سورة السجدة
2016-06-18
سورة الملائكة (ع)
2016-06-18

(23)
سورة الحجّ

﴿بسمِ الله الرَّحمٰنِ الرَّحيم﴾ بإسم ذاتي القدسيِّ الربوبيّ الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال والجمال والجلال وباسم رحمتي الواسعة ورحمتي الخاصة ، ﴿يا أيّها الناس اتّقوا ربَّكم إنّ زلزلة الساعة شيءٌ عظيم﴾ أيّها البشر الغافلون عن القيامة وأهوالها خافوا الله واتّقوا المعاصى إذ أنَّ زلزلة الأرض عند النُّشور عظيمةٌ مخيفةٌ مهولةٌ مدهشةٌ ، ﴿يوم ترَونها تذهل كلّ مُرضعةٍ عمّا أرضعَت وتَضَع كلّ ذاتِ حملٍ حملها﴾ فإذا زُلزلت الأرض زلزالها ترونها تُبهت إلى حدٍّ تنسى الأمّ أولادها وتنادي وانفساه ومن شدّة الهزّات تُلقي كلّ حامل جنينها وتلقي الأرض بأفلاذ کبدها !! ﴿وتری الناس سُکاری وما هُم بسُکاری ولكنّ عذاب الله شديد﴾ فيومذاك ترى يا حبيبي النّاس يفقدون شعورهم كأنهّم سُکاری وليسوا بسکاری من خمر ولکنّ الخوف من عذاب الله الشديد أفقدهُم وعيهُم ! ﴿و مِنَ النَّاس مَن يجُادِل فی الله بغير علمٍ ويتَّبع کلّ شيطانٍ مَريد﴾ ومع هذا إنَّ من الناس الغافلين عن أهوال القيامة من يجادل في ولاية الله وولاية رسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) عن جهلٍ ويتّبِع كلّ جائرٍ طاغٍ ماردٍ من خلفاء الجور ! ﴿كُتبَ عليه أنّه من تولاّه فإنّه يضلّهُ ويهديه إلى عذاب السّعير﴾ وقد كتب الله في محكم كتابه إنّ من تولىّ كل شيطانٍ إنسيٍّ ماردٍ جائرٍ فإنّه يُضلُّهُ عن طريق الحقّ وولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ويسوقُهُ الى طريق جهنّم وعذاب النار .
﴿يا أيّها الناس إن كُنتُم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم﴾ أيّها البشر إن كان بعضٌ منكم في شكً من المعاد وعودة الأرواح والأجساد فدليلُ الخلقة أقوى دليلٍ عليه إذ خلقكم الله وهو قادرٌ على إعادة خلقِكُم ، ﴿من تُرابٍ ثُمَّ من نطفةٍ ثمَّ من علقةٍ ثمَّ من مُضغةٍ مخُلَّقةٍ وغير مخُلَّقةٍ﴾ وقل خلقناكم أوّل مرّةٍ من التُّراب وهو آدم أبوكم ثمَّ خلقنا نسلهُ من النطفة في الرَّحم ثمَّ بدّلناها إلى قطعة دمٍ ثمَّ إلى قطعة لحمٍ ثمَّ صوّرناها هيكلاً تاماً أو غير تامٍ ، ﴿لِنُبيِّنَ لكم ونُقِرّ في الأرحام ما نشآء إلى أجلٍ مسمّىً ثُمَّ نخُرجكم طفلاً﴾ لنوضح لكم عظمة قُدرتنا على الخلق والإِيجاد وإرادتنا التامّة في الخلق فنحن نُقِرُّ في الأرحام بمشيأتنا لا ما تشاؤون أنتُم لمدّةٍ معلومةٍ أكثرها تسعة أشهُرٍ فبعد ذلك نخُرجكم أطفالاً وأقلّها ستّة أشهر، ولا تتجاوز العشرة، ﴿ثُمَّ لِتَبلُغوا أشدّکم ومنکم من يُتوفّیٰ ومنكم من يُردُّ إلى أرذلِ العُمُر﴾ وهكذا بعد الولادة فالإِرادة الإِلهية تُربّيكم الى أن تبلُغوا سنَّ الرُّشد لا إرادتكم حيث ترون وفاة بعضكم حينما لا يريد له البقاء وتريدون ، وبقاء بعضکم إلى سنّ الشيخوخة وأرذل العمُر ضعفاً في العقل والقُوى لا بإرادتِكُم ! ﴿لكيلا يعلم بعدَ عِلمٍ شيئاً﴾ فيبقى بعض المعمَّرين إلى أن يفقد مشاعِرَهُ الدّاركة ويفقد حافظته وذاكرته فتراهُ كالطّفل الصغير لا يعلم شيئاً بعد أن كان عالماً ! ﴿وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزَّت وربَت وأنبتت من کلّ زوجٍ بهيجٍ﴾ ودليلٌ آخر علی البعث هو أنّک تری الأرض قاحِلةً فإذا أمطرنا عليها انتفعت بالماء وتحرَّكت ونشطت وارتفعت واخضرَّ نبتها المختلف المُتنوّع شکلُهُ .
﴿ذلك بأنَّ الله هو الحقُّ وأنّهُ يحُيي الموتی وأنّه على كلِّ شيءٍ قدير﴾ ذلك دليلٌ بأنّ اللهَ خالقٌ حكيمٌ عادلٌ بالحقيقة وأنّه تعالى واهبٌ الحياة لفاقديها من الموجودات ودليلٌ على قدرته التّامة المُطلقة في الأشياء ! ﴿وأنَّ الساعة آتيةٌ لا ريبَ فيها وأنَّ اللهَ يَبعَثُ مَن في القبور﴾ وكلّ ذلك دليلٌ على أنَّ ساعةَ القيامة والنشور حتماً آتِيَةٌ لا شكَّ في مجيئها وبالتأكيد القطعيّ يقدر الله على أن يبعث الموتي من قبورهم ، ﴿ومِنَ النّاس من يجادل في الله بغير علمٍ ولا هُدیً ولا كتابٍ مُنير﴾ ومع كلّ هذا فمن الناس من لا يؤمن بالبعث ويجادل في قدرة الله عليه بغير علمٍ ولا بإيمانٍ ولا شريعةٍ كأبي جهلٍ وأبي سفيان وحزبهما والنَّضر بن حارث والمنافقين ، ﴿ثاني عِطفِه ليُضِلَّ عن سبيل الله لهُ في الدُّنيا خِزيٌ ونُذيقُه يوم القيامة عذابَ الحريق﴾ فهذا الكافر والمنافق المنكِر للبعث يُثنيِّ عطفه نكيراً على الحقّ ليضلّ الجهّال وأتباعه عن سبيل الهداية والولاية فله من الله حدّ القتل والخزي في الدنيا وجهنّم في الآخرة ، ﴿ذلك بما قَدَّمت يداك وأنّ الله ليس بظلاّمٍ للعبيد﴾ فعندما يُلقى في جهنَّم يُقال له هذا العذاب نتيجة لما افتريتَ من الإِثم والكفر والظُّلم فی الدّنيا وذلك هو العدل وليس اللهُ بظلاّمٍ لعبيده فهو العادلُ في حُكمِهِ ! .
﴿ومن الناس مَن يعبدُ الله على حَرفٍ﴾ ومن هؤلاء الناس من يتظاهر بعبادة الله على انحرافٍ في عقيدته وإيمانه بل يعبدُه طمعاً ونفاقاً ورياءً ، ﴿فإن أصابه خيرٌ اطمأنَّ به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه﴾ فهذا المنافق المرائي إن أصابه غنيمة من رسول الله والإِسلام اطمأنَّ على فائدة نفاقه وإن أصابته محنةٌ ارتدَّ عن الإِسلام وفرَّ من الجهاد ! ﴿خَسِر الدُّنيا والآخرة ذلك هو الخسران المُبين﴾ فعندما يرتدُّ ويفرُّ من الجهاد يخسر دنياه الذي أمَّله عند تظاهره بالإِيمان ويخسرُ الآخرة ومثوباتها وذلك هو الخسران الواضح ! ﴿يدعو من دون الله ما لا يضرُّه ولا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد﴾ إنَّ هذا المنافق يدعو لطاعة غير الله من الطواغيت الذين لا يضرّونه إن آمن بالله وبولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ولا ينفعونه إن دعا إليهم فذلك هو الضلال بعيداً عن الحقّ !! ﴿يدعوا لَمَن ضُرُّهُ أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير﴾ فهذا المولى الذي يدعو لولايته دون ولاية الله وولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) هو من وُلاة الجور والظُّلم هو بئس المولى إذ لم يُولّيهِ الله وبئس النّاصر إذ لا ينصُرُ من عذاب الله !! .
﴿إنَّ الله يُدخِلُ الَّذين آمنوا وعملوا الصالحات جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار إنَّ الله يفعل ما يُريد﴾ بالتأكيد إنّ الله يدخل الذين آمنوا به وبولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) وعملوا بسنَّتهم الجنّات في الجنان التي تجري من خلالها الأنهار من العسل واللَّبن والخمر إنّ الله يفعلُ في ثواب الشيعة كلّما يُريد ، ﴿من كان يظنُّ أن لن ينصرهُ اللهُ في الدُّنيا والآخرة فليُمدِد بسبب إلى السماء﴾ من كان من المنافقين يظنُّ أنَّ الله لن ينصُرُ محمداً وأهل بيته ( عليهم السلام ) في الدنيا والآخرة فليُوجِد إرتباطاً بملائكة السماء ليسألَهُم عن ذلك ! ﴿ثُمَّ ليقطع فلينظر هل يذهبنَّ كيده ما يغيظ﴾ وعلى فرض تمكُّنه من أن يمدد بسببٍ إلى الملائكة فليقوم بقطع إرتباط محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) بهم وعلى فرض قدرته عليه فلينظر هل إن مكائده هذه تذهب بولايتهم التي تغيظه ؟؟!! ﴿وكذلك أنزلناه آياتٍ بيّناتٍ وإنّ الله يهدي من يُريد﴾ وكالإِستدلال على البعث أنزلنا الوحي للإِستدلال على الولاية آياتٍ واضحاتٍ تُثبت ولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) و بالتأکيد إنّ الله يهدی من يريد هدايته بولايتهم .
﴿إنَّ الذين آمنوا﴾ وذليلٌ آخر على ضرورة البعث والمعاد ويوم الفصل هو الحُكُم والفصل بين العباد فالذين آمنوا بالله وبرسوله وبأهل بيته ( عليهم السلام ) وتمسّکوا بهم ، ﴿والذين هادوا﴾ والذين كانوا هوداً ويهوداً أتباع يهودا وشعيبٌ إسرائيل الله وآمنوا بالتوراة وألواح موسى ( عليه السلام ) وادَّعوا الولاءَ لهُ ، ﴿والصابئين﴾ والذين صَبوا وادَّعوا البقاء على دين نوحٍ وشريعته وتعاليمه فهُم الصابئة ، ﴿والنّصارى﴾ والذين قالوا نحن أنصار الله حينما قال عيسى بن مريم من أنصاري إلى الله فادَّعوا متابعة عيسى المسيح وشريعة الإِنجيل ، ﴿والمَجوس﴾ والذين بقوا على دين زرادشت وأصبحوا مجوساً إدَّعوا الإِلتزام بالقول الحسن والفعل الحسن والظنَّ الحسن ، ﴿والذين أشركوا إنَّ الله يفصل بينهم يوم القيامة إنّ الله على كلّ شيءٍ شهيد﴾ وكذلك المشركون الذين أشركوا بعبادةِ الله وطاعته غيرهُ فبالتأكيد لابدّ أن يفصل الله بينهم وذلك يوم القيامة والله يشهد جميع أفعال عباده فعندئذٍ يعرف المحُِقَّ من المُبطل ولولا ذاك لانتفى العدل ، ﴿ألم تَرَ أنَّ الله يسجُد لهُ مَن في السماوات ومَن في الأرض﴾ إنّك ترى يا حبيبي أنّ كلّ ذي عقلٍ وروحٍ في السماوات والأرض يسجدُ لله من الملائكة والجنّ والإِنس تكويناً ، ﴿والشّمس والقمر والنّجوم والجبال والشَّجر والدّواب﴾ وانّك ترى أنَّ الشمس تسجد تكويناً وكذا القمر والنجوم والجبال والشجر بلسان حالها تسجد والدّواب والحيوانات لعظمة الله !! ﴿وكثيرٌ من الناس وكثيرٌ حقَّ عليه العذاب﴾ وترى أيضاً يا حبيبي إنّ كثيراً من الناس يسجدون لله وهم مؤمنون ولكنّ كثيراً من المنافقين أيضاً يسجدون فلا بُدَّ من التمييز بينهم ! ﴿ومَن يُهِن الله فما لهُ من مُكرِمٍ إنّ الله يفعل ما يشاء﴾ فالمنافقون المخالفون لولايتك وولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) حقَّ عليهم العذاب مع أنهّم يسجدون لله فسوف يُهينُهُم يوم القيامة فلا من مُكرِمٍ لهم ومشيئةُ الله نافذةٌ .
﴿هذانِ خصمانِ﴾ فيا حبيبی تاکيداً علی ضرورة المعاد والحساب والجزاء أنّه لا بدَّ من الحكم العدل بين المتخاصمين والمؤمن والمنافق خصمان ، ﴿إختصموا في رَبهِّم﴾ فالمؤمنين والمنافقين خصمان اختصموا في هل أنّ الله نصَّ على عليٍّ ( عليه السلام ) بالخلافة بعد النبيّ ﴿ صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أم لا ، فالمؤمن قال نَعَم والمنافقُ قالَ لا !!! ﴿فالذين كفروا قُطِّعَت لهم ثيابٌ من نارٍ يُصَبُّ من فوقِ رؤوسهم الحميم﴾ ونتيجة التّخاصُم والفصل بينهما يوم القيامة هو أنَّ الذين كفروا بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) سيُعذَّبون بثياب جهنّم ويُصبُّ عليهم العذاب من النار ، ﴿يُصهَرُ بهِ ما في بطونهم والجلود﴾ فعند ذلك يُذابُ بحَرارتها كلّ ما أكلوهُ من الحرام في بطونهم وكلّ من نَبَتَ به الجلدُ من المآكل والمشارب ، ﴿ولهُم مقامِعُ من حديد﴾ ويُعَدُّ لقمعهم في النار مطارقُ من الحديد المُحماة في النار تُضرَب بها رؤوسهم كما ضربوا المؤمنين في الدنيا ، ﴿كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ اُعيدوا فيها﴾ فعندما يريدون أن يهربوا من طبقات النيران ولهيبها وعذابها وغمّها تضربهم ملائكة النار الغِلاظ الشِّداد وتُعيدهم فيها ، ﴿ذوقوا عذابَ الحريق﴾ وتقول لهم الملائكة ذوقوا العذاب الذي هو جزاءُ إحراقُ دار فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وإحراق خيام الحسين ( عليه السلام ) وإحراق ذُرِّيتهما !! .
﴿إنَّ الله يُدخِل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنّات﴾ وفي قبال أُولئك فإنّ الله يُثيبُ المؤمنين بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) وعملوا الصالحات و تمسّکوا بولايتهم وطاعتهم وموالاتهم فيُدخِلُهُم جنّات ، ﴿تجري من تحتها الأنهار يُحَلَّون فيها من أساوِر من ذهبٍ﴾ وتجري من خِلال الجنات أنهارُ العسل واللبن والخمر وتقوم الحور العين بتحلية المؤمنين بذهب الجنّة والأساور المرصَّعة بالجواهر ، ﴿ولُؤلؤاً ولباسهم فيها حرير﴾ ويُحَلَّينَ المؤمنين بزينة اللؤلؤ برؤوسهم حتى أقدامهم ويلبسونهم ملابس السُندس والإِستبرق من حرير ، ﴿وهُدوا الى الطِّيب من القول وهدوا الى صراط الحميد﴾ وهذا الجزاء للمؤمنين هو لأجل أنهّم اهتدوا إلى أطيب الكلام وأفضل الشعار وهو موالاة محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) واهتدوا إلى صراط الله الذي حَمِدَهُ في كتابه وهو صراطُ عليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿إنَّ للذين كفروا ويصدّون عن سبيل الله والمسجد الحرام﴾ بالتأكيد إنّ جزاء الذين كفروا بالله وبولاية محمدٍ وآله ( عليه السلام ) ويصدّون الناس عن التمسُّك بالقرآن والعِترة ويمنعون متعة الحجّ ويُغيّرون أحكامه ، ﴿الذي جعلناه للناس سواءً العاكفُ فيه والباد﴾ فالقبلة والكعبة والطواف والحجّ والصلاة کلّها أُمورٌ شرعيّةٌ جعليّةٌ وتوقيفيّةٌ ولا يجوز لغيرنا أن يُشرِّع فيها برأيه والكلُّ فيها سواء ، ﴿ومن يُرِد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نُذقهُ من عذابٍ أليم﴾ فالذی يريد إلحاداً عن الشّرع والدّين والقرآن وسُنّة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) ويُغيِّر مقام إبراهيم ويمنع متعة الحجّ سيذوق حرَّ الجحيم المؤلمة .
﴿وإذ بَوَّأنا لإِبراهيم مكان البيت أن لا تُشرِك بي شيئاً﴾ فليعلم هذا المُلحِد الذي يُغيِّر مقام إبراهيم ويحرِّم المتعة أنّنا بيَّنّا لإِبراهيم الخليل مكان الكعبة ومقامه وأمرناه أن لا يغيّرها ولا يشرك ، ﴿وطهِّر بيتي للطائفين والقائمين والرُّكَّع السجود﴾ وأمرنا إبراهيم الخليل أن يطهِّر البيت الحرام من الأوثان والأصنام لكي يكون معدّاً للطواف والصلاة والعبادة ، ﴿وأذِّن في الناس بالحجّ يأتوك رجالاً﴾ وأمرنا إبراهيم الخليل أن يهتف في جميع الناس في كلّ مكان وزمان بأن يحجّوا الى الكعبة ولو مُشاةً بالرِّجل ، ﴿وعلى كُلِّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍّ عميق﴾ وليحجّوا على كلّ مركوبٍ هزيلٍ، أو ناقةٍ مهزولةٍ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ وطريقٍ بعيدٍ وشُقَّةٍ نائيةٍ ، ﴿ليشهدوا منافع لهم﴾ فليحجّوا حتى يحضروا الموقف العباديّ السياسيّ الإجتماعيّ الدينيّ التربويّ الأخلاقيّ فينتفعوا بتعاليمه ونتائجه ، ﴿ويذکروا اسم الله في أيّامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام﴾ ويجب عليهم أن يذكروا اسمَ الله في أيّام التشريق بمنى على الهدي والأضاحي من الإِبل والبقر والغنم ، ﴿فكُلوا منها وأطعِموا البائسَ الفقير﴾ فالهدي الذي تُقَدِّمونه في منى ثُلثٌ لكم وثُلثٌ للمؤمنين والثُّلثُ الثالث للفقير فلا تتركوها تَتلَف ، ﴿ثُمَّ ليقضوا تَفَثهُم وليوفوا نذورهم وليطوَّفوا بالبيت العتيق﴾ وبعد أن يقدِّمون الهديَ عليهم أن يُنفوا أوساخهم بالحلق والتقصير ثمَّ ليرموا الجمرات ثمَّ عليهم بطواف الحجّ والنساء ، ﴿ذلك ومن يُعظِّم حُرُمات الله فهو خيرٌ له عند ربِّه﴾ هذا هوحكم الحجِّ ومناسكه فمن التزم بذلك ويحجّ عليه ولم يغيّر سُنَّةً ولم يترك التَّمتُّع وطواف النساء ويلتزم حرماتها لله فلهُ ثوابٌ عند الله ، ﴿وأُحِلَّت لكم الأنعام إلاّ ما يُتلیٰ عليكم فاجتنبوا الرِّجس من الأوثان﴾ وبحكم الهدي أُحلَّت لكم الإِبل والبقر والغنم ولم يحرَّم عليكم إلاّ ما سبق تلاوته عليكم فاجتنبوا القرابين المقدَّمة للأصنام فهي حرامٌ ، ﴿واجتنبوا قول الزّور﴾ وكما يجب عليكم أيّها المسلمون أن تجتنبوا الذبائح المحُرَّمة والميتةَ والدَّم ولحم الخنزير كذلك اجتنبوا القول بخلافة وُلاة الجور ومحبَّتهم وإدّعاء الزّور وموالاتهم ، ﴿حنفاء لله غير مشركين بهِ﴾ وكونوا موالين مطيعين لله ولرسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) مُشايعين لهم غير مشركين به وبولايتهم طاعة من سواهم من خلفاء الجور .
﴿ومن يُشرِك بالله فكأنمّا خَرَّ من السماء فتخطَفُهُ الطّير﴾ فمن أشرك بالله وطاعته باتّباعه لولاة الجور وطاعتهم وتركه ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) فهو كالذي سقط من السماء إلى الأرض واختطفتهُ الطّير بل لم يستقرَّ عليها فَهَویٰ . ﴿أو تهوى به الرّيحُ في مكانٍ سحيق﴾ بل يتسافل ويتساقط أكثر فأكثر فيکون کَمَن إختطفتهُ الخطاطيف فألقتهُ فی قعرِ بئرٍ عميقٍ لا يُرجیٰ خَلاصهُ منه ، ﴿ذلك ومَن يُعَظِّم شعائِرِ اللهِ فإنّها من تقوى القلوب﴾ ذلك وصفُ من أشرك بطاعة الله غيرهُ من وُلاةِ الجور وأمّا الشّيعيّ الذي يعظّم شعائر الله ويؤدّي المتعة في الحجّ وطواف النساء فهو دليلٌ على تقوى قلبه ، ﴿لكم فيها منافع إلى أجلٍ مُسمّىً ثُمَّ محلّها الى البيت العتيق﴾ ويجوز لكم الإِنتفاع من الهَديِ والقلائِد قبل هديها من الركوب وحمل الأثقال وغيره قبل يوم العيد ومحلِّ هديها في منى عند بيت الله القديم ، ﴿ولكلِّ اُمّةٍ جعلنا مَنسكاً ليذكروا اسمَ الله على ما رزقهُم من بهيمة الأنعام﴾ ولا يجوز لأحدٍ تشريع المناسك وتغييرها بل إنّنا شرّعنا لكلّ أمّةٍ من الاُمم منسكاً وشرعنالكم المناسك فحجّوا كما رأيتم النبيّ يحجّ واذكروا اسم الله عند الهَدي ، (﴿فإلهُكُم إلهٌ واحدٌ فلهُ أسلِموا وبشِّر المُخبتين﴾ فإلهكم أيّها الناس إله واحدٌ فقط فلا تطيعوا غيره ولا تتّخذوا غيره إلهاً واعملوا بشريعته لا شريعة الخلفاء وأسلموا لله والقبول بالثواب فالبشارةُ للمطيعين .
﴿الذين إذا ذُكِر الله وجِلَت قلوبهم والصّابرين على ما أصابهُم﴾ فالمخبتين المطيعين لله ولرسوله ولأهل بيته ( عليهم السلام ) هم الذين إذا ذُكر الله خشعت قلوبهم لذکره ومن خوفه وهم الصابرون علی أذی أعداء الله ، (والمُقيمي الصلاة وممّا رزقناهُم يُنفقون﴾ وهم الذين يقيمون الصلاة من دون زيادة ونقيصة ومن دون تكتُّفٍ أو قول أمين وهُمُ الذين يُسلِّمون الخُمس لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، (والبُدنَ جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير﴾ والإِبلِ الّتي تُقَدِّمونها هَدياً في منى جعلناها نحنُ لكم هدياً فهي من شعائِرِ الله فلا تدفنوها في التُّراب فإنَّ فيها خيرٌ للفقراء والجياع ، ﴿فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبَت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ﴾ فعندما تنحرونها اذكروا اسم الله عليها وكبِّروا ، مصطفَّةً مقابل القبلة فعندما تلفظ أنفاسها وتسقُط الى الأرض فثُلثٌ لكم وثلثٌ للمؤمنين وثُلثٌ للفقراء ، ﴿كذلك سخَّرناها لكم لعلّكم تشكرون﴾ هكذا سخَّر الله لكم البُدن لتنحروها ولو كانت وحشيّة كالسباع لما تمكَّنتم من نحرها وأكلها بسهولةٍ فاشکروا الله علی ذلك ، ﴿لن ينالَ الله لحومها ولا دماؤها ولكن ينالُهُ التّقوى منكم﴾ إعلموا أنَّ هذا الحكم ليس لحاجة الله إلى اللّحوم فلن ينال الله لحومَ الهدي ولا دماؤها بل إنمّا يختَبِر طاعتکم له وتقواکم ويناله قصد القربة منکم إليه ، ﴿کذلك سخَّرها لكم لتُكَبِّروا الله على ما هداكم وبشِّر المحُسنين﴾ هكذا سخَّرها الله لكم لتتقرّبوا بها إليه وتكبِّروا الله عند تقديم القُربان والهدي إليه وعلى ما هداكم لولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) فبشِّر يا حبيبي شيعة أهل بيتك المحُسنين في طاعتهم لله ، ﴿إنّ الله يُدافِعُ عن الذين آمنوا﴾ بالتأكيد إنّ الله يدافع عن حقِّ عليٍّ وشيعته المؤمنين ويدافع عن أعمالهم وثوابها ويدافع عنهم في قبال إعتداء خلفاء الجور والظَّلَمَة والمنافقين ، ﴿إنّ الله لا يحبُّ كلّ خوّانٍ كفور﴾ وبالتأكيد إنَّ الله لا يحبّ كلّ خائنٍ بدينه وشريعته وسُنَّةَ نبيّه وسُنَّة أهل بيته ( عليهم السلام ) وكلّ خائنٍ بحقِّ محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وغاصبٍ للخلافة وكفورٍ بنعمة ولاينهم ، ﴿أُذِنَ للذين يُقاتلون بأنهّم ظُلموا وإنَّ الله على نصرهم لقدير﴾ أذن الله لمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعليٍّ وولدِهِ ( عليهم السلام ) وشيعتهم الذين قاتلهم الظالمون وخلفاء الجور وكلّ خوّانٍ كفور بالدفاع عن حقّهم فهم مظلومون وبالتأكيد إنَّ الله سينصرهم على الظالمين وهو قادرٌ على نصرهم ، ﴿الذين اُخرِجوا من ديارهم بغيرِ حقٍّ إلاّ أن يقولوا ربُّنا الله﴾ وأذن اللهُ لأهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم بالإنتقام من الذين أخرجوهم من ديارهم ظُلماً وعدواناً وجوراً وباطلاً وليس لهم ذنبٌ سوی تمسّکهم بالقرآن والعترة ، ﴿ولولا دفعُ الله النَّاس بعضُهم ببعضٍ لهُدِّمت صوامِعُ وبِيعٌ وصلواتٌ ومساجد﴾ ولولا أن يأذن الله لأهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم بالدّفاع والجهاد ودفع الظالمين والجائرين والكافرين لتغلَّبوا على الدّين وهدَّموا المعابد والمساجد ومنعوا الصلوات ، ﴿يُذكرُ فيها اسمُ الله كثيراً ولينصرنَّ اللهُ من يَنصرُهُ إنَّ الله لقويٌّ عزيزٌ﴾ وأهمّية المساجد هي أنهّا يُذكَر فيها اسمُ الله ويُعلَن فيها الأذان والشهادات الثلاث وبالتأكيد إنّ الله ينصر المؤمنين الذين ينصرون دينه إنّ الله بذاته قويٌّ عزيزٌ لا يحتاجُ الى النصر، ﴿الذين إن مكنّاهُم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ وشرط الإِيمان ونصرةِ الله والدّين هو أنّه إن نصر الله المؤمنين الموالين لمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) على أعدائهم ومكَّنهم في الأرض أقاموا الصلاة الصحيحة وأدّوا الزكاة والخُمس لأهلها ، ﴿وأمروا بالمعروف ونهَوا عن المُنكر ولله عاقبة الأمور﴾ فإذا مكَّنهُم الله تعالى في الأرض لا يتهاونون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأمر بولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) والنَّهي عن ولاية غيرهم والعاقبة ستكون لله بظهور بقيّة الله (عجّل الله تعالى فرجه ) المهديّ (عليه السلام ) ، ﴿وإن يكذِّبوك فقد کذّبت قبلهم قوم نوحٍ و عادٍ و ثمودٍ وقوم ابراهيم وقوم لوط﴾ فيا حبيبي إن يكذّبك المنافقون ويقولون إنَّ نصبك لعليٍّ بالولاية ليس من جانب الله فلا تحزن فقد كذَّبت قبلهم الأقوام الذين أهلكناهم فسيکونون مثلهم ، ﴿وأصحاب مَديَن وكُذِّب موسی فأمليتُ للكافرين ثمَّ أخذتهُم فكيف كان نكير﴾ فكُذِّب قبلك نوحٌ وهودٌ وصالحٌ وإبراهيمٌ ولوطٌ وشعيبٌ وموسى فأمهلنا المكذّبين الكافرين أيّاماً ثمَّ أخذتهُمُ بالعذاب فكيف كان نتيجة إنكارهم ؟ ﴿فكأيِّن من قريةٍ أهلكناها وهي ظالمةٌ﴾ فيا حبيبي فكم من أهل قريةٍ أخذناهُم بالعذاب وأهلكناهم بتکذيبهم للأنبياء و ظلمهم لهم وفسقهم وفجورهم ؟ ﴿فهي خاويةٌ على عروشها وبئرٍ معطَّلةٍ وقصرٍ مشيدٍ﴾ وتلك آثارهُمُ تدلُّ على ذلك فمدُنِهِم مدمَّرةٌ خَرِبةٌ خاليةٌ منهم ساقطةٌ سقوفها وآبارهم متروكةٌ وقصورهم مُشيَّدةٌ فارغة !!!
﴿أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها﴾ فيا حبيبي ألم تكُن هذه الاُمم الهالكة عبرةٌ لظالمي اُمّتك والمنافقين فيسيروا في الأرض و يُشاهدوا تلك الآثار فتكون لهم قلوبٌ واعيةٌ تعتبر بالتاريخ ؟؟؟ ﴿أو آذانٌ يسمعون بها فإنهّا لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصّدور﴾ أو تكون لهم آذانٌ واعيةٌ يسمعون بها تاريخ الأمم الهالكة ؟ أجل إنهّم كالأموات فقلوبهم ميّتة وكالعميان الذين لا يبصرون هذه الاثار ، ﴿ويستعجلونك بالعذاب ولن يخُلِفَ اللهُ وعدهُ﴾ ويا حبيبي إنّ مخالفي أهل بيتك ( عليهم السلام ) وأعداء عليٍّ ( عليه السلام ) يستعجلونك بطلب العذاب الموعود منك و هو السيف بقيام المهديّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ولن يخُلِفَ اللهُ وعده بظهوره ، ﴿وإنّ يوماً عند ربِّك كألف سنةٍ ممّا تعدُّون﴾ وبالتأكيد يا حبيبي إنَّ يوماً عند الله وهو يوم غيابِ المهديّ ( عليه السلام ) يطول إلى ألف سنةٍ بعد ولادته وغيبته وکذلک فکلُّ يومٍ من أيّام عدلِهِ يعادل ألف سنةٍ من سنينکم .
﴿وكأيِّن من قريةٍ أملَيتُ لها وهي ظالمة ثُمَّ أخذتها وإليَّ المصير﴾ فكم من أهل قريةٍ من الكفار أمهلتهم ولكنّهم استمرّوا في الظلم ، فبعد إتمام الحُجّة أخذتهم بالعذاب ومصيرهم إليَّ بعد الموت ، ﴿قل يا أيّها الناس إنمّا أنا لكم نذيرٌ مبين﴾ فقل يا حبيبي : أيّها الناس ليس إلاّ أنّي نذيرٌ إليكم من قبل الله لكي اُنذركم عذاب الله وانتقامه بسيف المهديّ ( عليه السلام ) إنذاراً بيِّناً، ﴿فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريم﴾ فالذين يخافون الإنذار ويوالون أهل بيتي ( عليهم السلام ) ويؤمنوا بولايتنا ويعملون صالحاً فيتمسّكون بالقرآن والعِترة فثوابهم المغفرة والرّزق المحترم في الجنّة .
﴿والذين سعوا في آياتنا مُعاجِزين﴾ وأمّا الذين لم يخافوا الإِنذار وسعوا في مخالفة آيات الولاية وسعوا في مخالفة أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين هم آياتنا وسعوا في إعلان عجزهم ( عليهم السلام ) في التصدّي للخلافة ، ﴿أولئك أصحاب الجحيم﴾ فهب أنّ هؤلاء المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) لم ينالهم العذاب بسيف المهديّ ( عليه السلام ) لكنّهم قطعاً أُولئك أصحاب عذاب النّار الحريق ، ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلاّ إذا تمنيّ ألقى الشيطان في أُمنيّتِه﴾ فيا حبيبي حينما تمَنّيتَ حضور أحبّ الخلق إلى الله عندك ليأكل معك الطّير المشويّ فألقت عائشةُ ودعت أباها ، ثمَّ حفصةُ ولكنّك تمنّيت علياً فكم لذلك من مثيل في الأنبياء قبلك !!! ﴿فينسخُ الله ما يُلقي الشيطانُ ثُمَّ يحُکِمُ الله آياته والله عليمٌ حکيمٌ﴾ فعلی رغمها ينسخُ الله إرادتهما فلا يسبق أبو بكر وعمرٌ عليّاً ( عليه السلام ) في المجيء ثمَّ تتحقَّقُ اُمنيّتك بمجيءِ عليٍّ ( عليه السلام ) فيأكل معك فيثبت الله آياته بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) وهو العليمُ الحكيمُ في مشيئته ، ﴿ليجعل ما يُلقي الشيطان فتنةً للذين في قلوبهم مرض﴾، وبالتأكيد تكون أمانيّهم المخالفة لاُمنيّتِك إمتحاناً لهم في مدى طاعتهم للشيطان ومخالفتهم لله ومدى النفاق في ضمائرهم ، ﴿والقاسية قلوبهم وإنّ الظالمين لفي شقاقٍ بعيدٍ﴾ ويكون نسخ الله لأمانيّهم وإثبات أمانيَّك في عليٍّ ( عليه السلام ) إمتحاناً لقسوة قلوبهم تجاهه وبالتأكيد إنهّم ظالمون له وهم في خلافٍ طويلٍ طويلٍ معه ، ﴿وليعلمَ الذين اُوتوا العِلم أنَّه الحقُّ من ربِّك﴾ ونتيجة لإِثبات أمانيَّك في عليٍّ ( عليه السلام ) ، ونسخ أمانيهم أن يتيقن العالمون بفضائل علي ( عليه السلام ) أن علياً ( عليه السلام ) هو الحقُّ من الله والحقُّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) ﴿فيؤمنوا به فتُخبِتُ لهُ قلوبهم﴾ فيزدادوا يماناً به وبولايته فتطمئنَّ قلوبهم وترضخُ وتثبُت لولايته ومحبّته وطاعته ومشايعته ، ﴿وإنّ الله لهادِ الذين آمنوا إلى صراطٍ مستقيمٍ﴾ وبالتأكيد إنَّ اللهَ هو الذي يهدي الذين آمنوا بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) إلى صراطه المستقيم وإلى هديه وهداه . ﴿ولا يزالُ الذين كفروا في مِريةٍ منه﴾ ومع ذلك كلِّه وثبوت الفضائل لعليٍّ ( عليه السلام ) وشيعته لا يزال تری المنافقين الذين كفروا بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) في شكٍّ من حقّانيتِهِ !! ﴿حتّى تأتيهم الساعة بغتةً أو يأتيهم عذابُ يومٍ عقيم﴾ ويستمرّون في شكِّهم هذا حتىّ أن تأتيهم ساعة الموت والأجل فعندما يطَّلعون على الواقع ويستمرّون في شكِّهم حتى أن تأتيهم العذاب بسيف المهدي ( عليه السلام ) .
﴿المُلكُ يومئذٍ لله يحكُمُ بينهم﴾ فعندما يظهر المهدي ( عليه السلام ) فسيكون الملكُ يومئذٍ لعليٍّ والمهديّ ( عليه السلام ) والخلافة لله ولأوليائه ويكون الحکم لله والقرآن والعترة ، ﴿فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنّات النّعيم﴾ فيومئذٍ يكون الذين آمنوا بولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وعمَلوا الصالحات وشايعوا عليّاً ( عليه السلام ) وتمسّكوا بالقرآن والعترة مصيرهم الى جنّات النعيم ، ﴿والذين كفروا وكذّبوا بآياتنا فأُولئك لهم عذابٌ مُهين﴾ وأمّا الذين يکفرون بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ويکذِّبون الآيات النازلة بشأنهم وفضائلهم فمصيرهُمُ إلى عذاب جهنّم الذي يهينهم الله بها ، ﴿والذين هاجروا في سبيل الله ثُمَّ قُتِلوا أو ماتوا﴾ وأمّا أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم الذين هاجروا الأوطان في سبيل الله ثمَّ قُتِلوا واستشهدوا في سبيل الله أو ماتوا على الولاية ، ﴿ليرزقنّهم الله رزقاً حسناً وإنّ الله لهو خيرُ الرّازقين﴾ بالتأکيد إنّ الله سيرزقهم الجنان ونعيمها ويرزقهم الشَّرف بالدُّنيا والآخرة والذكر الجميل مدى الأجيال فالله هو خير الرازقين المثيبين ، ﴿ليدخلنَّهُم مدخلاً يرضونه وإنّ الله لعليمٌ حليم﴾ فسيدخلهم الله مدخل الجنان وقصورها ومقاعد الصدق عنده في جنّة عدنٍ مع النبّي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فيرضون بذلك واللهُ عليمٌ حكيمٌ بكيفيّة جزائهم ، ﴿ذلك ومن عاقبَ بمثل ما عوقب به ثُمَّ بُغيَ عليه﴾ وقبل الجزاء في الجنّة فإنّ الله وعد المهديّ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) بالنَّصر حينما يقوم ليُعاقب أعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) بمثل ما عوقبوا به وظُلموا ﴿لينصُرَنَّهُ اللهُ إنَّ الله لعفوٌّ غفورٌ﴾ فبالتأكيد إنّ الله سينصُرُ المهديّ المنتقم على أعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) وأعدائه إنّ الله ليعفو ويغفر للمهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) ما ينتقم بسيفه منهم ، ﴿ذلك بأنَّ الله يولجُِ الليل في النهار ويولِجُ النهار في الليل وأنّ الله سميعٌ بصيرٌ﴾ وآية ذلك هو أنَّ الله يُدخِلُ اللّيل في النهار ويُدخل النّهار في الليل فسيُنهی ليل مصائب آل محمدٍ ( عليهم السلام ) بصباحِ ظهور مهديّهم ( عليه السلام ) وبالتأكيد إنّ الله يسمع ويبصر الحوادث ، ﴾ذلك بأنَّ الله هوَ الحقُّ وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل﴾ والدليل على ذلك هو أنّ الله باليقين الجزم هو الحقُّ المحض وعليٌّ ( عليه السلام ) مع الحقّ والحقُّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) وأنَّ ما يدعون من دون الله من الخُلفاء هو الباطل ، ﴿وانّ الله هُوَ العليُّ الكبير﴾ وبالقطع واليقين إنَّ الله هو العليُّ الأعلى الكبير وعليُّ بن أبي طالبٍ ( عليه السلام ) هو العليُّ الصغير فهو يعلو ولا يُعلى عليه .
﴿ألم تَرَ أنَّ الله أنزَلَ من السَّماء ماءً فتُصبِحُ الأرض مخضرَّةً إنّ الله لطيفٌ خبير﴾ فإنّک يا حبيبی تری ويری کلّ من له عقلٌ سليمٌ بأنَّ الله کما أنزل من السماء الماء فكذلك أنزل ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) كي تُصبح الأرض عامرةً بها بلُطفٍ منه فهو الخبير بمصالح البشر، ﴿له ما في السماوات وما في الأرض وانّ الله لهو الغنيُّ الحميد﴾ وولاية عليٍّ ( عليه السلام ) هي من ولاية الله التامة المطلقة في السماوات والأرض فهو وليُّ السماوات والأرض ومالكها وهو الغني ُّعن الخلق وهو المحمود في فعاله ، ﴿ألم ترَ أنَّ الله سخَّر لكم ما في الأرض والفُلك تجري في البحر بأمره﴾ فماذا يُنكرون من ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ألم يروا ولم ترَ أنت أنّ الله ذلَّل وسخَّر لكم النَّبات والجماد والحيوان فأعطاكم الولاية عليها ؟ وسخَّر لكم السُّفُن تجري برُبّانٍ فعليٌّ ربّانٌ لكم ، ﴿ويمُسِكُ السَّماء أن تَقَعَ على الأرض إلاّ بإذنهِ إنّ الله بالنّاس لرَؤفٌ رحيمٌ﴾ ومن ولاية الله علیکم انّه يمسك السَّماء أن تسقط على الأرض فتدمِّرها كُراتهُا إلاّ عند القيامة حيث يأذنُ بذلك إنّ الله رؤوفٌ رحيمٌ ، ﴿وهو الذي أحياكُم ثمَّ يميتكم ثمَّ يحييکم إنّ الإِنسان لکفور﴾ والله هو الذي أحيا الناس من العدم فيحييهم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ثمَّ اللهُ هو الذي يمُيت الناس ثمَّ يحييهم يوم القيامة إنّ الإنسان المخالف لولاية عليٍّ ( عليه السلام ) هو كفورٌ بالله !!! ﴿لكلِّ أُمّةٍ جعلنا منسكاً هُم ناسِكوهُ، فلا يُنازعُنَّك في الأمر﴾ إنَّ التشريع بيد الله فهو ينصبُ الإِمام والخليفة ولكل اُمّةٍ جعلنا نحن لهم شريعةً يتعبَّدون بها فليس لهم أن ينازعوك في أمر الإِمامة والولاية والخلافة ، ﴿وادّعُ إلى ربّك إنّك لعلیٰ هُدىً مُستقيم﴾ فيا حبيبي اُدعُ الناس إلى ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) و إلي هداية ربّك باتّباعه بالتأكيد إنّك على طريقٍ هُدىً مُستقيمٌ حقٌّ عدلٌ ، ﴿و إن جادلوك فقُل أللهُ أعلمُ بما تعملون﴾ وإن جادلك المنافقون المخالفون لعليٍّ ( عليه السلام ) أصحاب الصَّحيفة والسَّقيفة حول ولايته وإمامته فقُل الله أعلمُ بمؤامَراتِکم .
﴿أللهُ يحكُمُ بينكم يوم القيامة فيما كُنتُم فيه تختلفون﴾ وقل للمنافقين المتآمرين على غصب الخلافة من عليٍّ ( عليه السلام ) إنّ اللهَ سيَحكُمُ بينكم يوم الحساب فيما كُنتُم فيه تختلفون من أمر الولاية ، ﴿ألم تعلم أنَّ الله يعلُم ما في السماء والأرض إنّ ذلك في كتاب إنَّ ذلك على الله يسير﴾ ألم نطلعكَ عن طريق الوحي والإِلهام وعلم الغيب يا حبيبي على اللوح المحفوظ وأنت تعلم بأنَّ الله يعلمُ ما في السماء والأرض وعلمُه ذاتيٌّ لدُنيٌّ ولا يصعب عليه عِلم شيءٍ ، ﴿ويعبدون من دون الله ما لم يُنَزَّل به سُلطاناً﴾ وهؤلاء المنافقون الكفرة يعبدون عبادة ولاءٍ وطاعةٍ من دون الله خلفاء الجور والظالمين الذين لم يُنزِّل الله في طاعتهم حُجّةً ، ﴿وما ليس لهم به علمٌ وما للظّالمين من نصير﴾ وليس فقط إنّه ليس لهم حُجّةً من الله في اتّباع الظالمين بل ليس لهم بذلك دليلٌ عقليٌّ يجوِّز ذلك بل ليس للظالمين مَن يَنصرُهُم من عذاب الله ، ﴿وإذا تُتلیٰ عليهم آياتنا بيّناتٍ تعرفُ في وجوهِ الذين كفروا المُنكَر﴾ وحينما تتلوا يا حبيبي على المنافقين آياتنا بشأن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ومودّة ذوي القربي واضحاتٍ ترى الإِستنكاربادياً في وجوهِ المنافقين الذين كفروا بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وآياتنا ، ﴿يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا﴾ وهؤلاء المنافقون يکادون يبطشون ويثبون ويهجمون على الذين يتلون عليهم آياتنا بشأن الولاية سواءً كنتَ أنت أو غيرك ، ﴿قُل أفأُنَبِّئكم بشرٍّ من ذلكم النّار وعدَها الله الذين كفروا وبئس المصير﴾ فقل لهم يا حبيبي هل اُخبركم بأصعَب من تلاوة آيات ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) عليكم هو خَبَرُ النّار التي وعدها الله الذين كفروا بولايته وذلك أسوءُ المصير لكم غداً .
﴿يا أيّها الناس ضُرِب مثلٌ فاستمعوا له إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذُباباً ولو اجتمعوا له﴾ إعلموا أيّها الناس إنّ الله ضَرَبَ لكم مثلاً بشأنِ طاعة خلفاء الجور فاستمعوا للمثل إن هؤلاء الظالمين الذين تدَّعون طاعتهم من دون الله أبداً لا يقدرون على خلق ذُبابةٍ ولو اجتمعوا لخلقها ، ﴿وإن يسلُبهُم الذُّباب شيئاً لا يستنقذوهُ منه﴾ فالأوثانُ لا تجتمع لخلق شيءٍ بل لو اجتمع الظالمون فهم عاجزون وإن يسلبُهُم الذُّباب شيئاً لا يستنقذوه منه ولكنَّ عليّاً ( عليه السلام ) يحُيي الأموات ويقلعُ باب خيبرٍ وَ وَوَ، ﴿ضَعُفَ الطّالِبُ والمطلوب﴾ فحقّاً إنّ المنافق الطالب للولاية والخلافة والطالب لخُلفاء الجور هو ضعيفُ العقل وقليلُ المعرفة كما أنّ المطلوب له أيضاً ضعيفُ القدرة والعقل ، ﴿ما قدَروا اللهَ حقَّ قدره إنّ الله لقويٌّ عزيز﴾ وهؤلاء المنافقون ما قدروا حقَّ الله وما عرفوه حقّ المعرفة فالله لا يولّي على الناس ضعيفاً جباناً بل إنّ الله قويٌّ عزيزٌ يُولّي عليّاً ( عليه السلام ) قاتل الأبطال .
﴿اللهُ يصطفي من الملائكة رُسلاً ومن الناس إنّ الله سميعٌ بصير﴾ لذلك فإنّ الله هو الذي يَنتَخِبُ ويختارُ من الملائكة رُسُلاً كجبرئيل الأمين ومن الناس أنبياء وأئمّة وأولياء كالنبيُّ وعليٌّ ( عليه السلام ) إنّ الله بسمعه وبصره يختار ،﴿يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله تُرجعُ الاُمور﴾ وأنتم لا تعلمون بمصالح يومکم ومُستقبلکم بل الله يعلم مصلحة ما بين أيديکم ومصالح ما خلفكم من الأجيال والقرون وإليه تُرجع الأمور كلّها ، ﴿يا أيّها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تفلحون﴾ يا أيّها الشيعة الذين آمنوا بالله وبولاية رسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) إركعوا واسجدوا وصلّوا واعبدوا وادفعوا الخُمسَ والزكاة وافعلوا الخيرات لعلّكم بذلك تُفلِحون فالولاية من دون عبادةٍ وعملٍ خيرٍ لا تُفلِح !!! ( صدق الله العليُّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 463-447 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *