سورة النحل
2016-06-18
سورة الواقعة
2016-06-18

(18)
سورة طه

﴿بسم اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيم طۤهۤ ﴾ بإسم ذاتي الواجب وُجودُه الموجِدِ للموجودِ المُتَّصِف بالرَّحمة الواسعة في الإِيجاد والمُختَصّ برحمتِه من يشاءُ من خلقِهِ أوحي إليك يا طۤهٰ يا محُمَّد الطُّهرُ الطّاهر تکويناً من کلِّ سوء ، ﴿ما أنزلنا عليك القرآن لتشقیٰ﴾ نحنُ ، ای أنا وأمين الوحي لم نُنزِل عليك وحيَ القرآن دفعةً واحدةً وبتدريجٍ لِتَقرَأهُ على النّاس لكي تشقیٰ بعداء المُنافقين لكَ ولأهل بيتك ( عليهم السلام ) ، ﴿إلاّ تذكِرَةً لمَِن يخشیٰ﴾ فأنت لا تشقیٰ بكثرة العبادة والجهاد لله لكنّك يَشُقُّ عليك إعراضُ الناس عن ولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) ونحنُ لم نُنزِل القرآن إلاّ ليتذكَّر بهِ مَن يخشیٰ الله فلا يَترُك الولاية ، ﴿تنزيلاً ممَِّن خَلَقَ الأرض والسَّماوات العُلیٰ﴾ والقرآن الذي أوحيناهُ إليك تذكرة لمَِن يخشیٰ الله بولايتك وولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) ليس إلاّ تنزيلاً من الله الذي خلق الكَوْنَ وهُوَ أعلمُ بمصالِحِهِ ولزوم وَليٍّ للكوْن .
﴿الرَّحمٰنُ على العرش استوی﴾ فالله الذی وَسَعَت رحمته جميع خلقه فنصب لهم وليّاً من قِبله يتولىّ شؤونهم التكوينيّة والتشريعيّة هو الذي استوى على عرشِ القدرة والعظمة وليس جسماً ، ﴿لهُ ما في السماوات وما في الأرض وما بينها وما تحت الثَّرى﴾ فللّه الرَّحمن القادر المُتعال مِلكيّة كلّ ما في الوجود ولهُ الولاية التكوينيّة لما في السماوات والأرض وما بينهما من المخلوقات وما تحت الأرض من الموجودات ، ﴿وإن تجَهَرْ بالقول فإنّه يعلمُ السِّرَّ وأخفیٰ﴾ فيا حبيبي إنََّ الولاية لله وقد نَصَبَك لها ونَصَبَ عليّاً والأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) لها فإن تُعلِن بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) فالله يَعلَمُ من يضمر له الولاء ويخُفي له العداء .
﴿الله لا إلۤه إلاّ هُوَ لهُ الأسماء الحُسنیٰ﴾ فيا حبيبي إنّ الله واحدٌ لا شريك له ولا ربَّ سواه ولهُ الأسماءُ الحُسنى ومنها إسمُ العليِّ وقد اشتقَّ إسم عليٍّ ( عليه السلام ) من إسمه وقد طابق عددُ إسمه بعدد لا إله إلاّ هو فهو وليُّه ، ﴿و هل أتاك حديثُ موسی؟﴾ ويا حبيبی إنَّ الله خلقَ عليّاً ( عليه السلام ) من نورِك ومِن نورِهِ وكان مع الأنبياء سِرّاً وهو معك جهراً فهل تعلمُ فضائلهُ قبل ولادته وهل أتاك قصّة موسی النبیّ ؟؟ ﴿إذ رأیٰ ناراً فقال لأهله امکثوا إنّی آنستُ ناراً﴾ فإنّ موسی کان فی سيناء فرأى ناراً من بُعدٍ فقال لزوجته وعائلته امكُثُوا في سيناءَ إنّي بَصُرتُ شُعلَةً تَتَوقَّد من جانب الغَريّ بالعراق ، ﴿لعلّي آتيكم منها بقَبسٍ أو أجدُ على النّار هُدیٰ﴾ فقال لعلَّ أن آتيكم بجَذوةٍ من هذه الشُّعلَة الوَقّادة لتِدفِئُكُم أو لعلَّ أن أجِدُ مَن جانِبِ الغَريّ نورَ الولاية والهِداية ، ﴿فلمّا أتاها نُودِيَ يا موسى﴾ فَقَصد الشُّعلَة الوهّاجة المضيئة فلمّا أن وصل الى طور النَّجف عند مرقد آدم ونوحٍ وهودٍ وصالحٍ فإذا النور يخاطبه يا موسى ، فإذا بها ليست ناراً بل نوراً مُضيئاً مُشرِقاً، ﴿إنّي أنا ربُّك فاخلع نَعلَيْكَ إنّك بالوادِ المقدّس طُوى﴾ فإذا بنور الله يقول له إنّي أنا ربُّك فاخلع نعليكَ احتراماً وتعظيماً وتجليلاً لأنّك بالوادِ المُقدَّسِ وادي السَّلام ووادي طُویٰ والغَريّ .
﴿وأنا اخترتُك فاستمِع لما يُوحیٰ﴾ فقال الله لموسى : إنّني اخترتُكَ للرّسالةوالنُبُوّة والوحي بواسطة تجلّي النور على الشجرة فاستمع لما يُوحي إليك منّي : ﴿إنّني أنا الله لا إلٰه إلاّ أنا فاعبُدني وأقِمِ الصَّلاةَ لذكري﴾ : إنّني يا موسى لَستُ مَلَكاً ولا جِنيّاً أتكلَّمُ معكَ بل أنا الله لا إله غيري خالق للخلق فاعبدني يا موسى ولا تعبُد الفراعِنة والطُغاة وأقِمِ الصَّلاة لعبادتي بحضور القلب ، ﴿إنّ الساعة آتيةٌ أكادُ اُخفيها لِتُجزیٰ كُلّ نفسٍ بما تَسعیٰ﴾ فبالقطع واليقين يا موسى إنَّ ساعة القيامة آتيةٌ حتماً لكنّني بحكمتي وتدبيري ساُخفي موعدها، والعلّة من البعث كي تجُزیٰ كُلّ نفسٍ جزاء ما تسعى بعملِهِ في الدُّنيا ، فلا يَصُدّنَّك عنها من لا يؤمن بها واتّبَعَ هَواهُ فتردى﴾ فيا موسى لا يصدُّنَّك عن الإِستعداد للقيامة بالعمل الصالح والعبادة لله من لا يؤمن بالمعاد ومن لا يؤمن بالحساب والجزاء واتّبَع هَواهُ كَفِرعَون وحزبِه فتهلِك . ﴿وما تلك بيمينك يا موسى﴾ ، فبعد أن جعل الله عصى موسى مُعجزةً له لإِثبات رسالته وهو بعدُ لا يعلم به سأله ليفتنه قائلاً : ما هِیَ، التی تماسکها بيمينك يا موسى ؟ ﴿قال هيَ عصايَ أتوكّأُ عليها وأهُشُّ بها على غنمي ولي فيها مآربُ أخرى﴾ فأجاب موسى حسبَ عِلمه السّابق قائلاً إنهّا العصى التي أعطانيها شُعيَبُ أتّكِىء عليها وأهُشُّ بها الغنم وأطرُد بها الذِّئاب وأحفر بها الأرض واُعلِّقُ الركوة عَليها وأجمع الحطب بها وووو ، ﴿قال ألقِها يا موسى فألقاها فإذا هي حيَّةٌ تسعى﴾ فقال الله يا موسى : ألقِ عصاكَ على الأرض لتریٰ المعجزة ، فألقاها موسى فإذا رآها بشكل حيّة تزحف على الأرض !! ﴿قال خُذها ولا تخف سنُعيدها بسيرتها الأولى﴾ فقال الله لموسى يا موسى هذه معجزةٌ لك فخذ عصاك بيدَك فستَرجِع كما کانت ولا تَخَف منها لأنّها انقلبت حيّة فمتی مسکَتها سنُعيدها عصیً کما کانت ، ﴿واضمُم يدك إلى جناحِك تخرُج بيضاء من غير سوءٍ آيةً اُخریٰ﴾ ثُمَّ قال الله لموسى سأجعَلُ لكَ مُعجزةً اُخریٰ فأدخِل كفَّك تحت اُبطِك وأخرِجْها فَستَكون مضيئةً بيضاءَ من غير بَرَصٍ تَشُعُّ نوراً، ﴿لِنُرِيَكَ مِن آياتنا الكُبریٰ﴾ فإذا فعلتَ ذلك فسوف ترى كفَّك يَشُعُّ نوراً مُضيئاً وترى أكبَر دليلٍ على رسالتك وأكبر آيةٍ على الإِعجاز والولاية التكوينيّة .
﴿إذهب إلى فرعون إنّه طغى﴾ فبعد أن اختار اللهُ موسى لرسالته وأعطاهُ المعجزة والولاية التشريعيّة والتكوينيّة المحدودة كلَّفَهُ بالرسالة الى فرعون ليدعوه للإِيمان بالله وترك الطُّغيان ، ﴿قال ربِّ شرح لي صدري ويَسِّر لي أمري واحلُل عُقدة من لساني يفقهوا قولي﴾ فحينذاك أخذ موسى يدعو وَيَبتَهِل قال : إلۤهي أعطني الصَّبر والحِلم وسَهِّل ليَ العقبات واحلُل عُقدةً من لساني فسَبَقَ مِن فرعون على أن تكفلني طفلاً وليس عُقدةً في النُّطق ونقصاً ، ﴿واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اُشدُد بهِ أزري﴾ ودَعاهُ أيضاً قائلاً إلهي واجعل لي وزيراً ووصيّاً ومُعيناً لي في رسالتي مَن هُوَ مِن أهلي ورَحِمي هارون أخي وقَوِّ بِهِ عَضُدي وظهري ، وهكذا أنتَ يا محُمَّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حين أردت علياً ( عليه السلام ) وزيراً ، ﴿وأشرکهُ في أمري کي نُسبِّحك کثيراً ونذکرك کثيراً﴾ وطلب موسی من الله أن يُشرك هارون في الرّسالة والولاية فَفَعَل فلماذا يعتَرِض المنافقون عليك يا حبيبي أَن نصبنا عليّا ( عليه السلام ) للولاية والإِمامة وقد ضمن موسى لله التّسبيح والذكر الكثير كما فعلتَ أنت ، ﴿إنّك كُنت بنا بصيرا﴾ فأضاف موسیٰ قائلاً إلهي إنّك حينما اخترتني وحينما تختار هارون كُنتَ بصيراً بِنا وبِلياقَتِنا وقابليّتنا فلا يَنال الولاية مَن لم يَكُن أهلاً لها، ﴿قال قد أُوتيت سُؤلَك يا موسیٰ﴾ فاستجاب الله دعاء موسیٰ وأجاب طَلَبَهُ قائلاً قد أعطيناك ما سألت يا موسى وهكذا يا حبيبي قد أعطيناك سؤلك في علي ( عليه السلام ) فجعلناهُ وزيراً ووصياً لك .
﴿ولقد مَنَنّا عليك مرّةً اُخریٰ﴾ فقال الله لموسى بالتأكيد مَنَنّا عليك بنَِصبِ هارون وزيراً لَكَ مرّة اُخریٰ بعد أن مَننّا عليك مراراً وقد كنت طفلاً ، ﴿إذ أوحينا إلى أمِّك ما يُوحیٰ﴾ والمنّة الاُولى عليك حينما كنتَ طفلاً رضيعاً وكان فرعون يقتُل الأولاد فأوحينا وحيَ إلهامٍ. الى اُمِّكَ أو بخطاب ملكٍ من الملائكة ، ﴿أن اقذفيه في التّابوت فاقذفيه في اليمِّ فليُلْقِه اليَمُّ بالسّاحِل﴾ فأوصينا إليها أن ضعي موسى في صندوقٍ وألقيه في النيل كي توصله أمواج النيل الى ساحل الأمان من فرعون وبطشه، ﴿يأخُذُهُ عَدوٌّ لي وعَدوٌّ لهُ وألقيتُ عليك محَبَّةً منيّ ولِتُصنَع على عيني﴾ فلم نُوحِ إليها بأنَّ فرعون عَدوُّ الله وعدوُّ موسى سيأخذه بل أمرناها بذلك كي يأخذه فرعون ويتخذه ولداً وألقينا محبّة فرعون وزوجته عليك لكي تُربّیٰ تحت رعاية الله ، ﴿إذ تمَشى اُختُك فتقول هل أدلّكم على من يكفُلُه فرجعناك الى اُمِّك كي تَقَرَّ عينها ولا تحزن﴾ وعندما امتنعتَ من الرضاع من غير اُمّك أرسلت اُمُّك اُختَك الى قصر فرعون لتقول أنهّا تدلهُّم على إمرأةٍ صالحةٍ ربمّا يرتضع منها، فهكذا رجعناك إليها كي تأنَسَ بك وتُناغيك ، ﴿وقَتلتَ نفساً فنجّيناك مِنَ الغمّ وفتنّاكَ فتوناً﴾ ولقد مننّا عليك حينما قتلتَ نفساً قِبطيّاً من دون أن تقصد قتله فأرادوا قتلَكَ به فنجّيناك من الخوف وابتلوناك وامتحنّاك اختباراً ، ﴿فلبِثتَ سنينَ في أهل مَدَينَ ثُمَّ جِئتَ على قَدَرٍ يا موسى﴾ فمكثتَ عشر سنين عند شعيبٍ في مدين بعد أن تزوَّجتَ بنتَه ثمَّ جئت إلى هنا وقد بلغت الأربعين سنّ الكمال فاخَّترتُك للرسالة يا موسى ، ﴿واصطنعتُك لنفسي إذهب أنتَ وأخوكَ بآياتي ولا تَنِيا في ذکري﴾ واخترتُك يا موسى لِنَفسي بالرّسالة لتؤدّي وحيي إلى الناس إذهَب أنت وهارون بالتوراة لِتُبلّغها ولا تُغيِّر أو تَتَأنَّيا في إبلاغ الوحي .
﴿إذهبا إلى فرعون إنّه طغى فقولا له قولاً ليّناً لعلَّهُ يتذكر أو يخشیٰ﴾ واذهبا لإِبلاغ الرسالة الى فرعون الذي طغى بادّعائه الرّبوبيّة فقولا له كلاماً ليّناً ليرجع عن طغيانه وغيّه فبالقول الليّن لعلّه يتذكّر أنّه مخلوقٌ ويخشی خالقهُ ويتوب ، ﴿قالا ربَّنا إنّنا نخافُ أن يفرُط علينا أو أن يطغى﴾ فلمّا أمَرَ الله موسى وهارونَ بالذّهاب الى فرعون أجابا بالإِمتثال لكنّهما أعلنا قَلَقَهُما وخوفهما من زيادة طغيانه ولم يخافا على نفسيهما بل خافا أن يستعجل بعقوبتهما ومنعهما من أداء الرّسالة ، ﴿قال لا تخافا إنّني معكما أسمَعُ وأریٰ﴾ فقال الله لموسى وهارون لا تقلقا ولا تخافا أن يمنعکما فرعون من إبلاغ الرسالة وهداية الناس فأنا معكما أنصُركما وأحميكما فأنتما بمسمعٍ منّي ومرأى ، ﴿فأتياهُ فقولا إنّا رسولا ربّك فأرسِل معنا بني إسرائيل ولا تُعَذَِّبهم﴾ وأمَرَهُما قائلاً إئتيا فرعون وقولا لَهُ إنّا كُلّفنا من قِبَل الله بإبلاغك رسالته وهي أن تُرسِل بني إسرائيل مَعَنا إلى الشام وفلسطين ، وينهي اللهُ أن تُعَذِّبَهُم وتَشُقّ عليهم وتمنعهم حُرّياتهم ، ﴿قد جئناكَ بآيةٍ من ربّك والسَّلامُ على من اتّبع الهُدى﴾ وقولا لفرعون إنّنا لإِثبات مُدَّعانا بالرِّسالة جئناكَ بمعجزةٍ من الله الذي هو ربّك وخالقك فإنّ السلامة والسعادة لمن آمن بالله واهتذى ، ﴿إنّا قد اُوحِىَ إلينا أنَّ العذابَ على مَن كذَّب وتولّیٰ﴾ وهدِّداهُ إن لم يؤمن وقولا له إنا قد أوحی الله إلينا أنَّ العذاب من قبل الله سينزل على من كذَّب برسالتنا وتولّى عن الإِيمان بالله ، ﴿قال فَمَن ربّكما يا موسى ؟﴾ فلمّا ذهبا بالرّسالة الى فرعون وأبلغاهُ بها قال فرعون : هل هُناك ربٌّ غيري فمَن هُوَ هذا الذي هو ربّكما يا موسی ؟ ﴿قال ربّنا الذي أعطى كلّ شيءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدیٰ﴾ فأجابَهُ موسى قال ربُّنا اللهُ الذي مَنَحَ الوجودَ للموجودات وخلَق كل شيءٍ من المخلوقات ثُمَّ وهب الحياة للأحياء وهداها لمنافعها ، ﴿قال فما بال القرون الأولى ؟﴾ فقال فرعون : إن كان ربّك هو خالقُ الخلق جميعاً فما بال الأقوام الماضية كقوم نوحٍ وعادٍ وثمودٍ وهودٍ وصالحٍ. ولوطٍ لم يؤمنوا بالله ربهّم ؟
﴿قال عِلمُها عند ربّي في كتابٍ لا يضلّ ربّي ولا يَنسى﴾ فأجابَهُ موسى قال : إنَّ العلم بأحوال القرون والاُمَم الماضية وأعمالِهِم عند الله مُسجَّلٌ في اللّوح المحفوظ لا يغفل الله عن أعمالهم ولا ينسى ما عملوا فسيُجازيهم بها ، ﴿الّذي جعل لكم الأرض مَهداً وسلك لكم فيها سُبُلاً﴾ فأضاف موسى قائلاً إنَّ الله هو الذي يحُصي الأعمال ويكتُبُها لأنّهُ أتَمَّ النِّعَم على عباده في الدنيا فجعل لكم الأرض مستقرّاً ومثوى وجعل لكم فيها طُرُقاً للسّير والسَّفَر، ﴿وأنزَل من السَّماء ماءً فأخرجنا به أزواجاً من نباتٍ شَتّیٰ﴾ فلستَ أنتَ يا فرعون بقادرٍ على ذلك واللهُ أنزل الأمطار ولم تقدر أنت على ذلك فأخرجَ بها أنواعاً من الزَّرع والثَّمر والنَّبت مختلفة الشّكل مُتعدّدة ، ﴿كلوا وارعوا أنعامكم إنّ في ذلك لآياتٍ لاُولي النُهیٰ﴾ فَوَجَّهَ الخِطاب لقوم فرعون وبني إسرائيل الحاضرين قائلاً: إنَّ الله أطلَق لكم الحُريّة وليس كفرعون يظلمكُم فكلوا وارعوا أنعامكم ففي هذه الحُريّة ونزول الأمطار دلائل للعُقلاء على وجود الله .
﴿منها خلقناکم وفيها نُعيد کم ومنها نخُرجكم تارةً اُخرى﴾ وقال موسى إنَّ الله يقول خلقتکم من التُّراب أي خلقَ آدم منه ويقول أيضاً بأنّه يعيدکم أيّها الناس الى التراب ويوم القيامة يخرجكم من التُّراب مرّةً ثانية . ﴿ولقد أريناه آياتنا كُلَّها فكذَّب وأبي﴾ فيا حبيبي بالتأكيد إنّنا أتممنا الحُجَّة على فرعون وأريناه الدلائل والبراهين على إثبات الوحدانية ورسالة موسى فكذَّب بها وأبي من قبولها !! ﴿قال أجِئتَنا لِتُخرجَنا من أرضنا بسحرِكَ يا موسى ؟﴾ فأجاب فرعون قائلاً أجئتنا لتخرجنا أنا والأقباط من أرض مصر لأنّه دعا بني إسرائيل للخروج الى فلسطين لكنّه سمّى المعجزة سحراً، ﴿فلَنأتينَّكَ بسحرٍ مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً﴾ فهدَّدَ فرعونُ موسى قائلاً: بالتأكيد نحنُ نتمكَّن من الإِتيان بمثلِ عصاك الذي ينقلب حَيّة فعيِّن موعداً لاجتماع الناس جميعاً ليُشاهدوا ذلك ، ﴿لا نخلِفُهُ نحن ولا أنتَ مكاناً سوىً﴾ ويجب أن نلتزم جميعاً بذلك الموعد المعيَّن المحدَّد الذي يجتمع الناس فيه في مكانٍ وميدانٍ وسط المدينة ، ﴿قال موعدكم يوم الزينَة وأن يحُشَر النّاس ضُحىً﴾ فقال موسى أنا مستعدٌّ لإِثبات معجزتي وإنهّا ليست بسحرٍ بل تغلبُ السَّحر والموعد للإِجتماع هو يوم العيد وأن يكون الإِجتماع في وقت الضُّحى ليتيسَّر للجميع الحُضور فيه .
﴿فتولّى فرعون فَجَمَعَ كيدَهُ ، ثُمَّ أتي ﴾ فتولّى فرعون مُهمّة جمع السَّحرة ودعوتهم وإحضارهم فأمرهم بالتّهيئة ليوم الإجتماع والإِستعداد لإِظهار سحرهم وکيدهم ليغلبوا موسی فاجتمعوا، ﴿قال لهم موسی ويلکم لا تفتروا علی الله کذباً﴾ فلمّا اجتمع الناس يوم العيد في المكان المُعَيَّن وحَضرَ فرعون وسحرتَهُ وحضر موسى فخاطبهم قائلاً : الويلُ والعذابُ لكم من الله لا تفتروا على الله وتقولوا إنّ المعجزة سحرٌ کذباً، ﴿فيُسحِتَكُم بعذابٍ وقد خاب من افتری﴾ فإنكم إن افتريتم على الله كذباً وقلتم إنّ معجزة العصا هي سحرٌ فإنّ الله يهلككم وبالتأكيد ما نالَ كذّابٌ خيراً بل خابَ أمَلُ مَنِ افترى على الله ، ﴿فتنازعوا أمرَهم بينهم وأسرّوا النّجوى﴾ فلمّا أتمَّ موسى عليهم الحُجّة تنازع السَّحَرة بينهم فمنهم من قال إنّه يُريدُ الفِرار ويخافُ الفشل ومنهم من قال رُبمّا يصدق فتشاورا بينهم سِرّاً ماذا يفعلون ؟ ﴿قالوا: إنَّ هذان لساحران يُريدان أن يخُرجاكم من أرضكم بسحرهما﴾ فكانت نتيجة مشورتهم ونجواهم أن اتَّفَقُوا على القول بأنّ موسى وهارون ليسا إلاّ ساحران يُريدان أن يخُرجا الأقباط من مصر بتحميل الناس الخضوع لسحرهما ﴿ويذهبا بطريقتکم المُثلى﴾ واتّفَقَ السَّحَرةُ على القول بأنَّ موسى وهارون يُريدان أن يذهبا بزعامة السَّحرَةِ وسيادتِهِم على شَعبِ مصر ويتولاّن السيادة بأنفسهما عليهم .
﴿فأجمعوا كيدكم ثُمَّ ائتواصفّاً وقد أفلح اليوم من استعلى﴾ فصمَّموا على هذا الرأی إذ قالوا يجب عليکم أن تجمعوا سحرکم کلَّه وشُعبذتکم ومکرکم وخداعكم ثمّ اتحدوا جميعاً ضدّهما حتى تغلبوهما فالفوز اليوم لمن غلب بسحره ، ﴿قالوا: يا موسى إمّا أن تُلقِيَ وإما أن نكون أول من ألقى﴾ ، قال السحرة يا موسى نحن مستعدّون فاختر إمّا أن تبدأ أنت وتُلقي عصاك وإمّا أن نبدأ نحن ونُلقي عِصِيّنا وحبالنا أولاً ؟؟ ﴿قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيّهُم يُخيَّلُ إليه من سحرهم أنهّا تسعى﴾ فقال لهم موسى : بل إبدأوا أنتُم فلمّا ألقى السَّحرةُ سحرهم وتصرّفوا في خِيالِ فرعون وسحروا عيون الناس فتخيَّل فرعون والناس أن الحبال والعصيّ تسعى كالحيّة .
﴿فأوجس في نفسه خيفةً موسى﴾ فلمّا رأى موسى أنّ السحر السحرة أثرٌ في فرعون وخياله وأثرٌ في عيون الناس أحسَّ بشيءٍ من الخوف والقلق بأن لا يهتدوا للتمييز بين سحرهم ومعجزته ، ﴿قُلنا لا تَخَف إنّك أنتَ الأعلى﴾ فيا حبيبي عند ذلك أوحينا إلى موسى أن لا تَخَف من غَلَبة سحر السَّحرة واتّباع الناس لهم لأنّك بمعجزتك ستكون أنت الأعلى كعباً عليهم وستغلبُهُم ، ﴿وألقِ ما في يمينك تلقَف ما صنعوا﴾ وقلنا لموسى ألقِ عصاك من يدك على الأرض فتنقلب ثُعباناً وأفعىً تلقف وتبتلع كلّ ما صنعوه بحبالهم وعصيّهم وتصرّفوا في عيون الناس وخيالهم ، ﴿إنمّا صنعوا كيد ساحرٍ ولا يُفلِحُ الساحرُ حيث أتي﴾ فيا موسى إنّ ما صنعوه ليس إلا خُدعَة الساحر ومكرهِ وليس لهُ حقيقة ولا واقعاً بل هو تصرُّفٌ في الخيال والعين ولا يفوز الساحِرُ بالسِّحر الباطل ، ﴿فألقِيَ السَّحَرةُ سُجَّداً قالوا آمنّا بربِّ هارون وموسی﴾ فلمّا ألقی موسی عصاهُ و ابتلعت کل ما ألقاه السّحرة وغلبهم على سحرهم وقضى على سحرهم أذعنوا أنهّا معجزةٌ من الله وليست بسحر فقالوا آمنّا بإلٰه موسى وهارون ، ﴿قالَ آمنتم لهُ قبلَ أن آذنَ لکُم﴾ فقال فرعون للسِّحرة وهو مغضبٌ جدّاً من إيمانهم كيف آمنتم له قبل أن أرضى بذلك وآذن لكم فكان يرى لنفسه السلطنة على عقائد الناس مع أنّه كان قد أقرَّ للغالب مُسبقاً، ﴿إنّه لكبيركم الذي علّمكم السحر فلاقطِّعنَّ أيديكم وأرجلکم من خلافٍ﴾، فاتَّهمهم قائلاً إنّ موسی کبيرُ السَّحرة وأُستاذکم ومعلِّمکم فهو الذي علّمكم السحر ولولا ذلك لما اتّبعتموه فهدَّدهم بأن يقطع أيديهم وأرجلهم من المفاصل قطعاً متخالفاً ، ﴿ولاُصلِّبنَّكم في جذوعِ النَّخل ولتعلَمُنَّ أيُّنا أشدُّ عذاباً وأبقیٰ﴾ وهدَّدهم بأن يُعلِّقَهُم ويصلُبَهُم على جذَوع النَّخل حتى يموتوا أشدَّ ميتةٍ وأضاف أنّكم ستعلمون أيُّنا أنا أو ربّ موسى أشدُّ عذاباً وأدومُ عقاباً ؟؟ ﴿قالوا لن تؤثركَ على ما جاءنا من البيّنات والذي فطرنا﴾ فأجاب السَّحرةُ فرعون قائلين : أبداً لا نُقدَّمُك في اختيارنا على ما جاءنا من الدّلائل الظاهرة من الله قسماً بالله الذي خَلَقَنا ، ﴿فاقضِ ما أنتَ قاضٍ إنمّا تقضي هذه الحياة الدُّنيا﴾ فلو تُهَدِّدنا بقطع الأيدي والأرجُل والصَّلب وأشدّ العذاب فاحكُم بما تُريدُ فليست هذه الحياة إلاّ فانيةً والأعمارُ مُنقَضِية .
﴿إنّا آمنّا بربّنا ليَغفِرَ لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السِّحر والله خيرٌ وأبقى﴾ وقالوا لهُ إنّا آمنّا بالله لالأجل أنّ موسىً مُعلّمنا وكبيرنا في السحر بل لأجل أن يغفر الله خطايانا وكُفرنا ويغفر لنا إثم السِّحر الذي أجبرتنا أن نعمله والله خيرٌ منك ثواباً وأبقى أجراً، ﴿إنّه من يأتِ ربَّهُ مجُرماً فإنّ له جهنَّم لا يموتُ فيها ولا يحيیٰ﴾ بالتأكيد إنّ الذي يحُشَر يوم القيامة مجُرماً وكافراً بالله وعاصياً فإنّ له جزاءَ إجرامه جهنَّم يخلُدُ فيها دائماً فلا يموت مرّةً واحدةً ليرتاح ولا يحيیٰ حياةً هادئةً ، ﴿ومن يأتِهِ مؤمناً قد عمل الصالحات فأُولئك لهم الدّرجات العُلى﴾ ومن تخرج روحهُ وتَتَّصِل بالله وهو مؤمنٌ ونفسهُ مطمئنّةٌ قد عمل الصالحات والطاعات والعبادات مخُلصاً فمن هم كذلك فأولئك لهم الدّرجات العالية في الجنّة ، ﴿جنّاتُ عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزکّیٰ﴾ ولهم البساتين المثمرة في جنّة العدن في وسط الجنّات تجري من خلال قصورهم أنهارُ الماء والحليب والعسل والخمر الحلال يخلدون فيها وهذا جزاءُ من زكّى نفسه بالإِيمان والعمل الصالح
﴿ولقد أوحينا الى موسى أن أسرِ بعبادي فاضرب لهم طريقاً في البحر يَبَساً﴾ فيا حبيبي بعد ذلك أردنا بالانتقام من فرعون وحزبه فأوحينا الى موسى أن سافر مساءً بعبادي المؤمنين من مصر فاضرب بعصاك النيل واجعل لهم طريقاً في هذا البحر يابساً ، ﴿لا تخاف دركاً ولا تخشى﴾ ولا تخاف يا موسى أن يُدركك فرعون وجنوده ولا تخشى الغَرَقَ على ربعك المؤمنين بل توكَّل على الله ، ﴿فأتبعهُم فرعون بجنوده فغشيهم من اليمّ ما غشيَهُم﴾ فلمّا سار فرعون بالمؤمنين في وسط النيل أتبعهم فرعون وجنوده ليقتلوهم فغشيتهُم الأمواج والمياه وأغرقتهم جميعاً فهلكوا ، ﴿وأضلّ فرعونُ قومهُ وما هدى﴾ ففرعون قد أضلَّ أهل مصر بادّعائه الربوبية ثمَّ يمنعهم من اتّباع موسى ثمّ أضلّهم بأن قادهم الى النيل فأغرقهم وما هداهم للنجاة ، ﴿يا بنی إسرائيل قد أنجيناکم من عدوِّکم و واعدناکم جانب الطور الأيمن﴾ فقال الله يا بنی يعقوب اسرائيل الله بالتأکيد إنّا أنقذناكم من فرعون وجنوده وواعدنا موسى بجانب الطور الأيمن الأقدس بالوحي والتوراة لكم ، ﴿ونَزَّلنا عليكم المَنَّ والسَّلوى﴾ وهكذا بعد أن أنزلنا التوراة لکم علي موسی بجانبِ الطور الميمون المبارك نزَّلنا عليکم المنَّ والسلوی كالحليب والعسل طعاماً وشراباً ، ﴿كلوا من طيّباتِ ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحلُّ عليكم غضبي﴾ فكلوا من المنِّ والسَّلوى والفواكه والخضر واللحوم والحبوب ما رزقناكم نحن ولكن إيّاكم والطّغيان بالنعمة فإن تطغوا فيحلُّ عليكم غضب الله ، ﴿ومَن يحَلِل عليهِ غضبي فقد هَویٰ﴾ فكلّ من يستحقُّ غضب الله بطغيانه من نعمه ويحلُّ عليه غضبُهُ وينزل عليه عذابه فبالتأكيد يكون من الهاوين الخاسرين المسلوبين للنِّعَم .
﴿وإنّي لغفّارٌ لمَِن تاب وآمَنَ وعَمِلَ صالحاً ثُمَّ اهتدی﴾ فيا حبيبی بالتأکيد إنّني أغفِرُ دائماً الذّنوب والمعاصي لمن تاب منها وآمن بالله ورسوله وأهل بيته وعمل عملاً صالحاً ثُمَّ اهتدى بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿وما أعجَلَك عن قومك يا موسى﴾ ثمَّ يا حبيبي أوحينا إلى موسى حينما حَرَّك قومه وخلَّف هارون فيهم وجاء لميقاتنا : ما حَمَّلَكَ على الإِستعجال للميقات يا موسى ؟؟؟ ﴿قال هُم أولاءِ على إثري وعجِلتُ إليك ربِّ لِتَرضیٰ﴾ فأجاب موسى قائلاً: إنّ قومي قريبون هُم منيّ يأتون من ورائي واستعجلتُ للمجيء لميقاتك طلباً لرضاك ودفعاً لسخطك ، ﴿قال فإنّا قد فَتَنّا قومك من بعدك وأضلَّهم السّامريّ﴾ فقال الله لموسى : إعلم أنّا امتحنّا وابتلونا قومك بفتنةٍ من بعدك بتمديد مدّة الميقات فأتممناها بعشرٍ فشكّوا وارتدّوا وأغواهُمُ السامريُّ بالعِجل فعبدوه ، ﴿فرجع موسى الى قومه غضبان أسِفاً﴾ فلمّا عَلِمَ موسی بارتداد قومه واتّباعهم للسّامريّ رجع إليهم غضبان عليهم من رِدَّتهم على السامريّ ومتأسِّفٌ من ضلالهم وخُسرانهم ، ﴿قال يا قوم ألَم يَعِدكم ربُّكم وعداً حسناً﴾ فقال لهم موبِّخاً ومُعاتِباً ومستنكراً يا قوم ألم يسبق أن وعدكم الله بإنزال التوراة عليكم والتّابوت بجانب الطّور الأيمْن ؟ ﴿أفطََالَ عليکم العهد ام أردتُم أن يحَِل عليکم غَضَبٌ من ربّکم فأخلفتُم موعدي﴾ فعاتَبَهُم قال لم يكن تأخيرٌ أكثر من عشرة أيامٍ. اُضيفت على مدّة الميقات أفهل طال غيابي عنكم أشهُراً وسنين حتىّ انقلبتُم أم تُريدون أن ينزل عليکم عذاب الله فلم تنتظروا مجيئی ؟؟ ﴿قالوا ما أخلفنا موعدك بمَِلکِنا﴾ فأجابوا موسى قائلين نحنُ ما أخلفنا وعدنا معك لننتظر عودتك من الميقات ونطيع هارون في غيابک باختيارنا وقُدرتِنا ، ﴿ولكنّا حُمِّلنا أوزاراً من زينةِ القوم فقذفناها فكذلك ألقى السّامِريُّ﴾ وقالوا لكنّنا بعد أن أعطانا الأقباطُ أثقالاً من الذَّهب والفضّة بعدما دعاهُم السامريُّ ليصنَع لهم منها عجلاً ذهبيّاً يَشخَر فقذفناها في البوتقةِ فاذابها وصنع العجل وألقى فيه تُراب قَدَمِ جبرائيل ( عليه السلام ) .
﴿فأخرَج لهم عجلاً جسداً لهُ خُوارٌ فقالوا هذا إلٰهکم وإلٰه موسى فنَسيَ﴾ فصاغَ السامريُّ لهم من الذَّهب عجلاً جسداً أي مُجَسّمة عِجل ٍوجعل من دُبُرهِ مَنفَذَ الهواء ومن حلقه مخرجاً لهُ فيُسمَع منه كالخوار فقال الجُهّال هذا ربّكم وربّ موسي لكنّه نَسيَ رَبَّهُ فذهب يطلبه في الطّور !! ﴿أفلا يرَوْنَ ألاّ يرجع إليهم قولاً ولا يملك لهم ضرّاً ولا نفعاً ؟﴾ وكيف حكموا بأنَّ العجل إلٰههم بمجرَّد الخُوار ألا يرَون ويعقلون أنّ العجل جمادٌ لا يشعُر ولا يلتفت إليهم بتكلُّم ولا يقدر على ضررٍ أو نفعٍ لهم ؟ ﴿ولقد قال هارون لهم من قبلُ : يا قوم إنمّا فُتِنتُم به وإنّ ربّكم الرحمٰنُ فاتَّبِعوني وأطيعوا أمري﴾ وبالتأكيد سبق أن خاطبهم هارون قبل موسى قائلاً يا قوم ليس إلاّ أنّكم ابتُليتُم بفتنةٍ واختبارٍ بالعجل وباليقين إنّ ربّکم اللهُ الذی وسِعَت کلّ شي ءٍ رحمته فاتّبعوني على الإِيمان وأطيعوا أمري بتركِ العجل .
﴿قالوا لَن نبرَح عليهِ عاكفينَ حتّى يرجع إلينا موسى﴾ فأجابوا هارون قائلين نحن لا نترُكُ أبداً عبادة العجل ولا نزالُ عاكفين على عبادتِهِ حتّى يرجع إلينا موسى من الميقات في طور، ﴿قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ألاّ تتَّبِعَنِ أفعصيتَ أمري؟﴾ فعاتب موسی هارون ماسکاً بلحيته ورأسه قائلاً يا هارون ما الذي منعك حينما ارتدّوا أن تَتَّبِع أثري الى الطور وبقيت ُهنا أفهل عصيتَ أمر خلافتي ووصايتي ؟ ﴿قال يابنَ اُمّ لا تأخُذ بلحيتي ولا برأسي إنّي خَشيتُ أن تقول فَرَّقتَ بينَ بني إسرائيل ولم تَرقُب قولي﴾ فأجابَ هارون قائلاً يا أخي من اُمّي وأبي لا تغضب عليَّ فتأخُذ بلحيتي ورأسي تجرّهما إنّي ما مَنَعني من إتِّباع أثرِك إلاّ خَشيتي بأن تقول فَرَّقت بين القوم فجئتَ بقسمٍ وتركتَ قسماً آخر ولم تلتزم بالخلافة ، ﴿قال فما خطبك يا سامري﴾ فعندئذٍ وَجَّهَ العتب واللوم والتوبيخ الى السامريّ وهو الذي كان من الأطفال الذين أخفوهُم في المغارات لكي لا يقتُلَهُم فرعون وكان جبرائيل يغذّيهم فقال له ما شأنُك وما دعاكَ لهذا ؟
﴿قال بصُرتُ بما لم يبصروا به فقبضتُ قبضةً من أثَرِ الرّسول فنبذتهُا وكذلك سوَّلَت لي نفسي﴾ فأجاب السامريُّ قائلاً لقد رأيت جبرائيل راكباً في طريقه الى الطّور وهم لم يرَوهُ فقبضتُ قبضةً من أثَرِ جبرائيل فنبذتهُا في العجل فأخذَ يخورُ وهكذا سوَّلَت لي نفسىَ الأمّارة . ﴿قال فاذهب فإنَّ لك في الحياة أن تقول لا مساس وإنَّ لك موعداً لن تخُلفه﴾ فقال موسى للسامريّ الآنَ وقد اعترفتَ وأقرَرتَ بالخطيئة فلا أقتُلُك ولكن إنّ عليك في الحياة أن لا تمسّ أحداً ولا يمسّك وإلاّ أصابكما الحُمّى وإنّ لك لجزاء عملك موعد القيامة لَن تخُلفَهُ، «﴿وانظُر إلى إلهك الّذي ظلتَ عليه عاكفاً لنُحرَِقنَّهُ ثُمَّ لنَنسفنَّه في اليمّ نسفاً﴾ وقال له انظر الى العجل الذي اتخّذته إلهاً لنفسك ومكثتَ عاكفاً على عبادته بالتأكيد سنكسِرُهُ، ونحرقنَّهُ بالنّار الشديدة ثمَّ نذرِينَّهُ في البحر لا يبقیٰ منه أثرٌ أبداً.
﴿إنمّا إلهكم الله الذي لا إله إلاّ هو وسِعَ كلّ شيءٍ علماً﴾ فالاُلوهيّة والرُّبوبيّة منحصرةٌ في الله تعالى الذي هو وحدُهُ الخالقُ المعبود ولا معبود سواه وهو الذي أحاط بكلِّ شىءٍ علماً وحكمةً وتدبيراً ﴿كذلك نَقُصُّ عليك من أنباءِ ما قد سبَق وقد آتيناك من لدُنّا ذکراً﴾ فيا حبيبی هکذا بالتّفصيل نَقُصُّ عليک من أخبار موسى وهارون والسامريّ والعجل وبالتأکيد ذكَّرناك بارتداد الناس عن عليٍّ ( عليه السلام ) بعدك واتّباعهم العجل والسامريّ !! ﴿مَن أعرض عنهُ فإنّه يحمل يوم القيامة وزراً﴾ فيا حبيبي مَن أعرض عن عليٍّ ( عليه السلام ) وولايته وخلافته من بعدك فبالتأكيد يحُشَر يوم القيامة وهو يحمل الحِملَ الثَّقيل من الذنوب والآثام ، ﴿خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حِملاً﴾ فالذين يُعرضون عن عليٍّ ( عليه السلام ) وإمامته وولايته يدخلون جهنّم جزاء ما يحملون من الوزر الثقيل خالدين في العقاب فأسوأُ حِملٍ يحُمَل في الحشر ولايةُ أعداءِ عليٍّ ( عليه السلام ) .
﴿يوم يُنفخ في الصّور ونحشر المجرمين يومئذٍ زرقاً﴾ فعندما ينفخ إسرافيل في صور القِرن فيصعق كلّ الأحياء ثُمَّ يحشُر الله المجرمين المخالفين لولاية عليٍّ وولدِهِ ( عليهم السلام ) يومئذٍ عُمى العيون ، ﴿يتخافتون بينهم إن لَبثتُم إلاّ عشراً﴾ فعند ذلك يعرف المجرمون المخالفون لعليٍّ ( عليه السلام ) مصيرهم فيتهامسون ويتشاورون بينهم فيقولون إنّ لبثنا في الدُّنيا كان قليلاً بالنسبة للآخرة فكأنّنا لبثنا عشرة أيّام ! ﴿نحن أعلمُ بما يقولون إذ يقول أمثٰلهُم طريقةً إن لبثتُم إلاّ يوماً﴾ فيا حبيبي نحن أعلم بسبب قولهم ذلك لأنهم يستقلّون أيّام الدُّنيا في قبال الخلود في العذاب وحتى من كان أعدلُ المخالفين لعليٍّ ( عليه السلام )كعُمَر بن عبد العزيز يقول : بل إنَّ كلّ مُدّة مُلكِنا ليس إلاّ يوماً!﴿ويسألونك عن الجبال فقُل ينسفها ربّي نسفاً، فيذرها قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عِوجاً ولا أمتاً﴾ فيا حبيبي عندما تذكر لهم إنَّ أرض المحشر مستوية مسطّحة يسألونك هؤلاء المنافقين أين تذهب الجبال إذاً ؟ فقُل لهم يَدُكّها ويفتَتها ويذريها ربّي فيدعها أرضاً منبسطاً مستوياً دون تعويج وتعقيد ﴿يومئذٍ يتّبعون الدّاعي لا عِوَجَ له وخشعت الأصوات للرَّحمٰن فلا تسمعُ إلاّ همساً﴾ فبعد أن ينسف الله الجبال ويذرُ الأرض قاعاً صفصفاً يحُشِر الخلائق فيتّبعون نداء إسرافيل فيقومون من أجداثهم مُسرعين للمَحشر دون انحرافٍ عن سيرهم تغلِبُهُم الخشوع لله لهولِ المطَّلع فلا يتكلّمون .
﴿يومئذٍ لا تنفعُ الشّفاعة إلاّ من أذن له الرَّحمٰن ورضيَ له قولاً﴾ ففي ذلك اليوم لا تنفعُ الشفاعة من خلفاء الجور وأئمّة المذاهب الأربعة وعلمائهم وفقهائهم وعُبّادهم بل تختصُّ الشفاعة لمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) الذين أذِنَ الله لهم بها ورضيَ لهم قولاً ، ﴿يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً﴾ فالله سبحانه يعلم بكلّ ما قدَّموهُ بين أيديهم من عملٍ. وما هو جزاءٌ لهم من خلفهم وهم لا يحُيطون علماً بما قدَّر الله لهُم من جزاءٍ ، ﴿وعنَتِ الوجوه للحيّ القيّوم وقد خابَ من حَمَل ظُلماً﴾ و خضعت وجوهُ الخلائق في المحشَر لله الذي هو حيٌّ بالذّات لا يموتُ وهم ذاقوا الموت بأمره والقيّوم علی حسابهم وحشرهم وجزائهم و يومئذٍ بالتأکيد خاب من لم يوالِ محمداً وآله ( عليه السلام ) وحمل ظُلماً بترك ولايتهم .
﴿ومَن يعمل من الصالحات وهو مؤمنٌ فلا يخافُ ظلماً ولا هضماً﴾ ويومئذٍ من أتى الله وقد عمِل من الصالحات وهو مؤمنٌ بولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله سلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فلا يخاف ظلماً في الحساب والميزان ولا هضماً من الثواب والأجر ، ﴿وكذلك أنزلناهُ قرآناً عربيّاً وصرَّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون أو يحُدِث لهم ذكراً﴾ فيا حبيبي هكذا أنزلنا قصّة موسى وهارون والعجل والسامريّ قرآناً بلُغةِ قومك وشرحنا فيه من التحذير لعلّهم يتّقون فيوالونك ويوالون عليّاً ( عليه السلام ) بعدك ولا يتّبعونَ العجل والسامريّ فيتذكَّرون عاقبة العجل والسامريّ ، ﴿فتعالى الله الملك الحقّ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيُه﴾ فتعالى اللهُ وتقدَّس عمّا يقول أعداءُ عليٍّ ( عليه لسلام ) والمنافقون فالله هو الملِك الحقُّ ولا يحكم بالباطل ولا ينصِب عليّاً ( عليه السلام ) ظُلماً و يا حبيبي لا تعجَل بإبلاغ القرآن مِن قَبل أن تؤمَر بإبلاغه ، ﴿وقُل ربِّ زدني علماً﴾ ويا حبيبي إبتَهِل إليَّ بالدّعاءِ لكي أزيدك علماً بفضائل عليٍّ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) ومناقبهم وقربهم ومنزلتهم منيّ فقل : ربِّ زدني علماً بمناقب عليٍّ وآله ( عليهم السلام ) !! .
﴿ولقد عَهِدنا إلى آدم من قبلُ فَنسيَ ولم نجَِد لهُ عزماً﴾ وبالتأكيد يا حبيبي إنّنا عهدنا إرشاداً لا وجوباً إلى آدم في الجنّة أن لا يأكل من الحنطة كي لا يوجد فيه الغريزة الحيوانيّة والتوالُد ولا يخُرَج من الجنّة لكنّه أحبَّ أن يكون أباً لكم أهل ابيت و نسيَ إنّه سيولَدُ منه ظالمي آل محمد ( عليهم السلام ) أيضاً فضَعُفَت إرادتُه .
﴿وإذ قُلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبي﴾ وتذكَّر يا حبيبي إذ قلنا للملائكة اسجدوا لله في قبال آدم أعظم خلق الله فأطاعت الملائكة فسجدوا إلاّ إبليس الجنّ كان معهم فأبي عن السجود، ﴿فقُلنا يا آدم إنّ هذا عدُوٌّ لك ولزوجك فلا يخُرِجنّكما من الجنّة فتشقیٰ﴾ فلمّا أبي إبليسُ فشمَلتهُ اللَّعنةُ وطَلَبَ الإِنكار فمُنِح جزاءَ عباداته السابقة قلنا يا آدمُ إنَّ هذا عدوّكما وحاسدٌ لكما فلا يخُرجنّكما من الجنّة بمكره فلا تصدِّقا أقواله ، ﴿إنَّ لك ألاّ تجوعٍ فيها ولا تعرى وأنّك لا تظمأُ فيها ولا تضحى﴾ فإن لم تُطِع إبليس تبقى خالداً في الجنّة لا يصيبك الجوعُ والعطش ولا تفقد الملابس الإِستبرقيّةِ ولا يصيبك حَرُّ الشمس ولا يخرج منك بولٌ ولا غائطٌ ولا مَنيٌّ ، ﴿فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلُّك على شجرة ٍالخلد ومُلكٍ لا يبلیٰ﴾ فكان إبليس واقفاً وراء سياج الجنّة فوسوس إلى آدم قائلاً هل أدُلُّكَ على شجرة الحنطة التي إن أكلتَ منها تبقى خالداً في الجنّة ولا تُسلب نعمَتَها؟ ﴿فأكلا منها فَبَدَت لهما سوآتهما وطفِقا يخصفان عليها من ورقِ الجنّة وعصى آدمُ ربَّه فغوى﴾ فأكل آدم وحوّاء من الحنطة فظهرت لديهما الغريزة الحيوانية وبدت عورَتيهما فهرعا يلزقان عليها من أوراق أشجار الجنّة لسترهما وعصى آدمُ أمر ربّهِ الإرشاديّ فأغواهُ الشيطان .
﴿ثُمَّ اجتباهُ ربَّه فتاب عليه وهدى﴾ فلمّا بدت لهما العورتان والغريزة التّناسليّة اهبِطا إلى الأرض لأنّ الجنّة ليست مكان الحدث والخبث فحينئذٍ توسَّل الى الله بمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) فاجتباهُ الله للرسالة وتاب عليه وهداهُ للولاية ، ﴿قال اهبِطا منها جميعاً بعضكم لبعضٍ عدوٌ فإمّا يأتينَّكم منيّ هُدیٰ فَمَنِ اتَّبَع هُدايَ فلا يَضِلُّ ولا يشقیٰ﴾ فقال الله سبحانه لآدم وحوّاء إهبطا إلى الأرض اهبطا من الجنّة فكما أنَّ الشيطان عدوٌّ لكما يجب عليكما معاداته فإذا جاءكم منّي وحياً وشريعةً فمن اتّبع هدايَ اهتدى ولا يضلُّ طريق الجنّة ولا يشقى بالنار ، ﴿ومَن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكاً ونحشرُهُ يوم القيامة أعمى﴾ ومَن أعرض عن الوحي والرسالة والولاية والإِمامة فإنَّ لهُ نتيجة إعراضه معيشةً ضيّقةً تحت حُكم الجائرين الظالمين ونحشُرهُ يوم القيامة أعمی العين والبصر، ﴿قال ربِّ لِمَ حشرتنی أعمی وقد کنتُ بصيراً ؟ ﴾ ففي يوم القيامة يعترضُ من أعرض عن الولاية والوحي على ربّه قائلاً : لِمَ حشرتني أعمى وقد كنتُ في الدنيا أبصُرُ بعينيَّ وانظُر بهما ؟ ﴿قال كذلك أتَتكَ آياتنا فنسيتَها وكذلك اليوم تُنسى﴾ فعند ذلك يُحبيبُهُ الله ويقول نَعم كذلك قد أتتك آياتنا ووحينا وأمرنا بالتمسُّكِ بالولاية فتعامَيتَ ولم تبصرها ونسيتها فكذلك اليوم تُنسى عمداً !! ﴿وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآياتِ ربِّهِ ولعذاب الآخرة أشدُّ وأبقى﴾ فيا حبيبي كذلك نجزي من أسرف وترك الولاية ولم يؤمن بآيات ربِّه النازلة بشأن أُولي الأمر المعصومين محمد وآله ( عليهم السلام ) ثُمَّ بعد ذلك فعذابُ جهنّم في الآخرة أشدُّ وأدوم .
﴿أفلم يهدِ لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون ويمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ لاُولي النُّهیٰ﴾ فيا حبيبي أفلا يتبيَّن لهؤلاء المخالفين لولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) كم أهلكنا قبلهم من الاُمم كانوا يمشون بغرورٍ في مساكنهم فهلِكوا ، إنَّ في ذلك لدلائل لأهل العقل والتفكير ، ﴿ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزاماً وأجلٌ مُسمّىً﴾ فيا حبيبي لولا كلمة التّقدير والقضاء التي سجَّلَتها المشيئة الإِلهية في اللّوح المحفوظ سابقاً من تأخير عذاب منافقي اُمَّتِك إلى انتهاءِ مدَّة غيبة المهديّ لكان لزاماً هلاكهم لكنّ الأجل محدّدٌ ، ﴿فاصبر على ما يقولون وسبِّح بحمد ربّك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها﴾ فاصبر يا حبيبي على ما يقولون هؤلاء المنافقون من أنَّك تنطق عن الهوى أو أنّك لتهجُر وأنَّك تؤثر عليّاً ( عليه السلام ) عليهم بهواك ، فاصبر حتّى يقوم المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) وسبِّح بحمد ربّك صباحاً ومساءً ، ﴿ومن آناءِ اللّيل فسبِّح وأطراف النهار لعلَّك ترضى﴾ ومن أوائل ساعات الليل فسبِّح بحمد ريّك وفي أطراف النهار عند الفجر فإن ذلك يؤثِّر في تعجيل ظهور المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) فلعلَّك بذلك ترضى بالإِنتقام ، ﴿ولا تَمُدَنَّ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنَهُم فيه ورزقُ ربِّك خيرٌ وأبقى﴾ فيا رسول الله لا تمُدنَّ عينيك بنظر الإِحترام إلى ما متَّعناك به أزواجاً من بناتِ أبي سفيان وأبي بكر وعُمر لكي نختبرهم بذلك ورزقُ ربِّك في الجنّة أحسن وأدوم ! .
﴿وأمر أهلك بالصَّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى﴾ ويا حبيبي أُؤمُر أهل بيتك بالصَّلاة كلَّ صباحٍ وقل لهم الصلاة يرحمكم الله إنمّا يريد الله ليذهب عنكم الرِّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً، واصطبر عليها حتى يعرف الناس أهل بيتك فنحنُ سنُشرِّعُ لكم الخُمس والعاقبة لكُم حتماً، ﴿وقالوا لولا يأتينا بآيةٍ من ربِّه أوَلمَ تأتِهِم بيّنة ما في الصُّحُف الاُولى ؟﴾ وقال المنافقون المخالفون لولاية عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) لولا يأتينا محُمَّدٌ بمعجزةٍ من ربّه تُثبِتُ ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ، فيا حبيبي أوَلم تأتهم ببيان ما في التوراة والإِنجيل من قصص الاُمم الهالكة وبيان إسم عليٍّ : إيليا ؟ .
﴿ولو أنّا أهلكناهُم بعذابٍ من قبلِه﴾ فيا رسول الله لو أنّا أهلكنا المنافقين المخالفين لولاية علىٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قبل موعد قيام القائم المهديّ ( عجّل الله تعالي فرجه ) و موعد هلاكهم بسيفه بالعذاب ، ﴿لقالوا ربّنا لو لا أرسلتَ إلينا رسولاً فنتَّبع آياتك من قبل أن نذلَّ ونخزى﴾ فعندئذٍ كانوا يقولون ريَّنا لماذا لم تُرسِل إلينا قبل هلاكتِنا رسولاً يُتِمُّ علينا الحجّة فنتَّبع آياتك بشأنِ عليٍّ ( عليه السلام ) قبل أن نذلَّ ونخزى بترك الولاية ، ﴾قُل كلٌّ مُتَرَبِّصٌ فتربَّصوا فستعلمون من أصحابُ الصِّراط السويّ ومن اهتدى﴾ فقل يا حبيبي لمخالفي ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) كلٌّ منّا نحنُ وأنتُم متربّصون فانتظروا حتى قيام القائم المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) فعندئذٍ تعلمون مَن مِنّا من أصحاب الطريق المستقيم ومن اهتدى بالولاية والإِمامة ؟؟؟ ( صدق الله العليّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 414-397 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *