سورة فاتحة الکتاب
2016-06-16
سورة الأنفال و البراءة
2016-06-16

(2)
سورة العلق

﴿بسم الله الرَّحمٰنِ الَّرحيم﴾
بإسم ذاتي الإلهي المستجمع لجميع صفات الكمال والجلال والجمال المتجلّي في أنوار محمدٍ وآل محمّد أشرف خلقِي و بإسم رحمانيّتي الشاملة لخلقي و رحيميّتي الخاصة له و آله.

﴿إقرأ باسمِِ ربِّك الَّذي خَلَق﴾ إنّك يا حبيبي لست بقارىءٍ وأنا الآن آمُرك أمراً تکوينيّاً إقرأ من الآن فصاعداً القرآن المنزل عليك و كلّ ما كتبناه في اللوح المحفوظ بقلم المشيئة و التقدير واقرأ جميع اللغات واللّهجات والحروف و الکلمات باسم الله ربّك الذی خلقها و أوجدهابلُطفه و قدرته ﴿خَلَق الإنسانَ من عَلَق﴾ فربّك هو الذی خلق الإنسان في رحم أمّه من علقةِ دمٍٍ تکاملت من نطفة منٍّي و بويضةٍ ثُمَّ تبدَّلت إلی لحمٍٍ ، و عظمٍٍ ، و جسمٍٍ نامٍٍ ، ولج فيه الروح والنفس الناطقة الإنسانيّة و الغرائز و العقل و العلم بخلاقيّته الذّاتية .﴿إقرأ وَ رَبُّك الأکرم الَّذی علَّمَ بالقلم﴾ إقرأ يا حبيبي بإکرام الله و فيضة و مشيئته و إرادته کلّ ما في الغيب و الشهود ممّا خَطَّه الله و الملائکة و الإِنس و الجنّ فقد أكرمك الله بهذه القراءة الولويّة الإعجازيّة و تکرَّم علی الخلائق و البشريّة بقراءتك و رسالتك و ولايتك فهو الذی عَلَّمَ الکتابه بالقلم. ﴿عَلَّمَ الإنسان ما لَم يعلم﴾ و هو تعالی عَلَّم الإنسان الأوّل آدم ما لم يعلم فعلَّم آدم الأسماء کلّها ، و علَّم نسله الجاهل ما لم يعلم من علمه الفيّاض و علَّمك و علَّم أهل بيتك الطاهرين جميع العلوم الغیبیّة الإلهيّة و الوحي و التشريع ، بالوحي و الإلهام و علَّمکم ما کان و ما يکون إلی يوم القيامة .﴿کَلَّا إنَّ الإنسان ليطفی أن رآهُ استغنی) کَلَّا ليس کما يظنُّ الطُّغاة بأنَّ الإنسان مستغن عن ولاية محمّدٍ و آل محمد فهو يطغی و يتجبَّر و يشقیٰ و يتکبَّر لو رأی نفسه غنيّاً عن ولاية محمدٍ و آل محمّد کطغيان جميع الطواغيت فهو بحاجة الی ولايتهم و لا بدَّ من موالاتهم لکي لا يطغی ﴿إنَّ إلی ربِّك الرُّجعی﴾ و بالتأکيد و اليقين إنّ الی حساب ربّك و إلی محکمة عدل الله و جزائه رجوع الخلائق و عودهم و مآلهم و معادهم ، فذلك ما يقتضيه قانون التکامل المبرهن عليه ، و قانون العدل الإلهي ، و الحکمة التشريعية.

﴿أرأيت الَّذی ينهی ؟﴾ نسألك إلفاتاً و تعجُّباً لا إعجاباً : هل رأيت أبا جهلٍٍٍ رأس الکفر و الشرك زعيم بنی اُميّة و قريش و من علی شاکلته کيف يخالف العقل و الوجدان و الهُدی و العدل و ينهاك عن دعوتك و دينك و التوحيد . ﴿عَبداً إذا صلّی﴾ و ينهاك يا محمّد العابد ، ياعبدالله و ابن عبدالله ، عن عبادة الله حينما تصلّي لله في بيت الله و تؤمُّ عليّاً أوّل القوم إسلاماً و خديجة أمّ المؤمنين و الدة الزهراء راکعاً و ساجداً لله وحده لا لغيره . ﴿أرأيت إن کان علی الهُدی﴾ ألا تری کيف ينهی عن الهدی و الحق و العدل ، و کيف ينهی من هو علی الهدی و الحق و العدل و هو في نهيه لك يری نفسه علی الهدی و الحق ، و لو کان علی الهدی لما نهیٍٍ عن الهدی بل کان يتّبعك و يقتدي بك و يسير علی هُداك ﴿أو أمَرَ بالتَّقوی﴾ إنَّ أبا جهلٍٍ بنهيه عن عبادة الله يظنُّ أنّه يأمر بالتقی و الصلاح فلو کان يأمر بالتقوی لما نهی عن الصلاة لله و عن عبادته و عن توحيده ، فهو يأمر بالشرك و العصيان و عبادة اللاّت و العُزّی و هُبَل و مَناة و يکفر بالله الواحد القهّار ، و صلاتك هذه هي أساس التقوى فلا تقوى إلاّ بالصلاة الصحيحة فإن قُبِِلت قُبِِل ما سواها و إن رُدَّت رُدَّ ما سواها ، و هی لا تُتركُُ بحالٍٍ فأقمها يا رسول الله بجماعةٍ مع علیٍّ و خديجة رغماً للمشکرين بعدما صلَّيت منذ صباك في غار حرّاء خُفية والصلاة عليك وعلی آلك شرطٌ في صحّتها و قبولها فمن لم يصلِّ عليکم في تَشَهُّدِهِ لا صلاة له ﴿أرأيت إن کذَّب و تولّی﴾ ألا تری ، و طبعاً تری أنَّ المشرك الکافر المنافق کذَّب بدعوة محمدٍ و رسالته و ولايته و تولّی معرضاً عنها . ﴿ألم يعلم بأنَّ الله يری ؟﴾ فنسأله استنکاراً و توبيخاً و إنذاراً ألم یعلم و إن کان يتجاهل بأنَّ الله يری تکذبيه و إعراضه و عصيانه و عناده ﴿کلاّ لئن لم ينته لنسفعاً بالنّاصية﴾ نحن نردعه و نهدِّده ، کلاّ إن لم يرتدع عن عناده و کفره ، و لئن لم ينته من تکذبيه لمحمّدٍ و آله سنجرُّه من ناصيته الی النار ﴿ناصيةٍ کاذبة خاطئة﴾ تلك الناصية المعقودة علی تکذيب الحق و المکذّبة برسالة محمد و ولاية محمد و آله ، و الناصية الخاطئة المخطئة بأفعالها و مقاصدها و نواياها . ﴿فليَدعُ نادِيه﴾ حينئذٍ حينما نقوده بناصيته إلی جحيم النار فهنالِك فليدع حزبه الأمويّ و أهله و عشيرته و خيله و رجله لينقذوه .﴿سَنَدعُ الزَّبانِيَة﴾ عندئذٍ سندعو نحنُ – أنا و محمّد و أهل بيته – زبانيّة جهنَّم ، و الملائکة الغلاظ الشّداد لإلقائه بناصيته الی قعر جهنَّم . ﴿کلاّ لا تُطِعهُ واسجد و اقترب﴾ فنردعُهُ و نزجره ، کلاّ ليس يفيده حزبه الأموي و أهله و عشيرته و لا يتمکَّن من التغلُّب عليك و إطفاء نورك ، و إن کان يمنعك عن دعوتك و رسالتك فلا تطعه يا حبيب ، واسجد لله مع علیٍّ و خديجة و جعفر و أبي ذرٍّ ، واقترب الی الله باستمرار و ليسجد لله و جوباً کلّ من قرأ هذه الآية و من استمع قراءتها رَغماً لأنف من أبی السجود لله و منع عن السجود لله و من کذَّب بولاية محمّدٍ وآل محّمدٍ فليسجدوا جميعاً قُربةً إلی الله تعالی .
(صدَقَ الله العلیُّ العظيم)

نشر في الصفحات 39-37 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *