(39)
سورة فُصِّلَت
بإسمِ ذاتي و رحمانيّتي اُوحي إليكَ بِرَمزِ حاء ميم إنَّ هذا الوحيُ هُوَ تنزيلٌ مِنَ اللهِ الرَّحمان بجميعِ عبادِهِ والرَّحيمُ بعبادِهِ المُؤمنين ،
والقرآنُ كتابٌ سماويٌّ اُنزِلَ بواسطةِ جبرائيل أمين الوحي عليٰ رسول الله فُسِّرَت آياتُهُ والمُفسِّرونَ هُم أهل البيت (ع) بِقَراءَةٍ عربيّةٍ لقومٍ يَعلَمونَ العربيّة ،
والقرآنُ اُنزِلَ لِيكونَ بشيراً لِلمُؤمنين المُطيعينَ لِلّهِ المُتَمسِّكينَ بهِ و بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) بالجَنّةِ و لِيكونَ نَذيراً عن النّارِ لأِعداءِ آلِ مُحمّدٍ (ص) فأعَرَضَ أكثرُهُم فلا يسمَعونَ كلامَ الله ،
و قالَ المنافِقون : إنَّ قُلوبَنا قاسِيةٌ صَعبَةٌ كأنَّها في أغطِيَةٍ مَحجوبَةٍ لا يَصِلُ إليها نِداءٌ فلا نَسمَعُ ما تَدعونَنا إليه مِن مَودَّةِ قُرباكَ و أهل بيتك (ع) و في آذانِنا ثِقلٌ عنهم ،
و قالوا : إنَّ بينَنا و بينَكَ يا مُحمّد حِجابٌ مِنَ العِداءِ و البُغضِ و الحِقدِ والنِّفاقِ والحَسَد فاعمَل عليٰ أخذِ البَيْعَةِ لِعَليٍّ إنّنا عامِلونَ عليٰ غَصبِ الخِلافَةِ منهُ
فَقُل لهم يا حبيبي أنا لَستُ إلاّ بشَراً مثلكم في جِسمي ، لا في روحي و نوري و عصمتي ، فأنا أفضَلُ البَشَرِ أجمعين يُوحيٰ إليَّ مِن ربّي إنّما إلـٰهكُم إلـٰهٌ واحِدٌ فَحسب ،
فيَجِب عليكم أن تَسلكوا الطّريقَ المُستقيمَ إليهِ طريقَ ولايةِ محمّدٍ و آلِهِ (ص) و لا تَنحَرِفوا عَن طاعَتِهِ و عبادَتِهِ واطلُبوا المَغفِرَةَ مِنهُ و يوحي إليّ أنّهُ وَيلٌ للمشركين باللهِ طاعةَ وُلاةِ الجَوْر ،
أولئِك الّذين لا يُؤدّونَ الزّكاةَ إليٰ مُحمّدٍ و أهل بيتِهِ (ع) لِيَصرفونها في مصارفها و هُم بالآخرةِ و حسابِها و كتابِها و العَدلِ هُم كافرونَ مُنكِرون ،
و قُل لهم يا حبيبي : بالتأكيد إنَّ الذين آمَنوا باللهِ و بولايةِ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) و عملوا الصّالِحاتِ و تَمسّكوا بولايَتِهِم لهُم أجرٌ و ثوابٌ و جزاءٌ كامِلٌ تامٌّ غير مقطوعٍ بل خلودٌ في النّعيم ،
قل لهُم يا حبيبي : هَل إنّكم لتكفرون باللهِ و ولايةِ مُحمّدٍ و آلهِ (ص) مَعَ أنَّ اللهَ خَلَقَ بِقُدرَتِهِ الأرضَ في مَرحَلَتَيْن و لا خالِقَ سِواهُ فكيفَ تجعلونَ لهُ شُرَكاءَ في الطّاعَةِ ذلك هو خالِقُ الخَلقِ أجمعين ،
و جَعَلَ اللهُ في الأرضِ جِبالاً راسيةً فوقَها و جَعَلَ البَرَكةَ في الجِبالِ بمعادِنِها و مياهِها و أحجارِها و قَدَّرَ خِلقَةَ أقواتِ أهلِ الأرضِ في أربَعَةِ مَراحِلَ مُتَساوياتٍ للسّائِلينَ مِنهُ القُوت ،
ثُمَّ استويٰ عَزمُهُ و إرادَتُهُ عليٰ خَلقِ السّمآءِ أي كواكِبِها و هيَ دُخانٌ لم تَجمد فقال لها و لِلأرضِ استَسلِما لِإرادَتي وَ وِلايَتيَ التّكوينيّةَ مُجبَرَةً أو مُطيعَةً قالَتا أتَيْنا لِإرادَتِكَ طائِعين ،
فأمَرَ بِخَلقِ السّماواتِ و حَكَمَ بوجودِها سَبعَ مَجرّاتٍ تَضُمُّ كُلّ واحِدَةٍ أربعينَ مَنظومَةً شمسيّةً في مَرحَلَتَيْن و أوحيٰ في كُلِّ مَجَرَّةٍ منها بِنظامٍ حَرَكَتِها الخاصّ بها ،
و زَيّنا مَنظَر مَجَرَّتِكُم و هيَ السّماءُ الدّانِيَة مِن أرضِكُم بِمَصابيحَ النّجومِ و الكواكِبِ في اللّيلِ و جَعَلناها بِجاذِبيّاتِها تُفيدُكُم حِفظاً لِكُرَةِ الأرض ذلك تَقديرُ العزيزِ العَليمِ في صُنعِهِ ،
فَبَعَد أن تُذكِّرَهُم كلّ ذلك فإن أعرَضوا عن ولايَةِ أهلِ بيتِكَ (ص) فَقُل لهم بعدَ إتمامِ الحُجَّةِ أنذَرتُكُم إن أعرضتُم صاعِقةً مِثلَ صاعِقَةِ عادٍ و ثَمودَ تُهلِكُكُم ،
فَتذَكّروا إذ جاءَتهم الرُّسُلَ مِن أمامِ وجوهِهِم يُخاطِبونَهُم و مِن خَلفِهِم يُنادونَهُم و يقولون لهُم : يا قوم عادٍ و يا ثمودَ لا تعبُدوا إلاّ الله ،
فأجابوهُم قائِلين لو شآءَ اللهُ أن لا نعبُدَ سِواهُ لَأنزَلَ إلينا مَلائِكةً و لم يُرسِلكُم و أنتُم بَشَرٌ مثلنا فَنَحنُ بِما اُرسِلتُم بهِ إلينا كافرين لا نُؤمِن ،
فأمّا قوم عادٍ فاستَكبَروا عليٰ هودٍ و رَبعِهِ في الأرضِ مِن دونِ حَقٍّ و قالوا لهُم مَن مِنّا أشَدّ قُوَّةً أوَلَم يَرَوا أنَّ اللهَ الّذي خَلَقَهُم هُوَ أشَدُّ مِنهُم قُوّةً فهم مخلوقين لهُ و كانوا بالمُعجِزاتِ يَجحدون ،
فأرسَلنا لعذابهم عاصِفةً مَدويّةً عليهم في أيّامٍ سَلَبت سعادتهم لِنُذيقهُم عذابَ الذُلِّ في الدّنيا قَبلَ الآخِرةِ و بالتأكيدِ إنَّ عذابَ الآخرة هِيَ أخزيٰ لهُم و أذَلَّ و هُم يومَئذٍ لا يُنصَرون منها ،
و أمّا قوم ثمودٍ فإنّا هدَيناهُم بصالحِ النّبيّ لكنّهم اختاروا الضَّلالَةَ عليٰ الهدايَةِ عناداً فأخَذَتهُم أخذَ هلاكٍ صاعِقَة السّماءِ المُهينَةِ بما كانوا يَكسِبونَ مِنَ العِناد ،
و نَجّينا مِن عذابِ قومِ عادٍ و ثَمودَ الّذين آمَنوا باللهِ و يهوُدٍ و صالحٍ و اتّبَعوهُما و كانوا يَتّقونَ اللهَ و يُطيعونَهُما و يَتولّوْنَهما ،
و يوم القيامَةِ سيَحشُرُ اللهُ أعداءَهُ لِلحسابِ و العِقابِ فيأمُرُ بِهِم إليٰ النّارِ فهُم يَساقونَ إليها بِزَجرٍ لملائكةِ الغَضَب ،
و حينما يَجيئونَ لِلحسابِ و يُحكَمُ عليهِم بِدُخولِ النّارِ يَشهَدُ عليٰ ذنوبِهِم و آثامِهِم كُلّ عُضوٍ عَصَوا بِهِ مِن آذانِهِم و عيونِهِم و جُلودِهِم شهادَةً بما كانوا يعمَلونَ في الدّنيا ،
و عندئذٍ يقولون لِجُلودِهم لماذا شَهِدتُم ضِدّنا حال كونِكُم جُزءٌ مِن أبدانِنا ؟
فقالوا جواباً : نحنُ لَم نَشهَد بِإختيارِنا بَل أنطَقَنا اللهُ الّذي أنطَقَ كلّ شييءٍ و هو خَلَقَكُم أوّلَ مَرّةٍ مِنَ العَدَمِ و الآن تُرجَعون إليهِ ثانيةً ،
و أنتم يا مُنافقين ما كنتُم تَستَتِرونَ في الدّنيا حينَ إرتكابِ المعاصي و الآثام مِن أعضاءِكُم أن لا يَشهَدَ عليكُم اُذنُكم و عيونكم و جلودكم يوم القيامة
و لكنّكُم تَجاهَرتُم بالفِسقِ والفُجورِ و تَخيَّلتُم أنَّ اللهَ لا يعلَمُ كثيراً مِمّا تُخفونَ مِنَ الفواحِش و تَعمَلونَ مِنَ الجَرائِم ،
و ذلك الخيالُ و سوءُ الظَنِّ ظَنَنتُم باللهِ إنّه لا يَعلَمُ ما تفعَلونَ هُوَ الّذي ألقاكُم في التّهلُكَةِ فأصبَحتُم اليوم مِنَ الخاسِرينَ باستحقاقِ العَذاب ،
فيا حبيبي يومَئذٍ لو يَصبِرِ المُنافقون عليٰ العِقاب فالنّارُ الحريقُ مأويٰ لهُم و إن يطلُبوا العُتبيٰ و الرِّضا فما هُم مِنَ الّذين تَشمُلُهُم العُتبيٰ
و هؤلاءِ المُنافقين حَوّلناهُم إليٰ قُرناءَ لهُم مِن شياطين الجِنّ كما أنّهُم شياطين الإنس فزَيّنوا لَهُم ما بين أيديهِم و ما خَلفَهُم مِنَ الكُفرِ و الفِسق و النِّفاق و مُخالَفةِ أهلِ الحَقّ و آل محمّدٍ (ص)
و نتيجةَ ذلك حَقَّ عليهِم قولُ اللهِ بالعذابِ في جُملَةٍ من الاُمَمِ الهالِكَةِ الّتي مَضَت مِن قَبلِهِم مِنَ الجِنّ و الإنسِ العُتاةِ المَرَدةِ أنّهم كانوا خاسِرين رحمةَ الله ،
و قال الّذين كفروا باللهِ و بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) لا تَستَمِعوا لِهذا القرآن حينما يَنزِلُ بِفضائِلِ أهل البَيْتِ (ع) و حينما يَتلوهُ مُحمّدٌ ، وَ عَليكُم باللَّفَظِ و الكلامِ اللَّغوِ في أثناءِهِ لَعلّكم تَغلِبونَهُ و تُسكِتونَه ،
فبالتأكيد سَنُذيقُ الّذين كفروا بولايةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) عذاباً شديداً و سيَجزِيَنَّهُم اللهُ و رسولُهُ و أهل البيتِ (ع) أقبَحَ و أشَدَّ جَزاءٍ و عِقابٍ لِما كانوا يعمَلون ،
و ذلك الجَزاءُ السَيِّيءُ هو جَزاءُ أعمالِ أعداءِ اللهِ و أعداءُ آل محمدٍ (ص) في الدّنيا و الجَزاءُ هو النّارُ لهُم فيها خلودٌ مَعَ الأبَد جزاءً بما كانوا بآياتِنا بشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) يَجحَدون ،
و عندئذٍ يقولُ الّذين كفَروا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) : رَبّنا أرِنا في النّار صَنَمَي قُرَيشٍ ألجِبتَ والطّاغوتَ الّذَيْنِ أضَلاّنا نَحنُ أتباعَهُما مِن الجِنّ و الإنس كَي نَجعَلهُما تَحتَ أقدامِنا ليكونا مِنَ الأسفلين في نارِ الجَحيم ،
و بالتأكيد إنَّ الّذينَ آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و قالوا : رَبُّنا الله ثُمَّ استَقاموا عليٰ وِلايةِ أهلِ البَيْت (ع) تَتَنزَّلُ عليهِمُ الملائِكةُ مِن السّمآءِ تُبَشِّرهُم :
فتقول لهم لا تَحزنوا و لا تَخافوا مِن أعداءِ آل محمّدٍ (ص) و ظُلمِهِم لَكُم و عِداوَتِهِم و أبشِروا بالجَنّةِ الّتي كنتُم تُوعَدونَ بها القُرآن ،
ثُمَّ يُخاطِبُهُم مُحمّدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) قائِلين : نَحنُ أولياؤكم كُنّا في الدّنيا فَتَولّيتُمونا و كذلك نَحنُ أولياؤكم في الآخِرَةِ و هذا اليوم ،
و يقولونَ لِشيعَتِهم : لَكُم في الجَنّةِ ما تَشتهي أنفُسُكم و لَكُم فيها ما تَدّعونَ مِن قُربِ و جِوارِ و حُبِّ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) جَزاءً نُزُلاً مِن رَبٍّ غفورٍ لذنوبكم رحيمٍ بِكُم ،
فاحكُموا يا عُقَلاء في هذهِ العاقِبَةِ الحَسَنَةِ للشّيعَةِ فَمَن أحسَنُ قولاً مِمَّن دَعا إليٰ اللهِ والتَّمسُّكِ بالثَّقَليْن كتاب اللهِ والعِترَةِ و عَمَل صالحاً و قال إنّني مِنَ المُسلمينَ المُوالينَ لِمُحمدٍ و آلِهِ (ص) ؟؟؟
و قَطعاً لا تستوي الحَسَنَةُ و السَيِّئَةُ عِندَ العُقَلاءِ فالوِلايَةُ خيرٌ مِنَ النِّفاقٍ فيا حبيبي إدفَعِ النِّفاقَ بالّتي هِيَ أحسَن بولايةِ عَليٍّ و أهل البيت (ع) ،
فإذا فَرَضتَ ولايةَ عليٍّ (ع) عليٰ اُمَّتِك فَسَوفَ تَريٰ أباسُفيانَ و مُعاويةَ و مَروان و حِزبِهم الّذي بَيْنَكَ و بَيْنَهُم عداوَةٌ يتظاهَرونَ بِولاءِهِ و يقولونَ له بَخٍ بَخٍ لكَ يا عَليّ ، كأنّهم أولياءَهُ المُقَرَّبون ،
فيا حبيبي و ما يُلقّا الولاية الّتي هِيَ أحسَنُ إلاّ الشّيعة الّذين صَبَروا عليٰ الطّاعَةِ و عَنِ المَعصِيَةِ و ما يُلقّاها إلاّ مَن هُوَ ذو حَظٍّ مِنَ اللهِ عظيم ،
و يا حبيبي إذا ما أصابَكَ صارِفٌ مِنَ الشّيطانِ صارفٌ عَن نَصبِ عَليٍّ (ع) لِلولايَةِ فَدَحرَجوا الدِّبابَ في الطّريقِ فاستَعِذ باللهِ مِنهُم ومِن شَرِّهِم إنّهُ سميعٌ عليمٌ بِمُؤامَراتِهِم ،
و مِن دلائِلِ و بَراهينِ قُدرَةِ اللهِ السّميعِ العَليمِ خِلقَةِ اللّيل و النّهارِ والشّمسِ و القَمَر ومُحمّدٍ و عَليٍّ (ع) و لا نأمرُكم بالسّجودِ لَهُما بَلِ اسجُدوا لِلّهِ و تَمسّكوا بِوِلايَتِهما فَهُوَ اللهُ الّذي خَلَقَ الآيات إن كنتُم إيّاهُ تَعبُدون ،
فإن استَكبَروا أَلمُنافِقونَ مِن وِلايةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و عِبادَةِ اللهِ و طاعَتِهِ بذلك فالمَلائِكَةُ عِندَ اللهِ في السّمآءِ يُسبِّحونَ لِلّهِ ليلاً و نَهاراً و لا يَمُلّونَ مِن تَسبيحِه ،
و مِن دلائِلِ اللهِ عليٰ لزومِ ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) أنّك تَريٰ الأرضَ اليابِسَةَ مُندَكّةً فإذا أنزَلنا عليها المَطَر اهتَزَّ تُرابها و نَمَت و عَلَت فكذلك الولايةُ تُحيي القُلوبَ المَيِّتَةَ
فاللهُ سُبحانَهُ الّذي أحيا الأرضَ المَيِّتَةَ بالماءِ هُوَ لَمُحيي القُلوبِ المَيِّتَه بِولاءِ آل مُحمّدٍ (ص) و هو يُحيي المَوتيٰ يوم القيامَة إنّه عليٰ كلِّ شييءٍ أرادَهُ قَديرٌ ،
إنَّ المنافقينَ المُعادينَ لِعليٍّ (ع) ألّذين يُلحِدونَ و يُنكِرون آياتنا النّازِلة بِشأنِ الولاية لا يَخفوُنَ عليٰ اللهِ و إن أخْفَوْا نِفاقَهُم عن النّاسِ
هَلِ المُعادي لِعَليٍّ (ع) وَ الّذي يُلقيٰ في نار جهنَّم أفضَلُ أم مَن يأتي آمِناً مِنَ النّارِ بولايةِ عليٍّ (ع) يوم القيامَة فَحَتماً هذا أفضَلْ فاعمَلوا ما شِئتُم يا مُنافِقينَ إنّ اللهَ بما تَعمَلون بَصير ،
إنَّ الّذين كفروا بالوَحيِ لمّا جاءَهُم يُذَكِّرُهم بفضائِلِ آلِ مُحمّدٍ (ص) هُمُ الّذين يُلقَوْنَ في النّارِ و بالتأكيد إنّ القُرآنَ كتابٌ عزيزٌ بَليغٌ لَن تُنقِصُهُ تكذيبهم ،
فالقُرآنُ يَنطِقُ بالحَقِّ مِنَ اللهِ في فضائِلِ آل مُحمّدٍ (ص) و لا يأتيهِ الباطِلُ تَحريفاً فيهِ لا حينُ نُزولِهِ و لا بَعدَ إبلاغِهِ تنزيلٌ حَقٌّ مِنَ اللهِ الحكيمِ المَحمودُ في فِعالِهِ ،
يا حبيبي لا يَغُمُّكَ قولهم إنّ مُحمّداً يَجرُّ النّارَ إليٰ قُرصِ ابنِ عَمِّهِ و لَم يُوحَ إليهِ فما يُقال لَكَ إلاّ ما قَد قيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبلِكَ مِنَ التّكذيب إنّ رَبّكَ لذو مَغفِرَةٍ لشيعَتِكُم و ذو عِقابٍ أليمٍ لأِعداءِكُم ،
لقد أتمَمنا عليهم الحُجّةَ بإنزالنا القرآن بالعربيّةِ و لو جعلناهُ قرآناً أعجميّاً لقال منافقوا قريش هَلاّ فُصِّلَت و شُرِحَت آياتُهُ لنا نفهمها ، أكلامٌ أعجميٌّ لِمُستَمِعٍ عربيٍّ ؟؟؟
قُل لهم يا حبيبي : إنّ القرآن هو للذين آمنوا باللهِ و بولايةِ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) سَبَبُ هِدايَةٍ و شِفآءٌ مِن كُلِّ دآءٍ أخلاقيٍّ و إجتماعيٍّ و نَفسيٍّ ،
و أمّا الذين لا يُؤمنون بولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص) ففي آذانِهم ثِقلٌ عن سماعِ آياتِ فضائِلِهم و القرآن هو عميًٰ عليٰ عقولِهم لا يفهَمونَهُ كَمَن يُناديٰ من مكانٍ بعيدٍ فلا يسمَعُ كامِلاً ،
و لا يَهمُّك اختلافُ اُمَّتِك فَلَقد آتينا موسيٰ بن عِمرانَ التّوراة فاختُلِفَ فيها و لو لا كلمةٌ سَبَقت من اللهِ بتأخيرِ الجَزآءِ يوم القيامة لَحُكِمَ بينهم و إنّهم لفي شَكٍّ من الجَزآءِ مُريب ،
فليعلَمِ المسلمون أنَّ مَن عمل صالحاً و تَمسَّكَ بالقرآن والعِترةِ فالفائِدَةُ والنَّفعُ لِنَفسِه و مَن أسآءَ و خالَفَ أهل البيت (ع) فالضَّررُ عليٰ نفسهِ و ليس اللهُ بظَلاّمٍ لعبادِهِ يوم القيامة بل هُمُ الظّالمون ،
فاللهُ أعظَمُ شأناً من أن يظلم فإليهِ يُردُّ عِلمُ السّاعةِ و وقتها فهو يُعلِم رسولهُ و أهل بيتهِ (ع) بها و ما تَخرُجُ من ثمراتٍ من مَكامِنِها و ما تَحمِلُ من اُنثي جنيناً و لا تَضَعهُ إلاّ بعلمِه و هو يُعَلِّمُ محمداً و آلَهُ (ص) بهِ ،
و يوم القيامة يُناديهِم اللهُ مُعاتِباً مُعاقِباً مُغاضِباً يا منافقين : أيْنَ شركائي في الطّاعَةِ هذا اليوم ؟ فيقولون : نُعلِنُ بإذنِكَ ما مِنّا اليوم مِن شاهدٍ منهُم ،
فيوم القيامه يَغيبُ عنهُم ما كانوا يدعون في الدّنيا إليٰ طاعَتِهِ واتّباعِهِ لِتَسَنُّمِهِ الخِلافَةَ غصباً و تَيَقّنوا حينئذٍ أنّهُ لا مَهرَبَ لهُم ،
و طبيعة الإنسان هو أنّهُ حريصٌ لِجَرِّ المَنفَعةِ لِنَفسِهِ فلا يَمِلُّ مِن الدُّعاءِ لِلمالِ و الثَّروَةِ و لكنّهُ إن مَسَّهُ الفَقرُ فَقَنوطٌ مِن رحمةِ اللهِ و يَؤسٌ مِن الفَرَج ،
و بالتأكيد لو أذَقنا الإنسانَ المُنافِقَ مِنّا رحمَةً من مالٍ و ثَروَةٍ و رِزقٍ بَعدَ فقرٍ و مَسكَنةٍ مَسّتهُ إمتحاناً لَيقولنّ هذا المالُ لي مِن كَسبي ،
و يقولُ المنافِقُ ما أظُنُّ ساعة القيامة تقوم كما يقولون ، و عليٰ فَرضِ قيامِها و رجوعي إليٰ ربّي في الحَشرِ أنّ لي عِندَهُ الجنّه و نِعَمِها فَمَن هو أوليٰ بها مِنّي ،
فيوم القيامَةِ حتماً سَنُخبِرَنَّ الذين كفروا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) بما عملوا مِنَ الظُّلم لهُم في الدّنيا و لَنُذيقَنّهُم بذلك مِن عذابٍ غليظٍ في النّار ،
و إذا أنعَمنا عليٰ الإنسانِ المُنافِق بِنِعمَةِ الثَّروَةِ أعرَضَ عن ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) و ثَنّيٰ عِطفَهُ عليهم و إذا مَسّهُ الفَقُر والأذيٰ فذو دُعاءٍ عريضٍ إليٰ اللهِ لِيَرفَعه ،
قُل للمنافقين يا حبيبي : أرَأيتُم إن كانَ القرآنُ و أمرُهُ بولايةِ عليٍّ (ع) مِن عِندِ اللهِ ثُمّ أنتُم كفرتُم بهِ بِمُخالِفَتِكُم لهُ فَمَن هو أضَلُّ مِمَّن مثلكم في خِلافٍ بَعيدٍ عن الحَقّ ؟؟؟
سنُريهم آيات قُدرتنا و عَظَمتِنا في آفاقِ الأرضِ والسّمآءِ و في أنفُسِهم حتّيٰ يَتَّضِحَ لهُم أنّ وِلاءِ عليٍّ (ع) هُوَ الحَقُّ منَ اللهِ فَعَليٌ (ع) مَعَ الحَقّ و الحَقُّ مَعَ عليٍّ (ع)
فيا حبيبي ألَيس اللهُ العَدلُ الحكيمُ كافٍ لكَ أن يكونَ شاهِد صِدقٍ عليٰ دعوَتِك لهُم لولايةِ عليٍّ و أهل بيتِك (ع) ؟ و هو الشّاهدُ عليٰ كلِّ شييءٍ ،
ألا فَليَعلَمِ النّاسُ جميعاً أنّ المنافقينَ في شَكٍّ مِن لِقاءِ رَبِّهم في المَعادِ ألا فاعلَموا أيّها النّاسُ أنّ اللهَ بكلِّ شييءٍ مُحيطٌ بِقُدرَتِهِ التّامّه .
نشر في الصفحات 1037-1023 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی