سورة الواقعة
2016-06-18
سورة المنافقون
2016-06-18

(20)
سورة المؤمنون

﴿بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم﴾ بإسم جلالة ذاتي الواجب المستجمع لجميع صفات الكمال والجلال والجمال وبإسم رحمتي الواسعة ورحيميّتي الخاصة أوحي : ﴿قد أفلَحَ المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون﴾ بالتحقيق والتأکيد فاز برضی الله وقربه المؤمنون بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) بالتمسّك بولايتهم وهم يتَّصفون بالخشوع في الصلاة ، ﴿والذين هم عن اللّغو مُعرِضون والذين هم للزكاة فاعلون﴾ والمؤمنون هم الذين يُعرضون عن اللَّغو في القول والفعل والإِعتقاد وهم الذين يؤدّون زكاة الفطرة وزكاة الأموال ، ﴿والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكَت أيمانهم فإنهّم غير ملومين﴾ والمؤمنون هم الذين يحفظون فروجهم ويسترونها عن الأجنبيّ والناظر المحترم وعن الحرام والسّفاح ولا يظهرونها إلاّ لأزواجهم وما ملكته أيديهم فلا بأس بذلك ، ﴿فمن ابتغى وراء ذلك فأُولئك هم العادون﴾ فمن ابتغى من الناس بعد الأزواج وملك اليمين إظهاراً للفروج ولم يحفظوا فروجهم من الزِّنا واللواط والمساحقة والإِستمناء باليد فهُم المعتدون على الحدود الشرعيّة .
﴿والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون﴾ والمؤمنون المفلحون هم الذين يُراعون ذمّة الأمانات والعهود ويوفون بها وهم الذين يحافظون على أداء صلواتهم صحيحةً كاملةً في أوقاتها بشرائطها من غير بدعةٍ ، ﴿أُولئك هم الوارثون الذين يرِثون الفردوس هم فيها خالدون﴾ فهؤلاء المؤمنون المُستَجمِعون لهذه الصِّفات هُمُ الوارثون بعد الفوز والفلاح بالولاية وما يرثونه هو الفردوس الأعلى في جنّة عدنٍ وجنّة الخلد ، ﴿ولقد خلقنا الإِنسان من سُلالةٍ من طينٍ ثمَّ جعلناهُ نطفةً في قرارٍ مكين﴾ وبالتأكيد إنّا خلقنا آدم أوّل إنسانٍ من عجين من طينٍ ثُمَّ جعلنا نسل آدم منيّاً في صُلبِهِ وفي مُستقرّ الرَّحِم أحفظ مكانٍ له ، ﴿ثُمَّ خلقنا النطفة علَقَةً فخلقنا العلَقَة مُضغةً فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثُمَّ أنشأناهُ خلقاً آخر﴾ وبعد أن جعلنا النُّطفة في الرَّحم خلقناها قطعة دم ثُمَّ خلقنا العلقة قطعة لحم ثمَّ خلقنا المضغة هيکلاً عظمیٍّ فکسوناهُ لحماً ثُمَّ نفخنا فيه الروح فصار إنساناً حيّاً!!
﴿فتبارك اللهُ أحسنَ الخالقين﴾ هَب إنّكم تقدرون على أن تصنعون إنساناً منحوتاً من خشبٍ أو حجرٍ أو فلزَّ لكنّكم عاجزون عن إحلال الحياة فيه فالله هُوَ أحسنُ الخالقين فتبارك وتعالى شأنه وقدرته .
﴿ثُمَّ إنّكم بعد ذلك لميّتون ثمَّ إنّكم يوم القيامة تُبعَثون﴾ وبعد أن خلق الله الإِنسان من النُّطفة وأولَجَ فيه الروح وأخرجهُ من ظُلمات الرَّحِم رضيعاً ويُنشأُهُ بعد ذلك حتىّ أجلهُ ثمَّ يمُيته ثُمَّ يحيه يوم القيامة ويبعثه ، ﴿ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائقَ وما كنّا عن الخلق غافلين﴾ وبالتأكيد والتّحقيق إنّا خلقنا فوق رؤوسكم سبع سماواتٍ هُنَّ طُرُقٌ للملائكة وجعلناها مرفوعةً ولم نغفل عن الخلق ورعاية مصالحهم بتنظيم الفصول والليل والنهار لهم ، ﴿وأنزلنا من السماء ماءً بقدرٍ فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهابٍ به لقادرون﴾ وبالتحقيق إنّا أنزلنا من السَّحاب في السماء مطراً وثلجاً بقدرٍ معيّنٍ معلومٍ لكي لا يكون طوفاناً وفياضاناً دائماً فأسكنّاهُ في طبقات الأرض ونحن نقدِر على الجفاف ! ﴿فأنشأنا لكم به جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ لكم فيها فواكهة كثيرة ومنها تأكلون﴾ فأنشأنا وزرعنا لکم بالمطر حدائق و بساتين ومزارع من نخيل التّمور والأعناب والفواكه المتنوّعة الاُخرى تأكلون وتلتذّون بطعمها ، ﴿وشجرةً تخرُجُ من طورِ سيناء تنبتُ بالدُّهن وصِبغٍ للآكلين﴾ وأنشأنابالماء شجرة الزّيتون التي أول ما خرجت على جبل طور سيناء تنبت بثمر الزيتون ذي الزيت الراقي الذي هو أدامٌ في الطعام .
﴿وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نُسقيكم ممّا في بطونها ولكم فيها منافعُ كثيرة ومنها تأكلون﴾ وبالتأكيد أيّها الناس لكم في خلقة الأنعام الثَّلاث عبرةً تدلّكم على عظمة الله ولطفه بكم حيث يُسقيكم من ألبانها ولكم فيها منافع من لحومها وأصوافها وتنتفعون بركوبها وبحرث الأرض والسَّقي ، ﴿وعليها وعلى الفُلك تحُمَلون﴾ واعتبروا أيّها الناس إنّ الله سخَّر لكم الأنعام لتحمل أثقالكم وتحملكم في أسفاركم في البرّ كما سخَّر الله لكم السُّفن لتحملكم في البحر ، ﴿ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتَّقون﴾ وبالتحقيق إنّا أرسلنا نوحاً النبيَّ الى قومه ليدعوهم للإِيمان فقال لهم يا قوم اعبدوا الله ودعوا الشِّرك وعبادة الأوثان ما لكم إلۤهٌ سوی الله أفلا تتَّقون الله ؟؟؟ ﴿فقال الملأُ الذين كفروا من قومه ما هذا إلاّ بشرٌ مثلكم يُريد أن يتفضَّل عليكم﴾ فكان ردُّ فعل العصابة الكافرة من قومه أنهّم قالوا: ليس نوحٌ إلاّ بشرٌ مثلكم فكيف يكون مرسلاً تتنزَّل عليه الملائكة بالوحي بل إنّه يُريد بادّعائه آن يمتاز عليكم ويرأسکم ، ﴿ولو شاءَ الله لأنزلَ ملائكةً ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين﴾ واستدلّوا بقولهم أنّه لو شاء الله أن يُرسل إليكم رسولاً من عنده لأنزل ملائكةً إليكم تحُدِّثكم فنحنُ لم نسمع من يحرِّم عبادة الأوثان التي تُقِرّبُنا إلى الله زُلفى في الأجيال السالفة ! ﴿إن هو إلاّ رجلٌ به جنّةٌ فتربَّصوا به حتى حين﴾ فيا حبيبي إن ينسبون لك الجنون فقد قال الكفّار من قوم نوحٍ إن هو إلاّ رجلٌ مجنونٌ يدَّعي جُزافاً ويقول هذياناً فانتظروا به حتىّ يعقل ، ﴿قال ربِّ انصُرني بما كذَّبون﴾ فعندما نسبوا له الجنون دعا عليهم قائلاً ربِّ انصُرني عليهم و لا تذلّني بأيديهم وانصُر دعوتي واجعلني الغالب عليهم لأنهّم كذّبوا برسالتي ودعوتي ، ﴿فأوحينا إليه أن اصنَع ِالفُلكَ بأعُينِنا ووحينا﴾ فأوحى الله إليه أن باشر بنفسك صُنعَ سفينةٍ شراعيّةٍ من الخشب لننصُرك بالطّوفان فتركبها بأمرنا وتحت رعايتنا وحفظنا ، ﴿فإذا جاء أمرنا وفار التنُّور فاسلُك فيها من كلِّ زوجين اثنين﴾ فيا نوح حينما يأتيك أمرنا بالركوب في السفينة وأمرنا بالعين المسمّاة بالتّنور في الكوفة بالفوران فأدخِلْ فيها من كلِّ صنفٍ من الحيوانات زوجين ذكراً وأُنثى ، ﴿وأهلَكَ إلاّ من سبق عليه القولُ ولا تخُاطبني في الذين ظلموا إنهّم مُغرَقون﴾ واحمل أهلك يا نوح عدى كنعان الذي سبق أن أخبرناك بکُفره وبعل أن دعوت عليهم واستجبنا لك ونصرناك وأهلكناهم بالطّوفان لا تشفع لأحدٍ من قومك الظالمين إذ قضاؤُنا فيهم حتميٌّ قطعيٌّ ، ﴿فإذا استويتَ أنتَ ومن معك على الفُلك فقل الحمد لله الذي نجّانا من القوم الظالمين﴾ فعندما تستقرُّ أنت ومن معك من المؤمنين والحيوانات في السفينة وتنجون من الهلاك فاشكر الله على النجاة من قومك الظالمين الكافرين فقُل ألحمدُ لله على هلاكهم ، ﴿وقُل ربِّ أنزلني مُنزلاً مُباركاً وأنت خيرُ المنُزلين﴾ وبعد أن يَتُمُّ هلاك الظالمين اُدعونا يا نوح للنّزول بسلامةٍ وبركةٍ في محلٍّ مباركٍ وهو طورُ الغريِّ وكوفان واعترف بأنّي خيرُ المنزلين فاُنزلك بأمانٍ .
﴿إنّ في ذلك لآياتٍ وإن كُنّا لمُبتَلين﴾ بالتأكيد إنّ في قصّة نوحٍ لدلالات وبراهين ودروس وعِبَر لمن تدبَّر واعتبَر وإن كُنّا نختَبِر ونَبتَلي سائر الناس والاُمم بعد قوم نوحٍ ، فخذوا التجارب من نوح وعليكم بالتأسيّ به ، ﴿ثُمَّ أنشأنا من بعدهم قرناً آخرين﴾ فبعد أن أهلكنا الكفّار بالطوفان أنشأنا من بعدهم من نسلِ سامٍ وحامٍ. وآرٍ ويافثٍ أقواماً آخرين کقوم عادٍ وثمود ، ﴿فأرسلنا فيهم رسولاً منهم أن اعبُدوا اللهَ ما لکم من إلۤهٍ غيره أفلا تتّقون ؟﴾ ولكنَّ الأقوام الآخرين أيضاً كفروا فأرسلنا فيهم هوداً رسولاً منهم فقال لهم اُعبُدوا الله ليس لکم خالقٌ غيره يليق بالعبادة أفلا تخافونَهُ من عصيانکم له ؟؟ .
﴿وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا﴾ فأجاب دعوة هودٍ جماعة من قومه الكفّار وهم الذين كذّبوا هوداً في دعواهُ بحتميّةِ القيامة والحشر والمعاد وهم كانوا من الأثرياء والمترفين والأغنياء ، ﴿ما هذا إلاّ بَشرٌ مثلكم يأكلُ ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون﴾ فقالوا : ليس هودٌ سوی بشرٌ عادی مثلکم وليس برسول الله أو نبیّ بل هو يأكل الطعام كما تأكلون ويشرب كما تشربون فلا ميزة لهُ عليكم أبداً، ﴿ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنّكم إذاً لخاسرون﴾ فقال هؤلاء المُترَفين الأثرياء المكذِّبون للناس إنّكم إذا أطعتم هوداً وهو بشرٌ مثلكم فميَّزتُمُوهُ عليکم وعظَّمتُموه فحينئذٍ تخسرون حرّياتكم ، ﴿أيعدِكم أنّكم إذا مُتُّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مخُرَجون ؟﴾ فقالوا للنّاس : إن يعدكُم هودٌ بأنّكم بعد ما تموتون وتبلى أجسادكم في القبر ستحشرون ثانيةً وتعادون للحساب ؟؟ ﴿هيهاتَ هيهاتَ لما توعدون إن هي إلاّ حياتنا الدُّنيا نموتُ ونحيا وما نحنُ بمبعوثين﴾ فإنّ وعدَ هودٍ محُالٌ ولا يكون أبداً إن الحياة إلاّ هذه الحياة الدنيا نحيا فيها ثُمَّ نموت ولسنا بمبعوثين بعد الموت ، ﴿إنّ هو إلاّ رجلٌ افترى على الله كذباً وما نحنُ له بمؤمنين﴾ فليس هودٌ إلاّ رجلٌ إدّعى مُفترياً على الله بأنّه أرسلَه بالنُبُوّة وذلك كذباً فهو بشرٌ عاديٌّ ولسنا نحن بمصدقيّة ولا نؤمن برسالته ، ﴿قال ربِّ انصُرني بما كذَّبون﴾ فعند ذلك دعا هودٌ عليهم وقال ربِّ انصرني على قومي وانتقم منهم لأنهّم كذّبوني وكذّبوا برسالتي ودعوتي ، ﴿قال عمّا قليلٍ ليُصبحُنَّ نادمين﴾ فأوحى الله إلى هودٍ باستجابة دعائه وأخبرهُ بأنّ هؤلاء الكفرة المكذّبين له سوف يندمون علی تکذيبهم حينما يرَون العذاب الأليم .
﴿فأخذَتهم الصّيحة بالحقّ فجعلناهم غُثاءً فبُعداً للقوم الظالمين﴾ فصدق الله وعدهُ سريعاً فأخذت قوم هودٍ صيحة العذاب باستحقاقهم لهُ فجعلهم الله أمواتاً كالنَّبت الجافِّ الهشيم وهلكوا جميعاً فبُعداً من الرّحمة مدخورةً لكلّ قومٍ ظالمين ، ﴿ما تَسبِقُ مِن اُمّةٍ أجلَها وما يستأخرون﴾ فكما أنّ لكلّ شخصٍ أجلٌ معيّنٌ فكذلك لكلِّ اُمّةٍ أجلٌ حتميٌّ محَدّدٌ لا تسبقهُ ولا تستأخره وأجلُ نزول العذاب لظلمة أُمّتنا هو يومُ قيامِ القائم المهديّ ( عليه السلام ) ﴿ثُمَّ أرسلنا رُسُلَنا تترا كُلّما جاء اُمّةٌ رسولها كذّبوه﴾ ومن بعد قوم هودٍ أرسلنا أيضاً الأنبياء واحداً تلوَ الآخر إلى الاُمَم فكلّما جاء أحد الاُمم رسولها المبعوث كذّبوه ولم يؤمنوا به وبدعوته ، ﴿فأتبعنا بعضهم بعضاً وجعلناهم أحاديث فبُعداً لقومٍ لا يؤمنون﴾ فجعلناهُم اُمّةً تتبع أمّةً بالهلاك والعذاب والدِّمار وجعلناهم عبرةً لمن اعتبر يتحدَّث بهلاكهم الناس وتتبعهم اللّعنات فبُعداً من الرَّحمة لكلِّ قومٍ لا يؤمنون بالأنبياء .
﴿ثُمَّ أرسلنا موسى وأخاهُ هارون بآياتنا وسلطانٍ مُبين﴾ وبعد ذلك أرسلنا موسى بن عمران وأخاهُ هارون بالتوراة والمعاجز كالعصا واليدِ البيضاء مع سلطان الإِمامة والخلافة واضحاً بيِّناً ، ﴿إلى فرعون وملائِهِ فاستكبروا وكانوا قوماً عالين﴾ وأمرناهما أن يؤدّيا الرِّسالة الى فرعون مصر وإلى شعبِهِ بني إسرائيل والأقباط فاستكبر فرعون وحزبه من قبول الدّعوة والإِيمان واستكبروا واستعلوا عليهما ، ﴿فقالوا: أنؤمِن لِبَشَرين مثلنا وقومهما لنا عابدون﴾ فقال فرعون وحزبه إستكباراً واستعلاءً واستخفافاً هل نؤمنُ لموسى وهارون وهما بَشَرين عاديّين مثلنا وقومهما بني إسرائيل هم خَدَمُنا وعبيدُنا ويعبدوننا ؟؟ ﴿فكذّبوهما فكانوا من المُهلَكين﴾ فكذَّب فرعون وحزبه دعوة موسى وهارون وكذّبوا برسالتهما فكانت نتيجة تكذيبهم الهلاك بالغرق في النيل فهلكوا أجمعين .
﴿ولقد آتينا موسی الکتاب لعلّهم يهتدون﴾ وبالتأکيد نحن لم نبعث موسی بالرِّسالة إليهم ليهلكوا بل آتيناهُ التوراة لكي يؤمنوا بالله ويصدّقوا برسالته ويعملوا بالتوراة أملاً بهدايتهم ، ﴿وجعلنا ابنَ مريمَ واُمَّهُ أيةً وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ و معين﴾ و لهذا، اي الهداية الناس جعلنا عيسی ابن مريم وأمَّهُ آيةً للهداية والنجاة لمن يُريد الهداية وأسكنّاهما بربوَة بيت المقدس فی قرارٍ بالجامع الأقصى وعيون الماء ، ﴿يا أيّها الرُّسُل كلوا من الطيّبات واعملوا صالحاً إنّي بما تعملون عليم﴾ فيا حبيبي هذا نداؤنا إليك وللرُّسُل من قبلِك أن كُلوا من طيّبات الطّعام ولا تتركوها رُهبانيّةً واعملوا عملاً صالحاً من الإِنفاق والإِطعام والعبادة وكلّما تعملونه نعلمه، ﴿وإنَّ هذه اُمّتكم اُمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون﴾ أيّها المسلمون إنّ اُمّتكم الإِسلاميّة هذه يجب أن تكون اُمّةً واحدةً تتمسَّكُ بالقرآن وأهل البيت ( عليهم السلام ) وتسيرُ على هُداهما وتعبد الله وحده فاتّقوا الله يا مُسلمين ! ﴿فنقَّطعوا أمرَهُم بينهم زُبُراً﴾ لكنَّ هؤلاء المسلمون بدلَ أن يتّحدوا ويكونوا أمّةً واحداً مسلِمة ، تفرّقوا بينهم فرقاً و مذاهب وأحزاباً مُتَشَتِّتَة عن الكتاب وأهل البيت ( عليهم السلام ) ﴿كُلُّ حِزبٍ بما لَدَيهم فَرِحون﴾ وهؤلاء الفرق والمذاهب والأحزاب المتفرّقة عن الكتاب وأهل البيت ( عليهم السلام ) بدلَ أن يغتمّوا على هذه الفُرقة والإختلاف يفرحون بما لديهم من المذاهب الأربعة وغيرها !! ﴿فَذَرهُم في غَمرَتِهِم حتّى حين﴾ فيا حبيبي ليس عليك هُداهُم بل دعهُم في ضلالتهم وغيّهم حتّى يحين حينُ أجلِ عذابهم وهلاكهم بسيفِ ولَدِكَ المهديّ ( عليه السلام ) .
﴿أيحسَبون أنمّا نَمُدُّهم به من مالٍ وبَنين﴾ أهؤلاء الضُّلاّل المُتفرّقون فِرَقاً و مذاهب عن التمسُّك بالقرآن والعترة يحسبون عند أنفُسهم إنّ ما يرزقهم الله في الدنيا من أموالٍ. وأولاد مَدّاً، ﴿نُسارِع لهم في الخيرات بل لا يشعرون﴾ يحسبون ذلك تأييداً وثواباً سريعاً لهم من الله رضىً منه عنهم وعن أفعالهم ؟؟ هيهات بل لا يشعرون أنّ ذلك إتماماً للحُجّة عليهم ! ﴿إنَّ الذين هُم من خشيةِ ربهِّم مُشفِقون﴾ لكن بخلافِ هؤلاء هُمُ الذين تمسّكوا بالقرآن والعِترة وهم من خوف ربهّم وجِلون من التّفرقة والإِختلاف بل لترك ولاية أهل البيت ( عليهم سلام ) ، ﴿والّذين هم بآيات ربهِّم يؤمنون﴾ وهؤلاء هُمُ الذين يؤمنون بالآيات النّازلة بشأن القُربى والعترة وآيات الولاية والتَّطهير والإِبلاغ وغيرها إيماناً بالقول والفعل ، ﴿والذين هُم بِرَبهِّم لا يُشركون﴾ وهؤلاء المؤمنون بولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) لا يشركون بطاعة ربهِّم طاعة الخلفاء والاُمراء للجور من بني اُميّة وبني العبّاس وغيرهم ، ﴿والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنهّم إلى ربهّم راجعون﴾ وهؤلاء المؤمنون هم الذين يعطون الخُمسَ والزكاة والصَّدقات ويُنفقون في سبيل الله بإخلاصٍ ويخافون أن لا تُقبَل يوم القيامة منهم وهي بلا مَنٍّ أورياء .
﴿أُولئك يُسارعون في الخيرات وهُم لها سابقون﴾ أُولئك الموالون لمحمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) لا يتأخَّرون في أداءِ الحقوق الشرعية والإِنفاق في سبيل الله بل يُسرعون دائماً في كلِّ عَمَلِ خيرٍ ويسبقون جميع الناس فيها ، ﴿و لا نُكلِّف نفساً إلاّ وُسعها﴾ ولسنا نأمر أحداً من الناس ونُكلِّفه بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) والتمسُّك بالقرآن والعمل بما جاء فيه إلاّ علماً منّا بوسعهم وقُدرتهم عليه ، ﴿ولدينا كتابٌ ينطقُ بالحقِّ وهُم لا يُظلَمون﴾ وعندنا كتابُ صحائِفِ أعمال المكلَّفين يكتُبُهُ الرّقيبانِ العَتيدان ويوم القيامة سينطق عن أعمالهم بالعدل والحقّ ولا يُظلَمون في الجزاء والحساب ، ﴿بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون﴾ بَلِ التّاركون لولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) قلوبهم في غفلة من ولاءِ عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) ولهم أعمالٌ اُخریٰ من الولاء والطّاعة دون ولاءِ عليٍّ هم عاملون لها بالنِّسبة لخُلفاء الجور، ﴿حتى إذا أخذنا مُترَفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون﴾ فهم غافلون عن ولاءِ عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) حتى قيام القائم المُنتقِم ( عليه السلام ) ، فحينذاك عندما نأخُذ المترفين منهم بسيف المهدي ( عليه السلام ) فإذا هُم يضجّون ويجزعون ، ﴿لا تجأروا اليوم إنّكم منّا لا تُنصَرون﴾ فيُخاطبهم الله عزَّ وجلَّ حينئذٍ لا تجزعوا ولا تضجّوا هذا يوم الإِنتقام الذي وُعِدتُم وإنّكم اليوم لا ناصر لكم ولا مُنقِذَ من سيف المهدي ( عليه السلام ) ﴿قد كانت آياتي تُتلى عليکم فکنتم علی أعقابکم تنکصون﴾ بالتأکيد إنّکم حِينما کانت تُتلي عليکم آياتي النازلة بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) وولايتِهِ فكنتم تُعرِضون عنها وترجعون القهقری عن ولايته وطاعته و إتّباعه ، ﴿مُستکبرين به سامِراً تهجرون﴾ تستكبرون عن التمسّك به وبولده ( عليهما السلام ) حيث كنتم تتآمرون على ذلك وعلى غصب حقّهِ في مجالس سمركم وتتَّفقون على هجرانه .
﴿أفَلَم يدَّبروا القول أم جاءهم ما لم يأتِ آباءهم الأوّلين﴾ هل إنهّم لم يتدبَّروا قول الله بحقِّ عليٍّ ( عليه السلام ) أم إنّ الوحي المنزل هو شيءٌ غريبٌ لم ينزل قبله وحيٌ على آبائهم إبراهيم وإسماعيل ؟؟ ﴿أم لم يعرفوا رسولهم فهم لهُ منكرون﴾ أم إنهّم لم يعرفوا محمّد بن عبد الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خلقاً وخُلُقاً ونسباً فينكرونه بل يعرفونه حقَّ المعرفة وهو الصادق الأمين ، ﴿أم يقولون به جنّة﴾ أم إنهّم حينما يأمرهم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وبيعته وطاعته إنّه لمجنون ؟ مع إتّفاقهم على عقله ورُشده قبل بعثته ، ﴿بل جاءهم بالحقِّ وأكثرهم للحقِّ كارهون﴾ بل إنّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) جاءهم بالحقِّ من عند ربِّه بشأنِ عليٍّ ( عليه السلام ) والوحي من الله فيه وأكثر هؤلاء المنافقون يکرهون الحقَّ ويبغضون عليّاً ، ﴿ولو اتَّبع الحقُّ أهواءَهم لَفَسَدتِ السماوات والأرض ومن فيهنّ﴾ ولو اتَّبع الوحي الحقّ أهواء المنافقين وسُلِبَت الولاية التكوينيّة والتشريعيّة من عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) لفسد نظام السّماوات والأرض إذ لو خُلِيَت لقُلِبَت !! ﴿بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم مُعرضون﴾ بل إنّنا بوحينا إليهم بلزوم التمسّك بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) والقرآن آتيناهم الذِّکر لطفاً بهم فهم عن اللُّطف الخاصِّ بهم مُعرضون بإعراضهم عن ولايته ﴿أم تسألهم خَرجاً فخراج ربّك خيرٌ وهو خيرُ الرّازقين﴾ أم إنَّ السَّبَب في إعراضهم عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) هو لأجل أنّك تسألهم أجراً فليعلموا أنَّ أجرَ اللهِ لَكَ ولِعَليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) خيرٌ من أجرهم وهو خيرُ الرّازقين لكم ، ﴿وإنّك لتدعوهم الى صراطٍ مستقيم﴾ وإنّك يا حبيبي بدعوتك لهم إلى التمسُّك بولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) والقرآن تدعوهم إلى صراطٍ مستقيم للهداية والسَّعادة .
﴿وإنَّ الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصِّراط لناكبون﴾ وبالتأكيد إنّ المنافقين الّذين لا يؤمنون بيوم القيامة والحساب والجزاء ليعدلون عن صراط عليٍّ المُستقيم وولايته ، ﴿ولو رحمناهم وکشفنا ما بهم من ضُرٍّ للجّوا طغيانهم يعمهون﴾ ولو رحمناهم بضربةِ عليٍّ ( عليه السلام ) يوم الخندق وكشفنا عنهم خَطَر عمرو بن عبدوُدٍّ والأحزاب وما بهم من ضُرٍّ من هتافه هل من مبارز أو کشفنا الضُّرَّ يوم اُحُدٍ لألحّوا وتمادوا في طغيانهم يَتَردَّدون ، ﴿ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهِّم وما يتضرَّعون﴾ وبالتأكيد إنّنا انتقمنا من المنافقين المُبغضين لعليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأخذناهم بعذاب القحط والجوع سبع سنين فما تواضعوا فيها لله ولم يوالوا عليّاً ( عليه السلام ) ولم يتوبوا ، ﴿حتّى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذابٍ شديدٍ إذ هُم فيه مُبلِسون﴾ وعندما ابتليناهم وفتحنا عليهم باباً من الجهاد والقتال ذا عذابٍ شديدٍ من السيوف والجراح والشهادة فإذا هم يقنطون من رحمة الله .
﴿وهو الذي أنشأ لكم السَّمع والأبصار والأفئدةَ قليلاً ما تشكرون﴾ والله سبحانَهُ هو الذي خلَقَ لکم السَّمع لتسمعوا کلامهُ والأبصار لتقرَؤا أحکامَهُ والأفئِدَةَ والقلوبَ لتَملؤها حُباً وولاءً لعليٍّ وولدِهِ ( عليهم السلام ) لكنّكم قليلاً ما تشكرون هذه النِّعَم ، ﴿وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحُشَرون﴾ والله جلَّ جلاله هو الذي خلقكم وأنشأكم فوق التُّراب والأرض ووليُّ الأرض أبو تراب يجبُ الولاءُ له وإلى الله تحُشَرون فيسألكم عن ولائه ، ﴿وهو الذي يحيي ويميت وله اختلافُ الليل والنهار أفلا تعقلون ؟﴾ والله سبحانه هو الذي يُحيي النّفوس ويمُيتها ويُحيي القلوب بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ويمُيتها ببغضهِ ولله اختلافُ الليل والنهار والنور والظُّلمة أفلا تعقِلون كي تُوالونَ علياً ؟؟؟ ﴿بل قالوا مثلَ ما قال الأوّلون﴾ فَبدَلاً عن الإِيمان بالولاية لعليٍّ ( عليه السلام ) والطّاعة لله وللرّسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول المنافقون المخالفون لعليٍّ ( عليه السلام ) كما قال الكُفّار والمشركون الأوّلون من قبلِهِم ، ﴿قالوا أَئذا مِتنا وكُنّا تُراباً و عِظاماً أَئنّا لمَبعوثون ؟﴾ فأنكَروا البَعث والنّشور والقيامة والحساب والجزاء وقالوا إستنكاراً: هل إذا متنا وأصبحنا رميماً ورُفاتاً معقولٌ أن سَنُبعَث ؟ ﴿لقد وُعِدنا نحنُ وآباؤنا هذا من قبلُ إن هذا إلاّ أساطير الأوّلين﴾ إنّ مسألة البعث والنّشور هو ما وُعِدنا به ووَعَدَ آباءنا من قبلنا موسى والمسيح لكن ليس هذا إلاّ قصصاً خياليّةً مُفتعَلَةً لأولٰئِك السَّلف .
﴿قُل لمَِن الأرض ومَن فيها إن كُنتم تعلمون ؟﴾ فهؤلاء المنافقون يُنكرون البَعثَ مَعَ إنهّم يتظاهرون بالتّوحيد والإِسلام فإذا سألتهم لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون لها ربّاً ؟ ﴿سيقولون لله قُل أَفلا تَذَكَّرون﴾ فإنهّم سيجيبونك سريعاً ويقولون على الظاّهر إنّ الأرض لله فألزمهُم بقولهم ذلك وقُل أفلا تَتذكَّرون أمر الله بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ؟؟ ﴿قُل مَن ربُّ السماوات السَّبع وربُّ العرش العظيم ؟﴾ وقل يا حبيبي لهؤلاء المنافقين من هو ربُّ السماوات السَّبعِ وخالقها ومن ربُّ العرش العظيم وخالقُ الأنوار الأربعة عشر المحُدِقَةِ بالعرش ؟؟ ﴿سيقولون لله قُل أَفَلا تَتّقون ؟﴾ فعِندما يتظاهرون بالإِيمان ويجُيبون سريعاً ويقولون لله فقُل لهم ألا تخافون الله وتخشونه وتتّقونه من مخالفة أمره وترك ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمد ( عليهم السلام ) ؟؟ .
﴿قُل مَن بِيَدِهِ ملكوت كلّ شيءٍ﴾ واسألهم أيضاً يا حبيبي وقُل لهم أيُّ ذاتٍ قُدسيٍّ بيدِهِ المُلك والقُدرة والسلطنة المُطلقة على جميع الخلائِقِ والموجودات ؟؟؟ ﴿وهو يجُيرُ ولا يجُارُ عَليهِ إن كنتم تعلمون﴾ ومن هو المالك لِلمُلك على الإِطلاق ؟ الذي يحمي ويُدافع ويصون من يستجيرُ إليه ويلجأُ إليه من كُلِّ طاغٍ وباغٍ ولا يمكن لأحدٍ أن يجُيرَ مِنهُ أحداً ؟ ﴿سيقولون لله قُل فأنّي تُسحَرون﴾ فسيُجيبك المنافقون متظاهرين بالإِيمان ويقولون إنّ ملكوت كلّ شيءٍ والإِجارة لله فقُل لهم فكيف تخُدعون ويسحركم هذا وذاك عن ولاية آل محمد ( عليهم السلام ) ؟؟؟ ﴿بل آتيناهم بالحقِّ وإنهّم لكاذبون﴾ فاتّباع الحقِّ من الله أولى من اتّباع الخديعة والسِّحر، وموالاة عليٍّ وولدِهِ ( عليهم السلام ) أولى من ولاية ولاة الجور والخلفاء الظالمين فالحقُّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) والخُلفاءُ لکاذبون !.
﴿ما اتَّخَذَ اللهُ من وَلَدٍ وما كان معهُ من إلۤه﴾ وقل يا حبيبي لهؤلاء المنافقين الذين يقولون بأنّ لله جسماً ويدَّعون الرّؤية لهُ وإنّه ينزلُ الى السماء الدنيا ليلة الجمعة أو يضع رجله في جهنَّم بأنَّ الله مُنزََّهٌ عن ذلك وعن الولد والشريك ! ﴿إذاً لَذَهَبَ كلّ إلهٍ بما خلق ولعلاَ بعضهم على بعضٍ سُبحان الله عمّا يصفون﴾ فلو كان لله شريكٌ كما كنتُم تُشركون به مدّةً طويلةٍ من أعماركم لانفرَدَ كُلّ إلهٍ بخلقه وتعارضا في الربوبية ولغلب الواحد الآخر وفسد النظام فالله منزَّهٌ عمّا يصف المنافقون ، ﴿عالمٌِ الغيب والشهادة فتعالى الله عمّا يُشركون﴾ والله جلَّ جلاله وعظُم شأنه هو عالمٌ بجميع عوالم الغيب من المُجرّدات والأرواح والنّفوس والعقول والمقاصد والنيّات وعالمٌ بجميع عوالم الشّهود وهو أرفعُ شأناً وأجلُّ قدراً من شرك المنافقين ، ﴿قُل ربِّ إمّا تُرينّي ما يُوعدون﴾ فيا حبيبي بعد إتمام الحُجّة على المنافقين المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) اُدعُ الله وقُل ربِّ ألا تُرِيَني ما يُوعَدون من العذاب بسيفِ المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) من وُلدي ؟ ﴿ربِّ فلا تجعلني في القوم الظالمين﴾ وادعُ الله يا رسول الله وقُل : ربّ فلا تجعلني في زُمرة هؤلاء المنافقين الظالمين المُخالفين لعليٍّ ( عليه السلام ) بعد أن تزوَّجتُ بناتهَم وزوَّجتُهُم ، ﴿وإنّا على أن نُرِيَكَ ما نَعِدُهُم لقادِرُون﴾ واعلم يا حبيبي بأنّ إرجاعك في زمن ظهور القائم المهدیّ ( عليه السلام ) ليسَ بصعب عَلَينا بل نحنُ قادرون على أن نُرِيَك عذابَ المنافقين بسيفهِ .
﴿إدفَع بالّتي هي أحسَن السّيئة نحنُ أعلم بما يصفون﴾ فيا حبيبي إن كان المنافقون ينسبون لك الجنون ويُدَحرِجون لَكَ الدِّباب ويقولون إنّه لَيَهجُر فادفَع نفاقَهُم بالصَّبر والحلم نحن أعلمُ بما يصفونك وبما يصفون عليّاً (عليه السلام ) ، ﴿قُل ربِّ أعوذُ بِكَ مِن هَمزاتِ الشَّياطين﴾ فإنّ هؤلاء الصحابة المنافقون هم شياطينُ الانس يا حبيبي فتعوَّذ إليَّ من شرِّهم وشرِّ همزاتهم و دسائسهم وحيلهم ، ﴿وأعوذ بكَ ربِّ أن يحضرون﴾ وتعوَّذ إليَّ من حضورهم و اجتماعهم عندك حينما تُريد أن تكتُبَ الوصيّة والخلافة لعليٍّ ( عليه السلام ) بل مُرهم بالإِلتحاق بجيش أُسامة ، ﴿حتىّ إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ ارجعون﴾ فهؤلاء المنافقون الذين هُم شياطين الإِنس ورؤوس الضَّلالة والنِّفاق يُصِّرون على مخالفة عليٍّ وأهل البيت ( عليه السلام ) حتّى لحظة الموت فعند ذلك يتمنَّون الرّجوع ، ﴿لعلّي أعملُ صالحاً فيما تركتُ﴾ فيقول أحدهم حينما يري العذاب بعينه ربِّ ارجعني لعلّي أعمل صالحاً واُوالي عليّاً ( عليه السلام ) أو لعليّ أعمل صالحاً من الطّاعة والولاء فيما تركت ، ﴿كلاّ إنهّا كلمةٌ هو قائلها﴾ وفي لحظة الموت حيث يرى كلّ ميّتٍ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عندما يطلب المنافق الرجوع يخُاطبه عليٌّ ( عليه السلام ) كلاّ لا رجوع لك فكلاّ كلمةٌ عليٌّ ( عليه السلام ) قائلها لهم !! ﴿ومِن ورائهم برزخٌ إلى يوم يُبعَثون﴾ ومن بعد الموتَ ينتقل هؤلاء المنافقون إلى عالم البرزخ فيُعذَّبون فيهِ حتىّ يوم القيامة والبعث والنّشور.
﴿فإذا نُفخَ في الصّور فلا أنسابَ بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون﴾ فعندما ينفخُ إسرافيل في الصّور للحشر ويحُشَر الناس جميعاً فلا أنساب بينهم يومئذٍ إلا نسب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعليّ وآلهما ( عليهم السلام ) ويومئذٍ فالمنافقون لا يتساءلون ، ﴿فمن ثَقُلَت موازينه فأُولئك هم المفلحون﴾ فيوم القيامة من ثَقُلَت موازين أعماله بولاية محمد ٍوآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وإتّباعهم فاُولئك هم المؤمنون المفلحون بالنجاة والجنّة ، ﴿ومَن خفَّت موازينُهُ فأُولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنّم خالدون » والذي خفَّت موازينُ أعماله بتركِ ولاية عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) فأولئك همُ الذين خسروا النجاة والفوز لأنفسهم وهُم في نار جهنّم يخلدون ، ﴿تلفَح في وجوههم النّار وهُم فيها كالِحون﴾ فهؤلاء التّاركون لولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) تحرق وتشوى وجوههم لهبات النّار في الجحيم ويلهثون بكَلَحٍ مفتوحية متورِّمة شفاهُهُم وألسنتهم ، ﴿ألم تكن آياتي تُتلى عليكم فكنتم بها تُكَذِّبون ؟﴾ فعند ذلك يأتيهم الخطابُ الإِلۤهي بواسطة ملائكة العذاب ومالِكٌ خازن النيران : ألمَ تكن آياتي بشأن علیٍّ ( عليه السلام ) تُتلیٰ عليکم وکنتم بها تکذِّبون؟ ﴿قالوا ربِّنا غَلَبَت علينا شقوتَنَا وكناّ قوماً ضالّين﴾ فحينذاك يقولون مُقِرَّين بشقاوتهم وضلالتهم ربَّنا غلبَت علينا شقوتنا فخالفنا أهل البيت ( عليهم السلام ) وكنّا قوماً ضالّين بتركنا ولاية عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ﴾ربَّنا أخرجنا منها فإن عُدنا فإنّا ظالمون﴾ فعند ذلك يظنّون بأنهّم يُغفلون الله أو أنَّ الله سيرحَمُ الأشقياء الضُّلاّل المنافقون المخلَّدون في النار فيطلبون منه أن يخُرجهم من النار حتى لا يعودوا لظُلمِ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) !! ﴿قال أخسَؤا فيها ولا تُكَلِّمون﴾ فيأتيهم الخطابُ الإِلۤهي جواباً يتضمَّن الغضب الإِلۤهي عليهم أن ابعدوا أذلاّءَ في النّار ولا تطلبوا الخروج منها ، ﴿إنّه كان فريقٌ من عبادي يقولون : ربّنا آمنّا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين﴾ بالتأكيد عندما كان فريقٌ من عبادي وهُم طائفة الشّيعة الموالين لأهل البيت ( عليهم السلام ) يقولون ربَّنا آمَنّا بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) فاغفِر لنا خطايانا وارحمنا لأجلهم وأنتَ خيرُ الرّاحمين ، ﴿فاتخّذتموهم سُخرياً حتی أنسوکم ذکري وکنتم منهم تضحکون﴾ فکنتم تسخرون منهم وتستهزؤون بهم إلى حدٍّ شغلكم ذلك عن ذكر الله ونسيتُم قوله ولا يسخر بعضكم بعضاً وكنتم تضحكون على الشّيعة !! ﴿إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا أنهّم هُمُ الفائزون﴾ وأمّا أنا الله ربهُّم فقد جزيتهم وأعطيتهم الثواب والأجر بما صبروا على أذى المنافقين أنهّم همُ الفائزون بالجنّة والنَّعيم المُقيم ، ﴿قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين﴾ عنذ ذلك يوجِّه الله الرَّؤوف الرّحيمُ خطابَهُ الى الشّيعة المؤمنين الموالين لأهل البيت ( عليهم السلام ) في الجنّة تلَطُّفاً بهم كم ليثتُم في الدُّنيا أعماراً ؟؟ ﴿قالوا لَبثِنا يوماً أو بعض يومٍ فاسأل العادّين﴾ فيجيبون : إلۤهنا وسيّدنا إنّ أعمارنا في الدّنيا بالنّسبة الى الخلود في الجنّة هي كيومٍ أو بعضهُ فأسأل الملائكة الذين أحصوا أعمارنا ، ﴿قال إن لَبِثتُم إلاّ قليلاً لو أنَّكم كنتم تعلمون﴾ فيقول الله لهم يا عبادي المؤمنين لم تكن أعماركم في الدنيا بالنسبة الى الخلود الأبديّ في نعم الجنان إلاّ لبْثاً قليلاً لو أنّكم تعلمون ما هُوَ الخلود .
﴿أفَحَسِبتُم أنمّا خلقناكم عَبَثاً وأنّكم إلينا لا تُرجعون﴾ فيا أيّها الناس هل ظننتم في حُسبانكم أنّ الله لم يخلُقُكم إلاّ عبثاً وأنّه لا نشور بعد الموت كلاّ وهيهات فقد خَلَقكُم للعبادة وستُرجعون إليه ، ﴿فتعالى الله الملِكُ الحقُّ لا إلۤه إلاّ هو ربُّ العرش الكريم﴾ فتعالى الله عمّا يصفُهُ المنافقون وهو الملك الحقّ الذي لا يظلم أحداً وهو الواحد الذي لا ربَّ سواه وهو ربُّ عَرشِ القدرة وهو الکريم على خلقه ، (ومن يدعُ مع اللهِ إلهاً آخر لا بُرهان له به﴾ وكلّ مُنافِقٍ أو مشركٍ يدعُ مع الله للطّاعة والولاء إلۤهاً ومُطاعاً سواه سواءً كان صنماً أو جائراً ولا بُرهان له بلزوم طاعته ، ﴿فإنمّا حسابُهُ عند ربِّه إنّه لا يُفلح الكافرون﴾ فليس حسابه إلاّ على الله يوم الحساب والفصل والميزان والصِّراط ويومئذٍ بالتأكيد لا يُفلِحُ الكافرون بالله ورسوله وولاية أهل بيته ( عليهم السلام ) ، ﴿وقُل ربِّ اغفر وارحَم وأنتَ خيرُ الراحمين﴿ فيا رسول الله اُدعُ الله وقُل ربِّ اغفِر للشيعة المؤمنين وارحم الموالين لأمير المؤمنين وأهل بيته ( عليهم السلام ) الطاهرين وأنت خيرُ الراحمين فإنّه مستجاب لك . . . ( صدق الله العليّ العظيم ).

نشر في الصفحات 435-421 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *