حقّاً إنّ العقل یتحیّر و إنّ القلم یهتزّ حینما یرید أن یسطّر للتّارخ إستنصار الصّدّیقة المظلومة فاطمة الزّهرآء بضعة رسول ﷲ (ص) و فلذة کبده ، إذ أنّها الخلیفة الوحیدة من بعده و لم یخلّف خلفاً من صلبه سواها فهي روحه الّذي بین جنبیه و یجب نصرتها في کتاب ﷲ و وصیّة رسوله و في عرف الإنسانیّة و العواطف البشریة و في القوانین العقلیّة و المنطقیّة فالواجب العقلي و الشّرعي و الإنساني یحتّم علیٰ المسلمین نصرتها و الدّفاع عن حقّها و ظلامتها حینما تقوم الزّهراء (ع) باستنصار المسلمین و الأنصار و المهاجرین .
ولکن یا تریٰ هل أدّیٰ أحد منهم هذا الواجب و قام بنصرتها و الدّفاع عنها ؟؟
کلاّٰ و مع الأسف الشّدید فالتّأریخ الصّحیح یذکر لنا أنّ علیّاً أمیرالمؤمنین (ع) کان یحمل فاطمة المظلومة علیها السّلام علیٰ ناقته و یأتي بها إلیٰ أبواب المهاجرین و الأنصار طیلة أربعین یوماً بعد الفراغ من عزاء رسول ﷲ (ص) فیطرق أبوابهم و عندما یفتحون الأبواب کانت تذکّرهم الصّدّیقة بوصایا رسول ﷲ (ص) في عترته و کانت تتظلّم إلیهم و تستنصرهم بصراحة فتقول :
جئتکم مستنصرة . فتطلب منهم النّصرة و تتّم علیهم الحجّة لکنّهم کانوا یعتذرون بأنّهم قد سبقت منهم البیعة !!!
فواعجباً تطرق بضعة النّبي و فلذة کبده أبوابهم و تطلب منهم النّصرة فلا ینصرونها بل یخذلونها !
فما عساهم أن یجیبوا رسول ﷲ (ص) یوم الحشر ؟ و ما سوف یلاقون غداً یوم الحساب ؟؟
فیا لظلامة الزّهراء علیها السّلام و یا قبحاً للخاذلین !
فما عسیٰ أن یقول المرء في هؤلاء الّذین سلبت منهم الغیرة و الحمیّة و العاطفة و الإنسانیّة ؟؟
فلیس إلاّٰ أن أقول :
إنّهم إنقلبوا علیٰ أعقابهم بعد رسول ﷲ (ص) و سیعلم الّذی ظلموا أیّ منقلب ینقلبون .
و لیس إلاّٰ أن نحکم علیهم کما حکم رسول ﷲ (ص) علیٰ من سمع مسلماً ینادي یا للمسلمین و لم یجبه أنّه لیس بمسلم إنّهم بع ما سمعوا الزّهراء (ع) تنادي یا للمسلمین و تستنصرهم و لم یجیبوها و لم ینصروها أنّهم خرجوا عن الإسلام . و حینئذ یخاطبهم الجلیل جلّ جلاله بقوله :
لکنّهم بدل أن یقاتلوا في سبیل ﷲ و آل محمّد المستضعفین المقهورین المظلومین قاتلو علیّاً و الحسنین و أولادهم و لقد أجاد الشّاعر حینما قال :
ما المسلمون بأمّة لمحمّد
کلاّٰ ولکن أمّة لعتیق
جاءتهم الزّهراء تطلب حققاً
فتقاعدوا عنها بکلّ طریق
و تواثبوا لقتال آل محمّد
لـمّا دعتهم إبنة الصّدّیق
فقعودهم عن هذه و قیا
مهم مع هذه یغني عن التحقیق
و أضیف أنا هذا البیت للإکمال :
و بحرق باب الدّار عمداً إنّهم
هم سبّبوا یوم الطّفوف حریق
نشر في الصفحات 304-303 من كتاب قدیسة الاسلام