سورة طه
2016-06-18
سورة المؤمنون
2016-06-18

(19)
سورة الواقعة

﴿بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم إذا وقعت الواقعة» بإسم ذاتي ورحمانيّتي الواسعة ورحيميّتي الخاصّة بعبادي المؤمنين أُوحى إليك واُخبِرُك بما إذا وقعت واقعة القيامة ، ﴿ليس لوقعتها كاذبةٌ خافضةٌ رافعة﴾ فحينما تقوم القيامة وتقع واقعة المعاد والحشر والنشر ليس لوقعتها نفسٌ كافرةٌ كاذبةٌ لوقوعها وهي خافضةٌ للكفّار والمشركين رافعةٌ للمؤمنين ، ﴿إذا رُجَّت الأرض رجّاً وبُسَّت الجبال بسّاً فكانت هباءً مُنبثّاً﴾ فحينئذٍ ترجُّ الأرض وتحرّك حركةً قويّةً وتفتّت الجبال وتدكُّ فتكون غباراً هباءً مُنتشراً متبعثراً مبثوثاً على الأرض ، ﴿وكنتم أزواجاً ثلاثةً فأصحاب الميمنة ما أصحابُ الميمنة وأصحاب المشئَمَة ما أصحابُ المشئَمة﴾ فيومذاك يكون الناس أصنافاً ثلاثةً فالصنف الأول هُمُ الذين يؤتون كتبهم في أيمانهم وهم المتمسّكون بالقرآن والعترة والثاني يؤتون بشمائلهم وهم المخالفون لولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام )
﴿والسابقون السابقون أُولئك المُقرَّبون في جنّات النّعيم ثُلَّةٌ من الأوّلين وقليلٌ من الآخرين﴾ والسابقون إلى الإِسلام هم الصِّنف الثّالث وهُم من الرجال عليٌّ ( عليه السلام ) ومن النساء خديجة ومن تلاهما فهم المقرَّبون عند الله في جنّات النعيم في مقعدٍ صدقٍ عند مليك مقتدر وثُلّةٌ من الأوّلين وهم الأنبياء وأوصياؤهم والآخرين همُ الأئمّة الإِثنا عشر ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ﴿على سُرُرٍ موضونةٍ متّكئين عليها مُتقابلين يطوف عليهم ولدانٌ مخلَّدون بأكوابٍ وأباريق﴾ فهؤلاء السابقون يجلسون على سُرُر منضومةٍ بالجواهر واليواقيت وهي من الذَّهب والفضَّة ونسجها من الإِستبرق يتقابلون عليها مُستلقين يخدمونهم الولدانُ ويسقونهم الخَمر واللَّبن والعسل بأكواب فضّةٍ وقوارير ، ﴿وكأسٍ من معين لا يصدَّعون عنها ولا ينزِفونَ وفاكهةٍ ممّا يتخيَّرون ولحم طيرٍ ممّا يشتهون﴾ وبأيدهم الكأس من معين الكوثر السّلسبيل يسقونهم منها بين حين وحين لا توجب لهم صداعاً ولا سُكراً وبأيديهم أطباقُ الفواكه التي يختارونها ولحوم الطَّير الّتي يشتهونها ، ﴿وحورٌ عينٌ كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاءً بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً﴾ ويطوف عليهم نساءٌ حوريات وهُنَّ شديدات سواد العين وبياضها وواسعات العيون وهُنَّ متساويات القوائم كأمثال اللُّؤلؤ المصون المنضود جزاءً لهم بطاعتهم وتقواهُم لا يسمعون فحشاً ولا لوماً ، ﴿إلاّ قليلاً سلاماً سلاماً﴾ فلايسمعون هؤلاء السابقون عليٌّ ( عليه السلام ) وربعه خديجةٌ وربعها الذين سبقوا الى الإِسلام والصلاة إلاّ سلاماً من الملائكة والحور والولدان وأهل الجنان .
﴿وأصحاب اليمين ما أصحابُ اليمين في سدرٍ مخضودٍ وطلحٍ. منضودٍ وظلٍّ ممدودٍ وماءٍ مسكوبٍ﴾ وأما أصحابُ اليمين وهم شيعة محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) ومحبّيهم ما أعظم شأنهم فهم بين أشجار النَّبق السدر المتفرّع الأغصان وبين أشجار الموز الكثير الثَّمر وظلالٍ. دائمةٍ ومياهٍ جاريةٍ ونابعةٍ ، ﴿وفاكهةٍ كثيرةٍ لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ وفُرُشٍ مرفوعةٍ إنّا أنشأناهُنَّ إنشاءً﴾ وهؤلاء مُنَعَّمون بفواكه كثيرة في أشجارها دائمة في كل الفصول ولا تنقطع أبداً وهي في متناول أيديهم وليست ممنوعة عليهم ولهم نساءٌ مستلقياتٌ علي فُرُش الحرير والديباج خلقهُنَّ الله لهم هكذا ، ﴿فجعلنا هُنَّ أبكاراً عُرُباً أتراباً لأصحاب اليمين ثُلَّةٌ من الأوّلين وثُلَّةٌ من الآخرين﴾ فالله جعلهُنَّ مختوماتٍ بالبكارة وكلّ واحدة منهنَّ عروبٌ تحنُّ إلى زوجها وعشيقها وكلّهنّ في تربٍ واحدٍ متساويات الأعمار وهُنَّ لأصحاب اليمين وشيعة أمير المؤمنين ومحبّيه من الاُمم السالفة وهذه الأمّة.
﴿وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سمومٍ وحميمٍ وظلٍّ من يحموم لا باردٍ ولا کريم﴾ وأمّا الصنف الثالث وهمُ الذين يؤتون كتبهم بشمائلهم وما أقبح حالهم وهم الذين تركوا ولاية محمدٍ وآل محمد ( عليهم السلام ) فهم في سموم الجحيم ولظى النارودخانٍ أسودٍ يظلّهم في النّار لكنّه ليس ظلاًّ بارداً ومفرحاً ، ﴿إنهّم كانوا قبل ذلك مُترفين وكانوا يُصرّون على الحِنثِ العظيم﴾ إنّ هؤلاء المنافقين المخالفين لولاية أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) كانوا في الدنيا قبل الآخرة مُترفين بالخلافة والملك والثروة والملذّات وكانوا يصرّون على نصبهم العداء لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ﴿وكانوا يقولون أئذا مِتنا وكُنّا تراباً وعظاماً إنّا لمبعوثون أو آباؤنا الأوّلون﴾ وكان هؤلاء المنافقون يقولون بينهم ويتهامَسون ماذا يقول محُمَّدٌ إنّي سأردّكم عن الحوض و… فإنّا إذا متنا وأصبحنا رميماً هل يمُكن أن نُبعث ثانياً ؟ أو هل سيُبعث آباؤنا السَّلَف ؟؟ ﴿قُل إنّ الأوّلين والآخرين لمجموعون إلى ميقاتِ يومٍ معلوم﴾ فقُل في جوابهم يا حبيبي : نَعَم بالتأكيد إنَّ آباءكم الأوّلين وأنتُم وأخلافكم الآخرين سيجمعكم الله بقدرته ويحشرکم ثانياً و يبعثکم الی ميقاتِ يوم القيامة .
﴿ثُمَّ إنّكم أيّها الظالمون المكذّبون الآكِلون من شجرٍ من زقّومٍ فمالئونَ منها البُطون﴾ وقُل لهم بالتأكيد إنّكم أيّها الضّالون عن عليٍّ ( عليه السلام ) والحقّ والصراط المستقيم والهدى ، المكذّبون بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) والمكذّبون بالبعث والحساب والجزاء ستأكلون في جهنّم من شجرة الزقّوم المرّة كالحنظل بشبَعٍ ، ﴿فشاربون عليه من الحميم فشاربون شُربَ الهيم هذا نُزُلهم يوم الدين﴾ وقل لهم فبعد ذلك ستشربون على الزقوم من ماء الحميم والصديد الفائر كشرب الإِبل العطاش تُهيمون إليه من شدّة الحرّ واللّهيب واللّظى في الجحيم فهذا مصيركم يوم القيامة ، ﴿نحن خلقناكم فلولا تُصدِّقون أفرأيتُم ما تمُنون ، ءَأنتُم تخلقونَه أم نحنُ الخالِقون؟﴾ وقل لهم إنّ الله أوجدكم من العدم وصوَّركم فأنتم مخلوقون فلماذا لا تُصدّقون بالبعث أتنظرون إلى منيّكم هل هو لوحده يُنتج خلقاً ام اللهُ يخلق منه النَّسل ؟، ﴿نحن قدَّرنا بينکم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدِّل أمثالكم ونُنشِئكم في ما لا تعلمون﴾ قل لهم إنّ الله قدَّر بينكم الموت بآجالٍ مختلفة وأعمار شتّى كما يشاء وأنتم عاجزون عن تقديمها او تأخيرها وليس الله بعاجز علی أن يُبدِّل أمثالکم من البشر مکانکم و يميتکم ويُنشئكُم في البرزخ الذي لا تعلمونه ، ﴿ولقد علِمتُم النشأة الأولى فلولا تذكَّرون﴾ وقل لهم يا حبيبي بالتأكيد والقطع واليقين علمتُم أنّكم لم تخلقوا أنفسكم وأنتم مخلوقين لله وهو الذي أنشأكم أوّل مرّةٍ فهو قادرٌ على أن يُنشأكُم مرَّةٌ اُخرى فهلاّ تتذكّرون قُدرتَه ؟.
﴿أفرأيتم ما تحرثون ؟ ءَأنتم تزرعونه أم نحنُ الزّارعون﴾ وقل لهم يا حبيبي هل تُبصرون حينما تحرثون الأرض وتُلقون البذر فيه فهل يُنتِج دائماً ؟ بل إن أراد الله أن يُزرعه نبت وأنتج وإلاّ فلا ، فهل أنتم تزرعونه أم الله الذي يُزرعه ؟؟؟ ﴿لو نشآءُ لجعلناه حُطاماً فظلتُم تفكَّهون إنّا لمغرمون بل نحن محرومون﴾ فإن كنتم تَدَّعون أنّكم تزرعونه فلماذا حينما تحرثون الأرض وتنشرون البذر وتسقونه فمع ذلك يكون حطاماً يابساً لا حبَّ فيه فتظلّون متعجّبين وتقولون إنّا مغرمون ما أنفقناهُ ومحرومون الرِّزق ! ﴿أفرأيتُم الماء الذي تشربون ءَأنتُم أنزلتموه من المُزن أم نحنُ المنزلون لو نشاءُ جعلناهُ اُجاجاً فلولا تشكرون﴾ وانظروا الى الماء الذي تشربونه أنتم وأنعامكم وزرعکم هل أنتم تُنزلونه من الغيم والسحاب أم نحن نُنزلُهُ منها وإذا شئنا جعلناه مالحاً كماء البحر فلماذا لا تشكرون نِعَمنا ؟؟ ﴿أفرأيتم النار التي تورون ءَأنتُم أنشأتُم شجرتها أم نحن المُنشئون نحن جعلناها تذكرةً ومتاعاً للمُقوين﴾ وهل تنظرون إلى النار التي توقدونها من الحطب والخشب هل أنتم أوجدتم شجرها كالعفار والكلخ والسعف أم نحن ؟ بل نحنُ جعلنا النار تذكرةً النار جهنَّم وبُلغةً للمسافرين والمتنقّلين بالمفاوز ﴿فسبِّح باسم ربِّك العظيم فلا أُقسم بمواقع النجوم وإنّهُ لقسمٌ لو تعلمون عظيم﴾ فيا حبيبي بعد أن تقول لهم كلّ ذلك فسبِّح باسم الله العظيم القادر المقتدر الخالق الرازق وقُل لهم أُقسم بمهابط النجوم وهو قسمٌ عظيمٌ عند أهل العلم والعلماء لكنّكم جُهّال ، ﴿إنّه لقرآنٌ کريمٌ فی کتابٍ مكنونٍ لا يمسُّهُ إلاّ المُطهَّرون تنزيلٌ من ربِّ العالمين﴾ أقسم بالله العظيم إنَّ الذي أتلوه عليكم وحيٌ من الله وقرآنٌ يقرأوه عليَّ جبرئيل مكتوبٌ من كتابٍ مصونٍ لا يمسَسهُ إلاّ الأئمّة المعصومون المطهَّرون بآية التطهير تنزيل كلّ ليلة قدرٍ علينا من ربِّ العالمين ، ﴿أفبهذا الحديث أنتُم مدهِنون وتجعلون رزقكم أنّكم تكذِّبون﴾ أفهل بحديث نزول القرآن المكتوب المكنون لياليَ القدر عليَّ وبالمطهَّرون من أهل البيت ( عليهم السلام ) أنتم تكذّبون وتجادلون؟ وتجعلون رزقكم أن تدّعون حقاً بكذبٍ فتغصبون حقّ آل محمد ( عليهم السلام )؟؟؟ ﴿فلولا إذا بلغَتِ الحُلقوم وأنتم حينئذٍ تنظرون ونحن أقربُ إليه منكم ولكن لا تُبصرون﴾ أفهل تنكرون الموت ؟ فلولا حينما تبلغُ ارواحکم الرُّقُوة عند النَّزع وأنتم في ذلك الوقت تنظرون إلى المحتضر وهو يلفظ أنفاسه والله أقرب إليه من حبل الوريد لكنّكم لا تُبصرونه ، ﴿فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين﴾ فلو أنّكم لستُم بمأخوذين على أنفسكم ولكم القدرة والمشيئة والإِختيار فارجعوا النَّفس والروح عندما تبلغُ الحلقوم إن كنتم صادقين ! .
﴿فأمّا إن كان مِنَ المُقرَّبين فَرَوحٌ وريحانٌ وجّنةُ نعيم﴾ وهل لهم يا حبيبي : اعلموا فأمّا إذا كان المحتضر المسجّى الذي دَني أجلُه من المقرَّبين إلى الله فبخروج روحه الطاهرة يرى الراحة والريحان وجنّات النعيم ! ﴿وأمّا إن كان من أصحاب اليمين فسلامٌ لك من أصحاب اليمين﴾ وأما إذا كان الميِّت من أصحاب اليمين ومن شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأولاده المعصومين ( عليهم السلام ) فسيلقاك ويرى عليّاً ( عليه السلام ) عند موته ويُسلّم عليك وعليه ! ﴿وأمّا إن كان من المكذّبين الضّالّين فنُزُلٌ من حميمٍ وتصليةُ جحيم﴾ وأمّا إذا كان من تنظرون إليه حال نزع روحه من المكذّبين بالولاية الضالين عن طريق الهداية المخالفين لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فبمجرّد موتهم ينزلون جهنّم ويصلون الجحيم فحُفَرهُم حُفرةٌ من النار ﴿إنَّ هذا لهو حقُّ اليقين﴾ قل لهم يا رسول الله إنَّ الحقّ واليقين والتأكيد بأنَّ عاقبة المُقرَّبين الروح والريحان وجنّة النعيم وعاقبة الشيعة سلامٌ على النبيّ وأمير المؤمنين وعاقبة المخالفين نُزُلٌ من حميم ، ﴿فسبِّح باسم ربِّك العظيم﴾ فسبّح الله العظيم يا حبيب الله وقدِّسهُ ونزِّههُ من الظلم وهو العادل الذي سيُجازي الخلق بما يستحقّونه بالحق .
( صدق الله العليّ العظيم ) ( وهو حسبي ونعم الوكيل ) .

نشر في الصفحات 420-415 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *