دليل السّور في تفسير أهل البيت (عليهم السلام)
2016-06-16
سورة العلق
2016-06-16

(1)
سورة فاتحة الکتاب

﴿بِسمِ الله﴾ أبدأُ الوحي باسمي المختصّ بذاتي الإلهي الذي يؤلَهُ إليه و بأعظم أسمائي المستجمع لجميع صفات الکمال والجلال والجمال و باسم العزّة والجلالة ﴿الرَّحمن﴾ و باسم رحمانيّتي الدالّ علی شمول رحمتي و تفضُّلي و امتناني علی جميع خلقي و إفاضتي عليهم في الدنيا بالنعم الدنيوية ﴿الرَّحيم﴾ وباسم رحيميّتي الدالّ علی اختصاص رحمتي و لطفي و عنايتي و فيوضاتي المعنوية بعبادي المؤمنين في الدنيا و مثوباتي في العقبی . ﴿الحمدُلِلّه﴾ فاعلموا أنَّ الثَّناء والشکر الحقيقي خاصُّ لذات الله ذي الجلال و الإکرام و الفضل و الانعام ، وذي الأسماء العِظام ، فيجب أن تحمدوه و تطیعوه . ﴿ربِّ﴾ و إنّما اختصَّ الحمد و الثناء و الشکر له ، لأنّه هو وحده المربیّ الخالق و المدبّر المالك الموجد للخائق و العوالم . ﴿العالمين﴾ فهو ربٌّ لجميع العوالم الکونيّة و هي :
1- عالَم الأنوار : الّتی تجلَّت من نور ذاته قبل خلقة الخلائق بأربعة عشر ألف سنة ، و هي أنوار محمّد و آل محمّد فکانوا بعرشه مُحدقين يُسبّحونه و يقدّسونه.
2- عالمَ الذَّرّ : و خِلقةِ ذرّات وجود آدم و جميع البشر من نسله من شعاع أنوار محمّد و آل محمّد (عليهم السلام ) .
3- عالَم الأرواح : وخِلقةِ أرواح الملائكة والبشر من بركات أنوار محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) فأصبحت نورانيّةً من نورهم وخلقةِ نفوس الجنّ والحيوانات من فيوضات بركات الأنوار المقدّسة .
4- عالمَ الجماد : وخِلقةِ العناصر الأربعة الأوليّة ثمّ جميع الجمادات منها في ستّة مراحل.
5- عالَم النّبات : و خِلقةِ المزروعات النّامية من التُّراب و الماء و النُّور و الهواء .
6- عالَم الحيوانات : و خِلقةِ الحيوانات کلّها من جسمٍٍ نامٍٍ و غريزةٍ عجماء من غير عقل .
7– عالَم الإنسان : و خلقةِ أوّل إنسان من ماء وطين ثُمَّ نفخ الروح فيه و نفس غريزيّة و عقلٍٍ ، ثُمَّ إبداع النسل البشري في صَلبِه و استيلادهم من نطفته المستقرَّة في الرَّحم .
8- عالَم الدّنيا : و هو مجموع زمان حياة الإنسان علی الأرض من البدء حتّی النهاية .
9– عالم البرزخ : وهو عالم ما بعد الموت للإنسان حيث يتلبَّس روحهُ القالَبَ المثالي حتى المعاد .
10- عالَم الآخرة : وعودة الأرواح إلى الأجساد للحساب والجزاء و الخلود في الثواب أو العقاب والجنّة والنار .
« هذه كلّيات العوالم الكونيّة ، وهناك عوالم جزئيّة لهاوعوالِم تشريعيّة و غيرها تندمج ضمن العالمين » .
﴿الرَّحمن الرَّحيم﴾ هذه العوالم اقتضی إیجادها اسم الرَّحمن الإلهي و صفته فشملها برحمته و عمَّها بفيضه فولّی عليها محمّداً وآل محمّد برحيميّته التي خَصَّهُم بِها . ﴿مالِكِ يومِ الدِّين﴾ و قانون التكامل البرهاني يقتضي أن يکون عالم الآخرة نهاية العوالم الكونية ، و قانون العدل والحكمة يوجبها ، و يکون الله هو المالك الحقيقي و السلطان المطلق فيها ﴿إيّاك نَعبُدُ﴾ و لأجل ذلك لا بُدَّ من عبادة الله خالصةٌ لوجهه دون شرك و رياءٍ و بدعةٍ فإيّاك وحدك يا ربَّنا نعبد و لا نعبد سواك و لا نبتدع ﴿وإيّاك نستعين﴾ و لاکتساب الفوز و النجاح و السعادة و الفلاح في الدنيا و الآخرة إيّاك وحدک نستعين ، ولا نستعين بغيرك أبداً و بأمرک نستعين بأوليائك المقرّبين محمّدٍ و آله الطاهرين و بأعدائك لا نستعين إذالإستعانة بهم شركٌ و نفاقٌ ، و بأمرك نتعاون علی البرّ و التقوی ، و نعينُ علی الخير و نُعين أوليائك و ننصر دينك کي تعيننا علی أنفسنا و تعيننا علی أعدائنا و لا مُعين سواك .﴿إهدنا﴾ ثمَّ نبتهل إليك يا ربَّنا و ندعوك و نسألك و نطلب الهداية منك فأنت الهادي وحدك فنأخذ الهداية منك للحقّ والهدی و العدل و التُّقی ابتداءاً و استدامة و استمراراً عاجلة وآجلة فنقول : إهدنا يا ربّنا و دلّنا بالوحي و الرسالة و الشّرع و الولاية بعد أن منحتنا العقل القاصر لوحده من الإهتداء الکامل لما فيه سعادة الدنيا و الآخرة بفضلك و لطفك وجودك و کرمك و عدلك فأرسل لنا هداةً يهدوننا و بعد إرسالهم وفِّقنا للإهتداء بهم و اتّباعهم و ترك اتباع غيرهم إذ من يهدی الی الحقّ أحقُّ أن يُهتدی به لا من لا يهتدِي إلّا أن يُهدی فاهدنا بالهُداة المهديّين محمّدٍ وآله المعصومين ﴿الصِّراط المستقيم﴾ فاهدنا بهم الی طريق الحقِّ و العدل والسبيل الواضح ، و صراطُ عليِّ المستقيم إليك الموصل الی رضوانك ﴿صراط الذين أنعمت عليهم﴾ لصراط محمدٍ و آل محمد الذين أنعمت عليهم بالعصمة و الولاية و جعلتهم أقرب الخلق إليك و أشرفهم لديك و أحبَّهم إليک و جعلتهم الوسيلة إليك و الأدلّة عليك و الشُّفعاء لديك و صلَّيت عليهم بصلواتك ﴿غيرِ المغضوب عليهم﴾ و صراطهم غير صراط الولاة الجائرين و الطّغاة الظالمين والکفّار والمشرکين و المنافقين الذين غضبت عليهم و لعنتهم في کتابك و تبرّأتَ منهم و طردتهم من رحمتك و أوعدتهم الخلود في عذابك ، و غير طريق الفاسقين والفاجرين ، و الناکثين و القاسطين و المارقين ، و النواصب و الُمغالين ، و المناوئین لمحمّدٍ و آله الطاهرين ﴿و لا الضّالّين﴾ و غير صراط الضالّين عن ولاية محّمد و آله الهداة المعصومين باتّباعهم لمذاهب الآخرين من المنحرفين و المخالفين الذين ترکوا التمسُّك بالثقلين فضلّوا بذلك و أضلّوا و ذلك هو الضلال المبين ، و بعد ذلك في الصلاة نقولُ الحمدُ لله ربِّ العالمين ، بدلاً من قول آمين بدعة المبتدعين فکلَ بدعةٍ ضلالةٌ و کلَ ضلالةٍ في النار ، فالمبتدعون هم من الضّالين .

نشر في الصفحات 36-33 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *