سورة موسي (ع)
2016-06-18
سورة المطففين
2016-06-18

(27)
سورة الاسراء

﴿بسمِ اللهِ الرَّحمٰن الرَّحيم﴾ بسم الله المُسري بنَبيِّه والرَّحمٰن بعباده والرَّحيم بمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) له الأسماء الحسنى تبارك وتعالى ، ﴿سُبحان الذي أسری بعبده﴾ يسبّح سُبحاناً ويقدَّسُ تقديساً وينزَّهُ تنزيهاً عن كلِّ عيبٍ ونقصٍ ذات اللهِ المُسري الذي أسرى بعبده محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لکونِهِ عبدُهُ الحقيقیّ بجسمه وروحه ، ﴿ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ والإِسراء كان ليلاً من المسجد الحرام من حجر إسماعيل الى المسجد الأقصى في بيت المقدس ومنه إلى فوق السماوات ومقام قاب قوسين أو أدنى ، ﴿الذي باركنا حوله لنريهُ من آياتنا إنّه هو السميعُ البصير﴾ والمسجد الأقصى هو الذي جعلنا البركة والأرزاق والثمار حواليه فعرجنا بمحمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) منه إلى السماء لنُرِيهُ من حقيقة آياتنا بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) حيث کلَّمناهُ بلسانه وناولناه التفاح بيده و وضعنا يدنا علی کتفه کيدِ عليٍّ وفي کلِّ سماءٍ شاهَدَ مِثالَهُ وهو يسمَعُ ويبصِرُ كلِّ ذلك !.
﴿وآتينا موسی الکتاب وجعلناهُ هدیً لبني إسرائيل ألاّ تتَّخذوا من دوني وکيلاً وإنمّا جعلنا المعراج من بيت المقدس لأنّه سبق أن آتينا موسى التوراة فيه وجعلناها شريعة هدايةٍ لبني إسرائيل وقُلنا لهم فيها لا تتوكَّلوا على أحدٍ سوى الله ، ﴿ذُريّةَ من حملنا مع نوحٍ إنّه كان عبداً شكوراً﴾ وقلنا لهم إنّكم من نسل من حملنا مع نوحٍ في السفينة ونجَّيناهم من الغرق والهلاك بالطّوفان فاشكروا الله كما كان نوحٌ عبداً شكوراً، ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتُفسدنَّ في الأرض مرَّتين ولتعلنَّ علُوّاً كبيرا﴾ وأخبرنا عن قضائنا وقدرنا الإِلهي بني إسرائيل في التوراة : إنّكم ستفسدون في القدس مرّتين و في کلتيهما تطغون طُغياناً كبيراً ، ﴿فإذا جاء وعدُ أولاهُما بعثنا عليکم عباداً لنا اُولی بأسٍ شديدٍ﴾ فإذا جاء وعدُ أولى المرَّتين فحاربتُم جيوش الإِسلام بعثنا عليكم عباداً لنا مسلمين أصحاب إيمان وقوّة وعُدَّةٍ ، ﴿فجاسوا خلال الدّيار وكان وعداً مفعولا﴾ فيُحاربونکم ويفتحون بيت المقدس فيجوسون ويتردَّدون ذهاباً وإياباً خلال ديارکم وأزقَّةِ بيت المقدس ويکون هذا الوعد مفعولاً وقدکان سنة ۲۰ هجريّة ، ﴿ثُمَّ رَدَدنا لكم الكرَّة عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا﴾ ثُمَّ بعد ثلاثة عشر قرناً نردُّ لكم الدولة اليهودية متغلّبين على المسلمين إمتحاناً لهم ولکم و نمددکم بأموالٍ و بنين وسنجعلکم أكثر جمعية من المرَّة الاُولى .
﴿إن أحسنتم أحسنتُم لأنفسكم وإن أسأتُم فلها﴾ فيا بني إسرائيل : أخبرناكُم في التوراة إنّكم إن أحستُم وعدلتُم في الحكم ولم تظلموا وأطعتُمُ اللهَ فنتيجتُهُ عائدٌ لكم وإن أسأتُم وظلمتُم وطغيتُم فكذلك ، ﴿فإذا جاء وعدُ الآخرة ليَسوؤا وجوهكم﴾ فإذا جاء وعدُ المرّة الثانية الأخيرة فطغيتُم طُغياناً كبيراً وأسأتُم إلى المسلمين وظلمتموهم فيظهرُ المهديُّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) المنتظر فعندئذٍ يغلبكم جيشُ الإِسلام ، ﴿وليدخُلوا المسجد كما دخلوه أوَّل مرّةٍ وليتبِّروا ما علوا تتبيرا﴾ وبالتأكيد عند قيام القائم المهديّ ( عليه السلام ) سيدخل المسلمون المسجد الأقصى كما دخلوه في صدر الإِسلام ويُبيروا ويهلكوا ما عَلَوا عليه بواراً وتخريباً، ﴿عسى ربّكم أن يرحمكم وإن عُدتم عدنا وجعلنا جهنَّم للكافرين حصيرا﴾ عسي اللهُ أن يرحمکم إن أحسنتُم وعدِلتُم حينما نردُّ لكم الكَّرة عليهم وإن عُدتُم بالظُّلم والفساد والطُّغيان عُدنا عليکم بالعذاب والدّمار وجعلنا جهنَّم للكافرين حصيناً .
﴿إنَّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقومُ ويُبشِّر المؤمنين﴾ بالتأكيد إنَّ هذا القرآن المنزل من الله على محمدٍ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يهدي الناس الى الطريق الأمثل من التوراة ويبشِّر المؤمنين الموالين لمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ، ﴿الذين يعملون الصالحات أنَّ لهم أجراً كبيراً﴾ وإنمّا يُبَشِّر هذا القرآن المؤمنين الذين يعملون الصالحات من الطاعات والخيرات مع الولاء التام لمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) بأنَّ لهم أجراً كبيراً يوم القيامة ، ﴿وانَّ الذين لا يؤمنون بالآخرة اعتدنا لهم عذاباً أليماً﴾ ويُبَشِّر القرآن المؤمنين أيضاً بأنَّ الذين لا يؤمنون بالآخرة ويعادون الله ورسوله وأهل البيت ( عليهم السلام ) والمؤمنين هيّأنا لهم عذاباً أليماً في جهنّم .
﴾ويدعُ الإِنسان بالشَّرِّ دعاءهُ بالخير وكان الإِنسان عجولا﴾ وهذا الإِنسان الذي لا يؤمن بالآخرة يطلب الدّنيا وشهواتها وملذّاتها كلّها ليقضي وطرهُ منها وهي كلّها شرٌّ كما يطلُبُ خيراً وذلك عجلةً منه وعدم تريُّثٍ ، ﴿وجعلنا اللّيل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النّهار مُبصرةً لتبتغوا فضلاً من ربّكم﴾ وقد هيّأنا الخير للإِنسان تكويناً فقد جعلنا الليل والنهار دليلين عليه فجعلنا الليل محواً مظلماً لتناموا وجعلنا النهار مضيئاً مبصراً لتطلبوا فيه رزقاً وفضلاً من الله ، ﴿ولتعلموا عدد السنين والحساب وكلَّ شيءٍ فصّلناهُ تفصيلاً﴾ وبالليّل والنهار تعلمون تاريخ الأيّام والشّهور والسنين وحساب أعماركم وآجال عقودِكُم ومعاملاتکم وأوقات زرعكُم و حصدکم وکلّ شيءٍ يحتاج إلى الوقت شرحناهُ مفصَّلاً.
﴿وكُلَّ إنسانٍ ألزمناهُ طائرُهُ في عُنُقِهِ ونخرجُ له يوم القيامة كتاباً يلقاهُ منشورا﴾ وكلّ مكلَّفٍ ألزمناهُ صحيفة أعماله الطائرة يوم تطايُرِ الكتب في عاتقه وذمّته ونخرج له يوم القيامة كتاباً كتبته الملائكة يلقاه منشوراً أمامه ، ﴿إقرأ كتابكَ كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً﴾ فيقالُ له إقرأ أعمالك في كتابك هذا ويكفي للإِقرار عليها أن تحسبها بنفسك وتكون محُاسباً لنفسك ، ﴿من اهتدى فإنمّا يهتدي لنفسه ومن ضلَّ فإنمّا يضلُّ عليها﴾ فمن اهتدى في الدّنيا وآمن بالله وبرسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) وتمسَّك بالقرآن والعترة فإنمّا يهتدي النفسه ويكون ثوابُهُ لنفسه ومن ضلَّ ولم يُوالي آل محمدٍ ( عليهم السلام ) فإنمّا يضلُّ على نفسه فيُعاقَب ، ﴿ولا تَزِرُ وازِرةٌ وِزرَ اُخریٰ وما كُنّا معذَّبين حتيّ نَبعَثَ رسولاً﴾ ولا تحمل نفسٌ حاملة أوزاراً يوم القيامة وزرَ نفسٍ اُخری فکُلُّ نفسٍ تحمِلُ وِزرَها وما كُنّا مُعذّبينَ إلاّ نفس الوازرة وإلا بعد أن بعثنا إليها رسولاً .
﴿وإذا أردنا أن نهُِلكُ قريةً أمرنا مُترفيها ففسقوا فيها﴾ وأمّا إذا أردنا أن نهُلِكَ أهل قريةٍ ظالمةٍ في الدنيا ونُعَذِّبهم قبل يوم القيامة أمَّرنا أهل التَّرف بالتقوى والعدل ففسقوا فيها ، ﴿فحقَّ عليها القول فدمّرناها تدميراً﴾ فعندما يخالفون أمر الله ويعصونه فيفسقون مُترفين في الفسق فحينئذٍ يحقُّ عليهم القول بالعذاب الإِلهيّ فدمَّرناها تدميراً كاملاً ، ﴿وکم أهلکنا من القرون من بعد نوحٍ و کفی بريِّك بذنوب عبادِهِ خبيراً بصيراً﴾ وكثيراً لا يحصى كمُّهُ أهلكنا من الاُمم الماضية قبل قرونٍ من بعد نوحٍ وهلاك قومِهِ بالطّوفان كقوم هودٍ وصالحٍ وقوم لوطٍ وكفى باللهِ خبيراً بما يُذنِبُه عباده فهو يبصرهم ، ﴿من كان يريدُ العاجلة عَجَّلنا له فيها ما نشاءُ لمِن نُريدُ ثُمَّ جعلنا له جهنَّم يصلاها مذموماً مدحوراً﴾ من كان من النّاس يريد الشّهوات العاجلة في الدّنيا ولا يريدُ ثواب الآخرة عجّلنا لهُ فيها ما نشاءُ منها إتماماً للحُجّة لمن أردنا ثُمَّ جعلنا له جهنَّم يصلاها جزاءً لشهوانه ملوماً مطروداً . ﴿ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ فاُولئك كان سعيُهُم مشكوراً﴾ ومن أراد من النّاس ثواب الآخرة ونعيم الجنّة والنجاة من جهنَّم وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ بولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) و بالطّاعة مُتمسِّكٌ بهم فهؤلاء المؤمنين الشيعة كان سعيهم مشکوراً يوم القيامة ، ﴿كُلاًّ نمُِدُّ هؤلاءِ وهؤلاء من عطاءِ ربِّك وما كان عطاءُ ربِّك محظوراً﴾ وكُلاًّ من الفريقين نمدُّهُ بالأموال والبنين إمتحاناً وإختباراً لهم سواءً الذين أرادوا الدُّنيا أو الذين أروادوا الآخرة نمدُّهُم من عطاء الله وما كان عطاؤه ممنوعاً عن أحدٍ في الدُّنيا ! ﴿اُنظُر كيف فضَّلنا بعضهم على بعضٍ وللآخرة أكبرُ درجاتٍ وأكبرُ تفضيلا﴾ فانظُر يا حبيبي كيف فضَّلنا الشيعة المؤمنين الذين أرادوا الآخرة على الذين أرادوا الدُّنيا حيثُ أعطيناهُم الدُّنيا والآخرة وحرَّمنا أُولئك من الآخرة والتفضيل في الآخرة أكبرُ درجاتٍ من الدُّنيا فأين الجنّة من النّار ؟ وأكبرُ تفضيلاً .
﴿لا تجعل مع الله إلهاً آخر فتقعُدَ مذموماً مخذولاً﴾ يا حبيبي : لست إيّاك أعني بل أمّتك : لا تجعل مع الله إلهاً آخر تُشركُهُ في الطّاعة مع الله فإذا فعلتَ فتقعُد يوم القيامة ملوماً قد خذلك من أطعته ، ﴿وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاهُ وبالوالدين إحساناً﴾ وحكم ربّك يا رسول الله حكماً وجوبيّاً ألاّ تعبدوا أحداً ولا تطيعوه أيّها المسلمون إلاّ الله ومن أمر بطاعته والتمسُّك بولايته كمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) وبالوالدين إحساناً ، ﴿امّا يبلُغَنَّ عندَكَ الكِبَر أحدُهُما أو كِلاهمُا فلا تَقُل لهما اُفٍّ ولا تنهَرهُما وقُل لهُما قولاً كريماً﴾ فإن كان قد بلغ سنَّ الكِبر والشيخوخة عندك أيّها الولد أحدُهما أو كلاهما الأبُ والأمُّ فلا تؤذيهما بقول اُفٍّ لكما ولا تزجُرهما بل خاطبهما بالقول الليِّن ، ﴿واخفِض لهما جناحَ الذُلّ من الرَّحمة وقُل ربِّ ارحمهما کما ربّياني صغيرا»﴾ وألن لهما جانبك تواضعاً وتذلَّل لهما من عطفلك ورأفتك وادعو لهما بالمغفرة والرَّحمة وقُل ربِّ احرمهما كما رحماني وربَّياني حينما كُنتُ صغيراً .
﴿ربّكم أعلمُ بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنّه كان للأوّابين غفورا﴾ إنّ الله أعلمُ منكم ومن والديكم بما في ضمائركم من نيّة البرّ بالوالدين وعدمه فإن تكونوا صالحين وتضمرون البرَّ لهما فإنّ الله للعائدين الى الطاعة غفورٌ لما تقدَّم من الذَّنب ، ﴿وآتِ ذا القُربیٰ حَقَّهُ والمسكين وابن السّبيل ولا تُبَذِّر تبذيرا﴾ وأعطِ ذا القُربیٰ لرسول اللهِ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وذريَّتِهِ حقَّهُ من الخُمس المفروض واعطِ المسكين وابنِ السّبيل الزكاة ولا تبذِّر وتُتلِف المال بإعطائه للجائر تبذيراً ، ﴿إنَّ المُبَذّرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربّه كفوراً﴾ بالتأكيد إنَّ المبذّرين للأموال والنِّعم ومُتلفيها ومن يعط الخُمس والزكاة لغير مستحقّيها من وُلاة الجور كان من إخوان الشياطين فيكون هو شيطانٌ إنسىٌّ واتَّصَفَ الشيطانُ بأنّه لربِّه كفورا .
﴿وإمّا تُعرِضنَّ عنهم ابتغاء رحمةٍ من ربّك ترجوها فقل لهم قولاً ميسورا﴾ وإن تُعرِض عن آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وعن مستحقّي الخُمس والزكاة فتمنعهم حقّهم لطلب رزق من ربِّك تنتظره حتىّ تُعطيهم فقُل لهم ذلك باللّسان الطيّب والوعدِ الصادق ، ﴿ولا تجعل يدَك مغلولةً إلى عُنقك ولا تبسطها كلَّ البسط فتقعد ملوماً محسورا﴾ وعليك بالاقتصاد فلا تجعل يدك مغلولةً الى عنقك فتبخل عن الإِنفاق الواجب وتأئم ولا تبسط يدك كلَّ البسط فتبذِّر وتُسرف فتفتقر فتلوم نفسك حسرةً على المال ، ﴿إنَّ ربَّك يبسُط الرِّزقَ لمن يشاءُ ويقدِر إنّه كان بعباده خبيراً بصيرا﴾ إنَّ الله سبحانه هو يُوسِعُ الرِّزق لمن يشاء من عباده ويضيّق لمن يشاءُ وفي كلّ ذلك يقدِّر لهم حسب المصلحة فاقتصد كي لا تفتقر إنَّ الله خبيرٌ بصيرٌ بمصالح عباده .
﴿ولا تقتلوا أولادكم خَشيةَ إملاقٍ نحنُ نرزقهم وإيّاكم إنَّ قتلَهُم كان خِطأً كبيرا﴾ ولا تقتلوا أولادكم وهم أجنّةً في الأرحام أو بعدما يولدون وأداً مخافة الفقر إذ أنَّ رزقهم تكفّلناه نحن فنرزقُهم حتماً وإيّاكم أن تقتلوهم إنَّ قتلهم هو إثمٌ كبيرٌ، ﴿ولا تقربوا الزِّنا إنّه كان فاحشة وساء سبيلا﴾ ولا تدنوا من الزَّنا أي مقدّماته كاللَّمس والتقبيل وغيرهما فكيف بالزِّنا؟ إنّه كان ولا زال فاحشةً وفسقاً وهو بئس المسير ، ﴿ولا تقتلوا النفس التي حرَّم اللهُ إلاّ بالحقّ﴾ ولا تقتلوا الإِنسان ذا النَّفس المحترمة وهو كلّ مسلمٍ أقرَّ بالشّهادتين أو من في ذمّة الإِسلام إلاّ بالحقّ كالقصاص والحدود الشرعيّة ، ﴿ومن قُتِلَ مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يُسرف في القتل إنّه كان منصوراً﴾ ومن قُتِلَ من المؤمنين ومن آل محمدٍ ( عليهم السلام) وشيعتهم مظلوماً بيدِ الظالمين الجائرين من غير حقٍّ فقد جعلنا لوليّه المهديّ ( عليه السلام ) سُلطاناً يأخذُ بثأره فلا يُسرف بل يقتصّ في القتل إنّه كان منصوراً.
﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتىّ يبلُغَ أشُدَّه﴾ ولا تتصرّفوا في مال اليتيم ولا تمدّوا أيديكم إليه غاصبين إلاّ بالتي هي أحسنُ لليتيم لحفظ ماله وحيازته حتىّ يكبُر ويعقل ، ﴿وأوفوا بالعَهدِ إنَّ العَهدِ كان مسؤولاً﴾ ويجب عليكم أيّها المسلمون أن تُوفوا بعهد الله وبيعة الولاء للنبيّ ولعليٍّ والأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) إنَّ العهد بالولاية يوم القيامة يكون مسؤولاً عنه ، ﴿وأوفوا الكيل إذا کِلتُم وزنوا بالقِسطاسِ المُستقيمِ ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلا﴾ وأتمِّوا الكيل كاملاً ولا تنقُصوهُ إذا كِلتُم جِنساً وعليكم أن تزِنوا بالميزان العدل السَّويّ إذا وَزَنتُم شيئاً ذلك العدلُ خيرٌ لكم وأحسنُ مآلاً، ﴿ولا تَقفُ ما ليس لكَ بِهِ عِلمٌ إنَّ السَّمع والبصرَ والفؤادَ كلُّ أُولئكَ كان عنهُ مسؤولا﴾ ولا تتَّبع أيّها الإِنسان جهلك ولا ترتكب شيئاً وعملاً عن جهلٍ ، لأنَّ السَّمع والبصر والقلب والدّماغ وكُلُّ الحواسِّ فيك سيُسألُ عنه صاحبه يوم القيامة، ﴿ولا تمشِ في الأرض مرحاً إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلُغ الجبال طولا﴾ ولا يكون مشيكَ بين الناس بالتَّبختُر والزَّهو والتكبُّر لأنّك مهما تتكبَّر فلن تتمكَّن أن تحفر الأرض إلى آخر طبقاتها ولن تكون أطول من الجبال مهما ترفَّعتَ ، ﴿كُلُّ ذلك كان سَيِّئُهُ عند ربِّكَ مكروهاً﴾ كُلُّ ما ذكرناهُ آنِفاً لهُ جانِبان جانِبٌ حسنٌ وجانبٌ سيّيءٌ وكان جانِبُ السوء عند الله مبغوضاً أمّا التكبُّر على المُتَكبِّر وعلى أعداءِ الله فحسنٌ عندَ ربِّك .
﴿ذلك ممّا أوحیٰ إليك ربُّك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلٰهاً آخر فتُلقیٰ في جهنَّم ملوماً مدحوراً﴾ هذه الآداب الأخلاقيّة الشرعيّة هي ممّا أوحی اللهُ إليك يا محمَّد لتُبَلِّغها النّاس وهي من الحكمة التشريعية العمليّة ولا تُشرك مع اللهِ في طاعةِ غيره كإلهٍ آخر فتُلقیٰ يوم القيامة في جهنَّم ملوماً مطروداً‌ ، ﴿أفأَصفاكُم ربُّكُم بالبَنين واتَّخَذَ مِنَ الملائكة إناثاً ؟ إنّكم لتقولونَ قولاً عظيما﴾ ونسأل استنكاراً يا مشركي قريش هل خصَّكم الله بالبنين وفضَّلكم على نفسه فاتخَّذ من الملائكة إناثاً كما تقولون ؟ إنّكم تقولون قولاً باطلاً عظيم الإِثم ، ﴿ولقد صرَّفنا في هذا القرآن ليذَّكّروا وما يزيدُهم إلاّ نُفورا﴾ وبالتأكيد إنّا شرحنا في هذا القرآن المُنزَل عليكم طريق الهداية والأخلاق والفضائل ليتذكّروا جهلهُم ولكن لا يزيدون إلاّ نُفوراً منه ، ﴿قل لو كان معهُ آلهِةً كما يقولون إذاً لابتغَوا إلى ذي العرش سبيلا﴾ قُل لهم يا حبيبي : لو كان مع الله آلهةً اُخرى كما يقول المشركون والمنافقون إذاً لطلبوا بقوَّةٍ تلك الآلهة إلى اللهِ ذي العرش سبيلاً ليقضوا عليه ، ﴿سبحانَهُ وتعالى عمّا يقولون عُلُوّاً كبيرا﴾ تقدَّس وتنزّه وتعالي مجداً وعظمةً عن أيِّ شريكٍ في العبادة والطاعة والخلق والاُلوهيّة وعمّا يقولُ المشركون والمنافقون عُلوّاً كبيراً .
﴿تُسبِّحُ له السماوات السبع والأرضُ ومن فيهنّ وإن من شيءٍ إلاّ ويسبِّحُ بحمدِهِ﴾ بلسان حالها ووجودها تقدّسه وتنزِّهُهُ وتسبِّحُ له السماوات والأرض من أن يكون له شريكٌ في الخلق وتُسبِّحُ له أيضاً كُلّ من فيهنّ من الملائكة والجنّ والإِنس والحيوان بلسانِ حالها وكلّ شيءٍ يُسبِّحُ بحمده ، ﴿ولكن لا تفقَهون تسبيحَهُم إنّه كان حليماً غفوراً﴾ ولكنّكم لجهلكُم أو عِنادكم لا تفقهون ولا تدرکون ولا تحسّون تسبيحهم کما إنکم تتمرّدون عن تسبيحه وتقديسه إنّه کان حليماً غفوراً لا يعجل عليکم بالعذاب .
﴿وإذا قرَأتَ القُرآن جعلنا بينَك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا﴾ وحينما تقرأُ القرآن عليهم وتُبَلِّغَهُم ما اُنزِلَ إليكَ من ربّك في عليٍّ ( عليه السلام ) جعلنا بينك وبين المنافقين الذين لا يؤمنون بالآخرة ويُريدون قتلكَ حجاباً يسترك منهم ويحفظك ! ﴿وجعلنا علي قلوبهم أكنَّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً﴾ فعندما يُشرِبون قلوبهم حقداً وبغضاً له جعلنا على قلوبهم أغطيةً من الجهل والعناد لا يفقهون معها القرآن وعندما يصمِّون آذانهم جعلنا فيها ثقلاً ، ﴿وإذا ذَكَرتَ ربَّك في القرآن وحده ولَّوا على أدبارهم نُفورا﴾ وحينما تذكُر ربَّك في القرآن وتتلو عليهم يا أيّها الرّسول بلّغ ما اُنزِلَ إليك من ربّك ولم تذكر في القرآن رؤساءهم يولّون على ظهورهم نفوراً عنه ، ﴿نحنُ أعلمُ بما يستمعون به إذ يستمعون إليك﴾ يا حبيبي أنا وأنتَ وعليٌّ ( عليه السلام ) وجبرائيلُ أعلمُ بحقيقة آياتِ الولاية التي يستمعون إليها وأنتَ تتلوها عليهم حينما يستمعون إليك مُستهزئين وقت إبلاغها ، ﴿وإذهم نَجویٰ إذ يقول الظّالمون إن تتبَّعون إلاّ رجُلاً مسحورا﴾ وحينئذٍ يتناجون المنافقين بينهم ويقولون : هيهاتَ أن ينالهَا عليٌّ ثمَّ يكتُبون الصّحيفة ويدفنونها في الكعبة ويقولون هؤلاء الظلمة الظالمون لآلِ محمدٍ ( عليهم السلام ) : إن تتَّبعون إلاّ هذا الرَّجل المسحور بحُبِّ عليٍّ ﴿أُنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا﴾ فانظر يا حبيبي كيف سمّوك رجلاً مسحوراً بحبِّ عليٍّ ( عليه السلام ) بدل أن يسمّوك رسول الله وضربوا لك مثل السِّحر فضلّوا عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) فلا يستطيعون أن يسلكوا سبيلاً لولاية عليٍّ ( عليه السلام ) .
﴿وقالوا : أءِذا كُنّا عظاماً ورُفاتاً أءِنّا لمبعوثون خلقاً جديدا ؟﴾ وقال المنافقون في نجواهم ضدّ عليٍّ ( عليه السلام ) يعدنا محمدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعذابِ يوم القيامة إن لم نوالي إبن عمّه هل إذا كنّا عظاماً باليةً في القبر هل إنّا نُبعث خلقاً جديداً بعد العدم ؟ ﴿قُل کونوا حجارةً أو حديداً أو خلقاً ممّا يكبُرُ في صدوركم﴾ قل لهم يا حبيبي نعم ستُبعثون خلقاً ثانياً يوم القيام بقُدرة من خلقكم من العدم أوّل مرةٍ حتّى ولو كنتُم كالحِجارة والحديد أو أشدَّ منها في الصَّلابة والقوّة ، ﴿فسيقولون من يُعيدُنا ؟ قلِ الذي فطركُم أوّل مرّةٍ فسُينغِضونَ إليك رُؤوسهم﴾ فسيقولون في جوابك: من يُعيدنا مرّة ثانية يوم القيامة بعد أن نبلى عظاماً قُل لهُم اللهُ الذي فطركم وخلقكم أوّل مرّةٍ هو القادرُ عليه، فيُطأطِئون برؤوسهم استهزاءً ، ﴿ويقولون متى هو قُل عسى أن يکون قريباً﴾ ثُمَّ يسألونك إن كان البعث صدقاً فأخبرنا متى يكون موعِدُهُ ؟ قُل لهم : إنَّ موعده يعلمه اللهُ والرّاسخون في العلم ولكن أقولُ لكُم عسى أن يكون قريباً !.
﴿يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتُم إلاّ قليلا﴾ وموعد البعث هو يوم يدعوكم الله لتقوموا من التراب للحساب فتستجيبوا مُجبَرين للقيام والنشور والحمد لله الذي يبعثكم رغم آنافِكُم فحينئذٍ تظنّون إن لَبِثتُم في القبر إلاّ يسيرا ، ﴿قُل لِعبادي يقولوا الّتي هي أحسن﴾ وقُل يا حبيبي لعبادي المؤمنين بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) المتمسّكين بالقرآن والعترة أن يقولوا للمخالفين المُنافقين القولة التي هي أحسن وهي دعوتهم إلى مودّة ذوي القُربي ! ﴿إنَّ الشيطان ينزغُ بينهم إنّ الشيطان كان للإِنسان عدوّاً مبينا﴾ بالتأكيد إنَّ الشيطان يوقِعُ بينهم وبين الشيعة المؤمنين ويحُرِّضُهُم عليهم إنَّ الشيطان كان دائماً للإِنسانِ المؤمن عدوّاً بيّناً ، ﴿ربّكم أعلمُ بكم إن يشأ يرحمکم أو إن يشأ يعذّبکم﴾ إنّ الله ربّکم أيّها المسلمون أعلمُ منکم بحالکم وضمائركم فإن يشأ أن يرحمكم بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فيدخل ولاءهم في قلوبهم وإن يشأ أن يعذّبهم فيذركم على ضلالكم ، ﴿وما أرسلناك عليهم وکيلاً﴾ وما أرسلناك يا حبيبي عليهم رسولاً إلاّ أن تبلِّغهم أن يتمسّكوا بالثّقلين القرآن والعترة ولم نرسلك أن تكون عليهم وكيلاً تجبرهم على دخول الجنّة وقبول الولاية ! ﴿وربُّك أعلمُ بمن في السّماوات والأرض ولقد فضّلنا بعض النبيّين على بعضٍ وآتينا داوُدَ زَبورا﴾ فالله يا حبيبي ، ربُّك أعلم بأحوال الملائكة والبشر والجنّ إذ أنا خالقهم في السماوات والأرض وأنا أختار الأصلح منهم ولهذا فضَّلنا بعض النبيّين على بعضٍ بالإِمامة بعد النبوّة وآتينا داوُد الزَّبور ، ﴿قُل اُدعو الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضُّرّ عنكم ولا تحويلا﴾ قُل يا حبيبي للمنافقين استشفعوا بالذين زعمتم أنهّم أفضلُ من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وأشركتم بهم شركَ طاعةٍ دون الله فتعرفون باطلهم فلا يملكون كشف الضرّ عنكم ولا تحويله إلى غيركم ، ﴿أُولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهّم الوسيلة أيّهم أقرب﴾ وقل لهم اُولئك المؤمنون من شيعة آل محمدٍ الذين يدعون الله بمحمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ويستشفعون بهم يطلبون إلى الله وسيلة الرَّحمة فأيُّهم أقربُ إلى الله آل محمدٍ ( عليهم السلام ) أم الخلفاء ؟ ﴿ويرجون رحمتهُ ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذورا﴾ وهؤلاء الشيعة بتوسِّلهم إلى الله بمحمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) يرجون رحمة الله واستجابة دعائهم وتلبية حاجاتهم ويخافون من عذابه فيدفعونه بالتوسّل بهم إنَّ عذاب الله کان محذوراً عندهم ، ﴿وإن من قريةٍ إلاّ نحنُ مُهلكوها قبل يوم القيامة أو معذّبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطورا﴾ وما من أهل قريةٍ من مخالفي آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم إلاّ ونحنُ نهُلكها قبل يوم القيامة في الدّنيا أو معذّبوها بسيفِ المهديّ ( عليه السلام ) عذاباً شديداً كان ذلك في كتاب عليٍّ ( عليه السلام ) مسطوراً مكتوباً، ﴿وما منعنا أن نُرسل بالآيات إلاّ أن كذَّب بها الأوّلون﴾ والذي رفع المقتضى بأن نُرسِلَ بعلامات ظهور المهديّ ( عليه السلام ) عاجلاً الآن هو أنّنا حينما كُنّا نرسل بعلامات الهلاك للاُمم الماضية كانوا يكذّبون بها فالمنافقون مثلهم .
﴿وآتينا ثمودَ النَّاقةَ مُبصرةً فظلموا بها وما نُرسلُ بالآيات إلاّ تخويفا﴾ وحينما آتينا قومَ ثمودٍ ناقةَ صالحٍ بيّنةً واضحةً بعدما طلبوها شرطاً على إيمانهم فمع ذلك لم يؤمنوا بل عقروها وظلموا بها وما نُرسلُ بعلامات قيام القائم ( عليه السلام ) إلاّ تخويفاً لأعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿وإذ قُلنا لك إنَّ ربَّك أحاطَ بالنّاس﴾ فيا حبيبي لا تخشیٰ المنافقين وبلِّغ إلى الناس ما اُنزل إليك من ربّهم في عليٍّ ( عليه السلام ) ولا تنسَ إذ قُلنا لك إنَّ الله أحاط بالنّاس قدرةً وعلماً واللهُ يعصمُكَ من الناس ، ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناكَ إلا فتنةً للنّاس﴾ فيا حبيبي إنّ الله يعصمك من شرِّهم وما جعلنا الرّؤيا الصادقة الوحي التي رأيت أنَّ القردة ينزونَ على منبرك ويتسنَّمون الخلافة غصباً من بعدك ويظلمون عليّاً ( عليه السلام ) إلاّ اختباراً للناس ، ﴿والشَّجرة الملعونة في القرآن﴾ ووصول بني اُميّة الشجرة الملعونة التي لعنّاها في القرآن وآل أبي سفيانٍ إلى الحُكم ليس إلاّ إمتحاناً واختباراً لهم وإتماماً للحُجّة عليهم ، ﴿ونُخوِّفهُم فما يزيدهم إلاّ طغياناً كبيرا﴾ وبهذه الرؤيا التي رأيتها نخوِّفهُم وأتباعهم عن أن يُعادوا عليّاً ( عليه السلام ) وأهل البيت ( عليهم السلام ) وأن يظلموا آل محمدٍ لكنَّ ذلك لا يزيدهم إلاّ طُغياناً في المُلك وظلماً كبيراً .
﴿وإذ قُلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس قال :ءَأسجُدُ لمن خلقتَ طيناً﴾ وأوّل الاختبار كان حينما قلنا للملائكة اسجدوا لآدم إذ سيولد منه محمد وآله ( عليهم السلام ) فسجدوا إلاّ إبليس الشيطان الناريّ قال : هل أسجُد لآدم الذي خلقته من طين ؟ ﴿قال أرأيتك هذا الذي الذي كرَّمتَ عليَّ لئن أخَّرتَنِ إلى يوم القيامة لأحتنِكَنَّ ذريَّته إلاّ قليلا﴾ وقال إبليسُ حسداً هل ترى هذا الذي كرَّمته عليَّ سوف اُسقطه إلى الحضيض لئن أمهلتني إلى يوم القيامة لأستأصل بالتأكيد أولاده بالفسوق إلاّ محمّداً وآله ( عليهم السلام ) وشيعتهم الخُلَّص ، ﴿قال اذهب فمَن تَبِعَك منهم فإنَّ جهنَّم جزاؤكم جزاءً موفوراً﴾ قال الله تعالى لإِبليس : إذهب فقد أمهلتُك إلى يوم قيام القائم ( عجّل الله تعالى فرجه ) جزاءً لعباداتك السابقة ثمَّ ادعوهم فمن تبِعَك منهم ولم يتمسّك بولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) فإنَّ جهنَّم لك ولهم جزاءً كاملاً ، ﴿واستفزز من استطعتَ منهُم بصوتِك واجلِب عليهم بخَيلِك ورَجلِك﴾ ويا إبليس استخِفَّ وهيِّج من استطعت على استفزازه من وُلدِ آدم بصوتك الصادر من أفواه الظالمين وحناجر المنافقين والنَّغمات والمزامير وأجلبهم إليك بواسطة خيلك ورجلك من المنافقين ، ﴿وشاركهُم في الأموال والأولاد وعدهُم وما يعدُهُم الشّيطانُ إلاّ غُرورا﴾ وشارك من اتَّبَعك منهم في الأموال بأن يمنعوا حقَّ آل محمدٍ ويغصبوه ويأكلوا الرِّبا والسُّحتَ وشاركهم في الأولاد بتحريم المتعات کي يزنوا وتحرم عليهم زوجاتهم وواعدهم بالفلاح وما وعدك لهم إلا وعداً باطلاً .
﴿إنَّ عبادي ليس لك عليهم سُلطانٌ وكفى بربّك وكيلا﴾ وقال الله لإِبليس إنّ عبادي المؤمنين والموالين لمحمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ليس لك عليهم قوّة وسُلطة كي تجلبهم وتغويهم بل إنّ مخالفيهم فقط يکون لك عليهم سلطانٌ ويکفي المؤمنين بربّهم من يتوكَّلون عليه ، ﴿ربّکم الذي يُزجي لکم الفُلكَ فی البحرِ لتبتغوا من فضلِهِ إنَّه کان بکُم رحيما﴾ والدّليل علی أنّه کفی بالله وكيلاً للمؤمنين هو أنّه يسوقُ ويجُري لكُم السُّفُنَ في البحر لتطلبوا من فضل الله من الصَّيد والتّجارة إنّ اللهَ كان بكُم رحيماً بتسخيرها لكُم .
﴿وإذا مسَّكُم الضُّرُّ في البحر ضلَّ من تدعون إلاّ إيّاه فلمّا نجَّاكُم إلى البرّ أعرضتم وكان الإِنسانُ كفورا﴾ وحينما ينالكم الضرُّ من هياجٍ ، وأمواجٍ في البحر فتخافون الغرق ضاعَ عن خاطِرِكُم من تدعون مع الله ولم يبقَ ناجياً إلاّ اللهُ فلمّا نجّاكم إلى السّاحل أعرضتُم عن طاعته ولم تُوالوا محمداً وآله ( عليهم السلام ) وكان الإِنسانُ المنافق كفوراً بنعم الله ، ﴿أفأمِنتُم أن يخَسِفَ بكُم جانب البرّ أو يرسِلَ عليکم حاصباً ثُمَّ لا تجدوا لکم وکيلا﴾ هل أمِنتُم من عذاب الله يا مُنافقينَ حينما نَجَوتُم من خَطَر ِالبحرِ أن يخسِفَ اللهُ بكم البرّ كقارون ؟ أو يُرسلَ عليكُم الحصباء كقومِ لوطٍ وأصحاب الفيل ثُمَّ لا تجدوا لكم من تتّكِلون عليه في النجاة ، ﴿أم أمِنتُم أن يُعيدكم فيه تارةً اُخرى فيُرسِلَ عليكم قاصفاً من الرِّيح فيُغرقكم بما كفرتُم ثُمَّ لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً﴾ وهل أمِنتم أن يُعيدكم الله في البحر مرّةً اُخرى فعندئذٍ يُرسل عليكم الطوفان المكسِّر للسفينة فيُغرقكم بما كفرتم بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ثُمَّ لا تجَِدوا لَكُم من يُطالِبُنا بِكُم .
﴿ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهُم في البَرِّ والبحرِ ورزقناهُم من الطيّبات﴾ وبالتأكيد نحن كرَّمنا بني آدم على الشّياطين وسائر الخلقِ وحملناهُم في البرّ على وسائط النَّقلِ والسَّفَر وفي البحر على السُّفن ورزقناهم من الأطعمة والأشربة الحلالة ، ﴿وفضَّلناهُم على كثيرٍ ممَّن خلقنا تفضيلا﴾ وفضّلنا بني آدم على كثيرٍ ممَّن خلقنا من الجنّ والحيوانات وغيرها تفضيلاً وامتيازاً بالعقل والفهم والإِيمان والتقوى والعلم ، ﴿يومَ نَدعو كُلَّ اُناسٍ. بإمامهم﴾ ويوم القيامة ندعو للحساب والكتاب والصِّراط والميزان كلَّ اُناسٍ بمن إئتَمّوا به وجعلوه إماماً لهم فناسٌ مع عليٍّ ( عليه السلام ) وآخرون مع غيره ، ﴿فَمَن اُوتيَ كتابَهُ بيمينهِ فأُولئك يقرؤن كتابهم ولا يُظلمون فتيلا﴾ فمن اُعطي صحيفة أعماله بيمينه يوم القيامة وهم المؤمنون من شيعة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) فأُولئك يقرؤون كتاب أعمالهم مطمئنّين ولا يُظلمون أجرهم وثوابهم بمقدار قشرِ نَواةٍ ، ﴿ومَن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلُّ سبيلا﴾ ومن كان في هذه الدّنيا أعمى عن طريق الهداية والولاية لمحمدٍ وآلِ محمدٍ ( عليهم السلام ) فهو يحُشَر في الآخرة أعمى لا يبصر شيئاً وأضلُّ عن سبيل النجاة .
﴿وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحَينا إليك﴾ ويا حبيبی تذكَّر بأنَّ المنافقين كادوكَ وتآمروا عليكَ ليُوقِعونَك في الفتنة والبليّة بدحرجة الدِّباب ليُنفروا دابَّتك إنتقاماً عن الذي أوحينا إليك بشأن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ، (لِتَفتَرِيَ علينا غَيرَهُ وإذاً لاتخّذوكَ خليلا﴾ فعلوا ذلك بكَ كي يجُبروك على أن تفتريَ على الله وتُعَيِّنَ غير عليٍّ ( عليه السلام ) للخلافة من بعدك ولو كنت فعلت ذلك إذاً لاتخّذوك خِلاًّ ولكنّهم عادوك لأنّك نصبَتهُ من بعدك وأخذت له البيعة منهم ، ﴿ولولا أن ثبَّتناك لقد كِدتَ تركنُ إليهم شيئاً قليلاً﴾ ويا حبيبي لولا أن ثبَّتناكَ على ولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) وإبلاغها إلى الناس لقد كدت أن تؤخِّر الإِبلاغَ فتكون قد رَكَنتَ إلى المنافقين شيئاً قليلاً جدّاً ، ﴿إذاً لأذقناكَ ضعفَ الحياة وضعفَ الممات ثُمَّ لا تجدُ لك علينا نصيرا﴾ ولو كنت قد أخَّرت إبلاغ ولاية علیٍّ ( عليه السلام ) عن غدير خمٍّ لكُنّا نذيقك ضعف مصائب حياتك وضعف مصائبك بعد الممات ولم يوجد لك ناصرٌ منّا .
﴿وإن كادوا ليستفزّونك من الأرض ليُخرجوك منها وإذاً لا يَلبَثون خِلافَكَ إلاّ قليلا﴾ ويا حبيبي إنّ المنافقين تآمروا وكادوا لك كي يُهيّجوكَ ويخُرجوك من أرض الحرمين إلى الشّام فقالوا: إلحَق بأرض الأنبياء ولو أخرجوك لما لبثوا بعدك إلاّ قليلاً وهلكوا ، ﴿سُنّةَ من قد أرسلنا قبلكَ من رُسُلنا ولا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تحويلا﴾ وهذه سُنّة من قد أرسلنا من قبلك من الأنبياء حينما أخرجوهم قومهم نَزَل عليهم العذاب وهلكوا ولا تجدُ لسنّة الله تغييراً وتبديلاً ، ﴿أقم الصَّلاة لدلوك الشَّمس إلى غَسَقِ اللّيل وقُرآن الفجر إنّ قُرآن الفجر كان مشهوداً﴾ أيّها المكلَّف أدَّ الصَّلاة الفريضة اليومية لزوال الشمس أربع ركعاتٍ للظُّهر ثمَّ أربعةٍ للعصر إلى ظُلمة الليل وغروب الحمرة المشرقيّة وثلاثةًً للمغرب وأربعةً للعشاء وصلاة الفجر الصادق ركعتان يشهدهما ملائكة اللّيل والنهار.
﴿ومن اللَّيل فتَهجَّد به نافلةً لكَ عسى أن يبعثك ربُّك مقاماً محموداً﴾ وجزءٌ من الليل اُترك الهجود والهجوع به لتُصلّي نافلة اللیل ثمان رکعات وركعتان للشَّفع وواحدة الوتر يكون ثوابها وآثارها لك عسى اللهُ يبعثك بالعبادة مقاماً محموداً في الجنّة ، ﴿وقُل ربِّ أدخِلني مُدخَلَ صدقٍ وأخرجني مخُرَجَ صدقٍ واجعل لي من لدُنكَ سُلطاناً نصيرا﴾ وادعُ الله يا مُسلم وقل ربِّ أدخلني في ولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) مُدخل صدقٍ وأخرجني من ولاية الظالمين لآل محمدٍ ( غليهم السلام ) مخرج صدقٍ واجعل لي من عندك قوّةً تنصرني بها على أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿وقُل جاء الحقّ وزهَقَ الباطلُ إنّ الباطل كان زهوقاً﴾ وقل أيّها المسلم جاء الحقُّ من الله بشأنِ عليٍّ ( عليه السلام ) نؤمِنُ به فالحقُّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) وعليٌّ ( عليه السلام ) مع الحقّ ، وقُل اندحر الباطل بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ومجيء الحقّ إنّ الباطل كان مدحوراً .
﴿ونُنَزِّلُ منَ القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً﴾ وبالتأکيد إنّا ننزِّل من القرآن فی حقِّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومودَّتهم وولايتهم ما هو شفاءٌ من الضلالة والعمى والأمراض ورحمة للمؤمنين المُوالين لهم ولا يزيد الظالمين نفاقهم إلاّ خُسراناً ، ﴿وإذا أنعمنا على الإِنسان أعرض ونَئا بجانِبهِ وإذا مسَّهُ الشَرُّ كان يؤسا﴾ وحينما أنعمنا على الإِنسان بالهداية والسعادة بولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) أعرض عن هذه النِّعمة العظمى وابتعد عنها مدبراً وحينما يمسُّهُ الشرُّ من أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) يكون قنوطاً من رحمة اللهِ يؤوساً من فرجه، ﴿قُل كلٌّ يعمل على شاکلته فربُّکم أعلمُ من هو أهدی سبيلاً﴾ فقل يا حبيبی للمنافقين کلٌّ منکم ومنّا يعمل على طريقته من الولاء ويميل الى شكله وصنفه فربُّكم هو أعلم من خلقه بمن هو أهدى مذهباً وديناً .
﴿ويسألونك عن الرّوحِ قُل الرّوحُ من أمرِ ربّي وما اُوتيتُم من العلم إلاّ قليلا﴾ ويسألونك يا محمَّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن ملكِ الروح الذي ينزل مع الملائكة عليك وعلى الأئمّة المعصومين ليلة القدر قُل لهم هذا الرّوح ينزلُ من أمر الله علينا بمُقدَّرات الخلق وما اُوتيتُم من العلم به إلاّ قليلا ، ﴿ولئن شئنا لَنَذهَبنَّ بالذي أوحينا إليك ثمَّ لا تجدُ لك به علينا وكيلا﴾ ولو أنّنا اقتضت مشيئتنا أن نمحو الذي أوحيناه إليك من ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لكانت النتيجة أنّك لا تجدُ لك بالرّسالة والولاية عنّا خليفةً ووليّاً غيره ، ﴿إلاّ رحمةً من ربّك إنّ فضلَهُ كان عليك كبيرا﴾ إلاّ أنّنا لم نشأ أن نذهب بالذي أوحيناهُ إليك من ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) بل أثبتناهُ رحمةً من الله إنّ فضل الله كان عليك كبيراً إذ لولا ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لما كمل الدّين .
﴿قُل لئن اجتمعت الإِنسُ والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً﴾ قُل لهم جواباً لقولهم إنّ محمداً أمرنا بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) من نفسه وآية التبليغ ليست من الله قُل لئن اجتمعت الإِنسُ والجنُّ كلّها على أن يأتوا بآيةٍ مثل هذا القرآن لا يقدرون أن يأتوا بمثله ولو كانوا يتعاونون على ذلك ، ﴿ولقد صرَّفنا في هذا القرآن من كُلِّ مثلٍ فأبى أكثرُ الناس إلاّ كفورا﴾ وبالتأكيد لقد بيّنّا مكرّراً في هذا القرآن من كلِّ مَثَلٍ تفهمونه لإِثباتِ ولاية عليٍّ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ولزومها وضرورتها فأبي من الإِيمان والتسليم أكثر الناس الذين اتَّبعوا أعداءهم ولم يقبلوا إلاّ جحود الحقّ ، ﴿وقالوا لن نُؤمِنَ لكَ حتىّ تُفجر لنا من الأرض ينبوعاً﴾ وإنّ قريشاً وبني اُميّة وبني تَيمٍ وعديٍّ قالوا لك يا حبيبي نحنُ لا نؤمِنُ بنبوّتك وولايتك وولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) حتى تشقَّ بالإِعجاز لنا من أرض مكّة عيناً تنبُغُ بالماء ، ﴿أو تكون لك جنّة من نخيلٍ وعنبٍ فتُفجِّرَ الأنهار خلالها تفجيرا﴾ أو بالإِعجاز تكون لك بساتين في مكّة من أشجار النّخيل والعنب والكروم فتشقّ الأنهار الجارية في وسطها كالنّيل والفرات تجري فيها الماءِ ، ﴿أو تُسقِط السَّماء كما زعمتَ علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلا﴾ أو تسقط السماء على الأرض قطعاً كما زعمت أنَّ ربَّك يُرسل الصّواعق أو تأتي بالله جسماً نراه وتأتي بالملائكة مقابلةً وعياناً ، ﴿أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمِنَ لرُقيِّكَ حتى تُنزِل علينا كتاباً نقرؤه﴾ أو يكون لك بالإِعجاز بيتٌ مملوءٌ من ذهبٍ وفضّة أو تصعد الى السماء ولن نؤمن لمعراجك إلى السماء حتىّ تُنزل علينا بإسمنا كتاباً من الله نقرؤه يخاطبنا به، ﴿قُل سُبحان ربّي هل كنتُ إلاّ بشراً رسولاً ؟﴾ قُل لهم يا حبيبي : تقدَّسَ وتعالى وتنزَّه وسبحته الخلائق ربّي الله أن يؤتي به ويُرى أو يُرسل بإسمكم كتاباً يخاطبكم به أو يرسل المعجزة لهواكم وهل كنتُ إلا بشراً رسولاً كي أبلِّغكم رسالة ربّي وولاية عليٍّ ؟ ﴿وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلاّ أن قالوا أبعثَ اللهُ بشراً رسولا﴾ إعلم يا حبيبي إنّه قد منع الناس هوى النفس الأمّارة أن يؤمنوا برسالتك وولايتك حينا بلَّغتهم بالرّسالة والولاية إذ قالوا منكرين : هل بَعثَ اللهُ بشراً منّا رسولاً من قبله ؟ .
﴿قُل لو كان في الأرض ملائكةً يمشون مطمئنّين لنزَّلنا عليهم من السماء مَلكاً رسولا﴾ قُل لهم يا حبيبي : إنمّا نُرسل إلى البشر رسلاً من البشر فلو كان في الأرض ملائكةً يمشون بدل البشر مطمئنّين من أذى البشر لنزَّلنا عليهم من السماء ملكاً مثلهم رسولاً إليهم ، ﴿قُل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم إنّه كان بعباده خبيراً بصيرا﴾ وقل لهم کفی بالله شاهداً عدلاً سميعاً بصيراً بيني وبينکم فهو يشهد لي بصدقِ دعوتي لكم وهو سيحاسبكم يوم القيامة إنّه كان ولا زال بعباده خبيراً بأحوالهم بصيراً بأفعالهم ، ﴿ومن يهدِ الله فهو المُهتَدِ ومن يُضلِل فلن تجدَ لهُم أولياءَ من دونه﴾ وقل لهم إنّ من يهديه اللهُ فيوالي محمداً وآله ( عليهم السلام ) فهو المهتدي إلى الحق والفلاح ومن يبقى في الضلالة فيدعه الله فيها لن تجد لهم أنصاراً من دون الله ، ﴿ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عُمياً وبکماً وصُمّاً مأواهم جهنّم کلّما خبت زدناهم سعيرا﴾ ويوم القيامة نحشُرُ الذين ضلّوا عن ولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) مكبوبين على وجوههم عُمى العيون بكُم الألسُن صُمُّ الأذان ومصيرهم إلى جهنّم كلّم سكن لهيبها زدناهم لهيباً واشتعالاً ، ﴿ذلك جزاؤهم بأنهّم كفروا بآياتنا وقالوا أءِذا كُنّا عظاماً ورُفاتاً ءَإنّا لمبعوثون خلقاً جديدا ؟﴾ وذلك العذاب جزاؤهم لأنهّم كفروا بآياتنا النازلة بشأن محمدٍ وآل محمّدٍ ( عليهم السلام ) وأنكروا المعادَ وقالوا : هل إذا كُنّا عظاماً باليةً وحُطاماً في القبر هل نُبعَثُ خلقاً ثانياً ؟؟.
﴿أوَلم يَروا أنّ اللهَ الذي خَلَقَ السّماوات والأرض قادرٌ على أن يخلق مثلهم ؟) هل هؤلاء عميان لا يرون بأعينهم أنّ الله الذي خلق السماوات والأرض العظيمة بما فيها من مخلوقاتٍ وقدَرَ على خلقها قادرٌ أيضاً على أن يخلقها في القيامة ثانياً كالمرّة الأولى ، ﴿وجعل لهم أجلاً لا ريب فيه فأبى الظّالمون إلاّ كُفورا﴾ أولم يروا أنّ الله جعل لأعمارهم أجلاً محدوداً لا شكَّ فيه فالآجالُ بيده فكذلك البعثُ بيده فأبي الظّالمون لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) إلاّ كفوراً وجحوداً لحقِّ آل محمد ( عليهم السلام ) ، ﴿قُل لو أنتُم تمَلِكونَ خزائنَ رحمةَ ربّي إذاً لأمسكتم خَشية الإِنفاق وكان الإِنسان قَتورا﴾ قُل لهم إنّكم تطلبون بيتاً من الذَّهب ولو أنتم تملكون جميع خزائن الذَّهب والفضّة وغيرها في أرض الله إنّكم بخُلاءُ طواغيت عُبّادِ المالِ إذاً لأمسَكتُم وبخَِلتُم بها خشية إنفاقها في سبيل الله وكان الإِنسانُ الظّلوم بخيلاً واللهُ لا يحبُّه .
﴿ولقَد آتينا موسى تِسعَ آياتٍ بيّناتٍ﴾ فيا حبيبي إنهّم لا يؤمنون حتىّ ولو نَفّذنا طلباتهم فلقد آتينا موسى من قبلُ تسع معجزاتٍ هُنَّ العصا ، واليد البيضاء والتوراة والألواح والمُناجاة والمَنّ والسّلوى وعبور النّيل وعذاب الجراد والقُمَّل والضفادع ، ﴿فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهُم فقال له فرعون إنّي لأظنّك يا موسی مسحوراً﴾ فرغم هذه المعجزات ما آمن به فرعون و حزبه فاسأل اليهود في قصَّتِهِ حينما جاءهم موسى بالمعجزات قال له فرعون مستهزءاً : إنّي لا أراكَ إلاّ مسحوراً فمعجزاتك كلّها سحرٌ ، ﴿قال : لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلاّ ربّ السماوات والأرض بصائرَ﴾ قال موسى لفرعون : إنّك تعلم أنَّ السِّحرة عاجزون عن إتيان مثلها فما أنزَل هذه المعاجز إلاّ ربّ السماوات والأرض الذي أرسلني بمعاجز تُبصركَ الحقّ ، ﴿وإنيّ لأظنّك يا فرعون مثبوراً﴾ وأضاف موسى قائلاً لفرعون : إنيّ لأظنّ ظنّاً وإحتمالاً قويّاً بأنَّ مصيركَ يا فرعون إلى الثّبور والهلاك، ﴿فأراد فرعون أن يستفزّهم من الأرض فأغرقناهُ ومن معه جميعاً﴾ فأراد فرعون أن يستنفر بني إسرائيل وموسى من أرضٍ مصر أو يقلع جذورهم منها فتبِعَهُم بجيشه إلى النّيل فأغرقناهُ ومن معهُ جميعاً فيه ، ﴿وقُلنا من بعده لبني إسرائيل اسكُنوا الأرض فإذا جاء وعدُ الآخرة جِئنا بكُم لفيفاً﴾ وعنئذٍ قُلنا من بعد هلاك فرعون بواسطة موسى لبني إسرائيل اسكُنوا نواحيَ الأرض فإذا جاء موعد مملکتکم الثّانية فی آخر الزمان جمعناکُم فی فلسطين جماعات جماعات ، ﴿و بالحقّ أنزلناهُ وبالحقّ نزل وما أرسلناك إلاّ مبشّراً ونذيرا﴾ فبعد هذا الإِستدلال إعلم يا حبيبي أنّنا بالحقّ أنزلنا عليك فريضة الولاء لعليٍّ ( عليه السلام ) وبالحقّ أيضاً نزل إليك بواسلة جبرائيل وما أرسلناك إلا مبشّراً لمن تمسَّك بولايته ونذيراً لمن عانده ، ﴿وقُرآناً فرقناه لتقرأَهُ على الناس على مُكثٍ ونزّلناهُ تنزيلاً﴾ وأوحينا إليك قُرآناً جزّأناه آياتٍ طوال ثلاث وعشرين سنة لتُرتِّله وتبلّغه إلى الناس بتأنّي وتؤدّه ونزّلناه إليك حسب شأن النزول ، ﴿قُل آمِنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الذين اُوتوا العلم من قبله إذا يُتلى عليهم يخرّون للأذقان سُجّداً﴾ قل لهم يا حبيبي آمنوا بالقرآن النازل بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) أو لا تؤمنوا فأنتُم مخُتارون في التّكليف وإنّ الذين اُوتوا العلم بفضلِ عليٍّ ( عليه السلام ) من قبل آية التبليغ كسلمان وأبي ذرٍّ والمقداد حينما تَتلوا عليهم آية التّبليغ يخرّونَ للأذقان سُجّداً شكراً لله ، ﴿ويقولون سُبحانَ ربّنا إن كان وعدُ ربّنا لمفعولا﴾ وحينئذٍ يقولون : تقدَّسَ ربّنا وتنزَّه نسبّحه تسبيحاً دائماً فإنّه سبق أن وعد رسوله قائلاً إنّا سنُلقي إليك قولاً ثقيلاً فبنزول آية التبليغ كان وعدُهُ مفعولاً ، ﴿ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدُهُم خشوعاً﴾ وهؤلاء الموالين لعليٍّ ( عليه السلام ) يخرّون للأذقان يسجدون شُکراً لله علی نعمة الولاية و إکمال الدّين ويبکون شوقاً لله ويزيدهم الوحيُ خشوعاً لله .
﴿قُل ادعُوا اللهَ أو ادعُوا الرّحمان أيّاً ما تدعوا فلَهُ الأسماءُ الحسنى﴾ قُل لشيعة عليٍّ ( عليه السلام ) يا حبيبي : اُدعُوا ربّكم بإسم الجلالة أو اُدعوه بإسم الرّحمان فعليكم بالإِبتهال إليه بأيِّ إسمٍ كان من أسمائه فله الأسماء الحسنى الماءة المذكورة في القرآن ، ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخُافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا﴾ ولا تقرأ في صلاة فريضتك اليوميّة الخمسة بالجهر في كلّها ولا تخُافِت في جميعها وابتغِ في الصُّبح والعشاءين الجهر وفي الظُهرين الإِخفات فيكون الحدّ الوسط ، ﴿وقُل الحمد لله الذي لم يتّخذولداً ولم يكن لهُ شريكٌ في المُلك﴾ وقل في دعائك الحمدُ لله على الولاية فهو الذي لم يتَّخِذ ولداً ولم يولد ولم يكن له شريكٌ في المُلك وهو يختارُ للمُلكِ وليّاً، ﴿ولم يكن له وليٌّ من الذُّلِّ وكبِّرهُ تكبيرا﴾ ولم يكن وليّهُ في المُلكِ ووليُّهُ على الخلق من هو عاجزٌ ذليلٌ غير معصومٍ بل له ولیٌّ من العزّ عزيزٌ کعلیٍّ ( عليه السلام ) وکبِّرهُ تکبيراً علی عزَّةِ أوليائه بعزَّتِهِ ، ( صدق الله العليّ العظيم ) ( العزيز الكبير ) .

نشر في الصفحات 529-509 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *