سورة العنكبوت
2016-06-18
سورة الطّور
2017-02-20

(30)
سورة سبأ

﴿بِسمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيم ألحَمدُ لِلّهِ﴾ أبدأُ الوحي بإسم ذات جلالتي . وبإسم رحمانيّتي الواسعة ورحيميّتي الخاصة والمجد والثناء خاصٌّ لذاتي القدسيّ ، ﴿الذي له ما في السماوات وما في الأرض﴾ فالله هو المالكُ الحقيقيّ لكلّ ما سواه فله كلّ ما في السماوات من الأفلاك والأملاك وما في الأرض من الحيوان والجنّ والإِنس والنَّبات والجماد، ﴿ولهُ الحمدُ في الآخرة وهو الحكيمُ الخبير﴾ فكما أنّه يحُمَدُ على نعمه وآلائه وأياديه وإفضاله في الدنيا فله الحمد أيضاً على نعمهِ لأهل الجنّة وعذابه لأهل النار وهو الحكيم في أفعاله الخبير بصنعه .
﴿يعلمُ ما يلِجُ في الأرض وما يخرج منها وما ينزلُ من السماء وما يعرجُ فيها وهو الرحيم الغفور﴾ واللهُ أحاط بكلِّ شيءٍ علماً يعلم ما يدخُلُ جوف الأرض من ماءٍ أو جنٍّ وغيره وما يخرج منها من زرعٍ ومعدنٍ وما ينزل من السماء مطراً وملك وما يصعد فيها وهو الرّحيم بخلقِهِ الغفور لعباده ، ﴿وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعةُ قُل بلى وربّي﴾ ومع كلّ هذا الحمد والمجد والثناءُ الخاصّ لله قال الذين كفروا بالله واليوم الآخر وبولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) : لا تأتينا ساعة القيامة قُل لهُم بَلیٰ يقيناً تأتي اُقسِمُ بربّي ، ﴿لتأتينّكم عالِمُ الغيب لا يَعزُبُ عنهُ مثقالُ ذرّةٍ في السماوات ولا في الأرض﴾ فقسماً بربّي لتأتينّكم الساعة واللهُ يعلم موعدها فيُخبرني به وهو عالمٌ بالغيب لا يخفى عن عِلمه وزنَ ذرَّةٍ من أوزان المادّة شيءٌ في السماوات ولا في الأرض ، ﴿ولا أصغَرَ من ذلك ولا أكبَرَ إلاّ في كتابٍ مُبين﴾ ولا يخفى عن علمه شيءٌ أصغر من الذرَّة كنواتها التي لا تُریٰ بالعين المجرَّدة ولا أكبر منها فيعلم بها وبجميع أجزاءِ الكون وما فيها إلاّ علمها في اللّوح المحفوظ ، ﴿ليجزيَ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أُولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريم﴾ فالله سبحانه سيجزي ويُثيبُ الذين آمنوا بالله وبولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وعملوا الصالحات في الدنيا والآخرة و لهم يوم القيامة مغفرةٌ لجميع ذنوبهم ورزقٌ في الجنّة كريمٌ مُحتَرَمٌ .
﴿والذين سعوا في آياتنا مُعاجزين أُولئك لهم عذابٌ من رجزٍ أليمٌ﴾ وأمّا الذين لم يؤمنوا بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) واهتمّوا كي يغلبوننا بإنكار آياتنا التي أنزلناها في آل محمدٍ ( عليهم السلام ) أُولئك لهم عذابٌ من النّوع الشديد جداً مؤلمٌ في الجحيم ، ﴿ويرى الذين اُوتوا العلم الذي اُنزِلَ إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ ورأيُ الذين اُوتوا العلم بفضائل عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) إن َّالذي اُنزل إليك بشأن آل محمدٍ ( عليهم السلام ) من ربّك هو الحقُّ وولاؤهم يهدي إلى الصراط المستقيم لله العزيز المحمود في فعاله .
﴿وقال الذين كفروا هل ندُلُّكم على رجُلٍ يُنَبِّئُكُم إذا مُزِّقتُم كُلّ مُمَزّقٍ أنّكم لفي خلقٍ جديد﴾ وقال الذين كفروا بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) والقيامة إستهزاءً بكَ يا رسول الله لحزبهم : هل ندُلُّكم على رجُلٍ. يخبِرُكُم بأنّكم بعد ما تتبعثر أجسادكم في القبور تعادون يوم القيامة في خلقٍ جديدٍ ! ﴿إفتری علی اللهِ کذباً أم بهِ جِنَّهٌ﴾ إن هذا الرجل محمدٌ قد کذب علی الله بادّعاء نسبةٍ إليه من هو نفسه أم به جنونٌ من مسّ الجنّة ؟؟ ﴿بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضَّلال البعيد﴾ كلاّ إنّه لم يكذب على الله ولم يك به جنّةٌ بل الذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يؤمنون بمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) سيعذَّبون في العذاب الجحيم وهم في الضّلال البعيد عن الهداية ، ﴿أفلم يَروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض﴾ ألم ينظر المنافقون إلى ما يُشاهدون أمامهم وما يكون وراءهم من سماءٍ وأرضٍ قائمةٍ بإذن الله ومشيئته وقد ولىّ عليهما محمّداً وآله ( عليهم السلام ) ﴿إن نشأْ نخَسِف بهم الأرض أو نُسقِط عليهم كِسفاً من السماء إنّ في ذلك لآية لكلّ عبدٍ مُنيب﴾ وإن تتعلَّق مشيئتنا بأن نخسِف بهم الأرض فتبتلعهم كقارون فمن ينقذهم منًّا ؟ أو نُسقط عليهم قطعةً من السماء صاعقةً فمن يُنجّيهم ؟ إنَّ في هذا للدلالةٍ لكلِّ عبدٍ توّابٍ ، ﴿ولقد آتينا داوُدَ مِنّا فضلاً يا جبال أوِّبی مَعَهُ والطّير وألَنّا لَهُ الحديد﴾ فاطلبوا من فضل الله ولقد آتينا داوُد والد سليمان النبيّ مِنّا فضلاً كثيراً فقُلنا للجبال رَدِّدي معه التسبيح والمناجاة وكذلك للطّير : رَجِّعي مع داودَ وليَّنا لَهُ الحديد ، ﴿أنِ اعمل سابغاتٍ وقدَّر في السَّرد واعملوا صالحاً إنّي بما تعملون بصير﴾ وقلنا له لَيَّنّا لكَ الحديد لكي تصنع الدّروع الوافية الواقية ودبِّر المقدار المتساوي في حلقاتِ السَّرد والدرع واعملوا يا بني إسرائيل صالحاً إنّي بما تعملون بصيرٌ أری عملکم .
﴿ولسليمان الرّيح غُدُوّها شهرٌ ورواحُها شهرٌ و أسلنا لهُ عين القطر﴾ وكذلك تفضّلنا على سليمان حيث سخَّرنا لسُليمان الرّيح فكان يأمرها بالذّهاب إلى مسافة شهرٍ ورجوعها شهرٌ وأذبنا له عين النُّحاس ، ﴿ومِنَ الجنّ مَن يعمل بين يديه بإذن ربّهِ ومن يزغ منهم عن أمرنا نُذِقهُ من عذابِ السّعير﴾ وسخّرنا لسليمانَ من الجنّ من يعمل بين يديه في البناءِ بإذن الله ومن ينحرِف من الجنّ عن أمر الله وأوليائه نذيقه من عذاب النار السَّعير ، ﴿يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفانٍ كالجوابِ وقُدورٍ راسياتٍ﴾ يصنعون ويبنون لسليمان ما يريدُ من أبراجٍ للحرب وحصونٍ ومجسّماتٍ منحوتَةٍ في الرُّخام وصحونٍ كالأحواض وقُدورٍ ضخمةٍ ثابتةٍ في محلّها ، ﴿إعملوا آل داوُدَ شُكراً وقليلٌ من عباديَ الشَّکور﴾ فهذه النِّعَم أنعَمَ اللهُ بها على بني إسرائيل بواسطة داوود فاعملوا يا بني إسرائيل آل داوُدَ وعشيرته شُكراً لهذه النعم وآمنوا بولاية محمد وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وقليلٌ من يشكر النعم ! ﴿فلمّا قضينا عليه الموت ما دلّهُم على موتِهِ إلاّ دابّة الأرض تأكلُ مِنسأته﴾ وحينما قضى الله على سليمان بالموت المحتَّم وهو قائمٌ يُشرُِف على أعمالِ الجنّ فمرّت مُدّة وهُم يعملون ولا يعلمون بموته ولم يدلهّم عليه إلاّ الأرضة أكلَت عصاهُ فخرّ على الأرض ، ﴿فلمّا خرَّ تبيّنَت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المُهين﴾ فلمّا خرَّ سليمان على الأرض جُثَّةً هامِدَةً إنكشف للجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب لما جَهِلوا بموته وما داموا واستمرّوا في العمل الشاقّ في البناء .
﴿لقد کان لسبأٍ فی مسکنهم آيةً جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ﴾ وبالتاکيد کان لقوم سبأٍ في اليمن مملكة بلقيس في موطنهم وبلدتهم آيةً تدلُّ على عظمة الله بُستانين في طرفي البلدة تحُفُّها ، ﴿كلوا من رزق ربِّكُم واشكروا لهُ بلدةٌ طيّبةٌ ورَبٌّ غفورٌ﴾ فقال لهم سليمان : كُلوا من الثمرات والفواكه من البُستانين وذلك رزق ربّكم واشكروا لهُ على النعمة وأن وفَّقكم للإِيمان بلدةٌ طيبةٌ آمنت وربٌّ غفورٌ لما سلَفَ منکم ، ﴿فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيلَ العَرِمِ ، وبدَّلناهُم بجنَّتَيهِم جَنّتَينِ ذَواتَي اُكُلٍ خَمطٍ وأثلٍ وشيءٍ من سِدرٍ قليل﴾ فأعرضوا عن شُکرِ النِّعَم فَفَسَقوا فأرسلنا عليهم سيلَ الماءِ المُقتَلِعِ للبناء وبدَّلناهُم مکانَ الجَنتين بُستانَين ذَواتيَ فواكِهَ مُرَّةٍ وشجرَ الطّرفاء وجُزء من نَبقٍ قليل ، ﴿ذلك جزيناهُم بما كفروا وهل نجُازي إلاّ الكفور؟﴾ ذلك السّيلُ والتبديل كان جزاءُنا لهم بما كفروا بنعمة الله ولم يشكروا وهل نُعذِّبُ في الدّنيا بهذا العذاب إلاّ من يكفُرُ بالنِّعَم ولا يشكرها منكم أيّها المسلمون ؟؟؟ ﴿وجعلنا بينهم وبين القُرى التي باركنا قُرىً ظاهرةً وقدَّرنا فيها السَّيْر سيروا فيها لياليَ وأیّاماً آمنين﴾ وجعلنا بين المسلمين وبين الأئمة المعصومين الذين باركناهم علماء فقهاء كالقرى الظاهرة كما جعلنا بين قوم سبأٍ وبين المدن العامرة وقُلنا سافروا إليها بسلامٍ ، ﴿فقالوا ربَّنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزّقناهم كلّ مُمَزَّقٍ﴾ فبدل أن يشكروا هذه النعمة وهى قرب المنازل وأمن الطريق قالوا : ربّنا باعد بين المنازل في أسفارنا وظلموا أنفسهم بهذا الدُّعاء فأهلكناهُم بالسيل وجعلناهم لمن بعدهم عبرة يتحدّثون بها ومزّقناهم في البلاد كلَّ ممزّقٍ ، ﴿إنَّ في ذلك لآياتٍ لكلِّ صبّارٍ شكورٍ﴾ إنّ في عاقبة قوم سبأٍ لآياتٍ وعبَر ودلالاتٍ إلهيّةٍ لكلِّ مؤمنٍ من شيعة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) صبّارٍ على المعاصي وعلى جور وُلاة الجور شكورٍ لنعمة ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، «ولقد صدَّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه فاتّبعوه إلاّ فريقاً من المؤمنين﴾ وبالتأكيل لقد صدّق في أعداء آل محمد إبليسٌ ظنّه بأنهّم يُطيعوهُ ويُعادونَ عليّاً ( عليه السلام ) فيتّبعون الشيطان بعد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلاّ فريقاً من المؤمنين بولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) كسلمان وأبي ذرٍّ والمقداد وعمّار وغيرهم ، ﴿وما كان لهُ عليهم من سُلطانٍ﴾ وما كان لإِبليس على فريق الشّيعة المؤمنين الموالين لمحمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) سلطانٌ وقوَّةٌ وقدرة على أغوائهم فلا يطيعوه أبداً، ﴿إلاّ لِنَعلَمَ من يؤمِنُ بالآخرة ممَّن هو منها في شكٍّ وربُّكَ على كلِّ شيءٍ حفيظ﴾ وما كان لإِبليس سلطانٌ على غير الشيعة المؤمنين إلاّ لنختَبِرهم ونعرف من يؤمن بالمعاد ممَِّن هو منافِقٌ يشكُّ فنُعاقبُهُ لذلك فالله رقيبٌ على كلّ شىءٍ يفعلوه ، ﴿قُل اُدعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرّةٍ في السّماوات ولا في الأرض﴾ قال للمنافقين يا حبيبي : اُدعوا خُلَفاءَ الجور الذين ادّعَيتُم باطلاً ولايَتَهُم من دون اللهِ ليخلُقوا لكُم ولو ذُباباً حتّى تعرفوا أنهّم لا يملكون بمقدار وزن ذرّةٍ في السماوات ولا في الأرض ! ﴿وما لهُم فيها من شركٍ وما لهُ منهم من ظهيرٍ﴾ وكي تعلموا بأنّ خُلفاء الجور ليس لهم في السماوات والأرض شركةٌ مع الله في قدرته وليس لله تعالى من خُلفاءِ الجور من مُعينٍ ، ﴿ولا تنفَعُ الشفاعة عنده إلاّ لمن أذن له﴾ وكي تعلموا أنّه لا تنفع شفاعة أحدٍ عند الله إلاّ لمن أذنَ له في الشفاعة وهم محمدٌ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وحواريهم ، ﴿حتّى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير﴾ ويوم القيامة حينما يُكشف الفزعُ عن قلوبِ الشيعة بشفاعة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) قالوا لهم شفعاؤهم ماذا قال ربُّكم فينا ؟ قالوا : قال الحقّ فيكم وهو العليُّ الكبير وشفيعُنا العليُّ الوليُّ ، ﴿قُل مَن يرزقكم من السماوات والأرض ؟ قُل الله﴾ قُل للمنافقين يا حبيبي : من يرزقکم من السماوات الأمطار ومن الأرض الزَّرع والمعادن ؟ فإن لم يجُيبوا ، قُل لَهُمُ اللهُ هو الرزّاق ، ﴿وإنّا أو إيّاكم لعلى هُدىً أو في ضلالٍ مُبين﴾ فبما أنَّ الله هو الوليُّ الرّازِقُ لخلقه فقُل لهم لا محالة نحنُ وإياكم على نقيضِ في العقيدة والعمل فإمّا نحنُ أو أنتُم على هُدىً وإمّا نحن أو أنتُم على ضلالٍ واضحٍ فبديهيٌّ بأنّنا على هُدىً وأنّكم على ضلال .
﴿قُل لا تُسألونَ عمّا أجرمنا ولا نُسألُ عمّا تعملون﴾ قُل للمنافقين يا حبيبي : إنّ اللهَ لا يحاسبكم ويسألكم يوم القيامة إذا كُنّا أجرمنا بدعوتكم إلى ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ولا نحاسب نحن عمّا تعملون من النفاق ، ﴿قُل يجمع بيننا ربّنا ثمَّ يفتح بيننا بالحقّ وهو الفتّاح العليم﴾ قُل لهم يا حبيبي : سيجمعنا اللهُ جميعاً للحساب ثُمَّ يحكُمُ بالفتح والفوز والنصر لمن هو على الحقّ منّا على عدوّهِ واللهُ هو الحاكم بالفتح العالمُ بالخلق ، ﴿قل أروني الذين ألحقتُم به شركاء كلاّ بل هو اللهُ العزيز الحكيم﴾ قل لهم يا حبيبي : دعوني أرى الذين ألحقتُم طاعتهم بطاعة الله شركاء هل لله شريكٌ في الطاعة والعبادة قُل لهم كلاّ هيهات بل اللهُ هو العزيز الحكيم في حكمه ، ﴿وما أرسلناكَ إلاّ كافّةً للنّاس بشيراً ونذيراً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون﴾ وما أرسلناك يا رسول الله إلاّ إلى جميع الناس كافةً بشيراً لهم إذا والوا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ونذيراً لهم إذا خالفوهم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ذلك !
﴿ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين﴾ ويقول المنافقون لكم : متى هذا الوعد بالعذاب الإِلهي إن لم نُوالِ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) إن كنتم صادقين يا محمداً وآله ( عليهم السلام ) ، ﴿قُل لكم ميعادُ يوم لا تستأخرون عنه ساعةً ولا تستقدمون﴾ فيا حبيبي قل في جوابهم : لكُم ميعادُ أجلكم المحدَّد المعيَّن يوم لا تستأخرون عنه ساعةً ولا تستقدمون فتنقلون إلى العذاب ، ﴿وقال الذين كفروا لن نؤمِن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه﴾ وقال الذين كفروا بالله وبولاية محمدٍ وآل محمدٍ (عليهم السلام ) : أبداً لن نؤمن بهذا القرآن النازل بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) ولا بعليٍّ الذي بين يديه وقرينه ، ﴿ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهّم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول﴾ ولو ترى يا حبيبي لتفرح إذ الظالمون لأهل بيتك ( عليهم السلام ) التّاركون ولايتهم موقوفون للحساب بين يدي الله يوم القيامة فيتلاومون بينهم التابع والمتبوع ، ﴿يقولُ الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين﴾ فيومئذٍ فقوله المخالفين التابعين لولاة الجور وخلفاء الباطل الذين استضعفوهم الخلفاء ، للحكام الذين استكبروا وغلبوا على الحكم وطغوا : لولا أنتم لكنّا مؤمنين بولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿قال الذين استكبروا للذين استُضعفوا أنحنُ صددناکم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كُنتم مجرمين﴾ ويقول الخلفاء الذين استكبروا وغصبوا الخلافة من آل محمدٍ لأتباعهم الذين استضعفوهم هل نحن منعناكم بالسّيف عن ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) بعد إذ جاءكُمُ الهدى وبلَّغکم رسولُ الله بولايتهم ؟ بل كُنتم مجرمين باتّباعنا .
﴿وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر اللّيل والنهار إذ تأمروننا أن نكفُر بالله﴾ ويقول الذين استضعفوهم خلفاء الجور فاتَّبعوهم للذين استكبروا وطغوا بالخلافة بل أنتم مكرتمونا ليلاً ونهاراً إذ أمرتمونا أن نكفُرَ بالله وآياته النازلة بشأن آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿ونجعل له أنداداً وأسرّوا الندامة لمّا رأوا العذاب﴾ وأنتم مكرتمونا ليل نهار على أن نجعل لعليٍٍّ ( عليه السلام ) أعداءً وأنداداً له في الخلافة وأنداداً لله في الطاعة وأسرّوا الندامة على ترك ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لمّا رأوا النار ، ﴿وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلاّ ما كانوا يعملون﴾ وعنئذٍ لو ترى يا حبيبي لتفرحُ كثيراً حينما نجعل الأغلال في أعناق الذين كفروا بالله وبولايتكم ولا يجُزَون إلاّ ما كانوا يعملون من النفاق، والظُّلم والعدوان ، ﴿وما أرسلنا في قريةٍ من نذيرٍ إلاّ قال مُترفوها إنّا بما اُرسلتم به كافرون﴾ ويا حبيبي لا تحزن من كُفر المنافقين بالولاية فما أرسلنا في قريةٍ من رسولٍ نذيرٍ قبلكَ إلاّ وقال طُغاتهُا نحنُ بما اُرسِلتُم به كافرون وهكذا طُغاةُ بني اُميّة وغيرهم ، ﴿وقالوا نحنُ أكثرُ أموالاً وأولاداً وما نحنُ بمعذّبين﴾ وقال المنافقون المناوِؤن لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) : نحن أكثر أموالاً وأولاداً من محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقد مات إبنه فبقي أبتر وما نحن بمعذَّبين نفقد الأموال والأولاد .
﴿قُل إنَّ ربّي يبسط الرِّزق لمن يشاءُ ويقدر ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون﴾ قل لهم يا حبيبي : إنّ ربّي اللهُ أعطانا الولاية والآخرة وأعطى عدوّنا المال والدّنيا وهو يبسط الرِّزق في الدنيا اختباراً لمن يشاءُ ويضيِّقُ اختباراً ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون السبب ، ﴿وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تُقِرّ بكم عندنا زُلفي﴾ وقل لهم يا حبيبي : إنّكم تغترّونَ بالأموال والأولاد وما أموالكم ولا أولادكم يا منافقين تكون بالتي تقرّ بكم عند الله منزلةً ودرجةً، ﴿إلاّ من آمن وعمل صالحاً فأُولئك لهم جزاء الضِّعف بما عملوا وهم في الغرفاتِ آمنون﴾ وقل لهم إلاّ من آمن بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فأمواله وأولاده تُقَرَّبُهُ إلينا زُلفى إذا عمل صالحاً فأولئك لهم ثوابُ الضعف لما أنفقوا وهم في غُرفات الجنّة آمنون من العذاب .
﴿والذين يسعَون في آياتنا مُعاجزين اُولئك في العذاب مُحضرون﴾ وقل لهم إنّ الذين يسعون في آياتنا النّازلة بشأن أهل البيتِ ( عليهم السلام ) ليُعجزونا ويغلبوا إرادتنا فيُعادون آل محمدٍ ( عليهم السلام ) أُولئك في عذاب جهنّم محُضرون ، ﴿قُل إنّ ربّي يبسط الرِّزق لمن يشاء من عباده ويقدِر لهُ﴾ قل يا حبيبي ثانيةً لتؤكّد عليهم إنّ ربّي اللهُ الرازقُ يبسط الرزق في الدنيا لمن يشاءُ إختباراً له من العباد ويقدر عليه الرّزق إختباراً ، ﴿وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه وهو خيرُ الرّازقين﴾ وقُل للمؤمنين : ما أنفقتم من شىءٍ من الأموال في سبيل الله فإنّ الله يخلفُهُ عليكم فيرزقكموهُ بعد الإِنفاق وهو خيرُ الرّازقين لا خُلفاء الجور ، ﴿ويوم يحشرهم جميعاً ثُمَّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكُم كانوا يعبدون ؟﴾ وتذكّر يوم يحشرُهُم اللهُ جميعاً للحساب ثُمَّ يقول للملائكة اسألوا الخلفاء أهؤلاء النّاس كانوا إيّاكم يعبدون من دون الله ؟ ﴿قالوا سُبحانك أنت وليُّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنّ أكثرهم بهم مؤمنون﴾ فتسمع الملائكة قالوا نُقدِّسك اللهمّ من الشُّركاء أنت وليُّنا فقط من دون خلفاء الجور بل كان النّاسُ يعبدون الشياطين بطاعة الخلفاء وأكثرهم بهم مؤمنون ، ﴿فاليوم لا يملك بعضكم لبعضٍ نفعاً ولا ضرّاً﴾ فيقول تعالى : اليوم لا يملك بعضكم من التّابعين والمتبوعين لبعضٍ نفعاً من شفاعةٍ أو نجاةٍ ولا تملكون ضرّاً لشيعةِ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿ونقول للّذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتُم بها تُكذِّبون﴾ ويقولُ اللهُ ونبيُّنا وأهل بيته للّذين ظلموا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم : ذوقوا عذاب النّار التي كنتُم بها تُكَذِّبون في الدّنيا ، ﴿وإذا تُتلیٰ عليهم آياتنا بيّناتٍ قالوا ما هذا إلاّ رجُلٌ يريدُ أن يصُدّكم عمّا كان يعبُدُ آباؤكم﴾ وإذا تتلو يا حبيبي على قريشٍ آياتنا بشأنِ أهل بيتك ( عليهم السلام ) واضحاتٍ قالوا ما محُمَّدٌ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلاّ رجلٌ يريد أن يمنعكم عمّا كان يعبد آباؤكم من الأصنام والأوثان ، ﴿وقالوا ما هذا إلا إفكٌ مُفترىً وقال الذين كفروا للحقّ لمّا جاءهم إن هذا إلاّ سحرٌ مبين﴾ وقالوا ما ادّعاؤهُ هذا إلاّ إفكٌ كذبٌ افتراهُ على الله وقال الذين كفروا بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) للحقّ لمّا جاءهُم بشأنِ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) من الله : ما هذا إلاّ سحرٌ واضحٌ ، ﴿وما آتيناهُم من كُتُب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلكَ من نذيرٍ﴾ كيف يقولون إن هذا إلاّ سحرٌ مع أنّنا ما أنزلنا عليهم قبل القرآن من كُتُبٍ عربيّةٍ يدرسونها فيختلفُ القرآن عنها وما أرسلنا إليهم قبلَكَ من رسولٍ ينذرهم ويحذّرهم منك .
﴿وکذَّب الذين من قبلهم وما بلغو معشار ما آتيناهم فکذّبوا رسالی فکيف کان نکير﴾ فيا حبيبی إن يکذّبوك فقد کذّب الذين من قبلهم من الکفّار رسلهم وما بلغوا هؤلاء عشر معشار ما آتينا الذين قبلهم من قوّة وثروة فكذّبوا رُسُلي فأهلكتهم فكيف كان إنكاري عليهم ؟؟؟ ﴿قُل إنمّا أعظكُمُ بواحدةٍ أن تقوموا لله مثنى وفُرادى﴾ قُل يا حبيبي للعرب : إنمّا أعظكُمُ بخصلةٍ واحدةٍ تكفيكم في الدّنيا والآخرة هي أن تقوموا للدّفاع عن محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) لله إثنين إثنين وفرداً فرداً، ﴿ثُمَّ تتفكَّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ إن هو إلاّ نذيرٌ بين يدي عذابٍ شديد﴾ وقل لهم : ثُمَّ أدعوكم أن تتفكّروا ما بي وأنا صاحبكم الصّادق الأمين من جنونٍ حينما أدعوكم لبيعة عليٍّ ( عليه السلام ) إن أنا إلاّ نذيرٌ لکم قبل نزول عذابٍ شديدٍ عليکم ، ﴿قل ما سألتکم من أجرٍ فهو لكم﴾ وقل لهم يا حبيبي : ما سألتكم من أجرٍ من المودّة في القربي والتمسّك بالعترة وبيعة عليٍّ ( عليه السلام ) بالولاء فهو لكم فائدة وثواب ، ﴿إن أجري إلاّ على الله وهُو على كلِّ شيءٍ شهيد﴾ فليس أجري على إبلاغ الرسالة وتحمُّل الشدائد في سبيل الدّين إلاّ على الله وهو على كلّ شيءٍ شاهدٌ خبيرٌ، ﴿قُل إنَّ ربِّئ يقذفُ بالحقّ علاّم الغيوب﴾ وقُل لهم إنّ ربّي الله هو يقذف الوحي بالحقِّ إليَّ في حق عليٍّ فعليٌّ مع الحقِّ والحقُّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) واللهُ علاّمُ الغيوب فيعلم من الأصلح للخلافة .
﴿قُل جاء الحقُّ وما يبدىءُ الباطلُ وما يُعيد﴾ قل يا حبيبي : جاء الحقُّ من الله بشأنِ عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وما يبدىءُ الباطل المتمثِّلُ في بني أميّة حياته بعد هذا ولا يعيد الكفر الغابر، ﴿قل إن ضللتُ فإنمّا أضلُّ على نفسي﴾ قل لهم يا حبيبي : إن تقولون أنّي ضللتُ عن جادَّة الحقّ والصواب بنصبي لعليٍّ ( عليه السلام ) خليفةً من بعدي فإنمّا يعود ضلالي على نفسي ، ﴿وإن اهتديتُ فبما يُوحي إليَّ ربِّي إنّه سميعٌ مجيبٌ﴾ وإن كنتُ قد اهتديت بإبلاغ ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) فذلك بفضل وحي ربّي إليَّ حيثُ أمرني بذلك إنّه سميعٌ لدُعائي قريبٌ لي مجُيبٌ قولي : اللهُمَّ والِ مَن والاهُ، وعادِ مَن عاداه …
﴿ولو ترى إذ فُزِعوا فلا فَوْتَ واُخذوا من مكانٍ قريب﴾ ولو ترى يا رسول الله وقطعاً سوف ترى حينما يَشملُهُم الفزعُ يوم الفزعِ الأكبر فلا فوْتَ وفرارَ لهُم من عذابِ الله واُخِذوا إلى النار من ساحة المحشر من مكانٍ قريبٍ من موقفِ عليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿وقالوا آمنّا بِهِ وأنّیٰ لهُمُ التّناوشُ من مكانٍ بعيد﴾ فعندئذٍ يستغيثون قائلين آمنا بعليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) وولايته ومن أين لهم أن ينالوا وينوشوا ولايته من مكانٍ بعيد ٍعن الدنيا؟؟؟ ﴿وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد﴾ فكيف لهم التّناوش لولاء عليٍّ ( عليه السلام ) وقد كفروا به من قبل في الدنيا ويلقون قولاً بولاءٍ غاب عنهم زمانه من مكانٍ بعيدٍ عن الدّنيا ، ﴿وحيل بَينَهُم وبين ما يشتهون﴾ فيوم القيامة حيلَ وفُصِلَ بين مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) ومُناوئي آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وبين ما يشتهون من النجاة من عذاب الله والشفاعة ، ﴿كما فُعِلَ بأشياعهم من قبلُ إنهّم كانوا في شكٍّ مريب﴾ كما حيل بين شيعتهم وأتباعهم وبين ما يشتهون من الشّفاعة والخلاص من العذاب لمن قبلهم إنهّم في شكٍّ موقِعٍ في الإرتياب من ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) . ( صدق الله العليُّ العظيم )
إنتهى الجزء الأوّل ويليه الجزء الثاني إن شاء الله

نشر في الصفحات 559-549 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *