الأنبياء والأولياء والصالحين وهو الذي يتغمّدهم بــرحمته وغُفرانه.
﴿قُل يا أيّها الناس قد جاءكم الحقُّ من ربّكم﴾ فيا حبيبي قُل للنّاس : أيّها الناس قد جاءكم الحقّ وهو ولاءُ عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) من ربّكم بالحقُّ مع عليٍّ وعليٌّ ( عليه السلام ) مع الحقّ يدور معه حيثما دار، ﴿فمن اهتدی فإنمّا يهتدي لنفسه﴾ وقُل لهم فمن اهتدى بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) واهتدى إلى الحقّ باتّباع عليٍّ ( عليه السلام ) فليس إلاّ أنه يهتدي لنفسه إلى السعادة في الدّارين وإلى الجنّة . ﴿ومن ضَلَّ فإنمّا يضلُّ عليها وما أنا عليکم بوکيل﴾ وقل لهم ومن ضلّ عن ولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) فهو إنمّا يضلُّ على نفسه عن طريق الهُدی والسعادة والجنّة الی العَمی والنيران وما أنا بوکيل عليکم لأجبرکم علی الولاية ! ﴿واتّبع ما يُوحى إليك﴾ ويا حبيبي إتّبع ما يوحى إليك من ربّك بشأن عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وبشأن تبليغ ولايتهم ومودّتهم وبيان فضائلهم للنّاس ، ﴿واصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين﴾ واصبر يا حبيبي على نفاق المنافقين وأذاهم لكَ ولأهل بيتك ولعليٍّ والزَّهراء والحَسنين والأئمّة ( عليهم السلام ) حتى يحكم الله بظهور المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) فيحكُم بالعدل والله خيرُ من يحكُم بالعدل والإِنتقام من الظالمين ، ( صدق الله العليّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 368-341 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *