سورة الأنبياء (ع)
2016-06-16
سورة نوح (ع)
2016-06-16

(14)
سورة الأنعام

﴿بسمِ الله الرَّحمٰن الرَّحيم الحَمدُ لِلّه﴾ بإسم ذاتي وبإسم جلالتي وإسم رحمانيّتي ورحيميّتي أُوحِي إليك يا حبيبي وأُنزِل هذه الآيات فالثَّناء خاصٌّ لله وحدَهُ وهو أهلٌ للحَمد . ﴿الذي خَلَقَ السَّماوات والأرض﴾ فلا يليقُ الحَمدُ والثّناءُ والتَمجيدُ والتعظيم إلاّ لله الذي أبدَعَ الكون من العَدَم وخلقَ السّماوات بعجائبها والأرض بما فيها ، (وجَعَلَ الظّلماتِ والنورَ﴾ فلما خَلَقَ السماوات وخلق الأرض فيها جعلها تدورُ حولَ نفسها وحول الشمس فأوجد اللّيل والنّهار على الأرض والظُّلمةَ والنّور في سائر الكواكب ، ﴿ثُمَّ الذين كفروا بربهِّم يعَدلون﴾ فمع أنّ خلْقِ السماوات والأرض والليل والنهار يدلُّ عل وجود الخالق وحکمته وتدبيره وقدرته وعظمته فمع ذلك کلّه تری الکفار يعدلون عن عبادةِ الله وطاعته، ﴿هو الذي خلَقكم من طينٍ﴾ فيا حبيبي قل للكفار جميعاً وأبلغ البشريّة كلّها وذكِّرهم بأساس خِلقَتِهِم فالله الذي خَلَقَ أباكُم من طينٍ لازبٍ ثُمَّ نفَخ فيه من روحِهِ ، ﴿ثُمَّ قضى أجلاً وأجلٌ مسمّى عنده ثُمَّ أنتم تمترون﴾ ثمَّ وَلَّدكم من آدم نسلاً بعد نَسلٍ بأعمارٍ مُعَيّنةٍ محدودةٍ من قِبَلِ الله وآجالٍ. مُعلّقةٍ وآجالٍ. حتميّة فهل تشكّون بعد هذا في قدرته على البعث ؟ ﴿وهو الله في السماوات والأرض﴾ فخالق السّماوات والأرض وخالق الليل والنهار وخالق البشر ومُقدَّر آجالهم هو وحدُهُ الذي تعبدُهُ الملائكة في السماء ويجب أن يُعبَدَ في الأرض ، ﴿يعلمُ سرَّكم وجهركم ويعلم ما تكسبون﴾ فالله هو الذات الواجبُ الوجود ألخالقُ المدبّر الحكيم الحليم الخبير البصير السميع العليم فلذا يعلم أسراركم وما تُسرّون به ويعلم ما تُعلنونه وكلّ ما تفعلونه بقصدٍ ، ﴿وما تأتيهم من آيةٍ من آيات ربهّم إلاّ كانوا عنها مُعرضين﴾ ولكن المنافقين والكفار وما تأتيهم آيةٌ من القرآن تأمرهم بطاعة الله ورسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) وتأمرهم بالمودّة في القربى وموالاة عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وما شاكل فهم يُعرضون عنها بوجوههم ، ﴿فقد كذَّبوا بالحقِّ لمّا جاءهم فسوف يأتيهم أنباءُ ما كانوا به يستهزؤن﴾ فهذه الآيات القرآنيّة هي الحقُّ من الله وعليٌّ ( عليه السلام ) مع الحقّ والحقّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) وعليٌّ ( عليه السلام ) مع القرآن والقرآنُ مع عليٍّ ( عليه السلام ) لكنّ الكفار والمنافقين كذّبوا بذلك فسينالون جزاء تكذيبهم واستهزائهم ﴿ألم يرَوا كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ مكنّاهم في الأرض ما لم نُمكِّن لكم﴾ أفلا يعتبرون من هلاك الأُمم الماضية فكم من أقوامٍ أهلكناهم بعد أن أعطيناهُم القوة في الأرض ما لم نُعطِها لكم .
﴿وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم﴾ فتلك الأمم أرسلنا عليهم الأمطار الغزيرة فكثرت زراعتهم وخيراتهم وأجرينا في أراضيهم الأنهار لتسقيها إتماماً للحُجّة واختباراً لهم ، ﴿فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين﴾ فلمّا أن تمَّت الحجة والنعمة عليهم وأصرّوا على ذنوبهم أهلكناهم بها جزاءً لها في الدنيا قبل الآخرة ثمّ أنشأنا بعدهم قوماً غيرهم ، ﴿ولو نزّلنا عليك كتاباً في قرطاسٍ فلَمسوه بأيديهم﴾ يا حبيبي يا رسول الله إن كان بعض الكفار كنضر بن الحارث ونوفل بن خويلد وعبد الله بن أُميّة يطلبون نزول الوحي مكتوباً مع أربعةٍ من الملائكة يشهدون على رسالتك وعليه ، ﴿لقالَ الذين كفروا إن هذا إلاّ سحرٌ مبين﴾ فلو فعلنا ذلك ولمسوا الكتاب المُنزَل بأيديهم لقالوا هذا ليس من الله بل هو إلاّ سحرٌ ظاهرٌ منك يا محمَّد .
﴿وقالوا لولا أُنزِل عليه مَلَك﴾ ثُمّ قال هؤلاء الكفّار هلاً أرسَلَ الله الملائكة إلى محمَّدٍ عياناً نَراهُم ؟ كما جاؤوا إبراهيمَ بهيئة ضيوفٍ وكذا لوط النبيّ ( عليه السلام ) ، (ولو أنزلنا مَلَكاً لقُضي الأمر ثمّ لا يُنظرون﴾ ألا يعلم هؤلاء الكفّار أنا حینما أرسلنا الملائكة عياناً كضيوفٍ لإبراهيم ولوطٍ كانوا مُرسَلين بالعذاب فلو أرسلناهم لهُم لأرسلناهم بعذابهم دون تأخير ، ﴿ولوجعلناهُ ملكاً لجعلناهُ رجلاً ولَلَبسنا عليهم ما يلبسون﴾ ونحن لوجعلنا من أنزلناهُ إليهم وأرسلناهُ نحوهم ملكاً لجعلناهُ في هيئةِ رجلٍ من البَشَر كَدِحية الكَلبي جعلنا لهُ لباساً كَزيٍّ مِن أزيائهم ، ﴿ولقد استُهزىءَ برُسُلٍ. من قبلك﴾ فيا حبيبي إن كان هؤلاء الكفار يستهزؤون بك وبنزول الوحي عليك ونزول الملائكة عليك فقد استُهزِىءَ بالأنبياء من قبلك ، ﴿فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن﴾ فنزل بالأقوام الذين سخروا واستهزَؤوا بالأنبياء عذاب الله وانتقامِه الذي كانوا يستهزؤون منه .
﴿قُل سيروا في الأرض ثم أنظروا كيف كان عاقبةُ المكذّبين﴾ فقُل لهؤلاء المكذّبين برسالتك فليسيروا في الأرض وينظروا إلى آثار بابِل والأهرام وغيرها فليعتبروا ممّا نزل عليهم من العذاب والدّمار ، ﴿قُل لِمَن ما في السماوات والأرض﴾ فقُل لهم يا حبيبي مَنِ الذي يملك خلق السماوات والأرض وتدبير نظامها والقدرة والسلطة عليها تكويناً ؟؟﴿قُل للهِ كَتَبَ على نفسه الرَّحمة﴾ فقُل لهم إنّ الملكيّة الحقيقيّة والقُدرة التامّة والسلطنة القاهرة لله وحده الخالق للسماوات والأرض وهو رحمانٌ بالذات ، ﴿ليجمعنَّکم إلى يوم القيامة لا ريبَ فيه﴾ وبما أنّ الله هو مالك السماوات والأرض ومالك رقابهم وهو خالقكم ورازقكم ومُحيیكم ومُميتكم فهو حتماً سيبعثكم يوم القيامة دونَ شكٍّ ، ﴿الّذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون﴾ وقطعاً إنّ الذين يخسرون أنفسهم بدخول النار يوم القيامة وبعد البَعث والنشور هُم الذين لا يؤمنون بالله ورسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، ﴿ولهُ ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم﴾ ولله سبحانهُ أرواح البشر الساكنة في الليل بالمنام فهو خالقها وهي في قبضتهِ ولله ما سكن وهَدَء في الأرض ليلاً ونهاراً وهو سميعٌ للأقوال عليمٌ بالأفعال .
﴿قُل أغَيرَ الله أتَّخِذُ وليّاً فاطر السّماوات والأرض﴾ فقُل لهم يا حبيبي إنّ وليّي الله وإنمّا وليّكم الله ورسوله وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فهل يمكن أن أتخَِّذَ ولياً غير الله فالولاية هي لهُ حيث فطَرَ السماوات والأرض وخلقها وصوَّرها ودبَّرها ، (وهو يُطعِم ولا يُطعَم قُل إنّي أُمِرتُ أن أكون أوّل من أسلم﴾ والله سبحانه هو الذي يُطعِم الخلائق من جِنٍّ وإنسٍ والحيوانات جميعها ويرزقها وهو غنيٌّ عن الخلائق بالذّات فأمرني أن أكون أوّل من أسلم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) !!! ﴿ولا تكونَنَّ من المشركين﴾ وقد أمَرني الله بطاعته ونهاني عن مُداهنة المشركين ومودّتهم بقولِه لا تكوننَّ من المشركين فأنا بريءٌ من المشركين ولا أكون محبّاً لهم ولا أُطيعهم أبداً، ﴿قُل إنّي أخافُ إن عَصيتُ ربّي عذاب يومٍ عظيم﴾ قُل للمسلمين يا حبيبي إنّي أخافُ إن عصيتُ ربّي بِعَدَمِ إبلاغ ولاية عليٍّ وأهل بيتي ( عليهم السلام ) عذابَ يوم القيامة فعذابُ منكِر ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) عظيمٌ شديدٌ ، ﴿من يُصرف عنه يومئذٍ فقد رَحِمَه وذلك الفوز المبين﴾ ففي يوم القيامة من يُصرَف عنه عذاب جهنّم فقد رَحِمَهُ اللهُ وأخذ صَكَّ الجواز على الصِّراط من عليٍّ ( عليه السلام ) فيذهب إلى الجنّة وهو الفوز الظّاهر، ﴿وإن يمَسَسكَ اللهُ بضُرٍّ فلا كاشف لهُ إلاّ هو﴾ ويا حبيبي يا رسول الله إن يمتحنك الله بأن يمسّك بالفقر والمرض وأذى المنافقين والكفّار فلا يكشِفه عنك سواه ، ﴿وإن يمَسَسك بخيرٍ فهو على كلِّ شيءٍ قدير﴾ وإن أراد الله سبحانه أن يُذيقَكَ النَّصر على الأعداء ويمنحك الغلبة عليهم ويفتح الله لك فهو قادرٌ على ذلك وسَيفعله، ﴿وهو القاهرُ فوق عباده وهو الحکيمُ الخبير﴾ فالله سبحانه هو السلطان القادر المهيمن على عباده وإرادته غالبةٌ على إرادتهم وهو المقدَّر المقضي لهم ما يشاء ويحكم لهم ما يريد و هو حکيمٌ فی حکمه وخبيرٌ فی قضائه .
﴿قُل أيّ شيءٍ أكبر شهادةً قُل الله شهيدٌ بيني وبينكم﴾ فيا حبيبي قُل إن يطلُب منك الكفّار والمنافقون شهادةً يرتضونها على رسالتك فقُل لهم أيُّ شهيدٍ أعدل من الله فهو العادل بالذّات وسواه عادلٌ بالعرض فشهادته أكبر من شهادة أيّ عادلٍ ، ﴿وأُوحي إليَّ هذا القرآن لاُنذركم به و مَن بَلَغَ﴾ وقل لهم يا حبيبي إنّ الله هو الذي أوحى إليَّ هذا القرآن ولم أكن أعرفهُ مِن قَبل فهذا شاهدٌ على صِدقِ رسالتي وإنّ الله أمرني بإنذاركم وأمَر عليّاً ( عليه السلام ) بإنذاركم من بعدي وأمر الأئمّة من وُلده ( عليهم السلام ) بالإنذار، ﴿أئِنّكم لتشهدون أنّ مع الله آلهةً اُخریٰ قُل لا أشهد﴾ فاستفسرهم توبيخاً هل إنّكم تشهدون على أنّ لله شريكٌ فلا يمكنكم أن تشهدوا لاستحالته فلذا إن خالفتم العقل وشهدتم فإنّني لا أشهد بالكذب ، ﴿قُل إنمّا هو إلهٌ واحداً وإنّني بريءٌ مما تُشركون﴾ فقل لهم يا حبيبي وللبشرية أجمع وللناس كلّهم إنّ الاُلوهيّة مُنحصرةٌ في ذاتِ الله الواحد فلا إله إلاّ هو وقُل إننّي أبرأُ وأعادي كلّ ما تعبدونه وتطيعونه سوى الله ، ﴿الّذين آتيناهم الکتاب يعرفونه کما يعرفون أبناءهم﴾ فيا حبيبي إنّ المسلمين الذين آتيناهم القرآن يعرفون عليّاً ( عليه السلام ) وانّه المقصود من قولنا : مَن بَلَغ وقد أوحينا إليك وأمرناك وأمرناه بالإنذار فهُم جميعاً يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ﴿الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون﴾ لكنّ الذين تركوا طريق الهُدى الى الضَّلال والنّور الى الظُلمة وتركوا الجنّة الى النار فخَسِروا أنفسهم باستحقاقهم النار هُمُ الذين لا يؤمنون بولاية عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
﴿ومن أظلم ممّن افترى على الله كذباً أو كذَّب بآياته﴾ فيا حبيبي فسأل إستنكاراً من هو أظلمُ ممّن قال : إنّ الله لم يختار إماماً بعد مُحمَّد فافترى على الله كذباً وكذَّب بآيات الولاية والتبليغ والتطهير والمودّة في القربي وَ، وَ ، وَسائر الآيات الدّالة على ولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ؟؟ ﴿إنّه لا يُفلح الظّالمون﴾ بالتأكيد والقطع واليقين يا حبيبي يا رسول الله إنّ الظالمين المنُكرين لولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) والمُفترين على الله الكذب لا يفلحون أبداً، ﴿ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا﴾ ويا حبيبي بالتأكيد أنّنا سنَحشُر الظالمين المُخالفين لعليٍّ ( عليه السلام ) والمنكرين لولايته يوم القيامة أجمَع للحساب فنقول لِمَن أطاعَ.غيره وتولّى غيره وأشرك سواه في الخلافة والإمامة : ﴿أين شرکاؤکم الذين کنتم تزعمون﴾ فعندما نوقِفُهُم للحساب والسؤال عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) والإيمان بالله و رسوله و أهل بيته (عليهم السلام ) نُريهم الخلفاء الذين أشركوا بهم شِركَ طاعةً في النّار فنقول لهم أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون أنهّم يشفعون لكم ؟ ﴿ثُمَّ لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا والله ربّنا ما كنّا مُشركين﴾ فيا حبيبي إنّ الذي سيقوله المنكرين لولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وإمامته وخلافته من بعدك ، يوم القيامة هو أنهّم يحلفون بأنهّم كانوا من المسلمين ويجُرون الشّهادتين ؟؟ ﴿أُنظر كيف كذبوا على أنفسهم وضلَّ عنهم ما كانوا يفترون﴾ فيا حبيبي أُنظر إلى وقاحتهم وضلالهم وعِنادهم وغَيِّهم فهُم قد أشركوا شركَ طاعةٍ وتركوا طاعة الله ورسوله باتّباع عليٍّ ( عليه السلام ) لكنّهم كذبوا على أنفسهم بادّعاءِ الإسلام وغابَ عنهم ما كانوا يَفترون ويدَّعون من خلافة غيرِ عليٍّ ( عليه السلام ) .
﴿ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه﴾ ومن الذين آتيناهم الكتاب والقرآن الذين يدّعون الإسلام وهم مشركون كأبي سفيانٍ وشيعته والوليد وخالدٍ والعاص وعمرٍو والحَكَم ومروان يستمعون القرآن ولكنّهم لا يفهموا حقيقة عليٍّ ( عليه السلام ) ، (وفي آذانهم وقراً وإن يَروا كلَّ آيةٍ لا يؤمنوا بها﴾ فهم يسمعون القرآن ولا يستمعونَهُ إستماع إيمانٍ وطاعةٍ فهم إذا سمعوا منك تلاوة آيةٍ بشأن مُوالاة أهل البيت (عليهم السلام ) واتّباع عليٍّ ( عليه السلام ) لا يؤمنوا بها ، ﴿حتّى إذا جاؤك يجُادلونك يقول الذين كفروا﴾ فعندما يجيءُ المنافقون يا حبيبي يُجادلونك بشأن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) ويسألونك أمِنَ اللهِ ورسوله فتُجيُبهم نَعَم يقول الذين كفروا بولاية عليٍّ (عليه السلام) وبهذه الآيات : ﴿إنّ هذا إلاّ أساطير الأوّلين﴾ يقولون ليست هذه الآيات التي يأتي بها محمدٌ بشأنِ عليٍّ وأهل بيته إلاّ أكاذيب ورثها من هاشمٍ وعبد المطلّب وأبي طالب باستعلائهم على قُريش وبني أُميّة، ﴿وهم ينهَون عنهُ وينأون عنه﴾ فبعد قولهم هذا فإنّ هؤلاء المخالفون لعليٍّ ( عليه السلام ) ينهَون عن عليٍّ ( عليه السلام ) واتبّاعه وموالاته وينأون ويتباعدون عنهُ ويخالفونَه . ﴿وإن يُهلكون إلاّ أنفسهم وما يشعرون﴾ فهؤلاء المنافقون بنَهيِهم عن اتّباع عليٍّ ( عليه السلام ) وموالاته وابتعادهم عنهُ وتَركِ التمسُّكِ بهِ إنمّا يُهلكون أنفسهم ويوجبون لها النّار ولكنّهم لا يشعرون بذلك .
﴿ولو تَریٰ إذ وُقِفوا على النّار﴾ فيا حبيبي إنّك حتماً سترى كيف يوقَف أعداء عليٍّ ( عليه السلام ) على شفير جهنَّم ليُلقَون فيها ولكن لو كنت ترى ذلك الآن لكُنت تفرَحُ بذلك ، ﴿فقالوا يا ليتَنا نُرَدّ ولا نُكذِّب بآيات ربّنا﴾ فعندما توقفهم ملائكة جهنّم الغلاظ الشِّداد مُصَفَّدين بالأغلال على شفير جهنّم يقولون : يا ليتنا نُرَدّ إلى الدُّنيا فلا نُكذِّب بآيات الله بشأن عليٍّ ( عليه السلام ) وفضلِهِ . ﴿ونكون من المؤمنين﴾ ويقولون يا ليتنا نُرَدّ إلى الدّنيا فتؤمن بولاية عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ونَتَّبِعُه ونكون من شيعته المؤمنين الفائزين بالجنّة ، ﴿بل بَدا لَهُم ما كانوا يُخفون من قَبل﴾ فيا حبيبي إنّ قول أعداء عليٍّ ( عليه السلام ) هذا ليس حقيقة بل هو جزءٌ من نفاقهم أيضاً إذ يبدو ويظهر ما كانوا يخُفون من عداء عليٍّ ( عليه السلام ) وبُغضِه من جميع جوارحهم ، ﴿ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه وإنهّم لكاذبون﴾ فيا حبيبي لو رَدَدنا أعداء عليٍّ ( عليه السلام ) إلى الدنيا كما تمنَّوا ليكونوا من شيعته لعادوا على مخالفته وعناده فإنهّم كاذبون في تمنّيهم هذا ، ﴿وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا وما نحن بمبعوثين﴾ وأعداءُ عليٍّ ( عليه السلام ) ومخالفوه كأبي سفيان ومعاوية ويزيد وغيرهم قالوا : لا جنّة ولا نار وقالوا : لا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نَزَل ، وأنكروا المعاد والجزاء ، ﴿ولو ترى إذ وُقِفوا على ربهِّم قال أليس هذا بالحق ؟﴾ سترى ، ولكن لو كنت تَریٰ الآن ذلك الموقف إذ يوقَف أعداءُ عليٍّ ( عليه السلام ) في المحشر أمام الله فيخاطبهم عليٌّ ( عليه السلام ) أليسَ هذا البَعث بالحقّ ؟ ﴿قالوا بلى وربّنا قال : فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون﴾ فيجيب هؤلاء المنافقون قائلين : نَعَم بحقِّ ربّنا نحن أهل المحشر فيقول لهم عليٌّ ( عليه السلام ) : فنتيجةً لأعمالكم ذوقوا النار وادخلوها بما كنتم تكفرون بولايتي . ﴿قد خَسِرَ الذين كذبوا بلقاءِ الله﴾ فيا حبيبي يا رسول الله بالتأكيد لقد خَسِرَ أبو سفيان ومعاوية ويزيد وخلفاء بني أُميّة وغيرهم الصَّفقة المُربحة وخسِروا الجنة بتکذيبهم البعث . ﴿حتّى إذا جاءتهم الساعةُ بغتةً قالوا يا حسرتنا على ما فرَّطنا فيها﴾ فإنهّم حينما تأتيهم القيامة وساعة الحساب والجزاء يقولون : واحسرتاه على ما قصَّرنا في الدُّنيا بالتّهيئةِ لها والإِستعداد ليومها ، ﴿وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساءَ ما يَزِرون﴾ فعند ذلك يؤمَرون بحملِ صحائِفَ أعمالهم وجرائمهم وظُلمِهم وآثامهم وفسقِهِم وفجورِهم على ظهورهم وهي ثقيلةٌ جِدّاً وهي أسوأ حِملٍ مّا يحملونها أُولئك ، ﴿وما الحياة الدّنيا إلاّ لَعِبٌ ولهوٌ﴾ فيا أيّها المسلمون ليست هذه الحياة الدنيا لهؤلاء المنافقين الظالمين الضالين المكذّبين إلاّ دارَ لهوٍ ولَعِبٍ كما قال أبوسفيان : تلاقَفوها كتلاقُفِ الكُرة وكما فعلوا ، ﴿وللدّار الآخرة خيرٌ للّذين يتّقون أفلا تعقلون﴾ وبالتأكيد أنّ الدّار الآخرة ونعيم الجنّة والخلود فيها خيرٌ من الدنيا وما فيها للّذين يتّقون ويوالون علياً ( عليه السلام ) إمامَ المتّقين أفلا تعقلون ذلك ؟؟
﴿قد نَعلم انّه ليحزُنك الّذي يقولون﴾ يا حبيبي يا رسول الله بالتأكيد نحن عالمون بأنّه يحُزنك قول المنافقين بأنّ محمداً يَجُرُّ النّارَ لِقُرصِ إبنِ عَمِّهِ وليس ذلك وَحياً من الله ، ﴿فانهّم لا يكذّبونك ولكنّ الظالمين بآيات الله يجحدون﴾ فيا حبيبي إنّ قولهم هذا ليس تكذيباً لك فَحَسب بل إنّ هؤلاء الظالمين من أعداءِ عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بالآيات النازلة من الله في حَقِّه يجحدون ، ﴿وإن كان كَبُرَ عليك إعراضهم﴾ فيا حبيبي نحن نعلم أنّه يَكبُرُ عليك إعراض المنافقين عن ولاية عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولكنّنا أتمَمنا عليهم الحُجّة بالآيات الشريفة ، ﴿فإن استطعتَ أن تبتغي نَفَقاً في الأرض أو سُلَّماً في السماء فتأتيهم بآية﴾ فإن شِئتَ يا حبيبي أن تجعل نَفَقاً بداخل الأرض ينتهي الى الجنّ والأبالسة الذين يوحون إليهم أو تجعل لهم سُلَّماً إلى السماء ليسمعوا الملائكة تهتفُ بإسم عليٍّ ( عليه السلام ) فافعل ، ﴿ولو شاء الله لَجَمَعَهم على الهُدى﴾ ولكن إن فعلتَ ذلك فليسوا بمؤمنين بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) إذ أنّنا لم نُجبِرهم بل أعطيناهم الإختيار فلولا ذلك لكان الله يَقدِرُ على إجبارهم على ذلك ابتداءً ، ﴿فلا تكونَنَّ من الجاهلين﴾ فيا حبيبي لا تَكُن من المُداهِنين والمُجاملين والمواددين للجاهلين المُعرضين عن ولاية عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فتُحسَبُ منهم ، ﴿إنمّا يستجيبون الذين يسمعون﴾ فيا حبيبي إنمّا يستجيبُ لدعوتك إلى موالاة أهل بيتك ( عليهم السلام ) والتَمسُّك بهم الذين يسمعون آيات الله وأحاديثك فيُطيعون ، ﴿والموتي يبعثهم الله ثُمَّ إليه يُرجعون﴾ أمّا ذوي الضَّمائر الميّتةِ والذين هم كالموتي لا يسمعون آيات الله وأحاديثك بشأنِ عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) فإنهّم سيبعثهم الله للحساب والجزاء ويُرجعون إليه .
﴿وقالوالولا نُزِّل عليه آية من ربِّه﴾ فيا حبيبي مع أنّ المنافقين يرون أنّا أنزلنا عليك آياتٍ بشأنِ عليٍّ ( عليه السلام ) يقولون : لولا أُنزِلَ على عليٍّ ( عليه السلام ) آية من ربّه إن كان إماماً من قِبَلِ الله !!! ﴿قُل إنّ الله قادرٌ على أن يُنزّل آيةً ولكنّ أكثرهم لا يعلمون﴾ فقل لهم يا حبيبي إنََّ الله قادرٌ على أن يُنزِّل على عليٍّ ( عليه السلام ) آيةً فلا يمكن تحديدُ قُدرة الله ولكنّ أكثرهم لا يعلمون أنّك خاتم الأنبياء والرُّسُل فلِذا لا نُرسِل إليه الوحي ، ﴿وما مِن دابّةٍ في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أُمَمٌ أمثالكم﴾ وقل لهم يا حبيبي : إنّكم وسائر الحيوانات والطّيور المُحَلِّقة سواءٌ بأنّ تدبيرکم وخَلقِكُم ورِزقكُم بيد الله وهو يتولّى أموركم ولهذا نَصَبَ عليّاً (عليه السلام ) وليّاً عليكم ، ﴿وما فرّطنا في الكتاب من شيء﴾ فهذا المثالُ على ضرورة إمامة عليٍّ ( عليه السلام) وولايته هو إضافةً على الأدلّة والآيات الكثيرة من قَبلِها ولم نُفرَّط في القرآن بشيءٍ بشأن ولاية عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿ثُمَّ إلى ربّهم يحُشَرون﴾ فيا حبيبي بعد أن أتمَمنا الحُجّة في القرآن عليهم بشأن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وإمامته وخلافته وعِصمته وفضيلته سيُحشرون ويُسألون عن كلِّ ذلك .
﴿والّذين كذّبوا بآياتنا صُمٌّ وبكمٌ في الظلمات﴾ فيا حبيبي إنّ الذين كذّبوا بآياتنا في حقِّ عليٍّ وأهل بيتك (عليهم السلام ) إنهّم كالطُّروشِ عن سماعها وكالخرسان عن بيان فضائله وهم في ظلمات الجَهل عن ولايته ، ﴿ومن يَشَأ الله يُضلِله ومن يَشَاء يجعلهُ على صراطٍ مستقيم﴾ فيا حبيبي تارةً تقتضي مشيئة الله أن يترُكَ مَن ضلَّ على ضلالته وتارةً تقتضي مشيئتُهُ أن يُثبِتَ من كان على ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) على ولايته ، ﴿قُل أرأيتكم إن أتاكُم عذابُ الله﴾ فقل يا حبيبي لمِنَ ضلَّ عن ولاية علیٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن أتاكم عذابُ الله وانتقامُهُ بسيفِ المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) مِن آل محمّدٍ ( عليهم السلام )، (أو أتَتكم الساعة أغيرَ الله تدعون إن كنتم صادقين﴾ أوَتَرون لو أتتكم ساعة البَعث والنّشور والقيام للحساب والجزاء والعذاب أفهَل تطلبون نجاةً من غير الله إن كنتم صادقين بأنَّ الخلافة لغير عليٍّ ( عليه السلام ) ؟؟ ﴿بل إيّاه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء﴾ بل إنّكم حين نزول العذاب تطلبون رفعَ العذاب ودفعه من الله لا مِن غيره فالله هو الذي يكشف العذاب إن اقتضت مشيئتُهُ ذلك كما دَفَع بعليٍّ ( عليه السلام ) عمرو بن وُدٍّ !! ﴿وتنسون ما تُشركون﴾ فأنتم حينما ينزل بكم الخوف والرُّعب والعذاب والبلاء تنسون خلفاءكم الذين تطيعونهم دونَ الله وكُلّ يُنادي وانَفساه ، ﴿ولقد أرسلنا إلى أُمَمٍ. من قبلك﴾ فيا حبيبي يا رسول الله تذكَّر بأنّنا أرسلنا من قَبلِكَ الرُّسُل إلى الأُمَم الماضية السالفة وكلَّفناهم بالشرائع والأحكام ، ﴿فأخذناهم بالبأساء والضرّاء لعلّهم يتضرّعون﴾ فابتليناهم وبَلَوناهُم بالفقر والذُلّ والمَرَض والتَّفرقة والتَّشتُّتِ لعلّهم يؤمنون بالله ويطيعونه وپدعونه وينهضون للحقِّ والعدل . ﴿فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرّعوا﴾ فهلاّ رجَعَ أُولئك عن غيِّهم وكفرهم وعنادهم حينما نزل بهم البلاء والعذاب وهلاّ آمنوا بالله وتضرّعوا إليه ليدفع العذاب ، ﴿ولكن قست قلوبهم وزيَّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون﴾ ولكنّ أُولئك الاُمَم الهالكة بَدَل أن يتضرَّعوا إلى الله أصرّوا على ضلالهم وعنادهم وقست قلوبهم عن الخضوع للحقّ والخشوع لله وسبَّب لهم الشيطان أعمالهم ، ﴿فلمّا نَسُوا ما ذُكِّروا به فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء﴾ ولكنّنا لم نستعجِل عليهم بالإِنتقام والعذاب حينما نَسوا ما ذُكِّروا به من الطاعة لله وتركِ الإثم بل أمهلناهم وأتَممنا عليهم الحُجّة وأتممنا عليهم النِّعم . ﴿حتّى إذا فَرِحوا بما أوتوا أخذناهم بغتةً فإذا هُم مُبلسون﴾ فأمهلناهم إتماماً للحُجّة عليهم حتّى إذا اغترّوا بملاذِّ الدُّنيا وطَغَوا فيها أخذناهم بغنةً بالعذاب فإذا هم مُتَحيِّرين ومَطرودين كإبليس . (فقُطع دابَر القوم الذين ظلموا والحمد لله ربِّ العالمين﴾ فبعد ذلك استأصلنا جذور الظالمين وهكذا سنفعل بالظالمين لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) والحمد لله ربِّ العالمين على ذلك ، وعندما يُفنيهم المهديُّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) بسيفه سيقول الناس : الحمدُ لله ربِّ العالمين .
﴿قُل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وخَتَم على قلوبكم﴾ قُل لمنکری ولاية علیٍّ ( عليه السلام ) : ما هو رأيکم لو أخذ سمعکم فأصمّکم ، وأخذ أبصاركم فأعماكم ، وخَتَمَ على قلوبكم فسلَبَكُم عقولكم ، ﴿مَن إلۤهٌ غير الله يأتيكم به اُنظر كيف نُصرِّف الآيات ثُمَّ هم يصدفون﴾ فإن فعل الله ذلك بكم مَن إلۤهٌ قادرٌ غير الله على أن يعطيكم السَّمع والبَصَر والفؤاد فلماذا تكفرون بنعمتِهِ فانظر يا حبيبي كيف نَشرح لهم الدّلائل ثُمَّ هُم يُعرضون عن عليٍّ ( عليه السلام ) .
﴿قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتةً أو جهرةً) قُل لمِنَ أعرَضَ عن ولايةِ عليٍّ ( عليه السلام ) : أرأيتم لو جاءَكم العذابُ من الله بسيفِ المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) من آل محمدٍ ( عليه السلام ) يُباغتكم أو يُعلِن الثَّأرَ مُنادياً يا لثارات جدّتي فاطمة ( عليها السلام ) ، ويا لثارات الحسين ( عليه السلام ) ، ﴿هل يهلك إلاّ القوم الظالمون﴾ فهل ، وذلك سؤال بيانٍ ، يُهلَكُ بسيف المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) الثائر المُنتقم إلاّ القوم الذين ظلموا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ولم يوالوهم وظلموا شيعتهم ؟؟ (وما نُرسل المرسلين إلاّ مبشِّرين ومُنذرين﴾ وقيام المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) حتميٌّ إذ أننّا لم نُرسِل المُرسَلين إلاّ مُبشِّرين للمؤمنين ومُنذرين لأعدائهم فلا يَشُدُّ رسول الإِسلام عنهُم فلا بُدّ من بشارةِ حكومةِ المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) للمؤمنين وانتقامهِ من الأعداء .﴿فَمَن آمَنَ وأصلَحَ فلا خوفٌ عليهم ولا هُم يحزنون﴾ فمن آمَن بولاية عليٍّ وأهل البيت (عليهم السلام) وأصلَحَ باتّباعه لهم وتشيُّعه لهم فلا خوفٌ عليه من عذاب الله فالمؤمنون من شيعة عليٍّ ( عليه السلام ) لا يحزنون يوم القيامة ، ﴿والذين كذّبوا بآياتنا يمَسُّهم العذاب بما كانوا يفسقون﴾ وأمّا الذين كذّبوا بآيات الله في القرآن النازلة بشأنِ عليٍّ وأهل البيت (عليهم السلام ) وفضائلهم يمسُّهم عذاب الله جزاءً على فسقهم وعدم موالاتهم لهم ، ﴿قُل لا أقول لكم عندي خزائنُ الله﴾ فيا حبيبي عندما يقولون : لولا أُنزل عليه كنزٌ قال لهم : أنا جئت لأدعوكم الى الله والجنّة : ولم أدَّع أنّ لي كنوز الأرض وليست الذّهب والفضّة والثروة ملاكٌ لدعوتي وهَدَفي ، ﴿ولا أعلمُ الغيب ولا أقول لكم إنيّ مَلَك﴾ وقُل لهم يا حبيبي : أنا لا أقول بأنّي لا أعلم الغيب بل الله أعلَمَني ذلك لكننّي بشرٌ ولا أقول انيّ من الملائكة ، ﴿إن أتَّبع إلاّ ما يُوحیٰ إليَّ﴾ فأنا لا أمتازُ عليكم بكوني من الملائكة بل لأنّي رسولٌ من قِبَلِ الله إن أتّبعُ ما يُوحیٰ إليَّ من الله في عليٍّ ( عليه السلام ) بواسطة جبرائيل ( عليه السلام ) ، ﴿قُل هَل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكّرون ؟﴾ فقُل لهم يا حبيبي : هل يستوي الأعمى والذي يبصر فإن قالوا لا فقُل : لهم : فَهَل يستوي من لا يرى الحقّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) ومَن يرى الحقّ مع عليٍّ ( عليه السلام ) وعليٌّ ( عليه السلام ) مع الحقّ أفلا تتفكّرون ؟؟ ﴿وأنذِر به الذين يخافون أن يحُشرون إلى ربهّم ليس لهم من دونه وليٌّ﴾ ويا حبيبي أنذِر بالقرآن الذي يخافون أن يحشرهم الله يوم القيامة وليس لهم غير عليٍّ ( عليه السلام ) وليٌّ يسألهم الله عن ولايته ، ﴿ولا شفيعٌ لعلّهم يتّقون﴾ وليس حينما يحُشَرون إلى ربِّهم ويُسألون عن ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) شفيعٌ لهم غيرَ عليٍّ ( عليه السلام ) فهو قسيمُ الجنّة والنار وشفيعُ يوم الجزاء فلعلّهم يتّقون ويُوالون عليّاً ( عليه السلام ) .
﴿ولا تَطرُد الذين يدعون ربهّم بالغداة والعشيّ يُريدون وجهَه﴾ فيا حبيبي إن يطلُب منك المنافقون أن تطرد سلمان وأبا ذرّ وبلال وعمّار والمقداد وأمثالهم فلا تفعل فإنهّم يخُلصون العبادة والطاعة لله وحده ، ﴿ما عليك من حسابهم من شيءٍ وما مِن حسابك عليهم من شيء﴾ فهؤلاء المؤمنون الذين يخُلصون العبادة لله هم شيعةُ عليٍّ ( عليه السلام ) وحزبه فليس عليك من حسابهم من شيءٍ فلا يُحاسبك اللهُ لماذا تُدنيهم منك وليس من حسابك عليهم من شيءٍ فلا تحُاسِبهُم عن دنوّهم منك ، ﴿فتطرُدَهم فتكون من الظالمين﴾ فإن أجَبتَ طَلَبَ المنافقين وطَردت سلمان وربعِهِ من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فتكون بذلك من الظالمين المعادين لعليٍّ أمير المؤمنين وشيعته ، ﴿وكذلك فَتَنّا بعضهم ببعضٍ﴾ وهكذا جعلنا بعض أصحابك فتنةً وامتحاناً لبعضٍ. فسلمان وربعِهِ يمتحنُ الله بهم سائر الصحابة وهم حُجّةٌ على غيرهم بتشيُّعهم لعليٍّ ( عليه السلام ) ، (ليقولوا أهؤلاءِ مَنَّ الله عليهم من بيننا﴾ فعندما تُدنيهم وتقرّبهم منك ، وتقول : سلمان منّا أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وهكذا تقول في أبي ذرّ، وتقول : أمرني الله بحُبّ أربعةٍ يقول سائِرُ الصّحابة : أهؤلاء مَنَّ الله عليهم من بيننا ؟ ﴿أليس الله بأعلم بالشّاکرين﴾ لماذا يستنكرون أن يكون سلمانٌ وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وربعهم قد مَنَّ اللهُ عليهم من بين الصحابة أليس الله بأعرف وأعلم بمن هو من الشّاكرين لله على نعمة ولاية عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ؟؟ ﴿وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا﴾ فيا حبيبي عندما يأتيك الذين يؤمنون بآياتنا كلّها بما فيها آيات الولاية والتّبليغ والتّطهير والمبُاهلة والمودّة وغيرها ، ﴿فقُل سلامٌ عليكم كتَبَ ربّكم على نفسه الرَّحمة﴾ فقُل لهؤلاءِ المؤمنين الخُلّص من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سلامٌ عليكم مِنَ الله فالسَّلام يُقرِئُكم السَّلام ويقول انّه كتَبَ على نفسهِ الرّحمة لَكُم ، ﴿انّه من عمل منكم سوءاً بجهالةٍ ثُمَّ تابَ من بعده وأصلَحَ فإنّه غفورٌ رحيم﴾ وقُل لهم انّ من الرّحمة التي كتَبَها الله لكم على نفسِهِ أنّه من عَمِلَ منكم أيّها الشيعة ذنباً دون إصرارٍ ثُمَّ تابَ منهُ وأصلَحَ العَمَل فيَغفر له ، ﴿وكذلك نفضّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين﴾ وبهذا الإمتياز لشيعة عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وربعه نشرَحُ الآيات النّازلة بحقِّ عليٍّ ( عليه السلام ) وفضله وفضل شيعته حتى يتَّضح بُطلان مذهب المجرمين المخالفين للشّيعة ، ﴿قُل إنّي نهُيت أن أعبُدَ الذين تَدعون من دونِ الله﴾ قل للمنافقين يا حبيبي : إنّ الله تهاني أن أُحِبّ وأُوالي وأُطيع مَن تطيعوه دون الله كأبي سفيان والحكم بن العاص ، ﴿قُل لا أتَّبع أهواءَكم قد ضَلَلتُ إذاً وما أنا من المهتدين﴾، قل لهم يا حبيبي إنّي لا أتبع أهواءكم بطردي لشيعة عليٍّ ( عليه السلام ) فإن أفعل فقد ضللت عن الحق والعدل ولست بذلك من المهتدين : ﴿قل إنّي على بيّنةٍ من ربّي وكذّبتم به﴾ قل لهم يا حبيبي : إني على بيّنةٍ وبُرهانٍ صادقٍ من ربّي على الدَّعوة إلى ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) لکنّکم کذّبتم بولايتهِ ، ﴿ما عندي ما تستعجلون به﴾ وقل لهم ليس عندی ما تستعجلون به من عذاب الله وانتقامه بل هو بيد المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه ) فسيأتيکم ما تستعجلون به عند ظهوره، ﴿ان الحکم إلا لله يقصّ الحق وهو خير الفاصلين﴾ فَحُكم ظهورِ المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) وقيامه هو بيد الله وإنّ الحكومة في زمانه لله فحكومُته حكومةُ الله واللهُ هو الحاكمُ بالحقّ وهو العادلُ في حكمه وقضائه ، ﴿قل لو أنّ عندي ما تستعجلون به لقُضِيَ الأمر بيني وبينكم والله أعلمُ بالظالمين﴾ قل لهم يا حبيبي لو أنّ عذابكم بسيف المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) كان أمرُهُ بيدي لأمَرتُ بظهوره وقُُضِيَ الأمر بيني وبينكم وهلكتُم والله يُهلِكُ بسيفِ المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) كلّ الظالمين لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وهو أعلمُ بهم منّي .
﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو﴾ وقُل لهم يا حبيبي : إنّ علامات وأسباب انتهاءِ غيبة المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه) عند الله ولا يعلم وقتها إلاّ الله وعِلمُنا من علمه، ﴿ويعلم ما في البَرّ والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلاّ يعلمها﴾ فعِلمُ الله ذاتيٌّ محيطٌ بما كان وما يكونُ وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة ويعلمُ ما في البَرّ والبحر من شيءٍ ويعلمُ بكلِّ ورقةٍ تسقط من الأشجار، ﴿ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رَطبٍ ولا يابسٍ إلاّ في كتابٍ مبين﴾ والله عالمٌ بكلِّ حبّةٍ في باطن طبقات الأرض ولا من نباتٍ ولا جمادٍ إلا وعلمه مدوَّنُ في اللوح المحفوظ عند الله ، ﴿وهو الذي يتوفّاكم بالليل ويعلمُ ما جرحتُم بالنّهار ثُمَّ يبعثكم فيه﴾ فالله سبحانه إضافةً على علمه هذا قادرٌ قديرٌ مهيمنٌ عليكم إذ هو الذي يُلقي النّوم عليكم بالليل قهراً وهو عالمٌ بأعمالكم في النهار حيث يبعثكم من النوم فيه ، ﴿ليقضى أجل مسمّىً ثُمَّ إليه مرجعكم ثُمَّ يُنبّئكم بما كنتم تعملون﴾ فيبعثكم الله من النّوم الذي هو الموت الأصغر حتّى تنقضي آجالكم المُعيَّنة الحتميّة ثُمَّ بعد الموت ينبّئكم بما كنتم تعملون في حياتكم ، ﴿وهو القاهرُ فوق عبادِهِ ويُرسِل عليكم حفظةً﴾ فالله سبحانه هو القاهرُ لعباده بالموت والقاهِرُ لهم بالتّكليف ويُرسل عليهم حفظةً تُسجل وتكتُب أعمالهم وأقوالهم ، ﴿حتى إذا جاء أحدكم الموت توفَّته رسلنا وهم لا يفرّطون﴾ فحينما يحينُ أجلُ أحدكم ووقتَ موته تُسلِّمه ملائكة الله إلى قابض الأرواح فيقبض روحه والملائكة لا يعصون أمر الله ، ﴿ثُمَّ رُدّوا إلى الله مولاهم الحق﴾ ثم بعد أن توفَّتُهم الملائكة سوف يُرَدّون إلى حساب الله يوم القيامة فيُبعثون ، واللهُ هو الخالقُ المدبِّر لهم حقاً و مالِكُهم ، ﴿ألا لهُ الحُكمُ و هو أسرعُ الحاسبين﴾ ألا فليعلم النّاس كلّهم أنّ الحُكم لله في يوم القيامة وهو الحكمُ العدل وهو أسرع الحاسبين لحساب خلقه وعباده ، ﴿قُل من يُنجيّکم من ظلمات البرّ والبحر تدعونَه تضرّعاً وخفية﴾ فقل لمن يُشرك بعبادة الله وطاعة غيره من الَّذين يُنجّيكم حينما تضلّون في الصحاري والبحار حينما تستغيثون به وتتضرَّعون خوفاً من الهلاك والغرق سرّاً؟؟ ﴿لَئِن أنجانا من هذه لنکونَنَّ من الشاکرين﴾ فتدعون الله وتقولون لَئِن أنجانا اللهُ من هذا الخَطَر وهذه الورطة والمهلكةِ فَنَتَعهَّد أن نكون من الشاكرين لفضله ، ﴿قُل اللهُ يُنجيكم منها ومِن كلِّ كربٍ ثُمَّ أنتم تشركون﴾ قل لهم يا حبيبي : إنّ الله يستجيبُ دعاءکم و استغاثتکم حينئذٍ و يُنجّيكم من المَهلَکَةِ وهو الذي يُنجّي من كلٍّ كَربٍ فمع ذلك بعد النجاة ترجعون إلى الشرك ، ﴿قل هو القادرُ على أن يبعَثَ عليكم عذاباً من فوقكم﴾ قل لهم يا حبيبي وأنذِرهم بأنّ الله هو قادرٌ على أن يُرسِل عليكم الصّاعقة من السماء فتُحرقكم أو يمُطركم بالحجارة بطيرٍ أبابيل ، ﴿أو من تحتِ أرجلكم أو يلبسكم شِيَعاً ويُذيقَ بعضكم بأس بعضٍ﴾ وهو القادر أن يبعثَ عذاباً من تحت أرجلكم كالخَسفِ والزّلازل والطّوفان أو يلبسكم ذلّ التفرقة والتشتّت ويذيق بعضكم أذى البعض الآخر وقتاله ، (أُنظُر كيف نُصرِّف الآيات لعلّهم يفقهون﴾ فإذا كانت أُمّتك يا رسول الله يخافون عذاب الله ولا يُريدون ذلّ التفرقة والتمزُّق فليتمسّكوا بالقُرآن والعِترة ويَدَعوا سائر المذاهب فانظُر کيف نَشرَحُ لهم الآيات والبراهين لعلّهم يفقهون ويفهمون ، ﴿وكذَّب بهِ قومك وهو الحقّ قُل لستُ عليكم بِوكيل﴾ وكذَّب بعليٍّ ( عليه السلام ) و فضله وولايته وإمامته قومك من قريشٍ تَيمٌ وعَدِیّ وبني أُميّة ولكنّ علياً هو الحقّ فالحقُّ مع عليٍّ ( عليه السلام) وعليٌّ (عليه السلام ) مع الحقّ ، فقُل لهم : لستُ بمُجبِركم عليه أو مكرهكم !!! ﴿لكلِّ نبأ مُستَقَرٌّ وسوف تعلمون﴾ فقُل لهم يا حبيبي : إنّ لكلّ نَبإٍ من أنباءٍ عليٍّ ( عليه السلام ) وأيّامه مُستقَرٌّ وموعدٌ مُحدَّدٌ يوم يقوم ولده القائم المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) فسوف تعلمون ما فائدةُ ولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وما نَفعُه . ،
﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرِض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ فيا حبيبي حينما تَرى المنافقين يخوضون في حديثِ المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) وفي الآيات النازلة في شأن أهل البيت ( عليهم السلام ) ويتناولونها ويُحرّفونها فأعرِض عنهم واستنكِر عليهم ذلك ولا تجُالِسَهُم حتى ينتهوا منه ، ﴿وإمّا يُنسينَّكَ الشيطانُ فلا تقعُد بعد الذِّكرى مع القوم الظالمين﴾ فيا حبيبي عندما يتعهَّد لك عدوٌّ عليٍّ ( عليه السلام ) فلان الشيطان أن لا يخوضوا في حديثه فتُجالسهم ثُمَّ يبدأوا بالخوض بالباطل فتذكَّر الشّرط له فبعده لا تجلُس مع أعداءِ عليٍّ ( عليه السلام ) الظالمين ، ﴿وما على الذين يتَّقون من حسابهم من شيءٍ ولكن ذكرى لعلّهم يتّقون﴾ وإذا جالسَ الشيعة المتّقون القوم الظالمين لمصلحةٍ أو تقيّةٍ فليس من حساب ظُلمِهِم عليهم شيئاً ولكنْ بِشَرطِ أن يُذكّروهم بالله لعلّهم تُؤثِّر فيهم فيتّقون الله ، ﴿وذَرِ الذين اتخّذوا دينهم لَعِباً ولهواً وغرَّتهُمُ الحياةُ الدنيا﴾ فيا حبيبي إن لم تتمكَّن من هداية المنافقين ولم تتمكَّن من رَوعِهم عن الغيّ والضَّلال فدَعهم وذَرهُم يخوضوا ويلعبوا ويُلهيهم الأمل فلا يَفرّون من العقاب ، ﴿وذَكِّر بهِ أن تُبسَل نفسٌ بما کَسَبت ليس لها من دون الله وليٍّ ولا شفيع﴾ فيا حبيبي عليك أن تُذكِّر الأمّة بعليٍّ ( عليه السلام ) وولايتِه وحقِّهِ وفضلِهِ وتُنذرهم بيوم القيامة حيث تُلزَمُ كُلّ نفسٍ عَمَلها ليس لها دون الله وأوليائه من وليٍّ وشفيعٍ. يُنَجِّيهم ، ﴿وإن تعدل كلَّ عدلٍ. لا يؤخذ منها أُولئك الذين أُبسلوا بما كسبوا﴾ وذكِّرهم بولاية عليٍّ ( عليه السلام ) وأهميّته فلو أنّ من لم يواليه يعدِل تمام العدل كعُمر بن عبد العزيز مثلاً لكنّه لا يتمسّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) لا يُفيدُهُ ذلك ويُلزَم بما عَمِل من ترك التشيّع ، ﴿لهم شرابٌ من حميمٍ وعذابٌ أليمٌ بما كانوا يكفرون﴾ فالذين لا يوالون عليّاً والأئمة المعصومين من أهل البيت ( عليه السلام ) لهم يوم القيامة شرابٌ من صَديدِ النار المُحمیٰ وعذابٌ أليمٌ في جهنّم بما كانوا يكفرون بولاية عليٍّ ووُلدِه ( عليهم السلام ) ، ﴿قُل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرّنا﴾ قل لهم يا حبيبي بإستفهام إنكاري هل ندعو وليّاً من دون الله أن يُعيّنه الله فنتّخذ إماماً غير عليٍّ ( عليه السلام ) لا تنفعنا إمامته ولا يضرّنا الإعراض عنه ، (ونُردّ على أعقابنا بعد إذ هَدانا الله﴾ وقُل لهم إستنكاراً هل يجوز أن نرتدَّ على أعقابنا بعد أن بايعنا عليّاً ( عليه السلام ) بالولاية وهدانا الله بولايته فنضلّ بترك ولايته ، ﴿كالّذي استهوته الشياطين في الأرض حيران﴾ فهل يجوز وقطعاً لا يجوز أن أكون كالمنافق الذي استهوتهُ شياطين الإِنس والجنّ ودَعَتهُ لمُتابعة الهوى ومخالفة عليٍّ (عليه السلام ) فهو فاقدٌ لِبَصيرَتِهِ حيرانٌ تائِه ، ﴿لهُ أصحابٌ يدعونه إلى الهُدى ائتِنا﴾ ومع أنّه محُاطٌ بالشياطين الذين يدعونه إلى ترك عليٍّ (عليه السلام) ومتابعة الهوى لكنّ لهُ أصحابٌ يدعونه الى ولاية عليٍّ (عليه السلام) والهُدى ويقولون تَعالَ معنا واتّبِع عليّاً ( عليه السلام ) ، ﴿قُل إنّ هُدى الله هو الهُدى﴾ فقل لأُِمّتك يا حبيبي : إنّ هُدى الله وأمره باتّباع عليٍّ ( عليه السلام) وموالاته هو الهُدیٰ وليس أتّباع غيره هُدىً من الله بل هو ضلالٌ ، ﴿وأُمِرنا لِنُسلمَ لِربِّ العالمين﴾ وقل لهم نحن جميعاً، أنا وكلّ مسلمٍ آمنَ بالله أُمِرنا أن نطيع ونُسلِم لأوامِر الله ربّ العالمين فنُوالي علياً ( عليه السلام ) ونؤمن بولايته ، ﴿وأن أقيموا الصلاة واتّقوه وهو الذي إليه تحُشرون﴾ وقل لهم أُمِرنا أن نقيم الصلاة وشرط قبولها الولاية وأُمرنا بتقوى الله وهي متابعة عليٍّ ( عليه السلام ) والتمسُّك بالقرآن والعترة وأخبرهم بأنهّم الى الله يحُشرون .
﴿و هو الذي خلقَ السماوات والأرض بالحقّ﴾ فالله سبحانه هو الخالقُ العادلُ الذي خَلَق السماوات والأرض بالحقّ فلذلك أمركم بالعدل ، ﴿ويوم يقول كن فيكون قولُه الحقّ وله الملك﴾ فلِلّه الولاية التكوينية الذاتية التامة المطلقة على كل شيءٍ فلهذا منَحَ الولاية لنبيّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والأئمة من آله ( عليهم السلام ) فإذا أراد البعث يقول كُن فيكون ، ﴿يوم يُنفخ في الصّور عالم الغيب والشهادة وهو الحکيم الخبير﴾ فعندما يأمرُ الله سبحانه بالحشر ويريد بعث الخلائق ينفخُ إسرافيل في البُوقِ بميدان الحشر فيقوم الناس للحساب فالله هو عالمٌ بالساعة وعالمٌ بالشُّهود والغُيوب وهو حکيمٌ خبيرٌ في خَلقِه .
﴿وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتَّخذ أصناماً آلهة﴾ وتذكَّر يا حبيبي حينما قال ابراهيم النبیّ خليل الرَّحمن لعمّه الذی ربّاه وهو آزر أخو تارِخ والدُ إبراهيم مستنكراً أتتّخِذ الحجر المخلوق آلهةً بدل الخالق المُتعال ، ﴿إنّي أراك وقومك في ضلالِ مبين﴾ إنّي أراك باتخّاذك الأصنام آلهة واتخّاذها قومك آلهة في ضلالٍ واضحٍ عن الحقّ والعقل والهُدیٰ والصَّواب ، ﴿وكذلك نُري إبراهيم ملکوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين﴾ فعندما لم يُشرِك إبراهيم بالله لحظةً بل وَحَّدَ الله تعالى ونَهیٰ عن الشِّرك أزاحَ الله عن عينه الغِطاءَ فأراهُ السماوات السَّبع وما فيها والأرضين وما فيها ورأى الأربعة عَشَر الأنوار المحُدقة بالعرش ، ﴿فلمّا جَنَّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربّي ؟﴾ فإضافةً على عبادة عمّه للأصنام كان قوم نمرودٍ بعضهم يعبد الکواکب فلمّا حان الليل ورأی الکواکب قال إبراهيم مُستهزءاً مُستنكراً أهذا ربّي ؟ ﴿فلمّا أَفَلَ قال لا أُحبّ الآفلين﴾ ولمّا كان الصَّباح وأفَلَ الكوكب وغابَ عن الأنظار خاطَبَ من يعبدوه قائلاً لو كان ربّاً لما أفَلَ فأنا لا أُحِبّ الآفلين العاجزين عن البقاء دوماً ، ﴿فلما رأى القَمَر بازغاً قال هذا ربّي﴾ وكان بعض الناس يعبُد القمَر ويتّخِذه إلهاً فلمّا نظَرَ إليه إبراهيم قال ساخراً لهم أهذا ربّي ؟؟ ﴿فلمّا أفَلَ قال لَئِن لم يهدِني ربّي لأكونَنَّ من القوم الضالين﴾ فلما أفل القمرُ وغاب عن الأعين قال مثل قوله في الكوكب ووجَّه كلامَهُ لعُبّادِ القمر قال لَئِن لم يهدني ربّي إليه لأكون مثل هؤلاء ضالاً عن الحقّ ليُلفِتَهُم إلى غيّهم، ﴿فلمّا رأى الشمس بازغةً قال هذاربّي هذا أكبر﴾ وكان قسمٌ من الناس يعبدون الشمس في زمانه فكما استدلَّ على الكواكب والقمر استدلّ على الشمس فقال مُستهزءاً أهذه ربّي ؟؟ ﴿فلمّا أفَلَت قال يا قوم إنّي بريءٌ ممّا تشركون﴾ فلمّا أفلت الشمس وغابت استدلّ على عدم كونها آلهة بغيابها وعجزها عن بقائها دواماً فحينئذٍ قال : يا قوم إنّي بريءٌ من كلّ ما تُشركون بالله ، ﴿إنّي وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض﴾ فلمّا أعلَن براءته ممّا يشركون أعلن توحيده لله وإيمانه وعبادته له قائلاً إنّي أتوجَّهُ بالعبادة لمن خلق السماوات والشمس والقمر والكواكب وخلق الأرض ومن فيها ، ﴿حنيفاً وما أنا من المشركين﴾ فأنا على الدّين الحنيف وهو الإسلام الذي كان عليه آدم ونوح وسائر الأنبياء والمرسلين ولستُ أنا من المشركين بالله شيئاً، ﴿وحاجَّه قومه قال أتحُاجّوني في الله وقد هداني﴾ فلمّا أعلن براءته من شركهم وأعلن توحيده لله وأعلن دينه الإسلام حاجَجَهُ وناظَرَه قومه أن كيف تعبُد من لا تراه ولا يُرى ؟ قال لهم ما فائدة احتجاجكم هذا بعد أن هداني الله لتوحيده ؟ ﴿ولا أخاف ما تُشركون به إلاّ أن يشاء ربّي شيئاً﴾ وقال لهم بعد أن خوّفوه من حوبة الأصنام وأذاها قائلاً إنّي لا أخاف منها لأنهّا عاجزةٌ نَعَم إذا شاء الله أن يصِلُني أذىً فذلك محُتملٌ ، ﴿وَسِعَ ربّي كلّ شيءٍ علماً أفلا تتذكّرون﴾ فالله ربّي هو قادرٌ على كلّ شيءٍ فهو الذي ينفع ويضرّ لمن شاء ومتى شاء وأين شاء وهو أعلم بالمصالح أفلا تتذكّرون أنّ الأصنام ليست كذلك ، ﴿وكيف أخافُ ما أشركتم ولا تخافون أنّكم أشرکتم بالله﴾ فقال لهم كيف أخاف ما أشركتم وهي الأصنام والأوثان التي لا تنفع ولا تضرّ وهي عاجزةٌ ولا تخافون من الله الذي ينتقم من الذين يُشركون به ويُعاقبهُم ؟ (ما لم يُنزل به عليكم سلطاناً فأيّ الفريقين أحقُّ بالأمن إن كُنتم تعلمون﴾ فإنّ شرككم بالله لم يكن بتجويزٍ من الله حتى لا تخافونه وتأمنون عقابه ولكنّني آمِنٌ من ضُرّ الأوثانِ فأيّنا أولى بالأمن من الضَّرَر لو لم تكونوا جاهلين ؟ ﴿الّذين آمنوا ولم يلبِسوا إيمانهم بِظُلمٍ﴾ فيا حبيبي يا رسول الله ان الذين آمنوا بالله وبولايتك وولاية عليٍّ وأهل البيت (عليهم السلام ) ولم يخلطوها بولاية فُلانٍ وفُلانٍ من خلفاء الجور ولم يظلموا أحداً ، ﴿أُولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾ فهؤلاء المؤمنون المُخلصون من شيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لهُم الأمنُ في الدنيا والآخرة وهُم المهتدون الفائزون السُّعداء.
﴿وتلك حُجَّتنا آتيناها إبراهيم على قومه﴾ فيا حبيبي إنّ استدلال إبراهيم على قومه بلزوم خوفهم من الله وعدم خوفه ممّا يشرکون هي حُجّتنا آتيناها إبراهيم بالوحی ليُفحِم بها قومه ، ﴿نرفعُ درجاتٍ من نشاء إنّ ربک حکيمٌ عليم﴾ فنحن نرفع درجات إيمان من نشاء كما رفعنا درجات إبراهيم ورفعناه الى درجة الإمامة بعد درجة النبوّة والخلّة إنّ الله حکيمٌ من منحهِ الدرجات عليمٌ بن هو أهلٌ لها ، ﴿ووهبنا له إسحاقَ ويعقوب كُلاًّ هدينا﴾ ويا حبيبي لقد وهبنا لإِبراهيم من زوجته العاقرة إسحاق ومن إسحاق يعقوب وقد أعطيناهما العصمة والنبوّة والرسالة ، ﴿ونوحاً هدينا من قَبلُ﴾ وقد سَبَقَ أن هدينا نوحاً قبلَ إبراهيم بالعصمة فتوصَّل إلى نبوّتنا واجتبيناهُ لرسالتنا ، ﴿و من ذرّيته داوودَ وسليمان وأيّوب ويوسف وموسى و هارون﴾ فيا حبيبي لقد وهبنا لإبراهيم من نسله وذريّته أنبياء ومُرسلين کداود وسليمان وأيّوب ويوسف بن يعقوب وموسى بن عمران وهارون ، ﴿وكذلك تجزي المحسنين﴾ وهكذا يكون جزاؤنا لأوليائنا المعصومين وأرسلنا الذين يحُسنون أداء رسالتهم وهكذا سنجزيك فنجعلُ الإمامة في ذرّيتك ، ﴿وزكريّا ويحيى وعيسى وإلياس كلٌّ من الصالحين﴾ فيا حبیبي لقد جعلنا من ذرية إبراهيم أنبياء وأولياء كزكريّا ويحيى إبنه وعيسى وإن لم يكن له أبٌ فهو ذرية لإِبراهيم من مريم وهكذا الأئمّة من ذريتك من فاطمة و إلياس أيضاً ، ﴿وإسماعيل واليسَع ويونس ولوطاً وکُلًّا فضّلنا على العالمين﴾ ووهبنا لإِبراهيم من أهل بيته إسماعيل إبنه واليسَعَ ويونس بن متّى ولوطاً إبن اُخته وكلّ هؤلاء كانوا أفضل أهل زمانهم فيشترط أن يكون الإِمام والنبيّ أفضل الناس فلا ينالها غير أهل بيتك ( عليهم السلام ) ، ﴿ومن آبائهم وذرّياتهم و اخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراطٍ مستقيم﴾ فمن هؤلاء المعصومين مَن فضَّلناهُم على غيرهِم كما فضَّلنا آباءهم وأولادهم وإخوانهم واجتبيناهم للرسالة وهديناهُم بالعصمة إلى طريق الحقِّ والعدل ، ﴿ذلك هُدیٰ الله يهدي به من يشاء من عباده﴾ فيا حبيبي إنّ تفضيل الأنبياء والأئمّة على الناس واجتبائهم وهدايتهم بالعصمة الى طريق الحقِّ والعدل هو هدى الله يختصُّ به من يشاء وليس باختيار الناس ، ﴿ولو أشركوا لحَبَط عنهم ما كانوا يعملون﴾ فيا حبيبي لو كان هؤلاء المعصومين يُشركون لحظةً واحدةً مُنذ صغرهم حتّى آخر عُمرِهِم لأحبَطَ الله دينهم وعصمتهم ورسالتهم وولايتهم فالمُشرك لا ينالها أبداً.
﴿أُولئك الذين آتيناهم الكتاب والحُكم والنبوّة﴾ فيا حبيبي إنّ من سمّيناهم ووصفناهم هُمُ الذين آتيناهم الوحي والتنزيل وآتيناهم الولاية والإمامة وآتيناهم النبوّة والرسالة ولا نؤتيها من أشرك ، ﴿فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكّلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين﴾ فإن يكفر بالولاية والإمامة والإِجتباء والتفضيل والعصمة هؤلاء المنافقون فاطمئنّ يا رسول الله إنّا وكّلنا للايمان قوماً من أهل بيتِك (عليهم السلام) وشيعتهم ليسوا بها بكافرين ، ﴿أُولئك الذين هَدی الله فبِهُداهُم اقتدِه﴾ فأهل بيتك ( عليهم السلام ) هم قومٌ وكّلناهم بالولاية والإمامة فأُولئك الأئمة الإِثنا عشر الذين هداهُم الله كما هدى الأنبياء بالعصمة فبِهداهُم اقتدي يا حبيبي ، ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إن هو إلاّ ذكرٌ للعالمين﴾ فقُل لأُمّتك يا حبيبي أنا لا أطلب منكم أجراً على رسالتي وأتعابي مالاً أو ذهباً أو فضةً وإنمّا آمُرُكم بالمودّة في قُربايَ والتمسُّك بأهل بيتي وذلك تذكيرٌ للبشريّة جمعاء ، ﴿وما قَدَروا الله حَقَّ قدرِهِ إذ قالوا ما أنزلَ الله على بشرٍ من شىء﴾ إنّ هؤلاء الكفّار والمنافقون يا حبيبي ما عَرفوا قدرالله وعظمته وقُدرته ولُطفه بعباده وإرساله الوحي إليهم حيث قالوا ما أنزل الله الوحيَ على بشرٍ أبداً ، ﴿قُل مَن أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهُدىً للناس﴾ فقُل لهم إن كنتم تنكرون نزول القرآن فهل تنكرون التوراة فمن الذي أنزلها من قبلُ على موسى بن عمران لكي يُبلِّغ شريعتها بني إسرائيل لهدايتهم ونجاتهم من ظلمات الكفروالجهل ؟ ﴿تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤکم﴾ فأنتم استنسختم التوراة في الأوراق ثُمَّ تُظهرونها للناس حينما تريدون أن تعارضوا القرآن وتخُفون الآيات المُبَشِّرة بمحمدٍ وعلمتم فيها أنّ هارون إمامٌ وخليفة موسى ، ﴿قل الله ثمَّ ذَرهم في خوضهم يلعبون﴾ فعندما تسألهم من أنزل التوراة قُل لهم إنّ الله أنزلها فكيف تقولون أنّ الله لم يُنزل الوحي على البَشر وانّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) نَصَبَ عليّاً ( عليه السلام ) من تلقاء نفسه بل هو وحيٌ من الله ثم دعهم وما يقولون وما يفعلون .
﴿وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ مصدّقٌ الذي بين يديه﴾ فقل لهم إنّ هذا القرآن أنزلهُ الله عَلَیَّ بواسطة جبرائيل وهو کتابٌ مباركٌ قراءتُهُ وتطبيقُهُ والنَّظر فيه والإِستماع إليه والتمسُّك به للمؤمنين وهو مصدِّقٌ بالتوراة والإِنجيل والزّبور ، ﴿ولِتُنذِر أُمّ القُرى ومن حولها﴾ وهذا القرآن يا حبيبي أنزلناء لتُنذِر بِهِ أهل مكّة والمدينة والطائف ومُدُن الحجاز واليمن وغيرها تُنذرهم من عقاب الكفر والشرك وجزاءِ ترك ولاية عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ﴿والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهُم على صلاتهم يحافظون﴾ والذين يؤمنون بالآخرة ويخافون الحساب يوم القيامة ويخافون النار ويأملون دخول الجنّة يؤمنون بالقرآن والعِترة وهُم على صلواتهم وصِلاتهم بالعترة يحافظون ، ﴿ومن أظلم ممَّن افترى على الله كذباً أو قال أُوحيَ إليَّ ولم يُوحَ إليه شيء﴾ أيّها المسلمون لا يوجد ظالمٌ أظلم ممّن افترى على الله كذباً ولفّق على الوحي من عنده ، ﴿ومن قال سأُنزِل مِثلَ مأنزَلَ الله﴾ أو كمن قال : سأختَلِق مثل آيات القُرآن فقال : الفيلُ ما الفيل ، وما أدراكَ ما الفيل ، لهُ خرطومٌ طويل وعاجٌ جميل ، كي يُضاهي بها سورة الفيل وأين الهذيان من الوحي ؟؟!! (ولو تَرى إذ الظالمون في غَمَرات الموت والملائكة باسطو أيديهم﴾ فلو كنتَ تشهَد يا حبيبي نزع روح الظالمين عندما هُم في غمرات الموت يتيهون و يغرقون فتذهب جبروتهم وطُغيانهم هباءً وملائكةُ العذاب ينتزعون بأيديهم أرواحهم بشدّةٍ ، ﴿أخرجوا أنفسكم اليوم تجُزَون عذاب الهون بما كنتم تقولون﴾ فتُخاطبهم ملائكة العذاب حين انتزاع أرواحهم الخبيثة أخرجوا أنفسكم خلافاً و رغماً لکم فی حُبّکم لها فاليوم نجُازيکم عذاب المذلّة بما کنتم تنکرون من الوحي و النبوّة والولاية ، ﴿على الله غير الحقّ وكنتم عن آياته تستكبرون﴾ فكنتم تقولون انّ الله لم يوحِ إلى محمدٍ ما يقوله بشأنِ عليٍّ وأهل بيته ( عليهم السلام ) وقولكم باطلٌ على الله وكنتم عن آيات الله النازلة بشأنِه وفضلِه تستكبرون .
﴿و لقد جئتمونا فُرادی کما خلقناکم أوّل مرّةٍ وترکتم ما خَوّلناکم وراء ظهوركم﴾ فعندما يحُشرون الى الله سبحانه للحساب والعقاب يخُاطبهم عزَّ وجلّ لقد کنتم مُغتَرّين بِعَددِکم وعُدّتکم ومجتمعين علی الباطل فاليوم حشرناکم فُرادی عُزَّل ، ﴿وما نری معکم شفعاءکم الذين زعمتم أنهّم فيکم شرکاء لقد تقطَّع بينكم وضلَّ عنكم ما كنتم تزعمون﴾ فأنتم كنتم في الدّنيا عصابة مجتمعة على عِداء أهل البيت ( عليهم السلام ) لكنّكم اليوم فُرادى أليس معكم خلفاءكم الذين حسبتموهم شفعاء وزعمتم أنهّم شركاءُ عليٍّ وولدِهِ ( عليهم السلام ) في الإِمامة لقد افتَرقتُم وذَهب زعمكم هباءً ﴿إنّ الله فالقُ الحَبّ والنَّوى يخُرِجُ الحيّ من المَيّت ومخُرِجُ المَيّت من الحيّ ذلكم الله فأنّي تُؤفَكون﴾ بالتأكيد إنّ الله هو الخالقُ من النُّطفَةِ والبُوَيضة والبَذرِ، وهو يخُرج المؤمن من الكافر، والطيّب من الخبيث ويخُرج الكافر من المؤمن ، كإبن نوحٍ فالله هو القادر فكيف تُنكرون قدرته ؟ ﴿فالقُ الإِصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم﴾ وتتجلّى قدرة الله في الخلق والإِبداع انّه يفلق النور عن الظُّلمة في الصباح وانّه يُلقي النوم على الناس ليلاً ليسكنوا وجعل الشمس والقمر منشأ تاريخ الأيّام والأشهُر والسنين بعزّته وقُدرته وعلمه ، ﴿وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البرّ والبحر قد فصّلنا الآيات لقوم يعلمون﴾ فكما أكَّدَ اللهُ ، جَعَلَ الشَّمس والقَمَر نوراً وضياءً للبَشَر كذلك جَعَلَ الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) نجوماً في سماءِ الدّين لتهتدوا بهم من ظُلمات الشرك والنفاق في البرّ والبحر ، وهكذا فصَّلنا الدّلائل على إمامتهم لمن لا يجهلها ، ﴿وهو الذي أنشأكم من نفسٍ واحدةٍ فمُستَقَرٌّ ومستودع قد فصّلنا الآيات لقوم يفقهون﴾ والله سبحانه هو الذي خلق الناس كلّهم وجعلهم مخُتارين في أنفسهم من دون جبرٍ ولا تفويض فمنهم من هو مستقرُّ الإيمان ومنهم مستودعه غيرُ ثابتٍ عليه وبهذا شرحنا الدّلائل لمن يفهمها مِنهم ، ﴿وهو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به نبات كلّ شيءٍ فأخرجنا منه خَضِراً﴾ والله سبحانه القادر المتعال هو الذي أرسَلَ الأمطار فسقى بها جميع النباتات وبذورها فاعشوشبت واخضرَّت ونبتَت وأمرَعت ، ﴿نخُرج منه حبّاً مُتراكباً ومِنَ النَّخل من طلعها قنوانٌ دانيةٌ وجنّاتٍ من أعناب والزّيتون والرُّمان﴾ ومن هذه المزروعات والنباتات نخُرج من الأرض اليابسة بعد سقيها بالأمطار الحبوب والبقول المتراكمة ونخُرج من النخل وطلعها رُطبٌ وتمرٌ متدلّية ونخُرج باستين من الفواكه كلّها ، ﴿مشتبهاً وغير متشابه اُنظروا إلى ثَمَرهِ إذا أثمَر وينعِه إنّ في ذلكم لآياتٍ لقومٍ يؤمنون﴾ وهذه الفواكه المتنوّعة كالأعناب والزيتون والرُّمان فيها ما يشبهُ بعضها البعض ومنها ما لا تتشابه فتدبَّروا حيثما تُثمِر أشجارها وتنضج كي تعرفوا قدرة الله وعظمته ففي ذلك آياتٌ للوحدانيّة يفهمها المؤمنون .
﴿وجعلوا لله شركاءَ الجنّ وخلقهم ، وخرقوا له بنينَ وبنات بغير عِلمٍ سبحانه وتعالى عمّا يصفون﴾ فمع هذه القدرة العظيمة لله جعل المشركون لله الجنّ الذين هم مخلوقين لله شركاءه واختلقوا لله بنين كعُزيرٍ والمسيح وبنات كالملائكة بدون دليلٍ و بُرهانٍ والله منزَّهٌ ومتعال عمّا ينسبون له من شريک ، ﴿بديع السماوات والأرض أنيّ يكون له وَلَدٌ ولم تكن له صاحبةٌ وخلق كل شيء وهو بكلِّ شيءٍ عليم﴾ فالله سبحانه هو خالق السماوات والأرض ومبتدعها ومصوّرها فهو غنيٌّ بالذات فكيف يكون له ولدٌ ولم يتزوَّج وهو خالقُ الخلق جميعاً وهو عالمٌ بخلق كل شيءٍ يشاؤه ، ﴿ذلكم الله ربّكم لا إله إلاّ هو خالق كلّ شيءٍ فاعبدوه وهو على کلّ شیءٍ وکيل﴾ فالله هو الخالق الباریء المصوّر المبدع المدبِّر الحکيم الغنیُّ المقتدر الواحد الأحد فذلكم الله ربّكم ليس له شريكٌ ولا ربٌّ سواه وهو خالقُ الأشياء كلّها فيجب أن تعبدوه فهو المولى وهو مدبِّر الأشياء كلّها، ﴿لا تُدركُهُ الأبصار وهو يُدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾ فالله عزّ وجلّ الذي هذه أوصافه هو مدرِكٌ بالذات فيُدرك جميع الحركات والخطرات والنيّات سيّما النظرات ولكنّ الأبصار لا تُدرِكُه ولا تراه وهو لطيفٌ بعباده خبيرٌ بخلقه .
﴿قد جاءكم بصائرُ من ربّكم فمن أبصر فلنفسه ومن عَمِيَ فعليها وما أنا عليكم بحفيظ﴾ بالتأكيد أيّها الناس جاءكم الوحي يبصركم طريق الهدى عن العمى من ربّكم في القرآن فمن أبصر طريق الهُدى فقد اهتدى ومن عَمِيَ الطريق فقد ضلَّ وما أنا سوى هادٍ الى الهُدى ولستُ بمُجبِرُكم عليها ، ﴿وكذلك نُصرِّف الآيات وليقولوا درستَ ولنبيّنه لقوم يعلمون﴾ وهكذا نشرح الآيات ونوضحها لكم لكنَّ المنافقون والكفار يقولون عناداً إنّ محمدا درس القرآن عند الأحبار ومن يتمكَّن أن يأتي بمثل القرآن فنحن نُخاطِب بالقرآن المؤمنين لا الجُهّال .
﴿إتّبع ما أُوحيَ إليك من ربّك لا إله إلاّ هو وأعرض عن المشركين﴾ فيا حبيبي لا يهمّك قول المنافقين والمشركين ، بل اتّبع الوحيَ وأبلغهُ للناس فالوحيُ منهُ وحدهُ ولا شريک لَهُ فيه حتي جبرائيل فهو واسطةُ الوحی وليس شريکاً فيه فأعرِض عن قول المشركين ، ﴿ولو شاءَ الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً وما أنت عليهم بوكيل﴾ فلستَ يا حبيبي مسؤولاً عن شركهم إذ لو كان الله يجُبرهم على الإِيمان لما أشركوا ولكنّهم مخُيَّرون فأشركوا باختيارهم وما جعلناك عليهم حفيظاً تمنعهم بالجَبر عن الشِّرك ولستَ وكيلاً عليهم تجُبرهم على الإِيمان ،﴿ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدواً بغير علمٍ﴾ أيّها المؤمنون لا تسبّوا أئمّة الكفر وخلفاء الجور عند أتباعهم فيسبّوا أئمّتكم وبِسَبِّهم يُسَبُّ الله دون أن يعلموا بذلك أو يشعروا ، ﴿كذلك زيَّنا لكلّ أُمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربهّم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون﴾ وهكذا تركنا الشيطان يُزيّن لكلّ أُمّةٍ ظالمة سبّهم لأولياء الله ولله كمعاوية وبني أُميّة والمتوكّل العبّاسي وشاكلتِهِ ثُمَّ يحُشَرون أمام الله للحساب فيُخبرهم بما كانوا يعملون من الجرائم والسبّ ، ﴿وأقسموا بالله جَهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمننّ بها قل إنمّا الآيات عند الله﴾ وقد أقسم أبوسفيان و حزبه والمنافقون بالله وبذممهم لك يا حبيبي أن لو تجعل الصّفا ذهباً وتحُيي موتاهم فسيؤمنون برسالتك قل لهم يا حبيبي : إنَّ المعاجز بيد الله وإرادته لا باشتهائکم وارادتكم، ﴿وما يشعركم أنهّا إذا جاءت لا يؤمنون﴾ فيا حبيبي إنّك لو أنفقتَ ما في الأرض جميعاً لهم لما آمنوا ، فكيف يضمنون إن جعلنا الصّفا ذهباً يؤمنون ؟ بل إنهّم لا يؤمنون أبداً، ﴿ونُقلِّب أَفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا بهِ أوّلَ مرّةٍ ونَذَرُهُم في طغيانهم يعمَهون﴾ فنحن مُطَّلعون على ضمائرهم وقلوبهم وقلّبناها ظهراً لبطنٍ فهي مملوءةٌ كفراً وعناداً من بادىء الأمر حتى لو أريناهم المعجزة فهم في طغيان الكفر فَنَدَعُهم فيه تائهين ، ﴿ولو أنّنا نزّلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كلّ شيء قُبُلاً ما كانوا ليؤمنوا﴾ فهؤلاء راسخون في طغيان الكفر فلو أنزلنا إليهم ملائكتنا ليروهم وأحيينا لهم أمواتهم فكلّموهم وجعلنا الصّفا ذهباً ما كانوا ليؤمنوا بالله وبكَ وبأهل بيتك وعليٍّ ( عليه السلام ) ، ﴿إلاّ أن يشاء الله ولكنَّ أكثرهم يجهلون﴾ فهؤلاء ما كانوا ليؤمنوا طَوعَ رغبتهم وباختيارهم أبداً نَعَم إذا شاء الله أن يجبِرهم على الإيمان لآمنوا ولكنّ الله لا يجبر أحدا فأكثرهم يجهلون هذا ، ﴿وكذلك جعلنا لكلِّ نبيٍّ عدوّاً شياطين الإِنس والجنّ﴾ فهكذا يا حبيبي فإنّنا حينما اجتَبينا الرُّسُل وفضّلناهم على غيرهم فلازمُهُ أن يكون لهم أعداء فلكلّ نبيٍّ عدوٌّ من شياطين الإِنس والجنّ ولكلّ إمامٍ أيضاً، ﴿يوحي بعضهم إلى بعضٍ زُخرُف القول غروراً ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون﴾ فأعداءُ الله وأعداءُ رسوله وآله يتهامسون بينهم ويوحي بعضهم الى الآخر بشعارات برّاقة ناشئة من غرورهم كقولهم لك إنّك لتهجُر وقولهم حسبنا كتاب الله فلو أجبَرهم الله على تركه لما فعلوه فدعهم في أكاذيبهم ، ﴿ولتصغیٰ إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مُقتَرِفون﴾ وهذه الشعارات البرّاقة لا يصغي إليها ولا يهواها سوى المنافقين الذين لا يؤمنون بحساب يوم القيامة ويرضون بها ثُمَّ يتّبعونها
و يتركون الحقّ ويرتكبون الإِثم ، ﴿أفغير الله أبتغي حَكَماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مُفصّلاً﴾ فمن هو عادلٌ بالذّات ويقضي بالحقّ غير الله ؟ فكيف أبتغى حَكَماً غيره ؟ وهو الذي أنزلَ القرآن وفصَّل فيه بلزوم إتّباع أهل البيت ( عليهم السلام ) والموالاة لمحمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) .
﴿والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنّه مُنَزّلٌ من ربّك بالحقِّ فلا تكوننَّ من المُمتَرين﴾ وإنَّ محمداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) الذين آتيناهم القرآن وأنزلناه في بيتهم يعلمون أنّه وحيٌ مُنزَلٌ من الله بالحقّ بواسطة جبرائيل فلا تكُن مُداهناً للمنافقين المتشكّكين ، ﴿وتمَّت كلمة ربّك صِدقاً وعدلاً لا مُبَدِّل لكلماته وهو السميع العليم﴾ فيا حبيبي تمَّت كلمة الله ربّك في عليٍّ ( عليه السلام ) وولايته وولاية أهل بيتك ( عليهم السلام ) ووجوب تولّيهِم صدقاً و عدلاً منه ولا بداءَ فيه ولا تبديل لكلماته وهو سميعٌ لأقوالكم عليمٌ بأفعالكم .
﴿وإن تُطِع أكثر من في الأرض يُضلّوك عن سبيل الله إن يتّبعون إلاّ الظنَّ و إن هُم إلاّ يخرُصون﴾ فيا حبيبي لو تُطِع هؤلاء وأكثر الناس على وجه الأرض بما أنّهم ضالّون يُضلّون عن سبيل الله إذ أنهّم لا يتّبعون وحي الله بل يتبّعون ظنونهم و أهواءهم ولا يقولون إلاّ تَخَرُّصاً، ﴿إنَّ ربّك هو أعلم مَن يضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمُهتدين﴾ فيا حبيبي بالتأكيد إنّ الله أعلمُ مَن جميع الناس والأنبياء والملائكة والأولياء بمن يضلّ عن طريق الله و سبيله الذي هو ولاية أمير المؤمنين وأهل البيت ( عليهم السلام ) وهو أعلم بمن يهتدي إليهم وبِهِم . ﴿فكُلوا ممّا ذُكِر اسمُ الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين﴾ فيا أيّها المسلمون لَاَ تأكلوا الأموال المحرَّمة التي يُرشيكم بها خلفاء الجور لتتركوا متابعة أهل البيت ( عليهم السلام ) وتنحازوا إليهم بل عليكم بأكل الحلال وما ذُكِر عليه اسمُ الله من الذبائح إن كنتم تَدَّعون الإِيمان بالقرآن ، ﴿وما لكم ألاّ تأكلوا ممّا ذُكِرَ اسمُ الله عليه وقد فَصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلاّ ما اضطُررتم إليه﴾ فما لكم لا تُسلِّمون بيتَ المال للأئمّة حتى يُقسّموه بينكم بالعدل فتأكلوا الحلال ؟ بل تتّبعون خلفاءِ الجور وتأكلون الحرام وقد شَرَح لكم الله حُرمة ذلك إلاّ أن تضطرّوا إليه تقيّة ، ﴿وإن كثيراً ليضلّون بأهوائهم بغير علمٍ إنّ ربّك هو أعلمُ بالمعتدين﴾ وبالتأكيد إنّ كثيراً من مخالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) يُضلّون الناس بأهوائهم ورغباتهم دون أخذ العلم من أهل البيت ( عليهم السلام ) إنّ الله أعلمُ بأحوال المعتدين التاركين لولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
﴿وذَروا ظاهر الإِثم وباطنه إنّ الذين يكسبون الإِثم سيُجزَون بما كانوا يقترفون﴾ لكنّنا نخاطبهم أن دَعوا التجاهُر بالعداء لأهل البيت ( عليهم السلام ) ودَعوا النّفاق وإضمارَ العداءِ لهم إنّ الذين يكسبون إثم مخالفتهم سيُجزَون عقابَ ما كانوا يقترفونه من مخالفتهم ، ﴿ولا تأكلوا ممّا لم يُذكَر اسمُ الله عليه وإنّه لَفِسق﴾ فيا أيّها المسلمون لا تأكلوا الأموال الحرام الَّتي تأخذونها من الحكومات الجائرة ولا الذّبائح التي لم يُسَمَّ عليها حين ذبحها فإنّ ذلك فسقٌ وإثم ، ﴿وإنّ الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليُجادلوكم إن أطعتموهُم إنّكم لمُشركون﴾ وبالتأكيد إنّ شياطين الإنس والجنّ من أعداءِ محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمد ( عليهم السلام ) ليوحون الى أتباعهم ليجادلوا المؤمنين الموالين لمحمد ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) وآله فإن أطعتموهم فإنّكم تُشركون شركَ طاعةٍ .
﴿أوَمَن كان ميتاً فأحييناهُ، وجعلنا لهُ نوراً يمشي به في الناس﴾ أفهل يتساوى من كان لا يعرف ولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) وكان كالميّت قلبُه فأحييناهُ بولايتهم وجعلنا له نور الإِيمان بهم يسيرُ على هداهُ بين الناس ، ﴿كَمَن مَثَلُهُ في الظُّلمات ليس بخارجٍ منها كذلك زُيِّن للكافرين ما كانوا يعملون﴾ فهل إنّ هذا المؤمن مَثَلُه كَمَثلِ المنافق الميّت قلبُه المركَسِ في ظلمات الجهل والنِّفاق ومخالفة الحقّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) لا يتوبُ أبداً ؟ وزيِّن الشيطان للكافرين بالولاية أعمالهم ، ﴿وكذلك جعلنا في كلّ قريةٍ أكابِرَ مُجرميها ليمكُروا فيها وما يمكرون إلاّ بأنفسهم وما يشعرون﴾ فنحن للإمتحان والإِختبار وإتماماً للحُجّة وإكمالاً للعُذر أطلقنا يَدَ المجرمين الكبار في كلّ أُمّةٍ فلم يعدلوا بل يظلموا ويمكروا ومَرَدُّ ذلك إليهم لكنّهم لا يشعرون ، ﴿وإذا جاءتهم آيةٌ قالوا لن نؤمن حتى نوتي مثل ما أُوتيَ رُسُل الله﴾ إنّ هؤلاء المنافقون وكبار المجرمين وخلفاء الجور والظلمة حينما يُبَلِّغونَ بآية بشأنِ أهل البيت (عليهم السلام ) يقولون لن نؤمن بولايتهم حتى يعطينا الله مِثلَ فضلهم وولايتهم .
﴿اللهُ أعلمُ حيثُ يجعل رسالته﴾ فليعلم الناس جميعاً إنّ الله هو أعرف وأعلم بمن يليق للولاية والإِمامة والرسالة وأعرف بمن يجتبيه ويصطفيه لها وهُم محمدٌ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فقط ، وسيُصيب الذين أجرموا صغارٌ عند الله وعذابٌ شديدٌ بما كانوا يمكرون﴾ وعن قريب يُصيبُ الله الذين أجرَموا بظُلمِ حقِّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم ذِلّةٌ واستحقارٌ في الدّنيا والآخرة من أولياء الله وعذابٌ شديدٌ يوم القيامة بما كانوا يمكرون بآل محمدٍ ( عليهم السلام ) .
﴿فمن يُردِ الله أن يهديه يشرح صدرَهُ للإِسلام﴾ فاعلموا أيّها المسلمون إذا أراد الله بعبدٍ خيراً وأراد أن يهديه إلى طريق الجنّة يشرح صدره للإِسلام الكامل بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿ومن يُرِد أن يُضلّه يجعل صدرَهُ ضيّقاً خَرجاً كأنمّا يَصَّعَّد في السماء﴾ وإذا أراد الله أن لا يهدي أحداً لولاية عليٍّ ووُلدِهِ ( عليهم السلام ) ويتركه في ضلالِهِ يَدَع نفسه تضيق حسداً وحقداً لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) كأنّه خارجٌ عن نطاق جاذبية الأرض ، ﴿كذلك يجعلُ الله الرِّجسَ على الذين لا يؤمنون﴾ فبهذا الحِقد والعِداء والحسد المُتزايد في صدور المنافقين وقلوبهم ضدّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) وشيعتهم يرسخون في رِجسِ. الظُّلم والنِّفاق فيدعهم الله فيه فيجعل الرِّجس على الذين لا يؤمنون بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
﴿وهذا صراط ربّك مستقيماً قد فصَّلنا الآيات لقومٍ يذّكّرون﴾ فيا حبيبي إنّ صراطَ عليٍّ ( عليه السلام ) هو صراطُ ربّك مستقياً دونَ انحرافٍ عن العدل والعصمة فمن أراده فليواله، قد وضَّحنا الآيات النازلة بحقّه للذين يتذكّرونها ، ﴿لهُم دارُ السَّلام عندَ ربهِّم وهو وليُّهم بما كانوا يعملون﴾ فالمؤمنون الموالون لعليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) المتمسّكون بالقرآن والعِترة والسائرون على الصراط المستقيم لهم دار السَّلام في البرزخ والجنّة في المَعاد ضَمِنَها الله لهُم وهو سيتولّى ثوابهم على أعمالهم وموالاتهم ، ﴿ويوم يحشرهم جميعاً يا مَعشر الجنّ قد استکثرتُم من الإِنس﴾ ففي يوم القيامة سيحشُرُ الله أُولئك الذين لا يؤمنون بوليّهِ محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله فيخاطِبُ الله شياطينَ الجنّ والأبالسة انّكم قد أضلَلتُم كثيراً من الناس ، ﴿وقال أولياؤهم من الإِنس ربَّنا استمتَعَ بعضنا ببعض﴾ فيقول أولياءُ الشياطين وأتباعَهُم من المنافقين والمخالفين لآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ربَّنا نحنُ لم نَتَّبع الشياطين بل تمتَّعنا بيننا نحن أعداء عليٍّ ( عليه السلام ) بالخلافة والزعامة ، ﴿وبلغنا أجلنا الذي أجَّلت لنا﴾ فنحن كنّا نستمتع بعضنا ببعضٍ في أمر الخلافة والزعامة والرّئاسة فيداولها البعض الى بعضنا الآخر ويمنعها أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى أن انتهَت آجالنا ، ﴿قال النّار مثواكم خالِدين فيها إلاّ ما شاء الله إنّ ربَّك حكيمٌ عليم﴾ فعند ذلك يأتيهم الخطاب الإِلهي قائلاً : إنّ نار جهنّم مصيرکم ومسكنكم وسجنكم خالدين فيها إلاّ إذا شاء الله أن يخُُرج منها من دَخَلها بكبيرة من شيعة آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون﴾ فهكذا كما كان المخالفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) يتّبعون خلفاء الجور والظلمة في الدنيا نجُبرهم يوم القيامة أن يتّبعوهم إلى النار وذلك جزاء تولّيهم إيّاهم في الدنيا ومتابعتهم لهم ، ﴿يا معشر الجنّ والإِنس أَلم يأتکم رُسُلٌ منکم يقصُّون عليکم آياتی﴾ فيخاطب الله هؤلاء الظالمين الذين اتّبعوا خلفاء الجور وتركوا آل محمدٍ ( عليهم السلام ) من الجنّ والإِنس قائلاً أَلَم نُرسل لكم رُسُلاً من البشر يتلون عليكم آياتنا ويشرحونها لكم ؟؟ ﴿وينذرونکم لقاءَ يومکم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغَرَّتهم الحياة الدنيا﴾ ألم يبلّغوکم آياتنا وينذروكم العِقاب في هذا اليوم والعقاب والجزاء ؟ فيُجيبون نَعَم نشهَدُ على أنفسنا بأنهَّم أنذَرونا وغَرَّتنا حُبُّ شهوات الدنيا وملذّاتها ، ﴿وشهدوا على أنفسهم أنهّم كانوا كافرين﴾ فيعترفون ويُقرّون بتقصيرهم وتفريطهم ويشهدون على أنفسهم أنهّم كانوا كافرين بولاية محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومُخالفين لَهُم . ﴿ذلك أن لم يكُن ربّك مُهلِك القُریٰ بظُلمٍ وأهلها غافلون﴾ وهذا السؤال والحساب والميزان يوم القيامة هو لطفٌ الله وعدله كي يُثبت أنّ الله لا يُهلِك ولا يُعذِّب الاُمَم دون استحقاقهم ولا إذا كانوا غافلين عن التّکليف .
﴿ولكلٍّ درجاتٌ ممّا عملوا وما ربُّك بغافلٍ عمّا يعملون﴾ ولكلِّ فردٍ من الناس يوم القيامة درجاتٌ في ميزان الأعمال من الشرّ والخير والثواب والعقاب ودرجات الجنة والجحيم ولا يغفل الله عن جزاء أيّ عملٍ. من أعمال الناس ، ﴿وربُّك الغنيُّ ذو الرحمة إن يشأ يُذهِبكُم ويستخلف من بعدکم ما يشاء﴾ فيا حبيبي إنّ الله ربّك هو الغنيُّ بالذّات عن العالمين وهو ذو الرحمة عليهم وهو القادرُ على أن يُذهب الظّالمين ويستخلف من بعدهم مهديَّ آل محمدٍ ( عليهم السلام ) ، ﴿كما أنشأكم من ذرية قومٍ آخرين﴾ كما أنّ الله أنشأ الأمّة الإِسلامية من ذرية الأقوام السالفة الماضية من قبلهم واستخلفهم بلادهم وأراضيهم وآثارهم، ﴿إنّ ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمُعجزين﴾ فبالتأکيد إنّ ما توعدونَهُ من حكومة المهدي ( عجّل الله تعالى فرجه ) واستخلافه في الأرض بعدكم هو حتميٌّ ويأتي في حينه ولستم أنتم يا أعداء آل محمدٍ ( عليهم السلام ) بمُعجزين اللهَ والقائِمَ المهديّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) في ذلك ، ( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ﴾ فقل يا رسول الله لمن يترُك ولاية محمدٍ وآله ( عليهم السلام ) ويخُالف العترة الطاهرة ولا يتمسّك بالقرآن وبهم اعمَلوا ما شئتُم إنّي أُؤَدّي رسالتي ، ﴿فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يُفلح الظالمون﴾ وهَدَّدهُم وأنذِرهُم يا حبيبي وقل لهم سوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار ومَن غيرُ المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه) سَيَرِثُ الأرض ودار الدّنيا ومَن عليها فحينئذٍ لا يُفلح الظالمون أعداء أهل البيت ( عليهم السلام ) .
﴿وجعلوا لله مما ذرأ من الحَرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا﴾ إنّ هؤلاء المشركين وكفّار قريش لقد أشركوا حتى في القرابين والنذور فجعلوا نِصفها لله ونِصفها للأصنام بادّعائِهم ، مع أنّ كلّها خلقها الله وذرأها ، ﴿فما كان لِشُرَكائهم فلا يَصِلُ إلى الله وما كان لله فهو يَصِلُ الى شركائهم ساءَ ما يحكمون﴾ لكنّهم حينما يَفصِلون سَهمَ أصنامهم وأوثانهم يحُرّمونها على الله وضيوف بيت الله فيقولون إنّه غنيٌّ فيعطوها الأصنام ويقولون أنهّا فقيرةٌ وذلك حكمٌ ظالمٌ ، ﴿وكذلك زَيّن لكثيرٍ من المشركين قتلَ أولادهم شركاؤهم ليُردّوهم﴾ وإضافةً على هذه الصفة للمشركين من أعداء الله وأعداء رسوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) فإنّ أكثر هؤلاء مَن وَأدَ بناته وقَتَلهُنّ حيث زيَّن الشيطان لهم ذلك ليُسقطهم في هاوية الظُلم ، ﴿وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذَرهم وما يفترون﴾ والشياطين إنمّا يُزيّنون قتلَ البنات لهم ليُشبّهوا عليهم العصبيّة والعمياء بدل الدين الحقّ ولو أراد الله أن يجبرهم على العدل ما فعلوه فَدَعهُم وما يفترون كذباً ويفعلون ظُلماً ، ﴿وقالوا هذه أنعامٌ وحرثٌ حِجرٌ لا يطعمها إلاّ من نشاء بِزَعمهم﴾ وهؤلاء المشركون ابتدعوا البِدَعَ من أنفسهم فقَسّموا الأنعام والزَّرع فجعلوا قِسماً منها حرامٌ على الله إلاّ أن يُطعموها هم لمن يريدون ، ﴿وأنعامٌ حُرِّمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها﴾ والقسم الثاني هي الأنعام التي حَرَّموا ركوبها والقسم الثالث الأنعام التي حرَّموا التلبية للحجّ عليها فلا يركبوها في الحجّ أبداً، ﴿إفتراءً عليهم سيجزيهم بما كانوا يفترون﴾ فهذه التحريمات والتشريعات التي ينسبونها الى الله كلّها كذبٌ عليه وافتراء وسَيُعاقبُهم الله عليها وعلى إفترائهم عليه ، ﴿وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصةً لذكورنا ومحُرّمٌ على أزواجنا﴾ وقال هؤلاء المشركون مُبتدعين مُشرّعين إنّ ما في بطون الأنعام من الأجِنَّة خاصَّة للرجال دون النساء فحلالٌ لنا وحرامٌ على زوجاتَنا ، ﴿وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنّه حكيمٌ عليم﴾ وإذا كانت هذه الأجنّة ميتةٌ في بطونها أو خرجت ميّتة فهم والنساء فيها شركاء سيُعاقبهم الله بتشريعهم هذا إنّ لله حكيمٌ في تشريعه عليمٌ بالمصالح ، ﴿قد خَسِر الذين قتلوا أولادهم سَفَهاً بغير علمٍ وحرّموا ما رزقهم الله﴾ بالتأكيد لقد خَسِر الذين وأدوا بناتهم وقتلوا أولادهم من المشرکين من دون تعقُّلٍ و تدبُّر بالسَّفَهِ والعصبية والجهل و حرِّموا الأنعام على أنفسهم وقد رزقهم الله وحلَّلها لهم ، ﴿إفتراءً على الله قد ضلّوا وما كانوا مُهَتدين﴾ وادّعوا كذباً بأنّ الله هو الذي أجاز لهم ذلك وشرَعَهُ افتراءً عليه وقد ضلّوا بذلك وما كانوا ليهتدوا بالظُّلم .
﴿وهو الذي أنشأ جنّاتٍ معروشاتٍ وغير معروشاتٍ﴾ فالله سبحانه بفضله وجوده ومنّه وکرمه ولطفه ورحمته أنشأ لكم في الأرض بساتين ذي العروش والساباط، والأشجار المتسلِّقة بساتين المزارع الأرضية ، ﴿والنَّخل والزَّرع مختلفاً اُكُلُه والزيتون والرُّمان متشابهاً وغير متشابه﴾ وهو الذي أنشأ وأوجدَ وأبدَع لكم أشجار النخيل والتّمور والزّرع بأنواعه المختلفة وطعمه المتنوّع والزّيتون والرمّان بأشكاله المُتعدِّدة المتشابهة وغير المتشابهة ، ﴿كُلوا من ثمَرَه إذا أثمر وآتوا حقَّه يوم حصادِهِ ولا تُسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين﴾ فكلّ ذلك خلقه الله حلالاً لكم فلا تحرّمونه بل كلوا من ثمره إذا أثمر وأعطوا الفقير الحفنة حين حصاده واقتطافه ولا تتصدّقوا بجميعه فتُحرمون أنفسكم منه إنّ الله لا يحُبّ من يُسرف ، ﴿ومن الأنعام حمولةً وفرشاً كلوا ممّا رزقكم الله ولا تتّبعوا خطوات الشيطان إنّه لكم عدوٌّ مبين﴾ وعلى خلافِ بدع المشركين والمنافقين لقد حلّلنا لكم ركوب الأنعام وتحميلها وحلّلنا لکم صنع الفُرُش من أصوافها وأوبارها وكلوا من لحومها وألبانها الّتي رزقكم الله ولا تحُرِّموها إتّباعاً لتشريع الشيطان فإنّه عدوٌّ ظاهر ، ﴿ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين قُل آلذّكرين حرَّم أم الأُنثَيين﴾ فالله سبحانه أحلّ لكم من الأنعام ذكورها واُناثها وأهليها ووحشيّها ومن كلّ صنفٍ زوجين فمن الغنم الذَّكر والاُنثى ومن الماعز كذلك ومن الإبل هكذا فقُل للمشركين إستنكاراً إنّ الله حرَّم الذكور فيها والإِناث ، ﴿أمّا اشتَمَلَت عليه أرحام الأُنثَيَين نَبِّئوني بعلمٍ إن كنتم صادقين﴾ فقل إعتراضاً عليهم يا حبيبي أفهَل حرَّم الله ما حَوَته بطون الإناث من الضأن والماعز ؟ أخبروني بوحيٍ. نازلٍ من الله فيه إن كنتم صادقين في قولكم إنّ الله حرَّم بعض الأنعام ، ﴿ومن الإبل اثنَين ومن البقر اثنين قُل أَلذَّكرين حرَّم أم الاُنثَيَين﴾ فإن هؤلاء يقولون : إنّ مِنَ البَقَر والبَعير قِسمٌ محرَّمٌ علينا فقُل لهم : إنّ الإِبل ذكرٌ واُنثى وهكذا البقر فقل استهزاءً لهم أیّهما حرّمها عليکم ؟ أَلذّکور منها او الإِناث ؟ ﴿أمّا اشتملت عليه أرحام الاُنثَيين أم كنتم شُهداء إذ وصّاكم الله بهذا﴾ فقل لهم هل حرَّم الله ذكورها أم إناثها أم الأجنّة التي في بطون إناثها أفهل تشهدون شهادةً حسيّة وبعلمٍ ووحيٍ. انَّ الله قد شرَّع لكم ذلك ؟ فهيهات وهيهات وكلاً وحاشا.
﴿فَمَن أظلمُ ممَّن افترى على الله كذباً ليُضلّ الناس بغير علمٍ إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ فبعد أن تُثبِت لهم زَيفَ ما يدَّعون قُل لهم يا حبيبي : مَن هو أظلمُ مِمَّن يكذب ويفتري على الله إفتراءً كذباً ليُضلّ الناس بغير دليلٍ وبُرهانٍ ووحي. فالله لا يهدي من يفعل ذلك ويرتكب الظُلم . ﴿قل لا أجدُ في ما أُوحِيَ إليَّ محُرِّماً على طاعمٍ يطعمهُ إلاّ أن يكون ميتةً أو دَماً مسفوحاً﴾ فقُل لهم يا حبيبي : إنّي لا أجد في القرآن ووحيِ الله إليَّ شيئاً من الأنعام محرَّماً ذاتاً على الناس أكْلُه إلاّ أن يكون حراماً عرضاً بأن تكون ميتةً أو الأجزاء المحرّمة كالدّم السائل وغيره ، ﴿أو لحم خنزيرٍ فإنّه رجسٌ أو فسقاً أُهِلّ لِغير الله به﴾ ولا أجدُ في كتاب الله حيواناً مأكولَ اللَّحم حراماً سوى الخنزير والكلب وما يلحق بها من السِّباع فإن لحومها رجسٌ ونجسٌ أعيانها وكلّ حيوانٍ لم يُذكَر اسمُ الله عليه وذُبِحَ لغير الله ولغير القِبلة. ﴿فمَن اضطُرَّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ ربَّك غفورٌ رحيم﴾ وقل لهم يا حبيبي : إن هذه المحرّمات التي أجدُها في القرآن وأجد فيه أنهّا حلالٌ على من اضطُرّ إليها الى حدّ الضرورة فقط لا أن يتجاوزها بأكثر فالمضطرّ يعفو الله له ذلك ويرحمه .
﴿وعلى الذين هادوا حرَّمنا كُلَّ ذي ظُفرٍ ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومها إلاّ ما حملت ظهورهما» فالمحرَّمات في الشَّريعة الإِسلامية تلك ، وأمّا ما قد كُنّا حرَّمناه على اليهود سابقاً ونسخناه بالقرآن فهو إنّنا حرمنا عليهم كلّ حيوانٍ ذي حافرٍ وحرَّمنا شحوم البقر والغنم عدى أحشاءها ، ﴿أو الحوايا أو ما اختلط بعظمٍ ذلك جزيناهم ببغيهم وإنّا لصادقون﴾ واستثنينا من التحريم الشحوم التي في أجوافها ، وما لصَقَ بعظامها وهذا التحريم ليس لمفسدةٍ في المحرَّمات ، بل تحريمٌ تأديبيٌّ عقابيٌّ لبغيهم وعصيانهم ونحن صادقون في نسخه ، ﴿فإن كذّبوك فقُل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يُردُّ بأسُه عن القوم المجرمين﴾ فيا حبيبي إن يُكذّبوك قائلين إنّ الله لم يَنسِخ أحكام التوراة ومحُرَّمات شريعة اليهود قُل لهم نَعَم إنّ رحمتُه الواسعة اقتضت أن ينسخ الأحكام الحَرَجيّة ويُسهِّل عليكم وسيُعاقب الله من يكذّب بذلك .
﴿سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرَّمنا من شيءٍ﴾ سيقول المشركون في جوابك يا حبيبي : إنّ الله هو الذي شاء بأن نشرك فلو شاء غيره ما أشركنا ولا أشرك آباؤنا ولا حرَّمنا الأنعام مُنكرين الإختيار وقائلين بالجَبر الذي يُنافي التكليف أساساً !!! ﴿كذلك كذَّب الذين من قبلهم حتّى ذاقوا بأسنا قُل هل عندكم من علمٍ فتُخرجوه لنا﴾ وهكذا كذَّب المشركون من سلَفهم من قبلُ بالرُّسُل وبالوحي والعقل والبرهان وقالوا بالجبر ونَسَبوا شِركهم بمشيئة الله حتى أهلَكهم الله فقل لهم هل عندكم في ذلك وحيٌ من التوراة والإِنجيل تخُرِجوه لنا ؟؟ ﴿إن تتّبعون إلاّ الظنَّ وإن أنتم إلاّ تخرُصون﴾ فقل لهم إنّكم ليس لَدَيكم علمٌ مُنزَلٌ من الله في ما تحُرّمونه وتحلّلونه بل إن تَتَّبعون ظنونكم وأهواءكم وإن أنتم إلاّ تَدَّعون باطلاً وتخرُّصاً، ﴿قُل فَلِلّه الحُجّة البالغة﴾ فقل لهم إنّ لله عليكم الحجّة التامة البالغة وأتمَّها عليكم بأن أعطاكم الإِختيار وكلّفكم ولم يجبركم فلوشاء أن يجبركم على الهداية لفعل ولكنّه خيَّركم إتماماً للحُجّة ، ﴿فلو شاء الله لهداكُم أجمعين﴾ فإن مشيئة الله اقتضت أن یُخیِّر الإنسان ولا يجبره فيُكلّفه باختياره لِيحيیٰ مَن حَيَّ عن بيّنةٍ ويهلك من هلك عن بيّنةٍ فلو شاء الله أن يهدي الناس جميعاً الى الإِيمان به وبرسوله وأهل بيته ( عليهم السلام ) جبراً يفعل !قل هَلمّ شهداء کم الذين يشهدون أنّ الله حرَّم هذا﴾ فقل لهم يا حبيبي : فليتقدَّم شهداؤكم وأحضروهم ليشهدوا أنّ الله في كُتُبه المنزلة وشرائع الأنبياء قد حرَّم ما حرَّمتم من الأنعام والحرث ، ﴿فإن شهدوا فلا تشهد معهم﴾ فيا حبيبي إنهّم عاجزون عن إقامة البيّنة العادلة والشهادة الصحيحة لإِثبات ادّعائهم الكاذب فإن شهدوا زوراً فلا تقبل شهادتهم لأنهّم فُسّاق .
﴿ولا تَتّبعْ أهواء الذين كذّبوا بآياتنا﴾ فيا حبيبي عليك دائماً أن تَتَّبع الحق والعدل وتتّبع الوحي والقرآن ولا تتّبع أهواء وميولات الكفار والمشركين والمنافقين وكلّ من كذَّب بآيات الله وأحكامه ، ﴿والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربّهم يعدلون﴾ و يا حبيبي لا تَتَّبع أهواءَ الّذين لا يؤمنون بالآخرة والجنّة والنار كأبي سفيان وبني أُميّة ومن شاكلَهُم و لا تَتَّبع الذين يُطيعون أُمرائهم وخلفائهم الظالمين كطاعة الله !! ﴿قل تعالوا أتلُ ما حرَّمَ ربّكم عليکم﴾ يا رسول الله قُل لأُِمّتك ليس ما يُشرّعهُ هذا وذاك ممّن ليسوا بأنبياء ولا أئمّة وما يحُرّمون من حلال محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وحلال الله كالمتعتان حراماً أبداً، بل إنّ حرام محمدٍ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حرامٌ إلى يوم القيامة وحلاله حلالٌ الى يوم القيامة، ﴿ألاّ تشركوا به شيئاً﴾ فالمحرّمات التي حرّمها الله في الإِسلام وأتلوها عليكم أيّها المسلمون أوّلها الشِّرك بالله سواءً شِركُ العبادة أو شرك الطاعة ، ﴿وبالوالدين إحساناً﴾ وثاني المحرّمات عقوق الوالدين فهو من الكبائر في الإِسلام فيجب عليكم البرّ والإِحسان بالوالدين إلاّ أن يأمُرا بمعصيته ، ﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق﴾ وثالث الكبائر المحُرَّمة قتل النّفس البريئة حتى ولو كان وَلَداً جنيناً فيَحرُم إسقاطُه وقتلهُ وحتّى ولو خِفتم الفقر والعيلة فلا يجوز مطلقاً، ﴿نحن نرزقهم وإيّاهم﴾ فالذين يطرحون الأجنّة أو يَئِدون البنات ويقتلون الأولاد خوف الفقر فَليَثِقوا أنّ الله تكفَّل برزقهم فإيّاكم أن تقتلوهم ، ﴿ولا تقربوا الفواحش ما ظهَر منها وما بَطن﴾ و حرَّم عليکم ربّکم إتيان الفاحشة من الزّنا واللّواط والسِّحق سواءً التجاهُر بها أو في الخفاء کما حرَّم ربّكم الفاحشة الظاهرة كنكاح زوجة الأب والجمع بين الاُختين ونكاح المحارم وارتزاقكم منها ، ﴿ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلاّ بالحق﴾، وحرَّم الله عليکم قتل النفس المحترمة وهی کلّ مسلمٍ شهد الشّهادتين فدَمُهُ وعِرضُهُ و مالُهُ محترمة إلاّ بالقِصاص والحدود والإرتداد والبغي . ﴿ذلكم وصّاكم به لعلّكم تعقلون﴾ فهذه المحرّمات الّتي ذكرناها وسنذكرها تباعاً هي ما شرعها الله لكم و كتبها عليكم وحَكَمَ بها وأمَرَكم ووصّاكم الله بالإِلتزام بحُرمتها أملاً بأن تتّبعوا العقل وتُطيعوه .
﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتى يبلُغ أشُدّه﴾ وحرَّم الله عليكم أن تتصرّفوا وتأكلوا وتغتصبوا أموال اليتامى إلاّ الوَليّ الفقيه والوليّ نَسَباً والقَيِّم الشرعيّ فلهُ التصرُّف بالعدل حتى يبلغوا الحلم فيسلّمها لهم ، ﴿وأوفوا الكيل والميزان بالقِسط﴾ و حرَّم عليکم التطفيف والغش والتّدليس فی المعاملات فأوجب إيفاءَ الكيل والوزن بالعدل والوفاء بالعقود والعهود والشرائط ، ﴿لا نكلِّف نفساً إلاّ وسعَها﴾ ونحن في تشريعنا للمحرّمات والواجبات وغيرها لا نكلِّف أحداً إلاّ على مقدورِهِ وطاقتِهِ ولا نُكلِّف فوق طاقته فالأُمور تُقَدَّر بقدَرها ، ﴿وإذا قلتم فأعدلوا﴾ وحرَّم الله من القول الكذب والغيبة والنميمة والتهمة والفرية والقذف والسَّب وشهادة الزّور والتنابُز واللغو والغناء وأوجبَ الصِّدق والعدل في المقال عليكم والشهادة ، ﴿ولو كان ذا قُربي﴾ فيجب عليكم قول الصِّدق والحقّ ولو على ، ذي قُربي بل ولو على أنفسكم فلا أقربَ من النَّفس فقُل الحق ولو على نفسك !!! ﴿و بعهد الله أوفوا) وحرَّم عليكم نقض العهود ونكث البيعة ومخالفة الوعد بل أوجب عليكم الوفاء بالعهود والنّذور والعقود والشّروط الشرعيّة كلّها ، ﴿ذلكم وصّاكم به لعلّكم تذكّرون﴾ فإنّ هذه الأحكام ما شرعها الله لكم وأمركم وأوجب عليكم ووصّاکم بالإِلتزام بها حَدَّ الجُهد و الطاقة لعلّكم تتذكّرون أحكامه ، ﴿وإنّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه﴾ فقل بعد ذلك لأُِمّتك إنّ القرآن وأحكامه والعترة والتمسُّك بها وولاية أهل البيت (عليهم السلام ) هو صراطي وسبيلي المستقيم فيجب عليکم إتّباعه فاتّبعوه، ﴿ولا تتّبعوا السُّبُل﴾ ويحرم عليکم اتّباع غير أهل بيتي ( عليهم السلام ) وغير صراطي فلا تتّبعوا هذا وذاك من خلفاء الجور والظلم المتقمصين للخلافة والمحرّمين حلالي والمحلّلين حرامي ، ﴿فتفرّقَ بكم عن سبيله﴾ فأتبّاع المذاهب والسُبُل المخترعة المبتدعة في قبال مذهب القرآن والعترة وآل محمد ( عليهم السلام ) تُشتّتكم وتُفرّقكم عن سبيل الله وسبيل النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآله ( عليهم السلام ) وتُبعدكم عن الصِّراط المستقيم ، ﴿ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون﴾ فالأمر باتّباع صراطي والتمسّك بالقرآن والعترة وموالاة أهل البيت ( عليهم السلام ) هو ما وصّاكم الله به وأوجبه عليكم وأمركم به لعلّكم بذلك تتّقون وتطيعون .
﴿ثمَّ آتينا موسی الکتاب تماماً علی الذي احسن﴾ ثُمَّ يا حبيبی بعد أن آتينا إبراهيم الأنبياء من ذريّته آتينا موسى التوراة تماماً وكاملاً على هارون الذي أحسن خلافة موسى وكان أماماً من بعده ووصيَّه ، ﴿وتفصيلاً لکلّ شيءٍ و هُدیً ورحمة لعلّهم بلقاءِ ربهّم يؤمنون﴾ وقد فصّلنا كلّ شيءٍ في التوراة وبشَّرنا فيها بمجيءِ خاتم الأنبياء وأهل بيته ( عليهم السلام ) وذكرنا أسماء الخمسة أهل البيت فيها ليهتدي اليهود إلى الإِسلام وتشملهم الرَّحمة فيؤمنون بالآخرة ، ﴿وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ فاتّبعوه﴾ ثمَّ قل لهم يا حبيبي : إنّ هذا القرآن كتابٌ أنزلناهُ من السماء بواسطة جبرائيل إليكم وهو مباركٌ التمسّك به وتطبيقه وقراءته واتباعه فاتّبعوه، ﴿واتّقوا لعلّكم تُرحمون﴾ وقل لهم يا حبيبي : عليكم بتقوى الله والتمسّك بالقرآن والعترة والعمل بأحكام القرآن لعلّكم تُرحمون فتنجون من عذاب الله ، ﴿أن تقولوا إنمّا اُنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا﴾ وهذا القرآن أنزله الله إليكم لكي لا تقولوا إنّ الله خَصَّ اليهود والنصارى من قبلنا بالتوراة والإِنجيل ولم يُنزِل إلينا كتاباً ﴿وإن كُنّا عن دراستهم لغافلين﴾ ولكي لا تقولوا إنّ التوراة والإِنجيل لم تكن بِلُغَتِنا العربية وكنّا عاجزين عن دراستها و قراءتها فأنزلنا القرآن لكم بلُغتكم ، ﴿أوتقولوا لولا أُنزِل علينا الكتاب لكُنّا أهدى منهم﴾ ولكي لا تقولوا لماذا لم يُنزل الله علينا كتاباً بلُغتنا فلو كان يفعل لكنّا أهدي من جميع الاُمَم ومن اليهود والنصارى ، ﴿فقد جاءكم بيّنةٌ من ربّكم و هُديً و رحمةً﴾ فبالتأكيد لدفع هذه المعاذير جاءكم الوحي والقرآن واضحاً بليغاً من ربّكم و مصدر هدايةٍ ورحمةٍ لكم وللناس أجمعين حيث أمَركم القرآن بموالاة محمدٍ ( صلّى لله عليه وآله وسلّم ) وآل محمد ( عليهم السلام ) .
﴿فمن أظلمُ ممَّن كذَّب بآيات الله وصدَفَ عنها﴾ فيا أيّها المسلمون بعد أن منَّ الله عليكم بالقرآن وأهل البيت ( عليهم السلام ) فبعد هذا من هو أظلمُ من الذي يكذّب بآيات القرآن الخاصة بشأنِ عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) وأعرَضَ عنها ، ﴿سنَجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون﴾ فعن قريبٍ نجُازي بأسوءَ العذاب والإِنتقام والعقاب والجزاء الذين يُعرضون عن الآيات النازلة بشأن عليٍّ وأهل البيت ( عليهم السلام ) جزاءً لإِعراضهم عنها عملاً وإن كانوا يرتلون القرآن ترتيلاً ، ﴿هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة﴾ أفهل يرقبون هؤلاء المُعرضين عن آيات القرآن الخاصة بولاية أهل البيت ( عليهم السلام ) سوى أن تدنوا آجالهم وتنتهي أعمارهم فتأتيهم الملائكة قابضة لأرواحهم ، ﴿أو يأتي ربّك﴾ أو هل ينتظرون يا حبيبي إلاّ أن يأتي أمر ربّك بهلاكهم والإِنتقام منهم في الدنيا قبل الآخرة كما فعل بالاُمم المُعرِضة الهالكة من قبل ؟ ﴿أو يأتي بعض آياتِ ربّك﴾ ففي يوم قيام القائم المهدي المُنتظر ( عجّل الله تعالى فرجه ) من آل محمدٍ ( عليهم السلام ) والعلامات الحتميّة لظهوره وعند إعلانه الثّأر والإنتقام ، ﴿لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل﴾ فعند ذلك يُغلَق باب التوبة ولا يفيد النَّدَم ولا ينفع نفساً من مخُالفي أهل البيت ( عليهم السلام ) إظهار الإيمان إن لم تكن آمنت بولايتهم من قبل ظهوره وقيامه ، ﴿أو كَسَبت في إيمانها خيراً﴾ وكذلك لا تنفع نفساً إيمانها بولاية آل محمدٍ ( عليهم السلام ) إن حالت المعاصي الكبيرة بينَهُ وبين إيمانه ورَكَنَ إلى الظالمين ولم يكسِب التّوبة والعمل الصالح مع الولاية ،﴿قُل انتظروا﴾ فقل يا رسول الله لأُِمّتك الإسلاميّة يجب عليكم جميعاً انتظار قيام القائم المهدي ( عجَّل الله تعالى فرجه ) وظهوره وانتظار فرج آل محمدٍ ( عليهم السلام ) بظهوره ، ﴿إنّا مُنتظِرون﴾ وقل لهم بالتأكيد إنّا نحن أهل البيت ( عليهم السلام ) الذين وَعَدَنا الله النصر على يد المهديّ ( عليه السلام ) وهكذا شيعتنا منتظرون له متوقّعون لظهوره .
﴿إنّ الذين فَرَّقوا دينهم وكانوا شِيَعاً لستَ منهم في شيء﴾ يا حبيبي بالتأكيد إنّ الذين أوجدوا المذاهب المُبتدعة والفِرق المختلفة في الإِسلام وتركوا أهل البيت ( عليهم السلام ) وكانوا فرقاً مقابل الشيعة لست ترضى منهم أبداً بل أنتَ بريءٌ منهم، ﴿إنمّا أمرهم إلى الله ثُم يُنبّئهم بما كانوا يفعلون﴾ فليس إلاّ أنَّ مصيرهم غداً إلى محكمةِ الله وحسابِ الله وعِقابه ففي ذلك اليوم يخُبرهم بما كانوا يفعلون من الظُلم والضَّلال ومخُالفة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿من جاءَ بالحسنة فَلَهُ عشرُ أمثالها﴾ أيّها المسلمون من أتي بحسنةٍ مع ولايةِ محمدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) فإنّه سَيُثابُ عليها بعشرِ أمثالها وَحُبُّ عليٍّ ( عليه السلام ) حسنةٌ لا يضرُّ معها صغيرة ، ﴿ومن جاء بالسيّئة فلا يجُزى إلاّ مثلها وهم لا يُظلمون﴾ ومن يجىء بالسيّئة أي عداوةَ أهل البيت ( عليهم السلام ) ، أو من يأتي بالمعصية من مواليهم فلا يجُزى إن لم يَتُب ولم يُشفَع لهُ إلاّ مثلها حسب قانون العدل الإِلهي ، ﴿قُل إنّي هداني ربّي الى صراطٍ مستقيم﴾ قُل يا رسول الله للعالم أجمع إنّني هداني الله منذ طفوليّتي الى دين الإِسلام والتوحيد والعدل وترك الآثام والأوثان ، ﴿ديناً قيماً مِلّةَ ابراهيم حنيفاً وما کان من الشرکين﴾ فأنا وآبائي عبد الله وأبوطالب وعبد المُطّلب وهاشمٌ إلى عدنانٍ وإسماعيل على الإِبراهيميّة الحنيفيّة والدين القيّم وسنّة إبراهيم الخليل والتوحيد لله فما كان إبراهيمُ من المشركين ، ﴿قُل إنّ صلاتي﴾ فقل للناس يا حبيبي : إنّ صلاتي التي قُلتُ لكم : صَلّوا كما رأيتموني أُصلّي ، بوضوءِ المَسحِ ، وإسبال اليدين ، دون آمين ، مع أذان حَيَّ على خيرِ العمل ، والسّجود على التربة ، و، و، و ﴿ونُسکي﴾ وقل لهم : إنّ مناسك حجّي الذي قُلتُ لكم : حُجّوا كما رأيتموني أحجّ ، حجّ التمتُّع ومتعة الحجّ ، وطواف النساء ، وعدم الاستظلال في السَّيرو . . . ﴿ومحيايَ ومماتي﴾ وقل لهم إنّ كلّ حياتي وجميع أدوارها لياليها وأيّامها وكلّ لحظاتها وآناتها وهكذا مماتي واستشهادي في سبيل الإِسلام والله والقرآن ، ﴿لله ربِّ العالمين﴾ كلّ ذلك كان لله وفي سبيل الله ويقصد التقرُّب الى الله وفي طريق رضى الله وبأمر الله وطاعة الله ربّ العالمين جميعاً، ﴿لا شريك له﴾ وإنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي كلّها تدلُّ على أن لا شريك لله وكانت لأجل نفي الشِّرك عن الله ومُحاربة المشركين بالله ، ﴿وبذلك اُمِرت﴾ وقد أمرني الله أن أجعل صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي له فقط ولأجله ولطاعته وضدّ الشِّرك والمشركين ، ﴿وأنا أوّل المسلمين﴾ وأعلِن للعالم أجمع بأنّ أوّل ما خلق الله نورك وأنت أوّل من آمن به وأسلم لله في عالم الخِلقة والإِيجاد وأعلن للناس وقل : أنا أوّل مسلمٍ من الأمّة الإِسلامية وأوّل من أسلم وآمن بولاية عليٍّ وولدِه ( عليهم السلام ) .
﴿قُل أغير الله أبغي ربّاً وهو ربُّ كلّ شيءٍ﴾ فيا حبيبي إن إقتَرحَ عليك الكفار أن تُعاهدهم على أن يعبدوا إلهك عاماً وتعبُد إلۤههم عاماً فقُل لهم هل يجوز عقلاً أن أطلُب ربّاً سوی الله الذی هو وحدُهُ خالقُ کلّ شيءٍ وربَهُ ؟؟؟ ﴿ولا تکسب کلّ نفسٍ إلا عليها﴾ فلو أنّي فعلتُ ذلك وعاهدتكم عليه أفهل يحاسب الله أيّ نفس إلا بما عملَت هي فيكون جزاءها عليها فجزائي على نفسي وليس عليكم إن فعلتُ !! ﴿ولا تَزِرُ وازرةٌ وِزرَ اُخرى﴾ فإن كنتم تقولون إتَّبِعوا سبيلنا ولنَحمِل خطاياكُم فتَحَمَّلون إثمنا لكنّ الله العادل لا يحملُ إثم أحد على غيره ولا معصيته على سواه، ﴿ثُمَّ إلى ربّكم مرجعكم فيُنبئكم بما كنتم فيه تختلفون﴾ وقال لأُِمّتك بعد هذا إنّكم ستُرجعون إلى الله وتحُشرون إليه فمصيركم إليه غداً فيُخبركم بما كنتم فيه تختلفون من أمر الخلافة والإمامة وتتركون عليّاً وأهل البيت ( عليهم السلام ) ، ﴿وهو الذي جعلكم خلائِف الأرض﴾ وقل لهم يا حبيبي : إنّ الله هُوَ جَعَلكم مُستخلفين بعد الاُمم الماضية على الأرض فأنتم آخر الأُمم ونبيّكم خاتم الأنبياء والمهديُّ ( عجّل الله تعالى فرجه ) آخر الخُلفاء ، ﴿ورفَعَ بعضكم فوق بعضٍ درجات﴾ والله سبحانه هو الذي رفع درجة بعضكم فوق بعضٍ بالإِيمان والتَّقوى والعمل الصالح وهو الذي فضَّل علياً وأهل البيت ( عليهم السلام ) وأصحابهم على غيرهم ، ﴿ليبلوكم في ما آتاكم﴾ وبالتأكيد إنّ الله يمتحِنُكم و يختبرُکم فی ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) مع القرآن الذی آتاکم بها ويبلوكم بنصب عليٍّ ( عليه السلام ) للإِمامة باستحقاقٍ ، ﴿إنّ ربَّك سريعُ العِقاب﴾، وبالقطع واليقين إنّ ربّك يا محمد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سريع العقاب لمن سَقَطَ في الإِختبار وفَشَل في الإمتحان الإِلهي ولم يتمسَّك بأهل البيت ( عليهم السلام ) ﴿وإنّه لغفورٌ رحيم﴾ وبالقطع واليقين أيضاً إنّ الله سيغفرُ لمن ثَبَت في الإِمتحان وعلى ولاية محمدٍ وآل محمدٍ ( عليهم السلام ) ومودَّتهم ويرحمه برحمته الواسعة . ( صدق الله العليِّ العظيم ) .

نشر في الصفحات 336-295 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد الأول

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *