(40)
سورة المَوَدَّةِ
بإِسمِ ذاِتيَ الرُّبوبيّ و رحمانيّتي الشّامِلَةِ لجميعِ الخَلق و رحيميَّتي الخاصّةِ بمحمدٍ و آلِهِ (ص) و شيعَتِهِم والمُؤمنين اُوحي إليكَ بِرَمزِ حآميم عَيْن سين قاف النّورانيّه ،
كذلك الرَّمز الّذي لا يَعرِفُهُ إلاّ الله و أنتَ يا مُحمّد يوحي إليكَ بواسطة جبرئيل (ع) و إليٰ الرُّسُل الّذين مِن قَبلِكَ اللهُ ربّك العزيزُ في مُلكِهِ ألحكيمُ في سُلطانِه ،
لِلّهِ ملكيّة ما في السّماواتِ و ما في الأرض مِنَ الأشياء ملكيّةً حقيقيّةً تامّةً مُطلَقَةً و هو العليُّ العظيمُ الّذي تَجَليّٰ في العُلُوِّ و العَظَمَة ،
تكادُ و توشَكُ إقتضاءً أن تَتَفطَّرُ السّماواتُ مِن فوقِهنَّ إجلالاً لِعَظَمَةِ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) كما رُدَّتِ الشَّمسُ وانشَقَّ القَمَر لهُم و الملائِكةُ يُسبِّحونَ بِحَمدِ رَبِّهم لولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص) ،
والملائِكة تستَغفِرُ لِمَن في الأرضِ مِن شيعةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و مَواليهِم ألا فَلتَعلَمِ الملائِكةُ و لِيَعلَمِ الشّيعَةُ أنَّ اللهَ هوَ الغفورُ لِذنوبِهم ألرَّحيمُ بِهِم لِولايَتِهِم ،
و أمّا الّذين اتّخَذوا مِن دونِ اللهِ و أولياءِهِ مُحمّدٍ و آلِهِ أولياءَ مِن وُلاةِ الجَوْرِ و الطّواغيت فاللهُ حفيظٌ عليهِم أعمالَهُم فيُجازيهِم و ما أَنتَ يا حبيبي عليهِم بوكيلٍ لِتُجبِرهُم عليٰ الهُدي ،
و هكذا أوحَينا إليكَ يا حبيبنا قرآناً عربيّاً لِتُنذِر أهلَ مَكّةَ و قُريشَ و مَن حولَهما مِن سائِرِ العَرَبِ عَن مُخالِفَةِ القرآنِ والعِتره ،
و تُنذِرهُم يومَ الجَمعِ لِلحِسابِ في المَعادِ لا شَكَّ فيهِ فيومَئذٍ يكونُ فريقٌ في الجنّةِ و هُم شيعةُ آل محمدٍ (ص) و فريقٌ في السَّعير و هُم مُخالفيهِم ،
و لو شآءَ اللهُ مَشيئَةَ حَتمٍ لَجَعلَ المُسلمين اُمّةً واحِدَةً دونَ اختلافٍ و لكنّهُ لَم يَشَاءُ بل جَعلَهم مُخَيَّرينَ لِيَختَبِرَهُم فيُدخِلُ مَن يشآءُ في ولايةِ آل محمدٍ (ص)
و أمّا الظالِمونَ لآِل محمدٍ (ص) و شيعَتِهم المُخالِفونَ لِولايَتِهم ما لَهُم يومَ القيامةِ من وَليٍّ يَشفَعُ لهُم و لا نصيرٍ ينصُرُهم مِن عذابِ الله ،
هؤلاءِ الظّالِمون أمُسلِمون ؟ أمِ اتَّخَذوا من دونِ اللهِ أولياءَ مِن وُلاةِ الجَوْر فليَعلَموا أنّ اللهَ هو الوليُّ الّذي يَنصِبُ عَليّاً وَ وُلدِهِ (ع) أولياءَ و هُوَ يُحيي المَوتيٰ بولايَتِهِم و هوَ عليٰ كلِّ شييءٍ قدير ،
و قُل لهم ما اختَلَفتُم أيّها المُسلِمونَ في أمرِ الإمامَةِ و الوِلايةِ و الخِلافَةِ مِن شييءٍ فحُكمُهُ إليٰ اللهِ هو الّذي يُعيِّنُ و يَختارُ مَن يشآءُ و قَد إختارَ آلَ محمّد (ص) ذلكم اللهُ ربّي عليهِ توكّلتُ بِشأنِ الإمامَةِ و إليهِ اُنيبُ لِيَنصُرَ أهلَ بيتي (ع) ،
و هو فاطِرُ السّماواتِ والأرضِ و خالِقُهُنَّ و بِفَضلِهِ جَعل لكُم مِن جِنسِكُم البَشَريّ أزواجاً رجالَ و نساءَ و مِن الأنعامِ الحَلالَةِ ذكورَ و إناث ،
فيخلقكم و ينقلكم من عالَمِ الذَّرِ ، إليٰ الدّنيا في هذا الزّواج ليسَ كَمثلِ اللهِ شبيهٍ في الوُجود شييءٌ فليسَ لهُ جِسمٌ و لا يُريٰ و لا يَنزِل إليٰ الدّنيا ، و هو السّميعُ لأِقوالِكُم ألبَصيرُ لأِفعالِكُم
لِلّهِ مفاتيحُ غَيْبِ السّماواتِ والأرضِ و أزِمَّتها بِيَدِهِ هو يُوسِعُ الرِّزقَ لِمَن يشاءُ إختِباراً و حِكمَةً و يُضيِّقُ لِمَن يشآءُ كذلك إنّهُ بكلِّ شييءٍ عليمٍ بِمَصلحَتِهِ
فهو مَنَّ لكُم مِنَ الدّينِ الّذي أكمَلَهُ بولايةِ عليٍّ (ع) ما أمَر بهِ نوحاً والّذي أوحينا إليكَ بإبلاغِ ولاية أهلِ بيتكَ (ع) و ما أمَرنا بهِ إبراهيمَ و موسيٰ و عيسيٰ (ع) ،
أمرناهُم أن أقيموا الإسلامَ و التّوحيدَ و لا تَتفَرّقوا فيهِ فكذلك نأمُركم بهِ عَظُمَ عليٰ مُشركي قُريشٍ كبني اُميَّةَ و غيرهم ما تَدعوهُم إليهِ مِن ولايةِ عليٍّ (ع)
فاللهُ هو الّذي يَختارُ و يَنتَخِبُ لِنَفسِهِ وليّاً عليكُم مَن يَشآءُ كعليٍّ و وُلدِهِ الأحدَ عَشَر (ع) وَ ليس لكُم أن تَنتَخِبوهُ أنتُم واللهُ يَهدي إليٰ سبيلِهِ مَن يُنيبُ إليهِ ،
و ما تَفَرّقوا هؤلاءِ المُنافِقونَ عن ولايةِ آل محمدٍ (ص) إلاّ مِن بَعدِ ما جآءَهُمُ العِلمُ في القرآنِ بِفَضائِلِهم والنَّصِّ عليهم بَغياً و ظُلماً و عُدواناً ،
و لو لا كلمةٌ سَبَقت من ربّك يا رسول الله في اللّوحِ المَحفوظِ إتماماً لِلحُجّةِ أن يُؤخِّرهُم إليٰ أجَلٍ مُحَدَّدٍ هو قيامُ القائِمِ لَقُضِيَ بين آل محمدٍ (ص) و بَيْنَ أعدائِهمُ الآن ،
و بالتأكيد إنّ الذين اُورِثوا القرآنَ مِن بَعدِ بني اُميّة هُم لَفي شَكٍّ مِنَ الأجَلِ المُسمّيٰ و ظهورِ مهديِّ آل محمدٍ (ص) شَكّاً مَقروناً بِريبَةٍ ،
فلذلك فادعُ النّاسَ إليٰ ولايةِ أهل بيتِكَ (ع) واستَقِم في دَعوَتِك و اثبُت يا حبيبي و لا تَتَّبِع أهواءَهُم بِتَقديمِ أحَدٍ عليٰ عليٍّ (ع) ،
و قُل لهُم إنّي آمَنتُ بما أنزَلَ اللهُ من القرآن في حَقٍّ عليٍّ و الزّهرآء و الحَسَنَيْن و ذُريّتهم المعصومين (ع) و أمَرنِيَ اللهُ لأِعدِلَ فيكم بالنَّصّ عليٰ عليٍّ (ع) أللهُ ربّنا و ربّكم فَلَهُ الأمر ،
و قُل لهم لنا أعمالنا و حُبّ عليٍّ (ع) و لكم أعمالكم و بُغضَهُ فكُلٌّ يَنالُ جَزآءَ عمله لا نِزاعَ بينَنا و بينكم فاللهُ يجمعُ بينَنا يوم القيامة فيُحاكِمَنا و إليهِ المَصير ،
و قُل لهُم إنّ الّذين يُجادِلونَ في نَصِّ اللهِ عليٰ عَليٍّ (ع) بالخِلافَةِ و الوِلايَةِ من بَعدِ ما استُجيبَ لأِمرهِ و بويِعَ بها حُجّتُهم باطِلهٌ عند اللهِ و عليهِم غَضَبهُ و لهُم عذابٌ شديدٌ يوم القيامَة ،
و اللهُ هو الّذي أنزَلَ القُرآنَ والوَحيَ في حَقِّ عليٍّ (ع) فالقُرآنُ مَعَ عليٍّ و عليٌ (ع) مَعَ القرآن ، والحَقُّ مَعَ عليٍّ و عليٌ (ع) مَعَ الحَقّ ، و أنزَلَ القرآنَ بالعَدلِ و المُوالاةِ و ما أدراكَ لو لا وَحيُ اللهِ لكَ لَعَلَّ وقت القيامَةِ قريبٌ ،
يَستَعجِلُ بالقيامةِ المُنافقون الّذين لا يُؤمنون بها فيقولونَ متيٰ هِيَ إستبعاداً بِها و إنكاراً ، والّذين آمَنوا بها قَلِقونَ منها و هُم عليٰ عِلمٍ بأنّها الحَقّ ،
ألا فاعلَموا أنّ الّذين يُجادِلونَ مِرآءً و عِناداً في حَتميّةِ السّاعَةِ و يتَشكّكون فيها إنهم لفي ضَلالٍ بعيدٍ عن الحَقّ ،
أللهُ جَلَّ جَلالَهُ و عَمَّ نوالهُ لطيفٌ يلطُفُ بعبادِهِ و خَلقِهِ فلا يُحرِمُهُم الرِّزقَ في الدّنيا بَل يَرزُقُ مَن يشآءُ مَن يشآءُ مِنهُم لِِحِكمَتِهِ و هو القَويُّ في حُكمِهِ ألعَزيزُ في سُلطانِهِ ،
مَن كان يُريدُ بِعَمَلِهِ و سَعيهِ في الدّنيا حَرثَ الآخِرة و ثوابها فيُوالي مُحمداً و آلَ محمدٍ (ص) و يتَمسّك بالثَّقَلَيْن فاللهُ و ملائِكتُهُ يُزيدوهُ في ثوابِه ،
و مَن يُعرِض عن ثوابِ الآخرة وَ وِلاية آل محمدٍ (ص) و يُريدُ نَفعَ الدّنيا و يُحِبُّ الدّنيا فَقَط دونَ الآخرةِ نُؤتهِ منها إتماماً لِلحُجّةِ عليهِ و ليس لهُ في الآخرةِ مِن نَصيبٍ في الثّواب ،
فهؤلاء الّذين يُريدونَ حَرثَ الدّنيا فَقَط هل لهُم شُرَكاءَ مَعَ اللهِ في الطاعَةِ مِن خُلَفاءِ الجَوْر فَشَرعوا لهُم بِِدَعاً في الّدين كصَلاة التّراويحِ ، و الصَّلاةُ خيرٌ مِنَ النَّوم و غيرها ؟ ما لَم يأذن بهِ الله ؟؟؟
و لو لا كلمةُ الفَصلِ مِنَ اللهِ بتأخيرِ عقوبَتِهم لَقُضِيَ بينَهُم و بَيْن آل محمدٍ (ص) و شيعتِهِم و لَحُكِمَ عليهِم بالعَذابِ و إنّ الظّالمين لآِلِ محمّدٍ لهُم عذابٌ أليمٌ غَداً ،
فيومئذٍ تَريٰ يا رسول الله الظّالمينَ لأِهلِ بَيتِكَ (ص) و شيعَتِهم المُؤمنين ، وَ هُم مُشفِقونَ مِن جزاءِ ما كَسبوا في الدّنيا مِنَ الظُّلمِ بِحَقِّهم و هُوَ واقِعٌ بِهِم حَتماً ،
و تريٰ الّذين آمَنوا باللهِ و بولايَتِكُم أهل البيتِ (ع) و عملوا الصّالحاتِ في الدُّنيا في روضاتِ الجنّاتِ و بساتينِها لهُم ما يَشتَهونَ عِندَ اللهِ مِن النِّعمَةِ ذلك هو الفضلُ الكبيرُ مِنَ اللهِ لهُم ،
بذلك الفَوْزِ و الفَضلِ الكبيرِ يُبَشِّر اللهُ عبادَهُ الذين آمنوا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و عملوا الصالحات بتَمسُّكِهم بولايَتِهم ،
قُل لاُِمّتِكَ يا رسولَ الله : لا أسألُكُم عليٰ إبلاغِ الرِّسالَةِ أجراً وَجَبَ لي عليكُم أداؤهُ إلاّ المُوالاة و المَوَدّةِ في قُربايَ أهل بيتي (ع) !!!
و قُل لهُم مَن يَقتَرِف و يَكتَسِب حَسَنةً بموالاةِ ذَوي القُربيٰ أهل البيت (ع) نَزِد لَهُ فيها حُسناً و ثَواباً إنَّ اللهَ غفورٌ شكورٌ لِمَن يُؤدّي أجرَ الرِّسالَة ،
أم أنّ المُنافقينَ بَدَلَ المَوَدّةِ في القُربيٰ يقولونَ إنَّ مُحمّداً افتريٰ عليٰ اللهِ كَذِباً حينما قال : أمَرنيَ اللهُ أن أنصِبَ عليّاً (ع) عليكُم فإن يَشَأ اللهُ يَربِط عليٰ قَلبِك بالصَّبر ،
و يَمحوا اللهُ الباطِلَ الّذي أسَّسُوهُ ضِدّ آل مُحمّدٍ (ص) و يُحِقُّ حَقَّ آل مُحمّدٍ (ص) بكلماتِهِ في القرآن إنّهُ عليمٌ بما في الصّدورِ مِنَ الحُبِّ و البُغضِ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) ،
واللهُ جَلَّ جَلالُهُ هو الّذي يَقبَلُ التَّوبَةَ عن عبادِهِ المُذنِبينَ بولايةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و يَعفوا عن السَيِّئاتِ الصّادِرَةِ من شيعَتِهم بالتّوبَةِ و يَعلَمُ ما تَفعَلون في الدّنيا ،
وَ يَستجيبُ لِلّذين آمَنوا باللهِ و بولايَتِكم أهل البَيْت (ع) و عملوا الصّالحاتِ فيَقبَل توبتَهُم و يَزيدَهُم من فَضلِهِ فيُبَدِّل سَيِّئاتِهم حَسناتٍ و الكافرون بولايتهم لهُم عذابٌ شديدٌ غَداً ،
وَ لو بَسَطَ اللهُ سِماطَ الرِّزقِ لِعبادِهِ جميعاً فيَستَغنونَ كلّهم لَطَغَوْ في الأرضِ و بَغَوْا و ظَلَموا و لكن يُنَزِّلُ بِحِكمَتِهِ بِقَدَرٍ ما يشآءُ لِمَن يشآءُ إنّهُ لِعبادِهِ خبيرٌ بمَصالِحِهم بصيرٌ بأحوالِهِم ،
واللهُ جَلّ جلالَهُ و عَمَّ نَوالُهُ هو الّذي يُنَزِّل المَطَرَ مِن بعدِ ما يَئِسوا مِن نزولِهِ و يَنشُرُ صآءَ رحمَتِهِ في الأرضِ و هو الوليُّ لِخَلقِهِ ألمحمودُ في فِعالِه ،
و مِن آياتِ عَظَمةِ اللهِ وَ وِلايَتِهِ خَلقُهُ السّماواتِ والأرضَ مِن عَدَمٍ و ما نَشَر فيهما من حيواناتٍ و هو عليٰ جَمعِهم في الحَشرِ حينما يشآءُ قديرٌ ،
و ما أصابَكُم أيّها النّاس مِن ظُلمٍ و عُدوانٍ و بَغيٍ و إعتداءٍ فبما كَسَبتهُ أيديكُم في حَقِّكُم و ليسَ مِنَ اللهِ و يعفوا اللهُ عن كثيرٍ من عبادِهِ المُؤمنين ،
و ما أنتُم يا منافقين بِمُعجِزينَ اللهَ في الأرضِ مِن أن يُعاقِبَكُم عليٰ ظُلمِكُم و ما لَكُم مِن دونِ اللهِ مِن وَليٍّ يُدافِعُ عنكم و لا نَصيرٍ يَنصُركُم مِن عذابِه ،
و من آياتِ قُدرَة اللهِ و عَظَمَتهِ و فَضلِهِ السُّفُن في البَحر تَشبَهُ الجِبالَ و أشرعتها كالأعلام إن يَشَأ اللهُ أن لا تَجري فَيُسكِنِ الرّيحَ فيَبقينَ ساكناتٍ راكِداتٍ عليٰ ظَهرِ المآء ،
إنّ في ذلك لَدَلائِلَ عليٰ أنّ آل مُحمّدٍ (ص) هُم سُفُنُ النَّجاة و اللهُ سُبحانَهُ هوَ الّذي يَتَولّيٰ إيصالَ شيعَتِهم إليٰ سواحِلَ الأمانِ يَفهَمُها كلّ صَبّارٍ شَكورٍ نِعمَةَ ولايةَ آل مُحمّدٍ (ص)
أو أنّ اللهَ يُهلِكَ و يُغرِقُ السُّفُنَ بالأمواجِ أو العَواصِفَ نتيجةً و استِقاماً لِما كَسَبوا مِنَ الإثمِ المنافِقون ، و يَعفُ عن كثيرٍ من شيعةِ آل محمدٍ (ص) ،
و يَعلَمُ الّذين يُجادِلون في آياتِنا النّازلةِ بشأن آل محمدٍ (ص) وَ وِلايَتهِم أنه ليسَ لهُم نَجاةٌ مِن عذابِنا و انتِقامِنا أبَداً ،
فنقول لهم ما اُوتيتُم في الدّنيا مِن شييءٍ مِنَ المُلكِ و السُّلطانِ و المالِ و البَنون فَهُو مِتعةٌ زائِلةٌ مُوقَّتةٌ في الحياةِ الدَّنيئَةِ ،
و لكن ما عندَ اللهِ مِن نِعَمٍ في الآخرةِ خيرٌ و أبقيٰ مِن مَتاعِ دُنياكُم لِلّذين آمَنوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عليٰ رَبّهم يتَوكّلون و لا يَركَنونَ إليكم
والشيعة الذين يَجتَنِبونَ إرتكابَ كبائِر الذّنبِ و الفحشآءِ كالقَتلِ و الزِّناء و اللِّواط والرِّبا و شُربِ الخَمر و القِمار و القَذفِ و القِيادَةِ و السَرِقَةِ والنّميمَةِ و غيرها ،
والّذين إذا ما غَضِبوا بَعضَهُم عليٰ بَعضٍ لاُِمورٍ دُنيَويّةٍ أو إساءَةٍ فَيَعفُون و يَغفِرونَ لِلمُسييءِ و لا يَنتَقِمونَ مِنهُ ،
و الّذين استَجابوا لِدَعوةِ ربّهم بالمُولاةِ لِمُحمدٍ و آل محمدٍ (ص) فَوالَوْهُم و أقاموا الصلاةَ كما أقاموها مِن دونِ بِدعَةٍ و زيادَةٍ و نُقصانٍ إبتَدَعها المُنافقون ،
والّذينَ هُم أمرُ مَذهَبِهِم شوريٰ بَيْنَهُم فيَتَشاوَرونَ كيفَ يَنصرونَ أهلَ البَيْت (ع) ؟ و يَدفَعونَ ظُلمَ الظّالمينَ عَنهُم و الّذين هُم مِمّا رزَقناهُم يُنفِقونَ الخُمسَ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) و الزّكاة ،
والّذينَ هُم لا يَخضَعونَ لِلظُّلمِ فإذا قَدَروا عليٰ رَدِّ البَغيِ إذا أصابَهُم مِن حُكّامِ الجَوْرِ و المُخالِفين يَنتَصِرونَ و يَنتَقِمونُ مِنهُم بالمُقابِل ،
و جزاءُ و قِصاصُ سيّئَةٍ تنالُهُم مِنَ الباغينَ عليهِم قِصاصاً و جَزاءً بالمِثل يستاؤونَ مِنها كما أساؤا عليهم !!!
فَمَن عَفا عَمَّن ظَلَمَهُ مِن المُؤمِنين الشّيعةِ لأِجلِ تَشَيُّعِهِ و أصلَحَ ذاتُ بينه مَعَهُ فأجرُهُ و ثوابُهُ عليٰ اللهِ الجَنّه إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ البادِئينَ بالظُّلم والعُدوان ،
و بالتأكيدِ أنّ مَن انتَصَر لأِخذِ حَقّهِ مِن ظالِمِهِ واقتَصَّ منهُ بعدَ ظُلمِهِ لَهُ كالمَهديِّ (ع) حيثُ يَنتَقِم لِثأرِ آلِ مُحمّدٍ (ص) فأولئِكَ ما عليهِم من سبيلٍ مُؤاخِذَةٍ و لَوْمٍ
إنّما سبيل المُؤاخِذَةِ و العِقابِ عليٰ الّذين يَظلِمونَ النّاسَ إبتداءً مِن غيرِ حَقٍّ و يظلِمونَ في البِلادِ و العِبادِ بغَيرِ الحَقّ أولئِك لهُم عذابٌ أليمٌ جَزاءً لِظُلمِهِم ،
و لَمَن صَبَرَ عليٰ ظُلمِ أخيهِ المُؤمِن و إساءَتِهِ و غَفَر و عَفا عنهُ و لَم يَنتَقِم مِنهُ إنّ ذلك لَمِن الاُمور المُؤكَّدَةِ عليها شَرعاً ،
و مَن يَترُكهُ اللهُ في ضَلالَتِهِ بِتَركِ موالاةِ آل مُحمّدٍ (ص) فما لَهُ مِن وليٍّ سِواهُ يَتولّيٰ هدايَتَهُ و إسعادَهُ بعدَ الله ،
و سوف تَريٰ يا حبيبي الظّالمينَ لِحَقِّ أهل بَيتِك (ع) يومَ القيامةِ حينما يَرَون العذابَ يقولونَ هَل يوجَدُ طريقٌ لِلرّجوعِ إليٰ الدّنيا ؟
و ستراهُم يا حبيبي يُعرَضونَ عليٰ النّارِ الحريقِ في جَهنّم مُطَأطِئينَ رؤسَهم مُنحَنِيَة ظهورُهُم مِن الذِّلةِ خائِفينَ يَنظرونَ لِلنّارِ مُسارَقَةً و خوفاً ،
و حينئذٍ يقول الذين آمَنوا بولايةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) : إنَّ الخاسِرينَ يوم القيامَة هُمُ الذين خَسِروا أنفُسَهُم بإدخالِها النّارَ و أهليهِم بالتّبرّي منهم
ألا فَليَعلَمِ النّاسُ جميعاً إنّ الظالمين لآِل مُحمّدٍ (ص) و شيعتهم ، ألغاصبينَ لِحقوقِهم هُم يوم القيامةِ في عذابٍ حريقٍ دائمٍ قائمٍ ،
وَ ما يكون لظالمي آل مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهم مِن أولياءَ يوم القيامة ينصرونهم من العذابِ من دون الله من خُلَفاءِ الجَوْرِ و مَن يَترُكُهُ اللهُ في ضلالَتِهِ فليس لهُ طريقٌ للنّجاة ،
إستَجيبوا أيّها المُنافِقونَ لأِمر رَبِّكم بِمُوالاةِ آل مُحمّدٍ (ص) مِن قَبلِ أن يأتِيَ يومُ العذابِ الّذي لا مَرَدَّ لهُ مِنَ اللهِ ما لَكُم فيهِ مِن مَلجَاءٍ تَلجَئونَ إليهِ للنّجاة وَ ما لكُم قُدرَةٌ عليٰ الإنكار .
فإن أعرَضوا عن ولايةِ أهل البيتِ (ع) بَعدَ هذا فما أرسلناكَ عليهم حفيظاً تحفظهم عن دخولِ النّارِ بَل إن عليكَ إلاّ البَلاغ تُبَلّغُهُم : في غَديرِ خُمٍّ ،
واللهُ و ملائِكتُهُ إذا أذاقوا الإنسانَ مِن جانِبهم نِعمَةً فَرِحَ بها و إن تُصيبُ النّاسُ ضَرراً و نِقمَةً نتيجةً لِما قَدّمت أيديهِم مِنَ الآثامِ فإذا الإنسانُ كفورٌ بالنِّعمَه ،
لِلّهِ سُبحانَهُ مُلكُ السّماواتِ و الأرض و سُلطَتِها و تَدبيرِها وَ وِلايَتِها و هو يخلُقُ ما يشآءُ و كيف يشآءُ و يَهَبُ و يَمنَحُ لِمَن يشآءُ مِنَ الزّوجَيْنِ إناثاً و بَناتاً و يَهَبُ لِمَن يشآءُ الذّكورَ و الأبناء ،
أو يرزُقُهم مُزدَوَجاً ذُكراناً و إناثاً كما رَزَقَ عليّاً و الزَّهراءَ الحَسَنَيْنَ والزَّينَبَيْن (ع) وَ يَجعَلُ مَن يشآءُ عَقيماً كعائِشةَ و حَفصَةَ ،إنَّهُ عليمٌ بالمَصالحِ قَديرٌ لِما يَشآء ،
و ما كانَ يُمكِنُ لِبَشَرٍ مِن نَسلِ آدَم أن يُكَلِّمُهُ اللهُ عزَّو جَلَّ مُشافَهَةً بل يُكلِّمُهُ وحياً بواسطةِ جبرئيل أو يُكلِّمُهُ مِن وَراءِ حجابٍ من الشّجرة أو حجابِ المِعراج ،
أو يُرسل اللهُ رسولاً من الملائكةِ في شكلِ و هيئَةِ عليّ بن أبيطالب (ع) في المِعراج فيُوحي بإذنِ اللهِ ما يشآءُ لِمُحمّدٍ (ص) في المِعراج بِشَأنِهِ فهوَ عليٌّ حكيمٌ ،
و كذلك أوحَينا إليكَ يا مُحمّد في مقامِ قابِ قَوسَيْنِ أو أدنيٰ في مِعراجِكَ روحاً مَلَكاً في هيئَةِ عليٍّ مِن أمرِنا و وَضعنا يَمينَنا عليٰ كَتِفِك و ناوَلناكَ التُّفاحَةَ بِيَمينِ عليّ بن أبيطالب (ع) ،
فأنتَ يا حبيبي كُنتَ قَبلَ أن نُكلِّمُكَ بلسانِ عليٍّ ما تَدري يقيناً ما هُوَ مَقصودُ القرآنِ مِنَ الأمرِ بولايَتِهِ و لا تَدري لماذا اشتُرِطَ الإيمانُ بولايةِ عليٍّ ، و بَعدَهُ تيقّنتَ بِأنَّ الدّين لَمْ يَكمُل إلاّ بِولايَتِهِ ،
و لكن تَيَقَّنتَ بِأنْ جَعَلنا عليّاً (ع) نوراً نهدي بهِ مَن نَشآءُ مِن عبادِنا إليٰ ولايَتِهِ إذا كانَ هُوَ مِن عبادِنا لا مِن عِبادِ الشّيطانِ و شياطينِ الإنس ،
و إنّكَ يا رسول الله لَتَهدي النّاسَ و تَهدي اُمَّتَك إليٰ صراطِ عليٍّ المُستقيم و تَهديهِم إليٰ وِلايَتِهِ و بَيْعَتِه ،
فَصِراطُ عليٍّ (ع) هُوَ صِراطُ اللهِ الّذي عَيَّنهُ لِلنّاسِ لِيَسلُكوهُ و يَصِلونَ بهِ إليٰ سَعادَةِ الدُّنيا و الآخِرَةِ و هو مالِكُ السّماواتِ و الأرضِ وَ وَلِيّهما
ألا فَليَعلَمِ النّاسُ جميعاً بِأنَّ الاُمور كلّها تَصيرُ عاقِبَتُها و حِسابُها و كِتابُها إليٰ مَحكَمَةِ عَدلِ اللهِ فَصَيّروا الخِلافَةَ لآِلِ الله
نشر في الصفحات 1057-1038 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی