(37)
سورة الأعراف
بإسمِ جَلالتي المخصوصةِ بي و بإسمِ رحمانيّتي و رحيميّتي أبدَأُ الوحيَ إليك يا رسولنا بِرَمزِ ألِف لام ميم صاد مِنَ الحروفِ النّورانيّه ،
إنّ القرآنَ كتابُ اللهِ اُنزِلَ إليكَ بواسطةِ جَبرئيل فلا تَدَع يَحصُلُ في صدرِكَ و قَلبِكَ حَرَجٌ و ضيقٌ مِن إبلاغِ آياتِ الولايةِ لِتُنذِرَ بالقرآنِ اُمّتك و تُذَكِّر بهِ المُؤمنين ،
أيّها المُسلِمونَ اتَّبِعوا ما اُنزِلَ إليكُم مِن ربّكم في ولايةِ عليٍّ و وُلدِهِ (ع) و لا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أولياءَ و خُلَفاءَ بالشّوريٰ و الإختيار قليلاً ما تَتَذَكّرونَ لزومَ إتّباعِ وليِّ الله !
فليتذكّروا عذابَ اللهِ لو.يُخالِفونَ أمرِهِ فَكَم مِن قريَةٍ و أهلها أهلكناها قَبلَهُم بعِصيانها فجاءَها عذابُنا ليلاً أو حين كانوا هُم في قيلولَةٍ النّهار ،
فحينما جاءَهُم عذابُنا فما كانَ إدّعاءهم و قولهم من دون إيمانٍ حينما جاءَهم عذابُ اللهِ سويٰ أن قالوا واعتَرَفوا إنّا كُنّا ظالمينَ عاصين ،
فبالتأكيد يوم القيامة سَنَسألُ ملائكة العذاب الّذين اُرسِلوا إليهم عَن أداءِ واجِبِهم و لَنَسألَنَّ المُرسَلين عن تبليغ الرِّسالَةِ إليهم ،
ثُمَّ سنشرَحُ لهُم قِصّة تاريخِهم بعِلمٍ تامٍّ بأحوالِهم و أفعالِهم و مَصيرِهم حتّيٰ لا يَبقيٰ مَجالٌ لِلشَّكِّ والإنكارِ حيثُ لم نَكُن غائبين عنهُم بل حاضرين ،
فاعلَموا أنَّ الوَزنَ و الميزانَ لِلأعمالِ يوم القيامة هو قطعيٌ يقينيٌ و بالعَدلِ و الحَقِّ فَمَن ثَقُلَت موازينُهُ بالولايةِ و بالصّالحاتِ فاُولئك هُمُ الفائِزونَ بالجَنّه ،
وَمَن خَفَّت موازينُهُ مِنَ الوِلايةِ والصّالحاتِ فاُولئك هُمُ الّذين خَسِروا أنفُسَهم حيثُ سَتُحرَقُ بالنّارِ بما كانوا بآياتِ اللهِ النّازِلةَ بِشأنِ آلِ مُحمّدٍ (ص) يُنكرون وَ يَظلِمونَ آلَ مُحمّدٍ (ص)
و بالتأكيد بِبَركَةِ ولاية مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) أيّها النّاس مكنّاكم في الأرضِ بَعدَ أن كنتُم غير مُتَمَكِّنينَ و جعلنا لكم فيها مَعايَشَ و أرزاقاً قليلاً ما تشكرونَ نِعمة الولاية ،
وَ تذكّروا لَقَد خلقناكم أوّل مَرّةٍ حينما خلقنا أبيكم آدمَ من طينٍ عليٰ شكلِ إنسانٍ ثُمّ نَفَخنا فيهِ مِن روحِنا و أودَعنا في صُلبِهِ مُحمّداً و آلِهِ (ص) و أنتُم ثُمّ قُلنا للملائكةِ اسجُدوا لهُ لأِنّه أبٌ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
فالملائكة كلّهُم أطاعوا و سَجَدوا تكريماً لِمُحَمّدٍ و آل مُحمّدٍ و شُكراً عليٰ آلاءِ اللهِ و أياديهِ بِهِم عليهم ما عَديٰ إبليس كانَ جِنِّياً في صَفِّهِم عَصيٰ وَ لم يكُن مِنَ السّاجدين مَعَهُم ،
قالَ اللهُ ما مَنَعكَ يا إبليسُ أن لا تَسجُد حيثُ أمَرتُكَ بالسّجودِ لي شُكراً ؟ قالَ اللّعينُ أنا خيرٌ منهُ لأِنّهُ جَهِلَ بأنَّ في صُلبِهِ مُحمّدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) فَعَمِلَ بالقِياس قائِلاً خَلَقتَني مِن نارٍ وَ خَلَقتَهُ مِن طينٍ وَالنّارُ خيرٌ من الطّين !
قال اللهُ تعاليٰ لهُ : فاهبِط منَ السّماواتِ مِن دَرَجَةِ الملائكة و أسقُط فما يكونُ لكَ أن تَتَكبَّر فيها عليٰ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فاخرُج مِن رَحمَةِ الله إنّكَ مِنَ الذّليلين ،
قال إبليسُ ربّي اُريدُ جزآءَ عباداتِيَ السّابِقَةِ و أنتَ عادِلٌ فاجعَل جزائي عليها أن تُمهِلَني إليٰ يومِ القيامةِ حيثُ يُبعَثونَ آدمُ و جميع نسلِهِ ،
قال اللهُ تعاليٰ بَليٰ أنا عادِلٌ لا اُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ فإنّكَ عَبدتَني سِتّةَ آلافِ سَنَةٍ فإنّكَ مُنظَرٌ ءإذاً إليٰ سِتّةِ آلافِ سَنَةٍ حتّيٰ قيامِ القائِم المَهديّ (ع) لا حتيّٰ يُبعَثون ،
فَقال إبليس : ألآنَ وحيثُ أمهَلتَني فَبِما أمرتَني للسّجود فغويتُ بالعِصيان سأقعُدَنَّ لِنَسلِ آدمَ لِاُغويَنّهُم عَن صراطِكَ المُستَقيم صِراطَ ولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
ثُمَّ لآتينّهُم مُوَسوِساً لهُم مِن بَيْنِ أيديهِم و مِن خَلفِهم و عن يمينِهم و عن شمالِهم فأصرِفُهُم عن صراطِ الولايةِ المُستقيم فلا تَجِدُ أكثَرَهُم شاكرينَ لِنعمة الولاية ،
قال الله تعاليٰ :اُخرُج من رحمتي ممقوتاً تُذَمُّ و مَحروماً مِنَ الجنّةِ وَالسّعادة مُبعَداً عنهما اُقسِمُ بأنّ مَن تَبِعَكَ منهم لَأملأنَّ جَهنّمَ مِنكُم أجمعين يا مُستكبرين عن ولايةِ مُحمّدٍ و آلهِ الطّاهرين (ع) ،
وَ قال الله تعاليٰ : يا آدمُ اسكُن أنتَ و حَوّا زوجتك في الجنّةِ لِأنَّ في صُلبِكَ الأنوار الأربَعَة عَشَر فَكُلا مِن طعامها و ثِمارها من حيثُ أردتُما ،
وَ لكن أَنهاكُما نَهيَ إرشادٍ و تنزيهٍ لا نَهيَ حُرمَةٍ وَ تَكليفٍ أن لا تَأكُلا من شَجَرةِ الحِنطة فَفيها الغريزةُ الحيوانيّةُ فَتكونا مِنَ الظّالمين لِأنفُسِكما إذ تُخرَجانِ مِنَ الجَنّةِ لِلتّوالُدِ وَ التَّناسُل ،
و كان إبليسُ لَم يُطرَد من الجنّةِ فَوَسوَسَ لآِدم و حوّاء يُريدُ أن يُحرِمَهُما السّعادَةَ و بِالأكلِ مِنَ الحِنطَة يُبدي لَهُما العَورتَيْن بَعد ما كانا بريئَين من منظرها السَيِّيء ،
فَقال لهما إنّما نَهاكُما رَبُّكما مِن أكلِ الحِنطةِ مِن هذهِ الشجرة لِكي لا تكونا خالِدَيْن في الجَنّةِ فَلا بُدّ أن تأكُلا مِنها لِتَسعَدا ،
وَ أقسَمَ إبليسُ باللهِ لَهُما إنّهُ يُريدُ سَعادَتِهِما وَ إنّهُ لَهُما مِنَ النّاصحين المُشفقين وَ لا يَنوي لَهُما سوءاً ،
فَدَلّيٰ إبليسُ آدمَ و حَوّا بِتَغريرِهِما بالجَهلِ عليٰ الشَّجرَةِ فلمّا ذاقا منها ظَهَرت الغريزةُ الحيوانيّةُ فيهما و بَدَت عورتَيْهما فاستَحَيا فَأخذا يَلزِقانِ عليهما مِن وَرَقِ الجَنّةِ ،
فَناداهُما اللهُ تعاليٰ قائِلاً ألَم اُرشِدُكما أن لا تأكُلا مِن تِلك الشّجَرَةِ لأِنّها شَجَرةُ الغريزةِ الحيوانيّةِ و قُلتُ لكما إنّ الشيطانَ ليسَ بناصحٍ لكما بَل عَدوٌ لكما بَيِّنٌ ،
قالا : إلهَنا وَربَّنا ظَلَمنا أنفُسَنا بِأكلِنا مِن شَجَرةِ الغريزة الّتي لازِمُها الخروجُ مِنَ الجنّةِ للتّوالُدِو التَّناسُلِ و إن لم تَغفِر لنا زِلَّتَنا و تَرحَمنا بِلُطفِك لنكونَنَّ من الخاسرين للجنّة إليٰ الأبَد ،
قالَ اللهُ تعاليٰ : إهبِطوا منها يا آدم و حوّاء و إبليس إليٰ الأرض وَ لِيكُن بعضكم لبعضٍ عدواً يا آدم و إبليس وَ لَكُم في الأرض مُستَقَرٌّ و رِزقٌ إليٰ حين قيامِ القائِم (ع) ،
وَ قالَ اللهُ تعاليٰ : في الأرض تَحيُون و تَعيشونَ بالتّوالُدِ و التّناسُلِ و فيها تموتونَ جميعاً وَ مِنها تُخرَجون للحسابِ يوم القيامةِ ،
يا أيّها النّاس يا أولادِ آدم قَد مَنَنّا عليكُم فأنزَلنا من الجنّة إليٰ الأرض الغَنَم كي تَتّخِذونَ مِن جلودِها و أصوافِها لباساً يَستُرُ عوراتِكم كما أنزلنا الطّيرَ تَستَفيدونَ مِن ريشِهِ ،
فَكما أنّ اللّباسَ يَستُرُكم و يكونُ زينة لكُم فالأفضلُ مِنهُ والأحسَن هو لباسُ التّقويٰ والتَّحَلّي بهِ و ذلك اللّباسُ هوَ مِن دلائِلِ الإيمان باللهِ لعلّهم يَتذَكّرونَ ولايةَ محمّدٍ و آلِهِ (ص) ،
يا أولاد آدم لا يوقِعَنّكُم الشيطانُ في الفِتنَةِ فيُضِلّكم كما أخرَجَ أبويْكم من الجنةِ بالفِتنَةِ والوَسوَسَةِ حَسَداً منهُ لهُما لِيَنزِعَ عنهما لِباسَ الجّنةِ و يُرِيَهُما عور اتهما ،
إنّ الشيطانَ يراكم هوَ و رَبعُهُ مِن حيثُ لا تُشاهدونهم فاحذَروهم إنّا جعلنا الشّياطينَ أولياءَ لِلّذين لا يُؤمنون بولايةِ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و مَن كان الشيطان وليُّهُ فهو شيطانٌ ،
و هؤلاءِ أتباعُ الشياطين إذا فعلوا فاحِشَةً يقولون بالجَبْر و يقولون إنّا وَجَدنا عليها آباءَنا فاتّبَعناهم واللهُ أمَرنا باتِّباعِهم و أجبَرَنا عليها ،
قُل لهم يا حبيبي : إنّ اللهَ لم يُجبِركم بَل خَلَقَكُم مختارين و نهاكُم عن الفحشاءِ فهو لا يأمُرُ بالفحشاءِ أتقولونَ عليٰ اللهِ ما لا تعلمونَ إنّهُ يُنافي عدلَهُ و حكمتَهُ ،
قُل لهم أمَر اللهُ بالعَدلِ فكيفَ يأمُرُ بالفحشاءِ و أقيموا وجوهَكُم إليٰ اللهِ عِندَ كلِّ صلاةٍ واعبُدوهُ مُخلصينَ لهُ الدّينَ مِنَ الرّياءِ والبِدعَةِ الّتي أدخَلَها خلفاءِ الجَوْر كما بَدأءَ خلقكم يبعثكم ،
فريقاً و طائِفةً مِن اُمّةِ الإسلام هَداهُم اللهُ بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و هُم الشّيعه و فريقاً آخَرَ غيرِ الشّيعة حَقَّ عليهم أن يتركهم في الضّلالَةِ بعنادِهِم
فالفريقُ الضّالُّ مِنَ المسلمين هُمُ الّذين اتّخَذوا الشياطينَ مِنَ الإنسِ خُلَفاءَ الجورِ أولياءَ مِن دونِ اللهِ و رسولِهِ و أهل البيت (ص) و يَحسَبون أنّهم بِتَركِ ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) مُهتَدون !
يا أولادِ آدم الّذي قُلنا إنَّ لباس التّقوي خيرٌ لهم منَ الثّيابِ خُذوا زينتكم لباسَ التُّقيٰ وَ وِلايةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) عِندَ كلِّ صلاةٍ و طَوافٍ و عبادَةٍ لأِنّها شرطُ قبولِها ،
يا بني آدم كلوا واشرَبوا مِمّا أحَلَّ اللهُ لكم بعدَ إخراجِ الخُمسِ و الزّكاةِ بِحَدِّ الحاجَةِ والضّرورَةِ و لا تُسرِفوا في المَأكَلِ و المَشرَبِ و في الأكلِ والشُّربِ إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُسرفين ،
قُل لهم يا حبيبي : لماذا تُحرِّمونَ المِتعَةَ ؟ مَنِ الّذي حَرَّمَ زينةَ اللهِ الّتي أخرَجها و شَرَّعها لِعبادِهِ و حَلّلها إليٰ يومِ القيامةِ كي تقولون بِحُرمَتها ؟ و مَنِ الّذي حَرَّم الطَيّبات ؟؟؟
قُل إنَّ الطيّبات هي خَلَقَها اللهُ و أحلَّها لِلّذينَ آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص) و إن اشتَرَكَ مَعَهُم غيرَهُم لكنّها خالِصةٌ لهُم يوم القيامةِ هكذا نَشرَحُ الآياتِ لِقومٍ يعلَمون الحلالَ و الحَرامَ ،
قُل لَهُم يا حبيبي : إنّما حَرَّم ربّي الزِّنا وَ اللِّواطَ وَ المُساحَقَةَ و القِيادَةَ ما ظَهَر و اُعلِنَ منها وَ ما خَفِي سِرّاً و بَطَن ، و حَرَّمَ الإثمَ وَالمَعصِيةَ وَ حَرَّم البَغيَ وَالظُلمَ وَ لَم يُحرِّم المِتعة ،
وَ حَرَّم عليكم ربّيَ الشِّركَ بِأنواعِهِ بأن تُشرِكوا باللهِ بطاعَةِ خلفاءِ الجَوْرِ ما لَم يُنزِّل عليهِ دليلاً تُرَخِّصُه كالتّقيّةِ و حَرَّمَ عليكُم أن تقولوا عليٰ اللهِ ما لا تعلَمون فيكونُ كِذباً عليٰٰ الله ،
لكلّ اُمّةٍ مُدّةٌ مُعيّنةٌ لِعذابها و لِلاُمّة الإسلاميّةِ أجَلٌ مُحَدَّدٌ مُعيَّنٌ يَظَهرُ فيهِ المَهديّ من آل مُحمّدٍ (ص) فإذا جاءَ لا يستأخِرونَ عنهُ و لا يَستَقدِمونَ عليهِ ساعةً فلا ينجون مِن سيفِهِ ،
فيقول الله تعاليٰ حينئذٍ يا أيّها النّاس ألَم تُتَمُّ عليكم الحُجّةُ ؟ ألَم يأتيكم رسُلٌ أئِمّةٌ معصومين من بعد رسول الله (ص) هُم منكم لا مِن الملائِكة يَشرَحون لكم القرآنَ و يُفسِّرونَهُ ؟؟؟
فالأنَ و عندَ قيامِ القائِمِ و ساعة الإنتقامِ فَمَن اتّقيٰ و أصلَحَ في العَمَل بالتَمَسّكِ بولايةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فلا خوفٌ عليهم مِنَ المَهديّ (ع) و لا هُم يحزَنونَ بِظهورِهِ بَل يَفرَحون ،
و أمّا الّذين كذّبوا بآياتِ اللهِ النّازلةِ بشأنِ آل محمّدٍ (ص) واستَكبَروا عن إطاعَتِهِ والتمسّك بولايتهم أولئِكَ عليهم الخوفُ منهُ و يحزَنونَ مِن ظهورهِ ثُمّ يقتُلُهُم فيذهبونَ إليٰ الجحيم يَخلُدونَ فيها ،
فيا حبيبي مَن يكونُ أظلَمُ مِمَّن افتريٰ عليٰ اللهِ قائِلاً بأنّهُ لَم يَنصِبُ عليّاً (ع) لِلخلافَةِ و الإمامَةِ أو كَذَّبَ بآياتِ اللهِ النّازلةِ بشأنِهِ فهو أظلَمُ النّاس و لا يَنالُ عهدي الظّالمين أولئِك الظَّلَمَةُ لهُم نصيبُهُم مِمّا قُدِّرَ في اللّوحِ المَحفوظِ مِن مكاسِبِ الدّنيا فقط ،
فيستَمتِعونَ بالدّنيا حتّيٰ إذا جاءَتهم ملائكتُنا عزرائيلَ و أعوانِهِ يُهلِكونَهم قالوا لهم أين الآنَ ما كنتُم تَدعونَ مِن دونِ اللهِ أولياءَ لِيُخَلِّصوكم ؟؟؟
فيُجيبونَ مَلَك الموت قائِلين : غابوا عنّا و لم يَحضرونا حينَ نزعِ أرواحِنا فليسوا كما كُنّا نعتقد فيهم بأنّهم شفعاؤنا و شهدوا عليٰ أنفسهم أنّهم كانوا كافرين بولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص)
و بعد الموت يُبعَثون فيقول لهم قسيمُ الجنّةِ و النّار عليّ بن أبيطالب (ع) اُدخلوا مع اُمَمٍ سبقوكم في تاريخ الدّنيا بالكفر من الجنِّ و الشياطين و الإنس في نار جهنّم ،
فهؤلاء المخالفين لولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) كلّما دَخَلَت منهم جماعةٌ في النّار لَعَنت جماعةً اُخريٰ يرونهم فيها حتّيٰ إذا تلاحقوا فيها جميعهم قالت الجماعةُ التابعةُ للعصابةِ الاُوليٰ المتبوعَةِ لعنة الله عليكم ،
ثُمَّ يصرخون : ربّنا هؤلاء الخُلَفاءِ و الولاةِ هُمُ الذين أضلّونا عن ولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فأعطِهم عذاباً مُضاعَفاً من عذاب نار جهنّم ،
حينئذٍ يقول لهم عليّ بن أبيطالب (ص) قسيم النار بَليٰ لِكُلٍّ منكم ضِعفٌ من عذاب النّار أَلخُلَفاء و أنتُم و لكن لا تعلَمون أنتُم مِن قَبلُ ،
و قالت الجماعة الاُوليٰ من المُخالفين لآِل محمدٍ (ص) و هُم وُلاةِ الجَوْر و الخُلفاء للجماعةِ الأخيرةِ و هُم أتباعَهُم ما كان لكم بِاتّباعِكُم لنا فضلٌ علينا فذوقوا العذابَ جزاءً بما كنتم تكسبون مِنَ الإِثْم ،
بالتأكيد إنّ الذين كذّبوا بآيات الله النازِلَةِ بَشَأن أهلِ البَيْت (ع) وَاستكبروا عن إطاعتها و موالاتهم عندما يموتون لا تُفَتّحُ لأِرواحِهم أبواب السمآءِ بل ينزلون إليٰ بَرَهوت ،
وَ هؤلاء لا يَدخُلوُن الجَنّةَ بِنحو الإستحالة كما يَستحيلُ أن يَلِجَ الحَبلُ في ثَقبِ الإبرةِ فمُحالٌ دخولُهُم الجَنّة و ذلك هُوَ جَزاءُ المُجرمينَ بِتركِ ولايةِ آل مُحمّد (ص) ،
لهم من طبقات جهنّم الحريق فِراشٌ و موضعُ قَدَمٍ و من فوق رؤسِهم أعْطيّةٌ من نارٍ و هكذا يجزي الله الظّالمين لآِل مُحمّدٍ (ص) وَ شيعَتِهِم ،
وَ أمّا الّذين آمنوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالحات عليٰ سُنّتِهم و مذهبهم لا نُكَلِّفُ نفساً منهم إلاّ وُسعَ طاقَتِها أولئك الشّيعة أصحابُ الجنّة هُم فيها خالِدونَ إليٰ الأبَد ،
وَ الشيعةُ المؤمنونَ في الجنّةِ نَنزِعُ ما في صدورِهِم مِن حِقدٍ كان بَيْنَهم في الدُّنيا بِسَبَبِ الشيطان وَ هُم في قُصورٍ تجري مِن تَحتِها الأنهار ،
وَ عندما يَرَوْنَ النِّعَمَ والفَوزَ يقولون : ألحمدُ لِِلّهِ الذي هدا لِهذا بولايةِ مُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ (ص) وَ ما كُنّا لنهتدي لَولا أن هَدانا اللهُ لِولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) لَقَد جاءَت دَعوة النَّبيّ وَ الأئمّة (ع) بالحَقّ ،
وَ يُناديهم النّبيّ و الأئمّة (ع) يا شيعةَ آل مُحمّدٍ (ص) تِلكَ هي الجنّةُ الَّتي كنّا نَعِدُكُم بها اُورِثتُموها بِما كنتم تعملون مُتَمسّكين بِولايَتِنا ،
ثُمَّ يُنادي الشيعةُ أصحابُ الجنّةِ أعداءَهُم أصحابَ النّارِ وَ يَقولونَ : إنّا قد وَجَدنا ما وَعَدَنا ربّنا حَقّاً فَهَل وَجَدتُم ما وَعَدكم ربُّكُم مِنَ العَذابِ حَقّاً ؟
فيُجيبونهم أعداءَهم قائلين : نَعَم وَجَدنا عذابَ اللهِ حقّاً فحينئذٍ يُنادي مُنادٍ من ملائكةِ النيران بينهم أن لعنة اللهِ الأبديّةِ عليٰ الظّالمين لآِلِ مُحمّد (ص) ،
لعنة اللهِ عليٰ الّذين يَصُدّون النّاسَ عن ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) سبيل اللهِ الَّذي أمَرَ بِسلوكِهِ وَ يَبغونَ السّبيلَ مُنحرفاً عنهُم وَ هُم بِالآخرةِ كافِرون بِتَركهم ولاية آل مُحمّد (ص) ،
وَ بين الجنّةَ والنّارِ سورٌ يحجب بينهما وَ عليٰ سور الأعرافِ المُحيطِ بالجنّة رجالٌ معصومون من أهل البَيْت (ص) يَعرِفون كُلاًّ مِنَ الشّيعة بسيماهُم
وَ يُنادون أصحاب الجنه آل مُحمّدٍ المعصومين أن سلامٌ عليكم يا أهل بيتِ النُّبُوّه و مَعدِنَ الرّسالة حينما يَرَوْنَهم عليٰ الأعراف و يَقِفونَ لِيُشاهِدوا أئِمَّتهُم و لم يدخلوا الجنّة مع طَمَعِهِم بِدخلولها شَفَناً بِهِم ،
وَ إذا صُرِفَت أبصار الشّيعة تِجاهَ أصحابِ النّار يقولون : ربّنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين لمحمدٍ و آل محمدٍ (ص) ، ألتّاركين لولايتهم ،
وَ ينادي الأئِمّةُ المعصومينَ من أهل البيتِ (ع) مِن فوق الأعرافِ رجالاً من خُلفاءِ الجَوْر يعرفونهم بسيماهُم قائِلين لهم ما أغنيٰ عنكم إجتماعكم ضِدّنا وَ ما كنتم تستكبرون عم ولايتنا ،
و يقولونَ لهم أهؤلاءِ تَرَوْنهم شيعتنا الّذين أقسَمتُم لا يَنالُهُم اللهُ بِرَحمةٍ منهُ فهاهُم نالوها ثُمّ يقولونَ لِلشّيعة ادخُلوها الجَنَّةَ لا خوفٌ عليكم من أعداءِكم و لا أنتُم تحزَنونَ فيها ،
و بَعد ذلك يُنادي أصحابُ النّارِ أصحابَ الجنّةِ من شِدّةِ العَطَش و حَرارَةِ النّار أفيضوا علينا الماءَ و دَعوُهُ يتَفايَض فَيَصِل إلينا أو أفيضوا علينا مِمّا رزقكم الله من الخَمرِ و العَسَلَ و اللَبَن ،
فيُجيبونَهُم أصحابَ الجنّة قائلين كلاّ إنّ اللهَ حَرَّمَ مياهُ الجنّةِ و أشرِبَتَها عليٰ الكافرين بهِ و بولايةِ محمدٍ و أهل بيتهِ (ع) ، موتوا عَطَشاً !!!
فهي مُحرَّمَةٌ عليٰ الّذين اتّخَذوا دينَ الإسلام ألعوبَةً يُحَرِّمونَ حلالَهُ و يُحَلِّلونَ حَرامَهُ كما يَشتهونَ واغتَرّوا بِمَلَذّاتِ الحياة الدّنيا و شَهَواتها
فاليومَ ننساهُم من رحمتنا و نتركهم في عذابنا كما نَسواهُم لِقاءَ يومهم هذا مع أنّنا حذّرناهُم ذلك و بما كانوا بآياتِنا النازلةِ بشأنِ آلِ محمدٍ (ص) يَجحَدون ،
و لقد جئناهُم بالقرآن كتابَ الله شرحناهُ لهم بواسطةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) عليٰ عِلمٍ منهم بِتَفسيرِهِ كامِلاً ليكونَ هُديًٰ و رَحمَةً لقومٍ يُؤمنون بالقرآن و العِترة ،
هل ينظرون سويٰ تَحَقُّقِ تأويل وعيد القرآن فيوم القيامة يأتي تأويلُهُ و يَتَحقَّق فحينئذٍ يقول الذين نَسوا القرآن مِن قبلُ قد جاءَت رسُلُ ربّنا محمّدٌ و آلُهُ (ع) بالحَقِّ ،
فَهَل لنا اليوم مِن شفعاءَ مِن خُلَفاءِنا فَيَشفعوا لنا أو نُرَدّ إليٰ الدّنيا فَنَعمَل غير الذي كنّا نعمَلهُ بل نُوالي آلَ محمدٍ (ص) و هيهاتَ قد خَسِروا أنفُسَهم باحتراقِها في النّار و غابَ عنهم ما كانوا يفتَرونَ بأنّ الخِلافةَ بالشّوريٰ !!!
إنّ خالقكم هو ربّكم الله الّذي خَلَقَ السّماواتِ و الأرضَ في سِتّةِ مَراحِل و بعدَ إكمالها استويٰ عليٰ عرشِ القُدرَةِ و التّدبير و السّلطَنَة عليها ،
يُدخِلُ اللّيل في النّهار و يطلُبُ النّهارُ اللّيلَ سريعاً والشمسَ والقَمَر وَ النجومَ جعلها مُسخّراتٍ بقُدرَتِهِ و إرادَتِهِ في مَدارٍ مُعيَّنٍ ،
فاعلموا أيّها الناس المخلوقين إنّ لِلّهِ الخَلقُ و لهُ الأمرُ والنَهيُ والتّشريعُ لا لِغَيرهِ فليسَ لِخُلفاءِ الجَوْر حَقُّ الأمرِ والنَهيِ تعاظَمَت بَرَكة اللهِ رَبّ العالمين ،
أيّها النّاس أدعوا اللهَ ربّكم لِيَغفِرَ لكم بِتَضَرُّعٍ و خشوعٍ و تَذلُّلٍ و دُموعٍ و اُدعوهُ سِرّاً و في الأسحارِ إنّه لا يُحِبُّ المُعتَدينَ بِصَلاة التّراويحِ و صلاة الضُّحيٰ ،
و لا تُفسِدوا في الأرضِ بِغَصبِ الخِلافَةِ مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) بعدَ إصلاحها بمُحمدٍ وَ آلِ مُحمّدٍ (ص) وادعوُا اللهَ خُوفاً من نارهِ و طَمَعاً في جَنَّتهِ إنّ رحمةَ اللهِ بالإستجابَةِ قَريبَةٌ من المُحسنينَ المُوالينَ لِمُحمدٍ و آلهِ (ع) ،
وَ اللهُ سبحانَهُ هو الّذي يُرسِلُ الرّياحَ بشارةً بين يَدَيْ رحمة المَطَر الّذي يرحَمُ بهِ مخلوقاتِهِ حتيٰ إذا أقَلّت الرّياحُ غيوماً مُثقَلَةً بالماءِ سُقناهُ لِبَلَدٍ جافٍّ يابسٍ ،
فَأنزَلنا بهِ الماءَ مَطراً و وَفراً و ثَلجاً فأخرجنا بهِ من كُلِّ الثّمراتِ و الزّروعِ فنُحيي الأرضَ و كذلك نُخرِجُ الموتيٰ كالزّرع يوم القيامة لعلّكم تتذكَّرونَ المَعاد ،
وَالأرض الصالحةِ لِلزَرعِ ألطيّبة تُرابها عند ما يُسقيها المَطَر يخرج نباتها بإذن الله والبَلَدُ الّذي خَبُثَت تُربَتُهُ لا يخرُجُ الزّرعُ فيهِ إلا شوكاً و حَطَب
وَ هكذا نشرَحُ و نوضِحُ الآياتِ النازلة بشأنِ ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) لقومٍ يشكرونَ نِعمَةَ ولايتهم فالإنسانُ الطيّبُ تُحييهِ الولايةُ بنورِها والخَبيثُ لا يَزدادُ إلاّ عِناداً ،
وَ يا حبيبي تَذكَّر إذ قد أرسَلنا نوحاً إليٰ قومِهِ ليَدعوهُم فقال يا قوم :اعبُدوا اللهَ ليسَ لكم خالِقٌ غيرُهُ إنّي أخافُ عليكم إن عصيتُم عذابَ يومٍ عظيم الجزاء ،
فَقالَ لهُ رؤساءُ قومِهِ إنّا لَنراكَ في ضَلالَةٍ واضِحةٍ بَيّنةٍ لمُخالِفتك لِقومِك و خروجكَ عليٰ أصنامنا !!!
قال لهم نوحٌ يا قومي : أنا عليٰ هُديًٰ و ليس بي ضَلالةٌ إذ اُريدُ لكُم الخَيْر وَ السَّعادة في الدُّنيا و الآخرةِ وَ أنا رسولٌ عَليكُم من قِبَلِ ربّ العالمين
فأنا اُبلّغكم رسالاتِ ربّي ربّ العالمين و أنصَحُ لكم و اُريدُ لكم الخَيْر وَ السَّعادة و أعلَمُ من الله أنّهُ بعد الإبلاغ سيُعذّبكم بالعِصيان و أنتُم لا تعلَمون ،
فهل تَعجَبونَ مِن أن جاءَكم وَعظٌ و نُصحٌ و إرشادٌ من ربّكم بوحيٍ عليٰ رَجُلٍ منكم ليُنذِركم عذابَ اللهِ كي تتّقوا اللهَ لعلّكم بالتّقويٰ تُرحَمون ،
فكذّبوا نوحاً في دعويٰ الرسالة فأنجيناهُ والّذين معهُ في السفينةِ و أغرقنا بالطّوفانِ الّذينَ كذّبوا بآياتنا النازلة عليه إنّهم كانوا قوماً عَمينَ عنِ الحَقّ ،
وَأرسلنا إليٰ قومِ عادٍ أخاهُم من قبيلَتِهم هودُ النّبيّ قال : يا قومي اعبُدوا الله ليس لكم خالقٌ غيرهُ أفلا تتّقونَ اللهَ و تَخافونَ عذابَهُ ؟؟
فَأجابَهُ جماعةُ الكفّارِ مِن قومِهِ قائلين : إنّا نعتَقِدُ أنّكَ في جَهالَةٍ و سفيهٌ بالعقل و إنّا نَعتَقِد أنّك من الكاذبين بإدّعاءِ الرّسالَةِ ،
فقالَ هودٌ لِقومهِ يا قومِ ليسَ بي سَفاهةٌ كما تُدّعون بل إنّي رسولٌ مُكَلّفٌ بِدَعوتكم مِن قِبَلِ رَبّ العالمين و خالِقُ الخَلقِ أجمعين ،
فلو لا إنّي مُكلّفٌ بالرّسالةِ لما خاطَبتُكُم فأنا اُبلّغكم رسالات ربّي فهو يأمرُكم أن تتركوا عبادَة الأصنام و تؤمنوا بهِ و أنا لكم ناصحٌ أمينٌ في النُّصح لا أخونكم ،
فهل تَعجّبتم مِن أن جاءَكم وحيٌ من الله بواسطةِ رجُلٍ منكم لِيُنذركم من عذابِ الله و عقابهِ إن عصيتم و كفرتُم ؟
و قال لهم يا قوم اذكروا إذ جعلكم اللهُ من بعدِ قومِ نوحٍ مُستخلفين في الأرض خَلَفاً لهُم و زادكم عليهِم في الجِسم طولاً فاذكروا نِعَمَ اللهِ عليكم لعلّكم تُفلِحون بالإيمان بِهِ ،
قالوا له قومهُ أجِئتَنا تدعونا كي نعبُدَ الله وَحدَهُ و نَدَعَ ما كانَ يعبُدُ آباوُنا من الأصنام فائتِنا بما تَعِدنا من العذاب إن كنتَ من الصّادقين آباؤنا من الأصنام فائتِنا بما تَعِدُنا من العذاب إن كنتُ من الصّادقين في دَعواك ،
قال هودٌ لِقومِهِ بعنادكم قد وَقَعَ عليكم من اللهِ اللّعنةُ والعذابُ و الغَضَبُ أتُجادِلونني بهذا المَنطِقِ السّخيفِ دِفاعاً عن أسماءٍ سمّيتموها لِلأصنام أنتُم و آباؤكم ؟؟
ما نَزَّلَ اللهُ بعبادتهما من وحي و بُرهانٍ يُجوِّز عبادتهما فانتظروا العذابَ الّذي وعدتُكُم بهِ إنّي معكم من المُنتظِرين لِنُزول العذاب عليكم ،
فأنجَينا هوداً و مَن مَعَهُ من المؤمنين برحمةٍ منّا من العذاب و قَطَعنا نَسلَ الّذين كذّبوا بآياتِنا و قَطَعنا أصلَهُم بالعذابِ و ما كانوا مُؤمنين بالله
وَ أرسلنا إليٰ قومِ ثَمودَ أخاهُم مِن قَبيلَتِهم ألنّبيّ صالح ، قالَ لهم يا قومي اعبُدوا الله ليس لكم خالِقٌ سواهُ قد جاءَتكم علامة تشهَدُ عليٰ صِدقِ إدّعائي مِنَ الله ،
هذهِ ناقةٌ أخرجَها اللهُ مِنَ الصَّخرةِ لكُم كَما طَلِبتُم مِنّي آيةً عليٰ رسالتي فَدَعوها تَرعيٰ في الصّحراءِ و لا تمَسّوها بأذيًٰ فإن فَعَلتُم فيأخذكم عذابٌ أليمٌ
واذكروا يا قوم إذ جعلكم اللهُ مُستَخلِفين في الأرض مِن بَعدِ قومِ عادٍ و أسكنَكُم في الأرض مُستَقِرّين مُطمَئِنّينَ تَتّخِذونَ مِن سُهولِها مَقرّاً تَبنونَ فيها قصوراً .
و تَحفِرون في الجبال بيوتاً تسكنونها أيّام الصّيف مَصايِفَ لكم جَبَليّة فاذكروا نِعَمَ اللهِ عليكم و لا تعيثوا فساداً في الأرض بكفركم ،
فقال جماعة المُستكبِرين الكُفّار مِن قومِهِ لجماعة المُستضعَفين المُؤمنين باللهِ و برسالَتِهِ إستهزاءً هل تعلَمون أنّ صالحاً مُرسَلٌ مِن ربّنا إلينا ؟
قالَ المُؤمنون لهم إنّا بما أرَسِلَ صالحاً بهِ … الله مؤمنون وَ قال المُستكبرونَ الكافرين إنّا بالّذي آمنتُم بهِ كافرون فلا نُؤمِنُ بالله وَ لا برسالَتِهِ ،
( فَعَقَروا النّاقَةَ و عَتَوا عن أمرِ ربّهم و قالوا يا صالحُ ائتِنا بما تَعِدُنا إن كُنتَ من المُرسلين )
فقتلوا النّاقَةََ بالسَّيف و عَصَوا و تَمَرّدوا عن أمرِ الله بِعَدَمِ مَسّها بأذيًٰ ، و قالوا يا صالحُ جِئنا بما وَعَدَتَنا من العذابِ إن كُنتَ من المُرسَلين بصدقٍ ،
فأعرَضَ عنهُم و خَرَجَ من بينهم و قال لَهُم : يا قومِ لَقَد أبلغتُكُم رسالة الله و نَصحتُ لكم و لكن لا تُحبّون النّاصحين و لا تقلبون النّصيحةَ فأخذَتهُمُ الزّلزلةُ فأصبحوا في دارهم جاثِمين عليٰ رُكَبهِم أمواتاً ،
وَأرسلنا لوطَ النّبيَّ إليٰ قومِهِ قالَ لَهُم إستنكاراً : هَل تَأتونَ فاحِشَةَ اللّواط وَ المُساحَقَةِ ما سَبَقَكم بها مِن أحدٍ قبلكم من العالمين ،
إنّكم لَتأتونَ الرِّجالَ شَهوَةً في دُبُرِهِم من دونِ النّساءِ اللاّتي خَلَقَهُنّ اللهُ لهذا بل أنتم قومٌ مسرِفونَ مُفرِطونَ في الشّهواتِ المُحرَّمَة ،
وَ ما كانَ جوابَ قومِهِ لِنَهيِهِ عن المُنكَر إلاّ أن قالوا بعضهم لبعضٍ أخرِجوا لوطاً و أهلَهُ من قريتكم إنّهم اُناسٌ يَتَطهَّرون مِنَ اللّواط ،
فَأنجينا لوطاً و أهلَهُ من بينهم إلاّ زوجتَهُ الفاسِقَة كانَت مِنَ الهالكين وَأمطَرنا عليهم مَطَرَ الحِجارَة فانظُر كيفَ كانَ عاقِبَة المُجرمين أهل اللّواط ،
و أرسلنا إليٰ قومِ مَديَنَ أخاهُم من قَبيلَتِهِم شُعيبُ النَّبيّ قال : يا قومِ اعبُدوا اللهَ ما لكم من خالِقٍ سِواهُ قد جاءَتكم رسالةٌ واضِحةٌ بواسطتي من ربّكم ،
فأتِمّوا وَ وَفّوُا الكَيْلَ و الوَزنَ و لا تُنقِصوا النّاسَ أجناسَهُم و لا تُفسِدوا في الأرضِ بالتّطفيف و الكُفر بعدَ إصلاحها بالشرائع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مُؤمنين برسالتي ،
وَ قال لَهُم لا تقعدوا بكُلِّ طريقٍ ومَعبَرٍ تُهَدِّدونَ النّاسَ و تمنَعونَهم عن دينِ اللهِ وَ عن حُضور المَعابِدِ و تَطلُبون أن يَسلُكوا الطُّرُقَ المُعوَجَّة إليٰ دُورِ الفَساد ،
و تذكّروا نِعمة اللهِ عليكم و رحمته إذ كنتم عَدَداً قليلاً فكثّركم بكثرَةِ أولادكم وانظروا كيفَ كانَ عاقِبة المُفسدينَ في الأرض مِن قَبلِكُم حيثُ هَلَكوا ،
و قال إيضاً لو كان جماعةٌ منكم آمَنوا بالّذي اُرسِلتُ بهِ إليكم و جماعةٌ لم يُؤمنوا فاصبِروا يا مُؤمنين حتيٰ يحكم الله بيننا و بين الكافرين و اللهُ خيرُ الحاكمين ،
قالَ لهُ جماعة المُستَكبِرينَ مِن قومِهِ عليٰ الله و عليهِ بالتأكيد سَنُخرِجُكَ يا شُعيبُ أنتَ والّذين آمَنوا برسالَتِك مَعكَ مِن قَريةِ مَديَن فهي لنا ،
لنُخرِجَنّكم مِن مَديَنَ أو لتعودون في مِلّة الكفر فأجابَهُم شعيبٌ قائلاً : هل نعودُ في مِلّتكم مَعَ أنّنا نكرهها ؟ إذاً قد افتَرَينا عليٰ اللهِ كَذِباً لو عُدنا في مِلّتكم ،
فكيف نرجع بعد أن نجّانا الله منها و لا يجوز لنا أن نعود في الكفر و نعود إليٰ مَديَن إلاّ أن يريد الله ذلك فيأمُرنا بهِ وَسِعَ ربّنا بكلِّ شييءٍ عِلماً بِمَصالِحِهِ ،
فَنَحنُ عليٰ الله توكّلنا فَهُوَ يُدافع عنّا ربّنا احكُم بالفَتح وَ بَيْن قومنا الكفّار بالحَقّ ليكون الفتح لنا و أنت خير الحاكمين بالفتح لأِهل الحَقّ
وَ قال جماعة الكفّار من قوم شعيبٍ بعضهم لبعضٍ لو أنّكم اتّبعتُم شعيباً و آمنتم به إنّكم إذاً لخاسرون رئاسة قومكم عليٰ مَديَن ،
فَعِندَئِذٍ أخذَتهُم الزّلزلةُ فأهلَكتهُم جَميعاً فأصبَحوا في دورِهم جاثمين عليٰ ركبهم ميّتين من شِدّةِ عذابهم لم يَمُدّوا أرجلهم
فالكفّار الذين كذّبوا شعيباً كانوا هُمُ الخاسرين لا الّذين اتّبعوهُ فأعرَضَ عنهُم و قال : يا قوم لَقد بلّغتُكم رسالات ربّي وَ أمَرتُكُم وَ نَهيتُكُم
فبعد أن أدّيتُ واجبي كاملاً غير منقوصٍ و أتممتُ عليكم الحُجّةَ فأصرَرتُم عِناداً فكيف أءسَفُ عليٰ هلاك قومٍ كافرين مثلكم ،
و قال الله ما أرسلنا في قريةٍ من نبيٍّ يدعوُا أهلَها للإيمان إلاّ أخذَنا أهلها بعِصيانهم بالبُؤسِ والمَرَض لعلّهم يتضرّعون إليٰ اللهِ تائبين ،
ثُمّ إذا بَدّلنا مكانَ البليّةِ النِّعمَةَ فنجّيناهُم منها بعفوها عن ذنوبهم فنالوا العافِيَة قالوا مُنكِرين لِنِعمَتِنا قَد مَسَّ آباءَنا المَرضُ والفقرُ مِن قبلنا إيضاً ،
فلمّا نَسوا البليّة و بَطَرتهُمُ النّعمَةُ و لم يشكروها و تمادَوا في العِصيان أخذناهُم بالعذاب فُجئَةً من دون سابقِ إنذارٍ و هُم لا يشعرون بها ،
و لو أنّ أهلَ المُدُن آمنوا باللهِ و بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) واتّقَوا اللهَ و لم يعصوهُ لَفَتحنا عليهم أبوابَ بركاتٍ من السّماءِ معنويّةً و ماديّةً و مِن الأرض خيراتها ،
و لكنّ أهل مكّة و رؤساء قريشٍ و بني اُميّةَ و تَيمٍ و عَديٍ و مُنافِقوا المدينةِ والطاّئِف والشّامِ والمُدُنِ الاُخريٰ كذّبوا بولايةِ آل محمّدٍ (ص) فأخذناهُم بما كانوا يكسِبون من العِداءِ لآِل مُحمّد (ص) ،
نستفهُمُكم مُستنكِرين هل أَمِنَ أهل المُدُن المكذّبون بولاية محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) أن يأتيهم عذابنا ليلاً و هم نائِمون في الفِراش ؟
أو فَهَل اطمَأَنَّ المُكذِّبونَ مِن أهلِ المُدُن بولايةِ آل محمّدٍ (ص) فَهُم في أمانٍ مِن أن يأتيهِم عذابُنا وقت الضُّحيٰ و هُم يلعبون بالحُكمِ و المُلكِ ؟
أفَأمِنوا هؤلاءِ المُنافقينَ المُخالفينَ لِعليٍّ و أهل البيت (ع) مِن مَكرِ الله بِهِم بإستدراجِهِم بالخلافَةِ إليٰ الهَلاكِ فلا يأمَنْ مَكْرَ اللهِ إلاّ القَومَ الخاسرون عاقِبَةً ،
ألَم يتّضِح للذين يَرِثون الخِلافةَ في الأرض غَصباً مِن بَعدِ أهلها الشّرعيّين أهل البيت (ع) أن لو أصَبناهُم بذنوبهم بالعذاب و نختِمُ بالنِّفاقِ عليٰ قلوبهم فهم لا يسمعون فضائِلَ آلَ مُحمّد (ص) ،
فيا رسول الله تِلكَ تواريخُ أهل القُريٰ الهالكة نقض عليك من أخبارها و لقد جاءَتهم رُسُلهم مِن قِبَلِ اللهِ بِالدّلائِل الواضِحاتِ والمُعجزات ،
و عليٰ رَغمِ ذلك كُلِّهِ ما كانوا لِيُؤمنوا بما كذّبوا برُسُلِهم مِن قَبلِ البيّنات فكذلك يَدَعُهُم اللهُ في ضَلالِهم فيكون قَد خَتَم عليٰ قلوبِهم بالكفر باختيارِهم
فيا حبيبي فأمّا اُمّتك فما وَجَدنا لأِكثَرِهِم مِن عَهدٍ يُعاهدوهُ يومَ غديرِ خُمٍّ و يُبايِعوا عليّاً (ع) بالولاية يوفونَ بهِ بل إنّنا وَجَدنا أكثرهُم لَفاسِقينَ يُنقِضونَ بيعَتَه ،
فلنَرجِع إليٰ قِصصِ الأنبياءِ فَبَعدَ اُولئك الّذين ذَكرناهُم بَعَثنا موسيٰ ابن عِمران بالتّوراة والعصاء واليَدِ البيضاء إليٰ فرعون و جماعته ،
فَظَلَم فرعونُ و جماعته بالآيات و لم يُؤمنوا بها فانظُر يا حبيبي كيفَ كان عاقبة المُفسدين فَسَنَسرُدُ عليك قِصّتَهم ،
فالقِصّة نبدأوها مِن حينَ قالَ موسيٰ لفرعون : يا فرعون إنّي رسولٌ إليك و إليٰ قومك و شَعب مِصرٍ و بني إسرائيل مِن جانِبِ رَبِّ العالمين
جديرٌ بِيَ و يَحِقٌّ عَلَيَّ و أنا معصومٌ مِنَ الإثمِ أن لا أقولَ عليٰ اللهِ إلاّ قولَ الحَقّ و لا أكذِب ، بالتّحقيقِ جئتُكُم بِبُرهانٍ من الله فَأَطلِق بني إسرائيل مِنَ الإستعبادِ و أرسِلهُم معي لِفلسطين ،
قالَ فرعونُ لموسيٰ : إن كنتَ جئتَ ببُرهانٍ فأتِ بهِ إن كُنتَ من الصّادقين في دَعواك فأنتَ ربيبي و قد كَبُرتَ في قَصري و لم تكن إلاّ عاديّاً ،
فعند ذلك ألقيٰ موسيٰ عَصاهُ مِن يَدِهِ فإذا هِيَ تَنقَلِب ثُعباناً بوضوحٍ ثُمّ أخرَجَ يَدَهُ مِن جَيْبهِ فإذا هِيَ تَشُعُّ نوراً بيضآءَ يراها النُّظار ،
فعندئذٍ قال الجماعةُ الحافّينَ بفرعونَ مِن قومِهِ إنّ موسيٰ هوَ ساحرٌ عليمٌ بالسِّحرِ و هذهِ سِحرٌ منهُ يُريدُ أن يُخرِجَكُم بِسِحرِهِ من أرضِ مِصرَ فماذا تأمرونَ نفعلُ بهِ ؟
قال قوم فرعون لفرعون : أخِّر أمرَهُ و أمُر هارونَ الآنَ و أرسِل في مُدُنِ مِصرَ رُسُلِك يَجمعونَ لكَ و يأتوكَ بكُلِّ ساحرٍ عليمٍ بالسِّحرِ ليُقابِلوهُ ،
فجمعوا السَّحَرةَ عند فرعون فجاؤا و قالوا لهُ نحنُ السَّحَرة لا نعملُ السِّحرَ إلاّ بأجرَةِ فلا بَدّلنا منها إن كُنّا نحنُ الغالبين عليهِ قال : نَعَم و علاوَةً لكم أنّكم ستكونونَ مِنَ المُقرّبينَ في القَصر ،
فلمّا اجتمَعَ السَّحَرةُ بحضورِ النّاس و فرعون لِيَغلِبوا بِسِحرِهِم مُعجِزَةَ موسيٰ قالوا لِموسي : إمّا أن تَبدَاء بإلقاءِ العَصا و إمّا أن نَبدَاء نحنُ بإلقاءِ حِبالنا ؟
قالَ لهُم موسيٰ ألقوا أنتُم أوّلاً فلمّا ألقَوا حِبالَهُم و عِصيّهم سَحِروا أعيُنَ النّاسِ فرَأَوْها ثعابينَ و أفاعِيَ طويلةً فاستَرهَبوا النّاسَ بها و جآؤا بسحرٍ عظيمٍ عند الناس ،
فعندئذٍ أوحينا إليٰ موسيٰ أن ألقِ عَصاكَ بإذنِ الله فَسَتريٰ أنّها تَلقَفُ ما يُمَوّهونَ و يُشَعبِذونَ و يَقلِبونَ الحقائِق ،
فألقيٰ عَصاهُ فوَقَعَ الحَقُّ و ظَهَر للنّاسِ و بَطَلَ السِّحر و ما كانوا يعمَلون السَحَرَةُ مِنَ الشُّعبَذَه فأكَلَت مُعجِزَة موسيٰ سِحرَهم فغُلِبوا حينذاك و انقَلَبوا بَعدَ العِزّ أذِلاّء ،
فَتَنبَّهوا عَن غَفلَتِهيم و عَرِفوا أنّ مُعجِزَةَ موسيٰ مِنَ الله و ليسَت بِسِحرٍ فتابوا و آمَنوا باللهِ و قالوا : آمنّا بربِّ العالمين ربِّ موسيٰ و هارون ، الّذي أرسَلَهُما بالحَقّ ،
قالَفرعونُ لِلسَّحَرةِ: آمَنتُم بموسيٰ قبلَ أن تَستَأذِنونني فآذن لكم أو لا إنّ هذا مَكرٌ مكرتُمُوهُ أنتُم و موسيٰ بالإتّفاقِ في المدينةِ قبل حضورِكِم لِتُخرِجوا بني إسرائيلَ منها فسوفَ تعلَمون ،
فَهدَّدَهُم قائلاً لَاُقطِّعَنَّ أيديكم و أرجُلكم من خِلافِ أحدِهما لِلآخَر كاليَدِ اليُمنيٰ و الرِّجلِ الأيسر ثُمّ لاُصلّبنّكم أجمعين حتيّٰ تموتوا ،
فقالوا لهُ إفعَل ما تُريدُ إنّا إليٰ اللهِ راجعون بعدَالموت و نحنُ لم نفعَل ما توجِب نِقمتك علينا سِويٰ أن آمنّا بمُعجِزاتِ اللهِ حينما جاءَتنا واختبرناها ،
ثُمّ رَفَعوا أيديهم إليٰ السّماءِ بالدُّعاءِ قائلين : رَبَّنا أفرِغ عليٰ قلوبِنا صَبراً عندما يُعذِّبنا فرعونُ بِقَطعِ أعضائِنا و يَصلُبَنا كي لا نَرتَدُّ و تَوَفّنا مُسلمينَ مُؤمنينَ مُطيعينَ لك ،
و قالَ حِزبُ فرعون و جماعته أتَدَعُ موسيٰ و بني إسرائيلَ لِيُفسدوا في مِصرَ يا فرعون و موسيٰ يدعوا النّاسُ لِعبادَةِ اللهِ دونَكَ و يَترُكَك و يَترُكُ آلِهتك ،
فأجابَهُم فرعون قائِلاً لا لَن نَترُكَ موسيٰ و قومَهُ بل سنقتلُ أبناءَ بني إسرائيلَ و نَستَبقي نساءَهُم لِنَستعبِدُهُنَّ إماءً لَنا و إنّا فوقَهم بالقُوّةِ قاهِرونَ لهُم ،
فبَعد أن سَمِعَ موسيٰ كلامَهُم قال لِقومِهِ بني إسرائيل : إستَعينوا باللهِ بالتّوكُّلِ عليهِ والتّوسُلِ إليهِ يُعينُكم عليٰ فرعونَ واصبِروا عليٰ أذاهُ ،
واعلَموا يا بَني إسرائيلَ ليست مِصرَ و فلسطينَ لِلفراعِنَة بلِ الأرضُ لِلّهِ و هو يُورِثُها بحِكمَتِهِ مَن يشآءُ مِن عبادِه واعلَموا بأنّ العاقِبَة الحَسَنَةَ لِلمُتّقين ،
فحينئذٍ قالوا بني إسرائيلَ لموسيٰ : نحنُ اُوذينا مِن فرعون و حِزبهِ قَبلَ أن تأتينا رسولاً لِتُنفِذَنا و اُوذينا إيضاً مِن بَعدِ ما جِئتَنا منهُم ،
قال لهم عسيٰ اللهُ ربّكم أن يُهلِكَ فرعونَ عدوّكم و حزبَهُ و يستخلِفَكُم من بعدِهِ في أرضِ مِصرَ ثُمّ يختَبِرُكم و يريٰ كيف تعمَلون فيها ،
و بالتأكيد لقد أخَذنا آلَ فرعونَ بذنوبِهم فعذّبناهُم بالسِّنينَ الجافّة المُقحِطَة و نقصٍ من الثّمراتِ و الزّروع لعلّهم يتذَكّرون فيتوبونَ إليٰ الله ،
و لكنّهم بَدَلَ أن يتذكّرونَ كانوا إذ جاءَتهُم نِعمَةٌ من الله قالوا : هذهِ بركةٌ لنا و لفرعون و إن أصابتهُم مَخمَصةٌ و جَدبٌ تطَيّروا و تَشأموا بموسيٰ و بني إسرائيل ،
ألا يعلَمون إنّما شُؤمُهم سَبَبُهُ عند الله و هو كفرهم و عنادهم و لكنّ أكثرهم لا يتفكّرونَ حتّيٰ يعلَمون فهُم جُهّالٌ
و قالوا لموسيٰ : إنّك مهما تأتِنا بِهِ مِن مُعجِزَةٍ فَهُوَ سِحرٌ تُريدُ أن تَسحَرنا فما نحنُ لكَ بِمُؤمنينَ و لرسالتك مُصدّقين ،
فأرسلنا عليهم عذابَ طوفانِ النّيل والجَرادِ المُتلِفِ للزَّرع و القُمَّل و الضّفادِعُ تُؤذيهم و حَوَّلنا الماءَ دَماً لِكَي لا يَشرَبوهُ معجزاتٍ مُفصّلاتٍ تُؤيِّدُ رسالة موسيٰ و لكن إستكبَروا و كانوا قوماً مُجرمين لا يُؤمنون ،
و حينما وَقَع عليٰ شعبِ مِصرَ العذاب كما ذكرنا قالوا لِموسيٰ : اُدعُ اللهَ لنا بِأن يغفرلنا و يُزيل العذاب بما عَهِدَ عندكَ أن لا يَرُدَّ دُعاءَك ،
و قالوا : لو أنّك كشفتَ عنّا هذا العذاب فإنّا سَنُؤمِنُ لرسالتك و نُعطي الحُرّيةَ لبني إسرائيل بِأن يَتبَعوك ،
فلمّا كشفنا عنهُم العذابَ بِدُعاءِ موسيٰ إليٰ وقتٍ مُحَدّدٍ مُؤجّلٍ هُم عيّنوهُ و نَجَوا من العذاب فإذاهُم ينكثون عَهدَهُم بالإيمان بِرسالتِهِ
فعندئذٍ أغرقناهُم في النّيل بأنّهم كذّبوا بشريعة موسيٰ و التّوراة و المعاجِز و كانوا عنها غافِلين يتغافَلون عنها و لا يهتَمّون بها ،
و أورَثنا بني إسرائيلَ الّذين كانوا يُستَضعَفونَ مِن قِبَل فرعون مَشارِقَ الأرضِ الّتي بارَكنا فيها و هي بيت المَقدِسِ و مشارقها الشّام و مَغاربها مِصر ،
و تَمَّت كلمة اللهِ الحُسنيٰ أن قال : و نُريدُ أن نَمُنَّ عليٰ الّذين استُضعِفوا في الأرض فَنجعلهم الوارثين ، بما صَبروا عليٰ أذي فرعون و دَمَّرنا ما كان يَصنَعُ فرعونُ و قومَهُ و قُوَّاتُهُ مِن سِحرٍ و ما كانوا يَبنون ،
و عَبَرنا بِبَني إسرائيلَ النّيلَ و لم نجاوِز فرعون و جيشَهُ بهِ بَل أغرقناهم فيهِ فلمّا وَصَلَ موسيٰ و جماعَتَهُ إليٰ مدينةٍ في الشاطيء الآخَر وَقَفوا عليٰ جماعة يعبدون أصناماً لهُم ،
قالوا بني إسرائيلَ لموسيٰ : يا كليمَ الله اجعَل لنا صَنَماً إلـٰهاً كما لِهؤلاءِ آلِهةٌ مِنَ الأصنام يعبدونها قال لهم : إنّكم قومٌ تجهلون بِحُرمَة صُنعِ الأصنام و عبادَتِها ،
إعلَموا يا بني إسرائيل إنّ هؤلاءِ الّذين يعبُدونَ الأصنامَ مصيرُهُم إليٰ البَوارِ و الهَلاكِ و باطِلٌ ما كانوا يعمَلون ، بِغَلَبَةِ التّوحيد عليٰ الشِّرك ،
و قال لهم موسيٰ : هل غير اللهِ أبغي لكم معبوداً ؟ مِنَ الأصنامِ هيهاتَ و حاشا فاللهُ هو الّذي فَضَّلكُم عليٰ الناس في مِصرَ برسالتي و نُبُوَّتي .
واذكروا إذ أنجيناكُم أنا و هارون واللهُ ثالِثُنا مِن آل فرعونَ و ظُلمِهِم و أَذاهُم فَهل نَسيتُم أنّهم كانوا يُذيقونكم أسوَءَ العذاب ؟
و كانوا يُقَتِّلونَ أبناءَكم و أولادَكم و يستبقون نساءَكم لِيَعمَلوا مَعَهُنَّ ما يُوجِبُ الحَياءُ و في ذلك إختبارٌ و إمتحانٌ كان لكُم مِنَ اللهِ عظيمٌ ،
فيا حبيبي وَاعدنا بواسطة ملائكتنا موسيٰ أن نُعطيهِ الأرواحُ بعدَ مُناجاتِنا في الجَبَل ثلاثين ليلةً ولكن أضفناها بِعَشرٍ إتماماً لِلأربعين فَتَمَّ الميقاتُ بهِ ،
و عندما أرادَ أن يأتي لِميقاتنا موسيٰ قال لأِخيه هارون خليفته في اُمّتِهِ و عليٌّ مِنكَ بمنزلتِهِ من موسيٰ ، يا هارونَ اخلُفني في قَومي و أصلِح أمرَهُم و لا تَتّبِع سبيل السامريّ و رَبعهِ ،
و لما جاءَ موسيٰ إليٰ فوق الجَبَل لِمُناجاتِنا في ميقاتِنا الّذي وَقَّتنا لهُ و كلّمهُ اللهُ بواسطةِ الشّجَرةِ قال : رَبِّ أرِني نورَ تجَلّي ذاتِك لأِنظُرَ إليكَ قالَ اللهُ لهُ لَن تراني إذ لَستُ بِجِسمٍ ،
و لكن سَتَتَجَليّٰ لكَ بعضُ أنوارُ عَظَمتي و أنوارُ قُدسي و إنّها سوفَ تُدَكدِكُ الجَبَل فانظُر إليهِ فإن استَقَرَّ في مكانِهِ فإنّك تَقدِرُ أن تَريٰ نوري ،
فلمّا تَجَليّٰ نورُ ربّهِ في مِثالِ عليّ بن أبيطالِبٍ (ع) إندَكّ الجَبَلُ و استويٰ عليٰ الأرض و تَبَعثَر فَسَقَط موسيٰ و خَرَّ مغَشيّاً عليهِ عليٰ الأرض مِن هَولِهِ ،
فلمّا أفاقَ موسيٰ مِن غَشيَتِهِ قال : سُبحانكَ اللّهُمّ و تَقَدَّسْتَ أن يُريٰ ذاتك و أن يَتَمَكَّنُ أحَدٌ مِن مُشاهِدَةِ نورِ تَجلّياتِكَ في شكلِ عليٍّ و أنا أوّلُ المُؤمنين مِن بني إسرائيلَ بولايةِ عليٍّ (ع) ،
فقال الله يا موسيٰ ألآنَ و قد آمَنتَ بوِلايةِ عليٍّ (ع) فإنّي اصطَفيتُكَ عليٰ النّاس و أختارُكَ برسالتي و شرايعي و التّوراة و الألواح و بِكلامي فَخُذ ما آتيتُكَ مِن فضلِ ولايةِ عليٍّ (ع) و كُن من الشّاكرين عليهِ ،
و كتبنا لموسيٰ في الألواح الّتي أنزلناها عليهِ الحُكمَ الشرعيّ لِكُلِّ شييءٍ يحتاج إليه بني إسرائيل تذكرةً لهم و تبييناً لكلِّ شييءٍ من الحلال و الحرام ،
و قلنا لهُ يا موسيٰ خُذ هذهِ الألواح بِجِدٍّ و جهادٍ وأمُر قومَكَ بني إسرائيل بأن يأخذوا بِأحسنها و هي البشارة بالإسلام و وَعدٌ من الله سيُريكم ما يَحِلُّ بدارِ فرعونَ و قومه ،
يا رسول الله سأصرِفُ و أمنَعُ عن آياتي المُبشِّرة بِبعثَتِك الّذين يتكبّرونَ مِن بني إسرائيلَ في الأرض من دون حَقٍّ فلا يُؤمنونَ بك ،
و هؤلاء المُتكبّرينَ إن يَرَوا كلّ آيةٍ من آياتِ التّوراة و الإنجيل و القرآن الآمرةِ باتّباعِك لا يُؤمنوا بها و إن يَروَا طريق الرّشادِ الذي هَديتَهُم إليه لا يتّخِذوهُ مَذهباً
و هؤلاء إن يُشاهدوا طريقَ الضّلالِ و مُخالفة الإسلام يتّخِذوهُ مَذهباً ذلك بأنّهم كذّبوا بآياتنا في التّوراةِ و كانوا عنها غافلين ،
و الذين كذّبوا بآياتنا النازلة بَشأن محمّدٍ و أهل بيتهِ (ع) و كذّبوا بالمعاد بَطلَت أعمالهم الصالحة ذلك جزاءِهم هل يُجزَون إلاّ ما كانوا يعملون من التّكذيب ،
واتّخَذَ قوم موسيٰ أي بني إسرائيل مِن بَعدِ ذهاب موسيٰ للميقات بأمرِ السّامريّ عِجلاً من الذّهب صَنَماً صَنَعهُ لهم تَمُرُّ فيهِ الرّيح فيُسمَعُ منهُ خُوارٌ و شخيرٌ ،
ألَم ينظروا أنّهُ جامِدٌ لا يُكلِّمُهم و لا يُرشِدُهم إليٰ طريقٍ فكيف يعبدوهُ إنّهم اتّخذوهُ إلـٰهاً ظُلماً و عِناداً و كانوا ظالمين لموسيٰ و دينِه ،
و لمّا أسقَطَ العِجلَ موسيٰ إليٰ الأرض و كَسَّرهُ بين أيديهم و عرفوا أنّهم قد ضلّوا باتِّباع السامريّ قالوا لَئِن لم يَرحمنا الله و يغفِر لنا ذنبنا لنكونَنّ من الخاسرين سعادةَ الدّنيا و الآخره ،
و لمّا رجع موسيٰ من الميقات و رأي قومَهُ يعبدونَ العِجلَ غَضِبَ و تأسّفَ و قال لهم بأسوَءِ حالٍ خلّفتموني مِن بعدي فَبَدل أن تَتَّبِعوا وزيري هارون إتَّبَعتُمُ العِجلَ فَهل استَعجَلتُم في وَعدِ ربّكم ؟
و مِن شِدّة غَضَبهِ عليهم ألقيٰ الألواحَ مِن يَدَهِ و أخَذَ بِتَلابيب شَعرِ هارون يَجُرّهُ إليه قائلاً : لماذا لَم تَمنَعهُم مِنَالرِّدّةِ و الشّرك ؟ قال له : يا ابنَ اُمّي إنّ القومَ عانَدوني واستضعَفوني ،
والقوم حاوَلوا قتلي و كادوني لِيَقتلوني و قَرُبَ القَتلُ منّي و لكن نجّانِيَ اللهُ منهم فلا تُعاقِبني فَتَجلِب لي شَماتةَ الأعداء و سُخريّتهم و لا تجعلني في العِقاب مَعَ القوم الظّالمين بعبادةِ العِجل ،
فعند ذلك قال موسيٰ رَبِّ اغفرلي غَصَبي عليٰ هارون و اغفر لِهارون لِعَجزِهِ عَن منعِ النّاسِ عن عبادَةِ العِجل و أدخِلنا في رحمتك كي نُحَطِّم العِجلَ و أنت أرحم الرّاحمين ،
فَسَمَعَ الله تعاليٰ يُكَلِّمُهُ قائِلاً إنّ الّذين اتّخَذوا العِجل ، السّامريّ و رَبعِه سينالهم غَضَبٌ من الله و عذابٌ و ذِلَّةٌ في الدّنيا قَبل الأخرة فَذِلّة اليهود و بسبب ذلك و هذا جزاءُ مَنِ افتريٰ عليٰ الله ،
وَالّذين عملوا الأعمال السَيِّئَةَ والمعاصي منهُم ثُمّ تابوا مِن بَعدِ السيّئات إليٰ الله و آمَنوا بولاية مُحمّدٍ (ص) و آل مُحمّدٍ (ص) إنَّ اللهَ من بعد التّوبَةِ لغفورٌ رحيمٌ لهم ،
و لما هَدَاءَ الغَضَبُ عَن موسيٰ أخَذَ الألواحَ مِن الأرض باحترامٍ و في ضِمنِ ماكُتِبَ فيها مِن وَحيٍ كان هُديًٰ و رحمةً للّذين هُم لِربّهم يخافون و يتّقون ،
وَ قبل الذِّهاب للميقاتِ إختيارَ موسيٰ من قومِهِ سبعين رَجُلاً مِن خِيارِهِم ليذهَبَ بهم لميقاتِ الله فلمّا أخذَتهُمُ الزّلزلة عند دَكِّ الجَبَل قال موسيٰ إلهٰي لو شِئتَ إهلاكَهُم فلو فَعَلت بِهِم قبل اليوم كان أحسَن و أنا مَعَهُم ،
فيا ربِّ أتُهلِكُنا بما فَعَلَ السُّفهاءُ مِنّا بطلب الرؤيةِ ليس هذِهِ إلاّ امتحانك لنا و لهم و بها يَضِلُّ من تشآءُ تركَهُ في الضّلالَةِ و يهتدي من تشآءُ إثباتَهُ عليها .
أنت يا إلـٰهي وليُّنا تَتَوليّٰ إختبارَنا و تَتَوليّٰ هدايَتَنا فاغفِرلنا ما طَلبنا من رؤيتك وارحَمنا برحمَتِك و أنتَ خيرُ الغافرينَ لِلذّنوب ،
و دعا ربّهُ قائلاً : ربِّ اكتُب لنا في قضاءِكَ و قَدَرِكَ الرَّحمَةَ و في صحيفةِ أعمالِنا الحَسَنةَ في الدّنيا و الآخرة إنّنا بني إسرائيل إهتَدَينا و تُبنا إليكَ ،
قالَ اللهُ تعاليٰ لموسيٰ : إنّ عذابي اُصيبُ بهِ مَن أشآءُ مِنَ العاصين و رحمتي وَسِعَت كلّ شييءٍ في الوجود فَسَأكتُبُها للّذين يتّقونَ و لا يعصون و يُؤدّون الزكاة والّذين بآياتِنا النّازلة بشأنِ محمدٍ و آلِه (ع) يُؤمنون ،
إنّ مِن أتباع موسيٰ اليهود الّذين يَتّبِعون الرَّسولَ العربيَّ النَبيَّ محمّداً (ص) المبعوث لِلاُمَم الّذي بُعِثَ مِن اُمّ القُري مَكّة و يَجِدونَ إسمَهُ مكتوباً في التوراة و الإنجيل الصحيحين ،
و هذا خاتم الانبياء (ص) يأمرُهُم بالمعروف و ينهاهُم عن المُنكَر و الفَحشآء و يُحِلُّ لهُمُ الطيّبات الّتي حَرَّمها عليهم موسيٰ كالشّوم و يُحَرِّمُ عليهم لحم الخنزيرِ و الخُمرِ و المَيتةَ و يَضَعُ عنهُم ثِقلَهُم والشّدائِدَ الّتي كانَت عليهم
فالّذين آمَنوا بهِ منهُم و وَقرّوهُ و أعانَوهُ عليٰ عَدوِّهِ واتّبَعوا ولاية عليٍّ ألنّور الّذي اُنزِلَ مَعَ مُحمّدٍ (ص) أولئك هُمُ المُفلِحون الفائِزونَ بسعادة الدّنيا و الأخره ،
يا حبيبي قُل للبشريّة جُمعآء يا أيّها النّاسُ جميعاً بِمُختَلَفِ ألوانكم . ألسِنَتِكُم إنّي رسولُ اللهِ إليكُم جميعاً لأِدعوكُم إليٰ الإسلامِ و ولاية عليٍّ (ع) واللهُ وحدَهُ يَملِك نواصيكُم لهُ مُلكُ السماواتِ و الأرضِ و يُحيي و يُميتُ الخلائِق ،
فاُبَلِّغكُمُ الرّسالةَ و أدعوكُم أن آمِنوا باللهِ رَبّي أنا خاتم الرُّسُل و النَبيّ المَكيّ اُمّ القُريٰ الّذي اُؤ مِنُ باللهِ و كلماتِهِ النّازلةِ مِن عِندِهِ عليٰ الانبياءِ والوحي النازل في القرآن فاتّبعوني لعلّكم تهتَدونُ إليٰ الحَقّ ،
و نُخبِرُكَ يا رسول الله إنّ مِنَ اليهودِ و الإسرائيليين مِن قومِ موسيٰ اُمّةٌ يهدون النّاس لولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) بالحَقِّ و بالحَقِّ يَعدِلون في الحُكم ،
و فَرّقنا بني إسرائيلَ إثنتي عَشَرَةَ قبيلةً مِن إثنا عَشَرَ سبطِ ليعقوب و أوحينا إليٰ موسيٰ حينما طلب قومهُ منهُ السِّقايَةَ أن اضرِب بعصاك الشّهيرة الحَجَر ،
فلمّا ضَربَ بِعَصاهُ الحَجَرَ انفَجَرت منهُ اثنتا عَشَرةَ عيناً من الماء قد عَلِمَ كلّ فِرقَةٍ منهم مَشرَبَهُم إذ كان لِكلِّ فرقةٍِ عَيْنٌ و ظَلّلنا عليهم الغيوم تحرسهم من حرارة الشّمس ،
و أنزلنا عليٰ بني إسرائيلَ المَنَّ التَّرنجَبيين و السّلويٰ العَسَل و قُلنا كلوا من طيّبات ما رزقناكم و لكنّهم ما قنعوا بها فظلموا أنفُسَهم وما ظلمونا حين حَرِّمناهُم منها ،
واذكُر إذ قيل لهم بواسطةِ موسيٰ يا بني إسرائيل اسكُنُوا هذهِ المدينةَ بيت المَقدِس و كلوا من أرزاقها حيثُ ما أردتُم ،
و عندما تدخلون بيت المَقدِس قولوا اللّهُمَّ حُطَّ عنّا ذنوبنا وادخلوا بابَ القُدسِ ساجدينَ لِلّهِ تائبيين نغفِر لكم خطيئاتكم السّابقة و نَزيدُ المُحسنين بالطّاعة ثواباً ،
فَبَدّلَ الّذينَ ظَلموا مِن بني إسرائيل قولاً غير قول الله اُحطُط ذنوبنا و تُب علينا بل قالوا : عُزيرٌ ابنُ الله فَأرسلنا علَيهم عذاباً من السمآءِ عليٰ يَدِ بُختنُصَّر عِقاباً عليٰ ظلمهم لِيَحييٰ (ع)
واسأل يا حبيبي بني إسرائيل عن قِصَّة قَريةِ إيلَةَ الواقِعَة عليٰ البحرِ حيثُ مَنعناهُم عن صيد السَّمَك يوم السّبت فكانوا يعتَدونَ و يَصيدونَ فيهِ لأِنّ الأسماك كانت تأتيهم في السَّبت ظاهرة عليٰ المآء ،
و في سائِرِ الأيّام الّتي لم يُمنَعوا فيها كالسَّبت من الصَّيد كانت الأسماكُ لا تأتيهِم بهذا كُنّا نَختَبِرُهُم و نمتَحِنُ إيمانهم و كلّ ذلك نتيجة فِسقِهم و مَعاصيهِم
واذكُر إذ قالت اُمّةٌ مِن بني إسرائيل لموسيٰ و هارون و حِزبهما لماذا توعظون قوماً عُصاةً من اليهود مع العِلمِ بأنّ اللهَ مُهلِكُهُم أو معذّبُهُم عذاباً شديداً ؟ قالوا إتماماً لِلحُجّةِ و قَطعاً لِلمَعاذير لعلّهم يتّقونَ اللهَ
( فَلمّا نَسَوا ما ذُكِّروا بِهِ أنجينا الّذين يَنهَون عنِ السوء و أخذنا الذين ظَلموا بعذابٍ بَيئسٍ بما كانوا يفسقون )
فلمّا تناسُوا ما ذُكِّروا بهِ مِن عَدَمِ الصّيد في السَّبتِ فواصَلوا للصّيد و أردنا عِقابَهُم أنجينا الّذين كانوا يَنهونَهُم عن العِنادِ و المعصية و أخذنا الّذينَ ظلموا بعذابٍ شديدٍ بما كانوا يفسقون بالصّيد في السَّبت ،
فلمّا تمرَّدوا عن تركِ ما نُهُوا عنهُ مِن صيد السَّمَكِ يوم السَّبت و عَصَوا قُلنا لهم إنتقاماً كونوا قِرَدَةً بالمَسخِ صاغِرينَ مَطرودين ،
واذكر يا حبيبي إذ إعلَنَ ربّك لِمَلَاءِ ليبعث عليٰ بني إسرائيل إليٰ يوم القيامَةِ مَن يسومُهُم بالذِّلّة و القِتال إنّ ربّك سريعُ العقاب لهم و إنّهُ لغفورٌ رحيمٌ إذا تابوا و آمَنوا ،
و فَرّقنا بني إسرائيل في الأرضِ شعوباً مختلفةً فمنهمُ الأقوام الصّالحون المُصلِحون في المُجتمعاتِ و منهمُ الظّالمونَ المُفسِدون كالصّهايِنَةِ ،
واختَبَرناهُم وامتحَنا بني إسرائيلَ بالأموالِ و البَنينَ والثَّمرات و الأرزاقِ والمُلكَ وَ الحُكومةِ كما اختَبَرناهُم بالحروبِ والذِّلّةِ لَعَلّهُم يَرجِعونَ إليٰ الله ،
فخلفوهم من بعدهم نسلهم الإسرائيليّونَ وَرِثوا منهُمُ التّوراة المُحَرَّفَةَ يأخذونَ حُطام الدّنيا الدّنيّةَ هَدَفاً و غايَةًَ في الحياة و يقولون إنّ اللهَ سَيغفِر ذنوبنا ،
و بعد أن يَتمَنّونَ مغفرة اللهِ إذا جاءَهم شييءٌ مِن حُطامِ الدّنيا المُحرَّمةِ يأخذوهُ و لا يَتوَرّعونَ ألَم يُؤخَذ عليهِم الميثاقُ في التوراةِ أن لا يطلبوا الحرام ؟؟؟
ألَم يُؤخَذ عليهم ميثاقُ التّوراة أن لا يقولوا عليٰ اللهِ إلاّ الحَقّ فلا يَدّعوا باطِلاً أنّ اللهَ يَغفِر لهُم حَتماً و قَد دَرَسوا ما في التوراةِ و لِيَعلَموا أنّ الجَنّةَ خيرٌ من الدّنيا الحَرام لِلّذين يَتّقونَ من اليهود ألا يعقِلون ؟
والّذين يَتَمسّكونَ بالقرآنِ مِنَ الإسرائيليّين و يُقيمون الصَّلاة المَفروضَةَ عليٰ المسلمين كما صلاّها مُحمدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) فَاعلَموا إنّا لا نُضيعُ أجرَهُم لأِنّهم مُصلِحون ،
فليَتَذكّر بني إسرائيل حينما قَلَعنا الجَبَلَ مِن أصلِهِ و رَفَعناهُ فوقَ رؤسِهم كأنّهُ سقفٌ و أيقَنوا أنَّ الجَبَلَ سَيَقَعُ عليهِم فاستغاثوا بِنا ،
فقُلنا لهم إن أرَدتُم أن لا يَقَع عليكم الجَبَلُ فخُذوا ما آتيناكم في التوراةِ بِقُوَّةٍ واعمَلوا بهِ واذكروا ما فيهِ مِن أحكامٍ و وعيدٍ لعلّكم تَتّقونَ الله ،
و ليتَذکّروا إذ أخَذ اللهَ من بنی آدَم حينما کانوا أروحاً فی عالَمِ الذَّر فَنَشَر ذرّاتَهُم مِن أصلابِهم فأخَذَ منهُم العَهَد و أشهَدَهُم علیٰ أنفُسَهم ،
فسألَهُم اللهُ تعاليٰ ألستُ أنا ربّكم و خالِقُكم قالوا بَليٰ أنتَ ربّنا شَهِدنا بربوبيّتك ، و فَعَلنا هذا لِأن لا تقولوا يوم القيامة نحن كُنّا عَن الإيمان غافيلين جاهلين ،
و لكي أن لا تقولوا إنّما أشرَكَ آباؤنا مِن قَبلِ أن نُشرِك و كُنّا ذُرّيةً مِن بعدهِم نَتبعهُم فلَسنا مُقَصِّرينَ ، هل تُهلِكُنا بما فَعَل آباؤنا المُبطلون ؟،
فهكذا يا حبيبي نشرَحُ الآياتِ و نوضِحُها و نُبَيِّينُها لِقومكَ لعلّهم يرجعون عن مخالفةِ ولايتكَ و ولايةِ أهل بيتك (ع) ،
و يَجِبُ عليك يا حبيبي أن تَتلوُ عليهم خَبَرَ بَلعَمِ الّذي آتيناهُ العِلمَ بواسِطَةِ موسيٰ فانسَلَخَ و كَفَر كما تَنسَلِخُ الحَيّةُ مِن جِلدِها فأدرَكَهُ الشّيطانُ فكانَ مِمَّن غويٰ ،
و لو شِئنا إنقاذَهُ جَبراً لَرفعناهُ بالتوراة إليٰ دَرَجةِ الأتقياءِ لكنّهُ أخلَدَ إليٰ الأرضِ و أبيٰ أن يَتَرفّعَ عن المعصيةِ وأتّبعَ هواهُ النّفسانيُّ فَمَثلُهُ كَمَثَلِ الكَلبِ العَقور ،
إن تَحمِل عليهِ ضَرباً و طَرداً فهو يَلهَثُ و يُدلِعُ لِسانَهُ و يَهِمَّ أن يَعَضَّكَ أو تترُكُهُ و تُعرِض عنهُ فإيضاً يَلهَثُ عليك ذلك مَثَلُ القوم الّذين كذّبوا بآياتِنا النازِلةِ بشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) فاقصُصْ عليهِم قِصَصَ الاُمَمِ لَعلّهُم يتذكَّرونَ و يَتَّعِظون ،
فهذا مِثالُهُم أسوَءُ مِثالٍ للقومِ الّذين كذّبوا بآياتِنا النازلةِ بِشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) فهُم بتكذيبِهِم كانوا بأنفسِهم يظلمون إذ يُحرِمونها من السّعادَةَ ،
من يَهديهِ الله لِولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَهُو المُهتدي حَقّاً وَمَن يُضلِلهُ اللهُ بتركهِ في ضَلالَتهِ فأولـٰئكَ الضّالون هُمُ الخاسِرون لِلفَلاحِ قَطعاً ،
و بالتأكيد لَقَد خَلَقنا لِجَهنَّم كثيراً من الجِنّ و الإنسِ بعد أن اختاروها أنفُسَهم و هؤلاءِ لهم قلوبٌ لكن لا يَفهَمون بها و لا يَتَنا و لهُم عيونٌ و لكن لا يُبصِرونَ بها فضائِلَنا لِأهل البيت (ع)
وَ لَهُم آذانٌ لكن لا يسمعون بها آيات الولاية أولـٰئكَ هُم كالأنعامِ والبَهائِم العَجماء بل هُم أضَلُّ مِنَ الأنعامِ لأِنّها لا تَعقِل و أولـٰئكَ هُمُ الغافِلونَ عَن ولايةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ع) ،
وَ اتركوا الَّذين يُعرِضون بإعراضهم عن آل مُحمّدٍ (ص) فيُلحِدونَ في أسماءِ الله فَلا تَتّبِعوا خُلَفاءَ الجَوْر و وُلاةِ الظّلم سَيُجزَونَ المُلحِدون ما كانوا يعملون ،
وَ مِمَّن خَلقنا من المسلمين اُمّةٌ شيعيّةٌ مُتَمسّكِةٌ بولاية أهل البَيْت (ع) يَهدونَ بالحَقِّ و بهِ يَعدِلونَ في الحُكمِ و لا يتّبعونَ وُلاةَ الجَوْر،
والّذين كذّبوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و بآياتِنا النّازلة بِشَأنِهم سَنَجُرُّهُم دَرَجَةً قليلاً دَرَجَةً قليلاً إليٰ الهَلاكِ بإعطاءِهم الدّنيا فَنَجُرّهُم مِن حيثُ لا يشعرونَ بالإستِدراج ،
و أمهِلُهُم إتماماً للحُجّةِ عليهم إكمالاً لِلإمتحان فَبَدَل أن يَرجِعوا عن غَيِّهم يَزدادوا غَيّاً و ضَلالاً فالإمهالُ هو كيدي و تدبيريَ القويَّ المَضبوط ،
فهؤلاءِ المُنافقين ألَم يتَفكّروا حينما يَنسِبونَ لرسول اللهِ الجُنون لأِنّهُ يأخذُ البيعةَ لِعليٍّ (ع) بأنَّ بصاحِبِهم الّذي صاحَبَهم في الغار مِن جِنّةٍ إن هو إلاّ نذيرٌ بَيِّنُ الإنذار صريح ،
ألَم ينظر هؤلاء المنافقون في مُلك السماواتِ و الأرض و نظامِها و ما خَلَقَ الله من شييءٍ فيهما حتيٰ يعرفوا أنّهُ لا بُدّ أن لا تخلوا مِن حُجّةٍ و إمامٍ يَتَولّيٰ شُؤونَها ،
ألَم يتفكّروا بِأن عسيٰ أن يكونُ قدِ اقتَربَ أجَلُ موتِهم فَينتَقِلونَ إليٰ الحساب فَلِيَتوبوا إليٰ اللهِ و يُوالوا آلَ مُحمّدٍ (ص) فَبِأيِّ حديثٍ بعدَ القرآنِ يُؤمنون ؟
مَن يُضلِلهُ اللهُ بتركهِ في ضَلالَتِهِ عن ولاية أهل البَيْت (ع) فلا هادِيَ لهُ إليٰ طريقِ الحَقِّ و يَدَعُهُم اللهُ في طُغيانِهم يتَردّدونَ كالعِميان ،
يا حبيبي هؤلاء الكُفّار و المنافقون يسألونَكَ عن ساعَته المَعاد مَتيٰ يكون موعدها ؟ قُل إنّما عِلمُها عند الله أخبَرني بهِ لا يُظهِرُها للنّاس إلاّ هوَ
عظُمت السّاعَة عليٰ أهلِ السّماواتِ و الأرض لا تأتيكم إلاّ فُجأَةً مُباغَتةً لكم يسألونك يا حبيبي و يَحفّونَ السؤال كأنّكَ تُجيبهُم بالإحفاء ،
قُل لَهُم إنّما عِلمُها عند اللهِ فيُعَلِّمهُ نَبيَّهُ و أهلَ بيتِ نبِيِّه (ع) و ينحَصِرُ عندَهُم العِلمُ و لكنَّ أكثَر النّاسِ لا يعلَمونَ بِأنّ آل مُحمّدٍ (ص) يعلَمون بها ،
قُل لهم يا حبيبي : أنا لا أملِكُ لنفسي مِن دون اللهِ نَفعاً لو لا أنّ الله هوَ ينفَعُني و يُعَلِّمني و لا أملِكُ دَفعَ الضُرّ لو لا يَدفَعُهُ اللهَ إلاّ أن يشآءَ اللهُ نَفعي و دَفعَ الضُرِّ عنّي ،
و قُل لهم لو كنتُ أعلَمُ الغَيْب مِن غَيرِ أن يُعلّمني اللهُ بهِ لاستَكثرتُ مِنَ الفائِدَة أكثَر مِمّا يُفيدُني الله و لَما مَسّنيَ السوءُ بِسَبَبِ إخفاءِ الله عنّي لِحِكمَتِهِ كَيْدَ الكائِدين ،
و قُل لهم لستُ أنا إلاّ نذيرٌ بالنّارِ والعَذابِ للكافرين و المُنافقين و المُخالفينَ لِولاية عليٍّ أمير المُؤمنين (ع) و بشيرٌ لِقومٍ يُؤمنونَ بولايتِهِ بالجنّةِ والرَّحمَة ،
إنّ اللهَ سبحانَهُ هو الّذي خَلَقَكُم من نَفسٍ واحدةٍ هو آدمُ أبوالبَشَر (ع) و جَعَلَ من باقي طينَتهِ زوجَهُ حوّاء لِيَهدَءَ بِجَنبِها و يَحتَمي بِنعومَتِها و عواطفها ،
فلمّا تغشّا الزّوجَةَ الزّوجُ حَمَلت مِن نُطفَتِهِ و ماءِه حَملاً خفيفاً هو جُزءٌ واحدٌ من الأجزاءِ المنويّة فَمَرّت خفيفة بهِ في الأشهُرِ الأوليٰ ،
فلَمّا أثقَلَت بالحَملِ في الأشهُرِ الأخيرَةِ دَعَوا اللهَ ألزّوجُ و الزّوجَةٌ ربّهما قائِلَيْن : لو أنّك آتيتَنا وَلَداً صالحاً لنكونَنَّ حتماً مِنَ الشّاكرينَ لِفَضلِك ،
فلمّا رزقهُما اللهُ ولَداً صالِحاً سويّاً جَعَلا للهِ شُركاءَ فيما آتاهُما فاشتَركَ أربَعةٌ في معاوية و لكنَّ هِنداً الزّانِيَةَ اختارَت أبي سُفيانَ مِن بَيْنِهم فَنَسَبتُه إليهِ فتعاليٰ اللهُ عمّا يُشرِكونَ بني اُميّه ،
أيُشرِكونَ بني اُميّةَ مع اللهِ ما لا يتَمكَّن أن يَخلُقَ شيئاً مِنَ الخَلقِ بَل هُم مخلوقون يُخلَقون و لا يَستطيعونَ أن يَجلِبوا لهُم نَصراً و لا أن يَنصروا أنفُسَهم كَهُبَل واللاّت و مَناة ،
و إن تدعوا بني اُمَيَّةَ إليٰ وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) لا يتّبعوكم فالنتيجَةُ سوآء ، فَسوآءٌ عليكم أدَعوتُموهُم للولاية أم أنتُم تَصمُتونَ و لا تَدعوهُم فإنّهم لا يستجيبون ،
نقولُ لهُم إنّ الخُلَفاء الّذين تدعونَ مِن دونِ اللهِ هُم عبادٌ مَملوكينَ للهِ كما أنتُم مَملوكينَ للهِ فليست لهُمُ الولايةُ مِن قِبَلِ اللهِ فادعوهُم بالإعجاز فليَستجيبوا لَكُم إن كنتُم صادِقينَ أنّهم خُلَفاء رسول الله (ص)
فَسألُ مُستَنكِرينَ هَل لهُم أرجُلٌ يمشونَ بها مِن دونِ مَشيئةِ الله ؟ أم لهُم أيدي يَبطِشونَ بها بِمَوالي آل محمّدٍ (ص) ؟ أم لهُم أعيُنٌ يُبصِرون بها ؟ أم لهُم آذانٌ يسمَعونَ بها لو لا أنّ الله خوّلَها لهُم إمتحاناً ؟؟؟
قُل لهم يا حبيبي : اُدعوا شرَكاءَكُم في النِّفاق فليَجتَمِعوا فَتَشاوَروا مَعَهُم ضِدّ آل مُحمّدٍ (ص) ثُمّ كيدوني و قولوا إنّه لَيَهجُر فلا تُنظِرونِ و تَمهَلوني ،
و بالتأكيدِ إنّ مولايَ الّذي يَتولّيٰ شُؤوني هُوَ اللهُ عزَّ و جَلَّ الّذي نَزّلَ القُرآنَ لاُِبلّغكم بهِ و هو يَتولّيٰ الصّالحينَ مِن أهل بيتي و ذُريّتي (ع) ،
والّذين تَدعونَ مِن دونِ اللهِ خُلَفاءَ و آلِهَةً تعبدونَها كاللاّتِ و مَناةَ و هُبَل لا يستطيعون نَصَركم و لا أنفُسَهم ينصرون مِن عذابِ الله ،
و إن تُنادوهُم لِيَهتدوا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) لا يَسمَعوا دعوتكم و تراهُم يَنظُرونَ إليكَ بأعيُنِهم لكنّهم لا يُبصِرونَ الحَقيقةَ ،
فيا رسولَ الله خُذِ العَفوَ في سيرَتِكَ معَ النّاس شُغلاً واعفو و عَمَّن أساءَ إليكَ قَطعاً لِلمعاذير و أمرُ بالمَعروفِ و أنهُ عن المُنكَر و أعرِض تَكَرُّماً عَنِ الجاهِلين بولايَتِكُم ،
و إمّا إذا أرادَ الشيطانُ أن يَصرِفُكَ عن كِتابَةِ النَّصِّ عليٰ خِلافَةِ عليٍّ حينما تَطلُبُ دواةً و كَتِف فيقولون : حسبُنا كتاب الله فاستَعِذ باللهِ منهُم إنّهُ سميعٌ عليمٌ بما يقولون ،
بالتأكيدِ إنَّ الّذينَ اتَّقَوا اللهَ إذا مَسَّهُم أذيً مِنَ الشّيطانِ بواسطة خُلَفاءِ الجَوْر تذَكّروا اللهَ فإذا هُم مُبصِرونَ إمتحانَ اللهِ لهُم ،
و إخوانَ الشّياطين و هُمُ المُنافِقونَ المُخالِفونَ لولايةِ آل محمدٍ (ص) يَمُدّونَهُم الشّياطينُ في الغَيِّ و الضَّلالِ مَدّاً ثُمَّ لا يقصرون عن الغَيِّ و الضَّلال ،
و إذا لَم تأتِهِم بآيةٍ في شأنِ رؤساءِهِم و خُلَفاءِهِم فَلَم يمدَحُهُم القُرآنُ و لَم تَنزِل فيهِم فضيلةً قالوا لَكَ : لو لا اجتَبَيْتها فَهلاّ تَفعل ؟
بولاية أهلِ البَيْت (ع) فقَط ،
و قُل لهُم إذا قُرِئَ القُرآنُ علَيكُم و بِلُغَتِكُم آياتِ الولاية فاستَمِعوا لهُ وأنصِتوا إليهِ لعلّكم تُرحَمونَ بذلكَ فيرحَمُكُمُ اللهُ بولايَتِنا ،
فيا حبيبي اُذكُر اللهَ ربّك في نَفسِكَ إخفاتاً بِتَضَرُّعٍ و خُشوعٍ و دونَ الجَهرِ و الصّياحِ مِنَ القَوْلِ و الكَلام ،
واجعَل دُعاءَكَ ليلاً و نَهاراً و صَباحاً و مَسآءً و بالغُداةِ و الأصيلِ و لاتَكُن عَنِ الدُّعاءِ مِنَ الغافِلينَ فالدُّعاءُ يَرُدُّ القَضاءَ ،
إنّ الّذين عِندَ ربّكَ مِنَ المَلائِكَةِ في السّماواتِ لا يَستَكبِرونَ عن عبادَتِهِ و يُسبّحونَ اللهَ دائِماً و لهُ يَسجدونَ و أنتَ يا حبيبي أشرَفُ مِنهُم جميعاً .
نشر في الصفحات 999-941 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی