(31)
سورة الطّور
باسم الجلالة الإلهية وباسم رحمانيّتي الواسعة لجميع خلقي و رحيميّتي الخاصة لعباديَ المؤمنين أوحي إليك يا حبيبي :-
قسماً بطور الغريّ النجف الأشرف مدفن آدم أبوالبشر أوّل الأنبياء (ع) ونوح (ع) و مدفن هود النبي وصالح النبي عليهما السلام ومرقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام صاحب الولاية التامة المطلقة التشريعية والتكوينية على جميع خلقي وصیّ محمد (ص) خاتم الأنبياء وخليفته الحق من بعده.
و قسماً بالطّور المحل الذي كلّمت عليه موسى الكليم ورَسَت عنده سفينة نوح بساحله،
وقسماً بالقرآن الذي كتبه وسجّل سطوره علي بن أبي طالب كاتب الوحي وجامع القرآن بترتيب نزوله في جلد رقيق من جلد الغزال كالورق ونشَرَ أحكام القرآن وطبّقه أيام عُمرِه .
و قسماً بالبيت المعمور في السماء الرابعة كعبة الملائكة بأزاء الكعبة المقدسة التي وُلد علي بن أبي طالب فيها وقسماً بالسماء المرفوعة بقدرة الله،
وقَسَماً بالبَحر المُتراكَمِ فيهِ الماء، ألغاصُّ بالأمواج إنَّ عذابَ ربّكَ لَواقِعٌ حتماً و يقيناً بأعداءِ محمدٍ و آلِهِ (ع) مالَهُ مِن دافِعٍ عنهم .
والعذابُ واقِعٌ عليهم يوم القيامة يوم تدور السّماءُ دَوَراناً وتضطَرِبُ و يَختَلُّ نِظامُ الكواکِبِ فيها وتَسيرُ الجبالُ وتَنتَقِلُ مِن مكانٍ إلىٰ مكانٍ
فالويلُ والعذابُ والثّبور في قَعرِجهنَّمَ يوم القيامة يكونُ لِلمُكذّبينَ بمحمدٍ و آل محمدٍ (ع)، ألّذين هُم في الباطِل يخوضونَ ويَلعَبون ،
فيومَئِذٍ يُدفَعونَ بِشِدَّةٍ إلي داخِلِ نار جهنَّم دَفعاً عَنيفاً ويُقالُ لهُم هذهِ النّار الّتي كنتُم بها تُكذِّبونَ في الدُّنيا هل هذا سِحرٌ كما كنتُم تقولون؟ أم أنتُم عِميانٌ ؟؟؟
إتَّصِلوا بِها ونالوها و ذوقوها صَبراً ورَغماً أو لا تَصبِروا بَل تجَزَعوا وتَصرُخوا منها فسواءٌ عليکم ذلک إنّما تُجازون بها جزاءَ ما کنتُم تعمَلونَ مِنَ العِداءِ لِمُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ (ص) .
وقَسَماً بما ذكرتُ إنَّ المُتّقينَ المُوالينَ لِمُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ (ص) هُم يومَئذٍ في جنّاتٍ ونَعيم مُتَلَذِّذينَ بما آتاهُم ربُّهم ثوابَ وِلاءِهِم وتَقواهُم و وَقاهُم ربُّهم عذابَ جَهنَّم الجحيم ،
ويقول اللهُ لهم كلوا مِن طعامِ الجَنّةِ وثمارها واشرَبوا مِن شرابِها هنيئاً مَريئاً سائِغاً بما کنتم تعمَلون تمَسُّکاً بمُحمّدٍ وآلِهِ (ع) مُتّکِئينَ مُستَنِدينَ علیٰ أسِرَّةٍ مسطورةٍ في صَفٍّ واحدٍ و زوّجناهُم تزويجا” بِحوارِيّ واسعاتِ العُيُون ،
وَالّذين آمَنوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) واتَّبَعَتهُم أولادهم بولاءِ محمّدٍ وآلِهِ (ع) ألحَقنا بِهِم أولادَهُم في الجَنّةِ وما نَقَصناهُم مِن عَمَلِهِم وتَشيَّعِهِم لِآلِ مُحمّدٍ (ص) مِن شئٍ کُلّ امرئٍ مَرهونٌ بِما کَسَبَ فی الدّنيا ،
وَأَسعفناهُم بَيْنَ مُدّةٍ ومُدَّةٍ بفاکِهَةِ الجنّةِ ولحمِ طَيْرٍ مِمّا يَشتهون قَبلَ أن يَطلبوهُ يتخامَشونَ مِزاحاً فى الجنّة كأساً مِنَ الشّرابِ لا سكرٌ فيها و لا رِجس ،
وَ يطوفُ عليٰ المُتّقينَ في الجَنَّةِ و يدورونَ حولَهُم خِدمةً لهُم و سقايَةً وِلدانٌ ممَاليكَ لهُم كأنّهُم مِنَ البَياضِ والتَّشابُه لُؤلؤٌ مصونٌ في صَدَفِهِ ،
وَ يُقبِلُ بعضُهُم بوجهِهِ عليٰ بعضٍ آخَرَ جالِسٌ مَعَهُ يتحدّثونَ فَيَسأل أحدُهُم الآخرَ قائِلاً أتَتَذَکَّرُ أنّا کُنّا في الدّنيا بَيْن أهلِنا خائِفينَ مِن وُلاةِ الجَور؟
فَمَنَّ اللهُ علينا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و وَقانا بها عذابَ السّمومِ و الدُّخانِ السّامِّ والحَريقِ في جَهنّمَ إنّا كُنّا في الدّنيا ندعوا اللهَ لِيَقِيَنا منها بِبَرَکةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) فاستَجابَ إنّهُ هو الوَفيُّ الرّؤف .
فيا حبيبي فَذَکِّر علىٰ الدَّوام والإستمرار اُمَّتَكَ بولايةِ أهلِ بيتك (ع) فما أنتَ بِنَعمَةِ رَبِّکَ الولايةَ بكاهِنٍ ولامَجنونٍ كما يقولُ المنافقون .
بَل يقول المنافقون المناوِؤنَ لمُِحمّدٍ و آلِهِ (ع) إنََّ مُحمّداً (ص) شاعِرٌ يُنَظِّمُ الآياتِ بشَأنِ عليٍّ (ع) فَنَنتَظِرُ بهِ قَلَقَ المَوْتِ حتّیٰ نَغصِبُ الخِلافَةَ مِن عليٍّ (ع) ،
قُل لَهُم يا حبيبي، إنتَظِروا أن يَحِلَّ بِيَ المَوْتُ الّذي لامَفَرَّ مِنهُ وأنا أيضاً أتَرَبَّصُ موتکم و هلاککم حتّیٰ تَنالونَ الجَحيم .
بل تأمُرُهُم أهوائُهُم و أمانيّهم الشيطانيّة بهذا بل هُم قومٌ طُغاةٌ ظالِمونَ لِآل محمّدٍ (ص) بل يقولون إنّ مُحمّداً (ص) تَقوَّلَ آيَةَ التّبليغِ علیٰ رَبِّهِ بل لا يُؤمِنونَ بالوَحيِ والولاية ،
فإن كانَ تَقَوُّلا” فليأتوا بحَِديثٍ وكلامٍ مِثلِهِ تَقَوُّلا”مِن عِندِهِم فيُنقِضوهُ إن کانوا صادقينَ في ادّعاءِهِم فَلِعَجزِهِم عَنهُ فهُم کاذبون ،
فَهَل خُلِقوا هُم مِن غَيرِ خالِقٍ ومُوجِدٍ لِلخَلق؟ أم هُمُ الخالِقون لِأنفُسِهِم أم هُم خَلَقوا السّماواتُ والأرضَ کَلاّ هَيهاتَ فَهُم مَخلوقونَ بَل لايُوقِنون بالخالِق .
أم عِندَهُم خزائِنُ وَحي ربّك فَيَدَّعونَ أنّكَ تَقَوَّلتَ عليهِ أم هُمُ المُصيطِرونَ علیٰ الوَحيِ و جبرائيل؟؟؟
أم لهُمْ سُلّمٌ إلیٰ السّماواتِ العُلی والعَرشِ والکُرسيّ يَستمعونَ فيهِ الوحيَ فَليَأتِ مُستمعهم بِدَليلٍ وبُرهانٍ عليهِ واضِحٍ فهيهات .
أم هُم يَمتازون حَقّا” علىٰ أللهِ فَيَبنسِبونَ لهُ البَنات ولهم البنون ويقولون إنّ مُحمّدا” أبٌ لِفاطِمَة فَحَسب ولَنا بَنين ، أم تَطلُبُ مِنهُم أجرا” نَقديّا” فَهُم مِنَ الغَرامَةِ الماليّة يَتَثاقَلون؟؟؟
أم عند المنافِقين عِلم الغَيْب فَهُم يکتبونَ الوَحيَ کعَليٍّ (ع)؟ أم يُريدونَ كيْدا” بِعَلىٍّ (ع) فالّذين کفروا هُمُ المَغلوبونَ بِکيْدِهم فَيَحيقُ بِهِم .
أم للمنافقين إلهٌ غير اللهِ خَلَقَهُم تَقَدّسَ و تَنَزَّهَ اللهُ عمّا يُشرِکون بِطاعَتِهِ وَعِبادَتهِ طاعَةَ و عبادَةَ خُلفاءِ الجَوْر .
وَإن يَرىٰ المنافقون قِطَعَا” مُتراكِمَة” صواعِقَ مِنَ السّماءِ تَسقُطُ يقولونَ أنّها سَحابٌ مُتَراکِمٌ وليسَ بعذابٍ ،
فَدَعَهُم ياحبيبی فی غَيّهِم حتّئ يُلاقوا يومَهُم الّذى فيهِ يُصعَقونَ بِصاعِقَة المَوْتِ و العذاب يوم لايَنفعُهُم کيْدُهُم بِعَلیٍّ (ع) شيئاً ولا هُم يُنصَرون مِن عذابِ الله .
وَ بالتّأكيد إنّ للّذين ظَلَموا آلَ مُحمّدٍ (ص) عذابا” بسيفِ المَهديّ (عَجَّ) المُنتَقِم دونَ القيامة و قَبلَ عذابِ الآخرة و لـٰكنَّ أکثَرَ الظّالمين لا يَعلمون صِدقَهُ ،
فَاصبِر يا رسولَ اللهِ لِحُکمِ رَبِّکَ و قَضائِهِ و قَدَرَهِ فی أهلِ بيتک (ع) وأصبِر على أذىٰ المنافقين فإنّکَ أَمامَ أعيُنِنا بِمَرأئٰ مِنّا و لا نُهمِلُك .
وَ قَدِّس ربَّک و احمَدهُ و مَجِّدهُ حينَ تقومُ بالدَّعوةِ لِولايةِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) وَ مِنَ اللّيل فَسَبِّحهُ فى الأسحار وَ عِندَ الفَجرِ والصَّباح .
نشر في الصفحات 863-857 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی