سورَة البَقَرةِ
2017-04-14
سورة التّين
2017-04-14

(83)
سورة الرّوم

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم ألـٰم )

بِإسمِ ذاتِيَ القادِرِ القاهِرِ الغالِبِ و بإسمِ رحمانيَّتي و رحيميَّتي ، اُوحي إليكَ و أرمِزُ بِألِف لام ميم رمز التّاريخِ والأحداثِ المُقبِلَةِ لِاُمَّتِك ،

( غُلِبَتِ الرّوم في أدنيٰ الأرض و هُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم سَيَغلِبون )

نُخبِرُكَ يا حَبيبي قَد غُلِبَتِ الرُّوم مِن جَيْشِ الفُرسِ في أقرَبِ أرضٍ مِنكَ و هِيَ أذرُعاتِ الشّامِ و هُم مِن بَعدِ مَغلوبِيَّتِهِم سَيَغلِبونَ قَريباً ألفُرسَ و يَهزِمُوهُم ،

( في بِضعِ سِنينَ لِلّهِ الأمرُ‌ مِن قَبلُ و مِن بَعدُ‌ و يَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنون )

و سَيَغلِبونَ الفُرسَ في بِضعٍ مِنَ السِّنين و هي ما بَيْنَ الثّلاثَةِ والتِّسعَةِ و لِلّهِ الأمرُ و التَّقديرُ و القَضاءُ مِن قَبْلِ غَلَبَةِ الفُرسُ الرّومَ و مِن بَعدِ غَلَبَةِ الرّومُ الفُرسَ و يَومَئذٍ يَفرَحُ المُسلِمونَ لِأنَّ الرّومَ أهل كِتابٍ و الفُرسَ عُبّادُ النّار ،

(‌ بِنَصرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يشآءُ و هُوَ العزيزُ الرَّحيم )

و يَفرَحونَ بِنَصرِ اللهِ لِأهلِ الدّينِ عليٰ أهلِ‌ الشِّركِ و الكُفّارِ واللهُ سُبحانَهُ يَنصُرُ مَن يشآءُ مِن عِبادِهِ بِعِزَّتِهِ و رَحمَتِهِ و هُوَ العَزيزُ المُعزُِّ و الرَّحيمُ بِالمُؤمينن ،

(‌ وَعدَ اللهِ‌ لا يُخلِفُ اللهُ وَعدَهُ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمون )

هذا هُوَ وَعدُ اللهِ بِغَلَبَةِ الرّومِ عليٰ الفُرسِ و اللهُ لا يُخلِفُ وَعدَهُ ، بَل هُوَ صادقُ الوَعدِ قَطعاً فَحَتماً سيَكونُ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ المُشرِكينَ لا يَعلَمون ذلِك ،

(‌ يَعلَمونَ ظاهِراً مِنَ الحَياةِ الدُّنيا و هُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غافِلون )

فَهُم لِعَدَمِ إيمانِهِم جاهِلونَ و فَقَط يَعلَمون ظاهِراً مِن اُمورِ الحياةِ و الدُّنيا و مَشاغِلِها و لَواهِيها و هُم عن الحياةِ الآخِرةِ و لوازِمِها غافِلونَ و أهمُّها الإيمانُ‌ بِالوِلايَه ،

(‌ أوَلَم يَتَفَكّّروا في أنفُسِهِم ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ و الأرضِ و ما بَينَهُما إلاّ بالحَقِّ و أجَلٍ مُسمّيًٰ ؟ )

نَستَفهِمُهُم مُوَبِّخينَ أفَلم يَتَفَكّروا في خِلقَةِ أنفُسِهِم و يَدَعوُا الغَفلَةَ‌ كي يَعرِفوا ما خَلَقَ اللهُ السّماواتِ و الأرضَ‌ و ما بَيْنَهُما مِنَ الخَلائِقِ إلاّ بالعَدلِ و الحِكمَةِ لِفَترَةٍ و مُدَّةٍ مُعيَّنَةٍ و سَتَفنيٰ يَوْماً كُلّها ،

(‌ و إنَّ كثيراً مِنَ النّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِم كافِرون )

و بَعدَ الفَناءِ و مَوتِ النّاسِ سيكونُ لهُم حَشراً و مَعاداً لِلحسابِ و الجَزاءِ حَتماً لاقتِضاءِ العَدلُ و الحِكمَةُ ذلِكَ و إنّ كثيراً من النّاسِ المُنافِقينَ بِلِقاءِ رَبِّهِم في المَعادِ لَكافِرون ،

(‌ أَوَلَم يسيروا في الأرض فينظروا كيفَ كان‌َ عاقِبَة الذين مِن قَبلِهِم ؟ كانوا أشَدَّ منهُم قُوَّةً و أثاروا الأرضَ‌ و عَمَروها أكثَرَ مِمّا عَمَروها )

‌نَسألُ مُوَبِّخينَ مُشرِكي قُرَيْشٍ و بَني اُمَيَّةَ‌ أَوَلَم يُسافِروا في الأرضِ فَيَنظُروا الآثارَ فَيَعرِفوا كيف كانَ‌ عاقِبَة الّذينَ مِن قَبلِهِم مِنَ الاُمَم بَعدَ أن كانوا أشَدَّ مِنهُم قُوَّةً و أثاروا الأرضَ لِلزَّرعِ و عَمَروها بالزِّراعَةِ‌ أكثَرَ مِمّا عَمَروها أهلُ مَكّه ،

(‌ و جاءَتهُم رُسُلُهم بالبَيّناتِ فما كان اللهُ لِيَظلِمَهُم و لكن كانوا أنفُسَهُم يَظلِمون )

و جاءَتهُم رُسُلُهم كهُودٍ و صالحٍ‌ وموسيٰ و عيسيٰ بالمُعجِزاتِ الواضِحاتِ فكذّبوا فأهلَكَهُمُ اللهُ فما كانَ اللهُ لِيَظلِمَهُم بِعَذابِهِ و لكِن كانُوا هُم أنفُسَهُم يَظلِمونَ أنفُسَهُم بالعِصيان ،

( ثُمَّ كانَ عاقِبَة الّذين أساؤوا السّوْأيٰ أن كذّبوا بآياتِ اللهِ و كانوا بِها يَستَهزِؤن )

ثُمَّ إنَّ بَني اُمَّيَةَ إيضاً مِثلَهُم فكانَ عاقِبَة الّذين أساؤوا لآِلِ مُحمّدٍ (ص) الإساءَةَ و الظُّلمَ أن كذّبوا بآياتِ اللهِ النّازِلَةِ بشأنِهِم و كانوا بِها يَستَهزِؤنَ قائِلينَ لَعِبَت هاشِمُ بالمُلكِ فلا خَبَرٌ جآءَ و لا وحيٌ نَزَل ،

( أللهُ يَبدَأُ الخَلقَ‌ ثُمَّ يُعيدُهُ ثُمَّ إليهِ تُرجَعونَ و يَومَ تَقومُ السّاعَةُ يُبلِسُ المُجرِمون )

إنّ اللهَ سُبحانَهُ هو يَبدَاءُ خِلقَةَ‌ الخَلقِ جميعاً ثُمَّ يُعيدُ خَلقَهُم بَعدَ مَوتِهِم لِلحَشرِ فَثَمَّ بَعدَ الإعادَةِ و المَعادِ إليهِ تُرجَعونَ لِلحسابِ و الجَزاءِ‌ و يَومَ قيامِ الساعَةِ و المَعادِ يُبلِسُ المُجرِمونَ بِحَقِّ آلِ‌ مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهم كَإبليس فيُحكَمُ عليهِم بالعَذاب ،

(‌ وَ لَم يكُن لَهُم مِن شُرَكاءِهِم شُفَعاءَ وَ‌ كانوا بِشُرَكائِهِم كافِرين )

و يَومَئِذٍ لا يُوجَدُ لأِعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) و مُخالِفيهِم شُفَعاءَ‌ عندَ اللهِ مِن خُلَفاءِهِمُ‌ الّذينَ‌ أشرَكوهُم في الطّاعَةِ مَعَ‌ اللهِ و يكونون يَومَئِذٍ بِخُلَفاءِهِم كافِرينَ فَيَتَبَرَّؤنَ مِنهُم ،

(‌ وَ يَوْمَ ‌تقومُ الساعَةُ يَتَفرّقون ، فأمّا الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ فَهُم في رَوضَةٍ يُحبَرون )‌

وَ‌ يومَ تقومُ ساعَةُ الحَشرِ و المَعادِ  لِلنّاسِ فيومَئِذٍ  يَتَفَرَّقونَ‌ فِرقَتَيْنِ أصحابُ اليَمينِ و أصحابُ الشِّمالِ فَأمّا الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ آل محمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ فَهُم يَصيرونَ في رَوضَةِ الجَنَّةِ مَحبورينَ مَسرورين ،‌

( و أمّا الّذين كفَروا و كذّبوا بآياتِنا وَ‌ لِقاءِ الآخِرَةِ فأولئِكَ في العَذابِ مُحضَرون )

و أمّا أهلُ‌ الشِّمالِ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) و كذّبوا بآياتِنا النّازِلَةِ بِشَأنِهم و كذّبوا بِلِقاءِ الآخِرَةِ و حسابِ يَومِ القيامَةِ ، فأولئِكَ المُنافِقون في العَذابِ الجَحيمِ يُحضَرونَ دائِماً ،

( فَسُبحانَ‌ اللهِ حينَ تُمسونَ و حينَ تُصبِحونَ‌ ، و‌َ‌ لَهُ الحَمدُ في السَّماواتِ وَ‌الأرضِ و عَشِيّاً و حينَ تُظهِرون )

فَسَبِّحوا اللهَ و قَدِّسوهُ يا أصحابَ‌ اليَمينِ المُوالِينَ لِمُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرين حينَ تُمسون مَساءً و حين تُصبِحون صَباحاً‌ و احمِدوهُ لَهُ الحَمدُ في السماواتِ و الأرضِ حينَ العِشاءِ‌ عَشِيّاً و حينَ تُظهِرونَ‌ ظُهراً ،

(‌ يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ و يُخرِجُ  المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ و يُحيي الأرضَ بَعدَ مَوتها و كذلِكَ تُخرَجون )

فاللهُ سُبحانَهُ و تَعاليٰ يُخرِجُ المُؤمِنَ الحَيَّ بِوِلاءِهِ لآِلَ مُحمّدٍ ‌(ص) كمُحمّد ابن أبيبَكرٍ و مُعاوِيَةَ الثّاني مِنَ‌ المَيِّت قَلبُهُ بالنِّفاقِ و يُخرِجُ المُنافِقَ المَيِّت قَلبُهُ مِنَ الحَيّ كإبنِ نُوحٍ و يُحيي الأرضَ بَعدَ‌ مَوتِها بِوِلاءِ آلِ محمّدٍ و كذلِكَ تُخرَجونَ مِن قُبورِكِم مُؤمِنينَ و مُنافِقين ،

(‌ و مِن آياتِهِ أن خَلَقَكُم مِن تُرابٍ ثُمَّ إذا أنتُم بَشَرُ تَنتشرون )

و مِن آياتِهِ وِلايَةِ‌ اللهِ و قُدرَةِ‌ اللهِ عَزَّوجَلَّ و دَلائِلَ عَظَمَتِهِ أن خَلَقَ أباكُم آدَم و اُمَّكُم حَوّآءَ‌ مِن تُرابٍ ثُمَّ إذا أنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرونَ مِن صُلبِهِما و نَسلِهِما ،

( و مِن آياتِهِ أن خَلَقَ لكُم مِن أنفُسِكُم أزواجاً‌ لِتَسكُنوا إليها و جَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً‌ و رَحمَةً إنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكّرون )

و مِن دَلائِلِ وِلايَتِهِ و قُدرَتِهِ و عَظَمَتِهِ و حِكمَتِهِ و لُطفِهِ هِيَ أن خَلَقَ لكُم مِن جِنسِكُم أزواجاً لِتَسكُنوا إلَيْها بالنِّكاحِ فَتَكسِبوا الرَّاحَةَ والسَّكينَةَ و الطُّمَأنِينَةَ بِذلِكَ و جَعَلَ بَيْنَكُم أيّها الأزواجُ‌ مَوَدَّةً و مَحَبَّةً و رَحمَةً و عاطِفَةً إنّ في ذلِكَ لَدِلالاتٍ عليٰ عَظَمَةِ اللهِ لِقَومٍ يَتَفكَّرونَ في آلاءِ الله ،

( و مِن آياتِهِ خَلقُ السّماواتِ و الأرضِ و اختِلافُ‌ ألسِنَتِكُم و ألوانِكُم إنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلعالِمين )

و مِن دَلائِلِ وِلايَةِ اللهِ التّامَّةِ المُطلَقَةِ هي خَلقُ السّماواتِ والأرضِ و لا خالِقَ لَهُنّ غَيرُهُ و كذلِكَ إختِلافُ ألسِنَتِكُم أيُّها البَشَر و ألوانِكُم و أنتُم كُلُّكُم مِن نَسلِ آدَم و حوّآء إنَّ ‌في ذلِكَ لَدِلالاتٍ عليٰ وِلايَةِ اللهِ التّامَّةِ لِكُلّ أهلِ العِلمِ و العُلَماء ،

(‌ و مِن آياتِهِ مَنامُكُم بالَّليْل و النَّهارِ و ابتِغاؤكُم مِن فَضلِهِ إنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسمَعون )

و مِن دَلائِل وِلايَةِ اللهِ‌ التّامَّةِ علَيْكُم هو مَنامُكُم بالَّليْلِ‌ والنَّهارِ و لَيسَ في إختيارِكُم أن لا تَنامُوا و كذلِكَ طَلَبُكُم لِلرِّزقِ مِن فَضلِهِ إنَّ في ذلِكَ لَدِلالاتٍ لِقَوْمٍ يَسمَعونَ كلامَ الله ،

( و مِن آياتِهِ يُريكُمُ البَرقَ خَوْفاً و طَمَعاً و يُنَزِّلُ مِن السَّماءِ مآءٌ فيُحيي بهِ الأرضَ بَعدَ مَوْتِها إنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعقِلون )

و مِن دَلائِلِ وِلايَةِ اللهِ أنَّهُ يُريكُمُ البَرقَ تَخافونَه خَوفاً مِنَ الصّاعِقَةِ و تَطمَعونَ فيهِ طَمَعاً‌ في المَطَر و يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مآءً مَطَراً فيُحيي بِهِ الأرضَ بَعدَ يُبسِها إنَّ في ذلِكَ لَدِلالاتٍ لِقَوْمٍ يَعقِلون الدِّلالات ،

(‌ و مِن آياتِهِ أن تَقوَم السَّماءُ و الأرضُ بِأمرِهِ‌ )

و مِن دَلائِلِ وِلايَةِ اللهِ التّامَّةِ المُطلَقَةِ هِيَ أن تَقومُ السَّماءُ و الأرضُ في مَداراتِها بِنِظامِها المُتقَنِ الدَّقيقُ بِأمرِهِ التّكوينيّ و إرادَتِه ،

( ثُمَّ إذا دَعاكُم دَعوَةً مِنَ الأرضِ إذا إنتُم تُخرَجون )

ثُمَّ إنَّ‌ اللهَ سُبحانَهُ حينَما يُريدُ حَشرَكُم و مَعادَكُم بِنَفسِ الوِلايَةِ التّامَّةِ و الإرادَةِ التّكوينيَّةِ حينَما يدعوكُم دَعوَةً مِنَ‌ الأرضِ بالنُّشورِ فَمُباشرةً إذا أنتُم تُخرَجونَ‌ لِلحَشر ،

( و لهُ مَن في السّماواتِ و الأرضِ كُلٌّ لَهُ قانِتون )

و لَهُ مِلكيَّةُ مَن في السَّماواتِ و الأرضِ مِن رُوحٍ مِلكيَّةٌ تامَّةٌ حقيقيّةٌ‌ تكويناً‌ يَتَصرَّفُ فيهِم كيفما يَشآءُ و يُريدُ و كلٌّ لهُ مُطيعونَ تكويناً ،

( و هو الذي يَبدَاءُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ و هوَ أهوَنُ عليهِ و لهُ المَثَلُ الأعليٰ في السّماواتِ‌ و الأرضِ و هو العزيزُ الحكيم )

و هو سُبحانَهُ و تَعاليٰ هُوَ الّذي بَدَاءَ الخَلقَ ثُمَّ هو يُعيدُهُ‌ بَعدَ مَوتِهِ و ذلِكَ أهوَنُ‌ عليهِ مِن خَلقِهِ إبتداءً إذ كانَ إيجادٌ مِن عَدَمٍ و هذا إعادَةٌ بعدَ‌ مَوتٍ و للهِ المَثَلُ الأعليٰ في الخَلقِ و الإيجادِ في السّماواتِ و الأرضِ يُشاهِدُهُ المُتَأَمِّلُ و هو العَزيزُ في خَلقِهِ ألحَكيمُ في صُنعِه ،

(‌ ضَرَبَ لكُم مَثلاً مِن أنفُسِكُم هَل لَكُم مِن ما مَلَكت أيْمانكُم مِن شُرَكاءَ‌ في ما رَزقناكُم ؟ )

يَضرِبُ اللهُ لكُم مَثلاً مِن أنفُسِكُم كي تَفهَموا أنّهُ ليسَ‌ لَكُم حَقُّ إختيارِ الإمامِ أوِ الخَليفَةِ و إنتخابهُ سائِلاً هَل لَكُم في ما مَلَكَت أيْمانُكُم مِن عَبيدٍ و إماءٍ شُرَكاءَ تامُّونَ الإختيارِ في ما رَزقناكُم مِن أموالٍ ؟ كَلاّ ،

( فَأنتُم فيهِ سَواءٌ تُخافونَهُم كخيفَتِكُم أنفُسكُم كذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعقِلون )

فَهَل أنتُم مَعَ عَبيدِكُم في أموالِكُم تَتَساوون مِلكيَّةً و تَصرُّفاً ؟ كَلاّ و هَيهات فَهَل لهُم حُرِيَّةٌ مثلكُم تَخافونَهُم كخيفَتِكُم مِنَ الأحرارِ ؟ كَلاّ و حاشا ، فكذلكَ أنتُم بالنَّسبَةِ إليٰ اللهِ عَبيدُهُ و هو وليُّكُم يُوَلّي عليكُم مَن يشآءُ و هكذا نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍٍ يَعقِلونَ‌ لِقَومٍ يَعقِلونَ بِعُقولِهِم حَقيقَةَ الوِلايَه ،

( بَلِ اتَّبَعَ الّذين ظَلَموا أهواءَهُم بِغَيرِ عِلمٍ فَمَن يَهدي مَن أضَلَّ اللهُ و مالَهُم مِن ناصِرين )

بَل إنَّ الّذين اختاروا لِأنفُسِهِم خَليفةً والّذين ظَلَموا آلَ محمّدٍ (ص) ، إتَّبَعوا أهواءَهُمُ النّفسانِيَّةَ جَهلاً و سَفاهَةً بِغَيرِ عِلمٍ و فَهمٍ فَمَن يهدي الّذين تَرَكَهُم اللهُ في ضَلالَتِهِم وما لَهُم مِن ناصِرينَ مِن عذابِ الله ،

(‌ فَأقِم وَجهَكَ لِلدّينِ حَنيفاً فِطرَة‌َ اللهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ علَيها )

فَنَأمُرُكَ ‌يا رسولَ‌ اللهِ . اُمَّتَكَ أن أقِم وَجهَكَ لِلدّينِ‌ الّذي أكمَلتُهُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) مُخلِصاً خالِصاً و لا تَلتَفِت يَميناً و شِمالاً فَوِلايَتُهُ هِيَ فِطرَة اللهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ عليها و خَلَقَهُم بِبَرَكَتِها ،

(‌ لا تَبديلَ لِخَلقِ اللهِ ذلِكَ الدّينُ‌ القَيِّمُ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمون )

لا تَبديلَ‌ مِنَ اللهِ لِلوِلايَةِ‌ الّتي خَلَقَ النّاسَ علَيها أبَداً فالوِلايَةُ لِعَليٍّ (ع) قَطعاً لا لِغَيرِه ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ‌ بِوِلايَتِهِ و القائِمُ بِسَيْفِهِ و جِهادِهِ‌ و لكِنَّ أكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ حَقيقَةَ الدّين ،

(‌ مُنيبينَ‌ إليهِ و اتَّقُوهُ وَ‌أقيموا الصَّلاةَ و لا تكونوا مِنَ المُشرِكين )

أقِم وجهَكَ أنتَ و اُمَّتِكَ عليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) مُنيبينَ إليٰ اللهِ واتَّقوهُ بالثَّباتِ عليٰ وِلايَتِهِ و أقيموا الصَّلاةَ بِوِلايَتِهِ و لا تكونوُا مِنَ المُشرِكين بِطاعَةِ اللهِ طاعَةَ خُلَفاءِ الجَوْر ،

(‌ مِنَ الّذين فَرَّقوا دينَهُم و كانوُا شِيَعاً‌ كُلُّ حِزبٍ بِما لَدَيْهِم فَرِحون )

و لا تَكونُوا أيُّها المُسلِمونَ‌ مِنَ الّذين فَرَّقوا دينَهُم إليٰ مَذاهِبَ و فِرَقٍ أربَعَةٍ و كانوا أحزاباً كشيعَةِ آل أبي سُفيانَ و بَني مَروان و بَني العَبّاس وَوَوَوَ و كُلّ حِزبٍ بما لَدَيْهِم مِنَ الباطِلِ فَرِحونَ‌ بَل والوُا آلَ مُحمّدٍ (ص) فَحَسب لا غيرِهم ،

( وَ‌ إذا مَسَّ النّاسَ‌ ضُّرٌّ دَعوا رَبّهُم مُنيبينَ إليهِ ثُمَّ إذا أذاقَهُم مِنهُ رَحمَةً إذا فَريقٌ مِنهُم بِرَبِّهِم يُشرِكون )

و إذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ كالقَحطِ و الوَباءِ و ظُلمِ الحُكّامِ و جَوْرِهم إبتَهَلوا إليٰ اللهِ نادِمينَ تائِبينَ إليهِ لِيَدفَعَ الضُّرَّ عنهُم ثُمَّ إذا أذاقَهُم مِنهُ رَحمَةً بِبَرَكَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و بِسَبَبِهِم إذا فَريقٌ مِنَ النّاسِ بِرَبِّهِم يُشرِكونَ بِطاعَةِ‌ الحُكّامِ الظَّلَمَةِ و طاعَة خُلَفاءِ الجَوْر ،

( لِيَكفُروا بِما آتَيْناهُم فَتَمتَّعوا فَسَوْفَ تعلَمون )‌

و بِطاعَةِ الظّالِمينَ‌ لِيَكفُروا بِما آتَيْناهُم مِن نِعمَةِ وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و بَرَكَتِهِم فَنَقولُ لَهُم مُهَدِّدينَ تَمتَّعوا بِكُفرِكُم فَسَوفَ تَعلَمونَ ما أعدَدَنا لَكُم مِنَ العَذابِ و الخِزي ،

(‌ أم أنزَلنا عليهِم سُلطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بهِ يُشرِكون )

نَستَفهِمُهُم مُوَبِّخينَ هَل أنزَلنا عليهِم بُرهاناً و آيَةً و وَحيَاً يُجيزُ لهُم تَرَكَ وِلايَةِ آل محمدٍ (ص) و طاعَةِ الظّالِمينَ يُصَرِّحُ بِما كانوا بهِ يُشركونَ مِن طاعَتِهِم ،

(‌ و إذا أذَقنا النّاسَ رَحمةً فَرِحوا بِها و إن تُصِبهُم سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَت أيديهِم إذا هُم يَقنُطون )

و إذا أذَقنا النّاسَ رَحمَةً مِن عِندِنا كَغَلَبَةٍ في حَربٍ بِبَرَكَةِ عليٍّ (ع) و جهادِهِ فَرِحوا بِها مِثلَ بَدرٍ و خَندَقٍ و خَيْبَرٍ و إن تُصِبهُم سَيِّئَةٌ كهزيمَةِ الأحَد بِما قَدَّمَت أيديهِم مِن خِيانَةٍ إذا هُم يَقنطونَ مِنَ النّصر ،

( أوَلَم يَرَوا أنَّ‌ اللهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشاءُ و يَقدِرُ إنّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤمِنون )

نَسألُ مُوَبِّخينَ‌ أفَلا يَرَوْنَ أنَّ اللهَ بِمَشيئَتِهِ و تَقديرِهِ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشآءُ إختبارَهُ و يَقدِر الرِّزقَ‌ عَمَّن يشآءُ إمتِحانَهُ بَليٰ هو هكذا إنَّ في ذلِكَ لَدِلالاتٍ عليٰ وِلايَةِ‌ اللهِ لِقَومٍ يُؤمِنونَ‌ بِذلِك ،

( فَآتِ ذا القُربيٰ حَقَّهُ وَ‌المِسكينَ وَ ابنَ السَّبيلِ ذلِكَ خَيرٌ لِلَّذينَ يُريدونَ وَجهَ اللهِ و أولئِكَ هُمُ المُفلِحون )

فَنَأمُرُكَ و اُمَّتَكَ وُجوباً فَآتِ ذا القُربيٰ حَقَّهُ و أعطِ الزَّهراءَ‌ (ع) فَدَكاً  نِحلَةً مُقابِلَ ما أنفَقَتهُ اُمُّها مِن ثَرَواتٍ لِيَكونَ مِن ثَمَّ لِلمسكينِ و ابنِ السَّبيلِ مِن ذُرّيَتِها و شيعَتِها و الإيتاءُ هُوَ خيرٌ و أفضَلُ لِلّذينَ يُريدونَ التَّقَرُّبَ‌ إليٰ اللهِ وَ‌ أولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ غَداً‌ ،

( وَ ما آتَيتُم مِن رِباً لِيَربوَا في أموالِ النّاسِ فلا يَربوا عندَ‌ اللهِ و ما آتَيتُم مِن زَكاةٍ تُريدونَ بهِ وَجهَ اللهِ فَأولئِك هُمُ المُضعفون )

وَ اعلَموا أنّكم ما آتَيتُم مِن مالٍ رِباً لِتضخم مِن أموالِ النّاسِ حَراماً ،فلا فائِدَةَ لَهُ عِندَ اللهِ و لا بَرَكه و ما آتَيتُم مِن زَكاةٍ‌ تَقصُدونَ بِها رِضيٰ اللهِ فأولئِكَ المُزَكّونَ هُمُ المُضاعَفَةَ لهُمُ البَرَكةُ و الأجر ،

( أللهُ الّذي خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ‌ يُحييكُم هَل مِن شُركاءِكُم مَن يَفعلُ مِن ذلِكُم مِن شيءٍ سُبحانَهُ و تَعاليٰ عَمّا يُشرِكون )

إنَّ اللهَ هُوَ الّذي خَلَقَكُم ثُمَّ هو الّذي رَزَقَكُم ثُمَّ يُميتُكُم ثُمَّ يُحييكُم غَداً فَهَل مِن خُلَفاءِكُم مَن يَفعَلُ مِن ذلِكُم الأفعال مِن شَييءٍ ؟ كَلاّ و هَيْهات فسُبحانَ اللهِ وتَعاليٰ عَمّا تُشرِكونَ بِطاعَتِهِ طاعَةَ‌ الخُلَفاء ،

(‌ ظَهَرَ الفَسادُ في البَرِّ و البَحرِ بِما كَسَبَت أيدي النّاس لِيُذيقَهُم بَعض الّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعون )

قَد ظَهَرَ الفَسادُ مِن الظُّلمِ و الفَحشاءِ في البَرِّ و البَحرِ بِما كَسَبَت أيدي النّاس مِن تَركِ وِلايَةِ ‌آل محمدٍ (ص) و غَضبِ الخِلافَةِ مِنهُم و بالتّأكيدِ لِيُذيقَهُم اللهُ بَعضَ مَساوِيَ الّذي عَمِلوهُ في الدُّنيا لَعَلَّهُم يَرجِعون إليٰ وِلايَتِهِم ،

(‌ قُل سِيروا في الأرضِ فانظُروا كيفَ كانَ‌ عاقِبَة الّذين مِن قَبلُ كانَ‌ أكثَرُهُم مُشرِكين )

قُل يا رسولَ اللهِ لِلمُفسِدينَ المُناوِئينَ لِعَليٍّ (ع) سِيروا في الأرضِ فانظُروا إليٰ آثارِ عادٍ و ثَمودٍ كيفَ كانَ عاقِبَة الذين أفسَدوا مِن قَبلُ و كانَ أكثَرُهُم مُشرِكينَ باللهِ فَأهلَكَهُمُ ،

(‌ فَأقِم وَجهَكَ لِلدّينِ القَيِّمِ مِن قَبلِ أن يَأتِيَ يَومٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ‌ اللهِ يَومَئذٍ يَصَّدَّعون )

فَنَأمُرُكَ و اُمَّتكَ‌ جميعاً أن أقِم وَجهَكَ لِلدّينِ المُستَقيمِ الّذي اُكمِلَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و لا تَنحَرِف عَنهُ إليٰ غَيرهِ مِن قَبلِ أن يَأتِيَ يَومٌ لا يُقبَلُ فيهِ عَمَلٌ إلاّ بِوِلايَتِهِ و ذلِكَ اليَومُ لا مَرَدَّ لهُ مِنَ اللهِ يَومَئذٍ يَنقَسِمونَ إليٰ الجَنَّةِ و النّارِ و القَسيمُ هُوَ عليُّ بن أبيطالِبٍ (ع) ،

(‌ مَن كَفَر فعَليهِ كُفرُهُ و مَن عَمِلَ صالِحاً فلِأنفُسِهم يَمهَدونَ لِيَجزِيَ الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ مِن فَضلِهِ إنّهُ لا يُحِبُّ الكافِرين )

فَمَن كفَرَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) فَعليٰ نَفسِهِ يَرجِعُ كُفرُهُ فَيُدخِلُهُ عَليٌّ ألنّارَ و مَن عَمِلَ صالِحاً و تَمَسَّكَ بِوِلايَتِهِ فَلِأنفُسِهِم يَمهَدونَ مَنازِلَ الجَنّاتِ و قُصورِها لِِيَجزِيَ اللهُ الّذين آمَنوا بِوِلايَتِهِ و عَمِلوا الصّالِحاتِ جَزاءً مِن فَضلِهِ في الجِنانِ إنَّهُ لا يُحِبُّ الكافِرينَ بِوِلايَتِهِ ،

( وَ مِن آياتِهِ أن يُرسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ و لِيُذيقَكُم مِن رَحمَتِهِ و لِتَجري الفُلكُ بِأمرِهِ و لِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ و لَعلّكُم تَشكُرون )

وَ مِن آياتِ اللهِ الدّالَّةِ عليٰ وِلايَتِهِ إنّهُ يُرسِلُ الرِّياحَ مُبشّراتٍ بالمَطَر ثُمّ بعدَها لِيُذيقكُم المَطَرَ مِن رَحمَتِهِ و بالمَطَرِ يُذيقُكُم الزَّرعَ و الثَّمَرَ و لِتَجري السُّفُنُ الشّراعيَّةُ بالرِّياحِ فَتَبتَغوا التِّجارَةَ مِن فَضلِهِ و الرِّزقَ و لَعلَّكُم تَشكُرونَ‌ نِعَمَهُ فَتُوالونَ آلَ مُحمّدٍ (ص) ،

( وَ لَقَد أرسَلنا مِن قَبلِكَ رُسُلاً إليٰ قَومِهِم فَجاؤهُم بالبَيِّناتِ فانتَقَمْنا مِن الّذين أجرَموا و كانَ‌ حَقّاً عَلَينا نَصرُ المُؤمنين )

وَ‌بالتإكيدِ لَقَد أرسَلنا مِن قَبلِكَ أنبياءً مُرسَلينَ إليٰ قَوْمِهِم فَجاؤهُم بالمُعجِزاتِ الواضِحاتِ و أتَمّوا عليهِمُ الحُجَجَ فانتَقَمنا مِنَ الّذين أجرَموُا مِنهُم و خالَفوهُم وكانَ حَقّاً عَلَيْنا واجِباً باللُّطفِ وَ العَدلِ أن نَنصُرَ المُؤمِنينَ المُوالينَ لِلرُّسُلِ ،

( أللهُ الّذي يُرسِلُ الرِّياحَ فَتُثيرُ سَحابا فيَبسطُهُ في السَّماءِ كيفَ يَشآءُ و يَجعَلُهُ كِسَفاً‌ فَتَريٰ الوَدقَ يَخرُجُ مِن خِلالِهِ )

فَاللهُ سُبحانَهُ هو الّذي يُرسِلُ الرِّياحَ فَتُحَرِّكُ الغُيومَ المُمطِرَةَ‌ فيُنشِرُها في الفَضاءِ كيفَما يشآءُ و حيثُ يَشآءُ و يَجعَلُها قِطَعاً مُنتَشِرَةً هُنا و هُناك فتَريٰ المَطَرَ يَخرُجُ مِن خِلالِها فَيَسقي العِبادَ و البِلادَ ،

( فإذا أصابَ‌ بِهِ مَن يشآءُ مِن عبادِهِ إذا هُم يَستَبشِرونَ و إن كانوا مِن قَبلِ أن يُنَزَّلَ عليهِم مِن قَبلِهِ لَمُبلِسين )

فحينَما يُصيبُ بالمَطَرِ مَن يشآءُ مِن عبادِهِ بحِكمَتِهِ فإذاهُم يَستَبشِرونَ فَرَحاً و سُروراً و إن كانوا مِن قَبلِ أن يُنزّل عليهِم بالمَطَر مَغمومِينَ مَهمومين قانِطينَ مِن رحمََةِ الله ،

(‌ فانظُر إليٰ آثارِ رَحمَةِ اللهِ كيفَ يُحيي الأرضَ بعدَ مَوتِها إنّ ذلِكَ لَمُحبي المَوتيٰ و هُوَ عليٰ كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ )

فانظُر أيّها الإنسانُ إليٰ آثارِ رَحمَةِ اللهِ كيفَ يُحيي الأرضَ بالزَّرعِ بَعدَ سَقيِها بالمَطَر بَعدَ يُبسِها إنَّ اللهَ ذلِكَ هُوَ بالتأكيد مُحيي المَوتيٰ يومَ‌ القيامَةِ و هوَ عليٰ كُلِّ شييءٍ أرادَهُ قَديرٌ ،

‌( و لَئِن أرسَلنا ريحاً فَرَأَوْهُ مُصفَرّاً‌ لَظَلّوا مِن بَعدِهِ يَكفُرونَ فإنّكَ لا تُسمِعُ المَوتيٰ و لا تُسمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ‌ إذا وَلَّوْا مُدبِرين )

و لو أنّنا بِحِكمَتِنا و إنتِقامِنا أرسَلنا ريحاً فَرَأوُا الزَّرعَ مُصفَرّاً لَظَلّوا مِن بَعدِهِ يَكفُرونَ باللهِ جَزَعاً فإنّكَ لا تُسمِعُ المَوْتيٰ المَيِّتَةِ قُلوبُهم كلامَ اللهِ و لا تُسمِعُ الطُّروشَ آذانَهُم عَنِ‌ الحَقِّ دَعَوتِكَ إليٰ الوِلايَةِ حينَما يُوَلّونَ مُدبِرينَ عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) و عَن سِماعِ الحَقّ ،

( و ما أنتَ بِهادي العُميِ عَن ضَلالَتِهِم إن تُسمِعُ إلاّ مَن يُؤمِنُ بآياتِنا فَهُم مُسلِمون )

و ما أنتَ يا رسولَ اللهِ بهادي العُميِ القُلوب الّذين لا يُبصِرونَ فضائِل‌َ عَليٍّ (ع) عَن ضَلالَتِهِم و نِفاقِهِم بَل إن تُسمِعَ إلاّ مَن يُؤمِنُ بآياتِنا النّازِلَةَ بِشَأنِ عليٍّ (ع) فَيَهتَدونَ فَهُم مُسلِمونَ مُوالونَ لِعَليٍّ و وُلدِهِ (ع) ،

( أللهُ الّذي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوّةً ثُمَّ جَعَلَ‌ مِن بَعدِ قُوَّةٍ ضَعفاً‌ و شَيْبَةً يَخلُقُ ما يشآءُ و هُوَ العليمُ القَدير )

وَ اللهُ سُبحانَهُ هوَ الّذي خَلَقَكُم مِن نُطفَةٍ ضعيفَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضُعفِ الطُّفولَةِ قُوَّةَ الشَّبابِ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ القُوَّةِ ضُعفَ المَشيبِ و هكذا يخلُقُ ما يشآءُ بِحِكمَتِهِ و هُوَ العليمُ بالمَصالِحِ ألقَديرُ بالأشياء ،

(‌ وَ يَومَ‌ تَقومُ السّاعَةُ‌ يَقسِمُ المُجرِمون ما لَبِثوا غَيرَ ساعَةٍ كذلِكَ كانُوا يُؤفَكون )

وَ يَومَ تَقومُ ساعَةُ الحَشرِ والبَعثِ والنُّشورِ و الحِسابِ فحينَئذٍ يُقسِمُ المُجرِمونَ بِحَقِّ عليٍّ و الزَّهراء (ع) إنَّهُم ما لَبِثوا في الخِلافَةِ والمُلكِ‌ غَيرَ ساعَةٍ كِذباً و إنكاراً و هكذا كانوا يَكذِبونَ في الدُّنيا ،

(‌ و قالَ الّذين اُوتوا العِلمَ و الإيمانَ لَقَد لَبِثْتُم في كِتابهِ الله إليٰ يَومِ البَعثِ فهذا يومُ البَعثِ و لكنّكُم كنتُم لا تَعلَمون )

و يَقولُ لهُم آلُ مُحمّدٍ (ص) ألّذين اُوتوُا العِلمَ الإلـٰهيَّ و الإيمانَ الكامِل لَقَد لَبِثتُم إليٰ يَومِ البَعثِ سُجِّل عليكُم في صَحيفَةِ أعمالِكُم و كتابِ اللهِ الجَرائِمَ و الآثامَ وَ البِدَعَ تُحاسِبونَ علَيها و لكِنّكُم لا تَعلَمونَ ذلِك ،

( فَيَومَئِذٍ لا يَنفَعُ الّذين ظَلَموا مَعذِرَتَهُم و لا هُم يُستَعتَبون )

فَيومَئذٍ حينَما يَرَوْنَ أنَّ كُلَّ ظُلمٍ الظّالِمين و جَرائِمِهم مُسجَّلٌ في حِسابِهِم لأِنَّهُم أسَّسوا الظُّلمَ يَعتَذِرونَ إليٰ آلِ مُحمّدٍ (ص) و لا يَنفَعُ الّذين ظَلَموا آلَ مُحمّدٍ (ص) مَعذِرَتَهُم و لا هُم يُقبَلُ مِنهُمُ العُتبيٰ ،

(‌ و لَقَد ضَرَبنا لِلنّاسِ في هذا القُرآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ و لَئِن جِئتَهُم بِآيَةٍ‌ لَيَقولَنّ الّذين كَفَروا إن أنتُم إلاّ مُبطِلون )

و بالتأكيدِ لَقَد ضَرَبنا لِلنّاسِ في هذا القُرآنِ المُنزَلِ مِن كُلّ مَثَلٍ يَدُلُّهُم عليٰ وِلايَةِ‌ عليٍّ (ع) و لَئِن جِئتَهُم يا مُحمّدُ (ص) بآيَةٍ بَشَأنِهِ لَيَقولُنَّ الّذينَ كَفَروا بِوِلايَتِهِ إن أنتُم إلاّ مُبطِلونَ في دَعواكُم ،

(‌ كذلِكَ يَطبَعُ اللهُ عليٰ قُلوبِ الّذينَ لا يعلَمونَ فاصبِرْ إنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ و لا يَستَخِفَنَّكَ الّذين لا يُؤقِنون )

كذلِكَ يَطبَعُ اللهُ عليٰ قُلوبِ الّذينَ لا يَعلَمونَ فَضائِلَ عليٍّ (ع) بالنِّفاق فاصبِر إنَّ وَعَدَ اللهِ بالإنتِقامِ مِن أعداءِ‌ عليٍّ (ع) حَقٌّ و حَتمٌ و لا يَستَخِفَنَّكَ الّذينَ لا يُؤقِنون بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) بِتَركِ الصَّبرِ و الثَّباتِ عليٰ وِلايَتِهِ .

(‌ صَدقَ اللهُ‌ العَليُّ العَظيمُ‌‌ )


نشر في الصفحات 1615-1601 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *