سورة الإنشِقاق
2017-04-14
سورة الرّوم
2017-04-14

(82)
سورَة البَقَرةِ = آدَم (ع)

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بِإسمِ ذاتِيَ الأقدَسِ الخالِقِ البارِيءِ المُصَوِّرِ الجاعِلِ في الأرضِ خَليفَه و بإسمِ رَحمانِيَّتي الشامِلَةِ لِخَلقي وَ رَحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بِعباديَ المُخلِصين اُوحي :

( ألـٰم ذلكَ الكتابُ لا ريبَ فيهِ‌ هُديًٰٰ‌ لِلمُتّقين )

أرمِزُ إليك يا حبيبي بِألِف لام ميم من الحروف النورانيّة الّتي تُشَكِّلُ جُملَةَ صِراطِ عليٍّ حَقٌّ نُمسِكُه ذلكَ القرآن النّازل عليكَ وَحيٌ مِنَ الله لا شكّ فيه و هو كتابُ هدايةٍ للمُتّقين المُوالين لِمُحمّدٍ وَ آلِهِ (ص) ،

( ألّذينَ يُؤمنون بالغَيْبِ و يُقيمونَ‌ الصَّلاة و مِمّا رزقناهُم يُنفِقون )

هُديًٰ لِلّذين يُؤمِنون بمالَم يَشهَدوهُ بَعدُ وَ‌هُو غائِبٌ عَنهُم عَنِ المعادِ و النُّشورُِ و الجِنِّ و المَلَكِ و يُقيمونَ الصَلاةَ مِن غير زيادَةِ بِدعَةٍ أو نقيصَةٍ وَالّذين هُم ممّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ الخُمسَ وَالزكاةَ لِمُستَحِقّيها ،

( وَالّذين يُؤمنونَ بما اُنزِلَ إليكَ وَ‌ما اُنزِلَ مِن قَبلِك وَ بالآخرةِ هُم يوقِنون )

وَ هُديًٰ لِلّذين يُؤمنونَ بما اُنزِلَ إليكَ في القرآن بشأنِ ولايةِ عليٍّ وَ وُلِدِهِ (ع) وَ ما اُنزِلَ مِن قَبلِكَ في التَّوْراةِ والإنجيلِ بِشَأنِ فَضائِلِهم و بالآخِرَةِ وَ الحِسابِ وَ الجَزاءِ هُم يُؤقِنونَ و يُصَدِّقون ،

( اُولئِكَ عليٰ هُديًٰ مِن رَبِّهم و اُولئِكَ هُمُ‌ المُفلِحون )

اُولئِكَ المُؤمِنونَ المُتَّقونَ المُوالونَ لِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) هُم عليٰ هِدايَةٍ و رَشادٍ من ربّهم و اُولئِكَ هُمُ‌ المُفلِحون الفائِزونَ بِرِضوانِ الله و الجَنّه كما قال النّبيُّ (ص) إنَّ عَليّاً (ع) و شيعَته هُمُ الفائِزون .

( إنَّ الَّذينَ كفَروا سَواءٌ عَليهِم ءَأنذَرتَهُم أم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنون )

إنّ الّذين كفَروا باللهِ و بِولايَتِكُم يا رسول الله كالحِزبِ الاُمَويّ سواءٌ عليهِم تَأثيراً‌ إنّكَ أنذَرتَهُم أم لم تُنذِرهُم و تُخَوِّفُهُم و تُهَدِّدُهُم فَهُم لا يُؤمِنون أبَداً ،

( خَتَمَ اللهُ‌ عليٰ قُلوبِهِم وَ عليٰ سَمعِهِم وَ عليٰ أبصارِهِم غِشاوَة و لهُم عذابٌ‌ عظيمٌ )

أغلَقوا قُلوبَهُم و أسماعَهُم و أبصارَهُم عَن دُخولِ الإيمانِ فَطَبَعَ اللهُ عليها بحاجبٍ و ساتِرٍ مِن عَصَبيَّةِ الجاهِلَيَّةِ فَبَقَوْا عليها و لهُم عذابٌ‌ عظيمٌ‌ يوم القيامَه .

( ومِنَ النّاسِ مَن يقولُ آمَنّا باللهِ وَ باليوم الآخِر وَ ما هُم بِمُؤمنين )

وَ مِنَ النّاسِ مُنافقينَ يَقولونَ بِألسِنَتِهم آمَنّا باللهِ وَ باليوم الآخِر و المَعادِ و الجَزاءِ وَ لكنَّهم مُنافِقون كذّابون ما هُم بِمُِؤمِنينَ حَقيقةً باللهِ والمعادِ ،

( يُخادِعونَ اللهَ وَ الَّذين آمَنوا وَ ما يَخدَعون إلاّ أنفُسَهم وَ ما يَشعُرون )

يُريدونَ بذلكَ خِداع اللهِ ورَسولِه والّذين آمَنوا فيَحسَبونَهُم مُؤمِنين و يَنخَدِعون بِحِيَلِهِم و مَكائِدِهِم و لكن ما يَخدَعونَ إلاّ أنفُسَهُم فإنَّ اللهَ و رَسولَهُ لا يُخدعان و ما يَشعُرونَ بِأنّ خَديعَتَهُم سَتَرجِعُ إليهم ،

( في قلوبِهِم مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَ لَهُم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يَكذِبون )

في قلوبِهِم مَرَضُ النِّفاقِ والشَكِّ و الرَّيْبِ و الحِقدِ و الحَسَدِ‌ فَزادَهُمُ‌ اللهُ مَرَضاً بِتَركِهِم في مَرَضِهِم و لهُم غَداً عذابٌ أليمٌ في جهنَّم بما كانوا يَكذِبونَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) ،

( و إذا قيل لهُم لا تُفسِدوا في الأرضِ قالوا : إنّما نَحنُ مُصلِحون )

و إذا قُلتَ أنتَ أو غَيرُكَ لِلمُنافِقين لا تُفسِدوا في الأرضِ بِتَركِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و غَصبِ الخِلافَةِ و ظُلمِ أهلِ البَيْتِ (ع) و شيعَتِهم قالوا إنّما نَحنُ مُصلِحونَ بِظُلمِنا لَهُم ،

(‌ ألا إنّهُم هُمُ المُفسِدونَ وَ لـٰكِن لا يَشعُرون )

ألا فَليَعلَمُ النّاسُ جَميعاً و لَيَنتَبِهوا أنَّ‌ المُنافِقين هُمُ‌ المُفسِدونَ في الأرضِ فَيَستَحِقّونَ حَدَّ الإفسادِ وَ لكِن لا يَشعُرونَ بالإفساد ،

( و إذا قِيل لهُم آمِنوا كما آمَنَ النّاسُ قالوا أنُؤمِنُ كما آمَنَ‌ السُّفَهآء ؟ )

و إذا قُلتَ أنتَ أو غيرُكَ لِلمُنافِقينَ آمِنوا بِوِلايَةِ عليّ بن أبيطالِبٍ‌ (ع) كما آمَنَ النّاسُ بِوِلايَتِهِ و بايَعوهُ أجابوا و قالوا مُستَهزِئينَ هَل نُؤمِنُ كما آمَنَ السُّفَهآءُ بِولايَةِ عليٍّ ؟؟؟

(‌ أَلا إنَّهُم هُمُ السُّفَهَآءُ و لكِن لا يَعلمون )

ألا فليَعلَم أهل العالَم أنّ المُنافِقين هُمُ السُّفَهاءُ لِتَركِهِم وِلايَةَ عليٍّ (ع) و مُخالِفَتِهِم للمُؤمنينَ و لا سَفاهَةَ أعظَمُ مِن ذلكَ و لكِن لا يشعُرون هُم بالسَّفاهَةِ لِجَهلِهم ،

( و إذا لَقوا الّذين آمَنوا قالوا آمَنّا و إذا خَلَوْا إليٰ شياطينِهم قالوا إنّا مَعَكُم إنّما نَحنُ مُستَهزِؤن )

و هؤلاءِ المُنافِقينَ‌ السُّفَهاءَ الجُهَلاء حينما يُلاقونَ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) كسلمانٍ و أبي ذَرٍ‌ و غَيرهِم قالوا لهُم آمَنّا بِِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و إذا إلتَقَوا في الخِلوَةِ مَعَ خُلَفاءِهِم و رُؤساءِهِم قالوا أنّا مَعَكُم ضِدّ آل محمدٍ إنّما نَحنُ مُستَهزِؤنَ بِوِلايَتِهم ،

( أللهُ يَستَهزِءُ بِهِم و يَمُدُّهُم في طُغيانِهم يَعمَهون )

فما قِيمَةُ إستهزاءِهِم فاللهُ يَستَهزِءُ بِهم حيثُ يَمُدُّهُم و يُمهِلُهُم لِكَي في طُغيانِهِم يَتَردَّدونَ فَيَستَحِقّونَ عَذاباً أشَدَّ و أعظَم ،

( أولئِكَ الّذين اشتَرَوُا الضَّلالَةَ بالهُديٰ فما رَبِحَت تِجارَتُهم و ما كانوا مُهتَدين )

أولئِكَ الحَمقيٰ الّذين اشتَرَوُا الضَّلالَةَ و عَذابَها بِتَركِ الهُديٰ والسَّعادَةِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) فما رَبِحَت صَفَقَتُهُم بَل خَسِروا و ما كانُوا مُهتَدينَ بَل خاطِئين ،

(‌ مَثَلُهُم كَمَثلِ الّذين استَوقَد ناراً‌ فَلمّا أضاءَت ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورهِم و تَرَكَهُم في ظُلماتٍ لا يُبصِرون )

مَثَلُ المُنافِقينَ في تَركِهِم نُورَ وِلايَة عليٍ (ع) هو كَمَثلِ الّذي أوْقَدَ سِراجاً فَلمّا أضاءَت ما حَوْلُهُ لِيَبصُرَ طَريقَهُ ذَهَبَ اللهُ بالسِّراجِ و أخَذَ نورَهُم و تَرَكَهُم في ظُلُماتٍ مِن دونِ ضياءٍ لا يُبصِرونَ طريقَهم ،

(‌ صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُم لا يَرجِعون )

فَهُم صُمُّ الآذانِ عَن سِماعِ الحَقِّ و بُكمٌ خُرسٌ عَنِ الشَّهادَةِ الثّالِثَةِ و عُميٌ العُيونِ فَلا يَنظُرونَ فَضائِلَ عليٍٍّ (ع) و لا يَرجِعونَ عن نِفاقِهم إليٰ وِلايَتِهِ ،

( أو كَصَيِّبٍ من السَّماءِ فيهِ ظُلُماتٌ و رَعدٌ و بَرقٌ يَجعَلونَ أصابِعَهُم في آذانِهم )

أو أنَّ مَثَلَ المُنافِقينَ مَعَ وِلايَةِ عليٍّ (ع) كَمَطَرٍ صيوبٍ مِن السَّماءِ فيهِ ظُلُماتُ الغيومِ و أصواتُ رَعدٍ و بَريقٍ يَجعَلونَ أصابِعَهُم في آذانِهِم لِكَيْلا يَسمَعوها ،

(‌ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ المَوْتِ واللهُ مُحيطٌ بالكافِرين )

خَوفاً مِن نُزولِ الصَّواعِقِ مِنَ الرَّعدِ و البَرقِ يَحذَرونَ المَوتَ عليٰ أنفُسِهم بَيْنَما المَطَرُ هُوَ حياةٌ واللهُ مُحيطٌ بالكافِرينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و يُهلِكُهُم ،

( يَكادُ البَرقُ يَخطَفُ أبصارَهُم كُلّما أضاءَ لَهُم مَشَوْا فيهِ و إذا أظَلَمَ عليهِم قامُوا )

يَكادُ البَرقُ مِن نورِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) يُعمي عُيونَهُم حَسَداً كُلّما أضاءَ و أنارَ الطّريقَ لِلنّاسِ مَشَوْا تَحتَ ظِلِّهِ وانتَفَعوا بهِ و إذا أظَلَمَ عَليهِم بِوَفاةِ رَسولِ اللهِ قاموا و لم يُتابِعوا عَليّاً (ع)

( و لو شآءَ اللهُ‌ لَذَهبَ بِسَمعِهِم و أبصارهِم إنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شييءٍ قدير )

و لو شآءَ اللهُ عِقابَهُم عاجِلاً لَذَهبَ بِسَمعِهم و أبصارِهِم فأعماهُم و أصَمَّهُم و لكنّهُ شآءَ إختبارَهُم في الدُّنيا و أجَّلَ عِقابَهُم لِلآخِرَةِ إنّ اللهَ عليٰ كلِّ شييءٍ قَديرٌ إذا أرادَهُ ،

( يا أيّها الّناسُ اعبُدوا رَبّكُمُ الَّذي خَلَقَكم وَ الّذينَ مِن قَبلِكم لَعلّكم تَتّقون )

يا أيّها النّاسُ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً مَولَوِيّاً اعبُدوا ربّكم كما أمَرَكُم و فَرَضَ عليكم فهو الذي خلَقَكم مِن عَدَمٍ فيَجِبُ أن تعبُدوهُ و خَلَقَ الّذين مِن قَبلِكُم أسلافَكُم لَعلّكم بِفَضلِ عِبادَتِهِ تَتّقونَ عَذابَ الله ،

( ألّذي جَعَلَ لكُمُ الأرضَ فِراشاً والسّماءَ بِناءً و أنزَلَ من السماءِ ماءً فأخرَجَ بهِ منَ الثَّمرات رِزقاً لكم )

فاعبُدوا اللهَ الّذي جَعَل بقُدرَتِهِ لكُم الأرض بِساطاً تَفتَرِشونَهُ والسَّماءَ كالبِناءِ الثّابِتِ و أنزَلَ مِنَ السماءِ مَطَراً ماءً فأخرَجَ بهِ من النّباتات ثَمَراتٍ‌ رزقاً لكُم تَأكلونها ،

( فلا تَجعلوا لِلّهِ أَنداداً و أنتُم تَعلَمون )

و نَنهاكُم نَهياً مولويّاً حَتماً فلا تَجعَلوا لِلّهِ شُرَكاءَ في الطَّاعَةِ و العِبادَةِ مِنَ البَشَرِ الطُّغاةِ المُعانِدينَ لِلّهِ مِن وُلاةِ الجَوْرِ و أنتُم تَعلَمونَ أنَّهُم طُغاة ،

( وَ إن كنتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عليٰ عَبدِنا فَآتوُا بِسوُرَةٍ من مِثلِهِ وادعوا شُهَداءَكُم مِن دونِ اللهِ إن كنتُم صادِقين )

و إن كنتُم أيّها المُنافِقونَ في شَكٍّ مِمّا نَزَّلنا عليٰ مُحمّدٍ (ص) عَبدَنا من وِلايَةِ عليٍّ (ع) فأتوُا بِسورَةٍ مِن مِثلِ القُرآن لَفْظاً وَ مَعنيًٰ وادعُوا لِذلكَ خُلَفاءَكُم و رؤساءَكم من دون الله إن كنتُم صادِقين و هَيْهات ،

( فإن لَم تَفعَلوا و لَن تَفعَلوا فاتَّقوا النَّارَ‌ الّتي وَقوُدها النّاسُ و الحِجارَةُ اُعِدَّت لِلكافِرين )

فإن لَم تَفعَلوا ذلِكَ و أبَداً لَن تَتَمَكّنوا مِنَ الإتيانِ بِمِثلِهِ فاتّقوا النّارَ الجَحيمَ الّتي سيكون وَقودُها النّاسُ الكُفّارُ والظّالِمين مَعَ الحِجارَةِ والفَحمِ الحَجَريِّ اُعِدَّت لِلكافِرينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) ،

( و بَشِّرِ الّذينَ آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ أنّ لهُم جنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأَنهار )

و بَشِّرِ الّذين آمَنوا و عملوا الصالحاتِ يا رسولَ اللهِ بأنّ لهُم أجراً و ثَواباً و جَزاءً جنّاتٍ تجري من خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَةُ ،

( كُلَّما رُزِقوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ رِزقاً قالوا هذا الّذي رُزِقنا مِن قَبلُ )

فَهُم في الجَنّاتِ كُلّما رُزِقوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ من أثمارِها رِزقاً لِيَأكُلوهُ قالوا هذا الثَّمَرَ الّذي رُزِقناهُ بِعَمَلِنا مِن قَبلُ في الدُّنيا ،

( و اُتوُا بِهِ مُتشابِهاً و لهُم فيها أزواجٌ مُطَهَّرَةٌ و هُم فيها خالِدون )

و اُتوُا بالثَّمَرِ عليٰ يَدِ الحُورِ و الوِلدانِ مُتَشابِهاً في الشَّكلِ و الطَّعمِ و العِطرِ و لهُم في الجَنّاتِ أزواجٌ مِنَ الحُورِ مُطَهَّرَةٌ مِنَ الحَيْضِ و الخَبَثِ و الحَدَثِ و هُم فيها خالِدونَ لِلأبَد ،

( إنَّ اللهَ لا يَستَحي أن يَضرِبَ مَثلاً ما بَعوضَةً فَما فَوقَها )

إنَّ اللهَ لا يَستحي مِن أحَدٍ حينما يَضرِبُ مَثلاً ما بَعوضَةً فما فَوقَها ليُعلِنَ أنَّ الجِبتَ والطّاغُوتَ إن يَسلُبهُمُ الذُّبابُ شَيئاً لا يَستَنقِذوا مِنهُ ،

(‌ فَأمّا الّذين آمَنوا فيَعلَمونَ أنّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهم )

فَأمّا الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فيَعلَمونَ يَقيناً أنَّ هذا المَثَل هُوَ الحَقُّ الصَّحيحُ مِنَ اللهِ و أنَّ الجِبتَ و الطّاغُوتَ و سائِرِ الخُلَفاءِ هُمْ أضعَفُ مِن بَعوضَةٍ و ذُبابٍ ،

(‌ و أمّا الّذين كفَروا فيَقولونَ ماذا أرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً ؟؟)

و أمّا الّذين كفَروا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فيَقولونَ مُستَهزِئينَ ماذا أرادَ اللهُ بالذُّبابِ مَثَلاً و ما فائِدَةُ هذا المِثال و ما أثَرُهُ ؟؟

(‌ يُضِلُّ بهِ كَثيراً و يَهدي بهِ كثيراً و ما يُضِلُّ بهِ إلاّ الفاسِقين )

فاللهُ سُبحانَهُ يُضِلُّ بهذا المِثال كثيراً‌ مِن أهل الضَّلالَةِ و يَهدي بهِ كثيراً مِمَّن يُريد هِدايَتَهُ و ما يُضِلُّ بهِ إلاّ الفاسِقينَ المُصِرّينَ عليٰ الضَّلالَة ،

(‌ ألّذين يُنقِضونَ عَهدَ اللهِ مِن بَعدِ ميثاقِهِ و يَقطَعونَ ما أمَر اللهُ بهِ أن يُوصَل )

أولئِكَ الفاسِقونَ الّذين يُنقِضونَ عَهدَ اللهِ بوِلايَةِ عليٍّ (ع) مِن بَعدِ ميثاقِهِ يَومَ غَديرِ خُمٍّ و بَيْعَتِهم لَهُ و يَقطَعونَ صِلَة أهلَ بَيْتِ النّبيّ (ص) الّذين أمَرَ اللهُ بِهِ أن يُوصَلَ بَعدَ وَفاةِ النّبيِّ (ص) ،

( ‌و يُفسِدونَ في الأرضِ اُولئِكَ هُمُ الخاسِرون )

و يُفسِدونَ في الأرضِ بِغَصبِ الخِلافَةِ مِن عليٍّ (ع) وَ ظُلمِ آل مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهم والحُكومَةِ بالقُوَّةِ و الجَوْرِ اُولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ لِسَعادَةِ الدُّنيا و الآخِرَةِ و فَلاحِها ،

( كيفَ تكفُرونَ باللهِ و كنتُم أمواتاً فَأحياكُم ثُمّ يُميتُكم ثُمَّ  يُحييكُم ثُمّ إليهِ تُرجَعون )

كيفَ تَكفرونَ باللهِ يا أعداءَ آلِ مُحمّدٍ (ص) وَ كُنتُم أمواتاً في الجاهِليَّةِ بِمَوتِ الشِّركِ فَأحياكُم اللهُ بالإسلامِ و بِمُحمدٍ و آلِهِ (ص) ثُمَّ هو يُميتُكُم بِآجالِكُم و يُحييكُم يومَ المَعادِ ثُمّ إليٰ مَحكَمتِهِ تُرجَعون ،

(‌ هُوَ الَّذي خَلَقَ لَكُم ما في الأرضِ جميعاً ثُمَّ استويٰ إليٰ السَّماءِ فَسوّاهُنّ سَبعَ سَماواتٍ و هو بِكُلِّ شيءٍ عليم )

واللهُ جَلّ جَلالَهُ هو الّذي خَلَق لكُم ما في الأرضِ جَميعاً مِن حَيوانٍ و نَباةٍ و مَعادِنَ و مِياه ثُمّ استَويٰ عليٰ عَرشِ القُدرَةِ فَقَصَد إليٰ السَّماءِ فَصيَّرهُنَّ سَبعَ سماواتٍ و هو بكلِّ شييءٍ خَلَقَهُ عليمٌ ،

( و إذ قالَ ربُّك لِلمَلائِكَةِ إنّي جاعِلٌ في الأرضِ خَليفَةً )

و تَذَكَّر يا حبيبي إذ قالَ اللهُ ربّكَ لِلمَلائِكَة عند ما أرادَ خَلقَ آدَمَ (ع) إنّي جاعِلٌ في الأرضِ خَليفَةً مِن قِبَلي إذِ الخِلافَةُ جَعلِيَّةٌ مِنَ اللهِ و لَيْسَت بالشّوريٰ ،

( قالوا : أتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها و يَسفِكُ الدِّماء ؟)

والمَلائِكَةُ قالوا إلـٰهنا و رَبّنا أتجَعَلُ في الأرضِ بَشَراً فيهِ الغَرائِز الحيوانيَّة فَيُفسِدُ بِغَضَبِهِ و شَهوَتِهِ فيها و يَسفِكُ الدِّماءَ و يُريقَها ؟

( وَ نحنُ نُسبِّحُ بِحَمدِكَ و نُقَدِّسُ لك )

فَإن كُنتَ تُريدُ مِنَ الإنسان أن يعبُدَكَ وَ يُسبِّحُ بِحَمدِكَ و يُقَدِّسكَ فنَحنُ نُسبِّحُ بِحَمدِكَ و نُقَدِّسُ لَكَ و لا نَسفِكُ الدِّماء ،

(‌ قالَ إنّي أعلَمُ ما لا تعلمون )

قال اللهُ عزّوجلّ لِلمَلائِكَةِ إنّي أعلَمُ ما لا تَعلَمونَ مِن سِرٍّ في خِلقَتي لِآدَم إذ سَيُولَدُ مِن صُلبِهِ مُحمّدٌ و آلَ مُحمّدٍ (ص) أشرَفَ الخَلائِقِ طُرّاً ،

( وَ عَلَّمَ آدَمَ الأسماءَ كُلّها ثُمَّ عَرضَهُم عليٰ المَلائِكَةِ فَقالَ أنبِؤني بِأسماءِ هؤلاءِ إن كنتُم صادِقين )

و بعدَ‌ أن خَلَقَ آدَمَ أراهُ أنوارَ مُحمّداً و آل مُحمّدٍ (ص) الأربَعَةَ عَشَر مُحدِقينَ بِعَرشِهِ فَعَلَّمَهُ أسماءَهُم ثُمَّ عَرَضَ أنوارَهُم عليٰ المَلائِكَةِ‌ فقال لهُم بَيِّنو الي أسماءَ هؤلاءِ الأربَعَة عَشَرْ إن كنتُم صادِقينَ بِأنّكُم أفضَل مِنَ البَشَر ؟؟؟

( قالوا سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إلاّ ما عَلَّمتَنا إنَّكَ‌ أنتَ العليمُ الحكيمُ )

فَأجابُوهُ المَلائِكَةُ قالوا سُبحانَكَ رَبّنا لا عِلمَ لَنا بأسماءِ هؤلاءِ و لا نَعلَمُ إلاّ ما عَلّمتَنا فَعَلِّمنا أسماءَهُم إنّك أنتَ العليمُ بهِم ألحكيمُ بِصُنعِهم ،

( قالَ يا آدَمُ أنبِئهُم بِأسماءِهِم )

قالَ اللهُ لِآدَم يا آدَم أخبِر مَلائِكَتي بِأسماءِ أشرَفِ خَلقي مُحمّدٍ (ص) و عليٍّ و فاطِمَةَ و الحَسَن و الحُسَيْن وَ عليٍّ و مُحمّدٍ و جَعفَرٍ وَ موسيٰ وَ عليٍّ وَمُحمّد وَ‌ عليٍّ وَ الحَسَن وَ‌ مُحَمّد (ص) .

( فَلمّا أنبَأَهُم بأسماءِهِم قالَ ألَم أقُل لَكُم إنّي أعلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ و الأرضِ و أعلَمُ ما تُبدونَ و ما كنتُم تَكتُمون )

فلَمّا أخبَرَ آدَمُ الملائِكَةَ بأسماءِ مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ قالَ‌ اللهُ‌ لِلمَلائِكَةِ ألَم أقُل لكُم إنّي أعلَمُ غَيْبَ السّماواتِ و الأرضِ وَ ما هَدَفي مِن خَلقِ آدَم وَ أعلَمُ ما تُبدونَ مِن قَوْلٍ و ما تَكتُمونَ مِن نِيَّةٍ ،

( و إذ قُلنا للملائِكَةِ اسجُدوا لِآدم فسجَدوا إلاّ إبليس أبيٰ واستَكبَرَ و كانَ مِنَ الكافرين )

و تذَكَّروا إذ قُلنا لِلمَلائكةِ بعدَ نَفخِ الرّوح في جِسمِ آدَم اسجُدوا لِآدم لِما يَحمِلُ في صُلبِهِ مِن أنوارِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فَسَجدوا جَميعاً إلاّ أنَّ إبليسِ الجِنّي كانَ مَعَهُم فَأبيٰ واستَكبَرَ عنِ السُّجودِ لَهُ و كانَ مِنَ الكافِرينَ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ و قُلنا يا آدَمُ اسكُن أنتَ و زَوجُكَ الجَنَّةَ و كُلا مِنها رَغَداً حيثُ شِئتُما )

و أوْحَيْنا لِآدَم و قُلنا يا آدمُ اسكُن أنتَ و زَوجَتكَ حوّاء في الجَنّةِ و كُلا و اشرَبا مِن طعامِها و ش‍َرابِها هَنيئاً مَريئاً حيثُ شِئتُما أكلَهُ حَلالاً بِلا إستِثناءٍ ،

( و لا تَقربا هذهِ الشَّجرَةَ فَتكونا مِنَ الظّالِمين )

و نَهيناهُما إرشاداً لا تَحريماً ‌و قُلنا لا تَقرَبا هذهِ الشَّجَرَةِ الحامِلَةِ لِلحنطَةِ بِالأكلِ فَإن فَعَلتُما تَحصَلَ الغَريزَةُ التّناسُلِيَّةُ فيكُما و لِأجلِها سَتُنقَلان مِنَ الجَنّةِ إليٰ الأرض فتكونا منَ‌ الظّالِمينَ لأنفُسِكُما ،

( فَأزَلَّهُما الشّيطانُ عنها فَأخرَجهُما مِمّا كانا فيهِ )

فَأقسَمَ لهُما إبليسُ بِأنّهما لو أكَلا مِنَ الحِنطَةِ سَوْفَ يَخلُدانِ في الجَنّةِ ، فَأزَلّهُما عن الجَنّةِ فَأخرَجَهُما بِالأكلِ مِنَ الحِنطَةِ مِمّا كانا فيهِ مِن رَغَدِ العَيْش ،

( و قُلنا اهبِطوا بَعضكم لِبَعضٍ عَدوٌ و لكم في الأرض مُستَقَرٌّ و متاعٌ إليٰ حين )

و قُلنا لِآدم و حوّاءَ و إبليسَ إهبِطوا إليٰ الأرضِ لِلتَّناسُلِ فيها و لِيَكُن بعضُكم لِبَعضٍ عَدُوٌّ و لكُم مَحَلُّ إستِقرارٍ و إستِمتاعٍ بِنِعَمِها إليٰ وَقتِ المَعاد ،

( فَتَلَقّيٰ آدَمُ‌ مِن رَبّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَليهِ إنّهُ هو التّوابُ الرَّحيم )

فَتَلَقّيٰ آدَمُ مِن اللهِ وَحياً كَلِماتٍ يَدعوُهُ بِها و يَستَغفِرَ وَ هيَ قوله : إلـٰهي بِمُحمّدٍ و عليٍّ و فاطِمَةَ و الحَسَن و الحُسَيْن إلاّ تُبتَ عَلَيَّ فتابَ علَيهِ إنّهُ هُوَ التَوّابُ عليٰ العاصينَ ألرَّحيمُ بالتّائِبين ،

(‌ قُلنا اهبِطوا مِنها جميعاً فَإمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُديًٰ فَمَن تَبِعَ هُدايَ فلا خَوفٌ عليهِم و لا هُم يَحزَنون )

قُلنا اهبِطوا مِنَ‌ الجَنّةِ إليٰ الأرضِ مَعاً يا آدمُ و حوّاءُ فإذا ما يَأتِيَنّكُم مِنّي وَحياً و شَرعاً تُكَلَّفونَ بهِ فَمَن تَبِعَ شَرعي و ديني و وَحيي منكُم أنتُم و أولادِكم فلا خَوفٌ عليهِ فَسَيرجِعُ إليٰ الجَنَّةِ و لا هُوَ يَحزَن ،

(‌ والّذينَ كفَروا و كذَّبوا بآياتِنا أولئِكَ أصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدون )

و أمّا الّذين كفَروا بِديني وَ هُدايَ و شَريعَتي و كَذَّبوا بآياتِ وَحيي أولئِكَ هُم أصحابُ النّارِ و لا يَرجِعونَ إليٰ الجَنَّةِ بَل هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد ،

( يا بَني إسرائيلَ اذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم و أوْفوا بِعَهدي اُوفِ بِعَهدِكُم و إيّايَ فارهَبون )

أيّها اليَهودُ يا بَني إسرائيلَ النَّبيّ يَعقوب اُذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم فَنَجَّيتُكُم مِن فِرعَوْن و أوْفوا بِعَهدي بِطاعَةِ موسيٰ و هارونَ ، اُوفِ بِعَهدِكُم فاُدخِلُكُم الجَنّةَ واتَّقونِ و خافوا عَذابي ،

( و آمِنوا بِما أنزَلتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُم و لا تكونوا أوَّلَ كافِرٍ بهِ و لا تَشتَروا بِآياتي ثَمَناً قليلاً و إيّايَ فاتَّقونِ )

و آمِنوا بِما أنزَلتُ عليٰ محمدٍ (ص) مِنَ الوَحيِ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُم مِنَ التَّوراةِ غيرِ المُحرَّفَةِ و لا تكونوا أوّل كافِرٍ بهِ من أهل الكتابِ و لا تَبيعوا آياتِيَ المُبَشِّرَة بِمُحمّدٍ (ص) فتَأخُذوا عليٰ كِتمانِها ثَمَناً قليلاً بالنِّسبَةِ لِلثَّمَنِ الاُخرَوي و خافوا عَذابي عليٰ ذلِك

( و لا تلبِسوا الحَقَّ بالباطِلِ و تَكتُموا الحَقّ و أنتُم تَعلَمون )

و لا تَخلُطوا الحَقَّ بالباطِل فَتُحَرِّفوا التَّوراةَ و تكتُموا الحَقَّ المُنزَل فيهِ مِنَ البِشارَةِ بِمُحمّدٍ (ص) وَ وُجوبِ التَّمسُّكِ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل محمدٍ (ص) و أنتُم تعلَمونَ أنّهُ مَنصوصٌ في التَّوراة ،

( و أقيموا الصَّلوةَ و آتوُا الزَّكاة واركَعوا مَعَ الرّاكِعين )

و نُكَلِّفكم تكليفاً شَرعِيّاً أقيموا الصَّلاة كما يُصَلّيها مُحمّدٌ (ص) و آتُوا الزَّكاةَ كما شَرَّعها الإسلام واركَعوا مَعَ الرّاكِعين مِن اُمّة مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ أتَأمُرونَ النّاسَ بالبِرّ و تَنسَوْنَ أنفُسَكُم و أنتُم تَتلونَ الكِتابَ أفَلا تعقِلون )

أتأمُرونَ النّاسَ بِفِعلِ الخَيْرِ يا بَني إسرائيلَ و تَنسَوْنَ أنفُسَكُم و لا تَأمُرونَها بالإيمان بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و أنتُم تَتلونَ التَّوراة تأمُرُكُم بِذلكَ أفَلا تعقِلونَ قُبحَ ذلِك ؟؟

(‌ واستَعينوا بالصَّبرِ والصَّلاةِ و إنّها لَكَبيرَةٌ إلاّ عليٰ الخاشِعين )

واستَعينوا عليٰ مُحارِبَةِ الشّيطانِ والنَّفسِ الأمّارَةِ بالسّوء بالصَّبر و الصَّوْم لِلّهِ و بالصَّلاةِ الفرائِض و النَّوافِل و إنَّ هذهِ الإستِعانَةِ لَكَبيرَةٌ التّكليف إلا عليٰ الخاشِعينَ لِلّه ،

( الّذين يَظُنّون أنّهُم مُلاقوا رَبِّهم و أنّهُم إليهِ راجِعون )

أهلُ الخُشوعِ هُمُ الّذينَ يَعلَمونَ يَقيناً أنّهُم مُلاقونَ حَتماً رَبَّهُم يومَ القِيامَةِ و إنّهم إليهِ راجِعونَ فيُحاسِبُهُم و يُجازيهِم ،

( ‌يا بَني إسرائيلَ اذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم و أنّي فَضَّلتُكُم عليٰ العالَمين )

يا بَني إسرائيلِ اللهِ اذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُها عليكُم زَمانَ موسيٰ و إنّي فَضّلتُكُم عليٰ أهل العالَم في عَصرِ فِرعَوْن و الأقباط ،

( واتَّقوُا يَوماً لا تَجزي نَفسٌ عَن نَفسٍ شيئاً و لا يُقبَلُ منها شَفاعَةٌ و لا يُؤخَذُ مِنها عَدلٌ و لا هُم يُنصَرون )

واتّقوا يومَ الحِسابِ حيثُ لا تَجزيْ نَفسٌ عن نَفسٍ شيئاً مِنَ العذابِ و لا يُقبَلُ منها لَها شَفاعَةٌ و لا يُؤخَذُ مِنها فِداءٌ و لا المُعاقَبونَ يُنصَرونَ مِن عذابِ الله ،

( و إذ نَجَّيْناكُم مِن آلِ فِرعَوْنَ يَسومونَكُم سَوءَ العَذابِ يُذَبِّحونَ‌ أبناءَكُم و يَستَحيُونَ نِساءَكُم و في ذلِكُم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظيمٌ )

و تَذَكَّروا إذ نَجَّيْناكُم مِن فِرعَوْنَ و حِزبِهِ يُذيقوكم أشَدَّ العَذابِ حيثُ يُذَبِِّحونَ أبناءَكُم و يَهتِكونَ حَياءَ نِساءِكُم و في ذلِكُم العَذاب بَلاءٌ مِن رَبِّكُم عظيمٌ إبتِلائِكُم بهِ ،

( ‌و إذ فَرَقنا بِكُمُ البَحرَ فَأنجَيْناكُم و أغرَقنا آل فِرعونَ و أنتُم تَنظُرون )

واذكُروا إذ فَلَقنا لكُمُ النّيلَ فَلقَتَيْن لِتَعبُروهُ فأنجينا آباءَكُم و أغرَقنا رَبعَ فِرعَون مَعَهُ و هُم ينظُرونَ غَرَقَهُم و هَلاكَهُم ،

( و إذ واعَدنا موسيٰ أربَعينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذتُمُ العِجلَ مِن بَعدِهِ و أنتُم ظالِمون )

و تَذكّروا إذ واعَدنا موسيٰ بن عمرانَ لِلميقاتِ أربَعينَ لَيْلةً فَأضفنا الثَّلاثينَ عَشراً فَصَنَعَ السّامِريُّ العِجلَ مِن ذَهَبٍ و أمَرَكُم بعبادَتِهِ و تَركِ هارون فَفَعلْتُم و أنتُم ظالِمونَ لِهارونَ خَليفَتِه ،

( ثُمَّ عَفَونا عنكُم مِن بَعدِ ذلِكَ لَعلّهُم تَشكُرون )

و بَعدَ رُجوعِ موسيٰ مِن المِيقاتِ و تَحطيمِهِ لِلعِجلِ عَفا عنكُم و لَم يَقتَلكُم بَعدَ الإرتدادِ و عِبادَةِ العِجلِ و الشِّركِ أمَلاً منهُ بأنّكم تَشكرونَ لهُ أيادِيَهُ عليكم و تشكرون اللهَ و لا تَكفُرون ،

( و إذ آتينا موسيٰ الكتابَ و الفرقانَ لعلّكم تهتَدون )

و تذكّروا إذ آتينا مِن لَدُنّا موسيٰ بن عِمرانَ كِتاب التوراةِ و آتيناهُ الوِلايَةَ و خِلافَة هارون لعلَّكُم تهتَدونَ بِذلكَ إليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) بَعدَ محمّدٍ (ص)

( و إذ قال موسيٰ لقومِه يا قوم إنّكم ظلمتُم أنفسكم باتِّخاذِكُم العِجلَ فَتُوبوا إليٰ بارِئِكُم )

واذكُروا إذ قال موسيٰ لِبَني إسرائيل يا قوم إنّكُم ظَلمتُم أنفسكم بعبادَةِ العِجل و مُخالفةِ هارون فتوبوا إليٰ الله خالقكم مِن هذا الشِّركِ و الظُّلمِ

( فاقتُلوا أنفُسَكُم ذلِكُم خيرٌ لكم عِندَ‌ بارِئِكم فتابَ عليكُم إنّهُ هُوَ التَّوّابُ الرّحيم )

و تَوْبَتِكُم هي أنّكُم تُجرونَ حَدَّ الإرتِدادِ و هُوَ القَتلُ عليٰ أنفُسِكُم ذلِكُم الحَدُّ هو أنفَعُ لكُم مِنَ الحياةِ إذ يتوبُ اللهُ عليكم فتابَ اللهُ عليكُم بِذلكَ إنّه هو التّوابُ الرّحيم ،

( و إذ قُلتُم يا موسيٰ لَن نُؤمِنَ لَكَ حَتّيٰ نَريٰ اللهَ جَهرَةً فأخذَتكُمُ الصّاعِقَةُ و أنتُم تَنظُرون )

واذكُروا إذ قلتُم لِموسيٰ يا موسيٰ نحن أبَداً لن نُؤمِن لكَ و لِرِسالَتِك حتّيٰ نَريٰ اللهَ بأعيُنِنا فَنُؤَيِّدُكْ واللهُ ليسَ بِجِسمٍ و لايُريٰ فَأخذَتكُمْ صيْحَة الصّاعِقَةُ السَّماوِيَّةُ و أنتُم تنظرونَ إليٰ الجَبَل ،

(‌ ثُمَّ بَعثناكُم مِن بَعدِ مَوْتِكُم لَعلَّكم تَشكُرون )

ثُمَّ بعثناكُم إليٰ بَيتِ المَقدِسِ مِن بَعدِ مَوْتِ أولئِكَ الَّذين طلبوا رُؤيَةَ اللهِ جَهرَةً لعلّكُم تَشكُرونَ نِعمَةَ اللهِ عليكُم و لا تَكفُرون ،

(‌ و ظَلَّلنا عليكُمُ الغَمامَ و أنزَلنا عليكُمُ المَنَّ و السَّلويٰ كُلوا مِن طَيِّباتِ ما رَزقناكُم )

و ظَلّلنا عليكُمُ الغَيْمَ في وادي التّيهِ فَأنقَذناكُم مِن حَرِّ الشَّمسِ و أنزَلنا عليكُم مِنَ السّماءِ شَراباً‌ حُلواً مَنّاً مِنّاً عليكُم و رَزقناكُم الكمأَةَ سلويٰ لكُم كُلوا مِن طَيِّباتِ ما رَزقناكُم حَلالاً ،

(‌ وَ ما ظَلَمونا و لكِن كانوُا أنفُسَهُم يَظلِمون )

و ما ظَلَمونا حينَما طَلِبوا مِنّا غَيرَ المَنِّ و السَّلويٰ طَعاماً و لكِن كانوا لِأنفُسِهِم يَظلِمونَ إذ حُرِموا مِنَ المَنِّ و السَّلويٰ الَّلذيذَيْنِ المُقَوِّيَيْن ،

(‌ و إذ قُلنا ادخُلوا هذهِ القَريَة فكُلوا مِنها حيثُ شِئتُم رَغداً وَادخُلوا البابَ سُجَّداً )

واذكُروا إذ قُلنا لكم بِواسِطَةِ موسيٰ اُدخُلوا هذهِ القَريَة بَيْت المَقدِس فَكُلوا مِنها حيثُ شِئتُم أكلَهُ عيشاً رَغداً وادخُلوا بابَ الأقصيٰ سُجَّداً ،

(‌ و قُولوا حِطّةً نَغفِر لكُم خطاياكُم و سَنَزيدُ المُحسِنين )

و قولوا إلـٰهَنا حُطَّ عنّا ذُنوبَنا واغفِرلنا و تُبْ علَينا نَغفِر لكُم خطاياكُم و نَعفو عنكُم و سَنزيدُ المُحسِنينَ مِنكُم أجراً و ثَواباً ،

( فَبَدَّلَ الّذين ظَلموا قولاً غيرَ الّذي قِيلَ لهُم فَأنزَلنا عليٰ الّذين ظَلَموا رِجزاً مِنَ السّماءِ بما كانوا يَفسُقون )

فَبَدّلَ الّذين ظَلموا منهُم بَدَلَ الإستِغفارِ و التَّوبَةِ قَولاً غيرَ الّذي قالَهُ لهُم موسيٰ فقالوا إن لَم تَغفِر جَزماً تَغفِر فَأنزَلنا عليٰ الّذينَ قالوهُ طاعوناً مِنَ السَّماءِ بما كانُوا يَفسُقونَ و لا يَتوبُون ،

( و إذِ استَسقيٰ مُوسيٰ لِقَومِهِ فقُلنا اضرِب بِعَصاكَ الحَجَر فانفَجَرت مِنهُ اثنَتا عَشرَةَ عيْناً )

واذكُروا إذ قالَ بَني إسرائيل لِموسيٰ يا موسيٰ إسقِنا مآءً بِبَرَكَةِ عَصاك فاستَسقيٰ لِقَومِهِ مِنّا ماءً فقُلنا اضرِب بِعَصاكَ الحَجَرَ فَفَعَل فانفَجَرت منهُ اثنَتا عَشرَةَ عينَ مآءٍ بِعَدَدِ الأسباط ،

( قَد عَلِمَ كُلُّ اُناسٍ مَشرَبهُم كُلوا واشرَبوا مِن رزقِ اللهِ و لا تَعثَوْا في الأرضِ مُفسِدين )

قَد عَلِمَ كُلّ سِبطٍ مِن أسباطِ بَني إسرائيلَ مَشرَبهُم مِنَ العَيْنِ الخاصّ بهِم فقال لهُم موسيٰ كُلوا واشرَبوا مِن رزقِ اللهِ و لا تَطغَوْا في أرضِ فِلسطين مُفسِدينَ بالظُّلمِ ،

( وَ إذ قُلتُم يا موسيٰ لَن نَصبِرَ عليٰ طعامٍ واحدٍ فادعُ لَنا ربَّكَ يُخرِج لَنا مِمّا تُنبِتُ الأرض )

واذكُروا إذ قُلتُم لِموسيٰ يا موسيٰ نَحنُ لَن نَصبِرَ أبَداً عليٰ طَعامٍ واحِدٍ كالسَّلويٰ فادعُ لنا اللهَ ربّكَ يُخرِج لَنا أطعِمَةً مُتَنوِّعَةَ مِمّا تُنبِتُ الأرض مِنَ الزَّرع ،

( مِن بَقلِها وَ قِثّاءِها وَ فومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها )

مِنَ البَقولاتِ كالحُمّصِ واللّوبياء و الخِيار و الفُول الباقِلاّءِ و العَدَس و البَصَل المَزروعَةِ مِنَ الأرضِ كما كانَت في مِصر ،

( ‌قال أتَستَبدِلونَ الّذي هو أدنيٰ بالّذي هو خَيرٌ‌؟‌ )

قال لهُم موسيٰ وَيْحَكُم أتَستَبدِلونَ الزَّرعَ الّذي هُوَ أخَسُّ شأناً و طَعماً و فائِدَةً مِنَ المَنِّ و السَّلويٰ بالّذي هو خَيرٌ لكُم و تُرزَقوهُ من دونِ زِراعَةٍ و تَعَبٍ ؟؟؟

(‌ إهبِطوا مِصراً فَإنَّ لَكُم ما سَأَلتُم )

فاخرُجوا مِن فِلسطينَ واهبِطوا واسكُنوا مِصراً فإنَّ لكُم هُناكَ ما سألتُم مِنَ الزَّرعِ أذِلاّءَ حُقَرآء ،

( و ضُرِبَت عليهِم الذِلَّةُ والمَسكَنَةُ و بآؤا بِغَضَبٍ من الله )

و ضُرِبَت عليهِمُ الذِّلّةُ بَعدَ موسيٰ مَعَ الفَقرِ و المَسكَنَةِ و رَجَعوا إليٰ سابِقِ حالِهِم فَشَملَهُم غَضَبٌ مِنَ اللهِ إليٰ يَومِ القِيامَة ،

( ذلكَ‌ بِأنَّهُم كانوا يكفُرونَ بآياتِ اللهِ وَ يقتُلونَ النَّبيّينَ بِغَيرِ الحَقّ ذلِكَ بما عَصَوا و كانوُا يَعتَدون )

و ذلكَ بِسَبَبٍ أنّهم كانوا يكفُرونَ بآِياتِ اللهِ في التَّوراةِ و الإنجيلِ و القُرآنِ و يَقتُلونَ الأنبياءَ كيَحييٰ و عيسيٰ بِغَيرِ الحَقِّ ظُلماً و عُدواناً فذلكَ الغَضَبُ مِنَ‌ اللهِ لهُم هُوَ بما عَصَوُا اللهَ و كانوا يعتَدونَ عليهِ ،

(‌ إنَّ الّذين آمَنوا والّذينَ هادُوا والنَّصاريٰ و الصّابئينَ مَن آمَنَ باللهِ و اليَومِ الآخَر و عَمِلَ صالِحاً )

بالتأكيدِ إنَّ الّذينَ آمَنوا بِمُحمّدٍ (ص) و اليَهود الّذين هادُوا والنّصاريٰ و الصّابِئَةِ المَجوس كُلّ مَن آمَنَ باللهِ و اليَومِ الآخَر و عَمِلَ صالِحاً واتَّقيٰ و لَم يَعصِ الله ،

( فَلَهُم أجرُهُم عِندَ رَبِّهم و لا خَوفٌ عليهِم و لا هُم يَحزَنون )

فأولئِكَ الصُّلَحاءُ لهُم أجرُهُم و ثَوابُهُم عندَ اللهِ و لا خَوفٌ عليهِم مِن عَذابِهِ و لا هُم يَحزَنونَ يَومَ القِيامَةِ بَل يَشفَعُ لهُم أنبياءِهُم ،

(‌ و إذ أخَذنا مِيثاقَكُم و رَفَعنا فوقَكُم الطّور خذوا ما آتَيناكُم بِقُوَّةٍ واذكُروا ما فيهِ لَعلَّكُم تَتَّقون )

و تَذَكَّروا أيّها اليَهودُ إذ أخَذنا عليكُمُ العَهدَ و المِيثاقَ في التَّوراةِ لِتُؤمِنوا بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) عِندَ بِعثَتِهِ و رَفعنا فوقَكُم شَرَفَ طورِ النَّجَفِ و فَضلِهِ فَكانَ مَحَلّ مُناجاةِ موسيٰ فَخُذوا ما آتَيناكُم في التَّوراةِ و تَمسَّكوا بهِ بِقُوَّةٍ واذكُروا ما فيهِ‌ مِنَ الأمرِ لَعلَّكُم تَتَّقونَ عَذابَ الله ،

(‌ ثُمَّ تَوّلَيْتُم مِن بَعدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضلُ اللهِ علَيكُم و رَحمَتُهُ لَكُنتُم مِنَ الخاسِرين )

ثُمَّ إنَّكُم أيّها اليَهودُ تَولَّيْتُم مُعرِضينَ عَن حُكمِ التَّوراةِ بِلُزومِ الإيمانِ بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) بَعدَ ذلِكَ المِيثاق فَلَوْ لا فَضلُ اللهِ عليكُم و رَحمَتُهُ بِكُم لَنَزَلَ عليكُم عَذابُهُ و لَكُنتُم مِنَ الخاسِرينَ في الدَّارَيْن ،

( و لَقَد عَلِمتُمُ الّذين اعتَدَوْا مِنكُم في السَّبتِ فَقُلنا لَهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئين )

وَ بالتأكيدِ لَقَد عَلِمتُم عاقِبَةَ حالِ الّذين اعتَدَوا منكُم عليٰ حُكمِ اللهِ في السَّبتِ الّذي حَرَّمَ صَيْدَ السَّمَكِ فيهِ فَقُلنا لهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئينَ فكانوُا و مُسِخوا جَميعاً ،

(‌ فَجَعلناهُم نَكالاً لِما بَيْنَ يَديْها و ما خلفَها و مَوعِظَةً لِلمُتَّقين )

فَجَعلناها عُقوبَةً وانتِقاماً تَكونُ عِبرَةً لِما بَيْنَ يَدَيْها مِنَ النّاسِ الشُّعوبِ و ما خَلفَها مِنَ الأجيالِ و مَوعِظَةً لِلمُتَّقينَ يَتَّعِظونَ بِها ،

( و إذ قالَ موسيٰ لِقَومِهِ إنّ اللهَ يأمُرُكُم أن تَذبَحوا بَقَرَةً )

و تَذَكَّروا إذ قالَ موسيٰ لِقَومِهِ بَني إسرائيلَ إنَّ اللهَ يأمُرُكُم لِكَي يُعرَفَ قاتِلُ عاميل المَقتولِ أن تَذبَحوا بَقَرَةً صَفرآء ،

(‌ قالوا : أتَتَّخِذُنا هُزُواً ؟ قالَ أعوذُ باللهِ أن أكونَ مِنَ الجاهِلين )

فَأجابُوهُ قالوا هَل تُريد أن تَهزَاَء بِنا و تَضحَكَ ؟ قالَ‌ لهُم أعوذُ باللهِ أن أكونَ مِنَ الجاهِلينَ المُستَهزِئينَ بَل هُوَ‌ وحيٌ ،

(‌قالوا : ادعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّن لَنا ما هِيَ )

فقالوا لِموسيٰ إذاً إسألِ اللهَ ربَّكَ عَن لِسانِنا وَ اطلُب مِنهُ أن يُبَيِِّن لَنا ما هِيَ أوصافُ‌ البَقَرَةِ‌ الّتي أمَرَنا بِذِبحِها ؟

(‌ قالَ إنّهُ يقولُ انّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ و لا بِكرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فافعَلوا ما تُؤمَرون )

قالَ موسيٰ إنَّ اللهَ أوحيٰ إليَّ‌ يقول إنَّها بَقَرَةٌ لا هَرِمَةٌ و لا صَغيرَةٌ بَل وَسَطٌ بَيْنَ ذلِكَ عُمرُها فافعَلوا ما تُؤمَرونَ مِن ذِبحِها ،

( قالوا ادعُ لَنا ربَّكَ يُبَيِّن لَنا ما لَوْنُها )

فَأجابوهُ قالوا يا موسيٰ اُطلُب لَنا مِنَ اللهِ أن يُبَيِّن و يُوضِح لَنا ما صِفَةُ لَونُها إذ ما أكثَرَ البَقَر بذلكَ العُمر ،

( قالَ إنَّهُ يَقولُ إنّها بَقَرَةٌ صفرآءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ الناظِرين )

قال لهُم موسيٰ إنَّ اللهَ يقول : إنّها بَقَرَةٌ صفراءٌ غامِقٌ لَونُها شَديدَة الصُّفرَةِ تَسُرُّ النّاظِرينَ و تُعجِبُهُم مَنظرَها و لَونَها ،

( قالوا ادعُ لنا ربَّكَ يُبَيِّن لَنا ما هِيَ إنَّ البَقَرَ تَشابَهَ علينا و إنّا إن شاءَ اللهُ لَمُهتَدون )

فَأجابوهُ قالوا اُطلُب مِنَ الله أن يُبَيِّن لَنا ما هِيَ أوصافها الاُخريٰ إنَّ البَقَر باللَّوْنِ الأصفَر كثيرٌ تَشابَهَ علينا فلا نَدري أيَّة بَقَرَةٍ نَذبَحُها فإنّا بَعدَ ذلكَ إن شآءَ‌ اللهُ لَمُهتَدونَ إليها ،

(‌ قالَ إنّهُ يقولُ إنّها بَقَرَةٌ لا ذَلولٌ تُثيرُ الأرضَ و لاتَسقي الحَرثَ مُسلَّمَةُ لاشِيَةَ فيها )

قالَ لهُم موسيٰ إنَّ اللهَ يقولُ إنّها بَقَرَةٌ ليسَت مُذلَّلَة بالعَمَل كَي تَحرِثَ الأرضَ كما لا تَسقي الأرضَ المَحروثَةَ سالِمَةٌ مِنَ العُيوبِ لا شَيْيءَ مِنَ النَّقصِ فيها ،

( قالوا الآنَ جِئتَ بالحَقِّ فَذَبحوها وَ ما كادُوا يَفعَلون )

فَأجابوهُ قالوا الآنَ جِئتَ بالوَصفِ الحَقِّ الكامِلِ فَشَروُها مِنَ الغُلامِ البارِّ بوالِدَيهِ بِملءِ جِلدِها ذَهَباً فَذَبحوها و ما كادوا يفعَلون لِغِلاءِها ،

( و إذ قَتَلتُم نَفساً فادّارَأتُم فيها واللهُ مُخرِجٌ ما كنتُم تَكتُمون )

فَتَذَكّروا إذ قَتَل آباؤكم نَفساً بَريئاً فَتَدارَئتُم و تَخاصَمتُم فيها واللهُ مُخرِجٌ سِرَّ ما كنتُم تكتُمونَ مِن إسمِ القاتِل بِذبحِ البَقَرَةِ ،

( فَقُلنا اضرِبوهُ بِبَعضِها كذلِكَ يُحيي اللهُ المَوتيٰ و يُريكُم آياتِهِ لعلّكُم تَعقِلون )

فَقُلنا لهُم بِواسِطَةِ كليمِنا موسيٰ اضرِبوا القَتيلَ بِبَعضِ أعضاءِ البَقَرَةِ كَلِسانِها فَعِندَئِذٍ يُحيي اللهُ القَتيلَ فيُخبِرُكُم بِقاتِلِهِ و كذلكَ يُحيي اللهُ المَوتيٰ حينَما يُريدُ إحيائَهُم و يُريكُم آياتِ قُدرَتهِ لعلّكم تَعقِلونَها ،

( ثُمَّ قَسَت قلوبُكُم مِن بَعدِ ذلكَ فَهِيَ كالحِجارَةِ أو أشَدُّ قَسوَةً )

ثُمّ صَلُبَت و غَلُظَت قُلوبُكم مِن بَعدِ ذلِكَ الإعجاز بالبَقَرَةِ فإذا هِيَ كالحِجارَةِ الصَّمّاءِ الصَّلبَةِ أو أشَدّ مِنها صَلابَةً فلا تَلينُ لِلحَقّ ،

( و إنَّ مِنَ الحِجارَةِ لَما يَتَفجَّرُ مِنهُ الأنهار و إنَّ مِنها لا يَشَقَّقُ فَيَخرُجُ مِنهُ المآء )

والدَّليلُ عليٰ أنَّ قلوبَكُم أشَدُّ هُوَ أنَّ مِنَ الحِجارَةِ‌ ما يَتَفجَّرُ مِنها الأنهارُ و العُيونُ الجارِيَةُ و إنَّ بعضاً مِنها ما يَتَشَقَّقُ و يَنفَجِرُ فيَخرُجُ منهُ المآء ،

( و إنَّ مِنها لَما يَهبِطُ مِن خَشيَةِ اللهِ و ما اللهُ بغافِلٍ عَمّا تَعمَلون )

و إنَّ مِنَ الحِجارَةِ ما يَهبِطُ مِنَ الجِبالِ و يَتَكَسَّر و يَسقُطُ مِن خَشيَةِ اللهِ و إمتِثالاً لِأمرِهِ التكوينيّ و لكنّكم لَستُم كذلِكَ و ليسَ‌ اللهُ بِغَافِلٍ عَمّا تُجرِمونَ و تَعمَلونَ مِن ظُلمٍ أيُّها الإسرائيليّون ،

( أفتَطمَعونَ أن يُؤمِنوا لَكُم و قَد كانَ فَريقٌ مِنهُم يَسمَعونَ كلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفونَهُ مِن بَعدِ ما عَقَلوهُ و هُم يعلَمون )

فيا آلُ محمّدٍ (ص) هَل تَطمَعونَ و تأملونَ أنَّ اليَهودَ يُؤمِنوا لَكُم و بِوِلايَتِكُم و قَد كانَ‌ ضِعفٌ منهُم يَسمَعُونَ كلامَ اللهِ مِن مُوسيٰ ثُمَّ يُحَرِّفونَهُ و يُغيِّرونَهُ مِن بَعدِ ما فَهِموا مَعناهُ و هُم مُتَعَمِّدونَ عالِمونَ بِهِ ،

( و إذا لَقوُا الّذين آمَنوا قالوا آمَنّا و إذا خَلا بَعضهم إليٰ بعضٍ قالوا : )

واليَهودُ حينَما يُلاقُونَ الّذين آمَنوا بِمُحمدٍ و آل محمدٍ (ص) قالوا ، لهُم : نَحنُ آمَنّا مَعَكُم و حينَما إلتَقيٰ بالخِلوَةِ بعضُهم معَ بعضٍ يقولُ بعضُهُم لِبَعضٍ

(: أتُحدِّثونَهُم بِما فَتَحَ اللهُ عليكُم لِيُحاجّوكُم بهِ عِندَ رَبِّكم أفَلا تَعقِلون ؟)

أتُحَدِّثونَ المُسلِمينَ بِما فَتَحَ اللهُ عليكُم بِيَدِ عليِّ بن أبيطالِبٍ (ع) كَفَتحِ الخَندَقِ و خَيْبَر لِكَي يَحتَجّوا عليكُم بِعليٍّ (ع) عِندَ اللهِ لِإثباتِ حَقّهِ أفَلا تَعقِلونَ فَلا تَفعَلوا ،

(‌ أوَلا يعلَمونَ أنّ اللهَ يعلَمُ ما يُسِرّون و ما يُعلِنون )

تَستَفهِمُ مُوَبِّخينَ أوَ لا يعلَمونَ اليَهودُ أنّ اللهَ يعلَمُ ما يُسِرّونَ مِن الكُفرِ و العِنادِ لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و اُمَّتِهِم و ما يُعلِنونَ مِن نِفاقٍ ،

(‌ و مِنهُم اُمّيُونَ لا يعلَمونَ الكِتابَ إلاّ أمانِيَّ و إن هُم إلاّ يَظُنّون )

و مِنَ اليَهودِ طوائِف جُهّالٍ اُمّيوُنَ عامِيّونَ لا يَعلَمونَ‌ عِلمَ التَّوراةِ إلاّ ان لهُم أمانِيَّ كاذِبَةٍ بادّعاءِهِم عِلمِ التَّوراةِ و إن هُم إلاّ يَظُنّونَ‌ و الظَنُّ لا يُغني مِنَ العِلمِ شَيئاً ،

( فَوَيْلٌ لِلَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأيْديهِم ثُمَّ يقولونَ هذا مِن عِندِ اللهِ لِيَشتَروا بِهِ ثَمَناً قَليلاً‌ )

فالعَذابُ والثُّبورُ والهَلاكُ والدِّمارُ لِلّذينَ يَكتُبونَ التَّوْراة بِأيديهِم كما يَشتَهونَ ثُمَّ يقولونَ هذا نازِلٌ مِنْ عندِ اللهِ عليٰ موسيٰ لِيَكسِبوا الأموالَ مِنَ النّاسِ و يَشتَروا بهِ ثَمَناً قليلاً مِن حُطامِ الدُّنيا ،

( ‌فَوَيْلٌ لهُم مِمّا كتَبَت أيديهِم و وَيْلٌ لهُم مِمّا يَكسِبون )

فالعَذابُ الشّديدُ الإلـٰهيُّ سيكونُ لهُم نَتيجَةً مِمّا كتَبَت أيديهِم مِن تَحريفٍ في التَّوراة و العذاب سيكونُ لهُم نتيجةً لِما يَكسِبونَ مِن حُطامِ الدُّنيا ،

(‌ وَ قالوا لَن تَمَسَّنا النّارُ إلاّ أيّاماً مَعدودَةً )

والإسرائِيليّونَ قالوا أبَداً لَن تَمَسَّنا النّارُ في جَهنَّم يوم القيامَةِ إلاّ أيّاماً مَعدودَةً قَلائِلَ فَنَخرُجُ مِنها إليٰ الجَنَّه ،

( قُل أتَّخذتُم عِندَ اللهِ عَهداً فَلَن يُخلِفَ اللهُ عَهدَهُ أم تقولونَ عليٰ اللهِ ما لا تَعلَمون )

قُل لهُم يا حبيبي هَل إنّكُم إتَّخَذتُم مِنَ اللهِ عَهداً عليٰ أن لا يُخَلِّدكُم في النّار ؟ كَلاّ بَل عَهِدَ إليكُم بِخُلودِكُم فيها و أبَداً لا يُخلِفُ اللهُ عَهدَهُ بخُلودِكُم فيها بَل تَقولونَ عليٰ اللهِ ما لا تَعلَمونَ كِذبَهُ ،

( بَليٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً و أحاطَت بهِ خَطيئَتُهُ فاُولئِكَ أصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدون )

بَليٰ إتَّخَذتُم عِندَ اللهِ عَهداً مَن كَسَبَ مَعصِيَةً وَ لَم يَتُب مِنها وَ أحاطَت بِهِ مَعصِيَتُهُ حتّيٰ ماتَ عليها فأولئِكَ العاصونَ أصحاب النّارِ هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد ،

(‌ والّذينَ آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ اُولئِكَ أصحابُ الجَنّةِ هُم فيها خالِدون )

واتَّخذتُم عَهداً مِنَ اللهِ في التَّوراةِ بأنَّ الّذين آمَنوا بِمُحمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ منكُم فأولئِكَ هُمْ أصحابُ الجَنّةِ يَخلُدونَ فيها مَعَ الأبَد ،

( و إذ أخَذنا ميثاقَ بَني إسرائيلَ لا تَعبُدونَ إلاّ الله و بِالوالِدَيْنِ إحساناً )

و تذَكّروا إذ أخَذنا الميثاقَ والعَهدَ مِن بَني إسرائيلَ بِواسِطَةِ موسيٰ و هارونَ و قُلنا لَهُم لا تَعبُدوا أحَداً إلاّ اللهَ وَحدَهُ و أمَرناهُم بالوالِدَيْنِ إحساناً ،

(‌ وَ ذي القُربيٰ و اليَتاميٰ وَ المَساكينِ و قُولوا لِلنّاس حُسناً )

و أخَذنا مِيثاقَهُم و أمَرناهُم بالإحسانِ إليٰ ذي القُربيٰ و اليَتاميٰ و المَساكينِ مِن آلِ محمّدٍ (ص) و ذُرَّيتِهِ بِدَفعِ الخُمسِ إليهِم و قُلنا لَهُم قُولوا لِلنّاسِ حُسناً مِنَ الأمرِ بالمَعروفِ و النَّهيِ عَنِ المُنكَر ،

( وَ أقيموا الصَّلاة و آتو الزَّكاةَ ثُمَّ تَولَّيتُم إلاّ قَليلاً مِنكُم و أنتُم مُعرِضون )

وَ أمَرناهُم أن أقيموا الصَّلاةَ المَفروضَةَ في الإسلامِ و آتُوا الزَّكاةَ الواجِبَةَ في القُرآنِ ثُمَّ تَولَّيْتُم مُعرِضينَ عَنِ الميثاقِ إلاّ عَدَداً قَليلاً مِنكُم آمَنوا و تَمسَّكوا بالمِيثاقِ وَ أنتُم مُعرِضونَ عَنهُم ،

( و إذا أخَذنا ميثاقَكُم لا تَسفِكونَ دِماءَكُم و لا تخرجون أنفُسكُم مِن دِيارِكم ثُمَّ أقرَرتُم و أنتُم تَشهَدون )

و تَذكّروا أيّها الإسرائيليّون إذ أخَذنا ميثاقَكُم بِواسِطَةِ موسيٰ أن لا تَسفِكونَ دماءَ النّاسِ و لا تُهَجِّرونَ النّاسَ مِن فِلسطينَ ثُمَّ أقرَرتُم بالمِِيثاقِ لَديٰ النَّبيِّ موسيٰ (ع) و أنتُم تَشهَدونَ عِندَهُ عليٰ إلتزامِكُم بِذلك ،

( ثُمَّ أنتُم هؤلاءِ تَقتُلونَ أنفُسَكُم )

ثُمَّ إنَّكُم مَعَ ذلكَ الميثاقِ الّذي أعطَيتُموهُ لِموسيٰ عليٰ أنفُسِكُم فأنتُم يا هؤلاءِ نَراكُم تَقتُلونَ النّاسَ الأبرياءَ بِفلِسطين مِن أنفُسِكُم ،

(‌ و تُخرِجونَ فَريقاً مِنكُم مِن ديارِهِم تَظاهَرونَ عليهِم بالإثمِ و العُدوان )

ثُمَّ أنتُم يا هؤلاءِ تُخرِجونَ طائِفةً مِنَ الفِلسطنييّن مِن أوْطانِهِم و دُورهِم و مَساكِنِهم تَتَظاهَرونَ و تَتَغالَبونَ عليهِم بالجَوْرِ و الظُّلمِ و الفِسقِ و الفُجور ،

(‌ و إن يَأتوكُم اُساريٰ تُفادوهُم و هُوَ مُحَرَّمٌ عليكُم إخراجهم )

و إن يَأتوكُم الفِلسطينيّونَ مُستَسلِمينَ فَتَأسرونَهُم ، فَتَطلُبون مِنهُم الفِداءَ و المالَ تُفدوهُم بهِ و هُوَ مُحرَّمٌ عليكُم في التَّوراةِ إخراجهُم من وَطَنِهِم ،

( أفَتؤمِنونَ بِبَعضِ الكِتابِ و تَكفُرونَ بِبَعضٍ فما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذلِكَ منكم ؟)

نَسألُ مُستَنكِرينَ هَل تُؤمِنونَ بِبَعضِ التَّوراةِ و تكفُرونَ بِبَعضِ الآخَر ؟؟ فَحَكِّموا عُقُولَكُم فما جَزاءُ مَن يَفعَل ذلِكَ مِنكُم و يَكفُر بالتَّوراة ؟؟،

(‌ إلاّ خِزيٌ في الحياةِ الدُّنيا و يوم القيامة يُرَدّون إليٰ أشَدِّ العذاب و ما اللهُ بغافِلٍ عمّا تعملون )

فهل جزآؤهُ إلاّ خِزيٌ في الحياةِ الدنيا بَيْنَ الاُمَم و خِزيُ يوم القيامةِ عليٰ رؤسِ الأشهاد و يُرَدّون إليٰ أشَدِّ العذابِ في جَهنَّم و ما اللهُ بغافلٍ عمّا تعمَلون يا يَهود ،

( أولئِكَ الذين اشتَرَوا الحياةَ الدّنيا بالآخِرَةِ فلا يُخَفَّفُ عنهُمُ العَذابُ و لا هُم يُنصَرون )

اُولئِكَ خالَفوا حُكمَ التَّوراةِ بِتَحريمِهِ قَتلَ الفلسطينِيّين و تَهجيرِهِم ، فاشتَرَوُا الحياةَ الدُّنيا عِوَضاً عن الآخِرةِ فلا يُخَفَّفُ عنهُمُ العذابُ في الآخِرَة و لا هُم يُنصَرونَ يومَ القيامَه ،

( و لقد آتينا موسيٰ الكتابَ و قَفَّينا من بَعدِهِ بالرُّسُل و آتينا عيسيٰ بن مريمَ البَيِّنات و أيَّدناهُ بِروحِ القُدُس )

و بالتأكيدِ نحنُ آتينا موسيٰ بن عمرانَ التَّوراة و أرسَلنا في قَفاهُ مِن بَعدِهِ أنبياءَ بَني إسرائيلَ و آتينا بَعدَهُ عيسيٰ بن مَريَمَ المُعجِزات الواضِحاتِ و سانَدناهُ بِجبرئيلَ الرّوحُ الأمين الطّاهِر ،

( أفَكُلّما جاءَكُم رسولٌ بما لا تَهويٰ أنفُسكُم إستَكبَرتُم فَفريقاً كَذّبتُم و فَريقاً تقتُلون )

فَنَسألكُم مُوَبِّخينَ أيّها اليَهودُ هَل كُلّما جاءَكُم رسولٌ مِنَ اللهِ بما يُخالِفُ هَويٰ أنفُسكم الأمّارَة بالسّوءِ مِن الأحكامِ استَكبَرتُم عنِ الإيمانِ بِهِ فَفريقاً مِنَ الرُّسُل كَذّبتُموهُم و فَريقاً آخَرَ مِنهُم تَقتُلونَهم ؟

(‌ وَ قالوا قلوبُنا غُلفٌ بَل لَعَنَهُم اللهُ بِكُفرهِم فَقَليلاً ما يُؤمِنون )

و اليَهودُ قالوا لِرَسولِ اللهِ‌ (ص) نحنُ قلوبُنا مُغَلَّفَةٌ بِغِلافٍ فلا تَعي ما تَقولُ ، كلاّ ليسَ‌ كذلكَ بَل لَعَنَهُمُ اللهُ و طَرَدَهُم عَن رَحمَتِه و هِدايَتِه بِكُفرهِم و عِنادِهِم و لَيسَت قُلوبُهم مُغَلَّفة فقليلاً‌ ما يُؤمِنون بالحَقِّ ،

( و لَمّا جاءَهُم كتابٌ مِن عندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُم وَ‌كانوا مِن قبلُ يَستَفتِحونَ عليٰ الّذين كفَروا )

وَ حينَما جاءَهُمُ القُرآنُ‌كتابٌ مِنْ عندِ‌ اللهِ بِواسِطَةِ مُحمّدٍ (ص) مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُم مِن نُبُوَّةِ موسيٰ والتّوحيد و كانوا مِن قَبلِ مَجيئِهِ يَستَبصِرونَ عليٰ المُشرِكينَ الّذين كفَروا بموسيٰ ،

( فَلَمّا جاءَهُم ما عَرِفوا كفَروا بهِ‌ فَلَعنَةُ اللهِ عليٰ الكافِرين )

فلمّا جاءَهُم ما عَرِفوا بِمَجيئِهِ ببِشارَةِ التَّوراةِ مِن قَبلُ بِبِعثَةِ‌ نَبِيِّ آخِرِ الزَّمانِ كفَروا بمُحمّدٍ (ص) فَلَعنَةُ اللهِ و غَضَبهُ عليٰ الكافِرينَ بِمُحمّدٍ‌ (ص)‌

( بِئسَما اشتَرَوا بهِ أنفُسَهُم أن يكفُروا بِما أنزَلَ اللهُ‌ بَغياً أن يُنزّل اللهُ مِن فَضلِهِ عليٰ مَن يشآءُ مِن عبادِه )

فيا بِئسَ حالَهُم و سآءَ بما باعُوا بهِ أنفُسَهُم فَخَسِروا الصَّفقَةَ حينما كفَروا بِما أنزَلَ اللهُ عليٰ مُحمّدٍ (ص) بَغياً و عُدواناً و حِقداً لِأن يُنزّل اللهُ‌ من فَضلِهِ الوحيَ عليٰ مَن يشآءُ بِحِكمَتِهِ من عبادِهِ و رُسُلِه ،

( ‌فَبآؤُا بِغَضَبٍ عليٰ غَضَبٍ و لِلكافِرينَ عذابٌ مُهين )

فبذلكَ أمسَوْا مُرتَدّينَ شَمَلَهُم غَضَبٌ عليٰ غَضَبٍ من اللهِ لِكُفرهِم بِبِشارَةِ التَّوراةِ و كُفرِهِم بِرِسالَةِ مُحمّدٍ (ص) وَ لِلكافرينَ بِرسالَتِهِ عذابٌ مُوهِنٌ يوم القيامَه ،

( وَ‌ إذا قيلَ لهُم آمِنوا بما أنزَلَ اللهُ قالوا نُؤمِنُ بما اُنزِلَ علينا )

و إذا قالَ لهُم رسولُ اللهِ أو غيرهِ آمِنوا أيّها اليَهودُ بما أنزَلَ اللهُ عليٰ محمدٍ (ص) قالوا نَحنُ نُؤمِنُ بما اُنزِلَ‌ علينا مِنَ التّوراة لا بِمُحمّدٍ (ص)

( و يكفرونَ بِها وَراءَهُ و هو الحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُم قُل فِلِمَ تَقتُلونَ أنبياءَ اللهِ مِن قَبلُ إن كنتُم مُؤمنين )

و يكفرونَ بِها وَراءِ التّوراةِ و المُنزَلِ عليٰ مُحمّدٍ (ص) هُوَ الحَقُّ مِنَ‌ اللهِ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُم مِنَ التّوراة الصَّحيحَةِ فَقُل لهُم يا حبيبي : فَلِماذا قَتلتُم أنبياءَ اللهِ مِن بَني إسرائيلَ مِن قبلِ مُحمّدٍ (ص) إن كنتُم مُؤمِنين بالتَّوراة ؟

( وَ لَقَد جاءَكُم موسيٰ بالبَيِّناتِ ثُمّ اتَّخذتُمُ العِجلَ مِن بَعدِهِ وَ‌ أنتُم ظالِمون )

وَ لَقَد جاءَكُم موسيٰ بن عِمرانَ بالمُعجِزاتِ الواضِحاتِ يا بَني إسرائيلَ وَ معذلكَ اتَّخذتُم عِجلَ السّامِريّ مَعبوداً مِن بَعدِ ذِهابِ موسيٰ و أنتُم ظالِمونَ لِهارونَ خَليفَتِهِ ،

( وَ‌ إذ أخَذنا ميثاقَكُم و رَفعنا فَوقَكُمُ الطّورَ خُذوا ما آتيناكُم بِقُوَّةٍ‌ واسمَعوا )

و تَذكّروا إذ أخَذنا مِنكُم بِواسِطَةِ موسيٰ ميثاقَكُم عليٰ الثَّباتِ بالإيمان و رَفَعنا فوقَكُم الطّورَ و كادَ أن يَسقُطَ عليكُم فَأعطَيتُمُ المِيثاقَ فَقُلنا خُذُوا ما آتيناكُم مِن شَريعَةِ موسيٰ بِقُوَّةٍ و اسمَعوا و أطيعوا ،

(‌ قالوا سَمِعنا وَ عَصَينا وَ اُشرِبوُا في قُلوبِهِمُ العِجلَ بِكُفرهِم )

فَأجابوا قالوا سَمِعنا ميثاقَ رَبّنا و لكنّنا عَصَيناهُ و أشرَبَ الشَّيطانُ في قلوبِهِم حُبّ العِجلِ بِكُفرِهِم بِخِلافَةِ هارون ،

(‌ قُل بِئسَما يأمُرُكم بهِ إيمانُكُم إن كنتُم مُؤمِنين )

قل لهُم يا رسولَ اللهِ بِئسَما يدعوكُم بهِ إيمانُكُم بموسيٰ و التَّوراةِ من عِبادَةِ العِجل و مُخالِفَةِ هارونَ إن كنتُم مُؤمِنينَ بالتَّوراة ،

(‌ قُل إن كانَت لكُمُ الدّارُ الآخِرَةُ عندَ اللهِ خالِصَةً مِن دونِ النّاسِ فَتَمنَّوُا المَوْتَ إن كنتُم صادِقين )

قُل لهُم يا حبيبي : إن كانَت لَكُمُ الجَنَّة عندَ اللهِ في الآخِرَةِ خالِصَةً لِليَهودِ دونَ سائِرِ النّاسِ كما تَدَّعونَ‌ فاطلُبوُا المَوْتَ كَي تَصيرونَ إليها إن كُنتُم صادِقينَ في دَعواكُم ،

(‌ وَ‌ لَن يَتمَنَّوهُ أبَداً‌ بِما قَدَّمَت أيديهِم وَ‌اللهُ عليمٌ بالظّالِمين )

و أبَداً لا يَطلُبونَ المَوْتَ و لا يُريدونَهُ بَل يَفِرّونَ مِنهُ خَوْفاً مِمّا قَدَّمَت أيديهِم مِنَ الكُفرِ و الإثمِ المُوجِبِ لِلعَذابِ و العِقابِ و اللهُ عليمٌ بِحالِ الظّالِمين ،

( وَ‌لَتَجِدَنَّهُم أحرَصَ النّاسِ عليٰ حياةٍ و من الّذين أشرَكوا )

و يا رسولَ اللهِ إنّكَ لَتَجِدَنَّ اليَهودَ الآثِمينَ أطمَعُ النّاسِ و أحرَصُ‌ النّاسِ جَميعاً عليٰ البَقاءِ و الإستِمرارِ في الحياةِ و هُم أحرَصُ من المشركين ،

(‌ يَوَدُّ أحدهُم لو يُعَمَّرُ ألفَ سَنَةٍ و ما هُوَ‌ بِمُزَحزِحِهِ منَ العذاب أن يُعَمَّرو اللهُ بَصيرٌ بما يعمَلون )

يُحِبُّ كُلّ واحدٍ مِنَ اليَهودِ لَو يَطولُ عُمرُهُ سَنَةٍ وَ ليسَ طولُ العُمرِ بِمُبعِدِهِ مِن عذابِ اللهِ ‌لو يُعَمَّرو اللهَُ بَصيرٌ بما يعمَلونَ هؤلاءِ اليَهودُ فيُجازيهِم ،

(‌ قُل مَن كانَ عَدُوّاً لِجِبريلَ فإنّهُ نَزَّلَهُ عليٰ قَبلِكَ بإذنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ و هُديًٰ و بُشريٰ لِلمُومِنين )

قُل لِليَهودِ أعداءِ جَبرَئيلَ‌ الأمين : مَن كانَ عَدُوّاً‌ لِجبرئيلَ فليَعلَم أنّ اللهَ نَزَّلَهُ عليٰ قَبلِكَ‌ يا مُحمّدٍ (ص) بإذنِهِ و أمرِهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْكَ مِن التَّوراةِ و الإنجيلِ و مُبَشِّراً لِلمُؤمِنينَ بالجَنّه فيَهتَدون ،

(‌ مَن كانَ عَدُوّاً لِلّهِ و مَلائِكَتِهِ و رُسُلِهِ و جَبريلَ و مِيكالَ فَإنَّ‌ اللهِ عَدوٌ لِلكافرين )

مَن كانَ مِنَ اليَهودِ عَدُوّاً لِلّهِ و مَلائِكَتِهِ و رُسُلِهِ و خاتَمِهِم و جَبرئيل الأمين وَ مِيكائيلَ لِأنَّهُما مَسَخا طائِفَةً مِنهُم قِرَدَةً و خَنازيرَ فَليَعلَموا أنّ اللهَ هُوَ عدوٌ لِلكافرينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) الطّاهرين ،

( وَ لَقَد أنزَلنا إليكَ آياتٍ بَيِّناتٍ و ما يكفُرُ بِها إلاّ‌ الفاسِقون )

و بالتأكيدِ يا حبيبي لَقَد أنزَلنا إليكَ آياتٍ واضِحاتٍ في القُرآنِ بِشَأنِ ولايَتِكُم أهل البَيْت (ع) و ما يكفُرُ بِها إلاّ الفاسِقونَ مِن اُمَّتِكَ و قَومِكَ ،

( أوَ كُلّما عاهَدوا عَهداً نَبَذَهُ فريقٌ منهُم بَل أكثَرُهُم لا يُؤمِنون )

نَسألُ مُوَبِّخينَ أفهَل كُلّما عاهَدوا موسيٰ عَهداً بِأن يُؤمِنوا بِنَبيِّ آخِرِ الزَّمانِ العَرَبيّ فَطَرَحَهُ و خالَفَهُ فريقٌ منهُم بَل أكثَرُهُم لا يُؤمِنونَ بِه ،

( وَ لمّا جاءَهُم رَسولٌ مِن عِندِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُم )

و حينَما جاءَهُم مُحمّدٌ (ص) الصّادِقِ الأمينُ رَسولٌ مِن عندِ اللهِ مُرسَلٌ مُصَدَّقٌ لِما مَعَهُم مِن شَريعَةِ موسيٰ والتّوراةِ الصَّحيحَةِ ،

(‌ نَبَذَ فريقٌ مِنَ الّذين اُوتُوا الكتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهورهِم كأنّهُم لا يعلَمون )

فَلَمّا جاءَهُم نَبَذَ و طَرَحَ و تَرَكَ جَماعَةٌ مِنَ‌ الّذينَ اُوتُوا التّوراة كتابَ اللهِ المُبَشِّرِ بِمَجيئِهِ وَراءَ ظُهورهِم و خالَفوهُ كأنّهم لا يعلَمونَ أنّهُ المُبَشِّرِ بِهِ ،‌

( واتَّبَعوا ما تَتلوا الشّياطينُ عليٰ مُلكِ سُلَيمان و ما كَفَر سُلَيْمان و لكِنَّ الشّياطينَ كفَروا )

وَ اتَّبَعوا بَعدَ نَبذِ الكِتابِ ما تَتلوْ شياطينُ الجِنِّ و شياطينُ الإنسِ السَّحَرةِ عليٰ مَملِكَةِ سُلَيمان و سَلطَنَتِهِ في بَيْتِ المَقدِس كَي يُسَخِّروها و ما ارتَكَبُ سُليمانُ السِّحرَ بَل كانَ مُلكُهُ مِنَ اللهِ و لكنَّ السَّحَرةَ كفَروا ،

(‌ يُعَلِّمونَ النّاسُ السِّحرَ و ما اُنزِلَ عليٰ المَلِكَيْنِ بِبابِلَ هاروتَ و مارُوت )

فالسَّحَرةُ هُم عَلّموا النّاسَ السِّحَر لا سُليمان و ما اُنزِلَ السِّحرُ مِن السَّماءَ عليٰ مُلوكِ بابِل سِيّما المَلِيكَيْنِ هارُوتَ و مارُوت ،

(‌ وَ ما يُعَلِّمانِ مِن أحَدٍ حتّيٰ يَقولا إنّما نَحنُ فِتنَةٌ فلا تكفُر )

و مَلِكَي بابِل ما كانا يُعَلِّمانِ لِأحَدٍ السِّحرَ حتّيٰ كانا يَقولا لهُ إنّما نُعَلِّمُكَ لِتُبطِل بهِ و تَحُلَّ و لا تَعقِد إمتحاناً لَكَ و إختِباراً فلا تُفَكِّر بأن تَعقِدَ بهِ سِحراً فتكفُر ،

( فَيَتعلّمونَ مِنهُما ما يُفَرِّقونَ بهِ بَيْنَ المَرءِ و زَوْجِه )

فَهؤلاءِ الكَهَنَةُ اليَهودُ و الأحبارُ يَتَعلّمونَ مِن سِحرِ مَلِكَي بابِل سِحراً يُفَرِّقون بهِ بَيْنَ الرَّجُل و زَوجَتِهِ و حَبيبَتِهِ وَ ‌ذلكَ حَرامٌٍ ،

(‌ وَ ما هُم بِضارّينَ بِهِ مِن أحَدٍ إلاّ بِإذنِ الله )

و ما هُم بِضارّينَ بِسِحرِهِمُ الّذي يُفَرِّقُ بَيْنَ المَرءِ و زَوجَتِهِ مِن أحَدٍ من محمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) المَعصومينَ إلاّ إذا أذِنَ اللهُ بِنُفوذِ سِحرِهِم فيهِم و هَيْهات ،

(‌ و يَتَعلّمونَ ما يضرّهُم و لا يَنفَعُهُم و لَقَد عَلِموا لَمَن اشتَراهُ مالَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ‌ )

و يَتَعلّمون هؤلاءِ سِحراً هو يَضُرُّهُم و لا يَنفَعُهُم فَلَن يَغلِبوا بِسِحرِهم مُحمّداً و آلَ محمّدٍ و بالتأكيدِ لَقَد عَرِفوا بِنَصِّ التّوراةِ أنَّ مَنِ استَعمَلَهُ لَيسَ لهُ في الآخِرَة مِن حُرمَةٍ و احتِرامٍ ،

( و لَبِئسَ ما شَرَوا بِهِ أنفُسَهُم لو كانوا يعلَمون )

فيا سآءَ ما باعُوا بهِ أنفُسَهُم و بِئسَ حالُهُم باستِعمالِ السِّحرِ إذا اشتَرَوا بِهِ الخُلودَ في العَذابِ لو كانوا يعلَمون جَزاءَ سِحرِهِم ،

(‌ وَ لَو أنّهم آمَنوا واتَّقَوا لَمَثوبَةٌ مِن عندِ اللهِ خَيرٌ لو كانوا يعلَمون )

‌و لو أنَّ الكَهَنَةَ‌ والسَّحَرَةَ اليَهود آمَنوا بِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) واتَّقَوُا اللهَ و نَبَذوا السِّحرَ لَكانَت لهُم مَثوبَةٌ و أجرٌ عظيمٌ مِن عندِ اللهِ جَنّاتٍ فَهِيَ خَيرٌ مِنّ السِّحر لو كانوا يَعلَمونَ ذلِكَ ،

يا أيّها المُسلِمون لا تَقولوا لِرَسولِ اللهِ (ص) راعِ حالِنا و أبِح لَنا السِّحرَ كما قالَ‌ اليَهودُ بل قُولوا لَهُ اُنظُرنا كيفَ نُطيعُكَ‌ ونُوالِيكَ كما تُحِبُّ وَ تَأمُرُ وَ اسمَعوا لِأوامِرِهِ وَ لِلكافرينَ بِوِلايَةِ‌ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) عَذابٌ مُؤلِمٌ في جهنَّم ،

‌( ما يَوَدُّ الّذين كفَروا مِن أهلِ الكِتابِ و لا المُشرِكينَ أن يُنَزَّلَ عليكُم مِن خَيرٍ من رَبِّكم )

يا رسولَ‌ اللهِ لا يُحِبُّ الذين كفروا مِن اليَهودِ و لا المُشركينَ‌ و الحِزبَ الاُمَويّ أن يُنَزَّلَ عليكُم مِن اللهِ يا أهل البَيْتِ (ع) مِن خَيرٍ و فَضيلَةٍ مِن رَبِّكم فيكُم ،

(‌ واللهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يشآءُ و اللهُ ذوالفَضلِ العَظيم )

و إنّ اللهَ هو الّذي يُنَزِّل فيكُم آلُ محمدٍ (ص) الوَحيَ بِشَأنِ وِلايَتِكُم و هُوَ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يشآءُ فَخَصّكُم بالوِلايَةِ واللهُ ذوالفَضلِ العظيمِ عليكُم ، أهلَ‌ البَيْت (ع) ،

(‌ ما نَنسَخْ مِن آيَةٍ أو نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِنها أو مِثلِها )

ما نَنسَخُ مِن آيَةٍ كآيَةِ النَّجويٰ أو نُنسِ حُكمَها النّاسَ بعدَ أن اختَصُّ عَليٌّ (ع) بِفَضيلَتِها فَأتِ بِآيَةٍ خيرٌ منها تَنُصُّ عليٰ وِلايَتِهِ كآيَةِ الوِلايَةِ أو مثلِها كآَيَةِ و يُؤثِرونَ عليٰ أنفُسِهم و لو كانَ بِهِم خَصاصَةٌ‌ ،

(‌ ألَم تَعلَم أنَّ اللهَ عليٰ كلِّ شييءٍ قدير )

نَسألُ تَقريراً ألَم تَعلَم يا رسولَ اللهِ و حَتماً تعلَم أنَّ اللهَ عليٰ كلِّ شييءٍ أرادَ نَسخَهُ و إتيانِ ما هُوَ خيرٌ قَديرٌ فإذا ذَهَبَ بإمامٍ جآءَ بِإمامٍ بَعدَهُ ،

( ألَم تعلَم أنَّ اللهَ لهُ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ و مالكم مِن دونِ اللهِ مِن وَليٍّ و لا نَصير )

وَ نَسألُ تَقريراً ألَم تَعلَم يا رسولَ اللهِ أنَّ اللهَ لَهُ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ و لهُ الوِلايَةُ علَيها و هو يُوَلّي عليها مَن يختارُ و ما لَكُم أيّها النّاسُ مِن دونِ اللهِ مِن وَليٍّ يَتَولاّكُم و لا نَصيرٍ يَنصُرُكُم ،

(‌ أم تُريدونَ أن تَسألوا رَسولَكُم كما سُئِلَ موسيٰ مِن قَبل )

فَلِماذا لا تُوالونَ مُحمّداً و آل محمّدٍ (ص) أيّها المُسلِمونَ فَهل تُريدونَ أن تَسألوا مِن رَسولِ اللهِ أن يُرِيَكُم اللهَ جَهرَةً كما سُئِلَ موسيٰ بنَ عِمران مِن قَبلُ ؟

( و مَن يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بالإيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوآءَ السَّبيل )

و مَن يَستَبدِلِ الكُفرَ بالإيمانِ بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فَهُوَ بالتّأكيدِ ضَلَّ‌ وانحَرَف عَن جادَّةِ الصَّوابِ والطّريقِ المُستَقيم ،

(‌ وَدَّ كثيرٌ مِن أهلِ الكتابِ لو يَرُدّونَكُم مِن بَعدِ إيمانِكُم كُفّاراً حَسَداً مِن عِندِ أنفُسِهم )

أحَبَّ‌ كثيرٌ مِنَ اليَهودِ لو يَتمَكّنون أن يَرُدّونَكُم مِن بعدِ إيمانِكُم بِوِلايَةِ آل محمدٍ (ص) كُفّاراً مُرتَدّين و ذلكَ حَسَداً‌ مِنهُم لَكُم مِن عِندِ نُفوسِهِم الأمارَّةَ بالسّوءِ ،

( مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لهُمُ الحَقُّ فاعفُوا واصفَحوا حَتّي يَأتِيَ اللهُ بِأمرِهِ إنَّ اللهَ عليٰ كلِّ شيءٍ قدير )

و ذلِكَ مِن بَعدِ ما اتَّضَحَ لهُمُ الحَقُّ الّذي بَشَّرَ بِهِ موسيٰ مِن وِلايَةِ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) فاعفُوا أيّها المُسلِمونَ واصفَحُوا عَن أهلِ‌ الكِتابِ صَفحاً‌ حتّيٰ يأتِيَ اللهُ بِأمرِهِ فيهِم عِندَ‌ قيامِ المَهديِّ المُنتَقِم إنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شييءٍ قَديرٌ .

( و أقيموا الصَّلوة و آتو الزّكاةَ وَ ما تُقَدِّموا لِأنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللهِ إنّ اللهَ بما تَعمَلونَ بَصير )

و أقيموا الصّلوة أيّها المُسلِمون كما صَلاّها رسولُ اللهِ مِن دونِ بِدعَةٍ‌ و آتُوا الزّكاة و ما تُقَدِّموا الخُمسَ لِِآلِ مُحمّدٍ (ص) و ذُريّتهم لِأنفُسِكُم خَيرُهُ و تَجِدونَ أجَرَهُ عندَ اللهِ إنّ اللهَ بما تَعمَلونَ‌ مِن طاعَةٍ بَصيرٌ ،

‌(‌ و‌ قالوا : لَن يَدخُلَ الجَنّةُ‌ إلاّ مَن كانَ هُوداً أو نصاريٰ تِلكَ أمانِيُّهم )

و أهلُ الكتابِ قالوا : أبَداً لا يَدخُلِ الجَنّةَ أحَدٌ غيرُ‌ مَن كان يَهوديّاً أو مِنَ النَّصاريٰ لا حُبّاً بالنَّصاريٰ بَل بُعضاً لِلمُسلِمين و تِلكَ أمانِيُّهُم يَتَمَنَّوْنَها و هَيهات ،

( قُل هاتُوا بُرهانَكُم إن كنتُم صادِقين )

قُل لهُم يا رسولَ الله إنَّ قَسيمَ‌ الجَنَّةِ والنّارِ هُوَ عليُّ بن أبيطالب (ع) فَهاتُوا بُرهاناً و حُجَّةً عليٰ إثباتِ قَولِكُم إن كنتُم صادِقينَ في إدّعاءِكُم و لستُم بِصادِقين ،

(‌ بَليٰ مَن أسلَمَ وجَهَهُ لِلّهِ و هو مُحسِنٌ فَلَهُ أجرُهُ عِندَ ربِّهِ و لا خوفٌ عليهِم و لا هُم يَحزَنون )

نَعَم كلُّ مَن أعلَنَ إسلامَهُ لِلّهِ لا لِغَرَضٍ‌ آخَر و واليٰ مُحمّداً و آلَ محمّدٍ (ص) و هو مُحسِنٌ في مُوالاتِهم فَلَهُ يوم القيامَةِ أجرُهُ و ثَوابُهُ عِندَ اللهِ الجَنَّه و لا خوفٌ عليهِم مِنَ العذابِ و لا هُم يَحزَنونَ عِندَ الحِساب ،

( و قالَتِ اليَهودُ لَيسَتِ‌ النَّصاريٰ عليٰ شيءٍ و قالَتِ النَّصاريٰ لَيسَتِ اليهودُ عليٰ شيءٍ )

والدَّليلُ عليٰ أنّها مُجَرّدُ أمانِيَّهم لِيَدخُلونَ الجَنّةَ إنَّ اليهودُ قالوا لَيسَتِ النّصاريٰ عليٰ شييءٍ مِنَ الحَقِّ والّدينِ و كَفّروهُم و قالَتِ النَّصاريٰ لَيسَتِ اليَهودُ عليٰ شييءٍ مِنَ الحَقِّ والدّينِ و كَفَّروهُم ،

(‌ و هُم يَتلونَ الكِتابَ كذلكَ قالَ الّذينَ لا يَعْلَمونَ مِثلَ قَولِهِم فاللهُ يَحكُمُ بينَهُم يومَ القيامَةِ فيما كانوا فيهِ‌ يَختَلِفون )

فَيُكَفِّرُ بَعضهُم بَعضاً و هُم يَتلُونَ التَّوراةَ و هيَ تُبَشِّرُ بِعيسيٰ و مُحمّد (ص) و يَتلُونَ الإنجيلَ الّذي يُصَدِّقُ بِموسيٰ و كذلكَ قال المُنافِقون مِثلَ قولِهِم لِرسولِ اللهِ فاللهُ يَحكُمُ بَيْنَ المُنافِقينَ و المُؤمِنين يومَ القيامَةِ فيما كانوا فيهِ يَختَلِفون ،

(‌ و مَن أظلَمُ مِمَّن مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أن يُذكَرَ فيها اسمُه و سعيٰ في خرابِها )

و نَسألُ تَقريراً مَن هُوَ أظلَمُ النّاسِ مِنَ الّذي مَنَعَ الّذي مَساجِدَ اللهِ كالأقصيٰ والكعبَةَ أن يُذكَرَ فيها اسمُ اللهِ بالصَّلاةِ و الدُّعاءِ مِن قِبَلِ المُؤمِنينَ و سعيٰ بِتَعطيلِها ،

( أولئِكَ ما كانَ لهُم أن يدخُلوها إلاّ خائِفينَ لهُم في الدُّنيا خِزيٌ و لَهُم في الآخِرةِ عذابٌ عظيم )

فأولئِكَ الّذينَ خَرَّبوا الأقصيٰ ما كانَ لهُم حَلالاً‌ و جائِزاً و مُباحاً أن يَدخُلوها إلاّ في حالٍ يكونونَ خائِفينَ عليٰ أنفُسِهم مِن سَطوَةِ المُسلِمين فَلِليَهودِ في هذهِ الدُّنيا خِزيٌ و عارٌ و لَهُم في الآخِرةِ الخُلود في النّار ،

(‌ و لِلّهِ المَشرِقُ والمُغرِبُ فَأيْنَما تُوَلّوا فَثَمَّ وجهُ الله إنَّ اللهَ واسِعٌ عليم )

وَ إن طَعَنَ اليَهودُ في تَبَدُّلِ قِبلَتِكُم فَليَعلَموا أنَّ لِلّهِ المَشرِقُ والمَغرِبُ وَ الأقصيٰ وَ‌الكَعبَة فأيْنَما تُوَلّوا وُجوهَكُم بِأمرِهِ فَثَمَّةَ هُناكَ تَوَجَّهتُم إليٰ اللهِ إنّ اللهَ واسِعٌ في حُكمِهِ عليمٌ بِأحكامِه ،

(‌ وَ قالوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبحانَهُ بَل لهُ ما في السَّماواتِ‌ والأرضِ كُلٌّ لهُ قانِتون )‌

و أهلُ الكتابِ قالوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً فَعُزيرٌ ابنُ اللهِ و عيسيٰ إبنُ الله سُبحانَهُ تَقَدَّسَ و تَنَزَّهَ‌ عن أن يكونَ لهُ وَلَدٌ ، بَل لهُ ما في السّماواتِ و الأرضِ مِن خَلائِق و كُلّهم لِلّهِ مُطيعون ،

(‌ بَديعُ السّماواتِ و الأرضِ و إذا قَضيٰ أمراً فَإنّما يَقولُ لهُ كُن فَيكُون )

واللهُ جَلَّت عَظَمَتُهُ بَديعٌ أبدَعَ خَلقَ السّماواتِ والأرضِ مِن عَدَمٍ و إذا قَضيٰ و أرادَ إيجادَ أمرٍا ما فَإنَّما يَكفي أن يقولَ‌ لهُ كُن فَيكونُ و هكذا خَلَقَ عيسيٰ ،

( وَ قالَ الّذين لا يَعلَمونَ لو لا يُكَلِّمُنا اللهُ أو تَأتينا آيَة ؟؟)

و قالَ‌ مُشرِكوا قُرَيْشٍ الّذين لا يعلَمونَ شيئاً مِن شَرائِطِ النُّبُوَّةِ و الرِّسالَةِ هَلاّ يُكَلِّمُنا اللهَ كما كلَّمَ موسيٰ أو تأتينا آيَة كما تَأتي لِمُحمّدٍ (ص) مَعَ أنّهُم لَيسوا مِثلَهُما مَعصومين ،

( كذلكَ قالَ الّذينَ مِن قَبلِهِم مِثلَ قَولِهِم تَشابَهَت قُلوبُهُم قَد بَيَّنا الآياتِ لِقَومٍ‌ يُوقِنون )

كذلك يا حبيبي قال الَّذين مِن قَبلِهِم لِمَن سَبَقَكَ مِنَ الرُّسُل مِثلَ قَوْلِ هؤلاءِ تَشابَهَت قُلوبُهُم في الكُفرِ والنِّفاقِ قَد بَيَّنا وَ‌ أوضَحنا الآيات لِقَومٍ يُوقِنونَ‌ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و عِصمَتِهم ،

(‌ إنّا أرسلناكَ بالحَقِّ بَشيراً و نَذيراً و لا تُسألَُ عَن أصحابِ الجحيم )

إنّا لِعِصمَتِكَ أرسلناكَ بِرِسالَةِ الإسلام الحَقّ لِتَكونَ بَشيراً لِلنّاسِ بالجَنَّةِ إن والَوْكُم و نَذيراً لهُم إن خالَفوكُم و لا تُسألُ يومَ القِيامَةِ و لا تُحاسَبُ عَمَّا فَعَلَ أصحابُ الجَحيمِ بَل هُمُ المَسؤلونَ عَن أعمالِهِم ،

(‌ و لَن تَرضيٰ عنكَ اليَهودُ و لا النَّصاريٰ حَتّيٰ تَتَّبِعَ مِلّتَهُم قُل إنَّ هُديٰ اللهِ هُوَ الهُديٰ )

و أبَداً لا تَرضيٰ عنكَ يا رسولَ اللهِ اليَهودُ و لا النَّصاريٰ لِدَعوَتِكَ إليٰ الإسلامِ إلاّ لَوْ تَتَّبِع مِلّتَهُم و طريقَتَهُم و حاشاكَ قُل لهُم إنَّ هُديٰ اللهِ و شريعَةِ الإسلامِ هُوَ الهُديٰ وَحدَهُ فَحسب ،

( و لَئِن اتَّبَعتَ أهواءَهُم بَعدَ الّذي جاءَكَ مِن العِلمِ مالَكَ مِنَ اللهِ مِن وَليٍّ و لا نَصير )

و علي فَرضِ المُحالِ لَئِن اتَّبَعتَ يا رسولَ اللهِ أهواءَ اليَهودِ والنَّصاريٰ بَعْدَ الّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ الإلـٰهيّ و القُرآن فحينَئِذٍ فلا يكونُ لَكَ مِن اللهِ مِن وَليٍّ يَتَولّيٰ نَجاتَكَ و لا نَصيرٍ يَنصُرُكَ ،

( ‌ألّذين آتيناهُمُ الكِتابَ يَتلوُنَهُ حَقّ تِلاوَتِهِ أولئِكَ يُؤمِنونَ بهِ و مَن يَكفُر بهِ فأولئِكَ هُمُ الخاسِرون )

إنّ اليَهودَ والنَّصاريٰ الّذين آتيناهُمُ التّوراةَ و الإنجيلَ الغَيْرِ المُحَرَّفَةَ‌ فَيَتلُونَ كِتابَهُم حَقّ تِلاوَتِهِ مِن دونِ إسقاطِ‌ شييءٍ مِنهُ يُبَشِّرُ بِمُحمّدٍ و آلِ محمدٍ (ص) أولئِكَ يُؤمِنونَ بهِ حَقّاً و مَن يَكفُر بهِ بِتَحريفِهِ فَأولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ لِلجَنّه ،

(‌ يا بَني إسرائيلَ اذكُروا نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم و أنّي فَضَّلتُكُم عليٰ العالَمين )

يا بَني إسرائيلَ اذكُروا تَذَكُّرُ إتِّعاظٍ نِعمَتِيَ الّتي أنعَمتُ عليكُم سابِقاً‌ و أنّي فَضَّلتُكُم عليٰ العالَمينَ في زَمانِ موسيٰ و فِرعَون ،

( واتَّقوا يَوماً‌ لا تَجزيٰ نَفسٌ عَن نَفسٍ شيئاً و لا يُقبَلُ مِنها عَدلٌ و لا تنفعها شفاعَةٌ و لا هُم يُنصَرون )

واتّقوا يا بَني إسرائيلَ يومَ‌ الحِسابِ و الجَزاءِ الّذي لا تُجزيٰ فيهِ نَفسٌ عن نَفسٍ شيئاً في الحِسابِ و لا يُقبَلُ مِنَ النَّفسِ عِدلُها فِديَةٌ‌ و لا تُقبَلُ شَفاعَةٌ لَها و لا هُم يَومَئذٍ يُنصَرونَ مِنَ الجَزاء ،

( ‌و إذِ ابتَليٰ إبراهيمَ ربُّهُ بِكَلِماتٍ فَأتَمَّهُنّ )

و تَذكّروا أيّها المُسلِمونَ إذِ امتَحَنَ‌ اللهُ واختَبَرَ إبراهيمَ بِكَلِماتِ وَحيِهِ التّكليفيَّة كَقُربانِ وَلَدِهِ إسماعيلَ فَأتَمَّ إبراهيمُ التَّكاليفَ الإلـٰهيَّةَ كامِلاً ،

( قالَ إنّي جاعِلُكَ لِلنّاس إماماً )

فَبَعْدَ الفَوْزِ الإختبارِ الإلـٰهيّ إختارَهُ اللهُ لِلإمامَةِ بَعدَ أن كانَ نَبيّاً‌ رَسولاً و قال لهُ إنّي جاعِلُكَ لِلنّاس إماماً إذِ الإمامَةُ جعَلِيَّةٌ إلـٰهيَّةٌ و لَيسَت بالشُّوريٰ ،

(‌ قالَ وَ‌ مَن ذُرّيَتي قالَ‌ لا يَنالُ عَهدي الظّالِمين )

فَبَعدَ أن اختارَهُ اللهُ إماماً لِلنّاس قالَ إلـٰهي اجعَل مِن ذُرّيَتي أئِمَّةً إيضاً فقالَ‌ اللهُ لا يَنالُ الإمامَة عهدي الظّالِمينَ مِن ذُريَّتِكَ بَل يَنالها المَعصومون فَقَط ،

(‌ وَ إذ جَعَلنا البَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ و أَمناً وَ اتَّخِذوا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلّيًٰ )

وَ تَذَكّروا إذ جَعَلنا البَيْتَ الحَرامَ مَسجِدَ الكَعبَةِ مَنسكاً يَثوبونَ إليهِ النّاسُ لِلحَجِّ و مَقَرَّ أمانٍ و أمَرناهُم أن اتَّخِذوا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلّيًٰ لِصَلاةِ الطَّواف ،

( و عَهِدنا إليٰ إبراهيمَ و إسماعيلَ أن طَهِّراً بَيْتِيَ لِلطّائِفينَ و العاكِفينَ والرُّكَّعِ السُّجود )

وَ أوْحَيْنا عَهداً إليٰ إبراهيمَ و إبنِهِ إسماعيلَ الذَّبيحِ واجِباً أن طَهِّرا بَيْتِيَ مِنَ الأوْثانِ و الأصنامِ و الأرجاسِ و أَعِدّاهُ لِلطّائِفينَ حَولَ الكَعبَةِ و المُعتَكِفينَ في المَسجِدِ و المُصَلّينَ الرّاكِعينَ السّاجِدين ،

(‌ و إذ قالَ إبراهيمُ رَبِّ اجعَل هذا بَلَداً آمِناً و ارزُق أهلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَن آمَنَ مِنهُم باللهِ و اليَوْمِ الآخر )

‌وَ تَذكّروا إذ قالَ إبراهيمُ مُبتَهِلاً‌ : إلـٰهي اجعَلِ البَيْتَ هذا بَلَداً آمِناً لِلنّاسِ وارزُق أهلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ ‌المُختَلِفَةِ مِن كُلِّ مكانٍ و خُصَّ بِها مَن آمَنَ مِنهُم بِكَ و باليَومِ الآخِر و المَعاد ،

(‌ قالَ و مَن كَفَرَ فَاُمَتِّعُهُ قليلاً ثُمَّ أضطَرُّهُ إليٰ عَذابِ النّارِ و بِئسَ المَصير )

فاستجابَ اللهُ دُعاءَهُ و قالَ‌ لهُ قد أجَبتُ دُعاءَكَ و مَن كَفَرَ مِنهُم فَاُمَتِّعُهُ بالدُّنيا قليلاً و بُرهَةً قَصيرَةً ثُمَّ اُلجِئُهُ إليٰ عَذابِ النّارِ و بِئْسَ المَصيرِ رَغماً لِأنفهِ ،

( و إذ يَرفَعُ إبراهيمُ القواعِدَ مِنَ‌ البَيْتِ و إسماعيلُ رَبّنا تَقَبَّل مِنّا إنّكَ أنتَ السَّميعُ العليم )

و تَذَكّروا إذ كانَ‌ يَرفَعُ إبراهيمُ الاُسُسَ و القواعِدَ مِن بَيْتِ الكَعبَةِ مِن صُخُورِ جَبَلِ غارِ حراء مع إسماعيلِ الذّبيح و يَقولان رَبّنا تَقبَّل مِنّا هذهِ الخِدمَة إنّكَ أنتَ السَّميعُ العليمُ بِنا ،

( رَبّنا واجعَلنا مُسلِمَيْنِ لَكَ و مِن ذُرّيَتِنا اُمَّةٌ مُسلِمَةٌ لَلأَورِنا مَناسِكَنا و تُبْ علَيْنا إنّكَ أنتَ التَّوّابُ الرَّحيم )

و قالا رَبّنا واجعَلنا مُسلِمَيْنِ مُطيعَيْنِ لَكَ واجعَل مِن ذُرّيَتِنا اُمّةٌ مُسلِمَةٌ مُطيعَةٌ لَكَ و أرِنا مَناسِكَ حَجِّنا و تُبْ علَينا إنْ أخطَأنا إنّكَ أنتَ التَّوابُ الرَّحيمُ علَينا ،

( رَبّنا وابعَث فيهِم رَسولاً مِنهُم يَتلو عليهِم آياتِكَ و يُعَلِّمُهُم الكتابَ و الحِكمَةَ و يُزَكّيهِم إنّكَ أنتَ العَزيزُ الحَكيمُ )

رَبّنا وابعَث بالنُّبُوَّةِ فيهِم مُحمّداً (ص) رَسولاً مِنَ‌ العَرَبِ يَتلوا عَليهِم آياتِكَ المُنزَلَةِ عليهِ و يُعَلِّمُهُم القرآنَ و أحكامَهُ الحكيمَةَ و يُزَكّي نُفوسَهُم و أخلاقَهُم مِنَ الرَّذائِلِ إنّكَ أنتَ العزيزُ في حُكمِهِ ألحكيمُ في صُنعِه ،

(‌ و مَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيمَ إلاّ مَن سَفِهَ نَفسهُ )

و كُلُّ مَن يُعرِض عَن دينِ إبراهيم و لا يَرغَبُ فيهِ فَلَيْس إلاّ سَفيهاً تَعَمَّدَ في تَسفيهِ نَفسِهِ بَعدَ أن عَلِمَ أنّهُ الحَقُّ و العَدلُ ،

( و لَقَد اصطفَيْناهُ في الدّنيا و إنّهُ في الآخِرَة لَمِنَ الصّالِحين )

وَ بالتأكيدِ إنّا قَدِ اصطفَينا إبراهيمَ ‌واختَرناهُ لِلنّبُوَّةِ و الإمامَةِ إذ هُما مَشروطَتانِ باختِيارِ اللهِ لا غَيرَهُ و بالتأكيدِ إنّهُ في الآخِرة لَمِن زُمرَةِ الصّالِحين مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهرين ،

(‌ إذ قالَ لَهُ رَبّهُ أسلِم ، قالَ أسلَمتُ لِرَبِّ العالَمين )

وَ السَّبَبُ في إصطِفاءِهِ هو أنَّ اللهَ قال لهُ إبراهيمُ أسلِم و سَلِّم و آمِن بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ‌ (ص) فَأجابَ قائِلاً : أسلَمتُ وَ‌ آمَنتُ لِرَبِّ العالمينَ‌ بِوِلايَتِهِم

( وَ وَصّيٰ بها إبراهيمُ بَنيهِ وَ‌ يَعقوبُ يا بَنيَّ إنَّ اللهَ‌ اصطَفيٰ لَكُمُ الدّينَ فَلا تَموتُنَّ إلاّ و أنتُم مُسلِمون )

وَ وَصّيٰ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ مَوَدَّتِهِم إبراهيمُ جَدُّهُم بَنيهِ و أولادِهِ و وَصّيٰ بها يعقوبُ بَنيهِ و أولادِهِ و قالا : يا بَنيَّ إنَّ اللهَ اصطَفيٰ لكُمُ الدّينَ الكامِل بِولايَةِ عليٍّ (ع) فلا أراكُم تَموتُونَ إلاّ و أنتُم مُسلِمونَ مُوالونَ لَهُم ،

(‌ أم كنتُم شُهدآءَ إذ حَضَرَ يعقوبَ المَوتُ إذ قالَ لِبَنيهِ ما تَعبُدونَ مِن بَعدي ؟ )

أتُنكِرونَ ذلِكَ أيّها المُنافِقون أم كنتُم حُضوراً تَشهَدُونَ حينَما حَضَرَ يَعقوبَ الأجَلُ فَوصّيٰ إذ قالَ‌ لِبَنيهِ مُؤكِّداً‌ لِوَصيَّتِهِ ما تعبُدونَ مِن بعدي ؟

(‌ قالوا نَعبُدُ إلـٰهَكَ و إلـٰه آباءِكَ‌ إبراهيمَ و إسماعيلَ و إسحقَ إلـٰهاً واحِداً وَ نَحنُ لهُ مُسلِمون )

فَأجابُوهُ‌ قالوا نَعبُدُ اللهُ إلـٰهَكَ و إلـٰه آباءِكَ إبراهيمَ وَ إسماعيلَ وَ إسحٰقَ إلـٰهاً واحِداً و نَحنُ لهُ مُسلِمونَ مُؤمِنونَ بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( تِلكَ اُمَّةٌ قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت و لكُم ما كَسَبتُم و لا تُسئَلونَ عَمّا كانوا يعمَلون )

تِلكَ هِيَ اُمّة مُوَحِّدَةٌ مُسلِمَةٌ قَد مَضَت لَها ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ و لَكُم ما كَسَبتُم مِن عَمَلٍ أيّها المُسلِمونَ و لا تُسئَلونَ غَداً‌ عَمّا كانوا اُولئِكَ يَعمَلونَ بَل تُسئَلونَ عَن أعمالِكُم ،

( وَ قالوا كونوا هُوداً أو نَصاريٰ تَهتَدوا قُل بَل مِلّة إبراهيمَ حنيفاً و ما كانَ مِنَ‌ المُشرِكين )

وَ قالَ اليَهودُ والنّصاريٰ لِلمُسلِمين كونُوا يَهوداً أو نصاريٰ ، تَهتَدوا مِثلَنا ،‌ قُل لهُم يا رَسولَ اللهِ بَل نَكونُ عليٰ مِلّةِ إبراهيمَ حَنيفاً مُسلِماً وَ ما كانَ مِنَ‌ المُشرِكينَ بالله ،

(‌ قُولوا آمَنّا باللهِ و ما اُنزِلَ إلينا و ما اُنزِلَ إليٰ إبراهيمَ و إسماعيلَ و إسحاقَ و يَعقوبَ و الأسباط )

قولوا لهُم أيّها المُسلِمون : نَحنُ آمَنّا باللهِ و بِما اُنزِلَ إلينا من القرآنِ و ما اُنزِلَ عليٰ إبراهيمَ مِن شَريعَةٍ و ما اُنزِلَ عليٰ إسماعيلَ و يَعقوبَ و أسباطِ بَني إسرائيل ،

( وَ ما اُوتِيَ موسيٰ و عيسيٰ وَ ما اُوتِيَ النَّبيّونَ مِن رَبِّهم لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهُم وَ‌ نَحنُ لهُ مُسلِمون )

وَ‌ آمَنّا بِما اُوتِيَ موسيٰ مِنَ التَّوراةِ و عيسيٰ مِنَ الإنجيل وَ ما اُوتِيَ النّبيّونَ جَميعاً مِن رَبِّهم لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنَ الرُّسُل و غيره و نَحنُ لِلّهِ مُسلِمون ،

(‌ فَإن آمِنوا بِمِثلِ ما آمَنتُم بهِ فَقَد إهتَدَوا و إن تَوَلّوا فإنّما هُم في شِقاقٍ فَسَيَكفيكَهُمُ اللهُ و هُوَ السَّميعُ العليم )

فَبَعدَ قبولِكُم لَهُم ذلِك إن آمَنوا بِمِثلِ ما آمَنتُم بهِ فَقدِ اهتَدَوا لِلحَقِّ و العَدلِ و إن أعرَضوا مُوَلّينَ فإنّما هُم بإعراضِهم في شِقاقٍ و خِلافٍ مَعَكُم و اللهُ يَكفيكُم شَرَّهُم و هو السميعُ العليمُ بِما يَفعَلون ،

( صِبغَةَ اللهِ و مَن أحسَنُ مِنَ اللهِ صِبغَةً و نَحنُ لهُ عابِدون )

تِلكَ شِرعَة اللهِ صَبَغَ بهِ عِبادَهُ المُخلِصين فَعُرِفوا بِصِبغَةِ الإسلامِ و مَن هُوَ أحسَنُ مِنَ اللهِ صِبغَةً و شَريعَةً و نَحنُ المُسلِمونَ لهُ عابِدون ،

(‌ قُل أتُحاجّونَنا في اللهِ و هو رَبُّنا و رَبُّكُم و لَنا أعمالُنا و لَكُم أعمالُكُم و نَحنُ لهُ مُخلِصون )

قُل لِليَهودِ و النَّصاريٰ يا رسولَ الله مُستَنكِراً هَل تُجادِلونَنا و تُخاصِمونَنا فيما أرادَهُ اللهُ واختارَهُ مِن بِعثَتي بِرِسالَةِ الإسلامِ و هُوَ رَبّنا و رَبُّكُم و لَنا أعمالُنا و لَكُم أعمالُكُم و جَزاؤها و نَحنُ لهُ مُخلِصونَ في الطّاعَةِ والعِبادَه ،

( أم تقولونَ إنَّ إبراهيمَ و إسماعيلَ و إسحاقَ و يَعقوبَ و الأسباطِ كانوا هُوداً أو نَصاريٰ )

فما بالُكُم فَهَل تَقولونَ و لا يَحِقُّ لَكُم ذلِك إنَّ إبراهيمَ و إسماعيلَ و إسحٰقَ و يَعقوبَ و أسباط بَني إسرائيلَ كانوا يَهوداً أو نَصاريٰ ؟ كَلاّ و حاشاهُم ،

(‌ قُل ءَأنتُم أعلَمُ أمِ اللهُ و مَن أظلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهادَةً عِندَهُ مِنَ اللهِ و ما اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلون )

قُل لَهُم يا حبيبي هل أنتُم أعلَمُ بِحالِهِم أمِ اللهُ أعلَمُ فَبَديهيٌّ أنَّ اللهَ أعلَمُ بِحالِهِم فقالَ ما كانَ إبراهيمُ يَهوديّاً‌ و لا نَصرانيّاً بَل كانَ حَنيفاً مُسلِماً فَمَن هُو أظلَمُ مِمَّن أخفيٰ شَهادَةً عِندَهُ في التَّوراةِ مِنَ اللهِ بذلكَ وَ مااللهُ بِغافِلٍ عمّا تَعمَلونَ بَل يُحاسِبُكُم عَليهِ ،

(‌ تِلكَ اُمّةٌ قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت و لَكُم ما كسَبتُم و لا تُسئَلونَ عَمّا كانوا يَعمَلون )

تِلكَ الأنبياءُ و الأسباطُ كانوا في اُمّةٍ قَد مَضَت لَها ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ عند الله و لكُم ما كَسَبتُم فَتَنالون جَزاءَهُ و لا تُسألونَ عمّا كانوا اُولئِكَ يَعمَلون ،

(‌ سَيَقولُ السُّفَهاءُ مِنَ النّاسِ ما وَلاّهُم عَن قِبلَتِهِمُ الّتي كانوا عَلَيْها قُل لِلّهِ المَشرِقُ و المَغرِبُ يَهدي مَن يشآءُ إليٰ صِراطٍ مُستَقيمٍ )

بَعدَ‌ تَبَدّلِ القِبلَةِ مُباشَرَةً سَيقولُ السُّفَهاءُ مِنَ اليَهودِ و النَّصاريٰ ما الّذي صَرَفَهُم عَن قِبلَتِهِمُ الأقصيٰ الّتي كانوا عليها ؟ قُل لهُم يا حبيبي لِلّهِ قِبلَة المَشرِقِ و قِبلَة المَغرِبِ و يَأمُرُ بِهدايَتِهِ من يشاءُ مِنَ الاُمَم إليٰ الطّريق الصَّحيح ،

(‌ وَ كذلكَ جَعلناكُم اُمّةً وَسَطاً لِتَكونوا شُهدآءَ عليٰ النّاسِ و يَكون الرّسولُ عليكُم شَهيداً )

وَ بِجَعلِ الكَعبَةِ قِبلَةً لَكُم جَعلناكُم اُمّةً مُستَقِلّةً عادِلَةً عن أهلِ الكتابِ‌ لِتَكونوا شُهوداً عليٰ النّاسِ عليٰ مَذهَبِ العَدلِ و يكونَ الرّسولُ عليكُم شاهِداً يَومَ القِيامَه ،

( وَ‌ ما جَعلنا القِبلَةَ‌ الّتي كُنتَ علَيها إلاّ لِنَعلَمَ مَن يَتَّبِعِ الرَّسولَ مِمَّن يَنقَلِب عليٰ عَقِبَيْه )

وَ ما جَعَلنا القِبلَةَ بَيْتَ المَقدِسِ الّتي كُنتَ تُصلّي إليها إلا لِيُعلَمَ مَن يَتَّبِعُكَ و يُؤمِن بِرِسالَتِكَ مِنَ اليَهودِ و النَّصاريٰ و نُمَيِّزُهُ عَمَّن يَنقَلِب و يَرتَدّ عَليٰ الوَرآء و لا يُؤمِن ،

( وَ إن كانَت لَكَبيرَةً إلاّ عليٰ الّذينَ هَديٰ الله و ما كانَ اللهُ لِيُضيعَ إيمانَكُم إنَّ‌ اللهَ بالنّاسِ لَرَؤفٌ رَحيم )

وَ إن كانَتِ التَّولِيَة إليٰ بَيْتِ المَقدِسِ لَمَشَقَّةٌ كبيرةٌ عليٰ أتباعِكَ عَديٰ الّذين هَداهُمُ اللهُ لِوِلايَتِكَ فَلَيسَت كبيرة عليهِم و ما كانَ اللهُ لِيُضيعَ أجرَ إيمانِكُم و عِباداتِكُم إنَّ اللهَ لَرؤفٌ لا يُحرِمُهُم أجرَهُم رَحيمٌ لا يَشُقُّ عليهِم ،

( قَد نَريٰ تَقَلُّبَ وَجهِكَ في السَّماءِ‌ فَلَنُوَلّيَنَّكَ قِبلَةً‌ تَرضاها فَوَلِّ وَجهَكَ شَطَرَ المَسجِدِ الحَرام )

يا رسولَ‌الله بالتّأكيد قَد نَريٰ تَصَفُّحَ وَجهِكَ في السَّماءِ تَنتَظِرُ الأمرَ و الوَحيَ بِتَبَدُّلِ القِبلَة فَلَنُوَلِيَنَّكَ و نُوَجِّهُكَ إليٰ الكَعبَةِ قِبلَةً تَرضاها فَوَجِّه وَجهَكَ نَحوَ المَسجِدِ الحَرامِ و الكَعبَه ،

(‌ و حَيثُ ما كنتُم فَولّوا وُجوهَكُم شَطرَهُ و إنّ الّذين اُوتوا الكِتابَ لَيَعلَمونَ أنّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهم و ما اللهُ بِغافِلٍ عَمّا يعمَلون )

و حيثُ ما كنتُم مِن مَكانٍ أيّها المُسلِمونَ‌ فَولّوا وُجوهَكُم في الصَّلاةِ نَحوَ‌ المَسجِدِ الحَرامِ و إنَّ‌ اليَهودَ و النَّصاريٰ لَيَعلَمون أنَّ تَبَدُّلِ القِبلَةِ هو الحَقُّ مِنَ اللهُِ و ما اللهُ بِغافِلٍ عَمّا يَعمَلونَ بَل يُجازيهِم عَليه ،

(‌ و لَئِن أتَيْتَ الّذين اُوتوا الكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعوا قِبلَتَك و ما أنتَ بِتابِعٍ قِبلَتَهُم و ما بَعضهُم بِتابِعٍ قِبلَةَ‌ بَعضٍ )

وَ‌ لئِن أتَيتَ‌ يا رسولَ‌ اللهِ اليَهودَ و النّصاريٰ بِكُلِّ آيَةٍ من القرآنِ تُعيّن القِبلَةَ ما تَبَعوكَ في قِبلَتِكَ الكَعبَة وَ‌ ما أنتَ بتابعٍ ‌قِبلَتَهُم بَعدَ هذا و ما بَعضُهُم بتابعٍ قِبلَةَ‌ بعضٍ أَليَهودُ والنَّصاريٰ ،

( وَ‌لَئِن اتَّبَعتَ أهواءَهُم مِن بَعدِ ما جاءَ كَ مِنَ العِلمِ إنّكَ إذاً لَمِنَ الظاّلِمين )

وَ لَئِن اتَّبَعتَ يا رسولَ اللهِ أهواءَ أهلِ الكِتابِ‌ بالتَّوَجُّهِ إليٰ بَيْتِ المَقدِسِ مِن بَعدِ ما جاءَكَ مِنَ الوَحيِ بِتَبَدُّلِ القِبلَةِ إنّكَ عليٰ ذلِكَ الفَرض إذاً‌ تَكونُ مِنَ الظّالِمينَ و حاشاك ،

(‌ أَلّذينَ آتيناهُمُ الكتابَ يَعرِفونَهُ كما يَعرِفونَ أبناءَهُم وَ إنَّ فَريقاً مِنهُم لَيَكتُمونَ الحَقّ و هُم يعلَمون )

ألّذين آتيناهُمُ التّوراة و الإنجيلَ يَعرِفونَ مُحمّداً‌ (ص) بِإسمِهِ  و نَعتِهِ مَذكوراً في كُتُبِهم كما يَعرِفونَ أبناءَهُم حَقّ المَعرِفَةِ أنّهُ خاتِمُ‌ الأنبياء و إنّ طائِفَةً مِنهُم لَيَكتُمونَ الحَقَّ المَذكورَ في كِتابِهم و هُم عالِمونَ عامِدون ،

( ألحَقُّ مِن رَبِّك فلا تَكونَنَّ مِنَ‌ المُمتَرين )

ألحَقُّ مِن رَبِّك يا رسولَ اللهِ جاءَكَ لِلتَّوَجُّهِ إليٰ الكَعبَةِ قِبلَةَ إبراهيم و مَوْلِد عليّ بن أبيطالِبٍ (ع) فلا تَكونَنَّ مِن أهلِ المِراءِ و الجَدَلِ فيه ،

( وَ لِكُلٍّ وِجهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فاستَبِقوا الخَيْراتِ أيْنَ ما تَكونُوا يَأتِ بِكُمُ اللهُ جَميعاً إنَّ اللهَ كُلِّ شَيءٍ قدير )

و لِكُلٍّ اُمَّةٍ وِجهَةٌ في قِبلَتِهِا والله هُوَ مَوَلّيها نَحوَها فاستَبِقوا الخَيْراتِ أيّها المُسلمين بالتَّوَجُّهِ إليٰ الكَعبَةِ أيْنَ ما تَكونوا يَأتِ بِكُمُ اللهُ جَميعاً يَومَ القيامَةِ إنَّ اللهَ‌ عليٰ كُلِّ شَييءٍ قَديرٌ ،

(‌ و مِن حَيْثُ خَرَجتَ فَوَلِّ وَجهَكَ شَطْرَ المَسجِدِ الحَرام و إنّهُ لَلحَقُّ مِن رَبِّكَ‌ و ما اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلون )

و مِن حَيثُ خَرَجتَ مُسافِراً و لَو إليٰ بَيْتِ المَقدِسِ فَوَلِّ وَجهَكَ في الصَّلاةِ‌ صَوْبَ المَسجِدِ‌ الحَرامِ‌ و إنَّ هذا لَهُوَ‌ الحَقُّ مِن اللهِ أمَرَكَ بِهِ و لَيسَ اللهُ بغافِلٍ عمّا تَعمَلونَ يا مُسلِمين ،

( ‌و مِن حَيثُ خَرَجتَ فَوَلِّ وَجهَكَ شَطَر المَسجِدِ الحَرامِ و حَيثُ ما كنتُم ، فَوَلّوا وُجوهَكُم شَطرَة لِئَلاّ يكونَ‌ لِلنّاسِ عليكُم حُجّة )

و مِن حيثُ خَرَجتَ مُسافِراً فَوَجِّه وجهَكَ‌ نَحوَ المَسجدِ الحَرامِ و حَيثُ ما كنتُم أيّها المُسلِمونَ ‌في سَفَرٍ أو حَضَرٍ فَولّوا وُجوهَكُم صَوْبَ المَسجدِ الحَرامِ لِكَي لا يكونَ لِليَهودِ و النَّصاريٰ عليكُم حُجّةٌ‌ يَحتَجّونَ بِها ضِدَّكُم ،

( إلاّ الّذين ظَلَموا مِنهُم فَلا تَخشَوْهُم واخشَوْني ولِاُتِمَّ نِعمَتي عليكُم و لَعلَّكم تَهتَدون )

إلاّ احتِجاجِ الّذينَ ظَلَموا مِنهُم حَيْثُ يَقولونَ إِنْ لَم تَكُنِ الأقصيٰ قِبلَه فَلِماذا صَلّيٰ إليها قَبُلاً فلا تَخشَوا إحتجاجَهُم واخشَوا عَذابَ اللهِ بعِصيانِهِ و لِاُتِمَّ نِعمَتي عليكُم بِتَطهيرِ الكَعبَةِ مِنَ الأصنامِ بِيَدِ‌ عليٍّ (ع) و لَعلَّكُم تَهتَدونَ إليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) بِهذا ،

( كما أرسَلنا فيكُم رَسولاً مِنكُم يَتلو عليكُم آياتنا و يُزَكّيكُم و يُعَلِّمُكُمُ الكِتابَ و الحِكمَةَ و يُعَلِّمكُم ما لَم تكونوا تَعلَمون )

كما أتمَمنا نِعمَتنا عليكُم و أرسلنا فيكُم مُحمّداً (ص) رَسولاً منكُم عَربِيّاً يَتلوا عليكُم آياتنا القُرآنيَّةَ و يُزَكّيكُم بِها و يُعَلِّمُكُم أحكامَ القرآنِ و حِكمَته و يُعَلّمكُم ما لَم تكونوا تعلَمونَ بِدونهِ ،

(‌ فاذكُروني أذكُركُم واشكُروا لي و لا تَكفُرون )

فاذكُروني أيّها المُسلِمونَ بالتَّمسُّكِ بِالثّقلَيْن القُرآن والعِترَه أذكُركُم بِرَحمَتي واشكُروا لي نِعمَةَ وِلايَة محمدٍ و آلِهِ (ص) و لا تَكفُروا بِها ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا استَعينوا بالصَّبرِ و الصَّلاةِ إنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرين )

يا أيّها الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) إستَعينُوا عليٰ أعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) بالصَّبرِ عليٰ وِلايَتِهِم والصَّلاة مِن غَيرِ بِدعَةٍ إنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرينَ عليٰ ولايَتِهِم ،

( و لا تَقولوا لِمَن يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ أمواتٌ بَل أحياءٌ و لكِن لا تَشعُرون )

و لا تَقولوا أيّها النّاسُ لِمَن يُقتَلُ شَهيداً في سَبيلِ اللهِ عليٰ وِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) أولئِكَ أمواتٌ بَل هُم أحياءٌ بالشَّهادَةِ و لكِن لا تَشعُرونَ كيفيَّة حياتِهِمُ الأبَديَّه ،

(‌ و لَنَبلُوَنّكُم بِشيءٍ مِنَ الخَوْفِ و الجُوعِ و نَقصٍ مِنَ الأموالِ والأنفُسِ والثَّمَراتِ و بَشِّرِ الصّابِرين )

و بالتّأكيدِ سَنَبتَليكُم إمتِحاناً‌ بشيءٍ مِنَ الخَوْفِ مِن أعداءِ آل محمدٍ (ص) والجُوعِ والفَقرِ و نَقصٍ مِنَ الأموالِ و الأنفُسِ و الثَّمَراتِ قَبلَ قِيامِ القائِمِ المَهديِّ (ع) و بَشِّرِ الصّابِرينَ عليٰ هذهِ البَلويٰ بالأجرِ و المَثوبَه ،

(‌ ألّذينَ إذا أصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إنّا لِلّهِ و إنّا إليهِ راجِعون )

والصّابِرينَ هُمُ الّذين إذا أصابَتهُم مُصيبَةٌ مِنَ المَصائِبِ المَذكورَةِ ، لا مُصيبَةٌ في الدّينِ قالوا إنّا لِلّهِ و إنّا إليهِ راجِعون فلا يَجزَعونَ و لا يَكفُرون ،

( أولئِكَ عليهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم و رَحمَةٌ و أولئِكَ هُمُ المُهتَدون )

‌أولئِكَ المُؤمِنونَ الصّابِرونَ يكونُ عليهِم صَلَواتٌ مَثوباتٌ و فيوضاتٌ مِن رَبِّهم و رَحمَةٌ و مَغفِرَةٌ تَشمُلُهم و أولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ بِولايَةِ محمدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( إنَّ الصَّفا و المَروَةَ مِن شَعائِرِ اللهِ فَمَن حَجَّ البَيْتَ أوِ اعتَمَر فلا جُناحَ عليهِ أن يَطَّوَّفَ بهِما )

بالتأكيدِ إنَّ جَبَلَيِ الصَّفا والمَروَةَ عِندَ بَيْتِ اللهِ هُما مِن شَعائِرِ اللهِ و علائِمِ دينِهِ فَمَن حَجَّ و طافَ بالبَيْتِ لِلحَجّ أو اعتَمَرَ و طافَ لِلعُمرَةِ فلا ضَيْرَ عليهِ أن يَسعيٰ بَيْنَهُما سَبعَةَ أشواطٍ و إن كانَ يَعمَل بِها المُشرِكون ،‌

(‌ و مَن تَطَوَّعَ خَيْراً‌ فإنَّ اللهَ شاكِرٌ عليمٌ )

و مَن تَطَوَّعَ بالسَّعيِ قُربَةً إليٰ اللهِ مِن دونِ وُجوبٍ بَل يَطلُبُ خَيْراً‌ و ثَواباً و أجراً فإنَّ‌ اللهَ شاكِرٌ يثُيبُه عليمٌ بِنِيَّتِهِ ،

(‌ إنَّ الّذين يكتُمونَ ما أنزَلنا مِنَ البَيِّناتِ و الهُديٰ مِن بَعدِ ما بَيّناهُ لِلنّاسِ في الكتاب )

إنَّ أحبارَ اليَهودِ الّذين يَكتُمونَ ما أنزَلنا مِنَ الآياتِ الواضِحاتِ المُبَشِّراتِ بِمُحمّدٍ (ص) والهادِياتِ إليٰ وِلايَتِهِ مِن بَعدِ ما بَيّناهُ لِلنّاسِ في التَّوراة ،

(‌ أولئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ و يَلعَنُهُمُ الّلاعِنون )

أولئِكَ الّذين يَكتُمونَ الحَقَّ‌ بَدَلَ أن يُبيِّنوهُ لِلنّاسِ فَحَتماً سَيَلعَنهُمُ اللهُ و يَطرُدَهُم مِن رَحمَتِهِ و يَجِبُ أن يَلعَنَهُمُ الّلاعِنونَ إليٰ يَومِ القيامَه ،

( إلاّ الّذينَ تابُوا و أصلَحوا و بَيَّنوا فَأولئِكَ أتوبُ عليهِم و‌ أنا التَوّابُ الرّحيم )

إلاّ اليَهود الذين تابوا من ذلك و أصلَحوا في المُجتَمَع و بَيَّنوا للناس آيات التوراة المُبَشِّرَةِ بِمُحمّدٍ (ص) فَأولئِكَ أتوبُ عَليهِم وَ أنا التَوّابُ الرَّحيمُ عليٰ مَن تاب ،

(‌ إنَّ الَّذين كفروا وَ ماتُوا و هُم كفّارٌ أولئِكَ عليهِم لَعنَة اللهِ والملائِكةِ وَ الناس أجمعين )

إنّ الذين كفروا بوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) مِنَ اليَهودِ والنّصاريٰ و المُسلِمين و غيرهم و ماتُوا و هُم كفّارٌ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) أولئِكَ عليهِم غَضَبُ‌ اللهِ و لَعنَتُهُ و لَعنَةُ الملائِكَةِ و تَشمُلُهُم لَعنَة النّاسِ المُؤمنينَ أجمعين ،

( خالِدينَ فيها لا يُخَفَّفُ عنهُمُ العذابُ وَ لا هُم يُنظَرون )

فَبِالّلعنَةِ يدخلونَ الجَحيمَ خالِدينَ فيها إليٰ الأبَد مُعذَّبينَ بِشِدَّةٍ لا يُخَفَّفُ عنهُمُ‌ العَذابُ و لا هُم يُمهَلونَ بُرهَةً و لا يُنظَرُ إليهِم بِنَظَرِ الرَّحمه ،

( و إلـٰهكُمُ إلـٰهٌ واحِدٌ لا إلـٰهَ إلاّ هُوَ الرَّحمٰنُ الرّحيم )

وَ‌ إلـٰهُكُم الّذي خَلَقَكُم و كَلَّفَكُم بِدينِهِ و هُوَ سيُعيدُكُم و يُحاسِبُكُم هو إلـٰهٌ واحِدٌ لا شريكَ لهُ و لا مَثيلَ لا إلـٰه إلاّ هُوَ الرّحمانُ بِجَميعِ خَلقِهِ أَلرّحيمُ بِعِبادِهِ المُؤمِنين ،

( إنَّ في خَلقِ السَّماواتِ و الأرض واختِلافِ الّلَيْل والنَّهارِ وَ‌الفُلكِ الّتي تَجري في البَحرِ بِما يَنفَعُ النّاس )

فَإن تُريدوا براهينَ عليٰ ذلكَ فَإنّ في خَلقِ السّماواتِ و الأرضِ واختِلافِ‌ ساعاتِ الّليْل و النّهارِ و حالاتِهما و جَرَيانِ السُّنَن الّتي تَجري في البَحرِ و تَسيرُ بِما يَنفَع النّاس مِنْ مَقاصِد ،

( وَ ما أنزَلَ اللهُ مِن السّماءِ مِن ماءٍ فَأحيا بهِ الأرضَ بَعدَ مَوتِها و بَثَّ فيها مِن كُلِّ دابَّةٍ )

‌وَ فيما أنزَلَ اللهُ مِن غُيومِ السّماءِ و مَطَرٍ وَ وَفرٍ فَأحيا بهِ الأرضَ بالزَّرعِ بَعدَ مَوتِها و يُبسِها و وَزَّعَ‌ فيها و نَشَرَ مِن كُلِّ دابَّةٍ من الحيواناتِ و الحَشراتِ ،

( ‌و تصريفَ الرِّياحِ والسَّحابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السّماءِ و الأرضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعقِلون )

وَ في تَوجيهِ الرّياحِ إليٰ هُنا و هُناك مُختَلِفَة الهُبوبِ و تَحريكِ السَّحابِ و الغَيْمِ المُسَخَّرِ لِمَشيئَتِنا بَيْنَ السَّماءِ و الأرضِ إليٰ حَيثُ ما نشآءُ فَفي كُلِّ ذلِكَ لَآياتٍ و بَراهينَ و دلالاتٍ لِقَوْمٍ يَعقِلونَ الآيات ،

(‌ وَ مِنَ النّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللهِ أنداداً يُحِبّونَهُم كَحُبِّ الله )

و مَعَ تِلكَ الآياتِ كُلّها هُناكَ مِنَ النّاسِ المُعانِدينَ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللهِ مَن يُطيعُهُم يَعبُدُهُم أنداداً يُحبّونَهُم كَحُبِّ اللهِ ‌و ذلِكَ شِركٌ ،

(‌ والّذينَ آمَنوا أشَدُّ حُبّاً لِلّه )

وَالّذين آمَنوا باللهِ و بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ‌لم يَتَّخِذوا مِن دونِ اللهِ أنداداً‌ فَهُم أشَدُّ حُبّاً لِلّهِ مِن كُلِّ ما يُحبّونَهُ ،

(‌ وَ‌ لَو يَريٰ الّذين ظَلَموا إذ يَرَونَ‌ العَذابَ أنَّ‌ القُوَّةَ لِلّهِ جميعاً‌ و إنّ اللهَ شديدُ العذاب )

وَ يا لَيْتَ‌ أنّ الّذين ظَلَموا آلَ مُحمّدٍ (ص) واتَّبَعوا خُلَفاء الجَوْرِ يَرَوْنَ الآن ما سَيَروْنَ مِنَ العَذابِ و يَرَوْنَ أنّ القُوَّةَ كلّها لِلّهِ‌ و أنَّ‌ اللهَ شديدُ العذاب لَهُم ،

( إذ تَبَرَّأَ الّذين اتُّبِعوا مِنَ الّذين اتَّبَعوا و رَأوا العَذابَ وَ تَقَطَّعَت بِهِمُ الأسباب )

حينئذٍ سَيَروْنَ إذ تَبَرَّأ الّذينَ‌ اتُّبِعوا مِن خُلَفاءِهِم الظّالمين هؤلاء الأتباعِ الّذين اتَّبَعوهُم يُنادون وانَفساهُ و رَأوا العَذابَ بِاُمّ أعيُنِهم و تَقَطَّعَت بِهِم أسبابُ الشّفاعَةِ والنَّجاة ،

(‌ وَ قال الّذين اتَّبعوا : لَو أنَّ لنا كَرَّةً فَنَتَبرَّأَ مِنهُم كما تَبرَّؤا مِنّا )

‌عندئِذٍ يقول الّذين اتَّبعوا خُلَفاءَ‌ الجَوْرِ و أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) يا لَيْتَ‌ يكونُ لنا رَجعَةٌ إليٰ الدّنيا فَنَتَبَرَّأُ مِن خُلَفاءِنا كما تَبَرّؤا مِنّا هذا اليَوم ،

(‌ كذلكَ يُريهِمُ اللهُ أَعمالَهُم حَسَراتٍ عليهِم وَ‌ ما هُم بِخارِجينَ مِنَ النّار )

فكذلكَ يوم القيامَةِ لِلمُنافِقينَ يُريهِمُ اللهُ أعمالَهُم الباطِلَةَ ، تكون حَسَراتٍ و آهاتٍ و نَداماتٍ عليهِم لإستيجابِها العَذابَ و ما هُم بِخارِجينَ مِنَ ‌النّار أبَداً ،

( يا أيّها النّاس كُلُوا مِمّا في الأرضِ حَلالاً طَيِّباً و لا تَتَّبِعوا خُطَُواتِ الشّيطانِ إنّهُ لَكُم عَدوٌ مُبينٌ )

يا أيّها النّاسُ المُكَلَّفونَ شَرعاً حينَما تَأكُلونَ مِمّا في الأرضِ مِن أرزاقٍ تَكسِبوها حَلالاً خالِصاً مِنَ الشُّبهَةِ و الحَرامِ و لا تَتَّبِعوا في الإرتِزاقِ خُطُواتِ الشيطانِ و حُكومَة الظّالِمينَ و إعانَةِ الظّالِمين و الأكلِ مِن مَوائِدِهِم إنّهُ لكُم عَدوٌ مُبينُ العِداء ،

( إنّما يأمُرُكُم بالسؤءِ و الفَحشاءِ و أن تَقولوا عليٰ اللهِ ما لا تَعلَمون )

فالشيطانُ ليسَ إلاّ أنّهُ يأمُرُكُم بالإرتِزاقِ الحَرامِ و ارتِكابِ الإثمِ و الفِسقِ و الفُجورِ وَ‌ أن تَتَقَوّلوا عليٰ اللهِ بأنّهُ جَعَلَ أرزاقَكُم بِيَدِ حُكّامِ الجَوْرِ و عن طَريقِ التحريم جَهلاً و غَباوَةً ،

( و إذا قيلَ لَهُم اتَّبِعوا ما أنزَلَ اللهُ قالوا بَل نَتَّبِع ما ألفَيْنا عليهِ آباءَنا )

وَ إذا قيلَ لِلمُرتَزِقَةِ مِن حُكّامِ الجَوْرِ إتَّبِعوا ما أنزَلَ اللهُ في القرآنِ مِن وِلايَةِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) قالوا كَلاّ بَل نَتَّبِع ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا مِن مَذهَبٍ ،

(‌ أوَ لَو كانَ آباؤهُم لا يَعقِلون شيئاً و لا يَهتَدون )

فَنَسألُ مُستَنكِرينَ مُوَبِّخينَ أفَهَل يَتَّبِعونَ‌ آباءَهُم في مَذهَبِهم حتّيٰ و لَوْ كانوا لا يَعقِلونَ شيئاً مِنَ الحَقِّ و العَدلِ و الشَّرعِ و لا يَهتَدونَ ، بَل هُم ضُلاّلٌ ؟

( وَ مَثَلُ الَّذين كفَروا كَمَثلِ الّذي يَنعِقُ بِما لا يَسمَعُ إلاّ دُعآءً وَ نِداءً صُمٌّ بُكمٌ عُميٌ فَهُم لا يَعقِلون )

وَ‌مِثالُ حالِ الذين كفروا بولايَةِ عليٍّ (ع) كَمَثَلِ الغُراب الّذي يَصبحُ و يَنعَقُ إذا سَمِعَ صوتاً لِبَشَرٍ هُوَ لا يَفهَمُ ما يَقولُ إلاّ أنّهُ يَسمَعُ صباحاً و نِداءً منه فهُم صُمُّ الآذانِ بُكمُ الألسُنِ عُميُ العُيونِ عَنِ الحَقِّ فهُم لا يعقِلون الدَّعوَةَ إليٰ الوِلايَه ،

(‌ يا أيّها الَّذين آمَنوا كُلوا من طَيِّبات ما رَزقناكُم واشكُروا لِلّهِ إن كنتُم إيّاهُ تعبُدون )

يا أيّها الذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) كُلوا ببَرَكَةِ الوِلايَةِ مِن طَيِّباتِ ما رَزقناكُم مِن رِزقٍ بَبَرَكَةِ آل مُحمّدٍ (ص) واشكُروا اللهَ لنِعمَةِ الوِلايَةِ إن كنتُم إيّاهُ تعبُدون لا غيره ،

(‌ إنّما حَرَّمَ عليكُمُ المَيْتَةَ‌ والدَّمَ و لَحمَ الخِنزيرِ و ما اُهِلّ بهِ لِغَيرِ الله )

إنّما حَرَّمَ اللهُ عليكُم يا شيعَةَ‌ آل مُحمَّدٍ ألمَيْتَةَ من الحيواناتِ‌ غير المُزكّاتِ و حَرَّمَ ‌أكَل الدَّمِ و حَرَّمَ أكلَ لَحمِ الخِنزيرِ و حَرَّمَ ما ذُبِحَ لِغَيرِ اللهِ و عليٰ غيرِ إسمِ اللهِ و رُفِعَ قُرباناً لِلظّالِمينَ الجائِرين ،

( فَمَنِ اضطُرَّ غَيْرَ باغٍ و لا عادٍ فلا إثمَ عليهِ إنَّ اللهَ غَفورٌ رحيمٌ )

فَمَنِ اضطُرَّ لِلتَّقيَّةِ أو لِضَرورَةِ إحياءِ النَّفسِ لِلأكلِ مِنها غَيرَ باغٍ عليٰ الأئِمَّةِ مِن أهلِ البَيْت (ع) و أموالِهم و لا مُعتَدٍ في الأكلِ أكثَرَ مِنَ الضَّرورَة فلا إثمَ يُكتَبُ عليهِ بالأكلِ إنّ اللهَ غَفورٌ لهُ رحيمٌ بهِ ،

(‌ إنَّ الَّذين يكتُمونَ ما أنزَلَ اللهُ مِن الكتابِ و يَشتَرونَ بهِ ثَمَناً قليلاً أولئِكَ ما يَأكلونَ في بُطونِهِم إلاّ النّار )

بالتأكيدِ إنَّ اليَهود الَّذين يكتُمُونَ عنِ النّاسِ ما أنزَلَ اللهُ في آلِ مُحمّدٍ (ص) مِن آياتِ التَّوراةِ و الإنجيل و يَشتَرونَ بذلكَ الدّنيا الفانِيَةَ ثَمَناً‌ زَهيداً‌ أولئِكَ ما يأكُلونَ مِن مالٍ يَكتَسِبوهُ إلاّ يَنقَلِبُ ناراً في بُطونِهم غَداً ،

( وَ لا يُكَلِِّمُهُمُ اللهُ يومَ القيامَةِ و لا يُزَكّيهِم و لهُم عذابٌ أليمٌ )

و أولئِكَ الذين يكتُمون فَضائِلَ آل مُحمّدٍ (ص) لا يُكَلِّمُهُم اللهُ بِرَحمَتِهِ يومَ القيامَةِ غَضَباً عليهِم و لا يُزَكّيهِم بالمَغْفِرَةِ والشَّفاعَةِ بَل يُدخِلهُم النّارَ و لهُم عذابٌ أليمٌ فيها ،

( أولئِكَ الَّذينَ اشتَرَوُا الضَّلالَةَ بالهُديٰ وَ العَذابَ بالمَغفِرة فما أصبَرَهُم علي النّار )

أولئِكَ الكاتِمونَ لِفَضائِلِ آل مُحمّدٍ (ص) كَسَبُوا الضَّلالَةَ والرَّديٰ بَدلاً عَنِ الهُديٰ و الحَقِّ و طَلِبُوا العَذابَ الإلـٰهيّ بَدَلاً عن المَغفِرَةِ ، فَكيْفَ يَصبِرونَ عليٰ ألَمِ نارِ جهنّم ؟؟؟

( ذلِكَ بِأنّ اللهَ نَزَّلَ الكتابَ بالحَقِّ و إنّ الَّذين اختَلَفوا في الكتابِ‌ لَفي شِقاقٍ بَعيد )

ذلكَ العذابُ الّذي ذكرناهُ لِمَن يكتُمُ فَضائِل آل مُحمّدٍ (ص) هُوَ لِأجلِ أنَّ اللهَ نَزَّلَ كتابَ الوَحيِ مِنَ السَّماءِ بالحَقِّ بواسِطَةِ جبرئيلَ و أنَّ‌ الّذين اختَلَفوا في الكتابِ‌ مِن بَني اُمَيَّةَ والمُشرِكينَ و الكُفّارَ و المُنافِقين فَمِن قائِلٍ إنّهُ شِعرٌ أو سِحرٌ فَهُم جَميعاً‌ لَفي خِلافٍ بَعيدٍ عَنِ الحَقّ ،

(‌ لَيسَ البِرَّ أن تُوَلّوا وُجوهَكُم قِبَلَ المَشرِقِ وَ‌المَغرِب )

أيّها النّاسُ لَيسَ مِنَ البِرِّ و عَمَلِ الخَيْرِ و المَعروفِ و الإحسانِ و العَدْلِ والصَّلاحِ أن تَتَّجِهوا إليٰ جِهَةِ المَشرِقِ و تَتَّبِعوا دينَ المَجوسِ و لاجِهَةَ المَغرِبِ و تَتَّبِعوا دينَ اليَهودِ و النَّصاريٰ ،

(‌ وَ لـٰكِنّ البِرَّ مَن آمَنَ باللهِ‌ و اليَومِ الآخر )

و لكِنّ البِرَّ كُلَّ‌ البِرِّ و الخَيْرِ و العَدلِ والصَّلاحِ و الفَلاحِ لِمَن آمَنَ باللهِ وَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ آمَنَ بالمَعادِ و الحَشرِ في الآخِرَةِ و لَوازِمِها ،

(‌ وَالمَلائِكَة و الكتاب و النَبِيّينَ )

و آمَنَ بِالملائِكَةِ النّورانِيَّة جميعُهُم سِيّما المُقَرَّبونَ كَجبرئيلَ و مِيكائيلَ و إسرافيلَ و عِزرائيلَ‌ و آمَنَ‌ بالكِتابِ السَّماويّ كالتَّوراةِ و الإنجيلِ و القُرآنِ و آمَنَ بالأنبياءِ و المُرسَلينَ جميعاً ،

(‌ وَ آتَيٰ المالَ عليٰ حُبِّهِ ذوي القُربيٰ و اليَتاميٰ و المَساكين وابنَ السَّبيل و السّائِلين وَ في الرِّقاب )

والبِرّ كُلّ البِرّ لِمَن أعطيٰ خُمسَ المالِ عليٰ حُبِّ اللهِ لِذوي قُربيٰ النَّبيِّ و ذُريَّتِهِ و يَتاماهُم و المَساكينَ مِنهُم وَابنَ السَّبيل و السّائِلينَ منهُم الخُمسَ نَفَقَةً و مَن في رَقَبَتِهِم ،

( وَ‌ أقامَ الصَّلاةَ و آتيٰ الزّكاة )

و البِرّ كُلّ البِرّ لِمَن أقامَ الصَّلاةَ‌ كما صَلاّها رَسولَ اللهِ و آلِهِ مِن دونِ بِدعَةٍ و تَكفيرٍ و آمّين و غَيرها ، و كذا لِمَن أعطيٰ الزَّكاةَ لِمُستَحقّيها غير ما ذُكِرَ مِن الخُمس ،

(‌ وَ‌المُوفونَ بِعَهْدِهِم إذا عاهَدوا )

و البِرّ كُلّ البِرّ لِمَن هُم يُوفونَ‌ بِعُهودِهِم مَعَ اللهِ و مَعَ النّاس إذا عَاهَدوا عَهداً مَعَ الله أو مَعَ النّاس لا مَن نَكَثَ عَهدَ الله ،

(‌ وَ‌الصّابِرينَ في البَأسآءِ و الضَرّآءِ و حينَ البَأسِ )

والبِرّ كُلّ البِرّ لِلصّابِرينَ في الحَربِ و القِتالِ و الجِهادِ في سبيلِ اللهِ و الصّابِرينَ في الفَقرِ و المَرَضِ الّتي تَضُرُّ بِهِم و الصّابِرينَ‌ عليٰ أذيٰ أعداءِ آلِ محمدٍ (ص) والظّالِمينَ الجائِرين ،

( أولئِكَ الّذينَ صَدَقُوا وَ أولئِكَ هُمُ المُتَّقون )

أولئِكَ أهل البِّر الّذي ذَكرناهُ هُمُ الّذين صَدَقوا في إدّعاءِ الإيمانِ و الفَوْزِ والفَلاحِ و أولئِكَ وَحدُهُم هُمُ المُتَّقونَ‌ حَقيقَةً‌ و صِدقاً‌ وهُمُ‌ الشّيعه .

(‌ يا أيُّها الّذين آمَنوا كُتِبَ عليكُمُ القِصاصُ في القَتليٰ الحُرُّ بالحُرِّ و العَبدُ بالعَبدِ و الاُنثيٰ بالاُنثيٰ )

يا أيّها الّذين آمَنوا بالإسلامِ كَتَبَ اللهُ عليكُم في القُرآنِ القِصاص و حُكمُهُ فَيَجِبُ عليكُم أن تَقْتَصّوا في القَتليٰ بالعَمدِ لا الخَطَاْء فَتَقتُلوا القاتِلَ الحُرّ بالمَقتولِ الحُرّ و القاتِل العَبدِ‌ بالمَقتولِ‌ العَبْد و الاُنثيٰ بالاُنثيٰ مُماثِلَةً و إلاّ فَتَدفَعوا نِصفَ دِيَةِ الرَّجُل ثُمَّ تَقتَصّوا مِنهُ لِلاُنثيٰ و كذا العَبد ،

(‌ فَمَن عُفِيَ لهُ‌ مِن أخيهِ شيءٌ فإتِّباعٌ بالمَعروفِ و أداءٌ إليهِ بإحسانٍ )

فَمَن مِنَ المُرتَكِبِ لِجَريمَةِ القَتلِ اُعفِيَ لهُ عَفواً‌ مِن أخيهِ وَليِّ المَقتولِ شَييءٌ مِنَ القِصاصِ فَيَجِبُ عليهِ أن يَتَّبِعَ حُكمَ اللهِ بِدَفعِ الدِّيَةِ إتّباع عادلٍ وَ يُؤدّيها إليهِ بإحسانٍ وَ شُكرٍ ،

(‌ ذلِكَ‌ تَخفيفٌ مِن رَبِّكُم و رَحمَةٌ فَمَن اعتَديٰ بَعدَ ذلِكَ فَلَهُ عذابٌ أليم )

ذلِكَ الحُكمُ بِدَفعِ الدِّيَةِ بعدَ العَفوِ مِنَ القِصاصِ هُوَ تَخفيفٌ عليكُم مِن ربِّكم في التّكالِيفِ الشَرعِيَّةِ و رَحمَةٌ بِكُم شَرَّعها لَكُم فَمَن اعتَديٰ بالقَتلِ بَعدَ أخذِ الدِّيَةِ فَلَهُ عذابٌ أليمٌ يوم القيامَه ،

(‌ و لَكُم في القِصاصِ حَياةٌ يا اُولي الألبابِ لَعلّكُم تَتَّقون )

واعلَموا أنَّ لكُم في إجراءِ أحكامِ القِصاصِ حَياةٌ سعيدَةٌ و إحياءٌ لِلحَقّ و العَدلِ‌ و صيانَةٌ لِحياةِ الأحياءِ يا أصحابَ العُقولِ السَّليمَةِ فنُعَلِّمُكُم لعَلَّكم تَتَّقونَ اللهَ و لا تُعَطِّلونَ القِصاص ،

(‌ كُتِبَ عليكُم إذا حَضَرَ أحدكُمُ المَوتُ إن تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّة )

كَتَبَ اللهُ‌ عليكُم و فَرَضَ و أوْجَبَ عليكُم أيّها النّاس أن إذا حَضَرَ أحدكُمُ المَوتُ و الأجَلُ سوآءً كانَ رسول الله أو غيرِهِ مِنَ النّاسِ إن تَرَكَ تَرَكَةً فَليُوصِ الوَصِيَّةَ ،

(‌ لِلوالِدَيْنِ و الأقرَبينَ بالمَعروفِ حَقّاً‌ عليٰ المُتَّقين )

فيُوصي بالثُّلثِ الّذي هو لِنَفسِهِ لِلوالِدَيْن إن كانا أو أحدهما و الأقرَبينَ الأرحام و الجِيران فَيَبذِل لَهُم بالمَعروفِ كيفَما شآءَ و فُرِضَ ذلِك حَقّاً عليٰ المُتَّقينَ فَلَعنَةُ اللهِ عليٰ مَن قالَ ماتَ النَّبيَّ مِن غَيرِ وَصِيَّةٍ ،

(‌ فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَ‌ ما سَمِعَهُ فإنّما إثمُهُ عليٰ الّذين يُبَدّلونَهُ إنّ اللهَ سميعٌ عليم )

فَمَن بَدَّلَ الإيصاءَ‌ غَيرَ الّذي وَصّيٰ بِهِ المُوصي بَعدَ ما سَمِعَهُ مِنهُ فإنّما إثمُهُ سيكونُ عليٰ الّذين يُبَدِّّلونَهُ فيُعاقَبون عليهِ إنَّ اللهَ سَميعٌ لِأقوالِهِم عليمٌ بِأحوالِهِم

( فَمَن خافَ مِن مُوصٍ جَنَفاً أو إثماً فَأصلَحَ بَيْنَهُم فَلا إثمَ عليهِ إنَّ اللهَ غَفورٌ رحيم )

فَمَن كانَ وَصِيّاً ‌عليٰ وَصِيَّةٍ و خافَ أن يُبتَليٰ مِن قِبَلِ المُوصي جَنَفاً عَنِ الحَقِّ أو إثماً و ظُلماً و فِسقاً بالوَصيَّةِ‌ فَأصلَحَ بَيْنَ الوَرَثَةِ مُخالِفاً لِوَصيّةِ المُوصي فلا إثمَ عليهِ إنَّ اللهَ غَفورٌ رحيم ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا كُتِبَ عليكُمُ الصِّيامُ كما كُتِبَ عليٰ الّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقون )

يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلامِ كَتَبَ اللهُ عليكُم فَرَضَ الصِّيامِ في شَهرِ رَمَضان كما كَتَبَ الصّيامَ سابِقاً عليٰ الّذينَ مِن قَبلِكُم مِنَ الاُمَم لَعَلَّكُم بِبَرَكَةِ الصِّيامِ‌ تَتَّقونَ المُحرَّمات ،

( أيّاماً مَعدوداتٍ فَمَن كانَ مِنكُم مَريضاً أو عليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ اُخَر )

فَصوموا أيّاماً مَحدوداتٍ مَعدوداتٍ مِن شَهرِ رَمَضان كُلّ عامٍ فَمَن كانَ مِنكُم أيّها المُكَلّفونَ مَريضاً لا يَقدِرُ عليٰ الصَّوْمِ أو عليٰ سَفَرٍ مَشروعٍ فَيُفطِرُ وُجوباً و يَصومُ عِدَّة من أيّامٍ اُخَر قَضاءً ،

(‌ و عليٰ الّذينَ يُطيقونَهُ فِديَةُ طَعامُ مسكينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيراً فهُوَ خَيرٌ لهُ و أن تَصوموا خَيرٌ لكُم إن كنتُم تعلَمون )

و يَجِبُ عليٰ الّذينَ يُطيقونَ الصَّوْمَ فَوْقَ طاقَتِهِم فِديَةُ طعامِ مِسكينٍ مُدَّيْنِ عَن كُلِّ يَوْمٍ لِهِرَمٍ أو حَملٍ أو رِضاعٍ أوداءِ عَطَشٍ فَمَن تَطَوَّعَ أكثَرَ مِنَ المُدّ طعاماً فهوَ أفضَلُ لهُ ثَواباً‌ وَ أن تَصوموا قَضاءً بَعدَ الفِدْيَةِ فَهُوَ أفضَلُ‌ لكُم إن كنتُم تعلَمونَ فائِدَة الصَّوْم ،

( ‌شهرُ رَمَضانِ الّذي اُنزِلَ فيهِ القُرآن هُديٰ لِلنّاسِ و بَيِّناتٍ مِنَ الهُديٰ وَ الفُرقان )

وَ إنّما جَعَلَ الصَّومَ في رَمَضانٍ لِأنّ شَهرُ رَمضان هو الّذي أنزَلَ اللهُ فيهِ القُرآن عليٰ رَسولِهِ محمّدٍ (ص) لَيْلَةَ القَدرِ ليكونَ هادِياً‌ لِلنّاس جميعاً و مُبيناً لهُم مِن سُبُلِ الهِدايَةِ و مِمّا يُفرِقُ بَيْنَ الحَقّ و الباطِل ،

( فَمَن شَهِدَ منكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمه )

فَمَن شاهَدَ بِعَيْنِهِ‌ منكُم أيّها المُسلِمونَ هِلالَ الشَّهرِ وَرآهُ فَيَجِبُ عليهِ أن يصومَهُ فَثُبوتِ الشَّهرِ بالمُشاهِدَةِ و الرَّؤيَه ،

(‌ وَ مَن كانَ مَريضاً أو عليٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أيّامٍ‌ اُخَر )

وَ مَن كانَ مِنكُم أيّها المُكَلَّفونَ مَريضاً‌ يَضُرّهُ الصَّوْمَ‌ أو لا يَقدِرُ عليهِ ، أو كانَ عليٰ سَفَرٍ مُباحٍ فَيَجِبُ عليهِ أن يَفطُر و يَصوم مكانَهُ عِدَّةٌ مِن أيّامٍ‌ اُخَر بَعدَ رَمَضان ،

(‌ يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ و لا يُريدُ بِكُم العُسر )

وَ بِهذا الحُكمِ الوُجوبيِّ مِنَ الأفطار في المَرَضِ والسَّفَر يُريدُ اللهُ بِكُمُ التَّسهيلَ‌ و اليَسارَ و لا يُريدُ بكُم الإعسار بالصَّوْم ،

(‌ و لِتُكمِلوا العِدَّة و لِتُكَبّروا اللهَ عليٰ ما هَداكُم وَ لَعَلَّكم تَشكُرون )

وَ بالحُكمِ الوُجوبيِّ بالصَّوْمِ عِندَ‌ مُشاهِدَةِ هِلالِ رَمَضان يُريدُ اللهُ لِتُكمِلوا عِدَّة صَومِ رَمَضان و لِتُكبِّروا اللهَ يَومَ العِيدِ عليٰ ما هَداكُم لِلصَّوْم لعلَّكم تشكرونَ‌ اللهَ عليٰ الهِدايَه ،

( و إذا سَألَكَ‌ عِبادي عَنّي فإنّي قَريبٌ )

يا رَسولَ الله إذا سَألَكَ عِبادي المَخلوقين عَنّي فَقُل لهُم إنّي مُحيطٌ بِكُلِّ شييءٍ موجودٍ في كُلِّ مكانٍ و زَمانٍ قَريبٌ مِنهُم‌ بِعِلمي و قُدرَتي ،

(‌ اُجيبُ دَعوَةَ‌ الدّاعِ إذا دَعانِ )

و قُل لهُم اُجيبُ دُعاءَ الدّاعي لي بِشَرائِطِ الدُّعاءِ إذا دَعاني بِإيمانٍ و إخلاصٍ و إنقِطاعٍ ،

( فليَستَجيبوا لي و ليُؤمِنوا بي لعلَّهُم يرشُدون )

فَقُل لهُم يا حبيبي فَليَستَجيبوا لي بِدَعوتي لِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) وليُؤمنوا بي إيماناً مَعَ الوِلاءِ لهُم لَعلّهم يَهتَدونَ إليٰ الرَّشادِ و السَّداد ،

(‌ اُحِلّ لكُم لَيْلَةَ‌ الصِّيامِ الرَّفَثُ إليٰ نِساءِكُم )

أحَلَّ اللهُ لكُم أيّها المُسلِمونَ في لَيْلَةِ شَهرِ رَمَضان الجِماعُ و الإفضاءُ إليٰ نِساءِكُم بَعدَ أن كانَ حَراماً ،

(‌ هُنَّ لِباسٌ لكُم و أنتُم لِباسٌ لَهُنّ )

فَنِساءِكُم هُنّ في حُكمِ لِباسٍ لَكُم تَلتَفّونَ و تَدفئونَ بِهِ و تَهدَأون فيهِ‌ و أنتُم أيُّها الرِّجالَُ لِباسٌ لَهُنّ تَستُرونَهُنَّ و تُلَفِّفوهُنّ ،

(‌ عَلِمَ اللهُ‌ أنّكُم كنتُم تَختانونَ أنفُسَكُم فَتابَ عليكُم و عَفا عنكُم )

عَلِمَ اللهُ‌ أنّكُم يا عُمَر و غَيرِهِ كنتُم تَرتَكِبونَ الخِيانَةَ ضِدَّ أنفُسِكُم و تَرتَكِبونَ الجِماعَ المُحَرَّم لَيْلَةَ‌ الصِّيامِ فَتابَ عليكُم أيّها المُسلِمونَ‌ بِتَحليلِ الرَّفَث فيها و عَفا عنكُم بإعفاءِكُم مِنَ الحُرمَه ،

( فَالآنَ باشِروهُنَّ وابتَغوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُم )

فَمِنَ الآنِ و صاعِداً باشِروهُنَّ بالجِماعِ إن أرَدتُم وابتَغوا ما كَتَبَ اللهُ لكُم مِنَ الثَّوابِ لِمِتعَةِ النِّساء ،

( و كُلوا واشرَبوا حَتّيٰ يَتَبيَّنَ لكَُمُ الخَيْطُ الأبيَضَ مِنَ الخَيْطِ الأسوَدِ مِنَ الفَجر )

وَ مِنَ الآن و صاعِداً كُلوا واشرَبوا في اللَّيْل مُباحاً حتّيٰ يَتَبيَّنَ لكُمُ الخَيطُ الأبيَضِ مِنَ الخَيْطِ الأسوَدِ مِنَ الفَجرِ الصّادِقِ في الاُفُق ،

(‌ ثُمَّ‌ أتِمّوا الصِّيامَ إليٰ الَّليْل )

ثُمَّ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً مَولويّاً بالإمساكِ مِنَ المُباشِرَة بالجِماعِ و الأكلِ والشُّربِ و أَتِمّوا الصِّيامَ إليٰ الَّليْلِ و إستِتارِ الحُمرَةِ المَشرِقيَّةِ في الاُفُقِ ،

( وَ لا تُباشِروهُنّ و أنتُم عاكِفونَ في المَساجِد )

و نَنهاكُم نَهياً تَحريميّاً لا تُباشِروهُنَّ بأيَّةِ مُباشِرَةٍ بِشَهوَةٍ و أنتُم عاكِفونَ في المَساجِدِ بالإعتِكافِ الشَّرعيّ ،

( تِلكَ حُدودُ اللهِ فَلا تَقرَبوها )

تِلكَ الواجِباتُ و المُحَرّماتُ الّتي ذَكرناها هِيَ حُدودُ اللهِ الّتي حَدَّدَها و فَرَضَها لِلمُكلَّفين فلا تَقرَبوها بالعِصيانِ و المُخالَفَه ،

(‌ كذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنّاسِ لعلَّهُم يَتَّقون )

كذلكَ البَيانُ الواضِحُ الصَّريحُ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ التَشريعيَّةَ لِلنّاس المُكَلَّفينَ‌ بِها لِعَلَّهُم يَتَّقونَ الشَرَّ ‌و يُطيعونَها ،

( و لا تَأكُلوا أموالَكُم بَيْنَكُم بالباطِل )

و نَنهاكُم نَهياً تحريميّاً باتَاً أن لا تَأكُلوا أموالَ بعضِكُمُ البَعضَ بَيْنَكُم بالباطِلِ كَمَنعِ خُمسِ آل محمّدٍ‌ (ص) و غَصبِ الحُقوقِِ كَفَدَكٍ و السَّرِقَةِ والرِّبا و الرِّشوَةِ و القِمار ،‌

‌( و‌ تُدلوا بِها إليٰ الحُكّامِ لِتَأكُلوا فَريقاً‌ مِن أموالِ النّاسِ بالإثمِ و أنتُم تَعلَمون )

و لا تُدلوا بالرِّشوَةِ إليٰ حُكّامِ الجَوْرِ و القُضاةِ الظّالِمينَ كَي بِحُكمِهِم تَأكُلونَ قِسماً مِن أموالِ النّاسِ غَصباً بالإثمِ و العُدوانِ و أنتُم تعلَمونَ أنّها لَيسَت لَكُم بَل هِيَ حَرامٌ عليكُم ،

(‌ يسألونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُل هِيَ مَواقيتُ لِلنّاسِ و الحَجِّ )

يَسألونَكَ يا رسولَ اللهِ عَن حِكمَةِ جَعلِ الأهِلّةِ في أوَّلِ الشُّهورِ فَقُل لهُم حِكمَتُها هِيَ أنّها جُعِلَت لِمَعرِفَةِ الأوقاتِ لِاُمورِ النّاسِ كالصِّيامِ و الحَجّ ،

(‌ و لَيسَ البِّر بأن تَأتُوا البُيوتَ‌ مِن ظُهورِها و لكنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقيٰ )

و قُل لهُم لَيسَ البِرُّ والصَّلاحُ و العَدلُ أن تَأتوا بُيوتَ النّاسِ مِن ظَهرِ حيطانِها بَدَلاً مِن أبوابِها كما فَعَل عُمَر و تجسَّسَ فَدَخَل و لَم يُسَلِّم فَراهُم يَشرَبون فَزَجَرَهُم فَأجابوهُ قَد خالَفتَ ثَلاثاً دَخولَكَ مِن غيرِ البابِ و تَجَسُّسِكَ و لَم تُسَلِّم ،

( وَ آتُوا البُيوتَ مِن أبوابِها وَاتَّقوا اللهَ لعلَّكُم تُفلِحون )

فَيَجِب عليكُم أن تَأتُوا البُيوتَ مِن أبوابِها فعليكُم بِطاعَةِ أهل بَيْتِ النَّبيّ والتَّمَسُّكِ بِهِم فَأهلُ البَيْتِ (ع) أدريٰ بِما في البَيْتِ وَ‌اتَّقوا بِمُوالاتِهِم لَعَلَّكُم تُفلِحونَ بِوِلايَتِهِم ،

(‌ وَ‌قاتِلوا في سبيلِ اللهِ الَّذينَ يُقاتِلونَكُم و لا تَعتَدوا إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدين )

و نَأمُرُكم أمراً وُجوبيّاً كفائِيّاً أيُّها المُسلِمونَ قاتِلوا جِهاداً في سبيلِ اللهِ مَعَ الّذين يُقاتِلونَكُم إبتداءً بالقَتلِ سَواءً كانوا كُفّاراً أو مُحارِبينَ وَ بُغاةَ و لا تَعتَدوا عليٰ المُسلِمينَ بالبِدأَةِ بالقِتالِ إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ علَيهِم ،

( وَاقتُلوهُم حيثُ ثَقِفتُموهُم و أخرِجوهُم مِن حيثُ أخرَجوكُم )

وَاقتُلوا الّذين يُقاتِلونَكُم و يُحارِبونَكُم أيْنَما وَجدتُموهُم و مَتيٰ وَجدتُموهُم وَ‌أخرِجوهُم مِن ديارِكِم كما هُم أخرَجوكُم مِن ديارِكُم ،

(‌ وَالفِتنَةُ أشَدُّ مِنَ القَتل )

وَاعلَموا أنَّ فِتَنَةَ الشِّركِ و النِّفاقِ و البَغيِ الّتي يُعلِنونَها هِيَ أشَدُّ و أعظَمُ عليكُم و عليٰ دينِكُم مِنَ‌ القَتلِ و الحَرب ،

( و لا تُقاتِلوهُم عندَ المَسجدِ الحرامِ حتّيٰ يُقاتِلونَكُم فيهِ )

و نَنهاكُم أن تُقاتِلوا أهلَ الفِتنَةِ‌ أعداءِكُمُ المُخالِفينَ و البُغاةِ و المُنافِقينَ في حُدودِ الحَرَمِ الشَّريفِ و مَكّةَ حتّيٰ هُم يُقاتِلونَكُم فيهِ ،

( ‌فَإن قاتَلوكُم فاقتُلوهُم كذلِكَ جزاءُ الكافِرين )

فَإن قاتَلوكُم هُم في الحَرَمِ الشَّريفِ فَحينَئِذٍ لا نَهيَ عليكُم فاقتُلوهُم فيهِ كذلِكَ العِقابُ‌ بالقَتلِ هُوَ جَزاءُ الكافِرينَ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ .

(‌ فإن انتَهَوْا فَإنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيم )

فإن إنتَهَوْا عَنِ البَغيِ والقِتالِ و عَنِ الكُفرِ و النِّفاقِ فَإنَّ اللهَ غَفورٌ رحيمٌ يأمُرُكُم بالإنتِهاءِ مِن مُحارَبَتِهِم و قَتلِهِم ،

( وَ قاتِلوهُم حتّيٰ لا تَكونَ فِتنَةٌ و يكون الدّينُ لِلّه )

و قاتِلوا الّذين يُقاتِلونَكُم مِنَ المُحارِبينَ سَواءً مِنَ الكُفّارِ أو المُنافِقين و الباغِين حتّيٰ لا تكونَ قُوَّةٌ لِلفِتنَةِ المُعادِيَةِ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و يكونُ الدّينُ الحاكِمُ الغالِبُ السّائِدُ كلّهُ لِلّهِ و لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ فَإن انتَهَوْا فلا عُدوانَ إلاّ عليٰ الظّالِمين )

فإن انتَهَوا مِنَ المُحارَبَةِ و القِتالِ وامتَنَعوا عَنِ الإعتِداءِ عليكُم فلا عُدوانَ و قِتالَ يَجِبُ عليكُم بَعدَهُ إلاّ عليٰ الظّالِمين لِآلِ محمّدٍ و شيعَتِهِم ،

(‌ ألشَّهرُ الحَرامُ بالشَّهرِ الحَرامِ و الحُرُماتُ قِصاصٌ )

القِتالُ والجِهادُ في الشَّهرِ الحَرامِ جائِزٌ لَكُم إذا قاتَلوكُم بالشَّهرِ الحَرامِ وَ هَتَكوا حُرمَتَهُ وَ‌ هكذا الحُرُماتُ‌ المَكانِيَّةُ و الزَّمانِيَّةُ يُقتَصُّ بِمِثلِها قِصاصٌ ،

( فَمَنِ‌ اعَتديٰ عليكُم فاعتَدوا عليهِ بِمِثلِ ما اعتَديٰ عليكُم وَاتَّقوا اللهَ وَ اعلَموا أنَّ اللهَ مَعَ المُتّقين )

فَمَنِ‌ اعَتديٰ عليكُم في الشَّهرِ الحَرامِ و البَلَدِ الحَرامِ فاعتَدُوا عليهِ قِصاصاً بِمِثلِ ما اعتَديٰ عليكُم لا أزيدَ واتَّقوا اللهَ في الإفراطِ والتَّفريطِ و اعلَموا أنَّ اللهَ مَعَ المُتّقينَ في القِصاص ،

( وَ‌أنفِقوا في سَبيلِ اللهِ وَ لا تُلقُوا بِأيديكُم إليٰ التَّهلُكَةِ )

وَ‌ أنفِقوا النَّفسَ والنَّفيسَ وَ المالَ وَ‌ السِّلاحَ في سبيلِ اللهِ لِجهادِ أعداءِ اللهِ و لا تُلقُوا بِأيديكُم إليٰ الهَلاكِ بِسَبَبِ البُخلِ والشُّحِّ ،

( ‌و أحسِنوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنين )

و أحسِنوا في الإنفاقِ في سبيلِ اللهِ بِأن تُنفِقوا أكثَرَ مِمّا هُوَ واجِبٌ عليكُم و أحسِنوا جِهادَ عَدوِّكُم و عَدوِّ آلِ مُحمّدٍ (ص) إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنين في ذلك الواجِب ،

( و أتِمّوا الحَجَّ و العُمرَةَ لِلّهِ فَإن اُحصِرتُم فما استَيْسَر مِنَ الهَديِ )

و نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً أن إذا أحرَمتُم لِلحَجِّ أو العُمرَةِ فَأتِمّوا مَناسِكَها و وَاجِباتِها لِلّهِ خالِصَةً فإن اُحصِرتُم عَنِ الإتمامِ فاذبَحوُا ما استَيْسَر لكُم مِنَ الهَديِ لِلإحلالِ مِنَ الإحرام ،

( وَ لا تَحلِقوا رُؤسَكُم حتّيٰ يَبلُغَ الهَديُ مَحِلَّه )

و لا تَحلِقوا رُؤسَكُم في الحَجِّ حتّيٰ يَبلُغَ الهَديُ الّذي أرسَلتُموهُ لِيذُبَحَ في مِنيٰ مَحِلَّهُ مِن مِنيٰ حيثُ حُوصِرتُم مِنَ الذِّهابِ إليها ،

(‌ فَمَن كانَ مِنكُم مَريضاً أو بِهِ أذيًٰ مِن رَأسِهِ فَفِديَةٌ مِن صيامٍ أو صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ )

فَمَن كانَ مِنكُم أيُّها الحُجّاجُ مَريضاً أو بِهِ وَجَعاً و صُداعاً‌ و جُرحاً في رَأسِهِ فَحَلَقَ قَبلَ الهَديِ فعَلَيْهِ فِدَيَةٌ مِن صيامٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ أو دَفعُ صَدَقَةٍ لِعَشَرةَ مساكينٍ إطعامُهُم أو ذِبحُ شاةٍ ،

( فإذا أمِنتُم فَمَن تَمتَّعَ بالعُمرَةِ إليٰ الحَجِّ فما استَيْسَرَ مِنَ الهَدي )

فإذا ارتَفَعَ الصَّدُّ و الحَصُر و ارتَفَعَ العُذرُ و المَنعُ و أمِنتُم عليٰ أنفُسِكُم لإتمامِ الحَجِّ بَعدَ عُمرَةِ‌ التَّمَتُّعِ فَيَجِبُ عليكُم أن تُضَحّوا ما استَيْسَرَ لَكُم مِنَ الهَديِ بِمِنيٰ ،

(‌ فَمَن لَم يَجِد فَصِيامُ‌ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ و سَبعَةٍ‌ إذا رَجَعتُم تِلكَ عَشَرَةٌ كامِلَه )

فَمَن لَم يَجِد عِندَهُ ثَمَناً لِلهَديِ أو لَم يَجِد هَدياً يَهديهِ فَيَجِبُ عليهِ بَدَلُهُ صِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ في الحَجِّ و سَبعَة أيّامٍ اُخريٰ حينَما يَرجِعُ إليٰ بَلَدِهِ فتكون عَشَرَةَ أيّامٍ كامِلَه ،

( ذلِكَ لِمَن لَم يَكُن أهلَُهُ حاضِري المَسجدِ الحَرام )

و ذلكَ الحُكمُ بالهَديِ أو البَدَلِ عَنهُ هو لِمَن لَم يَكُن أهلُهُ و عِيالُهُ مُقيمينَ في مَكّةَ كي يَكونَ حَجُّهُم قِراناً أو إفرداً بَل يَحجُّ تَمتُعاً ،

( واتَّقوا اللهَ وَاعلَموا أنَّ اللهَ شَديدُ العِقاب )

واتّقوا اللهَ أيّها الحُجّاجُ و أطيعوهُ في جَميعِ مَناسِكِ الحَجِّ و أحكامِهِ‌ و لا تَعصوُهُ واعلَموا أنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ عليٰ مَن يَعصيهِ فيها ،

( ألحَجُّ أشهُرٌ مَعلوماتٌ )

إنَّ أوقاتِ الحَجّ و زَمانِها هِيَ في أشهُرٍ مَعلوماتٍ فَعُمرَةُ التَّمَتُّعِ مِن ذي القِعدَةِ إليٰ يومِ عَرَفة و الحَجُّ مِن يَومٍ عَرَفةٍ إليٰ أيّامَ التَّشريق ،

( فَمَن فَرَضَ فيهِنَّ الحَجَّ فلا رَفَثَ و لا فُسوقَ و لا جِدالَ في الحَجّ )

فَمَن فَرَضَ عليٰ نَفسِهِ إحرامَ الحَجِّ و عُمرَة التَّمَتُّعِ لِحِجّةِ الإسلامِ في أشهُرِ الحَجِّ فلا يَجوزُ لهُ الرَّفَثُ مَعَ النِّساءِ و لا مُطلَقِ الفُسوق و لا الجِدال مَعَ‌ الخصومِ في أثناءِ أعمالِ الحَجّ ،

(‌ وَ ما تَفعَلوا مِن خَيْرٍ يَعلَمهُ اللهُ وَ تَزَوَّدوا فَإنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقويٰ واتَّقونِ يا اُولي الألباب )

وَ ما تَفعَلوا مِن عَمَلِ خَيْرٍ و طاعَةٍ و عِبادَةٍ يَعلَمهُ اللهُ و تَزَوَّدوا في سَفَرِ الحَجِّ بِزادِ التَّقويٰ فَإنَّ خَيرَ الزّادِ هُوَ التَّقويٰ لَكُم واتَّقونِ و لا تَعصوني يا أصحابَ العُقولِ السَّليمَة .

( لَيسَ عليكُم جُناحٌ أن تَبتَغوا فَضلاً مِن رَبِّكم )

ليسَ عليكُم أيُّها الحُجّاجُ جُناحٌ و إثمٌ و لَوْمٌ أن تَطلُبوا في أيّامِ الحَجِّ رِزقاً يَتَفَضَّلُ بهِ رَبّكُم مِنَ التِّجارَةِ و الكَسب ،

(‌ فإذا أفَضتُم مِن عَرَفاتٍ فاذكُروا اللهَ عِندَ المَشعَرِ الحَرامِ )

فإذا خَرَجتُم مُتَدَفِّقينَ بَعدَ الوُقوفِ مِن الزَّوالِ إليٰ الغُروبِ يَوْمَ التّاسِعِ مِن عَرَفاتٍ مُتَوَجِّهينَ إليٰ المَشعَرِ فاذكُروا اللهَ عِندَ الوُقوفِ في المَشعَرِ الحَرام ،

(‌ وَ اذكُروهُ كما هَداكُم و إن كُنتُم مِن قَبلِهِ لَمِنَ الضّالّين )

واذكُروا اللهَ حامِدينَ كما هَداكُم لِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ الطّاهِرينَ و قولوا : ألحَمدُ لِلّهِ الّذي جَعَلَنا مُتَمَسِّكينَ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ الطّاهِرين و إنّكُم كنتُم مِن قَبلِ هذا لَمِن الضّالّين و بِوِلايَتِهِم اهتَدَيْتُم ،

(‌ ثُمَّ أفيضوا مِن حَيْثُ أفاضَ النّاسُ واستَغفِروا اللهَ إنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ )

ثُمَّ نَأمُرُكُم بالخُروجِ مِنَ المَشعَرِ الحَرامِ و المُزدَلِفَةِ فيِ الطّريقٍ يَسيرُ فيهِ النّاسُ عِندَ خُروجِهِم مِنها و هُوَ وادي مُحَسَّرٍ إليٰ مِنيٰ لا غَيرهُ واستَغفِروا الله لِجَميعِ المُؤمِنينَ و المُؤمِناتِ إنَّ اللهَ غَفورٌ لهُم رَحيمٌ بِهِم يَغفِرُ لَهُم جَميعاً ،

(‌ فَإذا قَضَيْتُم مَناسِكَكُم فاذكُروا اللهَ كَذِكْرِكُم آباءَكُم أو أشَدَّ ذِكراً )

فَإذا أدَّيْتُم جَميعَ مَناسِكَ الحَجِّ و قَضَيْتُم واجِباتِها أيُّها الحُجّاجُ فاذكُروا اللهَ بالتّكبيرِ و التَّهليلِ الوارِدِ المَأثورِ أللهُ أكبَرُ عليٰ ما هدانا و الحَمدُ لِلّهِ عليٰ ما أوْلانا ألـٰخ كما كنتُم تذكُرونَ آباءَكُم بالمُفاخِرَةِ بل أكثَر ،

( فَمِنَ‌ النّاسِ مَن يَقولُ رَبّنا آتِنا في الدُّنيا و مالَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ )

فَعلَيْكُم بالدُّعاءِ لِلآخِرَةِ فَمِنَ النّاسِ مَن يَقولُ في دُعاءِهِ : رَبَّنا أعطِنا خَيراتَ الدُّنيا فَحَسبْ و لا يَطلُبُ الآخِره و مالُهُ في الآخِرَةِ مِن مَقامٍ و رَصيدٍ و خَيرٍ ،

( و مِنهُم مَن يقولُ رَبّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً و في الآخِرَةِ حَسَنَةً و قِنا عذابَ النّار )

و مِنَ النّاسِ مَن يَدعوُا اللهَ لِلدُّنيا والآخِرةِ و يَقولُ رَبَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنَةٌ تَنفَعُنا و آتِنا في الآخِرَةِ حَسَنَةً تُنجينا و قِنا عَذابَ النّار ،

( ‌أولئِكَ لهُم نَصيبٌ مِمّا كَسَبوا و اللهُ سريعُ الحِساب )

أولئِكَ الّذين يَطلُبونَ الدُّنيا و الآخِرَة مَعاً سيكونُ لَهُم حَظٌّ يُقسِمُهُ اللهُ لَهُم مِمّا طَلبوا مِن حَسَناتِ الدُّنيا و الآخِرَةِ و اللهُ سَريعُ الحِسابِ عليٰ الأعمال ،

(‌ وَاذكُروا اللهَ في أيّامٍ مَعدوداتٍ فَمَن تَعجَّلَ في يَومَيْنِ فلا إثمَ عَلَيهِ وَ مِن تأخَّرَ فَلا إثمَ عليه ممّن التّقيٰ )

واذكروا اللهَ بالتّكبيراتِ الوارِدَةِ في مِنيْ في أيّامِ التَّشريقِ المَعدوداتِ الثَّلاثَةِ  فَمَن تَعَجَّلَ  بِإتمامِ الحَجِّ في يَومَيْنِ فَأكمَلَ يَومَ العِيدِ لِمَن اتّقيٰ موجِباتِ التَّكفيرِ و يَبقيٰ عليهِ رَميَ الجِمارِ و المَبيتِ فَقَط فلا إثمَ عليه ،

( واتَّقُوا اللهَ وَاعلَموا أنّكُم إليهِ تُحشَرون )

وَاتَّقوا اللهَ يا حُجّاجُ مِن إرتِكابِ مُحرَّماتِ الإحرامِ ومُوجِباتِ الكَفّاراتِ وَ تَركِ مِتعَةِ الحَجِّ و طَوافِ النِّساءِ وَ‌اعلَموا أنّكُم إليٰ اللهِ تُحشَرون فيُجازيكُم بأعمالِكُم ،

( وَ مِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قولُهُ في الحَياةِ الدُّنيا و يُشهِدُ اللهَ عليٰ ما في قَبلِهِ و هُوَ ألَدُّ الحِضام )

وَ مِنَ النّاسِ المُنافِقينَ مِن أصحابِكَ يا حبيبي مَن يُعجِبكَ قَولُهُ في الحياةِ الدُّنيا إذ يُعلِن الإيمانَ و الطّاعَةَ و يُشهِدُ اللهَ عليٰ أنّ ما في قَلبِهِ مُطابِقٌ لِقَولِهِ و هُوَ ألَدُّ الأعداءِ خُصومَةً لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ص) ،

(‌ و إذا تَوَلّيٰ سَعيٰ في الأرضِ لِيُفسِدَ فيها )

وَ‌ هذا الخَصمُ اللَّدودُ لِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) إذا تَوَلّيٰ الحُكْمَ و الخِلافَةَ بعدَ رَسولِ اللهِ (ص) سَعيٰ بِكُلِّ سَعيِهِ لِيُفسِدَ في الأرضِ بِظُلمِهِ وَ جَوْرِهِ و نِفاقِهِ ،

( وَ يُهلِكُ الحَرثَ والنَّسلَ وَ‌اللهُ لا يُحِبُّ الفَساد )

وَ سَعيٰ بَعدَ النّبيّ لِيُتلِفَ المَزارِعَ الخاصَّةِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) في فَدَكٍ و يُهلِكَ نَسلَ الزَّهراءِ فاطِمَةَ بِقَتلِ جَنينِها مُحسِناً وَ‌اللهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ مِنهُ بَل يُبغِضُه ،

( و إذا قيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أخَذَتهُ العِزَّةُ بالإثم )

وَ عِندَ ما يُريدُ إهلاكَ زَرعِ فَدَكٍ  وَ قَتلِ جَنينَ الزَّهراءِ بِعَصرِها بَيْنَ الحائِطِ و البابِ إذا قيلَ لَهُ إنَّ في الدّارِ فاطِمَه يَقولُ و إن !! حيثُ تَأخُذُهُ العِ‍زَّةُ  بالإثم ،

( فَحَسبُهُ جَهَنَّمُ و لَبِئسَ المِهاد )

فَحَسبُ هذا المُفسِد في الأرضِ المُهلِكِ لِلحَرثِ وَ النَّسلِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) جَزآءً لِعَمَلِهِ و ظُلمِهِ جَهَنَّمُ يَخلُدُ فيها و هِيَ أسوَأُ مَقَرٍّ و مَهدٍ لَهُ ،

( وَ مِنَ النّاسِ مَن يَشري نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاتِ الله )

وَ مِنَ النّاسِ المُحتَفّينَ بِكَ يا حبيبي مَن يَبييعُ نَفسَهُ لِلّهِ إبتِغاءً و طَلَباً لِمَرضاتِ اللهِ و هُوَ عليُّ بن أبيطالِبٍ (ع) وَصِيُّك ،

(‌ وَاللهُ رؤفٌ بالعِباد )

وَ اللهُ جَلّ جَلالُهُ رؤفٌ بالعِبادِ المُؤمِنين فِشمُلُهُم بِرَأفَتِهِ فَيُنجِيهِم بِبَرَكَةِ مَبيتِ عليٍّ (ع) في فِراشِ النَّبيّ و جِهادِهِ بِنَفسِهِ ،

( يا أيُّها الّذين آمَنوا ادخُلوا في السِّلمِ كافّةً )

يا أيّها الّذين آمَنوا باللهِ و بِرَسولِهِ و بالإسلامِ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً عَينيّاً اُدخُلوا في السِّلمِ و الوِلاءِ لِعَليٍّ (ع) جَميعاً كُلّكُم ،

( و لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشَّيطانِ إنَّهُ لكُم عَدوٌ مُبين )

و نَنهاكُم نَهياً باتّاً لا تَتَّبِعوا خُطُواتِ الشّيطانِ الّتي يَخطُوها ضِدَّ آلِ مُحمّدٍ (ص) لِيُبعِدُكُم عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) إنّهُ لَكُم عَدوٌ بَيِّنُ العِداء ،

(‌ فَإن زَلَلتُم مِن بَعدِ ما جاءَتكُمُ البَيِّناتُ فَاعلَموا أنَّ اللهَ عَزيزٌ حكيم )

فَإن زَلَلتُم عَن جادَّةِ الحَقِّ وَ‌الصَّوابِ وانحَرَفتُم عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) مِن بَعدِ ما جاءَتكُمُ الآياتُ الشّارحاتُ و البَراهينُ الواضِحاتُ فاعلَموا يَقيناً أنَّ اللهَ عَزيزٌ لا يُذِلُّهُ إنحرافُكُم حكيمٌ لا يَهمُّهُ جَهلُكُم ،

(‌ هَل يَنظُرونَ إلاّ أن يأتيَهُمُ اللهُ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمام )

نَسألُ مُوَبِّخينَ هَل يَنتَظِرونَ‌ أعداءُ عليٍّ (ع) وَ مُناوئوهُ سِويٰ أن يَأتيهمُ اللهُ بِعَذابٍ في ظُلَلٍ تُظَلِّلُ‌علَيهِم في غُيومٍ نارِيَّةٍ مُهلِكَةٍ ،

( وَالمَلائِكَةُ و قُضِيَ الأمرُ وَ إليٰ اللهِ تُرجَعُ الاُمور ، سَل بني إسرائيل كم آتيناهُم من آيةٍ بيّنَةٍ و من يُبدّلَ نعمة اللهِ من بعد ما جاءِتهُ فإنّ اللهَ شديد العقاب )

و يأتيهِمُ اللهَُ بِمَلائِكَةِ العذابِ تَزجُرُ الغَمامَ المُظَلِّلَة عليهِم بالهَلاكِ فَتُهلِكُهُم فَحينَئذٍ يَنتَهي الأمرُ بِهَلاكِهِم وَ ‌إليٰ اللهِ‌ تُرجَعُ الاُمورُ كُلّها فَليَتَّقوا اللهَ وَاسأل اليهودَ‌ يا مُحمّد (ص) كم آتيناهُم من آيةٍ صريحةٍ عليٰ وجوب موالاة أهل بيتك ؟؟؟

(‌ زُيِّنَ‌ لِلَّذين كفَروا الحَياة الدُّنيا وَ يَسخَرون مِنَ الَّذين آمنوا )

زَيَّنَ الشّيطانُ لِلّذين كفروا بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) في أعيُنِهم شَهَواتِ الحياة الدّنيا و لَهَواتِها و زَخارِفِها و يَسخَرونَ مُستَهزِئينَ من الذين آمَنوا بوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) واتَّقَوا ،

( وَالّذين اتَّقَوا فوقَهُم يَومَ القِيامَةِ واللهُ يَرزُقُ مَن يشآءُ بغيرِ حِساب )

و أمِا الّذين اتَّقوا و تَمسَّكُوا بوِلايَةِ‌ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) سيكونُونَ فوقَهُم دَرَجَةً و مَقاماً و شَأناً إذ يكونونَ في الجَنّاتِ و هُم في أسفَلِ دَرَكٍ‌ مِنَ الجَحيمِ و اللهُ يَرزُقُ مَن يشآءُ مِن شِيعَةِ‌ آل مُحمّدٍ (ص) يوم القيامَةِ بِغَيرِ حِسابٍ ،

( كانَ‌ النّاسُ اُمَّةً واحِدَةً‌ فبَعَثَ اللهُ النَبِيّينَ مُبَشِّرينَ و مُنذِرين )

كانَ‌ النّاسُ بَعدَ طوفانِ نُوحٍ اُمّةً واحِدَةً في الدّينِ مُوَحِّدَةٌ غيرَ مُشرِكَةٍ فاختَلَفوا و تَفَرَّقوا فَبَعَثَ اللهُ النّبيّين كإبراهيمَ و موسيٰ و عيسيٰ و غيرهم لِيُوَحِّدوا دينَهُم علي التَّوحيدِ مُبَشِّرينَ لِلمُؤمِنين و مُنذِرينَ لِلكُفّارِ و المُشركين ،

(‌ و أنزَلَ مَعَهُم الكِتابَ بالحَقِّ لِيَحْكُمَ‌ بَيْنَ النّاسِ فيما اختَلَفوا فيهِ )

وَ أنزَلَ اللهُ مَعَ الأنبياءِ اُولوا العَزمِ المُرسَلين كِتابَ الوَحيِ كالتَّوراةِ وَ الإنجيلِ والزَّبُورِ و الصُّحُفِ لِكَي يَحْكُمَ الوَحيُ الإلـٰهيُّ فيما اختَلَفوا فيهِ فُيُعرَفُ الحَقُّ مِنَ الباطِل ،

( و ما اختَلَفَ فيهِ إلاّ الّذين اُوتُوهُ مِن بَعدِ ما جاءَتهُمُ البَيِّناتُ بَغياً بَيْنَهُم )

وَ ما اختَلَفَ في الكتابِ السّماويِّ و أحكامِهِ مِن أهلِ الكِتابِ إلاّ الّذينَ اُوتَوْهُ و كُلِّفوا بِأحكامِهِ مِن بَعدِ‌ ما جآءَتهُم آياتها واضِحاتٍ‌ عليٰ التَّوْحيدِ فاختَلَفوا بَغياً و ظُلماً و عُدواناً و قالوا بالتَّثليث ،

(‌ فَهَديٰ اللهُ الّذين آمَنوا لِما اختلفوا فيهِ مِنَ الحَقِّ بإذنِه )

فهديٰ اللهُ بِمُحمّدٍ و أهلِ بَيْتِهِ (ع) الّذين آمَنوا بوِلايَتِهِم مِن أهلِ الكِتابِ لِما اختَلَفوا عليهِ سابِقاً بَيْنَهُم إليٰ الحَقِّ بإذنِ الله ،

( وَ اللهُ يَهدي مَن يَشآءُ إليٰ صِراطٍ مُستَقيمٍ )

وَ‌ اللهُ جَلَّ جَلالُهُ مَن يَشآءُ هِدايَتَهُ مِن أهلِ الكِتابِ و غَيرِهِم بِواسِطَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) إليٰ صِراطِ عليٍّ المُستَقيم و طَريقِ الحَقّ و العَدل .

( أم حَسِبتُم أن تَدخُلوا الجَنَّةَ و لَمّا يَأتِكُم مَثَلُ الّذينَ خَلَوْا مِن قَبلِكُم مَسَّتهُمُ البَأساءُ و الضَّرّآء )

أيّها المُسلِمونَ التّابِعون و مَن تَبَعَهُم بإحسانٍ هَل ظَنَنتُم أن تَدخُلوا الجَنَّةَ مِن غَيرِ إمتِحانٍ و لم يأتِكُم  بَعدُ مِثلُ‌ أحوالِ الَّذين مَضَوا مِن قَبلِكُم مِنَ المُسلِمينَ إذ مَسَّتهُم أذيٰ الحَربِ و الفَقر ،

( وَ زُلزِلوا حَتّيٰ يَقولَ الرَّسولُ وَالّذين آمَنوا مَعَهُ مَتيٰ نَصرُ الله ؟ )

وَ نالُوا الهَزَّاتَ الشَّديدَةَ‌ والمَصائِبَ المُدَمِّرَة مِنَ‌ الأعداءِ في سُوحِ القِتال إليٰ دَرَجَةٍ قال الرَّسولُ (ص) وَالّذين آمَنوا مَعَهُ كعليٍّ (ع) مَتيٰ يَأتينا نَصرُ اللهِ عليٰ أعداءِنا ؟؟؟

( ألا إنَّ نَصرَ اللهِ قَريب )

فَلتَعلَم أيّها الرَّسولُ و لِيَعلَم آل مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم المُؤمِنين وَ‌ لِيَعلَمِ المُسلِمونَ‌ بِأنَّ نَصرَ اللهِ لِمُحمّدٍ‌ وآلِ مُحمّدٍ (ص) قَريبٌ سيكونُ بِقيامِ المَهديِّ مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ يَسألونَكَ ماذا يُنفِقون ؟ قُل ما أنفَقتُم مِن خَيْرٍ فَلِلوالِدَيْنِ و الأقرَبين وَ اليَتاميٰ والمَساكين وابنِ السَّبيل )

يسألونَكَ يا حبيبي اُمّتُكَ ما تأمُرُهُم يُنفِقون في سبيلِ اللهِ و لِمَن يُنفِقون ؟ قُل لهُم ما أنفَقتُموهُ مِن مالٍ فَقَدِّموهُ لِلوالِدَيْنِ و الأقرباءِ و الأيتام و المَساكين و أبناءِ السَّبيل قُربَةً إليٰ الله ،

(‌ و ما تَفعَلوا مِن خَيْرٍ فَإنَّ‌ اللهَ‌ بهِ عليمٌ )

وَ‌ قُل لهُم يا حبيبي إنَّ ما تَفعَلوهُ مِن عَمَلِ خَيْرٍ و إنفاقٍ قُربَةً إليٰ اللهِ و تُقَدِّموهُ لِلَأصنافِ المَذكورَةِ فإنَّ اللهَ بِهِ عليمٌ مُطَّلِعٌ فَيُثيبُكُم عليه ،

(‌ كُتِبَ عليكُمُ القِتالُ و هُوَ كُرهٌ لكُم وَ عَسيٰ أن تَكرِهوا شيئاً وَ هُو خَيرٌ لكُم )

كُتِبَ و فُرِضَ عليكُمُ القِتالُ الواجِبُ الجِهادِيُّ في القُرآنِ والشَّرعِ و هُوَ مَكروهٌ لكُم مُجبَرونَ علَيهِ و لكِن أطيعوا فَعَسيٰ أن تَكرَهوا شيئاً و هو خَيرٌ لكُم ، فالجَنَّةُ تَحتَ ظِلالِ السُّيوف ،

( وَ عَسيٰ أن تُحِبّوا شيئاً‌ وَ هُوَ شَرٌّ لَكُم وَ‌ اللهُ‌ يَعلَمُ وَ أنتُم لا تَعلَمون )

و رُبّما و لَعَلَّ أن تُحِبّوا شيئاً يكونُ‌ فيهِ اللَّذَّةُ فتَستَهويكُمُ النَّفسُ الأمّارَّةُ إليهِ و هُوَ في الحَقيقَةِ شَرٌّ لكُم و يَضُرّكُم و أنتُم لا تعلَمونَ ضَرَرَهُ  واللهُ يَعلَمُ ذلِكَ و أنتُم تَجهَلونَهُ ،

( يَسألونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرامِ قِتالٍ فيه ؟ قُل قِتالٌ فيهِ كبيرٌ )

يَسألونَكَ يا رسولَ اللهِ أصحابُكَ عَنِ الأشهُرِ الحَرامِ هَل يَجوزُ قِتالٌ فيها ؟ فَأجِبهُم و قُل نَعَم سَيَقَعُ قِتالٌ فيهِ‌ كبيرٌ إذا قاتَلوكُم الكُفّار ،

( وَ صدٌّ عَن سبيلِ اللهِ و كُفرٌ بهِ والمَسجِدِ الحَرامِ و إخراجُ أهلِهِ‌ مِنهُ‌ أكبَر عندَ‌ الله )

و قُل لهُم فيكونُ في الشَّهرِ الحَرامِ صَدٌّ عَن سبيلِ اللهِ لي و لِلمؤمِنين عامَ الحُديبيّه مِن قِبَلِ قُريشٍ و كُفرٌ مِنهُم باللهِ و حُرمَةِ المَسجِدِ الحرامِ و إخراجُ مُحمّدٍ و رَبعِهِ و هُم أهلُ المَسجِدِ الحَرامِ مِنهُ أكبَرُ عِندَ‌ اللهِ مِنَ القِتال ،

(‌ وَ الفِتنَةُ‌ أكبَرُ مِنَ القَتل )

و قُل لَهُم إنَّ فِتنَةَ الكُفرِ و النِّفاقِ و بَعضاءِ آل مُحمّدٍ (ص) وَ‌ عَداوَتِهم هِيَ أشَدُّ مِنَ القَتلِ الّذي يَرتَكِبوهُ لِأنّكُم بالقَتلِ تَنالونَ الشَّهادَةَ‌ و بالفِتنَةِ تَرتَدّونَ عَنِ الدّين ،

( وَ لا يَزالونَ يُقاتِلونَكُم حتّيٰ يَرُدّوكُم عَن دينِكُم إن استَطاعوا )

و هُم لا يَزالونَ يُقاتِلونَكُم لِغَرَضِ الوُصولِ إليٰ الفِتنَةِ كَي يَرُدّوكُم عَن دينِكُم و عَن وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمدٍ (ص) إنِ استَطاعوُا ذلِكَ بِقِتالِكُم

(‌ وَ‌ مَن يَرتَدِد مِنكُم عَن دينِِهِ فَيَمُت و هوَ كافِرٌ فأولئِكَ حَبَطَت أعمالُهُم )

و قُل لِلمُسلِمينَ يا حبيبي : إنَّ‌ مَن يَرتَدِد مِنكُم عن دينِهِ وَ وِلايَةِ محمدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) و يَنحازَ إليٰ بَني اُمَيَّةَ و قُرَيشٍ فَيموتُ و هُوَ مُرتَدٌّ كافِرٌ فالمُرتَدّونَ قَد بَطَلَت و حَبِطَت أعمالُهُم السّالِفَةُ الصّالِحَةُ بالإرتِداد ،

( في الدّنيا و الآخِرة و أولئِك أصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدون )

فَتَبطُلُ أعمالُهُم الخيريَّةِ في الدُّنيا فلا حَقَّ لهُم بالمُطالِبَةِ بما أنفَقوُهُ لِلدّين سابِقاً و تَبطُلُ في الآخِرةِ فلا يَستَحِقّونَ الثَّوابَ و الأجرَ‌ و أولئِكَ أصحابُ النّارِ لِأنَّ الجَنّة مُحرَّمَةٌ عليهِم و هُم في النّارِ يَخلُدون ،

(‌ إنَّ الّذين آمَنوا وَ الّذين هاجَروا و جاهَدوا في سبيلِ اللهِ أولئِكَ يَرجُون رَحمَةَ اللهِ و اللهُِ غَفورٌ رَحيمٌ )

وَ بالتإكيدِ إنَّ الّذينَ آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَالّذين هاجَروا في سبيلِ اللهِ عليٰ مُوالاتِهِم لِآلِ مُحمّدٍ (ص) مِن أوْطانِهِم والّذين جَاهَدوا في سبيلِ اللهِ أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) أولئِكَ يَرجُونَ ثَوابَ اللهِ وَ أَجْرِهِ عليٰ أعمالِهِم و اللهُ غَفورٌ لَهُم رَحيمٌ بِهِم حَتماً ،

( يَسألونَكَ عَنِ الخَمرِ وَ ‌المَيْسِر قُل فيهِما إثمٌ كَبيرٌ وَ منافِعُ لِلنّاسِ و إثمُهما أكبَرُ مِن نَفعِهما )

يَسألونَكَ عَن حُكمِ الخَمرِ و المُسكِراتِ وَ عَنِ القِمارِ فَأجِبهُم و قُل لَهُم أَلحُكمُ هُوَ أنّ في إستعمالِهِما و الإكتِسابِ بِهما و التَّعامُلِ بِهِما إثمٌ و ضَرَرٌ و ذَنبٌ كبيرٌ عِندَ اللهِ يُعاقِبُ عليهِما وَ لَوْ كانَ فيهِما مَنافِعُ مادِّيَّة لِلنّاسِ ، فَإثمُهُما و ضَرَرُهُما و فسادُهُما أكبَرُ و أكثَرُ مِن نَفعِهِما ،

(‌ وَ يَسألونَكَ ماذا يُنفِقونَ قُلِ العَفوَ كذلكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُم الآياتِ لَعَلّكُم تَتَفَكّرونَ في الدُّنيا و الآخِره )

وَ يَسألونَكَ يا حبيبي ماذا يُنفِقونَ نَفَقَةً مُستَحبّةً وَ صَدَقَةً بَعدَ الخُمسِ و الزَّكاةِ قُل لهُم أنفِقوا الزّائِدَ عَن حاجَتِكُم كَي لا تَفتَقِروا كذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُم آياتَ الأحكامِ لَعلَّكُم تَتَفكَّرونَ في شُؤنِ الدّنيا و الآخِرةِ مَعاً ،

( و يَسألونَكَ عَنِ‌ اليَتاميٰ قُل إصلاحٌ لهُم خَيرٌ و إن تُخالِطوهُم فَإخوانُكُم )

و يَسألونَكَ عن تكاليفِهِم بالنِّسبَةِ لِليَتاميٰ والصِّغارِ قُل لَهُم يَجِبُ عليكُم إصلاحُ الاُمورِ لهُم و إدارَة شُؤنِهم و تَنمِيَةُ أموالِهم فَهُوَ خيرٌ مِنَ الجَفاءِ و إن تُخالِطوهُم في النَّفَقَةِ فَهُم إخوانُكُم في الدّين ،

( واللهُ يَعلَمُ المُفسِدُ مِنَ‌ المُصلِح و لو شآءَ اللهُ لَأعنَتَكُم إنَّ اللهَ عَزيزٌ حكيم )

وَ قُل لَهُم إنَّ اللهَ يَعلَمُ‌ و يَعرِفُ مَن هُوَ المُفسِدُ المُسييءُ إليٰ اليَتاميٰ و مَن هُوَ المُصلِحُ الكافِلُ لِليَتاميٰ و لو شآءَ اللهُ إحراجَكُم لَأوجَبَ عليكُمُ العَنَتَ و التَّعَبَ لِليَتاميٰ و لكِنَّهُ لَم يَشَاءْ ذلِكَ‌ إنَّ اللهَ‌ عَزيزٌ في حُكمِهِ حكيمٌ في شَرعِهِ ،

( وَ‌لا تَنكِحوا المُشرِكاتِ حَتّيٰ يُؤمِنَّ و لأمَةٌ مُؤمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشرِكَةٍ و لو أعجَبَتكُم )

و نَنهاكُم نَهياً تَحريميّاً قَطعيّاً لا تَنكِحوا النِّساءَ‌ المُشرِكاتِ إلاّ‌ أن يُؤمِنَّ بالإسلامِ و بالتّأكيدِ إنَّ أمَةً سودآءَ مُؤمِنَةٍ هيَ خَيرٌ عِندَ اللهِ و خَيرٌ لكُم مِن سَيِّدَةٍ مُشرِكَةٍ و لو أعجَبَتكُم حُسنَها و جَمالُها ،

(‌ وَ لا تَنكِحوا المُشرِكينَ حتّيٰ يُؤمِنوا و لَعَبدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِن مُشرِكٍ‌ و لَو أعجَبَكُم )

و كذا نَنهاكم نَهياً قَطعيّاً تحريميّاً لا تُزَوِّجوا الرِّجالَ المُشرِكين نِساءَكُم حتّيٰ يُؤمِنوا بالإسلامِ و بالتأكيدِ‌ إنّ عَبداً مَملوكاً مُؤمِنٌ هُوَ أفضَلُ مِن حُرٍّ مُشرِكٍ و لَو أعجَبَكُم حالُهُ‌ ،

( أولئِكَ يَدعُوْن إليٰ النّارِ واللهُ يَدعوا إليٰ الجَنَّةِ و المَغفِرَةِ بإذنِهِ و يَبَيِّنُ آياتِهِ لِلنّاسِ لَعلَّهُم يَتَذكَّرون )

أولئِكَ المُشرِكاتِ والمُشرِكينَ يَدعُونَ أزواجَهُم إليٰ الشِّركِ و عِقابُهُ النّار و اللهُ يَدعُو بأحكامِهِ هذهِ إليٰ الفَوْزِ بالجَنَّةِ و المَغفِرَةِ النّاتِجَةِ مِن إطاعَةِ أحكامِهِ بِمَشيئَتِهِ و يُبيِّنُ اللهُ لَكُم آيات أحكامِهِ لَعلّكُم تَتَّعِظون ،

( و يَسألونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أذيًٰ‌ فاعتَزِلوا النِّساءَ في المَحيضِ و لا تَقرَبُوهُنَّ حَتّيٰ يَطهُرن )

و يَسألونَكَ عَن تكليفِهِم و حُكمَ جِماعِ النِّساءِ في المَحيضِ قُل لَهُم ألجِماعُ في الفَرجِ هُوَ أذيًٰ لَهُنّ و أذيًٰ لَنا إذ لا يَبغُضُ عليّاً (ع) إلاّ وَلَدُ حَيضٍ أو وَلَدُ زِنا فنَأمُرُكُم إعتَزِلوا جِماعَ النِّساءِ في القُبُلِ في المَحيض و لا تَقرَبوهُنّ بالجِماعِ حَتّيٰ يَطهُرنَ مِنهُ ،

( فَإذا تَطَهَّرنَ فَآتوهُنَّ‌ مِن حَيْثُ أمَركُمُ اللهُ إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ و يُحِبُّ المُتَطهِّرين )

فإذا تَطَهَّرنَ مِنَ المَحيضِ بانقِطاعِ الحَيضِ فَآتوهُنَّ مُجامِعينَ في فروجِهِنّ حيثُ أمَرَكُمُ اللهُ بِذلكَ وجوباً و إستِحباباً إنَّ اللهَ يُحِبُّ التّوّابين عن إتيانِهِنَّ في المَحيضِ و يُحِبُّ المُتَطهِّرينَ‌ عَنِ الجِنابَةِ المُحرَّمة و الحَيض

( نُساؤكم حَرثٌ لَكُم فآتوا حَرثَكُم أنّيٰ شِئتُم )

زوجاتكمْ الدّائِميَّة و المُوَقَّتَهُ وَ‌جَواريكُم و أمّهات أولادِكُم و إماءِكُم هُنَّ كَأرضٍ تَحرِثونَها سَوآءً لِزَرعِ الوَلَدِ أم لا فآتوا حَرثَكُم كَيْفَما شِئتُم إتيانِهِنَّ عَديٰ المَحيضِ قُبُلاً أو دُبُراً بِإنزالٍ وَ‌ سَقيٍ أو بِدونِهِ ،

(‌ وَ‌ قَدِّموا لِأنفُسِكُم وَ اتَّقوا اللهَ وَاعلَموا أنّكُم مُلاقُوهُ وَ بَشِّرِ المُؤمنين )

و قَدِّموا لِأنفسِكُم لِيَومِ الحِسابِ ثَوابَ الإستِمتاعِ و اُجرَةُ واتَّقوا اللهَ في تَحريمِ مِتعَة النِّساءِ ‌و تَغيير السُّنَّة و الشَّرعِ واعلَموا أنّكُم مُلاقونَ حِسابَهُ‌ و جَزاءَهُ و بَشِّرِ المُؤمِنينَ بِثَوابِ‌ المِتعَه ،

( و‌َ لا تَجعَلوا اللهَ عُرضَةً لِأيْمانِكُم أن تَبَرّوا و تَتَّقوا و تُصلِحوا بَيْنَ الناس وَ اللهُ‌ سميعٌ عليم )

وَ نَنهاكُم أن لا تَجعَلوا اسمَ‌ اللهِ في مَعرَضِ أيْمانِكُم و حِلفِكُم و تُقسِموا بهِ إلاّ أن تَبَرّوا بالحَلفِ و تَتّقوا و لا تَحنَثوا باليَمينِ أو تُصلِحوا باليَمينِ بَيْنَ الناس و اللهُ سميعٌ بذلكَ‌ عليمٌ بهِ ،

( لا يُؤاخِذكُم اللهُ باللَّغوِ في أيْمانِكُم و لكِن يُؤاخِذكُم بما كَسَبَت قُلوبُكُم وَ اللهُ غفورٌ رحيمٌ )

لا يُحاسِبُكُم اللهُ و يُعاقِبُكُم بالَّلغوِ الغَيْرِ المَقصودِ و لا المُتَعمَّدِ في أيْمانِكُم وَ لكِنّهُ يُحاسِبُكُم بما كَسَبَت قُلوبُكُم مِن قَصدٍ و نِيَّةٍ باليَمينِ الكاذِبَةِ أو حَنثِ اليَمينِ واللهُ غفورٌ يَغفِرُ اللَّغوَ رحيمٌ بِكُم ،

( لِلّذينَ يُؤلونَ مِن نساءِهِم تَربُصّ أربَعَةَ أشهُرٍ فَإن فآؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ )

تَشريعٌ لِلّذين يُؤلونَ ‌إيلاءً مِن نساءِهِم فَيَحلِفونَ تَركَ جِماعِهِنَّ فُرصَة لَهُم إنتظارُ أربَعَةِ أشهُرٍ فَقَط فإن رَجَعوا إليٰ الجِماعِ فإنَّ اللهَ غَفورٌ لَهُم رحيمٌ بهِم ،

(‌ وَ إِن عَزَموا الطَّلاقَ فَإنَّ‌اللهَ سَميعٌ عَليمٌ )

وَ إن لَم يَرجِعوا إليٰ جِماعِهِنَّ فَيَجِبُ عليهِم تَسريحهنّ وَ إن عَزَموا عليٰ الطَّلاقِ و لَم يَفيئُوا فإنَّ اللهَ سَميعٌ لِصيغَةِ الطَّلاقِ عليمٌ بهِ ،

( وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُروء )

وَ الزَّوجاتُ الحَرائِرُ المُطَلَّقاتُ بِأيِّ سَببٍ كان فَيَجِبُ عليهِنّ العِدَّةُ لِلطّلاقِ فَيَتَرَبَّصنَ‌ لها بِأنفُسِهِنَّ عَنِ العَقدِ الآخَر ثلاثَة أطهُرٍ بَعدَ حَيضٍ تَماماً

(‌ وَ لا يَحِلُّ َلَهُنَّ‌ أن يَكتُمنَ ما خَلَقَ اللهُ في أرحامِهِنَّ إن كُنّ يُؤمِنّ باللهِ وَ اليومِ الآخر )

وَ تِلكَ عِدّتهنَّ‌ إن لَم يَكُن لَهُنَّ حَملٌ و لا يَحِلُّ لَهُنَّ شَرعاً أن يَكتُمنَ خَبَر ما خَلَقَ اللهُ في أرحامِهِنَّ مِن حَملٍ بَل يَجِبُ عليهِنّ الإخبارُ بهِ فَعِدَتّهنّ وَضعُ حَملِهِنَّ‌ ذلِكَ مِن لَوازِمِ الإيمانِ باللهِ و المَعاد ،

( وَ‌بُعولَتُهُنَّ أحَقُّ بِرَدِّهِنّ في ذلـٰكَ إن أرادوآ إصلاحاً )

وَ أزواجُهُنَّ أحَقُّ مِن غيرهِم بِرَدِّهِنَّ إليٰ النِّكاحِ في العِدَّةِ الرَّجعيَّةِ بالرُّجوعِ إليهِنَّ في العِدّة إن أرادا إصلاحاً بَيْنَهما لِما سَبَقَ ،

( وَ لَهُنّ مِثلُ الّذي عليهِنَّ‌ بالمَعروفِ و لِلرَّجال عليهِنّ دَرَجَةً واللهُ عزيزٌ حكيم )

وَ لِلزَّوجاتِ مِنَ الحُقوقِ عليٰ الأزواجِ مِثلُ الّذي عليهِنّ لَهُم مِنَ‌ الحُقوقِ بالمَعروفِ المُتعارَفِ عَقلاً و عُرفاً و شَرعاً و لِلرِّجالِ عليهِنَّ دَرَجَةً مِنَ الإمتيازِ بِأنَّهُم قَوّامُونَ عليهِنّ بالنَّفَقَه ،

( ألطَّلاقُ مَرَّتانِ فإمساكٌ بِمَعروفٍ أو تَسريحٌ بِإحسانٍ )

ألطَّلاقُ الّذي يَجوزُ الرُّجوعُ عَنهُ في العِدَّةِ لِلرَّجُلِ فَهُوَ مَرَّتانِ فَقَط لا أكثَر فَبَعدَهُما فإمّا إمساكٌ‌ لِلزَّوجَةِ بِمَعروفٍ أو طلاقٌ بِإحسانٍ وَ تَسريحُهُنّ بِلا رُجوعٍ‌ وَ لا تَحِلُّ لَهُ إلاّ بَعدَ أن تَتَزَوَّجَ غَيرَه ،

( وَ لا يَحِلُّ لَكُم أن تَأخُذوا مِمّا آتيتُموهُنَّ شيئاً إلاّ أن يَخافا ألاّ يُقيما حُدودَ‌ الله )

وَ لَيسَ بِحَلالٍ لَكُم أيّها الرِّجالُ أن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ‌ مِنَ المُهورِ والنَّفَقَةِ شيئاً عِندَ الطَّلاقِ إلاّ طَلاقَ الخُلعِ إذا خافا ألاّ يُقيما حُدودَ‌ اللهِ الشّرعيَّةِ باستِمرارِ زَواجِهما وَ تَهديدُ عُمرَ بمصادَرةِ المُهور ظلمٌ و حرام ،

( فَإن خِفتُم ألاّ يُقيما حُدودَ اللهِ فلا جُناحَ عليهِما فيما افتَدَت بِهِ تِلكَ حُدودَ اللهِ فلا تَعتَدوها )

فإن خَشَيتُم ألاّ يُقيما ألزَّوجانِ حُدودَ‌ اللهِ الواجِبَةِ فَيَنحَرِفانِ عَن جادَّةِ الشَّرعِ و يَقَعانِ في الفَسادِ فلا حَرَجَ عليهِما فيما وَهَبَتِ الزّوجَةُ للإختِلاع فِداءً لِنَفسِها تِلكَ حُدودُ اللهِ فلا تَتَجاوَزوها ،

( وَ مَن يَتَعَدَّ حُدودَ اللهِ فَأولـٰئِكَ هُمُ الظّالِمون )

وَ‌ مَن يَتجاوَز حُدودَ‌ اللهِ الشَّرعيَّةِ و أحكامَهُ لِلمِتعَةِ و اليَمينِ والطَّلاقِ و العِدَّةِ فَأولئِكَ المُبتَدِعونَ هُمُ الظّالِمونَ و لَعنَةُ اللهِ عليٰ الظّالِمين ،

( فإن طَلَّقَها فلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدِ حتّيٰ تَنكِحَ زَوجاً غَيرَه )

فإن طَلَّقَها الزَّوجُ ألمَرَّةَ الثالِثَةَ بعدَ الرُّجوعَيْن فلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدِ ذلكَ حتّيٰ تَنكِحَ زَوجاً غيرَهُ فَيُدخِل و يُنزِل فيها و تَذوقُ عَسيلَتَهُ و يَذوقُ عَسيلَتَها

( فَإن طَلَّقها فلا جُناحَ عليهِما أن يَتَراجَعا إن ظَنّا أن يُقيما حُدودَ‌ الله )

فإن طَلّقَها الزَّوجُ الثّاني بإختيارِهِ و رِضاهُ لا بالجَبرِ و الإكراهِ فلا جُناحَ عليهِما بَعدَ العِدَّة عَنهُ أن يَتَراجِعا و يَتزَوّجا إن ظَنّا أنّهما سَيُقيمانِ حُدودَ اللهِ الواجِبَةِ ،

( وَ‌ تِلكَ حُدودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَومٍ يعلَمون )

و تِلكَ الأحكامُ هِيَ حدودُ اللهِ الّتي شَرَّعها لِعِبادِهِ و يُبَيِّنُها و يُوضِحُها لِقَومٍ يَعلَمون حِكمَةَ تشريعِها و فوائِدِها و آثارِها ،

(‌ وَ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ فَبَلغَنَ أجَلَهُنّ فَأمسِكوهُنَّ بِمَعروفٍ أو سَرِّحوهُنَّ بِمَعروفٍ )

‌وَ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ الطَّلاقَ الرّجعيّ فَبَلَغنَ إنتِهاء أجَلِ عِدَّتِهِنّ و لَم يَنتهي فإمّا أن تَمسِكوهُنّ بالرُّجوعِ بِمَعروفٍ أو سَرِّحوهُنَّ بِمَعروفٍ بَعدَ الإنتهاء

(‌ وَ لا تُمسِكوهُنّ ضِراراً لِتَعتَدوا وَ‌ مَن يَفعَل ذلكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَه )

وَ لا تُمسِكوهُنّ بالرُّجوعِ قاصِدينَ لَهُنَّ إضراراً و إيذاءً لِتَعتَدوا عليهِنّ بِحِرمانِهِنَّ مِن حُقوقِهِنّ و حِرمانِهِنَّ مِن الزَّواجِ بِغَيرِكُم و مَن يَفعَل ذلكَ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ إذ يُجبِرُهُنَّ عليٰ الخِيانَه ،

(‌ وَ لا تَتَّخِذوا آياتِ اللهِ هُ‍زُواً واذكُروا نِعمَةِ اللهِ عليكُم وَ ما أنزَلَ عليكم منَ الكِتابِ و الحِكمَةِ يَعِظُكُم بهِ )

وَ نَنصَحُكُم أن لا تَتَّخِذوا آيات أحكامِ اللهِ هُزُواً تَستَهزِئونَ بِها و تُخالِفوها وَاذكُروا نِعمَةَ اللهِ عليكُم بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و سُنَّتِهِم وَ ما أنزَلَ اللهُ عليكُم مِنَ القُرآنِ و أحكامٍ حكيمَةٍ فيهِ يَعِظُكُم بهِ و يُرشدُكُم ،

(‌ وَاعلَموا أنَّ‌ اللهَ بِكُلِّ شييءٍ عليمٌ )

واعلَموا أيُّها النّاسُ عِلمَ يَقينٍ بِأنَّ اللهَ بِكُلِّ شَييءٍ فيهِ مَصلِحَتِكُم و صَلاحُ اُمورِكُم عليمٌ خَبيرٌ فيُشَرِّعُهُ لَكُم حَسبَ عِلمِه ،

(‌ وَ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ فَبَلَغنَ أجَلَهُنَّ فلا تَعضُلوهُنَّ أن يَنكِحنَ أزواجَهُنَّ إذا تَراضَوا بَيْنَهُم بالمَعروف )

‌و إذا طَلَّقتُمُ زَوجاتِكُم أيّها الرِّجالُ فَبَلَغنَ نِهايَةَ أجَلِ عِدَّتِهِنَّ و مُدّتها ، فلا تَمنَعوهُنَّ أن يَتَزَوّجنَ ثانِياً مَعَ‌ أزواجِهِنّ المُطَّلِقينَ لَهُنّ إذا تَفاهَموا و تَراضَوا بَيْنَهُم بالمَعروفِ مُجَدَّداً ،

(‌ ذلِكَ يُوعَظُ بهِ مَن كانَ مِنكُم يُؤمِنُ باللهِ و اليَومِ الآخِر ذلكُم أزكيٰ لَكُم و أطهَر وَ اللهُ يعلَمُ و أنتُم لا تَعلَمون )

ذلِكَ الأمرُ مِنَ اللهِ يُوعَظُ بهِ أولياء الزَّوجَةِ مَن كانَ مِنكُم يُؤمِنُ باللهِ و اليَوْمِ الآخِر و يَخافُ الحساب لِأنّ ذلِكُمُ الزَّواجُ المُجَدَّدُ أزكيٰ لكُم و أطهَرُ مِنَ الفِراقِ الدّائِمِ واللهُ يَعلَمُ المَصالِحَ و أنتُم لا تَعلَمونَها ،

(‌ وَالوالِداتِ يُرضِعنَ أوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَن أرادَ أن يُتِمَّ الرّضاعَه )

والوالِداتُ لَهُنّ حَقُّ الحِضانَةِ و الرِّضاعَةِ لِأولادِهِنّ فيُرضِعنَ أولادَهُنَّ حَوْلَيْنِ و سَنَتَيْنِ كامِلَيْنِ حتّيٰ بَعدَ الطّلاقِ إن أرادَت ذلك ،

( و عليٰ المولودِ لَهُ رِزقُهُنَّ و كِسوَتهنَّ بالمَعروفِ لا تُكلَّفُ  نَفسٌ إلاّ وُسعَها )

و يَجِبُ عليٰ الوالِدِ المَولودِ لَهُ الوَلَدُ الأنفاقُ عليٰ رِزقِ الوالِداتِ المُرضِعاتِ طول أيّامِ الرِّضاع بالمُتَعارَفِ شَرعاً و عُرفاً و لا تُكلَّفُ نَفسٌ لا الأبُ و لا الاُمُّ إلاّ حَسبَ قُدرَتِها ،

( ‌لا تُضارُّ والِدَةٌ بِوَلَدِها و لا مولودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ و عليٰ الوارِثِ مِثلُ ذلِك )

ففي الشَّرعِ لا تَتَضَرَّرُ والِدَةٌ فتُجبَرُ عليٰ إرضاعِ وَلَدِها و لا يَتَضَرَّرُ والِدٌ وُلِدَ لهُ المَولودُ بِوَلَدِهِ و يَجِبُ عليٰ وارثِ الأب الإنفاق عليٰ الاُمِّ كما وَجَبَ عليه ،

( فإن أرادا فِصالاً عَن تَراضٍ منهُما و تَشاوُرٍ فلا جُناحَ عليهما )

فإن أرادَ الوالِدانِ فِطاماً لِلوَلَدِ عَنِ الرّضاعَةِ بِتَراضٍ منهُما عليهِ و تَشاوُرٍ بَيْنَهما و تَفاهُمٍ فلا حَرَجَ عليهِما و لا إثم ،

( وَ‌إن أردتُم أن تَستَرضِعوا أولادَكُم فلا جُناحَ عليكُم إذا سَلَّمتُم ما آتيتُم بالمَعروفِ )

وَ‌ إن أردتُم أيّها الآباءُ أن تَستَرضِعوا أولادَكُم مُرضِعاتٍ غير الاُمَّهات فلا حَرَجَ عليكُم فافعَلوا بِشَرطِ أن إذا سَلَّمتُم إليهِنَّ ما آتيتُموهُنّ مِنَ الاُجورِ بالمَعروف ،

(‌ وَاتَّقوا اللهَ واعلَموا أنّ اللهَ بما تعمَلون بَصير )

وَاتَّقوا اللهَ أيّها الآباءُ في حَقِّ الاُمّهاتِ و الأولادِ و اعلَموا أنَّ‌ اللهَ بِما تعمَلونَ مِن عَمَلٍ مَعَهُم بَصيرٌ يُراقِبُكُم و يُحاسِبُكُم عليه ،

( وَالّذينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُم و يَذَرونَ أزواجاً يَتَرَبَّصنَ بِأنفُسِهِنَّ أربَعَةَ أشهُرٍ و عَشراً )

والّذينَ يُتَوَفّوْنَ و يَموتُونَ مِنكُم أيّها المُسلِمونَ و يَترُكُونَ زَوجاتٍ أرامِل فَعِدَّتِهِنَّ أن يَتَرَبَّصنَ بِأنفُسِهِنَّ عنِ الزَّواجِ أربَعَةَ أشهُرٍ و عَشَرةَ أيّامٍ كامِلَه ،

( فإذا بَلَغنَ أجَلَهُنَّ فلا جُناحَ عليكُم فيما فَعَلنَ في أنفُسِهِنَّ بالمَعروفِ واللهُ بما تعمَلونَ خَبير )

فإذا بَلَغنَ آخَر أجَلِ عِدَّتهِنَّ و أتمَمنَها فلا حَرَجَ عليكُم مِنَ التَّقَدُّمِ إليهِنَّ بالخِطبَةِ أو العَقدِ و فيما فَعَلنَ بأنفُسِهِنَّ مِنَ التَّزَيُّنِ و الإقدامِ عليٰ النِّكاحِ كيفَما أرَدنَ بالمَعروفِ شَرعاً و عُرفاً واللهُ بما تعمَلونَ مَعَهُنَّ خَبيرٌ ،

( وَ لا جُناحَ عليكم فيما عَرَّضتُم بهِ مِن خِطبَةِ النِّساءِ أو أكنَنتُم في أنفُسِكُم عَلِمَ اللهُ أنّكُم سَتَذكُرونَهُنّ )

و لا حَرَجَ عليكُم فيما أشَرتُم بالكِنايَةِ و تَعرَّضتُم إجمالاً مِن خِطبَةِ النِّساءِ المُتوَفّيٰ عَنهُنَّ أزواجَهُنَّ في عِدَّتِهِنَّ أو أضمَرتُم ذلِكَ في أنفُسِكُم إذ عَلِمَ اللهُ أنّكُم سَتَذكُرونَهُنَّ و تَميلوُنَ لِزَواجِهِنّ ،

( وَ لـٰكِن لا تُواعِدوهُنَّ سِرّاً إلاّ أن تَقولوا قَوْلاً مَعروفاً )

وَ لكِنَّ الجُناح كُلّ الجُناح عليكُم فيما صَرَّحتُم بهِ مِنَ الخِطبَةِ فَهُوَ حَرامٌ فلا تُواعِدوهُنَّ عليٰ النِّكاحِ سِرّاً إلاّ أن تَقولوا قَوْلاً يَلوَّحَ إليهِ بِالمُتعارَفِ المَشروع ،

( و لا تَعزِموا عُقدَةَ النِّكاحِ حتّيٰ يَبلُغَ الكِتابُ أجَلَه )

وَ نَنهاكُم نَهياً تحريميّاً قَطعيّاً لا تُبرِموا عَقدَ النِّكاحِ و الزَّواجِ مَعَ الأرامِل مِنَ النِّساءِ حَتّيٰ يَبلُغَ المَكتوبُ مِنَ العِدَّةِ نَهايَةَ أجَلِهِ فَتَنتَهي العِدَّةُ ،

(‌ وَاعلَموا أنَّ اللهَ يَعلَمُ ما في أنفُسِكُم فاحذَروهُ واعلَموا أنَّ اللهَ غَفورٌ حَليمٌ )

واعلَموا أيّها النّاسُ أنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ و عالِمٌ بما في أنفُسِكُم مِن مُيولٍ و أهواءٍ تِجاهَ النِّساءِ فاحذَروهُ أن يُعاقِبَكُم عليٰ العِصيانِ وَاعلَموا أنَّ‌ اللهَ غَفورٌ لِلمُؤمنينَ حليمٌ بِكُم ،

(‌ لا جُناحَ عليكُم إن طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَم تَمَسّوهُنَّ أو تَفرِضوا لَهُنَّ فَريضَةً )

لا حَرَجَ عليكُم إنَّ طَلَّقتُمُ النِّساءَ و لَم تَمَسّوهُنَّ بالدُخولِ و الجِماعِ أن تَعزِموا عَقدَ النِّكاحِ عليهِنّ مُباشَرَةً إذ لَيْسَ عليهِنَّ عِدَّةٌ أو تَفرِضوا لَهُنَّ فَريضَةَ المُهور ،

( وَ مَتِّعوهُنَّ عليٰ المُوسِعِ قَدرُهُ وَ عليٰ المُمتِرِ قَدرُهُ مَتاعاً بالمَعروفِ حَقّاً عليٰ المُحسِنين )

وَ مَتِّعوا النِّساءَ المُطَلَّقاتِ مِن غَيرِ دُخولٍ بِهِنَّ لِلعَقدِ المُجَدَّدِ مُهورَهُنّ فَعَليٰ المُوسِعِ في المالِ وَ المَهر بِقَدَرِهِ مِنَ المَهرِ وَ عليٰ المُقتِرِ في المالِ ألمَهر بِقَدَرِهِ مَتاعاً بالمَعروف شَرعاً‌ و عُرفاً واجِباً حَقّاً‌ لَهُنّ عليٰ المُحسِنينَ عليهِنَّ ،‌

( وَ إن طَلَّقتُموهُنَّ مِن قَبلِ أن تَمَسّوهُنّ و قَد فَرَضتُم لَهُنَّ فَريضةً فَنِصفُ ما فَرَضتُم )

و إن طَلَّقتُموهُنّ مِن قَبلِ أن تَمَسّوهُنّ بالدُّخولِ والجِماعِ و قَد فَرَضتُم لهُنّ المَهرَ في العَقدِ فريضةً شرعيَّةً فعليكُم نِصفُ ما فَرَضتُم مِنَ المَهرِ لَهُنّ

( إلاّ أن يَعفَونَ أو يعفُوَ الّذي بِيَدِهِ عُقدَة النِّكاح و إن تَعفُوا أقرَبُ لِلتَّقويٰ )

إلاّ أن يَعفَوْنَ المُطَلَّقاتُ مُهورَهُنّ لِأزواجِهِنَّ أو يَعفُوَ الّذي بِيَدِهِ عُقدَة النِّكاحِ مِن أولياءِهِنَّ و آباءِهِنَّ مُهورَهُنَّ فلا حَرَجَ إذاً و لَو تَعفُوا كُلّ المَهرِ لَهُنَّ هُوَ أقرَبُ لِلتَّقويٰ ،

( وَ‌ لا تَنسَوُا الفَضلَ بَيْنَكُم إنَّ‌ اللهَ بِما تَعمَلونَ بَصير )

وَ لا تَنسَوْا أيُّها الأزواجَ الفَضلَ الّذي تَفضَّلَت بِهِ الزَّوْجاتُ عليكُم مِنَ الإستِمتاعاتِ غير الدُّخولِ طيلَةَ أيّامِ العَقدِ و خَدَماتِهِنَّ لكُم ، فَأعطوهُنّ اُجورَهُنَّ إنَّ اللهَ بما تعمَلونَ مَعَهُنَّ بَصيرٌ يُراقِبُكُم و يُحاسِبُكُم علَيه ،

( حافِظوا عليٰ الصَّلَوات )

يا أيُّها المُسلِمونَ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً عَينيّاً حافِظوا عليٰ أداءِ الصَّلواتِ الواجِبَةِ كُلِّها أليومِيَّةَ وَ‌ الجُمعَةِ و الآياتِ و‌َ غَيرِها بِشَرائِطِها من دونِ بِدعَةٍ كما صَلاّها مُحمّدٌ و آلُه (ص)

(‌ وَالصَّلاة الوُسطيٰ )

وَ نأمُرُكُم أمراً قَطعِيّاً مَولَوِيّاً إيضاً أيُّها النّاسُ‌ حافِظوا عليٰ شَرطِ قَبولِ الصَّلَواتِ الّتي تَتَوَسَّطُ العِبادات و لا تَتَحَقَّقُ صَلاةٌ إلاّ بِها و هِيَ‌ وِلايَةِ عليّ بن أبيطالِبٍ وَ أهلِ البَيْت (ع) فَهِيَ الحقيقةُ الوُسطيٰ فيها ،

(‌ و قومُوا لِلّهِ قانِتين )

وَ قُوموا في الصَّلَواتِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَ لِلّهِ قانِتينَ بالدُّعاءِ رافِعينَ الأكُفّ بالقُنوتِ و قُوموا لِلّهِ‌ عليٰ وِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) مُطيعينَ لِأوامِرِهِم ،

( فإن خِفتُم فَرِجالاً  أو رُكباناً فإذا أمِنتُم فاذكُروا اللهَ كما عَلّمَكُم ما لم تَكونُوا تَعلَمون )

فإن خِفتُم العَدُوَّ أو الحَيوانَ المُفتَرِسَ و غيرَهُ عليٰ أنفُسِكُم لو وقَفتُم لِلصَّلاةِ فَصَلّوا راجِلينَ و مَشياً أو راكِبينَ المَراكِبِ صَلاة خَوفٍ بالإيماء ، فاذا أمِنتُم وارتَفَعَ الخَوفُ فَصلّوا كما عَلَّمكُم اللهُ الصَّلاة الكامِلةَ

( وَ الّذينَ‌ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُم و يَذَرونَ أزواجاً وَصِيّةً لِأزواجِهِم مَتاعاً إليٰ الحَوْلِ غَيرَ إخراج )

والرّجالُ الّذين يَموتوُنَ منكُم ويَترُكونَ زَوجاتٍ و يُوصونَ لِزَوجاتِهمُ النَّفَقَةَ والسُّكنيٰ لِمُدَّةِ سَنَةٍ بَعدَ وفاتِهِم فلا يَجوزُ إخراجُهُنَّ‌ إلاّ بَعدَهُ مِن مَسكَنِهِنَّ ،

(‌ فَإن خَرَجنَ فلا جُناحَ عليكُم في ما فَعَلنَ في أنفُسِهِنَّ مِن مَعروفٍ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ )

فَإن خَرَجنَ الزَّوجاتُ‌ قَبلَ إنتهاءِ الحَوْلِ بِرِضاءِهِنَّ مِن بُيوتِهِنّ فلا حَرَجَ عليكُم في ما فَعَلنَ في أنفُسِهِنَّ بَعدَ العِدَّةِ مِن التَّزَيُّنِ و غيرهِ مِن عَمَلٍ مَعروفٍ مُباحٍ غير مُنكَرٍ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ في أحكامِه ،

(‌ و لِلمُطَلّقاتِ مَتاعٌ بالمَعروفِ حَقّاً عليٰ المُتَّقينَ كذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُم آياتِهِ لَعلّكُم تَعقِلون )

و لِلزَّوْجاتِ المُطَلَّقاتِ‌ مَتاعٌ النَّفَقَةِ بالمَعروفِ المُتَعارَفِ حَسبَ شُؤونها طيلَة إيّامِ عِدَّتِها حَقّاً‌ واجِباً لَهُنَّ عليٰ أزواجِهِنَّ‌ المُتَّقين و هكذا يَشرَحُ اللهُ لَكُم آياتِ أحكامِهِ لعلَّكُم تَعقِلونَ تَكاليفَكُمُ الشَّرعِيَّةَ‌ ،

(‌ ألَم تَرَ إليٰ الّذين خَرَجوا مِن دِيارِهِم و هُم اُلوفٌ حَذَرَ المَوْت فقال لهُمُ اللهُ مُوتوا ثُمَّ أحياهُم )

كيفَ ينكُر المُنافِقونَ الرَّجعَةَ ؟ ألَم تَنظُر يا حبيبي إليٰ آثارِ الّذين خَرَجوا مِن ديارِهِم فِراراً مِنَ الطّاعُون و هُم اُلوفٌ حَذَرَاً مِنَ المَوتِ بِسَبَبِهِ فَأماتَهُمُ اللهُ جَميعاً ثُمَّ‌ أحياهُمُ اللهُ بِدُعاءِ حِزقيل أحَدِ أنبياءِ بَني إسرائيل ؟؟؟

(‌ إنَّ اللهَ لَذُو فَضلٍ عليٰ النّاسِ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرون )

بالتّأكيدِ إنَّ اللهَ سُبحانَهُ لَذو فَضلٍ عليٰ النّاسِ المُنتَظِرينَ لِقيامِ المَهديّ مِن آلِ محمدٍ (ص) فَيَتفَضَّل عليٰ المُؤمِنينَ المُخلِصينَ بالرَّجعَةِ إليٰ الحياةِ بَيْنَ يَدَيْهِ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لا يَشكُرونَ نِعمَةَ إنتِظارِهِ ؟؟

( وَ قاتِلوا في سَبيلِ اللهِ واعلَموا أنَّ اللهَ سميعٌ عليم )

وَ نَأمُرُكم أيّها المُؤمِنون المُنتَظِرونَ لِقِيامِ المَهديِّ (ع) قاتِلوا أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) في سبيلِ اللهِ لِتَعجيلِ ظُهورهِ واعلَموا أنَّ‌ اللهَ سميعٌ لِأقوالِكُم عليمٌ بِأحوالِكُم ،

( مَن ذا الّذي يُقرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أضعافاً كثيرةً )

أيّها المُسلِمون مَن هُوَ ذا مِنكُم ألّذي يُقرِضُ اللهَ بِصِلَةِ آل مُحمّدٍ (ص) قَرضاً حَسَناً مِن دونِ مِنَّةٍ فيُضاعِفَهُ اللهُ لَهُ أضعافاً كثيرَةً في المِيزانِ و الجَزاءِ وَ الأجرِ والثَّواب ؟؟؟

(‌ وَاللهُ يَقبِضُ وَ يَبسُط و إليهِ تُرجَعون )

واللهُ سُبحانَهُ لِحِكمَتِهِ ومَشيئَتِهِ يَختَبِر أولياءَهُ و شيعَتِهِم و ذُرِيَّتِهِم فَيَقبِضَ عنهُمُ الرِّزقَ أحياناً فَصِلوهُم و أقرِضوا اللهَ و يَبسُطُ لهُمُ الرِّزقَ أحياناً فلا يَحتاجونَكُم و إليٰ اللهِ تُرجَعونَ فيُجازيكُم ،

( ألَم تَرَ إليٰ المَلَاءِ مِن بَني إسرائيلَ مِن بَعدِ موسيٰ إذ قالوا لِنَبيٍّ لهُمُ ابعَث لَنا مَلِكاً نُقاتِل في سبيلِ الله )

نَستَفهِمُكَ‌ إستِنكاراً عليٰ مُنكري وِلايَةِ عليٍّ (ع) ألَم تَنظُر إليٰ حالِ طائِفَةٍ مِنَ اليَهودِ مِن بَعدِ موسيٰ حيثُ قالوا لِنَبيٍّ لهُم يُسمّيٰ إشموئيل إنصِب لَنا مَلِكاً أميراً نُقاتِل في سبيلِ اللهِ تَحتَ رايَتِهِ فكيفَ يُنكِرونَ نَصبَ عليٍّ (ع) ،

( قالَ هَل عَسيتُم إِن كُتِبَ عليكُمُ القِتالُ ألاّ تُقاتِلوا ؟ قالوا و مالَنا ألاّ نُقاتِل في سبيلِ اللهِ و قَد اُخرِجنا مِن ديارِنا و أبناءِنا ؟)

فقالَ لهُم النّبيُّ إشموئيل هَل إذا نَصَبتُ لكُم مَلِكاً عَسيٰ ألاّ تُقاتِلوا تَحتَ رايَتِهِ إن كتب عليكُمُ الجِهاد ؟ قالوا و ما يكونُ لنا أن لا نُقاتِل في سبيل الله قومَ جالوتَ و قَد أخرَجونا مِن ديارِنا مَعَ أولادِنا ؟

( فَلَمّا كُتِبَ عليهِمُ القِتالُ تَوَلَّوا إلاّ قليلاً مِنهُم و اللهُ عليمٌ بالظّالِمين )

فَلمّا نَصَبَ لهُم طالوتَ مَلِكاً و أمرَهُم بالجِهادِ و كَتَبَ عليهِم فَريضَةَ‌ القِتالِ مَعَ جالوتَ و جُنودِهِ أعرَضوا عن القِتالِ إلاّ قَليلاً مِنهُم و اللهُ عليمٌ بحالِ الظّالِمينَ مِنَ اليَهود ،

(‌ وَ قالَ لهُم نَبيُّهُم : إنَّ‌ اللهَ قَد بَعَثَ لكُم طالوتَ مَلِكاً )

و قالَ‌ لِبَني إسرائيلَ نَبِيُّهُم إشموئيل : إنَّ‌ اللهَ قَد نَصَبَ لكُم طالوتَ مَلِكاً عليكُم و أميراً و قائِداً فَكَيْفَ يقولُ المُنافِقونَ‌ إنَّ اللهَ لم يَنصِب عليّاً‌ (ع) ؟؟؟

(‌ قالوا أنّيٰ يكونُ لهُ المُلكُ علَينا و نَحنُ أحَقُّ بالمُلكِ مِنهُ و لَم يُؤتَ سَعَةً مِنَ‌ المال )

فَقالَ الظّالِمونَ مِنهُم لِنَبيِّهِم كيفَ يكونُ لِطالوتَ المُلكُ علَينا ؟ مُستَنكِرينَ وَ قالوا نَحنُ أحَقُّ بالمُلكِ منهُ‌ و لَم يُؤتِهِ اللهُ سَعَةً مِن الثَّراءِ و هكذا قالَ أعداءُ عليٍّ (ع) فيهِ‌ ،

( قالَ إنَّ اللهَ اصطَفاهُ عليكُم و زَادَهُ بَسطَةً في العِلمِ و الجِسمِ واللهُ يُؤتي مُلكَهُ مَن يشآءُ وَ اللهُ‌ واسِعٌ عليم )

قالَ لَهُم إشموئيل أناما اختَرتُهُ مِن نَفسي بَل إنَّ‌ اللهَ اختارَهُ أميراً علَيكُم وَ زادَهُ سَعَةً في العِلمِ و العَقلِ وَ‌ قُوّةِ الجِسمِ وَ‌الشُّجاعَةِ وَ كذلكَ عليُّ ابن أبيطالِبٍ (ع) وَ اللهُ يُؤتي مُلكَهُ مَن يشآءُ و يَختارَهُ واللهُ واسِعُ الفَضلَ‌عَليمٌ بالمَصالِح ،

(‌ وَ‌ قالَ لَهُم نَبيُّهُم إنَّ آيَةَ مُلكِهِ أن يَأتِيكُم التّابوت فيهِ سَكينَةٌ مِن رَبِّكُم )

وَ قالَ‌ لهُم إشموئِيل إنَّ عَلامَةَ إنتِصابِهِ لِلمُلكِ مِنَ‌ اللهِ أن يأتيكُم طالوتُ بالصُّندوقِ المُسَمّيٰ بالتّالوتِ فيهِ ألواحُ موسيٰ المُتَكَسِّرةِ و اللَّوْح المُسَجَّل فيهِ أسماءِ‌ أنبياءِ بَني إسرائيلَ و أوصياءِهِم ما يَطمَئِنُّ بهِ قُلوبُكُم مِن فَضلِ ربّكم ،

( وَ بَقيّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ موسيٰ وَ آلُ هارونَ تَحمِلُهُ المَلائِكَةُ إنَّ في ذلِكَ لَآيَةً‌ لكُم إن كنتُم مُؤمنين )

وَ‌ فيهِ بَقيَّةُ آثارٍ مِمّا تَرَكَ آلُ موسيٰ بن عِمرانَ و آلُ هارونَ مِنهُما في التّابُوتِ كعَصيٰ موسيٰ و نَعلَيْهِ و عِمامَةِ هارون و تَحمِلُ التّابُوتَ المَلائِكَه إنّ في ذلِكَ لَدِلالَةً لكُم عليٰ أنّهُ مَنصوبٌ مِن قِبَلِ اللهِ إن كُنتُم مُؤمِنينَ بوِلايَةِ الله ،

(‌ فَلَمّا فَصَلَ طالوتُ بالجُنودِ قالَ إنَّ اللهَ مُبتَليكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَلَيْسَ مِنّي و مَن لَم يَطعَمهُ فإنّهُ مِنّي إلاّ مَن اغتَرَفَ غَرفَةً بِيَدِه )

فَلَمّا زَحَفَ طالوتُ بالجُنودِ و فَصَلَهُم عن دِيارِهِم قالَ لهُم إنَّ اللهَ مُختَبِرُكُم و مُمتَحِنُكُم بِنَهرٍ يكونُ في الطَّريقِ فَمَن شَرِبَ مِنهُ فَلَيْسَ مِنّي و مِنْ حِزبي و مَن لَم يَشرَبْ مِنهُ فَإنَّهُ مِن حِزبي و مِنّي إلاّ مَن اغتَرَفَ مِنهُ غَرفَةَ كَفٍّ فَشَرِبَهُ لا أكثَر،

( فَشَرِبوا مِنهُ إلاّ قَليلاً منهُم )

فَلَمّا وَصَلوا إليٰ النَّهر شَرِبُوا أكثرُهُم منهُ و خالَفوهُ إلاّ عَدداً قليلاً لا يَتَجاوَزِ الثَّلاثماءَةَ و ثَلاثَةَ عَشَر رَجُلاً و كذا أصحابُ المَهديِّ (ع) سيكونونَ بِعَدَدِهِم ،

( ‌فَلمّا جاوَزَهُ هُوَ و الّذينَ آمَنوا مَعَهُ‌ قالوا لا طاقَةَ‌ لَنا اليومَ بِجالوتَ و جُنوده )

فَلمّا عَبَرَ طالوتُ النَّهرَ نَهرَ الاُردُن هُوَ والجُنودُ الّذين آمَنوا مَعَهُ أَلّذينَ لم يَشرَبوا مِنهُ قالوا إنَّ عَدَدنا قليلٌ لا طاقَةَ‌ لَنا اليومَ بِجِهادِ جالوتَ و جُنودِهِ الكَثيرَةِ ،

( قالَ الّذين يَظُنّونَ أنَّهُم مُلاقُوا الله كَم مِن فِئَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كثيرةً بإذنِ اللهِ و اللهُ مَعَ الصّابِرين )

قالَ‌ الذين يَعلَمونَ أنّهُم بالإستِشهادِ في سبيلِ اللهِ يُلاقُونَ اللهَ لِلآخَرين : لا تَهتَمّوا كَم مِن جَماعَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت جَماعَةً كَثيرونَ بإذنِ اللهِ بالغَلَبَةِ واللهُ مَعَ الصّابِِرينَ في الجِهادِ مَعَ أعداءِه ،

(‌ و لَمّا بَرَزوا لِجالوتَ و جُنودِهِ قالوا : رَبّنا أفرِغ عَلَيْنا صَبراً و ثَبِّت أقدامَنا و انصُرنا عليٰ القومِ الكافِرين )

و لَمّا بَرَزوا إليٰ مَيْدانِ الجِهادِ لِجالُوتَ طالوتُ‌ و جُنودَهُ المُؤمِنينَ قالوا مُبتَهلينَ رَبَّنا صُبَّ عليٰ قُلوبِنا صَبراً و جَأشاً و ثَبِّت أقدامَنا في النِّزالِ و العِراكِ وانصُرنا عليٰ القَومِ الكافِرينَ جالوتَ و حِزبَه ،

(‌ فَهَزمُوهُم بإذنِ اللهِ و قَتَلَ داوُدُ جالوتَ و آتاهُ اللهُ المُلكَ و الحِكمَةَ وَ‌عَلَّمَهُ مِمّا يَشآء )

فَقاتَلوا جالوتَ و جُنودَهُ فهَزموُهُم بإذنِ اللهِ و قَتَل داوُدُ الشّابُّ والِدُ سُلَيمانُ جالوتَ .

سُليمانُ جالوتَ بِحَجَرٍ في جَبهَتِهِ فاختارُوهُ مَلِكاً و آتاهُ اللهُ المُلكَ و أعطاهُ النّبُوَّةَ و الرِّسالَةَ و عَلّمَهُ مِمّا يشآءُ مِن صَنعَةِ الحديد ،

( وَ‌ لَو لا دَفعُ اللهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأرض و لكنَّ اللهَ ذو فضلٍ عليٰ العالَمين )

وَ‌ لَو لا دَفعُ اللهِ لِلنّاسَ بَعضَهُمُ الكافِرينَ وَ المُنافِقينَ وَ‌المُحارِبينَ و البُغاة بِبَعضٍ مِنَ النّاسِ المُؤمِنينَ المُجاهدينَ لَفَسَدَتِ الأرضُ من جَوْرِهِم وَ لـٰكِنَّ اللهَ ذو فَضلٍ عليٰ العالَمين بِتَشريعِهِ فريضَةَ الجهاد ،

(‌ تلكَ آياتُ اللهِ نَتلوها عليكَ بالحَقِّ و إنّك لَمِنَ المُرسَلين )

تلكَ آياتُ الله النّازِلَةِ بِشَأنِ طالوتَ و جالوتَ و داوُدَ و الجِهاد نَتلوها عليكَ تِلاوَةً بالحَقّ الثّابِتِ لِعَليٍّ (ع) لِجهادِهِ في سبيلِ اللهِ و إنّكَ يا حبيبي لَمِنَ المُرسَلينَ بِرِسالَةِ الجِهاد ،

(‌ تِلكَ الرُسُل فَضَّلنا بعضهم عليٰ بعضٍ منهُم مَن كَلَّمَ اللهُ و رَفَعَ بعضَهُم درجاتٍ و آتينا عيسيٰ بن مَريَمَ البَيِّنات و أيّدناهُ بروحِ القُدُس )

تِلكَ أسماءَ الرُّسُل الّتي ذَكرناها قَد فَضَّلنا بعضَهُم عليٰ بعضٍ بِفَضيلةٍ خاصَّةٍ بهِ فَمِنهُم مَن كَلَّمَ ‌الله كموسيٰ و رَفَعَ اللهُ بعضَهُم عليٰ بعضٍ دَرَجاتٍ من الوِلايَةِ و الإمامَةِ كإبراهيم و آتينا عيسيٰ بن مَريَمَ المُعجِزاتِ الواضِحاتِ و أيَّدنا رسالَتَهُ بِرُوحِ القُدُسِ جبرئيل أتاهُ بالإنجيل ،

‌(‌ وَ لَو شآءَ اللهُ‌ ما اقتَتَلَ الّذين مِن بَعدِهِم مِن بَعدِ ما جاءَتهُمُ البَيِّنات )

و لَو شآءَ اللهُ مَشيئَةَ حَتمٍ و جَزمٍ أن لا يَقتَتِلَ أهل الكتاب مااقتَتَلَ الذين مِن بَعدِ الرُسُل بينَهُم من بعدِ ما جآءَتهُمُ المُعجِزاتُ و الدَّلائِلُ الواضِحات ،

(‌ و لكِن اختَلَفوا فَمِنهُم مَن آمَنَ و مِنهُم مَن كَفَر و لو شآءَ اللهُ ما اقتَتَلوا وَ‌لكِنَّ اللهَ يَفعَلُ ما يُريد )

وَ‌ لكِنَّ‌ اللهَ‌ لم يَشَاءُ‌ مَشيئَةَ حَتمٍ‌ أن لا يَختَلِفوا فاختَلَفوا فَمِنهُم مَن آمَنَ‌ باللهِ و مِنهُم مَن كَفَرَ وَ لَو شآءَ اللهُ أن لا يَختَلِفوا ما اقتَتَلوا بَيْنَهُم و لكِنَّ اللهَ‌ يَفعَلُ ما يُريدُ مِن إختِبارِ النّاسِ و مَنحَهُمُ الإختيار ،

( يا أيُّها الّذين آمَنوا أنفِقوا مِمّا رَزقناكُم مِن قَبلِ أن يَأتِيَ يَومٌ لا بَيْعٌ فيهِ و لا خِلَّةٌ  و لا شَفاعَةٌ والكافرونَ‌ هُمُ الظّالِمون )

يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلام نَأمُرُكُم وُجوباً أنفِقوا مِمّا رَزقناكُمُ الخُمسَ والزَّكاةَ مِن قَبلِ أن يَأتِيَ‌ يَومُ الحِسابِ لا بَيْعٌ فيهِ و لا صَداقَةٌ و لا شَفاعَةٌ إلاّ لِمَن و اليٰ آلَ مُحمّدٍ (ص) وَ الكافِرونَ هُمُ الظّالِمونَ‌ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) ،

( ‌أللهُ لا إلـٰهَ إلاّ هُوَ الحَيُّ‌ القَيّومُ‌ لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ و لا نَوْمٌ‌ )

أللهُ جَلَّ جَلالَهُ الّذي يُؤلَهُ إليهِ وَحدُهُ لا إلـٰهَ إلاّ هُوَ لِمَن سِواهُ فلا شريكَ لَهُ و هو الحَيُّ بِذاتِهِ أزَلاً و أبَداً وَ‌ واهِبُ الحياةِ لِغَيرِهِ و هو القَيّومُ دائِماً بِتَدبيرِ شُؤنِ خَلقِهِ لا تَعرِضُ عليهِ نَعسَةٌ و لا غَفوَةَ نَومٍ ،

(‌ لَهُ ما في السَّماواتِ وَ ما في الأرض )

و للّهِ المِلكيَّةُ الحقيقيَّةُ الواقِعيَّةُ القَطعِيَّةُ‌ التّامَّةُ لِما في السماواتِ مِنَ الكواكِبِ و الأفلاكِ و ما في الأرضِ مِن أشياءَ و جِنٍّ و إنسٍ و مَلَكٍ ،

(‌ مَن ذا الّذي يَشفَعُ عِندَهُ إلاّ بِإذنِهِ )

مَن ذا الذي يَشفَعُ عندَ اللهِ غَيرَ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) شُفَعاؤهُ إلاّ بِإذنِهِ لِشيعَتِهِم المُخلِصينَ أن يَشفَعوا لِلعاصين ،

(‌ يَعلَمُ ما بَيْنَ أيدِهِم وَ ما خَلفُهُم )

وَ اللهُ سُبحانَهُ يَعلَمُ عِلماً تامّاً مُحيطاً أزَليّاً و أبَديّاً بِما بَيْنَ أيدي الخَلائِقِ مِن حالاتٍ وَ أفعالٍ و أقوالٍ وَ نِيّاتٍ و مَقاصِدَ و أسرارٍ وَ ما خَلفَهُم مِن مُقَدَّراتٍ ،

( وَ لا يُحيطونَ بِشَيءٍ مِن عِلمِهِ إلاّ بِما شآء )

وَ لا يُطلِعونَ العِبادَ بِشَييءٍ مِن عِلمِ اللهِ إلاّ بما شآءَ‌ لِمُحمّدٍ‌ و آلَ مُحمّدٍ (ص) فَمُحمّدٌ (ص) مَدينَة عِلمِ اللهِ وَ عليٌّ (ع) بابُ مَدينَةِ عِلمِ النّبيّ ،

( وَسِعَ كُرسِيُّهُ السّماواتِ وَ الأرضِ وَ‌لا يَؤدُهُ حِفظُهُما )

وَسِعَ و شَمُلَ كُرسيُّ قُدرَتِهِ و جَبَروتِهِ و مَشيئَتِهِ و إرادَتِهِ جَميعَ‌ السّماواتِ السَّبعِ و الأرض و ما فيهِنَّ و ما بَيْنَهُنّ و لا يُعجِزُهُ حِفظُهُما و تَدبيرَ شُؤنِهما ،

( وَ‌ هُوَ العَليُّ‌ العَظيمُ‌ )

وَ اللهُ جَلَّ جَلالَهُ هُوَ العَليُّ المُتعالي عليٰ مَن سِواهُ وَ مِن إسمِهِ العَليِّ إشتَقَّ عليّاً وَ‌عَليٌّ اشتُقَّ مِنَ العَليِّ وَ هُوَ العَظيمُ المُستَجمِع لِجَميعِ صِفاتِ العَظَمَةِ و الكَمالِ و الجَلالِ و لا يُنسَبُ إليهِ نَقصٌ أو عَيْبٌ ،

( لا إكراهَ في الدّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشدُ مِن الغَيّ )

لا إكراهَ بالجَبرِ لأحَدٍ في قَبولِ الدّينِ بَلِ النّاسُ مُخَيَّرونَ مُكَلَّفونََ قَد تَبيَّنَ لهُمُ الرُّشدُ و الحَقُّ مِنَ الغَيِّ و الباطِلِ بِواسِطَةِ القُرآنِ و العِترَه ،

(‌ فَمَن يَكفُر بالطّاغوتِ و يُؤمِن باللهِ فَقَد استَمسَكَ بالعُروَةِ الوُثقيٰ )

فَمَن ب‍ِإختيارِهِ يَكفُرُ بالطّاغوتِ عَدُوُّ آل مُحمّدٍ (ص) وَخَليفةِ الجَوْرِ وَ الحاكِم الجائِرِ و يُؤمِن باللهِ وَ‌ بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَقَد استَمسَكَ بِكِلتا يَدَيْهِ بالعُروَةِ الإلـٰهيَّةِ المُحكَمَةِ ،

( لا انفِصامَ‌ لَها و اللهُ سميعٌ عليم )

و عُروَةُ وِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) قَوِيَّةٌ مَتينَةٌ مُحكَمَةٌ لا انفِصالَ لَها و لا انقِطاع لَها أبَداً بَل تُنفِذُ المُتَمَسِّكَ و تُوصِلُهُ إليٰ الجَنَّةِ وَ اللهُ سميعٌ بِمَن ناداها عليمٌ بِمن والاها ،

( أللهُ وَليُّ الَّذينَ‌ آمَنوا )

أللهُ جَلَّ جَلالُهُ‌ هو وَلِيُّ‌ الذين آمَنوا بوِلايَةِ‌ مُحمّدٍ (ص) فَيَتَوَلّيٰ اُمورُهُم في الدُّنيا و الآخِرَةِ بِذاتِهِ و عِنايَتِه ،

(‌ يُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إليٰ النّور )

وَ‌اللهُ‌ سبحانَهُ بولايَتِهِ عليٰ الَّذينَ آمَنوا بِولايَةِ أولياءِهِ‌ مُحمّدٍ وَ آلِهِ (ص) يُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ كُلّها ألكُفُرِ وَ الشِّركُ وَالنِّفاقُ وَ الجَهلُ والعِنادُ ‌إليٰ النّورِ الكامِلِ نورُ العِلمِ والعَدلِ والحَقِّ و الهِدايَه ،

(‌ وَالّذين كفَروا أولياءَهُمُ الطّاغوتُ يُخرِجونَهُم مِنَ النّورِ إليٰ الظُلُمات )

وَ‌ أمّا الذين كفَروا بولايَةِ مُحمّدٍ‌ و آل مُحمّدٍ (ص) فأولياؤهُمُ الطاّغوتُ الجائِرُوا الحاكِمُ الظّالِمُ و أولئِكَ الحُكّامُ يُخرِجونَهُم مِنَ النّور (الايمان) ألّذي ذَكَرنا إليٰ الظُّلماتِ‌ (ألنِّفاق) المَذكورة ،

( أولئِكَ أصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدون )

وَ أولئِكَ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ‌ تَوَلَّوْا الطَّواغيتَ فَهُم أصحابُ النّارِ يَومَ‌ القيامَةِ يُعذَّبونَ فيها و هُم فيها خالِدونَ‌ إليٰ الأبَد لا يَخرُجون ،

( ألَم تَرَ إليٰ الّذي حاجَّ إبراهيمَ في رَبِّهِ أن آتاهُ اللهُ المُلكَ إذ قالَ إبراهيمُ رَبّيَ الّذي يُحيي و يُميتُ قالَ أنا اُحيي وَ‌ اُميت )

ألَم تَنظُر مُتَعَجِّباً إليٰ الّذي جادَلَ إحتِجاباً إبراهيمَ الخَليلَ بِشَأنِ أوصافِ اللهِ و هُوَ نُمرودُ حيثُ آتاهُ اللهُ المُلكَ فحاجَّهُ إبراهيمُ‌ قال إنَّ ربّي هو الّذي يُحيي الأحياءَ و يُميتُهُم فأَجابَهُ‌ نَمرودُ أنا إيضاً اُحيي مِن اُريدُِ فلا أقتُلهُ و اُميتُ و أقتُلُ مَن أشاءُ ،

( قالَ إبراهيمُ فَإنَّ اللهَ يَأتي بِالشَّمسِ مِنَ المَشرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ المَغرِب فَبُهِتَ الّذي كَفَروا اللهُ لا يَهدي القَومَ الظّالِمين )

فَقالَ إبراهيمُ لِنَمرودَ إنَّ اللهَ يأتي بالشَّمسِ مِنَ المَشرِقِ فَتَسيرُ إليٰ المَغرِب بِدَوَرانِ الأرض حَوْلَ نَفسِها فإنْ كُنتَ إلـٰهاً فَأْتِ بالشَّمسِ مِنَ المَغرِبِ إليٰ المَشرِقِ عَكساً فَاُلقِمَ حَجَراً وَ حارَ جَواباً وَ سَكَتَ عاجِز أذاكَ الّذي كَفَرو ادّعيٰ الرُّبوبِيَّةَ ‌.وَاللهُ لا يَهدي القَومَ الظّالِمين لِلجَوابِ عندَ الإحتِجاجِ مَعَ المُؤمِنين ،

(‌ أوْ كالّذي مَرَّ عليٰ قَريَةٍ و هِيَ خاوِيةٌ‌ عليٰ عُروشِها قالَ‌ أنّيٰ يُحيي هذِهِ اللهُ بَعدَ مَوتِها ؟! )

فَهَل أنَّ الإحياءَ‌ و الإماتَةَ هُما كما قالَ نَمرودٌ أوْ كالّذي مَرَّ عليٰ قَريَةِ بَيْتِ المَقدِسِ و هيَ‌ خَرِِبَةٌ ساقِطَةٌ عليٰ أبنِيَتِها حَيثُ دَمَّرَها بُختُ‌ نُصَّرٍ‌ فقال إرمِيا النَّبيُّ وَ هُوَ عُزَيْرٌ حينما رآها كَيْفَ يُحيي اللهُ هذِهِ القَريَةِ بَعدَ فَناءِها ؟

( فَأماتَهُ اللهُ مِئَةَ عامٍ ثُمَّ بَعثَهُ قال كَم لَبِثتَ قال لَبِثتُ يَوماً أو بَعضَ يومٍ )

فَعِندَئِذٍ أَماةَ‌ اللهُ عُزيراً في مكانِهِ ثُمَّ أحياهُ و بَعَثَهُ مِن مَكانِهِ بَعدَ قَرنٍ مِنَ الزَّمانِ مائَةَ عامٍ فَسَألَهُ‌ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ كَم مَكَثتَ مَيِتّاً يا أرميا ؟ قالَ مَكثتُ يَوماً أو بعضَ يومٍ ،

( قالَ‌ بَل لَبِثتَ مِئَةَ عامٍ فانظُر إليٰ طَعامِكَ و شَرابِكَ لَم يَتَسَنَّه وَ انظُر إليٰ حِمارِك )

قالَ لهُ المَلِكُ ‌بَل لَبِثتُ مائَةَ‌ عامٍ مَيِّتاً فانظُر إليٰ طَعامِكَ التّين و شرابِكَ العَصير لَم يَفسَدُ و لَم يَتَغَيَّرُ هذِهِ المُدَّةِ إعجازاً وَ‌انظُر إليٰ حِمارِكَ المَيِّت إذ تَبَدَّلَ إليٰ عِظامٍ نَخِرَةٍ‌ ،

(‌ و لِنَجعَلَكَ آيَةً لِلنّاسِ وانظُر إليٰ العِظامِ كَيفَ نُنشِزها ثُمَّ نَكسوها لَحماً )

وَ‌ بالتأكيد سَنَجعلك عَلامَةً وَ دَليلاً و بُرهاناً لِلنّاسِ عليٰ قُدرَتِنا بالإحياءِ وَانظُر لِتَريٰ بِأمِّ عَينَيْكَ إليٰ عِظامِ حِمارِكَ كيفَ نَرفَعُها و نُوقِفها ثُمَّ نَكسوها لَحماً ثُمَّ نُحيي الحِمارَ فَشاهِد ذلِكَ بِعَينك ،

(‌ فَلَمّا تَبَيَّنَ‌ لهُ قالَ أعلَمُ أنّ اللهَ عليٰ كلِّ شيءٍ قدير )

فَلَمّا تَبيَّنَ لهُ مُشاهِدَةً و عِياناً كيفَ يُحيي اللهُ الجَسَدَ العُنصريَّ و يُعيدُهُ قالَ مُؤكِّداً‌: أعلَمُ أنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شيءٍ أرادَهُ قَديرٌ عليهِ بِفِعلِهِ ،

( و إذ قالَ‌ إبراهيمُ رَبِّ أرِني كَيفَ تُحيي المَوتيٰ قالَ أوَ لَم تُؤمِن ؟ قالَ بَليٰ و لكِن لِيَطمَئِنَّ قلبي )

و تَذَكَّروا إذ قالَ إبراهيمُ الخَليلُ : إلـٰهي وَ رَبّي أرِني كيفَ تُحيي المَوتيٰ حينَما تُحييهِم ؟ قالَ‌ اللهُ لَهُ أوَلَم تُؤمِن بهذا مِن قَبلُ فلِماذا تَسأل عنهُ ؟ قالَ إبراهيمُ : بَليٰ آمَنتُ بِذلكَ مِن قَبلُ و لكِن أرِنيهِ لِيَطمَئِنَّ قلبي بِمُشاهِدَتِهِ و الإستدلالِ عَلَيه ،

( قالَ‌ فَخُذ أربَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرهُنَّ إليكَ ثُمَّ اجعَل عليٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنهُنّ جُزءاً )

قالَ‌ اللهُ‌ لإبراهيمَ فَخُذ أربَعَةً مِنَ الطُّيور كالدّيكِ والحَمامَةِ و الهُدهُد والغُراب فَقَطِّعهُنَّ بِلَحمِهِنَّ و ريشِهِنَّ و عِظامِهِنَّ واخلُطهُنَّ ثُمَّ اجعَل عليٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنَ جِبالِ الاُردُنّ العَشرَةَ جُزءَاً مِنهُنَّ واحتَفِظ بِرُؤسِهِنّ ،

( ثُمَّ ادعُهُنَّ يأتينَكَ سَعياً وَ اعلَم أنَّ اللهَ عزيزٌ حكيم )

ثُمَّ ادعُهُنَّ يا إبراهيمُ بالإسمِ الأكبَرِ و هُوَ العليُّ يأتينَكَ مُسرِعاتٍ مُلتَحِقاتٍ بِرُؤسِهِنَّ فَدعاهُنَّ واحِدَةٌ فاجتَمَعت أجزاء بَدَنِهِنَّ والتَحَقْنَ بِرُؤسِهِنّ فقالَ‌ اللهُ لهُ إعلَم يقيناً أنّ اللهَ عزيزٌ في مُلكِهِ حَكيمٌ في صُنعِه ،

(‌ مَثَلُ الَّذين يُنفِقونَ أموالَهُم في سَبيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أنبَتَت سَبعَ سَنابِل )

مَثَلُ نَتيجَةِ و فائِدَةِ و رِبحِ و ثَواب الَّذين يُنفِقونَ‌ أموالَهُم في سَبيلِ‌ اللهِ مِن خُمسٍ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) وَ‌ذُرَّيتِهم وَ مِن زَكاةٍ لِشيعَتِهِم كَمَثَلِ حَبَّةٍ حنطَةٍ نَبتَتَ و أنتَجَت سَبعَ سَنابِلَ مَملوءَةٍ مِن الحنطةِ ،

(‌ في كلّ سُنبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ واللهُ يُضاعِفُ لِمَن يشآءُ وَ اللهُ سميعٌ عليمٌ )

في كلّ سُنبُلَةٍ مِنَ السَّبعِ سَنابِل مائَةَ حَبَّة حَنطَةٍ فَالحبَّةُ أنتَجَت سَبعَمائَةَ فكذلِكَ إنفاقُ الخُمسِ والزّكاةِ و غيرها تُثمِرُ هكذا أجراً و ثَواباً واللهُ ‌يُضاعِفُ الأجرَ أضعافَ ذلِكَ لِمَن يشآءُ مِن المُوالِينَ لِآلِ‌ محمدٍ (ص) واللهُ سميعٌ عليمٌ بأقوالِ و أفعالِ المُنفِقين ،

( ألّذين يُنفُِقونَ أموالَهُم في سبيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أنفَقوا مَنّاً و لا أذيً )

ذلِكَ المَثَلُ هُوَ مَثَلُ الّذين يُنفِقونَ أموالَهُم في سَبيلِ اللهِ لِآلِ محمدٍ و شيعَتِهِم ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أنفَقوا عليٰ المُنفَقِ عليهِ مَنّاً بالقَوْلِ و إيذاءً‌ بالفِعل ،

(‌ لَهُم أجرُهُم عندَ‌ رَبِّهِم وَ‌ لا خوفٌ عليهِم وَ ‌لا هُم يَحزَنون )

أولـٰئِكَ لَهُم أجرُهُم المَذكورُ المُضاعَفُ مَحفوظٌ عِندَ رَبِّهم يُؤجِرُهُم بهِ يومَ القيامَةِ و يُثيبُهُم عليهِ و لا خَوفٌ عليهِم مِن إحباطٍ و لا هُم يَحزَنونَ مِن خُسرانٍ ،

( قولٌ‌ مَعروفٌ و مَغفِرَةٌ مِن صَدَقَةٍ يَتبَعُها أذيًٰ‌ واللهُ غَنيٌّ حليم )

قَولٌ مَعروفٌ حَسَنٌ جَميلٌ بالدُّعاءِ و المَغفِرَةِ لِلمُحتاجِ الفَقيرِ و المِسكينِِ السّائِلِ هُوَ‌ خَيرٌ و أفضَلُ عِندَ اللهِ مِن صَدَقَةٍ يَتبَعُها أذيًٰ لهُ واللهُ غَنيٌّ يُغني مَن يشآءُ حليمٌ يَعفو عَمَّن يَشآء ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا لا تُبطِلوا صَدقاتِكُم بالمَنِّ و الأذيٰ )

يا أيّها المُنفِقونَ‌ لا تُبطِلوا صَدقاتِكُم كما فَعَلَ بَني اُمَيَّه فلا تُبطِلوا الخُمسَ والزَّكاةَ و الكفّاراتِ و الأضاحي بالمَنِّ عليٰ مَن تُنفِقوا عليهِ بِها و لا الإيذاءِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم قَولاً و فِعلاً ،

( كالّذي يُنفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ و لا يُؤمِنُ باللهِ وَ اليَومِ الآخِر )

كالّذي يُبطِلُ صَدَقَتَهُ حيثُ يُنفِقُ مالَهُ مُرائِياً‌ النّاسَ و لا يَقصُدُ بِهِ في سبيلِ اللهِ وَ لا يُؤمِنُ باللهِ و اليَومِ الآخِرِ لنِفاقِهِ الاُمَويّ ،

( ‌فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفوانِ عليهِ‌ تُراب فَأصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلداً )

و الإنفاقُ رِياءً و نِفاقاً فَمَثَلُهُ كَمَثلِ صَخرَةِ الصَّفا عليها تُرابٌ ، فَأصابَ التُّرابَ مَطَرٌ وابِلٌ فَغَسَلَهُ و أذابَهُ فَتَركَ الحَجَرَ صَلباً غيرَ قابلٍ لِلزَّرعِ فلا تَنبُتُ فيهِ الحَبَّةُ ،

(‌ لا يَقدِرونَ عليٰ شييءٍ مِمّا كَسَبوا وَ‌اللهُ لا يَهدي القَومَ الكافرين )

فالمُرائِينَ و المُنافِقينَ لا يَقدِرونَ يَومَ القيِامَةِ عليٰ حَصادِ شَييءٍ مِن نَتيجَةِ إنفاقِهِم و مِمّا كَسَبوا مِنَ الإنفاقِ أجراً و ثَواباً إذ لَم يُزرَع حتّيٰ يُنتِج واللهُ لا يَهدي القومَ الكافِرينَ بِوِلايَةٍ آل مُحمّدٍ (ص) لِعَمَلِ الخَيرِ وَ البِرّ ،‌‌

(‌ وَ مَثَلُ الّذين يُنفِقونَ أموالَهُم ابتِغاءَ مَرضاتِ اللهِ وَ تَثبيتاً مِن أنفُسِهِم )

وَ مَثَلُ إنفاقِ الّذين يُنفِقون أموالَهُم في سبيلِ اللهِ طَلَباً لِمَرضاتِ اللهِ و يُطعِمونَ الطَّعامَ عليٰ حُبّهِ مِسكيناً و يَتيماً و أسيراً و تَثبيتاً مِن أنفُسِهِم فلا يَرَوْنَ جَزاءً و لا شُكوراً ،

(‌ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبوَةٍ أصابَها وابِلٌ فآتَت اُكُلَها ضِعفَيْنِ فإن لَم يُصِبها وابِلٌ فَطَلٌّ وَ اللهُ بِما تَعمَلونَ بَصير )

فَمَثلُهُم كَمَثَلِ جَنَّةِ بُستانٍ تَقَعُ بِرَبوَةِ فَلاتٍ مِنَ الأرضِ أصابَها وابِلٌ مِنَ المَطَر فَسَقيٰ أشجارَها و زَرعَها فآتَت شِمارَها ثِمارَها بِمِقدارِ ضِعفَيْنِ مِنَ النّاتِج المَطلوبِ فإن لَم يُصِبها وابِلٌ مِنَ المَطَرِ فيكفيها مَطَرٌ خَفيفٌ طَلٌّ يَرُشُّها و اللهُ بِما تَعمَلونَ في سبيلِهِ بَصيرٌ يَراهُ و يُثيبُ عَليه ،

(‌ أيَوَدُّ أحدُكُم أن تكونَ لهُ جَنَّةٌ مِن نَخيلٍ و أعنابٍ تجري مِن تَحتِها الأنهارُ لهُ‌ فيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ و أصابَهُ الكِبَر )

نَسألُ مُوَبِّخينَ إغتِصابَ فَدَكٍ مِنَ الزَّهراءِ (ع) هَل يُحِبُّ أحدُكُم أن تكونَ لهُ بُستانٌ مِن نَخيلٍ و أعنابٍ كَفَدَكٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ لَهُ فيها مِن كُلِّ الثَّمراتِ و هُوَ بحاجَةٍ ماسَّةِ إليها لِكِبَرِ سِنِّهِ ،

( ‌و لَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأصابَها إعصارٌ فيهِ نارٌ فاحتَرُقت ؟)

و مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ لهُ ذُرّيَّةٌ و أطفالٌ و أولادٌ صِغارٌ ضُعَفاءٌ أمامَ الأعداءِ كعليٍّ (ع) و ذُريَّتِهِ فَأصابَ البُستانَ عاصِفَةٌ مُدَمِّرَةٌ تَحمِلُ ناراً مَعَها و تُحرِقُ بابَ‌ دارِ عليٍّ (ع) فاحتَرَقَت بالنّار ؟ كَلاّ لا يُحِبُّ ذلِك أحَدٌ ،

( كذلِكَ يُبَيِّنُ‌ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعلّكُم تَتَفكّرون )

و هكذا يُبَيِّنُ لكُمُ‌ اللهُ الآياتِ النّازِلَةِ بشأنِ آلِ محمدٍ (ص) لَعلّكُم تتَفكَّرونَ في ظُلامَتِهِم و يَسألكُم لِتُحَكِّموا الوِجدانَ‌ فَكَما أنّكُم لا تُحِبّونَ ذلِكَ فلِماذا فَعَلوا أعداءُ آلِ‌ محمّدٍ ذلِكَ بِفَدَكٍ و أحرَقوا دارَ عليٍّ (ع) و غَصَبوا حَقَّهُم ؟؟؟

( يا أيّها الّذين آمَنوا أنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كسَبتُم و مِمّا أخرجنا لَكُم مِنَ الأرض )

يا أيّها المُسلِمونَ‌ الّذين آمَنوا بالإسلامِ نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً أنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم حَلالاً ألخُمسَ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) ومِمّا أخرجنا لَكُم مِن الأرضِ الغَلاّت الأربَع الزَّكاة لشيعَتِهم و المعادن فيها الخُمس ،

‌( و لا تَيَمَّموا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ و لَستُم بِآخِذيهِ إلاّ‌ أن تُغمِضوا فيهِ‌ واعلَموا أنَّ‌ اللهَ‌ غنيٌ حميد )

و لا تَنووا إنفاقَ الخَبيثِ مِمّا كَسَبتُم حَراماً تُنفِقونَ الخُمسَ والزَّكاةَ مِنهُ و لَستُم بآخِذي الخَبيثَ الحَرامُ إلاّ أن تُجحِفوا و تَغصِبوا و تَظلِموا فيهِ واعلَموا أنّ اللهُ غَنيٌ عنكُم مَحمودٌ عليٰ فِعالِه ،

( الشّيطانُ يَعِدُكُم الفَقرَ و يأمُرُكُم بالفَحشاءِ واللهُ يَعِدُكُم مَغفِرةً مِنهُ و فَضلاً واللهُ واسِعٌ عليم )

إنَّ الشيطانَ يُوعِدُكُم الفَقرَ إذا أنفَقتُم مِن أموالِكُم فَيَمَنعُكُم عنهُ و يَأمُرُكُم بِمَنعِ الخُمسِ و غَصبِ حَقِّ آلِ محمدٍ (ص) و مَنعِ الزَّكاةِ و لكِنَّ اللهَ يُوعِدُكُم بالإنفاقِ مَغفِرَةً مِنهُ وَ ثواباً واللهُ واسِعٌ المَغفِرَةِ عليمٌ بالمَصالِح

(‌ يُؤتي الحِكمَةَ مَن يشآء و مَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَد اُوتِيَ خَيراً كثيراً‌ وما يَذَّكّرُ إلاّ اُولوا الألباب )

واللهُ سُبحانَهُ يُؤتي الحِكمَةَ التَّشريعِيَّةَ و التَّفَقُة في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ لِمَن يشآءُ مِن شيعَةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و مَن يُؤتَ الحِكمَة الفِقهيَّةَ مِنهُم فَقَد اُوتِيَ خَيْراً كثيراً في الدُّنيا و الآخِرَة و ما يَتَذَكَّرُ إلاّ أصحابُ‌ العُقولِ السَّليمَه ،

( و ما أنفَقتُم مِن نَفَقَةٍ أو نَذَرتُم مِن نَذرٍ فإنَّ اللهَ يعلَمُهُ و ما لِلظّالِمينَ مِن أنصارٍ )

و ما أنفَقتُم لِآلِ مُحمّدٍ (ص) مِن نَفَقَةٍ واجِبَةٍ أو مُستَحَبَّةٍ أو نَذرتُم لَهُم مِن نَذرٍ لِلّهِ فإنَّ اللهَ يَعلَمُهُ فَيُثيبُكُم عليهِ و ما لِلّظالِمينَ لِآلٍ محمدٍ (ص) مِن أنصارٌ ينصرونَهُم يوم القيامَةِ و لا شُفعآء ،

( إن تُبدوا الصَّدقاتِ فَنِعِمّاهِيَ و إن تُخفوها و تُؤتوها الفُقَراء فَهُوَ خيرٌ لكُم )

إن تُظهِروا و تُعلِنوا الصَّدَقاتِ الواجِبَةَ كالزَّكاةِ و الكَفّاراتِ و الصَّدَقاتِ المُستَحَبَّةِ فَنِعمَ الشّييءُ ذلِكَ و إن تُخفُوها و تُؤتوها الفُقَراءَ سِرّاً فهُوَ أفضَلُ لَكُم لِلبُعدِ عَنِ الرِّياء ،

(‌ و يُكفِّر عَنكُم سَيِّئاتِكُم واللهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ )

واللهُ سُبحانَهُ‌ يُكَفِّر و يَمحوُ عنكُم سَيِّئاتِكُم بِصَدَقَةِ السِّرِّ إذ أَنّها تُطفي غَضَبَ الرَّبّ و اللهُ بِما تَعمَلونَ مِن خَيرٍ و صَدَقَةٍ خبيرٌ مُطَّلِعٌ عليهِ يُؤجِرُكُم عليهِ‌ ،

(‌ ليسَ‌ عليكَ هُداهُم و لكِنَّ اللهَ يَهدي مَن يشآء )

يا رسولَ الله ليسَ واجِبٌ عليكَ إجبارُ النّاسِ عليٰ دَفعِ الخُمسِ و إكراهُهُم عليٰ التَّصَدُّقِ و هِدايَتِهِم جَبراً و لكِنَّ اللهَ يَهدي بِأحكامِهِ مَن يشآءُ الهِدايَةَ باختِيارِه هُوَ ،

(‌ و ما تُنفِقوا مِن خَيرٍ فَلِأنفُسِكُم و ما تُنفِقونَ إلاّ ابتِغاء‌َ وَجهِ الله )

و ما تُنفِقوا أيّها النّاسُ مِن مالٍ و خُمسٍ و زَكاةٍ و صَدَقَةٍ فَهُوَ مُدَّخَرٌ ثَوابَهُ لِأنفُسِكُم و ما تُنفِقونَهُ بِقَصدِ القُربَةِ وابتِغاءِ وَجهِ اللهِ تُثابونَ عليهِ لا كُلّ إنفاقاتِكُم ،

( و ما تُنفِقوا مِن خَيْرٍ يُوَفَّ إليكُم و أنتُم لا تُظلَمون )

و ما تُنفِقوا مِن نَفَقَةٍ خَيْرٍ لِوَجهِ اللهِ فَيُرَبّيهِ اللهُ كما يُرَبّي أحدُكُم فَصيلَهُ أوفِلوُهُ فَيُوَفّيهِ إليكُِم يوم القيامَةِ و هو أعظَمُ مِن اُحُدٍ و أنتُم لا تُظلَمونَ أجرَهُ و ثَوابَهُ ،

( لِلفُقَراءِ الّذينَ اُحصِروا في سبيلِ اللهِ لا يَستطيعونَ ضَرباً في الأرض )

و الأولَويَّةُ في الإنفاقِ والتَّصدُّقِ هِيَ لِلفُقَراءِ الّذين ضُيِّقَ عليهِمُ الرِّزقُ‌ مُنِعوا أموالَهُم فَغَصَبَها الظّالِمونَ و حُرِموا التِّجارَةَ و العَمَل لا يَستَطيعونَ ضَرباً‌ في الأرضِ لِلتِّجارَةِ ،

( ‌يَحسَبُهُم الجاهِلُ أغنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعرِفُهُم بسيماهُم لا يَسألونَ النّاسَ إلحافاً )

يَظُنُّهُمُ الجاهِلُ بِحالِهِم أغنِياءَ بِسَبَبِ تَعَفُّفِهِم عَنِ المُطالِبَةِ بشييءٍ تَعرِفُهُم أنتَ يا رسولَ اللهِ بسيماهُمُ المُتَأثِّر بالفَقرِ و هُم لا يَسألونَ النّاسُ المَعونَةَ إلحاحاً بَل إشارَةً لِمَرَّةٍ فَقَط ،

( و ما تُنفِقوا مِن خَيْرٍ فَإنَّ اللهَ بهِ عليمٌ )

و ما تُنفِقوا مِن خَيرٍ عليٰ هؤلاءِ الفُقَراءِ المُتَعَفِّفينَ عَنِ‌ المَسئَلَةِ فإنَّ اللهَ بهِ عليمٌ يُؤجِرُكُم و يُثيبُكُم عليهِ أضعافاً مُضاعَفَةً ،

(‌ ألّذينَ يُنفِقونَ أموالَهُم بالَّليْل و النَّهارِ سِرّاً ‌و عَلانِيَةً‌ )

نَزَلَت خاصّة في عليٍّ (ع) و مَن يُواليهِ يَبحذُو حَذوَهُ فكانَت لَهُ أربَعَةَ دَراهِمٍ فَقَط فَأَنفَقَ واحِدَةً بالَّليْلِ و الاُخريٰ بالنَّهارِ و الثّالِثَةَ أنفَقَها سِرّاً و الرّابِعَةَ علانِيَةً فَنَزَلَت الآية فيهِ ،

(‌ فَلَهُم أجرُهُم عِندَ رَبِّهِم و لا خَوفٌ عَليهِم و لا هُم يَحزَنون )

فَسَألَهُ النّبيّ (ص) لِماذا أنفَقَ كُلّها و لَم يُبقِ لِنَفسِهِ منها فَأجاب : فَعَلتُ ذلِكَ إنجازاً لِمَوعودِ اللهِ فَقالَ اللهُ فَلَهُم أجرُهُم عِندَ رَبِّهِم و لا خوفٌ عليهِم مِن وُصولِ الفَقرِ إليهِ و لا هُم يَحزَنونَ مِن غَصبِ حُقوقِهِم بَل يَصبِرون ،

( ألّذين يَأكُلونَ الرِّبا لا يَقومونَ إلاّ كَما يقومُ الّذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطانُ مِنَ المَسِّ )

وَ‌ أمّا الّذين يَأكُلونَ الرِّبا كَبَني اُمَيَّةَ‌ وَ‌ عبد الرّحمٰن بن عَوْفٍ فَيَأكُلونَ الِّربحَ مِنَ القَرضِ أو الزِّيادَةَ مِن تَبادُلِ المُتَجانِسَيْنِ المَكيلَيْن وَ‌ المَوزونَيْن فَهُم لا يَقومونَ في الحَشرِ إلاّ كما يَقومُ المُخَبَّطُ السّكران الّذي يَتَخبَّطهُ الشّيطانُ من مَسِّ عَقلِهِ و خِبالِه ،

( ذلِك بأنَّهُم قالوا : إنّما البَيْعُ مِثل الرِّبا و أحَلُّ اللهُ البَيْعَ و حَرَّمَ الرِّبا )

و أكلِهِمُ ‌الرِّبا ذلِكَ لأِجلِ أنَّهُم قالوا قِياساً لَيْسَ البَيْعَ إلاّ‌ مِثلُ الرِّبا و لَيسَ الرِّبا إلاّ كالبَيْعِ المُربِحِ ، كَذِبوا و أخطَأوا إذ أحَلَّ‌ اللهُ  البَيْعَ و حَرَّمَ الرِّبا ،

(‌ فَمَن جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن ربّهِ فانتَهيٰ فَلَهُ ما سَلَفَ و أمرُهُ إليٰ اللهِ وَ مَن عادَ فَأولئِكَ أصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدون )

فَمَن حينما جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبّهِ تَعِظُهُ و تَمنَعُهُ مِن أكلِ الرِّبا فانتَهيٰ عَن أكلِهِ فَلَهُ ما اكتَسَبَهُ ما سَلَفَ مِن مالٍ قَبلَ‌ التَّحريمِ و أمرُهُ إليٰ اللهِ إمّا يُعَذِّبُهُ أو يغفِر لَهُ و مَن عادَ‌ بالأكلِ بَعدَ التَّحريمِ فَأولئِكَ أصحابُ النّارِهُم فيها خالِدون ،

( يَمحَقُ اللهُ الرِّبا و يُربي الصَّدَقاتِ واللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفّارٍ أثيمٍ )

يُتلِفُ اللهُ الرِّبا و يُفنيهِ و يُزيلُ نَفعَهُ و آثارَهُ و اللهُ سُبحانَهُ يُربي الصَّدَقاتِ و يُنَمِّيها و يُكثِر بَرَكاتِها و فوائِدِها وَ اللهُ لا يُحِبُّ كلّ مُرابي كفّارٍ باللهِ أثيمٍ بأكلِ الرِّبا ،

( إنَّ الّذين آمَنوا و عِمِلوا الصّالِحاتِ وَ‌أقامُوا الصَّلاةَ و آتُو الزَّكاة لَهُم أجرُهُم عِندَ رَبِّهِم و لا خَوفٌ عليهِم وَ لا هُم يَحزَنون )

إنَّ الّذينَ آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالِحاتِ والطّاعاتِ و أقاموُا الصَّلاةَ مِن غَيرِ بِدعَةٍ و آتُوا الزَّكاةَ‌ الواجِبَةَ لَهُم أجرُهُم الكامِل عندَ رَبِّهم و لا خَوفٌ عليهِم مِنَ العَذابِ و لا هُم يَحزَنونَ يَومَ المَعاد ،

( ‌يا أيّها الّذين آمَنوا إتَّقوا اللهَ و ذَرَوا ما بَقِيَ مِن الرِّبا إن كنتُم مُؤمِنين )

يا أيّها الّذين آمَنوا بالإسلامِ خافُوا اللهَ واتَّقوا عذابَهُ و دَعُوا و اترُكوُا ما بَقِيَ بَعدَ التَّحريمِ مِنَ الرِّبا الّذي تَواعَدتُم عليهِ إن كنتُم مُؤمِنينَ باللهِ و بالإسلام ،

( فَإن لَم تَفعَلوا فَأذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللهِ و رَسولِهِ و إن تُبتُم فَلَكُم رُؤسُ أموالِكُم لا تَظلِمونَ و لا تُظلَمون )

فَإن لَم تَفعَلوا و لَم تَترُكوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا فاستَعِدّوا لِحَربٍ من اللهِ و رَسولِهِ لكُم بَعدَ أن حارَبتُموهُما بالعِصيانِ و إن تُبتُم فَلَكُم رُؤسُ أموالِكُم الّتي أقرَضتُموها لا تَظلِمونَ أحَداً بِأخذِ الزِّيادَةِ و لا تُظلَمونَ بِمُصادِرَةِ رَأسِ المال ،

( و إن كانَ ذُو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إليٰ مَيْسَرةٍ و إن تَصَّدَّقوا خَيرٌ لكُم إن كنتُم تَعلمون )

و إن كانَ الذي أقرَضتُموهُ ذو عُسرَةٍ ماليَّةٍ لا يتَمَكّن مِن أداءِ القَرضِ فَنَظِرَةٌ و مُهلَةٌ لَهُ عليكُم إليٰ وَقتِ يَسارِهِ و تَمَكُّنِهِ مِنَ الأداءِ و لَو تَتَصَدَّقوا عليهِ فَهُوَ خيرٌ لَكُم و أفضَلُ ثَواباً إن كُنتُم تَعلَمونَ ذلِك ،

( واتَّقوا يَوْماً‌ تُرجَعونَ فيهِ إليٰ اللهِ ثُمَّ تُوَفّيٰ كُلُّ نَفسٍ ما كَسَبَت و هُم لا يُظلَمون )

واتّقوا الحِسابَ و العِقابَ عليٰ عَدَمِ النَّظِرَةِ إليٰ المَيْسِرَةِ يوماً تُرجَعونَ فيهِ إليٰ مَحكَمَةِ عَدلِ اللهِ في الحَشرِ ثُمَّ تُجازيٰ و تَنال كُلّ نَفسٍ ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ و هُم لا يُظلَمونَ في الجَزاء ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا إذا تَدايَنتُم بِدَيْنٍ إليٰ أجَلٍ مُسمّيًٰ فاكتُبوُهُ )

يا أيُّها المُسلِمونَ الّذينَ آمَنوا بالإسلامِ نَأمُرُكُم إرشاداً أن إذا تَدايَنتُم بِدَيْنٍ بَيْنَكُم إليٰ مُدَّةٍ و أجَلٍ مُعيَّنٍ فاكتُبوُهُ لِيَكونَ سَنَداً و وَثيقَةً ،

(‌ و لَيَكتُب بَيْنَكُم كاتِبٌ بالعَدلِ و لا يَأبَ كاتِبٌ أن يَكتُب كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَليَكتُب ولْيُملِل الّذي عَلَيهِ الحَقّ )

و لَيَكتُب وَثيقَةَ الدَّيْنِ بَيْنَكُم كاتِبٌ بالعَدلِ مُطابِقاً لِلواقِعِ سَواءً كانَ المَدينُ أو الدّائِنُ أو غَيرِهِما و لا يَمتَنِعِ الكاتِبُ أن يَكتُبَ‌ الحَقيقَةَ كما عَلَّمَهُ اللهُ في القُرآنِ والسُّنَّةِ فَليَكتُب و لِيُقَرِّر لَهُ المَدين ،

(‌ وَليَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ و لا يَبخَس مِنهُ شيئاً فإن كانَ الّذي عليهِ الحَقُّ سفيهاً أو ضعيفاً أو لا يَستَطيعُ أن يُمِلَّ هُوَ فَليُملِل وَلِيُّهُ بالعَدل )

و لِيَخافَ اللهَ و يَتّقي عَذابَ رَبِّهِ كاتِبُ الوَثيقَةِ‌ و لا يَبخَس مِن حَقِّ الدّائِنِ شَيئاً فإن كانَ المَدينُ الّذي عليهِ‌ الدَّينُ سَفيهاً أو أبلَهاً‌ أو لا يَستَطيعُ أن يُمل عليٰ الكاتِبِ لِصِغَرِ سِنِّهِ أو جُنونِهِ فَليُملِل وَليُّهُ بالعَدلِ و الحَقيقَةِ و الواقِع ،

(‌ واستَشهِدوا شَهيدَيْنِ مِن رجالِكُم فإن لَم يَكونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرَأتانِ مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَداءِ )

و نَأمُرُكُم أمراً إستِجابِيّاً أنْ أشهِدوا شاهِدَيْنِ عادِلَيْنِ مِن رجالِكُم عليٰ الدَّيْن فإن لم يكونا رَجُلَيْنِ شاهِدَينِ فَرَجُلٌ وإمرَأتانِ عادِلَتانِ ممَّن تَرضوُنَ شهادَتِهِما مِنَ الشُّهود ،

(‌ ان تَضِلَّ إحداهُما فَتُذَكِّر إحداهُما الاُخريٰ و لا يَأبَ الشُّهَداءُ إذا ما دُعُوا و لا تَسأموا أن تَكتُبوهُ صَغيراً أو كَبيراً إليٰ أجَلِهِ )

و ذلِكَ لأِجلِ أن إذا تَضِلَّ‌ إحديٰ المَرأتَيْنِ و تَنسيٰ فتُذَكِّر إحداهُما الاُخريٰ و لا يَمتَنِعُ الشُّهودُ إذا ما دُعوُا لِلشَّهادَةِ مِنها و لا تَمُلّوا أن تَكتُبوا السَّنَدَ لِلدَّيْنِ سَواءً كانَ قليلاً أو كثيراً إليٰ مُدَّتِه ،

( ذلِكُم أقسَطُ عِندَ اللهِ و أقوَمَُ لِلشَّهادَةِ و أدنيٰ ألاّ تَرتابوا )

إنَّ ما ذَكرناهُ فَهُوَ أعدَلُ و أضبَطُ شَرعاً عندَ اللهِ و عِبادِهِ و حاكِمُ شَرعِ اللهِ و الإمامِ و أثبَتُ لإقامَةِ الشَّهادَةِ عليٰ الحَقِّ و أقرَبُ أثَراً‌ مِن عَدَمِ النِّسيان و نَفيِ الشَّكِّ و التَّرديدِ في مِقدارِ الدَّيْنِ و مُدَّتِهِ ،

( إلاّ أن تَكونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُديرونَها بَيْنَكُم فَلَيْسَ عليكُم جُناحٌ أَلاّ تَكتُبوها )

إلاّ أنّهُ لا ضَرورَةَ لِلكِتابَةِ و الإشهادِ إذا تَكونَ تِجارَةً نَقديَّةً مُبادلةً لِلثَّمَنِ بالمُثمَنِ‌ بالمُثمَنِ حُضوراً تُديرونَها بِأنفُسِكُم قَبضاً و إقباضاً فَلَيْسَ عليكُم حَرَجٌ أن لا تَكتُبوها ،

( وَ أشهِدوا إذا تَبايَعتُم و لا يُضارَّ كاتِبٌ و لا شَهيدٌ و إن تَفعَلوا فإنّهُ فُسوقٌ بِكُم )

وَ‌ نَأمُرُكُم إستِحباباً أشهِدوا عَدلَيْنِ إذا تَبايَعتُم بَبَيْعٍ مُؤَجَّلٍ بَيْنَكُم و لا يَجوزُ الإضرارُ بِكاتِبِ السَّنَدِ‌ و لا الشّاهِدِ عليٰ قَوْلِهِما الحَقيقَةَ و الواقِعَ و إن تَفعَلوا فإنّهُ‌ فُسوقٌ مِنكُم و ذَنبٌ ،

( وَاتَّقوا اللهَ و يُعَلِّمُكُمُ اللهُ‌ واللهُ بِكُلِّ شييءٍ عليمٌ )

واتَّقوا اللهَ أيّها المُتبايِعَيْنِ و المُتَدايِنَيْنِ و الشّاهِدَيْنِ و الكُتّابُ واخشُوا عِقابَهُ فلا تَعصوهُ و يُعَلِّمُكُم اللهُ القَوانينَ‌ المالِيَّةَ الجَزائيَّةَ وَ‌الحُقوقَ الأجتِماعِيَّةَ‌ و الأحكامَ الفِقهِيَّةَ الشَّرعِيَّةَ وَ اللهُ بِكُلِّ شَييءٍ يُنَظِّمُ شُؤونَكُم عليمٌ ،

( و إن كُنتُم عليٰ سَفَرٍ وَ لَم تَجِدوا كاتِباً‌ فَرِهانٌ مَقبوضَةٌ )

وَ‌ إن كُنتُم أيُّها المُتَدايِنَيْنِ عليٰ سَفَرٍ لا يكفي كِتابَةُ السَّنَدِ فيهِ لإرجاعِ الحَقِّ و َلم تَجِدواكاتِباً يَضمُنُ لكُم ذلِكَ فَخُذوا مِنهُ رِهان‌ٌ مَقبوضَةٌ مُقابِلَ الدَّيْنِ ،

( فَإن أمِنَ بَعضكم بَعضاً فَليُؤَدِّ الّذي اُؤتُمِنَ أمانَتَهُ و لَيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ )

فَإن أمِنَ بَعضكُم بَعضاً وُثوقاً بِأمانَتِهِ و دِينِهِ نَأمُرُ وُجوبِيّاً‌ فَليُؤَدِّ الّذي أؤتُمِنَ أمانَتَهُ إليٰ صاحِبِهِ وليَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ مِنَ الخِيانَةِ بالأمانَةِ ،

(‌ و لا تَكتُموا الشَّهادَةَ و مَن يَكتُمها فإنّهُ آثِمٌ قَلبُهُ بِما تَعمَلونَ عليمٌ )

و نَنهاكُم نَهياً‌ تَحريمِيّاً لا تَكتُموا الشَّهادَةَ‌ التّي استُشهِدتُم عليها عَنِ الأداءِ عِندَ طَلَبِها مِنكُم و مَن يَكتُمها فإنَّهُ آثِمٌ مُذنِبٌ عاصي عند اللهِ المُطَّلِعِ عليٰ قَلبِهِ الفاسِق فيُعاقِبَهُ كما فَعَلَ مَن شَهَدَ بَيْعَةَ الغديرِ فَكَتَمها عليهِ لَعائِنُ الله ،

(‌ لِلّهِ ما في السَّماواتِ و ما في الأرضِ و إن تُبدوا ما في أنفُسِكُم أو تُخفوهُ يُحاسِبكُم بهِ الله )

‌لِلّهِ جَلّ جَلالُهُ المِلكيَّةُ التّامَّةُ الحَقيقيَّةُ لِما في السّماواتِ وَ ما في الأرضِ فَيَملِكُ نَواصيكُم و إن تُظهِروا ما في أنفُسِكُم مِن نوايا و مَقاصِدَ و شَهاداتٍ أو تُخفوها و تَكتُموها يُحاسِبكُم بِها اللهُ غَداً‌ ،

(‌ فَيَغفِرُ لِمَن يشآءُ و يُعَذِّبُ مَن يشآءُ وَ اللهُ عليٰ كُلِّ شَييءٍ قَديرٌ )

فَيَغفِرُ لِمَن يَشآءُ مَغفِرَتَهُ‌ مِن شيعَةِ آل محمّدٍ‌ (ص) إن كانَت ضَرورَةً كالتَّقيَّةِ و غَيرَها في الكِتمانِ و غَيرِهِ و يُعذِّبُ مَن يشآءُ‌ عَذابَهُ لِعِصيانِهِ العَمديِّ و اللهُ عليٰ كُلِّ شييءٍ يَفعَلهُ‌ بِكُم قَديرٌ لا يُعجِزُهُ شَييءٌ ،

( آمَنَ الرَّسولُ بِما اُنزِلَ إليهِ مِن رَبِّهِ )

آمَنَ‌ الرّسولُ مُحمّدٌ (ص) إقراراً بِلِسانِهِ  عِندَ وِلادَتِهِ حتّيٰ وَفاتِهِ‌ بَعدَ ما كانَ مُعتَقِداً بِجِنانِهِ أزَلاً‌ بِما اُنزِلَ إليهِ مِن رَبِّهِ مِنَ الوَحي و النُّبُوَّةِ و الرِّسالَةِ و الشَّريعَةِ و الوِلايَة ،

(‌ وَ‌المُؤمِنونَ كُلٌّ آمَنَ باللهِ و مَلائِكَتِهِ و كُتُبهِ و رُسُلِهِ‌ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ )

وَ المُؤمِنونَ‌ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) كُلّ واحِدٍ منهُم آمَنَ باللهِ و مَلائِكَتِهِ و كُتُبِهِ المُنزَلَةِ‌ و رُسُلِهِ المَعصومينَ قائِلينَ : لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِن رُسُلِهِ و آخَرٌ بالوِلاء ،

(‌ و َقالوا : سَمِعنا وَ أطَعنا غُفرانَكَ رَبّنا وَ إليكَ المَصير )

و المُؤمِنونَ قالوا مُقِرّينَ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و الأنبياءِ المُرسَلينَ سَمِعنا كلامَ اللهِ بِشَأنِ وِلايَتِهِم و أطَعنا أمرَهُ بِتَوَلِّيهِمِ غُفرانَكَ‌ اللهُمّ إغفِر لَنا ذُنوبَنا و إليكَ المَصيرُ في الحَشرِ فاحشُرنا مَعَ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص)

( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفساً إلاّ وُسعَها لَها ما كَسَبَت و عَلَيْها ما اكتَسَبَت )

و يَقولُ‌ المُؤمِنونَ المُوالُونَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ‌(ص) لا يُكَلِّفُ‌ اللهُ نَفساً بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) إلاّ و هِيَ في حَدِّ سِعَةِ قُدرَتِها لا أكثَر و لَيسَتِ الوِلايَةُ فَوْقَ طاقَتِها فَلَها ما كَسَبَت مِن وِلائِهِم و عَلَيها ما اكتَسَبَت مِن خِلافِهِم ، ‌

(‌ رَبّنا لا تُؤاخِذنا إن نَسينا أو أخطَأنا )

وَ يَقولونَ إلـٰهَنا إنَّ مُحمّداً و آل محمّدٍ (ص) قالوا رُفِعَ عَنّا السَّهوُ و النِّسيانُ فلا نُعاقَبُ عليها رَبَّنا لا تُؤاخِذنا إن نَسينا أو أخطَأنا دوُنَ تَعَمُّدٍ ،

(‌ و لا تَحمِل علَينا إصراً كما حَمَلتَهُ عليٰ الّذين مِن قَبلِنا )

و يَقولونَ رَبّنا و لا تَحمِل عَلَينا حِملاً ثَقيلاً و حُكماً حَرَجِيّاً و تَكليفاً‌ عَسيراً في الشَّرعِ كما حَمَلتَهُ عليٰ الّذين مِن قَبلِنا كاليَهودِ في التَّوْراةِ ،

(‌ و لا تُحَمِِّلنا ما لا طاقَةَ‌ لنا بِهِ‌ )

وَ يَقولونَ رَبَّنا و لا تُحَمِّلنا حُكماً شَرعيّاً تَكليفيّاً خارِجاً عَن قُدرَتِنا فَوْقَ ‌طاقَتِنا ، لا طاقَةَ‌ لنا بِهِ و لا نَتَحمَّلُهُ كَقَتلِ أنفُسِنا لِلتَّوْبَةِ‌،

(‌ وَاعفُ‌ عَنّا واغفِرلَنا وارحَمنا أنتَ مَولانا فانصُرنا عليٰ القَوْمِ الكافِرين )

وَ‌ يَقولونَ رَبَّنا واعفُ عَنّا زَلاّتِنا وَ اغفِرلَنا ذُنوبَنا وَ‌ارحَمنا بِجاهِ مُحمّدٍ و آل مِحمّدٍ (ص) و بِشَفاعَتِهِم أنتَ مَولانا الّذي وَلَّيْتَهُم عَلَيْنا فانصُرنا بِهِم عليٰ القومِ الكافِرينَ‌ بِوِلايَتِهِم .

( صَدقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1600-1485 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *