سورة مَريَم (ع)
2017-02-20
سورة لُقمان (ع)
2017-02-20

(35)
سورة الفُرقان

( بسمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيم )

بإسِمِ ذاتِيَ المَخصوص لِذاتي فَلا يَشتَرِكُ فيهِ أحدٌ مَعي وَ لا يُسمّيٰ بِهِ غيري و بِإسمِ رَحمانيّتي الواسِعَةِ وَ رَحيميَّتيَ‌ الخاصّةِ أوحي :

( تَبارَكَ الّذي نَزّلَ الفُرقانَ عليٰ عَبدِهِ لِيكونَ لِلعالَمينَ نَذيراً )

كَثُرَت بَرَكَةُ اللهِ و فَضلُهُ عليٰ عبادِهِ وَ هُوَ الّذي أنزَلَ القُرآنَ عليٰ عَبدِهِ و رَسولِهِ مُحمّد (ص) لِيكونَ لِجَميعِ المُكلَّفينَ نَذيراً مِن عذابِ اللهِ و لِيُفرِّقَ بَيْنَ الحَقِّ وَالباطِل ،

( ألّذي لهُ مُلكُ السَّماواتِ و الأَرضِ وَ لَم يَتَّخِذ وَلَداً )

وَ هُوَ الَّذي لَهُ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ بِجَميعِ‌ مَعنيٰ كَلِمَةِ الوِلكيَّةِ وَ هيَ مِلكيَّةٌ حَقيقيّةٌ و هُو أحدٌ فردٌ صَمَدٌ لمَ يتَّخِذ مِن عبادِهِ أحَداً يكونُ لَهُ وَلَداً ،

( وَ‌لَم يكُن لَهُ شَريكٌ في المُلكِ و خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرهُ تَقديراً )

وَ لَم يَكُن لِلّهِ شَريكٌ في المُلكِ و المَلَكوتِ فَكُلُّ ما سِواهُ هُوَ مِلكُهُ و هو خالقُ كلّ شيءٍ في الوُجودِ فَقَدَّر خَلقَهُ تَقديراً بِحكمَتِهِ و عَدلِه .

( واتَّخَذوا مِن دونِهِ آلِهَةً لا يَخلقونَ شَيئاً وَ هُم يُخلَقون )

والكُفّارُ والمُشرِكينَ والمُنافقينَ اتَّخَذوا مِن دونِ اللهِ آلِهَةً إمّا صَنَماً أو طاغوتاً مَعَ أنَّهم لا يَخلُقونَ شَيئاً بَل هُم مَخلوقونَ لِلّه ،

( وَ لا يَملِكونَ لأِنفُسِهِم ضَرّاً وَ لا نَفعاً ‌و لا يَملِكونَ مَوتاً وَ لا حياةً و لا نُشوراً )

وَ مَعَ أنَّهم لا يملِكونَ لأِنفُسِهِم قُدرَةً عليٰ دَفعِ ضَرٍّ و لا جَلبِ نَفعٍ و لا يَملِكونَ إختياراً لِموتِهِم و لا حياتِهِم و لا نُشوراً بَعدَ موتِهِم ،

( وَ قالَ الّذينَ كَفروا إن هٰذا إلاّ إفكٌ إفتراهُ و أعانَهُ عليهِ قومٌ آخَرونَ فَقَد جاؤا ظُلماً و زوراً )

فاسمَع إليٰ أقوالِهِم يا حبيبي ،‌فَقالَ الَّذين كَفَروا باللهِ و بِولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) : إن هذا الأَمرُ بِأخذِ البَيْعة لِعليٍّ (ع) هُوَ كِذبٌ مُفتَعَلٌ إفتراهُ مُحمّدٌ (ص) عليٰ اللهِ و أعانَهُ عليهِ عليٌّ (ع) و حِزبُهُ و قولِهم هذا جاؤا بهِ ظُلماً و زوراً عليٰ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( وَ‌ قالوا : أساطيرُ‌ الأوَّلينَ اكتَتَبَها فَهي تُمليٰ عليهِ بُكرَةً و أصيلاً )

وَ قالوا هٰذهِ الآيات النّازِلَةِ إنّما هي خرافاتُ الأقدَمين استَنسَخها مُحمّدٌ مِن كُتُبِ الأقدَمين فهيَ تُمليٰ عليهِ مِن سلمانِ الفارسيّ صَباحاً و مَسآءً

( قُل أنزَلهُ‌ الّذي يَعلَم السِّرَّ في السَّماواتِ والأرضِ إنّهُ كان غَفوراً رحيماً )

قُل لَهُم لَيسَ كما تَقولونَ بَل أنزَلَهُ اللهُ الّذي يَعلَمُ أسرارَكُم و نِيّاتِكُم و يَعلَمُ السِرَّ في السَّماواتِ والأرض فَلا تَخفيٰ عليهِ مُؤامَراتِكُم إنّهُ كانَ غَفوراً رَحيماً لِشيعةِ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( وَ قالوا ما لِهذا الرّسول يَأكلُ الطّعامَ و يَمشي في الأسواقِ لو لا اُنزِلَ اليهِ مَلَكٌ فيكونَ مَعَهُ نَذيراً )

وَ‌ قالَ‌ المُنافِقونَ إستهزآءً ما لِمُحمَّدٍ (ص) يَدَّعي الرِّسالَةَ ثُمَّ هُوَ يأكلُ الطّعامَ‌ كما نأكُل و يَمشي في الأسواقِ لِيَشتري البِضاعَةَ مِثلَنا هَلاّ اُنزِلَ إليهِ مَلَكٌ يَكونُ وَزيراً لَهُ و خَليفَةً بَدَلَ عليٍّ فيُنذِرَنا !!

( أو يُلقيٰ إليهِ كنزٌ أو تكونُ لهُ جنّةٌ يأكُلُ مِنها وَ‌قال الظّالِمون إن تَتَّبِعونَ إلاّ رَجُلاً مَسحوراً )

لو لا يُلقيٰ إليهِ كَنزٌ كقارون أو تَكونَ لَهُ بساتينَ يأكُلُ مِنها لو يَصدِقُ أنَّهُ رسول اللهِ وَ قال الظّالِمونَ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) : إن تَتَّبِعونَ إلاّ رَجُلاً مَسحوراً بِحُبِّ عليّ بن أبيطالب (ع) ،

( اُنظُر كَيفَ ضَرَبوا لَكَ الأمثالَ فَضَلّوا فَلا يَستطيعونَ سَبيلاً )

اُنظُر إليهم يا حبيبي بِنَظرِالإستِخفافِ وَالسُّخريّةِ حيثُ ضَرَبوا لَكَ الأمثالَ الرّكيكةَ فَعَليٌّ (ع) هُوَ المُغرَمُ بِحُبِّك فَضَلّوا عَن ولايَتِهِ فَلا يَستطيعون وُصولاً إليٰ طريقِ الهِدايَةِ ،‌

( تَبارَكَ الّذي إن شآءَ جَعَلَ لَك خَيراً مِن ذٰلكَ جنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ و يَجعَلُ لَكَ قُصوراً )

كَثُرَت بَركةُ اللهِ الّذي إن شآء أَن تَفوقَ سُليمانَ في المُلكِ فَيَجعل لَكَ خَيراً مِمّا قالوا جَنّاتٍ تجري مِن تَحتِها الأنهارُ في الدُّنيا وَ يَجعَل لَكَ قُصوراً لـٰكنّكَ تُريدُها في الآخرةِ لأَِنّ الدُّنيا فانِيةٌ

( بَل كَذَّبوا بِالسّاعَةِ وَ أعتَدنا لِمَن كَذَّبَ بالسّاعَة سَعيراً )

فَحتّيٰ لو جَعلنا لَكَ جَنّةٌ و ألقينا إليكَ كَنزٌ فَهُم لا يُؤمنونَ بِولايتِكُم أهل البيت بل كَذّبوا بالقيامةِ والحسابِ والعقابِ و هَيَّأنا لِمَن كَذَّبَ بالسّاعَةِ ناراً مُسعرَةً ،

( إذا رَأتهُم مِن مكانٍ بعيدٍ سَمِعوا لها تَغَيُّظاً و زفيراً )

إذا رأوها مِن مكانٍ بعيدٍ في المَحشَر يسمَعونَ لها غِلياناً و انفجاراً كالبُركانِ و زَفيراً باللّهيب والدُّخان كما يَزفُرُ الإنسانُ مِن فَمِهِ ،

( و إذا اُلقوا منها مَكاناً ضَيّقاً مُقَرّنينَ دَعَوا هُنالِكَ ثُبوراً لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً )

و حينما يُلقون في جهنَّمَ في مكانٍ ضَيّقٍ منها مُكبَّلينَ بالسّلاسِل والأغلال يَصرُخونَ حينئذٍ بالوَيلِ والثّبور فنَقول لهُم إصرخوا كثيراً كثيراً لا مَرَّةً واحدةً

( قُل أذلك خَيرٌ أم جنّة الخُلدِ الّتي وُعِدَ المُتّقونَ كانت لهُم جَزآءً و مَصيراً )

فَقُل لَهُم يا حبيبي : هَل ذٰلك العَذابُ هُوَ خيرٌ مِن النّعيمِ أم النّعيم في جنّةِ الخُلدِ خَيرٌ مِن ذلك العَذاب؟ تِلكَ الجَنّة الّتي وُعِدَ الشّيعة المُتّقون كانَت لهم جزآءً لِتَشَيُّعِهم و مَصيراً لهُم ،‌

( لهُم فيها ما يشآؤن خالدينَ كان عليٰ ربّك وَعداً مسؤُلاً )

لهُم في الجنّة ما يشتهونَ‌ خالدين فيها إليٰ الأبَد كانَ ذلك لهُم عليٰ اللهِ حقّاً كما وَعَدَهُم بها يسأَلونَهُ بهِ ،

( و يومَ يحشُرُهم و ما يَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ فَيقول : ءَأنتُم أَضلَلتُم عبادي هؤلاء أم هُم ضَلّوا السّبيل ؟ )

وَ يَومَ‌ القِيامَةِ يحشُرُ اللهُ المُنافقينَ‌ وَ ما يعبدوهُ مِن دونِ اللهِ مِن وُلاةِ الجَور وَ الطّواغيت فَيَقول لَهُم هَل إنّكم يا وُلاةَ الجَور أضلَلتُم اُمّة الإسلام هٰؤلاء أم هُم باتِّباعِهِم لَكُم ضَلّوا السَّبيل ؟؟؟

( قالوا سُبحانَكَ ما كانَ يَنبغي لَنا أن نَتَّخِذَ مِن دونِكَ مِن أولياءَ )

فَيَقولُ أتباعُ خُلَفاءِ الجَور و وُلاةِ الظُّلم الَّذينَ تَركوا ولاية آل مُحمّدٍ (ص) وَ وَالَوا الظّالِمينَ : سُبحانَكَ اللّهُمَّ ما كانَ يَنبغي لَنا أن نَتَّخِذَ الخُلَفاءَ مِن دونِكَ أولياءَ بَل كانَ يَنبغي أن تُوالي آل مُحمّدٍ (ص) ،

( وَ لـٰكن مَتَّعتَهُم وَ آباءَهُم حتّي نَسؤا الذِّكَر و كانوا قَوماً بوراً )

وَ لكنَّكَ يا ربَّنا مَتَّعتَ آل أبي سُفيانَ و آلَ مَروانَ بالخِلافَةِ والمُلكِ كما مَتّعتَ آباءَهُم إتماماً لِلحُجّةِ و إختباراً حتّيٰ أن نَسَوُا القُرآن وَ خالَفوهُ وَ كانوا قَوماً هالِكين ،

( فَقَد كَذَّبوكُم بما تَقولونَ فَما تَستطيعونَ صَرفاً و لا نَصراً وَ مَن يَظلِم مِنكُم نُذِقهُ عَذاباً كبيراً )

فَنَقولُ لَهُم يا حبيبي حينئذٍ إنَّ هؤلاءِ ‌الخُلفاء قَد كَذّبوكُم اليومَ بِما تَقولونَ فيهِم فَاليومَ لا تَستطيعونَ دَفعاً لِلعذابِ وَ لا نَصراً لأِنفُسِكُم و مَن يَظلِم آلَ مُحمّدٍ (ص) نُذِقُه اليومَ عَذاباً كبيراً في جهنَّم ،

( وَ ما أرسَلنا قَبلَكَ مِنَ المُرسَلينَ إلاّ أَنَّهُم لَيأكلونَ الطّعامَ و يَمشونَ في الأسواق )

إنَّ المُنافِقينَ يَسخَرونَ مِنكَ ‌لأِنّكَ تَأكلُ الطَّعامَ وَ ما أرسَلنا مِن قَبلِكَ مِنَ المُرسَلينَ أحداً إلاّ أنّهُم كلّهُم كانوا يَأكلونَ الطَّعامَ وَ يَمشونَ في الأسواقِ وَ‌أنتَ مِثلَهُم ،

( وَ جَعَلنا بَعضَكُم لِبَعضٍ فِتنَةً أتَصبِرونَ و كانَ رَبُّكَ بَصيراً )

وَجَعَلنا فِرقَةَ السُّنّةِ لِلشّيعَةِ فِتنَةً و امتحاناً وَ جَعَلنا الشّيعَةَ لِلسُّنّةِ فِتنَةً و اختِباراً فيا أيُّها الشّيعة المُوالينَ لأِهل البَيْتِ (ع) هَل تَصبِرونَ في الإمتحان ؟ فَنِعمَ ذلكَ و كانَ اللهُ يراكُم !

( وَ قال الّذينَ لا يَرجونَ لِقاءَنا لَو لا اُنزِلَ عَلَينا الملائِكةُ أو نَريٰ رَبَّنا )

وَ‌قالَ الّذينَ لا يَخافونَ يَومَ القِيامَةِ والمَعادِ بَيْنَ مَن يَلقيٰ الله لَكَ يا رسولَ الله : هَلاّ اُنزِلَ علَينا جبرائيل وَ لَم يُنزَل علَيك أو نَريٰ اللهَ بأعيُنِنا ؟؟!!

(‌ لَقَد استَكبَروا في أنفُسِهِم و عَتَوْ عُتُوّاً كبيراً )

إنَّ هؤلاء المُنافقينَ لَقَد استكبروا عَنِ الإيمانِ بِكَ و بِأهلِ بيتِكَ (ع) و أخذَهُمُ الكِبرُ والعُجبُ بِأنفُسِهم و جاوَزوا الحَدَّ في الكُفرِ والظُّلم ،

( يَومَ يَرَوْنَ الملائِكَةَ لا بُشريٰ يَومَئذٍ للمُجرمينَ و يَقولونَ حِجراً مَحجوراً )

وَ‌ يَومَ القِيامَةِ سَيَروْنَ مَلائِكةَ العَذابِ يَزجُرونَهُم إليٰ النّارِ لا بِشارةَ يَومَئِذٍ لِلمُجرمينَ المُعادينَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ يَقولونَ لِلمَلائِكَةِ نَجّونا مِنَ الضّيقِ نَجّونا .

( وَ‌ قَدِمنا إليٰ ما عَمِلوا مِن عَمَلٍ فَجَعلناهُ هَبآءً مَنثورا‌ )

وَ يَومَ القِيامَةِ عَمِدنا إليٰ ما عَمِلوا في الدُّنيا مِن عَمَلٍ كانوا يَظنّونَهُ صالِحاً وَ يَرجونَ الثّوابَ عليهِ فَجَعلناهُ لِعَدَمِ تَمَسُّكِهم بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) هَدَراً كالهَبآءِ المَنثور .

( أصحاب الجِنّةِ يَومَئِذٍ خَيرٌ مُستَقَرّاً وَ أحسَنُ مقيلاً )

ولـٰكِنَّ أصحابَ الجنّةِ المُوالِينَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) يَومَئِذٍ هُم خيرٌ مُستَقرّاً مِن أعدائِهم و أحسَنُ مَنزِلاً يستريحونَ و يُقيلونَ فيهِ ،

(‌ و يومَ تَشَقّقُ السّماءُ بالغَمامِ و نُزِّلَ الملائِكةُ تنزيلاً )

و يَومَ القيامَة تتخلَّلُ السّمآءُ بالغيوم البيضاء و تنزل الملائكة مِن السمآء إليٰ المَحشَر تنزيلاً ،

( ألمُلكُ يَومَئِذٍ الحقّ لِلرَّحمانِ وَ كانَ يَوماً عليٰ الكافِرينَ عَسيراً )

وَ الحُكمُ وَ‌السّلطَنةُ والقُدرَة التّامَةُ يَومَئِذٍ للّهِ يَمنَحُهُ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَقَط دونَ غيرِهِم فَحينَئِذٍ يكونُ عَليٌ (ع) قَسيمُ الجَنّةِ والنّارِ وَ ساقي الحَوض وَ‌يكونُ يَوماً عليٰ الكافِرينَ بولايَتِهِ صَعباً ،

( وَ يومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عليٰ يَدَيْهِ يَقولُ‌ يالَيتَني اتَّخَذتُ مَع الرَّسول سَبيلاً )

فَذٰلك اليوم يَومٌ يَعَضُّ الظّالِمُ التّارِكُ لِولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) عليٰ يَديْهِ حَسرَةً وَ نَدامَةً و يَقولُ يالَيتَني اتَّخذتُ في الدُّنيا مَعَ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) طريقاً إليٰ ولايَتِهِم ،

( يا وَيلَتيٰ ليتَني لَم أَتَّخِذ فُلاناً خليلاً )

وَ يَقولُ الظّالِمُ يا ويلي وَ يا هلاكي لَيتَني لَم أتَّخِذ بَعدَ النَبيّ فُلاناً خليفةً وَ خَليلاً دونَ عليٍّ و‌آل مُحمّدٍ و أهل البَيْت (ع) ،

( لَقد أضلَّني عَنِ الذِّكر بعدَ إذ جاءَني وَ كانَ الشّيطانُ للإنسانِ‌ خَذولا )

وَ يَقول لَقَد أضلّني فلانٌ الّذي تَسنّمَ الخَلافَةَ غَصباً عَنِ القُرآنِ وَ العِترةِ بَعدَ أن جاءَني ، إبلاغُ النَّبيِّ في غَديرِ خُمٍّ و كانَ الشّيطانُ للإنسانِ المُعادي لِعَليٍّ (ع) خَذولاً ،

( وَ‌ قالَ‌ الرّسولُ‌ يا رَبِّ إنّ قَومي اتّخَذوا هٰذا القُرآنَ مَهجوراً )

وَ عِندَئذٍ يَقولُ رسولُ الله شاكياً إليٰ اللهِ اُمَّتَهُ التّارِكينَ لِلقُرآنِ و العِترَةِ يا رَبِّ إنَّ قومي اتَّخَذوا هذا القرآنَ الّذي بَلَّغتُهُم بهِ مَتروكاً في عُزلَةٍ ،

(‌ وَ كذلكَ‌ جَعلنا لِكُلِّ نَبيٍّ عَدوّاً‌ مِنَ المُجرمينَ وَ كفيٰ بِرَبِّكَ هادياً و نَصيراً‌ )

وَ كما أنّ لكَ‌ يا حبيبي أعداءً مُجرمينَ يُعادونَ أهل بيتك ‌(ع) وَ‌كذلكَ جَعَلنا لِكُلّ نَبيٍّ قَبلَكَ عَدوّاً مِنَ‌ المُجرِمينَ إمتحاناً وَ‌كفيٰ باللهِ لَكَ هادياً وَ‌ ناصِراً وَ‌مُعيناً علَيهِم ،

( وَ‌ قالَ‌ الّذين كَفروا : لو لا نُزِّلَ عَليهِ‌ القُرآنُ جُملَةً‌ واحِدَةً كذاكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ‌ وَ‌ رَتّلناهُ تَرتيلاً )

وَ‌ قال المُنافقينَ‌ الّذينَ كَفروا بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) هَلاّ اُنزِلَ عليٰ مُحمّدٍ القُرآنُ دَفعَةً واحِدَةً لا آيةً آيةً ، نَعَم هُو كذلك أنزلناهُ جُملَةً واحِدةً ليلةَ القَدرِ عليٰ قَلبِكَ ثُمَّ رَتَّلناهُ بِواسطَةِ جِبرئيل تَرتيلاً ،‌

( وَ لا يأتونَكَ بِمَثَلٍ إلاّ جِئناكَ‌ بالحَقِّ و أحسَنَ تفسيراً )

وَ‌لا يَأتونَكَ بِمَثَلٍ لإنكارِ عِصمَتِكَ وَ وِلايَتِكَ و رِسالَتِكَ إلاّ جئناكَ بِالحَقِّ وَحياً تدمَغُهُ وَ مَثَلاً يكونُ أحسنُ مِن مَثَلِهِم شَرحاً و بَياناً ،

( ألّذينَ يُحشَرونَ عليٰ وجوهِهِم إليٰ جَهنَّمَ أولئِكَ شَرٌّ مكاناً و أضَلُّ سبيلاًً )

هؤلاءِ‌ المُجرِمينَ أعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) الّذينَ يُحشَرونَ‌ يُساقونَ عليٰ وُجوهِهِم مُكبّين إليٰ جهَنّمَ أولئِكَ هُم أشَرُّ الخَلقِ مَكاناً وَ أَضَلُّ النّاس سَبيلاً وَ‌مَذهباً

( و لَقَد آتينا موسيٰ الكتابَ وَ‌جَعلنا مَعَهُ أخاهُ هارونَ وَزيراً )

فإن يَعتَرِضونَ عليٰ نَصبِكَ عليّاً (ع) لِلخلافَةِ فَلَقَد آتينا قبلَكَ موسيٰ الكتابَ وَ جَعلنا مَعَهُ أخاهُ هارونَ وَزيراً يُعينُهُ فكذلكَ عليٌّ مِنكَ بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسيٰ (ع) ،

 (فَقُلنا اذهَبا إليٰ القومِ الَّذينَ كَذّبوا بآياتِنا فَدَمّرناهُم تَدميراً )

فَقُلنا لَهُما إذهَبا إليٰ قومِ فرعونَ الّذينَ كَذَّبوا بِشَرائِعِ اللهِ فَدَمّرناهُم بَعدَ إتمامِ الحُجّةِ علَيهِم تَدميراً كامِلاً ،

( وَ‌قومِ نوحٍ لَمّا كَذّبوا الرُّسُلَ‌ أغرَقناهُم وَ جَعلناهُم لِلنّاسِ آيَةً )

و هكذا قوم نوحٍ قَبلَهُم حينَما كَذَّبوا نوحاً وَ مَن قَبلُهُ مِنَ الرُّسُلِ و أتمَمنا علَيهِم الحُجَج فَلَم يَتوبوا أغرَقناهُم بالطّوفانِ وَ جَلعناهُم عِبرَةً لِلنّاسِ ،

( وَ أَعتَدنا لِلظّالِمينَ عَذاباً أليماً )

وَ كَذلك هيّأنا لِلظّالمينَ مِن أعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) و أعداءِ شيعَتِهِم المُؤمنينَ عَذاباً في الدُّنيا وَ‌ دماراً و.هَلاكاً ثُمّ في الآخرةِ مُؤلماً ،

( وَ عاداً و ثَمودَ وَ أصحابَ ‌الرَّسِّ وَ قُروناً بَيْنَ ذلك كثيراً )

وَ‌ هكذا عَذّبنا قَومَ عادٍ‌ و قَومَ ثَمودٍ و أصحابَ‌ بِئر الرَّسِّ قَومَ شُعيبٍ و أقواماً بَيْنَ أولئكَ الهَلكيٰ كثيرونَ عَذَّبناهُم ،

( وَ كُلاًّ ضَربنا لَهُ الأمثالَ وَ كُلاًّ تَبَّرنا تَتبيراً )

فَكُلَّ قَومٍ مِن هؤلاءِ قَبلَ تَعذيبِهِ ضَرَبنا لَهُ الأمثالَ عليٰ لِسانِ الأنبياءِ لكي يَنتَبِهوا و يَتّعِظوا وَ كُلاًّ قَطعناهُم مِن جُذورِهِم بَواراً وَ هَلاكاً

( وَ لَقد أتَوْا عليٰ القَريَةِ الّتي اُمطِرَت مَطَرَ السّوْءِ أفَلَم يكونوا يَزَوْنَها بَل كانوا لا يَرجونَ نُشوراً )

وَ‌لَقَد أتَوْ هؤلاء المُنافِقينَ و مُشركي قُريشٍ عليٰ القَريةِ الّتي اُمطِرَت بالحِجارَةِ مَطَرَ العَذابِ وَ هِيَ سَدوم، أَفَلم يَكونوا يَرَونها بَليٰ لكنّهُم لا يَرجونَ المَعاد ،

( وَ إذا رَأوْكَ‌ إن يَتَّخِذونَكَ إلاّ هُزُواً أهٰذا الَّذي بَعَثَ اللهُ رَسولاً )‌

و حينما يَراكَ المُنافقونَ يَتَّخِذونكَ مَسخَرَةً وَ يَهزَؤنَ بِكَ قائِلينَ : أهٰذا يَتيمُ أبي طالبٍ هُوَ الّذي بَعَثهُ اللهُ إلينا رَسولاً ؟ فَلِماذا لَم يَبعَث صَناديدَ‌ قُريشٍ بالرّسالَةِ ؟؟

( إن كادَ لِيُضلَّنا عَن آلِهَتِنا لَو أَن صَبَرنا علَيهنا وَ سَوفَ يَعلَمونَ حينَ يَرَوْنَ العَذابَ‌ مَن أضَلُّ سبيلاً )

إنَّ مُحمّداً (ص) لو كادَ أن يُضِلُّنا عَن عِبادَةِ أو ثانِنا كَهُبَلٍ والّلات و العُزّيٰ و مَناةَ لو لا أن ثَبَتنا عليها وَ‌سَوفَ يَعلَمونَ هؤلاءِ حينَ يَرَوْنَ العَذابَ بسيفِ عليٍّ (ع) مَن هُوَ أضَلُّ ديناً هُم أم مُحمّدٌ (ص) ؟

( أَرأيتَ مَن اتَّخَذَ إلـٰهَهُ هَواهُ أَفأنتَ تَكونُ علَيهِ وَكيلاً‌ )

أتريٰ يا حبيبي إنَّ مَن اتَّخَذَ إلـٰهَهُ هَواهُ النَّفسانيّ الشيطانيَّ فَعاديٰ عَليّاً و أهلَ البَيْتِ (ع) هَل أنتَ‌ تكونُ علَيهِ وَكيلاً لِتَردَعُهُ عَن هَواهُ كلاّ فَدَعهُ في هَواه !!!

( أم تَحسَبُ أنَّ أكثرَهُم يَسمَعون أو يَعقِلون ؟ )

فيا حبيبي إنّكَ تَحسِبُ أنَّ المُنافِقينَ يَسمعونَ مِنكَ ما تَقولُهُ في فَضائِلِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) ؟ و تَحسَبُ أنَّهم يَعقِلونَ بِأنَّ عَليّاً (ع) مَعصومٌ و وَلِيٌّ وَ إِمامٌ و خَليفةٌ ؟؟؟

(‌ إن هُم إلاّ كالأنعامِ بَل هُم أضَلُّ سبيلاً )

لا لَيسَ كذلك فَهُم يَصمّونَ‌ آذانَهُم عِناداً عَن سِماعِ فَضائِلِهِ وَ هُم يُعارضونَ العَقلَ فيُعادونَهُ و إن هُم إلاّ كالحيواناتِ في عَدَمِ الفَهمِ بَل هُم أضَلُّ مِنها مَذهباً لأِنَّها لا تَملِكُ عَقلاً و فَهماً !!

( ألَم تَرَ إليٰ رَبِّكَ كيفَ مَدَّ الظِّلَّ وَ‌لو شآءَ لجَعَلَهُ ساكِناً ثُمّ جَعَلنا الشَّمسَ عليهِ دَليلاًً )

فيا حبيبي لو لا كَوْنَهُم كالأنعامِ لَما عُرِفَ نورُ آل مُحمّدٍ (ص) ألَم تَنظُر إليٰ حِكمَةِ اللهِ كيفَ خَلَقَ الظَّلامَ في اللّيلِ وَ لو أرادَ لَجَعلَهُ سَرمداً لـٰكنَّهُ خَتَمهُ بِطلوعِ الشّمسِ و جَعَلَها دَليلاً عليٰ الظّلام !

( ثُمَّ قَبضناهُ إلينا قَبضاً يسيراً )

ثُمّ ألَم تَنظُر يا حبيبي أنّ اللهُ كيفَ قَبَضَ ظَلامَ اللّيلِ وَ يُزيلُهُ بِسُهولَةٍ و يُسرٍ فَكذلكَ‌ سيُزيلُ حُكمَ الطُّغاةِ وَ وُلاةِ الجَوْر بِنورِ دَولَةِ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( وَ‌ هُو الّذي جَعَلَ لَكُم الّليلَ لِباساً و النَّومَ سُباتاً و جَعَلَ النّهارَ نُشوراً )

فاللهُ حكيمٌ في صُنعِهِ و تَدبيرِ فَهُوَ الّذي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ ساتِراً والنّومَ فيهِ راحَةً لِلأجسادِ وَ جَعَلَ النّهارَ وَقتاً لانتِشارِ النّاسِ في أعمالِهِم ،

( وَ‌ هُو الّذي أرسَلَ الرّياحَ بُشراً بَيْنَ يَدَيْ رَحمَتِهِ و أنزلنا مِنَ السّمآءِ ماءً طهوراً )

وَ‌هُو الّذي أرسَلَ النَّسيمَ والهَواءَ‌ الّذي يَهُبُّ بشارةً مِنهُ قَبلَ هَطولِ رَحمَةِ المَطَرِ و أنزَلنا مِنْ غُيومِ السّمآء ماءً طاهراً مُطهِّراً ،

( لِنُحييَ بِهِ بَلدَةً مَيتاً و نُسقِيَهُ مِمّا خَلَقنا أَنعاماً و اُناسِيَّ كثيراً )

وَ أنزَلناهُ لِنُحيي بِهِ بلاداً مَيتَةً زرعُها بالزَّرعِ و نُسقي بِهِ ممّا خَلَقنا مِن الحيواناتِ والأنعامِ الثّلاثَةِ والبَشَر والنّاس جميعاً ،

( وَ‌ لَقد صَرّفناهُ بَينَهُم لِيَذّكروا فَأبيٰ أكثرُ النّاسِ إلاّ كُفوراً )

وَ لَقَد صَرَّفنا هذا المِثالَ لَهُم وَ مَثَّلنا ولايةَ عليٍّ (ع) بالمَطَر لِيَتَذَكّروا فَضَلَّ اللهِ و آلائِهِ علَيهِم بِنَصبِهِ علَيهِم وَلِيّاً و لـٰكنْ أبيٰ أكثَرُ النّاسِ المُسلمينَ إلاّ كُفراً بِنَعمَةِ ولاية آل مُحمّدٍ (ص) ،

( وَ‌ لَو شِئنا لَبَعثنا في كُلِّ قَريةٍ نَذيراً )

وَ لَو إقتَضَت مَشيئَتُنا لِبَعَثنا في كُلِّ مَدينَةٍ مِن مُدُنِ العَرَبِ مَن يُنذِرُهُم عاقِبَةَ مُعاداةِ عَليٍّ (ع) كأبي ذَرٍ في الشّامِ و غَيرُهُ في غيرِها !!

( فَلا تُطِعِ الكافِرينَ وَ‌جاهِدهُم بِهِ جهاداً كبيراً )

فَيا رسولَ الله لا تُطِع الكافِرينَ ‌بِولايَةِ عليٍ‌ (ع) حينما يَطلُبونَ أن تُقيلَهُم مِن بيعَتِهِ وَ جاهِدهُم بِعَليٍّ (ع) وَ‌سيفِهِ جهاداً كبيراً في غَزواتِهِ مَعَهُم كلّها

( وَ‌ هُوَ الّذي مَرَجَ البَحرَيْنِ هٰذا عَذبٌ فُراتٌ وَ هذا مِلحٌ اُجاجٌ وَ‌ جَعلَ بَينَهُما بَرزَخاً‌ و حِجراً مَحجوراً )

وَ‌اللهُ هُوَ الّذي بِزواجِكَ مِن بَناتِ‌ المُنافقين خَلَطَ البَحرَيْنِ بَحرُ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و بَحرُ النِّفاقِ لـٰكنّ بَحرَ مُحمّدٍ و آلِهِ عَذبٌ سائِغٌ و بَحرُهُم مالِحٌ مَجٌّ وَ جَعَلَ بَينَهُما حاجِزاً فَلا تَلِدُ عائِشَةُ و حَفصَةُ و اُمّ حبيبة وَلداً ،

( وَ هُو الّذي خَلَقَ مِنَ‌ المآءِ بَشَراً فَجَعلَهُ نَسَباً وَ صِهراً وَ كانَ ربُّكَ قديراً )

وَ الله هُوَ الّذي خَلَقَ مِن مآءِ عَليٍّ أولاداً مِن فاطمةَ هُم أبناءُ رسولِ الله فَجَعلَ نَسَبهُم مِنكَ وَ‌جَعَلَ عَلياً (ع) صِهراً لكَ وَ كانَ اللهُ قَديراً لِما يشآءُ

( وَ ‌يَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ ما لا يَنفَعُهُم وَ لا يَضرُّهُم وَ كانَ الكافِرُ عليٰ رَبِّهِ ظهيراً )

وَ‌ هؤلاء المُنافقينَ‌ يَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ الجِبتَ والطّاغوتَ‌ وَ‌ما لا يَنفَعُهُم طاعَتُهُم مِنَ اللهِ شيئاً وَ لا يَضُّرهُم عِصيانُهُم لو عَصَوهُ و كانَ المنافِقُ الكافِرُ عليٰ اللهِ لأِعداءِ اللهِ ظَهيراً ،

( وَ ما أرسَلناكَ إلاّ مُبشِّراً و نَذيراً )

فَيا رسولَ اللهِ‌ بَعدَ كُلّ ما شَرحناهُ لَكَ فَما أرسَلناكَ بالرِّسالَةِ إلاّ لِتُبَشِّرَ مَن آمَنَ‌ وَ واليٰ أهل بيتكَ (ع) وَ‌تُنذِرَ مَن كَفَر وَ عانَدَ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( قُل ما أسألُكُم عَلَيهِ مِن أَجرٍ إلاّ مَن شآءَ أن يَتَّخِذَ إليٰ ربّهِ سبيلاً )

فَقُل لاُِمّتِكَ يا حبيبي : أنا لا أطْلُبُ مِنكُم عَليٰ الرِّسالَةِ و تَبليغِها إليكُم مِن أجرٍ مادّيٍّ وَ‌ لا اُريدُ إلاّ أن تَسعَوا حَسَبَ القُدرَةِ والإستطاعَةِ أن تَتَّخِذوا بِولاية أهل بيتي (ع) إليٰ ربّكم سبيلاً ،

( وَ تَوكَّل عليٰ الحَيّ الّذي لا يَموتُ وَ‌سَبِّح بِحَمدِهِ وَ‌ كَفيٰ بِهِ بِذُنوبِ عبادِهِ خَبيراً )

فيا حبيبي لا تَنتَظِر مِنهُم أن يَفوا بِأَجرِ رسالَتِك بَل تَوكَّل عليٰ الحَيّ الّذي لا يَموتُ فَهُوَ يُؤجرُكَ عَليهِ وَ سَبِّح بِحَمدِهِ وَ‌ قُدسِهِ و أثني علَيهِ وَ ‌كفيٰ باللهِ خبيراً بذنوبِ عِبادِهِ المُعادينَ لأِهلِ بيتك (ع)

( ألّذي خَلَقَ السَّماواتِ و الأرضَ وَ‌ما بينَهُما في سِتّة أيّامٍ ثُمَّ استويٰ عليٰ العَرشِ الرَّحمانُ فأسأل بِهِ خَبيراً )

وَ اللهُ جَلَّ جلالُهُ هُوَ الّذي خَلَقَ السَّماواتِ والأرضَ وَ ‌ما بَينَها مِنَ الخَلقِ في سِتَّةِ مَراحِلَ ثُمّ هَيْمَنَ عليٰ عَرشِ القُدرَةِ هُوَ الرَّحمانُ فأسأل عَن صِفاتِهِ جبرئيلَ يُخبِرُكَ عَنهُ ،

وَ إذا قيلَ لِقُريشٍ اُسجُدوا للّهِ الرَّحمان قالوا وَ ما مَعنيٰ الرَّحمان ؟ هَل نَسجُدُ لِما تَأمُرُنا يا مُحمَّد وَ لا نَراهُ بِأَعيُنِنا فَزادَهُم قولَهُم نُفوراً مِنَ اللهِ

( تَبارَكَ الّذي جَعَلَ في السّمآءِ بُروجاً و جَعَلَ فيها سِراجاً و قَمَراً مُنيراً )

تَعاظَمَت بَرَكة اللهِ الّذي جَعَلَ في سمآءِ الرِّسالَةِ بُروجَ الأئمّة (ع) الإثنا عَشَر وَ جَعَلَ فيها الزَّهرآءَ سِراجاً وَ ‌عليّاً (ع) قَمَراً مُنيراً‌،

( وَ هُو الّذي جَعَلَ اللّيلَ و النَّهارَ خِلفَةً لِمَن أرادَ أن يَذَّكَّر أو أرادَ شُكوراً )

وَاللهُ سُبحانَهُ هُوَ الَّذي جَعَلَ اللّيلَ ظلام خُلفاءِ الجَور يُخلِفُهُ و يَعقِبُهُ النّهارَ بِضياءِ دولةِ آل مُحمّدٍ (ص) تَذكِرَةً لِمَن أرادَ أن يَتَذكَّرَ أو أرادَ أن يشكُرَ نِعمةَ الولايةِ ،

( وَ‌عِبادُ الرَّحمٰنِ‌ الَّّذينَ يَمشونَ عليٰ الأرضِ هوناً و إذا خاطَبَهُمُ الجاهِلونَ قالوا سلاماً )

وَ‌ عِبادُ‌ اللهِ الرَّحمان بِخَلقِهِ هُمُ حقيقةً يَعبدونَهُ وَ يُوالونَ مُحمّداً و آلِهِ (ص) فَحَسب ، صِفَتُهُم أنَّهُم يَمشونَ عليٰ الأرضِ مَشياً هَيِّناً مِن دونِ تَجبُّرٍ و لا طُغيانٍ و إذا خاطَبَهُمُ الجاهِلونَ بِفَضائِلِ آل مُحمّدٍ (ص) بالجَهل لا يُقابلونَهُم بِمِثلِهِ ،

( وَالّذينَ يَبيتونَ لِرَبِّهِم سُجَّداً وَ قياماً )

وَ‌الصِّفةُ‌ الاُخريٰ لِشيعةِ آل مُحمّدٍ (ص) عِبادُ اللهِ عليٰ الحَقيقةِ هيَ أَنَّهُم لا يَنامُون اللّيل كُلّهُ بَل يَبيتونَ بَعضَهُ بالعِبادَهِ للهِ سُجوداً و رُكوعاً و قياماً ،

( وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا اصرِف عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إنَّ عَذابَها كانَ غَراماً )

وَ‌ هُمُ الّذينَ يَبتَهِلونَ إليٰ اللهِ دائِماً بالمُناجاةِ وَ يَقولون رَبّنا إنّنا نَعوذُ بِكَ مِنَ النّارِ فاصرِف عنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إنَّ عَذابَها كانَ غراماً و جزيةً ،

( إنّها سآءَت مُستَقرّاً و مُقاماً )

إنَّ جَهنَّمَ أَسوأَ مكانٍ هي لاِستقرارِ الإنسانِ إذ لا قَرارَ و لا راحَةَ لَهُ فيها فَهِيَ بِئسَ المَقَرِّ لَهُ و هِيَ أسوَأ مقامٍ إذ لا نَهايَةَ لِعذابِها !!!

( وَالّذينَ إذ أنفَقوا لَم يُسرِفوا وَ لَم يَقتُروا وَ كانَ بَيْنَ ذلك قَواما )

وَ‌هؤلاءِ الّذينَ يَعبُدونَ الرَّحمانَ حَقَّ العِبادَةِ هُمُ الّذينَ إذا أنفَقوا النَّفَقاتِ الواجِبَةِ والمُستَحَبّة كالخُمسِ والزّكاةِ والصَّدقاتِ لا يُسرفونَ و لا يَبخَلون و كانَ إنفاقُهُم عَدلاً بَيْن ذلك ،

( وَالَّذينَ لا يَدعونَ مَعَ اللهِ إلـٰهاً آخَر )

وَ‌ هُمُ الّذينَ يُخلِصون لِلّهِ الطّاعَةَ والعِبادَةَ وَ لا يُشركونَ بِطاعَتِهِ و عِبادَتِهِ جِبتاً أو طاغوتاً‌ مِن وُلاة الجَوْر فلا يَدعونهُ مَعَ اللهِ إلـٰهاً آخَر ،

(‌ وَ‌لا يَقتُلونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إلاّ بالحَقّ )

وَ‌هؤلاء لا يَئِدونَ بَناتَهُم كَوُلاةِ الجَوْر والمُنافقين وَ لا يَقتُلونَ المُؤمنينَ والمُسلمينَ كبني اُمَيَّةَ و غَيرِهِم وَ لا يقتُلونَ النَّفسَ الَّتي حَرَّم اللهُ قَتلَها إلاّ بالقِصاص أو الحَدِّ الواجِب ،

( وَ‌ لا يَزنونَ وَ مَن يَفعَل ذلكَ يَلقَ أثاماً )

وَ هٰؤلاءِ أَبَداً لا يَزنونَ بَل يَعمَلونَ بِسُنّةِ المِتعَةِ وَ‌لو لا نَهيَ عُمَر عَنها مازَنا إلاّ شَقيّ وَ مَن يَفعَل الزِّنا و يَترُك المِتعَةَ يُلاقي عُقوبَةَ إثمِهِ ،

(‌يُضاعَفُ لَهُ العَذابُ يَومَ القِيامَةِ وَ‌ يَخلُد فيهِ مُهاناً )

وَ عُقوبةُ إثمِهِ هُوَ أنَّهُ‌ يُضاعَفُ لَهُ العَذابُ ضِعفَيْن يَومَ القِيامةِ لِتَركِهِ سُنّةَ المِتعَةِ بِتَحريمِ عُمَر و إرتكابِهِ الزِّنا فَيَخلُدُ في النّار ذَ‌ليلاً بإهانةٍ ،

( إلاّ مَن تابَ وَ آمَنَ و عَمِلَ صالِحاً فَأولـٰئِكَ يُبدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِم حَسَناتٍ وَ كانَ اللهُ غفوراً رحيماً )

وَ‌ لا ينجو مِن هٰذهِ العُقوبَةِ إلاّ مَن تابَ مِن ذَنبِهِ و آمَنَ بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) و عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأولئكَ يُبَدِّلُ اللهُ ما مَضيٰ مِن سَيّئاتِهِم حَسَناتٍ في صَحيفةِ أعمالِهم وَ كانَ اللهُ غَفوراً رَحيماً لِمَن تابَ و آمَن ،

( وَ‌ مَن تابَ و عَمِل صالِحاً فإنَّهُ يَتوبُ إليٰ اللهِ مَتاباً )

وَ مَن تابَ بِصِدقٍ عَن معصيتِهِ ثُمَّ تلافاها بِالعَمَلِ الصّالِحِ والتَّقويٰ فإِنَّهُ يَتوبُ بذٰلكَ و يَئوبُ إليٰ اللهِ مَتاباً صَحيحاً نَصوحاً ،

( ‌وَ الَّذينَ لا يَشهَدونَ الزّوَرَ وَ‌ إذا مَرّوا بِاللَّغوِ مَروّا كِراماً )

وَالتّائِبونَ واقِعاً هُمُ الّذينَ لا يَشهدونَ شَهادةَ الزّورِ والباطِلِ و إذا مَرّوا بالغِناءِ والطَّرَبِ واللَّهوِ واللَّعِبِ مَرّوا كِراماً مُعرِضينَ ساخِطين ،

( وَ الّذينَ إذا ذُكِّروا بآياتِ رَبِّهِم لَم يَخِروّا علَيها صُمّاً‌ و عُمياناً )

وَ هُمُ الّذينَ إذا ذُكِّروا بِآياتِ رَبِّهِم النّازِلَةِ بِشَأنِ فَضائِلِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و ولايتِهِم لَم يُطاطِئوا بِرؤسِهِم صامّينَ آذانَهُم عَنها و يُغمِضونَ أعيُنَهُم عنها

( وَ الّذينَ يَقولونَ رَبّنا هَبْ لَنا مِن أزواجِنا و ذُرّياتِنا قُرَّةَ أعيُن )

وَ هؤلاءِ عِبادُ الرّحمانِ الأتقياء يَبتَهِلونَ إليٰ اللهِ قائِلينَ : رَبّنا هَبْ لنا مِن أزواجِنا و أولادنا مَن يُقِرّونَ عُيونَنا بِتَمسُّكِهم بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّد (ص) ،

( واجعَلنا لِلمُتّقين إماماً )

وَ يَبتَهِلونَ إليٰ اللهِ قائلينَ : رَبَّنا واجعَلنا نُخالِفُ لِشيطانِ الجِنِّ والإنس و نُحاربُهُم و نَسبِقُ النّاسَ في التّقويٰ و نَكون قُدوَةً لَهُم في التَّقويٰ ،

( أولـٰئك يُجزَوْنَ الغُرفَةَ بِما صَبَروا وَ يُلقَوْنَ فيها تَحيّةً و سلاماً )

أولـٰئكَ الشّيعة الأتقياء سَيُجزَوْن عَن تَمسُّكِهِم بالقُرآنِ والعِترَةِ الغُرفَةَ العالية في الجَنّةِ و يُلقَوْنَ في الغُرفَة تَحيّةً و سَلاماً مِن أهل الجنّة و المَلائِكةِ وَ الحُور العين ،

( خالِدينَ‌ فيها حَسُنَت مُستَقرّاً و مُقاماً )

وَ هُم يَخلُدونَ فيها أبداً حَسُنَت لَهُم مُستَقرّاً وَ‌مكاناً لِلرّاحَةِ والإستقرارِ وَ الطُمأنينَةِ و حَسُنَت مقاماً و مَسكناً أبَديّاً ،

( قُل ما يَعبَؤُا بِكُم رَبّي لو لا دُعاؤكم؟ )

قُل لاُِمّتكَ يا رسولَ الله (ص) ما يُبالي بِكُم وَ‌ما يَهتَمُّ بِكُم وَ‌ بِشأنِكُم ربّي لو لا دَعوَتكُم إليٰ ولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَبيعةَ عليٍّ و أهل البَيْت (ع)

(‌فَقَد كَذّبتُم فَسوفَ يَكونُ لِزاماً )

وَ مَعذٰلكَ‌ فَقَد كَذّبتُم أكثرُهُم بِولايةِ آل محمّدٍ (ص) فَسوفَ يكونُ عذابُكُم لِزاماً وَ‌ لازماً عَليٰ اللهِ لأِنَّهُ عادِلٌ لابُدَّ أن يُعَذِّبَ مَن كذّبَ بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 929-912 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *