قال ﷲ تعالیٰ : « إنّما یُرید ﷲ لیُذهب عنکم الرّجس أهل البیت و یُطهّرکم تطهیراً » ، و أنّما هي أداة حصرٍ قطعاً .
و الإرادة الإلٰهیّة الرّبّانیّة التّکوینیّة الّتي لا یتخلّف المراد عنها أبداً إذ أن تخلّف المراد عن الإرادة الإلٰهیّة محال بالإجماع ، فإنّه إذا أراد شیئاً یقول له :
کن فیکون و لا شيء یحول دون إرادته سبحانه .
و الخطاب لفاطمة و عليٍّ و الحسنین بالإجماع إیضاً .
و البیت هو بیت فاطمة (ع) قطعاً و یقیناً و لا شكّ فیه فقد أکّد النّبي (ص) ذلك بقوله و فعله حیث کان یخرج أبعین یوماً صباحاً فیقف علیٰ باب بیتها و یُنادي : السّلام علیکم ؛ إنّما یُرید ﷲ لیذهب عنکم الرّجس أهل البیت ویُطهّرکم تطهیراً .
و لا عبرة لتصرّف الأیدي الأمویّة في وضع هذه الآیة ضمن آیة : یا نساء النّبيّ کی یتوهّم دخول النّساء ضمنها ، إذ أنّ آیة النّساء ضمائرها مؤنّتة و ضمائر آیة التّطهیر مذکّرة و کل عارف باللّغة و قواعد العربیّة یفهم أنّ آیة التّطهیر مستقلّة عن آیة النّساء فلا یشمل التّطهیر نساء النّبي (ص) قطعاً و بالضّرورة .
و إذهاب الرّجس و التّطهیر معناه الصّیانة الجسمیّة و الرّوحیّة معاً من جمیع الأنجاس و الحدث و الخبث و الخطایا و الآثام و الهفوات و الزّلاّٰت فقد طهّرهم ﷲ منها تکویناً جسماً و روحاً ، لذلك فإنّ الصّدّیقة الطّاهرة (ع) کانت بتول لا تریٰ الدّم و لا تعرض لها العادة النّسائیّة و لا النّفاس بدلیل الأحادیث و الرّوایات المتواترة .
و کذلك بدلیل أنّ النّبي (ص) سدّ الأبواب إلاّٰ باب دارها عن مسجد و منع غیرها حتّیٰ زوجاته و اُمّهات المؤمنین من العبور في المسجد في حال الحیض و الجنابة و النّفاس و لکنّها لطهارتها لم تُمنع کغیرها .
و قد أجمع الفریقان العامّة و الشّیعة علیٰ شمول الآیة لفاطمة و عليٍّ و الحسنین علیهم السّلام فکما أنّ النّبي (ص) کان معصوماً طاهراً من الدّنس فکذلك بضعته الطّاهرة طهّرها ﷲ مثله فهي اُمّ أبیها من حیث العصمة و الطّهارة إیضاً .
و بما أنّها طاهرة مطهّرة بنصّ القرآن فیجب علیٰ المسلمین تصدیقها في إدّعاءها لفدك و غیره إذ هي معصومة عن الکذب و الطّمع في أموال المسلیمن و لا تدّعي ما لیس لها شرعاً .
و إلیك بعض الأحادیث في شمول آیة التّطهیر لفاطمة الطّاهرة المطهّرة (ع) :
رویٰ محمّد بن طلحة في مطالب السّؤول (ص:18) بإسناده :
( أنّ رسول ﷲ (ص) خرج و علیه مرط مرحل أسود فجاه الحسن فأدخله ثمّ جاء الحسین فأدخله ثمّ جاءت فاطمة فأدخلها ثمّ جاء عليّ فأدخله ثمّ قال :
« إنّـما یُرید ﷲ لیُذهب عنکم الرّجس أهل البیت ویُطهّرکم تطهیراً » ).
و روی أحمد بن حنبل في مسنده (ج:2 ص:259) بأسناده عن أنس بن مالك : أنّ النّبی (ص) کان یمرّ ببیت فاطمة ستّة أشهر إذا خرج إلیٰ الفجر فیقول :
و رویٰ التّرمذي في سننه (ج:5 ص:328) بأسناده عن عمر بن ابي سلمة ربیب النّبي (ص) قال :
( نزلت هذه الآیة علیٰ النّبي ﴿ إنّـما یُرید ﷲ لیُذهب عنکم الرّجس أهل البیت و یُطهّرکم تطهیراً ﴾ في بیت اُمّ سلمة فدعا النّبي (ص) فاطمة و حسناً و حسیناً فجلّلهم بکساء و عليُّ خلف ظهره فجلّله بکساء ثمّ قال :
قالت اُمّ سلمة : و أنا معهم یا رسول ﷲ ؟
قال : « أنت علیٰ مکانك و أنت علیٰ خیر » ).
و قال السّیوطي : أخرج إبن مردویة و الخطیب عن أبي سعید الخدري قال :
( کان یوم اُمّ سلمة فنزل جبرئیل علیٰ رسول ﷲ (ص) بهذه الآیة :
﴿ إنّـما یُرید ﷲ لیُذهب عنکم الرّجس أهل البیت و یُطهّرکم تطهیراً ﴾ قال :
فدعا رسول ﷲ بحسن و حسین و فاطمة و عليٍّ فضمّهم إلیه و نشر علیهم الثّوب و الحجاب علیٰ اُمّ سلمة مضروب ثمّ قال :
قالت اُمّ سلمة : فأنا معهم یا بني ﷲ ؟
قال : أنت علیٰ مکانك و إنّك علیٰ خیر )).
و رویٰ الحاکم النّیسابوري في مستدرك الصّحیحین (ج:3 ص:146) بأسناده عن اُمّ سلمة قالت :
في بیتي نزلت :﴿ أنّـما یُرید ﷲ لیُذهب عنکم الرّجس أهل البیت ﴾ .
قالت : فأرسل رسول ﷲ (ص) إلیٰ عليٍّ و فاطمة و الحسن و الحسین فقال : « هٰؤلاء أهل بیتي ».
فأثبت رسول ﷲ (ص) بقوله و عمله أنّ آیة التّطهیر تخصُ علیّاً و فاطمة و الحسنین و لا تشمل أزواجه حتّیٰ
اُمّ سلمة التّقیّة فأخرجها من الکساء و لم یدخلها تحت الکساء لیعلن للعالم أنّ أزواجه لسن مطهّرات من الرّجس رغم من جعل آیة التّطهیر بعد آیة یا نّساء النّبي عند جمع القرآن لیوهم ذلك و إن کانت الألفاظ متغایرة فآیة : یا نّساء النّبي ضمائرها جمع المؤنّث « لستنّ إن تقیتنّ » و آیة التّطهیر ضمائرها جمع المذکّر « عنکم و یطهرکم » ممّا یدلّ علیٰ تغایر الخطاب .
نشر في الصفحات 126-123 من كتاب قدیسة الاسلام