سورة الأَعليٰ
2017-04-13
سورَة البَقَرةِ
2017-04-14

(81)
سورة الإنشِقاق

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بِإسمِ ذاتِيَ القادِرِ المُقتَدِر الخالِقِ المُدَبِّرِ و بإسمِ رحمانيَّتيَ الواسِعَةِ الشّامِلَةِ لِخَلقي و رحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بِصَفوَةِ خَلقي اُوحي :

(‌ إذا السَّماءُ انشَقَّتْ )

حينَما نُوجِدُ بِقُدرَتِنا الإنفِصالَ و الإنشقاقَ بَيْنَ كواكِبِ السَّماءِ و سَيّاراتِها و مَجرّاتِها و جاذِبيّاتِها لِيَومِ القِيامَةِ والبَعثِ و النُّشور ،

( وَ أذِنَتْ لِرَبّها . حُقَّت )

و أطاعَت إطاعَةً تكوينيَّةً لِأمرِ اللهِ وانقادَتْ لِإرادَتِهِ بالإنشِقاقِ و تَحَقَّقَت مَشيئَة اللهِ بالإنشِقاقِ لِلنُّشورِ و المَعاد ،

(‌ وَ إذا الأرضُ مُدَّت )

‌و حينَما بِقُدرَةِ اللهِ و إرادَتِهِ و أمرِهِ وَ وِلايَتِهِ التكوينيَّةِ عليٰ الكَوْنِ تَمتَدُّ البَسيطَةُ و المَعمورَةُ فَتُزالُ جِبالها و مُحيطاتِها ،

( وَ ألقَت ما فيها وَ تَخَلَّت )

و بَعدَ أنِ انبَسَطَتِ الأرضُ لِلمَحشَرِ تُلقي الأرضُ بما في جَوْفِها مِنَ الرَّميمِ و الأجسادِ و تَتَخَلّيٰ عمّا دُفِنَ فيها فَيُبعَثُ الخلائِق ،

(‌ و أذِنَت لِرَبِّها و حُقّت )

و بِذلكَ تُطيعُ الأرضُ أمرَ اللهِ و إرادَتِهِ و تُؤذِنُ تكويناً بِكُلّ ذلِكَ و تُحَقَّقُ القيامَةُ و البَعثُ و النُّشورُ ،

(‌ يا أيُّها الإنسانُ إنَّكَ‌ كادِحٌ إليٰ رَبِّكَ كَدحاً فَمُلاقيهِ )

فيا أيُّها الإنسانُ العاقِلُ المُكَلَّفُ إنَّكَ عامِلٌ بِجُهدٍ في هذهِ الدُّنيا إليٰ لِقاءِ اللهِ رَبّكَ بَعدَ مَوتِكَ جُهداً فَمُلاقيهِ يَومَذاك ،

( فَأمّا مَن اُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً )

و يَومَذاك فَأمّا حالُ مَن اُعطِيَ كِتابَ عَمَلِهِ بِيَمينِهِ مَعَ أصحابِ اليَمينِ شيعَةِ أميرُ المُؤمِنين (ع) فَسَوْفَ يُحاسَبُ عليٰ أعمالِهِ حِساباً سَهلاً خَفيفاً ،

(‌ و يَنقَلِبُ إليٰ أهلِهِ مَسروراً )

وَ بَعدَ الحِسابِ اليَسيرِ يَتَوَجَّهُ‌ إليٰ الجَنَّةِ إليٰ لِقاءِ أحِبَّتِهِ و إخوانِهِ المُؤمِنين فَرِحاً مُستَبشِراً مَسروراً ،

( و أمّا مَن اُوتِيَ كِتابَهُ وَرآءَ ظَهرِهِ )

و أمّا حالُ مَن اُعطِيَ كِتابَ أعمالِهِ حالِكَوْنِه مُكبَّلٌ يمينه بالقُيودِ و مَشدودٌ يَسارَهُ بِقَفاهُ و ظَهرِهِ فَيُعطيٰ كِتابَهُ بِيَسارِهِ ،

( فَسَوْفَ يَدعو ثُبوراً و يَصليٰ سعيراً )

فذلِكَ الشَقيُّ عَدوٌّ آل محمّدٍ (ص) بَعدَ أن يُعطيٰ كِتابَهُ وَرآءَ ظَهرِهِ يُعوِلُ و يَصرُخُ و يَستَغيثُ و يُنادي بِالوَيْلِ و الثُّبورِ لِنَفسِهِ يا وَيْلاهُ ثُمَّ يَصليٰ ناراً‌ سَعيراً في سَقَر ،

( إنَّهُ كانَ في أهلِهِ مَسروراً )

ذلِكَ لِأنّهُ كانَ في الدُّنيا بَيْنَ أهلِهِ مَسروراً بِمُعاداةِ آل مُحمّدٍ و شيعَتِهم و مُتابِعَةِ هَواهُ و شَهواتِهِ و مَلَذّاتِه ،

(‌ إنّهُ ظَنَّ أن لَن يَحور )

إنّهُ مِن شَقاوَتِهِ و حُمقِهِ و غُرورهِ و طُغيانِهِ ظَنَّ أن لَن يَنتَقِل عَن لَذّاتِهِ و لَن يَخيبَ أبَداً و لَن يَهلِك ،

(‌ بَليٰ إنَّ رَبَّهُ كانَ بهِ بَصيراً )

بَليٰ إنَّهُ سَيخيبُ و يَهلِك إنَّ اللهَ رَبَّهُ لم يَترُكهُ سُديًٰ و لَم يُهمِلهُ بَل أمهَلَهُ إختِباراً و كانَ بهِ بَصيراً مُطَّلِعاً عَليهِ ،

( فلا اُقسِمُ بالشَّفَق والَّليْلِ و ما وَسَق و القَمَرِ إذا اتَّسَق )

‌فلا اُقسِمُ يا حبيبي بالشَّفَقِ الأحمَر في الاُفُق عِندَ الغُروبِ و باللَّيْلِ و ما ضَمَّ و شَمَلَ و جَمَعَ و بالقَمَرِ حينَما كَمُلَ وانتَظَمَ وَ تَمَّ بَدراً ،

( لَتَركَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ )

بالتإكيدِ و التَّحقيقِ بِمَشيئَةِ اللهِ و قَضاءِ و قَدَرِهِ سَتَركَبوُنَ أيُّها المُسلِمونَ في مُستَقبَلِ تاريخِكُم و أيّامِكُم تاريخَ أسلامِكُم مِنَ الاُمَمِ حَذوَ النَّعلِ بالنَّعلِِ والقِذَّةِ بالقِذَّةِ طَبَقةً بَعدَ طَبَقَةٍ وجيلاً بَعدَ جيلٍ مثلهم ،

( فَمالَهُم لا يُؤمِنون ؟ )

و نَستَفهِمُ مُستَنكِرينَ يا حبيبي : فَمالهُم بعضُ أصحابِكَ و زَوْجاتِكَ و قُريشاً‌ لا يُؤمِنونَ بِوِلايَةِ عليِّ بن أبيطالِب (ع) ؟؟؟ ،

( و إذا قُرِيءَ‌ عليهِمُ القُرآنُ‌ لا يَسجُدون ؟ )

و مالَهُم حينَما تَقرَاءُ عليهِمُ القُرآنَ يأمُرُهُم بالإيمانِ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) لا يَسجُدونَ و لا يُطيعونَ أمرَ اللهِ بذلِك ؟

( بَلِ الّذين كَفَروا يُكَذِّبون وَاللهُ أَعلمُ بِما يوعونَ )

فلا يُطيعونَ اللهَ و لا يُوالونَ عَليّاً (ع) بَلِ الّذين كَفَروا بِوِلايَتِهِ يُكَذِّبونَكَ و يَقولونَ إنَّهُ لَيَهجُر !!

( ‌فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أليم )

فَلِذلكَ يا رسولَ الله بَشِّرِ المُنافِقينَ و أنذِرهُم بِعَذابٍ أليمٍ مُؤلِمٍ شديدٍ يوم القيامَةِ في جَهنَّم ،

( إلاّ الّذينَ آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ لَهُم أجرٌ غيرُ مَمنونٍ )

لكِنِ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ عليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ (ع) و عَمِلوا الصّالِحاتِ مُتَمسِّكينَ بِوِلايَتِهِ لهُم يَومَ القيامةِ ثَوابٌ و جَزاءٌ غَيرُ مَنقوصٍ بِغَيرِ مِنّةٍ و نَعيمٌ مُقيمٌ دائِمٌ  .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيم )


نشر في الصفحات 1484-1481 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *