سورة المنافقون
2016-06-18
سورة الحجّ
2016-06-18

(22)
سورة السجدة

 

﴿بسمِ الله الرَّحمٰن الرَّحيم ألۤمٰ﴾ بإسم ذاتي الواجب الوجود واسم صفة رحمانيتّي الواسعة ورحيميّتي الخاصّة أوحى إليك بالرَّمز الذي تعرفُهُ أنتَ وأهل بيتك ( عليهم السلام ) فقط أَلِف لام ميم ، ﴿تنزيل الكتاب لا ريبَ فيه من ربِّ العالمين﴾ إنَّ وحيَ القرآن هو الكلام المُنزَل عليك من الله بواسطة جبرائيل أمين الوحي ( عليه السلام ) لا شكَّ فيه ولا ترديد إنّه يأتي به من ربّ العالمين أجمع ، ﴿أم يقولون افتراهُ، بل هو الحقُّ من ربِّك﴾ هل يقول الكفّار والمنافقون إنّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله و سلّم ) افترى القرآن على الله ؟ فأنا اللهُ أقول : بل إنّ القرآن كلامي ووحيي وهو الحقّ المُنزل من ربِّك ، ﴿لِتُنذِرَ قوماً ما أتاهم من نذيرٍ من قبلِك لعلَّهم يهتدون﴾ وأوحينا القرآن إليك يا حبيبي لتنذر قريشاً والعرب وغيرهم الذين لم يدركوا الأنبياء ولم يأتهم نذيرٌ بعد عيسى حتى بعثتك فلعلّهم يهتدون بإنذارك .
﴿اللهُ الذي خلق السماوات و الأرض و ما بينهما في ستّة أيّام﴾ فليعلموا أنّ الله الذي أرسلك إليهم هو الذي خلق السماوات كلّها والأرض وما فيها في ستّة مراحل ومدارِج من نورِ محُمَّدٍ وآلِ محمدٍ ( عليهم السلام ) المعصومين ، ﴿ثُمَّ استوی على العرش ما لكم من دونه من وليٍّ ولا شفيعٍ أفلا تتذكَّرون﴾ وبعد أن خلق السماوات والأرض هيمَنَ بقدرته عليها وتولّى عليها بالتدبير والحكمة والعدل فليس لكم غير الله وليّاً مطلقاً على الخلق ولا شفيعٌ غيرهُ للنّجاة فتذكّروا دائماً ، ﴿يُدبّرُ الأمر من السماء الى الأرض﴾ ولكنّه سبحانه وتعالى جعل وسائطَ للفيض فمنه الوجود وبهم الوجود وأولياء من قبله لهم الولاية التكوينية فيدبّر الأمر من السماء بهم على الأرض ، ﴿ثُمَّ يعرُجُ إليه في يومٍ كان مقدارُهُ ألف سنةٍ ممّا تعدّون﴾ فمحمّدٌ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ليس فقط الوليُّ المطلق من قِبَلِ الله بَل هُو المُختصُّ بالمعراج دون جميع الخلق إذ يعرُجُ إليه ليلة الإِسراء ويقطع مسافة ألف سنةٍ ضوئيّةٍ خلال يومٍ واحد فيصلُ إلى مقامِ قاب قوسين ، ﴿ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرّحيم﴾ وهذا أعظمُ تجَلى لله الذي هو غيبُ الغيوب العالِمُ بعوالِم الغيوب وعالِم الشهادة وهو العزيز الذي أعزّ أولياءهُ وهو الرَّحيمُ بالمؤمنين الموالين لأوليائه ، ﴿الذي أحسن كلّ شيءٍ خلقَهُ وبدأ خلقَ الإِنسان من طين﴾ والله جلّ جلاله هو الذي أتقَن خَلقَ الأشياء كلّها وأحسن في خلقها وهو الذي إبتداء في خلق جنس الإِنسان أوّلاً من طينٍ لازبٍ ، ﴿ثُمَّ جعل نسلَهُ من سُلالةٍ من ماءٍ مهين﴾ فبعد أن نفَخَ فيه وركَّب فيه الشَّهوة والنُّطفة جعل توالده وتناسله من مَنٍّي محكوم بالنّجاسة بعد خروجه من الجسم وهو عديمُ الحرمة والإِحترام ، ﴿ثُمَّ سوّاه وَنَفَخَ فيه من روحِهِ﴾ فبعد أن خلق آدم من الطين وسوّى صورته وشكله و هيکله ونفخ فيه من روحه فجعل روح آدم نفخةً إلهيّة ونفساً ناطقةً قُدسيّةً .
﴿وجعلَ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون﴾ ثُمَّ بعد أن نفخ فيه الروح جعل فيه الحواسّ الخمسة الظاهرة والخمسة الباطنة وخلق له الغرائز ومنحه العواطف القلبيّة لكنّكم قليلاً ما تشكرون هذه النِّعَم !! ﴿وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنّا لفي خلقٍ جديد﴾ ومع أنَّ الله خلق الإِنسان من عدم أوّلاً ثُمَّ من طينٍ ثانياً ثُمَّ من نُطفةٍ ثالثاً، يقول الكُفّار هل إذا أصبحنا تُراباً في الأرض بعد الموت هل إنّنا نُبعَثُخلقاً جديداً ؟؟؟ ﴿بل هُم بلقاءِ ربهّم كافرون﴾ فلماذا يستبعدون ذلك ولماذا يستنكرونه إن كانوا يعترفون بالخالق الذي خلقهم من قبل ؟ بل إنهّم كافرون بالمعاد وبلقاءِ الله بعد الموت ، ﴿قُل يتوفّاكم ملك الموت الذي وُكِّلَ بكم ثُمَّ إلى ربّكم تُرجعون﴾ فقل لهم يا حبيبي ليس الموت فناء للذّات الإِنسانيّة وللرّوح وإن بُلِيَ الجسد فإنّ عزرائيل هو الذي يأتَمِنُ أرواحکم ويقبضها وهو الذي وكّلهُ الله بكم فقطعيٌّ أنّکم إليه تُرجعون ، ﴿ولو تری إذ المجرمون ناکسوا رؤوسهم عند ربّهم﴾ فيا حبيبی عندما يُرجَعُون إلي ربّهم ستریٰ إذا المجرمون المخالفون لولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) يُطأطِئون رؤوسهم ذِلّةً واستکانةً وخَجَلاً من سوءِ عَمَلِهِم عند الحساب يوم القيام ! ﴿ربَّنا أبصرنا وسمعنا فأرجعنا نعمل صالحاً إنّا موقنون﴾ فعندما يحُكَم عليهم بالخلود في النار يقولون ربَّنا رأينا اليومُ شرفَ مقامِ قُربِ عليٍّ وولده ( عليهم السلام ) عندك وسمعنا ثناءك عليهم فأرجعنا الى الدنيا نواليهم إنّا موقنون بأنّك أوجبت ولايتهم علينا ! ﴿ولو شئنا لآتينا كلّ نفسٍ هُداها﴾ ويا حبيبي لقد كلّفناهم في الدنيا بولايتكم إختياراً ولم نجُبِرهم ولو شئنا لأجبرنا كلّ واحدٍ من الناس بالولاية وأعطيناها هُداها جبراً، ﴿ولكن حَقَّ القول منّي لأملأنَّ جهنَّ من الجِنّة والناس أجمعين﴾ ولكن يا حبيبي لقد سَبَقَ في حُكمي و قضائي وإرادتي ومَشيئتي أن أجعَلَ التكليف مقروناً بالإِختيار ولا جبر ولا تفويض ثُمَّ اقتضي عدلي أن أملأ جهنَّم من كلّ منافقٍ وكافرٍ وفاجرٍ من الثَّقلَين ، ﴿فذوقوا بما نسيتُم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخُلد بما كنتم تعملون﴾ فيوم القيامة يخُاطبهم الله قائلاً ذوقوا بما نسيتُم إختياراً لقاء يوم القيامة عذابَ الجحيم إذا إنّا نسيناكم عمداً من رحمتنا فذوقوا العذاب الدائم في النار بترککم الولاية .
﴿إنمّا يؤمن بآياتنا الذين إذا ذُكِّروا بها خَرّوا سُجَّداً وسبّحوا بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون﴾ فليس إلاّ أنّه لا يؤمن بآياتنا النازلة بشأن ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) إلاّ الشيعة الذين إذا ذُكِّروا بتلك الآيات سجدوا لله شُکراً على الولاية وسبّحوه وحمدوه عليها ولم يستكبروا منها ، ﴿تتجافیٰ جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفاً وطمعاً وممّا رزقناهم يُنفقون﴾ هؤلاء الشيعة المُوالون لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) تبتعد ظهورهم عن الفراش باللّيل قائمين للصلاة يُناجون ربهَّم خوفاً منه وطمعاً في رحمته وغُفرانه وهم يُنفقون في سبيل الله ما رزقهم الله .
﴿فلا تعلمُ نفسٌ ما أخفى لهم من قُرّة أعينُ جزاءً بما كانوا يعملون﴾ فلا يعلم أحدٌ من الناس ما أعدَّ الله لهؤلاء الشيعة الأتقياء وادَّخرَ لهم من نِعمٍ تقرُّ عيونهم بها في الجنّة ثواباً وأجراً في قبال أعمالهم الصالحة ، ﴿أفمَن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً ؟ لا يستوون﴾ فنستفهم إستنكاراً هل إنّ من كان مؤمناً موالياً لمحمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) هو عند الله كمن كان فاسقاً موالياً للجِبت والطّاغوت وخلفاء الجور؟ فقطعاً لا يستوون ، ﴿أمّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنّات المأوى نُزلاً بما كانوا يعملون﴾ فأمّا الذين آمنوا بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) وعملوا الصالحات فإنَّ لهم ثواباً جناتٍ يسكنونها منازل لهم جزاءً بما كانوا يعملون من الصالحات مع الولاء ، ﴿وأمّا الذين فسقوا فمأواهم النار كلَّما أرادوا أن يخرجوا منها اُعيدوا فيها﴾ وأمّا الذين فسقوا وتركوا ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) المعصومين وعصوهم فمأواهُم ومنزلهم جحيم النار كلّما هَمّوا بأن يفرِّوا منها أعادتهم ملائكة النيران إليها !.
﴿وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تُكذِّبون﴾ ويقول مالِكٌ خازن النيران لهم ذوقوا عذاب النار فی جهنّم الذي کنتم تکذّبون بوجوده بل كنتم لا تصدِّقون دخول خلفائكم فيه ! ﴿ولنُذيقَنَّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون﴾ ويا حبيبي قبل أن نذيقهم من العذاب الأكبر بسيف المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) ثُمَّ نار جهنّم سنذيق المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) من العذاب الأدنى من القتل والخوف والجوع لعلَّهم يرجعون الى ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿ومَن أظلمُ مِمَّن ذُكِّر بآيات ربِّه ثُمَّ أعرض عنها﴾ ويا حبيبي فليُنصِفوا من هُوَ أظلمُ وأجرمُ ممَّن ذُكِّر بآيات القرآن النازلة بشأنِ عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وولايتهم ثُمَّ أعرض عنها وخالفهم ؟؟ ﴿إنّا من المجُرمين مُنتَِقمون﴾ فقطعاً وحتماً إنّا من الذين أعرضوا عن ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) سننتقم سيّما ممَّن يُطابق عدد أسمائهم عدد هذه الجُملة وهمُ ۱۱۹۷، ﴿ولقد آتينا موسی الکتاب فلا تکُن في مريةٍ من لقائه﴾ ويا حبيبی إنّا آتينا موسی بن عمران التورة فلا تمُارِ وتجادل فی حتميّة لقائك مع موسى بن عمران في السماء ليلة معراجِك ! ﴿وجعلناهُ هُدیً لبني إسرائيل﴾ و بالتأکيد جعلنا المعراج وسيلةً لهداية أتباع موسى وبني إسرائيل حيثُ تَصِفُ لهم موسى وكلامه معك فلا بُدَّ أن يُؤمنوا بك .
﴿وجعلنا منهم أئمَّةً يهَدون بأمرنا﴾ وجعلنا من اُمّةِ محمَّدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لهم أئمّةً معصومين من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) إثنا عشر إماماً يهدون النّاس بولايتهم وإمامتهم ، ﴿لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾ ولم نجعل الأئمّة أعلاماً لهداية البشر جُزافاً بل لأنهّم صبروا على ما لاقوه من المصائب والأذى في سبيلنا وكانوا على يقينٍ بوعد الله بالنَّصرِ لهُم ، ﴾إنَّ ربَّك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون﴾ بالتأكيد إنّ الله هو الحكمُ العدلُ الذي سيحكُم بالحُكم الفصل يوم القيامة بين المسلمين فيما كانوا يختلفون فيه من أمر الإِمامة والخلافة وبشأن الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) ، ﴿أَوَلم يهدِ لهم كم أهلكنا من قبلِهم من القرون﴾ ونسأل هؤلاء المعرضون عن ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ألم يتَّضِح لهم و ألم يهتدوا إلى عاقبةِ الاُمَم الهالكة وإلى مصير قومِ عادٍ وثمودٍ وأصحاب الرَّسِّ وقوم هودٍ وغيرهم ؟؟ ﴿يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ أفلا يسمعون﴾ فإن لم يكونوا قد سمعوا عن تاريخ الاُمم الهالكة شيئاً لكنّهم يمشون على آثار مساكنهم في طريق سفرهم إلى الشام إنّ في ذلك لعبرةً لهم أفلا يسمعون كلام الله ؟؟ .
﴿أولمَ يَروا أنّا نسوق الماء الى الأرض الجُرز فنُخرج به﴾ إنّ ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) هو كالماء الصافي الذي هو سببٌ للحياة ألا يرون أنّا كيف نُجري الماء على الأرض القاحلة فنُحييها بالماء والزَّرع ؟؟ ﴿زرعاً تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون﴾ فكأنَّ الماء يحُيي الأرض اليابسة ويُنبت عُشباً تأكل وترتع منه أنعامهم وحبوباً يأكلون هم منها فكذلك الولاية تحُيي القلوب الميّتة ، ﴿ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين﴾ ويستبعد الناس قيام القائم المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) والفتح على يديه ويقولون متى يكون هذا الفتحُ إن كنتم صادقين في وعدكم بظهور المهديّ ( عليه السلام ) ؟؟ (﴿قُل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هُم يُنظرون﴾ فقل يا حبيبي وأعلِن للملأ : إنَّ يوم قيام القائم المهديّ ( عليه السلام ) من آل محمدٍ قطعٌّي حتميٌّ ولكن لا نُحَدَّد موعده وحينما يحَين فلا ينفع الذين كفروا بولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) إيمانهم به ولا يمُهلون حينئذٍ !! ﴿فأعرض عنهم وانتظِر إنهّم مُنتَظِرون﴾ فأعرض يا رسول الله عن مخُالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) وانتظر قيام المهديّ (عليه السلام ) من ولدك للثّأر منهم والإِنتقام وانتظار الفرج من الفرج ، كما هُم ينتظرون قيامهُ ليقتلوه، (قاتَلهم اللهُ بسيفِ المهديّ المنتظر ( عليه السلام ) ( صدق الله العليّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 446-441 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *