سورة لُقمان (ع)
2017-02-20
سورة المُؤمِن
2017-02-20

(37)
سورة الأعراف

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ألـٰمص )

بإسمِ جَلالتي المخصوصةِ بي و بإسمِ رحمانيّتي و رحيميّتي أبدَأُ الوحيَ إليك يا رسولنا بِرَمزِ ألِف لام ميم صاد مِنَ الحروفِ النّورانيّه ،

( كتابٌ اُنزِلَ إليكَ فلا يكُن في صَدرِكَ حَرَجٌ منهُ لِتُنذِرَ بهِ و ذكريٰ لِلمؤمنين )

إنّ القرآنَ كتابُ اللهِ اُنزِلَ إليكَ بواسطةِ جَبرئيل فلا تَدَع يَحصُلُ في صدرِكَ و قَلبِكَ حَرَجٌ و ضيقٌ مِن إبلاغِ آياتِ الولايةِ لِتُنذِرَ بالقرآنِ اُمّتك و تُذَكِّر بهِ المُؤمنين‌ ،

( ‌إتّبعوا ما اُنزِلَ إليكم من ربّكم و لا تَتّبِعوا من دونِهِ أولياءَ قليلاً ما تَذَكّرون )

أيّها المُسلِمونَ اتَّبِعوا ما اُنزِلَ إليكُم مِن ربّكم في ولايةِ عليٍّ و وُلدِهِ (ع) و لا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أولياءَ و خُلَفاءَ بالشّوريٰ و الإختيار قليلاً ما تَتَذَكّرونَ لزومَ إتّباعِ وليِّ الله !

(‌ وَ كَم مِن قريةٍ‌ أهلكناها فجاءَها بَأسُنا بياتاً أَو هُم قائِلون )

فليتذكّروا عذابَ اللهِ لو.يُخالِفونَ أمرِهِ فَكَم مِن قريَةٍ و أهلها أهلكناها قَبلَهُم بعِصيانها فجاءَها عذابُنا ليلاً أو حين كانوا هُم في قيلولَةٍ النّهار ،

(‌ فما كانَ دعواهُم إذ جاءَهُم بأسنا إلاّ أن قالوا إنّا كُنّا ظالمين )

فحينما جاءَهُم عذابُنا فما كانَ إدّعاءهم و قولهم من دون إيمانٍ حينما جاءَهم عذابُ اللهِ سويٰ أن قالوا واعتَرَفوا إنّا كُنّا ظالمينَ عاصين ،

( فَلَنَسألَنَّ الّذين اُرسِلَ إليهِم و لَنَسْألَنَّ المُرسَلين )

فبالتأكيد يوم القيامة سَنَسألُ ملائكة العذاب الّذين اُرسِلوا إليهم عَن أداءِ واجِبِهم و لَنَسألَنَّ المُرسَلين عن تبليغ الرِّسالَةِ إليهم ،

( فَلَنَقُصَّنَّ عليهم بِعِلمٍ و ما كُنّا غائِبين )

ثُمَّ سنشرَحُ لهُم قِصّة تاريخِهم بعِلمٍ تامٍّ بأحوالِهم و أفعالِهم و مَصيرِهم حتّيٰ لا يَبقيٰ مَجالٌ لِلشَّكِّ والإنكارِ حيثُ لم نَكُن غائبين عنهُم بل حاضرين ،

( والوَزنُ يومئذٍ الحَقّ فَمَن ثَقُلَت موازينُهُ فاُولئكَ هُمُ المُفلِحون )

فاعلَموا أنَّ الوَزنَ و الميزانَ لِلأعمالِ‌ يوم القيامة هو قطعيٌ يقينيٌ و بالعَدلِ و الحَقِّ فَمَن ثَقُلَت موازينُهُ بالولايةِ و بالصّالحاتِ فاُولئك هُمُ الفائِزونَ بالجَنّه ،

( وَ مَن خَفَّت مَوازينُهُ فاُولـٰئِكَ الَّذينَ خَسِروا أنفُسَهُم بمِا كانوا بآياتِنا يَظلِمون )

وَ‌مَن خَفَّت موازينُهُ مِنَ الوِلايةِ والصّالحاتِ فاُولئك هُمُ الّذين خَسِروا أنفُسَهم حيثُ سَتُحرَقُ بالنّارِ بما كانوا بآياتِ اللهِ النّازِلةَ بِشأنِ آلِ مُحمّدٍ (ص) يُنكرون وَ يَظلِمونَ آلَ مُحمّدٍ (ص)

( وَ‌ لَقد مَكنّاكُم في الأرض وَ جعلنا لَكُم فيها مَعايِشَ قليلاً ما تشكرون )

و بالتأكيد بِبَركَةِ ولاية مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) أيّها النّاس مكنّاكم في الأرضِ بَعدَ أن كنتُم غير مُتَمَكِّنينَ و جعلنا لكم فيها مَعايَشَ و أرزاقاً قليلاً ما تشكرونَ نِعمة الولاية ،

( وَ لَقد خلقناكُم ثُمّ صَوّرناكم ثُمّ قُلنا لِلمَلائكة اسجدوا لآِدم )

وَ تذكّروا لَقَد خلقناكم أوّل مَرّةٍ حينما خلقنا أبيكم آدمَ من طينٍ عليٰ شكلِ إنسانٍ ثُمّ نَفَخنا فيهِ مِن روحِنا و أودَعنا في صُلبِهِ مُحمّداً و آلِهِ (ص) و أنتُم ثُمّ قُلنا للملائكةِ اسجُدوا لهُ لأِنّه أبٌ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ فَسَجَدوا إلاّ إبليس لم يَكُن من السّاجدين )

فالملائكة كلّهُم أطاعوا و سَجَدوا تكريماً لِمُحَمّدٍ و آل مُحمّدٍ و شُكراً عليٰ آلاءِ اللهِ و أياديهِ بِهِم عليهم ما عَديٰ إبليس كانَ جِنِّياً في صَفِّهِم عَصيٰ وَ لم يكُن مِنَ السّاجدين مَعَهُم ،

( قال ما مَنَعكَ ألاّ تَسجُد إذ أمرتُك ؟ قال : أنا خيرٌ منهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طينٍ )

قالَ اللهُ ما مَنَعكَ يا إبليسُ أن لا تَسجُد حيثُ أمَرتُكَ بالسّجودِ لي شُكراً ؟ قالَ اللّعينُ أنا خيرٌ منهُ لأِنّهُ جَهِلَ بأنَّ في صُلبِهِ مُحمّدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) فَعَمِلَ بالقِياس قائِلاً خَلَقتَني مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طينٍ وَالنّارُ خيرٌ من الطّين !

( ‌قالَ‌ فاهبِط مِنها فَما يكونُ لَكَ أن تَتَكبَّر فيها فاخرُج إنّكَ مِنَ الصّاغرين )

قال اللهُ‌ تعاليٰ لهُ : فاهبِط منَ السّماواتِ مِن دَرَجَةِ الملائكة و أسقُط فما يكونُ لكَ أن تَتَكبَّر فيها عليٰ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فاخرُج مِن رَحمَةِ الله إنّكَ مِنَ‌ الذّليلين ،

( قالَ : أنظِرني إليٰ يومِ يُبعَثون )

قال إبليسُ ربّي اُريدُ جزآءَ عباداتِيَ السّابِقَةِ و أنتَ‌ عادِلٌ فاجعَل جزائي عليها أن تُمهِلَني إليٰ يومِ القيامةِ حيثُ يُبعَثونَ آدمُ و جميع نسلِهِ ،

( ‌قالَ‌ إنّكَ مِنَ المُنظَرين )

قال اللهُ تعاليٰ بَليٰ أنا عادِلٌ لا اُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ فإنّكَ عَبدتَني سِتّةَ آلافِ سَنَةٍ فإنّكَ مُنظَرٌ ءإذاً إليٰ سِتّةِ آلافِ سَنَةٍ حتّيٰ قيامِ القائِم المَهديّ (ع) لا حتيّٰ يُبعَثون ،

( ‌قالَ فَبِما أغويتَني لَأقعُدَنَّ لهُم صِراطَكَ المُستَقيم )

فَقال إبليس : ألآنَ وحيثُ أمهَلتَني فَبِما أمرتَني للسّجود فغويتُ بالعِصيان سأقعُدَنَّ لِنَسلِ آدمَ لِاُغويَنّهُم عَن صراطِكَ المُستَقيم صِراطَ ولايةِ مُحمّدٍ و‌ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( ثُمَّ لآتِينَّهُم مِن بَيْنِ أيديهِم و مِن خَلفِهِم و عَن أيْمانِهِم و عَن شمائِلِهم و لا تَجِدُ أكثرَهُم شاكرين )

ثُمَّ لآتينّهُم مُوَسوِساً لهُم مِن بَيْنِ أيديهِم و مِن خَلفِهم و عن يمينِهم و عن شمالِهم فأصرِفُهُم عن صراطِ الولايةِ المُستقيم فلا تَجِدُ أكثَرَهُم شاكرينَ لِنعمة الولاية ،

( قالَ اخرُج منها مَذؤماً مَدحوراً لَمَن تَبعكَ منهم لَأملأنَّ جهنّمَ مِنكُم أجمعين )

قال الله تعاليٰ :اُخرُج من رحمتي ممقوتاً تُذَمُّ و مَحروماً مِنَ الجنّةِ وَالسّعادة مُبعَداً عنهما اُقسِمُ بأنّ مَن تَبِعَكَ منهم لَأملأنَّ جَهنّمَ مِنكُم أجمعين يا مُستكبرين عن ولايةِ مُحمّدٍ و آلهِ الطّاهرين (ع) ،

( وَ يا آدَمُ اسكُن أنتَ و زوجُكَ الجنّة فَكُلا من حيثُ شِئتُما )

وَ قال الله تعاليٰ : يا آدمُ اسكُن أنتَ و حَوّا زوجتك في الجنّةِ لِأنَّ في صُلبِكَ الأنوار الأربَعَة عَشَر فَكُلا مِن طعامها و ثِمارها من حيثُ أردتُما ،

( وَ لا تَقرُبا هذهِ الشجرةَ فتكونا من الظالمين )

وَ لكن أَنهاكُما نَهيَ إرشادٍ و تنزيهٍ لا نَهيَ حُرمَةٍ وَ تَكليفٍ أن لا تَأكُلا من شَجَرةِ الحِنطة فَفيها الغريزةُ الحيوانيّةُ فَتكونا مِنَ الظّالمين لِأنفُسِكما إذ تُخرَجانِ مِنَ الجَنّةِ لِلتّوالُدِ وَ التَّناسُل ،

( فَوَسوَسَ لَهُما الشيطانُ ليُبديَ لهما ما وُرِيَ عَنهُما مِن سوآتِهما )

و كان إبليسُ لَم يُطرَد من الجنّةِ فَوَسوَسَ لآِدم و حوّاء يُريدُ أن يُحرِمَهُما السّعادَةَ و بِالأكلِ مِنَ الحِنطَة يُبدي لَهُما العَورتَيْن بَعد ما كانا بريئَين من منظرها السَيِّيء ،

(‌ وَ قالَ مانَهاكُما ربّكُما عن هذهِ الشجرةِ إلاّ أن تكونا مَلَكَيْنِ أو تكونا مِنَ الخالِدين )

فَقال لهما إنّما نَهاكُما رَبُّكما مِن أكلِ الحِنطةِ مِن هذهِ الشجرة لِكي لا تكونا خالِدَيْن في الجَنّةِ فَلا بُدّ أن تأكُلا مِنها لِتَسعَدا ،

( وَ قاسَمَهُما إنّي لكُما لَمِنَ النّاصِحين )

وَ أقسَمَ إبليسُ باللهِ لَهُما إنّهُ يُريدُ سَعادَتِهِما وَ إنّهُ لَهُما مِنَ النّاصحين المُشفقين وَ لا يَنوي لَهُما سوءاً ،

( فَدَلاّهُما بِغرورٍ فَلمّا ذاقا الشّجَرةَ بَدَت لَهُما سوآتهما وَ طَفِقا يَخصِفانِ عليهِما مِن وَرَقِ الجَنّةِ )

فَدَلّيٰ إبليسُ آدمَ و حَوّا بِتَغريرِهِما بالجَهلِ عليٰ الشَّجرَةِ فلمّا ذاقا منها ظَهَرت الغريزةُ الحيوانيّةُ فيهما و بَدَت عورتَيْهما فاستَحَيا فَأخذا يَلزِقانِ عليهما مِن وَرَقِ الجَنّةِ ،

( وَ ناداهُما ربُّهما ألَم أنهَكُما عن تِلكما الشَّجَرة و أقُل لكما إنّ الشيطانَ لكما عَدوٌّ مُبين ؟ )

فَناداهُما اللهُ تعاليٰ قائِلاً ألَم اُرشِدُكما أن لا تأكُلا مِن تِلك الشّجَرَةِ لأِنّها شَجَرةُ الغريزةِ الحيوانيّةِ و قُلتُ لكما إنّ الشيطانَ ليسَ بناصحٍ لكما بَل عَدوٌ لكما بَيِّنٌ ،

( ‌وَ‌قالا رَبّنا ظَلمنا أنفُسَنا وَ إِن لَم تَغفِر لَنا وَ ترحَمنا لَنكونَنَّ مِنَ الخاسرين )

قالا : إلهَنا وَ‌ربَّنا ظَلَمنا أنفُسَنا بِأكلِنا مِن شَجَرةِ الغريزة الّتي لازِمُها الخروجُ مِنَ الجنّةِ للتّوالُدِو التَّناسُلِ و إن لم تَغفِر لنا زِلَّتَنا و تَرحَمنا بِلُطفِك لنكونَنَّ من الخاسرين للجنّة إليٰ الأبَد ،

( قالَ اهبِطوا بعضكم لبعضٍ عَدوٌ و لكم في الأرضِ مُستَقَرٌّ و متاعٌ إليٰ حين )

قالَ اللهُ تعاليٰ : إهبِطوا منها يا آدم و حوّاء و إبليس إليٰ الأرض وَ لِيكُن بعضكم لبعضٍ عدواً يا آدم و إبليس وَ‌ لَكُم في الأرض مُستَقَرٌّ و رِزقٌ إليٰ حين قيامِ‌ القائِم (ع) ،

( قالَ فيها تَحيُون وَ‌ فيها تَموتون وَ‌ مِنها تُخرَجون )

وَ‌ قالَ اللهُ تعاليٰ : في الأرض تَحيُون و تَعيشونَ بالتّوالُدِ و التّناسُلِ و فيها تموتونَ جميعاً وَ‌ مِنها تُخرَجون للحسابِ يوم القيامةِ ،

(‌ يا بَني آدمَ قد أنزلنا عليكم لِباساً يُواري سوآتِكُم و ريشاً )

يا أيّها النّاس يا أولادِ‌ آدم قَد مَنَنّا عليكُم فأنزَلنا من الجنّة إليٰ الأرض الغَنَم كي تَتّخِذونَ مِن جلودِها و أصوافِها لباساً يَستُرُ عوراتِكم كما أنزلنا الطّيرَ تَستَفيدونَ مِن ريشِهِ ،

(‌ وَ لباسُ التّقويٰ ذلك خيرٌ ذلك من آياتِ اللهِ لعلّهم يَذَكَّرون )

فَكما أنّ اللّباسَ يَستُرُكم و يكونُ زينة لكُم فالأفضلُ مِنهُ والأحسَن هو لباسُ التّقويٰ والتَّحَلّي بهِ و ذلك اللّباسُ هوَ مِن دلائِلِ الإيمان باللهِ لعلّهم يَتذَكّرونَ ولايةَ محمّدٍ و آلِهِ (ص) ،

( يا بَني آدَم لا يفتِنَنّكم الشّيطانُ كما أخرَجَ أبوَيْكم من الجنّة يَنزِعُ عَنهُما لباسَهُما لِيُرِيَهُما سوآتهما )

يا أولاد آدم لا يوقِعَنّكُم الشيطانُ في الفِتنَةِ فيُضِلّكم كما أخرَجَ أبويْكم من الجنةِ بالفِتنَةِ والوَسوَسَةِ حَسَداً منهُ لهُما لِيَنزِعَ عنهما لِباسَ الجّنةِ و يُرِيَهُما عور اتهما ،

( إنّهُ يراكُم هوَ و قبيلُهُ مِن حيثُ لا تَروْنَهم إنّا جَعلنا الشّياطينَ أولياءَ لِلّذين لا يؤمِنون )

إنّ الشيطانَ يراكم هوَ و رَبعُهُ مِن حيثُ لا تُشاهدونهم فاحذَروهم إنّا جعلنا الشّياطينَ أولياءَ لِلّذين لا يُؤمنون بولايةِ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ‌ (ص) و مَن كان الشيطان وليُّهُ فهو شيطانٌ ،

( و إذا فعلوا فاحِشَةً قالوا : وجَدَنا عليها آباءَنا واللهُ أمَرنا بها )

و هؤلاءِ أتباعُ الشياطين إذا فعلوا فاحِشَةً يقولون بالجَبْر و يقولون إنّا وَجَدنا عليها آباءَنا فاتّبَعناهم واللهُ أمَرنا باتِّباعِهم و أجبَرَنا عليها ،

( قُل : إنّ اللهَ لا يأمُرُ بالفحشاءِ أتقولونَ عليٰ اللهِ ما لا تعلمون )

قُل لهم يا حبيبي : إنّ اللهَ لم يُجبِركم بَل خَلَقَكُم مختارين و نهاكُم عن الفحشاءِ فهو لا يأمُرُ بالفحشاءِ أتقولونَ عليٰ اللهِ ما لا تعلمونَ إنّهُ يُنافي عدلَهُ و حكمتَهُ ،

(‌قُل أمَر ربّي بالقِسط وَ‌أقيموا وُجوهَكُم عند كُلِّ مَسجدٍ وَ ادعوهُ مُخلِصين لهُ الدّين كما بَدَأكُم تعودون )

قُل لهم أمَر اللهُ بالعَدلِ فكيفَ يأمُرُ بالفحشاءِ و أقيموا وجوهَكُم إليٰ اللهِ عِندَ كلِّ صلاةٍ واعبُدوهُ مُخلصينَ لهُ الدّينَ مِنَ الرّياءِ والبِدعَةِ الّتي أدخَلَها خلفاءِ الجَوْر كما بَدأءَ خلقكم يبعثكم ،

(‌ فريقاً هَديٰ و فريقاً حَقَّ عليهِمُ الضَّلاله )

فريقاً و طائِفةً مِن اُمّةِ الإسلام هَداهُم اللهُ بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و هُم الشّيعه و فريقاً آخَرَ غيرِ الشّيعة حَقَّ عليهم أن يتركهم في الضّلالَةِ بعنادِهِم

( إنّهُم اتّخَذوا الشّياطينَ أولياءَ مِن دونِ اللهِ و يحسبون أنّهم مُهتَدون )

فالفريقُ الضّالُّ مِنَ المسلمين هُمُ الّذين اتّخَذوا الشياطينَ مِنَ الإنسِ خُلَفاءَ الجورِ أولياءَ مِن دونِ اللهِ و رسولِهِ و أهل البيت (ص) و يَحسَبون أنّهم بِتَركِ ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) مُهتَدون !

( يا بَني آدمَ خُذوا زينَتَكم عِندَ كلّ مَسجَدٍ )

يا أولادِ آدم الّذي قُلنا إنَّ لباس التّقوي خيرٌ لهم منَ الثّيابِ خُذوا زينتكم لباسَ التُّقيٰ وَ وِلايةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) عِندَ كلِّ صلاةٍ و طَوافٍ و عبادَةٍ لأِنّها شرطُ قبولِها ،

(‌ وَ‌ كُلوا وَاشرَبوا وَ لا تُسرِفوا إنّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفين )

يا بني آدم كلوا واشرَبوا مِمّا أحَلَّ اللهُ لكم بعدَ إخراجِ الخُمسِ و الزّكاةِ بِحَدِّ الحاجَةِ والضّرورَةِ و لا تُسرِفوا في المَأكَلِ و المَشرَبِ و في الأكلِ والشُّربِ إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُسرفين ،

( قُل مَن حَرَّمَ زينةَ اللهِ الّتي أخرَجَ لِعبادِهِ والطيّباتِ من الرّزق ؟)

قُل لهم يا حبيبي : لماذا تُحرِّمونَ المِتعَةَ ؟ مَنِ الّذي حَرَّمَ زينةَ اللهِ الّتي أخرَجها و شَرَّعها لِعبادِهِ و حَلّلها إليٰ يومِ القيامةِ كي تقولون بِحُرمَتها ؟ و مَنِ الّذي حَرَّم الطَيّبات ؟؟؟

( قُل هِيَ لِلّذين آمَنوا في الحياةِ الدُّنيا خالِصةً يوم القيامَةِ كذلك نُفَصِّلُ الآياتِ لِقومٍ يعلمون )

قُل إنَّ الطيّبات هي خَلَقَها اللهُ و أحلَّها لِلّذينَ آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص) و إن اشتَرَكَ مَعَهُم غيرَهُم لكنّها خالِصةٌ لهُم يوم القيامةِ هكذا نَشرَحُ الآياتِ لِقومٍ يعلَمون الحلالَ و الحَرامَ ،

( ‌قُل إنّما حَرَّمَ ربّيَ الفواحِشَ ما ظَهَر منها و ما بَطَنَ والإثمَ والبَغيَ بغيرِ الحَقّ )

قُل لَهُم يا حبيبي : إنّما حَرَّم ربّي الزِّنا وَ اللِّواطَ وَ المُساحَقَةَ و القِيادَةَ ما ظَهَر و اُعلِنَ منها وَ ما خَفِي سِرّاً و بَطَن ، و حَرَّمَ الإثمَ وَ‌المَعصِيةَ وَ حَرَّم البَغيَ وَالظُلمَ وَ لَم يُحرِّم المِتعة ،

( وَ‌ أن تُشرِكوا بالله ما لَم يُنزِّل بِهِ سُلطاناً وَ‌ أن تَقولوا عليٰ اللهِ ما لا تعلَمون )

وَ حَرَّم عليكم ربّيَ الشِّركَ بِأنواعِهِ بأن تُشرِكوا باللهِ بطاعَةِ خلفاءِ الجَوْرِ ما لَم يُنزِّل عليهِ دليلاً تُرَخِّصُه كالتّقيّةِ و حَرَّمَ عليكُم أن تقولوا عليٰ اللهِ ما لا تعلَمون فيكونُ كِذباً عليٰٰ الله ،

( وَ لِكلِّ اُمّةٍ أجَلٌ فإذا جآءَ أجلهم لا يستأخِرونَ ساعةً و لا يَستَقدِمون )

لكلّ اُمّةٍ مُدّةٌ مُعيّنةٌ لِعذابها و لِلاُمّة الإسلاميّةِ أجَلٌ مُحَدَّدٌ  مُعيَّنٌ يَظَهرُ فيهِ المَهديّ من آل مُحمّدٍ (ص) فإذا جاءَ لا يستأخِرونَ عنهُ و لا يَستَقدِمونَ‌ عليهِ ساعةً فلا ينجون مِن سيفِهِ ،

(‌ يا بَني آدَمَ إمّا يأتينَّكم رسُلٌ مِنكُم يَقصّون عليكم آياتي ؟)

فيقول الله تعاليٰ حينئذٍ يا أيّها النّاس ألَم تُتَمُّ عليكم الحُجّةُ ؟ ألَم يأتيكم رسُلٌ أئِمّةٌ معصومين من بعد رسول الله (ص) هُم منكم لا مِن الملائِكة يَشرَحون لكم القرآنَ و يُفسِّرونَهُ ؟؟؟

( فَمَن اتّقيٰ و أصلَحَ فلا خوفٌ عليهم .و لا هُم يَحزَنون )

فالأنَ و عندَ قيامِ القائِمِ و ساعة الإنتقامِ فَمَن اتّقيٰ و أصلَحَ في العَمَل بالتَمَسّكِ بولايةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فلا خوفٌ عليهم مِنَ المَهديّ (ع) و لا هُم يحزَنونَ بِظهورِهِ بَل يَفرَحون ،

( ‌والّذين كذّبوا بآياتِنا واستَكبَروا عنها أولئِكَ أصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدون )

و أمّا الّذين كذّبوا بآياتِ اللهِ النّازلةِ بشأنِ آل محمّدٍ (ص) واستَكبَروا عن إطاعَتِهِ والتمسّك بولايتهم أولئِكَ عليهم الخوفُ منهُ و يحزَنونَ مِن ظهورهِ ثُمّ يقتُلُهُم فيذهبونَ إليٰ الجحيم يَخلُدونَ فيها ،

(‌ فَمَن أظلَمُ مِمَّن افتريٰ عليٰ اللهِ كَذِباً أو كذَّبَ بآياتِهِ أولئِك ينالُهُم نصيبُهُم مِنَ الكتاب )

فيا حبيبي مَن يكونُ أظلَمُ مِمَّن افتريٰ عليٰ اللهِ قائِلاً بأنّهُ لَم يَنصِبُ عليّاً (ع) لِلخلافَةِ و الإمامَةِ أو كَذَّبَ بآياتِ اللهِ النّازلةِ بشأنِهِ فهو أظلَمُ النّاس و لا يَنالُ عهدي الظّالمين أولئِك الظَّلَمَةُ لهُم نصيبُهُم مِمّا قُدِّرَ في اللّوحِ المَحفوظِ مِن مكاسِبِ الدّنيا فقط ،

( ‌حتّيٰ إذا جاءَتهُم رسُلنا يتوَفّونهم قالوا أين ما كنتُم تدعونَ مِن دونِ الله ؟)

فيستَمتِعونَ بالدّنيا حتّيٰ إذا جاءَتهم ملائكتُنا عزرائيلَ و أعوانِهِ يُهلِكونَهم قالوا لهم أين الآنَ ما كنتُم تَدعونَ مِن دونِ اللهِ أولياءَ لِيُخَلِّصوكم ؟؟؟

( قالوا : ضَلّوا عنّا و شَهِدوا عليٰ أنفُسِهم أنّهم كانوا كافرين )

فيُجيبونَ مَلَك الموت قائِلين : غابوا عنّا و لم يَحضرونا حينَ نزعِ أرواحِنا فليسوا كما كُنّا نعتقد فيهم بأنّهم شفعاؤنا و شهدوا عليٰ أنفسهم أنّهم كانوا كافرين بولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص)

( قال ادخلوا في اُمَمٍ قَد خَلَت مِن قَبلِكُم مِن الجنّ و الإنس في النّار )

و بعد الموت يُبعَثون فيقول لهم قسيمُ الجنّةِ و النّار عليّ بن أبيطالب (ع) اُدخلوا مع اُمَمٍ سبقوكم في تاريخ الدّنيا بالكفر من الجنِّ و الشياطين و الإنس في نار جهنّم ،

(‌كلّما دخلت اُمّةً لعنت اُختها حتيٰ إذا ادّاركوا فيها جميعاً قالت اُخراهُم لأِولادِهُم )

فهؤلاء المخالفين لولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) كلّما دَخَلَت منهم جماعةٌ في النّار لَعَنت جماعةً اُخريٰ يرونهم فيها حتّيٰ إذا تلاحقوا فيها جميعهم قالت الجماعةُ التابعةُ للعصابةِ الاُوليٰ المتبوعَةِ لعنة الله عليكم ،

( رَبّنا هؤلاء أضلّونا فآتِهم عذاباً ضِعفاً من النّار )

ثُمَّ يصرخون : ربّنا هؤلاء الخُلَفاءِ و الولاةِ هُمُ الذين أضلّونا عن ولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فأعطِهم عذاباً مُضاعَفاً من عذاب نار جهنّم ،

( قالَ‌ لِكُلٍّ ضِعفٌ و لكن لا تعلمون )

حينئذٍ يقول لهم عليّ بن أبيطالب (ص) قسيم النار بَليٰ لِكُلٍّ منكم ضِعفٌ من عذاب النّار أَلخُلَفاء و أنتُم و لكن لا تعلَمون أنتُم مِن قَبلُ ،

( و قالَت اُولاهُم لاُِخراهُم فما كان لكم علينا مِن فضلٍ فذوقوا العذاب بما كنتُم تكسبون )

و قالت الجماعة الاُوليٰ من المُخالفين لآِل محمدٍ (ص) و هُم وُلاةِ الجَوْر و الخُلفاء للجماعةِ الأخيرةِ و هُم أتباعَهُم ما كان لكم بِاتّباعِكُم لنا فضلٌ علينا فذوقوا العذابَ جزاءً بما كنتم تكسبون مِنَ الإِثْم ،

( ‌إنّ الَّذين كَذَّبوا بآياتنا وَاستكبروا عَنها لا تُفَتّحُ لَهُم أبواب السمآء )

بالتأكيد إنّ الذين كذّبوا بآيات الله النازِلَةِ بَشَأن أهلِ البَيْت (ع) وَاستكبروا عن إطاعتها و موالاتهم عندما يموتون لا تُفَتّحُ لأِرواحِهم أبواب السمآءِ بل ينزلون إليٰ بَرَهوت ،

( وَ لا يدخُلونَ الجَنّةَ حتّيٰ يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخياط وَ كذلكَ نَجزي المُجرمين )

وَ‌ هؤلاء لا يَدخُلوُن الجَنّةَ‌ بِنحو الإستحالة كما يَستحيلُ أن يَلِجَ الحَبلُ في ثَقبِ الإبرةِ فمُحالٌ دخولُهُم الجَنّة و ذلك هُوَ جَزاءُ المُجرمينَ بِتركِ ولايةِ آل مُحمّد (ص) ،

( لَهُم مِن جَهنَّمَ مِهادٌ وَ مِن فَوقِهِم غَواشٍ وَ‌كذٰلكَ‌ نَجزي الظّالمين )

لهم من طبقات جهنّم الحريق فِراشٌ و موضعُ قَدَمٍ و من فوق رؤسِهم أعْطيّةٌ من نارٍ و هكذا يجزي الله الظّالمين لآِل مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم ،

( والّذين آمنوا وَ‌ عَملوا الصالحات لا نُكَلِّفُ نَفساً إلاّ وُسعَها أولئِكَ أصحابُ الجنّة هُم فيها خالدون )

وَ أمّا الّذين آمنوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالحات عليٰ سُنّتِهم و مذهبهم لا نُكَلِّفُ نفساً منهم إلاّ وُسعَ طاقَتِها أولئك الشّيعة أصحابُ الجنّة هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد ،

( وَ نَزعنا ما في صدورِهِم مِن غِلٍّ تجري من تحتِها الأنهار )

وَ الشيعةُ المؤمنونَ في الجنّةِ نَنزِعُ ما في صدورِهِم مِن حِقدٍ كان بَيْنَهم في الدُّنيا بِسَبَبِ الشيطان وَ هُم في قُصورٍ تجري مِن تَحتِها الأنهار ،

( وَ قالوا الحمدُ لِلّهِ الّذي هَدانا لِهذا وَ‌ ما كُنّا لِنَهتدي لو لا أن هَدانا الله لَقَد جاءَت رُسُلُ ربّنا بالحَقّ )

وَ‌ عندما يَرَوْنَ النِّعَمَ والفَوزَ يقولون : ألحمدُ لِِلّهِ‌ الذي هدا لِهذا بولايةِ مُحمّدٍ‌ وآل مُحمّدٍ (ص) وَ ما كُنّا لنهتدي لَولا أن هَدانا اللهُ لِولايةِ آل مُحمّدٍ‌ (ص) لَقَد جاءَت دَعوة النَّبيّ وَ الأئمّة (ع) بالحَقّ ،

(‌ وَ‌ نوُدوا أن تِلكُمُ الجنّةُ اُورِثتُموها بِما كنتُم تَعمَلون )

وَ يُناديهم النّبيّ و الأئمّة (ع) يا شيعةَ آل مُحمّدٍ (ص) تِلكَ هي الجنّةُ الَّتي كنّا نَعِدُكُم بها اُورِثتُموها بِما كنتم تعملون مُتَمسّكين بِولايَتِنا ،

(‌ وَ ناديٰ أصحاب الجنّة أصحاب النّار أَن قَد وَجَدنا ما وَعَدَنا ربّنا حَقّاً فَهَل وَجَدتُم ما وَعَدَ ربّكم حقّاً ؟ )

ثُمَّ يُنادي الشيعةُ أصحابُ الجنّةِ أعداءَهُم أصحابَ النّارِ وَ‌ يَقولونَ : إنّا قد وَجَدنا ما وَعَدَنا ربّنا حَقّاً فَهَل وَجَدتُم ما وَعَدكم ربُّكُم مِنَ العَذابِ حَقّاً ؟

(‌ قالوا نَعَم فأذّنَ مُؤذِّنٌ بَينَهُم أن لعنة اللهِ عليٰ الظّالمين )‌

فيُجيبونهم أعداءَهم قائلين : نَعَم وَجَدنا عذابَ اللهِ حقّاً فحينئذٍ يُنادي مُنادٍ من ملائكةِ النيران بينهم أن لعنة اللهِ الأبديّةِ عليٰ الظّالمين لآِلِ مُحمّد (ص)‌ ،

(‌ أَلّذينَ يَصدّون عَن سَبيلِ الله وَ يَبغونَها عِوَجاً وَ هُم بالآخرةِ كافِرون )

لعنة اللهِ عليٰ الّذين يَصُدّون النّاسَ عن ولايةِ آل مُحمّدٍ‌ (ص) سبيل اللهِ الَّذي أمَرَ بِسلوكِهِ وَ يَبغونَ السّبيلَ مُنحرفاً عنهُم وَ هُم بِالآخرةِ كافِرون بِتَركهم ولاية آل مُحمّد (ص) ،

( وَ بينهما حجابٌ وَ عليٰ الأعرافِ رجالٌ يعرفون كُلاًّ بسيماهُم )

وَ‌ بين الجنّةَ‌ والنّارِ سورٌ يحجب بينهما وَ عليٰ سور الأعرافِ المُحيطِ بالجنّة رجالٌ معصومون من أهل البَيْت (ص) يَعرِفون كُلاًّ مِنَ الشّيعة بسيماهُم

( وَ نادَوا أصحاب الجنّه أن سلامٌ عليكُم لَم يَدخلوها وَ هُم يَطمعون )

وَ يُنادون أصحاب الجنه آل مُحمّدٍ المعصومين أن سلامٌ عليكم يا أهل بيتِ النُّبُوّه و مَعدِنَ الرّسالة حينما يَرَوْنَهم عليٰ الأعراف و يَقِفونَ لِيُشاهِدوا أئِمَّتهُم و لم يدخلوا الجنّة مع طَمَعِهِم بِدخلولها شَفَناً بِهِم ،

( وَ إذا صُرِفَت أبصارهُم تِلقاءَ أصحاب النّار قالوا ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )

وَ‌ إذا صُرِفَت أبصار الشّيعة تِجاهَ أصحابِ النّار يقولون : ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين لمحمدٍ و آل محمدٍ (ص) ، ألتّاركين لولايتهم ،

( وَ ناديٰ أصحابُ الأعرافِ رجالاً يعرفونَهُم بسيماهُم قالوا : ما أغنيٰ عنكم جمعكم و ما كنتُم تستكبرون )

وَ ينادي الأئِمّةُ المعصومينَ من أهل البيتِ (ع) مِن فوق الأعرافِ رجالاً من خُلفاءِ الجَوْر يعرفونهم بسيماهُم قائِلين لهم ما أغنيٰ عنكم إجتماعكم ضِدّنا وَ ما كنتم تستكبرون عم ولايتنا ،

( أهؤلاءِ الَّذين أَقسمتُم لا ينالهم اللهُ بِرَحمةٍ ادخُلوا الجنّة لا خوفٌ عليكُم و لا أنتُم تَحزَنون )

و يقولونَ‌ لهم أهؤلاءِ تَرَوْنهم شيعتنا الّذين أقسَمتُم لا يَنالُهُم اللهُ بِرَحمةٍ منهُ فهاهُم نالوها ثُمّ يقولونَ لِلشّيعة ادخُلوها الجَنَّةَ لا خوفٌ عليكم من أعداءِكم و لا أنتُم تحزَنونَ فيها ،

( ‌و ناديٰ أصحابُ النّارِ أصحابُ الجنّةِ أن أفيضوا علينا مِن الماءَ أو ممّا رَزَقكُمُ الله ‌)

و بَعد ذلك يُنادي أصحابُ النّارِ أصحابَ الجنّةِ من شِدّةِ العَطَش و حَرارَةِ النّار أفيضوا علينا الماءَ و دَعوُهُ يتَفايَض فَيَصِل إلينا أو أفيضوا علينا مِمّا رزقكم الله من الخَمرِ و العَسَلَ و اللَبَن ،

( ‌قالوا : إنَّ اللهَ حَرَّمهُما عليٰ الكافرين )

فيُجيبونَهُم أصحابَ الجنّة قائلين كلاّ إنّ اللهَ حَرَّمَ مياهُ الجنّةِ و أشرِبَتَها عليٰ الكافرين بهِ و بولايةِ محمدٍ و أهل بيتهِ (ع) ، موتوا عَطَشاً !!!

( ألّذين اتّخَذوا دينهم لهواً و لَعِباً و غَرَّتهم الحياةُ الدّنيا )

فهي مُحرَّمَةٌ عليٰ الّذين اتّخَذوا دينَ الإسلام ألعوبَةً يُحَرِّمونَ حلالَهُ و يُحَلِّلونَ حَرامَهُ كما يَشتهونَ واغتَرّوا بِمَلَذّاتِ الحياة الدّنيا و شَهَواتها

( فاليومُ ننساهُم كما نَسوا لِقاءَ يومِهم هذا و ما كانوا بآياتِنا يجحدون )

فاليومَ ننساهُم من رحمتنا و نتركهم في عذابنا كما نَسواهُم لِقاءَ يومهم هذا مع أنّنا حذّرناهُم ذلك و بما كانوا بآياتِنا النازلةِ بشأنِ آلِ محمدٍ (ص) يَجحَدون‌ ،

( وَ لَقد جئناهُم بكتابٍ فَصّلناهُ عليٰ هُديًٰ و رَحمةً لِقومٍ يؤمنون )

و لقد جئناهُم بالقرآن كتابَ الله شرحناهُ لهم بواسطةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) عليٰ عِلمٍ منهم بِتَفسيرِهِ كامِلاً ليكونَ هُديًٰ و رَحمَةً لقومٍ يُؤمنون بالقرآن و العِترة ،

( هَل ينظرونَ‌ إلاّ تويله يوم يأتي تأويلهُ يقول الذين نَسوهُ من قبلُ قد جاءَت رُسُلُ ربّنا بالحَقّ )

هل ينظرون سويٰ تَحَقُّقِ تأويل وعيد القرآن فيوم القيامة يأتي تأويلُهُ و يَتَحقَّق فحينئذٍ يقول الذين نَسوا القرآن مِن قبلُ قد جاءَت رسُلُ ربّنا محمّدٌ و آلُهُ (ع) بالحَقِّ ،

(‌ فَهَل لنا مِن شُفَعاءَ فيَشفعوا لنا أو نُرَدُّ فنَعمَل غيرُ الّذي كُنّا نعمَل قد خَسِروا أنفُسَهُم و ضَلّ عنهم ما كانوا يفترون )

فَهَل لنا اليوم مِن شفعاءَ مِن خُلَفاءِنا فَيَشفعوا لنا أو نُرَدّ إليٰ الدّنيا فَنَعمَل غير الذي كنّا نعمَلهُ بل نُوالي آلَ محمدٍ (ص) و هيهاتَ قد خَسِروا أنفُسَهم باحتراقِها في النّار و غابَ عنهم ما كانوا يفتَرونَ بأنّ الخِلافةَ بالشّوريٰ !!!

( إنّ ربّكم اللهُ الّذي خَلَقَ السّماواتِ و الأرضَ في سِتَّةِ أيّامٍ ثُمّ استويٰ عليٰ العرشِ )

إنّ خالقكم هو ربّكم الله الّذي خَلَقَ السّماواتِ‌ و الأرضَ في سِتّةِ مَراحِل و بعدَ إكمالها استويٰ عليٰ عرشِ القُدرَةِ و التّدبير و السّلطَنَة عليها ،

‌( يُغشي اللّيلَ النّهارَ يطلُبُهُ حثيثاً والشمسَ والقَمَر والنّجومَ مُسَخّراتٍ بأمرهِ )

يُدخِلُ اللّيل في النّهار و يطلُبُ النّهارُ اللّيلَ سريعاً والشمسَ والقَمَر وَ النجومَ جعلها مُسخّراتٍ بقُدرَتِهِ و إرادَتِهِ في مَدارٍ مُعيَّنٍ ،

( ألا لَهُ الخَلقُ وَ الأمرُ تَبارَكَ اللهُ ربّ العالمين )

فاعلموا أيّها الناس المخلوقين إنّ لِلّهِ الخَلقُ و لهُ الأمرُ والنَهيُ والتّشريعُ لا لِغَيرهِ فليسَ لِخُلفاءِ الجَوْر حَقُّ الأمرِ والنَهيِ تعاظَمَت بَرَكة اللهِ رَبّ العالمين ،

(‌ اُدعوا ربَّكُم تَضرُّعاً وَ خُفيَةً إنّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين )

أيّها النّاس أدعوا اللهَ ربّكم لِيَغفِرَ لكم بِتَضَرُّعٍ و خشوعٍ و تَذلُّلٍ و دُموعٍ و اُدعوهُ سِرّاً و في الأسحارِ إنّه لا يُحِبُّ المُعتَدينَ بِصَلاة التّراويحِ و صلاة الضُّحيٰ ،

(‌ و لا تُفسِدوا في الأرضِ بعدَ إصلاحها و ادعوهُ خَوفاً و طَمَعاً‌ إنّ رحمةَ اللهِ قريبٌ من المحسنين )

و لا تُفسِدوا في الأرضِ بِغَصبِ الخِلافَةِ مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) بعدَ إصلاحها بمُحمدٍ وَ آلِ مُحمّدٍ (ص) وادعوُا اللهَ خُوفاً من نارهِ و طَمَعاً في جَنَّتهِ إنّ رحمةَ اللهِ بالإستجابَةِ قَريبَةٌ من المُحسنينَ المُوالينَ لِمُحمدٍ و آلهِ (ع) ،

( وَ هُو الّذي يُرسِلَ الرّياحَ بُشراً بَيْن يَدَيْ رحمتهِ حتيٰ إذا أقَلّت سحاباً ثِقالاً سُقناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ )

وَ اللهُ سبحانَهُ هو الّذي يُرسِلُ الرّياحَ بشارةً بين يَدَيْ رحمة المَطَر الّذي يرحَمُ بهِ مخلوقاتِهِ حتيٰ إذا أقَلّت الرّياحُ غيوماً مُثقَلَةً بالماءِ سُقناهُ لِبَلَدٍ جافٍّ يابسٍ ،

( فَأنزَلنا بهِ الماءَ فَأخرَجنا بهِ مِن كُلِّ الثَّمَراتِ كذٰلك نُخرِجُ الموتيٰ لعلّكم تذَكّرون )

فَأنزَلنا بهِ الماءَ مَطراً و وَفراً و ثَلجاً فأخرجنا بهِ من كُلِّ الثّمراتِ و الزّروعِ فنُحيي الأرضَ و كذلك نُخرِجُ الموتيٰ كالزّرع يوم القيامة لعلّكم تتذكَّرونَ المَعاد ،

( وَ البَلَدُ الطَيِّبُ يخرُجُ نباتُهُ بإذنِ‌ ربّهِ والّذي خَبُثَ لا يَخرُجُ إلاّ نَكِدا )

وَ‌الأرض الصالحةِ لِلزَرعِ ألطيّبة تُرابها عند ما يُسقيها المَطَر يخرج نباتها بإذن الله والبَلَدُ الّذي خَبُثَت تُربَتُهُ لا يخرُجُ الزّرعُ فيهِ إلا شوكاً و حَطَب

( كذٰلك نُصرِّفُ الآياتِ لِقومٍ يَشكرون )

وَ هكذا نشرَحُ و نوضِحُ الآياتِ‌ النازلة بشأنِ ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) لقومٍ يشكرونَ نِعمَةَ ولايتهم فالإنسانُ الطيّبُ تُحييهِ الولايةُ بنورِها والخَبيثُ لا يَزدادُ إلاّ عِناداً ،

( لَقد أرسلنا نوحاً إليٰ قومهِ فقال يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكم مِن إلهٍ غيره إنّي أخافُ عليكم عذابَ يومٍ عظيمٍ )

وَ يا حبيبي تَذكَّر إذ قد أرسَلنا نوحاً إليٰ قومِهِ ليَدعوهُم فقال يا قوم :اعبُدوا اللهَ ليسَ لكم خالِقٌ غيرُهُ إنّي أخافُ عليكم إن عصيتُم عذابَ يومٍ عظيم الجزاء ،

( قالَ المَلَاءُ مِن قومِهِ إنّا لَنراكَ في ضَلالٍ مُبين )

فَقالَ لهُ رؤساءُ قومِهِ إنّا لَنراكَ في ضَلالَةٍ واضِحةٍ بَيّنةٍ لمُخالِفتك لِقومِك و خروجكَ عليٰ أصنامنا !!!

( ‌قالَ‌ يا قومِ ليسَ بي ضَلالة وَ لكنّي رسولٌ من ربِّ العالمين )

قال لهم نوحٌ يا قومي : أنا عليٰ هُديًٰ و ليس بي ضَلالةٌ إذ اُريدُ لكُم الخَيْر وَ‌ السَّعادة في الدُّنيا و الآخرةِ وَ‌ أنا رسولٌ عَليكُم من قِبَلِ ربّ العالمين

( اُبلّغنكم رسالاتِ ربّي و أنصَحُ لكم و أعلَمُ مِنَ الله ما لا تعلمون )

فأنا اُبلّغكم رسالاتِ ربّي ربّ العالمين و أنصَحُ لكم و اُريدُ لكم الخَيْر وَ السَّعادة و أعلَمُ من الله أنّهُ بعد الإبلاغ سيُعذّبكم بالعِصيان و أنتُم لا تعلَمون ،

( أوَ عَجِبتُم أن جاءَكم ذِكرٌ من ربّكم عليٰ رَجُلٍ منكم لِيُنذركم و لِتَتّقوا و لعلّكم تُرحَمون )

فهل تَعجَبونَ مِن أن جاءَكم وَعظٌ و نُصحٌ و إرشادٌ من ربّكم بوحيٍ عليٰ رَجُلٍ منكم ليُنذِركم عذابَ اللهِ كي تتّقوا اللهَ لعلّكم بالتّقويٰ تُرحَمون ،

( فَكذّبوهُ فَأنجيناهُ وَ‌الَّذين معَهُ في الفُلكِ و أغرَقنا الَّذين كذّبوا بآياتِنا إنّهم كانوا قوماً عَمين )

فكذّبوا نوحاً في دعويٰ الرسالة فأنجيناهُ والّذين معهُ في السفينةِ و أغرقنا بالطّوفانِ الّذينَ كذّبوا بآياتنا النازلة عليه إنّهم كانوا قوماً عَمينَ عنِ الحَقّ ،

( ‌وَ إليٰ عادٍ أخاهُم هوداً قال : يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لَكُم مِن إلـٰهٍ غيره أَفَلا تتّقون ؟ )

وَ‌أرسلنا إليٰ قومِ عادٍ أخاهُم من قبيلَتِهم هودُ النّبيّ قال : يا قومي اعبُدوا الله ليس لكم خالقٌ غيرهُ أفلا تتّقونَ‌ اللهَ و تَخافونَ عذابَهُ ؟؟

( قالَ المَلَأُ الذين كفروا مِن قومِهِ إنّا لَنراكَ في سَفاهَةٍ و إنّا لنظُنّك من الكاذبين )

فَأجابَهُ جماعةُ الكفّارِ مِن قومِهِ قائلين : إنّا نعتَقِدُ أنّكَ في جَهالَةٍ و سفيهٌ بالعقل و إنّا نَعتَقِد أنّك من الكاذبين بإدّعاءِ الرّسالَةِ ،

(‌ قالَ يا قومِ ليسَ بي سَفاهَةٌ و لكنّي رسولٌ مِن رَبِّ العالمين )

فقالَ هودٌ لِقومهِ يا قومِ ليسَ بي سَفاهةٌ كما تُدّعون بل إنّي رسولٌ مُكَلّفٌ بِدَعوتكم مِن قِبَلِ رَبّ العالمين و خالِقُ الخَلقِ أجمعين ،

(‌ اُبَلِّغُكُم رسالاتُ ربّي و أنا لكم ناصِحٌ أمينٌ )

فلو لا إنّي مُكلّفٌ بالرّسالةِ لما خاطَبتُكُم فأنا اُبلّغكم رسالات ربّي فهو يأمرُكم أن تتركوا عبادَة الأصنام و تؤمنوا بهِ و أنا لكم ناصحٌ أمينٌ في النُّصح لا أخونكم ،

( أوَ‌ عجبتم أن جاءَكم ذِكرٌ من ربّكم عليٰ رَجُلٍ منكم ليُنذركم )

فهل تَعجّبتم مِن أن جاءَكم وحيٌ من الله بواسطةِ رجُلٍ منكم لِيُنذركم من عذابِ الله و عقابهِ إن عصيتم و كفرتُم ؟

( واذكروا إذ جعلكم خُلَفاءَ من بعدِ قومِ نوحٍ و زادكم في الخَلقِ بَسطةً فاذكروا آلاءَ اللهِ لعلّكم تُفلِحون )

و قال لهم يا قوم اذكروا إذ جعلكم اللهُ من بعدِ قومِ نوحٍ مُستخلفين في الأرض خَلَفاً لهُم و زادكم عليهِم في الجِسم طولاً فاذكروا نِعَمَ اللهِ عليكم لعلّكم تُفلِحون بالإيمان بِهِ ،

( قالوا أجِئتَنا لِنَعبُدَ الله وحدَهُ و نَذَرَ ما كان يعبُدُ آباؤنا فأتِنا بما تَعِدنا إن كنتَ من الصّادقين )

قالوا له قومهُ أجِئتَنا تدعونا كي نعبُدَ الله وَحدَهُ و نَدَعَ ما كانَ يعبُدُ آباوُنا من الأصنام فائتِنا بما تَعِدنا من العذاب إن كنتَ من الصّادقين آباؤنا من الأصنام فائتِنا بما تَعِدُنا من العذاب إن كنتُ من الصّادقين في دَعواك ،

( قالَ قَد وقَعَ عليكم من ربّكم رِجسٌ و غَضَبٌ أتُجادِلونَني في أسماءٍ سمّيتموها أنتم و آباؤكم )

قال هودٌ لِقومِهِ بعنادكم قد وَقَعَ عليكم من اللهِ اللّعنةُ والعذابُ و الغَضَبُ أتُجادِلونني بهذا المَنطِقِ السّخيفِ دِفاعاً عن أسماءٍ سمّيتموها لِلأصنام أنتُم و آباؤكم ؟؟

(‌ما نَزَّلَ اللهُ بها من سُلطانٍ فانتظروا إنّي معكم من المُنتظرين )

ما نَزَّلَ اللهُ بعبادتهما من وحي و بُرهانٍ يُجوِّز عبادتهما فانتظروا العذابَ الّذي وعدتُكُم بهِ إنّي معكم من المُنتظِرين لِنُزول العذاب عليكم ،

( فأنجيناهُ والَّذين مَعَهُ برحمةٍ منّا و قطعنا دابِرَ الذين كذّبوا بآياتنا و ما كانوا مُؤمنين )

فأنجَينا هوداً و مَن مَعَهُ من المؤمنين برحمةٍ منّا من العذاب و قَطَعنا نَسلَ الّذين كذّبوا بآياتِنا و قَطَعنا أصلَهُم بالعذابِ و ما كانوا مُؤمنين بالله

( و إليٰ ثَمودَ أخاهُم صالحاً قال : يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكم مِن إلـٰهٍ غيره قد جاءَتكم بيّنةٌ من رَبِّكم )

وَ أرسلنا إليٰ قومِ ثَمودَ أخاهُم مِن قَبيلَتِهم ألنّبيّ صالح ، قالَ لهم يا قومي اعبُدوا الله ليس لكم خالِقٌ سواهُ قد جاءَتكم علامة تشهَدُ عليٰ صِدقِ إدّعائي مِنَ الله ،

( هذِهِ ناقةُ اللهِ ‌لَكُم آيةً فَذَروها تأكُل في أرضِ اللهِ‌ وَ لا تَمسّوها بِسوءٍ فَيأخُذَكُم عَذابٌ أليمٌ )

هذهِ ناقةٌ أخرجَها اللهُ مِنَ الصَّخرةِ لكُم كَما طَلِبتُم مِنّي آيةً عليٰ رسالتي فَدَعوها تَرعيٰ في الصّحراءِ و لا تمَسّوها بأذيًٰ فإن فَعَلتُم فيأخذكم عذابٌ أليمٌ

( وَاذكروا إذ جَعَلكم خُلَفاءَ مِن بعدِ عادٍ وَ‌ بَوّأكُم في الأرض تَتّخِذون من سُهولِها قصوراً )

واذكروا يا قوم إذ جعلكم اللهُ مُستَخلِفين في الأرض مِن بَعدِ قومِ عادٍ و أسكنَكُم في الأرض مُستَقِرّين مُطمَئِنّينَ تَتّخِذونَ مِن سُهولِها مَقرّاً تَبنونَ فيها قصوراً .

( وَ تَنحِتونَ الجبالَ بُيوتاً فاذكروا آلاءُ اللهِ وَ لا تَعثَوْا في الأرضِ مُفسدين )

و تَحفِرون في الجبال بيوتاً تسكنونها أيّام الصّيف مَصايِفَ لكم جَبَليّة فاذكروا نِعَمَ اللهِ عليكم و لا تعيثوا فساداً في الأرض بكفركم ،

( قالَ‌ المَلَأُ الذين استكبَروا من قومِه للذين استُضعِفوا لمن آمَنَ منهم أتعلَمونَ أنّ صالحاً مُرسَلٌ من ربِّهِ ؟ )

فقال جماعة المُستكبِرين الكُفّار مِن قومِهِ لجماعة المُستضعَفين المُؤمنين باللهِ و برسالَتِهِ إستهزاءً هل تعلَمون أنّ صالحاً مُرسَلٌ مِن ربّنا إلينا ؟

( قالوا إنّا بما اُرسِلَ بهِ مُؤمنون، قالَ الذين استَكبَروا إنّا بالّذي آمنتُم بهِ كافرون )

قالَ المُؤمنون لهم إنّا بما أرَسِلَ صالحاً بهِ … الله مؤمنون وَ قال المُستكبرونَ الكافرين إنّا بالّذي آمنتُم بهِ كافرون فلا نُؤمِنُ بالله وَ لا برسالَتِهِ ،

( فَعَقَروا النّاقَةَ و عَتَوا عن أمرِ ربّهم و قالوا يا صالحُ ائتِنا بما تَعِدُنا إن كُنتَ من المُرسلين )

فقتلوا النّاقَةََ بالسَّيف و عَصَوا و تَمَرّدوا عن أمرِ الله بِعَدَمِ مَسّها بأذيًٰ ، و قالوا يا صالحُ جِئنا بما وَعَدَتَنا من العذابِ إن كُنتَ من المُرسَلين بصدقٍ ،

( فأخذَتهُم الرَّجفَةُ فأصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ فتَولّيٰ عنهُم و قال : يا قومِ لقد أبلَغتُكُم رسالة ربّي و نَصحتُ لكم و لكن لا تُحبّونَ النّاصحين )

فأعرَضَ عنهُم و خَرَجَ من بينهم و قال لَهُم : يا قومِ لَقَد أبلغتُكُم رسالة الله و نَصحتُ لكم و لكن لا تُحبّون النّاصحين و لا تقلبون النّصيحةَ فأخذَتهُمُ الزّلزلةُ فأصبحوا في دارهم جاثِمين عليٰ رُكَبهِم أمواتاً ،

(‌ وَ‌لوطاً إذ قالَ لِقومِهِ أتأتونَ الفاحِشَةَ ما سبَقَكُم بها مِن أحَدٍ من العالمين )

وَ‌أرسلنا لوطَ النّبيَّ إليٰ قومِهِ قالَ لَهُم إستنكاراً : هَل تَأتونَ فاحِشَةَ اللّواط وَ المُساحَقَةِ ما سَبَقَكم بها مِن أحدٍ قبلكم من العالمين ،

(‌ إنّكم لَتأتونَ الرِّجال شَهوَةً من دونِ النّساءِ بل أنتُم قومٌ مُسرِفون )

إنّكم لَتأتونَ الرِّجالَ شَهوَةً في دُبُرِهِم من دونِ النّساءِ‌ اللاّتي خَلَقَهُنّ اللهُ لهذا بل أنتم قومٌ مسرِفونَ مُفرِطونَ في الشّهواتِ المُحرَّمَة ،

( وَ ما كانَ جوابَ قومِهِ إلاّ أن قالوا أخرِجوهم مِن قريتكم إنّهم اُناسٌ يتَطهَّرون )

وَ ما كانَ جوابَ قومِهِ لِنَهيِهِ عن المُنكَر إلاّ أن قالوا بعضهم لبعضٍ أخرِجوا لوطاً و أهلَهُ من قريتكم إنّهم اُناسٌ يَتَطهَّرون مِنَ اللّواط ،

( فَأنجيناهُ و أهلَهُ إلاّ امرأتهُ كانَت مِنَ الغابِرين وَ أمطَرنا عليهِم مَطَرا فانظُر كيف كانَ عاقبَة المُجرمين )

فَأنجينا لوطاً و أهلَهُ من بينهم إلاّ زوجتَهُ الفاسِقَة كانَت مِنَ الهالكين وَ‌أمطَرنا عليهم مَطَرَ الحِجارَة فانظُر كيفَ كانَ عاقِبَة المُجرمين أهل اللّواط ،

( وَ‌ إليٰ مَديَنَ أخاهُم شُعَيباً قال يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لَكُم مِن إلـٰهٍ غيره قد جاءَتكم بيّنةٌ من ربّكم )

و أرسلنا إليٰ قومِ مَديَنَ أخاهُم من قَبيلَتِهِم شُعيبُ النَّبيّ قال : يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكم من خالِقٍ سِواهُ قد جاءَتكم رسالةٌ واضِحةٌ بواسطتي من ربّكم ،

( فأوْفوا الكَيْلَ و الميزانَ و لا تَبخَسوا النّاسَ أشياءَهُم و لا تُفسِدوا في الأرضِ بعدَ إصلاحها ذلكم خيرٌ لكم إن كنتُم مُؤمنين )

فأتِمّوا وَ وَفّوُا الكَيْلَ و الوَزنَ و لا تُنقِصوا النّاسَ أجناسَهُم و لا تُفسِدوا في الأرضِ بالتّطفيف و الكُفر بعدَ إصلاحها بالشرائع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مُؤمنين برسالتي ،

(‌ وَ لا تَقعُدوا بِكُلِّ صِراطٍ توعِدون وَ تَصدّونَ.عن سبيلِ اللهِ مَن آمَنَ بِهِ و تبغونَها‌ عِوَجاً )

وَ قال لَهُم لا تقعدوا بكُلِّ طريقٍ ومَعبَرٍ تُهَدِّدونَ النّاسَ و تمنَعونَهم عن دينِ اللهِ وَ عن حُضور المَعابِدِ و تَطلُبون أن يَسلُكوا الطُّرُقَ المُعوَجَّة إليٰ دُورِ الفَساد ،

( وَ اذكروا إذ كُنتُم قَليلاً فكَثّركم وانظروا كيفَ كانَ عاقِبَةُ المُفسدين )

و تذكّروا نِعمة اللهِ عليكم و رحمته إذ كنتم عَدَداً قليلاً فكثّركم بكثرَةِ أولادكم وانظروا كيفَ كانَ عاقِبة المُفسدينَ في الأرض مِن قَبلِكُم حيثُ هَلَكوا ،

(‌ وَ إن كانَ‌ طائفةٌ منكم آمَنوا بالّذي اُرسِلتُ بهِ و طائِفَةٌ لم يُؤمنوا فاصبِروا حتيّٰ يحكُمُ اللهُ بيننا و هو خيرُ الحاكمين )

و قال إيضاً لو كان جماعةٌ منكم آمَنوا بالّذي اُرسِلتُ بهِ إليكم و جماعةٌ لم يُؤمنوا فاصبِروا يا مُؤمنين حتيٰ يحكم الله بيننا و بين الكافرين و اللهُ خيرُ الحاكمين ،

(‌ قالَ‌ المَلَأُ الّذين استكبَروا من قومِهِ لَنُخرِجَنّكَ يا شُعيب والذين آمنوا مَعكَ مِن قَريَتِنا )

قالَ لهُ جماعة المُستَكبِرينَ‌ مِن قومِهِ عليٰ الله و عليهِ بالتأكيد سَنُخرِجُكَ يا شُعيبُ أنتَ والّذين آمَنوا برسالَتِك مَعكَ‌ مِن قَريةِ مَديَن فهي لنا ،

‌( أو لَتعودُنَّ في مِلّتنا ،‌ قالَ‌ أوَلَو كُنّا كارهين ؟ قد أفترينا عليٰ اللهِ كَذِباً إن عُدنا في مِلّتكم )

لنُخرِجَنّكم مِن مَديَنَ أو لتعودون في مِلّة الكفر فأجابَهُم شعيبٌ قائلاً : هل نعودُ في مِلّتكم مَعَ أنّنا نكرهها ؟ إذاً قد افتَرَينا عليٰ اللهِ كَذِباً لو عُدنا في مِلّتكم ،

(‌ بعدَ‌ إذ نَجّانا الله مِنها وَ‌ما يكونُ لَنا أن نَعودَ فيها إلاّ أن يشاءَ الله ربّنا وَسِعَ ربّنا كلّ … علماً )

فكيف نرجع بعد أن نجّانا الله منها و لا يجوز لنا أن نعود في الكفر و نعود إليٰ مَديَن إلاّ أن يريد الله ذلك فيأمُرنا بهِ وَسِعَ ربّنا بكلِّ شييءٍ عِلماً بِمَصالِحِهِ ،

( عليٰ الله توكّلنا ربّنا افتَح بَينَنا وَ‌بَيْن قومِنا بِالحَقّ وَ أنتَ خيرُ الفاتحين )

فَنَحنُ عليٰ الله توكّلنا فَهُوَ يُدافع عنّا ربّنا احكُم بالفَتح وَ ‌بَيْن قومنا الكفّار بالحَقّ ليكون الفتح لنا و أنت خير الحاكمين بالفتح لأِهل الحَقّ

( وَ‌قال المَلَاُ من قومهِ لَئِن اتّبَعتُم شُعيباً إنّكم إذاً لَخاسرون )

وَ‌ قال جماعة الكفّار من قوم شعيبٍ بعضهم لبعضٍ لو أنّكم اتّبعتُم شعيباً و آمنتم به إنّكم إذاً لخاسرون رئاسة قومكم عليٰ مَديَن ،

( فَأخذَتهُم الرَّجفةُ فَأَصبحوا في دارِهِم جاثمين )

فَعِندَئِذٍ أخذَتهُم الزّلزلةُ فأهلَكتهُم جَميعاً فأصبَحوا في دورِهم جاثمين عليٰ ركبهم ميّتين من شِدّةِ عذابهم لم يَمُدّوا أرجلهم

( الَّذين كذَّبوا شُعيباً كأن لم يغفر فيها أَلَّذين كذّبوا شعيباً كانوا هُمُ الخاسرين فتولّيٰ عنهم و قال يا قوم لقد أبلغتُكم رسالاتِ ربّي وَ نَصَحتُ لكم )

فالكفّار الذين كذّبوا شعيباً كانوا هُمُ الخاسرين لا الّذين اتّبعوهُ فأعرَضَ عنهُم و قال : يا قوم لَقد بلّغتُكم رسالات ربّي وَ أمَرتُكُم وَ نَهيتُكُم

( فكيفَ آسيٰ عليٰ قومٍ كافرين )

فبعد أن أدّيتُ واجبي كاملاً غير منقوصٍ و أتممتُ عليكم الحُجّةَ فأصرَرتُم عِناداً فكيف أءسَفُ عليٰ هلاك قومٍ كافرين مثلكم ،

( و ما أرسلنا في قريةٍ من نبيٍّ إلاّ أخذنا أهلها بالبأساءِ و الضرّاءِ لعلّهم يَضَّرّعون )

و قال الله ما أرسلنا في قريةٍ من نبيٍّ يدعوُا أهلَها للإيمان إلاّ أخذَنا أهلها بعِصيانهم بالبُؤسِ والمَرَض لعلّهم يتضرّعون إليٰ اللهِ تائبين ،

( ‌ثُمّ بَدّلنا مكانَ السيّئةِ الحَسَنة حتّيٰ عفوا و قالوا قد مَسَّ آباءَنا الضَرّاءُ وَ السَّرّاءُ )

ثُمّ إذا بَدّلنا مكانَ البليّةِ النِّعمَةَ فنجّيناهُم منها بعفوها عن ذنوبهم فنالوا العافِيَة قالوا مُنكِرين لِنِعمَتِنا قَد مَسَّ آباءَنا المَرضُ والفقرُ مِن قبلنا إيضاً ،

( ‌فأخذناهُم بغتةً و هم لا يشعرون )

فلمّا نَسوا البليّة و بَطَرتهُمُ النّعمَةُ و لم يشكروها و تمادَوا في العِصيان أخذناهُم بالعذاب فُجئَةً من دون سابقِ إنذارٍ و هُم لا يشعرون بها ،

(‌ و لو أنَّ أهلَ القُريٰ آمنوا واتّقَوا لَفتحنا عليهِم بركاتٍ من السّماءِ و الأرض )

و لو أنّ أهلَ المُدُن آمنوا باللهِ و بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) واتّقَوا اللهَ‌ و لم يعصوهُ لَفَتحنا عليهم أبوابَ بركاتٍ من السّماءِ معنويّةً و ماديّةً و مِن الأرض خيراتها ،

(‌ ولكن كَذّبوا فأخذناهُم بما كانوا يكسبون )

و لكنّ أهل مكّة و رؤساء قريشٍ و بني اُميّةَ و تَيمٍ و عَديٍ و مُنافِقوا المدينةِ والطاّئِف والشّامِ والمُدُنِ الاُخريٰ كذّبوا بولايةِ آل محمّدٍ (ص) فأخذناهُم بما كانوا يكسِبون من العِداءِ لآِل مُحمّد (ص) ،

( أفَأَمِنَ أهل القُريٰ أن يأتيَهُم بأسُنا بَياتاً و هم نائمون ؟)

نستفهُمُكم مُستنكِرين هل أَمِنَ أهل المُدُن المكذّبون بولاية محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) أن يأتيهم عذابنا ليلاً و هم نائِمون في الفِراش ؟

( أوَ أمِنَ أهل القُريٰ أن يأتيهم بأسُنا ضُحيًٰ و هُم يلعبون ؟)

أو فَهَل اطمَأَنَّ المُكذِّبونَ مِن أهلِ المُدُن بولايةِ آل محمّدٍ (ص) فَهُم في أمانٍ مِن أن يأتيهِم عذابُنا وقت الضُّحيٰ و هُم يلعبون بالحُكمِ و المُلكِ ؟

( أفَأمِنوا مَكَر اللهِ فلا يأمَنُ مَكرَ اللهِ إلاّ القوم الخاسرون )

أفَأمِنوا هؤلاءِ المُنافقينَ المُخالفينَ لِعليٍّ و أهل البيت (ع) مِن مَكرِ الله بِهِم بإستدراجِهِم بالخلافَةِ إليٰ الهَلاكِ فلا يأمَنْ مَكْرَ اللهِ إلاّ القَومَ الخاسرون عاقِبَةً ،

( أوَلَم يَهدِ للّذين يَرثونَ الأرضَ من بعد أهلها أن لو نشآءُ أصَبناهُم بذنوبهم و نطبَعُ عليٰ قلوبهم فهم لا يسمعون )

ألَم يتّضِح للذين يَرِثون الخِلافةَ في الأرض غَصباً مِن بَعدِ أهلها الشّرعيّين أهل البيت (ع) أن لو أصَبناهُم بذنوبهم بالعذاب و نختِمُ بالنِّفاقِ عليٰ قلوبهم فهم لا يسمعون فضائِلَ آلَ مُحمّد (ص) ،

( تِلكَ القُريٰ نَقُصُّ عليك مِن أنبٰاءِها و لقد جاءَتهم رُسُلُهم بالبيّنات )

فيا رسول الله تِلكَ تواريخُ أهل القُريٰ الهالكة نقض عليك من أخبارها و لقد جاءَتهم رُسُلهم مِن قِبَلِ اللهِ بِالدّلائِل الواضِحاتِ والمُعجزات ،

( فما كانوا لِيُؤمنوا بما كذّبوا مِن قَبلُ كذلك يَطبَعُ اللهُ عليٰ قلوب الكافرين )

و عليٰ رَغمِ ذلك كُلِّهِ ما كانوا لِيُؤمنوا بما كذّبوا برُسُلِهم مِن قَبلِ البيّنات فكذلك يَدَعُهُم اللهُ في ضَلالِهم فيكون قَد خَتَم عليٰ قلوبِهم بالكفر باختيارِهم

‌( و ما وَجَدنا لأِكثرِهِم مِن عَهدٍ و إن وَجَدنا أكثرهم لفاسقين )

فيا حبيبي فأمّا اُمّتك فما وَجَدنا لأِكثَرِهِم مِن عَهدٍ يُعاهدوهُ يومَ غديرِ خُمٍّ و يُبايِعوا عليّاً (ع) بالولاية يوفونَ‌ بهِ بل إنّنا وَجَدنا أكثرهُم لَفاسِقينَ يُنقِضونَ بيعَتَه ،

( ثُمَّ بعثنا مِن بَعدِهِم موسيٰ بآياتِنا إليٰ فرعونَ و مَلَاءِه )

فلنَرجِع إليٰ قِصصِ الأنبياءِ فَبَعدَ اُولئك الّذين ذَكرناهُم بَعَثنا موسيٰ ابن عِمران بالتّوراة والعصاء واليَدِ البيضاء إليٰ فرعون و جماعته ،

( فَظَلَموا بها فانظُر كيفَ كانَ عاقبِةُ المُفسدين )

فَظَلَم فرعونُ و جماعته بالآيات و لم يُؤمنوا بها فانظُر يا حبيبي كيفَ كان عاقبة المُفسدين فَسَنَسرُدُ عليك قِصّتَهم ،

( ‌و قالَ موسيٰ يا فرعون إنّي رسولٌ مِن ربِّ العالمين )

فالقِصّة نبدأوها مِن حينَ قالَ موسيٰ لفرعون : يا فرعون إنّي رسولٌ إليك و إليٰ قومك و شَعب مِصرٍ و بني إسرائيل مِن جانِبِ رَبِّ العالمين

( حقيقٌ عليٰ أن لا أقولُ عليٰ اللهِ إلاّ الحَقّ قد جئتُكُم بِبَيّنَةٍ من ربّكم فأرسِل معيَ بني إسرائيل )

جديرٌ بِيَ و يَحِقٌّ عَلَيَّ و أنا معصومٌ مِنَ الإثمِ أن لا أقولَ عليٰ اللهِ إلاّ قولَ الحَقّ و لا أكذِب ، بالتّحقيقِ جئتُكُم بِبُرهانٍ من الله فَأَطلِق بني إسرائيل مِنَ الإستعبادِ و أرسِلهُم معي لِفلسطين ،

( قالَ إن كنتَ جِئتَ بآيةٍ فأتِ بها إن كُنتَ مِنَ الصّادقين )

قالَ فرعونُ لموسيٰ : إن كنتَ جئتَ ببُرهانٍ فأتِ بهِ إن كُنتَ من الصّادقين في دَعواك فأنتَ‌ ربيبي و قد كَبُرتَ في قَصري و لم تكن إلاّ عاديّاً ،

( فألقيٰ عَصاهُ فإذا هيَ ثعبانٌ مُبينٌ و نَزَعَ يَدَهُ فإذا هِيَ بيضآءُ للنّاظرين )

فعند ذلك ألقيٰ موسيٰ عَصاهُ مِن يَدِهِ فإذا هِيَ تَنقَلِب ثُعباناً بوضوحٍ ثُمّ أخرَجَ يَدَهُ مِن جَيْبهِ فإذا هِيَ تَشُعُّ نوراً بيضآءَ يراها النُّظار ،

( قالَ المَلَاءُ مِن قومِ فرعونَ‌ إنّ هذا لَساحِرٌ عليمٌ يُريدُ أن يُخرِجَكم مِن أرضِكم فماذا تأمرون ؟ )

فعندئذٍ قال الجماعةُ الحافّينَ بفرعونَ مِن قومِهِ إنّ موسيٰ هوَ ساحرٌ عليمٌ بالسِّحرِ و هذهِ سِحرٌ منهُ يُريدُ أن يُخرِجَكُم بِسِحرِهِ من أرضِ مِصرَ فماذا تأمرونَ نفعلُ بهِ ؟

(‌ قالوا أرجِه و أخاهُ و أرسِل في المَدائِن حاشِرين يأتوكَ بكُلِّ ساحرٍ عليمٍ )

قال قوم فرعون لفرعون : أخِّر أمرَهُ و أمُر هارونَ الآنَ و أرسِل في مُدُنِ مِصرَ رُسُلِك يَجمعونَ لكَ و يأتوكَ بكُلِّ ساحرٍ عليمٍ بالسِّحرِ ليُقابِلوهُ ،

( و جاءَ السَّحَرةُ فرعونَ قالوا إنّ لنا لأَجراً إن كُنّا نحنُ الغالبين ؟ قالَ نَعَمْ و إنّكم لَمِنَ المُقَرّبين )

فجمعوا السَّحَرةَ عند فرعون فجاؤا و قالوا لهُ نحنُ السَّحَرة لا نعملُ السِّحرَ إلاّ بأجرَةِ فلا بَدّلنا منها إن كُنّا نحنُ الغالبين عليهِ قال : نَعَم و علاوَةً لكم أنّكم ستكونونَ مِنَ المُقرّبينَ في القَصر ،

( ‌قالوا يا موسيٰ إمّا أن تَلقِيَ و إمّا أن تكونَ نحنُ المُلقين )

فلمّا اجتمَعَ السَّحَرةُ بحضورِ النّاس و فرعون لِيَغلِبوا بِسِحرِهِم مُعجِزَةَ موسيٰ قالوا لِموسي : إمّا أن تَبدَاء بإلقاءِ العَصا و إمّا أن نَبدَاء نحنُ بإلقاءِ حِبالنا ؟

( قالَ ألقوا فلمّا ألقوا سَحَروا أعيُنَ النّاسِ واستَرهَبوهُم و جاؤا بسِحرٍ عظيم )

قالَ لهُم موسيٰ ألقوا أنتُم أوّلاً فلمّا ألقَوا حِبالَهُم و عِصيّهم سَحِروا أعيُنَ النّاسِ فرَأَوْها ثعابينَ و أفاعِيَ طويلةً فاستَرهَبوا النّاسَ بها و جآؤا بسحرٍ عظيمٍ عند الناس ،

(‌ و أوحَينا إليٰ موسيٰ أنْ ألقِ عَصاكَ فإذا هِيَ تَلقَفُ ما يأفِكون )

فعندئذٍ أوحينا إليٰ موسيٰ أن ألقِ عَصاكَ بإذنِ الله فَسَتريٰ أنّها تَلقَفُ ما يُمَوّهونَ و يُشَعبِذونَ و يَقلِبونَ الحقائِق ،

( فَوَقَعَ الحَقُّ و بَطَلَ ما كانوا يَعمَلونَ فَغُلِبوا هُنالِكَ وانقَلَبوا صاغِرين )

فألقيٰ عَصاهُ فوَقَعَ الحَقُّ و ظَهَر للنّاسِ و بَطَلَ السِّحر و ما كانوا يعمَلون السَحَرَةُ مِنَ الشُّعبَذَه فأكَلَت مُعجِزَة موسيٰ سِحرَهم فغُلِبوا حينذاك و انقَلَبوا بَعدَ العِزّ أذِلاّء ،

( و اُلقيَ‌ السَّحَرةُ ساجدين )

( قالوا آمَنّا بِرَبِّ العالمين ، رَبّ موسيٰ و هارون )

فَتَنبَّهوا عَن غَفلَتِهيم و عَرِفوا أنّ مُعجِزَةَ موسيٰ مِنَ الله و ليسَت بِسِحرٍ فتابوا و آمَنوا باللهِ و قالوا : آمنّا بربِّ العالمين ربِّ موسيٰ و هارون ، الّذي أرسَلَهُما بالحَقّ ،

( قالَ‌ فرعونَ آمنتُم بِهِ قَبلََ أن آذَنَ لَكُم إنَّ هٰذا المَكرٌ مَكرتُموهُ في المدينةِ لِتُخرِجونها أهلَها فسوفَ تعلَمون )

قالَ‌فرعونُ لِلسَّحَرةِ‌: آمَنتُم بموسيٰ قبلَ أن تَستَأذِنونني فآذن لكم أو لا إنّ هذا مَكرٌ مكرتُمُوهُ أنتُم و موسيٰ بالإتّفاقِ في المدينةِ قبل حضورِكِم لِتُخرِجوا بني إسرائيلَ منها فسوفَ تعلَمون ،

(‌ لَاُقطِّعَنَّ أيديكم و أرجلكم مِن خِلافٍ ثُمَّ لأصلّبنّكم أجمعين )

فَهدَّدَهُم قائلاً لَاُقطِّعَنَّ أيديكم و أرجُلكم من خِلافِ أحدِهما لِلآخَر كاليَدِ اليُمنيٰ و الرِّجلِ الأيسر ثُمّ لاُصلّبنّكم أجمعين حتيّٰ تموتوا ،

(‌ قالوا إنّا إليٰ ربّنا مُنقَلِبون و ما تَنقِمُ منّا إلاّ أن آمنّا بآياتِ ربّنا لمّا جاءَتنا )

فقالوا لهُ إفعَل ما تُريدُ إنّا إليٰ اللهِ راجعون بعدَ‌الموت و نحنُ لم نفعَل ما توجِب نِقمتك علينا سِويٰ أن آمنّا بمُعجِزاتِ‌ اللهِ حينما جاءَتنا واختبرناها ،

( رَبّنا أفرِغ علينا صَبراً و تَوفَّنا مُسلمين )

ثُمّ رَفَعوا أيديهم إليٰ السّماءِ بالدُّعاءِ قائلين : رَبَّنا أفرِغ عليٰ قلوبِنا صَبراً عندما يُعذِّبنا فرعونُ بِقَطعِ أعضائِنا و يَصلُبَنا كي لا نَرتَدُّ و تَوَفّنا مُسلمينَ مُؤمنينَ مُطيعينَ لك ،

( و قالَ المَلَاءُ مِن قومِ فرعونَ أتَذُرُ موسيٰ و قومَهُ لِيُفسِدوا في الأرضِ و يَذَرَكَ و آلهتك ؟ )

و قالَ حِزبُ فرعون و جماعته أتَدَعُ موسيٰ و بني إسرائيلَ‌ لِيُفسدوا في مِصرَ يا فرعون و موسيٰ يدعوا النّاسُ لِعبادَةِ اللهِ دونَكَ و يَترُكَك و يَترُكُ آلِهتك ،

( قال سنَقتِّلُ أبناءَهُم و نَستحيي نساءَهُم و إنّا فوقَهُم قاهِرون )

فأجابَهُم فرعون قائِلاً لا لَن نَترُكَ موسيٰ و قومَهُ بل سنقتلُ أبناءَ بني إسرائيلَ و نَستَبقي نساءَهُم لِنَستعبِدُهُنَّ إماءً لَنا و إنّا فوقَهم بالقُوّةِ قاهِرونَ لهُم ،

( قالَ‌ موسيٰ لِقومِهِ استَعينوا باللهِ واصبِروا )

فبَعد أن سَمِعَ موسيٰ كلامَهُم قال لِقومِهِ بني إسرائيل : إستَعينوا باللهِ بالتّوكُّلِ عليهِ والتّوسُلِ إليهِ يُعينُكم عليٰ فرعونَ واصبِروا عليٰ أذاهُ ،

( إنَّ الأرضَ لِلّهِ يُورِثُها مَن يشآءُ مِن عبادِهِ و العاقِبَةُ للمتّقين )

واعلَموا يا بَني إسرائيلَ ليست مِصرَ و فلسطينَ لِلفراعِنَة بلِ الأرضُ لِلّهِ و هو يُورِثُها بحِكمَتِهِ مَن يشآءُ مِن عبادِه واعلَموا بأنّ العاقِبَة الحَسَنَةَ لِلمُتّقين ،

( ‌قالوا اُوذينا مِن قبلِ أن تأتينا و مِن بَعدِ ما جِئتَنا )

فحينئذٍ قالوا بني إسرائيلَ لموسيٰ : نحنُ اُوذينا مِن فرعون و حِزبهِ قَبلَ أن تأتينا رسولاً لِتُنفِذَنا و اُوذينا إيضاً مِن بَعدِ ما جِئتَنا منهُم ،‌

( ‌قالَ‌ عسيٰ ربّكم أن يُهلِكَ عدوّكم و يستخلِفكُم في الأرض فينظر كيف تعملون )

قال لهم عسيٰ اللهُ ربّكم أن يُهلِكَ فرعونَ عدوّكم و حزبَهُ و يستخلِفَكُم من بعدِهِ في أرضِ مِصرَ ثُمّ يختَبِرُكم و يريٰ كيف تعمَلون فيها ،

(‌ و لقد أخذَنا آلَ فرعونَ بالسِّنينَ و نقصٍ منَ الثّمراتِ لعلّهم يَذّكرون )

و بالتأكيد لقد أخَذنا آلَ فرعونَ بذنوبِهم فعذّبناهُم بالسِّنينَ الجافّة المُقحِطَة و نقصٍ من الثّمراتِ و الزّروع لعلّهم يتذَكّرون فيتوبونَ إليٰ الله ،

( فإذا جاءَتهم حسنةٌ قالوا لنا هذِه و إن تُصِبهُم سيّئَةٌ يطَّيروا بموسيٰ و مَن مَعَهُ )

و لكنّهم بَدَلَ أن يتذكّرونَ كانوا إذ جاءَتهُم نِعمَةٌ من الله قالوا : هذهِ بركةٌ لنا و لفرعون و إن أصابتهُم مَخمَصةٌ و جَدبٌ تطَيّروا و تَشأموا بموسيٰ و بني إسرائيل ،

( ألا إنّما طائِرُهُم عند اللهِ و لكنَّ أكثَرهُم لا يعلمون )

ألا يعلَمون إنّما شُؤمُهم سَبَبُهُ عند الله و هو كفرهم و عنادهم و لكنّ أكثرهم لا يتفكّرونَ حتّيٰ يعلَمون فهُم جُهّالٌ

( و قالوا مَهما تأتِنا بهِ من آيةٍ لِتَسحَرنا بها فما نحنُ لكَ بِمُؤمنين )

و قالوا لموسيٰ : إنّك مهما تأتِنا بِهِ مِن مُعجِزَةٍ فَهُوَ سِحرٌ تُريدُ أن تَسحَرنا فما نحنُ لكَ بِمُؤمنينَ و لرسالتك مُصدّقين ،

( فأرسَلنا عليهم الطّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ والضّفادِعَ والدَّمَ آياتٍ مُفصّلاتٍ فاستكبَروا و كانوا قوماً مُجرمين )

فأرسلنا عليهم عذابَ طوفانِ النّيل والجَرادِ المُتلِفِ للزَّرع و القُمَّل و الضّفادِعُ تُؤذيهم و حَوَّلنا الماءَ دَماً لِكَي لا يَشرَبوهُ معجزاتٍ‌ مُفصّلاتٍ‌ تُؤيِّدُ رسالة موسيٰ و لكن إستكبَروا و كانوا قوماً مُجرمين لا يُؤمنون ،

( و لمّا وَقَعَ عليهم الرِّجز قالوا يا موسيٰ ادعُ لنا ربّك بما عَهِدَ عندك )

و حينما وَقَع عليٰ شعبِ مِصرَ العذاب كما ذكرنا قالوا لِموسيٰ : اُدعُ اللهَ لنا بِأن يغفرلنا و يُزيل العذاب بما عَهِدَ عندكَ أن لا يَرُدَّ دُعاءَك ،

( لَئِن كشفتَ عنّا الرِّجزَ لنؤمننَّ لكَ و لنُرسِلَنّ مَعكَ بني إسرائيل )

و قالوا : لو أنّك كشفتَ عنّا هذا العذاب فإنّا سَنُؤمِنُ لرسالتك و نُعطي الحُرّيةَ لبني إسرائيل بِأن يَتبَعوك ،

( فلمّا كشفنا عنهُمُ الرِّجزَ إليٰ أجَلٍ هُم بالِغوهُ إذا هُم ينكُثون )

فلمّا كشفنا عنهُم العذابَ بِدُعاءِ موسيٰ إليٰ وقتٍ مُحَدّدٍ مُؤجّلٍ هُم عيّنوهُ و نَجَوا من العذاب فإذاهُم ينكثون عَهدَهُم بالإيمان بِرسالتِهِ

( فانتَقَمنا مِنهُم فأغرقناهُم في اليَمِّ بأنّهم كذّبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين )

فعندئذٍ أغرقناهُم في النّيل بأنّهم كذّبوا بشريعة موسيٰ و التّوراة و المعاجِز و كانوا عنها غافِلين يتغافَلون عنها و لا يهتَمّون بها ،

( و أورَثنا القومَ الذين كانوا يُستَضعَفونَ‌ مشارِقَ الأرضِ و مغاربها الّتي بارَكنا فيها )

و أورَثنا بني إسرائيلَ الّذين كانوا يُستَضعَفونَ مِن قِبَل فرعون مَشارِقَ الأرضِ الّتي بارَكنا فيها و هي بيت المَقدِسِ و مشارقها الشّام و مَغاربها مِصر ،

( ‌و تَمَّت كلمة ربّك الحُسنيٰ عليٰ بني إسرائيل بما صَبروا و دمَّرنا ما كان يَصنَعُ فرعون و قومه و ما كانوا يَعرِشون )

و تَمَّت كلمة اللهِ الحُسنيٰ أن قال : و نُريدُ أن نَمُنَّ عليٰ الّذين استُضعِفوا في الأرض فَنجعلهم الوارثين ، بما صَبروا عليٰ أذي فرعون و دَمَّرنا ما كان يَصنَعُ فرعونُ و قومَهُ و قُوَّاتُهُ مِن سِحرٍ و ما كانوا يَبنون ،

( و جاوَزنا ببني إسرائيل البَحر فَأتَوا عليٰ قومٍ يعكفون عليٰ أصنامٍ لهم )

و عَبَرنا بِبَني إسرائيلَ النّيلَ و لم نجاوِز فرعون و جيشَهُ بهِ بَل أغرقناهم فيهِ فلمّا وَصَلَ موسيٰ و جماعَتَهُ إليٰ مدينةٍ في الشاطيء الآخَر وَ‌قَفوا عليٰ جماعة يعبدون أصناماً لهُم ،

( ‌قالوا : يا موسيٰ أجعَل لنا إلـٰهاً كما لهُم آلِهَة قال : إنّكم قومٌ تجهلون )

قالوا بني إسرائيلَ لموسيٰ : يا كليمَ الله اجعَل لنا صَنَماً‌ إلـٰهاً كما لِهؤلاءِ آلِهةٌ مِنَ الأصنام يعبدونها قال لهم : إنّكم قومٌ تجهلون بِحُرمَة صُنعِ الأصنام و عبادَتِها ،

( إنّ هؤلاءِ مُتَبَرٌّ ما هُم فيهِ و باطِلٌ ما كانوا يعملون )

إعلَموا يا بني إسرائيل إنّ هؤلاءِ الّذين يعبُدونَ الأصنامَ مصيرُهُم إليٰ البَوارِ و الهَلاكِ و باطِلٌ ما كانوا يعمَلون ، بِغَلَبَةِ التّوحيد عليٰ الشِّرك ،

(‌ قالَ أغيرَ الله أبغيكم إلـٰهاً ؟ و هو فَضَّلكُم عليٰ العالمين )

و قال لهم موسيٰ : هل غير اللهِ أبغي لكم معبوداً ؟ مِنَ الأصنامِ هيهاتَ و حاشا فاللهُ هو الّذي فَضَّلكُم عليٰ الناس في مِصرَ برسالتي و نُبُوَّتي .

( و إذ أنجيناكُم مِن آلِ فرعونَ يسومونكم سوء العذاب )

واذكروا إذ أنجيناكُم أنا و هارون واللهُ ثالِثُنا مِن آل فرعونَ و ظُلمِهِم و أَذاهُم فَهل نَسيتُم أنّهم كانوا يُذيقونكم أسوَءَ العذاب ؟

( يُقَتِّلونَ أبناءَكم و يَستحيونَ نساءَكم و في ذلكم بلاءٌ مِن ربّكم عظيمٌ )

و كانوا يُقَتِّلونَ أبناءَكم و أولادَكم و يستبقون نساءَكم لِيَعمَلوا مَعَهُنَّ ما يُوجِبُ الحَياءُ و في ذلك إختبارٌ و إمتحانٌ كان لكُم مِنَ اللهِ عظيمٌ ،

( وَ واعَدنا موسيٰ ثلاثينَ ليلة و أتممناها بِعَشرٍ فَتَمَّ ميقاتُ ربّهِ أربعينَ ليلةً )

فيا حبيبي وَاعدنا بواسطة ملائكتنا موسيٰ أن نُعطيهِ الأرواحُ بعدَ مُناجاتِنا في الجَبَل ثلاثين ليلةً ولكن أضفناها بِعَشرٍ إتماماً لِلأربعين فَتَمَّ الميقاتُ بهِ ،

( و قالَ موسيٰ لأِخيهِ هارونَ اخلُفني في قَومي و أصلِح و لا تَتَّبِع سبيلَ المُفسدين )

و عندما أرادَ أن يأتي لِميقاتنا موسيٰ قال لأِخيه هارون خليفته في اُمّتِهِ و عليٌّ مِنكَ بمنزلتِهِ من موسيٰ ، يا هارونَ اخلُفني في قَومي و أصلِح أمرَهُم و لا تَتّبِع سبيل السامريّ و رَبعهِ ،

( و لمّا جاءَ موسيٰ لِميقاتِنا و كلّمَهُ ربُّهُ قال : رَبِّ أرِني أنظُر إليك قال : لَن تراني )

و لما جاءَ موسيٰ إليٰ فوق الجَبَل لِمُناجاتِنا في ميقاتِنا الّذي وَقَّتنا لهُ و كلّمهُ اللهُ بواسطةِ الشّجَرةِ قال : رَبِّ أرِني نورَ تجَلّي ذاتِك لأِنظُرَ إليكَ قالَ اللهُ لهُ لَن تراني إذ لَستُ بِجِسمٍ ،

(‌ و لكن انظُر إليٰ الجَبَل فإن استَقَرُّ مكانَهُ فسوفَ تراني )

و لكن سَتَتَجَليّٰ لكَ بعضُ أنوارُ عَظَمتي و أنوارُ قُدسي و إنّها سوفَ تُدَكدِكُ الجَبَل فانظُر إليهِ فإن استَقَرَّ في مكانِهِ فإنّك تَقدِرُ أن تَريٰ نوري ،

(‌ فلمّا تَجَليّٰ رَبَّهُ للجَبَل جَعَلَهُ دَكّاً و خَرَّ موسيٰ صَعِقاً )

فلمّا تَجَليّٰ نورُ ربّهِ في مِثالِ عليّ بن أبيطالِبٍ (ع) إندَكّ الجَبَلُ و استويٰ عليٰ الأرض و تَبَعثَر فَسَقَط موسيٰ و خَرَّ مغَشيّاً عليهِ عليٰ الأرض مِن هَولِهِ ،

(‌ فَلَمّا أفاقَ قال : سُبحانَكَ تُبتُ إليكَ و أنا أوّل المُؤمنين )

فلمّا أفاقَ موسيٰ مِن غَشيَتِهِ قال : سُبحانكَ اللّهُمّ و تَقَدَّسْتَ أن يُريٰ ذاتك و أن يَتَمَكَّنُ أحَدٌ مِن مُشاهِدَةِ نورِ تَجلّياتِكَ في شكلِ عليٍّ و أنا أوّلُ المُؤمنين مِن بني إسرائيلَ بولايةِ عليٍّ (ع) ،

( ‌قالَ‌ يا موسيٰ إنّي أصطَفَيْتُك عليٰ النّاسِ برسالتي و بِكلامي فَخُذ ما آتيتُكَ و كُن مِنَ الشّاكرين )

فقال الله يا موسيٰ ألآنَ و قد آمَنتَ بوِلايةِ عليٍّ (ع)‌ فإنّي اصطَفيتُكَ عليٰ النّاس و أختارُكَ برسالتي و شرايعي و التّوراة و الألواح و بِكلامي فَخُذ ما آتيتُكَ مِن فضلِ ولايةِ عليٍّ (ع) و كُن من الشّاكرين عليهِ ،

( و كَتَبنا لهُ في الألواحِ من كلٍّ شييءٍ موعظةً و تفصيلاً لكلِّ شييءٍ )

و كتبنا لموسيٰ في الألواح الّتي أنزلناها عليهِ الحُكمَ الشرعيّ لِكُلِّ شييءٍ يحتاج إليه بني إسرائيل تذكرةً لهم و تبييناً لكلِّ شييءٍ من الحلال و الحرام ،

(‌ فَخُذها بقوّةٍ وامُر قومك يأخذوا بِأحسنها سَأريكم دار الفاسقين )

و قلنا لهُ‌ يا موسيٰ خُذ هذهِ الألواح بِجِدٍّ و جهادٍ وأمُر قومَكَ بني إسرائيل بأن يأخذوا بِأحسنها و هي البشارة بالإسلام و وَعدٌ من الله سيُريكم ما يَحِلُّ بدارِ‌ فرعونَ‌ و قومه ،

( سأصرِفُ عن آياتي الّذين يتكبّرون في الأرض بغير الحَقّ )

يا رسول الله سأصرِفُ و أمنَعُ عن آياتي المُبشِّرة بِبعثَتِك الّذين يتكبّرونَ‌ مِن بني إسرائيلَ في الأرض من دون حَقٍّ فلا يُؤمنونَ بك ،

(‌ و إن يَرَوا كلّ آيةٍ لا يُؤمنوا بها و إن يَرَوا سبيل الرُّشدِ لا يتّخذوهُ سبيلا )

و هؤلاء المُتكبّرينَ إن يَرَوا كلّ آيةٍ من آياتِ التّوراة و الإنجيل و القرآن الآمرةِ باتّباعِك لا يُؤمنوا بها و إن يَروَا طريق الرّشادِ الذي هَديتَهُم إليه لا يتّخِذوهُ مَذهباً

(‌ و إن يَرَوا سبيل الغَيّ يَتّخذوهُ سبيلاً ذلك بأنّهم كذّبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين )

و هؤلاء إن يُشاهدوا طريقَ‌ الضّلالِ و مُخالفة الإسلام يتّخِذوهُ مَذهباً ذلك بأنّهم كذّبوا بآياتنا في التّوراةِ و كانوا عنها غافلين ،

( ‌والّذين كذّبوا بآياتنا و لِقاءِ الآخرةِ حَبِطَت أعمالهم هل يُجزَونَ إلاّ ما كانوا يعملون )

و الذين كذّبوا بآياتنا النازلة بَشأن محمّدٍ و أهل بيتهِ (ع) و كذّبوا بالمعاد بَطلَت أعمالهم الصالحة ذلك جزاءِهم هل يُجزَون إلاّ ما كانوا يعملون من التّكذيب ،

( واتّخَذَ قوم موسيٰ من بعدهِ من حُليِّهم عِجلاً جَسداً لهُ خُوارٌ‌ )

واتّخَذَ قوم موسيٰ أي بني إسرائيل مِن بَعدِ ذهاب موسيٰ للميقات بأمرِ السّامريّ عِجلاً من الذّهب صَنَماً صَنَعهُ لهم تَمُرُّ فيهِ الرّيح فيُسمَعُ منهُ خُوارٌ و شخيرٌ ،

(‌ ألَم يَرَوا أنّهُ لا يُكلّمهم و لا يهديهم سبيلاً ؟ اتّخَذوهُ و كانوا ظالمين )

ألَم ينظروا أنّهُ جامِدٌ لا يُكلِّمُهم و لا يُرشِدُهم إليٰ طريقٍ فكيف يعبدوهُ إنّهم اتّخذوهُ إلـٰهاً ظُلماً و عِناداً و كانوا ظالمين لموسيٰ و دينِه ،

( و لمّا سَقَطَ في أيديهِم و رأوا أنّهم قد ضَلّوا قالوا لَئِن لَم يرحَمنا ربّنا و يغفِرلنا لنكونَنَّ من الخاسرين )

و لمّا أسقَطَ العِجلَ موسيٰ إليٰ الأرض و كَسَّرهُ بين أيديهم و عرفوا أنّهم قد ضلّوا باتِّباع السامريّ قالوا لَئِن لم يَرحمنا الله و يغفِر لنا ذنبنا لنكونَنّ من الخاسرين سعادةَ الدّنيا و الآخره ،

( ‌و لمّا رجَعَ موسيٰ إليٰ قومِهِ غَضبانَ أسِفاً قال بِئسَما خَلَفتموني من بعدي أعَجِلتُم أمرَ ربّكم ؟)

و لمّا رجع موسيٰ من الميقات و رأي قومَهُ يعبدونَ العِجلَ غَضِبَ و تأسّفَ و قال لهم بأسوَءِ حالٍ خلّفتموني مِن بعدي فَبَدل أن تَتَّبِعوا وزيري هارون إتَّبَعتُمُ العِجلَ فَهل استَعجَلتُم في وَعدِ ربّكم ؟

(‌ و ألقيٰ الألواحَ و أخَذَ‌ بِرأس أخيهِ يَجُرّهُ إليه قال ابن اُمّ : إنَّ القومَ استضعَفوني )

و مِن شِدّة غَضَبهِ عليهم ألقيٰ الألواحَ مِن يَدَهِ و أخَذَ بِتَلابيب شَعرِ هارون يَجُرّهُ إليه قائلاً : لماذا لَم تَمنَعهُم مِنَ‌الرِّدّةِ و الشّرك ؟ قال له : يا ابنَ اُمّي إنّ القومَ عانَدوني واستضعَفوني ،

‌( و كادوا يقتلونني فلا تُشمِت بِيَ الأعداءَ و لا تَجعلني مع القوم الظالمين )

والقوم حاوَلوا قتلي و كادوني لِيَقتلوني و قَرُبَ القَتلُ منّي و لكن نجّانِيَ اللهُ منهم فلا تُعاقِبني فَتَجلِب لي شَماتةَ الأعداء و سُخريّتهم و لا تجعلني في العِقاب مَعَ القوم الظّالمين بعبادةِ العِجل ،

( قالَ‌ ربّ اغفِرلي و لأِخي و أدخِلنا في رحمتك و أنت أرحَمُ الرّاحمين )

فعند ذلك قال موسيٰ رَبِّ اغفرلي غَصَبي عليٰ هارون و اغفر لِهارون لِعَجزِهِ عَن منعِ النّاسِ عن عبادَةِ العِجل و أدخِلنا في رحمتك كي نُحَطِّم العِجلَ و أنت أرحم الرّاحمين ،

( إنّ الَّذين اتَّخَذوا العِجلَ سَيَنالُهُم غَضَبٌ مِن رَبِّهم و ذِلّةٌ في الحياة الدّنيا و كذلك نجزي المُفترين )

فَسَمَعَ الله تعاليٰ يُكَلِّمُهُ قائِلاً‌ إنّ الّذين اتّخَذوا العِجل ، السّامريّ و رَبعِه سينالهم غَضَبٌ من الله و عذابٌ و ذِلَّةٌ في الدّنيا قَبل الأخرة فَذِلّة اليهود و بسبب ذلك و هذا جزاءُ مَنِ افتريٰ عليٰ الله ،

( وَالّذين عملوا السيّئاتِ ثُمّ تابوا من بَعدِها و آمَنوا إنّ رَبّك مِن بَعدِها لَغفورٌ رحيمٌ )

وَ‌الّذين عملوا الأعمال السَيِّئَةَ والمعاصي منهُم ثُمّ تابوا مِن بَعدِ السيّئات إليٰ الله و آمَنوا بولاية مُحمّدٍ (ص) و آل مُحمّدٍ (ص) إنَّ اللهَ من بعد التّوبَةِ لغفورٌ رحيمٌ لهم ،

( و لما سَكَتَ عن موسيٰ الغَضَب أخذ الألواح و في نُسخَتِها هُديًٰ و رَحمةٌ للّذين هم لِرّبهِم يرهبون )

و لما هَدَاءَ الغَضَبُ عَن موسيٰ أخَذَ الألواحَ مِن الأرض باحترامٍ و في ضِمنِ ماكُتِبَ فيها مِن وَحيٍ كان هُديًٰ و رحمةً للّذين هُم لِربّهم يخافون و يتّقون ،

( وَاختارَ موسيٰ قومَهُ سبعين رَجُلاً لِميقاتنا فَلمّا أخذَتهُمُ الرَّجفَةُ قال رَبّ لو شِئتَ أهلَكتَهُم مِن قَبلُ و إيّايَ )

وَ قبل الذِّهاب للميقاتِ إختيارَ موسيٰ من قومِهِ سبعين رَجُلاً مِن خِيارِهِم ليذهَبَ بهم لميقاتِ الله فلمّا أخذَتهُمُ الزّلزلة عند دَكِّ الجَبَل قال موسيٰ إلهٰي لو شِئتَ إهلاكَهُم فلو فَعَلت بِهِم قبل اليوم كان أحسَن و أنا مَعَهُم ،

( أتُهلِكُنا بما فَعَلَ السُّفهاءُ مِنّا إن هِيَ إلاّ فِتنَتَك تُضِلُّ بها مَن تشآءُ تهدي مَن تشآء )

فيا ربِّ أتُهلِكُنا بما فَعَلَ السُّفهاءُ مِنّا بطلب الرؤيةِ ليس هذِهِ إلاّ امتحانك لنا و لهم و بها يَضِلُّ من تشآءُ تركَهُ في الضّلالَةِ و يهتدي من تشآءُ إثباتَهُ عليها .

( ‌أنتَ وليُّنا فاغفِرلنا وارحَمنا و أنتَ خيرُ الغافرين )

أنت يا إلـٰهي وليُّنا تَتَوليّٰ إختبارَنا و تَتَوليّٰ هدايَتَنا فاغفِرلنا ما طَلبنا من رؤيتك وارحَمنا برحمَتِك و أنتَ خيرُ الغافرينَ لِلذّنوب ،

(‌ واكتُب لنا في هذهِ الدّنيا حَسَنةً و في الأخرةِ إنّا هُدنا إليك )

و دعا ربّهُ قائلاً : ربِّ اكتُب لنا في قضاءِكَ و قَدَرِكَ الرَّحمَةَ و في صحيفةِ أعمالِنا الحَسَنةَ في الدّنيا و الآخرة إنّنا بني إسرائيل إهتَدَينا و تُبنا إليكَ ،

( قالَ‌ عذابي اُصيبُ بهِ مَن أشآءُ و رحمتي وَسِعَت كلَّ شييءٍ فسأكتُبُها للّذين يَتّقونَ و يُؤتون الزّكاةَ والّذين هُم بآياتِنا يُؤمنون )

قالَ اللهُ تعاليٰ لموسيٰ : إنّ عذابي اُصيبُ بهِ مَن أشآءُ مِنَ‌ العاصين و رحمتي وَسِعَت كلّ شييءٍ في الوجود فَسَأكتُبُها للّذين يتّقونَ و لا يعصون و يُؤدّون الزكاة والّذين بآياتِنا النّازلة بشأنِ محمدٍ و آلِه (ع) يُؤمنون ،

( الّذين يَتّبعونَ‌ الرّسولَ ‌النَبيَّ الاُميَّ الّذي يَجِدونَهُ مكتوباً عِندَهُم في التوراةِ و الإنجيل )

إنّ مِن أتباع موسيٰ اليهود الّذين يَتّبِعون الرَّسولَ‌ العربيَّ النَبيَّ محمّداً (ص) المبعوث لِلاُمَم الّذي بُعِثَ مِن اُمّ القُري مَكّة و يَجِدونَ إسمَهُ مكتوباً في التوراة و الإنجيل الصحيحين ،

( يأمرُهُم بالمعروف و يَنهاهُم عن المُنكَر و يُحِلُّ لهُمُ الطَيّبات و يُحَرِّمُ عليهِمُ الخبائِث و يَضَعُ عنهُم إصرَهُم والأغلال الّتي كانَت عليهم )

و هذا خاتم الانبياء (ص) يأمرُهُم بالمعروف و ينهاهُم عن المُنكَر و الفَحشآء و يُحِلُّ لهُمُ الطيّبات الّتي حَرَّمها عليهم موسيٰ كالشّوم و يُحَرِّمُ عليهم لحم الخنزيرِ و الخُمرِ و المَيتةَ و يَضَعُ عنهُم ثِقلَهُم والشّدائِدَ الّتي كانَت عليهم

( فالّذين آمَنوا بهِ و عَزّروهُ و نَصروهُ واتّبعوا النّورَ الّذي اُنزِلَ مَعَهُ أولئك هُمُ المفلحون )

فالّذين آمَنوا بهِ منهُم و وَقرّوهُ و أعانَوهُ عليٰ عَدوِّهِ واتّبَعوا ولاية عليٍّ ألنّور الّذي اُنزِلَ مَعَ مُحمّدٍ (ص) أولئك هُمُ المُفلِحون الفائِزونَ بسعادة الدّنيا و الأخره ،

( قُل يا أيّها النّاسُ إنّي رسولُ الله إليكم جميعاً الّذي لهُ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ لا إلـٰه إلاّ هو يُحيي و يُميت )

يا حبيبي قُل للبشريّة جُمعآء يا أيّها النّاسُ جميعاً بِمُختَلَفِ ألوانكم . ألسِنَتِكُم إنّي رسولُ اللهِ إليكُم جميعاً لأِدعوكُم إليٰ الإسلامِ و ولاية عليٍّ (ع)‌ واللهُ وحدَهُ يَملِك نواصيكُم لهُ مُلكُ السماواتِ و الأرضِ و يُحيي و يُميتُ الخلائِق ،

( فأمِنوا باللهِ و رسولِهِ والنَبيّ الاُميّ الّذي يُؤمِنُ باللهِ و كلماتِهِ واتَّبِعوهُ لعلّكم تهتدون )

فاُبَلِّغكُمُ الرّسالةَ و أدعوكُم أن آمِنوا باللهِ رَبّي أنا خاتم الرُّسُل و النَبيّ المَكيّ اُمّ القُريٰ الّذي اُؤ مِنُ باللهِ و كلماتِهِ النّازلةِ مِن عِندِهِ عليٰ الانبياءِ والوحي النازل في القرآن فاتّبعوني لعلّكم تهتَدونُ إليٰ الحَقّ ،

(‌ و مِن قومِ موسيٰ اُمّةٌ يهدونَ بالحَقِّ و بهِ يَعدِلون )

و نُخبِرُكَ يا رسول الله إنّ مِنَ اليهودِ و الإسرائيليين مِن قومِ موسيٰ اُمّةٌ يهدون النّاس لولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) بالحَقِّ و بالحَقِّ يَعدِلون في الحُكم ،

(‌ و قَطّعناهم إثنَتَي عَشَرةَ أسباطاً اُمَمَاً و أوحينا إليٰ موسيٰ إذِ استَسقاهُ قومهُ أن اضرِب بعَصاكَ الحَجَر )

و فَرّقنا بني إسرائيلَ إثنتي عَشَرَةَ قبيلةً مِن إثنا عَشَرَ سبطِ ليعقوب و أوحينا إليٰ موسيٰ حينما طلب قومهُ منهُ السِّقايَةَ أن اضرِب بعصاك الشّهيرة الحَجَر ،

( ‌فانبَجَسَت منهُ اثنَتا عَشَرةَ عيناً قد عَلِم كلُّ اُناسٍ مَشرَبَهُم و ظَلّلنا عليهمُ الغَمام )

فلمّا ضَربَ بِعَصاهُ الحَجَرَ انفَجَرت منهُ اثنتا عَشَرةَ عيناً من الماء قد عَلِمَ كلّ فِرقَةٍ منهم مَشرَبَهُم إذ كان لِكلِّ فرقةٍِ عَيْنٌ و ظَلّلنا عليهم الغيوم تحرسهم من حرارة الشّمس ،

( و أنزلنا عليهم المَنَّ و السّلويٰ كلوا من طيّبات ما رزقناكم و ما ظلمونا و لكن كانوا أنفُسَهم يظلمون )

و أنزلنا عليٰ بني إسرائيلَ المَنَّ التَّرنجَبيين و السّلويٰ العَسَل و قُلنا كلوا من طيّبات ما رزقناكم و لكنّهم ما قنعوا بها فظلموا أنفُسَهم وما ظلمونا حين حَرِّمناهُم منها ،

( و إذ قيل لهم اسكُنُوا هذِه القريةَ و كلوا منها حيثُ شِئتُم )

واذكُر إذ قيل لهم بواسطةِ موسيٰ يا بني إسرائيل اسكُنُوا هذهِ المدينةَ بيت المَقدِس و كلوا من أرزاقها حيثُ ما أردتُم ،

(‌ و قولوا حِطّةٌ و ادخلوا الباب سُجّداً نغفِر لكم خطيئاتِكُم سنزيدُ المُحسنين )

و عندما تدخلون بيت المَقدِس قولوا اللّهُمَّ حُطَّ عنّا ذنوبنا وادخلوا بابَ القُدسِ ساجدينَ لِلّهِ تائبيين نغفِر لكم خطيئاتكم السّابقة و نَزيدُ المُحسنين بالطّاعة ثواباً ،

( فَبَدَّلَ الّذينَ ظَلموا منهم قَولاً غير الّذي قيلَ لَهُم فَأرسلنا عليهِم رِجزاً من السّمآءِ بما كانوا يَظلِمون )

فَبَدّلَ الّذينَ ظَلموا مِن بني إسرائيل قولاً غير قول الله اُحطُط ذنوبنا و تُب علينا بل قالوا : عُزيرٌ ابنُ الله فَأرسلنا علَيهم عذاباً من السمآءِ عليٰ يَدِ بُختنُصَّر عِقاباً عليٰ ظلمهم لِيَحييٰ (ع)

( و اسألهُم عن القريةِ التي كانت حاضِرَة البَحر إذ يعدون في السَّبت إذ تأتيهم حيتانُهُم يومَ سَبتِهِم شُرّعاً‌ )

واسأل يا حبيبي بني إسرائيل عن قِصَّة قَريةِ إيلَةَ الواقِعَة عليٰ البحرِ حيثُ مَنعناهُم عن صيد السَّمَك يوم السّبت فكانوا يعتَدونَ و يَصيدونَ فيهِ لأِنّ الأسماك كانت تأتيهم في السَّبت ظاهرة عليٰ المآء ،

( ‌و يوم لا يَسبِتونَ لا تأتيهم كذلك نَبلوهُم بما كانوا يفسقون )

و في سائِرِ الأيّام الّتي لم يُمنَعوا فيها كالسَّبت من الصَّيد كانت الأسماكُ لا تأتيهِم بهذا كُنّا نَختَبِرُهُم و نمتَحِنُ إيمانهم و كلّ ذلك نتيجة فِسقِهم و مَعاصيهِم

(‌ و إذ قالت اُمّةٌ منهم لِمَ تَعِظونَ قوماً‌ اللهُ مُهلِكُهُم أو مُعذّبَهم عذاباً شديداً قالوا مَعذرةً إليٰ ربّكم و لعلّهم يتّقون )

واذكُر إذ قالت اُمّةٌ مِن بني إسرائيل لموسيٰ و هارون و حِزبهما لماذا توعظون قوماً عُصاةً من اليهود مع العِلمِ بأنّ اللهَ مُهلِكُهُم أو معذّبُهُم عذاباً شديداً ؟ قالوا إتماماً لِلحُجّةِ و قَطعاً‌ لِلمَعاذير لعلّهم يتّقونَ اللهَ

( فَلمّا نَسَوا ما ذُكِّروا بِهِ أنجينا الّذين يَنهَون عنِ السوء و أخذنا الذين ظَلموا بعذابٍ بَيئسٍ بما كانوا يفسقون )

فلمّا تناسُوا ما ذُكِّروا بهِ مِن عَدَمِ الصّيد في السَّبتِ فواصَلوا للصّيد و أردنا عِقابَهُم أنجينا الّذين كانوا يَنهونَهُم عن العِنادِ و المعصية و أخذنا الّذينَ ظلموا بعذابٍ شديدٍ بما كانوا يفسقون بالصّيد في السَّبت ،

( فلمّا عَتَوا عن ما نُهُوا عنهُ قُلنا لَهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئين )

فلمّا تمرَّدوا عن تركِ ما نُهُوا عنهُ مِن صيد السَّمَكِ يوم السَّبت و عَصَوا قُلنا لهم إنتقاماً كونوا قِرَدَةً بالمَسخِ صاغِرينَ مَطرودين ،

(‌ و إذ تَأذَّنَ ربّك ليبعثَنَّ عليهِم إليٰ يوم القيامَةِ من يسومُهُم سوءُ العذابِ إنّ ربّكَ لسريعُ العِقابِ و إنّهُ لَغفورٌ رحيم )

واذكر يا حبيبي إذ إعلَنَ ربّك لِمَلَاءِ ليبعث عليٰ بني إسرائيل إليٰ يوم القيامَةِ مَن يسومُهُم بالذِّلّة و القِتال إنّ ربّك سريعُ العقاب لهم و إنّهُ لغفورٌ رحيمٌ إذا تابوا و آمَنوا ،

( و قَطّعناهُم في الأرضِ اُمَمَاً منهُمُ‌ الصّالحون و منهُم دونَ ذلك )

و فَرّقنا بني إسرائيل في الأرضِ شعوباً مختلفةً فمنهمُ الأقوام الصّالحون المُصلِحون في المُجتمعاتِ و منهمُ الظّالمونَ المُفسِدون كالصّهايِنَةِ ،

 ( و بَلَوناهُم بالحَسناتِ و السَيئاتِ لعلّهم يرجعون )

واختَبَرناهُم وامتحَنا بني إسرائيلَ بالأموالِ و البَنينَ والثَّمرات و الأرزاقِ والمُلكَ وَ الحُكومةِ كما اختَبَرناهُم بالحروبِ والذِّلّةِ لَعَلّهُم  يَرجِعونَ إليٰ الله ،

( فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ وَرِثوا الكتابَ يأخذونَ عَرَضَ هذا الأدنيٰ و يقولون سيغفرلنا ) ،

فخلفوهم من بعدهم نسلهم الإسرائيليّونَ وَرِثوا منهُمُ التّوراة المُحَرَّفَةَ يأخذونَ حُطام الدّنيا الدّنيّةَ هَدَفاً و غايَةًَ في الحياة و يقولون إنّ اللهَ سَيغفِر ذنوبنا ،

( وإن يأتِهِم عَرَضٌ مِثلَهُ يأخذوهُ ألَم يُؤخَذ عليهِم ميثاقُ الكتاب ؟ )

و بعد أن يَتمَنّونَ مغفرة اللهِ إذا جاءَهم شييءٌ مِن حُطامِ الدّنيا المُحرَّمةِ يأخذوهُ و لا يَتوَرّعونَ ألَم يُؤخَذ عليهِم الميثاقُ في التوراةِ أن لا يطلبوا الحرام ؟؟؟

( أن لا يقولوا عليٰ اللهِ إلاّ الحَقّ و دَرَسوا ما فيهِ والدّار الآخرة خيرٌ للّذين يَتّقونَ أفلا تعقلون ؟ )

ألَم يُؤخَذ عليهم ميثاقُ التّوراة أن لا يقولوا عليٰ اللهِ إلاّ الحَقّ فلا يَدّعوا باطِلاً أنّ اللهَ يَغفِر لهُم حَتماً و قَد دَرَسوا ما في التوراةِ و لِيَعلَموا أنّ الجَنّةَ خيرٌ من الدّنيا الحَرام لِلّذين يَتّقونَ من اليهود ألا يعقِلون ؟

(‌ والّذين يُمسّكون بالكتاب و أقاموا الصَّلاةَ إنّا لا نُضيعُ أجرَ المُصلحين )

والّذين يَتَمسّكونَ بالقرآنِ مِنَ الإسرائيليّين و يُقيمون الصَّلاة المَفروضَةَ عليٰ المسلمين كما صلاّها مُحمدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) فَاعلَموا إنّا لا نُضيعُ‌ أجرَهُم لأِنّهم مُصلِحون ،

( و إذ نَتَقنا الجَبَل فوقَهُم كأنّهُ ظُلّةٌ و ظنّوا أنّهُ واقِعٌ بِهِم )

فليَتَذكّر بني إسرائيل حينما قَلَعنا الجَبَلَ مِن أصلِهِ و رَفَعناهُ فوقَ رؤسِهم كأنّهُ سقفٌ و أيقَنوا أنَّ الجَبَلَ سَيَقَعُ عليهِم فاستغاثوا بِنا ،

(‌ خُذوا ما آتيناكُم بُقُوّةٍ واذكروا ما فيهِ لَعلّكم تَتّقون )

فقُلنا لهم إن أرَدتُم أن لا يَقَع عليكم الجَبَلُ فخُذوا ما آتيناكم في التوراةِ بِقُوَّةٍ واعمَلوا بهِ واذكروا ما فيهِ مِن أحكامٍ و وعيدٍ لعلّكم تَتّقونَ الله ،

( و إذ أخَذَ ربّك من بني آدمَ من ظهورهِم ذَرّيتَهُم و أشهَدهُم عليٰ أنفُسِهم )

و ليتَذکّروا إذ أخَذ اللهَ من بنی آدَم حينما کانوا أروحاً فی عالَمِ الذَّر فَنَشَر ذرّاتَهُم مِن أصلابِهم فأخَذَ منهُم العَهَد و أشهَدَهُم علیٰ أنفُسَهم ،

( ‌ألَستُ بربّكُم ؟ قالوا بَليٰ شَهِدنا أن تقولوا يوم القيامَة إنّا كُنّا عن هذا غافلين )

فسألَهُم اللهُ تعاليٰ ألستُ أنا ربّكم و خالِقُكم قالوا بَليٰ أنتَ ربّنا شَهِدنا بربوبيّتك ، و فَعَلنا هذا لِأن لا تقولوا يوم القيامة نحن كُنّا عَن الإيمان غافيلين جاهلين ،

( أو تقولوا إنّما أشركَ آباؤنا مِن قَبلُ و كُنّا ذُرّيةً مِن بَعدِهِم أفتُهلِكُنا بما فَعَلَ المُبطِلون )

و لكي أن لا تقولوا إنّما أشرَكَ آباؤنا مِن قَبلِ أن نُشرِك و كُنّا ذُرّيةً مِن بعدهِم نَتبعهُم فلَسنا مُقَصِّرينَ ، هل تُهلِكُنا بما فَعَل آباؤنا المُبطلون ؟،

‌( و كذلك نُفَصِّلُ الآياتِ و لعلّهُم يرجعون )

فهكذا يا حبيبي نشرَحُ الآياتِ و نوضِحُها و نُبَيِّينُها لِقومكَ لعلّهم يرجعون عن مخالفةِ ولايتكَ و ولايةِ أهل بيتك (ع) ،

( و اتلُ عليهِم نَبَاءَ الّذي آتيناهُ آياتنا فانسَلَخَ منها فأتبَعَهُ الشّيطانُ فكانَ مِن الغاوين )

و يَجِبُ عليك يا حبيبي أن تَتلوُ عليهم خَبَرَ بَلعَمِ الّذي آتيناهُ العِلمَ بواسِطَةِ موسيٰ فانسَلَخَ و كَفَر كما تَنسَلِخُ الحَيّةُ مِن جِلدِها فأدرَكَهُ الشّيطانُ‌ فكانَ‌ مِمَّن غويٰ ،

( و لو شِئنا لَرفعناهُ بِها و لكنّهُ أخلُدُ إليٰ الأرضِ واتّبَعَ هواهُ فَمَثلهُ كَمَثلِ الكَلبْ )

و لو شِئنا إنقاذَهُ جَبراً لَرفعناهُ بالتوراة إليٰ دَرَجةِ الأتقياءِ لكنّهُ أخلَدَ إليٰ الأرضِ و أبيٰ أن يَتَرفّعَ عن المعصيةِ وأتّبعَ هواهُ النّفسانيُّ فَمَثلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ العَقور ،

( إن تَحمِل عليهِ يَلهَث أو تَترُكْهُ يَلْهَث ذلك مَثَلُ القومِ الّذين كذّبوا بآياتِنا فاقصُصِ القَصَصَ لعلّهم يَتفَكّرون )

إن تَحمِل عليهِ ضَرباً و طَرداً فهو يَلهَثُ و يُدلِعُ لِسانَهُ و يَهِمَّ أن يَعَضَّكَ أو تترُكُهُ و تُعرِض عنهُ فإيضاً يَلهَثُ عليك ذلك مَثَلُ القوم الّذين كذّبوا بآياتِنا النازِلةِ بشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) فاقصُصْ عليهِم قِصَصَ الاُمَمِ لَعلّهُم يتذكَّرونَ و يَتَّعِظون ،

( سآءَ مَثَلاً القومُ الّذين كذّبوا بآياتنا و أنفسهم كانوا يَظلِمون )

فهذا مِثالُهُم أسوَءُ مِثالٍ للقومِ الّذين كذّبوا بآياتِنا النازلةِ بِشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) فهُم بتكذيبِهِم كانوا بأنفسِهم يظلمون إذ يُحرِمونها من السّعادَةَ ،

( مَن يَهِد اللهُ فَهُوَ المُهتدي وَ مَن يُضلِلْ‌ فأولـٰئك هُمُ الخاسرون )

من يَهديهِ الله لِولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَهُو المُهتدي حَقّاً وَ‌مَن يُضلِلهُ اللهُ‌ بتركهِ في ضَلالَتهِ فأولـٰئكَ الضّالون هُمُ الخاسِرون لِلفَلاحِ قَطعاً ،

( وَ‌لَقد ذَرَأنا لِجَهنّم كثيراً مِن الجِنّ و الإنس لهُم قلوبٌ لا يَفقَهونَ بها وَ‌لَهُم أعيُنٌ لا يُبصِرونَ بها )

و بالتأكيد لَقَد خَلَقنا لِجَهنَّم كثيراً من الجِنّ و الإنسِ بعد أن اختاروها أنفُسَهم و هؤلاءِ لهم قلوبٌ لكن لا يَفهَمون بها و لا يَتَنا و لهُم عيونٌ و لكن لا يُبصِرونَ بها فضائِلَنا لِأهل البيت (ع)

( وَ لَهُم آذانٌ لا يَسمَعون بِها أولـٰئكَ‌كالأنعام بَل هُم أضَلّ أولـٰئك هُمُ الغافلون )

وَ لَهُم آذانٌ لكن لا يسمعون بها آيات الولاية أولـٰئكَ هُم كالأنعامِ والبَهائِم العَجماء بل هُم أضَلُّ مِنَ الأنعامِ لأِنّها لا تَعقِل و أولـٰئكَ هُمُ الغافِلونَ عَن ولايةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ع) ،

( وَ لِلّهِ الأسماءُ الحُسنيٰ فَادعوهُ بِها )

فَيا أيُّها المُسلِمون إنّ لِلّهِ الأسماءِ الحُسنيٰ ألمآءة مكتوبة في القرآن فادعوهُ بها و قولوا يا حميدُ بِحَقِّ محمّدٍ (ص) و يا عالي بِحَقِّ عليٍّ (ع) و يا فاطِرُ بُحَقّ فاطِمَة و يا مُحسِنُ بِحَقّ الحَسَن و يا قديمَ الإحسانِ بِحَقّ الحُسَين (ع) ،

(‌ و ذَروا الّذين يُلحِدونَ في أسماءِهِ سَيُجزَون ما كانوا يعملون )

وَ‌ اتركوا الَّذين يُعرِضون بإعراضهم عن آل مُحمّدٍ (ص) فيُلحِدونَ في أسماءِ الله فَلا تَتّبِعوا خُلَفاءَ الجَوْر و وُلاةِ الظّلم سَيُجزَونَ المُلحِدون ما كانوا يعملون ،

(‌ وَ مِمَّن خَلَقنا اُمَّةً يَهدونَ بالحَقِّ وَ بِهِ يَعدِلون )

وَ مِمَّن خَلقنا من المسلمين اُمّةٌ شيعيّةٌ مُتَمسّكِةٌ بولاية أهل البَيْت (ع) يَهدونَ بالحَقِّ و بهِ يَعدِلونَ في الحُكمِ و لا يتّبعونَ وُلاةَ الجَوْر‌،

( والّذين كذّبوا بآياتِنا سَنَستَدرِجُهُم من حيثُ لا يعلمون )

والّذين كذّبوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و بآياتِنا النّازلة بِشَأنِهم سَنَجُرُّهُم دَرَجَةً قليلاً دَرَجَةً قليلاً  إليٰ الهَلاكِ بإعطاءِهم الدّنيا فَنَجُرّهُم مِن حيثُ لا يشعرونَ بالإستِدراج ،

( وَاُملي لَهُم إنَّ كيدي مَتين )

و أمهِلُهُم إتماماً للحُجّةِ عليهم إكمالاً لِلإمتحان فَبَدَل أن يَرجِعوا عن غَيِّهم يَزدادوا غَيّاً و ضَلالاً فالإمهالُ هو كيدي و تدبيريَ القويَّ المَضبوط ،

(‌ أوَ لَم يَتَفكّروا ما بِصاحِبِهم من جِنّةٍ إن هوَ إلاّ نذيرٌ مبين )

فهؤلاءِ المُنافقين ألَم يتَفكّروا حينما يَنسِبونَ لرسول اللهِ الجُنون لأِنّهُ يأخذُ‌ البيعةَ لِعليٍّ (ع) بأنَّ بصاحِبِهم الّذي صاحَبَهم في الغار مِن جِنّةٍ إن هو إلاّ نذيرٌ بَيِّنُ الإنذار صريح ،

( أولَم ينظروا في ملكوتِ السّماواتِ و الأرض و ما خَلَقَ اللهُ مِن شيءٍ )

ألَم ينظر هؤلاء المنافقون في مُلك السماواتِ و الأرض و نظامِها و ما خَلَقَ الله من شييءٍ فيهما حتيٰ يعرفوا أنّهُ لا بُدّ أن لا تخلوا مِن حُجّةٍ و إمامٍ يَتَولّيٰ شُؤونَها ،

(‌ و أن عسيٰ أن يكونَ قدِ اقتَرَبَ أجلهم فَبِأَيِّ حديثٍ بعدَهُ يُؤمنون )

ألَم يتفكّروا بِأن عسيٰ أن يكونُ قدِ اقتَربَ أجَلُ موتِهم فَينتَقِلونَ إليٰ الحساب فَلِيَتوبوا إليٰ اللهِ و يُوالوا آلَ مُحمّدٍ (ص) فَبِأيِّ حديثٍ بعدَ القرآنِ يُؤمنون ؟

( مَن يُضلِلِ اللهُ فلا هادِيَ لهُ و يَذَرهم في طُغيانِهم يعمَهون )

مَن يُضلِلهُ اللهُ بتركهِ في ضَلالَتِهِ عن ولاية أهل البَيْت (ع) فلا هادِيَ لهُ إليٰ طريقِ الحَقِّ و يَدَعُهُم اللهُ في طُغيانِهم يتَردّدونَ كالعِميان ،

( يسألونَكَ عن السّآعةِ أيّانَ مُرسيٰها ؟ قُل إنّما عِلمُها عِندَ ربّي لا يُجَلّيها لِوقتها إلاّ هو )

يا حبيبي هؤلاء الكُفّار و المنافقون يسألونَكَ عن ساعَته المَعاد مَتيٰ يكون موعدها ؟ قُل إنّما عِلمُها عند الله أخبَرني بهِ لا يُظهِرُها للنّاس إلاّ هوَ

( ثَقُلَت في السّماواتِ والأرض لا تأتيكم إلاّ بَغتةً ، يسألونَكَ كأنّكَ جَفيٌّ عنها )

عظُمت السّاعَة عليٰ أهلِ السّماواتِ و الأرض لا تأتيكم إلاّ فُجأَةً مُباغَتةً لكم يسألونك يا حبيبي و يَحفّونَ السؤال كأنّكَ تُجيبهُم بالإحفاء ،

( قُل إنّما عِلمُها عندَ اللهِ و لكنَّ أكثرَ النّاسِ لا يعلَمون )

قُل لَهُم إنّما عِلمُها عند اللهِ فيُعَلِّمهُ نَبيَّهُ و أهلَ بيتِ نبِيِّه (ع) و ينحَصِرُ عندَهُم العِلمُ و لكنَّ أكثَر النّاسِ لا يعلَمونَ بِأنّ آل مُحمّدٍ (ص) يعلَمون بها ،

‌( قُل لا أملِكُ لِنَفسي نَفعاً و لا ضَرّاً إلاّ ما شآءَ الله )

قُل لهم يا حبيبي : أنا لا أملِكُ لنفسي مِن دون اللهِ نَفعاً لو لا أنّ الله هوَ ينفَعُني و يُعَلِّمني و لا أملِكُ دَفعَ الضُرّ لو لا يَدفَعُهُ اللهَ‌ إلاّ أن يشآءَ اللهُ نَفعي و دَفعَ الضُرِّ عنّي ،

( ‌و لو كنتُ أعلَمُ الغَيْبَ لاستَكثَرتُ مِنَ الخَيْرِ و ما مَسّنيَ السّوء )

و قُل لهم لو كنتُ أعلَمُ الغَيْب مِن غَيرِ أن يُعلّمني اللهُ بهِ لاستَكثرتُ مِنَ الفائِدَة أكثَر مِمّا يُفيدُني الله و لَما مَسّنيَ السوءُ بِسَبَبِ إخفاءِ الله عنّي لِحِكمَتِهِ كَيْدَ الكائِدين ،

( إن أنا إلاّ نذيرٌ و بشيرٌ لِقومٍ يُؤمنون )

و قُل لهم لستُ أنا إلاّ نذيرٌ بالنّارِ والعَذابِ للكافرين و المُنافقين و المُخالفينَ لِولاية عليٍّ أمير المُؤمنين (ع) و بشيرٌ لِقومٍ يُؤمنونَ بولايتِهِ بالجنّةِ والرَّحمَة‌ ،

( هو الّذي خَلَقَكم مِن نَفسٍ واحدةٍ و جَعَلَ منها زوجَها لِيَسكُنَ إليها )

إنّ اللهَ سبحانَهُ هو الّذي خَلَقَكُم من نَفسٍ واحدةٍ هو آدمُ أبوالبَشَر (ع) و جَعَلَ من باقي طينَتهِ زوجَهُ حوّاء لِيَهدَءَ بِجَنبِها و يَحتَمي بِنعومَتِها و عواطفها ،

(‌ فَلَمّا تَغَشّاها حَمَلَت حملاً خفيفاً فَمرَّت بهِ )

فلمّا تغشّا الزّوجَةَ الزّوجُ حَمَلت مِن نُطفَتِهِ و ماءِه حَملاً خفيفاً هو جُزءٌ واحدٌ من الأجزاءِ المنويّة فَمَرّت خفيفة بهِ في الأشهُرِ الأوليٰ ،

( فلمّا أثقَلَت دَعوا اللهَ ربّهما لَئِن آتيتَنا صالِحاً لنكونَنَّ مِنَ الشّاكرين )

فلَمّا أثقَلَت بالحَملِ في الأشهُرِ الأخيرَةِ دَعَوا اللهَ ألزّوجُ و الزّوجَةٌ ربّهما قائِلَيْن : لو أنّك آتيتَنا وَلَداً صالحاً لنكونَنَّ حتماً مِنَ الشّاكرينَ لِفَضلِك ،

(‌ فَلمّا آتاهُما صالِحاً جعَلا لهُ شُرَكاءَ فيما آتاهُما فتعاليٰ اللهُ عمّا يُشرِكون )

فلمّا رزقهُما اللهُ ولَداً صالِحاً سويّاً جَعَلا للهِ شُركاءَ فيما آتاهُما فاشتَركَ أربَعةٌ في معاوية و لكنَّ هِنداً الزّانِيَةَ اختارَت أبي سُفيانَ مِن بَيْنِهم فَنَسَبتُه إليهِ فتعاليٰ اللهُ عمّا يُشرِكونَ بني اُميّه ،

( أيُشرِكون ما لا يخلُقُ شيئاً و هم يُخلَقون و لا يستطيعون لهم نَصراً و لا أنفُسَهُم ينصرون )

أيُشرِكونَ بني اُميّةَ مع اللهِ ما لا يتَمكَّن أن يَخلُقَ شيئاً مِنَ الخَلقِ بَل هُم مخلوقون يُخلَقون و لا يَستطيعونَ أن يَجلِبوا لهُم نَصراً و لا أن يَنصروا أنفُسَهم كَهُبَل واللاّت و مَناة ،

( و إن تدعوهُم إليٰ الهُديٰ لا يتّبعوكم سواءٌ عليكم أدَعَوتُموهُم أم أنتُم صامِتون )

و إن تدعوا بني اُمَيَّةَ إليٰ وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) لا يتّبعوكم فالنتيجَةُ سوآء ، فَسوآءٌ عليكم أدَعوتُموهُم للولاية أم أنتُم تَصمُتونَ و لا تَدعوهُم فإنّهم لا يستجيبون ،

( إنّ الذّين تَدعونَ مِن دونِ اللهِ عبادٌ أمثالكم فادعوهُم فليستجيبوا لكم إن كنتُم صادقين )

نقولُ لهُم إنّ الخُلَفاء الّذين تدعونَ مِن دونِ اللهِ هُم عبادٌ مَملوكينَ للهِ كما أنتُم مَملوكينَ للهِ فليست لهُمُ الولايةُ مِن قِبَلِ اللهِ فادعوهُم بالإعجاز فليَستجيبوا لَكُم إن كنتُم صادِقينَ أنّهم خُلَفاء رسول الله (ص)

( ألَهُم أرجُلٌ يمشونَ بها أم لهُم أيدٍ يبطشون بها أم لهُم أعيُنٌ يُبصرون بها أم لهم آذانٌ يسمَعونَ بها‌ ؟)

فَسألُ مُستَنكِرينَ هَل لهُم أرجُلٌ يمشونَ بها مِن دونِ مَشيئةِ الله ؟ أم لهُم أيدي يَبطِشونَ بها بِمَوالي آل محمّدٍ (ص) ؟ أم لهُم أعيُنٌ يُبصِرون بها ؟ أم لهُم آذانٌ يسمَعونَ بها لو لا أنّ الله خوّلَها لهُم إمتحاناً ؟؟؟

( قُل ادعوا شُرَكاءَكُم ثُمّ كيدونِ فلا تُنظِرون )

قُل لهم يا حبيبي : اُدعوا شرَكاءَكُم في النِّفاق فليَجتَمِعوا فَتَشاوَروا مَعَهُم ضِدّ آل مُحمّدٍ (ص) ثُمّ كيدوني و قولوا إنّه لَيَهجُر فلا تُنظِرونِ و تَمهَلوني ،

(‌ إنّ وليّيَ اللهُ  الّذي نَزّلَ الكتابَ و هوَ يتولّيٰ الصّالحين )

و بالتأكيدِ إنّ مولايَ الّذي يَتولّيٰ شُؤوني هُوَ اللهُ‌ عزَّ و جَلَّ الّذي نَزّلَ القُرآنَ لاُِبلّغكم بهِ و هو يَتولّيٰ الصّالحينَ مِن أهل بيتي و ذُريّتي (ع) ،

(‌ والّذينَ تدعونَ مِن دونِهِ لا يَستَطيعونَ نَصرَكُم و لا أنفُسَهُم ينصرون )

والّذين تَدعونَ مِن دونِ اللهِ خُلَفاءَ و آلِهَةً تعبدونَها كاللاّتِ و مَناةَ و هُبَل لا يستطيعون نَصَركم و لا أنفُسَهم ينصرون مِن عذابِ الله ،

( ‌و إن تدعوهُم إليٰ الهُديٰ لا يَسمَعوا و تَراهُم يَنظرونَ إليكَ و هُم يُبصِرون )

و إن تُنادوهُم لِيَهتدوا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) لا يَسمَعوا دعوتكم و تراهُم يَنظُرونَ إليكَ بأعيُنِهم لكنّهم لا يُبصِرونَ الحَقيقةَ ،

( خُذِ العَفوَ وأمُر بالعُرفِ وأعرِضْ عَنِ الجاهلين )

فيا رسولَ الله خُذِ العَفوَ في سيرَتِكَ معَ النّاس شُغلاً واعفو و عَمَّن أساءَ إليكَ قَطعاً لِلمعاذير و أمرُ بالمَعروفِ و أنهُ عن المُنكَر و أعرِض تَكَرُّماً عَنِ الجاهِلين بولايَتِكُم ،

( و إمّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشّيطان نَزغٌ فاستَعِذ باللهِ إنّه سميعٌ عليمٌ )

و إمّا إذا أرادَ الشيطانُ أن يَصرِفُكَ عن كِتابَةِ النَّصِّ عليٰ خِلافَةِ عليٍّ حينما تَطلُبُ دواةً و كَتِف فيقولون : حسبُنا كتاب الله فاستَعِذ باللهِ منهُم إنّهُ سميعٌ عليمٌ بما يقولون ،

( إنَّ الّذين اتّقَوا إذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشّيطانِ تذَكّروا فإذاهُم مُبصِرون )

بالتأكيدِ إنَّ الّذينَ اتَّقَوا اللهَ إذا مَسَّهُم أذيً مِنَ الشّيطانِ بواسطة خُلَفاءِ الجَوْر تذَكّروا اللهَ فإذا هُم مُبصِرونَ إمتحانَ اللهِ لهُم ،

( و إخوانُهُم يمَدّونَهُم في الغَيّ ثُمّ لا يقصرون )

و إخوانَ الشّياطين و هُمُ المُنافِقونَ المُخالِفونَ لولايةِ ‌آل محمدٍ‌ (ص) يَمُدّونَهُم الشّياطينُ في الغَيِّ و الضَّلالِ مَدّاً ثُمَّ لا يقصرون عن الغَيِّ و الضَّلال ،

( و إذا لَم تأتِهِم بآيةٍ قالوا لو لا اجتَبَيْتَها ؟)

و إذا لَم تأتِهِم بآيةٍ في شأنِ رؤساءِهِم و خُلَفاءِهِم فَلَم يمدَحُهُم القُرآنُ و لَم تَنزِل فيهِم فضيلةً قالوا لَكَ : لو لا اجتَبَيْتها فَهلاّ تَفعل ؟

(‌ قُل إنّما أتَّبِعُ ما يُوحيٰ إليَّ مِن ربّي هذا بصائِرُ مِن ربّكم و هُديً و رَحمَةً لقومٍ يُؤمنون )

بولاية أهلِ البَيْت (ع) فقَط ،

( و إذا قُرِئَ القُرآن فاستَمِعوا لَهُ‌ و أنصِتوا لعلّكم تُرحَمون )

و قُل لهُم إذا قُرِئَ القُرآنُ علَيكُم و بِلُغَتِكُم آياتِ الولاية فاستَمِعوا لهُ وأنصِتوا إليهِ لعلّكم تُرحَمونَ بذلكَ‌ فيرحَمُكُمُ اللهُ بولايَتِنا ،

( واذكُر رَبَّكَ في نَفسِكَ تَضَرُّعاً و خيفةً و دونَ الجَهرِ مِنَ القول )

فيا حبيبي اُذكُر اللهَ ربّك في نَفسِكَ إخفاتاً بِتَضَرُّعٍ و خُشوعٍ و دونَ الجَهرِ و الصّياحِ مِنَ القَوْلِ و الكَلام ،

( بالغُدُوِّ والآصالِ و لا تَكُن مِنَ الغافِلين )

واجعَل دُعاءَكَ ليلاً و نَهاراً و صَباحاً و مَسآءً و بالغُداةِ و الأصيلِ و لاتَكُن عَنِ الدُّعاءِ مِنَ الغافِلينَ فالدُّعاءُ يَرُدُّ القَضاءَ ،

( ‌إنَّ الّذين عندَ ربِّكَ ‌لا يستَكبِرونَ عَن عِبادَتِهِ و يُسبّحونَهُ و لهُ يَسجُدون )

إنّ الّذين عِندَ ربّكَ مِنَ المَلائِكَةِ في السّماواتِ لا يَستَكبِرونَ عن عبادَتِهِ و يُسبّحونَ اللهَ دائِماً و لهُ يَسجدونَ و أنتَ يا حبيبي أشرَفُ مِنهُم جميعاً .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 999-941 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *