سورة آل ياسين (ع)
2016-06-16
سورة آل عمران (ع)
2016-06-16

(7)
سورة الجنّ

﴿بسمِ الله الرَّحمن الرَّحيم قُل أُوحِيَ إليَّ أنّه استَمَع نَفرٌ من الجنّ﴾ نبدأ باسمنا ونأمُرُكَ ، قل يا رسول الله إنّا أوحينا إليك مع جبرائيل أمين الوحي ، وأخبرناك باستماع بني الشَّيصبان في منطقة نصيبين للقرآن وهم من الجنّ ، ﴿فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً﴾ فحين الإستماع لقراءة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) للقرآن قالوا نحن سمعنا آيات القرآن ، وهي عجيبة البلاغة والفصاحة والمعاني وليست من كلام البشر، ﴿يهدي إلى الرُّشد فآمنّا به ولن نُشرِكَ بربّنا أحداً﴾ وقالوا إنَّ هذا القرآن يدعو الى الهداية والرَّشاد في الدنيا والآخرة فنحن آمنّا بالله ، و بنُبوَّة محمدٍ وبالقرآن ، وأسلمنا وإلى الأبد لا نشرك بعبادة الله أحداً، ﴿وأنّه تعالى جدٌّ ربّنا ما اتَّخَذَ صاحِبةً ولا ولداً﴾ فآمنّا بتوحيد الله ووحدانيَّتِهِ وبرِئنا من شركِ بني آدم والشياطين ومردة الجنّ فعظُم جلالُ الله وتنزَّه أن يتَّخذَ زوجةً فتِلد لَهُ ولداً، ﴿وأنّه كان يقول سَفيهُنا على الله شَططاً﴾ ونحن نُؤمن ونشهد بأنَّ المشركين من الجنّ همُ الجُهّال السُّفهاء الحمقیٰ ، وما ينسبونه الى الله هو قولٌ كذبٌ وادعاءٌ واهٍ يخُالِفُ العقل ، ﴿وأنّا ظننّا أن لن تقول الإنسُ والجنُّ على اللهِ كذباً﴾ ونحن قبل أن نؤمن بالله ورسوله والقرآن كنّا نظنُّ أن الناس الذين يعبدون الأصنام لتقرّبهم الى الله زلفى ومن مثلهم من الجنّ لا يكذبون على الله لأنّ الله منحهم العقل ، ﴿وأنّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجنّ﴾ وكنّا نرى الكهنة والسّحرة والمشعوذين من بني الإنسان يجيئون إلى الخرائب والمقابر والمزابل فيستعيذون ويقرأون العزائم باسم رجالٍ من الجنّ فيحضِّرونهم ، ﴿فزادوهم رَهقاً﴾ فبما أنهَّم لم يتعوّذوا بالله ، بل تعوّذوا بالجنّ فإنَّ الجنّ وإن صادقتُهم ونفَّذَت بعض مطالبهم ، لكنّهم أتعبوهم جدّاً وأورطوهم بالمهالك ، ﴿وأنهّم ظنّوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحداً﴾ وهؤلاء الفسقَةُ من الجنّ ظنّوا كما ظنّ الكُفّارُ من الإنس أن ليس بعد عيسى نبيُّ يُبعثُ ، ولا وحيٌ ينزل من السماء بعد الإنجيل .
﴿ وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديداً وشهباً﴾ ومنذ ولادة محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) صعدنا الى السماء لنسترق السمع كعادتنا سابقاً رأينا السماء مملوءة بحرس من الملائكة تحرسها بشدّة وترمينا بالشهب ﴿وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسَّمعِ فمن يستمِع الآن يجد له شهاباً رصداً﴾ فقبل هذا كنّا نصعد الى السماء ونجلس قريبين من الملائكة حتى نسترق الأوامر والوحي الإلهيّ ولكنّنا الآن إذا استرقنا نُرمى بالشُّهب المعدَّة لنا ، ﴿وانّا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربُّهُم رَشَداً﴾ وكنّا لا ندري إنَّ ذلك لأجل ولادة خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين وبعثته فكُنّا نجهل الحكمة من ذلك هل يريد الله بأهل الأرض خيراً أم شرّاً ؟، ﴿وإنّا منّا الصَّالِحونَ ومنّا دون ذلك كنّا طرائق قِدَدا﴾ ونحنُ الجنُّ كبني الإنسان كان منّا من يؤمن بالله وكان منّا من يكفُرُ ومن يُشرِك ، وكان منّا من يظلم ويفسق مذاهب متفرّقة ، ﴿وأنّا ظننّا أن لن نُعجِزَ الله في الأرض ولن نعجزَةُ هرباً﴾ ولكنّنا الآن علمنا أنّنا في قبضة قدرة الله وحكومته وسلطنته ، وقد طُردنا من السماء ولن نتمكّن أن نهرب من قبضته في الأرض وسُلطته ، ﴿وأنّا لمّا سمعنا الهُدى آمنّا به فَمن يؤمن بربّه فلا يخافُ بخساً و لا رَهَقاً﴾ و علِمنا حينما سمعنا قراءة النبيّ ( صلّي الله عليه و آله و سلّم ) للقرآن ، وآمنّا به و أسلمنا أنَّ من يؤمن بالله ورسوله وأهل بيته والقرآن لا يبخسُ الله أجرهُ وثوابه و لا يُِرهِقَهُ بالعذاب ، ﴿وأنّا منّا المسلمون ومنّا القاسطون، فمن أسلم فأولئك تحرَّوا رَشداً﴾ ونحن الجنُّ أيضاً كبني الإنسان فبعضٌ منّا من المسلمين ، وبعضٌ منّا كالقاسطين لعليٍّ كمعاوية وحزبه قاسطون لأهل البيت ( عليهم السلام ) فمن آمن بولايتهم قصدوا الهداية ، ﴿وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطباً﴾ وأمّا من لم يؤمن بولاية آل محمدٍ ومن لم يتمسَّك بالقرآن والعترة فسيُعذَّبون في نار جهنَّم و يكونون حطباً للنار کمعاوية وحزبه .
﴿وأن لو استقاموا على الطَّريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً﴾ وقل لهم يا حبيبي : إنّه أوحِيَ إليَّ أن لو استقام الجنُّ والإنسُ على ولاية آل محمد ومحبّتهم وبغض أعدائهم ، لأغرقناهم بالنِّعم في الدنيا والآخرة ، ﴿لنَفتِنَهُم فيه ، ومن يُعرض عن ذکرِ ربَّه يسلُكُهُ عذاباً صعداً﴾ والله جعل ولاية آل محمدٍ ومحبّتهم فرضاً عليهم ليمتحنهم بذلك فمن أعرض عن التمسّك بهم وبالقرآن ويعرض عن الثقلين يدخله عذاباً شاقّاً، ﴿و أنَّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً﴾ وبالتأكيد أنّ المساجد معابد لله وحده ، فلا يجوز أن يمجِّد خطيبكم غير الله في خطبتِهِ ، ويمدح خُلفاء الجورِ من بني أميَّة وبني العبّاس وغيرهم ، ﴿وأنّه لمّا قام عبد الله يدعوهم کادوا يکونون عليه لبَدا﴾ و بالتأکيد إنّه حينما قام بالدّعوة رسولُ اللهِ وحبيبُهُ يدعو الناس إلى التّوحيد والإسلام وولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) عارضهُ الكفّار والمنافقون وخالفوه بأجمعهم .
﴿قُل إنمّا أدعو ربِّي ولا أُشرِكُ به أحداً﴾ قُل لهم يا حبيبي إنّك تبتهل إلينا بالدُّعاء وتدعو الناس إلينا فقطْ وتقولُ : من كنت مولاه فعليٌّ مولاهٌ ، اللهمَّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذلَه . ﴿قُل إنّي لا أملِكُ لكُم ضرّاً ولا رشدا﴾ قل لهم يا حبيبي أنا لا أريد الضَّرر لكم بنصبي علياً وصياً ووليّاً عليكم وليس ذلك من تلقاء نفسي بل من الله فإن ضللتُم عنه فلا قدرة لي على هدايتكم بدونه ، ﴿قل إنّي لن يُجيرَني من الله أحدٌ﴾ قل لهم يا حبيبي إنّ لم تُبلِّغ رسالة ربّك في ولاية عليِّ فكأنّك لم تبلِّغ رسالات الله كلها فمن الذي يخلِّصك من عقابه حينئذٍ ؟، ﴿ولن أجد من دونه مُلتحداً﴾ وإذا كنتُ أخشى نفاقكُم وعنادكم وعداءكم لعليٍّ والزهراء وبغضكم لهما فالله هو الذي يعصمني منكم وليس لي ملجأٌ سواه، ﴿إلاّ بلاغاً من الله ورسالاته﴾ فليس لي سوى إبلاغ ما أمرني الله به من نصب عليٍّ بغدير الخُمّ وليّاً ووصيّاً وأخذِ البيعة منکم له بأمر الله .
﴿ومن يعصِ الله ورسوله فإنَّ له نارُ جهنّم خالدين فيها أبداً﴾ وقُل لهم إنَّ مَن يعصِ أمر الله ورسوله بالتمسّك بالقرآن والعِترة والموالاة لأهل البيت فسيخلدُ في النار إلى الأبد ، ﴿حتّى إذا رأوا ما يُوعدون﴾ يا رسول الله سيَلقَوْنَ ما وَعَدْنا هؤلاء المُنافقين والكُفّار والمشركين والظّالمين لحقِّ آل محمدٍ بالإِنتقام الشديد على يد القائم المهديّ من آل محمّد ( عليهم السلام ) ، ﴿فسيعلمونَ من أضعفُ ناصراً﴾ فعند قيام المهديّ ( عليه السلام) وظهوره تجتمع له عصائب أهل العراق وأبدالُ الشام وكنوز الطّالقان ومئات الألوف من الأنصار فعندئذٍ يعلمون أنهّم لا أنصار لهم : ﴿وأقلُّ عدداً﴾ وحينئذٍ يعرفُ المخالفون والمنافقون والنَّواصب هل إنَّ الشيعة أقلُّ عدداً أم أنَّ أعداء أهل البيت أقلُّ أتباعاً ؟.
﴿قُل إن أدري أقريبٌ ما تُوعدون﴾ قل لهم يا رسول الله أنا أعلم وأدري وأعرف وقت ظهور ولدي المهديّ ولكنّي لم أُؤمر بإخباركم بموعده فلا تعلمون هل هو قريبٌ أم لا، ﴿أم يجعل له ربي أمداً﴾ ولستم تعلمون هل إنَّ الله حدَّد وقت ظهور المهديّ ويوم الإِنتقام والثأر وعيّن زمانه لنبيّه أم لا ، ﴿عالم الغيب فلا يظهر على غيبهِ أحداً﴾ فالله جلَّ جلاله هو عالِمٌ بانتهاءِ مُـدَّة غيبَةِ المهديّ ( عليه السلام ) يوم ظهوره ولا يُطلِعُ أحداً من الناس العوام عليه ، ﴿إلاّ مَنِ ارتضى من رسولٍ﴾ فلا يطلِع أحداً على مُدّةِ غيبتة المهديّ ( عليه السلام ) سوي من ارتضي أن يُطلِعَهُ من الأنبياء كرسول الله ( صلّي الله عليه و آله و سلّم ) وعيسی والخضر ( عليه السلام ) ، ﴿فإنّه يسلُكُ من بين يديه ومن خلفه رصدا﴾ فبالتأكيد إنَّ الله سيحفظ آخر الأوصياء والأئمة وبقيَّة الله في الأرض المهديّ ( عليه السلام ) من بَين يديه ومن خلفه بملائكته المقرّبين ويستره عن أعيُن الناس ، ﴿ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهّم﴾ فيحفظه ثمَّ يظهره ومعه الخضر وعيسى ( عليها السلام ) ، فيدعون الناس إلى بيعته فيظهر الله علمه بأن الخضر وعيسى ( عليهما السلام ) ، والمهديّ ( عليه السلام ) يؤدّون ما كُلِّفوا به من قبل الله ، ﴿وأحاط بما لَدَيهم﴾ والله سبحانه محيطٌ ومُطَّلِعٌ بما يدّخِرون من النُّصرةِ للمهديّ ( عليه السلام ) ولدينه وما يكنّونه من الحبّ والولاء لمحمد و آله ، ﴿وأحصی کلّ شیءٍ عدداً﴾ والله سبحانه وتعالى هو الذي يحصي ويعلمُ عدد سنين عُمرِ الخضر وعُمر عيسى (عليهما السلام ) وعمرِ المهديّ ( عليه السلام) وطولِ غيبته وتاريخ ظهوره . ( صدق الله العليُّ العظيم )

نشر في الصفحات 135-131 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *