ما رواه الصّحابة في فضل القدّیسة (ع)
2018-05-21
فاطمة (ع) اُمّ الاُمّـــــــــــــــــــــــة
2018-05-21

 

1- فاطمة (ع) اُمّ الرّسالة

الرّسالة هي إبلاغ شرع ﷲ إلیٰ النّاس و إیصال أحکام القرآن إلیٰ البشر فقد أدّاها النّبي (ص) کاملة فکان رسول ﷲ حقّاً .

و عاشت الزّهراء (ع) تجربة الرّسالة کما تعلّمها من والدها الرّسول (ص) و تحمّلت مسؤولیّة الإبلاغ و إلتزمت بها بصدق و إخلاص و أمانة و الوفاء و نالت في سبیل ذلك ما نالت فذاقت الأمرّین في سبیل مسؤولیّتها الرّسالیّة في حیاة والدها العظیم و بعد وفاته .

ففي حیاته (ص) شارکته الآلام و المصائب و المحن الّتي وردت علیه بعد أن جهر معلناً بالرّسالة و صدع بها من المشرکین في مکّة فکانت منذ طفولتها تُزیل عن ظهره ما کان الأعداء یلقونه علیه إستخفافاً ثمّ تابعته في الهجرة فکانت من أوّل المهاجرات في سبیل ﷲ ثمّ کانت تؤدّي واجباتها الرّسالّة في الحرکات الجهادیّة بمهمّة التّضمید لجراحات النّبي و علي و حمزة و جعفر علیهم السّلام ، و بعد حیاته أدّت الدّور الرّسالي الهامّة بالدّفاع عن وصيّ رسول ﷲ و توعیة الجماهیر ثمّ إتّخذت سیاسة المعارضة السّلبیّة مهمّةً رسالیّة حتّیٰ المماة :

فکما أنّ لکلّ علّةٍ مُحدثة لا بدّ من علّة مبقیة حتّیٰ تضمن له الإستمرار حسب القانون العقلي الفلسفي فإستمرار شرع النّبي توقّف علیٰ وجود فاطمة الزّهراء (ع) فهی اُمّ الرّسالة . فالإسلام هو محمّديّ الحدوث و فاطمّي البقاء .

لهذا بتّضح معنیٰ الحدیث القدسي الّذي یخاطب به النّبي (ص) : « لولاك لـما خلقتُ الأفلاك و لو لا علي لـما خلقتُك و لو لا فاطمة لـما  خلقتکما » أی لو لا إیجاد العلّة المبقیة لما أوجد العلّة المحدّثة و هذا صحیح عند العلماء و الفلاسفة .

و کذلك فإنّ ﷲ أراد أن ینوّه بأنّ فاطمة هي قطب الوجود لأفضل الموجود محمّد (ص) حیث إنّه واسطة الإیجاد و به الوجود لها فکان العلّة الفاعلیّة لوجودها وهي العلّة الغائیّة و حسب قانون العلّیّة و المعلولیّة فإنّ العلّة الغائیة إذا لم تتحقق لم توجد العلّة الفاعلیّة .

لذلك نراه سبحانه یقول في حدیث الکساء لجبرئیل (ع) : « هم فاطمة و أبوها و بعلها و بنوها » فقدّم ذکرها علیٰ أبیها و بعلها فصرّح بأنّها لها مرتبة العلیّةّ الغائیّة في الإیجاد و لولاها لما وُجدت العلّة الفاعلیّة ثمّ أراد أن ینوّه عن حقیقة مقامها العظیم و أنّها محور الرّسالة المحمّدیّة و العلّة المبقیة لها فبقی الإسلام ببرکتها ، فهي اُمّ الرّسالة المحمّدیّة و قد خصّها ﷲ بعد والدها العظیم فبعث إلیها جبرائیل یؤنسها بعد والدها و یحدّثها عن الحلال و الحرام و الأحکام الشّرعیة ، صغیرها و کبیرها ، حتّیٰ أرش الخدش ؛ کما صرّحت بها الرّوایة الّتي یرویها الشّیخ الکلیني رحمه ﷲ في الکافي و یرویها الشّیخ المجلسي رحمة ﷲ في البحار فکانت تکتب کلّما کان یُحدّثها أمین الوحی جبرائیل (ع) و قد أتحفها بعلم الجفر و علم البلایا و المنایا و ما سیقع وسیکون في المستقبل إلیٰ یوم القیامة و قد کتبتها علیٰ جلد جفر فسمّي بعلم الجفر لذلك حسب النّصوص الواردة و هذه العلوم الشّرعیة و الإحکام الإسلامیّة الّتي القاها علیها جبرائیل فسجّلة القدّیسة فاطمة الصّدّیقة هي ما تسمّي بمصحف فاطمة (ع) إذ فیها تفسیر آیات أحکام القرآن و السّنّة النّبویّة و هذه کلّها من مواریث الإمامة الّتي ورثها أولادها المعصومین سلام ﷲ علیهم أجمعین و هي الآن عند إمام الزّمان المهدي المنتظر من ولد فاطمة (ع) و عند ظهوره القریب سیأتي بها مع سائر مواریث النّبوّة و الإمامة کسیف جدّه ذي الفقار و مصحف أمیر المؤمنین (ع) الّذي جمع فیه القرآن بترتیب نزوله و بقرائة آل محمّد (ص) ، ثمّ إنّ الصّدّیقة القدّیسة حینما رأت النّاس و العامّة قد إنقلبوا علیٰ أعقابهم بعد وفات أبیها رسول ﷲ (ص) و ترکوا الحق و الشّرع و نبذوا القرآن و العترة وراء ظهورهم و اتّخذوا آیات ﷲ هزواً قامت بمسؤولیّة تّوعیة الجماهیر و أداء الرّسالة الإسلامیّة لأنّها هي وحدها اُمّ الرّسالة المحمّدیة فلذلك نراها سلام ﷲ علیها تُرکّز في خطبتها في مسجد رسول ﷲ (ص) علیٰ بیان الحکمة التّشریعیّة للأحکام الإسلامیّة و السّنّة النّبویّة و سنذکر خطبتها بالتّفصیل في التّحدّث عن بلاغتها و لیٰکنّنا نشیر إلیٰ ما وصف به الأحکام التّشریعیّة من المصالح و الحکم و الفوائد و الآثار لتوعیة الجماهیر بغیة إبلاغ الرّسالة المحمّدیّة إلیهم لکی یرجعوا إلیٰ الدّین الإسلاميّ الّذي أساسه القرآن و العترة و یترکوا الجاهلیّة فقالت (ع) :

« فجعل ﷲ الإیمان تطهیراً لکم من الشّرك » ، فحثت الجماهیر علیٰ الرّجوع إلیٰ الإیمان بالله و برسوله و ترك شرك الجاهلیّة .

« و الصّلاة تنزیهاً لکم عن الکبر » ، فأوضحت للجماهیر أنّ الّذي تسبّب في طرد إبلیس عن رحمة ﷲ هو الکبر و الصّلاة علاجه . و قالت :

« والزّکواة تزکیةً للنّفس و نمآءً في الرّزق » ، فأعلنت للجماهیر أنّ الّذین منعوها حقّها من سهم ذي القربیٰ و الّذین غصبوها حقّها في فدك و العوالي و الّذین حرموها إرثها أنّما أساؤا إلیٰ أنفسهم أکثر ممّا تسبّبوا في إضرارها إذ أنّ الحکمة التّشریعیّة للإنفاق الواجب في الإسلام هي تزکیة النّفس أوّلاً ، لذلك فإنّ ﷲ سبحانه یقول : ﴿  قَد أفلَحَ مَن تَزکّیٰ و ذَکرَ أسم ربِّه فصلّیٰ بَل تُؤثرون الحیاة الدّنیا و الآخرةُ خیرُ و أبقیٰ﴾ ، ثمّ ذکرت حکمة تشریع الصّیام فقالت:

«و الصّیام تثبیتاً للإخلاص » ، فأفهمت الجماهیر بأنّ الإخلاص لله شرطُ في العبادات کلّها سیّما الصّوم الّذي هو من الأحکام الشّرعیّة الّتي تفید تقویة الإرادة النّفسیّة و الرّوحیّة إذ إنّ الإنسان یخالف هوی نفسه و مشتهیاته النّفسیّة من الأکل و الشّرب و الشّهوات و غیرها فیخلص لله ؛ و ذکرت الحجّ فقالت :

« والحجّ تشییداً للدّین » ، فأفهمت الجماهیر إنّ الدّین لیس فقط ما یربط الإنسان بربّه بل إنّ الدّین یهتمّ بلمّ شمل المسلمین و جمعهم و توحیدهم في صعیدٍ واحد في الحجّ ثمّ ذکرت العدل الّذي حطّمه الحزب الحاکم و داسوه بأقدامهم فقالت :

«جعل ﷲ العدل تنسیقاً للقلوب» ، فأوعت الجماهیر غبّ عواقب الظّلم و ترك العدل ثمّ صرّحت بقولها :

«و طاعتنا نظاماً للملّة و امامتنا أماناً من الفرقة» ، فأفهمت المسلمین إنّهم بترکهم العترة و إمامتهم أوجدوا ألفرقة و الإختلاف فی الاُمة إلیٰ یوم القیامة .


نشر في الصفحات 119-116 من كتاب قدیسة الاسلام

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *