سورة الشُّعراء
2017-02-22
سورة الحُجُرات
2017-02-22

(56)
سورة مُحَمَّد (ص)

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بإِسمِ ذاتِيَ المَحمودُ في جَميعِ فِعالي و خِصاليَ الّذي اشتَقَقتُ منهُ مُحمّداً و بِإسمِ رحمانِيَّتي الواسِعَةِ و رحيميَّتيَ الخاصَّةِ اُوحيَ إليك ،

(‌ ألّذين كَفَروا و صَدّوا عن سبيلِ اللهِ أَضَلَّ أعمالَهُم )

إنَّ الذين كَفَروا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و الآياتِ النّازِلَةِ بِشَأنِهِ و صَدّوا و مَنَعوا النّاسَ عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) و خِلافَتِهِ أحبَطَ اللهُ أعمالَهُم و إنفاقاتِهم ،

( وَالّذينَ آمَنوا و عَمِلوا الصّالحاتِ و آمَنوا بِما نُزِّلَ عليٰ مُحمّدٍ )

و أمّا الذين آمَنوا باللهِ و رَسولِهِ و أهل بيتِهِ (ع) و عَمِلوا الصّالِحاتِ من التَمَسُّك بالثَّقَلَيْن و آمَنوا بما نَزَّلَ اللهُ عليٰ مُحمّدٍ (ص) مِن آياتِ تبليغِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ،

(‌ وَ هُوَ الحَقُّ مِن رَبّهِم كَفَّر عَنهُم سَيِّئاتِهِم وَ أصلَحَ بالَهُم )

وَ وِلاءُ عليٍّ (ع) و هو الحَقُّ النازِلُ مِن رَبّهِم كَفَّر اللهُ عنهُم سَيِِّئاتِهم و مَحا خَطاياهُم و غَفَرَ ذنوبَهُم و أراحَ بالَهُم مِن أهوالِ القِيامَةِ و الحِساب و العِقاب ،

(‌ ذلكَ بِأنّ الَّذين كفَروا اتَّبَعوا الباطِلَ و أنَّ الَّذين آمَنوا اتَّبَعوا الحَقَّ مِن رَبِّهم )

ذلكَ الإحباطُ لِلمُنافقينَ و تَكفيرِ السَيّئاتِ لِلمُؤمِنين لِأجلِ أنَّ الذين كفَروا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) اتَّبَعوا الباطِلَ في السَّقيفَةِ و أنَّ الذين آمَنوا اتَّبَعوا الحَقَّ مِن رَبِّهم يومَ الغَدير ،

( ‌كذلكَ يَضرِبُ اللهُ للنّاسِ أمثالَهُم )

كذلكَ المَثَلِ الواضِحِ الفَصيحِ البَليغِ يَضرِبُ اللهُ لِلنّاس أمثالاً لأِحوالِهم و مَصيرهِم و عاقِبَتِهم ، ألمُؤمِنونَ و المُنافِقون ،

( فَإذا لَقيتُمُ الذين كفَروا فَضَربَ الرِّقابِ حتّيٰ إذا أثخَنتُموهُم فَشدّوا الوِثاق )

و أمّا حُكمُ الكُفّارِ المُحاربين سَواءً المُشركينَ و المُنافِقين و القاسِطينَ و النّاكِثينَ و المارِقينَ ، فإذا لَقيتُموهُم في الحَربِ فاضرِبوا رِقابَهُم حتّيٰ إذا أثخَنتُمُ القَتلَ فيهِم فَأَحكِموُا أسرَ الاُساريٰ ،

( فَإمّا مَنّاً بعدُ و إمّا فِداءً حتّيٰ تَضَعَ الحَربُ أوزارَها )

و بعدَ الحَربِ و اللِّقاءِ فإمّا مَنّاً‌ مِنكُم عليهِم بإطلاقِ الأسريٰ إذا كانوا أظهَروا النَّدَمَ و التّوبَةَ و إمّا تُفادونَهُم فِداءً بِعِوضٍ فَأحكِموا الأسرَ حتّيٰ تَصنَعُ الحَربُ أثقالَها ،

( ذلكَ و لو يشآءُ اللهُ لانتَصَر مِنهُم وَ لـٰكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ )

ذلكَ الحُكمُ بِجهادِ المُحارِبينَ لِمَصلَحَةٍ و لو يشآءُ اللهُ إهلاكَهُم مِن دونِكم لانتَصَرَ مِنهُم و لكن يُريدُ أن يَختَبِرَ بَعضَكُم بِبَعضٍ بالجِهاد ،

( و الّذينَ قُتِلوا غي سبيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أعمالَهُم )

والذين استُشهِدوا في الجِهادِ مَعَهُم و قُتِلوا في سبيلِ اللهِ والدِّفاعِ عن وِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) فَأبَداً لا يُضيعُ أعمالَهُم بل يُثيبُهُم عليها ،

( ‌سَيهديهِم و يُصلِحُ بالَهُم و يُدخِلُهُم الجَنَّةَ عَرَّفَها لهُم )

و عَن قريبٍ سَيقودَهُمُ اللهُ إليٰ رَحمتِهِ و يُهديءُ بالَهُم و رَوعَهُم بِفَضلِهِ و لُطفِهِ و عِنايَتِهِ و يُدخِلُهُم الجَنَّةَ الّتي عَرَّفَها لهُم في القرآن ،

( يا أيّها الذين آمَنوا إن تَنصُروا اللهَ يَنصُركُم و يُثَبِّت أقدامَكُم )

يا أيّها الّذين آمَنوا باللهِ و بِوِلايَةِ محمدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) إن تَنصُروا اللهَ بِنُصرَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فاللهُ يَنصُركُم بِنَصرِهِ و يُثَبِّت أقدامَكُم في جهادِ أعدائِهم ،

(‌ والّذينَ كفَروا فَتَعساً لَهُم و أضَلَّ أعمالَهُم )

والّذين كفَروا بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فَتَعسَوا بالكُفرِ فَتَسَعاً و خِزياً و عاراً و ذِلّةً لهُم من اللهِ و منكُم و أوضاعَ اللهُ أعمالَهُم و مَساعيهِم ،

(‌ ذلكَ بأنّهم كَرِهوا ما أنزَلَ اللهُ فَأحبَطَ أعمالَهُم )

ذلكَ التَّعسُ و الخِزيُ لهُم بِأنّهُم كَرِهوا ما أنَزَلَ اللهُ عَليٍّ و آلِ مُحمّدٍ (ص) مِن وِلايَتِهم فَأحبَطَ اللهُ أعمالَهُم الصّالِحَةَ منهُم ،

( ‌أفَلَم يَسيروا في الأرضِ فَيَنظروا كيف كانَ عاقِبَةُ الّذين مِن قَبلِهِم دَمَّرَ اللهُ عليهِم و للكافِرينَ أمثالُها )

أفَلَم يَسيروا هؤلاءِ المُحاربينَ لآِل مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهم فَيَنظُروا كيفَ كانَ عاقِبَة الظّالِمينَ مِِن قَبلِهِم حيثُ دَمَّرَ اللهُ عليهِم مَعاقِلَهُم و سيكونُ لِلكافِرينَ أمثالُ عاقِبَتِهِم ،

( ذلكَ بأنَّ اللهَ مَوليٰ الّذين آمَنوا و أنَّ الكافِرينَ لا مَوليٰ لَهُم )

ذلكَ العِقابُ لِمَن كفَرَ بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) هو نتيجَة أنَّ اللهَ مَوليٰ الشّيعة المُؤمنينَ الذينَ آمَنوا بِوِلايةِ آل مُحمّدٍ (ص) وَ أنَّ الكافِرينَ وَليُّهُمُ الطّاغوتُ و لا مَوليٰ لهُم مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ إنَّ اللهَ يُدخِلُ الّذينَ آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تجري مِن تَحتِها الأنهار )

إنَّ اللهَ يُدخِلُ الّذينَ آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالحاتِ و تَمَسّكوا بالقُرآنِ و العِترَةِ جَنّاتٍ بعدَ‌ المَوْتِ يَومَ القيامَةِ تَجري مِن تحتها الأنهارُ المُختَلِفَه ،

(‌ وَالّذين كفَروا يَتَمتَّعونَ و يَأكُلونَ كما تأكُلُ الأنعامُ و النّارُ مَثويًٰ‌ لهُم )

وَالّذين كفَروا بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) يَتَمتَّعونَ في الدّنيا إتماماً لِلحُجّةِ وَ إستكمالاً لِلعُذرِ فَهُم يأكلونَ الطّعامَ كما تَأكُلُ الدَّوابُ يَخضِمونَ مالَ اللهِ خَضمَ الإبِلِ نِبْتَةَ الرَّبيعِ والنّارُ مَسكَنَهُم غَداً ،

( وَ كَأيِّن مِن قَريَةٍ هيَ أشَدُّ قُوّةً مِن قَرَيتِكَ الّتي أخرَجَتكَ أهلكناهُم فلا ناصِرَ لهُم )

و كَم مِن أهلِ قَريَةٍ هيَ أشَدُّ قُوّةً مِن قُريشٍ أهل مَكّة الّتي أخرَجتكَ مِنها فهاجَرتَ لَيلَة مَبيتِ عليٍّ (ع) في فِراشِكَ يا مُحمّد (ص) ثُمَّ انتَقَمَ اللهُ منهم فأهلَكَهُم بِسَيفِ عليٍ (ع) في بَدرٍ فلا ناصِرَ لهُم مِنهُ ،

( أفَمَن كانَ عليٰ بَيِّنَةٍ من رَبِّه كَمَن زُيِّنَ لهُ سوءُ عَمَلِهِ واتَّبعوا أهواءَهُم )

حَكِّموا عقولَكُم و ضَمائِرَكُم واحكُموا هَل إنَّ مَن كانَ عليٰ بَيِّنَةٍ من رَبّهِ في وِلايَتِهِ لعليٍّ وَ وُلدِهِ (ع) بِنَصِّ القرآن والسُّنّه هو كَمَن زَيَّنَ الشيطانُ لهُ سوءُ عَمَلِهِ فخالَفَهُم ؟ واتَّبَعَ أهواءَ الظالِمين الطُّغاة ؟؟؟

( مَثَلُ الجَنّة الّتي وُعِدَ المُتّقونَ فيها أنهارٌ مِن ماءٍ غير آسِنٍ و أنهارٌ مِن لَبَنٍ لَم يَتَغَيَّر طعمُه )

مَثَلُ جَزاءِ الشّيعَةِ المُوالينَ و مُخالِفيهم هوَ أنَّ الجَنّة الّتي وُعِدَ الشّيعةُ المُتَّقونْ فيها أنهارٌ مِن ماءٍ غيرِ جائِفٍ و أنهارٌ مِن حليبٍ لم يَتَغَيَّر طَعمُهُ

( ‌و أنهارٌ مِن خَمرٍ لَذّةٍ للشّارِبينَ و أنهارٌ مِن عَسَلٍ مُصفّيًٰ و لَهُم فيها مِن كُلِّ الثَّمَراتِ و مَغفِرَة من ربّهم )

و لهُم فيها أنهارٌ جارِيةٌ مِن خَمرٍ طَهورٍ لَذّةٌ في شِربِها لِلشّاربينَ مِنها و أنهارٌ مِن عَسَلٍ مُصفّيًٰ مِنَ الشَّمعِ و لَهُم فيها مِن كُلِّ الثَّمراتِ الطَيِّبَةِ و فوقها مَغفِرَةٌ مِن ربّهم ،

(‌ كَمَن هو خالِدٌ في النّارِ و سُقوا مآءً حَميماً فَقَطَّعَ أمعاءَهُم ؟)

فَهَل جَزاءُ أولئِكَ المُتَّقونَ كَمَن هُوَ خالِدٌ في النّارِ الجَحيمِ الحَريق و يُسقَون مآءً حارّاً مَصهوراً فَيُقَطِّعُ أمعاءَهُم عِند ما يَشرَبونَهُ كَلاّ و هيهات فَلَيسوا سَوآء ،

( و منهُم مَن يَستَمِعُ إليكَ حتّيٰ إذا خَرَجوا مِن عِندِكَ‌ قالوا لِلّذين اُوتوا العِلمَ ماذا قالَ آنِفاً )

و مِنَ المُنافِقينَ مَن يَستَمِعُ إليكَ حينما تُبَلِّغِ النّاسَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و تُذَكِّرُهُم بِفَضائِلِ أهلِ بَيْتِكَ (ع) حتّيٰ إذا خَرَجوا مِن عِندِكَ قالوا لِسَلمانَ‌ و أبي ذَرو المِقداد و عَمّار الّذين اُوتوا العِلمَ بِفَضائِلِ عليٍّ (ع) ماذا قال مُحمّدٌ ألسّاعَةَ ،

( أولئِكَ طَبَعَ اللهُ عليٰ قُلوبِهِم واتَّبَعوا أهواءَهُم والّذينَ اهتَدَوْا زادَهُم هُديًٰ و آتاهُم تَقواهُم )

أولئِكَ المُنافِقونَ أغلَقوا قُلوبَهُم عن وِلاءِ عليٍّ (ع) فَطَبَعَ اللهُ عليٰ قلوبِهِم بالنِّفاق و خَتَمَها كما هِيَ واتَّبَعوا أهواءَهُم بِمُوالاةِ غَيرِهِ والّذينَ اهتَدَوْا بِمُوالاتِهِ زادَهُم هِدايَةً و آتاهُم ثَوابَ تَقواهم ،

(‌ فَهَل يَنظرونَ إلاّ السّاعَةَ أن تَأتيهُم بَغتَةً فَقَد جآءَ أشراطُها فَأنّيٰ لهُم إذا جاءَتهُم ذِكراهُم )

فَهَل يَنتَظِرونَ المُنافِقينَ إلاّ أن تأتيهِم ساعَةُ الإنتقامِ و العَذابِ بَغتةً مِن دونِ أن يَعلَموا بِها مُسبَقاً فَقَد جآءَ أشراطُها فَأنّيٰ لهُم فائِدَة إذا جاءَتهُم ذِكراهُم يَومَذاك ؟

( فاعلَم أنّهُ لا إلـٰهَ إلاّ اللهُ و استَغفِر لِذَنبِكَ و لِلمُؤمِنين و المُؤمنات )

فَزِد يَقيناً عليٰ يَقينٍ يا حبيبي أنّهُ لا إلـٰه إلاّ اللهُ يَتَوَلّيٰ أمرَكَ واستَغفِرِ اللهَ لِذَنبِكَ في مُداراةِ المُنافِقينَ و استَغفِر لِلمُؤمِنينَ و المُؤمِناتِ المُوالينَ لِعَليٍّ (ع) ،

( واللهُ يَعلَمُ مُتَقَلّبَكُم و مَثواكُم )

واعلَم يا حبيبي أنَّ اللهَ يَعلَمُ مُتَقَلّبَكُم آل مُحمّدٍ (ص) وَ مَصيرَكُم و ما تَنالوهُ مِن أذيٰ أعداءِكُم مِنَ القَتلِ والإظِهادِ و هو يعلَمُ أيْنَ سيكونُ مَثواكُم في ضرائِحِكُمُ المُشَتَّتَه ،

( ‌و يقولُ الّذينَ آمَنوا لَو لا نُزِّلَت سورةٌ فإذا اُنزِلَت سورةٌ مُحكَمَةٌ و ذُكِرَ فيها القِتال )

و يقولُ الّذين آمَنوا باللهِ و بِولايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) هَلاّ نَزَلَت سورَةٌ تُصَرِّحُ‌ بالخِلافَةِ لِعليٍّ (ع) ، فإذا اُنزِلَت سورَةٌ مُحكَمَةٌ و ذُكِرَ فيها قِتالُ عليٍّ (ع) في بَدرٍ و اُحُدٍ و حُنَين ،

(‌ رَأيتَ الّذين في قلوبِهِم مَرَضٌ يَنظرونَ إليكَ نَظَرَ المَغشِيِّ عليهِ مِنَ المَوْت )

عندئذٍ تَريٰ المُنافِقينَ الّذين في قلوبِهِم مَرَضٌ و عِداءٌ لِعَليٍّ (ع) يَنظرونَ إليكَ نَظَرَ مَن اُغمِيَ عليهِ حينَ المَوْتِ فَكَيْفَ لو نَزَلَ النَّصُّ الصَّريحُ بِخِلافَتِهِ ؟

( فَأوليٰ لهُم طاعَةٌ و قَولٌ مَعروفٌ )

فالأوليٰ لهُم عَقلاً و شَرعاً أن يَقولوا طاعَةٌ مِنّا لِأمرِ رَبِّنا بِشَأنِ خِلافَةِ عليٍّ (ع) والأوليٰ لهُم أن يقولوا قَولَ مَعروفٍ مِنّا لَهُ بَخٍ‌ بَخٍ‌ لكَ يا عليّ .

( فإذا عَزَمَ الأمرُ فَلَو صَدَقوا اللهَ لكانَ خَيراً لهُم )

فإذا عَزَمَ الأمرُو اُبرِمَ فَتُوُفِّيَ النَّبيُّ وانتَقَلَتِ الخِلافَةُ لِعليٍ (ع) فَلَو صَدَقوا اللهَ والتَزَموا بِالطّاعَةِ للهِ و لِعَليٍّ (ع) لَكانَ خيراً لهُم في الدّنيا و الآخِرة .

( فَهَل عَسَيتُم إن تَولّيتُم أن تُفسِدوا في الأرضِ و تُقَطِّعوا أرحامَكُم ؟ )

فَهَل عَسيٰ يُؤمَلُ مِنكُم يا مُنافِقينَ إنْ تَوَلّيتُمُ الخِلافَةَ غَصباً غَيرَ أن تُفسِدوا في الأرضِ ظُلماً و طُغياناً و تُقَطِّعوا أرحامَكُم من آل محمدٍ (ص) بِقَتلِهِم ؟

(‌ أولئِكَ الّذين لَعَنهُمُ اللهُ فَأصَمَّهُم و أعميٰ أبصارَهُم )

أولئِكَ الخُلَفاءُ الجائِرينَ الّذين لَعَنَهُمُ اللهُ في الدّنيا و الآخِرَه فَأصمَّهُم عَن سماعِ الحَقِّ بَعد أن صَمّوا آذانَهُم عَنهُ و أعميٰ أبصارَهُم عَنْ رُؤيَةِ الحَقّ بَعدَ أن تَعامَوْا ،

(‌ أفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ أم عليٰ قلوبٍ أقفالُها ؟)

أفَلا يَتَدبَّرونَ و يَتَفكّرونَ في القُرآنِ لِيَفهَموا أنَّ القُرآنَ مَعَ عليٍّ و عَليٌ (ع) مَعَ القُرآنِ و لَن يَفتَرِقا أم أنّ عليٰ قُلوبِ المُنافِقينَ أقفالُها مِنَ النِّفاقِ تَمنَعُها مِنَ التَّدَبُّرِ في القرآن ؟،

(‌ إنّ الّذين ارتَدّوا عليٰ أدبارِهِم مِن بَعدِ ما تَبيَّنَ لهُمُ‌ الهُديٰ الشّيطانُ سَوَّلَ لهُم وَ أمليٰ لهم )

بالتأكيدِ إنّ الّذين ارتَدّوا عليٰ أعقابِهِم بَعدَ وَفاةِ رسول اللهِ (ص) و لم يَستخلِفوا عليّاً (ع) مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لهُم الهُديٰ مِنَ القُرآنِ والسُّنّةِ بِأنَّ الخِلافَةَ لِعليٍّ (ع) فالشيطانُ زَيَّنَ لهُم ذلِكَ و أملي عليهِم هَواهُ ،

(‌ ذلكَ بِأنّهُم قالوا لِلّذين كَرِهوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطيعُكُم في بَعضِ الأمرِ و اللهُ يَعلَمُ إسرارَهُم )

ذلكَ الإرتِدادُ مِنَ المُنافِقينَ بَعدَ وفاةِ النّبيّ (ص) كانَ لِأجلِ أنّهُم قالوا لِلّذين كَرِهوا ما نَزّلَ اللهُ في عليٍّ (ع) كأبي سُفيانَ و غَيرِهِ سَنُطيعُكُم في بَعضِ الأمرِ بَعدَ مَوتِ مُحمّدٍ (ص) واللهُ‌ يعلَمُ إسرارَهُم عليٰ غَصبِ الخِلافَةِ مِن عليٍّ (ع) ،

( فكيفَ إذا تَوفَّتهُم الملائِكةُ يَضرِبونَ وجوهَهُم و أدبارَهُم )

فكيفَ يكونُ حالُ أعداءِ عليٍّ (ع) إذا تَوفَّتهُم أعوانُ عِزرائيلَ مَلَكِ المَوْتِ وانتَزَعوا أرواحَهُم بِشِدَّةٍ يَضرِبونَ وجوهَهُم و أدبارَهُم بِمَقامِعَ مِن نارٍ وَ مضارِبَ مِن حَديدٍ‌؟

( ذلكَ بأنّهم اتَّبَعوا ما أسخَطَ الله و كَرِهوا رِضوانَهُ فَأحبَطَ أعمالَهُم )

ذلك العذابُ جَزاءٌ لهم بأنّهُم اتَّبَعوا ما أسخَطَ اللهُ مِن خِلافَةِ وُلاةِ الجَور و كَرِهوا رِضوانَ اللهِ بِخِلافَةِ عليٍّ (ع) فَأحبَطَ اللهُ أعمالَهُم السّالِفَةَ ،

(‌ أم حَسِبَ الّذين في قلوبِهم مَرَضٌ أن لَن يُخرِجُ اللهُ‌ أضغانَهُم )

أوَ هَل ظَنَّ الّذين في قلوبِهم مَرَضٌ مِن عِداءِ آل محمّدٍ (ص) أن لَن يُخرِجَ اللهُ أحقادَهُم و ضَغائِنَهُم الّتي أضمَروها لِآلِ مُحمّدٍ (ص) لِلمَلَاءْ ؟

و لو نشآءُ فَضيحَتَهُم قَبلَ وَفاتِكَ يا مُحمَّد (ص) لَأريناكهم لَيْلَةَ العَقَبَة حينما تَآمَروا عليكَ بِدَحرَجَةِ الدِّباب فَعَرِفتَهُم بِسيماهُم و لَتَعرِفَنَّهُم حَتماً في لَحنِ القَوْلِ و لَهجَتِهِم ،

(‌ واللهُ يعلَمُ أعمالَكُم )

فَهُم أصحابُ الصَّحيفةِ الّتي كَتَبها إبن الجَرّاحِ و وَقّعوها هُوَ و أبوسفيان وَ وُلدِهِ و أبوبَكر و عُمَر وَ وُلدِهِما و عُثمانُ و عُمْر و بنُ العاص و عبد الرّحمان ابنَ عوفٍ والأشعَث و غَيرَهُ و هُم 40 شَخصاً واللهُ يَعلَم أعمالكم يا منافقين ،

(‌ و لَنَبلونَّكُم حتّيٰ نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم والصّابِرينَ و نَبلو أخبارَكُم )

و لَنَختَبِرَنَّكُم بَعدَ فَقدِ رسولِ الله (ص) بِخِلافَةِ خُلَفاءِ الجَوْر حتّيٰ يَظهَر لكُم ما نَعلَمَ المُجاهِدينَ مِنكُم لِلباطِلِ مَن هُم ؟ و الصّابرينَ عليٰ التَمسُّكِ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) مَن هُم و نَختَبِر أحوالكم ،

(‌ إنَّ الذين كفروا و صَدّوا عن سبيلِ اللهِ و شاقّوا الرّسول )

و بعدَ الإختبارِ بَديهيٌّ انّ الذين كفَروا و صَدّوا عن وِلايَةِ عليٍّ و مَذهَبِ أهلِ البَيْت (ع) سبيل الله القويم و صِراطهُ المُستَقيم و عانَدوا النّبيَّ و خالَفوهُ و قالوا إنّهُ لَيَهْجُر ،

( مِن بعدِ ما تَبيَّنَ لهُمُ الهُديٰ لن يَضرّوا اللهَ شيئاً و سَيُحبِط أعمالَهُم )

مِن بَعدِ ما تَبَيّنَ لهُمُ الهُديٰ مِنهُ أنّهُ قَد نَصَّ عليٰ عليٍّ (ع) بالخِلافَةِ فإنّهُم بِعِصيانِهِم لِلرّسول لن يَضرّوا اللهَ شيئاً بَل يَضُرّونَ أنفُسَهُم والمُسلمين وَ سيُحبِطُ اللهُ و يُبطِلُ أعمالَهُمُ السّالِفَه ،

( يا أيّها الّذين آمَنوا أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرَّسولَ و لا تُبطِلوا أعمالَكُم )

يا أيّها الّذين آمَنوا بِألسِنَتِهِم ظاهِراً و أسلَموا أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرّسولَ مُحمّداً (ص) و بايِعوا لِعَليٍّ (ع) بالخِلافَةِ و أطيعوهُ و لا تُبطِلوا أعمالَكُم بِمُخالِفَتِهِ ،

( إنَّ الّذين كفَروا و صَدّوا عن سبيلِ اللهِ ثُمَّ ماتوا و هُم كفّارٌ فَلَن يَغفِرَ اللهُ لَهُم )

بالتأكيدِ إنَّ الّذين كفَروا و صَدّوا عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) و إمامَتِهِ و خِلافَتِهِ سبيل اللهِ الواضِح ثُمَّ ماتوا و هُم كُفّارٌ‌ بِوِلايَتِهِ فَلَن يَغفِرَ اللهُ لَهُم ذنوبَهُم أبَداً كلاّ و هَيْهات ،

( فَلا تَهِنوا وَ‌ تَدعوا إليٰ السّلمِ وَ أَنتُم الأعلَوْن وَاللهُ مَعَكُم وَ لَن يَتِرَكُم أعمالَكُم )

فَلا تَضعُفوا بِالوَهنِ في جهادِ خُلَفاءِ الجَوْرِ و تَدعُوا إليٰ الرُّكونِ إليهِم و مُسالَمَتِهِم يا شيعة آل محمّدٍ (ص) و أنتُمُ الأعلَوْنَ عليهِم بالإيمانِ وَ اللهُ مَعَكُم يَنصُركُم و لَن يُنقِصكُم ثَوابَ أعمالِكُم ،

( إنّما الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ و لَهوٌ‌‌ )

إنّما الحَياهُ الدُّنيا عِندَ خُلَفاءِ الجَوْرِ و أتباعِهِم المُنافِقينَ لَعِبٌ يَلعَبونَ بِالمُلكِ و الخِلافَةِ و لَهوٌ بالشَّهَواتِ و الفُجورِ و الآثام ،

( و إن تُؤمنوا و تَتَّقوا يُؤتِكُم أجورَكُم و لا يَسألكُم أموالَكُم )

و إن تُؤمِنوا بِوِلايَةِ‌ آل مُحمّدٍ (ص) و تَتَّقوا الفُسوقَ و الآثامَ و الرُّكونَ إليٰ الظّالِمينَ فالحياةُ مَزرَعةُ الآخرةِ يُؤتِكُمُ اللهُ اُجورَكُم يومَ القِيامَةِ‌ و لا يَطلُبُ اللهُ مِنكُم أن تُنفِقوا أموالَكُم كُلَّها ،

( ‌إن يَسألكُمُوها فَيُحفِكُم تَبخَلوا و يُخرِج أضغانَكُم )

أيّها المُسلِمونَ إن يَطلُبِ اللهُ مِنكُم إنفاقَ أموالِكُم في سبيلِهِ فَيُحفِكُم الطَّلَبَ و يأمُركُم بِدَفعِ الخُمسِ و الزَّكاةِ و الصَّدَقاتِ و الكَفّاراتِ فإنّكُم تَبخَلونَ و لا تَدفَعونَ الخُمسَ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) و يُخرِجُ اللهُ أضغانَكُم لَهُم ،

(‌ ها أنتُم هؤلاءِ تُدعَون لِتُنفِقوا في سبيلِ اللهِ فَمِنكُم مَن يَبخَل )

ها أنتُم هؤلاءِ كما ذَكرنا تُدعَوْنَ لِتُنفِقوا الخُمسَ في سبيلِ اللهِ لِآلِ محمّدٍ (ص) و قُرباهُ فمِنكُم مَن يَبخَلُ عَن دَفعِ الخُمسِ لِذُريّةِ رسول الله (ص) ،

(‌ و مَن يَبخَل فإنّما يَبخَلُ عَن نَفسِهِ واللهُ الغَنيُّ و أنتُمُ الفُقَراء )

و مَن يَبخَلُ عَن دَفعِ الخُمسِ لَهُم فإنّما يَبخَلُ عَن نَفسِهِ إذ يُحرِم نَفسَهُ ثَوابَ ذلكَ و اللهُ الغَنيُّ عَن إنفاقِكُم فَلا يَحتاجُ إليها وَ أنتُمُ الفُقَراءُ الَّذينَ تَحتاجونَ إليٰ فَضلِهِ و رَحمَتِهِ و مَثوبَتهِ ،

( وَ إِن تتَولَّوا يَستَبدِل قَوماً غيَرکُم ثُمَّ لايکونوا أمثالَکُم )

و إن تَتَولّوا أيُّها العَرَب عَن دَفعِ حَقِّ آلِ‌ مُحمّدٍ (ص) إليهِم يَستَبدِلُ اللهُ عَنكُم قَوماً غيرَكُم مِنَ العَجَم ثُمَّ لا يكونوا أمثالَكُم مُنافِقينَ بُخَلاء بَل يَدفَعونَ خُمسَ آل مُحمّدٍ (ص) و يُوالونَهُم ،

( صَدَقَ اللهُ العليُّ العظيم )


نشر في الصفحات 1261-1252 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *