و لا بدّ أن أن أختم کتابي هذا عن أسرار حیاة فاطمة (ع) بوصایاها سلام ﷲ علیها و بعض أسرار وصایاها .
فأقول : إنّ الوصیّة ضرورة شرعیّة علیٰ کلّ مسلم و مسلمة حیث قال رسول ﷲ (ص) :
و قد أوصیٰ هو (ص) إلیٰ عليّ أمیرالمؤمنین (ع) فهو وصيّ رسول ﷲ (ص) و کذالك أوصت الصّدّیقة الطّاهرة فاطمة الزّهراء إلیه فکان هو وصيّ فاطمة و قد عمل بوصیّتها حرفیّاً .
و أمّا و صیّتها للأقربین فهو کما یلي :
1-عن دلائل الإمامة لمحمّد بن جریر الطّبري بأسناده عن یحییٰ بن سلمان قال : قال لي محمّد بن عليّ (ع) : ألا اُریك وصیّة بنت رسول ﷲ صلّیٰﷲ علیه و آله ؟؟
فأخرج إلیّ سفطاً في حقّ و أخرج منه کتاباً فیه :
« هذا ما أوصت فاطمة بنت رسول ﷲ بحوائطها السّبعة ذي الحسنیٰ و السّاقیة و الدّلال و الغراف و الرّقمة و الهیثم و ما لاُمّ إبراهیم إلیٰ عليّ بن أبي طالب و من بعد عليّ فإلیٰ الحسن و من بعد الحسن فإلیٰ الحسین و من بعد الحسین فإلیٰالأکبر فالأکبر من ولده .
شهد ﷲ علیٰ ذلك و کفیٰ به شهیداً و شهد المقداد بن الأسود و الزبیر بن العوّام و کتب عليّ بن أبي طالب .
2-و عنه بأسناده عن إبن جریح عن جعفر بن محمّد (ع) عن آباءه علیهم السّلام:
3- و عنه بأسناده عن زید بن علی : أنّ فاطمة بنت رسول ﷲ (ص) تصدّقت بمالها علیٰ بني هاشم و بني عبدالمطّلب و أنّ علیّاً (ع) تصدّق علیهم و أدخل معهم غیرهم .
و معنیٰ ذلك أنّه سلام ﷲ علیه تصدّق علیٰغیرهم من ماله الخاصّ و جعل ثوابها لفاطمة علیها السّلام .
ثمّ إنّنا بعرف من وصیّتها بالحوائط السّبعة و غیرها أنّها لو کانت بیدها فدك لفعلت فیه ذلك .
و أمّا وصایاها لعلي بتجهیزها فهي کما یلي :
1-أن یغسّلها و یحنّطها و یکفّنها بنفسه .
2-أن یصلّي علیها بنفسه .
3-أن یحمل جنازتها مستورة بالنّعش کالهودج .
4-أن یشیّعها لیلاً و لا یخبر النّاس .
5-أن یدفنها لیلاً سرّاً .
6-أن یخفي قبرها .
ففعل کلّ ذلك أمیرالمؤمنین (ع) و عمل بوصیّتها و إلیك بعض الرّوایات في ذلك :
رویٰ الخوارزمي في مقتل الحسین (ج:1 ص:85) :
و کشف عليّ عن وجه فاطمة فإذا برقعة عند رأسها فنظر فیها فإذا فیها :
بسم ﷲ الرّحمٰن الرّحیم هٰذا ما اوصت به فاطمة بنت محمّد (ص) ، اُوصت و هي تشهد أن لا إلٰه إلاّ ﷲ و أنّ محمّداً عبده و رسوله و أنّ الجنّة حقّ و أنّ النّار حق و أنّ السّاعة آتیة لا ریب فیها و أنّ ﷲ یبعث من في القبور .
یا عليّ : أنا فاطمة بنت محمّد زوّجني ﷲ لأکون لك في الدّنیا و الآخرة فأنت أولیٰ بي من غیرك ، فحنّطني و کفّني و غسّلني باللّیل .
و صلّ علیّ و ادفنّي باللّیل .
و لا تُعلم أحداً .
و أستودعك ﷲ و أقرا علیٰ ولدي السّلام إلیٰ یوم القیام !! … إلخ
و تقصد سلام ﷲ علیها من السّلام علیٰ ولدها إلیٰ یوم القیام یوم قیام ولدها المهدي (ع) فسلّمت علیه یوم یقوم لأخذ ثارها عجّل ﷲ فرجه الشّریف .
و رویٰ إبن عبدالبرّ في الإستیعاب (ج:4 ص:1897) بأسناده عن اُمّ جعفر : إنّ فاطمة بنت رسول ﷲ (ص) قالت لأسمآء بنت عمیس : « یا أسماء إنّي قد استقبحت ما یصنع بالنّسآء أنّه یُطرح علیٰ المرأة الثّوب فیصفها » فقالت أسماء یا بنت رسول ﷲ ألا اریك شیئاً رأیته بأرض حبشة ؟
فدعت بجرائد رطبة فحنّتها ثمّ طرحت علیها ثوباً ، فقالت فاطمة : ما أحسن هذا و أجمله تُعرف به المرأة من الرّجال ، فإذا أنا متّ فاغسلیني أنت و عليّ و لا تدخلي علیّ أحداً … إلخ .
و روی الخوارزمي في مقتل الحسین (ج:1 ص:83) بأسناده عن عائشة قالت :
عاشت فاطمة بنت رسول ﷲ (ص) ستّة أشهر – بل 75 یوماً – فلمّا توفّیت دفنها عليّ بن أبي طالب لیلاً و لم یُؤذن بها أبوبکر و صلّیٰ علیها عليّ .
و قال محبّ الدّین الطّبري في ذخائر العقبیٰ :
و ذکرأنّها لـمّا أرتها أسماء – النّعش – تبسّمت و ما رؤیت متبسّمة ، یعني بعد النّبيّ (ص) إلیٰ یومئذ .
و روی إبن سعد في الطّبقات (ج:8 ص:18) عن إبن عبّاس قال :
فاطمة أوّل من جُعل لها النّعش عملته لها أسماء بنت عمیس و کانت قد رأته یُصنع بأرض الحبشة .
و رویٰ الخوارزمي في مقتل الحسین (ج:1 ص:82) بأسناده عن أسماء بنت عمیس :
إنّ فاطمة بنت رسول ﷲ (ص) أوصت أن یُغسّلها زوجها عليّ فغسلها هو و أسماء بنت عمیس .
و قال إبن سعد في الطبقات (ج:8 ص:19) :
دفنت فاطمة بنت رسول ﷲ (ص) لیلاً و دفنها عليّ .
و رویٰ بأسناده عن عليّ بن الحسین (ع) قال :
سألت إبن عبّاس متیٰ دفنتم فاطمة (ع) ؟
فقال : دفنّاها بلیل بعد هَدأةٍ .
قال قلت : فمن صلّیٰ علیها ؟
قال : عليّ .
و رویٰ الشّیخ الصّدوق في علل الشّرایع (ص:185) بأسناده عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة عن أبیه قال : سألت أباعبدﷲ علیه السّلام لأیّ علّة دفنت فاطمة علیها السّلام باللّیل و لم تدفن بالنّهار ؟
قال : لانّها أوصت أن لا تصلّي علیها الّرجلان .
و لهاذا یتساءل الشّاعر قائلا ً:
و لأیّ الامور تدفن لیلاً
بضعة المصطفیٰ و یعفیٰ ثراها ؟
و قال الآخر :
بنت من اُمّ من حلیلة من
ویل لمن سنّ ظلمها و أذاها !
قال إبن أبي الحدید (ج:16 ص:281) و روی أنّه عفّیٰ قبرها و علّم علیه و رشّ أربعین قبراً في البقیع و لم برشّ قبرها حتّیٰ لا یهتدیٰ إلیه ، و أنّهما عاتباه ترك إعلامهما بشأنها و إحضارهما للصّلاة علیها … إلخ .
و رویٰ الطّبري عن حارث بن أبي سلمة عن المدائني عن أبي زکریّا العجلاني :
أنّ فاطمة علیها السّلام عُمل لها نعشاً قبل وفاتها فنظرت إلیه فقالت :
و رویٰ القاضي أبوبکر أحمد بن کامل بإسناده في تاریخه عن الزّهري قال : حدّثني عروة بن الزّبیر أنّ عائشة أخبرته أنّ فاطمة بنت رسول ﷲ عاشت بعد رسول ﷲ ستّة أشهر – کذا – فلمّا توفّیت دفنها عليّ لیلاً و صلّیٰ علیها و ذکر في کتابه هذا أنّ علیّاً و الحسن و الحسین علیهم السّلام دفنوها لیلاً و غیّبوا قبرها .
و قال إبن أبي الحدید المعتزلي في شرح النّهج (ج:16 ص:286) یؤیّد کلام السّیّد المرتضیٰ بما ردّ علیٰ قاضي القضاة الّذي أنکر کلّ ذلك قائلاً :
و أمّا إخفاه القبر و کتمان الموت و عدم الصّلاة و کلّ ما ذکره المرتضیٰ فیه فهو الّذي یظهر و یقویٰ عندي ، لإنّ الرّوایات به أکثر و أصحّ من غیرها .
و بدیهيّ إنّ هذه الوصایا من فاطمة الزّهراء سلام ﷲ علیها کانت لأجل إدانة غاصبي حقوقها و مانعي إرثها و لإثبات مظلومیّتها و ظلامتها و لکی تعلن للأجیال عن سخطها و غضبها علیٰ ظالمیها !!!
فإیّاك یا أخي القاریء أن تحشر مع ظالمیها !!
بل علیك بموالاتها و البراءة من أعداءها .
و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله .
و هکذا إستمرّت الثّورة الفاطمیّة من صدر الإسلام حتّیٰ یومنا هذا و ستبقیٰ مستمرّة حتّیٰ ظهور ولدها المهدي المنتقم فینادي یا لثارات جدّتي فاطمة !!!
ألیس الصّبح بقریب ؟؟؟
و لأجل أن تبقیٰ الثّورة الفاطمیّة حتّیٰ یوم ظهوره مستمرّة إستمرّ الأئمّة المعصومین سلام ﷲ علیهم أجمعین علیٰ إخفاء قبرها و عدم إظهاره لأحد من النّاس مع علمهم به قطعاً .
فهکذا نجحت السّیاسة الفاطمیّة طول التّاریخ فأخفقت المحاولات الیائسة من أعدائها للکشف عن قبرها و نبشه ، إذ حینما حاولوا ذلك شهر الإمام عليّ سیفه و وقف في وجوههم و حال دون فأخفقوا و فشلوا و نجحت الزّهراء و فازت .
و قد وردت في ذلك روایات عدیدة بأسانید صحیحة و معتبرة عن أهل البیت (ع) .
فمن ذلك ما رواه إبن جریر الطّبري بأسناده عن محمّد بن همام بن سهیل بأسناده عن أبي عبدﷲ جعفر بن محمّد (ع) في حدیث طویل قال :
« فغسّلها أمیرالمؤمنین (ع) و لم یحضر غیره و الحسن و الحسین و زینب و امّ کلثوم و فضّة جاریتها و أسماء بنت عمیس ، أخرجها إلیٰ البقیع لیلاً و معه الحسنان و صلّیٰ علیها و لم یعلم بها و لا حضر وفاتها و لا صلّیٰ علیها أحد من سائر النّاس غیرهم و دفنها في الروضة و عفیٰ موضع قبرها و أصبح البقیع لیلة مدفنها فیه أربعون قبراً جدیداً و لـمّا علم المسلمون بوفاتها جاؤا إلیٰ البقیع فوجدوا فیه أربعون قبراً !!
فأشکل علیهم قبرها من سائر القبور فضجّ النّاس و لام بعضهم بعضاً و قالوا :
لم یخلّف فیکم نبیّکم إلاّ واحدة تموت و تدفن و لم نحضر وفاتها و لا دفنها و لا الصّلاة علیها بل و لم تعرفوا قبرها!!!
فقال ولاة الأمر منهم : هاتوا من نساء المسلمین من ینبش هذه القبور حتّیٰنجدها فنصلّي علیها و نعیّن قبرها .
فبلغ ذلك أمیرالمؤمنین (ع) فخرج مغضباً قد احمرّت عیناه و درّت أوداجه و علیه القباء الأصفر الّذي کان یلبسه في الکریهة و هو یتوکّأ علیٰ سیفه ذي الفقار حتّیٰ أتیٰ البقیع !!!
فسار إلیٰ النّاس من أنذرهم و قال :
هذا عليّ قد أقبل کما ترونه و هو یقسم بالله لئن حوّل من هذه القبور حجر لیضعنّ السّیف في رقاب الآمرین .
فتلقّاه الرّجل و من معه من أصحابه و قال له :
مالك یا أبالحسن و ﷲ لننبش قبرها و نصلّي علیها !!
فأخذ عليّ بجوامع ثوبه ثمّ ضرب به الأرض و قال :
یابن السّوداء : أمّآ حقّي فقد ترکته مخافة إرتداد النّاس عن دینهم و أمّا قبر فاطمة فو الّذي نفس عليّ بیده لئن رمت أنت أو أصحابك شیئاً لأسقینّ الأرض من دماءکم فإن شئت فافعل یا ثاني .
و جاء الأوّل و قال له : یا أبالحسن بحقّ رسول ﷲ و بحقّ فاطمة إلاّ خلّیت عنه فإنّا لسنا فاعلین شیئاً تکرهه ، فخلّیٰ عنه و تفرّق النّاس و لم یعودوا إلیٰ ذلك ».
لأنّهم عرفوا بأنّ علیّاً (ع) لیس مأموراً بالصّبر إلیٰ هذا الحدّبل إنّه سوف یقتلهم بسیفه کما قتل صنادید العرب من قبل و ناوش ذؤبانهم فبقی لهم الخزی و العار و الشّنار إلیٰ الأبد بأنّ فاطمة (ع) أوصت بأن لا یحضرا جنازتها .
و لقد أجاد الشّاعر المفلّق الفحل الشّیخ کاظم الارزي حینما یصوّر کلّ ذلك بما یلي :
ترکوا عهد أحمد في أخیه
و أذاقوا البتول ما أشجاها
و هي العروة الّتي لیس ینجو
غیر مستعصم بحبل ولاها
لم یر ﷲ للرّسالة أجراً
غیر حفظ الرّهراء في قرباها
یوم جاءت یاللمصاب إلیها
و من الوجد ما أطال بکاها
فدعت و اشتکت إلیٰﷲ شکویٰ
و الرّواسي تهتزّ من شکواها
فاطمأنّت لها القلوب و کادت
أن تزول الأحقاد ممّن حواها
تّعِظ القوم في أتمّ خطاب
حکت المصطفیٰ به و حکاها
أیّها القوم راقبوا ﷲ فینا
نحن من روضة الجلیل جناها
نحن من باریء السّماوات سرّ
لو کرهنا وجودها ما براها
بل بآثارنا و لطف رضانا
سطح الأرض و السّماء بناها
و بأضواءنا الّتي لیس تخبو
حوت الشّهب ما حوت من سناها
و اعلموا أنّنا مشاعر دین ﷲ
فیکم فأکرموا مثواها
و لنا من خزائن الغیب فیض
یرد المهتدون منه هداها
إن تروموا الجنان فهي من ﷲ
إلینا هدیّة أهداها
هي دار لنا و نحن ذووها
لا یرا غیر حزبنا مرآها
و کذاك الجحیم سجن عدانا
حسبهم یوم حشرهم سکناها
أیّها النّاس : أیّ بنت نبيّ ؟
عن مواریثها أبوها زواها
کیف یزوی عنّي تراثي زاو
بأحادیث من لدنه إدّعاها
هذه الکتب فاسألوها تروها
بالمواریث ناطقاً فحواها
و بمعنیٰ یوصیکما ﷲ أمر
شامل للعباد في قرباها
کیف لم یوصنا بذلك
مولانا و تلکم من دوننا أوصاها ؟
هل رآنا لا نستحقّ إهتداء
و استحقّت هي الهدیٰ فهداها
أو تراه أضلّنا في البرایا
بعد علم لکی نصیب خطاها
ما لکم قد منعتمونا حقوقاً
أوجب ﷲ في الکتاب أداها
قد سلبتم من الخلافة خوداً
کان منّا قناعها و رداها
و لأیّ الامور تدفن سرّاً
بضعة المصطفیٰ و یُعفیٰ ثراها
فمضت و هي أعظم النّاس وجداً
في فم الدّهر غصّة من جواها
و ثوت لا یریٰ لها النّاس مثوی
أیّ قدس یضمّه مثواها
و لقد نظمت أنا بهذه المناسبة ما یلي :
بادرت بضعة النّبيّ دفاعاً
تطلب النّحلة الّتي غصباها
فأتت فاطم بخیر شهود
و عدول هم أقلّت ثراها
فهي لا تدّعي بغیر شهود
و هي لا تتّبع بذاك هواها
فعليّ صادق و فاطم صدّیقة
و صادقین هما حسناها
صدقت اُمّ أیمن و کذا قنبر
شهد الحقّ بالحقیقة فاها
خالفوا الحقّ عامدین فقالوا
بعلها طامع بذا و ابناها
حکم ﷲ في کتاب مبین
إنّما الفیئ ملکه یؤتاها
ثمّ جاء الأمین بالوحی نصّاً
آت حقّ القربیٰ لبنتك طٰه
فدك نحلة لفاطمة حقّاً
بعد أموال امّها تعطاها
فاستجاب العتیق للحقّ رغماً
و کتاب بملکها أعطاها
أعلن الثّاني العداء عناداً
مزّق السّفر سفلة و سفاها
فدعت ربّها علیه جهاراً
مزّق اللّهمّ بطنه یا إلها
غضبت عند ذلك قالت
قبّح ﷲ منك وجهاً و شاها
فقضت نحبها و هي غضبیٰ
أسرعت تشتکي علیه أذاها
بعدما أخبر النّبيّ بأنّ ﷲ
یغضب و یرتضي لرضاها
فهي أوصت بدفنها جوف لیلٍ
في ظلام لا یشعرون إنتباها
فلهذٰی الامور تدفن سرّاً
بضعة المصطفیٰ و یعفیٰ ثراها
و لقد حلّق في سمآء الشعر شاعر الفاطمیّین الهاشمیّین شرّیف مکّة قتادة بن إدریس حینما وصف ذلك وصفاً بلیغاً في هذه القصیدة الهآئیّة قبل الاُزري فقال :
و أتت فاطمٌ تطالب بالإرث
من المصطفیٰ فما ورّثاها
لیت شعري لم خولفت سنن
القرآن فیها و ﷲ قد أبداها
رضیٰ النّاس إذ تلوها بما لم
یرض فیها النّبيّ حین تلاها
نسخت آیة المواریث منها
أم هما بعد فردها بدّلاها
ثمّ قالت : فنحلة من والدي
المصطفیٰ فلم ینحلاها
فأقامت بها شهوداً فقالوا
بعلها شاهدٌ لها و ابناها
لم یجیزوا شهادة إبنی رسول
ﷲ هادی الأنام إذ ناصباها
لم یکن صادقاً عليّ و لا فاطمٌ
عندهم و لا ولداها
کان أتقی لله منهم عتیق
قبح القباح المحال و شاها
جرّعاها من بعد والدها الغیظ
مراراً فبئسما جرّ عاها
لیت شعري ما کان ضرّهما
ألحفظ لعهد النّبيّ لو حفظاها ؟
کان إکرام خاتم الرّسل طٰه
البشیر النّذیر لو أکرماها
إنّ فعل الجمیل لم یأتیاه
و حسان الأخلاق ما اعتمداها
و لو إبتیع ذلك بالثّمن
الغالي لما ضاع في اتّباع هواها
أتریٰ المسلمین کانوا یلومون
في العطاء لو أعطیاها ؟
کان تحت الخضراء بنت نبيٍّ
صادق ناطق أمین سواها ؟
بنت من اُمّ من حلیلة من
ویل لمن سنّ ظلمها و اذاها
قل لنّا أیّها المجادل في القول
عن الغاصبین إذ غصباها
أهما ما تعمّداها کما قلت :
بظلم کلاّ و لا إهتضمآها !!
فلماذا إذ جهّزت للقآء ﷲ
عند الممات لم یحضراها ؟!
شیّعت نعشها ملائکة الرّحمٰن
رفقاً بها و ما شیّعاها ؟
کان زهداً في أجرها أم عناداً
لأبیها النّبيّ لم یتبعاها ؟
أم لأنّ البتول أوصت بأن لا
یشهدا دفنها فما شهداها ؟
اُم أبوها أسرّ ذاك إلیها
فأطاعت بنت النّبيّ أباها
کیف ما شئت قل کفاك فهذی
فریة قد بلغت أقصیٰ مداها
أغضباها و أغضبا عند ذاك
ألله ربّ السّمآء إذا أغضباها
و کذا أخبر النّبيّ بأنّ ﷲ
یرضیٰ سبحانه لرضاها
لا نبيّ الهدیٰ اُطیع و لا
فاطمٌ اٌکرمت و لا حسناها
و حقوق الوصيّ ضُیّع منها
ما تساما في فضله و تناهیٰ
تلك کانت حزازة لیس تبریٰ
حین ردّا عنها و قدخطباها
فدعت و اشتکت إلیٰﷲ من ذاك
و فاضت بدمعها مقلتاها
أتریٰ آیة المودّة لم تأت
بودّ الزّهرآء في قرباها ؟
ثم قالا : أبوك جاء بهذا
حجّة من عنادهم نصباها
قال : للأنبیاء حکم بأن لا
یورثوا في القدیم و انتهراها!
أفبنت النّبيّ لم تدر إن
کان نبيّ الهدیٰ بذالك فاها ؟
بضعة من محمّد خالفت
ما قال حاشاها مولاتنا حاشاها
سمعته یقول ذاك و جاءت
تطلب الإرث ضلّة و سفاها؟
هي کانت لله أتقیٰ و کانت
أفضل الخلق عفّة و نزاها
أو تقول النّبيّ قد خالف
القرآن ویح الأخبار ممّن رواها؟
سل بإبطال قولهم سورة النّمل
و سل مریم الّتي قبل طاها
فیها ینبئان عن إرث یحییٰ
و سلیمان من أراد أنتباها
إلیٰ آخر أبیات قصیدته الرّائعة رضوان ﷲ علیه و حشره مع جدّته الزّهراء فاطمة سلام ﷲ علیها آمین .
نشر في الصفحات 302-290 من كتاب قدیسة الاسلام