(81)
سورة الإنشِقاق
بِإسمِ ذاتِيَ القادِرِ المُقتَدِر الخالِقِ المُدَبِّرِ و بإسمِ رحمانيَّتيَ الواسِعَةِ الشّامِلَةِ لِخَلقي و رحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بِصَفوَةِ خَلقي اُوحي :
حينَما نُوجِدُ بِقُدرَتِنا الإنفِصالَ و الإنشقاقَ بَيْنَ كواكِبِ السَّماءِ و سَيّاراتِها و مَجرّاتِها و جاذِبيّاتِها لِيَومِ القِيامَةِ والبَعثِ و النُّشور ،
و أطاعَت إطاعَةً تكوينيَّةً لِأمرِ اللهِ وانقادَتْ لِإرادَتِهِ بالإنشِقاقِ و تَحَقَّقَت مَشيئَة اللهِ بالإنشِقاقِ لِلنُّشورِ و المَعاد ،
و حينَما بِقُدرَةِ اللهِ و إرادَتِهِ و أمرِهِ وَ وِلايَتِهِ التكوينيَّةِ عليٰ الكَوْنِ تَمتَدُّ البَسيطَةُ و المَعمورَةُ فَتُزالُ جِبالها و مُحيطاتِها ،
و بَعدَ أنِ انبَسَطَتِ الأرضُ لِلمَحشَرِ تُلقي الأرضُ بما في جَوْفِها مِنَ الرَّميمِ و الأجسادِ و تَتَخَلّيٰ عمّا دُفِنَ فيها فَيُبعَثُ الخلائِق ،
و بِذلكَ تُطيعُ الأرضُ أمرَ اللهِ و إرادَتِهِ و تُؤذِنُ تكويناً بِكُلّ ذلِكَ و تُحَقَّقُ القيامَةُ و البَعثُ و النُّشورُ ،
فيا أيُّها الإنسانُ العاقِلُ المُكَلَّفُ إنَّكَ عامِلٌ بِجُهدٍ في هذهِ الدُّنيا إليٰ لِقاءِ اللهِ رَبّكَ بَعدَ مَوتِكَ جُهداً فَمُلاقيهِ يَومَذاك ،
و يَومَذاك فَأمّا حالُ مَن اُعطِيَ كِتابَ عَمَلِهِ بِيَمينِهِ مَعَ أصحابِ اليَمينِ شيعَةِ أميرُ المُؤمِنين (ع) فَسَوْفَ يُحاسَبُ عليٰ أعمالِهِ حِساباً سَهلاً خَفيفاً ،
وَ بَعدَ الحِسابِ اليَسيرِ يَتَوَجَّهُ إليٰ الجَنَّةِ إليٰ لِقاءِ أحِبَّتِهِ و إخوانِهِ المُؤمِنين فَرِحاً مُستَبشِراً مَسروراً ،
و أمّا حالُ مَن اُعطِيَ كِتابَ أعمالِهِ حالِكَوْنِه مُكبَّلٌ يمينه بالقُيودِ و مَشدودٌ يَسارَهُ بِقَفاهُ و ظَهرِهِ فَيُعطيٰ كِتابَهُ بِيَسارِهِ ،
فذلِكَ الشَقيُّ عَدوٌّ آل محمّدٍ (ص) بَعدَ أن يُعطيٰ كِتابَهُ وَرآءَ ظَهرِهِ يُعوِلُ و يَصرُخُ و يَستَغيثُ و يُنادي بِالوَيْلِ و الثُّبورِ لِنَفسِهِ يا وَيْلاهُ ثُمَّ يَصليٰ ناراً سَعيراً في سَقَر ،
ذلِكَ لِأنّهُ كانَ في الدُّنيا بَيْنَ أهلِهِ مَسروراً بِمُعاداةِ آل مُحمّدٍ و شيعَتِهم و مُتابِعَةِ هَواهُ و شَهواتِهِ و مَلَذّاتِه ،
إنّهُ مِن شَقاوَتِهِ و حُمقِهِ و غُرورهِ و طُغيانِهِ ظَنَّ أن لَن يَنتَقِل عَن لَذّاتِهِ و لَن يَخيبَ أبَداً و لَن يَهلِك ،
بَليٰ إنَّهُ سَيخيبُ و يَهلِك إنَّ اللهَ رَبَّهُ لم يَترُكهُ سُديًٰ و لَم يُهمِلهُ بَل أمهَلَهُ إختِباراً و كانَ بهِ بَصيراً مُطَّلِعاً عَليهِ ،
فلا اُقسِمُ يا حبيبي بالشَّفَقِ الأحمَر في الاُفُق عِندَ الغُروبِ و باللَّيْلِ و ما ضَمَّ و شَمَلَ و جَمَعَ و بالقَمَرِ حينَما كَمُلَ وانتَظَمَ وَ تَمَّ بَدراً ،
بالتإكيدِ و التَّحقيقِ بِمَشيئَةِ اللهِ و قَضاءِ و قَدَرِهِ سَتَركَبوُنَ أيُّها المُسلِمونَ في مُستَقبَلِ تاريخِكُم و أيّامِكُم تاريخَ أسلامِكُم مِنَ الاُمَمِ حَذوَ النَّعلِ بالنَّعلِِ والقِذَّةِ بالقِذَّةِ طَبَقةً بَعدَ طَبَقَةٍ وجيلاً بَعدَ جيلٍ مثلهم ،
و نَستَفهِمُ مُستَنكِرينَ يا حبيبي : فَمالهُم بعضُ أصحابِكَ و زَوْجاتِكَ و قُريشاً لا يُؤمِنونَ بِوِلايَةِ عليِّ بن أبيطالِب (ع) ؟؟؟ ،
و مالَهُم حينَما تَقرَاءُ عليهِمُ القُرآنَ يأمُرُهُم بالإيمانِ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) لا يَسجُدونَ و لا يُطيعونَ أمرَ اللهِ بذلِك ؟
فلا يُطيعونَ اللهَ و لا يُوالونَ عَليّاً (ع) بَلِ الّذين كَفَروا بِوِلايَتِهِ يُكَذِّبونَكَ و يَقولونَ إنَّهُ لَيَهجُر !!
فَلِذلكَ يا رسولَ الله بَشِّرِ المُنافِقينَ و أنذِرهُم بِعَذابٍ أليمٍ مُؤلِمٍ شديدٍ يوم القيامَةِ في جَهنَّم ،
لكِنِ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ عليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ (ع) و عَمِلوا الصّالِحاتِ مُتَمسِّكينَ بِوِلايَتِهِ لهُم يَومَ القيامةِ ثَوابٌ و جَزاءٌ غَيرُ مَنقوصٍ بِغَيرِ مِنّةٍ و نَعيمٌ مُقيمٌ دائِمٌ .
نشر في الصفحات 1484-1481 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی