سورة الفُرقان
2017-02-20
سورة الأعراف
2017-02-20

(36)
سورة لُقمان (ع)

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم ألـٰم )

بإسِمِ ذاتِيَ و جَلالتي الّذي لا يَشتَرِكُ معي فيهِ أحدٌ سِوايَ و بِإسمِ رحمانيّتيَ‌ الواسعة و رحيميّتيَ الخاصّة بالمُؤمنين اُوحي إليكَ بِرَمزِ ألِف لام ميم مِنَ الحروفِ النّورانيّة ،

( تِلكَ آياتُ الكتابِ الحَكيمِ هُديًٰ و رَحمَةً لِلمُحسنين )

يا حبيبي إنَّ تِلكَ آيات القُرآن ألنّازِلَةِ بِشَأنِ أهل البَيْت (ع) بِوُضوحٍ تُوجِبُ الهِدايَةَ والوُصولَ إليٰ رَحمةِ اللهِ لِلمُحسنينَ المُوالِينَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَقَط ،

( الّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَ يُؤتونَ الزَّكاةَ وَ‌ هُم بالآخرةِ هُم يُوقِنون )

وَ‌ هُمُ الّذينَ يُقيمونَ الصَّلوةَ الصَّحيحَةَ مِن غَيرِ بِدعَةِ التّكتُّفِ وَ آمّين بِوضوءِ المَسحَتانِ و أَذانِ حَيِّ عليٰ خيرِ العَمَلِ وَ يُؤدّونَ الزَّكاةَ بِشروطِها وَ هُم بالآخرةِ والمَعادِ يِؤمِنونَ يَقيناً ،

( اُولـٰئِكَ عليٰ هُديًٰ مِن رَبّهم و اُولـٰئِك هُمُ المُفلِحون )

اُولـٰئِكَ المُحسِنونَ المُوالونَ لآِل مُحمّدٍ (ص) فَقَط هُم عليٰ هدايةٍ من اللهِ فَحَسب وَ غيرُهُم عليٰ ضَلالٍ و اُولـٰئِكَ المُؤمنونَ هُمُ المُفلِحونَ بولايةِ أهل البَيْت (ص) ،

( وَ مِنَ‌ النّاس مَن يَشتري لَهوَ الحَديثِ لِيُضِلَّ عَن سَبيلِ اللهِ بِغَيرِ عِلمٍ و يَتّخِذَها هُزواً اُولئكَ لَهُم عَذابٌ مُهينٌ )

وَ مِنَ النّاسِ الَّذين لَم يُوالوا آلَ مُحمّدٍ (ص) مَن يَشتري الأحاديثَ الموضوعَةَ كِذباً في قِبالِ أهلِ البَيْت (ص) وَ‌فَضائِلِ بَني اُميّةَ وَ‌غَيرِهِم لِيُضِلَّ النّاسَ عَن ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) إغراءً لَهُم بالجَهلِ وَ‌يَتَّخِذ الولايَةَ هُزُواً اُولئكَ الظَّلَمَةَ لَهُم عَذابٌ مُهينٌ ،

( وَ إذا تُتليٰ عَليهِ آياتُنا وَلّيٰ مُستَكبِراً كَأن لَم يَسمَعها كَأنَّ في اُذنَيْهِ وَقراً فَبَشِّرهُ بِعَذابٍ أليمٍ )

و حينما تُتليٰ عليٰ الّذي يَشتري لَهوَ الحَديثِ آياتنا بِشَأنِ فَضائِلِ آلِ مُحمّدٍ (ص) تَوَلّيٰ مُعرِضاً مُستكبِراً عليٰ آلِ محمّدٍ (ص) كَأنّهُ لَم يَسمَعِ الآيات كأنَّ في اُذنَيْهِ ثِقلاً فَبَشِّرهُ يا حبيبي بِعَذابٍ أليمٍ يَومَ القيامَةِ ،.

( إنَّ الّذينَ آمَنوا وَ عَمِلوا الصّالِحاتِ لَهُم جَنّاتُ النَّعيم )

إنَّ الّذينَ آمَنوا بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ‌عَمِلوا الصّالحاتِ بِتَمسُّكِهم بِولايَتِهِم لَهُم جَنّاتُ النَّعيم المليئَةِ بِنِعَمِ اللهِ تَعاليٰ الّتي أَعَدَّها لَهُم ،

( خالِدينَ فيها وَعَد اللهِ حَقّاً وَ‌هُوَ العَزيزُ الحكيمُ )

فيَخلُدونَ في النَّعيمِ والجَنّاتِ إليٰ ماشآءَ اللهُ إليٰ الأَبدَ وَ‌نَهايَةِ السَّرمَد وَفاءً لِوَعدِ اللهِ لهُم حَقّاً وَ هُوَ العَزيزُ الصّادِقُ في وَعدِهِ ألحكيمُ في سُلطانِهِ ،

(‌خَلَقَ السّماواتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَونَها و ألقيٰ في الأرضِ رواسِيَ أن تَميدَ بِكُم )

و بِعِزَّتِهِ و حِكمَتِهِ خَلَقَ السّماواتِ وَ رَفَعَها بدونِ عَمودٍ تَستَنِد عَليها وَ ألقيٰ في الأرضِ جِبالاً شاهِقَةً خَشيةَ أن تَضطَرِب بِكُم الأرض ،

(‌ وَ بَثَّ فيها مِن كُلِّ دابّةٍ و أنزَلنا مِنَ السّمآءِ مآءً فَأنبَتنا فيها مِن كُلِّ زَوجٍ كريمٍ )

وَ نَشَرَ في الأرضِ أنواعاً مُختَلِفَةً مِن كلِّ حيوانٍ وَ‌ أنزَلَ سُبحانَهُ مِنَ السمآءِ مَطَراً وَ ثَلجاً فَأنبَتَ في الأرض بِهِ مِن كُلِّ نوعٍ حَسَنٍ مِنَ الزَّرع‌ ،

( هذا خَلقُ الله فَأروني ماذا خَلَقَ الّذينَ مِن دونِه ؟)

هٰذا الّذي ذَكَرناهُ كلّهُ مَخلوقٌ لِلّهِ وَ صُنعُ اللهِ بِحكمَتِهِ وَ‌ عَدلِهِ وَ‌ فَضلِهِ فَقُل لِلمُنافِقينَ مُتَحدِّياً : أروني ماذا خَلَقَ الّذينَ تُطيعونَ مِن دونِهِ وُلاة الجَوْر‌؟؟؟

( ‌بَلِ الظّالِمونَ في ضَلالٍ مُبينٍ )

فإنَّهُم قَطعاً عاجِزونَ عَن إرائَةِ مَخلوقٍ‌ خَلَقَهُ رؤسائَهُم و خُلفاءَهُم بَل الظّالِمونَ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم في ضَلالٍ‌ واضِحٍ بَيِّنٍ‌ ،

(‌ وَ لَقد آتينا لُقمانَ الحِكمَةَ أن أشكُر لِلّهِ وَ مَن يَشكُرُ فإنَّما يَشكُرُ لِنَفسِهِ و مَن كَفَر فإنَّ اللهَ غنيٌ حَميدٌ )

‌فَليَعلَموا بأنّكَ مَدينة الحِكمَةِ وَ عليٌ بابُها وَ مَن أرادَ الحِكمَةَ فَليأتِها مِن بابِها وَ لَقَد آتيناها لُقمانَ و قُلنا لَهُ إنَّ أساسَها شُكرُ اللهِ وَ فائِدَة الشُّكرِ عائِدَةٌ لِلنَّفسِ وَ مَن يكفُرُ فاللهُ غنيٌ عَن شُكرِهِ ،

( و إذ قال لقمانُ لاِبنِهِ و هو يَعِظُهُ يا بُنيَّ لا تُشرِك باللهِ إنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عظيمٌ )

و تذكّر يا حبيبي إذ قال لقمانُ لاِبنِهِ و هو يِوعِظُهُ و يَنصَحُهُ يا بُنيّ : لا تُشرِك بعبادَةِ اللهِ و طاعَتِهِ أحداً إنَّ الشِّركَ لَظُلمٌ عظيمٌ ،‌فَعَلَيهِ لا يكونُ مُرتَكِبُهُ خليفةً لِرسولِ اللهِ و عَلِيٌّ لم يُشرِك قَطُّ ،

( و وَصّينا الإنسانَ بوالِدَيهِ حَمَلَتهُ اُمّهُ وَهناً عليٰ وَهنٍ و فِصالُهُ في عامين )

و أمَرنا إيصاءً لازماً بواسطة رُسُلِنا أَلإنسانَ بِرّاً بوالِدَيهِ و يَتَذكَّر إذ حَمَلَتهُ اُمُّهُ فوهَنَت قواها بذلك ضَعفاً عليٰ ضَعفٍ حتّيٰ فِطامُهُ بعد عامين ،

( أنِ اشكُرلي و لِوالِدَيك إليَّ المصير )

و أمرنا الإنسانَ أنِ اشكُر لِلّهِ‌ لذلك واشكُر لِوالِدَيك حيثُ كانا واسطةً للفَيْضِ لك و إليٰ اللهِ مصيرُهما و إيّاك ،

( و إن جاهَداكَ عليٰ أن تُشرِكَ بي ما ليس لكَ بهِ عِلمٌ‌ فلا تُطِعهُما )

و إن جاهداكَ و دَعَواكَ بِجُهدٍ عليٰ أن تُشرِكَ باللهِ طاعةَ وُلاةِ الجَوْر و الطّاغوت ما لَيس لكَ بهِ عِلمٌ من الله يُجَوِّزُهُ فلا تُطِعهُما بل خالِفهُما ،

( و صاحِبهُما في الدّنيا مَعروفاً واتَّبِع سبيلَ من أنابَ إليّ )

و صاحِبهُما في الدّنيا مُصاحبةً بمعروفٍ لا بِمُنكرٍ فلا تُصاحِبهُما في طاعة وُلاة الجَوْر واتّبِع سبيلَ مَن أنابَ إليَّ من شيعةِ عليٍّ (ع) و كلّ إمامٍ من أهل البيت (ع) ،

( ثُمَّ إليَّ مَرجِعُكُم فاُنَبِّئُكُم بما كنتُم تعملون )

واعلم أنّهُ لا محالةَ فإليٰ اللهِ مَرجِعُكَ أنتَ‌ وَ‌ والِداكَ فاُنَبِّئُكُم بما كنتُم تعمَلون في الدّنيا مِنَ الوِلاءِ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) أو لأِعدائِهِم ،

( يا بُنيّ إنّها إن تَكُ مثقالُ حَبّةٍ من خَردَلٍ فتَكُن في صَخرَةٍ أو في السّماواتِ أو في الأرض يأتِ بها اللهُ إنَّ اللهَ لَطيفٌ خَبيرٌ )

وَ ‌قالَ لقمانُ يا بُنيّ اعلَم إنّ أفعال الإنسان لو تَكُن بِوَزنِ حَبّةِ خَردَلٍ فتكونُ‌مخفيّة في صخرةٍ صَمّآء أو في مكانٍ خفيٍّ في السّماواتِ والأرضِ يأتِ اللهُ بها في الحِسابِ إنّ اللهَ لطيفٌ بعبادِهِ خبيرٌ بأفعالِهِم ،

( يا بُنيَّ أقِمِ الصَّلاةَ وأمُر بالمَعروفِ و أنهَ عن المُنكَر وأصبِر عليٰ ما أصابَكَ إنّ ذلك مِن عَزمِ الاُمور )

و قالَ يا بُنيّ أقِمِ الصّلاة الّتي فَرَضَها اللهُ لا ما ابتَدَعَهُ النّاس وأمُر بالمَعروفِ واتِّباعِ‌الهُديٰ وأنهُ عن المُنكَرِ والفَحشآءِ والبَغيِ واتّباعِ الظّالمين واصبِر عليٰ ما أصابَكَ مِن مُصيبةٍ إنَّ الصَّبرَ مِنَ الاُمور المُؤكّدَةِ

(‌ وَ‌لا تُصَعِّر خَدَّكَ للنّاس و لا تَمشِ في الأرضِ مَرَحاً إنّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخورٍ )

و لا تُعرِض بِوَجهِكَ عن النّاس تَكبُّراً واستنكافاً و لا تَمشِ عليٰ الأرض بِخُيَلاءٍ و جَبَروتٍ وَ لَهوٍ و لَعَبٍ إنّ اللهَ لا يُحِبُّ الإنسانَ المُتَبَختِر المُتفاخِر عليٰ النّاس ،

( واقصِد في مَشيِك واغضُضُ من صوتِك إنّ أنكَرَ الأصواتِ لَصوتُ الحمير )

واعتَدِل في سيرَتِكَ بين النّاس والمُجتَمَع و امشِ بِوقارٍ واخفِض مِن صوتِك فلا تُعَربِدو تَتَغنّيٰ إنَّ أنكَرَ الأصواتِ في الحيواناتِ لَصوتُ نَهيقِ الحِمارِ فلا تَكُن مِثلَهُ ،

( ألَم تَرَوا أنَّ اللهَ سَخَّرَ لكم ما في السّماواتِ و ما في الأرض )

أيّها النّاس ألَم تنتظروا فَتَرَوا أنَّ اللهَ سَخَّرَ ما في السّماواتِ مِن كواكِبٍ وَ أفلاكٍ وَ‌غيومٍ وَ‌ طيورٍ وَ‌ ما في الأرضِ مِن معادِنَ وَ زروعٍ وَ ‌حيواناتٍ وَ مياهٍ ؟؟؟

( وَ أسَبَغَ عليكُم نِعَمَهُ ظاهِرَةً و باطِنةً )

أَلم تَرَوا أنَّ اللهَ سُبحانَهُ و تعاليٰ عَظُمَت آلائُهُ و جَلَّت عَظَمتُهُ اُتَمَّ و أكمَلَ نِعَمَهُ الماديّةَ والمعنويّةَ والجسميّةَ والرّوحيّةَ ظاهِرَةً تَريٰ و باطِنَةً خفيّةً وَ أهمّها نِعمَة ولاية محمّدٍ و آلِهِ (ص) ؟؟؟

( وَ مِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ في اللهِ بغيرِ عِلمٍ و لا هُديًٰ و لا كتابٍ مُنيرٍ )

و مِنَ‌ النّاسِ مَن هو مُنافِقٌ يُنكِرُ نِعمَة ولاية آل محمّدٍ (ص) و يُجادِلُ في فَضلِ اللهِ بغيرِ عِلمٍ بفوائِدِ ولايَتِهِم الدّنيويّة والاُخرويّةَ و بلا هدايَةٍ بولايتهم و لا هِدايَةٍ من القرآن ،

( وَ‌ إذا قيلَ لهم اتَّبِعوا ما أنزَلَ اللهُ قالوا بَل نَتَّبِعُ ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا )

و حينما يُقال للمنافقينَ الّذين يُجادِلونَ حولَ ولاية آل محمّدٍ (ص) تعالوا واتَّبِعوا ما أنزَلَ اللهُ في فضائِلِهم في القرآن ، يقولون : لا بَل نَتَّبِعُ ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا مِنَ الشِّرك ،

( أوَ لَو كانَ الشّيطانُ يدعوهُم إليٰ عذابِ السّعير )

فاسألهُم يا حبيبي : هَل يَتّبِعونَ آباءَهُم حتّيٰ و لو كانَ الشّيطانُ اللّعينُ يدعوهُم إليٰ عذابِ النّارِ المُتأجِّجَةِ المُلتَهِبَةِ أهذا مَعقولٌ ؟؟؟

( و مَن يُسلِمُ وَجهَهُ إليٰ اللهِ و هو مُحسِنٌ فَقَد استَمسَكَ بالعُروَةِ الوُثقيٰ و إليٰ اللهِ عاقِبَةُ الاُمور )

و مَن يَتَّبِع ما أنزَلَ اللهُ في آلِ مُحمّدٍ (ص) و يُسلِم و يُقبِل بِوَجهِهِ إليٰ اللهِ مُتَمسِّكاً بولايَتِهِم و هو مُحسِنٌ إليٰ آل محمّدٍ (ص) فبالتأكيد يتمَسّكُ بالحَلَقةِ الأوثَق مِن كُلّ حَلَقَةٍ فَعَليٌ (ع) هُوَ العُروَةُ الوُثقيٰ و إليٰ اللهِ عاقِبة الاُمور فيجعل عاقِبتُهُ عليٰ خيرٍ ،

(‌ و مَن كَفَر فلا يَحزُنكَ كفرُهُ إلينا مَرجِعُهُم )

و مَن كَفَر يا حبيبي بولايتكم أهل البيت (ع) و بالله فلا يَحزُنكَ و يَغُمّكَ ذلك فالكُفرُ لا يعلو عليٰ الإسلام بَلِ الإسلامُ يَعلو و لا يُعليٰ عليه و إلينا مَرجِعُهُم بَعدَ الموت ،

( فَنُنَبِّئُهم بما عملوا إنَّ اللهَ عليمٌ بذاتِ الصّدور )

فعند ما يُرجَعون إليٰ اللهِ في القيامَة فنُخبِرُهُم بما عملوا بولايتكم و ما ظلموا و عانَدوا أهل بيتك (ع) ثُمَّ نُجازيهم بعملهم النّار ، إنّي عليمٌ بِخَواطِرِ القلوبِ والنيّاتِ والحُبِّ والبُغضِ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ نُمَتِّعُهُم قليلاً ثُمّ نَضطَرُّهُم إليٰ عذابٍ غليظٍ )

نُمَتِّعُهُم إختباراً لهُم و إمتحاناً و إتماماً لِلحُجّةِ عليهم في الدُّنيا قليلاً ثُمّ نجعلهم يَضطَرّونَ إليٰ الرّضوخِ إليٰ عذابٍ غليظٍ في جهنَّم ،

( و لَئِن سَألتَهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ والأرضَ لَيَقولُنّ الله )

فيا رسول الله لو تسألُهُم مَن خَلَقَ السّماواتِ والأرضَ غيرَ الله هل رؤساءِكم و خلفاءِكم فَيضَطّرونَ بالقولِ : إنَّ اللهَ خَلَقَها .

( قُلِ الحَمدُ لِلّهِ بل أكثرُهُم لا يعلمون )

فعندئذٍ قُل : ألحَمدُ لِلّهِ وَحدَهُ فهو خالِقُ خَلقِهِ و خبيرٌ بمصالِحِهم و بصيرٌ بِشؤونِهِم و هو الّذي يَختارُ لهُم وليّاً و قَدِاختارَ عليّاً (ع) و لكنّ أكثَرُهُم جاهِلونَ لا يعلَمونَ المَصالِح ،

( لِلّهِ ما في السّماواتِ والأرضِ إنّ اللهَ هُوَ الغنيُّ الحميد )

فليسَ اللهُ خالِقَ السّماواتِ والأرضِ فَحَسب بل كُلُّ ما فيها مِلكٌ لهُ يَتَصرَّف فيهِ كيف يشآءُ و يَنصِب عَليّاً (ع) كما يشآءُ لِلخِلافَةِ إنَّ اللهَ هُوَ الغَنيُّ عن خَلقِهِ المحمودُ في فِعالِه .

( و لو أنّ ما في الأرضِ مِن شَجَرَةٍ أقلامٌ والبَحرُ يَمُدُّهُ مِن بَعدِهِ سَبعَةَ أبحُرٍ ما نَفَذَت كلماتُ الله )

و لو أنَّ كلّ ما في الأرضِ مِن غُصنِ شَجَرَةٍ تكونُ أقلامٌ و يكونُ البَحرُ المُحيطُ بالدُّنيا والكُرَةِ الأرضيّةِ مِدادٌ و حِبرٌ و مِثلُهُ سَبعَةَ أبحُرٍ مدادٌ يكتب بها ما نَفَذَت كلماتُ اللهِ في فضائِلِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( إنَّ اللهَ عزيزٌ حكيمٌ )

إنَّ الله عزيزٌ أعَزَّ بِعِزَّتِهِ آلَ مُحمّدٍ (ص) في الدّنيا والآخرة و هو حكيمٌ أودَعَ الحِكمَةَ في صدورِ أهل البيت (ص) المعصومين فالعِزَّةُ والحِكمَةُ لِلّهِ و لَهُم ،

( ما خلقُكُم و لا بَعثُكُم إلاّ كَنَفسٍ واحِدَةٍ إنَّ اللهَ سميعٌ بصيرٌ )

إن يقولُ المنافِقونَ كيفَ سيَبعَثُ اللهُ جميعَ النّاسِ‌ بِكِثرَتِهِم ؟ فليسَ المَعادُ في قُدرَةِ اللهِ إلاّ كَخَلقِ و بَعثِ نَفسٍ واحِدَةٍ إنّ اللهَ سميعٌ لأِقوالِكُم بصيرٌ بأفعالِكُم ،

(‌ ألَم تَرَ أنَّ اللهَ يِولِجُ اللّيْلَ في النّهارِ و يُولِجُ النّهارَ في اللّيل )

ألَم تنظُر أيّها الإنسانُ قُدَرَةِ الله يوميّاً فهُوَ يُدخِلُ اللّيلَ والظَّلامَ في النّهار و الضّياء و يُدخِلُ الضِّياءَ والنّهارَ في اللّيل و الظَّلام بِقُدرَتِهِ ،

( و سَخَّرَ الشَّمسَ والقَمَر كلٌّ يجري إليٰ أجَلٍ مُسميًّٰ و إنّ الله بما تعمَلونََ خبير )

ألَم تنظُر يا إنسان ؟ أنّ اللهَ سخَّرالشَّمسَ و القَمَر بقُدرَتِه كلٌّ منهما يجري في مسيرٍ مُعيَّنٍ إليٰ وَقتٍ مُحَدّدٍ و بالتأكيد إنّ اللهَ بما تعمَلون يا ناسُ خبيرٌ ،

(‌ ذلك بأنَّ اللهَ هوالحَقُّ و أنّ ما يدعونَ مِن دونِهِ الباطِل )

ذلك المِثالُ‌ لِكَي يعلَموا بأنّ اللهَ هُوَ الحَقُّ الّذي جَعَلَ عليّاً (ع) مَعَ الحَقّ و الحَقُّ مَعَ عليٍّ (ع) و بالتأكيد إنّ ما يدعونَ هؤلاءِ المُنافقين لِطاعَةِ غير اللهِ هُوَ الباطِل‌،

( و أنّ اللهَ هُوَ العليُّ الكبيرُ )

ذلك لِكَي يعلَموا أنَّ اللهَ هو العليُّ الكبيرُ الّذي اختارَ لِلولاية العَليّ الصّغير فعَليٌّ وليُّ الله لا سِواهُ و عليٌ اشتُقَّ مِنَ العَليِّ ،

( ألَم تَرَ أنَّ الفُلكَ تجري في البَحرِ بِنِعمَةِ اللهِ لِيُريكُم مِن آياتِهِ )

ألَم تَنظُر أيُّها الإنسانُ أنَّ السُّفُنَ تَجري في البَحرِ بِنِعمَةِ اللهِ عليكُم لِيُريكُم آيات فَضلِهِ وَ أياديهِ وَ دَلائِل رُبوبيَّتِهِ ؟

( ‌إنَّ في ذٰلكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ )

إنَّ في المَثَل بالسُّفُن لآياتٍ و دِلالاتٍ عليٰ أنّ أهل البيت (ع) هُم سُفُنُ النّجاةِ مَن تخَلّفَ عنهُم غَرِق يفهَمُ ذلك كلُّ صبّارٍ شَكورٍ لولايةِ آل محمدٍ (ص)

(‌ و إذا غَشِيَهُم موجٌ كالظُّلَل دَعَوُا اللهَ مُخلصينَ لهُ الدّينَ فلمّا نَجّاهُم إليٰ البَرّ فمِنهُم مُقتَصِدٌ )

و إذا عَلاهُم المَوْجُ في البَحرِ كالمَظَلاّتِ دَعَوُ اللهَ ليُنجّيهِم مُخلصين لهُ وَحدَهُ في الطَّلَبِ‌ فلمّا نجّاهُم إليٰ البَرّ فمِنهُم مَن يتوسَّط بَيْن الكُفرِ و الإسلام و هُوَ النِّفاق طريقاً ،

( وما يَحجُدُ بِآياتِنا إلاّ كُلّ خَتّارٍ كفورٍ )

و ما يُنكِرُ عِناداً آياتنا النّازلَةِ بشأنِ آل محمّدٍ (ص) إلاّ كلّ غدّارٍ خائِنٍ كفورٍ بِنِعمَةِ الولاية و باللهِ و برسولِهِ و أهل بيتِهِ (ع) ،

(‌ يا أيّها النّاسُ اتّقوا ربَّكم واخْشَوا يَوماً لا يجزي والِدٌ عن وَلَدِهِ و لا مولودٌ هوَ جازٍ عَن والِدِهِ شيئاً )

يا أيّها النّاس خافوا اللهَ واحذَروا مِن يوم القيامَة حيثُ لا يُغني فيهِ والِدٌ كنوحٍ عَن وَلَدِهِ و لا مولودٌ كمحمّد بن أبيبكر عَن والِدِهِ شيئاً لانقطاعِ الأنسابِ إلاّ نَسَبَ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( إنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فلا تغرنَّكُم الحياةُ الدّنيا و لا يَغُرنَّكُم باللهِ الغَرور )

إنّ وَعدَ اللهِ بالعِقابِ حَقٌّ لا يُخلِفُهُ فلا تغُرنَّكُم مُغريات الحياة الدّنيئَة و لا يَغرّكُم بعفوِ الله و رحمَتِهِ الشّيطان المَغرور و الإنسانُ المُغتَرّ .

( إنّ اللهَ عندَهُ عِلمُ السّاعَه )

يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم إنَّ الله عِندَهُ عِلمُ مَوعِدِ ساعَةِ القيامَة والبَعثِ وَ النّشورِ و عِلمَ أحوالِها و ما يَحدُثُ فيها

(‌ وَ يُنَزّلُ الغَيْثَ و يعلَمُ ما في الأرحام )

وَ‌اللهُ سُبحانَهُ هو الّذي يُنَزّلُ المَطَرَ رَحمَةً و فضلاً هو يعلَمُ ما في الأرحام مِن الحَملِ و هو يُعَلِّمُ أولياءَه آل مُحمّدٍ (ص) مِن عِلمِهِ ،

(‌ وَ ما تَدري ماذا تَکِسبُ غَداً )

‌وَ‌ ما تَدري نَفسٌ غير معصومَة و ما تدري نَفسٌ من النّفوسِ غير آل محمّدٍ (ص) ماذا تَكسِبُ غَداً فعِلمُ المَنايا والبَلايا خاصٌّ بآلِ مُحمّدٍ (ص) فَقَط ،

( ‌وَ ما تَدري نفسٌ بِأيَّ أرضٍ تموتُ إنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ )

وَ‌ ما تَدري نفسٌ بشريّهٌ غير النّفوسِ المَلكوتيّةِ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) بأنّها بِأيّ أرضٍ تموتُ كما كانَ آل مُحمّدٍ (ص) يدرونَ بِمَصارِعِهِم و مَرَاقِدِهم فالجاهِلُ لِكُلُّ ذلك لا يَنالُها واللهُ عليمٌ بأحوالِكُم خبيرٌ بأفعالِكُم .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 940-930 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *