و لقد نطق روح القدس علیٰ لسان شیخنا الأعظم الشّیخ محمّد حسین الغروي (ق) فنظم في میلاد السّیدة الصّدیة الکبریٰ فاطمة الزّهراء سلام ﷲ علیها هذه الأبیات :
جوهرة القدس من الکنز الخفي
بدت فأبدت عالیات الأحرف
و قد تجلّیٰ من سماء العظمة
من عالم الأسماء أسمیٰ کلمة
بل هي اُمّ الکلمات المحکمة
في غیب ذاتها نکاتُ مبهمة
اُمّ أئمّة العقول الغرًّ بل
ُمُّ أبیها و هو علّة العلل
روح النّبيّ في عظیم المنزلة
وفي الکفاء کفو من لا کفو له
تمثّلت رقیقة الوجود
لطیفةُ جلّت عن الشهود
تطوّرت في أفضل الأطوار
نتیجة الأدوار و الأکوار
تصوّرت حقیقة الکمال
بصورةٍ بدیعة الجمال
فإنّها الحوراء في النّزول
وفي الصّعود محور العقول
یمثّل الوجوب في الإمکان
عیانها بأحسن البیان
فإنّها قطب رحیٰ الوجود
في قوسی النّزول و الصّعود
و لیس في محیط تلك الدّائرة
مدارها الأعظم إلاّٰ الطّاهرة
مصوتةُ عن کلّ رسمٍ و سمة
مرموزةُ في الصّحف المکرّمة
صدّیقةُ لا مثلها صدّیقة
تُفرغ بالصَّدق عن الحقیقة
هي البتول الطّهر و العذراء
کمریم الطّهر و لا سواء
فإنّها سیّدة النّساء
و مریم الکبریٰ بلا خفاء
وحبّها من الصّفات العالیة
علیّة ذات القرون الخالیة
و تبتّلت عن دنس الطّبیعة
فیالها من رتبةٍ رفیعة
مرفوعة الهمّة و العزیمة
عن نشأة الزّخارف الذّمیمة
في افق المجد هي الزّهراء
للشّمس من زهرتها الضّیاء
بل هي نور عالم الأنوار
و مطیلع الشّموس و الأقمار
رضیعة الوحي من الجلیل
حلیفة المحکم و التّنزیل
مفطومةُ من زلل الأهواء
معصومةُ عن وصمة الأخطاء
معربةُ بالسّتر و الحیاء
عن غیب ذات باریء الأشیاء
راضیةُ بکلّ ما قضیٰ القضا
بما یضیق عنه واسع الفضا
زکیّةُ من وصمة القیود
فهي غنیّةُ عن الحدود
یا قبلة الأرواح و العقول
وکعبة الشّهود والوصول
من بقدومها تشرّف منیٰ ؟
و من بها تُدرك غایة المــُنیٰ ؟
لكَ الهنا یا سیّد الوجود
في نشئات الغیب و الشّهود
بمن تعالیٰ شأنها عن مثل
کیف و لا تکرار في التّجلّي
لا یتثنّی هیکل التّوحید
فکیف بالنّظیر و النّدید
و مُلتقیٰ القوسین نقطةً فلا
تریٰ لها ثانیةً أو بدلاً
وحیدةُ في مجدها القدیم
فریدةُ في أحسن التّقویم
بشراك یا أبا العقول العشرة
بالبضعة الطّاهرة المطهَّرة
مهجة قلب العالم الإمکان
و بهجة الفردوس و الجنان
غُرّتها الغرّآء مصباح الهدیٰ
یُعرف حسن المنتهیٰ بالمبتدا
و في محیّاها بعین الأولیا
عینان من ماء الحیاة و الحیا
بل وجهها الکریم وجهُ الباري
و قبلة العارف بالأسرار
واحدة النّبيّ أوّل العدد
ثانیة الوصيِّ نسخة الأحد
و مرکز الخمسة من أهل العبا
و محور السّبع علوّاً و إبا
لك الهنا یا سیّد البریّة
بأعظم المواهب السَّنیّة
أتاك طاووس ریاض القدس
بنفحةٍ من نفاحاتِ الاُنس
من جنّة الصّفات و الأسماء
جلّت عن المدیح و الثّناء
فار تاحت الأرواح من شمیمها
و اهتزّت النّفوس من نسیمها
بها انتشیٰ في الکون کلّ صاح
و طابت الأشباح بالأرواح
تحییٰ بها الأرض و من علیها
و مرجع الأمر غداً إلیها
بشراكِ یا خلاصة الإیجاد
بصفوة الأمجاد و الأنجاد
اُمُّ الکتاب و ابنة التّنزیل
ربّة بیت العلم بالتّأویل
بحر النّدیٰ و مجمع البحرین
قلب الهدیٰ و مهجة الکونین
وبابها باب نبیّ الرّحمة
و باب أبواب و نجاة الاُمّة
و بابها باب العلیّ الأعلیٰ
فثم وجه ﷲ قد تجلّیٰ
و ممّا نظمت فیها سلام ﷲ علیها :
یا عذولي لا تلمني في هواها
أنا أهواها و لا أهویٰ سواها
هي حوراء من الجنّة جاءت
هي اُمّي و هي اُمُّ لأبیها
فاطمُ و هي بتولُ راضیة
کوثرُ جاءت بنسل الخیر طٰه
ملکت قلبي و نفسي فاطمة
إنّني بالنّفسي ها إذ أفتدیها
و لقد جادت قریحتي فنظمت فیها إیضاً :
أیا عاذلي عن حبّ فاطم إنّني
شغوفُ بها حبّاً و همت بها وجداً
اُلاقي من الأعداء حقداً عداوةً
فمن معرضٍ وجهاً و من صاغرٍ خدّاً
و من عابسٍ بغضاً یدیر بوجهه
و یرمقني شزراً و یمنعني ودّاً
و یبغصني في حبّها و ولائها
کأنّي قدیماً قد قتلت له ولدا
فوﷲ ما حبّي لها بتکلّفٍ
ولکنّها في الفضل ها جاوزت حدّا
هي النّور نور ﷲ جلّ جلاله
فلولا عليُّ الکفو کانت هي الفرداً
یقبّل أیدیها أبوها محمّدُ
و یلئم مولاها عليُّ لها خدّا
أشمُّ ثراها إنّني عاشقُ لها
فإنّي قد أصبحت حتماً لها عبداً
نشر في الصفحات 42-39 من كتاب قدیسة الاسلام