سورة يونس (ع)
2016-06-18
سورة طه
2016-06-18

(17)
سورة النحل

«بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم﴾ بإسم ذاتي القُدسيّ الواجب للوجود الذي منه الوجود کلّه وبإسم رحمانيّتي التي وسعت كلّ شيءٍ ورحيميّتي التي اختصَّت بالمؤمنين أبدأُ بالوحي : ﴿أتیٰ أمرُ الله﴾ بعد أن أوعدنا المنافقين العذاب بسيف المهديّ ( عليه السلام ) واستبطؤوه نُعلِنُ للملأ والأمّة الإِسلامية بأنّه قَرُبَ موعِدُ ظهوره وسيكون التّاسعُ من ولد الحسين ( عليه السلام ) ، ﴿فلا تَستعجلوه﴾ فيا أيّها المنافقون المخالفون لولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) لا تستعجلوا بنزول عذاب الله عليكم وهلاككم بسيف المهدي ( عليه السلام ) إذ لا يظهر إلاّ بعد غيبةٍ طويلةٍ !! (سبحانهُ وتعالى عمّا يُشركون﴾ وسبحان الله وتقدَّس وتنزََّه وتعالى وعَزَّ وجلَّ وعَظُم شأنُه عمّا يُشركون بطاعته طاعةَ خلفاءِ الجَور والظُلم ، ﴿يُنزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده﴾ فالله سبحانه لم يجعل الإِمامة لخُلفاء الجور بل يُنزّل الملائكة مع روح القدس كبير الملائكة ليلة القدر بکلِّ أمرٍ مقدَّرٍ في اللّوح على من يشاءُ من عباده المعصومين فقط ، ﴿أن أنذِروا أنّه لا إله إلا أنا فاتّقون﴾ فيأمُر الأنبياء والأئمّة المعصومين أن يُنذروا الناس بترك طاعةِ غير الله وعبادته ويأمروهُم بوجوب الإِيمان بالله وبولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ويتّقون الله ولا يتّبعوا الظالمين .
﴿خلق السماوات والأرض بالحقّ تعالى عمّا يشركون﴾ فالله سبحانه جعل أساس خلقةِ السماوات والأرض على الحقّ والعدل والحكمة ومن نور محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) فكيف يتركهم سُدىً بعد نبيّه من غير إمام هُدىً ؟؟؟ ، ﴿خَلَقَ الإِنسان من نُطفةٍ فإذا هو خصيمٌ مبين﴾ والله سبحانه قد خلق جميع الإِنس من نسل آدم من نطفة المنيّ ولا يسوغ لهم أن يطغوا ويتكبَّروا لكنّ المنافق المُعادي لمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) إذا هو خصيمٌ لله ولهم علناً تعالى الله عمّا يشركون في طاعته غيره .
والأنعام خَلَقها لكم فيها دفءٌ ومنافع ومنها تأكلون﴾ والله سبحانه بعد أن خلق الإِنسان لم يُهمِل شؤونَه بل خلق للإِنسان الحيوانات المأكولة اللَّحم لتكون له غذاءً منها وملبوساً من جلودها وأصوافها فكيف يتركهم من غير إمامٍ. ؟؟ ﴿ولكم فيها جمالٌ حين تُريحون وحين تسرحون﴾ والله جعل للإِنسان من الأنعام ما يركبونه ويتجمَّلون به وينتفعون به حين ردّها لمراحها وحين تسريحها لمراعيها ، ﴿وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقِّ الأنفُس﴾ والأنعام من الإِبل والخيل والحمير والبغال جعلها الله ذلولةً تحمل أثقالكم وحملكم في أسفاركم البعيدة شُقَّتها والنّائية ، ﴿إنّ ربّكم لرؤوفٌ رحيم﴾ فالله سبحانه من رأفته ورحمته بالناس خلق لهم الأنعام فكيف تقتضي رأفته ورحمته أن يتركهم سُدىً من دون إمام هُدیٰ ؟؟؟.
﴿والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينةً ويخلق ما لا تعلمون﴾ والله سبحانه من رأفته ورحمته خلق للإِنسان أصناف الحيوان لركوبه وليوم جهاده وحربه ويوم عرسه وسباقه وحلّه وارتحاله ويخلق الله سيّارات للركوب وطائرات وقاطرات في المستقبل !!! ﴿وعلى الله قصدُ السبيل ومنها جائر﴾ وواجبٌ على الله من باب اللُّطف أن يهدي الإِنسان ويُرشده للطريق المستقيم وولاية محمدٍ وآله من الاُمّة الإِسلامية من هو جائرٌ يتّبع ولاةُ الجور، ﴿ولو شاء لهداكُم أجمعين﴾ ولو شاء الله أن يجُبِرَ جميع الناس على قصد السبيل والصراط المستقيم وولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه و آله و سلّم ) و آله ( عليهم السلام ) لفعل و أجبرهم علي الهداية لكنّه جعل الإِختيار أساس التكليف .
﴿هو الذي أنزل من السماء ماءً لكم منه شرابٌ ومنه شجرٌ فيه تُسيمون﴾ والله سبحانه بلُطفه ورأفته أنزل من السماء الأمطار لكي تشربوا منها وتشرب أنعامکم أو أشجارکم ومراعيکم التي ترعون فيها أنعامکم، ﴿ينبت لکم به الزَّرع والزيتون والنّخيل والأعناب ومن كلّ الثمرات﴾ وبمياه الأمطار يُنبتُ الله للنّاس الزَّرع كلّه الحنطة والشعير والأرزّ والذرة والبقول وأشجار الزيتون والتّمور والأعناب تفضّلاً منه وبرحمته ، ﴿إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون﴾ فليتفكَّر المتفكِّرون في حكمةِ الله وتدبيره ولطفه ورأفته و رحمته بالناس حتى يدركوا دليل لزوم نصب الإِمام حسب قاعدة اللُّطف ، ﴿وسخَّر لكم اللّيل والنهار﴾ والله سبحانه حسب قاعدة لطفه وحكمته وتدبيره وعدله وفضله سخَّر للناس الليل والنهار ليكونا سُباتاً ومعاشاً لهم ، ﴿والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره﴾ وخلق الله سبحانه الشمس والقمر والنجوم والكواكب وكلّ الأفلاك والمجرّات وهي مسخّرة لإِرادته ومسخَّرة بأمره لوليّه المعصوم وله الولاية التكوينية عليها ، ﴿إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون﴾ وفي نظام الفلك ومنظومة الشمس وكواكبها دلائل على ضرورة وجود إمام معصوم ووليٍّ للكون من قبل الله يفهمها العقلاء الذين يعقلون الدّلائل العقليّة .
﴿وما ذرأَ لكم في الأرض مختلفاً ألوانهُ إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يذَّكّرون﴾ وكلّ ما خلق الله لكم أيّها الناس في الأرض من معادنها وكنوزها وخيراتها وزروعها بأشكالها المختلفة وأنواعها المتفاوتة ففي كلّ ذلك دليلٌ على حكمته وعدله ولُطفه تعالى يفهمها من يتذكَّر أياديه ، ﴿و هو الذي سخَّر البحر ليأكلوا منه لحماً طريّاً وتستخرجوا منه حليةً تلبسونها﴾ والله سبحانه هو الذي خلق البحر وجعله تحت تصرّفكم لتصيدوا منه الأسماك غذاءً وتستخرجوا منه اللآلىِء والمرجان والكنوز وغيرها تصنعون منها الحليَّ للزّينة ، ﴿وترى الفُلك مواخِرَ فيه ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون﴾ وتبصُر أيّها الإِنسان السُّفُن تَشُقُّ عُباب اُمواج البحر تنقلون فيها التجارات لتکسبوا الأرباح والمنافع من فضل الله وذلك دليلٌ على ضرورة نصبِ الإِمام فكما أنَّ لِلسُّفُن ربّان فلا بُدّ لكم من إمامٍ. يقودكم فاشكروا الله على ذلك ، ﴿وألقیٰ في الأرضي رواسي أن تميدَ بكم﴾ والله سبحانه أوجد وأثبت في الأرض جبالاً شامخةً صلدةً كي يصونها من الهزّات والزلازل المدمّرة التي تهزُّكم وهذا الإِمام هو أمانٌ لأهل الأرض فلو خليت لقلبت ، ﴿وأنهاراً وسبُلاً لعلّكم تهتدون﴾ والله سبحانه جعل لكم أيّها الناس في الأرض أنهاراً وطُرُقاً وَوِدياناً بين الجبال لعلّكم تهتدون السَّير في الأسفار وهكذا جعل الأئمّة مَناهِل العلم كالأنهار وسُبُلاً للسَّير إلى الله والهداية ، ﴿وعلامات وبالنَّجم هُم يهتدون﴾ وكما أنّ الله سبحانه خلَقَ النّجوم وهي تُزيّن السماء وتدُّل وتهدي السائرين وحين الصلاة فهكذا الأئمّة المعصومون فهم نجوم هدايةٍ للأمّة ، ﴿أفَمَن يخلُقُ كَمَن لا يخلُق أفلا تذكَّرون﴾ أيّها العقلاء ويا ذوي الوجدان الحيّ والإِنصاف والعدل هل إنّ الإِمام الذي يخلُقُ بإذنِ الله كما قال عيسى إنّي أخلُقُ لكم من الطّين كهيئةِ الطّير هل يتساوى مع أئمّة الجور العاجزين عن هذه المعجزة ؟! ﴿وإن تَعُدُّوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الله لغفورٌ رحيم﴾ ويا أيّها المسلمون إن تعدّدوا نعم الله تعالى عليكم ببركة الأئمة وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فلا يمكنكم إحصاؤها كما لا يمكن إحصاء فضائلهم فبِهم الخلق والوجود من الله وبإذنه الوجود فکما لايمکنکم شکر مالا تحصونه فيغفر الله لکم ويرحمکم ، ﴿والله يعلم ما تُسرّون وما تعلنون﴾ والله سبحانه يعلم كلّ ما تخُفونه وتضمرونه من الحبّ والبغض والمودّة والعداء لمحمّدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وما تُعلنون من ذلك ، ﴿والّذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخُلقون﴾ وخلفاء الجور الذين يطيعونهم ويتّبعونهم هؤلاء المنافقون من دون الله ليست لهم معجزة ولا يخلقون ولو ذُباباً وهم مخلوقين من نُطفةٍ ، ﴿أمواتٌ غير أحياءٍ وما يشعرون أيّانَ يُبعثون﴾ وهؤلاء الخلفاء المغتصبون للخلافة من أهل البيت (عليهم السلام ) هم أمواتٌ ، قلوبهم ميّتة وضمائرهم ميّتة فولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) هي حياة القلوب وهم خسروها ولا يشعرون بذلك ولا يشعرون متى سيُبعَثون للحساب .
﴿إلٰهکم إلٰهٌ واحدٌ فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم مُنكرة وهم مستكبرون﴾ أيّها المسلمون إلهكم إله واحدٌ يجب أن تعبدوه وتطيعوه فحسب ولا تشركوا بطاعته وعبادته خلفاء الجور فهم لا يؤمنون بحساب يوم القيامة بل ينکرونه في قلوبهم ويتكبَّرون عن ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولا جَرَمَ أنّ الله يعلم ما يُسرّون وما يعلنون إنّه لا يحبّ المستكبرين﴾ حقاً إنّ الله عالمٌ بما يخُفون ويُضمرون من الكفر والنِّفاق والعداء لمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) وما يُعلنونه منه إنَّ الله لا يحبّ المستكبرين عن ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم) وآله ( عليهم السلام ) .
﴿وإذا قيل لهم ماذا أنزَل ربّكم قالوا أساطير الأوّلين﴾ وهؤلاء المنافقون المستكبرون عن ولاية محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) إذا قيل لهم ماذا أنزَلَ الله في عليٍّ ( عليهم السلام ) وولايته وإمامته قالوا أكاذيب وقصص خياليّة كأُسطورة العنقاء والغيلان ، ﴿ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة﴾ بالتأكيد إنّ هؤلاء المكذّبين بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) سيحملون وزرَ تکذيبهم ونفاقهم وعنادهم وعدائهم لهم عند الميزان والصِّراط يوم القيامة فينالون الجزاء الكامل والخلود في العذاب ، ﴿ومن أوزار الذين يضلّونهم بغير علمٍ ألا ساء ما يَزِرون﴾ وسيحملون من أوزار وذنوب وآثام أتباعهم الذين أضلّوهم جهلاً فتركوا ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) واتّبعوهم بغير علمٍ. فليعلموا أنهّم أسوءَ وزرٍ يزِرون ، ﴿قد مكَرَ الذين من قبلهم فأتي الله بُنيانهَم من القواعد﴾ هؤلاء المنافقون هم أذنابٌ للمنافقين الذين مكروا قبلهم فبنوا مسجد الضرار وحاربوا النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فدمّر الله بُنيانهم من الأساس وقلع جذورهم ، ﴿فخرَّ عليهم السّقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾ فخرَّ السقف أي سقفُ مسجد ضِرارٍ وبيوت المنافقين على رؤوسهم بيد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وحزبه وأتاهم عذاب الله بسيف عليٍّ ( عليه السلام ) في عدّة مواطن لا يكونوا يحتسبونها ويشعرون بها ، ﴿ثُمَّ يوم القيامة يخُزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقّون فيهم﴾ ثمّ يوم القيامة يخُزيهم عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) إذ هو قسيم النار فيأمر بهم إلى النار ويقول لأتباعهم أين شرکائي في الإِمامة والولاية الذين تزعمون وكنتم تخالفون الشيعة فيهم ؟؟؟ ﴿قال الذين اُوتوا العلم إنّ الخزي اليوم والسّوءَ على الكافرين﴾ فعند ذلك يقوم الأئمّة ( عليهم السلام ) من علماء آل محمدٍ الذين زُقّوا العلم زقّاً وآتاهم الله العلم إنّ الخزي والعذاب في هذا اليوم على من كفر بولايتنا أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿الذين تتوفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم﴾ أُولئك الكافرون هم الذين تتوفّاهم الملائكة وتنزع أرواحهم وهم ظالمون لأنفسهم بترك ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) واتّباعهم لخلفاء الجور ، ﴿فألقوا السَّلَم ما كنّا نعمل من سوءٍ بلى إنّ الله عليمٌ بما كنتم تعملون﴾ ففي يوم القيامة وعند الحساب والميزان والصراط يظهرون السِّلم وترك العداء والخصومة لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ويُنكرون أعمالهم السيّئة القبيحة فيقول لهم عليٌّ ( عليه السلام ) بلى إنّ الله عليمٌ بما كنتم تعملون ضدّي وضدّ شيعتي ﴿فادخلوا أبواب جهنَّم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبّرين﴾ ثمَّ يقول لهم عليٌّ ( عليه السلام ) : فادخلوا أبواب جهنَّم وبعد دخولكم لا نجاة لكم منها بل تخلدون فيها وهي أسوأُ مکانٍ ومسکنٍ ومأویً للمتکبّرين عن ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ).
﴿وقيل للذين اتّقوا ماذا أنزل ربّكم ؟ ﴾ وعندما يسأل شيعة آل محمدٍ الأتقياء ماذا أنزل الله ربهّم في حقِّ عليٍّ ( عليه السلام ) وأهل البيت ( عليهم السلام ) وفضائلهم وولايتهم ومودَّتهم والتمسُّك بهم ؟ ﴿قالوا خيراً﴾ فيُجيب الشيعة الأتقياء على هذا السؤال بأنّ الله أنزَل في عليٍّ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ما فيه الخير والسعادة والهُدى والنجاة وشرف الدنيا والآخرة ، ﴿للّذين أحسنوا في هذه الدّنيا حسنة﴾ فلكلّ من أحسن بولايته لأهل البيت ( عليهم السلام ) وتمسُّكه بهم ومتابعته لهم والإقتداء بسُنَّتهم فله الحياة الطبّية والسعادة الدنيويّة والثّواب والحسنة على تشيُّعه لهم ، ﴿ولدارُ الآخرة خيرٌ ولنعمَ دار المتّقين﴾ وبالتأكيد إنّ الجنّة ونعيمها والخلود فيها هي أفضل من نعم الدُّنيا ولذائذها وبالتأكيد انهّا خيرٌ من دار الدّنيا ، والجنّة دار المتّقين الشّيعة ، ﴿جنّاتُ عدنٍ يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاؤون﴾ فللشّيعة المتّقين بساتين في جنّة العدن يسكنونها مخَّلدين تجري من تحت قصورهم أنهارها ويتنعّمون بکلّ ما تشتهيه الأنفُس وتلذُّ الأعين بمجرَّدِ ما يشتهون ، ﴿كذلك يجزي الله المُتّقين﴾ فهكذا هو ثواب الله وجزاؤه وأجرُه لعباده الشيعة المتّقين الموالين لأمير المؤمنين وولده ( عليهم السلام ) على ولايتهم وتقواهم وتشيّعهم .
﴿الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين﴾ هؤلاء الشيعة الأتقياء صفتهم أنهّم يموتون على ولاية محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم﴾ وآله ( عليهم السلام ) طيّبون طاهرون من الشرك والنفاق كما طابت مواليدهم تطيبُ وفياتهم ﴿يقولون سلامٌ عليکم اُدخلوا الجنّة بما كنتم تعملون﴾ فحينما يقبض ملك الموت أرواحهم يقول لهم سلامٌ عليكم وحينها يُسلّمون على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عند الموت يجيبهم سلامٌ عليکم وعندما يحُشرون تقول لهم الملائكة سلام عليكم اُدخلوا الجنّة ثواباً علی ولايتکم وتشيُّعکم لمحمدٍ ( صلّی الله عليه وآله وسلّم ) واله (عليهم السلام ) ، ﴿هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمرُ ربّك﴾ فيا حبيبي هل ينتظر المنافقون المخالفون لآل محمدٍ وأهل البيت ، ( عليهم السلام ) إلاّ أن تأتيهم ملائكة العذاب بالعذاب أو يأتي أمرُ الله بظهور المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) بالسيف ؟؟؟ ﴿كذلك فَعَل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ فهكذا فعل الأقوام الهالكون حيث أصرّوا على الكفر والعناد والعصيان فأهلكهم الله وما ظلمهم بذلك بل استحقّوه بأفعالهم وهم ظلموا أنفسهم بذلك
﴿فأصابهم سيّئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن﴾ فالمنافقين والكفّار من الاُمم الهالكة بعذاب الله لم يهلكوا إلاّ أنهّم أصابتهم مخالفتهم للأنبياء ومعصيتهم فنزل بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه ، ﴿وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء﴾ ويقول المجبّرة من مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين أشركوا بطاعة الله طاعة خلفاء الجور لو أراد الله ما أطعنا وعبدنا من دونه خلفاء الجور والظلم ! ﴿نحن ولا آباؤنا ولا حرَّمنا من دونه من شيءٍ﴾ فيقولون لو شاء الله لما أشرك آباؤنا كأبي سفيان والخطّاب وأبو قُحافة والعفّان وغيرهم من آبائهم ولو شاء لما حرَّمنا المتعتين ولما حرَّمنا غيرها من الحلال ! ﴿كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرُّسل إلاّ البلاغ المبين﴾ وكما أصرّ المنافقون على ضلالهم فعل الأقوام الهالكة بعذاب الله والذي قُتلوا بسيف عليٍّ ( عليه السلام ) والمسلمين ، في بدرٍ وحُنين والأحزاب واُحُد فهل على النبيّ والأئمّة واجبٌ تكليفيٌّ سوى إبلاغ الولاية والأحكام ؟؟
﴿ولقد بعثنا في كلِّ اُمّةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت﴾ وبالتأكيد القطعىّ إنّنا بعثنا كلّ نبيٍّ إلى أمّته برسالة خطيرة هى أن يعبدوا الله فقط ويجتنبوا طاعة الظالم الجابر الطاغي ، ﴿فمنهم من هدى الله ومنهم من حقَّت عليه الضلالة﴾ فمقابل هذه الرسالة الإِلهية التي كلّف بها الأنبياء فالناس منهم من هداهُ الله لذلك ومنهم من عصى فحقَّت عليه الضلالة والعمى بإتباعه لأئمّة الجور ، ﴿فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذّبين﴾ فيا أيّها المسلمون سيروا في بقاع الأرض وآثار الاُمم الهالكة فانظروا واعتبروا كيف كان عاقبة أمر المكذّبين لرسالة الله ، ﴿إن تحرص على هُداهم فإنّ الله لا يهدي من يضلّ﴾ فيا حبيبي إن تحرص وتطمع في أن تهديهم لولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) لكن نأبى أن نهدي لولايتهم من اتّبع الضلالة باتّباع خلفاء الجور ، ﴿وما لهم من ناصرين﴾ واعلم يا حبيبي إنّ هؤلاء الذين تركهم الله في ضلالتهم ولم يهديهم لولاية آل محمدٍ ليس لهم ناصرٌ من عذاب الله وانتقامه ، (وأقسَموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت﴾ وهؤلاء المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) والضالين يحلفون بالله بكل الإِيمان المغلَّظة أن لا بعث ولا نُشور بعد الموت ولا جنّة ولا نار كقول أبي سفيان ومعاوية ويزيد لعنهم الله، ﴿بلى وعداً عليه حقّاً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون﴾ قل لهم يا حبيبي : بلى بالتأكيد سيبعثُ الله من يموت حيث وعد بذلك ووعده الحقّ ولا يخلف الله الوعد ولكنّ أكثر المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) لا يعلمون، ﴿ليُبيّن لهم الذي يختلفون فيه﴾ فالعلّة الغائيّة والهدف الأسمى من البعث هولأجل أن يُبيّن الله لجميع الخلائق حقيقة عُلُوّ مقام محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) وعظمته ولايتهم وأجرِ مَودَّتهم الذي كانوا يختلفون فيه ، ﴿وليعلم الذين كفروا أنهّم كانوا كاذبين﴾ وحتى يعلم الذين كفروا بالله وبولاية محمدٍ وأهل بيته ( عليهم السلام ) وكفروا بالآيات النازلة بشأن ولايتهم أنهّم كانوا كاذبين بادّعائهم أن خلفاء الجور سيشفعون لهم .
﴿إنمّا قولنا لشىءٍ إذا أردناه أن نقول له كُن فيكون﴾ فالولاية التكوينية منحصرة فينا ونعطيها لمن اصطفينا، وإذا أردنا تكوين شىءٍ فقول له كُن بالولاية فيكون بالإِرادة الإِلهية، ﴿والَّذين هاجروا في الله من بعد ما ظُلموا﴾ فكلّ الذين هاجروا لله وفي الله من مكّة الى المدينة وإلى الحبشة ومن مكّة الى كربلاء وكلّ إمامٍ معصومٍ هاجر وكلّ شيعيٍّ مهاجرٍ من بلاد الظالمين ، ﴿لَنُبَوّئنّهم في الدُّنيا حسنة﴾ فهؤلاء جميعاً نحييهم في الدّنيا حياةً طيّبةً ونُخَلِّد ذكرهم مدى الأجيال ونجعلهم في قمّة المجد والعظمة في تاريخ الدُّنيا والعالم ، ﴿ولأجرُ الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون﴾ وبالتأكيد إنّ الأجر والثواب الذي سنُعطيهم لهؤلاء المهاجرين في الله في الآخرة هو أكبرُ من ثواب الدّنيا لو كان المخالفون يعلمون ولا يجهلون ، ﴿الّذين صبروا وعلى ربهّم يتوكّلون﴾ فالنبيّ ﴿صلّى الله عليه وآله وسلّم﴾ وعليٌّ ( عليه السلام ) ومن هاجر معهما وجعفر بن أبي طالب ومن هاجر معه والحسين ( عليه السلام ) ومن هاجر معه وغيرهم من المهاجرين من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم همُ الذين صبروا على أذى الظالمين وتوكّلوا على الله فحسب ، ﴿وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم﴾ فيا حبيبي إن كانوا يقولون : إن كان الله يُرسِل من جانبه أحداً فليُرسل الملائكة لا بشراً مثلنا، فقل لهم إنّ جميع رُسُل الله من قبلك كانوا رجالاً نُنزّل الوحي عليهم بواسطة الملك ، ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ فقل لجميع المسلمين يا رسول الله وأبلغهُم بهذا الأمر الواجب الفرض : أن يسألوا أهل البيت ( عليهم السلام ) وأهل الذكر والقرآن والوحي عن أصول الدّين وفروعه وفروضه وأحكامه وسُنَنِه ، ﴿أفأَمِنَ الذين مكروا السيّئات أن يخسف الله بهم الأرض﴾ فيا حبيبي نستَفسرُ استنكاراً هل أمنَ واطمئنّ مخالفوا أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين دبَّروا المكايد ضدّهم ومكروا بهم ليغصبوا حقوقهم أن تُدمّرهم الخسف والزلازل بأمر الله ؟؟؟ ﴿أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾ أو أمِنوا أن يأتيهم العذاب والذلّ على يد يزيد بن معاوية في وقعة الحرَّة وعلى يد الحجّاج والسَّفاح والقرامطة والتتار والصليبيّين واليهود الإِسرائيليّين والملحدين ؟ ﴿أو يأخذهم في تقلّبهم فما هم بمعجزين﴾ أو هل أمِنَ المخالفون لأهل البيت ( عليهم السلام ) وأعداء عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أن يأخذهم عذاب الله حينما يتقلبون على كراسي الحُكم كالحروب الدّامية فلا يعجزون الله عن ذلك ، ﴿أو يأخذهم على تخوُّفٍ فإنّ ربّكم لرؤوفٌ رحيمٌ﴾ أو هل أمِنوا من عذاب الله وعقابه الذي يخافون منه وهو الإِنتقام بسيف المهديّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) القائم الثّائر الآخذ بالثّأر فبالتأكيد إنّ الله رؤوفٌ بالشيعة ورحيمٌ بهم فيُعزُّهم بالمهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) .
﴿أوَلم يرَوا إلى ما خَلَقَ الله من شيءٍ يتفيّؤا ظِلالهُ﴾ فإن كانوا يا حبيبي يُنکرون أن سيَکون المهدي ( عليه السلام ) حيّاً يُرزَق ولا يُریٰ ويغيب عن الأنظار أفلا يُفكِّرون أنّ الملائكة والجنّ هُم غائبون عن النَّظَر وهم أكثرُ من البشر ولهم هياكل وأجسامٌ لها ظِلّ ، ﴿عن اليمين والشمائل سُجّداً لله وهُم داخرون﴾ فظِلال اليمين وهم الملائكة وظلال الشمائل وهمُ الجنّ كلّهم يعبدون الله ويُطيعونه خاضعين ساجدين مطيعين منقادين غير عاصين لله ، ﴿ولله يسجد ما في السماوات و ما في الأرض من دابّةٍ﴾ وبالتأكيد إنّ جميع الموجودات المفتقرة في وجودها لواجب الوجود وهو الله الخالق الموجد لها وكلّ ذي روحٍ ونفسٍ سائلة ونامية بتكوين حالها تسجُد لعظم خالقها ! ﴿والملائكة وهم لا يستكبرون﴾ فإن كان بعض الدّواب من الإِنسان يستكبر أن يسجُد لله ويعبده مخلصاً ويُطيعُهُ مؤمناً لكنَّ الملائكة يسجدون لله بكلّ إخلاصٍ. لا يستکبرون ، ﴿يخافون ربَّهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ فالملائكة يعبدون الله ويطيعونه دون استكبار أو تجرّي أو عصيان ويفعلون كلّ ما يأمرهم به الله ويأمرهم به النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والأئمّة ( عليهم السلام ) .
﴿وقال الله لا تتّخِذوا إلۤهين إثنين﴾ وأبداً ودائماً يأمر الله عباده أن يوحّدوه ولا يشركوا به أحداً وأن يطيعوه وحده ولا يطيعوا معه خلفاء الجور ولا يتَّخذ المخالفون خلفاءهم آلهة بالطّاعة دونه !! ﴿إنمّا هو إلۤهٌ واحدٌ فإيّاي فارهبون﴾ فدائماً يقول الله : إنّ الاُلوهيّة والرُّبوبيّة منحصرة في ذاته فقط ولا تجوز عبادة غيره وطاعته دونه و دائماً يقول : لا ترهبوا حُكّام الجور أبداً بل إرهبوني أنا !!! ﴿وله ما في السماوات و الأرض وله الدّين واصباً أفغير الله تتّقون﴾ ولله ملكيّة كلّ ما في الوجود وما في السماوات والأرض وله السَّلطنة عليها ولا بُدَّ أن يكون له الدّين والطاعة دائماً مستمرّاً ولا يُطاع غيره من حُكّام الجور أفهل تتّقون غير الله وهو أحقُّ أن تتّقوه ؟؟
﴿وما بِكُم من نعمةٍ فمن الله﴾ فاعلموا أيّها الناس وأيّها المسلمون أنَّ كلَّ نعمةٍ من نعم الله تعالى تتنعّمون بها من العافية والمال والبنين والأمن والعزّة فكلّها من الله لا من الحُكّام فلا تطيعوهم ، ﴿ثُمَّ إذا مسَّكم الضُرُّ فإليه تجئَرون﴾ فالدليل على أنّ جميع النِّعم من الله لا من حُكّام الجور هو أنّكم حينما تُصابون بالفقر والمرض والأذى تستغيثون إلى الله لدفع الضُرّ والضَّرر ، ﴿ثُمَّ إذا كشف الضُرّ عنکم إذا فريقٌ منکم يُشرکون﴾ لکن بعد أن يستجيبُ الله لدعائکم ويکشف عنكم الضرّ والسوء والبلاء يرجع فريقٌ منكم إلى طاعة حُكّام الجور ويُشركون بالله شرك طاعةٍ وعبادة ، ﴿ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون﴾ فهؤلاء الذين يرجعون الى طاعة حُكّام الجور والخلفاء الظّالمين كلّهم كافرون بنعمة الله وبولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) فنقول لهم تمتَّعوا في الدّنيا قليلاً فسوف تعلمون جزاءكم غداً ، ﴿ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً ممّا رزقناهم تالله لَتُسألُنَّ عمّا كنتم تفترون﴾ ويجعل هؤلاء الكافرون بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) وبنعمة الله للأصنام التي لا يعلمون نفعها وضررها قسماً من القرابين فقسماً بالله سيُحاسبهم على افترائهم هذا ، ﴿ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون﴾ وهؤلاء الكفرة بولاية محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم﴾ وآله ( عليهم السلام ) ينسبون لله البنات ويقولون إنّ الملائكة بنات الله ويجعلون لأنفسهم الذّكور أولاداً ينتسبون بهم .
وإذا بُشّر أحدهم بالاُنثی ظلَّ وجههُ مسودّاً وهو كظيم﴾ وإذا بُشِّر أحد هؤلاء الجُفاة بالاُنثى أي بولادة اُنثى من زوجه صار وجهه فاحماً غضباً ومسودّاً من شدّة عصبيّته وهو يكظم غيظه على ربّه كعمر بن الخطّاب ، ﴿يتوارى من القوم من سوء ما بُشِّر به﴾ ولشدّة عصبيّته الجاهلية وحمقه يختفي من ربعه وقومه خوفاً من التعيير إذ شعاره النار ولا العار ويتوارى عن أهله لكي لا يرَوا سواد وجهه وشدّة غضبه ، ﴿أيمُسِكُهُ على هونٍ أم يَدُسُّهُ في التراب﴾ فأخذ يُفكِّر بما سيفعله بالوليدة البريئة والبنت الطفلة الصغيرة الريحانة أيمُسك المولود على ذلّة أم يدفنه حيّاً في التراب ؟؟ ﴿ألا ساء ما يحكمون﴾ لكنّه حفر بيده قبراً لبنته الموؤدة وعندما كان يحفر القبر كانت بنتَهُ تنكث التراب عن لحيته لكنّه مع ذلك قسى عليها ووأدها وهي حيّةٌ في التراب ألا ساء ما حكم عليها بالظُّلم والقسوة ، ﴿للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى﴾ تلك صفة الذين لا يؤمنون بالمعاد والحساب والجزاء إذ يئدون بناتهم الّاتي هم بحاجة إليها للنَّسل ، ولله المثل الأعلى باستغنائه عن الزوجة والولد وتنزُّهه عن الظُّلم ، ﴿وهو العزيز الحکيم﴾ فإضافة الى أنّ جميع الأسماء الحسنى لله ، وجميع المثل الأعلى والصفات الثبوتية والسلبية لله فهو عزيزٌ يُعزّ آل محمد ( عليهم السلام ) وحکيمٌ يحکُمُ بالعدل .
﴿ولو يؤاخِذ الله الناس بظُلمهم ما ترك عليها من دابةٍ﴾ ويا حبيبي لأجلِك ولأجل بركةِ وجود أهل بيتك ( عليهم السلام ) فالله يحلُم ولا يعجِّل العقوبة فلو يؤاخذ اللهُ النّاس بظلمهم لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وظُلمهم بشيعتهم لما تَرَكَ على الأرض دابةً من مخالفي آل محمدٍ ( عليهم السلام وجمعيّتهم !! ﴿ولكن يؤخِّرهم إلى أجلٍ مسمىً﴾ ولكن الله يمُهلهم ولا يُهملهم فيؤخّر عقابهم وأخذهم بظلمهم الى أجلٍ معيَّن محدّدٍ وهو يوم قيام قائم آل محمد ( عليه السلام ) ، ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون﴾ فإذا جاء موعد انتقام الله منهم بسيف المهدي ( عليه السلام ) فحينذاك فلا مُهلَةَ لهم ولا تأخير لعذابهم كما لا يستقدمون العذاب قبل قيامه ، ﴿ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أنَّ لهم الحُسنى﴾ وهؤلاء الكفرة مع أنهّم يكرهون البنات إلى حدِّ أنهّم وأدوها في التراب فمع ذلك انهّم ينسبون لله البنات وتصفُ السنتهم الإِدعاء الكذب أنّ لهم الجنّة ، ﴿لا جرَمَ أنَّ لهم النّار وأنهّم مفرطون﴾ حقّاً وعدلاً إنَّ لهؤلاء الكفرة من أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) جحيم النار جزاء كفرهم وظلمهم وكذبهم على الله وعدائهم للحقّ وأنهّم مُسبقون إلى النار من لحظة موتهم .
﴿تالله لقد أرسلنا الى أُمَمٍ من قبلك فزيَّن لهم الشيطان أعمالهم﴾ فيا حبيبي قسماً بذاتي : بالتأكيد لست أوّل نبيٍّ أو رسولٍ يعصى ويحُارب ويعادیٰ حيث أرسلت قبلك رسُلاً إلى الأقوام السالفة فزيَّن لهم الشيطان مخالفتهم للرسول ، ﴿فهو وليُّهم اليوم ولهم عذابٌ أليم﴾ فتالله يا رسول الله إنّ الشيطان هو وليُّ أعداء محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومولاهم ورئيسهم وقائدهم وزعيمهم وسيّدهم وبالتأكيد إنّ لهم عذابٌ أليم في الدنيا والآخرة ، ﴿وما أنزلنا عليك الكتاب إلاّ لتُبيّنَ لهم الذي اختلفوا فيه﴾ فيا حبيبي تالله ما أنزلنا عليك القرآن إلاّ لأجلِ أن تُبيّن للناس من هو الإِمام والوليُّ والخليفة من بعدك يحكُم بالقرآن وهو عليٌّ ( عليه السلام) ﴿وهُدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون﴾ فعندما تُبيّن لهم أنَّ الإِمام هو عليٌّ ( عليه السلام ) وأنّ الخلافة له من بعدك وهو الوصيُّ والوليُّ فإن لم يتركوا الإِختلاف لكنَّ ذلك يُوجب الهدى والرحمة للشيعة المؤمنين .
﴿والله أنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها﴾ فكما أنّ الله يحُيي بالأمطار النباتات والإِنسان والحيوان ويحُيي الأرض بعد الجفاف فكذلك بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) يحُيي القلوب الميّتة ويُزيل الإِختلاف ، ﴿إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يسمعون﴾ إنَّ في هذا المثال دليلٌ واضحٌ على أهميّة ولاية عليِّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وضرورته يفهمها القوم الذين يسمعون كلام الله ، ﴿وإنَّ لكم في الأنعام لعِبرَةً﴾ أيّها الناس إنّ لكم في التفكّر في شأن الأنعام عبرةً توصلكم إلى ضرورة نصب الإِمام المعصوم فكما أنّه لا بدَّ لها من راعٍ يرعاها فكذلك لا بُدّ للناس من إمام يقودهم ، ﴿نسقيكم ممّا في بطونه من بين فرثٍ و دمٍ لبناً خالصاً سائغاً للشّاربين﴾ فلولا رعاية الرّاعي للأنعام لما حصلتُم على فائدةٍ فيها من ألبانها التي هي نعمةٌ عظيمةٌ من الله ولذيذةٌ سائغةٌ شربها لكم وللحيوانات .
﴿ومن ثمرات النخيل والأعناب تتّخذون منه سَكَراً ورزقاً حسناً إنّ في ذلك لآيةً لقوم يعقلون﴾ وكذلك إنّ في الثمار الشهيّة المختلفة من التمور والأرطاب والأعناب التي تُوَلِّدون منها السُكَّر وساير الأغذية الحسنة دليلٌ على لزوم نصبِ الإِمام فلولا الفلاّح الذي يرعى النخيل والأشجار لما حصلت الثِّمار ، ﴿وأوحی ربّك إلى النَّحل﴾ فيا حبيبي لماذا يُصرُّ أعداء محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ (عليهم السلام ) على إنكار علم غيبهم واتّصالهم بالوحي والإِلهام الإِلهي إذ أنّ الله أوحى إلى النَّحل وهي حشرةٌ فكيف بيعسُوب الدين عليٌّ ( عليه السلام ) ، ﴿أن اتخّذي من الجبال بيوتاً ومن الشَّجر وممّا يعرُشون﴾ فأوحى الله الى النَّحل التي لا تسير ولا تنتقل ولا تتّخِذ بيتاً إلاّ تحت رعاية يعسوب لها وهو إمامها أن تَتَّخِذ من الأماكن الحصينة القريبة من الأوراد بيوتاً لتُنتج العسل ، ﴿ثُمَّ كُلي من كلِّ الثمرات فاسلُكي سُبُل ربّك ذُللاً﴾ وأوحی إليها أن تتّبع يعسوب النحل إلى الأوراد والأثمار فتأكلُ منها ثُمَّ تسلُك الطُّرق بسهولةٍ إلى مساكنها وتدَّخِر فيها رحيقها ، ﴿يخرُج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيها شفاءٌ للناس﴾ فلولا وحيُ الله لها وقيادة يعسوبها لما اهتدت للأثمار والأوراد ثُمَّ ببركة ذلك يخرُجُ العسل من رحيقها بأنواعٍ مختلفةٍ فيها شفاءٌ للنّاس ، ﴿إنَّ في ذلك لآيةً لقومٍ يتفكّرون﴾ إن في وحي الله للنَّحل وفي قيادة يعسوب النّحل للنّحل وفي خروج العسل اللّذيذ منها دليلٌ على أنَّ ولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) فيه شفاءٌ للناس يفهمُهُ من يتفَكَّر في ذلك .
﴿واللهُ خلقكم ثُمَّ يتوفّاکم ومنکم من يُرَدّ إلى أرذل العُمُر﴾ ودليلٌ آخر على ضرورة نصب الإِمام أنّ الله خلقكم أطفالاً لا تحتاجون للرّعاية حتىّ الوفاة ومنكم من يطول عمره حتى يرجع كالطفل الصغير لا بُدّ له من راعٍ ، ﴿لكي لا يعلم بعد علمٍ شيئاً إنّ الله عليمٌ قديرٌ﴾ فإن كنتم تقولون: إنّ الصغير والجاهل لا بُدَّ له من راعٍ فإذا بَلَغَ مرتبة الكمال في العلم فلا يحتاج إلى إمامٍ. لكنّنا نقول إن بقي العالم يرجع الي حدٍّ لا يعلم بعد علمٍ شيئاً فيحتاجُ الإِمام والله عليمٌ قديرٌ بذلك ، ﴿واللهُ فضَّل بعضكم على بعضٍ في الرّزق﴾ ودليلٌ آخر على لزوم نصب الإِمام أنّ الله فضَّل تكويناً لبعض النّاس على بعضهم في اكتساب الأرزاق ولولا إمامٌ يعدلُ في قسمة الأرزاق بينهم لهلك الفقراء ، ﴿فما الذي فُضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم﴾ فلولا إمامٌ عادلٌ يأخذ من الغنيّ حقّ الفقير فإنّ الذين فضَّلوا على غيرهم بالمال والثروة لا يُردّون ما اكتسبوه من الرزق على الفقراء ولو كانوا مملوكين لهم ، ﴿فهم فيه سواءٌ أفَبِنِعمَةِ الله يجحدون ؟﴾ ولكنّ الله سبحانه ينصبُ الإِمام العادل كعليٍّ ( عليه السلام ) وولده المعصومين فيحكمون بالعدل ويقسمون بيت المال بالسويّة ويُساوي عقيلاً ونفسه بغيره من الفقراء أفهل يجحدون نعمة ولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) من قِبَل الله ؟
﴿والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً﴾ ودليلٌ آخر على الإِمامة أنَّ الله هو الذي جعل للنّاس أزواجاً ورزقهم منها أولاداً وأحفاداً فكيف لا يكون الحسنان أبناء رسول الله وأولاده من الزهراء (عليها السلام) ؟؟ ﴿ورزقكم من الطيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون﴾ ودليلٌ آخر هو أنَّ الله هو الذي رزق الناس الطيّبات من النِّساء بالمتعة وشرَّعها لهم أفهَل يؤمنون بتحريم عُمّر لها ويكفرون بحلّيّة المتعة ويكفرون بالولاية التي هي نعمة الله لهم ؟؟ ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض شيئاً ولا يستطيعون﴾ وهؤلاء الذين يكفرون بنعمة الله التي هي ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) يعبدون من دون الله خلفاء الجور الذين لا يملكون إنزالُ المطر وإنبات الزَّرع ولا يستطيعون على الإِعجاز بالولاية التكوينية كآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿فلا تضربوا لله الأمثال إنّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ فيا أيّها الناس ويا أيّها المسلمون لا تضربوا لله الأمثال فتقولوا : إنَّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ثُعالةٌ شاهدُهُ عليٌّ ذنبه أو أنَّ علياً ثُعالةٌ والزهراء ذَنبه، فبالتأكيد إنّ الله يعلم فضله وأنتم لا تعلمون !
﴿ضرَبَ اللهُ مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدرُ على شيءٍ﴾ فاسمعوا الأمثال التي يضربها الله لكم ليستدلّ على ضرورة ولاية محمد وآل محمد ( عليهم السلام ) فضرب الله مثلاً أن يقْرنَ عبداً مملوكاً ليس له اختيارٌ وتدبيرٌ ولا يقدر على التصرّف بشيءٍ، ﴿ومن رزقناهُ منّا رزقاً حسناً فهو يُنفق منه سرّاً وجهراً هل يستوون؟﴾ أن يُقرن هذا برجل حرّ ثريٍّ مدبِّر عاقلٍ ينفق من الثروة في الخيرات والمبرّات والصالحات سرّاً مخلصاً لله وجهراً مشوّقاً لغيره ، فهل يستويان ؟؟؟ ﴿الحمدُ لله بل أكثرُهُم لا يعلمون﴾ فبديهيٌّ أنهّا لا يستويان في الفضل والقدرِ والمنزلة الإِجتماعيّة فهكذا أهل البيت والأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) إذا قُرنوا بغيرهم من الخلفاء فالحمد لله على فضل أهل البيت ( عليهم السلام ) وشرفهم على غيرهم لكنّ أكثر المخالفين يجهلون ، ﴿وضربَ اللهُ مثلاً رجُلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه أينما يوجّهه لا يأتِ بخير﴾ ومثلٌ آخر على أفضليّة الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) هو أن ضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أخرسُ عاجزٌ عن النُّطقِ وعلى العمل لا ينفع مولاه بل يُلقى كلَّهُ عليه ولا خيرَ لهُ إليه ولا فائدة ، ﴿هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو علی صراطٍ مستقيم﴾ فهل انّ هذا الأبکم العاجزيستوی شأناً مع مَن هُو بليغٌ فصيحٌ بل هو أفصح العرب ويأمُر بالعدل كعليِّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو علي صراطٍ مُستقيمٍ ويهدي الناس إليه فالجواب كلاً ثمَّ كلاّ وهيهات هيهاتَ وحاشا ، ﴿ولله غيب السماوات والأرض وما أمرُ الساعة إلاّ کلمحِ البصر﴾ فيا حبيبي إنَّ جميع الاُمور الغيبيّة هي بيد الله فالملائكة والوحي التي هي غيب السماوات بيده وغيبة المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) من غيب الأرض وما أمرُ ساعة انتهاءِ الغيبة وظهور المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) إلاّ كَرَمشَةِ العين سهولةً على الله ، ﴿أو هو أقرب إنّ الله على كلِّ شيءٍ قدير﴾ وكما أنَّ لمحَ البصر لا يطول في مقياس الزمان فكذلك مُدّة غيبة المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) بل هو أقربُ من لمح البصر بالنسبة الى الله وإحاطته بجميع الأزمنة والله قادرٌ على طول المدّة وإنهائها كذلك .
﴿والله أخرجكُم من بطون أُمّهاتكم لا تعلمون شيئاً﴾ ومثلٌ آخر على ضرورة نصبِ الإِمام المعصوم هو أنّ الله أخرجكم من بطون أُمّهاتكم جُهَلاء وعاجزون تحتاجون للرّعاية والتَّربية والتعليم والإِرشاد والتوجيه ، ﴿وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلَّكم تشكرون﴾ ثُمَّ جعل الله لكم السمع ويمكن أن يستفاد منه في الخير والشرّ والأبصار هكذا وجعل لكم الأفئدة فهي تميلُ للحق والباطل فلا بدّ من إمام يقودكم نحو الهدى لعلَّكم تشكرون نعمة وجود الإِمام .
﴿ألمَ يَرَوا إلى الطّير مسخَّراتٍ في جوّ السَّماء ما يمُسكُهُنَّ إلاّ الله إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون﴾ ومثلٌ آخَر هو طيرانُ الطّيور في الجوّ والطائرات المحلِّقة في الفضاء ، أفهل يمكنها أن تطير بدون أن تكون مسخَّرةً لنظام فيزيائي يمنعها من السّقوط ؟؟؟ ﴿واللهُ جعل لكم من بيوتكم سكناً وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً﴾ ومثالٌ آخر هو تولّي الله رعاية مصالح حياتكم الدنيويّة ورعاية شؤون معيشتکم فجعل لکم من بيوتکم مساکن للرّاحة وجعل البيوت لکم من جلود الأنعام وأوبارها ، ﴿تستخِفّونها يوم ظَعنِكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين﴾ وجعل الله لكم تلك البيوت والخيام خفيفةً للتنقُّل والرَّحل والإِقامة في البادية وفي رحلة الشِّتاءِ والصّيف وجعل من أصوافها وأوبارها وشعرها ملابِس وفُرُش لفترةٍ مُعيّةٍ ، ﴿واللهُ جعل لكم ممّا خلقَ ظلالاً﴾ ومثالاً آخر على رعاية الله لمصالحكم إنّه يعلم ضعفكم أمام حرارة الشمس المحرقة فجعل لكم من الأشجار وغيرها مظلاّت تُظِلُّ عليكم فكيف لا ينصِب لكم إماماً لِتَستظِلّون بظلِّه ؟؟ ﴿وجعلَ لکم من الجبال أکناناً﴾ والله سُبحانه اهتمَّ برعايتکم حتی جعل لكم من مغارات الجبال والسِّرب أماكن تستكِنّون فيها وتتحصّنون ، ﴿وجعل لكم سرابيل تقيكُم الحَرَّ وسرابيل تقيكُم بأسکم﴾ والله سبحانه بفضله ألبَسَکم السِّروال والثوب الذي يصون أجسادكم من رمضاءِ الهَجير ، وبرودة الشتاءِ ، وملابس حربيّةً تصونكم في حروبكم ، ﴿كذلك يُتِمُّ نعمته عليكم لعلّكم تُسلمون﴾ فلأنَّ الله يُريد خيرکم ومصلحتکم ويرعی شؤونکم فلهذا أتمَّ تلک النِّعَم عليکم بإکمال دينكم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لعلّكم تُسلمون لولايته وتطيعونه ، ﴿فإن تولّوا فإنمّا عليك البَلاغ المُبين﴾ فيا حبيبي إن تولّوا بعد ذلك عن ولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) فليس إلاّ الإِبلاغ الواضح بولايتهم إلى النّاس فقط واجبٌ عليك .
﴿يعرفون نعمة الله ثُمَّ ينكرونها وأكثرهم الكافرون﴾ فالمخالفون المنافقون يعرفون نعمة الله وهي ولاية عليٍّ ووُلدِه ( عليهم السلام ) ثُمَّ يُنكرونها وأكثرهم كافرون بنعمة ولاية أهل البيت وآل محمد ( عليهم السلام ) ، ﴿ويوم نبعث من كلّ أمةٍ شهيداً﴾ ويوم القيامة حينما يُبعَثُ الناس للحساب يَبعثُ الله من كلِّ أمّةٍ وجيلٍ إماماً معصوماً شهيداً شاهداً عليهم ، ﴿ثمّ لا يؤذن للذين كفروا ولا هُم يُستعتبون﴾ فعند ذلك لا يؤذن للذين كفروا بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) المعصومين أن يعتذِروا أو يطلبوا الشفاعة والعفو ولا هُم يعطون العُقبی والرّجوع الى الدُّنيا ، ﴿وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخُفَّف عنهم ولا هُم يُنظرون﴾ ففي يوم القيامة إذا رأى الذين ظلموا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم العذاب والنار الحريق وأغلالاً وسعيراً فلا يخُفَّفُ عنهم العذاب ولا يمُهَلون أبداً.
﴿وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربَّنا هؤلاء شركاؤنا الذين كُنّا ندعوا من دونك﴾ فإذا رأى الذين أشركوا بالله شِرك طاعةٍ وعبادةٍ بأتّباع خلفاءٍ الجور وأعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) يقولون : ربَّنا إنّ هؤلاء الذين أطعناهم واتّبعناهم فأشرِكهُم في العذاب ، ﴿فألقوا إليهم القول إنّكم لكاذبون﴾ فعند ذلك يقول خلفاء الجور والظُّلم من مخُالفي آل محمدٍ ( عليهم السلام ) لأتباعهم وأشياعهم وأحزابهم إنّكم لكاذبون لأنّنا لسنا أئمة معصومين ولم يأمرُ الله بطاعتنا وولايتنا ، (وألقَوا الى الله يومئذٍ السَّلَم وضلَّ عنهم ما كانوا يفترون﴾ وهؤلاء الخلفاء الظالمين الجائرين يُلقون أنفسهم بالإِستسلام والخضوع لحُِكم الله يومئذٍ فيحكُم عليهم بالعذاب ويَضِلّ عنهم كلّما كانوا يدَّعون كذباً من الولاية والإمامة وخلافة المسلمين ، ﴿الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يُفسدون﴾ فهؤلاء الذين كفروا بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وصدّوا النّاس عن التمسُّك بولايتهم والتشيُّع لهم زدناهُم عذاباً فوق العذاب في جهنَّم بما كانوا يُفسدون في الأرض .
﴿ويومَ نبعَثُ في كلِّ اُمّةٍ شهيداً عليهم من أنفسهم﴾ وفي يوم القيامة نَبعَثُ مع كلِّ أُمّةٍ وجيلٍ من المسلمين إماماً معصوماً شهيداً هو إمام زمانهم من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) فيشهَد عليهم وهو منهم ، ﴿وجئنا بكَ شهيداً على هؤلاء﴾ وفي ذلك اليوم نجيء بك يا رسول الله شهيداً شاهداً على هؤلاء الصَّحابة جميعاً فتشهَدُ على من والى أهل بيتك ( عليهم السلام ) ومن عاداهُم ، ﴿ونزّلنا عليكَ الكتاب تبياناً لکلِّ شیءٍ﴾ ويا رسول الله نحن نزَّلنا عليك القرآن لبيان کلّ شیءٍ من أُصول الدّينِ وفُروعه وأحكامه وسُنَّتهِ فكيف نترُكُ أمرَ خِلافة المُسلمين والولاية ؟ ﴿وهُدىً ورحمةً وبُشرى للمسلمين﴾ ونزَّلنا عليك القرآن لهداية المسلمين فكيف لا نهديهم لولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وأنزلناهُ رحمةً وبُشریٰ للمسلمين فكيف نَدَع أمرَ الولاية سُدیٰ ؟؟؟
﴿إنّ اللهَ يأمُر بالعدل والإِحسان﴾ فلأننّا أنزلنا القرآن تِبياناً لِكلِّ شيءٍ وهُدىً ورحمةً وبُشرى فبالتأكيد إنّ الله يأمُرُ فيه المسلمين بالعدل واتّباع عدل عليٍّ ( عليه السلام ) والتمسُّك بولايته والإِحسان بالتمسُّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿وإيتاءِ ذي القُربي﴾ واللهُ سبحانه في القرآن يأمُرُ بإيتاءِ حقِّ ذي القُربي من المودَّة والموالاة وإعطائهم حقوقهم الشرعيّة من الخُمس والنِّحلة أي فَدَك ومَنصبِ الخلافة ، ﴿ويَنهی عن الفحشاء والمُنكر والبغي﴾ واللهُ سبحانه في القرآن ينهى الناس عن الفحشاء والمعاصي والآثام والكبائر وينهى عن المنكر ومخالفة الحقّ ومُعاداة أهل البيت ( عليهم السلام ) ويَنهى عن البغي واتّباع خُلفاءِ الجَور، ﴿يَعِظكم لعلّكم تذَكَّرون﴾ والله سبحانه إنمّا يأمركم بالعدل والإحسان والموالاة لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومودَّتهم وينهاكم عن الفحشاء ومخالفتهم وطاعة أعدائهم لأنّه يَعظُکُم کي تَهتدواولا تَضِلُّوا .
﴿وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتُم﴾ أيّها المسلمون ويا صحابة رسول الله أوفوا بعهد الله إذا عاهدتُم الله ورسوله وبايعتُم عليّاً يوم الغدير بإمرة المؤمنين والولاية ، ﴿ولا تنقضوا الأيمْان بَعدَ توكيدِها﴾ فيا أيها المسلمون يا من بايعتم عليّاً ( عليه السلام ) بأمرِ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) يوم غديرخُمٍّ في حجَّة الوداع لا تنقُضوا الأيمْان والبيعة بعد أن أكَّدتُم بقولِكُم بَخ بَخٍ لكَ يا علي أصبَحتَ مولاي ومولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ ! ﴿وقد جعلتُم الله عليكم كفيلاً إنّ الله يعلم ما تفعلون﴾ إنّكم يوم الغدير سألتُم النبيَّ هل إنّ الأمر ببيعةِ عليٍّ ( عليه السلام ) من جانب الله ؟ فأجابكم نعم فبايعتموه وجعلتُم الله على ذلك شاهداً وكفيلاً فلا تنقضوا بيعته والله يعلم ما تفعلون ببيعتِهِ ، ﴿ولا تكونوا كالتي نقضَت غَزلهَا من بعد قُوّةٍ أنكاثاً﴾ فإنّكم إن كان لكم خدمة للإِسلام وللنبيّ وللمُسلمين فلا تُبطلوها بنقضِ بيعة عليٍّ ( عليه السلام ) كالّتي نقضت الغَزلَ التي غَزَلَتها قويّاً فأتلفَتها وجعلتها خيوطاً فكأنهّا لم تغزل ، ﴿تَتّخِذون أيمْانَكُم دَخَلاً بينكم﴾ فلا تكونوا مِثل المرأة الحمقاء التي نقضَت غَزلها فَنَتَّخِذون أيمْانکم مَدسوساً مکراً وخداعاً وزيفاً ونفاقاً فتُظهِرون الوِلاَء لعليٍّ ( عليه السلام ) وتُضمِرونَ العِداءَ لهُ ، ﴿أن تكون أُمَّةٌ هي أربیٰ من اُمّة﴾ ولا تنقضوا ولاية عليِّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) لأجل أن تكون الاُمّة المُعادية والمخالفة لهُ أكثرُ عدداً من أُمّة الشيعة والموالين لَهُ ، ﴿إنمّا يبلوکم الله بهِ وليُبيّن لکم يوم القيامة ما كنتُم فيه تختلفون﴾ إنّ كثرة عَدَدَ مخُالفي عليٍّ ( عليه السلام ) إنمّا هو إبتلاءٌ واختبارٌ يمتحنُكم اللهُ به ليرى ثباتكم على ولايته وبالتأكيد سيُبينّ لكم الله يوم القيامة حقيقة مقام الإِمام وعظمته شأنه الذي اختلفتم فيه .
﴿ولو شاء اللهُ لجعلكم اُمّةً واحدةً﴾ فيا أيهّا المسلمون لو أراد اللهُ أن يجُبرکم على ولاية عليٍّ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) لجعلكم أمّةً واحدةً موالية لأهل البيت ( عليهم السلام ) ومتمسّكةً بولايتهم ، ﴿ولكن يُضلُّ من يشاء ويهدي من يشاء ولتُسئَلُنَّ عمّا كنتم تعملون﴾ لكنَّ الله لا يجُبِر أحداً على شيءٍ بل خَلَقَ النّاس عُقلاء وكلَّفهم بالإِختيار فَقِسمٌ منهم يضلّون باختيارهم وآخرون يهتدون باختيارهم ويوم القيامة يحُاسبون علی اعمالهم ، ﴿ولا تتّخذوا أيمْانکم دَخَلاً بينکم فتَزِلَّ قَدَمٌ بعدَ ثبوتها﴾ فيا أيّها المسلمون لا تَتَّخِذوا أيمْانكم دَخَلاً بينكم بولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) نفاقاً بينكم تُظهِرون لهم الولاء وتُضمرون لهم العداء فتُخالفون عليّاً بعد أن بايعتموه فنزلّون بعد الولاء ، ﴿وتذوقوا السّوءَ بما صَدَدتُم عن سبيل الله ولکم عذابٌ عظيم﴾ فإذا فعلتم ذلك ونقضتُم ولاءَ عليٍّ ( عليه السلام ) فستذوقون الخزي والعار والذُّلّ والشقاء بما صددتُم عليّاً ( عليه السلام ) عن الخلافة وصددتُم الناس عن ولايته ولكم يوم القيامة عذابٌ عظيمٌ في جهنَّم .
﴿ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً﴾ أيّها المسلمون لا تبيعوا ولاءَ عليٍّ ( عليه السلام ) مقابل منفعةٍ دنيويّة قليلة وتشتروا بنقضِ بيعته رضى خُلفاء الجور ، ﴿إنمّا عند الله هو خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون﴾ فبالتأكيد والحصر واليقين إنَّ ثواب الله على ولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) وجنَّتَهُ ونعيمها هو خيرٌ لكم من الدنيا وملاذّها إن كنتم لا تجهلون ، ﴿ما عندكم يَنفَد وما عند الله باقٍ﴾ فما هو عندكم من لذائذ الدُّنيا التي تحصلون عليها مقابل نَقضِكُم لولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) من خُلفاء الجورينفد ويفنى وتبقى تبِعَتُه وما عند الله من الثواب على ولايته يبقى خالداً أبداً، ﴿ولَنجزِينَّ الذين صبروا أجرهم بأحسنَ ما كانوا يعملون﴾ وبالتأكيد سنجزي الشّيعة الذين صبروا على تحمُّل الأذى في سبيل ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) أجرَهُم وثوابهم بأحسَن وأفضل وأكثر ممّا تحمَّلوا من الأذى ، ﴿مَن عمل صالحاً من ذکرٍ أو اُنثى وهو مؤمِنٌ فَلَنُحيينَّهُ حياةً طيّبةً﴾ وقبلَ جزائنا لهم يوم القيامة فإنّ لكُِلَّ مَن عمَلَ صالحاً من المؤمنين والمؤمنات من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فنحيينَّهُ حياةً سعيدةً شريفةً بعِزٍّ وفخرٍ وعاقبةً على خيرٍ ، ﴿ولنجزينَّهم أجرهم بأحسَنَ ما كانوا يعملون﴾ وبالتأكيد أبعد أن نمنح المؤمنين الصلحاء من شيعة عليٍّ ( عليه السلام ) الحياة الطيّبة والممات على الولاية نجزينَّهم في الآخرة بأحسن ما عملوا من الطاعة بمراتب مضاعفة.
﴿فإذا قرأت القرآن فاستعِذ بالله من الشيطان الرجيم﴾ فيا حبيبي عليك أن تجعلها سُنّةً ثابتةً فإذا قرأتَ القرآن وأبلَغتَ النّاس به فتعوَّذ بالله من شرِّ الشيطان الرَّجيم وحزبه ، ﴿إنّه ليس لهُ سلطانٌ على الذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكَّلون﴾ فبالتأكيد إنّ الشيطان ليس لهُ سُلطانٌ على الشّيعة الذين آمنوا بالله وبولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) وعلى الله يتوكَّلون في حربهم مع الشيطان ، ﴿إنمّا سُلطانُهُ علی الذين يتولّونه والذين هُم به مشركون﴾ فينحصر سلطانُ الشيطان على المنافقين الذين يتولَّونَهُ والذين هم مشركون بالله شركَ طاعةٍ باتّباعهم الخلفاء الظالمين .
﴿وإذا بَدَّلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلمُ بما يُنزِّل﴾ وإذا بدَّلنا عليّاً مكان أبي بكرٍ في إبلاغ سورة البراءة للمُشركين أو نسخنا آية النَّجوى بأيةٍ اُخري وما شاكَل وكُلّ ذلك لمصلحةٍ عند الله واللهُ أعلمُ بمصلحة ما يُنزِّل ، ﴿قالوا إنمّا أنت مُفتَرٍ بل أكثرهم لا يعلمون﴾ فحينذاك يقول المنافقون لرسول الله إنمّا أنت مُفتَرٍ على الله الكَذِب وليس كذلك بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ ولا يعلمون الأسرار والمصالح الإِلهية ، ﴿قُل نَزَّلهُ روحُ القُدُس مِن ربّك﴾ فيا رسول الله قُل للنّاس جميعاً إنّ أمر ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) نزَّلهُ روح القدس من جانب الله عليك لتبلِّغه ولست مُفتَر بهِ ، (بالحقِّ ليُثبِّتَ الذين آمنوا وهدىً وبُشرى للمسلمين﴾ فروح القدس نزَّل أمر ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) من الله بالحقّ والغايةُ منه أن يُثَبِّتَ الذين آمنوا بالله ورسوله على الإِيمان والولاية كما ثَبَتوا ولأجل أن يَهتدي بولايته المسلمون ويُبَشَّرون بالجنّة ، ﴿ولقد نعلَمُ إنهّم يقولون إنمّا يُعلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ وبالتأكيد إنّنا نعلَمُ أنَّ المنافقين والمخالفين لولاية عليٍّ يقولون ، حينما يسمعون إبلاغ الولاية منك : إنمّا يُعَلِّمُهُ بذلك سلمانُ الفارسيّ !! ﴿لسانُ الّذي يُلحِدونَ إليه أعجَميٌّ وهذا لسانٌ عربيٌّ مُبين﴾ لكنّهم كيف ينسبون آيةَ التّبليغِ أو الولاية لتعليم سلمان للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ويُنكرون وحيَ الله و يُلحدون بذلك إذ أنَّ لسان سلمان أعجميٌّ والآيات النازلة هي بلسان عربيٍّ بليغٍ .
﴿إنَّ الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذابٌ أليمٌ﴾ فبالقطع واليقين إنّ الذين لا يؤمنون بالآيات القرآنيّة النّازلة في ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لا يهديهم الله لطريق الجنّة أبداً ولهم عذابُ جهنّم المؤلم . ﴿إنمّا يفتري الكذِبَ الذين لا يؤمنون بآيات الله وأُولئك همُ الكاذبون﴾ فليس إلاّ أنّ المفتري بالآيات كذباً على الله كآيةِ الرَّجم وغيرها هُمُ الذين لا يؤمنون بآيات الله النازلة في ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وأُولئك هُمُ الكاذبون على الله .
﴿مَن كَفَر بالله من بعد إيمانه إلاّ مَن اُكرِهَ وقَلبُهُ مُطمئِنٌّ بالإِيمان﴾ فاعلموا أنّ من يكفر بالله بعد أن أظهر الإِسلام والإِيمان سوى من اتّقی واضطرَّ بإظهار الكُفر مع إضماره الإِيمان كعمّار بن ياسر حين التعذيب ، ﴿ولكن شَرَحَ بالكُفر صدراً فعليهم غَضَبٌ من الله ولهم عذابٌ عظيم﴾ لكنَّ من كفر بالله دون تقيّةٍ أو إكراهٍ بل شَرَح بالكُفر صدراً ولم يتولَّ عليّاً ( عليه السلام ) وأصرَّ على النِّفاق فعليهم غَضَبٌ من الله ولهم عذابٌ عظيمٌ يوم القيامة ، ﴿ذلك بأنهّم استحّبوا الحياة الدُّنيا على الآخرة وأنَّ اللهَ لا يهدي القومَ الكافرين﴾ ذلك نتيجةٌ حتميّةٌ لأنهّم استحبّوا شهوات الحياة الدُّنيا المحُرَّمَة على ثواب الآخرة من ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وذلك لأنَّ الله لا يهدي القوم الكافرين بولايته للجنّة ، ﴿أُولئك الذين طَبَع اللهُ على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأُولئك هُمُ الغافلون﴾ فالمخالفون لولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) هُمُ الذين طَبَعَ اللهُ على قلوبهم بالنّفاق باختيارهم ذلك وعلى سمعِهم وأبصارِهم غشاوة بإرادتهم السيّئة وهمُ الغافلون عن ولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿لا جَرَم أنهّم في الآخرة هُمُ الخاسرون﴾ فكما أنهّم غافلون عن الحقِّ وعن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لاجَرمَ وحقّاً أنهّم في الآخرة هُمُ الخاسرون لثواب الولاية والجنّة وهُمُ المتَلّقون لجزاءِ غفلتهم عن ولايته .
﴿ثُمّ إنّ ربَّك للذين هاجروا من بعد ما فُتنوا﴾ وعلى عكسِ خُسران أُولئك الغافلون عن الولاية هُمُ الذين هاجروا لله وعلى ولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) كهجرة الحُسين وصحبِهِ من المدينة الى مكّة ومنها الى كربلاء بعد أن أصابتهم فتنةُ الأعداء وامتحنهم الله ، ﴿ثُمَّ جاهدوا وصبروا إنَّ ربَّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ﴾ وبعد أن هاجروا في سبيل الله على الولاية فجاهدوا أعداء الولاية وصبروا على أذاهُم فبالتأكيد إنََّ الله بعد ذلك يغفرُ للشّيعة ويرحمهم ، ﴿يوم تأتي کُلُّ نفسٍ تجِادِلُ عن نفسها)﴾ أمّا ذوي النّفوس المريضة ففي يوم القيامة تأتي كلّ نفسٍ منها مُنافقةٍ مخُالفةٍ لولاية عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) يوم القيامة تحُاجِجُ جَدَلاً لِتُنقِذَ نَفْسَها من العذاب ، ﴿و تُوَفّیٰ كُلُّ نفسٍ ما عَمَلت وهُم لا يُظلَمون﴾ وهل ينفعُ الجدال ذلك اليوم كلاً فستُجازیٰ كلّ نفسٍ جزاءَ ما عَمَلَت في الدُّنيا حَسَب العدل الإِلهي ولا يُظلَمُ أحدٌ في الجزاء .
﴿وضرَبَ اللهُ مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغداً من كلّ مكانٍ﴾ وبعد تلك الأمثال الكثيرة يضيف مثالاً آخَر فَضَرَبَ الله مثلاً أهل قريةٍ لأُمّةٍ كانت آمِنَةً من الأخطار مُطمئنّةً من العذاب يأتيها الرِّزق الواسع من جميع الجهات ، ﴿فَكَفَرت بأنعُمِ الله فأذاقها اللهُ لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون﴾ وكم أُمّةً سالفةً كانت كذلك فكفرت بنعم الله عليها وعصت الرسل فأذاقها الله الفقر والمرض والهلاك والدّمار والذلّة بكُفرانها نعم الله فلا تكفروا نعمة الولاية ، ﴿لقد جاءهم رسولٌ منهم فكذّبوه فأخذهم العذاب وهُم ظالمون﴾ وبالتأكيد إنّ الاُمَم الهالكة جاءهم رسولٌ من جنسهم من قِبَلِ الله فكذّبوه ولم يُعطوه فأخذَهُم الله بالعذاب المُهلِك وهُمُ ظالمون لأنفسهم وللرسل ، ﴿فكلوا ممّا رزقكم الله حلالاً طيّباً واشكروا نعمة الله إن كُنتم إيّاه تعبدون﴾ فيا أيّها المسلمون كذلك أنتُم رزقناكم مِثلَهُم فكُلوا ممّا رزقكم اللهُ حلالاً طيّباً لا غصباً ونهباً من يد الخُلفاء واشكروا نعمةَ الله عليكم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) إن كنتم تعبدون الله ولا تعبدون الخلفاء .
﴿إنمّا حرَّم عليكم الميتةَ والدَّمَ ولحمَ الخنزير وما أُهِلّ لغير الله بِهِ﴾ فكما أنّ الله حرَّمَ عليكم أكل الميتة والدَّم ولحم الخنزير كذلك حرَّم عليكم ما أُهِلَّ به لغير الله واغتُصِب ظُلماً وقُدِّم قُرباناً للأصنام والخُلفاء والحُكّام ، ﴿فَمَن اضطُرَّ غيرَ باغٍ. ولا عادٍ فإنّ الله غفورٌ رحيم﴾ أمّا من اضطُرَّ من المسلمين بالإِكراه والإِجبار أو الضَّرورة القُصوى لإِنقاذ النَّفس من التَهلُكة ولم يکن باغياً مُعتدياً مغتصباً ناهِباً فأكَلَ من الحرام فالله يغفرُ له ويرحمُهُ ، ﴿ولا تقولوا لما تَصِفُ ألسنتكُم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرام﴾ أيّها المخالفون لولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لا تقولوا لما تَصِفُ ألسنتکم وتُشَرِّع بدعةً في الإِسلام كذباً وخلافاً لشريعة محمدٍ وآلهِ ( عليهم السلام ) فتُحرّمون من حلال محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وتُحَلِّلون حَرامَه كالمتعة وغيرها ، ﴿لتَفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون﴾ تحُرّمون الحلال وتُحَلِّلون الحرام لكي تفتروا على الله شريعةً كذباً إذ أنَّ حلالَ محُمَّدٍ وحرامهُ من قِبَلِ الله وأنتم تُغيّرونه وليس من قبل الله بل هو افتراءٌ عليه بالكذب فإن فعلتموه فلن تُفلحوا أبداً ، ﴿متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليم﴾ فإن قيل كيف لا يُفلحون بعد تحريمهم الحلال وتحليلهم الحرام وهُم قد حكموا وملكوا سنين طوال ؟ فالجواب أنّه متاعٌ قليلٌ في الدنيا ولهم عذابٌ أليمٌ في جهنَّم ، ﴿على الذين هادوا حرَّمنا ما قَصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ فيا حبيبي إن يحُرّموا ويحُلّلوا خلافاً لك فإنّا سَبَقَ أن حرَّمنا على اليهود ما قصصناهُ عليك قبلَ هذا وهو صيدُ يوم السّبت والشحوم لكنّهم حَلَّلوها فانتقمنا منهم وما ظلمناهم بل هُم ظلموا أنفسهم وسنفعل بهؤلاء مثله ، ﴿ثُمَّ إنّ ربَّك للذين عملوا السوء بجهالةٍ ثُمَّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنَّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ﴾ ومع أنّنا سننتقم من هؤلاء المبتدعين كانتقامنا من اليهود إلاّ أنّ ربّك لمَِن فعل ذلك ثُمَّ تاب وتمسَّكَ بالولاية وأصلح واتّقى فإنّ الله بعد التوبة يغفر له ويرحمه كحُرِّ بن يزيد الرياحي مثلاً .
﴿إنّ إبراهيم كان أُمّةً قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين﴾ يا حبيبي إنّ دين التوحيد مشروطٌ بالإِمامة والولاية فإنّ إبراهيم الموحِّد كان إماماً مع كونه نبيّاً وكان مُطيعاً للهِ وكان على الحنيفيّة القيِّمة ولم يُداهِن المشركين ، ﴿شاكراً لأنعُمِهِ اجتباهُ وهداهُ الى صراطٍ مستقيم﴾ ولأنّ إبراهيم كان قانتاً لله وحنيفاً وعلى الدّين القيّم ولم يُداهن المشركين وشاكراً لنعم الله اجتباه الله وهداه إلى الولاية والإِمامة فلا ينالها من لم يكُن كذلك ، ﴿وآتيناهُ في الدنيا حَسنةً وإنّه في الآخرة لمن الصالحين﴾ فآتينا إبراهيم على الدُّنيا الولاية والإِمامة في الدنيا وجعلنا في ذريّته النبوّة الإِمامة وهي تمام الحسنة التي آتيناه وهو في الآخرة سيكون في زُمرة الأولياء الصالحين والأئمّة المعصومين ، ﴿ثُمَّ أوحينا إليك أن اتّبع مِلَّة ابراهيم حنيفاً وما كان من المشركين﴾ ولولا أن نُعطي إبراهيم مقام الولاية والإِمامة لما كلّفناكَ باتّباعه فبعد إمامته أوحينا إليك أن اتّبع مِلّة إبراهيم الحنيفيّة ولا تركن إلى المُشركين .
﴿إنمّا جُعِلَ السَّبتُ على الذين اختلفوا فيه﴾ يا حبيبي نحن نعلم أنّ الأمر بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) سيوجِب الإِختلاف من اُمّتِك بالنسبة لذلك لكنّنا إنما جعلنا السَّبتَ على اليهود فكُنّا نعلم أنّهُم سيختلفون فيه ، ﴿وإنَّ ربَّك لَيَحكُم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ وبالتأكيد إنّ الله الحَكَمُ العدلُ وسيحكُم بين الذين يختلفون حول أمر الله ووحيه يوم القيامة بالحُكم العادل والجزاء الكامل بالنسبة لما اختلفوا حوله .
﴿اُدعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة﴾ فيا رسول الله اُدعُ النّاس إلى ولاية عليٍّ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) بالحكمةِ العقليّة والعمَليّة والحِكمَةِ في الدَّعوة وبالموعظة والنَّصيحة والإِرشاد والتوجيه والإِتعاظ ، ﴿وجادِلهم بالتي هي أحسن إنَّ ربَّك هو أعلمُ بمن ضلَّ عن سبيله وهو أعلمُ بالمهتدين﴾ ويا حبيبي إن جادَلَك المخالفون لولاية عليٍّ ( عليه السلام ) فجادلهم بالأدلّة التي هي أحسنُ في إفحامِهم وإلزامهم إنّ الله أعلم منك بمن ضلَّ عن الولاية وهو أعلمُ بالشيعة المهتدون ، ﴿وإن عاقَبتم فعاقِبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتُم لهو خيرٌ للصّابرين﴾ وإن عاقبتم الظالمين من النّاكثين والقاسطين والمارقين والمنافقين والمخالفين والغاصبين فعاقبوهم بمثل ما عوقبتُم به اُذيتُم وظُلمتُم ولو تصبروا ولا تزيدوا على القصاص المُثَلةَ فهو أحسنُ لكم ، ﴿واصبرو وما صبرُك إلاّ بالله﴾ فيا حبيبي إصبر على عناد المنافقين وعدائهم لعليٍّ ولأهل بيتك ( عليهم السلام ) ومخُالفتهم لهم وأذاهم لك ولهم ولا تتمكَّن من الصَّبر إلاّ بمعونة الله ، ﴿ولا تحزَن عليهم﴾ ولا تحزن يا حبيبي على مخُالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) ومُنكري ولاية عليٍّ ووُلدِه ( عليهم السلام ) بأنهّم يدخلون نار جهنَّم ويخسرون سعادة الدُّنيا والآخرة لتركِهِمُ الولاية ، ﴿ولا تَكُ في ضيقٍ ممّا يمكرون﴾ ولا تهتَّم ولا تغتمَّ يا حبيبي ممّا يمكُرُ هؤلاء المنافقون بعليٍّ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) في حياتك وبعد مماتك ويغدرون بهم ويظلمونهم ، ﴿إنَّ الله مَعَ الذين اتّقوا والذين هُم محُسنون﴾ بالتأكيد يا حبيبي إنّ الله معَ عليٍّ والأئمّة المعصومين من آلِك ( عليهم السلام ) وشيعتهم والذين هُم محُسِنون بالتمسُّك بولايتهم والإِقتداء بهم فهو سينصُرُهم حتماً ، ( صدق الله العليّ العظيم ) .
﴿اللهمّ اجعنا من الذين اتّقوا والذين هم محسنون بحقِّ محمدٍ وآله الطاهرين) .

نشر في الصفحات 395-369 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *