سورة المؤمنون
2016-06-18
سورة السجدة
2016-06-18

(21)
سورة المنافقون

﴿بسمِ الله الرَّحمٰن الرَّحيم إذا جآءك المنافقون﴾ بإسم ذاتي القُدسيّ الإِلهي ورحمانيتّي ورحيميّتي أُوحي إليك يا حبيبي : حينما يأتيك المنافقون أبو سفيان وحزبه وإبن أُبَيّ وحزبه وإبن الجرّاح وحزبه ، ﴿قالوا نشهد أنَّك لرسول الله واللهُ يعلم أنّك لرسولُه﴿ جاؤوك وقالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم : نشهد لك بأنّك رسول الله ، وذلك نفاقاً وتزويراً فما آمنوا بالله طرفَةَ عينٍ والله يشهدُ بعلمه أنّك مُرسَلٌ من قِبَلِهِ، ﴿واللهُ يشهدُ إِنَّ المنافقين لكاذبون﴾ والله جلَّ جلاله يشهد صدقاً في قبال قول المنافقين نشهدُ كذباً، بأنّ المنافقين لم يؤمنوا برسالتك وأنهّم لکاذبون في دعواهم .
﴿إتخّذوا أيمّانهم جُنّةً فَصَدّوا عن سبيل الله إنهّم سآءَ ما كانوا يعملون﴾ فلماذا إذاً قالوا نشهد أنّك لرسول الله وما هي حيلتهم ؟ فاعلم أنهّم اتّخذوا هذه الشهادة الكاذبة تِرساً لهم ومن وراءِ هذا التِّرس يصدُّون النّاس عن ولاية محمدٍ و آله ( عليهم السلام ) وهذا أسوءُ عملٍ منهم ، ﴿ذلك بأنهّم آمنوا ثُمَّ كفروا فطُبعَ على قلوبهم فهم لا يفقهون﴾ وعمَلَهُم السيِّىء هذا نتيجة نفاقهم حيث أظهروا الإِيمان بألسنتهم وآمنوا بالإِقرار باللّسان ولكن لم يؤمنوا بالجنان والقلب بل كفروا في قلوبهم فطُبعَ على قلوبهم بالكُفر والنِّفاق أفلا يفقهون ما الإِيمان ؟؟ ﴿وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم وإن يقولوا تَسمَع لقولهِم﴾ وصفةُ هؤلاء المنافقين وهيأتهَم ومناظرهم وملابسهم فاخرةٌ تتعجَّب كيف مَنَّ اللهُ عليهم بذلك لعدم استحقاقهم إتماماً للحُجّة وعندما يتكلَّمون تَستمِع كلامهم ، ﴿كأنّهم خُشُبٌ مُسَنّدةٌ يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم﴾ ولكنَّ هؤلاء المنافقين ليس لهم إلاّ ظواهر جميلةٍ فهُم خِلوٌ من الفضائل المعنويّة كالأخشاب المنحوتة والأصنام الخشبيّة الفارغة وجُبناء يحسبون أيّ همهمةٍ بشأنهم ، ﴿هُمُ العدوُّ فاحذرهم قاتلهم الله أنّي يُؤفَكون﴾ فيا حبيبي المنافقون هُمُ الأعداءُ الحقيقيّون لله ولكَ و لأهل بيتك ( عليهم السلام ) و هُم أخطرُ من أعدائك المُشركين لتتستُّرِهِم بالإِسلام فاحذرهُم أهلكهم الله كيف ينسبون الإِفك لك ولأهل بيتك (عليهم السلام ) .
﴿وإذا قيل لهم تعالوا يستغر لكم رسول الله لوّوا رؤسهم﴾ وعندما يُقال لهؤلاء المنافقين توبوا إلى الله وتعالوا واستغفروا الله عند رسوله يستغفر لكم رسول الله فيغفر الله لكم أداروا وأعرضوا بوجوهِهِم ، ﴿ورأيتهم يصدّون وهُم مستكبرون﴾ فبدلاً من أن يتوبوا ويستغفروا الله عند رسوله تراهُم يصدّون الناس عن ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) والتمسُّك بهم وهُم مستکبرون عن ولايتهم ، ﴿سواءٌ عليهم استغفرتَ لهم أم لم تستغفر لهم﴾ فيا حبيبي إنّ القابليّة شرطٌ فلا تَتَعلَّق المشيئةُ بالمحال ، فسواءٌ استغفرتَ لهم أم لم تستغفر لهم إذ لا قابليّة لهم للمغفرة !! ﴿لن يغفر الله لهم إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ فإلى الأبد وحتّى نهاية السَّرمد لا يغفر الله للمنافقين أعداء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وبالتأكيد إنّ الله لا يهدي من لا قابليّة له للهداية وهُمُ القوم الفاسقين بترك ولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
﴿هُمُ الذين يقولون لا تُنفِقوا على من عندَ رسول الله حتّى يَنفَضّوا﴾ إنّ هؤلاء المنافقين هُمُ الذين يتحدّثون بينهم ويوقولون : لا تُعطوا الخُمس والزكاة والصدقات التي يُنفِقُها رسول الله على صحابته الخُلَّص كسلمان وأبي ذرٍّ والمقداد وعمّار وبلال حتّى يتفرّقوا عنه ، ﴿ولله خزائنُ السماوات والأرض ولكنَّ المنافقين لا يفقهون﴾ وهؤلاء الحمقى لا يعلمون أنّ الأرزاق بيد الله وحدهُ ولهُ خزائنُ رزقِ السماوات والأرض ومن فيهنّ ولكنّ المنافقين لعدم إيمانهم بالله لا يفهمون هذا !! ﴿يقولون لَئِن رَجَعنا إلى المدينة ليُخرِجَنَّ الأعزّ منها الأذلّ﴾ ويتآمرون على الشّيعة ويقولون عندما نرجع الى المدينة من غزوة بني المصطلق ليُخرجنّ المنافقين الذين هُمُ الأعزّاء الشيعة المؤمنين الذين همُ الأذلاّء منهما ! ﴿ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ولكنّ المنافقين لا يعلمون﴾ ولكنّهم غلطوا في ذلك فهُمُ الأذلاّء عند الله ورسوله وإنّ العزّة لله ولرسوله ولهؤلاء المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولكنّ المنافقين لا يعلمون إنّ العزّة بالإِيمان لا غيرها! ﴿يا أيّها الذين آمنوا لا تُلهِكُم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأُولئك هُمُ الخاسرون﴾ أيّها المسلمون الذين آمنوا بالله وبرسوله لا تُشغلكم أموالكم وأولادكم وتصدُّكم عن الإِيمان بولاية أهلِ البيت ( عليهم السلام ) والتمسُّك بهم فمن يفعل ذلك ويترك ولايتهم فقد خَسِرَ الجنّة ، ﴿وأنفِقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربِّ لولا أخَّرتني إلى أجلٍ قريب﴾ أيّها المسلمون إدفعوا الخُمسَ لأهلهِ وأتوا الزّكاة من الأموال التي رزقناكم من قَبل أن يحين أجل أحدكم فيتمنّى لو يؤخّر في عمره حتّى يدفع الحقوق الشرعيّة ، ﴿فأصَّدَّق وأكُن من الصالحين﴾ فيتمنّى لو يمُهَل قليلاً حتّى يتمكّن من دفع الخُمس والزّكاة ولا يموت غاصباً لحقّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) والفقراء بل يكون بدفع الحقوق في زمرة الصّالحين ، ﴿ولن يؤخّر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبيرٌ بما تعملون﴾ ومحالٌ أبديٌّ ، أن يؤخِّر الله أجلَ من حَضَرَ أجلهُ إذ لا يستقدمون ساعةً ولا يستأخرون فليُسرع كلّ مُسلمٍ بأداءِ الخُمس والزكاة قبل أجلِهِ واللهُ خبيرٌ بمن يدفع الخُمسَ والزَّكاة ومن لا يدفعها حتّى ولو أُخِّرَ أَجَلُه .( صدق الله العليّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 439-437 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *