سورة الأبرار (ع)
2017-02-22
سورة مُحَمَّد (ص)
2017-02-22

(55)
سورة الشُّعراء = وَ أَنذِر

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ )

بإِسمِ ذاتِيَ الرُّبوبيّ المُستَجمِعِ لِجَميعِ صِفاتِ الكَمالِ و الجَمالِ‌ و الجَلال وَ بإِسمِ رحمانِيَّتيَ الواسِعَة وَ رحيميَّتيَ الخاصَّةِ اُوحي إليك ،

(‌ طسم )

طآسين ميم رَمزٌ لِما أخبَرتُكَ بِما سَيكونُ مِن الحَوادِثِ إليٰ يَومِ القيامَةِ فاُذَكِّرُكَ بها ،

( تِلكَ آياتُ الكِتابِ المُبين )

تِلكَ الآياتُ النّازِلَةُ بِشَأنِ أهل بَيْتِكَ (ع) مِن سورَة الأبرارِ هِيَ نَصٌ مِنَ القرآنِ المُظهِرِ لِحَقِّ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( لَعلّكَ باخِعٌ نَفسَكَ ألاّ يكونوا مُؤمنين )

لَعلّكَ يا حبيبي كابِتٌ نَفسَكَ بالحُزنِ و الأسيٰ و الهَمِّ و الغَمِّ لأِجلِ ألاّ يكونَ المُنافِقين مُؤمِنينَ بِوِلايَةِ‌ عليٍّ (ع) ؟؟؟

( إن نَشَاءْ نُنَزِّل عليهِم مِنَ السّماءِ آيَةً فَظَلَّت أعناقُهُم لها خاضِعين )

يا حبيبي إنْ نَشَاءْ أن نُجبِرُهُم عليٰ مُوالاةِ عليٍّ (ع) كُرهاً نُنَزِّل عليهِم مِنَ السّماءِ عَذاباً فَتَظَلُّ أعناقُ المُنافِقينَ لِلوِلايَةِ خاضِعينَ و لكن ما فائِدَةُ ذلِك ؟؟

( و ما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِنَ ‌الرَّحمٰنِ مُحدَثٍ إلاّ كانوا عَنهُ مُعرِضين )

و ما يأتيهِم مِن ذِكرٍ بِشَأنِ عليٍّ (ع) في القرآنِ مِنَ‌ اللهِ الرَّحمان جَديدٌ إلاّ كانوا عَنهُ مُعرِضينَ هؤلاءِ المُنافِقين و لا يُؤمِنون ،

( فَقَد كَذّبوا فَسَيأتيهِم أنباءُ ما كانوا بِهِ يَستَهزِئون )

بالتأكيدِ كَذّبوا بِوِلايَةِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) فَسَيأتيهِم أخبارُ نَتيجَةِ تَكذيبِهِم و ما كانوا بِهِ يَستَهزِئونَ مِن أخذِ البَيْعَةِ لِعَليٍّ (ع) في غَديرِ خُمٍّ ،

(‌ أوَلَم يَرَوا إليٰ الأرض كَم أنبَتنا فيها مِن كُلِّ زَوجٍ كريم )

نَسألُ مُوَبِّخينَ ألَم يَنظروا إليٰ الأرضِ كم أنبَتنا فيها بِبَرَكَةِ مُحمّدٍ‌ و آل محمدٍ (ص) مِن كُلِّ زَوجٍ و نَوعٍ مِنَ الزَّرعِ و النَّباتِ كريمٌ حَسَن ،

( إنَّ في ذلكَ لَآيةً‌ و ما كانَ أكثَرُهُم مُؤمِنين )

إنّ في ذلكَ الفَضل لَدِلالَةٌ عليٰ بَرَكةِ الذَّواتِ المُقَدَّسَةِ الطّاهِرَةِ مُحمّد و آل مُحمّدٍ (ص) و لكنْ ما كانَ أكثَرُ قُريشٍ مُؤمِنينَ‌ بِوِلايَتِهِم ،

( و إنَّ رَبَّكَ‌ لَهُوَ العزيزُ‌ الرَّحيمُ )

و بالقَطعِ و اليَقينِ و التأكيدِ إنَّ رَبّكَ يا مُحمّد (ص) لَهُوَ العزيزُ الّذي يُعِزُّ أهل بَيتِك (ع) و يَرحَمُهُم رَغمَ أنّهُم ما كانوا أكثَرَ قُريشٍ مُؤمِنين ،

( ‌و إذ ناديٰ ربّكَ موسيٰ أنِ ائتِ القومَ الظّالِمين )

و مِثالاً لِذلكَ تَذَكَّر إذ ناديٰ ربُّكَ ‌موسيٰ في طورِ سينآءَ آمِراً أن ائتِ القوم الظّالِمينَ فِرعونَ و رَبعِهِ ،

( قوم فِرعونَ ألا يَتَّقونَ قالَ رَبِّ إنّي أخافُ أن يُكَذِّبون )

قوم فِرعونَ الظّالِمين بِرُكونِهِم إليٰ فِرعَونَ و قُل لَهُم إستِنكاراً‌ ألا يَتّقونَ اللهَ مِن طاعَةِ فِرعَون ؟ قالَ موسيٰ رَبِّ إنّي أخافُ أن يُكَذِّبونَ رِسالتي فيَزدادونَ‌ كُفراً‌ ،

(‌ و يَضيقُ صَدري و لا يَنطَلِقُ لِساني فأرسِل إليٰ هارون )

و قالَ موسيٰ رَبّ إنّي يَضيقُ صَدري و لا ينطق لِساني بالدَّعوَة عَلَناً ضِدَّ فِرعَون لِأنَّ لهُ علَيَّ حَقٌ بِتَربِيَتي في بَيْتِهِ فأرسِل إليٰ هارون لِيَتكَفَّلَ الدّعوَةَ بالرِّسالَه ،

(‌ و لَهُم علَيَّ ذَنبٌ فَأخافُ أن يقتُلونِ )

و لَهُم عليَّ ذَنبٌ سابِقٌ هُوَ قَتلي لِلقِبطيّ و نُصرَتي الإسرائيليّ فَأخافُ أن يَقتُلوني قِصاصاً  بِهِ فَيُقَتَلُ الدّينُ بِقَتلي ،

(‌ قالَ كَلاّ فاذهَبا بآياتِنا إنّا مَعكُم مُستَمِعون )

قالَ اللهُ تعاليٰ لِموسيٰ كَلاّ لا تَخَفْ و لا يَضيقُ صَدرَكَ فَنُرسِلُ مَعكَ هارون كما تُريدُ فاذهَبا بآياتِنا إليٰ فِرعَون إنّا مَعكُم أنا و مَلائِكَتي مُستَمِعونَ لِرسالَتِكُم ،

( ‌فأتِيا فِرعَوْن فَقولا : إنّا رسولُ رَبِّ العالَمين )

فاذهَبا فأتِيا فِرعَونَ فقولا لَهُ و لِمَن حَولَهُ إنّا كُلّ واحِدٍ مِنّا رسولُ رَبِّ العالَمينَ إليكَ و‌مَن مَعَكَ ،

( ‌أنْ أرسِل مَعَنا بني إسرائيل )

و رسالة رَبِّ العالَمين هِيَ أن نَقولُ لَكَ أنْ أرسِل مَعَنا بَني إسرائيلَ لِيَخرُجوا مَعَنا مِن مِصرَ‌ إليٰ فِلسطين ،

( قالَ ألَم نُرَبِّكَ فينا وَليداً و لَبِثتَ فينا مِن عُمُرِكَ  سِنين ؟)

قالَ فرعونُ لَهُما بَعدَ أن أدَّيا الرِّسالةَ إليهِ يا موسيٰ هَل نَسيتَ ألَم نُربّيكَ في قَصرِنا مِنَ  الطّفولَةِ وَ مَكَثتَ بَيْنَنا مِن عُمُرِكَ سِنينَ ثلاثين ؟

( و فَعَلتَ فَعْلَتَكَ الّتي فَعَلتَ و أنتَ مِنَ الكافِرين )

و قالَ فِرعونُ لِموسيٰ أنَسيتَ فِعلَتَكَ الّتي فَعَلتَها بالقِبطيّ فَقَتَلتَهُ دِفاعاً عَنِ الإسرائيليّ و نَسيتَ إنَّكَ مِنَ الكافِرين بِرُبوبيَّتي ،

( قالَ فَعلَتُها إذاً و أنا مِنَ الظّالّين )

قالَ‌ موسيٰ لِفرعون نَعَم أنا فَعلتُها . قَتَلتُ القِبطيِّ دِفاعاً عَن قريبيَ الإسرائيليّ و أنا يَومَئِذٍ كُنتُ ضالاًّ في الطُّرُقاتِ لا أعرِف طريقَ مَديَن ،

( فَفَرَرتُ مِنكُم لَمّا خِفتُكُم فَوَهَبَ لي رَبيّ حُكماً و جَعَلَني مِنَ المُرسَلين )

و سَبَبُ ذلكَ أنّي فَرَرتُ مِنكُم لَمّا خيفتُكم عليٰ دِيني فَذَهبتُ إليٰ مَديَنَ ثُمَّ طورِ سينآء فَوَهَبَ لي رَبيّ نُبُوَّةً و جَعَلَني مِنَ المُرسَلينَ إليكُم ،

( و تِلكَ نعمة تَمُنُّها عَلَيَّ أن عَبَّدتَ بَني إسرائيل ؟)

:‌ و تِلكَ نعمة تَمنُّها عَلَيَّ أنْ لَبِثتُ في قَصرِكَ سنين فالمِنّةُ لِسارَة المُؤمِنَه لا لَكَ ثُمَّ إنَّكَ تَستَعبِدني و لا تَمُنَّ عَلَيَّ أن عَبَّدتَ بَني إسرائيلَ‌ ظُلماً ،

( قالَ فِرعَوْنُ و ما رَبُّ العالَمين )

قالَ فِرعونُ لِموسيٰ إنَّكَ قُلتَ إنّكُما رَسولا رَبِّ العالَمين و ما هُوَ رَبّ العالَمين إذ أنّي أقولُ أنا رَبُّ مِصر ؟؟؟

( قالَ رَبِّ السّماواتِ و الأرضِ و ما بَيْنهُما إن كنتُم مُوقِنين )

قالَ موسيٰ إنَّ مَن أرسَلَني هُوَ رَبّ السماواتِ كُلّها و الأرضَ كُلّها و ما بَيْنَهُما مِنَ الخَلائِقِ إن كُنتُم مُوقِنينَ بِأنَّ لَها خالِق ،

(‌ قالَ لِمَن حَولَهُ ألا تَستَمِعون )

قالَ فِرعَون لِمَن حَولَهُ إستهزاءً بِموسيٰ ألا تَستَمِعونَ جَوابَهُ التّافِه إذ أنا أقولُ لهُ بِأنّي رَبّ مِصرَ و هُوَ يقولُ رَبّها غَيري ،

(‌ قالَ ربّكم و رَبّ آباءِكُمُ الأوّلين )

فَتَوجَّهَ موسيٰ مُخاطِباً ألحاضِرينَ قالَ لهُم إنَّ رَبّي هُوَ ربّكم الّذي خَلَقكُم و فِرعَونُ لَم يَخلُقكُم و هُوَ ربّ آباءِكُمُ الأوّلينَ قَبلَ ولادَةِ فرعون ،

( قالَ إنَّ رسولكم الّذي اُرسِلَ إليكُم لَمَجنونٌ )

قالَ فِرعَونُ إنَّ رسولَكُم الّذي اُرسِلَ إليكُم مِن جانِبِ ربّكم لَمَجنونٌ لا يَعقِل بِأنّي أنا رَبُّ مِصر لا غيري ،

(‌ قالَ رَبّ المَشرِقِ و المَغرِبِ و ما بَيْنَهما إن كُنتُم تَعقِلون )

فَأجابَ موسيٰ هَبْ بِأنّي أنا مَجنونٌ و لكِنّ رَبّي رَبُّ المَشرِقِ والمَغرِبِ و ما بَيْنَهما مِنَ الأمصارِ و لكنّكَ تَملِكُ مِصرَ وحدَها إن كنتُم أيّها المُستَمِعونَ تَعقِلونَ ما أقول ؟؟؟

(‌ قالَ لَئِن اتَّخَذتَ إلـٰهاً غَيري لَأجعَلَنَّكَ مِنَ المَسجونين )

قالَ فِرعونُ غاضِباً مُهَدِّداً لِموسيٰ لَئِن اتَّخَذتَ إلـٰهاً غَيري و عَصيْتَني و خالَفتَني لَأجعَلنَّكَ مِنَ المَسجونينَ في سُجوني ،

( قالَ أو لَوْ جِئتُكَ بِشَييءٍ مُبين ؟)

قالَ لهُ موسيٰ إنّي لَن أتَّخِذُ إلـٰهاً غيركَ جُزاماً بَل بِدليلٍ و بُرهانٍ فَهَل تَسجُنَني حتّيٰ و لَو جِئتُكَ بِشَييءٍ مُبينٍ عليٰ إدّعائي ،

(‌ قالَ فَأتِ بهِ إن كُنتَ مِنَ الصّادِقين ، فَألقيٰ عَصاهُ فإذا هِيَ ثُعبانٌ مُبين )

قالَ فِرعَونُ فَأتِ بالشّييءِ المُبينِ إن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ في دَعواك ، فَتناسُباً مَعَ اشتِهارِ السِّحرِ في زَمانِهِ ألقيٰ عَصاهُ فإذا هِيَ ثُعبانٌ مُبينٌ تَسعيٰ

( و نَزَعَ يَدَهُ فإذا هيَِ بَيضـآءُ لِلنّاظِرين )

و نَزَعَ يَدَهُ موسيٰ مِن تَحتِ إبطِهِ فإذا هِيَ تَشُعُّ نوراً بَيضآءَ‌ مَعَ سُمرَتِهِ لِلنّاظِرينَ‌ و لَم يكُ فرعونُ كذلك ،

( قالَ لِلمَلَاءِ حَولَهُ إنَّ هذا لَساحِرٌ عليمٌ يُريدُ أن يُخرِجَكم من أرضكم بِسِحرِه فماذا تأمُرون )

قالَ لِلجَماعَةِ‌ المُحتَفينَ حَولَهُ إنَّ موسيٰ هذا لَساحِرٌ عليمٌ فالثُّعبانُ و اليَدُ البَيْضاءُ سِحرٌ مِنهُ لا مُعجِزَةٌ و بُرهانٌ ، يُريدُ أن يُخرِجَكُم مِن مِصرَ بِسِحرِهِ فماذا تَأمُرونَ بِشأنِهِ ،

( قالوا أرجِه وَ أخاهُ‌ والبَعَث في المَدائِنِ حاشِرين )

قالَ جُلَساؤهُ إنَّكَ اتَّهمتَهُ بالسِّحرِ فَأخِّر الحُكْمَ  لِأيّامٍ لِتُثبِت التُّهمَةَ بِحضورِ السَّحَرَةِ و ابعَث في مَدائِنِ مِصرَ لِيَحشروا لَكَ السَّحرَةَ

(‌ يإتوكَ بِكُلِّ َسَحّارٍ عليمٍ ، فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِميقاتِ يَومٍ مَعلومٍ )

فَليَجمعوهُم هُنا و يَأتوكَ بِكُلِّ سَحّارٍ‌ مُداوِمٍ عليٰ السِّحرِ عالِمٍ‌ بهِ لا مَن إدَّعاهُ فَجُمِعَ السَّحرَةُ لِمَوعِدٍ مُقَرَّرٍ و يَومٍ‌ مَعلومٍ لِلنّاس ،

(‌ و قيلَ لِلنّاس هَل أنتُم مُجتَمِعونَ ،‌ لَعَلّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إن كانوا هُمُ الغالِبين )

و أعلَنَ فِرعونُ إعلاناً لِلنّاسِ يَستَفهِمُهُم لِلحَثِّ هَل تُحِبّونَ أن تَجمتَمِعونَ لِمُشاهَدَةِ سِباقِ السَّحَرةِ لَعلّنا نَتَّبِع السَّحَرَةَ إن كانوا هُمُ الغالِبينَ عليٰ موسيٰ ،

(‌ فَلمّا جاءَ السَّحَرَةُ قالوا لِفِرعَونَ أئِنَّ‌ لَنا لَأجراً إن كُنّا نَحنُ الغالِبين )

فَلمّا جاءَ السَّحَرةُ لِلسّباقِ قالوا لِفرعَون هَل إنَّ لنا اُجرَةً علي عَمَلِنا الشّاقِّ إن كُنّا نَحنُ الغالِبينَ عليٰ موسيٰ ؟؟

( قالَ نَعَم و إنّكُم إذاً لَمِنَ المُقرَّبين )

قالَ‌ فِرعَونُ لِلسَّحَرَةِ نَعَم لكُم اُجرَتِكُم و جَوائِزِكُم و إنّكُم إذا غَلَبتُموهُ فَإنَّكُم إذاً لَمِنَ المُقَرّبينَ عِندي و في بِلاطي ،

(‌ قالَ‌ لهُم موسيٰ ألقوا ما أنتُم مُلقون )

فَلَمّا اجتَمَعوا في مَيدانِ سِباقِ‌ السِّحر مُتَقابِلينَ قالَ موسيٰ لِلسَّحَرَةِ اُلقُوا في السّاحَةِ ما أنتُم مُلقونَ مِن سِحرِكُم أوّلاً ،

(‌ فَألقوا حِبالَهُم و عِصِيَّهُم و قالوا بِعِزَّةِ فرعونَ إنّا لَنَحنُ الغالِبون )

فَألقَوا السَّحَرةُ حِبالَهُم و عِصِيَّهُم لِيَراها النّاس حيّاتٍ‌ و أفاعِيَ و قالوا بِعِزَّةِ فِرعَونَ و سُلطانِهِ إنّا لَنَحنُ الغالِبونَ عليٰ موسيٰ ،

( فَألقيٰ موسيٰ عَصاهُ فإذا هِيَ تَلقَفُ ما يَأفِكون )

ثُمَّ ألقيٰ موسيٰ عَصاهُ فَانقَلَبَت بِالإعجازِ ثُعبانٌ فإذا هِيَ تَلقَفُ‌ حِبالَهُم و عِصِيَّهُم و تَبتَلِعُها و تَقضي عليٰ إفكِهِم و تَمويهِهِم ،

(‌ فَاُلقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدينَ ، قالوا آمَنّا بِرَبِّ العالَمين ،‌ رَبِّ موسيٰ و هارون )

فَلمّا رأيٰ السَّحَرَةُ ذلِكَ عَلِموا أنّها مُعجِزَةٌ و لَيسَت عَصاهُ مِنَ السِّحر فألقوا أنفُسَهُم لِلّهِ ساجِدينَ عليٰ الأرضِ قالوا : آمَنّا بِرَبِّ العالَمين رَبِّ موسيٰ و هارون الّذي أرسَلَهُما ،

( ‌قالَ آمَنتُم لَهُ قَبلَ أن آذَنَ لكُم إنّهُ لَكبيرُكُمُ الّذي عَلّمَكُمُ السِّحرَ )

قالَ‌ فِرعونُ لِلسَّحَرةِ أنتُم أجَرائي فَكَيْفَ آمَنتُم لهُ قَبلَ أن آذنَ لكُم إنَّ هذا كيدٌ تآمرتُم مَعَهُ عليَّ فيهِ إنّهُ لَكبيرُ السَّحَرَةِ الّذي عَلّمَكُم السِّحرَ فآمُرُكُم بِهذا ،

( فَلَسوفَ تَعلَمونَ لَاُقَطِّعَنَّ أيديَكُم و أرجُلَكُم مِن خِلافٍ و لَاُصَلِّبَنَّكُم أجمعين )

فَمَن قريبٍ تَعلَمونَ كيفَ اُعاقِبُكُم لَاُقَطِّعَنَّ أيديكُم و أرجُلَكُم مِن خِلافٍ اليُمنيٰ بِاليُسريٰ و بالعَكسِ و لَاُصَلَّبِنَّكُم جَميعاً فتَموتُون صَلباً ،

(‌ قالوا لا ضَيْرَ إنّا إليٰ رَبّنا مُنقَلِبون )

فَأجابَ السَّحَرَةُ فرعونَ قالوا بَعدَ أن آمَنّا باللهِ فلا ضَيْرَ يَضُرُّنا مِنَ القَتلِ والصَّلبِ إذ أنّا بِذلكَ إليٰ رَبِّنا لَمُنقَلِبونَ فَيُتيبُنا ،

(‌ إنّا نَطمَعُ أن يَغفِرَ لَنا رَبّنا خَطايانا أن كُنّا أوّل المُؤمنين )

إنّا نَأمَلُ أن يَغفِرلنا رَبّنا ما سَبَق مِنّا مِن خطايانا و سِحرَنا بَعدَ أن كُنّا أوّلَ المُؤمنينَ بهِ و بِموسيٰ و هارون و نَطلُبُ الشَّهادَةَ ،

(‌ و أوحَينا إليٰ موسيٰ أنْ أسرِ بِعبادي إنّكُم مُتَّبِعون )

و بَينما فِرعونُ يُجادِلَُ السَّحَرَةَ و يُهدِّدُهُم هَرَبَ موسيٰ و هارونُ و المُؤمنونَ مِنَ السّاحَةِ لِيَنجوا مِنهُ فَأوحَيْنا إليهِ أن سافِر لَيلاً مَعَ بني إسرائيل و اعبُرِ النّيلَ فإنَّ فِرعَون سَيَتَّبِعُكُم ،

( فَأرسَلَ فِرعونُ‌ في المَدائِنِ حاشِرينَ إنَّ هؤلاءِ لَشِرذِمَةٌ قليلونَ و إنَّهُم لَنا لَغائِظونَ و إنّا لَجَميعٌ حاذِرون )

فأرسَلَ فِرعونُ مَن يُعلِنُ‌ في مَدائِنِ مِصرَفي حَشدِ النّاسِ أنَّ موسيٰ و رَبعَهُ‌ هُم عِدَّةٌ قَليلَةُ و إنّهُم فاعِلونَ ما يُغيظُنا فَيَستَحِقّونَ عَذابَنا و نَحنُ جميعاً نُحَذِّرُ هروبهم ،

(‌ فَأخرجناهُم مِن جَنّاتٍ و عُيونٍ و كُنوزٍ‌ و مَقامٍ كريمٍ‌ كذلكَ و أورثناها بَني إسرائيل )

فَأخرجنا فِرعَونَ‌ و جُنودَهُ مِن قصورِهِم و بَساتينِهم و جَنّاتِهِم و عُيونِهما و كنوزٍ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ و الجَواهِر كَنَزوها و مَقامٍ كريمٍ عليٰ عَرشِ مِصرَ فَخَرجوا يَتَّبِعونَ أثَرَ موسيٰ فهكذا أورَثنا كُلّ ذلِكَ بَني إسرائيل ،

( فَأتْبَعوهُم مُشرِقينَ فَلَمّا تَرآءُ ا الجَمعانِ‌ قَالََ أصحابُ موسيٰ إنّا لَمُدْرَكون )

فاتَّبَعَ فِرعَونُ و جُنودَهُ موسيٰ عِندَ شُروقِ الشَّمسِ فَلَمّا اقتَرَبوا مِنهُم و تَراءَ الجَمعانِ و شَاهَدَ بعضَهُم البَعضَ قالَ أصحابُ موسيٰ إنّ أمَامَنا النّيلُ و عَن قليلٍ سَيُدرِكُنا فِرعونُ ،

( قالَ‌ كَلاّ إنَّ مَعي رَبّي سَيَهديني )

فَأَجابَ موسيٰ أصحابَهُ قال كَلاّ لَن يُدرِكَنا فِرعونُ و جُنودَهُ إذ أنَّ مَعي مَن يُنَجّيني مِنهُ هُوَ رَبّي سَيهديني كَيفَ أنجَوَ مِنهُ ،

(‌ فَأوحَينا إليٰ موسيٰ أنِ اضرِب بِعَصاكَ البَحرَ فانْفَلَقَ فكانَ ‌كُلّ فِرقٍ كاطَّوْدِ العَظيم )

فَأوحَينا إليٰ موسيٰ أنِ اضرِب بِعَصاكَ ماءَ النِّيلِ فَضَرَبَ‌ فانفَلَقَ الماءُ وانحَسَرَ عَن قاعِهِ‌ فكانَ كُلُّ قِسمٍ كالجَبَلِ الثّامِخِ الشّاهِق ،

( وَ أزلَفنا ثُمَّ الآخرين ، و أنجَينا موسيٰ و مَن مَعَهُ أجمَعين ، ثُمَّ أغرَقنا الآخرين )

و أدنَيْنا في النِّيلِ الآخَرينَ فِرعَونَ و جُنودَهُ و أنجَينا موسيٰ و مَن مَعَهُ أجمَعينَ فَخَرَجوا سالِمين ثُمَّ رَدَدنا المِياهَ فأغرَقنا الآخرين ،

(‌ إنَّ في ذلكَ لَآيةً .و ما كانَ أكثَرُهُم مُؤمِنين ، و إنَّ رَبّكَ لَهُوَ العَزيزُ الرَّحيمُ )

إنَّ في ذلِكَ الحادِثُ لَدِلالَةً عليٰ قُدرَتِنا و انتِقامِنا مِنَ الظّالِمين و ما كانَ أكثَرُ المُنافِقينَ مُؤمِنينَ بِوِلايَةِ أميرِ المُؤمِنين (ع) و إنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزيزُ الرَّحيمُ بِأهلِ بَيْتِهِ الطّاهِرين‌ ،

( واتلُ عليهِم نَبَاءَ إبراهيمَ ، إذ قالَ‌ لِأبيهِ و قَومِهِ ما تَعبُدون )

وقرَاءْ تِلاوَةً عليٰ اُمَّتِكَ الوَحيَ المُنزَل بِخَبَر إبراهيم و قِصّتِهِ مَعَ قَومهِ إذ قالَ لِعَمِّهِ آزَرَ و قَومَهُ ما تَعبُدوُنْ ؟ إستِخفافاً ،

(‌ قالوا نَعبُدُ أصناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفين )

فَأجابُوهُ قائِلينَ نَعبُدُ أصناماً نَنَحَتُها مِنَ الصَّخرِ أوِ الخَشَبِ فَنَبقيٰ لِعِبادَتِها عاكِفينَ مِنَ الصَّباحِ حتّيٰ المَساء :

(‌ قالَ هل يَسمَعونَكُم إذ تَدعونَ أو يَنفَعونَكُم أو يَضُرّون ؟)

فقالَ إبراهيمُ مُستَنكِراً هَل يَسمَعونَكُم الأصنامُ حينما تَدعونَهُم أو هَلْ يَنفَعونَكُم و يَقدِرونَ عليٰ نَفعِكُم أو قادِرونَ أن يَضُرّونَ عَدُوَّكُم ،

(‌ قالوا بَل وَجَدنا آباءَنا كذلكَ يَفعلون )

قالوا كَلاّ لا يَسمَعونَنا و لا يَنفَعونَنا و لا يَضُرّون عَدُوَّنا بَل هِيَ جَماداتٍ وجَدنا آباءَنا يَعبُدونَها فَقَلّدناهُم تَقليداً أعميٰ ،

( قالَ أفَرأيتُم ما كنتُم تَعبُدون ؟ أنتُم و آباؤُكم الأقدمونَ ، فإنّهم عَدُوٌّ لي إلاّ رَبِّ العالَمين )

قالَ إبراهيمُ فانظُروا إليٰ الأصنامِ الّتي تعبُدونَها أنتُم و آباوُكُمُ الأقدَمونَ قَبلَكُم فإنّي لها عَدوٌ لا أعبُدُها و لا أعبُدُ إلاّ رَبَّ العالَمين ،

( ألّذي خَلَقَني فَهُوَ يَهدينِ ، و الّذي هُوَ يُطعِمُني و يَسقينِ و إذا مَرِضتُ فَهُوَ يَشفين )

فَرَبّ العالَمين هُوَ الّذي خَلَقَني فَهُوَ يَهديني إليٰ عِبادَتِهِ و هُوَ الّذي يَرزُقُني فَيُطعِمُني و يَسقيني و هُوَ الّذي إذا مَرِضتُ فَهُو يَشفيني مِنَ المَرَض ،

( والّذي يُميتُني ثُمَّ يُحيين والّذي أطَمَعُ أن يَغفِرَلي خَطيئَتي يومَ الدّين )

و هُوَ الّذي يُميتُني ثُمَّ يُحييني يومَ القِيامَةِ و هُوَ الّذي آمُلُ مِنهُ أن يَغفِرَ لي خَطيئَتي بِمُعاشِرَتِكُم و مُداراتِكُم يَومَ الجَزاءِ فلا يُعاقِبني عليها ،

( رَبِّ هَبْ لي حُكماً و ألحِقني بالصّالِحين )

ثُمَّ رَفَعَ إبراهيمُ يَدَيْهِ مُبتَهِلاً إليٰ اللهِ قائلاً رَبِّ هَبْ لي حُكماً و إمامَةً وَ‌ وِلايَةً و ألحِقني بالصّالِحينَ مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ غَداً ،

(‌ واجعَل لي لِسانَ‌ صِدقٍ في الآخرين ، واجعَلني مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعيم )

واجعَل لي ربّ ذِكراً حَسَناً مَديٰ الأجيالِ و في الأقوامِ الآخَرينَ‌ مِنَ‌ المُسلِمين واجعَلني مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعيمِ أرِثُها مِنَ المَلائِكةِ المُقَرَّبينَ‌،

( واغفِر لِأبي إنَّهُ كانَ مِن الضّالّين )

واغفِر يا إلـٰهي لِعَمّي آزَر الذّي رَبّاني فَهُوَ أبي و رَبيبي إنّهُ كانَ مِنَ الضّالّين عَن جادَّةِ التَّوحيدِ إن تابَ إليك ،

( و لا تُخزِني يومَ يُبعَثونَ ، يَومَ لا يَنفَعُ مالٌ و لا بَنونَ إلاّ مَن أتيٰ اللهَ بِقَلبٍ سَليمٍ )

و لا تُخزِني يا إلـٰهي عليٰ رُؤسِ الأشهاد فَتُعاقِبني بِذَنبِ قَومي يوم القيامة يومَ لا يَنفَعُ فيهِ مالٌ و لا بَنونَ عَن عذابِ اللهِ إلاّ مَن أتيٰ اللهَ بِقَلبٍ سَليمٍ بِمُوالاةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( و اُزلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتّقينَ و بُرِّزَتِ الجَحيمُ لِلغاوين )

يومَ هُيِّئَتِ الجَنَّةُ و زُيِّنَت لِلمُتّقينَ المُوالينَ لِمُحمدٍ و آلِهِ الطّاهرين ، وبُرِّزَت نيرانُ الجَحيمِ و دُخانها لِلغاوين لِيَرَوها ،

(‌ و قيل لهُم أينَ ما كنتُم تَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ هَل يَنصُرونَكُم أو يَنتَصِرون ؟)

و تَقولُ خَزَنَةُ النّيرانُ لِلغاوينَ المُنافِقينَ المُناوِئينَ لِمُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرين : أيْنَ ما كنتُم تَعبُدونَ و تُطيعونَ مِن دونِ اللهِ هَل يَنصرونَكُم اليوم أو يَنتَصِرونَ هُم مِن عَذابِنا ؟؟؟

( فُكُبكِبُوا فيها هُم والغاوونْ ، و جُنودُ إبليسَ أجمَعون )

فَأكَبَّتهُمُ المَلائِكَةُ عليٰ وُجوهِهِم في النّارِ هؤلاءِ المُنافقين هُم و خُلَفاءَهُم الغاوينَ عَن وِلايَةِ أميرِ المُؤمنين (ع) و كُلُّ جُنودَ إبليسَ أجمعين ،

( قالوا و هُم فيها يَختَصِمونَ ، تاللهِ إنْ كُنّا ضَلالٍ مُبينٍ إذ نُسَوّيكُم بِرَبِّ العالَمين )

فَيَقولُ الأتباعُ لِلخُلَفاءِ المَتبوعينَ في النّارِ يَختَصِمونَ مَعَهُم أنفُسُهم إنّنا كُنّا في ضَلالٍ بَيِّنٍ‌ بِتَركِنا وِلايَةَ آلَ مُحمّدٍ (ص) و طاعَتِنا لَكُم إذ سَوَّيناكُم في الطّاعَةِ بِرَبِّ العالَمين ،

(‌ و ما أضَلَّنا إلاّ المُجرِمونَ ، فَلَمّا لَنا مِن شافِعينَ و لا صَديقٍ حَميمٍ فَلَوا أنَّ لَنا كَرَّةً فَنكونَ مِنَ‌ المُؤمنين )

و ما أضَلَّنا عَن وِلايَةِ آل محمدٍ (ص) إلاّ خُلَفاءِ الجَوْرِ المُجرمون فَما لَنا اليومَ مِن شافِعينَ مِن أهلِ الشَّفاعَةِ و لا صَديقٍ حَميمٍ يُنجينا فَنتَمَنّيٰ لو يكونُ لَنا رَجعَة لِلدُّنيا فَنَكونَ مِن الشيعةِ المُؤمنين ،

(‌ إنَّ في ذلِكَ لَآيةً و ما كانَ أكثَرُهُم مُؤمِنينَ و إنَّ رَبَّك لَهُوَ العَزيزُ الرَّحيمُ‌)

إنَّ في ذلِكَ لَدِلالَةً عليٰ عَظَمَةِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و أهمّيتِها و مَعَ ذلِكَ ما كانَ أكثَرُ قُرَيشٍ مُؤمنينَ بِوِلايَةِ أميرِ المُؤمنين (ع) و إنَّ اللهَ لَهُوَ العزيزُ الرّحيمُ بِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) ،

( كَذَّبَت قومُ نوحٍ المُرسَلينَ ، إذ قالَ لَهُم أخوهُم نوحٌ ألاَ تَتَّقونَ إنّي لكُم رَسولٌ أمينٌ )

كَذَّبَت قبلَ قومِ‌ إبراهيمَ قومُ نوحٍ المُرسَلينَ نوحاً و مَن بَعدَهُ إذ قالَ لهُم نوحٌ أخوهُم مِن قَومِهم مُستَنكِراً‌ عليهِم ألا تَتَّقونَ اللهَ إنّي لكُم رسولٌ أمينٌ مِن جانِبِهِ لِأدعُوكُم إليه ،

( فاتَّقوا اللهَ و أطيعونِ ، و ما أسألُكُم عليهِ مِن أجرِ إن أجرِيَ إلاّ عليٰ رَبِّ العالَمينَ فاتّقوا اللهَ و أطيعونِ )

فاتّقوا عذابَ اللهِ و أطيعوني في دَعوَتي إليهِ و ما أسألُكُم عليٰ رِسالَتي مِن أجرٍ مادّيٍ منكُم إن أجرِيَ إلاّ عليٰ رَبِّ العالَمينَ الّذي أرسَلَني ، فاتَّقوا اللهَ و أطيعوني ،

(‌ قالوا أنُؤمِنُ لكَ واتَّبَعكَ الأرذَلون ؟ قالَ و ما عِلمي بِما كانوا يعمَلونَ إنْ حِسابُهُم إلاّ عليٰ رَبّي لو تَشعُرون )

فَأجابَهُ قومَهُ قالوا يا نوحُ أنُؤمِنُ لَكَ حالِكَوْنِكَ اتَّبَعَك الأرذَلون ؟ فَنحنُ نَستَنكِفُ مِنهُم قال : أنا لا اُحاسِبُهُم بما كانوا يعمَلونَ إنْ حِسابُهُم إلاّ عليٰ اللهِ لو كنتُم تَشعرونَ‌ و تَعقِلون ،

( و ما أنا بِطارِدِ المُؤمِنينَ إنْ أنا إلاّ نَذيرٌ مُبينٌ )

و بَعدَ أن آمَنوا فهُم أولياءُ اللهِ و أوليائي يُحبُّهُم اللهُ و اُحِبُّهُم و ما أنا بِطارِدِ المُؤمِنينَ باللهِ كَلاّ إنْ أنا إلاّ نَذيرٌ لَكُم بَيِّنُ الإنذار ،

( قالوا لَئِن لَم تَنتَهِ يا نوحُ لَتكونَنَّ مِنَ المَرجومين )

فَهَدَّدوهُ قالوا لَئِن لَم تَنتَهِ يا نوحُ مِن دَعوَتِنا لِتَركِ الأصنامِ إليٰ عِبادَةِ‌ اللهِ لَتكونَنَّ مِنَ المَرجومينَ أنتَ و رَبعُكَ بِأيدينا بالحِجارَةِ‌ ،

(‌ قالَ رَبِّ إنَّ قَومي كَذَّبونِ ، فافتَح بَيني و بَينهم فَتحاً‌ و نَجِّني و مَن مَعِيَ مِنَ المُؤمِنين )

عندئذٍ إبتَهَلَ إليٰ اللهِ‌ قالَ : يا رَبِّ إنَّ قومي كَذّبوني و لَم يُطيعوني فافتَح بَيني و بَينَهُم بِفَتحٍ مِنكَ و نَجِّني و مَن مَعِيَ مِنَ المُؤمنينَ مِن أذاهُم و رَجمِهِم ،

(‌ فَأنجَيناهُ‌ و مَن مَعَهُ في الفُلكِ‌ المَشحونِ‌ ثُمَّ أغرَقنا بعد الباقين )

فاستَجَبنا دُعاءَ نُوحٍ‌ فَأنجَيناهُ و مَن مَعَهُ في السَّفينَةِ‌ المَملوءَةِ بالحيواناتِ كُلّها و مَن مَعَهُ مِنَ المُؤمنين ثُمَّ أغرقنا بالطّوفانِ الباقينَ مِنَ النّاس ،‌

(‌ إنَّ في ذلِكَ لَآيةً و ما كانَ أكثَرُهُم مُؤمِنينَ و إنَّ ربَّك‌َ لَهُوَ العزيزُ الرَّحيم )

إنَّ في ذلِكَ الحادِث لَدِلالَةً عليٰ أنَّ مَثَلُ أهل البَيْتِ‌ كَسَفينَةِ نوحٍ‌ مَن رَكِبَها نَجيٰ و مَن تَخلَّفَ عَنها غُرِقَ و هَويٰ و مَعَ ذلكَ‌ ما كانَ أكثَرُ قُريشٍ بِمُؤمِنينَ بِوِلايَةِ أمير المُؤمنين (ع) و إنَّ اللهَ لَهُوَ العزيزُ الرَّحيمُ بآلِ مُحمّدٍ ،

(‌ كَذَّبَت عادٌ المُرسَلين )

و مِثلُ قَومِ نوحٍ و تَكذيبِهِم لِنوحٍ كَذَّبَت قومُ عادٍ المُرسَلينَ الّذين دَعَوْهُم إليٰ طاعَةِ اللهِ و عِبادَتِهِ ،

(‌ إذ قالَ لهُم أخوهم هُودٌ ألا تَتَّقونَ إنّي لَكُم رَسولٌ أمينٌ فاتَّقوا اللهَ و‌ أطيعونِ )

تَذَكّروا إذ قالَ لهُم أخوهُم مِن قَومِهم هودٌ النّبيُّ (ص) مُستَنكِراً ألا تَتَّقونَ اللهَ إنّي لكُم رسولٌ أمينٌ مِن جانِبِهِ فاتَّقُوا اللهَ و أطيعوني في دَعوتي ،

( و ما أسألَكُم عليهِ مِن أجرٍ إنْ أجرِيَ إلاّ عليٰ رَبِّ العالَمين )

و قالَ لهُم أنا ما أسألُكُم عليٰ رِسالَتي و دَعوتي إيّاكُم مِن أجرٍ مادّيٍ فَتَنفِرونَ مِنّي بِسَبَبِهِ بَل إنْ أجرِيَ إلاّ عليٰ اللهِ رَبّ العالَمين فَسَيُعطينيهِ ،

( أتَبنُونَ بِكُلِّ ريعٍ آيَةً تَعبَثونَ ، و تَتَّخِذونَ مَصانِعَ لَعلّكُم تَخلُدون )

و قالَ ناهِياً لهُم أتَبنُونَ بِكُلِّ مكانٍ مُرتَفعٍ مَسَلّةً لِجَلبِ المارَّةِ ثُمَّ تَسخَرونَ مِنهُم إذا جاؤها و تَتَّخِذونَ مَصانِعَ الخُمورِ أمَلاً مِنكُم بالخُلودِ في الدّنيا ؟

(‌ و إذا بَطَشتُم بَطَشتُم جَبّارينَ فاتَّقوا اللهَ و أطيعونِ )

و إذا بَطَشتُم بالنّاسِ بَطَشتُم بَطشَةَ جبّارينَ قُساةٍ ظَلَمَةٍ‌ لا تَرحَمونَ الضُّعَفاءَ ‌فاتَّقوا اللهَ و دَعُوا كُلّ ذلِكَ و أطيعوني في دَعوتي ،

( واتَّقوا الّذي أمَدَّكُم بِما تعلَمونَ ، أمَدَّكُم بِأنعامٍ و بَنينَ و جَنّاتٍ و عُيون )

واتَّقوا اللهَ و خافوا نِقمَتَهُ و عَذابَهُ فهو الّذي أمَدَّكُم بما تَعلَمونَ مِنَ النِّعَمِ أمَدَّكُم بِأنعامٍ كثيرَةٍ و أولادٍ و بَساتينَ و عُيونِ المِياهِ العَذِبَةِ ،

(‌ إنّي أخافُ عليكُم عَذابَ يومٍ عَظيمٍ )

و قال لهُم فإن لم تَتَّقوهُ فإنّي أخافُ عليكُم عَذابَ يومٍ عظيمٍ يَسلُبُ اللهُ مِنكُم تِلكَ النِّعَم و يُعَذِّبكُم و يُهلِكُكُم جَميعاً ،

(‌ قالوا سَوآءٌ علَينا أوَ عَظتَ‌ أم لَم تَكُن مِنَ الواعِظينَ إن هذا إلاّ خُلُقُ الأوّلينَ وَ ما نَحنُ بِمُعَذَّبين )

فَأجابوهُ قالوا سَوآءٌ في النَّتيجَةِ عِندَنا إنْ وَعظَتَنا أم لم تَكُ مِنَ الواعِظين لَنا فَنَحنُ لا نَتَأثَّر بِوَعظِكَ إنْ هذا الذي تَراهُ مِنّا إلاّ‌ سَجيَّةَ‌ أجدادِنا الأوّلينَ و ما نَحنُ‌ بِمُعذّبينَ عليٰ هذا ،

(‌ فَكذَّبوهُ فأهلكناهُم إنَّ في ذلِكَ لَأيةً و ما كانَ أكثَرُهُم مُؤمنين )

فَكذَّبوهُ في دَعوَتِهِ و لَم يُؤمِنوا باللهِ فأهلكناهُم بِتَكذيبِهِم إنَّ في ذلِكَ لَدِلالَةً عليٰ أنّا نُهلِكُ مَن يُكَذِّبُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع)  ومَعَ ذلكَ ما كانَ أكثرُ المُنافِقينَ مُؤمِنينَ بِوِلايَةِ أمير المُؤمنين (ع) ،

( و إنَّ رَبّكَ لَهُوَ العزيزُ الرَّحيمُ )

و بِالقَطعِ و اليَقينِ والتّأكيدِ بَعدَ التأكيد إنَّ ربَّكَ يا مُحمّد (ص) لَهُوَ العزيزُ الّذي يُعِزُّ أهل بيتك (ع) و الرَّحيمُ الّذي سَيَرحَمَهُم ،

( كَذَّبَت ثَمودُ المُرسَلينَ ، إذ قال لهُم أخوهُم صالِحٌ ألا تَتّقون ؟)

و مِثلُ عادٍ كَذَّبَت قَومُ ثَمودٍ ألمُرسَلينَ إليهِم إذ قالَ لهُم أخوهُم مِن قومِهم صالِحُ النّبيّ (ع) : ألا تَخافونَ اللهَ و عَذابَهُ ؟

(‌ إنّي لكم رسولٌ أمينٌ ،‌فاتَّقوا اللهَ و أطيعونِ و ما أسألُكُم عليهِ مِن أجرٍ إن أجرِيَ إلاّ عليٰ رَبِّ العالَمين )

و قالَ لهُم إنّي رسولٌ إليكُم مِن جانِبِ اللهِ أمينٌ في الرِّسالَةِ ءُأدّيها كامِلَةً فاتّقوا اللهَ و أطيعوني فيما آمُرُكم بِهِ و أنا ما أسألُكُم عليهِ مِن أجرٍ دُنيَويٍّ إن أجرَيَ لِرِسالَتي إلاّ‌ عليٰ اللهِ ،

(‌ أتُتْرَكونَ فيما هاهُنا آمِنينَ في جناتٍ و عيونٍ و زروعٍ و نخلٍ طلعُها هَضيمٌ و تَنحِتونَ مِن الجِبالِ بُيوتاً فارِهين )

هَل ظَنَنتُم أنّكُم تُترَكونَ مَعَ كُفرِكِم و فُجورِكِم فيما هاهُنا في سَدومٍ آمِنين ؟

تَعيشونَ في جناتٍ و عيونٍ و زروعٍ و نَخلٍ طلعُها لَيِّنٌ و تَنحِتونَ في الجِبال بُيوتاً مُترَفين ؟؟؟

( فاتَّقُوا اللهَ و أطيعونِ ، و لا تُطيعوا أمرَ المُسرِفينَ ، الّذين يُفسِدونَ في الأرضِ و لا يُصلِحون )

كَلاّ لا تُترَكونَ فاتَّقوا اللهَ و أطيعوني و آمِنوا و اتَّقوا و لا تُطيعوا أمرَ الفَسَقَةِ الطُّغاةِ الّذينَ يُفسِدونَ في الأرضِ بالإثمِ و العُدوانِ و لا يُصلِحونَ فيها بالعَدل ،

(‌ قالوا إنّما أنتَ مِنَ المُسَحّرينَ ، ما أنتَ إلاّ‌ بَشَرٌ مِثلُنا فَأتِ بِآيَةٍ إن كنتَ من الصّادقين )

فأجابوهُ قالوا لستَ أنتَ إلاّ مِن الذين خَبَّلَهُمُ السِّحرُ إذ لو لا ذلكَ لَما ادَّعَيْتَ الرِّسالَةَ ما أنتَ إلاّ بَشَرٌ مِثلُنا لا تَمتازُ عَلَينا فَأتِ بِبُرهانٍ إن كُنتَ مِن الصّادِقينَ في دَعواك ،

( قالَ‌ هذهِ ناقَةٌ لها شِربٌ و لكم شِربُ يَومٍ مَعلومٍ ، و لا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عذابُ يومٍ عظيمٍ‌ )

قالَ لهُم صالِحٌ هذهِ ناقَةٌ تخرُج لَكُم مِن صَخرةِ الجَبَلِ إعجازاً فاجتَرِموها لَها شِربُ يومٍ و لَكُم شِربُ يَومٍ‌ معلومٍ  مِنَ الماءِ و لا تَمسّوها بِأذيًٰ‌ فَيَأخُذَكُم عذابُ يومٍ عظيمٍ فَيُهلِكُكُم ،

(‌ فَعَقروها فَأصبَحوا نادِمينَ ،‌ فَأخذَهُمُ العَذابُ إنَّ في ذلكَ لَآيةً )

فَعَصَوهُ فَعَقَروا النّاقَةَ فَنَزَلَ العذابُ مِنَ السّماءِ فَأصبَحوا نادِمينَ عليٰ عقرها و لمّا يَنفَعُ النَّدَم فَأخذَهُم العذابُ فَهَلكوا إنَّ في ذلكَ لَأيةً عليٰ أنَّ آل محمدٍ (ص) لَيسوا عِندَ اللهِ بأقَلَّ مِن ناقَةِ صالِحٍ ،

( و ما كانَ‌ أكثَرُهُم مُؤمِنينَ و إنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيزُ الرَّحيم )

و معذلكَ فإنَّ اُمّتِكَ سَيَقتُلونَ أهلَ بَيتِكَ (ع) و ما كانَ أكثَرُهُم بِمُؤمنينَ بِوِلايَتِهم و إنَّ ربّك يا مُحمّد (ص) لَهُوَ العزيزُ الّذي سَيَنتَقِمُ لَهُم و الرّحيمُ الّذي سَيَرحَمُهُم ،

( كَذَّبَت قَومُ لوطٍ المُرسَلينَ ، إذ قالَ لهُم أخوهُم لوطٌ ألا تَتَّقون )

و تَذَكَّر يا حبيبي حيثَ كَذَّبت قُريشٍ حيثُ كَذَّبوكَ ، قومُ لوطٍ المُرسَلينَ إليهِم إذ قالَ لهُم أخوهُم مِن عَشيرَتِهِم لوطَ النّبيّ إبنِ اُختِ إبراهيم ألا تَتّقونَ الله ؟؟؟

(‌ إنّي لكُم رَسولٌ أمينٌ فاتَّقوا اللهَ و أطيعونِ )

و قالَ لهُم لوطٌ إنّي رسولٌ مِن جانِب اللهِ إليكُم أمينٌ عليٰ مَصالِحِكُم و سَعادَتِكُم فاتَّقوا اللهَ و أطيعوني في رِسالَتي ،

( و ما أسألُكُم عليهِ مِن أجرٍ إن أجرِيَ إلاّ عليٰ رَبِّ العالَمين )

و قالَ لهُم أنا ما أسألُكُم عليٰ أداءِ رِسالَتي مِن اُجرَةٍ مادّيَةٍ منكُم فليسَ أجري و ثوابي و جَزائي عليٰ رِسالَتي إلاّ عليٰ اللهِ رَبِّ العالَمين الّذي أرسَلَني ،

( أتأتونَ‌ الذُّكرانَ مِنَ العالَمين و تَذَرونَ ما خَلَقَ لَكُم رَبُّكُم مِن أزواجِكُم بَل أنتُم قومٌ عادون )

و قالَ ‌مُستَنكِراً عليهِم أتأتونَ الذُّكورَ باللِّواطِ مِنَ النّاسِ و تَدَعونَ ما خَلَقَ رَبّكُم مِن وَطيِ فُروجِ أزواجِكُم مِنَ النِّساءِ قُبُلاً و دُبُراً بَل أنتُم قَومٌ مُعتَدون ،

( قالوا لَئِن لَم تَنتَهِ يا لوطُ لَتَكونَنَّ مِنَ المُخرَجين )

فأجابوُهُ و قالوا مُهَدِّدينَهُ لَئِن لَم تَنتَهِ و تَمتَنِع يا لوطَُ عن مَوعِظَتِنا و نَهيِنا عَن اللِّواطِ لَتَكونَنَّ مِنَ المُخرَجينَ مِن دارِكَ‌ جَبراً ،

(‌ قالَ إنّي لِعَمَلِكُم مِنَ القالينَ رَبِّ نَجّني و أهلِيَ مِمّا يَعمَلون )

قالَ لهُم لوطٌ إنّي لِعَمَلِكُم اللِّواطُ مِنَ النّاقِمينَ المُناوِئينَ ثُمَّ دَعا رَبّهُ قائِلاً : رَبِّ نَجّني و أهلِيَ بَناتي و أولادي دُونَ زَوجَتي لِفِسقِها مَعَهُم مِمّا يَعمَلونَ و لهذا فَزوجاتُ النّبيّ لَسنَ مِن أهل بَيْتِه ،

( فَأنجيناهُ و أهلَهُ أجمَعينَ إلاّ عَجوزاً في الغابِرين )

فَنَجّينا لوطاً و بَناتَهُ و أولادَهُ جَميعهُم إلاّ زَوجَتَهُ العَجوزَةَ الفاسِقَةَ القَوّادَةَ أبقَيناها في الباقِين ،

( ثُمَّ دَمَّرنا الآخَرينَ ، و أمطَرنا عليهِم مَطَراً فسآءَ مَطَرُ المُنذَرين )

ثُمَّ أمرنا جَبرئيلَ و المَلائِكةَ فَدَمّرنا الآخرينَ بِمَدينَتِهِم و مَساكِنِهم و أمطرنا عليهِم مَطَرَ الحِجارَةِ فَقَبُحَ مَطَرُ القَومِ المُنذَرين مُسبَقاً بالعَذابِ ،

(‌ إنَّ في ذلِكَ لَآيةً و ما كانَ أكثَرُهُم مُؤمِنين )

إنَّ في ذلِكَ العَذاب لَدِلالَةً عليٰ أنّنا سَوفَ نُهلِكُ بالعَذابِ مَن لم يُؤمِن بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و مَعذلِكَ فَما كانَ أكثَرُ قُرَيشٍ بِمُؤمِنينَ بِوِلايَتهِ ،

( و إنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزيزُ الرّحيم )

و بالقَطعِ و اليَقينِ لا يَضُرّ آلَ مُحمّدٍ (ص) عَدَمَ إيمانِ أكثَرهم بِوِلايَتِهِم فَرَبُّكَ يا مُحمّد (ص) لَهُوَ العزيزُ الّذي يُعزِّهُم والرَّحيمُ الذّي سَيَرحَمُهم ،

(‌ كَذّبَ أصحابُ الأيكةِ المُرسَلين ، إذ قال لهم شعيبٌ ألا تَتَّقون )

و مِثلُ أولئك فقد كذَّب أصحابُ أيكَة مَديَن المُرسلينَ إليهم و تَذَكّر إذ قالَ لهُم شُعيبُ النّبيّ ألا تَتّقونَ اللهَ و تَخافوه ؟؟؟

(‌ إنّي لكُم رسولٌ أمينٌ فاتّقوا اللهَ و أطيعونِ )

و قال لهم شُعيبٌ إنّي لكم رسولٌ من جانِبِ رَبّي أمينٌ عليٰ رسالتي فآمُرُكُم و أدعوكُم فاتَّقوا اللهَ و خافوا عَذابَهُ و أطيعوني تُفلِحوا ،

( و ما أسألُكُم عليهِ‌ مِن أجرٍ إن أجرِيَ إلاّ عليٰ ربِّ العالَمين )

و ما أسالكم عليٰ أداءِ رسالتي مِن أجرٍ دُنيَويٍّ أو اُخرَويٍّ بل إن أجرِيَ الاُخرَويّ و ثَوابي و جَزائي ليسَ إلاّ عليٰ اللهِ رَبّ العالَمين الّذي اصطَفاني

( أوفوا الكَيْلَ و لا تكونوا مِنَ المُخسِرينَ‌ وزِنوا بالقِسطاسِ المُستقيم )

و قال لهُم آمُرُكم بِشَرعِ اللهِ أوفو المِكيال حَقَّهُ تماماً و لا تكونوا من المُخسِرينَ المُنقِصينَ لِلمِكيال وزِنوا الأجناسَ بالميزانِ الصَّحيحِ السَّويِّ العَدل ،

( و لا تَبخَسوا الناسَ أشياءَهُم و لا تَعثَوا في الأرض مُفسِدين )

و أنهاكُم أن لا تُنقِصوا النّاسَ و تَنهَبوا أشياءَهُم ظُلماً و تَغصَبوها منهم عُدواناً فذلكَ أشَدُّ الفَسادِ في الأرضِ فلا تَعثَوا في الأرض فتكونوا مُفسِدين ، فغاصِبي حُقوقَ آل محمّدٍ مثالهم ،

( واتَّقوا الّذي خَلَقَكُم و الجِبِلَّة الأوّلين )

و قالَ لهُم اتّقوا اللهَ الّذي خَلَقَكم و خافوا عِقابَهُ و عَذابَهُ عليٰ هذهِ و السَّجيّةِ الّتي وَرِثتُموها مِن آباءِكُمُ الأوّلين ،

( قالوا إنّما أنتَ مِنَ المُسَحَّرينَ ، و ما أنتَ إلاّ بَشَرٌ مثلنا و إن نَظُنُّكَ لَمِنَ الكاذِبين )

قالوا في جَوابِهِ يا شُعيبُ إنّما أنتَ مِنَ المُسَحَّرينَ الّذينَ خَبَّلَهُمُ السِّحرُ و ما أنتَ إلاّ بَشَرٌ مثلنا فكيف تكونُ رَسولاً و إن نَظُنّك لَمِنَ الكاذِبينَ في دَعواك ،

( فَأسقِط عَلَينا كِسَفاً مِنَ السّماءِ إن كُنتَ مِنَ الصّادقين )

و قالوا يا شُعيبُ أسقِط علَينا قِطعَةَ حَجَرٍ مِنَ السّماءِ إن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ في دَعواكَ فَنَحنُ لا نُطيعُك ،

(‌ قالَ ربّي أعلَمُ بِما تَعمَلون )

فقالَ لهُم شُعيبٌ إنَّ اللهَ ربّيَ الّذي أرسَلَني إليكُم هو أعلَمُ مِنّي بِما تعمَلونَ مِنَ الظُّلمِ و العُدوانِ و السَّلبِ و النَّهبِ فَهُوَ يُعَذِّبَكُم ،

(‌ فكذّبوهُ فَأخَذَهُم عذابُ يومِ الظُّلَةِ إنّهُ كانَ عذابَ يومٍ عظيمٍ )

فمُباشِرَةً بعدَ طَلَبِهِم العذابَ أخذَهُم عذابُ يومٍ أظلَّتهُمُ الغُيومُ المُحرِقَةُ المُظلِمَةُ فهَلَكوا جميعاً إنّ عذابَ يومِ ‌عَذابِهِم كانَ عَذاباً مَهولاً ،

( إنَّ في ذلكَ لَآيةً و ما كانَ أكثَرَهُم مُؤمِنينَ‌ و إنَّ رَبّكَ لَهُوَ العزيزُ الرَّحيم )

إنَّ في ذلكَ العذاب لَدِلالَةً عليٰ أنّنا سَنُعذِّبُ غاصِبِي حُقوقَ آلِ مُحمّدٍ (ص) مِثلَهُم و مَعهـٰذا فما كانَ أكثَرُ المُنافِقينَ بِمُؤمنينَ بِوِلايَتِهِم و إنَّ اللهَ لهُوَ العزيزُ المُعِزُّ لِآل مُحمّدٍ (ص) ألرَّحيمُ‌ المُستَرَحِّمُ عَليهم ،

( و إنّهُ لَتنزيلُ رَبِّ العالَمين ،نَزَلَ بهِ الرّوحُ الأمينُ عليٰ قبلِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنذِرين )‌

و بالتأكيد إنَّ الأمرَ بِمُوالاةِ عليٍّ (ع) هو الوحيُ المُنزَلُ مِن كلامِ رَبِّ العالَمين نَزَلَ بهِ جبرئيلُ‌ الروحُ الأمينُ عليٰ الوحيِ عليٰ سَمعِكَ و قلبِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنذِرينَ بهِ اُمَّتِك ،

(‌ بِلسانٍ عربِيٍّ مُبينٍ ، و إنّهُ لَفي زُبُرِ الأوّلين )

و ذلكَ الوحيُ نَزَلَ بِلسانٍ عَربيٍّ بَليغٍ فَصيحٍ واضِحٍ لِيَفهَمُهُ جميعُ العَرَبِ و لا يُخالِفوا عَليّاً (ع) و فَضلُهُ لفي الكُتُب الأوّلينَ السّماويّةَ مذكورٌ

( ‌أوَلَم يَكُن لهُم آيَةً أن يَعلَمَهُ عُلَماءُ بَني إسرائيل )

نَسألُ مُؤكِّدينَ أوَلَم يكُن لهُم بُرهانٌ عليٰ حَقّانِيّةِ عليٍّ (ع) و فَضيلَتِهِ أن يكونَ مَنعوتاً في التّوراةِ و الإنجيلِ بِإسمِ إيليا و يَعلَم ذلكَ جميعُ عُلَماءِ بَني إسرائيلَ و أحبارُهُم ،

( و لو نَزَّلناهُ عليٰ بَعضِ الأعجَمينَ فَقَرأَهُ عليهِم ما كانوا بِهِ مُؤمنين )

و لو كُنّا نُنَزِّلُ الأمرَ بِمُوالاةِ عليٍّ (ع) غيرِكَ يا مُحمّد العَربيّ كَبَعضِ فَلاسِفَة اليونانِ أو عُلَماءِ الفُرسِ لِيَقْرَأُهُ عليٰ العَرَبِ ما كانوا بِعَليٍّ (ع) مُؤمنين ،

( ‌كذلكَ سَلكناهُ في قلوبِ المُجرمينَ ، لا يُؤمنونَ بهِ حَتّي يَرَوا العَذابَ الأليم )

بَل أنزلناهُ بِلِسانٍ‌ عَرَبيٍّ مُبينٍ لِيَكونَ أجلَبُ لِقُلوبِ العَرَب فكذلك جَلَبناهُ إليٰ قُلوبِ قُرَيشٍ المُجرِمين لكنّهُم لا يُؤمِنونَ بِهِ حتّيٰ يَرَوا العذابَ الأليمَ بِسَيفِ المَهديّ (عج)

(‌ فَيأتيهِم بَغتَةً و هُم لا يَشعُرون ، فيقولوا هَل نحنُ مُنظَرون )

فيَقومُ القائِمُ المَهديُّ (عَجّ) و يَظهَر مِن غَيبَتِهِ فيَأتيهِم بَغتَةً و فُجأَةً و.هُم لا يشعُرونَ بهِ مُسبَقاً‌ فحينَئِذٍ يقولون : هَل نَحنُ مُمهَلونَ لِفُرصَةٍ اُخريٰ ؟فَيَقولُ لهُم كَلاّ ،

( أفَبِعذابِنا يَستَعجِلون ؟)

نَسألُ مُستَنكِرينَ مُستَخِفّينَ لِأعداءِ عليٍّ أميرِ المُؤمنين (ع) هَل إنّهُم حينما يقولونَ آتِنا بما تَعِدُنا بِعَذابِنا يَستَعجِلون ؟؟ و حينما يُنَزَّلُ العذابُ يقولونَ هل نَحنُ مُنظَرون ،

( أفَرأيْتَ إنْ مَتّعناهُم سِنين ، ثُمَّ جاءَهُم ما كانوا يُوعَدونَ ما أغنيٰ عنهُم ما كانوا يُمَتَّعون )

أفتَريٰ يا مُحمّد (ص) لو أنّنا إتماماً لِلحُجّةِ نُمَتِّعِ المُنافِقينَ سِنينَ تَربُوا عليٰ أربَعَةِ‌ عَشَرَ قَرنٍ ثُمَّ جاءَهُم ما كانوا يُوعَدونَ بِهِ مِن قيامِ المَهديّ (عج) ما أغنيٰ عنهُم ما كانوا يُمَتَّعونَ بالدُّنيا ؟؟

( و ما أهلَكنا مِن قَرَيةٍ إلاّ لها مُنذِرونَ ، ذِكريٰ و ما كُنّا ظالِمين )

و هذِهِ سُنّتَنا الإلـٰهيّة أن نُتِمَّ الحُجَّةَ و ما أهلَكنا مِنْ أهلِ‌ قَريَةٍ إلاّ بعدَ أن أرسَلنا لَها مُنذِرونَ يُنذِرونَهُم عذابنا و هذهِ تَذكِرَةٌ و مَوعِظَةٌ لِمُخالِفي عليٍّ (ع) فَليَحذَروا العَذابَ و بَعدَ هذا الإنذارُ و ما كُنّا ظالِمينَ إن أهلكناهُم بالعذابِ ،

( و ما تَنَزَّلَت بِهِ الشّياطينُ و ما يَنبَغي لهُم و ما يَستطيعونَ إنَّهُم عن السَّمعِ لَمَعزولون )

و إن يقولُ المُنافِقونَ بِأنَّ الوَحيَ مِنَ اللهِ نازِلٌ بِخِلافَةِ‌ أبي بَكرٍ و لكنَّ جَبرَئيلَ قَد خانَ أوِ الشّياطينُ خانَت فَأن‍زَلَتهُ بِشَأنِ عليٍّ (ع) فَقُل لهُم ما تَنَزَّلَت بِهِ الشّياطينُ لأِنّهُم ما يَنبَغي و يَحِقُّ لهُم ذلِكَ فلا يَستطيعونَ لِأنّهُم عَن سمعِ الوَحيِ لَمُبعَدون و مَطرودون ،

( فلا تَدعُ مَعَ اللهِ إلـٰهاً آخَرَ فتكونَ مِن المعذّبين )

فَيا مُحمّد (ص) إيّاكَ أن تدعوُا لِطاعَةِ غَيرِ عَليٍّ (ع) و مُوالاتِهِ فلا تَدعُ مَعَ اللهِ إلـٰهاً آخَرَ فَطاعَة غير عليٍّ (ع) شِركٌ فإن فَعَلتَ فتكونُ مِنَ المُعذّبين ،

( وَ أَنذِر عَشيرَتِكَ الأقربين )

وَ يا مُحمّد (ص) يَجِبُ عليكَ الإنذارُ فاجمَع عشيرَتَكَ في بَيْتِ أبي طالبٍ و أنذِرهُم و قل لهم إنَّ عليّاً (ع) أخي و وَصييّ و وَزيري و وارِثي و خَليفَتي مِن بَعدي فاسمَعوا لهُ و أطيعوا ،

( واحْفِض جناحَكَ لِمَن اتَّبَعكَ مِنَ المُؤمنين )

وَ يا مُحمّد (ص) لَيِّن جانِبَكَ و تواضَع لِمَن اتَّبعَكَ عليٰ مُوالاةِ عليٍّ (ع) من شيعَةِ المُؤمنين كسلمان و أبي ذَرو المِقدادَ و عَمّار و غيرِهِم ،

(‌ فَإن عَصَوْكَ فَقُل إنّي بَريءٌ مِمّا تعمَلون )

فإن عَصَوْكَ بعدَ الإنذارِ و لَم يُوالوا عليّاً (ع) فَقُل لهم : أنّي أبرَاءُ إليٰ اللهِ مِمّا تعمَلونَ مِنَ النِّفاقِ و العِداءِ لِعَليٍّ (ع) ،

( وَ تَوكّل عليٰ العَزيزِ الرَّحيمِ الَّذي يَراكَ حينَ تَقومُ )

وَ تَوَكَّل يا حبيبي عليٰ رَبِّكَ العزيزُ المُعِزُّ لِعَليٍّ (ع) ألرَّحيمُ المُتَرَحِّمُ عليهِ و أبلِغ وِلايَتَهُ في غَديرِ خُمٍّ فهو الّذي يَراكَ بِعَين عِنايَتِهِ حينما تقومُ مُبَلِّغاً بِغَديرِ خُمٍّ ،

(‌ و تَقَلّبُكَ في السّاجِدين ، إنّه هو السّميعُ العليم )

و إنَّ اللهَ هو الّذي يَرعيٰ تَقَلُّبَكَ في أصلابِ المُوَحّدينَ و يُشاهِدُ تَقَلُّبَكَ عليٰ تُرابِ الأرضِ مَعَ السّاجِدينَ شُكراً لِلّهِ عليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) إنّهُ هو السّميعُ العَليمُ لإِقوالِكَ و أفعالِك ،

( هَل اُنَبِّئُكُم عليٰ مَن تَنَزَّلُ الشّياطينُ ؟ تَنَزّلُ عليٰ كُلِّ أفّاكٍ أثيم )

قُل لِاُمَّتِكَ يا حبيبي هَل اُخبِرُكُم عليٰ مَن تَتَنَزَّلُ الشّياطينُ و الأبالِسَةَ مُوَسوِسَةً لهُم ؟ إنّها تَتَنزّلُ عليٰ كلِّ مُنافِقٍ مُناوِيءٍ لعليٍّ (ع) مُكذّبٍ لِلوَحيِ مُجرِمٌ

( يُلقون السَّمعَ و أكثَرُهُم كاذِبون )

و هؤلاءِ الأفّاكونَ الآثِمون يُلقونَ الإستماعَ إليٰ وَساوِسِ الشّياطين حينما يُوحونَ إليهِم بالوَساوِسِ و أكثَرُ الجِنّ كاذِبون في إيحاءآتِهم ،

( و الشُّعَراءُ يَتّبِعُهُم الغاوُون ، ألَم تَرَ أنَّهُم في كلِّ وادٍ يَهيمون و أنّهُم يَقولونَ ما لا يفعلون )

والشُّعَراءُ مِنَ الأفّاكينُ الآثِمينَ و المُنافِقينَ الّذين يَهجونَ رسولَ اللهِ و أهل بَيْتِه (ع) يَتّبِعُهُم المُنافِقونَ الغاوُونَ عَنِ الحَقِّ ، والدليلُ عليهِ أنّهُم في كلِّ وادٍ من وِديانِ الباطِلِ يَخوضونَ و أنّهُم يقولونَ ما لا يَفعَلون مِمّا يَفخَرونَ بهِ شِعراً ،

(‌ إلاّ الّذين آمَنوا و عملوا الصّالحاتِ و ذَكَروا اللهَ كثيراً )

إلاّ أنَّ الشُّعراء الصّادِقونَ الّذينَ آمَنوا باللهِ و بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالحات فَأنشَدوا في فَضائِلِهم و شَمائِلِهِم وَ ذَكَروا اللهَ كثيراً في أشعارِهِم لا يَتَّبِعُهُم الغاؤون ،

( و انتَصروا مِن بَعدِ ما ظُلِموا )

فَأولئِكَ الشُّعَراءُ كَفِرَ زدَقَ و الكُمَيْت و شُعراءُ الغَديرِ و شُعراءُ الطَّفِّ و مَن مِثلُهُم الّذينَ انتَصَروا لِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) فَهَجَوا أعدائَهُم بَعدَ ما ظَلَموهُم فَهُم يَفعَلونَ ما يَقولون ،

( وَ سَيَعلَمُ الّذينَ ظَلَموا أيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبون )

و عَن قريبٍ يَعلَمُ الّذين ظَلَموا آلَ مُحمّدٍ (ص) أيَّ مُنقَلَبٍ و مَصير لَهُم في العَذابِ الأليمِ فَيَقَلِبونَ في دَرَكاتِ الجَحيمِ وَ قَعرِ جَهَنَّمَ و بِئسَ المَصير .

(‌ صَدَقَ اللهُ العليُّ العَظيم )

وَ بَلّغَ رَسولُهُ الأمينُ وَ الحَمدُ لِلّهِ رَبِّ العالَمين و العاقِبَةُ

لِأهلِ التَّقوي واليَقين وَ نَحنُ عليٰ ذلكَ

مِنَ الشّاهِدينَ وَ الشاكِرين .


نشر في الصفحات 1251-1225 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *