(82)
سورَة البَقَرةِ = آدَم (ع)
بِإسمِ ذاتِيَ الأقدَسِ الخالِقِ البارِيءِ المُصَوِّرِ الجاعِلِ في الأرضِ خَليفَه و بإسمِ رَحمانِيَّتي الشامِلَةِ لِخَلقي وَ رَحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بِعباديَ المُخلِصين اُوحي :
أرمِزُ إليك يا حبيبي بِألِف لام ميم من الحروف النورانيّة الّتي تُشَكِّلُ جُملَةَ صِراطِ عليٍّ حَقٌّ نُمسِكُه ذلكَ القرآن النّازل عليكَ وَحيٌ مِنَ الله لا شكّ فيه و هو كتابُ هدايةٍ للمُتّقين المُوالين لِمُحمّدٍ وَ آلِهِ (ص) ،
هُديًٰ لِلّذين يُؤمِنون بمالَم يَشهَدوهُ بَعدُ وَهُو غائِبٌ عَنهُم عَنِ المعادِ و النُّشورُِ و الجِنِّ و المَلَكِ و يُقيمونَ الصَلاةَ مِن غير زيادَةِ بِدعَةٍ أو نقيصَةٍ وَالّذين هُم ممّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ الخُمسَ وَالزكاةَ لِمُستَحِقّيها ،
وَ هُديًٰ لِلّذين يُؤمنونَ بما اُنزِلَ إليكَ في القرآن بشأنِ ولايةِ عليٍّ وَ وُلِدِهِ (ع) وَ ما اُنزِلَ مِن قَبلِكَ في التَّوْراةِ والإنجيلِ بِشَأنِ فَضائِلِهم و بالآخِرَةِ وَ الحِسابِ وَ الجَزاءِ هُم يُؤقِنونَ و يُصَدِّقون ،
اُولئِكَ المُؤمِنونَ المُتَّقونَ المُوالونَ لِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) هُم عليٰ هِدايَةٍ و رَشادٍ من ربّهم و اُولئِكَ هُمُ المُفلِحون الفائِزونَ بِرِضوانِ الله و الجَنّه كما قال النّبيُّ (ص) إنَّ عَليّاً (ع) و شيعَته هُمُ الفائِزون .
إنّ الّذين كفَروا باللهِ و بِولايَتِكُم يا رسول الله كالحِزبِ الاُمَويّ سواءٌ عليهِم تَأثيراً إنّكَ أنذَرتَهُم أم لم تُنذِرهُم و تُخَوِّفُهُم و تُهَدِّدُهُم فَهُم لا يُؤمِنون أبَداً ،
أغلَقوا قُلوبَهُم و أسماعَهُم و أبصارَهُم عَن دُخولِ الإيمانِ فَطَبَعَ اللهُ عليها بحاجبٍ و ساتِرٍ مِن عَصَبيَّةِ الجاهِلَيَّةِ فَبَقَوْا عليها و لهُم عذابٌ عظيمٌ يوم القيامَه .
وَ مِنَ النّاسِ مُنافقينَ يَقولونَ بِألسِنَتِهم آمَنّا باللهِ وَ باليوم الآخِر و المَعادِ و الجَزاءِ وَ لكنَّهم مُنافِقون كذّابون ما هُم بِمُِؤمِنينَ حَقيقةً باللهِ والمعادِ ،
يُريدونَ بذلكَ خِداع اللهِ ورَسولِه والّذين آمَنوا فيَحسَبونَهُم مُؤمِنين و يَنخَدِعون بِحِيَلِهِم و مَكائِدِهِم و لكن ما يَخدَعونَ إلاّ أنفُسَهُم فإنَّ اللهَ و رَسولَهُ لا يُخدعان و ما يَشعُرونَ بِأنّ خَديعَتَهُم سَتَرجِعُ إليهم ،
في قلوبِهِم مَرَضُ النِّفاقِ والشَكِّ و الرَّيْبِ و الحِقدِ و الحَسَدِ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً بِتَركِهِم في مَرَضِهِم و لهُم غَداً عذابٌ أليمٌ في جهنَّم بما كانوا يَكذِبونَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) ،
و إذا قُلتَ أنتَ أو غَيرُكَ لِلمُنافِقين لا تُفسِدوا في الأرضِ بِتَركِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و غَصبِ الخِلافَةِ و ظُلمِ أهلِ البَيْتِ (ع) و شيعَتِهم قالوا إنّما نَحنُ مُصلِحونَ بِظُلمِنا لَهُم ،
ألا فَليَعلَمُ النّاسُ جَميعاً و لَيَنتَبِهوا أنَّ المُنافِقين هُمُ المُفسِدونَ في الأرضِ فَيَستَحِقّونَ حَدَّ الإفسادِ وَ لكِن لا يَشعُرونَ بالإفساد ،
و إذا قُلتَ أنتَ أو غيرُكَ لِلمُنافِقينَ آمِنوا بِوِلايَةِ عليّ بن أبيطالِبٍ (ع) كما آمَنَ النّاسُ بِوِلايَتِهِ و بايَعوهُ أجابوا و قالوا مُستَهزِئينَ هَل نُؤمِنُ كما آمَنَ السُّفَهآءُ بِولايَةِ عليٍّ ؟؟؟
ألا فليَعلَم أهل العالَم أنّ المُنافِقين هُمُ السُّفَهاءُ لِتَركِهِم وِلايَةَ عليٍّ (ع) و مُخالِفَتِهِم للمُؤمنينَ و لا سَفاهَةَ أعظَمُ مِن ذلكَ و لكِن لا يشعُرون هُم بالسَّفاهَةِ لِجَهلِهم ،
و هؤلاءِ المُنافِقينَ السُّفَهاءَ الجُهَلاء حينما يُلاقونَ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) كسلمانٍ و أبي ذَرٍ و غَيرهِم قالوا لهُم آمَنّا بِِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و إذا إلتَقَوا في الخِلوَةِ مَعَ خُلَفاءِهِم و رُؤساءِهِم قالوا أنّا مَعَكُم ضِدّ آل محمدٍ إنّما نَحنُ مُستَهزِؤنَ بِوِلايَتِهم ،
فما قِيمَةُ إستهزاءِهِم فاللهُ يَستَهزِءُ بِهم حيثُ يَمُدُّهُم و يُمهِلُهُم لِكَي في طُغيانِهِم يَتَردَّدونَ فَيَستَحِقّونَ عَذاباً أشَدَّ و أعظَم ،
أولئِكَ الحَمقيٰ الّذين اشتَرَوُا الضَّلالَةَ و عَذابَها بِتَركِ الهُديٰ والسَّعادَةِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) فما رَبِحَت صَفَقَتُهُم بَل خَسِروا و ما كانُوا مُهتَدينَ بَل خاطِئين ،
مَثَلُ المُنافِقينَ في تَركِهِم نُورَ وِلايَة عليٍ (ع) هو كَمَثلِ الّذي أوْقَدَ سِراجاً فَلمّا أضاءَت ما حَوْلُهُ لِيَبصُرَ طَريقَهُ ذَهَبَ اللهُ بالسِّراجِ و أخَذَ نورَهُم و تَرَكَهُم في ظُلُماتٍ مِن دونِ ضياءٍ لا يُبصِرونَ طريقَهم ،
فَهُم صُمُّ الآذانِ عَن سِماعِ الحَقِّ و بُكمٌ خُرسٌ عَنِ الشَّهادَةِ الثّالِثَةِ و عُميٌ العُيونِ فَلا يَنظُرونَ فَضائِلَ عليٍٍّ (ع) و لا يَرجِعونَ عن نِفاقِهم إليٰ وِلايَتِهِ ،
أو أنَّ مَثَلَ المُنافِقينَ مَعَ وِلايَةِ عليٍّ (ع) كَمَطَرٍ صيوبٍ مِن السَّماءِ فيهِ ظُلُماتُ الغيومِ و أصواتُ رَعدٍ و بَريقٍ يَجعَلونَ أصابِعَهُم في آذانِهِم لِكَيْلا يَسمَعوها ،
خَوفاً مِن نُزولِ الصَّواعِقِ مِنَ الرَّعدِ و البَرقِ يَحذَرونَ المَوتَ عليٰ أنفُسِهم بَيْنَما المَطَرُ هُوَ حياةٌ واللهُ مُحيطٌ بالكافِرينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و يُهلِكُهُم ،
يَكادُ البَرقُ مِن نورِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) يُعمي عُيونَهُم حَسَداً كُلّما أضاءَ و أنارَ الطّريقَ لِلنّاسِ مَشَوْا تَحتَ ظِلِّهِ وانتَفَعوا بهِ و إذا أظَلَمَ عَليهِم بِوَفاةِ رَسولِ اللهِ قاموا و لم يُتابِعوا عَليّاً (ع)
و لو شآءَ اللهُ عِقابَهُم عاجِلاً لَذَهبَ بِسَمعِهم و أبصارِهِم فأعماهُم و أصَمَّهُم و لكنّهُ شآءَ إختبارَهُم في الدُّنيا و أجَّلَ عِقابَهُم لِلآخِرَةِ إنّ اللهَ عليٰ كلِّ شييءٍ قَديرٌ إذا أرادَهُ ،
يا أيّها النّاسُ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً مَولَوِيّاً اعبُدوا ربّكم كما أمَرَكُم و فَرَضَ عليكم فهو الذي خلَقَكم مِن عَدَمٍ فيَجِبُ أن تعبُدوهُ و خَلَقَ الّذين مِن قَبلِكُم أسلافَكُم لَعلّكم بِفَضلِ عِبادَتِهِ تَتّقونَ عَذابَ الله ،
فاعبُدوا اللهَ الّذي جَعَل بقُدرَتِهِ لكُم الأرض بِساطاً تَفتَرِشونَهُ والسَّماءَ كالبِناءِ الثّابِتِ و أنزَلَ مِنَ السماءِ مَطَراً ماءً فأخرَجَ بهِ من النّباتات ثَمَراتٍ رزقاً لكُم تَأكلونها ،
و نَنهاكُم نَهياً مولويّاً حَتماً فلا تَجعَلوا لِلّهِ شُرَكاءَ في الطَّاعَةِ و العِبادَةِ مِنَ البَشَرِ الطُّغاةِ المُعانِدينَ لِلّهِ مِن وُلاةِ الجَوْرِ و أنتُم تَعلَمونَ أنَّهُم طُغاة ،
و إن كنتُم أيّها المُنافِقونَ في شَكٍّ مِمّا نَزَّلنا عليٰ مُحمّدٍ (ص) عَبدَنا من وِلايَةِ عليٍّ (ع) فأتوُا بِسورَةٍ مِن مِثلِ القُرآن لَفْظاً وَ مَعنيًٰ وادعُوا لِذلكَ خُلَفاءَكُم و رؤساءَكم من دون الله إن كنتُم صادِقين و هَيْهات ،
فإن لَم تَفعَلوا ذلِكَ و أبَداً لَن تَتَمَكّنوا مِنَ الإتيانِ بِمِثلِهِ فاتّقوا النّارَ الجَحيمَ الّتي سيكون وَقودُها النّاسُ الكُفّارُ والظّالِمين مَعَ الحِجارَةِ والفَحمِ الحَجَريِّ اُعِدَّت لِلكافِرينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) ،
و بَشِّرِ الّذين آمَنوا و عملوا الصالحاتِ يا رسولَ اللهِ بأنّ لهُم أجراً و ثَواباً و جَزاءً جنّاتٍ تجري من خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَةُ ،
فَهُم في الجَنّاتِ كُلّما رُزِقوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ من أثمارِها رِزقاً لِيَأكُلوهُ قالوا هذا الثَّمَرَ الّذي رُزِقناهُ بِعَمَلِنا مِن قَبلُ في الدُّنيا ،
و اُتوُا بالثَّمَرِ عليٰ يَدِ الحُورِ و الوِلدانِ مُتَشابِهاً في الشَّكلِ و الطَّعمِ و العِطرِ و لهُم في الجَنّاتِ أزواجٌ مِنَ الحُورِ مُطَهَّرَةٌ مِنَ الحَيْضِ و الخَبَثِ و الحَدَثِ و هُم فيها خالِدونَ لِلأبَد ،
إنَّ اللهَ لا يَستحي مِن أحَدٍ حينما يَضرِبُ مَثلاً ما بَعوضَةً فما فَوقَها ليُعلِنَ أنَّ الجِبتَ والطّاغُوتَ إن يَسلُبهُمُ الذُّبابُ شَيئاً لا يَستَنقِذوا مِنهُ ،
فَأمّا الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فيَعلَمونَ يَقيناً أنَّ هذا المَثَل هُوَ الحَقُّ الصَّحيحُ مِنَ اللهِ و أنَّ الجِبتَ و الطّاغُوتَ و سائِرِ الخُلَفاءِ هُمْ أضعَفُ مِن بَعوضَةٍ و ذُبابٍ ،
و أمّا الّذين كفَروا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فيَقولونَ مُستَهزِئينَ ماذا أرادَ اللهُ بالذُّبابِ مَثَلاً و ما فائِدَةُ هذا المِثال و ما أثَرُهُ ؟؟
فاللهُ سُبحانَهُ يُضِلُّ بهذا المِثال كثيراً مِن أهل الضَّلالَةِ و يَهدي بهِ كثيراً مِمَّن يُريد هِدايَتَهُ و ما يُضِلُّ بهِ إلاّ الفاسِقينَ المُصِرّينَ عليٰ الضَّلالَة ،
أولئِكَ الفاسِقونَ الّذين يُنقِضونَ عَهدَ اللهِ بوِلايَةِ عليٍّ (ع) مِن بَعدِ ميثاقِهِ يَومَ غَديرِ خُمٍّ و بَيْعَتِهم لَهُ و يَقطَعونَ صِلَة أهلَ بَيْتِ النّبيّ (ص) الّذين أمَرَ اللهُ بِهِ أن يُوصَلَ بَعدَ وَفاةِ النّبيِّ (ص) ،
و يُفسِدونَ في الأرضِ بِغَصبِ الخِلافَةِ مِن عليٍّ (ع) وَ ظُلمِ آل مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهم والحُكومَةِ بالقُوَّةِ و الجَوْرِ اُولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ لِسَعادَةِ الدُّنيا و الآخِرَةِ و فَلاحِها ،
كيفَ تَكفرونَ باللهِ يا أعداءَ آلِ مُحمّدٍ (ص) وَ كُنتُم أمواتاً في الجاهِليَّةِ بِمَوتِ الشِّركِ فَأحياكُم اللهُ بالإسلامِ و بِمُحمدٍ و آلِهِ (ص) ثُمَّ هو يُميتُكُم بِآجالِكُم و يُحييكُم يومَ المَعادِ ثُمّ إليٰ مَحكَمتِهِ تُرجَعون ،
واللهُ جَلّ جَلالَهُ هو الّذي خَلَق لكُم ما في الأرضِ جَميعاً مِن حَيوانٍ و نَباةٍ و مَعادِنَ و مِياه ثُمّ استَويٰ عليٰ عَرشِ القُدرَةِ فَقَصَد إليٰ السَّماءِ فَصيَّرهُنَّ سَبعَ سماواتٍ و هو بكلِّ شييءٍ خَلَقَهُ عليمٌ ،
و تَذَكَّر يا حبيبي إذ قالَ اللهُ ربّكَ لِلمَلائِكَة عند ما أرادَ خَلقَ آدَمَ (ع) إنّي جاعِلٌ في الأرضِ خَليفَةً مِن قِبَلي إذِ الخِلافَةُ جَعلِيَّةٌ مِنَ اللهِ و لَيْسَت بالشّوريٰ ،
والمَلائِكَةُ قالوا إلـٰهنا و رَبّنا أتجَعَلُ في الأرضِ بَشَراً فيهِ الغَرائِز الحيوانيَّة فَيُفسِدُ بِغَضَبِهِ و شَهوَتِهِ فيها و يَسفِكُ الدِّماءَ و يُريقَها ؟
فَإن كُنتَ تُريدُ مِنَ الإنسان أن يعبُدَكَ وَ يُسبِّحُ بِحَمدِكَ و يُقَدِّسكَ فنَحنُ نُسبِّحُ بِحَمدِكَ و نُقَدِّسُ لَكَ و لا نَسفِكُ الدِّماء ،
قال اللهُ عزّوجلّ لِلمَلائِكَةِ إنّي أعلَمُ ما لا تَعلَمونَ مِن سِرٍّ في خِلقَتي لِآدَم إذ سَيُولَدُ مِن صُلبِهِ مُحمّدٌ و آلَ مُحمّدٍ (ص) أشرَفَ الخَلائِقِ طُرّاً ،
و بعدَ أن خَلَقَ آدَمَ أراهُ أنوارَ مُحمّداً و آل مُحمّدٍ (ص) الأربَعَةَ عَشَر مُحدِقينَ بِعَرشِهِ فَعَلَّمَهُ أسماءَهُم ثُمَّ عَرَضَ أنوارَهُم عليٰ المَلائِكَةِ فقال لهُم بَيِّنو الي أسماءَ هؤلاءِ الأربَعَة عَشَرْ إن كنتُم صادِقينَ بِأنّكُم أفضَل مِنَ البَشَر ؟؟؟
فَأجابُوهُ المَلائِكَةُ قالوا سُبحانَكَ رَبّنا لا عِلمَ لَنا بأسماءِ هؤلاءِ و لا نَعلَمُ إلاّ ما عَلّمتَنا فَعَلِّمنا أسماءَهُم إنّك أنتَ العليمُ بهِم ألحكيمُ بِصُنعِهم ،
قالَ اللهُ لِآدَم يا آدَم أخبِر مَلائِكَتي بِأسماءِ أشرَفِ خَلقي مُحمّدٍ (ص) و عليٍّ و فاطِمَةَ و الحَسَن و الحُسَيْن وَ عليٍّ و مُحمّدٍ و جَعفَرٍ وَ موسيٰ وَ عليٍّ وَمُحمّد وَ عليٍّ وَ الحَسَن وَ مُحَمّد (ص) .
فلَمّا أخبَرَ آدَمُ الملائِكَةَ بأسماءِ مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ قالَ اللهُ لِلمَلائِكَةِ ألَم أقُل لكُم إنّي أعلَمُ غَيْبَ السّماواتِ و الأرضِ وَ ما هَدَفي مِن خَلقِ آدَم وَ أعلَمُ ما تُبدونَ مِن قَوْلٍ و ما تَكتُمونَ مِن نِيَّةٍ ،
و تذَكَّروا إذ قُلنا لِلمَلائكةِ بعدَ نَفخِ الرّوح في جِسمِ آدَم اسجُدوا لِآدم لِما يَحمِلُ في صُلبِهِ مِن أنوارِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فَسَجدوا جَميعاً إلاّ أنَّ إبليسِ الجِنّي كانَ مَعَهُم فَأبيٰ واستَكبَرَ عنِ السُّجودِ لَهُ و كانَ مِنَ الكافِرينَ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
و أوْحَيْنا لِآدَم و قُلنا يا آدمُ اسكُن أنتَ و زَوجَتكَ حوّاء في الجَنّةِ و كُلا و اشرَبا مِن طعامِها و شَرابِها هَنيئاً مَريئاً حيثُ شِئتُما أكلَهُ حَلالاً بِلا إستِثناءٍ ،
و نَهيناهُما إرشاداً لا تَحريماً و قُلنا لا تَقرَبا هذهِ الشَّجَرَةِ الحامِلَةِ لِلحنطَةِ بِالأكلِ فَإن فَعَلتُما تَحصَلَ الغَريزَةُ التّناسُلِيَّةُ فيكُما و لِأجلِها سَتُنقَلان مِنَ الجَنّةِ إليٰ الأرض فتكونا منَ الظّالِمينَ لأنفُسِكُما ،
فَأقسَمَ لهُما إبليسُ بِأنّهما لو أكَلا مِنَ الحِنطَةِ سَوْفَ يَخلُدانِ في الجَنّةِ ، فَأزَلّهُما عن الجَنّةِ فَأخرَجَهُما بِالأكلِ مِنَ الحِنطَةِ مِمّا كانا فيهِ مِن رَغَدِ العَيْش ،
و قُلنا لِآدم و حوّاءَ و إبليسَ إهبِطوا إليٰ الأرضِ لِلتَّناسُلِ فيها و لِيَكُن بعضُكم لِبَعضٍ عَدُوٌّ و لكُم مَحَلُّ إستِقرارٍ و إستِمتاعٍ بِنِعَمِها إليٰ وَقتِ المَعاد ،
فَتَلَقّيٰ آدَمُ مِن اللهِ وَحياً كَلِماتٍ يَدعوُهُ بِها و يَستَغفِرَ وَ هيَ قوله : إلـٰهي بِمُحمّدٍ و عليٍّ و فاطِمَةَ و الحَسَن و الحُسَيْن إلاّ تُبتَ عَلَيَّ فتابَ علَيهِ إنّهُ هُوَ التَوّابُ عليٰ العاصينَ ألرَّحيمُ بالتّائِبين ،
قُلنا اهبِطوا مِنَ الجَنّةِ إليٰ الأرضِ مَعاً يا آدمُ و حوّاءُ فإذا ما يَأتِيَنّكُم مِنّي وَحياً و شَرعاً تُكَلَّفونَ بهِ فَمَن تَبِعَ شَرعي و ديني و وَحيي منكُم أنتُم و أولادِكم فلا خَوفٌ عليهِ فَسَيرجِعُ إليٰ الجَنَّةِ و لا هُوَ يَحزَن ،
و أمّا الّذين كفَروا بِديني وَ هُدايَ و شَريعَتي و كَذَّبوا بآياتِ وَحيي أولئِكَ هُم أصحابُ النّارِ و لا يَرجِعونَ إليٰ الجَنَّةِ بَل هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد ،
أيّها اليَهودُ يا بَني إسرائيلَ النَّبيّ يَعقوب اُذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم فَنَجَّيتُكُم مِن فِرعَوْن و أوْفوا بِعَهدي بِطاعَةِ موسيٰ و هارونَ ، اُوفِ بِعَهدِكُم فاُدخِلُكُم الجَنّةَ واتَّقونِ و خافوا عَذابي ،
و آمِنوا بِما أنزَلتُ عليٰ محمدٍ (ص) مِنَ الوَحيِ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُم مِنَ التَّوراةِ غيرِ المُحرَّفَةِ و لا تكونوا أوّل كافِرٍ بهِ من أهل الكتابِ و لا تَبيعوا آياتِيَ المُبَشِّرَة بِمُحمّدٍ (ص) فتَأخُذوا عليٰ كِتمانِها ثَمَناً قليلاً بالنِّسبَةِ لِلثَّمَنِ الاُخرَوي و خافوا عَذابي عليٰ ذلِك
و لا تَخلُطوا الحَقَّ بالباطِل فَتُحَرِّفوا التَّوراةَ و تكتُموا الحَقَّ المُنزَل فيهِ مِنَ البِشارَةِ بِمُحمّدٍ (ص) وَ وُجوبِ التَّمسُّكِ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل محمدٍ (ص) و أنتُم تعلَمونَ أنّهُ مَنصوصٌ في التَّوراة ،
و نُكَلِّفكم تكليفاً شَرعِيّاً أقيموا الصَّلاة كما يُصَلّيها مُحمّدٌ (ص) و آتُوا الزَّكاةَ كما شَرَّعها الإسلام واركَعوا مَعَ الرّاكِعين مِن اُمّة مُحمّدٍ (ص) ،
أتأمُرونَ النّاسَ بِفِعلِ الخَيْرِ يا بَني إسرائيلَ و تَنسَوْنَ أنفُسَكُم و لا تَأمُرونَها بالإيمان بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و أنتُم تَتلونَ التَّوراة تأمُرُكُم بِذلكَ أفَلا تعقِلونَ قُبحَ ذلِك ؟؟
واستَعينوا عليٰ مُحارِبَةِ الشّيطانِ والنَّفسِ الأمّارَةِ بالسّوء بالصَّبر و الصَّوْم لِلّهِ و بالصَّلاةِ الفرائِض و النَّوافِل و إنَّ هذهِ الإستِعانَةِ لَكَبيرَةٌ التّكليف إلا عليٰ الخاشِعينَ لِلّه ،
أهلُ الخُشوعِ هُمُ الّذينَ يَعلَمونَ يَقيناً أنّهُم مُلاقونَ حَتماً رَبَّهُم يومَ القِيامَةِ و إنّهم إليهِ راجِعونَ فيُحاسِبُهُم و يُجازيهِم ،
يا بَني إسرائيلِ اللهِ اذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُها عليكُم زَمانَ موسيٰ و إنّي فَضّلتُكُم عليٰ أهل العالَم في عَصرِ فِرعَوْن و الأقباط ،
واتّقوا يومَ الحِسابِ حيثُ لا تَجزيْ نَفسٌ عن نَفسٍ شيئاً مِنَ العذابِ و لا يُقبَلُ منها لَها شَفاعَةٌ و لا يُؤخَذُ مِنها فِداءٌ و لا المُعاقَبونَ يُنصَرونَ مِن عذابِ الله ،
و تَذَكَّروا إذ نَجَّيْناكُم مِن فِرعَوْنَ و حِزبِهِ يُذيقوكم أشَدَّ العَذابِ حيثُ يُذَبِِّحونَ أبناءَكُم و يَهتِكونَ حَياءَ نِساءِكُم و في ذلِكُم العَذاب بَلاءٌ مِن رَبِّكُم عظيمٌ إبتِلائِكُم بهِ ،
واذكُروا إذ فَلَقنا لكُمُ النّيلَ فَلقَتَيْن لِتَعبُروهُ فأنجينا آباءَكُم و أغرَقنا رَبعَ فِرعَون مَعَهُ و هُم ينظُرونَ غَرَقَهُم و هَلاكَهُم ،
و تَذكّروا إذ واعَدنا موسيٰ بن عمرانَ لِلميقاتِ أربَعينَ لَيْلةً فَأضفنا الثَّلاثينَ عَشراً فَصَنَعَ السّامِريُّ العِجلَ مِن ذَهَبٍ و أمَرَكُم بعبادَتِهِ و تَركِ هارون فَفَعلْتُم و أنتُم ظالِمونَ لِهارونَ خَليفَتِه ،
و بَعدَ رُجوعِ موسيٰ مِن المِيقاتِ و تَحطيمِهِ لِلعِجلِ عَفا عنكُم و لَم يَقتَلكُم بَعدَ الإرتدادِ و عِبادَةِ العِجلِ و الشِّركِ أمَلاً منهُ بأنّكم تَشكرونَ لهُ أيادِيَهُ عليكم و تشكرون اللهَ و لا تَكفُرون ،
و تذكّروا إذ آتينا مِن لَدُنّا موسيٰ بن عِمرانَ كِتاب التوراةِ و آتيناهُ الوِلايَةَ و خِلافَة هارون لعلَّكُم تهتَدونَ بِذلكَ إليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) بَعدَ محمّدٍ (ص)
واذكُروا إذ قال موسيٰ لِبَني إسرائيل يا قوم إنّكُم ظَلمتُم أنفسكم بعبادَةِ العِجل و مُخالفةِ هارون فتوبوا إليٰ الله خالقكم مِن هذا الشِّركِ و الظُّلمِ
و تَوْبَتِكُم هي أنّكُم تُجرونَ حَدَّ الإرتِدادِ و هُوَ القَتلُ عليٰ أنفُسِكُم ذلِكُم الحَدُّ هو أنفَعُ لكُم مِنَ الحياةِ إذ يتوبُ اللهُ عليكم فتابَ اللهُ عليكُم بِذلكَ إنّه هو التّوابُ الرّحيم ،
واذكُروا إذ قلتُم لِموسيٰ يا موسيٰ نحن أبَداً لن نُؤمِن لكَ و لِرِسالَتِك حتّيٰ نَريٰ اللهَ بأعيُنِنا فَنُؤَيِّدُكْ واللهُ ليسَ بِجِسمٍ و لايُريٰ فَأخذَتكُمْ صيْحَة الصّاعِقَةُ السَّماوِيَّةُ و أنتُم تنظرونَ إليٰ الجَبَل ،
ثُمَّ بعثناكُم إليٰ بَيتِ المَقدِسِ مِن بَعدِ مَوْتِ أولئِكَ الَّذين طلبوا رُؤيَةَ اللهِ جَهرَةً لعلّكُم تَشكُرونَ نِعمَةَ اللهِ عليكُم و لا تَكفُرون ،
و ظَلّلنا عليكُمُ الغَيْمَ في وادي التّيهِ فَأنقَذناكُم مِن حَرِّ الشَّمسِ و أنزَلنا عليكُم مِنَ السّماءِ شَراباً حُلواً مَنّاً مِنّاً عليكُم و رَزقناكُم الكمأَةَ سلويٰ لكُم كُلوا مِن طَيِّباتِ ما رَزقناكُم حَلالاً ،
و ما ظَلَمونا حينَما طَلِبوا مِنّا غَيرَ المَنِّ و السَّلويٰ طَعاماً و لكِن كانوا لِأنفُسِهِم يَظلِمونَ إذ حُرِموا مِنَ المَنِّ و السَّلويٰ الَّلذيذَيْنِ المُقَوِّيَيْن ،
واذكُروا إذ قُلنا لكم بِواسِطَةِ موسيٰ اُدخُلوا هذهِ القَريَة بَيْت المَقدِس فَكُلوا مِنها حيثُ شِئتُم أكلَهُ عيشاً رَغداً وادخُلوا بابَ الأقصيٰ سُجَّداً ،
و قولوا إلـٰهَنا حُطَّ عنّا ذُنوبَنا واغفِرلنا و تُبْ علَينا نَغفِر لكُم خطاياكُم و نَعفو عنكُم و سَنزيدُ المُحسِنينَ مِنكُم أجراً و ثَواباً ،
فَبَدّلَ الّذين ظَلموا منهُم بَدَلَ الإستِغفارِ و التَّوبَةِ قَولاً غيرَ الّذي قالَهُ لهُم موسيٰ فقالوا إن لَم تَغفِر جَزماً تَغفِر فَأنزَلنا عليٰ الّذينَ قالوهُ طاعوناً مِنَ السَّماءِ بما كانُوا يَفسُقونَ و لا يَتوبُون ،
واذكُروا إذ قالَ بَني إسرائيل لِموسيٰ يا موسيٰ إسقِنا مآءً بِبَرَكَةِ عَصاك فاستَسقيٰ لِقَومِهِ مِنّا ماءً فقُلنا اضرِب بِعَصاكَ الحَجَرَ فَفَعَل فانفَجَرت منهُ اثنَتا عَشرَةَ عينَ مآءٍ بِعَدَدِ الأسباط ،
قَد عَلِمَ كُلّ سِبطٍ مِن أسباطِ بَني إسرائيلَ مَشرَبهُم مِنَ العَيْنِ الخاصّ بهِم فقال لهُم موسيٰ كُلوا واشرَبوا مِن رزقِ اللهِ و لا تَطغَوْا في أرضِ فِلسطين مُفسِدينَ بالظُّلمِ ،
واذكُروا إذ قُلتُم لِموسيٰ يا موسيٰ نَحنُ لَن نَصبِرَ أبَداً عليٰ طَعامٍ واحِدٍ كالسَّلويٰ فادعُ لنا اللهَ ربّكَ يُخرِج لَنا أطعِمَةً مُتَنوِّعَةَ مِمّا تُنبِتُ الأرض مِنَ الزَّرع ،
مِنَ البَقولاتِ كالحُمّصِ واللّوبياء و الخِيار و الفُول الباقِلاّءِ و العَدَس و البَصَل المَزروعَةِ مِنَ الأرضِ كما كانَت في مِصر ،
قال لهُم موسيٰ وَيْحَكُم أتَستَبدِلونَ الزَّرعَ الّذي هُوَ أخَسُّ شأناً و طَعماً و فائِدَةً مِنَ المَنِّ و السَّلويٰ بالّذي هو خَيرٌ لكُم و تُرزَقوهُ من دونِ زِراعَةٍ و تَعَبٍ ؟؟؟
فاخرُجوا مِن فِلسطينَ واهبِطوا واسكُنوا مِصراً فإنَّ لكُم هُناكَ ما سألتُم مِنَ الزَّرعِ أذِلاّءَ حُقَرآء ،
و ضُرِبَت عليهِمُ الذِّلّةُ بَعدَ موسيٰ مَعَ الفَقرِ و المَسكَنَةِ و رَجَعوا إليٰ سابِقِ حالِهِم فَشَملَهُم غَضَبٌ مِنَ اللهِ إليٰ يَومِ القِيامَة ،
و ذلكَ بِسَبَبٍ أنّهم كانوا يكفُرونَ بآِياتِ اللهِ في التَّوراةِ و الإنجيلِ و القُرآنِ و يَقتُلونَ الأنبياءَ كيَحييٰ و عيسيٰ بِغَيرِ الحَقِّ ظُلماً و عُدواناً فذلكَ الغَضَبُ مِنَ اللهِ لهُم هُوَ بما عَصَوُا اللهَ و كانوا يعتَدونَ عليهِ ،
بالتأكيدِ إنَّ الّذينَ آمَنوا بِمُحمّدٍ (ص) و اليَهود الّذين هادُوا والنّصاريٰ و الصّابِئَةِ المَجوس كُلّ مَن آمَنَ باللهِ و اليَومِ الآخَر و عَمِلَ صالِحاً واتَّقيٰ و لَم يَعصِ الله ،
فأولئِكَ الصُّلَحاءُ لهُم أجرُهُم و ثَوابُهُم عندَ اللهِ و لا خَوفٌ عليهِم مِن عَذابِهِ و لا هُم يَحزَنونَ يَومَ القِيامَةِ بَل يَشفَعُ لهُم أنبياءِهُم ،
و تَذَكَّروا أيّها اليَهودُ إذ أخَذنا عليكُمُ العَهدَ و المِيثاقَ في التَّوراةِ لِتُؤمِنوا بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) عِندَ بِعثَتِهِ و رَفعنا فوقَكُم شَرَفَ طورِ النَّجَفِ و فَضلِهِ فَكانَ مَحَلّ مُناجاةِ موسيٰ فَخُذوا ما آتَيناكُم في التَّوراةِ و تَمسَّكوا بهِ بِقُوَّةٍ واذكُروا ما فيهِ مِنَ الأمرِ لَعلَّكُم تَتَّقونَ عَذابَ الله ،
ثُمَّ إنَّكُم أيّها اليَهودُ تَولَّيْتُم مُعرِضينَ عَن حُكمِ التَّوراةِ بِلُزومِ الإيمانِ بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) بَعدَ ذلِكَ المِيثاق فَلَوْ لا فَضلُ اللهِ عليكُم و رَحمَتُهُ بِكُم لَنَزَلَ عليكُم عَذابُهُ و لَكُنتُم مِنَ الخاسِرينَ في الدَّارَيْن ،
وَ بالتأكيدِ لَقَد عَلِمتُم عاقِبَةَ حالِ الّذين اعتَدَوا منكُم عليٰ حُكمِ اللهِ في السَّبتِ الّذي حَرَّمَ صَيْدَ السَّمَكِ فيهِ فَقُلنا لهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئينَ فكانوُا و مُسِخوا جَميعاً ،
فَجَعلناها عُقوبَةً وانتِقاماً تَكونُ عِبرَةً لِما بَيْنَ يَدَيْها مِنَ النّاسِ الشُّعوبِ و ما خَلفَها مِنَ الأجيالِ و مَوعِظَةً لِلمُتَّقينَ يَتَّعِظونَ بِها ،
و تَذَكَّروا إذ قالَ موسيٰ لِقَومِهِ بَني إسرائيلَ إنَّ اللهَ يأمُرُكُم لِكَي يُعرَفَ قاتِلُ عاميل المَقتولِ أن تَذبَحوا بَقَرَةً صَفرآء ،
فَأجابُوهُ قالوا هَل تُريد أن تَهزَاَء بِنا و تَضحَكَ ؟ قالَ لهُم أعوذُ باللهِ أن أكونَ مِنَ الجاهِلينَ المُستَهزِئينَ بَل هُوَ وحيٌ ،
فقالوا لِموسيٰ إذاً إسألِ اللهَ ربَّكَ عَن لِسانِنا وَ اطلُب مِنهُ أن يُبَيِِّن لَنا ما هِيَ أوصافُ البَقَرَةِ الّتي أمَرَنا بِذِبحِها ؟
قالَ موسيٰ إنَّ اللهَ أوحيٰ إليَّ يقول إنَّها بَقَرَةٌ لا هَرِمَةٌ و لا صَغيرَةٌ بَل وَسَطٌ بَيْنَ ذلِكَ عُمرُها فافعَلوا ما تُؤمَرونَ مِن ذِبحِها ،
فَأجابوهُ قالوا يا موسيٰ اُطلُب لَنا مِنَ اللهِ أن يُبَيِّن و يُوضِح لَنا ما صِفَةُ لَونُها إذ ما أكثَرَ البَقَر بذلكَ العُمر ،
قال لهُم موسيٰ إنَّ اللهَ يقول : إنّها بَقَرَةٌ صفراءٌ غامِقٌ لَونُها شَديدَة الصُّفرَةِ تَسُرُّ النّاظِرينَ و تُعجِبُهُم مَنظرَها و لَونَها ،
فَأجابوهُ قالوا اُطلُب مِنَ الله أن يُبَيِّن لَنا ما هِيَ أوصافها الاُخريٰ إنَّ البَقَر باللَّوْنِ الأصفَر كثيرٌ تَشابَهَ علينا فلا نَدري أيَّة بَقَرَةٍ نَذبَحُها فإنّا بَعدَ ذلكَ إن شآءَ اللهُ لَمُهتَدونَ إليها ،
قالَ لهُم موسيٰ إنَّ اللهَ يقولُ إنّها بَقَرَةٌ ليسَت مُذلَّلَة بالعَمَل كَي تَحرِثَ الأرضَ كما لا تَسقي الأرضَ المَحروثَةَ سالِمَةٌ مِنَ العُيوبِ لا شَيْيءَ مِنَ النَّقصِ فيها ،
فَأجابوهُ قالوا الآنَ جِئتَ بالوَصفِ الحَقِّ الكامِلِ فَشَروُها مِنَ الغُلامِ البارِّ بوالِدَيهِ بِملءِ جِلدِها ذَهَباً فَذَبحوها و ما كادوا يفعَلون لِغِلاءِها ،
فَتَذَكّروا إذ قَتَل آباؤكم نَفساً بَريئاً فَتَدارَئتُم و تَخاصَمتُم فيها واللهُ مُخرِجٌ سِرَّ ما كنتُم تكتُمونَ مِن إسمِ القاتِل بِذبحِ البَقَرَةِ ،
فَقُلنا لهُم بِواسِطَةِ كليمِنا موسيٰ اضرِبوا القَتيلَ بِبَعضِ أعضاءِ البَقَرَةِ كَلِسانِها فَعِندَئِذٍ يُحيي اللهُ القَتيلَ فيُخبِرُكُم بِقاتِلِهِ و كذلكَ يُحيي اللهُ المَوتيٰ حينَما يُريدُ إحيائَهُم و يُريكُم آياتِ قُدرَتهِ لعلّكم تَعقِلونَها ،
ثُمّ صَلُبَت و غَلُظَت قُلوبُكم مِن بَعدِ ذلِكَ الإعجاز بالبَقَرَةِ فإذا هِيَ كالحِجارَةِ الصَّمّاءِ الصَّلبَةِ أو أشَدّ مِنها صَلابَةً فلا تَلينُ لِلحَقّ ،
والدَّليلُ عليٰ أنَّ قلوبَكُم أشَدُّ هُوَ أنَّ مِنَ الحِجارَةِ ما يَتَفجَّرُ مِنها الأنهارُ و العُيونُ الجارِيَةُ و إنَّ بعضاً مِنها ما يَتَشَقَّقُ و يَنفَجِرُ فيَخرُجُ منهُ المآء ،
و إنَّ مِنَ الحِجارَةِ ما يَهبِطُ مِنَ الجِبالِ و يَتَكَسَّر و يَسقُطُ مِن خَشيَةِ اللهِ و إمتِثالاً لِأمرِهِ التكوينيّ و لكنّكم لَستُم كذلِكَ و ليسَ اللهُ بِغَافِلٍ عَمّا تُجرِمونَ و تَعمَلونَ مِن ظُلمٍ أيُّها الإسرائيليّون ،
فيا آلُ محمّدٍ (ص) هَل تَطمَعونَ و تأملونَ أنَّ اليَهودَ يُؤمِنوا لَكُم و بِوِلايَتِكُم و قَد كانَ ضِعفٌ منهُم يَسمَعُونَ كلامَ اللهِ مِن مُوسيٰ ثُمَّ يُحَرِّفونَهُ و يُغيِّرونَهُ مِن بَعدِ ما فَهِموا مَعناهُ و هُم مُتَعَمِّدونَ عالِمونَ بِهِ ،
واليَهودُ حينَما يُلاقُونَ الّذين آمَنوا بِمُحمدٍ و آل محمدٍ (ص) قالوا ، لهُم : نَحنُ آمَنّا مَعَكُم و حينَما إلتَقيٰ بالخِلوَةِ بعضُهم معَ بعضٍ يقولُ بعضُهُم لِبَعضٍ
أتُحَدِّثونَ المُسلِمينَ بِما فَتَحَ اللهُ عليكُم بِيَدِ عليِّ بن أبيطالِبٍ (ع) كَفَتحِ الخَندَقِ و خَيْبَر لِكَي يَحتَجّوا عليكُم بِعليٍّ (ع) عِندَ اللهِ لِإثباتِ حَقّهِ أفَلا تَعقِلونَ فَلا تَفعَلوا ،
تَستَفهِمُ مُوَبِّخينَ أوَ لا يعلَمونَ اليَهودُ أنّ اللهَ يعلَمُ ما يُسِرّونَ مِن الكُفرِ و العِنادِ لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و اُمَّتِهِم و ما يُعلِنونَ مِن نِفاقٍ ،
و مِنَ اليَهودِ طوائِف جُهّالٍ اُمّيوُنَ عامِيّونَ لا يَعلَمونَ عِلمَ التَّوراةِ إلاّ ان لهُم أمانِيَّ كاذِبَةٍ بادّعاءِهِم عِلمِ التَّوراةِ و إن هُم إلاّ يَظُنّونَ و الظَنُّ لا يُغني مِنَ العِلمِ شَيئاً ،
فالعَذابُ والثُّبورُ والهَلاكُ والدِّمارُ لِلّذينَ يَكتُبونَ التَّوْراة بِأيديهِم كما يَشتَهونَ ثُمَّ يقولونَ هذا نازِلٌ مِنْ عندِ اللهِ عليٰ موسيٰ لِيَكسِبوا الأموالَ مِنَ النّاسِ و يَشتَروا بهِ ثَمَناً قليلاً مِن حُطامِ الدُّنيا ،
فالعَذابُ الشّديدُ الإلـٰهيُّ سيكونُ لهُم نَتيجَةً مِمّا كتَبَت أيديهِم مِن تَحريفٍ في التَّوراة و العذاب سيكونُ لهُم نتيجةً لِما يَكسِبونَ مِن حُطامِ الدُّنيا ،
والإسرائِيليّونَ قالوا أبَداً لَن تَمَسَّنا النّارُ في جَهنَّم يوم القيامَةِ إلاّ أيّاماً مَعدودَةً قَلائِلَ فَنَخرُجُ مِنها إليٰ الجَنَّه ،
قُل لهُم يا حبيبي هَل إنّكُم إتَّخَذتُم مِنَ اللهِ عَهداً عليٰ أن لا يُخَلِّدكُم في النّار ؟ كَلاّ بَل عَهِدَ إليكُم بِخُلودِكُم فيها و أبَداً لا يُخلِفُ اللهُ عَهدَهُ بخُلودِكُم فيها بَل تَقولونَ عليٰ اللهِ ما لا تَعلَمونَ كِذبَهُ ،
بَليٰ إتَّخَذتُم عِندَ اللهِ عَهداً مَن كَسَبَ مَعصِيَةً وَ لَم يَتُب مِنها وَ أحاطَت بِهِ مَعصِيَتُهُ حتّيٰ ماتَ عليها فأولئِكَ العاصونَ أصحاب النّارِ هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد ،
واتَّخذتُم عَهداً مِنَ اللهِ في التَّوراةِ بأنَّ الّذين آمَنوا بِمُحمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ منكُم فأولئِكَ هُمْ أصحابُ الجَنّةِ يَخلُدونَ فيها مَعَ الأبَد ،
و تذَكّروا إذ أخَذنا الميثاقَ والعَهدَ مِن بَني إسرائيلَ بِواسِطَةِ موسيٰ و هارونَ و قُلنا لَهُم لا تَعبُدوا أحَداً إلاّ اللهَ وَحدَهُ و أمَرناهُم بالوالِدَيْنِ إحساناً ،
و أخَذنا مِيثاقَهُم و أمَرناهُم بالإحسانِ إليٰ ذي القُربيٰ و اليَتاميٰ و المَساكينِ مِن آلِ محمّدٍ (ص) و ذُرَّيتِهِ بِدَفعِ الخُمسِ إليهِم و قُلنا لَهُم قُولوا لِلنّاسِ حُسناً مِنَ الأمرِ بالمَعروفِ و النَّهيِ عَنِ المُنكَر ،
وَ أمَرناهُم أن أقيموا الصَّلاةَ المَفروضَةَ في الإسلامِ و آتُوا الزَّكاةَ الواجِبَةَ في القُرآنِ ثُمَّ تَولَّيْتُم مُعرِضينَ عَنِ الميثاقِ إلاّ عَدَداً قَليلاً مِنكُم آمَنوا و تَمسَّكوا بالمِيثاقِ وَ أنتُم مُعرِضونَ عَنهُم ،
و تَذكّروا أيّها الإسرائيليّون إذ أخَذنا ميثاقَكُم بِواسِطَةِ موسيٰ أن لا تَسفِكونَ دماءَ النّاسِ و لا تُهَجِّرونَ النّاسَ مِن فِلسطينَ ثُمَّ أقرَرتُم بالمِِيثاقِ لَديٰ النَّبيِّ موسيٰ (ع) و أنتُم تَشهَدونَ عِندَهُ عليٰ إلتزامِكُم بِذلك ،
ثُمَّ إنَّكُم مَعَ ذلكَ الميثاقِ الّذي أعطَيتُموهُ لِموسيٰ عليٰ أنفُسِكُم فأنتُم يا هؤلاءِ نَراكُم تَقتُلونَ النّاسَ الأبرياءَ بِفلِسطين مِن أنفُسِكُم ،
ثُمَّ أنتُم يا هؤلاءِ تُخرِجونَ طائِفةً مِنَ الفِلسطنييّن مِن أوْطانِهِم و دُورهِم و مَساكِنِهم تَتَظاهَرونَ و تَتَغالَبونَ عليهِم بالجَوْرِ و الظُّلمِ و الفِسقِ و الفُجور ،
و إن يَأتوكُم الفِلسطينيّونَ مُستَسلِمينَ فَتَأسرونَهُم ، فَتَطلُبون مِنهُم الفِداءَ و المالَ تُفدوهُم بهِ و هُوَ مُحرَّمٌ عليكُم في التَّوراةِ إخراجهُم من وَطَنِهِم ،
نَسألُ مُستَنكِرينَ هَل تُؤمِنونَ بِبَعضِ التَّوراةِ و تكفُرونَ بِبَعضِ الآخَر ؟؟ فَحَكِّموا عُقُولَكُم فما جَزاءُ مَن يَفعَل ذلِكَ مِنكُم و يَكفُر بالتَّوراة ؟؟،
فهل جزآؤهُ إلاّ خِزيٌ في الحياةِ الدنيا بَيْنَ الاُمَم و خِزيُ يوم القيامةِ عليٰ رؤسِ الأشهاد و يُرَدّون إليٰ أشَدِّ العذابِ في جَهنَّم و ما اللهُ بغافلٍ عمّا تعمَلون يا يَهود ،
اُولئِكَ خالَفوا حُكمَ التَّوراةِ بِتَحريمِهِ قَتلَ الفلسطينِيّين و تَهجيرِهِم ، فاشتَرَوُا الحياةَ الدُّنيا عِوَضاً عن الآخِرةِ فلا يُخَفَّفُ عنهُمُ العذابُ في الآخِرَة و لا هُم يُنصَرونَ يومَ القيامَه ،
و بالتأكيدِ نحنُ آتينا موسيٰ بن عمرانَ التَّوراة و أرسَلنا في قَفاهُ مِن بَعدِهِ أنبياءَ بَني إسرائيلَ و آتينا بَعدَهُ عيسيٰ بن مَريَمَ المُعجِزات الواضِحاتِ و سانَدناهُ بِجبرئيلَ الرّوحُ الأمين الطّاهِر ،
فَنَسألكُم مُوَبِّخينَ أيّها اليَهودُ هَل كُلّما جاءَكُم رسولٌ مِنَ اللهِ بما يُخالِفُ هَويٰ أنفُسكم الأمّارَة بالسّوءِ مِن الأحكامِ استَكبَرتُم عنِ الإيمانِ بِهِ فَفريقاً مِنَ الرُّسُل كَذّبتُموهُم و فَريقاً آخَرَ مِنهُم تَقتُلونَهم ؟
و اليَهودُ قالوا لِرَسولِ اللهِ (ص) نحنُ قلوبُنا مُغَلَّفَةٌ بِغِلافٍ فلا تَعي ما تَقولُ ، كلاّ ليسَ كذلكَ بَل لَعَنَهُمُ اللهُ و طَرَدَهُم عَن رَحمَتِه و هِدايَتِه بِكُفرهِم و عِنادِهِم و لَيسَت قُلوبُهم مُغَلَّفة فقليلاً ما يُؤمِنون بالحَقِّ ،
وَ حينَما جاءَهُمُ القُرآنُكتابٌ مِنْ عندِ اللهِ بِواسِطَةِ مُحمّدٍ (ص) مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُم مِن نُبُوَّةِ موسيٰ والتّوحيد و كانوا مِن قَبلِ مَجيئِهِ يَستَبصِرونَ عليٰ المُشرِكينَ الّذين كفَروا بموسيٰ ،
فلمّا جاءَهُم ما عَرِفوا بِمَجيئِهِ ببِشارَةِ التَّوراةِ مِن قَبلُ بِبِعثَةِ نَبِيِّ آخِرِ الزَّمانِ كفَروا بمُحمّدٍ (ص) فَلَعنَةُ اللهِ و غَضَبهُ عليٰ الكافِرينَ بِمُحمّدٍ (ص)
فيا بِئسَ حالَهُم و سآءَ بما باعُوا بهِ أنفُسَهُم فَخَسِروا الصَّفقَةَ حينما كفَروا بِما أنزَلَ اللهُ عليٰ مُحمّدٍ (ص) بَغياً و عُدواناً و حِقداً لِأن يُنزّل اللهُ من فَضلِهِ الوحيَ عليٰ مَن يشآءُ بِحِكمَتِهِ من عبادِهِ و رُسُلِه ،
فبذلكَ أمسَوْا مُرتَدّينَ شَمَلَهُم غَضَبٌ عليٰ غَضَبٍ من اللهِ لِكُفرهِم بِبِشارَةِ التَّوراةِ و كُفرِهِم بِرِسالَةِ مُحمّدٍ (ص) وَ لِلكافرينَ بِرسالَتِهِ عذابٌ مُوهِنٌ يوم القيامَه ،
و إذا قالَ لهُم رسولُ اللهِ أو غيرهِ آمِنوا أيّها اليَهودُ بما أنزَلَ اللهُ عليٰ محمدٍ (ص) قالوا نَحنُ نُؤمِنُ بما اُنزِلَ علينا مِنَ التّوراة لا بِمُحمّدٍ (ص)
و يكفرونَ بِها وَراءِ التّوراةِ و المُنزَلِ عليٰ مُحمّدٍ (ص) هُوَ الحَقُّ مِنَ اللهِ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُم مِنَ التّوراة الصَّحيحَةِ فَقُل لهُم يا حبيبي : فَلِماذا قَتلتُم أنبياءَ اللهِ مِن بَني إسرائيلَ مِن قبلِ مُحمّدٍ (ص) إن كنتُم مُؤمِنين بالتَّوراة ؟
وَ لَقَد جاءَكُم موسيٰ بن عِمرانَ بالمُعجِزاتِ الواضِحاتِ يا بَني إسرائيلَ وَ معذلكَ اتَّخذتُم عِجلَ السّامِريّ مَعبوداً مِن بَعدِ ذِهابِ موسيٰ و أنتُم ظالِمونَ لِهارونَ خَليفَتِهِ ،
و تَذكّروا إذ أخَذنا مِنكُم بِواسِطَةِ موسيٰ ميثاقَكُم عليٰ الثَّباتِ بالإيمان و رَفَعنا فوقَكُم الطّورَ و كادَ أن يَسقُطَ عليكُم فَأعطَيتُمُ المِيثاقَ فَقُلنا خُذُوا ما آتيناكُم مِن شَريعَةِ موسيٰ بِقُوَّةٍ و اسمَعوا و أطيعوا ،
فَأجابوا قالوا سَمِعنا ميثاقَ رَبّنا و لكنّنا عَصَيناهُ و أشرَبَ الشَّيطانُ في قلوبِهِم حُبّ العِجلِ بِكُفرِهِم بِخِلافَةِ هارون ،
قل لهُم يا رسولَ اللهِ بِئسَما يدعوكُم بهِ إيمانُكُم بموسيٰ و التَّوراةِ من عِبادَةِ العِجل و مُخالِفَةِ هارونَ إن كنتُم مُؤمِنينَ بالتَّوراة ،
قُل لهُم يا حبيبي : إن كانَت لَكُمُ الجَنَّة عندَ اللهِ في الآخِرَةِ خالِصَةً لِليَهودِ دونَ سائِرِ النّاسِ كما تَدَّعونَ فاطلُبوُا المَوْتَ كَي تَصيرونَ إليها إن كُنتُم صادِقينَ في دَعواكُم ،
و أبَداً لا يَطلُبونَ المَوْتَ و لا يُريدونَهُ بَل يَفِرّونَ مِنهُ خَوْفاً مِمّا قَدَّمَت أيديهِم مِنَ الكُفرِ و الإثمِ المُوجِبِ لِلعَذابِ و العِقابِ و اللهُ عليمٌ بِحالِ الظّالِمين ،
و يا رسولَ اللهِ إنّكَ لَتَجِدَنَّ اليَهودَ الآثِمينَ أطمَعُ النّاسِ و أحرَصُ النّاسِ جَميعاً عليٰ البَقاءِ و الإستِمرارِ في الحياةِ و هُم أحرَصُ من المشركين ،
يُحِبُّ كُلّ واحدٍ مِنَ اليَهودِ لَو يَطولُ عُمرُهُ سَنَةٍ وَ ليسَ طولُ العُمرِ بِمُبعِدِهِ مِن عذابِ اللهِ لو يُعَمَّرو اللهَُ بَصيرٌ بما يعمَلونَ هؤلاءِ اليَهودُ فيُجازيهِم ،
قُل لِليَهودِ أعداءِ جَبرَئيلَ الأمين : مَن كانَ عَدُوّاً لِجبرئيلَ فليَعلَم أنّ اللهَ نَزَّلَهُ عليٰ قَبلِكَ يا مُحمّدٍ (ص) بإذنِهِ و أمرِهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْكَ مِن التَّوراةِ و الإنجيلِ و مُبَشِّراً لِلمُؤمِنينَ بالجَنّه فيَهتَدون ،
مَن كانَ مِنَ اليَهودِ عَدُوّاً لِلّهِ و مَلائِكَتِهِ و رُسُلِهِ و خاتَمِهِم و جَبرئيل الأمين وَ مِيكائيلَ لِأنَّهُما مَسَخا طائِفَةً مِنهُم قِرَدَةً و خَنازيرَ فَليَعلَموا أنّ اللهَ هُوَ عدوٌ لِلكافرينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) الطّاهرين ،
و بالتأكيدِ يا حبيبي لَقَد أنزَلنا إليكَ آياتٍ واضِحاتٍ في القُرآنِ بِشَأنِ ولايَتِكُم أهل البَيْت (ع) و ما يكفُرُ بِها إلاّ الفاسِقونَ مِن اُمَّتِكَ و قَومِكَ ،
نَسألُ مُوَبِّخينَ أفهَل كُلّما عاهَدوا موسيٰ عَهداً بِأن يُؤمِنوا بِنَبيِّ آخِرِ الزَّمانِ العَرَبيّ فَطَرَحَهُ و خالَفَهُ فريقٌ منهُم بَل أكثَرُهُم لا يُؤمِنونَ بِه ،
و حينَما جاءَهُم مُحمّدٌ (ص) الصّادِقِ الأمينُ رَسولٌ مِن عندِ اللهِ مُرسَلٌ مُصَدَّقٌ لِما مَعَهُم مِن شَريعَةِ موسيٰ والتّوراةِ الصَّحيحَةِ ،
فَلَمّا جاءَهُم نَبَذَ و طَرَحَ و تَرَكَ جَماعَةٌ مِنَ الّذينَ اُوتُوا التّوراة كتابَ اللهِ المُبَشِّرِ بِمَجيئِهِ وَراءَ ظُهورهِم و خالَفوهُ كأنّهم لا يعلَمونَ أنّهُ المُبَشِّرِ بِهِ ،
وَ اتَّبَعوا بَعدَ نَبذِ الكِتابِ ما تَتلوْ شياطينُ الجِنِّ و شياطينُ الإنسِ السَّحَرةِ عليٰ مَملِكَةِ سُلَيمان و سَلطَنَتِهِ في بَيْتِ المَقدِس كَي يُسَخِّروها و ما ارتَكَبُ سُليمانُ السِّحرَ بَل كانَ مُلكُهُ مِنَ اللهِ و لكنَّ السَّحَرةَ كفَروا ،
فالسَّحَرةُ هُم عَلّموا النّاسَ السِّحَر لا سُليمان و ما اُنزِلَ السِّحرُ مِن السَّماءَ عليٰ مُلوكِ بابِل سِيّما المَلِيكَيْنِ هارُوتَ و مارُوت ،
و مَلِكَي بابِل ما كانا يُعَلِّمانِ لِأحَدٍ السِّحرَ حتّيٰ كانا يَقولا لهُ إنّما نُعَلِّمُكَ لِتُبطِل بهِ و تَحُلَّ و لا تَعقِد إمتحاناً لَكَ و إختِباراً فلا تُفَكِّر بأن تَعقِدَ بهِ سِحراً فتكفُر ،
فَهؤلاءِ الكَهَنَةُ اليَهودُ و الأحبارُ يَتَعلّمونَ مِن سِحرِ مَلِكَي بابِل سِحراً يُفَرِّقون بهِ بَيْنَ الرَّجُل و زَوجَتِهِ و حَبيبَتِهِ وَ ذلكَ حَرامٌٍ ،
و ما هُم بِضارّينَ بِسِحرِهِمُ الّذي يُفَرِّقُ بَيْنَ المَرءِ و زَوجَتِهِ مِن أحَدٍ من محمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) المَعصومينَ إلاّ إذا أذِنَ اللهُ بِنُفوذِ سِحرِهِم فيهِم و هَيْهات ،
و يَتَعلّمون هؤلاءِ سِحراً هو يَضُرُّهُم و لا يَنفَعُهُم فَلَن يَغلِبوا بِسِحرِهم مُحمّداً و آلَ محمّدٍ و بالتأكيدِ لَقَد عَرِفوا بِنَصِّ التّوراةِ أنَّ مَنِ استَعمَلَهُ لَيسَ لهُ في الآخِرَة مِن حُرمَةٍ و احتِرامٍ ،
فيا سآءَ ما باعُوا بهِ أنفُسَهُم و بِئسَ حالُهُم باستِعمالِ السِّحرِ إذا اشتَرَوا بِهِ الخُلودَ في العَذابِ لو كانوا يعلَمون جَزاءَ سِحرِهِم ،
و لو أنَّ الكَهَنَةَ والسَّحَرَةَ اليَهود آمَنوا بِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) واتَّقَوُا اللهَ و نَبَذوا السِّحرَ لَكانَت لهُم مَثوبَةٌ و أجرٌ عظيمٌ مِن عندِ اللهِ جَنّاتٍ فَهِيَ خَيرٌ مِنّ السِّحر لو كانوا يَعلَمونَ ذلِكَ ،
يا أيّها المُسلِمون لا تَقولوا لِرَسولِ اللهِ (ص) راعِ حالِنا و أبِح لَنا السِّحرَ كما قالَ اليَهودُ بل قُولوا لَهُ اُنظُرنا كيفَ نُطيعُكَ ونُوالِيكَ كما تُحِبُّ وَ تَأمُرُ وَ اسمَعوا لِأوامِرِهِ وَ لِلكافرينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) عَذابٌ مُؤلِمٌ في جهنَّم ،
يا رسولَ اللهِ لا يُحِبُّ الذين كفروا مِن اليَهودِ و لا المُشركينَ و الحِزبَ الاُمَويّ أن يُنَزَّلَ عليكُم مِن اللهِ يا أهل البَيْتِ (ع) مِن خَيرٍ و فَضيلَةٍ مِن رَبِّكم فيكُم ،
و إنّ اللهَ هو الّذي يُنَزِّل فيكُم آلُ محمدٍ (ص) الوَحيَ بِشَأنِ وِلايَتِكُم و هُوَ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يشآءُ فَخَصّكُم بالوِلايَةِ واللهُ ذوالفَضلِ العظيمِ عليكُم ، أهلَ البَيْت (ع) ،
ما نَنسَخُ مِن آيَةٍ كآيَةِ النَّجويٰ أو نُنسِ حُكمَها النّاسَ بعدَ أن اختَصُّ عَليٌّ (ع) بِفَضيلَتِها فَأتِ بِآيَةٍ خيرٌ منها تَنُصُّ عليٰ وِلايَتِهِ كآيَةِ الوِلايَةِ أو مثلِها كآَيَةِ و يُؤثِرونَ عليٰ أنفُسِهم و لو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ ،
نَسألُ تَقريراً ألَم تَعلَم يا رسولَ اللهِ و حَتماً تعلَم أنَّ اللهَ عليٰ كلِّ شييءٍ أرادَ نَسخَهُ و إتيانِ ما هُوَ خيرٌ قَديرٌ فإذا ذَهَبَ بإمامٍ جآءَ بِإمامٍ بَعدَهُ ،
وَ نَسألُ تَقريراً ألَم تَعلَم يا رسولَ اللهِ أنَّ اللهَ لَهُ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ و لهُ الوِلايَةُ علَيها و هو يُوَلّي عليها مَن يختارُ و ما لَكُم أيّها النّاسُ مِن دونِ اللهِ مِن وَليٍّ يَتَولاّكُم و لا نَصيرٍ يَنصُرُكُم ،
فَلِماذا لا تُوالونَ مُحمّداً و آل محمّدٍ (ص) أيّها المُسلِمونَ فَهل تُريدونَ أن تَسألوا مِن رَسولِ اللهِ أن يُرِيَكُم اللهَ جَهرَةً كما سُئِلَ موسيٰ بنَ عِمران مِن قَبلُ ؟
و مَن يَستَبدِلِ الكُفرَ بالإيمانِ بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فَهُوَ بالتّأكيدِ ضَلَّ وانحَرَف عَن جادَّةِ الصَّوابِ والطّريقِ المُستَقيم ،
أحَبَّ كثيرٌ مِنَ اليَهودِ لو يَتمَكّنون أن يَرُدّونَكُم مِن بعدِ إيمانِكُم بِوِلايَةِ آل محمدٍ (ص) كُفّاراً مُرتَدّين و ذلكَ حَسَداً مِنهُم لَكُم مِن عِندِ نُفوسِهِم الأمارَّةَ بالسّوءِ ،
و ذلِكَ مِن بَعدِ ما اتَّضَحَ لهُمُ الحَقُّ الّذي بَشَّرَ بِهِ موسيٰ مِن وِلايَةِ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) فاعفُوا أيّها المُسلِمونَ واصفَحُوا عَن أهلِ الكِتابِ صَفحاً حتّيٰ يأتِيَ اللهُ بِأمرِهِ فيهِم عِندَ قيامِ المَهديِّ المُنتَقِم إنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شييءٍ قَديرٌ .
و أقيموا الصّلوة أيّها المُسلِمون كما صَلاّها رسولُ اللهِ مِن دونِ بِدعَةٍ و آتُوا الزّكاة و ما تُقَدِّموا الخُمسَ لِِآلِ مُحمّدٍ (ص) و ذُريّتهم لِأنفُسِكُم خَيرُهُ و تَجِدونَ أجَرَهُ عندَ اللهِ إنّ اللهَ بما تَعمَلونَ مِن طاعَةٍ بَصيرٌ ،
و أهلُ الكتابِ قالوا : أبَداً لا يَدخُلِ الجَنّةَ أحَدٌ غيرُ مَن كان يَهوديّاً أو مِنَ النَّصاريٰ لا حُبّاً بالنَّصاريٰ بَل بُعضاً لِلمُسلِمين و تِلكَ أمانِيُّهُم يَتَمَنَّوْنَها و هَيهات ،
قُل لهُم يا رسولَ الله إنَّ قَسيمَ الجَنَّةِ والنّارِ هُوَ عليُّ بن أبيطالب (ع) فَهاتُوا بُرهاناً و حُجَّةً عليٰ إثباتِ قَولِكُم إن كنتُم صادِقينَ في إدّعاءِكُم و لستُم بِصادِقين ،
نَعَم كلُّ مَن أعلَنَ إسلامَهُ لِلّهِ لا لِغَرَضٍ آخَر و واليٰ مُحمّداً و آلَ محمّدٍ (ص) و هو مُحسِنٌ في مُوالاتِهم فَلَهُ يوم القيامَةِ أجرُهُ و ثَوابُهُ عِندَ اللهِ الجَنَّه و لا خوفٌ عليهِم مِنَ العذابِ و لا هُم يَحزَنونَ عِندَ الحِساب ،
والدَّليلُ عليٰ أنّها مُجَرّدُ أمانِيَّهم لِيَدخُلونَ الجَنّةَ إنَّ اليهودُ قالوا لَيسَتِ النّصاريٰ عليٰ شييءٍ مِنَ الحَقِّ والّدينِ و كَفّروهُم و قالَتِ النَّصاريٰ لَيسَتِ اليَهودُ عليٰ شييءٍ مِنَ الحَقِّ والدّينِ و كَفَّروهُم ،
فَيُكَفِّرُ بَعضهُم بَعضاً و هُم يَتلُونَ التَّوراةَ و هيَ تُبَشِّرُ بِعيسيٰ و مُحمّد (ص) و يَتلُونَ الإنجيلَ الّذي يُصَدِّقُ بِموسيٰ و كذلكَ قال المُنافِقون مِثلَ قولِهِم لِرسولِ اللهِ فاللهُ يَحكُمُ بَيْنَ المُنافِقينَ و المُؤمِنين يومَ القيامَةِ فيما كانوا فيهِ يَختَلِفون ،
و نَسألُ تَقريراً مَن هُوَ أظلَمُ النّاسِ مِنَ الّذي مَنَعَ الّذي مَساجِدَ اللهِ كالأقصيٰ والكعبَةَ أن يُذكَرَ فيها اسمُ اللهِ بالصَّلاةِ و الدُّعاءِ مِن قِبَلِ المُؤمِنينَ و سعيٰ بِتَعطيلِها ،
فأولئِكَ الّذينَ خَرَّبوا الأقصيٰ ما كانَ لهُم حَلالاً و جائِزاً و مُباحاً أن يَدخُلوها إلاّ في حالٍ يكونونَ خائِفينَ عليٰ أنفُسِهم مِن سَطوَةِ المُسلِمين فَلِليَهودِ في هذهِ الدُّنيا خِزيٌ و عارٌ و لَهُم في الآخِرةِ الخُلود في النّار ،
وَ إن طَعَنَ اليَهودُ في تَبَدُّلِ قِبلَتِكُم فَليَعلَموا أنَّ لِلّهِ المَشرِقُ والمَغرِبُ وَ الأقصيٰ وَالكَعبَة فأيْنَما تُوَلّوا وُجوهَكُم بِأمرِهِ فَثَمَّةَ هُناكَ تَوَجَّهتُم إليٰ اللهِ إنّ اللهَ واسِعٌ في حُكمِهِ عليمٌ بِأحكامِه ،
و أهلُ الكتابِ قالوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً فَعُزيرٌ ابنُ اللهِ و عيسيٰ إبنُ الله سُبحانَهُ تَقَدَّسَ و تَنَزَّهَ عن أن يكونَ لهُ وَلَدٌ ، بَل لهُ ما في السّماواتِ و الأرضِ مِن خَلائِق و كُلّهم لِلّهِ مُطيعون ،
واللهُ جَلَّت عَظَمَتُهُ بَديعٌ أبدَعَ خَلقَ السّماواتِ والأرضِ مِن عَدَمٍ و إذا قَضيٰ و أرادَ إيجادَ أمرٍا ما فَإنَّما يَكفي أن يقولَ لهُ كُن فَيكونُ و هكذا خَلَقَ عيسيٰ ،
و قالَ مُشرِكوا قُرَيْشٍ الّذين لا يعلَمونَ شيئاً مِن شَرائِطِ النُّبُوَّةِ و الرِّسالَةِ هَلاّ يُكَلِّمُنا اللهَ كما كلَّمَ موسيٰ أو تأتينا آيَة كما تَأتي لِمُحمّدٍ (ص) مَعَ أنّهُم لَيسوا مِثلَهُما مَعصومين ،
كذلك يا حبيبي قال الَّذين مِن قَبلِهِم لِمَن سَبَقَكَ مِنَ الرُّسُل مِثلَ قَوْلِ هؤلاءِ تَشابَهَت قُلوبُهُم في الكُفرِ والنِّفاقِ قَد بَيَّنا وَ أوضَحنا الآيات لِقَومٍ يُوقِنونَ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و عِصمَتِهم ،
إنّا لِعِصمَتِكَ أرسلناكَ بِرِسالَةِ الإسلام الحَقّ لِتَكونَ بَشيراً لِلنّاسِ بالجَنَّةِ إن والَوْكُم و نَذيراً لهُم إن خالَفوكُم و لا تُسألُ يومَ القِيامَةِ و لا تُحاسَبُ عَمَّا فَعَلَ أصحابُ الجَحيمِ بَل هُمُ المَسؤلونَ عَن أعمالِهِم ،
و أبَداً لا تَرضيٰ عنكَ يا رسولَ اللهِ اليَهودُ و لا النَّصاريٰ لِدَعوَتِكَ إليٰ الإسلامِ إلاّ لَوْ تَتَّبِع مِلّتَهُم و طريقَتَهُم و حاشاكَ قُل لهُم إنَّ هُديٰ اللهِ و شريعَةِ الإسلامِ هُوَ الهُديٰ وَحدَهُ فَحسب ،
و علي فَرضِ المُحالِ لَئِن اتَّبَعتَ يا رسولَ اللهِ أهواءَ اليَهودِ والنَّصاريٰ بَعْدَ الّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ الإلـٰهيّ و القُرآن فحينَئِذٍ فلا يكونُ لَكَ مِن اللهِ مِن وَليٍّ يَتَولّيٰ نَجاتَكَ و لا نَصيرٍ يَنصُرُكَ ،
إنّ اليَهودَ والنَّصاريٰ الّذين آتيناهُمُ التّوراةَ و الإنجيلَ الغَيْرِ المُحَرَّفَةَ فَيَتلُونَ كِتابَهُم حَقّ تِلاوَتِهِ مِن دونِ إسقاطِ شييءٍ مِنهُ يُبَشِّرُ بِمُحمّدٍ و آلِ محمدٍ (ص) أولئِكَ يُؤمِنونَ بهِ حَقّاً و مَن يَكفُر بهِ بِتَحريفِهِ فَأولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ لِلجَنّه ،
يا بَني إسرائيلَ اذكُروا تَذَكُّرُ إتِّعاظٍ نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم سابِقاً و أنّي فَضَّلتُكُم عليٰ العالَمينَ في زَمانِ موسيٰ و فِرعَون ،
واتّقوا يا بَني إسرائيلَ يومَ الحِسابِ و الجَزاءِ الّذي لا تُجزيٰ فيهِ نَفسٌ عن نَفسٍ شيئاً في الحِسابِ و لا يُقبَلُ مِنَ النَّفسِ عِدلُها فِديَةٌ و لا تُقبَلُ شَفاعَةٌ لَها و لا هُم يَومَئذٍ يُنصَرونَ مِنَ الجَزاء ،
و تَذكّروا أيّها المُسلِمونَ إذِ امتَحَنَ اللهُ واختَبَرَ إبراهيمَ بِكَلِماتِ وَحيِهِ التّكليفيَّة كَقُربانِ وَلَدِهِ إسماعيلَ فَأتَمَّ إبراهيمُ التَّكاليفَ الإلـٰهيَّةَ كامِلاً ،
فَبَعْدَ الفَوْزِ الإختبارِ الإلـٰهيّ إختارَهُ اللهُ لِلإمامَةِ بَعدَ أن كانَ نَبيّاً رَسولاً و قال لهُ إنّي جاعِلُكَ لِلنّاس إماماً إذِ الإمامَةُ جعَلِيَّةٌ إلـٰهيَّةٌ و لَيسَت بالشُّوريٰ ،
فَبَعدَ أن اختارَهُ اللهُ إماماً لِلنّاس قالَ إلـٰهي اجعَل مِن ذُرّيَتي أئِمَّةً إيضاً فقالَ اللهُ لا يَنالُ الإمامَة عهدي الظّالِمينَ مِن ذُريَّتِكَ بَل يَنالها المَعصومون فَقَط ،
وَ تَذَكّروا إذ جَعَلنا البَيْتَ الحَرامَ مَسجِدَ الكَعبَةِ مَنسكاً يَثوبونَ إليهِ النّاسُ لِلحَجِّ و مَقَرَّ أمانٍ و أمَرناهُم أن اتَّخِذوا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلّيًٰ لِصَلاةِ الطَّواف ،
وَ أوْحَيْنا عَهداً إليٰ إبراهيمَ و إبنِهِ إسماعيلَ الذَّبيحِ واجِباً أن طَهِّرا بَيْتِيَ مِنَ الأوْثانِ و الأصنامِ و الأرجاسِ و أَعِدّاهُ لِلطّائِفينَ حَولَ الكَعبَةِ و المُعتَكِفينَ في المَسجِدِ و المُصَلّينَ الرّاكِعينَ السّاجِدين ،
وَ تَذكّروا إذ قالَ إبراهيمُ مُبتَهِلاً : إلـٰهي اجعَلِ البَيْتَ هذا بَلَداً آمِناً لِلنّاسِ وارزُق أهلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ المُختَلِفَةِ مِن كُلِّ مكانٍ و خُصَّ بِها مَن آمَنَ مِنهُم بِكَ و باليَومِ الآخِر و المَعاد ،
فاستجابَ اللهُ دُعاءَهُ و قالَ لهُ قد أجَبتُ دُعاءَكَ و مَن كَفَرَ مِنهُم فَاُمَتِّعُهُ بالدُّنيا قليلاً و بُرهَةً قَصيرَةً ثُمَّ اُلجِئُهُ إليٰ عَذابِ النّارِ و بِئْسَ المَصيرِ رَغماً لِأنفهِ ،
و تَذَكّروا إذ كانَ يَرفَعُ إبراهيمُ الاُسُسَ و القواعِدَ مِن بَيْتِ الكَعبَةِ مِن صُخُورِ جَبَلِ غارِ حراء مع إسماعيلِ الذّبيح و يَقولان رَبّنا تَقبَّل مِنّا هذهِ الخِدمَة إنّكَ أنتَ السَّميعُ العليمُ بِنا ،
و قالا رَبّنا واجعَلنا مُسلِمَيْنِ مُطيعَيْنِ لَكَ واجعَل مِن ذُرّيَتِنا اُمّةٌ مُسلِمَةٌ مُطيعَةٌ لَكَ و أرِنا مَناسِكَ حَجِّنا و تُبْ علَينا إنْ أخطَأنا إنّكَ أنتَ التَّوابُ الرَّحيمُ علَينا ،
رَبّنا وابعَث بالنُّبُوَّةِ فيهِم مُحمّداً (ص) رَسولاً مِنَ العَرَبِ يَتلوا عَليهِم آياتِكَ المُنزَلَةِ عليهِ و يُعَلِّمُهُم القرآنَ و أحكامَهُ الحكيمَةَ و يُزَكّي نُفوسَهُم و أخلاقَهُم مِنَ الرَّذائِلِ إنّكَ أنتَ العزيزُ في حُكمِهِ ألحكيمُ في صُنعِه ،
و كُلُّ مَن يُعرِض عَن دينِ إبراهيم و لا يَرغَبُ فيهِ فَلَيْس إلاّ سَفيهاً تَعَمَّدَ في تَسفيهِ نَفسِهِ بَعدَ أن عَلِمَ أنّهُ الحَقُّ و العَدلُ ،
وَ بالتأكيدِ إنّا قَدِ اصطفَينا إبراهيمَ واختَرناهُ لِلنّبُوَّةِ و الإمامَةِ إذ هُما مَشروطَتانِ باختِيارِ اللهِ لا غَيرَهُ و بالتأكيدِ إنّهُ في الآخِرة لَمِن زُمرَةِ الصّالِحين مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهرين ،
وَ السَّبَبُ في إصطِفاءِهِ هو أنَّ اللهَ قال لهُ إبراهيمُ أسلِم و سَلِّم و آمِن بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَأجابَ قائِلاً : أسلَمتُ وَ آمَنتُ لِرَبِّ العالمينَ بِوِلايَتِهِم
وَ وَصّيٰ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ مَوَدَّتِهِم إبراهيمُ جَدُّهُم بَنيهِ و أولادِهِ و وَصّيٰ بها يعقوبُ بَنيهِ و أولادِهِ و قالا : يا بَنيَّ إنَّ اللهَ اصطَفيٰ لكُمُ الدّينَ الكامِل بِولايَةِ عليٍّ (ع) فلا أراكُم تَموتُونَ إلاّ و أنتُم مُسلِمونَ مُوالونَ لَهُم ،
أتُنكِرونَ ذلِكَ أيّها المُنافِقون أم كنتُم حُضوراً تَشهَدُونَ حينَما حَضَرَ يَعقوبَ الأجَلُ فَوصّيٰ إذ قالَ لِبَنيهِ مُؤكِّداً لِوَصيَّتِهِ ما تعبُدونَ مِن بعدي ؟
فَأجابُوهُ قالوا نَعبُدُ اللهُ إلـٰهَكَ و إلـٰه آباءِكَ إبراهيمَ وَ إسماعيلَ وَ إسحٰقَ إلـٰهاً واحِداً و نَحنُ لهُ مُسلِمونَ مُؤمِنونَ بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
تِلكَ هِيَ اُمّة مُوَحِّدَةٌ مُسلِمَةٌ قَد مَضَت لَها ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ و لَكُم ما كَسَبتُم مِن عَمَلٍ أيّها المُسلِمونَ و لا تُسئَلونَ غَداً عَمّا كانوا اُولئِكَ يَعمَلونَ بَل تُسئَلونَ عَن أعمالِكُم ،
وَ قالَ اليَهودُ والنّصاريٰ لِلمُسلِمين كونُوا يَهوداً أو نصاريٰ ، تَهتَدوا مِثلَنا ، قُل لهُم يا رَسولَ اللهِ بَل نَكونُ عليٰ مِلّةِ إبراهيمَ حَنيفاً مُسلِماً وَ ما كانَ مِنَ المُشرِكينَ بالله ،
قولوا لهُم أيّها المُسلِمون : نَحنُ آمَنّا باللهِ و بِما اُنزِلَ إلينا من القرآنِ و ما اُنزِلَ عليٰ إبراهيمَ مِن شَريعَةٍ و ما اُنزِلَ عليٰ إسماعيلَ و يَعقوبَ و أسباطِ بَني إسرائيل ،
وَ آمَنّا بِما اُوتِيَ موسيٰ مِنَ التَّوراةِ و عيسيٰ مِنَ الإنجيل وَ ما اُوتِيَ النّبيّونَ جَميعاً مِن رَبِّهم لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنَ الرُّسُل و غيره و نَحنُ لِلّهِ مُسلِمون ،
فَبَعدَ قبولِكُم لَهُم ذلِك إن آمَنوا بِمِثلِ ما آمَنتُم بهِ فَقدِ اهتَدَوا لِلحَقِّ و العَدلِ و إن أعرَضوا مُوَلّينَ فإنّما هُم بإعراضِهم في شِقاقٍ و خِلافٍ مَعَكُم و اللهُ يَكفيكُم شَرَّهُم و هو السميعُ العليمُ بِما يَفعَلون ،
تِلكَ شِرعَة اللهِ صَبَغَ بهِ عِبادَهُ المُخلِصين فَعُرِفوا بِصِبغَةِ الإسلامِ و مَن هُوَ أحسَنُ مِنَ اللهِ صِبغَةً و شَريعَةً و نَحنُ المُسلِمونَ لهُ عابِدون ،
قُل لِليَهودِ و النَّصاريٰ يا رسولَ الله مُستَنكِراً هَل تُجادِلونَنا و تُخاصِمونَنا فيما أرادَهُ اللهُ واختارَهُ مِن بِعثَتي بِرِسالَةِ الإسلامِ و هُوَ رَبّنا و رَبُّكُم و لَنا أعمالُنا و لَكُم أعمالُكُم و جَزاؤها و نَحنُ لهُ مُخلِصونَ في الطّاعَةِ والعِبادَه ،
فما بالُكُم فَهَل تَقولونَ و لا يَحِقُّ لَكُم ذلِك إنَّ إبراهيمَ و إسماعيلَ و إسحٰقَ و يَعقوبَ و أسباط بَني إسرائيلَ كانوا يَهوداً أو نَصاريٰ ؟ كَلاّ و حاشاهُم ،
( قُل ءَأنتُم أعلَمُ أمِ اللهُ و مَن أظلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهادَةً عِندَهُ مِنَ اللهِ و ما اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلون )
قُل لَهُم يا حبيبي هل أنتُم أعلَمُ بِحالِهِم أمِ اللهُ أعلَمُ فَبَديهيٌّ أنَّ اللهَ أعلَمُ بِحالِهِم فقالَ ما كانَ إبراهيمُ يَهوديّاً و لا نَصرانيّاً بَل كانَ حَنيفاً مُسلِماً فَمَن هُو أظلَمُ مِمَّن أخفيٰ شَهادَةً عِندَهُ في التَّوراةِ مِنَ اللهِ بذلكَ وَ مااللهُ بِغافِلٍ عمّا تَعمَلونَ بَل يُحاسِبُكُم عَليهِ ،
تِلكَ الأنبياءُ و الأسباطُ كانوا في اُمّةٍ قَد مَضَت لَها ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ عند الله و لكُم ما كَسَبتُم فَتَنالون جَزاءَهُ و لا تُسألونَ عمّا كانوا اُولئِكَ يَعمَلون ،
بَعدَ تَبَدّلِ القِبلَةِ مُباشَرَةً سَيقولُ السُّفَهاءُ مِنَ اليَهودِ و النَّصاريٰ ما الّذي صَرَفَهُم عَن قِبلَتِهِمُ الأقصيٰ الّتي كانوا عليها ؟ قُل لهُم يا حبيبي لِلّهِ قِبلَة المَشرِقِ و قِبلَة المَغرِبِ و يَأمُرُ بِهدايَتِهِ من يشاءُ مِنَ الاُمَم إليٰ الطّريق الصَّحيح ،
وَ بِجَعلِ الكَعبَةِ قِبلَةً لَكُم جَعلناكُم اُمّةً مُستَقِلّةً عادِلَةً عن أهلِ الكتابِ لِتَكونوا شُهوداً عليٰ النّاسِ عليٰ مَذهَبِ العَدلِ و يكونَ الرّسولُ عليكُم شاهِداً يَومَ القِيامَه ،
وَ ما جَعَلنا القِبلَةَ بَيْتَ المَقدِسِ الّتي كُنتَ تُصلّي إليها إلا لِيُعلَمَ مَن يَتَّبِعُكَ و يُؤمِن بِرِسالَتِكَ مِنَ اليَهودِ و النَّصاريٰ و نُمَيِّزُهُ عَمَّن يَنقَلِب و يَرتَدّ عَليٰ الوَرآء و لا يُؤمِن ،
وَ إن كانَتِ التَّولِيَة إليٰ بَيْتِ المَقدِسِ لَمَشَقَّةٌ كبيرةٌ عليٰ أتباعِكَ عَديٰ الّذين هَداهُمُ اللهُ لِوِلايَتِكَ فَلَيسَت كبيرة عليهِم و ما كانَ اللهُ لِيُضيعَ أجرَ إيمانِكُم و عِباداتِكُم إنَّ اللهَ لَرؤفٌ لا يُحرِمُهُم أجرَهُم رَحيمٌ لا يَشُقُّ عليهِم ،
يا رسولَالله بالتّأكيد قَد نَريٰ تَصَفُّحَ وَجهِكَ في السَّماءِ تَنتَظِرُ الأمرَ و الوَحيَ بِتَبَدُّلِ القِبلَة فَلَنُوَلِيَنَّكَ و نُوَجِّهُكَ إليٰ الكَعبَةِ قِبلَةً تَرضاها فَوَجِّه وَجهَكَ نَحوَ المَسجِدِ الحَرامِ و الكَعبَه ،
و حيثُ ما كنتُم مِن مَكانٍ أيّها المُسلِمونَ فَولّوا وُجوهَكُم في الصَّلاةِ نَحوَ المَسجِدِ الحَرامِ و إنَّ اليَهودَ و النَّصاريٰ لَيَعلَمون أنَّ تَبَدُّلِ القِبلَةِ هو الحَقُّ مِنَ اللهُِ و ما اللهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعمَلونَ بَل يُجازيهِم عَليه ،
وَ لئِن أتَيتَ يا رسولَ اللهِ اليَهودَ و النّصاريٰ بِكُلِّ آيَةٍ من القرآنِ تُعيّن القِبلَةَ ما تَبَعوكَ في قِبلَتِكَ الكَعبَة وَ ما أنتَ بتابعٍ قِبلَتَهُم بَعدَ هذا و ما بَعضُهُم بتابعٍ قِبلَةَ بعضٍ أَليَهودُ والنَّصاريٰ ،
وَ لَئِن اتَّبَعتَ يا رسولَ اللهِ أهواءَ أهلِ الكِتابِ بالتَّوَجُّهِ إليٰ بَيْتِ المَقدِسِ مِن بَعدِ ما جاءَكَ مِنَ الوَحيِ بِتَبَدُّلِ القِبلَةِ إنّكَ عليٰ ذلِكَ الفَرض إذاً تَكونُ مِنَ الظّالِمينَ و حاشاك ،
ألّذين آتيناهُمُ التّوراة و الإنجيلَ يَعرِفونَ مُحمّداً (ص) بِإسمِهِ و نَعتِهِ مَذكوراً في كُتُبِهم كما يَعرِفونَ أبناءَهُم حَقّ المَعرِفَةِ أنّهُ خاتِمُ الأنبياء و إنّ طائِفَةً مِنهُم لَيَكتُمونَ الحَقَّ المَذكورَ في كِتابِهم و هُم عالِمونَ عامِدون ،
ألحَقُّ مِن رَبِّك يا رسولَ اللهِ جاءَكَ لِلتَّوَجُّهِ إليٰ الكَعبَةِ قِبلَةَ إبراهيم و مَوْلِد عليّ بن أبيطالِبٍ (ع) فلا تَكونَنَّ مِن أهلِ المِراءِ و الجَدَلِ فيه ،
و لِكُلٍّ اُمَّةٍ وِجهَةٌ في قِبلَتِهِا والله هُوَ مَوَلّيها نَحوَها فاستَبِقوا الخَيْراتِ أيّها المُسلمين بالتَّوَجُّهِ إليٰ الكَعبَةِ أيْنَ ما تَكونوا يَأتِ بِكُمُ اللهُ جَميعاً يَومَ القيامَةِ إنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شَييءٍ قَديرٌ ،
و مِن حَيثُ خَرَجتَ مُسافِراً و لَو إليٰ بَيْتِ المَقدِسِ فَوَلِّ وَجهَكَ في الصَّلاةِ صَوْبَ المَسجِدِ الحَرامِ و إنَّ هذا لَهُوَ الحَقُّ مِن اللهِ أمَرَكَ بِهِ و لَيسَ اللهُ بغافِلٍ عمّا تَعمَلونَ يا مُسلِمين ،
و مِن حيثُ خَرَجتَ مُسافِراً فَوَجِّه وجهَكَ نَحوَ المَسجدِ الحَرامِ و حَيثُ ما كنتُم أيّها المُسلِمونَ في سَفَرٍ أو حَضَرٍ فَولّوا وُجوهَكُم صَوْبَ المَسجدِ الحَرامِ لِكَي لا يكونَ لِليَهودِ و النَّصاريٰ عليكُم حُجّةٌ يَحتَجّونَ بِها ضِدَّكُم ،
إلاّ احتِجاجِ الّذينَ ظَلَموا مِنهُم حَيْثُ يَقولونَ إِنْ لَم تَكُنِ الأقصيٰ قِبلَه فَلِماذا صَلّيٰ إليها قَبُلاً فلا تَخشَوا إحتجاجَهُم واخشَوا عَذابَ اللهِ بعِصيانِهِ و لِاُتِمَّ نِعمَتي عليكُم بِتَطهيرِ الكَعبَةِ مِنَ الأصنامِ بِيَدِ عليٍّ (ع) و لَعلَّكُم تَهتَدونَ إليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) بِهذا ،
كما أتمَمنا نِعمَتنا عليكُم و أرسلنا فيكُم مُحمّداً (ص) رَسولاً منكُم عَربِيّاً يَتلوا عليكُم آياتنا القُرآنيَّةَ و يُزَكّيكُم بِها و يُعَلِّمُكُم أحكامَ القرآنِ و حِكمَته و يُعَلّمكُم ما لَم تكونوا تعلَمونَ بِدونهِ ،
فاذكُروني أيّها المُسلِمونَ بالتَّمسُّكِ بِالثّقلَيْن القُرآن والعِترَه أذكُركُم بِرَحمَتي واشكُروا لي نِعمَةَ وِلايَة محمدٍ و آلِهِ (ص) و لا تَكفُروا بِها ،
يا أيّها الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) إستَعينُوا عليٰ أعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) بالصَّبرِ عليٰ وِلايَتِهِم والصَّلاة مِن غَيرِ بِدعَةٍ إنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرينَ عليٰ ولايَتِهِم ،
و لا تَقولوا أيّها النّاسُ لِمَن يُقتَلُ شَهيداً في سَبيلِ اللهِ عليٰ وِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) أولئِكَ أمواتٌ بَل هُم أحياءٌ بالشَّهادَةِ و لكِن لا تَشعُرونَ كيفيَّة حياتِهِمُ الأبَديَّه ،
و بالتّأكيدِ سَنَبتَليكُم إمتِحاناً بشيءٍ مِنَ الخَوْفِ مِن أعداءِ آل محمدٍ (ص) والجُوعِ والفَقرِ و نَقصٍ مِنَ الأموالِ و الأنفُسِ و الثَّمَراتِ قَبلَ قِيامِ القائِمِ المَهديِّ (ع) و بَشِّرِ الصّابِرينَ عليٰ هذهِ البَلويٰ بالأجرِ و المَثوبَه ،
والصّابِرينَ هُمُ الّذين إذا أصابَتهُم مُصيبَةٌ مِنَ المَصائِبِ المَذكورَةِ ، لا مُصيبَةٌ في الدّينِ قالوا إنّا لِلّهِ و إنّا إليهِ راجِعون فلا يَجزَعونَ و لا يَكفُرون ،
أولئِكَ المُؤمِنونَ الصّابِرونَ يكونُ عليهِم صَلَواتٌ مَثوباتٌ و فيوضاتٌ مِن رَبِّهم و رَحمَةٌ و مَغفِرَةٌ تَشمُلُهم و أولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ بِولايَةِ محمدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
بالتأكيدِ إنَّ جَبَلَيِ الصَّفا والمَروَةَ عِندَ بَيْتِ اللهِ هُما مِن شَعائِرِ اللهِ و علائِمِ دينِهِ فَمَن حَجَّ و طافَ بالبَيْتِ لِلحَجّ أو اعتَمَرَ و طافَ لِلعُمرَةِ فلا ضَيْرَ عليهِ أن يَسعيٰ بَيْنَهُما سَبعَةَ أشواطٍ و إن كانَ يَعمَل بِها المُشرِكون ،
و مَن تَطَوَّعَ بالسَّعيِ قُربَةً إليٰ اللهِ مِن دونِ وُجوبٍ بَل يَطلُبُ خَيْراً و ثَواباً و أجراً فإنَّ اللهَ شاكِرٌ يثُيبُه عليمٌ بِنِيَّتِهِ ،
إنَّ أحبارَ اليَهودِ الّذين يَكتُمونَ ما أنزَلنا مِنَ الآياتِ الواضِحاتِ المُبَشِّراتِ بِمُحمّدٍ (ص) والهادِياتِ إليٰ وِلايَتِهِ مِن بَعدِ ما بَيّناهُ لِلنّاسِ في التَّوراة ،
أولئِكَ الّذين يَكتُمونَ الحَقَّ بَدَلَ أن يُبيِّنوهُ لِلنّاسِ فَحَتماً سَيَلعَنهُمُ اللهُ و يَطرُدَهُم مِن رَحمَتِهِ و يَجِبُ أن يَلعَنَهُمُ الّلاعِنونَ إليٰ يَومِ القيامَه ،
إلاّ اليَهود الذين تابوا من ذلك و أصلَحوا في المُجتَمَع و بَيَّنوا للناس آيات التوراة المُبَشِّرَةِ بِمُحمّدٍ (ص) فَأولئِكَ أتوبُ عَليهِم وَ أنا التَوّابُ الرَّحيمُ عليٰ مَن تاب ،
إنّ الذين كفروا بوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) مِنَ اليَهودِ والنّصاريٰ و المُسلِمين و غيرهم و ماتُوا و هُم كفّارٌ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) أولئِكَ عليهِم غَضَبُ اللهِ و لَعنَتُهُ و لَعنَةُ الملائِكَةِ و تَشمُلُهُم لَعنَة النّاسِ المُؤمنينَ أجمعين ،
فَبِالّلعنَةِ يدخلونَ الجَحيمَ خالِدينَ فيها إليٰ الأبَد مُعذَّبينَ بِشِدَّةٍ لا يُخَفَّفُ عنهُمُ العَذابُ و لا هُم يُمهَلونَ بُرهَةً و لا يُنظَرُ إليهِم بِنَظَرِ الرَّحمه ،
وَ إلـٰهُكُم الّذي خَلَقَكُم و كَلَّفَكُم بِدينِهِ و هُوَ سيُعيدُكُم و يُحاسِبُكُم هو إلـٰهٌ واحِدٌ لا شريكَ لهُ و لا مَثيلَ لا إلـٰه إلاّ هُوَ الرّحمانُ بِجَميعِ خَلقِهِ أَلرّحيمُ بِعِبادِهِ المُؤمِنين ،
فَإن تُريدوا براهينَ عليٰ ذلكَ فَإنّ في خَلقِ السّماواتِ و الأرضِ واختِلافِ ساعاتِ الّليْل و النّهارِ و حالاتِهما و جَرَيانِ السُّنَن الّتي تَجري في البَحرِ و تَسيرُ بِما يَنفَع النّاس مِنْ مَقاصِد ،
وَ فيما أنزَلَ اللهُ مِن غُيومِ السّماءِ و مَطَرٍ وَ وَفرٍ فَأحيا بهِ الأرضَ بالزَّرعِ بَعدَ مَوتِها و يُبسِها و وَزَّعَ فيها و نَشَرَ مِن كُلِّ دابَّةٍ من الحيواناتِ و الحَشراتِ ،
وَ في تَوجيهِ الرّياحِ إليٰ هُنا و هُناك مُختَلِفَة الهُبوبِ و تَحريكِ السَّحابِ و الغَيْمِ المُسَخَّرِ لِمَشيئَتِنا بَيْنَ السَّماءِ و الأرضِ إليٰ حَيثُ ما نشآءُ فَفي كُلِّ ذلِكَ لَآياتٍ و بَراهينَ و دلالاتٍ لِقَوْمٍ يَعقِلونَ الآيات ،
و مَعَ تِلكَ الآياتِ كُلّها هُناكَ مِنَ النّاسِ المُعانِدينَ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللهِ مَن يُطيعُهُم يَعبُدُهُم أنداداً يُحبّونَهُم كَحُبِّ اللهِ و ذلِكَ شِركٌ ،
وَالّذين آمَنوا باللهِ و بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَلم يَتَّخِذوا مِن دونِ اللهِ أنداداً فَهُم أشَدُّ حُبّاً لِلّهِ مِن كُلِّ ما يُحبّونَهُ ،
وَ يا لَيْتَ أنّ الّذين ظَلَموا آلَ مُحمّدٍ (ص) واتَّبَعوا خُلَفاء الجَوْرِ يَرَوْنَ الآن ما سَيَروْنَ مِنَ العَذابِ و يَرَوْنَ أنّ القُوَّةَ كلّها لِلّهِ و أنَّ اللهَ شديدُ العذاب لَهُم ،
حينئذٍ سَيَروْنَ إذ تَبَرَّأ الّذينَ اتُّبِعوا مِن خُلَفاءِهِم الظّالمين هؤلاء الأتباعِ الّذين اتَّبَعوهُم يُنادون وانَفساهُ و رَأوا العَذابَ بِاُمّ أعيُنِهم و تَقَطَّعَت بِهِم أسبابُ الشّفاعَةِ والنَّجاة ،
عندئِذٍ يقول الّذين اتَّبعوا خُلَفاءَ الجَوْرِ و أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) يا لَيْتَ يكونُ لنا رَجعَةٌ إليٰ الدّنيا فَنَتَبَرَّأُ مِن خُلَفاءِنا كما تَبَرّؤا مِنّا هذا اليَوم ،
فكذلكَ يوم القيامَةِ لِلمُنافِقينَ يُريهِمُ اللهُ أعمالَهُم الباطِلَةَ ، تكون حَسَراتٍ و آهاتٍ و نَداماتٍ عليهِم لإستيجابِها العَذابَ و ما هُم بِخارِجينَ مِنَ النّار أبَداً ،
يا أيّها النّاسُ المُكَلَّفونَ شَرعاً حينَما تَأكُلونَ مِمّا في الأرضِ مِن أرزاقٍ تَكسِبوها حَلالاً خالِصاً مِنَ الشُّبهَةِ و الحَرامِ و لا تَتَّبِعوا في الإرتِزاقِ خُطُواتِ الشيطانِ و حُكومَة الظّالِمينَ و إعانَةِ الظّالِمين و الأكلِ مِن مَوائِدِهِم إنّهُ لكُم عَدوٌ مُبينُ العِداء ،
فالشيطانُ ليسَ إلاّ أنّهُ يأمُرُكُم بالإرتِزاقِ الحَرامِ و ارتِكابِ الإثمِ و الفِسقِ و الفُجورِ وَ أن تَتَقَوّلوا عليٰ اللهِ بأنّهُ جَعَلَ أرزاقَكُم بِيَدِ حُكّامِ الجَوْرِ و عن طَريقِ التحريم جَهلاً و غَباوَةً ،
وَ إذا قيلَ لِلمُرتَزِقَةِ مِن حُكّامِ الجَوْرِ إتَّبِعوا ما أنزَلَ اللهُ في القرآنِ مِن وِلايَةِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) قالوا كَلاّ بَل نَتَّبِع ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا مِن مَذهَبٍ ،
فَنَسألُ مُستَنكِرينَ مُوَبِّخينَ أفَهَل يَتَّبِعونَ آباءَهُم في مَذهَبِهم حتّيٰ و لَوْ كانوا لا يَعقِلونَ شيئاً مِنَ الحَقِّ و العَدلِ و الشَّرعِ و لا يَهتَدونَ ، بَل هُم ضُلاّلٌ ؟
وَمِثالُ حالِ الذين كفروا بولايَةِ عليٍّ (ع) كَمَثَلِ الغُراب الّذي يَصبحُ و يَنعَقُ إذا سَمِعَ صوتاً لِبَشَرٍ هُوَ لا يَفهَمُ ما يَقولُ إلاّ أنّهُ يَسمَعُ صباحاً و نِداءً منه فهُم صُمُّ الآذانِ بُكمُ الألسُنِ عُميُ العُيونِ عَنِ الحَقِّ فهُم لا يعقِلون الدَّعوَةَ إليٰ الوِلايَه ،
يا أيّها الذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) كُلوا ببَرَكَةِ الوِلايَةِ مِن طَيِّباتِ ما رَزقناكُم مِن رِزقٍ بَبَرَكَةِ آل مُحمّدٍ (ص) واشكُروا اللهَ لنِعمَةِ الوِلايَةِ إن كنتُم إيّاهُ تعبُدون لا غيره ،
إنّما حَرَّمَ اللهُ عليكُم يا شيعَةَ آل مُحمَّدٍ ألمَيْتَةَ من الحيواناتِ غير المُزكّاتِ و حَرَّمَ أكَل الدَّمِ و حَرَّمَ أكلَ لَحمِ الخِنزيرِ و حَرَّمَ ما ذُبِحَ لِغَيرِ اللهِ و عليٰ غيرِ إسمِ اللهِ و رُفِعَ قُرباناً لِلظّالِمينَ الجائِرين ،
فَمَنِ اضطُرَّ لِلتَّقيَّةِ أو لِضَرورَةِ إحياءِ النَّفسِ لِلأكلِ مِنها غَيرَ باغٍ عليٰ الأئِمَّةِ مِن أهلِ البَيْت (ع) و أموالِهم و لا مُعتَدٍ في الأكلِ أكثَرَ مِنَ الضَّرورَة فلا إثمَ يُكتَبُ عليهِ بالأكلِ إنّ اللهَ غَفورٌ لهُ رحيمٌ بهِ ،
بالتأكيدِ إنَّ اليَهود الَّذين يكتُمُونَ عنِ النّاسِ ما أنزَلَ اللهُ في آلِ مُحمّدٍ (ص) مِن آياتِ التَّوراةِ و الإنجيل و يَشتَرونَ بذلكَ الدّنيا الفانِيَةَ ثَمَناً زَهيداً أولئِكَ ما يأكُلونَ مِن مالٍ يَكتَسِبوهُ إلاّ يَنقَلِبُ ناراً في بُطونِهم غَداً ،
و أولئِكَ الذين يكتُمون فَضائِلَ آل مُحمّدٍ (ص) لا يُكَلِّمُهُم اللهُ بِرَحمَتِهِ يومَ القيامَةِ غَضَباً عليهِم و لا يُزَكّيهِم بالمَغْفِرَةِ والشَّفاعَةِ بَل يُدخِلهُم النّارَ و لهُم عذابٌ أليمٌ فيها ،
أولئِكَ الكاتِمونَ لِفَضائِلِ آل مُحمّدٍ (ص) كَسَبُوا الضَّلالَةَ والرَّديٰ بَدلاً عَنِ الهُديٰ و الحَقِّ و طَلِبُوا العَذابَ الإلـٰهيّ بَدَلاً عن المَغفِرَةِ ، فَكيْفَ يَصبِرونَ عليٰ ألَمِ نارِ جهنّم ؟؟؟
ذلكَ العذابُ الّذي ذكرناهُ لِمَن يكتُمُ فَضائِل آل مُحمّدٍ (ص) هُوَ لِأجلِ أنَّ اللهَ نَزَّلَ كتابَ الوَحيِ مِنَ السَّماءِ بالحَقِّ بواسِطَةِ جبرئيلَ و أنَّ الّذين اختَلَفوا في الكتابِ مِن بَني اُمَيَّةَ والمُشرِكينَ و الكُفّارَ و المُنافِقين فَمِن قائِلٍ إنّهُ شِعرٌ أو سِحرٌ فَهُم جَميعاً لَفي خِلافٍ بَعيدٍ عَنِ الحَقّ ،
أيّها النّاسُ لَيسَ مِنَ البِرِّ و عَمَلِ الخَيْرِ و المَعروفِ و الإحسانِ و العَدْلِ والصَّلاحِ أن تَتَّجِهوا إليٰ جِهَةِ المَشرِقِ و تَتَّبِعوا دينَ المَجوسِ و لاجِهَةَ المَغرِبِ و تَتَّبِعوا دينَ اليَهودِ و النَّصاريٰ ،
و لكِنّ البِرَّ كُلَّ البِرِّ و الخَيْرِ و العَدلِ والصَّلاحِ و الفَلاحِ لِمَن آمَنَ باللهِ وَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ آمَنَ بالمَعادِ و الحَشرِ في الآخِرَةِ و لَوازِمِها ،
و آمَنَ بِالملائِكَةِ النّورانِيَّة جميعُهُم سِيّما المُقَرَّبونَ كَجبرئيلَ و مِيكائيلَ و إسرافيلَ و عِزرائيلَ و آمَنَ بالكِتابِ السَّماويّ كالتَّوراةِ و الإنجيلِ و القُرآنِ و آمَنَ بالأنبياءِ و المُرسَلينَ جميعاً ،
والبِرّ كُلّ البِرّ لِمَن أعطيٰ خُمسَ المالِ عليٰ حُبِّ اللهِ لِذوي قُربيٰ النَّبيِّ و ذُريَّتِهِ و يَتاماهُم و المَساكينَ مِنهُم وَابنَ السَّبيل و السّائِلينَ منهُم الخُمسَ نَفَقَةً و مَن في رَقَبَتِهِم ،
و البِرّ كُلّ البِرّ لِمَن أقامَ الصَّلاةَ كما صَلاّها رَسولَ اللهِ و آلِهِ مِن دونِ بِدعَةٍ و تَكفيرٍ و آمّين و غَيرها ، و كذا لِمَن أعطيٰ الزَّكاةَ لِمُستَحقّيها غير ما ذُكِرَ مِن الخُمس ،
و البِرّ كُلّ البِرّ لِمَن هُم يُوفونَ بِعُهودِهِم مَعَ اللهِ و مَعَ النّاس إذا عَاهَدوا عَهداً مَعَ الله أو مَعَ النّاس لا مَن نَكَثَ عَهدَ الله ،
والبِرّ كُلّ البِرّ لِلصّابِرينَ في الحَربِ و القِتالِ و الجِهادِ في سبيلِ اللهِ و الصّابِرينَ في الفَقرِ و المَرَضِ الّتي تَضُرُّ بِهِم و الصّابِرينَ عليٰ أذيٰ أعداءِ آلِ محمدٍ (ص) والظّالِمينَ الجائِرين ،
أولئِكَ أهل البِّر الّذي ذَكرناهُ هُمُ الّذين صَدَقوا في إدّعاءِ الإيمانِ و الفَوْزِ والفَلاحِ و أولئِكَ وَحدُهُم هُمُ المُتَّقونَ حَقيقَةً و صِدقاً وهُمُ الشّيعه .
يا أيّها الّذين آمَنوا بالإسلامِ كَتَبَ اللهُ عليكُم في القُرآنِ القِصاص و حُكمُهُ فَيَجِبُ عليكُم أن تَقْتَصّوا في القَتليٰ بالعَمدِ لا الخَطَاْء فَتَقتُلوا القاتِلَ الحُرّ بالمَقتولِ الحُرّ و القاتِل العَبدِ بالمَقتولِ العَبْد و الاُنثيٰ بالاُنثيٰ مُماثِلَةً و إلاّ فَتَدفَعوا نِصفَ دِيَةِ الرَّجُل ثُمَّ تَقتَصّوا مِنهُ لِلاُنثيٰ و كذا العَبد ،
فَمَن مِنَ المُرتَكِبِ لِجَريمَةِ القَتلِ اُعفِيَ لهُ عَفواً مِن أخيهِ وَليِّ المَقتولِ شَييءٌ مِنَ القِصاصِ فَيَجِبُ عليهِ أن يَتَّبِعَ حُكمَ اللهِ بِدَفعِ الدِّيَةِ إتّباع عادلٍ وَ يُؤدّيها إليهِ بإحسانٍ وَ شُكرٍ ،
ذلِكَ الحُكمُ بِدَفعِ الدِّيَةِ بعدَ العَفوِ مِنَ القِصاصِ هُوَ تَخفيفٌ عليكُم مِن ربِّكم في التّكالِيفِ الشَرعِيَّةِ و رَحمَةٌ بِكُم شَرَّعها لَكُم فَمَن اعتَديٰ بالقَتلِ بَعدَ أخذِ الدِّيَةِ فَلَهُ عذابٌ أليمٌ يوم القيامَه ،
واعلَموا أنَّ لكُم في إجراءِ أحكامِ القِصاصِ حَياةٌ سعيدَةٌ و إحياءٌ لِلحَقّ و العَدلِ و صيانَةٌ لِحياةِ الأحياءِ يا أصحابَ العُقولِ السَّليمَةِ فنُعَلِّمُكُم لعَلَّكم تَتَّقونَ اللهَ و لا تُعَطِّلونَ القِصاص ،
كَتَبَ اللهُ عليكُم و فَرَضَ و أوْجَبَ عليكُم أيّها النّاس أن إذا حَضَرَ أحدكُمُ المَوتُ و الأجَلُ سوآءً كانَ رسول الله أو غيرِهِ مِنَ النّاسِ إن تَرَكَ تَرَكَةً فَليُوصِ الوَصِيَّةَ ،
فيُوصي بالثُّلثِ الّذي هو لِنَفسِهِ لِلوالِدَيْن إن كانا أو أحدهما و الأقرَبينَ الأرحام و الجِيران فَيَبذِل لَهُم بالمَعروفِ كيفَما شآءَ و فُرِضَ ذلِك حَقّاً عليٰ المُتَّقينَ فَلَعنَةُ اللهِ عليٰ مَن قالَ ماتَ النَّبيَّ مِن غَيرِ وَصِيَّةٍ ،
فَمَن بَدَّلَ الإيصاءَ غَيرَ الّذي وَصّيٰ بِهِ المُوصي بَعدَ ما سَمِعَهُ مِنهُ فإنّما إثمُهُ سيكونُ عليٰ الّذين يُبَدِّّلونَهُ فيُعاقَبون عليهِ إنَّ اللهَ سَميعٌ لِأقوالِهِم عليمٌ بِأحوالِهِم
فَمَن كانَ وَصِيّاً عليٰ وَصِيَّةٍ و خافَ أن يُبتَليٰ مِن قِبَلِ المُوصي جَنَفاً عَنِ الحَقِّ أو إثماً و ظُلماً و فِسقاً بالوَصيَّةِ فَأصلَحَ بَيْنَ الوَرَثَةِ مُخالِفاً لِوَصيّةِ المُوصي فلا إثمَ عليهِ إنَّ اللهَ غَفورٌ رحيم ،
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلامِ كَتَبَ اللهُ عليكُم فَرَضَ الصِّيامِ في شَهرِ رَمَضان كما كَتَبَ الصّيامَ سابِقاً عليٰ الّذينَ مِن قَبلِكُم مِنَ الاُمَم لَعَلَّكُم بِبَرَكَةِ الصِّيامِ تَتَّقونَ المُحرَّمات ،
فَصوموا أيّاماً مَحدوداتٍ مَعدوداتٍ مِن شَهرِ رَمَضان كُلّ عامٍ فَمَن كانَ مِنكُم أيّها المُكَلّفونَ مَريضاً لا يَقدِرُ عليٰ الصَّوْمِ أو عليٰ سَفَرٍ مَشروعٍ فَيُفطِرُ وُجوباً و يَصومُ عِدَّة من أيّامٍ اُخَر قَضاءً ،
و يَجِبُ عليٰ الّذينَ يُطيقونَ الصَّوْمَ فَوْقَ طاقَتِهِم فِديَةُ طعامِ مِسكينٍ مُدَّيْنِ عَن كُلِّ يَوْمٍ لِهِرَمٍ أو حَملٍ أو رِضاعٍ أوداءِ عَطَشٍ فَمَن تَطَوَّعَ أكثَرَ مِنَ المُدّ طعاماً فهوَ أفضَلُ لهُ ثَواباً وَ أن تَصوموا قَضاءً بَعدَ الفِدْيَةِ فَهُوَ أفضَلُ لكُم إن كنتُم تعلَمونَ فائِدَة الصَّوْم ،
وَ إنّما جَعَلَ الصَّومَ في رَمَضانٍ لِأنّ شَهرُ رَمضان هو الّذي أنزَلَ اللهُ فيهِ القُرآن عليٰ رَسولِهِ محمّدٍ (ص) لَيْلَةَ القَدرِ ليكونَ هادِياً لِلنّاس جميعاً و مُبيناً لهُم مِن سُبُلِ الهِدايَةِ و مِمّا يُفرِقُ بَيْنَ الحَقّ و الباطِل ،
فَمَن شاهَدَ بِعَيْنِهِ منكُم أيّها المُسلِمونَ هِلالَ الشَّهرِ وَرآهُ فَيَجِبُ عليهِ أن يصومَهُ فَثُبوتِ الشَّهرِ بالمُشاهِدَةِ و الرَّؤيَه ،
وَ مَن كانَ مِنكُم أيّها المُكَلَّفونَ مَريضاً يَضُرّهُ الصَّوْمَ أو لا يَقدِرُ عليهِ ، أو كانَ عليٰ سَفَرٍ مُباحٍ فَيَجِبُ عليهِ أن يَفطُر و يَصوم مكانَهُ عِدَّةٌ مِن أيّامٍ اُخَر بَعدَ رَمَضان ،
وَ بِهذا الحُكمِ الوُجوبيِّ مِنَ الأفطار في المَرَضِ والسَّفَر يُريدُ اللهُ بِكُمُ التَّسهيلَ و اليَسارَ و لا يُريدُ بكُم الإعسار بالصَّوْم ،
وَ بالحُكمِ الوُجوبيِّ بالصَّوْمِ عِندَ مُشاهِدَةِ هِلالِ رَمَضان يُريدُ اللهُ لِتُكمِلوا عِدَّة صَومِ رَمَضان و لِتُكبِّروا اللهَ يَومَ العِيدِ عليٰ ما هَداكُم لِلصَّوْم لعلَّكم تشكرونَ اللهَ عليٰ الهِدايَه ،
يا رَسولَ الله إذا سَألَكَ عِبادي المَخلوقين عَنّي فَقُل لهُم إنّي مُحيطٌ بِكُلِّ شييءٍ موجودٍ في كُلِّ مكانٍ و زَمانٍ قَريبٌ مِنهُم بِعِلمي و قُدرَتي ،
و قُل لهُم اُجيبُ دُعاءَ الدّاعي لي بِشَرائِطِ الدُّعاءِ إذا دَعاني بِإيمانٍ و إخلاصٍ و إنقِطاعٍ ،
فَقُل لهُم يا حبيبي فَليَستَجيبوا لي بِدَعوتي لِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) وليُؤمنوا بي إيماناً مَعَ الوِلاءِ لهُم لَعلّهم يَهتَدونَ إليٰ الرَّشادِ و السَّداد ،
أحَلَّ اللهُ لكُم أيّها المُسلِمونَ في لَيْلَةِ شَهرِ رَمَضان الجِماعُ و الإفضاءُ إليٰ نِساءِكُم بَعدَ أن كانَ حَراماً ،
فَنِساءِكُم هُنّ في حُكمِ لِباسٍ لَكُم تَلتَفّونَ و تَدفئونَ بِهِ و تَهدَأون فيهِ و أنتُم أيُّها الرِّجالَُ لِباسٌ لَهُنّ تَستُرونَهُنَّ و تُلَفِّفوهُنّ ،
فَمِنَ الآنِ و صاعِداً باشِروهُنَّ بالجِماعِ إن أرَدتُم وابتَغوا ما كَتَبَ اللهُ لكُم مِنَ الثَّوابِ لِمِتعَةِ النِّساء ،
وَ مِنَ الآن و صاعِداً كُلوا واشرَبوا في اللَّيْل مُباحاً حتّيٰ يَتَبيَّنَ لكُمُ الخَيطُ الأبيَضِ مِنَ الخَيْطِ الأسوَدِ مِنَ الفَجرِ الصّادِقِ في الاُفُق ،
ثُمَّ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً مَولويّاً بالإمساكِ مِنَ المُباشِرَة بالجِماعِ و الأكلِ والشُّربِ و أَتِمّوا الصِّيامَ إليٰ الَّليْلِ و إستِتارِ الحُمرَةِ المَشرِقيَّةِ في الاُفُقِ ،
و نَنهاكُم نَهياً تَحريميّاً لا تُباشِروهُنَّ بأيَّةِ مُباشِرَةٍ بِشَهوَةٍ و أنتُم عاكِفونَ في المَساجِدِ بالإعتِكافِ الشَّرعيّ ،
تِلكَ الواجِباتُ و المُحَرّماتُ الّتي ذَكرناها هِيَ حُدودُ اللهِ الّتي حَدَّدَها و فَرَضَها لِلمُكلَّفين فلا تَقرَبوها بالعِصيانِ و المُخالَفَه ،
كذلكَ البَيانُ الواضِحُ الصَّريحُ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ التَشريعيَّةَ لِلنّاس المُكَلَّفينَ بِها لِعَلَّهُم يَتَّقونَ الشَرَّ و يُطيعونَها ،
و نَنهاكُم نَهياً تحريميّاً باتَاً أن لا تَأكُلوا أموالَ بعضِكُمُ البَعضَ بَيْنَكُم بالباطِلِ كَمَنعِ خُمسِ آل محمّدٍ (ص) و غَصبِ الحُقوقِِ كَفَدَكٍ و السَّرِقَةِ والرِّبا و الرِّشوَةِ و القِمار ،
و لا تُدلوا بالرِّشوَةِ إليٰ حُكّامِ الجَوْرِ و القُضاةِ الظّالِمينَ كَي بِحُكمِهِم تَأكُلونَ قِسماً مِن أموالِ النّاسِ غَصباً بالإثمِ و العُدوانِ و أنتُم تعلَمونَ أنّها لَيسَت لَكُم بَل هِيَ حَرامٌ عليكُم ،
يَسألونَكَ يا رسولَ اللهِ عَن حِكمَةِ جَعلِ الأهِلّةِ في أوَّلِ الشُّهورِ فَقُل لهُم حِكمَتُها هِيَ أنّها جُعِلَت لِمَعرِفَةِ الأوقاتِ لِاُمورِ النّاسِ كالصِّيامِ و الحَجّ ،
و قُل لهُم لَيسَ البِرُّ والصَّلاحُ و العَدلُ أن تَأتوا بُيوتَ النّاسِ مِن ظَهرِ حيطانِها بَدَلاً مِن أبوابِها كما فَعَل عُمَر و تجسَّسَ فَدَخَل و لَم يُسَلِّم فَراهُم يَشرَبون فَزَجَرَهُم فَأجابوهُ قَد خالَفتَ ثَلاثاً دَخولَكَ مِن غيرِ البابِ و تَجَسُّسِكَ و لَم تُسَلِّم ،
فَيَجِب عليكُم أن تَأتُوا البُيوتَ مِن أبوابِها فعليكُم بِطاعَةِ أهل بَيْتِ النَّبيّ والتَّمَسُّكِ بِهِم فَأهلُ البَيْتِ (ع) أدريٰ بِما في البَيْتِ وَاتَّقوا بِمُوالاتِهِم لَعَلَّكُم تُفلِحونَ بِوِلايَتِهِم ،
و نَأمُرُكم أمراً وُجوبيّاً كفائِيّاً أيُّها المُسلِمونَ قاتِلوا جِهاداً في سبيلِ اللهِ مَعَ الّذين يُقاتِلونَكُم إبتداءً بالقَتلِ سَواءً كانوا كُفّاراً أو مُحارِبينَ وَ بُغاةَ و لا تَعتَدوا عليٰ المُسلِمينَ بالبِدأَةِ بالقِتالِ إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ علَيهِم ،
وَاقتُلوا الّذين يُقاتِلونَكُم و يُحارِبونَكُم أيْنَما وَجدتُموهُم و مَتيٰ وَجدتُموهُم وَأخرِجوهُم مِن ديارِكِم كما هُم أخرَجوكُم مِن ديارِكُم ،
وَاعلَموا أنَّ فِتَنَةَ الشِّركِ و النِّفاقِ و البَغيِ الّتي يُعلِنونَها هِيَ أشَدُّ و أعظَمُ عليكُم و عليٰ دينِكُم مِنَ القَتلِ و الحَرب ،
و نَنهاكُم أن تُقاتِلوا أهلَ الفِتنَةِ أعداءِكُمُ المُخالِفينَ و البُغاةِ و المُنافِقينَ في حُدودِ الحَرَمِ الشَّريفِ و مَكّةَ حتّيٰ هُم يُقاتِلونَكُم فيهِ ،
فَإن قاتَلوكُم هُم في الحَرَمِ الشَّريفِ فَحينَئِذٍ لا نَهيَ عليكُم فاقتُلوهُم فيهِ كذلِكَ العِقابُ بالقَتلِ هُوَ جَزاءُ الكافِرينَ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ .
فإن إنتَهَوْا عَنِ البَغيِ والقِتالِ و عَنِ الكُفرِ و النِّفاقِ فَإنَّ اللهَ غَفورٌ رحيمٌ يأمُرُكُم بالإنتِهاءِ مِن مُحارَبَتِهِم و قَتلِهِم ،
و قاتِلوا الّذين يُقاتِلونَكُم مِنَ المُحارِبينَ سَواءً مِنَ الكُفّارِ أو المُنافِقين و الباغِين حتّيٰ لا تكونَ قُوَّةٌ لِلفِتنَةِ المُعادِيَةِ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و يكونُ الدّينُ الحاكِمُ الغالِبُ السّائِدُ كلّهُ لِلّهِ و لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
فإن انتَهَوا مِنَ المُحارَبَةِ و القِتالِ وامتَنَعوا عَنِ الإعتِداءِ عليكُم فلا عُدوانَ و قِتالَ يَجِبُ عليكُم بَعدَهُ إلاّ عليٰ الظّالِمين لِآلِ محمّدٍ و شيعَتِهِم ،
القِتالُ والجِهادُ في الشَّهرِ الحَرامِ جائِزٌ لَكُم إذا قاتَلوكُم بالشَّهرِ الحَرامِ وَ هَتَكوا حُرمَتَهُ وَ هكذا الحُرُماتُ المَكانِيَّةُ و الزَّمانِيَّةُ يُقتَصُّ بِمِثلِها قِصاصٌ ،
فَمَنِ اعَتديٰ عليكُم في الشَّهرِ الحَرامِ و البَلَدِ الحَرامِ فاعتَدُوا عليهِ قِصاصاً بِمِثلِ ما اعتَديٰ عليكُم لا أزيدَ واتَّقوا اللهَ في الإفراطِ والتَّفريطِ و اعلَموا أنَّ اللهَ مَعَ المُتّقينَ في القِصاص ،
وَ أنفِقوا النَّفسَ والنَّفيسَ وَ المالَ وَ السِّلاحَ في سبيلِ اللهِ لِجهادِ أعداءِ اللهِ و لا تُلقُوا بِأيديكُم إليٰ الهَلاكِ بِسَبَبِ البُخلِ والشُّحِّ ،
و أحسِنوا في الإنفاقِ في سبيلِ اللهِ بِأن تُنفِقوا أكثَرَ مِمّا هُوَ واجِبٌ عليكُم و أحسِنوا جِهادَ عَدوِّكُم و عَدوِّ آلِ مُحمّدٍ (ص) إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنين في ذلك الواجِب ،
و نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً أن إذا أحرَمتُم لِلحَجِّ أو العُمرَةِ فَأتِمّوا مَناسِكَها و وَاجِباتِها لِلّهِ خالِصَةً فإن اُحصِرتُم عَنِ الإتمامِ فاذبَحوُا ما استَيْسَر لكُم مِنَ الهَديِ لِلإحلالِ مِنَ الإحرام ،
و لا تَحلِقوا رُؤسَكُم في الحَجِّ حتّيٰ يَبلُغَ الهَديُ الّذي أرسَلتُموهُ لِيذُبَحَ في مِنيٰ مَحِلَّهُ مِن مِنيٰ حيثُ حُوصِرتُم مِنَ الذِّهابِ إليها ،
فَمَن كانَ مِنكُم أيُّها الحُجّاجُ مَريضاً أو بِهِ وَجَعاً و صُداعاً و جُرحاً في رَأسِهِ فَحَلَقَ قَبلَ الهَديِ فعَلَيْهِ فِدَيَةٌ مِن صيامٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ أو دَفعُ صَدَقَةٍ لِعَشَرةَ مساكينٍ إطعامُهُم أو ذِبحُ شاةٍ ،
فإذا ارتَفَعَ الصَّدُّ و الحَصُر و ارتَفَعَ العُذرُ و المَنعُ و أمِنتُم عليٰ أنفُسِكُم لإتمامِ الحَجِّ بَعدَ عُمرَةِ التَّمَتُّعِ فَيَجِبُ عليكُم أن تُضَحّوا ما استَيْسَرَ لَكُم مِنَ الهَديِ بِمِنيٰ ،
فَمَن لَم يَجِد عِندَهُ ثَمَناً لِلهَديِ أو لَم يَجِد هَدياً يَهديهِ فَيَجِبُ عليهِ بَدَلُهُ صِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ و سَبعَة أيّامٍ اُخريٰ حينَما يَرجِعُ إليٰ بَلَدِهِ فتكون عَشَرَةَ أيّامٍ كامِلَه ،
و ذلكَ الحُكمُ بالهَديِ أو البَدَلِ عَنهُ هو لِمَن لَم يَكُن أهلُهُ و عِيالُهُ مُقيمينَ في مَكّةَ كي يَكونَ حَجُّهُم قِراناً أو إفرداً بَل يَحجُّ تَمتُعاً ،
واتّقوا اللهَ أيّها الحُجّاجُ و أطيعوهُ في جَميعِ مَناسِكِ الحَجِّ و أحكامِهِ و لا تَعصوُهُ واعلَموا أنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ عليٰ مَن يَعصيهِ فيها ،
إنَّ أوقاتِ الحَجّ و زَمانِها هِيَ في أشهُرٍ مَعلوماتٍ فَعُمرَةُ التَّمَتُّعِ مِن ذي القِعدَةِ إليٰ يومِ عَرَفة و الحَجُّ مِن يَومٍ عَرَفةٍ إليٰ أيّامَ التَّشريق ،
فَمَن فَرَضَ عليٰ نَفسِهِ إحرامَ الحَجِّ و عُمرَة التَّمَتُّعِ لِحِجّةِ الإسلامِ في أشهُرِ الحَجِّ فلا يَجوزُ لهُ الرَّفَثُ مَعَ النِّساءِ و لا مُطلَقِ الفُسوق و لا الجِدال مَعَ الخصومِ في أثناءِ أعمالِ الحَجّ ،
وَ ما تَفعَلوا مِن عَمَلِ خَيْرٍ و طاعَةٍ و عِبادَةٍ يَعلَمهُ اللهُ و تَزَوَّدوا في سَفَرِ الحَجِّ بِزادِ التَّقويٰ فَإنَّ خَيرَ الزّادِ هُوَ التَّقويٰ لَكُم واتَّقونِ و لا تَعصوني يا أصحابَ العُقولِ السَّليمَة .
ليسَ عليكُم أيُّها الحُجّاجُ جُناحٌ و إثمٌ و لَوْمٌ أن تَطلُبوا في أيّامِ الحَجِّ رِزقاً يَتَفَضَّلُ بهِ رَبّكُم مِنَ التِّجارَةِ و الكَسب ،
فإذا خَرَجتُم مُتَدَفِّقينَ بَعدَ الوُقوفِ مِن الزَّوالِ إليٰ الغُروبِ يَوْمَ التّاسِعِ مِن عَرَفاتٍ مُتَوَجِّهينَ إليٰ المَشعَرِ فاذكُروا اللهَ عِندَ الوُقوفِ في المَشعَرِ الحَرام ،
واذكُروا اللهَ حامِدينَ كما هَداكُم لِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ الطّاهِرينَ و قولوا : ألحَمدُ لِلّهِ الّذي جَعَلَنا مُتَمَسِّكينَ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ الطّاهِرين و إنّكُم كنتُم مِن قَبلِ هذا لَمِن الضّالّين و بِوِلايَتِهِم اهتَدَيْتُم ،
ثُمَّ نَأمُرُكُم بالخُروجِ مِنَ المَشعَرِ الحَرامِ و المُزدَلِفَةِ فيِ الطّريقٍ يَسيرُ فيهِ النّاسُ عِندَ خُروجِهِم مِنها و هُوَ وادي مُحَسَّرٍ إليٰ مِنيٰ لا غَيرهُ واستَغفِروا الله لِجَميعِ المُؤمِنينَ و المُؤمِناتِ إنَّ اللهَ غَفورٌ لهُم رَحيمٌ بِهِم يَغفِرُ لَهُم جَميعاً ،
فَإذا أدَّيْتُم جَميعَ مَناسِكَ الحَجِّ و قَضَيْتُم واجِباتِها أيُّها الحُجّاجُ فاذكُروا اللهَ بالتّكبيرِ و التَّهليلِ الوارِدِ المَأثورِ أللهُ أكبَرُ عليٰ ما هدانا و الحَمدُ لِلّهِ عليٰ ما أوْلانا ألـٰخ كما كنتُم تذكُرونَ آباءَكُم بالمُفاخِرَةِ بل أكثَر ،
فَعلَيْكُم بالدُّعاءِ لِلآخِرَةِ فَمِنَ النّاسِ مَن يَقولُ في دُعاءِهِ : رَبَّنا أعطِنا خَيراتَ الدُّنيا فَحَسبْ و لا يَطلُبُ الآخِره و مالُهُ في الآخِرَةِ مِن مَقامٍ و رَصيدٍ و خَيرٍ ،
و مِنَ النّاسِ مَن يَدعوُا اللهَ لِلدُّنيا والآخِرةِ و يَقولُ رَبَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنَةٌ تَنفَعُنا و آتِنا في الآخِرَةِ حَسَنَةً تُنجينا و قِنا عَذابَ النّار ،
أولئِكَ الّذين يَطلُبونَ الدُّنيا و الآخِرَة مَعاً سيكونُ لَهُم حَظٌّ يُقسِمُهُ اللهُ لَهُم مِمّا طَلبوا مِن حَسَناتِ الدُّنيا و الآخِرَةِ و اللهُ سَريعُ الحِسابِ عليٰ الأعمال ،
واذكروا اللهَ بالتّكبيراتِ الوارِدَةِ في مِنيْ في أيّامِ التَّشريقِ المَعدوداتِ الثَّلاثَةِ فَمَن تَعَجَّلَ بِإتمامِ الحَجِّ في يَومَيْنِ فَأكمَلَ يَومَ العِيدِ لِمَن اتّقيٰ موجِباتِ التَّكفيرِ و يَبقيٰ عليهِ رَميَ الجِمارِ و المَبيتِ فَقَط فلا إثمَ عليه ،
وَاتَّقوا اللهَ يا حُجّاجُ مِن إرتِكابِ مُحرَّماتِ الإحرامِ ومُوجِباتِ الكَفّاراتِ وَ تَركِ مِتعَةِ الحَجِّ و طَوافِ النِّساءِ وَاعلَموا أنّكُم إليٰ اللهِ تُحشَرون فيُجازيكُم بأعمالِكُم ،
وَ مِنَ النّاسِ المُنافِقينَ مِن أصحابِكَ يا حبيبي مَن يُعجِبكَ قَولُهُ في الحياةِ الدُّنيا إذ يُعلِن الإيمانَ و الطّاعَةَ و يُشهِدُ اللهَ عليٰ أنّ ما في قَلبِهِ مُطابِقٌ لِقَولِهِ و هُوَ ألَدُّ الأعداءِ خُصومَةً لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ص) ،
وَ هذا الخَصمُ اللَّدودُ لِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) إذا تَوَلّيٰ الحُكْمَ و الخِلافَةَ بعدَ رَسولِ اللهِ (ص) سَعيٰ بِكُلِّ سَعيِهِ لِيُفسِدَ في الأرضِ بِظُلمِهِ وَ جَوْرِهِ و نِفاقِهِ ،
وَ سَعيٰ بَعدَ النّبيّ لِيُتلِفَ المَزارِعَ الخاصَّةِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) في فَدَكٍ و يُهلِكَ نَسلَ الزَّهراءِ فاطِمَةَ بِقَتلِ جَنينِها مُحسِناً وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ مِنهُ بَل يُبغِضُه ،
وَ عِندَ ما يُريدُ إهلاكَ زَرعِ فَدَكٍ وَ قَتلِ جَنينَ الزَّهراءِ بِعَصرِها بَيْنَ الحائِطِ و البابِ إذا قيلَ لَهُ إنَّ في الدّارِ فاطِمَه يَقولُ و إن !! حيثُ تَأخُذُهُ العِزَّةُ بالإثم ،
فَحَسبُ هذا المُفسِد في الأرضِ المُهلِكِ لِلحَرثِ وَ النَّسلِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) جَزآءً لِعَمَلِهِ و ظُلمِهِ جَهَنَّمُ يَخلُدُ فيها و هِيَ أسوَأُ مَقَرٍّ و مَهدٍ لَهُ ،
وَ مِنَ النّاسِ المُحتَفّينَ بِكَ يا حبيبي مَن يَبييعُ نَفسَهُ لِلّهِ إبتِغاءً و طَلَباً لِمَرضاتِ اللهِ و هُوَ عليُّ بن أبيطالِبٍ (ع) وَصِيُّك ،
وَ اللهُ جَلّ جَلالُهُ رؤفٌ بالعِبادِ المُؤمِنين فِشمُلُهُم بِرَأفَتِهِ فَيُنجِيهِم بِبَرَكَةِ مَبيتِ عليٍّ (ع) في فِراشِ النَّبيّ و جِهادِهِ بِنَفسِهِ ،
يا أيّها الّذين آمَنوا باللهِ و بِرَسولِهِ و بالإسلامِ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً عَينيّاً اُدخُلوا في السِّلمِ و الوِلاءِ لِعَليٍّ (ع) جَميعاً كُلّكُم ،
و نَنهاكُم نَهياً باتّاً لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشّيطانِ الّتي يَخطُوها ضِدَّ آلِ مُحمّدٍ (ص) لِيُبعِدُكُم عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) إنّهُ لَكُم عَدوٌ بَيِّنُ العِداء ،
فَإن زَلَلتُم عَن جادَّةِ الحَقِّ وَالصَّوابِ وانحَرَفتُم عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) مِن بَعدِ ما جاءَتكُمُ الآياتُ الشّارحاتُ و البَراهينُ الواضِحاتُ فاعلَموا يَقيناً أنَّ اللهَ عَزيزٌ لا يُذِلُّهُ إنحرافُكُم حكيمٌ لا يَهمُّهُ جَهلُكُم ،
نَسألُ مُوَبِّخينَ هَل يَنتَظِرونَ أعداءُ عليٍّ (ع) وَ مُناوئوهُ سِويٰ أن يَأتيهمُ اللهُ بِعَذابٍ في ظُلَلٍ تُظَلِّلُعلَيهِم في غُيومٍ نارِيَّةٍ مُهلِكَةٍ ،
و يأتيهِمُ اللهَُ بِمَلائِكَةِ العذابِ تَزجُرُ الغَمامَ المُظَلِّلَة عليهِم بالهَلاكِ فَتُهلِكُهُم فَحينَئذٍ يَنتَهي الأمرُ بِهَلاكِهِم وَ إليٰ اللهِ تُرجَعُ الاُمورُ كُلّها فَليَتَّقوا اللهَ وَاسأل اليهودَ يا مُحمّد (ص) كم آتيناهُم من آيةٍ صريحةٍ عليٰ وجوب موالاة أهل بيتك ؟؟؟
زَيَّنَ الشّيطانُ لِلّذين كفروا بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) في أعيُنِهم شَهَواتِ الحياة الدّنيا و لَهَواتِها و زَخارِفِها و يَسخَرونَ مُستَهزِئينَ من الذين آمَنوا بوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) واتَّقَوا ،
و أمِا الّذين اتَّقوا و تَمسَّكُوا بوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) سيكونُونَ فوقَهُم دَرَجَةً و مَقاماً و شَأناً إذ يكونونَ في الجَنّاتِ و هُم في أسفَلِ دَرَكٍ مِنَ الجَحيمِ و اللهُ يَرزُقُ مَن يشآءُ مِن شِيعَةِ آل مُحمّدٍ (ص) يوم القيامَةِ بِغَيرِ حِسابٍ ،
كانَ النّاسُ بَعدَ طوفانِ نُوحٍ اُمّةً واحِدَةً في الدّينِ مُوَحِّدَةٌ غيرَ مُشرِكَةٍ فاختَلَفوا و تَفَرَّقوا فَبَعَثَ اللهُ النّبيّين كإبراهيمَ و موسيٰ و عيسيٰ و غيرهم لِيُوَحِّدوا دينَهُم علي التَّوحيدِ مُبَشِّرينَ لِلمُؤمِنين و مُنذِرينَ لِلكُفّارِ و المُشركين ،
وَ أنزَلَ اللهُ مَعَ الأنبياءِ اُولوا العَزمِ المُرسَلين كِتابَ الوَحيِ كالتَّوراةِ وَ الإنجيلِ والزَّبُورِ و الصُّحُفِ لِكَي يَحْكُمَ الوَحيُ الإلـٰهيُّ فيما اختَلَفوا فيهِ فُيُعرَفُ الحَقُّ مِنَ الباطِل ،
وَ ما اختَلَفَ في الكتابِ السّماويِّ و أحكامِهِ مِن أهلِ الكِتابِ إلاّ الّذينَ اُوتَوْهُ و كُلِّفوا بِأحكامِهِ مِن بَعدِ ما جآءَتهُم آياتها واضِحاتٍ عليٰ التَّوْحيدِ فاختَلَفوا بَغياً و ظُلماً و عُدواناً و قالوا بالتَّثليث ،
فهديٰ اللهُ بِمُحمّدٍ و أهلِ بَيْتِهِ (ع) الّذين آمَنوا بوِلايَتِهِم مِن أهلِ الكِتابِ لِما اختَلَفوا عليهِ سابِقاً بَيْنَهُم إليٰ الحَقِّ بإذنِ الله ،
وَ اللهُ جَلَّ جَلالُهُ مَن يَشآءُ هِدايَتَهُ مِن أهلِ الكِتابِ و غَيرِهِم بِواسِطَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) إليٰ صِراطِ عليٍّ المُستَقيم و طَريقِ الحَقّ و العَدل .
أيّها المُسلِمونَ التّابِعون و مَن تَبَعَهُم بإحسانٍ هَل ظَنَنتُم أن تَدخُلوا الجَنَّةَ مِن غَيرِ إمتِحانٍ و لم يأتِكُم بَعدُ مِثلُ أحوالِ الَّذين مَضَوا مِن قَبلِكُم مِنَ المُسلِمينَ إذ مَسَّتهُم أذيٰ الحَربِ و الفَقر ،
وَ نالُوا الهَزَّاتَ الشَّديدَةَ والمَصائِبَ المُدَمِّرَة مِنَ الأعداءِ في سُوحِ القِتال إليٰ دَرَجَةٍ قال الرَّسولُ (ص) وَالّذين آمَنوا مَعَهُ كعليٍّ (ع) مَتيٰ يَأتينا نَصرُ اللهِ عليٰ أعداءِنا ؟؟؟
فَلتَعلَم أيّها الرَّسولُ و لِيَعلَم آل مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم المُؤمِنين وَ لِيَعلَمِ المُسلِمونَ بِأنَّ نَصرَ اللهِ لِمُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ (ص) قَريبٌ سيكونُ بِقيامِ المَهديِّ مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) ،
يسألونَكَ يا حبيبي اُمّتُكَ ما تأمُرُهُم يُنفِقون في سبيلِ اللهِ و لِمَن يُنفِقون ؟ قُل لهُم ما أنفَقتُموهُ مِن مالٍ فَقَدِّموهُ لِلوالِدَيْنِ و الأقرباءِ و الأيتام و المَساكين و أبناءِ السَّبيل قُربَةً إليٰ الله ،
وَ قُل لهُم يا حبيبي إنَّ ما تَفعَلوهُ مِن عَمَلِ خَيْرٍ و إنفاقٍ قُربَةً إليٰ اللهِ و تُقَدِّموهُ لِلَأصنافِ المَذكورَةِ فإنَّ اللهَ بِهِ عليمٌ مُطَّلِعٌ فَيُثيبُكُم عليه ،
كُتِبَ و فُرِضَ عليكُمُ القِتالُ الواجِبُ الجِهادِيُّ في القُرآنِ والشَّرعِ و هُوَ مَكروهٌ لكُم مُجبَرونَ علَيهِ و لكِن أطيعوا فَعَسيٰ أن تَكرَهوا شيئاً و هو خَيرٌ لكُم ، فالجَنَّةُ تَحتَ ظِلالِ السُّيوف ،
و رُبّما و لَعَلَّ أن تُحِبّوا شيئاً يكونُ فيهِ اللَّذَّةُ فتَستَهويكُمُ النَّفسُ الأمّارَّةُ إليهِ و هُوَ في الحَقيقَةِ شَرٌّ لكُم و يَضُرّكُم و أنتُم لا تعلَمونَ ضَرَرَهُ واللهُ يَعلَمُ ذلِكَ و أنتُم تَجهَلونَهُ ،
يَسألونَكَ يا رسولَ اللهِ أصحابُكَ عَنِ الأشهُرِ الحَرامِ هَل يَجوزُ قِتالٌ فيها ؟ فَأجِبهُم و قُل نَعَم سَيَقَعُ قِتالٌ فيهِ كبيرٌ إذا قاتَلوكُم الكُفّار ،
و قُل لهُم فيكونُ في الشَّهرِ الحَرامِ صَدٌّ عَن سبيلِ اللهِ لي و لِلمؤمِنين عامَ الحُديبيّه مِن قِبَلِ قُريشٍ و كُفرٌ مِنهُم باللهِ و حُرمَةِ المَسجِدِ الحرامِ و إخراجُ مُحمّدٍ و رَبعِهِ و هُم أهلُ المَسجِدِ الحَرامِ مِنهُ أكبَرُ عِندَ اللهِ مِنَ القِتال ،
و قُل لَهُم إنَّ فِتنَةَ الكُفرِ و النِّفاقِ و بَعضاءِ آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَداوَتِهم هِيَ أشَدُّ مِنَ القَتلِ الّذي يَرتَكِبوهُ لِأنّكُم بالقَتلِ تَنالونَ الشَّهادَةَ و بالفِتنَةِ تَرتَدّونَ عَنِ الدّين ،
و هُم لا يَزالونَ يُقاتِلونَكُم لِغَرَضِ الوُصولِ إليٰ الفِتنَةِ كَي يَرُدّوكُم عَن دينِكُم و عَن وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمدٍ (ص) إنِ استَطاعوُا ذلِكَ بِقِتالِكُم
و قُل لِلمُسلِمينَ يا حبيبي : إنَّ مَن يَرتَدِد مِنكُم عن دينِهِ وَ وِلايَةِ محمدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) و يَنحازَ إليٰ بَني اُمَيَّةَ و قُرَيشٍ فَيموتُ و هُوَ مُرتَدٌّ كافِرٌ فالمُرتَدّونَ قَد بَطَلَت و حَبِطَت أعمالُهُم السّالِفَةُ الصّالِحَةُ بالإرتِداد ،
فَتَبطُلُ أعمالُهُم الخيريَّةِ في الدُّنيا فلا حَقَّ لهُم بالمُطالِبَةِ بما أنفَقوُهُ لِلدّين سابِقاً و تَبطُلُ في الآخِرةِ فلا يَستَحِقّونَ الثَّوابَ و الأجرَ و أولئِكَ أصحابُ النّارِ لِأنَّ الجَنّة مُحرَّمَةٌ عليهِم و هُم في النّارِ يَخلُدون ،
وَ بالتإكيدِ إنَّ الّذينَ آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَالّذين هاجَروا في سبيلِ اللهِ عليٰ مُوالاتِهِم لِآلِ مُحمّدٍ (ص) مِن أوْطانِهِم والّذين جَاهَدوا في سبيلِ اللهِ أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) أولئِكَ يَرجُونَ ثَوابَ اللهِ وَ أَجْرِهِ عليٰ أعمالِهِم و اللهُ غَفورٌ لَهُم رَحيمٌ بِهِم حَتماً ،
يَسألونَكَ عَن حُكمِ الخَمرِ و المُسكِراتِ وَ عَنِ القِمارِ فَأجِبهُم و قُل لَهُم أَلحُكمُ هُوَ أنّ في إستعمالِهِما و الإكتِسابِ بِهما و التَّعامُلِ بِهِما إثمٌ و ضَرَرٌ و ذَنبٌ كبيرٌ عِندَ اللهِ يُعاقِبُ عليهِما وَ لَوْ كانَ فيهِما مَنافِعُ مادِّيَّة لِلنّاسِ ، فَإثمُهُما و ضَرَرُهُما و فسادُهُما أكبَرُ و أكثَرُ مِن نَفعِهِما ،
وَ يَسألونَكَ يا حبيبي ماذا يُنفِقونَ نَفَقَةً مُستَحبّةً وَ صَدَقَةً بَعدَ الخُمسِ و الزَّكاةِ قُل لهُم أنفِقوا الزّائِدَ عَن حاجَتِكُم كَي لا تَفتَقِروا كذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُم آياتَ الأحكامِ لَعلَّكُم تَتَفكَّرونَ في شُؤنِ الدّنيا و الآخِرةِ مَعاً ،
و يَسألونَكَ عن تكاليفِهِم بالنِّسبَةِ لِليَتاميٰ والصِّغارِ قُل لَهُم يَجِبُ عليكُم إصلاحُ الاُمورِ لهُم و إدارَة شُؤنِهم و تَنمِيَةُ أموالِهم فَهُوَ خيرٌ مِنَ الجَفاءِ و إن تُخالِطوهُم في النَّفَقَةِ فَهُم إخوانُكُم في الدّين ،
وَ قُل لَهُم إنَّ اللهَ يَعلَمُ و يَعرِفُ مَن هُوَ المُفسِدُ المُسييءُ إليٰ اليَتاميٰ و مَن هُوَ المُصلِحُ الكافِلُ لِليَتاميٰ و لو شآءَ اللهُ إحراجَكُم لَأوجَبَ عليكُمُ العَنَتَ و التَّعَبَ لِليَتاميٰ و لكِنَّهُ لَم يَشَاءْ ذلِكَ إنَّ اللهَ عَزيزٌ في حُكمِهِ حكيمٌ في شَرعِهِ ،
و نَنهاكُم نَهياً تَحريميّاً قَطعيّاً لا تَنكِحوا النِّساءَ المُشرِكاتِ إلاّ أن يُؤمِنَّ بالإسلامِ و بالتّأكيدِ إنَّ أمَةً سودآءَ مُؤمِنَةٍ هيَ خَيرٌ عِندَ اللهِ و خَيرٌ لكُم مِن سَيِّدَةٍ مُشرِكَةٍ و لو أعجَبَتكُم حُسنَها و جَمالُها ،
و كذا نَنهاكم نَهياً قَطعيّاً تحريميّاً لا تُزَوِّجوا الرِّجالَ المُشرِكين نِساءَكُم حتّيٰ يُؤمِنوا بالإسلامِ و بالتأكيدِ إنّ عَبداً مَملوكاً مُؤمِنٌ هُوَ أفضَلُ مِن حُرٍّ مُشرِكٍ و لَو أعجَبَكُم حالُهُ ،
أولئِكَ المُشرِكاتِ والمُشرِكينَ يَدعُونَ أزواجَهُم إليٰ الشِّركِ و عِقابُهُ النّار و اللهُ يَدعُو بأحكامِهِ هذهِ إليٰ الفَوْزِ بالجَنَّةِ و المَغفِرَةِ النّاتِجَةِ مِن إطاعَةِ أحكامِهِ بِمَشيئَتِهِ و يُبيِّنُ اللهُ لَكُم آيات أحكامِهِ لَعلّكُم تَتَّعِظون ،
و يَسألونَكَ عَن تكليفِهِم و حُكمَ جِماعِ النِّساءِ في المَحيضِ قُل لَهُم ألجِماعُ في الفَرجِ هُوَ أذيًٰ لَهُنّ و أذيًٰ لَنا إذ لا يَبغُضُ عليّاً (ع) إلاّ وَلَدُ حَيضٍ أو وَلَدُ زِنا فنَأمُرُكُم إعتَزِلوا جِماعَ النِّساءِ في القُبُلِ في المَحيض و لا تَقرَبوهُنّ بالجِماعِ حَتّيٰ يَطهُرنَ مِنهُ ،
فإذا تَطَهَّرنَ مِنَ المَحيضِ بانقِطاعِ الحَيضِ فَآتوهُنَّ مُجامِعينَ في فروجِهِنّ حيثُ أمَرَكُمُ اللهُ بِذلكَ وجوباً و إستِحباباً إنَّ اللهَ يُحِبُّ التّوّابين عن إتيانِهِنَّ في المَحيضِ و يُحِبُّ المُتَطهِّرينَ عَنِ الجِنابَةِ المُحرَّمة و الحَيض
زوجاتكمْ الدّائِميَّة و المُوَقَّتَهُ وَجَواريكُم و أمّهات أولادِكُم و إماءِكُم هُنَّ كَأرضٍ تَحرِثونَها سَوآءً لِزَرعِ الوَلَدِ أم لا فآتوا حَرثَكُم كَيْفَما شِئتُم إتيانِهِنَّ عَديٰ المَحيضِ قُبُلاً أو دُبُراً بِإنزالٍ وَ سَقيٍ أو بِدونِهِ ،
و قَدِّموا لِأنفسِكُم لِيَومِ الحِسابِ ثَوابَ الإستِمتاعِ و اُجرَةُ واتَّقوا اللهَ في تَحريمِ مِتعَة النِّساءِ و تَغيير السُّنَّة و الشَّرعِ واعلَموا أنّكُم مُلاقونَ حِسابَهُ و جَزاءَهُ و بَشِّرِ المُؤمِنينَ بِثَوابِ المِتعَه ،
وَ نَنهاكُم أن لا تَجعَلوا اسمَ اللهِ في مَعرَضِ أيْمانِكُم و حِلفِكُم و تُقسِموا بهِ إلاّ أن تَبَرّوا بالحَلفِ و تَتّقوا و لا تَحنَثوا باليَمينِ أو تُصلِحوا باليَمينِ بَيْنَ الناس و اللهُ سميعٌ بذلكَ عليمٌ بهِ ،
لا يُحاسِبُكُم اللهُ و يُعاقِبُكُم بالَّلغوِ الغَيْرِ المَقصودِ و لا المُتَعمَّدِ في أيْمانِكُم وَ لكِنّهُ يُحاسِبُكُم بما كَسَبَت قُلوبُكُم مِن قَصدٍ و نِيَّةٍ باليَمينِ الكاذِبَةِ أو حَنثِ اليَمينِ واللهُ غفورٌ يَغفِرُ اللَّغوَ رحيمٌ بِكُم ،
تَشريعٌ لِلّذين يُؤلونَ إيلاءً مِن نساءِهِم فَيَحلِفونَ تَركَ جِماعِهِنَّ فُرصَة لَهُم إنتظارُ أربَعَةِ أشهُرٍ فَقَط فإن رَجَعوا إليٰ الجِماعِ فإنَّ اللهَ غَفورٌ لَهُم رحيمٌ بهِم ،
وَ إن لَم يَرجِعوا إليٰ جِماعِهِنَّ فَيَجِبُ عليهِم تَسريحهنّ وَ إن عَزَموا عليٰ الطَّلاقِ و لَم يَفيئُوا فإنَّ اللهَ سَميعٌ لِصيغَةِ الطَّلاقِ عليمٌ بهِ ،
وَ الزَّوجاتُ الحَرائِرُ المُطَلَّقاتُ بِأيِّ سَببٍ كان فَيَجِبُ عليهِنّ العِدَّةُ لِلطّلاقِ فَيَتَرَبَّصنَ لها بِأنفُسِهِنَّ عَنِ العَقدِ الآخَر ثلاثَة أطهُرٍ بَعدَ حَيضٍ تَماماً
وَ تِلكَ عِدّتهنَّ إن لَم يَكُن لَهُنَّ حَملٌ و لا يَحِلُّ لَهُنَّ شَرعاً أن يَكتُمنَ خَبَر ما خَلَقَ اللهُ في أرحامِهِنَّ مِن حَملٍ بَل يَجِبُ عليهِنّ الإخبارُ بهِ فَعِدَتّهنّ وَضعُ حَملِهِنَّ ذلِكَ مِن لَوازِمِ الإيمانِ باللهِ و المَعاد ،
وَ أزواجُهُنَّ أحَقُّ مِن غيرهِم بِرَدِّهِنَّ إليٰ النِّكاحِ في العِدَّةِ الرَّجعيَّةِ بالرُّجوعِ إليهِنَّ في العِدّة إن أرادا إصلاحاً بَيْنَهما لِما سَبَقَ ،
وَ لِلزَّوجاتِ مِنَ الحُقوقِ عليٰ الأزواجِ مِثلُ الّذي عليهِنّ لَهُم مِنَ الحُقوقِ بالمَعروفِ المُتعارَفِ عَقلاً و عُرفاً و شَرعاً و لِلرِّجالِ عليهِنَّ دَرَجَةً مِنَ الإمتيازِ بِأنَّهُم قَوّامُونَ عليهِنّ بالنَّفَقَه ،
ألطَّلاقُ الّذي يَجوزُ الرُّجوعُ عَنهُ في العِدَّةِ لِلرَّجُلِ فَهُوَ مَرَّتانِ فَقَط لا أكثَر فَبَعدَهُما فإمّا إمساكٌ لِلزَّوجَةِ بِمَعروفٍ أو طلاقٌ بِإحسانٍ وَ تَسريحُهُنّ بِلا رُجوعٍ وَ لا تَحِلُّ لَهُ إلاّ بَعدَ أن تَتَزَوَّجَ غَيرَه ،
وَ لَيسَ بِحَلالٍ لَكُم أيّها الرِّجالُ أن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ مِنَ المُهورِ والنَّفَقَةِ شيئاً عِندَ الطَّلاقِ إلاّ طَلاقَ الخُلعِ إذا خافا ألاّ يُقيما حُدودَ اللهِ الشّرعيَّةِ باستِمرارِ زَواجِهما وَ تَهديدُ عُمرَ بمصادَرةِ المُهور ظلمٌ و حرام ،
فإن خَشَيتُم ألاّ يُقيما ألزَّوجانِ حُدودَ اللهِ الواجِبَةِ فَيَنحَرِفانِ عَن جادَّةِ الشَّرعِ و يَقَعانِ في الفَسادِ فلا حَرَجَ عليهِما فيما وَهَبَتِ الزّوجَةُ للإختِلاع فِداءً لِنَفسِها تِلكَ حُدودُ اللهِ فلا تَتَجاوَزوها ،
وَ مَن يَتجاوَز حُدودَ اللهِ الشَّرعيَّةِ و أحكامَهُ لِلمِتعَةِ و اليَمينِ والطَّلاقِ و العِدَّةِ فَأولئِكَ المُبتَدِعونَ هُمُ الظّالِمونَ و لَعنَةُ اللهِ عليٰ الظّالِمين ،
فإن طَلَّقَها الزَّوجُ ألمَرَّةَ الثالِثَةَ بعدَ الرُّجوعَيْن فلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدِ ذلكَ حتّيٰ تَنكِحَ زَوجاً غيرَهُ فَيُدخِل و يُنزِل فيها و تَذوقُ عَسيلَتَهُ و يَذوقُ عَسيلَتَها
فإن طَلّقَها الزَّوجُ الثّاني بإختيارِهِ و رِضاهُ لا بالجَبرِ و الإكراهِ فلا جُناحَ عليهِما بَعدَ العِدَّة عَنهُ أن يَتَراجِعا و يَتزَوّجا إن ظَنّا أنّهما سَيُقيمانِ حُدودَ اللهِ الواجِبَةِ ،
و تِلكَ الأحكامُ هِيَ حدودُ اللهِ الّتي شَرَّعها لِعِبادِهِ و يُبَيِّنُها و يُوضِحُها لِقَومٍ يَعلَمون حِكمَةَ تشريعِها و فوائِدِها و آثارِها ،
وَ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ الطَّلاقَ الرّجعيّ فَبَلَغنَ إنتِهاء أجَلِ عِدَّتِهِنّ و لَم يَنتهي فإمّا أن تَمسِكوهُنّ بالرُّجوعِ بِمَعروفٍ أو سَرِّحوهُنَّ بِمَعروفٍ بَعدَ الإنتهاء
وَ لا تُمسِكوهُنّ بالرُّجوعِ قاصِدينَ لَهُنَّ إضراراً و إيذاءً لِتَعتَدوا عليهِنّ بِحِرمانِهِنَّ مِن حُقوقِهِنّ و حِرمانِهِنَّ مِن الزَّواجِ بِغَيرِكُم و مَن يَفعَل ذلكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ إذ يُجبِرُهُنَّ عليٰ الخِيانَه ،
وَ نَنصَحُكُم أن لا تَتَّخِذوا آيات أحكامِ اللهِ هُزُواً تَستَهزِئونَ بِها و تُخالِفوها وَاذكُروا نِعمَةَ اللهِ عليكُم بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و سُنَّتِهِم وَ ما أنزَلَ اللهُ عليكُم مِنَ القُرآنِ و أحكامٍ حكيمَةٍ فيهِ يَعِظُكُم بهِ و يُرشدُكُم ،
واعلَموا أيُّها النّاسُ عِلمَ يَقينٍ بِأنَّ اللهَ بِكُلِّ شَييءٍ فيهِ مَصلِحَتِكُم و صَلاحُ اُمورِكُم عليمٌ خَبيرٌ فيُشَرِّعُهُ لَكُم حَسبَ عِلمِه ،
و إذا طَلَّقتُمُ زَوجاتِكُم أيّها الرِّجالُ فَبَلَغنَ نِهايَةَ أجَلِ عِدَّتِهِنَّ و مُدّتها ، فلا تَمنَعوهُنَّ أن يَتَزَوّجنَ ثانِياً مَعَ أزواجِهِنّ المُطَّلِقينَ لَهُنّ إذا تَفاهَموا و تَراضَوا بَيْنَهُم بالمَعروفِ مُجَدَّداً ،
ذلِكَ الأمرُ مِنَ اللهِ يُوعَظُ بهِ أولياء الزَّوجَةِ مَن كانَ مِنكُم يُؤمِنُ باللهِ و اليَوْمِ الآخِر و يَخافُ الحساب لِأنّ ذلِكُمُ الزَّواجُ المُجَدَّدُ أزكيٰ لكُم و أطهَرُ مِنَ الفِراقِ الدّائِمِ واللهُ يَعلَمُ المَصالِحَ و أنتُم لا تَعلَمونَها ،
والوالِداتُ لَهُنّ حَقُّ الحِضانَةِ و الرِّضاعَةِ لِأولادِهِنّ فيُرضِعنَ أولادَهُنَّ حَوْلَيْنِ و سَنَتَيْنِ كامِلَيْنِ حتّيٰ بَعدَ الطّلاقِ إن أرادَت ذلك ،
و يَجِبُ عليٰ الوالِدِ المَولودِ لَهُ الوَلَدُ الأنفاقُ عليٰ رِزقِ الوالِداتِ المُرضِعاتِ طول أيّامِ الرِّضاع بالمُتَعارَفِ شَرعاً و عُرفاً و لا تُكلَّفُ نَفسٌ لا الأبُ و لا الاُمُّ إلاّ حَسبَ قُدرَتِها ،
ففي الشَّرعِ لا تَتَضَرَّرُ والِدَةٌ فتُجبَرُ عليٰ إرضاعِ وَلَدِها و لا يَتَضَرَّرُ والِدٌ وُلِدَ لهُ المَولودُ بِوَلَدِهِ و يَجِبُ عليٰ وارثِ الأب الإنفاق عليٰ الاُمِّ كما وَجَبَ عليه ،
فإن أرادَ الوالِدانِ فِطاماً لِلوَلَدِ عَنِ الرّضاعَةِ بِتَراضٍ منهُما عليهِ و تَشاوُرٍ بَيْنَهما و تَفاهُمٍ فلا حَرَجَ عليهِما و لا إثم ،
وَ إن أردتُم أيّها الآباءُ أن تَستَرضِعوا أولادَكُم مُرضِعاتٍ غير الاُمَّهات فلا حَرَجَ عليكُم فافعَلوا بِشَرطِ أن إذا سَلَّمتُم إليهِنَّ ما آتيتُموهُنّ مِنَ الاُجورِ بالمَعروف ،
وَاتَّقوا اللهَ أيّها الآباءُ في حَقِّ الاُمّهاتِ و الأولادِ و اعلَموا أنَّ اللهَ بِما تعمَلونَ مِن عَمَلٍ مَعَهُم بَصيرٌ يُراقِبُكُم و يُحاسِبُكُم عليه ،
والّذينَ يُتَوَفّوْنَ و يَموتُونَ مِنكُم أيّها المُسلِمونَ و يَترُكُونَ زَوجاتٍ أرامِل فَعِدَّتِهِنَّ أن يَتَرَبَّصنَ بِأنفُسِهِنَّ عنِ الزَّواجِ أربَعَةَ أشهُرٍ و عَشَرةَ أيّامٍ كامِلَه ،
فإذا بَلَغنَ آخَر أجَلِ عِدَّتهِنَّ و أتمَمنَها فلا حَرَجَ عليكُم مِنَ التَّقَدُّمِ إليهِنَّ بالخِطبَةِ أو العَقدِ و فيما فَعَلنَ بأنفُسِهِنَّ مِنَ التَّزَيُّنِ و الإقدامِ عليٰ النِّكاحِ كيفَما أرَدنَ بالمَعروفِ شَرعاً و عُرفاً واللهُ بما تعمَلونَ مَعَهُنَّ خَبيرٌ ،
و لا حَرَجَ عليكُم فيما أشَرتُم بالكِنايَةِ و تَعرَّضتُم إجمالاً مِن خِطبَةِ النِّساءِ المُتوَفّيٰ عَنهُنَّ أزواجَهُنَّ في عِدَّتِهِنَّ أو أضمَرتُم ذلِكَ في أنفُسِكُم إذ عَلِمَ اللهُ أنّكُم سَتَذكُرونَهُنَّ و تَميلوُنَ لِزَواجِهِنّ ،
وَ لكِنَّ الجُناح كُلّ الجُناح عليكُم فيما صَرَّحتُم بهِ مِنَ الخِطبَةِ فَهُوَ حَرامٌ فلا تُواعِدوهُنَّ عليٰ النِّكاحِ سِرّاً إلاّ أن تَقولوا قَوْلاً يَلوَّحَ إليهِ بِالمُتعارَفِ المَشروع ،
وَ نَنهاكُم نَهياً تحريميّاً قَطعيّاً لا تُبرِموا عَقدَ النِّكاحِ و الزَّواجِ مَعَ الأرامِل مِنَ النِّساءِ حَتّيٰ يَبلُغَ المَكتوبُ مِنَ العِدَّةِ نَهايَةَ أجَلِهِ فَتَنتَهي العِدَّةُ ،
واعلَموا أيّها النّاسُ أنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ و عالِمٌ بما في أنفُسِكُم مِن مُيولٍ و أهواءٍ تِجاهَ النِّساءِ فاحذَروهُ أن يُعاقِبَكُم عليٰ العِصيانِ وَاعلَموا أنَّ اللهَ غَفورٌ لِلمُؤمنينَ حليمٌ بِكُم ،
لا حَرَجَ عليكُم إنَّ طَلَّقتُمُ النِّساءَ و لَم تَمَسّوهُنَّ بالدُخولِ و الجِماعِ أن تَعزِموا عَقدَ النِّكاحِ عليهِنّ مُباشَرَةً إذ لَيْسَ عليهِنَّ عِدَّةٌ أو تَفرِضوا لَهُنَّ فَريضَةَ المُهور ،
وَ مَتِّعوا النِّساءَ المُطَلَّقاتِ مِن غَيرِ دُخولٍ بِهِنَّ لِلعَقدِ المُجَدَّدِ مُهورَهُنّ فَعَليٰ المُوسِعِ في المالِ وَ المَهر بِقَدَرِهِ مِنَ المَهرِ وَ عليٰ المُقتِرِ في المالِ ألمَهر بِقَدَرِهِ مَتاعاً بالمَعروف شَرعاً و عُرفاً واجِباً حَقّاً لَهُنّ عليٰ المُحسِنينَ عليهِنَّ ،
و إن طَلَّقتُموهُنّ مِن قَبلِ أن تَمَسّوهُنّ بالدُّخولِ والجِماعِ و قَد فَرَضتُم لهُنّ المَهرَ في العَقدِ فريضةً شرعيَّةً فعليكُم نِصفُ ما فَرَضتُم مِنَ المَهرِ لَهُنّ
إلاّ أن يَعفَوْنَ المُطَلَّقاتُ مُهورَهُنّ لِأزواجِهِنَّ أو يَعفُوَ الّذي بِيَدِهِ عُقدَة النِّكاحِ مِن أولياءِهِنَّ و آباءِهِنَّ مُهورَهُنَّ فلا حَرَجَ إذاً و لَو تَعفُوا كُلّ المَهرِ لَهُنَّ هُوَ أقرَبُ لِلتَّقويٰ ،
وَ لا تَنسَوْا أيُّها الأزواجَ الفَضلَ الّذي تَفضَّلَت بِهِ الزَّوْجاتُ عليكُم مِنَ الإستِمتاعاتِ غير الدُّخولِ طيلَةَ أيّامِ العَقدِ و خَدَماتِهِنَّ لكُم ، فَأعطوهُنّ اُجورَهُنَّ إنَّ اللهَ بما تعمَلونَ مَعَهُنَّ بَصيرٌ يُراقِبُكُم و يُحاسِبُكُم علَيه ،
يا أيُّها المُسلِمونَ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً عَينيّاً حافِظوا عليٰ أداءِ الصَّلواتِ الواجِبَةِ كُلِّها أليومِيَّةَ وَ الجُمعَةِ و الآياتِ وَ غَيرِها بِشَرائِطِها من دونِ بِدعَةٍ كما صَلاّها مُحمّدٌ و آلُه (ص)
وَ نأمُرُكُم أمراً قَطعِيّاً مَولَوِيّاً إيضاً أيُّها النّاسُ حافِظوا عليٰ شَرطِ قَبولِ الصَّلَواتِ الّتي تَتَوَسَّطُ العِبادات و لا تَتَحَقَّقُ صَلاةٌ إلاّ بِها و هِيَ وِلايَةِ عليّ بن أبيطالِبٍ وَ أهلِ البَيْت (ع) فَهِيَ الحقيقةُ الوُسطيٰ فيها ،
وَ قُوموا في الصَّلَواتِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَ لِلّهِ قانِتينَ بالدُّعاءِ رافِعينَ الأكُفّ بالقُنوتِ و قُوموا لِلّهِ عليٰ وِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) مُطيعينَ لِأوامِرِهِم ،
فإن خِفتُم العَدُوَّ أو الحَيوانَ المُفتَرِسَ و غيرَهُ عليٰ أنفُسِكُم لو وقَفتُم لِلصَّلاةِ فَصَلّوا راجِلينَ و مَشياً أو راكِبينَ المَراكِبِ صَلاة خَوفٍ بالإيماء ، فاذا أمِنتُم وارتَفَعَ الخَوفُ فَصلّوا كما عَلَّمكُم اللهُ الصَّلاة الكامِلةَ
والرّجالُ الّذين يَموتوُنَ منكُم ويَترُكونَ زَوجاتٍ و يُوصونَ لِزَوجاتِهمُ النَّفَقَةَ والسُّكنيٰ لِمُدَّةِ سَنَةٍ بَعدَ وفاتِهِم فلا يَجوزُ إخراجُهُنَّ إلاّ بَعدَهُ مِن مَسكَنِهِنَّ ،
فَإن خَرَجنَ الزَّوجاتُ قَبلَ إنتهاءِ الحَوْلِ بِرِضاءِهِنَّ مِن بُيوتِهِنّ فلا حَرَجَ عليكُم في ما فَعَلنَ في أنفُسِهِنَّ بَعدَ العِدَّةِ مِن التَّزَيُّنِ و غيرهِ مِن عَمَلٍ مَعروفٍ مُباحٍ غير مُنكَرٍ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ في أحكامِه ،
و لِلزَّوْجاتِ المُطَلَّقاتِ مَتاعٌ النَّفَقَةِ بالمَعروفِ المُتَعارَفِ حَسبَ شُؤونها طيلَة إيّامِ عِدَّتِها حَقّاً واجِباً لَهُنَّ عليٰ أزواجِهِنَّ المُتَّقين و هكذا يَشرَحُ اللهُ لَكُم آياتِ أحكامِهِ لعلَّكُم تَعقِلونَ تَكاليفَكُمُ الشَّرعِيَّةَ ،
كيفَ ينكُر المُنافِقونَ الرَّجعَةَ ؟ ألَم تَنظُر يا حبيبي إليٰ آثارِ الّذين خَرَجوا مِن ديارِهِم فِراراً مِنَ الطّاعُون و هُم اُلوفٌ حَذَرَاً مِنَ المَوتِ بِسَبَبِهِ فَأماتَهُمُ اللهُ جَميعاً ثُمَّ أحياهُمُ اللهُ بِدُعاءِ حِزقيل أحَدِ أنبياءِ بَني إسرائيل ؟؟؟
بالتّأكيدِ إنَّ اللهَ سُبحانَهُ لَذو فَضلٍ عليٰ النّاسِ المُنتَظِرينَ لِقيامِ المَهديّ مِن آلِ محمدٍ (ص) فَيَتفَضَّل عليٰ المُؤمِنينَ المُخلِصينَ بالرَّجعَةِ إليٰ الحياةِ بَيْنَ يَدَيْهِ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ نِعمَةَ إنتِظارِهِ ؟؟
وَ نَأمُرُكم أيّها المُؤمِنون المُنتَظِرونَ لِقِيامِ المَهديِّ (ع) قاتِلوا أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) في سبيلِ اللهِ لِتَعجيلِ ظُهورهِ واعلَموا أنَّ اللهَ سميعٌ لِأقوالِكُم عليمٌ بِأحوالِكُم ،
أيّها المُسلِمون مَن هُوَ ذا مِنكُم ألّذي يُقرِضُ اللهَ بِصِلَةِ آل مُحمّدٍ (ص) قَرضاً حَسَناً مِن دونِ مِنَّةٍ فيُضاعِفَهُ اللهُ لَهُ أضعافاً كثيرَةً في المِيزانِ و الجَزاءِ وَ الأجرِ والثَّواب ؟؟؟
واللهُ سُبحانَهُ لِحِكمَتِهِ ومَشيئَتِهِ يَختَبِر أولياءَهُ و شيعَتِهِم و ذُرِيَّتِهِم فَيَقبِضَ عنهُمُ الرِّزقَ أحياناً فَصِلوهُم و أقرِضوا اللهَ و يَبسُطُ لهُمُ الرِّزقَ أحياناً فلا يَحتاجونَكُم و إليٰ اللهِ تُرجَعونَ فيُجازيكُم ،
نَستَفهِمُكَ إستِنكاراً عليٰ مُنكري وِلايَةِ عليٍّ (ع) ألَم تَنظُر إليٰ حالِ طائِفَةٍ مِنَ اليَهودِ مِن بَعدِ موسيٰ حيثُ قالوا لِنَبيٍّ لهُم يُسمّيٰ إشموئيل إنصِب لَنا مَلِكاً أميراً نُقاتِل في سبيلِ اللهِ تَحتَ رايَتِهِ فكيفَ يُنكِرونَ نَصبَ عليٍّ (ع) ،
فقالَ لهُم النّبيُّ إشموئيل هَل إذا نَصَبتُ لكُم مَلِكاً عَسيٰ ألاّ تُقاتِلوا تَحتَ رايَتِهِ إن كتب عليكُمُ الجِهاد ؟ قالوا و ما يكونُ لنا أن لا نُقاتِل في سبيل الله قومَ جالوتَ و قَد أخرَجونا مِن ديارِنا مَعَ أولادِنا ؟
فَلمّا نَصَبَ لهُم طالوتَ مَلِكاً و أمرَهُم بالجِهادِ و كَتَبَ عليهِم فَريضَةَ القِتالِ مَعَ جالوتَ و جُنودِهِ أعرَضوا عن القِتالِ إلاّ قَليلاً مِنهُم و اللهُ عليمٌ بحالِ الظّالِمينَ مِنَ اليَهود ،
و قالَ لِبَني إسرائيلَ نَبِيُّهُم إشموئيل : إنَّ اللهَ قَد نَصَبَ لكُم طالوتَ مَلِكاً عليكُم و أميراً و قائِداً فَكَيْفَ يقولُ المُنافِقونَ إنَّ اللهَ لم يَنصِب عليّاً (ع) ؟؟؟
فَقالَ الظّالِمونَ مِنهُم لِنَبيِّهِم كيفَ يكونُ لِطالوتَ المُلكُ علَينا ؟ مُستَنكِرينَ وَ قالوا نَحنُ أحَقُّ بالمُلكِ منهُ و لَم يُؤتِهِ اللهُ سَعَةً مِن الثَّراءِ و هكذا قالَ أعداءُ عليٍّ (ع) فيهِ ،
قالَ لَهُم إشموئيل أناما اختَرتُهُ مِن نَفسي بَل إنَّ اللهَ اختارَهُ أميراً علَيكُم وَ زادَهُ سَعَةً في العِلمِ و العَقلِ وَ قُوّةِ الجِسمِ وَالشُّجاعَةِ وَ كذلكَ عليُّ ابن أبيطالِبٍ (ع) وَ اللهُ يُؤتي مُلكَهُ مَن يشآءُ و يَختارَهُ واللهُ واسِعُ الفَضلَعَليمٌ بالمَصالِح ،
وَ قالَ لهُم إشموئِيل إنَّ عَلامَةَ إنتِصابِهِ لِلمُلكِ مِنَ اللهِ أن يأتيكُم طالوتُ بالصُّندوقِ المُسَمّيٰ بالتّالوتِ فيهِ ألواحُ موسيٰ المُتَكَسِّرةِ و اللَّوْح المُسَجَّل فيهِ أسماءِ أنبياءِ بَني إسرائيلَ و أوصياءِهِم ما يَطمَئِنُّ بهِ قُلوبُكُم مِن فَضلِ ربّكم ،
وَ فيهِ بَقيَّةُ آثارٍ مِمّا تَرَكَ آلُ موسيٰ بن عِمرانَ و آلُ هارونَ مِنهُما في التّابُوتِ كعَصيٰ موسيٰ و نَعلَيْهِ و عِمامَةِ هارون و تَحمِلُ التّابُوتَ المَلائِكَه إنّ في ذلِكَ لَدِلالَةً لكُم عليٰ أنّهُ مَنصوبٌ مِن قِبَلِ اللهِ إن كُنتُم مُؤمِنينَ بوِلايَةِ الله ،
فَلَمّا زَحَفَ طالوتُ بالجُنودِ و فَصَلَهُم عن دِيارِهِم قالَ لهُم إنَّ اللهَ مُختَبِرُكُم و مُمتَحِنُكُم بِنَهرٍ يكونُ في الطَّريقِ فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَلَيْسَ مِنّي و مِنْ حِزبي و مَن لَم يَشرَبْ مِنهُ فَإنَّهُ مِن حِزبي و مِنّي إلاّ مَن اغتَرَفَ مِنهُ غَرفَةَ كَفٍّ فَشَرِبَهُ لا أكثَر،
فَلَمّا وَصَلوا إليٰ النَّهر شَرِبُوا أكثرُهُم منهُ و خالَفوهُ إلاّ عَدداً قليلاً لا يَتَجاوَزِ الثَّلاثماءَةَ و ثَلاثَةَ عَشَر رَجُلاً و كذا أصحابُ المَهديِّ (ع) سيكونونَ بِعَدَدِهِم ،
فَلمّا عَبَرَ طالوتُ النَّهرَ نَهرَ الاُردُن هُوَ والجُنودُ الّذين آمَنوا مَعَهُ أَلّذينَ لم يَشرَبوا مِنهُ قالوا إنَّ عَدَدنا قليلٌ لا طاقَةَ لَنا اليومَ بِجِهادِ جالوتَ و جُنودِهِ الكَثيرَةِ ،
قالَ الذين يَعلَمونَ أنّهُم بالإستِشهادِ في سبيلِ اللهِ يُلاقُونَ اللهَ لِلآخَرين : لا تَهتَمّوا كَم مِن جَماعَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت جَماعَةً كَثيرونَ بإذنِ اللهِ بالغَلَبَةِ واللهُ مَعَ الصّابِِرينَ في الجِهادِ مَعَ أعداءِه ،
و لَمّا بَرَزوا إليٰ مَيْدانِ الجِهادِ لِجالُوتَ طالوتُ و جُنودَهُ المُؤمِنينَ قالوا مُبتَهلينَ رَبَّنا صُبَّ عليٰ قُلوبِنا صَبراً و جَأشاً و ثَبِّت أقدامَنا في النِّزالِ و العِراكِ وانصُرنا عليٰ القَومِ الكافِرينَ جالوتَ و حِزبَه ،
فَقاتَلوا جالوتَ و جُنودَهُ فهَزموُهُم بإذنِ اللهِ و قَتَل داوُدُ الشّابُّ والِدُ سُلَيمانُ جالوتَ .
سُليمانُ جالوتَ بِحَجَرٍ في جَبهَتِهِ فاختارُوهُ مَلِكاً و آتاهُ اللهُ المُلكَ و أعطاهُ النّبُوَّةَ و الرِّسالَةَ و عَلّمَهُ مِمّا يشآءُ مِن صَنعَةِ الحديد ،
وَ لَو لا دَفعُ اللهِ لِلنّاسَ بَعضَهُمُ الكافِرينَ وَ المُنافِقينَ وَالمُحارِبينَ و البُغاة بِبَعضٍ مِنَ النّاسِ المُؤمِنينَ المُجاهدينَ لَفَسَدَتِ الأرضُ من جَوْرِهِم وَ لـٰكِنَّ اللهَ ذو فَضلٍ عليٰ العالَمين بِتَشريعِهِ فريضَةَ الجهاد ،
تلكَ آياتُ الله النّازِلَةِ بِشَأنِ طالوتَ و جالوتَ و داوُدَ و الجِهاد نَتلوها عليكَ تِلاوَةً بالحَقّ الثّابِتِ لِعَليٍّ (ع) لِجهادِهِ في سبيلِ اللهِ و إنّكَ يا حبيبي لَمِنَ المُرسَلينَ بِرِسالَةِ الجِهاد ،
تِلكَ أسماءَ الرُّسُل الّتي ذَكرناها قَد فَضَّلنا بعضَهُم عليٰ بعضٍ بِفَضيلةٍ خاصَّةٍ بهِ فَمِنهُم مَن كَلَّمَ الله كموسيٰ و رَفَعَ اللهُ بعضَهُم عليٰ بعضٍ دَرَجاتٍ من الوِلايَةِ و الإمامَةِ كإبراهيم و آتينا عيسيٰ بن مَريَمَ المُعجِزاتِ الواضِحاتِ و أيَّدنا رسالَتَهُ بِرُوحِ القُدُسِ جبرئيل أتاهُ بالإنجيل ،
و لَو شآءَ اللهُ مَشيئَةَ حَتمٍ و جَزمٍ أن لا يَقتَتِلَ أهل الكتاب مااقتَتَلَ الذين مِن بَعدِ الرُسُل بينَهُم من بعدِ ما جآءَتهُمُ المُعجِزاتُ و الدَّلائِلُ الواضِحات ،
وَ لكِنَّ اللهَ لم يَشَاءُ مَشيئَةَ حَتمٍ أن لا يَختَلِفوا فاختَلَفوا فَمِنهُم مَن آمَنَ باللهِ و مِنهُم مَن كَفَرَ وَ لَو شآءَ اللهُ أن لا يَختَلِفوا ما اقتَتَلوا بَيْنَهُم و لكِنَّ اللهَ يَفعَلُ ما يُريدُ مِن إختِبارِ النّاسِ و مَنحَهُمُ الإختيار ،
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلام نَأمُرُكُم وُجوباً أنفِقوا مِمّا رَزقناكُمُ الخُمسَ والزَّكاةَ مِن قَبلِ أن يَأتِيَ يَومُ الحِسابِ لا بَيْعٌ فيهِ و لا صَداقَةٌ و لا شَفاعَةٌ إلاّ لِمَن و اليٰ آلَ مُحمّدٍ (ص) وَ الكافِرونَ هُمُ الظّالِمونَ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) ،
أللهُ جَلَّ جَلالَهُ الّذي يُؤلَهُ إليهِ وَحدُهُ لا إلـٰهَ إلاّ هُوَ لِمَن سِواهُ فلا شريكَ لَهُ و هو الحَيُّ بِذاتِهِ أزَلاً و أبَداً وَ واهِبُ الحياةِ لِغَيرِهِ و هو القَيّومُ دائِماً بِتَدبيرِ شُؤنِ خَلقِهِ لا تَعرِضُ عليهِ نَعسَةٌ و لا غَفوَةَ نَومٍ ،
و للّهِ المِلكيَّةُ الحقيقيَّةُ الواقِعيَّةُ القَطعِيَّةُ التّامَّةُ لِما في السماواتِ مِنَ الكواكِبِ و الأفلاكِ و ما في الأرضِ مِن أشياءَ و جِنٍّ و إنسٍ و مَلَكٍ ،
مَن ذا الذي يَشفَعُ عندَ اللهِ غَيرَ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) شُفَعاؤهُ إلاّ بِإذنِهِ لِشيعَتِهِم المُخلِصينَ أن يَشفَعوا لِلعاصين ،
وَ اللهُ سُبحانَهُ يَعلَمُ عِلماً تامّاً مُحيطاً أزَليّاً و أبَديّاً بِما بَيْنَ أيدي الخَلائِقِ مِن حالاتٍ وَ أفعالٍ و أقوالٍ وَ نِيّاتٍ و مَقاصِدَ و أسرارٍ وَ ما خَلفَهُم مِن مُقَدَّراتٍ ،
وَ لا يُطلِعونَ العِبادَ بِشَييءٍ مِن عِلمِ اللهِ إلاّ بما شآءَ لِمُحمّدٍ و آلَ مُحمّدٍ (ص) فَمُحمّدٌ (ص) مَدينَة عِلمِ اللهِ وَ عليٌّ (ع) بابُ مَدينَةِ عِلمِ النّبيّ ،
وَسِعَ و شَمُلَ كُرسيُّ قُدرَتِهِ و جَبَروتِهِ و مَشيئَتِهِ و إرادَتِهِ جَميعَ السّماواتِ السَّبعِ و الأرض و ما فيهِنَّ و ما بَيْنَهُنّ و لا يُعجِزُهُ حِفظُهُما و تَدبيرَ شُؤنِهما ،
وَ اللهُ جَلَّ جَلالَهُ هُوَ العَليُّ المُتعالي عليٰ مَن سِواهُ وَ مِن إسمِهِ العَليِّ إشتَقَّ عليّاً وَعَليٌّ اشتُقَّ مِنَ العَليِّ وَ هُوَ العَظيمُ المُستَجمِع لِجَميعِ صِفاتِ العَظَمَةِ و الكَمالِ و الجَلالِ و لا يُنسَبُ إليهِ نَقصٌ أو عَيْبٌ ،
لا إكراهَ بالجَبرِ لأحَدٍ في قَبولِ الدّينِ بَلِ النّاسُ مُخَيَّرونَ مُكَلَّفونََ قَد تَبيَّنَ لهُمُ الرُّشدُ و الحَقُّ مِنَ الغَيِّ و الباطِلِ بِواسِطَةِ القُرآنِ و العِترَه ،
فَمَن بِإختيارِهِ يَكفُرُ بالطّاغوتِ عَدُوُّ آل مُحمّدٍ (ص) وَخَليفةِ الجَوْرِ وَ الحاكِم الجائِرِ و يُؤمِن باللهِ وَ بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَقَد استَمسَكَ بِكِلتا يَدَيْهِ بالعُروَةِ الإلـٰهيَّةِ المُحكَمَةِ ،
و عُروَةُ وِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) قَوِيَّةٌ مَتينَةٌ مُحكَمَةٌ لا انفِصالَ لَها و لا انقِطاع لَها أبَداً بَل تُنفِذُ المُتَمَسِّكَ و تُوصِلُهُ إليٰ الجَنَّةِ وَ اللهُ سميعٌ بِمَن ناداها عليمٌ بِمن والاها ،
أللهُ جَلَّ جَلالُهُ هو وَلِيُّ الذين آمَنوا بوِلايَةِ مُحمّدٍ (ص) فَيَتَوَلّيٰ اُمورُهُم في الدُّنيا و الآخِرَةِ بِذاتِهِ و عِنايَتِه ،
وَاللهُ سبحانَهُ بولايَتِهِ عليٰ الَّذينَ آمَنوا بِولايَةِ أولياءِهِ مُحمّدٍ وَ آلِهِ (ص) يُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ كُلّها ألكُفُرِ وَ الشِّركُ وَالنِّفاقُ وَ الجَهلُ والعِنادُ إليٰ النّورِ الكامِلِ نورُ العِلمِ والعَدلِ والحَقِّ و الهِدايَه ،
وَ أمّا الذين كفَروا بولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فأولياؤهُمُ الطاّغوتُ الجائِرُوا الحاكِمُ الظّالِمُ و أولئِكَ الحُكّامُ يُخرِجونَهُم مِنَ النّور (الايمان) ألّذي ذَكَرنا إليٰ الظُّلماتِ (ألنِّفاق) المَذكورة ،
وَ أولئِكَ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ تَوَلَّوْا الطَّواغيتَ فَهُم أصحابُ النّارِ يَومَ القيامَةِ يُعذَّبونَ فيها و هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد لا يَخرُجون ،
ألَم تَنظُر مُتَعَجِّباً إليٰ الّذي جادَلَ إحتِجاباً إبراهيمَ الخَليلَ بِشَأنِ أوصافِ اللهِ و هُوَ نُمرودُ حيثُ آتاهُ اللهُ المُلكَ فحاجَّهُ إبراهيمُ قال إنَّ ربّي هو الّذي يُحيي الأحياءَ و يُميتُهُم فأَجابَهُ نَمرودُ أنا إيضاً اُحيي مِن اُريدُِ فلا أقتُلهُ و اُميتُ و أقتُلُ مَن أشاءُ ،
فَقالَ إبراهيمُ لِنَمرودَ إنَّ اللهَ يأتي بالشَّمسِ مِنَ المَشرِقِ فَتَسيرُ إليٰ المَغرِب بِدَوَرانِ الأرض حَوْلَ نَفسِها فإنْ كُنتَ إلـٰهاً فَأْتِ بالشَّمسِ مِنَ المَغرِبِ إليٰ المَشرِقِ عَكساً فَاُلقِمَ حَجَراً وَ حارَ جَواباً وَ سَكَتَ عاجِز أذاكَ الّذي كَفَرو ادّعيٰ الرُّبوبِيَّةَ .وَاللهُ لا يَهدي القَومَ الظّالِمين لِلجَوابِ عندَ الإحتِجاجِ مَعَ المُؤمِنين ،
فَهَل أنَّ الإحياءَ و الإماتَةَ هُما كما قالَ نَمرودٌ أوْ كالّذي مَرَّ عليٰ قَريَةِ بَيْتِ المَقدِسِ و هيَ خَرِِبَةٌ ساقِطَةٌ عليٰ أبنِيَتِها حَيثُ دَمَّرَها بُختُ نُصَّرٍ فقال إرمِيا النَّبيُّ وَ هُوَ عُزَيْرٌ حينما رآها كَيْفَ يُحيي اللهُ هذِهِ القَريَةِ بَعدَ فَناءِها ؟
فَعِندَئِذٍ أَماةَ اللهُ عُزيراً في مكانِهِ ثُمَّ أحياهُ و بَعَثَهُ مِن مَكانِهِ بَعدَ قَرنٍ مِنَ الزَّمانِ مائَةَ عامٍ فَسَألَهُ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ كَم مَكَثتَ مَيِتّاً يا أرميا ؟ قالَ مَكثتُ يَوماً أو بعضَ يومٍ ،
قالَ لهُ المَلِكُ بَل لَبِثتُ مائَةَ عامٍ مَيِّتاً فانظُر إليٰ طَعامِكَ التّين و شرابِكَ العَصير لَم يَفسَدُ و لَم يَتَغَيَّرُ هذِهِ المُدَّةِ إعجازاً وَانظُر إليٰ حِمارِكَ المَيِّت إذ تَبَدَّلَ إليٰ عِظامٍ نَخِرَةٍ ،
وَ بالتأكيد سَنَجعلك عَلامَةً وَ دَليلاً و بُرهاناً لِلنّاسِ عليٰ قُدرَتِنا بالإحياءِ وَانظُر لِتَريٰ بِأمِّ عَينَيْكَ إليٰ عِظامِ حِمارِكَ كيفَ نَرفَعُها و نُوقِفها ثُمَّ نَكسوها لَحماً ثُمَّ نُحيي الحِمارَ فَشاهِد ذلِكَ بِعَينك ،
فَلَمّا تَبيَّنَ لهُ مُشاهِدَةً و عِياناً كيفَ يُحيي اللهُ الجَسَدَ العُنصريَّ و يُعيدُهُ قالَ مُؤكِّداً: أعلَمُ أنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شيءٍ أرادَهُ قَديرٌ عليهِ بِفِعلِهِ ،
و تَذَكَّروا إذ قالَ إبراهيمُ الخَليلُ : إلـٰهي وَ رَبّي أرِني كيفَ تُحيي المَوتيٰ حينَما تُحييهِم ؟ قالَ اللهُ لَهُ أوَلَم تُؤمِن بهذا مِن قَبلُ فلِماذا تَسأل عنهُ ؟ قالَ إبراهيمُ : بَليٰ آمَنتُ بِذلكَ مِن قَبلُ و لكِن أرِنيهِ لِيَطمَئِنَّ قلبي بِمُشاهِدَتِهِ و الإستدلالِ عَلَيه ،
قالَ اللهُ لإبراهيمَ فَخُذ أربَعَةً مِنَ الطُّيور كالدّيكِ والحَمامَةِ و الهُدهُد والغُراب فَقَطِّعهُنَّ بِلَحمِهِنَّ و ريشِهِنَّ و عِظامِهِنَّ واخلُطهُنَّ ثُمَّ اجعَل عليٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنَ جِبالِ الاُردُنّ العَشرَةَ جُزءَاً مِنهُنَّ واحتَفِظ بِرُؤسِهِنّ ،
ثُمَّ ادعُهُنَّ يا إبراهيمُ بالإسمِ الأكبَرِ و هُوَ العليُّ يأتينَكَ مُسرِعاتٍ مُلتَحِقاتٍ بِرُؤسِهِنَّ فَدعاهُنَّ واحِدَةٌ فاجتَمَعت أجزاء بَدَنِهِنَّ والتَحَقْنَ بِرُؤسِهِنّ فقالَ اللهُ لهُ إعلَم يقيناً أنّ اللهَ عزيزٌ في مُلكِهِ حَكيمٌ في صُنعِه ،
مَثَلُ نَتيجَةِ و فائِدَةِ و رِبحِ و ثَواب الَّذين يُنفِقونَ أموالَهُم في سَبيلِ اللهِ مِن خُمسٍ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) وَذُرَّيتِهم وَ مِن زَكاةٍ لِشيعَتِهِم كَمَثَلِ حَبَّةٍ حنطَةٍ نَبتَتَ و أنتَجَت سَبعَ سَنابِلَ مَملوءَةٍ مِن الحنطةِ ،
في كلّ سُنبُلَةٍ مِنَ السَّبعِ سَنابِل مائَةَ حَبَّة حَنطَةٍ فَالحبَّةُ أنتَجَت سَبعَمائَةَ فكذلِكَ إنفاقُ الخُمسِ والزّكاةِ و غيرها تُثمِرُ هكذا أجراً و ثَواباً واللهُ يُضاعِفُ الأجرَ أضعافَ ذلِكَ لِمَن يشآءُ مِن المُوالِينَ لِآلِ محمدٍ (ص) واللهُ سميعٌ عليمٌ بأقوالِ و أفعالِ المُنفِقين ،
ذلِكَ المَثَلُ هُوَ مَثَلُ الّذين يُنفِقونَ أموالَهُم في سَبيلِ اللهِ لِآلِ محمدٍ و شيعَتِهِم ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أنفَقوا عليٰ المُنفَقِ عليهِ مَنّاً بالقَوْلِ و إيذاءً بالفِعل ،
أولـٰئِكَ لَهُم أجرُهُم المَذكورُ المُضاعَفُ مَحفوظٌ عِندَ رَبِّهم يُؤجِرُهُم بهِ يومَ القيامَةِ و يُثيبُهُم عليهِ و لا خَوفٌ عليهِم مِن إحباطٍ و لا هُم يَحزَنونَ مِن خُسرانٍ ،
قَولٌ مَعروفٌ حَسَنٌ جَميلٌ بالدُّعاءِ و المَغفِرَةِ لِلمُحتاجِ الفَقيرِ و المِسكينِِ السّائِلِ هُوَ خَيرٌ و أفضَلُ عِندَ اللهِ مِن صَدَقَةٍ يَتبَعُها أذيًٰ لهُ واللهُ غَنيٌّ يُغني مَن يشآءُ حليمٌ يَعفو عَمَّن يَشآء ،
يا أيّها المُنفِقونَ لا تُبطِلوا صَدقاتِكُم كما فَعَلَ بَني اُمَيَّه فلا تُبطِلوا الخُمسَ والزَّكاةَ و الكفّاراتِ و الأضاحي بالمَنِّ عليٰ مَن تُنفِقوا عليهِ بِها و لا الإيذاءِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم قَولاً و فِعلاً ،
كالّذي يُبطِلُ صَدَقَتَهُ حيثُ يُنفِقُ مالَهُ مُرائِياً النّاسَ و لا يَقصُدُ بِهِ في سبيلِ اللهِ وَ لا يُؤمِنُ باللهِ و اليَومِ الآخِرِ لنِفاقِهِ الاُمَويّ ،
و الإنفاقُ رِياءً و نِفاقاً فَمَثَلُهُ كَمَثلِ صَخرَةِ الصَّفا عليها تُرابٌ ، فَأصابَ التُّرابَ مَطَرٌ وابِلٌ فَغَسَلَهُ و أذابَهُ فَتَركَ الحَجَرَ صَلباً غيرَ قابلٍ لِلزَّرعِ فلا تَنبُتُ فيهِ الحَبَّةُ ،
فالمُرائِينَ و المُنافِقينَ لا يَقدِرونَ يَومَ القيِامَةِ عليٰ حَصادِ شَييءٍ مِن نَتيجَةِ إنفاقِهِم و مِمّا كَسَبوا مِنَ الإنفاقِ أجراً و ثَواباً إذ لَم يُزرَع حتّيٰ يُنتِج واللهُ لا يَهدي القومَ الكافِرينَ بِوِلايَةٍ آل مُحمّدٍ (ص) لِعَمَلِ الخَيرِ وَ البِرّ ،
وَ مَثَلُ إنفاقِ الّذين يُنفِقون أموالَهُم في سبيلِ اللهِ طَلَباً لِمَرضاتِ اللهِ و يُطعِمونَ الطَّعامَ عليٰ حُبّهِ مِسكيناً و يَتيماً و أسيراً و تَثبيتاً مِن أنفُسِهِم فلا يَرَوْنَ جَزاءً و لا شُكوراً ،
فَمَثلُهُم كَمَثَلِ جَنَّةِ بُستانٍ تَقَعُ بِرَبوَةِ فَلاتٍ مِنَ الأرضِ أصابَها وابِلٌ مِنَ المَطَر فَسَقيٰ أشجارَها و زَرعَها فآتَت شِمارَها ثِمارَها بِمِقدارِ ضِعفَيْنِ مِنَ النّاتِج المَطلوبِ فإن لَم يُصِبها وابِلٌ مِنَ المَطَرِ فيكفيها مَطَرٌ خَفيفٌ طَلٌّ يَرُشُّها و اللهُ بِما تَعمَلونَ في سبيلِهِ بَصيرٌ يَراهُ و يُثيبُ عَليه ،
نَسألُ مُوَبِّخينَ إغتِصابَ فَدَكٍ مِنَ الزَّهراءِ (ع) هَل يُحِبُّ أحدُكُم أن تكونَ لهُ بُستانٌ مِن نَخيلٍ و أعنابٍ كَفَدَكٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ لَهُ فيها مِن كُلِّ الثَّمراتِ و هُوَ بحاجَةٍ ماسَّةِ إليها لِكِبَرِ سِنِّهِ ،
و مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ لهُ ذُرّيَّةٌ و أطفالٌ و أولادٌ صِغارٌ ضُعَفاءٌ أمامَ الأعداءِ كعليٍّ (ع) و ذُريَّتِهِ فَأصابَ البُستانَ عاصِفَةٌ مُدَمِّرَةٌ تَحمِلُ ناراً مَعَها و تُحرِقُ بابَ دارِ عليٍّ (ع) فاحتَرَقَت بالنّار ؟ كَلاّ لا يُحِبُّ ذلِك أحَدٌ ،
و هكذا يُبَيِّنُ لكُمُ اللهُ الآياتِ النّازِلَةِ بشأنِ آلِ محمدٍ (ص) لَعلّكُم تتَفكَّرونَ في ظُلامَتِهِم و يَسألكُم لِتُحَكِّموا الوِجدانَ فَكَما أنّكُم لا تُحِبّونَ ذلِكَ فلِماذا فَعَلوا أعداءُ آلِ محمّدٍ ذلِكَ بِفَدَكٍ و أحرَقوا دارَ عليٍّ (ع) و غَصَبوا حَقَّهُم ؟؟؟
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلامِ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً أنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم حَلالاً ألخُمسَ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) ومِمّا أخرجنا لَكُم مِن الأرضِ الغَلاّت الأربَع الزَّكاة لشيعَتِهم و المعادن فيها الخُمس ،
و لا تَنووا إنفاقَ الخَبيثِ مِمّا كَسَبتُم حَراماً تُنفِقونَ الخُمسَ والزَّكاةَ مِنهُ و لَستُم بآخِذي الخَبيثَ الحَرامُ إلاّ أن تُجحِفوا و تَغصِبوا و تَظلِموا فيهِ واعلَموا أنّ اللهُ غَنيٌ عنكُم مَحمودٌ عليٰ فِعالِه ،
إنَّ الشيطانَ يُوعِدُكُم الفَقرَ إذا أنفَقتُم مِن أموالِكُم فَيَمَنعُكُم عنهُ و يَأمُرُكُم بِمَنعِ الخُمسِ و غَصبِ حَقِّ آلِ محمدٍ (ص) و مَنعِ الزَّكاةِ و لكِنَّ اللهَ يُوعِدُكُم بالإنفاقِ مَغفِرَةً مِنهُ وَ ثواباً واللهُ واسِعٌ المَغفِرَةِ عليمٌ بالمَصالِح
واللهُ سُبحانَهُ يُؤتي الحِكمَةَ التَّشريعِيَّةَ و التَّفَقُة في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ لِمَن يشآءُ مِن شيعَةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و مَن يُؤتَ الحِكمَة الفِقهيَّةَ مِنهُم فَقَد اُوتِيَ خَيْراً كثيراً في الدُّنيا و الآخِرَة و ما يَتَذَكَّرُ إلاّ أصحابُ العُقولِ السَّليمَه ،
و ما أنفَقتُم لِآلِ مُحمّدٍ (ص) مِن نَفَقَةٍ واجِبَةٍ أو مُستَحَبَّةٍ أو نَذرتُم لَهُم مِن نَذرٍ لِلّهِ فإنَّ اللهَ يَعلَمُهُ فَيُثيبُكُم عليهِ و ما لِلّظالِمينَ لِآلٍ محمدٍ (ص) مِن أنصارٌ ينصرونَهُم يوم القيامَةِ و لا شُفعآء ،
إن تُظهِروا و تُعلِنوا الصَّدَقاتِ الواجِبَةَ كالزَّكاةِ و الكَفّاراتِ و الصَّدَقاتِ المُستَحَبَّةِ فَنِعمَ الشّييءُ ذلِكَ و إن تُخفُوها و تُؤتوها الفُقَراءَ سِرّاً فهُوَ أفضَلُ لَكُم لِلبُعدِ عَنِ الرِّياء ،
واللهُ سُبحانَهُ يُكَفِّر و يَمحوُ عنكُم سَيِّئاتِكُم بِصَدَقَةِ السِّرِّ إذ أَنّها تُطفي غَضَبَ الرَّبّ و اللهُ بِما تَعمَلونَ مِن خَيرٍ و صَدَقَةٍ خبيرٌ مُطَّلِعٌ عليهِ يُؤجِرُكُم عليهِ ،
يا رسولَ الله ليسَ واجِبٌ عليكَ إجبارُ النّاسِ عليٰ دَفعِ الخُمسِ و إكراهُهُم عليٰ التَّصَدُّقِ و هِدايَتِهِم جَبراً و لكِنَّ اللهَ يَهدي بِأحكامِهِ مَن يشآءُ الهِدايَةَ باختِيارِه هُوَ ،
و ما تُنفِقوا أيّها النّاسُ مِن مالٍ و خُمسٍ و زَكاةٍ و صَدَقَةٍ فَهُوَ مُدَّخَرٌ ثَوابَهُ لِأنفُسِكُم و ما تُنفِقونَهُ بِقَصدِ القُربَةِ وابتِغاءِ وَجهِ اللهِ تُثابونَ عليهِ لا كُلّ إنفاقاتِكُم ،
و ما تُنفِقوا مِن نَفَقَةٍ خَيْرٍ لِوَجهِ اللهِ فَيُرَبّيهِ اللهُ كما يُرَبّي أحدُكُم فَصيلَهُ أوفِلوُهُ فَيُوَفّيهِ إليكُِم يوم القيامَةِ و هو أعظَمُ مِن اُحُدٍ و أنتُم لا تُظلَمونَ أجرَهُ و ثَوابَهُ ،
و الأولَويَّةُ في الإنفاقِ والتَّصدُّقِ هِيَ لِلفُقَراءِ الّذين ضُيِّقَ عليهِمُ الرِّزقُ مُنِعوا أموالَهُم فَغَصَبَها الظّالِمونَ و حُرِموا التِّجارَةَ و العَمَل لا يَستَطيعونَ ضَرباً في الأرضِ لِلتِّجارَةِ ،
يَظُنُّهُمُ الجاهِلُ بِحالِهِم أغنِياءَ بِسَبَبِ تَعَفُّفِهِم عَنِ المُطالِبَةِ بشييءٍ تَعرِفُهُم أنتَ يا رسولَ اللهِ بسيماهُمُ المُتَأثِّر بالفَقرِ و هُم لا يَسألونَ النّاسُ المَعونَةَ إلحاحاً بَل إشارَةً لِمَرَّةٍ فَقَط ،
و ما تُنفِقوا مِن خَيرٍ عليٰ هؤلاءِ الفُقَراءِ المُتَعَفِّفينَ عَنِ المَسئَلَةِ فإنَّ اللهَ بهِ عليمٌ يُؤجِرُكُم و يُثيبُكُم عليهِ أضعافاً مُضاعَفَةً ،
نَزَلَت خاصّة في عليٍّ (ع) و مَن يُواليهِ يَبحذُو حَذوَهُ فكانَت لَهُ أربَعَةَ دَراهِمٍ فَقَط فَأَنفَقَ واحِدَةً بالَّليْلِ و الاُخريٰ بالنَّهارِ و الثّالِثَةَ أنفَقَها سِرّاً و الرّابِعَةَ علانِيَةً فَنَزَلَت الآية فيهِ ،
فَسَألَهُ النّبيّ (ص) لِماذا أنفَقَ كُلّها و لَم يُبقِ لِنَفسِهِ منها فَأجاب : فَعَلتُ ذلِكَ إنجازاً لِمَوعودِ اللهِ فَقالَ اللهُ فَلَهُم أجرُهُم عِندَ رَبِّهِم و لا خوفٌ عليهِم مِن وُصولِ الفَقرِ إليهِ و لا هُم يَحزَنونَ مِن غَصبِ حُقوقِهِم بَل يَصبِرون ،
وَ أمّا الّذين يَأكُلونَ الرِّبا كَبَني اُمَيَّةَ وَ عبد الرّحمٰن بن عَوْفٍ فَيَأكُلونَ الِّربحَ مِنَ القَرضِ أو الزِّيادَةَ مِن تَبادُلِ المُتَجانِسَيْنِ المَكيلَيْن وَ المَوزونَيْن فَهُم لا يَقومونَ في الحَشرِ إلاّ كما يَقومُ المُخَبَّطُ السّكران الّذي يَتَخبَّطهُ الشّيطانُ من مَسِّ عَقلِهِ و خِبالِه ،
و أكلِهِمُ الرِّبا ذلِكَ لأِجلِ أنَّهُم قالوا قِياساً لَيْسَ البَيْعَ إلاّ مِثلُ الرِّبا و لَيسَ الرِّبا إلاّ كالبَيْعِ المُربِحِ ، كَذِبوا و أخطَأوا إذ أحَلَّ اللهُ البَيْعَ و حَرَّمَ الرِّبا ،
فَمَن حينما جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبّهِ تَعِظُهُ و تَمنَعُهُ مِن أكلِ الرِّبا فانتَهيٰ عَن أكلِهِ فَلَهُ ما اكتَسَبَهُ ما سَلَفَ مِن مالٍ قَبلَ التَّحريمِ و أمرُهُ إليٰ اللهِ إمّا يُعَذِّبُهُ أو يغفِر لَهُ و مَن عادَ بالأكلِ بَعدَ التَّحريمِ فَأولئِكَ أصحابُ النّارِهُم فيها خالِدون ،
يُتلِفُ اللهُ الرِّبا و يُفنيهِ و يُزيلُ نَفعَهُ و آثارَهُ و اللهُ سُبحانَهُ يُربي الصَّدَقاتِ و يُنَمِّيها و يُكثِر بَرَكاتِها و فوائِدِها وَ اللهُ لا يُحِبُّ كلّ مُرابي كفّارٍ باللهِ أثيمٍ بأكلِ الرِّبا ،
إنَّ الّذينَ آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالِحاتِ والطّاعاتِ و أقاموُا الصَّلاةَ مِن غَيرِ بِدعَةٍ و آتُوا الزَّكاةَ الواجِبَةَ لَهُم أجرُهُم الكامِل عندَ رَبِّهم و لا خَوفٌ عليهِم مِنَ العَذابِ و لا هُم يَحزَنونَ يَومَ المَعاد ،
يا أيّها الّذين آمَنوا بالإسلامِ خافُوا اللهَ واتَّقوا عذابَهُ و دَعُوا و اترُكوُا ما بَقِيَ بَعدَ التَّحريمِ مِنَ الرِّبا الّذي تَواعَدتُم عليهِ إن كنتُم مُؤمِنينَ باللهِ و بالإسلام ،
فَإن لَم تَفعَلوا و لَم تَترُكوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا فاستَعِدّوا لِحَربٍ من اللهِ و رَسولِهِ لكُم بَعدَ أن حارَبتُموهُما بالعِصيانِ و إن تُبتُم فَلَكُم رُؤسُ أموالِكُم الّتي أقرَضتُموها لا تَظلِمونَ أحَداً بِأخذِ الزِّيادَةِ و لا تُظلَمونَ بِمُصادِرَةِ رَأسِ المال ،
و إن كانَ الذي أقرَضتُموهُ ذو عُسرَةٍ ماليَّةٍ لا يتَمَكّن مِن أداءِ القَرضِ فَنَظِرَةٌ و مُهلَةٌ لَهُ عليكُم إليٰ وَقتِ يَسارِهِ و تَمَكُّنِهِ مِنَ الأداءِ و لَو تَتَصَدَّقوا عليهِ فَهُوَ خيرٌ لَكُم و أفضَلُ ثَواباً إن كُنتُم تَعلَمونَ ذلِك ،
واتّقوا الحِسابَ و العِقابَ عليٰ عَدَمِ النَّظِرَةِ إليٰ المَيْسِرَةِ يوماً تُرجَعونَ فيهِ إليٰ مَحكَمَةِ عَدلِ اللهِ في الحَشرِ ثُمَّ تُجازيٰ و تَنال كُلّ نَفسٍ ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ و هُم لا يُظلَمونَ في الجَزاء ،
يا أيُّها المُسلِمونَ الّذينَ آمَنوا بالإسلامِ نَأمُرُكُم إرشاداً أن إذا تَدايَنتُم بِدَيْنٍ بَيْنَكُم إليٰ مُدَّةٍ و أجَلٍ مُعيَّنٍ فاكتُبوُهُ لِيَكونَ سَنَداً و وَثيقَةً ،
و لَيَكتُب وَثيقَةَ الدَّيْنِ بَيْنَكُم كاتِبٌ بالعَدلِ مُطابِقاً لِلواقِعِ سَواءً كانَ المَدينُ أو الدّائِنُ أو غَيرِهِما و لا يَمتَنِعِ الكاتِبُ أن يَكتُبَ الحَقيقَةَ كما عَلَّمَهُ اللهُ في القُرآنِ والسُّنَّةِ فَليَكتُب و لِيُقَرِّر لَهُ المَدين ،
و لِيَخافَ اللهَ و يَتّقي عَذابَ رَبِّهِ كاتِبُ الوَثيقَةِ و لا يَبخَس مِن حَقِّ الدّائِنِ شَيئاً فإن كانَ المَدينُ الّذي عليهِ الدَّينُ سَفيهاً أو أبلَهاً أو لا يَستَطيعُ أن يُمل عليٰ الكاتِبِ لِصِغَرِ سِنِّهِ أو جُنونِهِ فَليُملِل وَليُّهُ بالعَدلِ و الحَقيقَةِ و الواقِع ،
و نَأمُرُكُم أمراً إستِجابِيّاً أنْ أشهِدوا شاهِدَيْنِ عادِلَيْنِ مِن رجالِكُم عليٰ الدَّيْن فإن لم يكونا رَجُلَيْنِ شاهِدَينِ فَرَجُلٌ وإمرَأتانِ عادِلَتانِ ممَّن تَرضوُنَ شهادَتِهِما مِنَ الشُّهود ،
و ذلِكَ لأِجلِ أن إذا تَضِلَّ إحديٰ المَرأتَيْنِ و تَنسيٰ فتُذَكِّر إحداهُما الاُخريٰ و لا يَمتَنِعُ الشُّهودُ إذا ما دُعوُا لِلشَّهادَةِ مِنها و لا تَمُلّوا أن تَكتُبوا السَّنَدَ لِلدَّيْنِ سَواءً كانَ قليلاً أو كثيراً إليٰ مُدَّتِه ،
إنَّ ما ذَكرناهُ فَهُوَ أعدَلُ و أضبَطُ شَرعاً عندَ اللهِ و عِبادِهِ و حاكِمُ شَرعِ اللهِ و الإمامِ و أثبَتُ لإقامَةِ الشَّهادَةِ عليٰ الحَقِّ و أقرَبُ أثَراً مِن عَدَمِ النِّسيان و نَفيِ الشَّكِّ و التَّرديدِ في مِقدارِ الدَّيْنِ و مُدَّتِهِ ،
إلاّ أنّهُ لا ضَرورَةَ لِلكِتابَةِ و الإشهادِ إذا تَكونَ تِجارَةً نَقديَّةً مُبادلةً لِلثَّمَنِ بالمُثمَنِ بالمُثمَنِ حُضوراً تُديرونَها بِأنفُسِكُم قَبضاً و إقباضاً فَلَيْسَ عليكُم حَرَجٌ أن لا تَكتُبوها ،
وَ نَأمُرُكُم إستِحباباً أشهِدوا عَدلَيْنِ إذا تَبايَعتُم بَبَيْعٍ مُؤَجَّلٍ بَيْنَكُم و لا يَجوزُ الإضرارُ بِكاتِبِ السَّنَدِ و لا الشّاهِدِ عليٰ قَوْلِهِما الحَقيقَةَ و الواقِعَ و إن تَفعَلوا فإنّهُ فُسوقٌ مِنكُم و ذَنبٌ ،
واتَّقوا اللهَ أيّها المُتبايِعَيْنِ و المُتَدايِنَيْنِ و الشّاهِدَيْنِ و الكُتّابُ واخشُوا عِقابَهُ فلا تَعصوهُ و يُعَلِّمُكُم اللهُ القَوانينَ المالِيَّةَ الجَزائيَّةَ وَالحُقوقَ الأجتِماعِيَّةَ و الأحكامَ الفِقهِيَّةَ الشَّرعِيَّةَ وَ اللهُ بِكُلِّ شَييءٍ يُنَظِّمُ شُؤونَكُم عليمٌ ،
وَ إن كُنتُم أيُّها المُتَدايِنَيْنِ عليٰ سَفَرٍ لا يكفي كِتابَةُ السَّنَدِ فيهِ لإرجاعِ الحَقِّ و َلم تَجِدواكاتِباً يَضمُنُ لكُم ذلِكَ فَخُذوا مِنهُ رِهانٌ مَقبوضَةٌ مُقابِلَ الدَّيْنِ ،
فَإن أمِنَ بَعضكُم بَعضاً وُثوقاً بِأمانَتِهِ و دِينِهِ نَأمُرُ وُجوبِيّاً فَليُؤَدِّ الّذي أؤتُمِنَ أمانَتَهُ إليٰ صاحِبِهِ وليَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ مِنَ الخِيانَةِ بالأمانَةِ ،
و نَنهاكُم نَهياً تَحريمِيّاً لا تَكتُموا الشَّهادَةَ التّي استُشهِدتُم عليها عَنِ الأداءِ عِندَ طَلَبِها مِنكُم و مَن يَكتُمها فإنَّهُ آثِمٌ مُذنِبٌ عاصي عند اللهِ المُطَّلِعِ عليٰ قَلبِهِ الفاسِق فيُعاقِبَهُ كما فَعَلَ مَن شَهَدَ بَيْعَةَ الغديرِ فَكَتَمها عليهِ لَعائِنُ الله ،
لِلّهِ جَلّ جَلالُهُ المِلكيَّةُ التّامَّةُ الحَقيقيَّةُ لِما في السّماواتِ وَ ما في الأرضِ فَيَملِكُ نَواصيكُم و إن تُظهِروا ما في أنفُسِكُم مِن نوايا و مَقاصِدَ و شَهاداتٍ أو تُخفوها و تَكتُموها يُحاسِبكُم بِها اللهُ غَداً ،
فَيَغفِرُ لِمَن يَشآءُ مَغفِرَتَهُ مِن شيعَةِ آل محمّدٍ (ص) إن كانَت ضَرورَةً كالتَّقيَّةِ و غَيرَها في الكِتمانِ و غَيرِهِ و يُعذِّبُ مَن يشآءُ عَذابَهُ لِعِصيانِهِ العَمديِّ و اللهُ عليٰ كُلِّ شييءٍ يَفعَلهُ بِكُم قَديرٌ لا يُعجِزُهُ شَييءٌ ،
آمَنَ الرّسولُ مُحمّدٌ (ص) إقراراً بِلِسانِهِ عِندَ وِلادَتِهِ حتّيٰ وَفاتِهِ بَعدَ ما كانَ مُعتَقِداً بِجِنانِهِ أزَلاً بِما اُنزِلَ إليهِ مِن رَبِّهِ مِنَ الوَحي و النُّبُوَّةِ و الرِّسالَةِ و الشَّريعَةِ و الوِلايَة ،
وَ المُؤمِنونَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) كُلّ واحِدٍ منهُم آمَنَ باللهِ و مَلائِكَتِهِ و كُتُبِهِ المُنزَلَةِ و رُسُلِهِ المَعصومينَ قائِلينَ : لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ و آخَرٌ بالوِلاء ،
و المُؤمِنونَ قالوا مُقِرّينَ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و الأنبياءِ المُرسَلينَ سَمِعنا كلامَ اللهِ بِشَأنِ وِلايَتِهِم و أطَعنا أمرَهُ بِتَوَلِّيهِمِ غُفرانَكَ اللهُمّ إغفِر لَنا ذُنوبَنا و إليكَ المَصيرُ في الحَشرِ فاحشُرنا مَعَ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص)
و يَقولُ المُؤمِنونَ المُوالُونَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ(ص) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفساً بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) إلاّ و هِيَ في حَدِّ سِعَةِ قُدرَتِها لا أكثَر و لَيسَتِ الوِلايَةُ فَوْقَ طاقَتِها فَلَها ما كَسَبَت مِن وِلائِهِم و عَلَيها ما اكتَسَبَت مِن خِلافِهِم ،
وَ يَقولونَ إلـٰهَنا إنَّ مُحمّداً و آل محمّدٍ (ص) قالوا رُفِعَ عَنّا السَّهوُ و النِّسيانُ فلا نُعاقَبُ عليها رَبَّنا لا تُؤاخِذنا إن نَسينا أو أخطَأنا دوُنَ تَعَمُّدٍ ،
و يَقولونَ رَبّنا و لا تَحمِل عَلَينا حِملاً ثَقيلاً و حُكماً حَرَجِيّاً و تَكليفاً عَسيراً في الشَّرعِ كما حَمَلتَهُ عليٰ الّذين مِن قَبلِنا كاليَهودِ في التَّوْراةِ ،
وَ يَقولونَ رَبَّنا و لا تُحَمِّلنا حُكماً شَرعيّاً تَكليفيّاً خارِجاً عَن قُدرَتِنا فَوْقَ طاقَتِنا ، لا طاقَةَ لنا بِهِ و لا نَتَحمَّلُهُ كَقَتلِ أنفُسِنا لِلتَّوْبَةِ،
وَ يَقولونَ رَبَّنا واعفُ عَنّا زَلاّتِنا وَ اغفِرلَنا ذُنوبَنا وَارحَمنا بِجاهِ مُحمّدٍ و آل مِحمّدٍ (ص) و بِشَفاعَتِهِم أنتَ مَولانا الّذي وَلَّيْتَهُم عَلَيْنا فانصُرنا بِهِم عليٰ القومِ الكافِرينَ بِوِلايَتِهِم .
نشر في الصفحات 1600-1485 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی