سورة الملائكة (ع)
2016-06-18
سورة موسي (ع)
2016-06-18

(25)
سورة سليمان (ع)

﴿بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم﴾ بإسم ذاتيَ الواجبُ المتّصف بالرَّحمة الواسعة الشاملة لجميع الخلق والرحمة الخاصّة بعبادي الصالحين أُوحي إليك ، ﴿طٰۤسۤ﴾ برمز طآسين الّذين يکون عددهُ الأبجديّ 69 وهو وسائر الطّواسيين تاريخٌ لقيام القائم المهديّ ( عليه السلام ) ، ﴿تلك آياتُ، القرآن و کتابٍ مبينٍ هُدیً وبُشریٰ للمؤمنين﴾ تلك الآيات النازلة بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) والعترة في القرآن والوحي الواضح هي آيات هدايةٍ وبشارةٍ للمؤمنين من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ﴿الّذين يُقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهُم بالآخرة هُم يوقنون﴾ والشيعة المؤمنون هُمُ الذين يقيمون الصلاة الصحيحة من دون زيادةٍ بدعه ويؤتون الزكاة من النّقدين والأنعام الثلاثة والغلاّت الأربع وهم علي يقينٍ من القيامة والمَعاد، ﴿إنَّ الذين لا يؤمنون بالآخرة زيَّنا لهم أعمالهم فهم يعمَهون﴾ وبالتأكيد إنّ المنافقين المخالفين لولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) الذين لا يؤمنون في قلوبهم بالمعاد زيّنا في أعينهم الطيّبات والملذّات الحلالة لكنّهم يغضّون الطَّرف عنها كالمتعة ويرتكبون الحرام ! (أُولئك الّذين لهم سوءُ العذاب و هم في الآخرة هُمُ الأخسرون﴾ فأُولئك المنافقون المخالفون لولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) لهم أسوء العذاب في الدنيا بسيف المهديّ ( عليه السلام ) وهُم في الآخرة أخسر العالمين لخلودهم في الجحيم .
﴿وإنّك لتُلقّى القرآن من لدُن حكيمٍ عليم﴾ وبالتأكيد والقطع واليقين إنّك يا رسول الله لا تنطق عن الهوى بشأنِ عليٍّ ( عليه السلام ) كما يقولون ، بل تُلَقّیٰ القرآن بواسطةِ جبرائيل وحياً من لَدُن إلهٍ حکيم عليمٍ بمصالح العباد ، ﴿إذ قالَ موسى لأهلِهِ﴾ والدّليل على أنّك لا تنطِقُ عن الهوى بل تتلقّیٰ الوحيَ من الله هو إخبارك الصحيح الكامل عن موسى وأهلِهِ وقصّتهم إذ قال لهم : ﴿إنيّ آنستُ ناراً سآتيکم منها بخَبَرٍ أَو آتيکم بشهابٍ قبسٍ لعلّکم تصطلون﴾ قال موسی لزوجتِهِ صفورا بنت شُعيب وهُما في سيناء . إنّي أنظُرُ من بعيدٍ شُعلةَ نارٍ سأذهبُ وآتيکم منها بخبَرٍ او آتيکم بجذوةٍ او شُعلَةٍ منها لعلّکم تستدفئون بها، ﴿فلمّا جاءها نوديَ أن بوِركَ من في النّار ومن حولها وسبحان الله ربّ العالمين﴾ فلمّا سار من سيناء إلى جبل طور الغريّ حيثُ مدفَن آدم ونوحٍ وهودٍ وصالحٍ نودِيَ بالوحي إن بارك اللهُ بمن في وادي السّلام الذي رأيت النار فيه ومن حولها والتّسبيح لله ربِّ العالمين .
﴿يا موسى إنّه أنا اللهُ العزيزُ الحکيم﴾ يا موسی ليست هذه النارُ نارَ احتراق حطبٍ بل إنهّا شُعلَةٌ نوريّةٌ من تجلّياتي في الأرض فأنا اللهُ العزيزُ في ملكِهِ الحکيمُ في سلطانِهِ ، ﴿وألقِ عصاكَ فلمّا رآها تهتزُّ كأنهّا جانٌّ وليّ مُدبراً ولم يُعَقِّب﴾ ونودي موسى أن ألقِ عَصَا شُعيبٍ الذي بيدك فألقاها فانقلَبَت حيّةً تسعى فلمّا رآها تزخَفُ كأنهّا أفعی من الجنّ أدار وجهَهُ وسار سريعاً يبتعِد ، ﴿يا موسى لا تَخَف إنّي لا يخافُ لَدَيَّ المُرسَلون﴾ فنودي يا موسى لا تَخَف من الحيّة فإنهّا معجزتك فخذها بيدك ترجع كما كانت عصى إنّي أنا اللهُ لا يخافُ من أرسلته بالرسالة فأنت رسولي من الآن ، ﴿إلاّ مَن ظََلَم ثُمَّ بدَّل حُسناً بعد سوءٍ فإنّي غفورٌ رحيم﴾ ولا ينبغي أن يخاف لدى الله إلاّ من ظلم نفسه وحتىّ من كان ظالماً لنفسه ثُمَّ يتوب إلى الله ويستغفر فإنّه يغفر له ويرحمه ، ﴿وأدخل يدكَ في جيبك تخرُج بيضاء من غير سوءٍ﴾ ومعجزة اُخرى لرسالتك نأمُرُك أن أدخِل يدك في تحتِ قميصك ثُمَّ أخرجها تخرُج بشعاعٍ من نورٍ بيضاءَ من غير بَرَصٍ ، ﴿في تسعِ آياتٍ الى فرعونَ وقومِهِ إنهّم كانواً قوماً فاسقين﴾ فالعصا واليد البيضاء مع سبعة معاجِز اُخریٰ وهي الجراد والقُمَّل والضّفادع والدَّمَ وعُبورَ البحر والميقاتِ والطّوفان هُنَّ تسعُ علاماتٍ لفرعون وقومِهِ لكنّهم فاسقون لا يؤمنون ، ﴿فلما جاءتهم آياتنا مُبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبين﴾ فكفروا بالآيات التِّسع ولم يؤمنوا بها فحينما جاءتهم هذه المعجزات التي منحناها موسى علاماتٍ واضحةٍ قالوا هذا سحرٌ واضحٌ وليس مُعجِزِ ، ﴿وجَحَدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظُلماً وعُلُوّاً فانظُر كيف كان عاقِبَة المُفسدين﴾ ففرعون وقومه جحدوا بالآيات بعد أن تيقنوا أنهّا من الله ظُلماً لموسى وتكبُّراً على الله فانظر يا حبيبي كيف أهلكناهم وكانت عاقبة فسادهم ﴿ولقد آتينا داود وسليمان علماً وقالا الحمد لله الذي فضَّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين﴾ وبالتأكيد والحقيقة يا رسول الله نقُصُّ عليك قِصَّة داود وسليمان حيثُ منحَنا داود عِلمَ القضاء بالعدل وسُليمانَ عِلمَ تسخير الجنِّ والإِنس والرِّياح وعلم منطق الطَّير فقالا : الحمدُ للهِ الذي فضَّلنا على كثيرٍ من عبادِهِ المؤمنين بالنبوّة والحكمة والمُلك وأنتَ يا حبيبي فضَّلناك عليهما.
﴿وَوَرِثَ سُليمانُ داوودَ﴾ وبالتأكيد إنّ الأنبياء يورِّثون وورِث سليمانُ من أبيه داوود المُلكَ والحكم والخلافة والنبوّة وما آتاهُ اللهُ وهكذا سيرث عليٌّ ( عليه السلام ) منك ، ﴿وقال : يا أيّها النّاسُ عُلِّمنا مَنطِقَ الطَّير واُوتينا من كلِّ شىءٍ إنّ هذا لهو الفضلُ المبين﴾ فيا حبيبي إنّك أفضلُ من داوود وسليمان فعلَّمَك اللهُ ما كانا يعلمان وأكثر وسيرثُ عليٌّ ( عليه السلام ) منك ذلك وقال سليمانُ لأهل مجلِسِهِ إنَّ اللهَ علَّمنا أنا وآصفٌ منطِقَ الطَّيرِ وآتانا الولاية التّامة والولاية فضلٌ مبين .
﴿و حُشِرَ لسُليمان جنودهُ من الجنّ والإِنس والطّير فهم يوزعون﴾ وبالولاية التكوينيّة والتشريعيّة جُمِعَ لسليمان جيشاً من الجنِّ والناس والطّيور يُساقون ويُدفعون للسير في الصحراء والهواء ، ﴿حتىّ إذا أتوا على وادِ النَّمل قالت نملةٌ يا أيّها النَّملُ ادخلوا مساكنكم﴾ وبَينما سليمان وجنوده يسيرون في الصحراء حتّى وصلوا الى وادي النّمل سمع ملكة النَّمل تقول للنّمل ادخلوا في ثقوب الأرض التي تسكنونها واختفوا ، ﴿لا يحطمنّكم سليمان وجنودُهُ وهُم لا يشعرون﴾ : إنّي أرى سليمان وجيشه مقبلين نحوكم فإذا بقيتم على وجه الأرض فسيسحقونكم تحت أرجلهم لأنهّم لا يشعرون بكم ، ﴿فتبسّم ضاحِكاً من قولها وقال ربِّ أوزعني أن أشكُرَ نعمتك﴾ فلمّا سمع سليمان كلام النملة تبسَّم ضاحكاً من قولها بأنّ سليمان لا يشعر وهو وليُّ الله عليها وعلى النَّمل يعرفُ منطقها فشكر الله على ذلك وقال ربِّ وفِّقني لأن أشكُر النِّعمةَ ، ﴿الّتي أنعمتَ عليَّ وعلى والِديَّ وأن أعملَ صالحاً ترضاه﴾ أشكُرُ نعمة الولاية والمُلك التي أنعمت بها عليَّ وعلى داودَ ووفِّقني لأن أعملَ بالعدل التّامِّ عملاً صالحاً ترضاهُ ولا أتَّبع الهوى ، ﴿وأدخِلني برحمتك في عبادك الصالحين﴾ ودعا أيضاً ربَّهُ قائلاً ربِّ أدخِلني برحمتك في زُمرَةِ محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) الطيّبين الأطهار وعبادك الصالحين الأخيار وبذلك تتمُّ نعمتك عليَّ .
﴿وتَفَقَّدَ الطَّيرَ فقال ما ليَ لا أرى الهُدهُدَ أم كان مِن الغائبين ؟﴾ ثُمَّ استعرَضَ سُليمانُ الطّيور كلَّها فَافتقد الهدهد بينها فقال ماليَ لا اُشاهدُ الهدهد وهو النافذُ البصر يخُبرني عن الماء تحت الأرض أهُوَ غائبٌ ؟ ﴿لأعذِّبنَّهُ عذاباً شديداً أو لأذبحنَّهُ أو ليأتيني بسلطانٍ مُبين﴾ فغَضِبَ عليه وقال بالتأكيد سأعذّبه بسجنه مع مخالفيه في القفص لغيابه أو سأذبحهُ إن كان قد ارتكب جنايةً وإمّا يأتيني ببُرهانٍ وعذرٍ واضحٍ مقبولٍ ، ﴿فمَكثَ غير بعيدٍ فقال أحطتُ بما لم تحُِط به وجئتُك من سبإٍ بنبإٍ يقين﴾ فبقي الهدهد غائباً برهةً قليلةً وحضر عند سليمان فقال له : إطَّلعتُ على ما لم تطَّلع عليه وجئتُكَ من سبأ اليمن بنبأ صادقٍ قطعيٍّ ، ﴿إنّي وجدت امرأةً تملكهم واُوتيت من كلِّ شيءٍ ولها عرشٌ عظيم﴾ إنّي وجدت في سبأ ملكةً تملك قوم سبأ إسمها بلقيس واُوتِيَت من العُدّة والعدد والخدم والحشم والمُلكِ ولها سريرٌ ذهبيٌّ مفصَّصٌ بالجواهر ، ﴿وجدتُها وقومَها يسجدون للشمس من دون الله﴾ وإنيّ وجدت هذه الملكة وقومها لا يؤمنون بالله ولا برسالتك يا سليمان بل وجدتها وقومها يسجدون للشمس ويعبدونها ، ﴿و زيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدَّهم عن السبيل فهم لا يهتدون﴾ وقد أضلَّهم الشيطان وزيَّن لهم عبادة الشمس لأنهاّ مشرقةٌ منيرةٌ تدفيء وتُنمّي الزرع وهي أكبر الكواكب فصدَّهم بذلك عن طريق التوحيد فضلّوا بالشِّرك عن جادّة الحقّ ، ﴿ألاّ يسجدوا لله الذي يخُرجُ الخَبء في السماواتِ والأرض ويعلم ما تخُفون وما تُعلنون﴾ هلاّ يسجدوا لله الخالق للشمس وغيرها الذي يخُرِجُ المخبوّ في السماوات والأرض من مخبئه وهو عالمٌ بالضمائر والخفيّات وما نعلن ، ﴿اللهُ لا إلۤه إلاّ هو ربُّ العرش العظيم﴾ وأضاف الهدهدُ بأنّ السجود خاصٌّ لله الذي لا إله إلاّ هو وحده لا شريك له وهو ربُّ العرش الذي هو أعظمُ من عرش بلقيس يقيناً.
﴿قال سننظُر أصدَقتَ أم كُنتَ من الكاذبين﴾ فقال سليمان للهُدهد إنَّ ما أخبرتنا به خبرٌ يحتمل الوجهين وسننظر حقيقته فنرى هل صدَقتَ أم كُنت من الكاذبين في قولك ؟ ﴿إذهب بكتابي هذا فألقِهِ إليهم ثُمَّ تولَّ عنهم فانظر ماذا يرجعون﴾ وقال للهدهد كتبتُ رسالةً الى الملكة فاذهب بكتابي هذا الى ملكة سبأ فألقه إليهم ثمَّ تنحَّ وعليك بالطَّيران فوق رؤوسهم وانظر ماذا يَرُدُّون الجواب ؟؟ ﴿قالت يا أيّها الملأُ إنّي اُلقِيَ إليَّ كتابٌ كريمٌ إنّه من سليمان﴾ فلمّا ألقى الهدهُد كتابَ سليمان في حجرِ بلقيس قالت لأهل مجلسها : أيّها القوم إنّي اُلقِيَ في حجری کتابٌ مختومٌ من شخصٍ کريمٍ إنّه من سليمان بن داود ملكِ الملوك ، ﴿وإنّه بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم ألاّ تعلوا عليَّ وآتوني مسلمين﴾ ومضمون هذا الكتاب ونصّهُ هذا : بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تتكبَّروا عليَّ كما يتكبَّر الطّواغيت بل إئتوني إلى بيت المقدس مسلمين موحّدين ، ﴿قالت يا أيّها الملأُ أفتوني في أمري ما كنتُ قاطعةً أمراً حتىّ تشهدون﴾ فقالت بلقيس لوزرائها وقوّادها : أيّها القوم أشيروا عليَّ في أمري أنا كما في سابق قضايا المملكة ما أقطعُ وأجزِمُ في أمرٍ حتىّ تحضرون ، ﴿قالوا نحنُ اُولوا قوّةٍ واُولوا بأسٍ شديدٍ والأمرُ إليكِ فانظُري ماذا تأمُرين﴾ فأجابوها وقالوا إنَّ رأينا هو إنّنا أصحابُ قوّةٍ وسلاحٍ وأصحاب عُدةٍ وعدَدٍ وجيشٍ عرمرَمٍ مستعدِّون لمحاربته فلكِ الأمر فأمُري بما تَرَين ، ﴿قالت إنّ الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها﴾ فقالت لهم بلقيس أنا ملكة سبأ وأعرفُ سجايا الملوك فإنهّم يطمحون في تدمير الممالك واحتلالها فإذا دخلوا بلاداً دمَّروها، ﴿وجعلوا أعِزَّةَ أهلها أذِلَّةً وكذلك يفعلون﴾ ومن سجايا المُلوك والسَّلاطين أنهّم حينما يتغلّبوا على بلادٍ فإنهّم يذلّون أعزَّة أهلها وأشرافها فأخشیٰ أن يفعل ذلك سليمانُ بنا ، ﴿وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بمَ يرجعُ المرسَلون﴾ وقالت لهم فالأولى أن نجيبهُ بالسِّلم والصُّلح فأری إننّي أُرسِلُ إلى سليمان هديّةً ملوكيّاً فأری ماذا يكونُ رَدُّهُ عليها و بماذا يرجع المرسَلون إليهِ بها ؟؟؟.
﴿فلمّا جاءَ سليمان قال : أتُمِدّونَنِ بمالٍ فما آتانيَ الله خيرٌ ممّا آتاکم بل أنتُم بهديّتكم تفرحون﴾ فلما جاء رسولُ بلقيس حاملاً الهديّةَ إلى سليمان قال لهُ سليمان : أتمُِدّونني بالذَّهب والفضّة والمجوهرات فما آتانيَ اللهُ من الحُكم والنبوّة خيرٌ ممّا أتاكم فأنا لا فرَحَ لي بها بل أنتم تفرحون بها، ﴿إرجع إليهم فلنأتينَّهُم بجنودٍ لا قِبَل لهم بها﴾ وقال سليمانُ للرّسولِ : إرجع إلى بلقيس وقومها وقل لهم إنّنا سنأتينَّهم بجنودٍ من الإِنس والجنّ والسّباع والطيور لا طاقة لهم بها !! ﴿ولنُخرجَنَّهم منها أذلَّةً وهم صاغرون﴾ وبالتأكيد سنخرِجُهُم من اليمن اُسارى أذِلاّء وهم مكتوفين مكبَّلين بالحديد ينالهم الهوانُ والصِّغار .
﴿قال : يا أيّها الملأ أيُّكم يأتيني بعرشِها قبل أن يأتوني مُسلمين﴾ فلمّا رجع الرّسولُ قال سليمانُ لجلسائه ووزرائه أيّها القوم من منكم يأتيني بعرشِ بلقيس جالسةً عليه قبل أن يأتوني هي وقومها مستسلمين ؟ ﴿قال عفريتٌ من الجنّ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقويٌّ أمين﴾ فأجابه الماردُ الجنيّ قائلاً أنا آتيك بها وعرشها قبل أن تقوم للصلاة من مقامك وإنّي قادرٌ على ذلك وقويٌّ وأمينٌ لا أخونها ، ﴿قال الذي عنده عِلمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدَّ إليك طرفُك﴾ وقال وصيُّةُ آصفُ بن برخيا الذي كان عندُه علمٌ من الكتاب ولم يكن عنده علم الكتاب كُلِّه كعليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) : أنا آتيكَ بالعرش قبل أن تَرمُشَ أهدابَكَ بقُوّة الولاية !!! ﴿فلمَّا رآهُ مُستقِرّاً عندَهُ قال هذا من فضل ربِّ ليبلُوَنی ءأشكُرُ أم أکفر﴾ فلمّا رأی سليمان عرش بلقيس مُستَقِرّاً لديهِ أحضرَهُ وصيُّةُ آصفٌ قال : هذا الإِعجاز بالولاية من فضلِ ربِّي عَلَيَّ وعلى آصِف ليختبِرَني هل أشكُرُ نِعمَة الولاية أم أُقَصِّر ؟ ﴿ومَن شکَرَ فإنّما يشكُرُ لنفسه ومن کفر فإن ربّی غنیٌّ کريم﴾ وبديهیٌّ قطعيٌّ أنّه من شکر نعمة الولاية العظمی وعرف قدرها فتمسّک ها فإنمّا يکون ثوابُ شُکرِهِ لنفسه ومن کفرَ بالولاية فإنّ الله غنیٌّ عنهُ کريمٌ علی غيره .
﴿قالَ نَكِّروا لها عرشَها ننظُر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون﴾ قال سليمان لخُدّامه من الجنّ غيِّروا شکل عرشها إلي حالٍ تُنکِرُهُ کی نَری هل هي عاقلةٌ فاهمةٌ تهتدي إلى معرفته أم بلهاء لا تهتدي لمعرفته ؟ ﴿فلمّا جاءت قيل أهكذا عرشك ؟ قالت كأنّه هو﴾ فلما جاءت الى مجلس سليمان لترقى عرشها قال لها بعض الوزراء : أمثل هذا العرش کان عرشُكِ قالت : کأنّهُ هو عرشی جئتم به ، ﴿واُوتينا العلم من قبلها وكُنّا مسلمين ، وصدّها ما كانت تعبُدُ من دون الله انها كانت من قومٍ كافرين﴾ فكان السؤال منها اختباراً لها فقد اُوتينا العلم بحال عرشها من قبلها وكناّ مسلمين نؤمن بالولاية وقد منعها من عبادة الله عبادة الشمس إنهّا كانت من عُباّد الشمس الكافرين .
﴿قيل لها ادخلی الصَّرحَ فلمّا رأتهُ حَسِبَتهُ لُجَّةً کَشَفَت عن ساقيها﴾ وأمر سليمان بصنع منصَّةٍ عاليةٍ من الزُّجاجٍ ليوضع العرش فوقهُ فأمرهم أن يقولوا لها : اُدخُلي الصَّرح ، فلمّا رأته شفّافاً حسبته حوض ماءٍ فرفعت ثيابها كي لا تبتلَّ ، ﴿قال : إنّه صَرحٌ مُمَرَّدٌ من قوارير قالت ربِّ إنّي ظلمتُ نفسي وأسلمتُ مع سليمان لله ربِّ العالمين» قال سليمان لها : إنّه ليس بماء بل هو صرحٌ مُمَلَّسٌ من زُجاجٍ كي يُريها عظمة مُلكِهِ فأسلمت وقالت : ربِّ إنّي ظلمت نفسي بعبادة الشمس وأَسلِمُ الآن مع سليمان لوحدانيّة الله ربِّ العالمين .
﴿ولقد أرسلنا الى ثمود أخاهُم صالحاً أنِ اعبدوا الله فإذا هُم فريقان يختصمون﴾ وبعد قصَّة سليمان بالتأكيد يا رسول الله أنّا أرسلنا إلى قومِ ثمودٍ أخاهُم منَ القبيلة صالحٌ النبيّ ( عليه السلام ) وقال لهم : اعبُدوا اللهَ وحدَهُ ولا تُشرِكوا فإذا هُم يختلفون بينهم فرقتَين مُتخاصِمتين ، ﴿قال يا قوم لم تستعجلون بالسيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلّكم تُرحَمون﴾ ولكنّ قومَهُ طلبوا منه أن يُعَجِّلَ عليهم بالعذاب الذي يُهدّدهم به فقال لهم : يا قومي لماذا تستعجلون بالعذاب قبل التّوبة فهلاّ تتوبون إلى الله وتطلبون منه المغفرة لعلَّهُ يرحمكم ؟ ﴿قالوا اطَّيرنا بكَ وبمن معك قال : طائركُم عند الله بل أنتم قومٌ تُفتَنون﴾ قالوا له : يا صالحُ إنّا تَطَيَّرنا وتشاءمنا بك وبمن آمن معك قال لهم : لا تتطيَّروا بنا فالعذاب الذي وعدتُكُم به هو عند الله وأنتُم قبلَ نزول العذاب تمُتَحَنون .
﴿وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون﴾ و کان في مدينة ثمودٍ تسعة كُتلَةٍ وعصابةٍ يُفسدون بالظُّلم والفسق والفجور في الأرض ولا يتوبون أو يعدلون ، ﴿قالوا تقاسموا بالله لنُبيِّتَنَّه وأهله ثمَّ لنقلونَّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون﴾ فهذه الأحزاب التسعة أقسموا بالله بينهم بأن يهجموا عليه ليلاً ويقتلوه مع أهله ثُمَّ يقولون لقومه وعشيرته ما شهدنا مهلك أهله يقصدون نهاراً وقولنا هذا صدقٌ !! ﴿ومَکَروا مکراً ومکرنا مکراً وهُم لا پشعرون﴾ فمکروا مکراً وتآمروا علی قتلِهِ مع أهله ودبَّرنا تدبيراً لحفظه مع أهله من شرِّهم وحكمنا عليهم بالهلاك وهم لا يشعرون بنزول العذاب ، ﴿فانظُر كيف كان عاقبةُ مكرِهم أنّا دمَّرناهم وقومهُم أجمعين﴾ فيا حبيبي لا تهتمَّ بمن يمكُرُ بكَ وبعليٍّ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) ويدحرجون الدِّباب ليقتلوك فانظر كيف كان عاقبة مكر قوم ثمودٍ أنّا دمَّرناهم أجمعين ، ﴿فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون﴾ فتلك هي آثارُ مساکنهم باقية تمرّون عليها فبيوتهم خاليةً منهم نتيجةً لما ظلموا نبيَّهم وأهل بيته إنّ في ذلك لدلالةً لقومٍ يعلمون عاقبة أمرِ العصيان ، ﴿وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتّقون﴾ وأنجينا صالحاً وأهل بيته ومواليه المؤمنين الأتقياء حيثُ أمرناهم بالخروج من بينهم قبل نزول العذاب عليهم فخرج معهم من حضْرموتٍ إلى الغَريّ .
﴿ولوطاً إذ قالَ لقومِهِ أتأتون الفاحشة وأنتُم تُبصرون ؟﴾ وهكذا قصَّة لوط النبيّ يا رسول الله إذا قال لقومه إستنكاراً أتأتون اللواط علناً مُتجاهرين به أمام أعيُنِكُم ؟ ﴿أئنّكم لتأتون الرِّجال شهوةً من دون النساء بل أنتم قومٌ تجهلون﴾ وقال لقومه هل إنّكم تأتون الذُّكران من دون النساء التي خلقها الله لذلك بل أنتم قومٌ تجهلون ممارسة الغريزة ، ﴿فما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنهّم اُناسٌ يتطهَّرون﴾ فما كان جواب قومه عليه سوى أن قالوا ظالمين : أخرِجوا لوطاً وأهل بيته من قريتكم إنهّم يستنكرون عليكم لأنهّم اُناسٌ يستنجسون الأدبار واللِّواط ، ﴿فأنجيناهُ وأهلهُ إلاّ امرأتهُ قَدَّرناها من الغابرين﴾ فلمّا أردنا إهلاكهُم أنجينا لوطاً وأهل بيته ما عدا زوجته ، ولذا قدَّرنا هلاكها معهم ، ﴿وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطرَ المنذرين﴾ فلمّا أردنا إهلاكهم أمطرنا عليهم مطراً من الحجارة والصاعقة ساء المطرُ النازل على من أنذرناهم بالعذاب .
﴿قُل الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادِهِ الذين اصطفى﴾ فيا حبيبي بعد أن سمعت قصتهم وكيف أهلكناهم فقُل الحمدُ لله الذي يُهلك الظالمين وسلامٌ على عباده الذين اصطفی محمداً وآله الطاهرين ، ﴿الله خيرٌ أم ما يُشرکون؟﴾ وقل يا حبيبي لمن يُشرِك بطاعة الله طاعةِ خلفاءِ الجور وُرؤساء الكفر والنفاق : هلِ اللهُ‌ أحسنُ أم هؤلاء المنافقين ؟ ﴿أمَّن خلَقَ السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً؟﴾ أم من خلق السماوات والأرض خيرٌ وهو أنزَل لكم من السماء المطر المُزنَ وجعل من الماء كلّ شىءٍ حيٍّ ، ﴿فأنبتنا به حدائقَ ذات بهجةٍ ما كان لكم أن تُنبِتوا شَجرها﴾ وهو الذي أنبَتَ بالمطر والماء بساتين وزروعاً ذات جمالٍ ونزهةٍ ولولاه ما كان لكم قُدرةٌ على أن تُنبِتوا شجرها ، ﴿أءِلهٌ معَ الله بل هم قومٌ يعدلون﴾ فهل يجوز طاعة غير الله من الخُلفاء ؟ فهل هناك إلهٌ مع الله ؟ بل إنّ المنافقين المخالفين لمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) عن الحقِّ يعدون ، ﴿أمَّن جَعَلَ الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسيَ﴾ أم مَن جعل الأرض قراراً ومسكناً خيرٌ أم غيره أم من جعل خلال الأرض أنهاراً جاريةً وجعل فيها جبالاً ثوابتَ ؟؟ ﴿وجعل بين البحرين حاجزاً أءِلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون﴾ والله هو الذي جعل بين البحر المحيط والبحر الهادي حاجزاً من القارّات فهل إلهٌ يوجَد مع الله بل إنَّ أكثر المنافقين لا يعلمون الحقّ ، ﴿أَمَّن يجُيبُ المضطَّرَّ إذا دعاهُ ويکشفُ السوء﴾ فمن خيرٌ هل الطاغوت خيرٌ أم من يجيبُ کلَّ مضطرٍّ سيّما المهديّ المضطرُّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) حينما دعاه ليأذن له بأخذ الثأر ويكشف السوء ويُفرّج له ؟؟؟ ﴿ويجعلكم خُلفاءَ الأرض أءِلۤهٌ مع اللهِ قليلاً ما تَذَكَّرون﴾ فالله سبحانه هو الذي بظهور المهديّ المنتقم ( عليه السلام ) سيجعلكم أيّها المؤمنون مستخلفين في الأرض فهل هناك إلٰهٌ مع الله ؟ قليلاً ما تَذَكَّرون أيّها المنافقين ، ﴿أمَّن يهديكم في ظلماتِ البَرِّ والبحر ومن يُرسل الرِّياح بُشراً بين يَدي رَحمتِهِ﴾ فالطواغيت خيرٌ أم من يهديكم في ظلمات البرّ والبحر بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) و من يُرسِل الرِّياح لواقح وتُبشّرکم بهُطولِ الأمطار رحمةً لكم ، ﴿أءِلهٌ مع الله ؟ تعالى اللهُ عمّا يُشركون﴾ فهل هناك طاغوتٌ يعمل كلّ ذلك فلماذا تُطيعون خُلَفاء الجور؟ هل إلٰهٌ مع الله يوجد شريكاً في الاُلوهيّة ؟ فتعالى الله عمّا يُشركون بطاعته طاعة الخُلفاء ، ﴿أمَّن يَبدأُ الخلقَ ثُمَّ يُعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض﴾ فالمخلوق خيرٌ أم من هو خالقٌ يبدأُ الخلق من العدم إلى الوجود ثُمَّ يعيده من الوجود إلى العدم ثُمَّ يُنشِره وهو الذي يرزقكم من السماء المطر ومن الأرض الزَّرع والصَّيد والمعدن ، ﴿أءِلٰه مع اللهِ ؟ قُل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴾ فهل هناك إلهٌ مع الله يشترِكُ معه في الخلق والإِحياء والإِماتة والرزق ؟ قل يا حبيبي : هاتوا حُجَّتَكم العقليّة إن كنتم صادقين في إدّعائكم .
﴿قُل لا يعلمُ من في السماوات والأرض الغيب إلاّ الله﴾ قل لهم يا حبيبي إنّ الإمام لا بُدَّ أن يكون عالماً بالمنايا والبلايا وغيرها ولا يعلم هذا الغيب أحدٌ إلاّ الله وهو يُعَلِّمُهُ أولياءه فالخلفاء جُهّالٌ لا يعلمون ذلك ، ﴿وما يشعرون أيّان يُبعثون﴾ وقُل يا حبيبي : إنّ خلفاء الجور ورؤوس المنافقين لا يعلمون متى يُبعَثون للحساب ولكنَّ عليّاً ( عليه السلام ) يقول سلوني عمّا كان ويكون إلى يوم القيامة ، ﴿بل إدّارك عِلمهم في الآخرة بل هُم في شكٍّ منها بل هم منها عَمون﴾ وقُل يا حبيبي : بل إنّ هؤلاء الخلفاء لم يتدارك علمهم بما قبل القيامة أيضاً بل هم في شكٍّ من المعاد بل هم عميانُ القلوب عنها ، ﴿وقال الذين كفرواءَإذا كُنّا تُراباً وآباؤنا ءَإنّا لَمُخرَجون ؟﴾ يا رسول الله إنّ هؤلاء المنافقين الذين کفراوا بالله و بولايتکم أهل البيت صرَّحوا بقولهم في إنكار المعاد وقالوا هل بعد أن صرنا تُراباً نحنُ وآباؤنا يمُكِنُ أن تُبعث ؟؟؟ ﴿لقد وُعِدنا هذا نحنُ وآباؤنا من قبلُ إن هذا إلاّ أساطيرُ الأوّلين﴾ بالتأكيد لقد وَعَدَنا الرُّسُلُ بالمعاد نحنُ وآباؤنا من قبلنا وعدهُم الأنبياء من قبل إنّ هذا الوعد ليس إلاّ من خرافات الأوّلين .
﴿قُل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين﴾ قل لهم يا رسول الله أن يسيروا في الأرض وينظروا إلى آثار الاُمَم الهالكة حتىّ يعرفوا كيف كان عاقبة الذين أجرموا في الدّنيا قبل الآخرة فيَعتَبِروا ، ﴿ولا تحزَن عليهم ولا تَكُن في ضيقٍ ممّا يمكرون﴾ فيا حبيبي لا تحزن على المنافقين حيث نهُدِّدهُم بنزول العذاب عليهم في الدّنيا قبل الآخرة ولا تهتمَّ بما يمكرون بأهل بيتك ( عليهم السلام ) ، ﴿ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟﴾ ويقول المنافقون الّذين أَوعدناهُم العذاب بسيف المهديّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) : متى يكون موعدُ هذا الوعد إن كنتم صادقين في وعدكم ؟؟؟ ﴿قُل عسى أن يكون رَدِفَ لكم بعض الذي تستعجلون﴾ قُل لهم يا رسول الله : عسى أن يكون قد قَرُبَ بعض العذاب لكم قبلَ قيام القائم ( عجّل الله تعالى فرجه ) فسيبقَرُ بطن واحدٍ وسيقتل آخر وستهلِكُ بني اُميّة وغيرها ، ﴿وإنَّ ربَّك لذوفضلٍ على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون﴾ وبالتأكيد إن ربك يا محمد لذو فضل على الناس في تأخير قيام القائم المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) والإِنتقام من المنافقين ولكنَّ أكثرهم لا يشكرون هذا الفضل منه .
﴿وإنَّ ربَّك ليعلمُ ما تكِنُّ صدورهم وما يعلنون﴾ وبالتأكيد أيضاً إنَّ ربَّك يا حبيبي ليعلم كاملاً ما تخُفي صدورهم من الحقد والحسد لأهل بيتك ( عليهم السلام ) وما يعلنون لهم من البغضاء، ﴿وما من غائبةٍ في السماء والأرض إلاّ في كتابٍ مُبين﴾ ومامن خافيةٍ وما من سرٍّ ومستورٍ في السماء والأرض والصّدور والقلوب والضمائر والنيّات إلاّ في كتابِ اللّوح المحفوظ واضحٌ لك ولعليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿إنَّ هذا القرآن يقصُّ على بني إسرائيل أكثر الذي هُم فيه يختلفون﴾ بالتأكيد إنّ هذا القرآن وحيٌ من الله يقصُّ على الناس بالأخصّ بني إسرائيل قصص أنبيائهم كسُليمان قصصاً واقعيّةً صحيحةً بعد أن هم اختلفوا بينهم حولها ، ﴿وإنّه لهُدىً ورحمةً للمؤمنين﴾ وإنّ هذا القرآن هو مزيدُ هدايةٍ وسبب رحمةٍ للمؤمنين من شيعة عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيث يزيدهم تمسُّكاً به وبالعترة ، ﴿إنَّ ربّك يقضي بينهم بحُكمِهِ وهو العزيز العليم﴾ وبالتأكيد إنّ ربّك يا محمد سيقضي بين المؤمنين والمنافقين وبين أهل بيتك ( عليهم السلام ) وأعدائهم يوم القيامة وهو العزيزُ في حكمه العليمُ في قضائه .
﴿فتوكَّل على الله إنّك على الحقِّ المُبين﴾ فتوكَّل يا رسول الله على الله في دعوةِ الناس الى ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) إنّك على الحقّ الواضح إذ أمرك اللهُ بذلك ، ﴿إنّك لا تُسمِعُ الموتي ولا تُسمِعُ الصُمَّ الدُّعاء إذا وَلّوا مُدبرين﴾ ويا حبيبي إنّك لا تُسمِعُ في دعوتك الى ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) من قلوبهم ميّتة والموتي ضمائرهم وهم طروشٌ صمّوا آذانهم عن دعوتك وولَّوا مدبرين عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿وما أنتَ بهادي العُمى عن ضلالتهم إن تُسمِعُ إلاّ من يُؤمن بآياتنا فهم مسلمون﴾ ويا حبيبي ما أنت بقادرٍ على هداية عُمى القلوب عن ضلالتهم وبُغضهم لعليٍّ ( عليه السلام ) إن تُسمعُ بدعوتك إليه إلاّ مَن يؤمن بالله وبآياته النازلة بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) وهمُ المسلمون لا المنافقين، ﴿وإذا وقع القولَ عليهم أخرجنا لهم دابّةً من الأرض تكلِّمُهُم أنّ الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون﴾ وحينما وقع القولُ من الله وحان موعد عذابهم أخرجنا لهم إماماً مهديّاً يدبُّ في الأرض فلا يمنعه مانِعٌ فيكلِّمهُم بأنّ الناس كانوا بآياتنا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) لا يوقنون .
﴿ويوم نحشُرُ من كلِّ اُمَّةٍ فوجاً ممَّن يُكذِّبُ بآياتنا فهم يوزعون﴾ ويوم قيام القائم المهديّ ( عليه السلام ) نحشُرُ للرَّجعة من كلِّ اُمّةٍ من المنافقين من صدر الإِسلام حتىّ يوم قيامه فوجاً ممَّن يكذِّبُ بآيات الولاية فهُم يُساقون لديه ، ﴿حتى إذا جاؤا قال :- أكذَّبتم بآياتي ولم تحُيطوا بها علماً أم ماذا كنتُم تعلمون ؟﴾ وحينما يحُشَرون وجاؤوا بين يدي المهدي ( عليه السلام ) قال لهم أكذَّبتم رسول الله بالآيات النازلة بشأن ظهوري وقيامي ؟ ولم تعرفوا معناها أم ماذا كنتم تعلمون من قيامي ؟ ﴿ووقَعَ القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون﴾ فعند ذلك وقع القول عليهم من الله بالانتقام منهم وتعذيبهم في الدّنيا قبل الآخرة بما ظلموا في حقّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) فيصلبُهم المهديّ ويحرِّقهُم ،وهم لا ينطقون ، ﴿ألم يَرَوا أنّا جعلنا اللّيل ليسكُنوا فيه والنّهار مبصراً﴾ ألم يُشاهِدوا باُمّ أعيُنهم أنَّ الله هو الذي قدَّر اللّيل ليهدأوا فيه والنّهار ليُبصروا فيه الاُمور فهكذا ليلُ غياب المهديّ ( عليه السلام ) وصُبحُ ظهوره ، ﴿إنَّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون﴾ بالتأكيد إنّ في خلقِ الليل والنهار وفي إتيانهما مثلاً لكم لدلالاتٍ وبراهين لقومٍ يؤمنون بولاية آل محمدٍ وقيام القائم المهديّ ( عليه السلام ) .
﴿ويومَ يُنفَخُ في الصّور ففزِعَ من في السّماواتِ ومن في الأرض﴾ وحينما يحينُ موعدُ القيامة والبعث والنشور وينفخ إسرافيل في البوق والقرن يفزعُ جميع الخلائق من الملكِ والجنّ والإِنس والحيوان في السماوات والأرض ، ﴿إلاّ من شاء اللهُ وكلٌّ أتوهُ داخِرين﴾ ما عدا من شاء اللهُ أن لا يفزعُوا من الخلائق وهم محمدٌ وآلُ محمدٍ ( عليهم السلام ) المعصومين وبعد النفخة كلُّ الخلق يأتون للمحشر ذليلين إلاّ من شاء عزَّتَهُم وهم محمدٌ وآله ( عليهم السلام ) ، (﴿وترى الجبال تحسبُها جامدةً وهي تمُرُّ مرَّ السحاب﴾ وحينما ينفخُ إسرافيلُ في الصّورِ ترى يا رسول الله الجبال وتحسبُها واقفةً كما كانت سابقاً ولكنّها تسير مبثوثةً وتكونُ كالعِهن المنفوش والسّحاب ، ﴿صُنعَ اللهِ الذي أتقن كلّ شيءٍ إنّهُ خبيرٌ بما تفعلون﴾ ويصنعُ الله بالجبال ذلك حتى يستوي سطح المحشر فتسَعُ الخلائق فيه ويكونُ ميداناً للمحاكمة إتقاناً من الله فهو خبيرٌ بأعمالكم فلا بُدَّ من الحساب عليها .
﴿من جاءَ بالحسنة فلَهُ خيرٌ منها وهُم من فزَعٍ يومئذٍ آمنون﴾ ويوم الحساب من جاء بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ومودّتهم مع العمل الصالح والحسنات فلهُ ثوابٌ وأجرٌ خيرٌ منها وهي الجنّة ورضى الله والأمن من فزع ذلك اليوم ، ﴿ومن جاء بالسيّئة فكُبَّت وجوههم في النّار هل تجُزَونَ إلاّ ما كنتم تعملون ؟﴾ ومن جاء يومئذٍ بعداوة محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومخالفتهم وإيذائهم وظُلمهم كخلفاء الجور وأتباعهم فكُبّوا على وجوههم في نارِ جهنَّم و يُقال لهم هل تجُازون إلاّ ما كنتم تعملون من الظُّلم لمحمدٍ وآل محمد ٍ( عليهم السلام ) ؟؟؟ ﴿إنمّا اُمِرتُ أن أعبُدَ ربّ هذه البلدةِ الذي حرَّمها ولهُ كلّ شيءٍ و اُمِرتُ أن أكونَ من المسلمين﴾ فقُل لهم يا حبيبي لم يأمُرني الله إلاّ أن أعبدُهُ وحده هو ربّ الكعبة ومكّة التي جعلها البيت الحرام وهو مالكُ كلّ شيءٍ وأمرني أن أكون من المسلمين الموالين لعليٍّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ﴿وأن أتلو القرآن فَمَن اهتدى فإنمّا يهتدي لنفسه﴾ وأمرني اللهُ تعالى أن أتلُوا آيات القرآن عليكم واُبَلِّغَ الوحيَ إليكم واُبَلِّغَ ما اُنزِلَ إليَّ في ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) فمن اهتدى بولايته فإنمّا يكون نتيجة هدايته لنفسه ، ﴿ومن ضلَّ فقُل إنمّا أنا من المُنذرين﴾ ومن ضلّ منكم عن الهداية وعن الولاية لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) واتَّبَع خُلفاء الجور والظالمين فقل يا حبيبي له إنمّا أنا من المنذرين لكم عاقبة ضلالکم، ﴿وقُلِ الحمدُلله سيُريکم آياته فتعرفونها﴾ وقُل يا رسول الله : الحمدُ للهِ على كلّ حال سواءً اهتديتم أو ضللتم فإنّه سيريكم تأويل آياته بشأن آل محمدٍ ( عليه السلام ) فتعرفونها ، ﴿وما ربُّكَ بغافلٍ عمّا يعملون﴾ وما ربُّكَ يا حبيبي بغافلٍ عن المنافقين المناوئين لولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) وعمّا يعملون من الظُّلم والجور بحقِّهم بل سينتقمُ منهم ، ( صدق اللهُ العليُّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 489-475 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *