فاطمة اُمّ البلاغة

کان رسول ﷲ (ص) سیّد البلغآء کأمیر المؤمنین عليّ بن أبي طالب (ع) فکان کلامه فوق کلام المخلوق و دون کلام الخالق .

فشبّت فاطمة الزّهراء (ع) بلیغة کأبیها (ص) لأنّها بضعة منه فأصبحت اُمّ البلاغة في عصرها فلا تریٰ في بلیغات النّسآء من یجاریها في بلاغتها .

و تتجلّیٰ بلاغة فاطمة (ع) من خطبتها في مسجد رسول ﷲ (ص) کما رویٰ ذلك الفریقان العامّة و الإمامیّة و أنا أرویها بأسانیدي المتّصلة عن الفریقین .

فمن الإمامیّة رواها الشّیخ الطّبرسي في کتاب « الأحتجاج » و من العامّة رواه الجوهري في کتاب « سقیفة و فدك» بأسانید تنتهي إلیٰ السّیّدة زینب بنت علي و اُخریٰ إلیٰ عائشة بنت أبي بکر و أسانید غیرها تنتهي إلیٰ الإمام أبي جعفر الباقر (ع) و إلیٰ عبدﷲ بن الحسن بن الحسن و قد أخرجها المرزباني بالإسناد إلیٰ عروة بن الزّبیر عن عائشة رواها إبن أبي الحدید المعتزلي من العامّة في مجلّد الرّابع من شرح النّهج (ص:94) بالإسناد إلیٰ زید بن عليّ بن الحسین (ع) ثمّ ینقل عن زید قوله :

( رأیت مشایخ آل أبي طالب یروونها عن آباءهم و یعلّمونها أولادهم ) .

قال الطّبرسي (ر) في الإحتجاج :

رویٰ عبدﷲ بن الحسن بأسناده عن آباءه (ع) أنّه لـمّا أجمع أبوبکر و عمر علیٰ منع فاطمة فدکاً و بلغها ذلك لاثت[1]خمارها[2]علیٰ رأسها و اشتملت بجلبابها[3]و أقبلت في لـمّة[4] من حفدتها[5]ونساء قومها تطأُ ذیولها ما تخرم[6]مشیتها مشیة رسول ﷲ (ص) حتّیٰ دخلت علیٰ أبي بکر و هو في حشد من المهاجرین و الأنصار و غیرهم فنیطت[7] دونها ملاءه فجلست .

ثمّ أنّت أنّه أجهش القوم لها بالبکاء فارتجّ المجلس .

ثمّ أمهلت هنیهه حتّیٰ إذا سکن نشیج[8] القوم و هدأت فورتهم إفتتحت الکلام بحمدﷲ و الثّناء علیه و الصّلاة علیٰ رسوله فعاد القوم بالبکاء فلمّا أمسکوا عادت في کلامها و قالت :

و أنا أذکر ما قالت مع إدخال المعاني للألفاظ البلیغة بین قوسین في الحاشیة .

[1]– لاثت : شدّت.

[2]– خمار : المقنعة للرّأس و الصّدر.

[3]– الجلباب : العباء.

[4]– اللّمّة : الجماعة الملتمّة.

[5]– الحفدة : المحتفّة بها من خدمها.

[6]– ما تخرم : ما تختلف عنه.

[7]– نیطت : علّقت

[8]– النّشیج : العویل

نشر في الصفحات 146-145 من كتاب قدیسة الاسلام