(38)
سورة المُؤمِن
بإِسمِ ذاتيَ القُدسيِّ الواجبِ الوجود و بِإسمِ رحمانيّتي الواسعة و رحيميَّتيَ الخاصّةِ للمؤمنين اُوحي إليكَ بِرَمزِ حآميم ،
ليس القرآنُ مِن تصنيفِ أحَدٍ بَل هو تنزيلٌ من السّمآءِ من اللهِ بواسطةِ جبرئيل عليٰ رسول اللهِ وَاللهُ يُنَزِّلُهُ بِعِزّهِ و عِلمِهِ الذّاتيّ ،
وَاللهُ سبحانَهُ مِن أسماءِهِ الحُسنيٰ غافر الذّنب و قابل التّوب لِلمؤمنين المُوالينَ لآِل مُحمّدٍ (ص) و شديد العقابِ لأِعدائِهم لهُ اليَدُ الطّولـٰي في الفَضلِ عليٰ عِبادِهِ لا إلـٰهَ إلاّ هوَ إليهِ مصيرُ العباد ،
فَالمؤمنون يُؤمنون بآياتِ اللهِ النّازِلةِ بشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) دون جِدالٍ و لا يُجادِلُ فيها إلاّ الّذين كفروا باللهِ و برسولهِ و آلهِ فلا يَغرُركَ يا حبيبي تقلُّبُهم في البِلاد دونَ عقابِ الله ،
كذّبت قبل اُمَّتِكَ قوم نوحٍ نَبيَّهُم نوح و الأحزاب كعادٍ و ثمودَ مِن بَعدِ قومِ نوحٍ و هَمَّت كُلُّ اُمّةٍ مِن هؤلاءِ بأن تأخُذُ رسولها و تَقتُلَهُ ،
أولئِك الكفرة جادَلوا رُسُلَهُم بالبيانِ الباطِلِ لِيدحضوا بهِ الحَقّ والوحيَ فأخذتُهُم بالعذابِ و الهَلاكِ والدِّمارِ فكيف كانَ عقابي لهُم ؟ ألَم يَكُ صارِماً ؟؟؟
و هكذا حَقَّت كلمة عذابِ رَبِّكَ وانتِقامِهِ بالعَدل عليٰ الّذين كفروا لِعنادِهِم و إصرارِهِم عليٰ العِصيان ثُمَّ يوم القيامَة انّهم أصحابُ النار يدخلونها ،
هذا حالُ المنافقين و أمّا المُؤمنونَ فالملائِكةُ الّذين يَحمِلونَ عَرشَ قُدرَةِ اللهِ و مَن حولَهُ من الملائكةِ يُسبِّحون بِحَمدِ اللهِ و يُؤمنون باللهِ و يَبتَهِلونَ إليهِ يطلبونَ المَغفِرَةَ للّذين آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) :
و يقولون : رَبّنا إنَّ رحمَتَكَ وَسِعَت و شَمَلَت كُلَّ شييءٍ و عِلمُكَ أحاطَ بِكُلِّ شييءٍ فاغفِر للّذين تابُوا واتَّبَعوا مَذهبَ أهل البيت (ع) و تَوَقّهُم عذابَ النّارِ الجحيم ،
و يقولون : ربّنا و أدخِل شيعةَ آل محمّدٍ (ص) في جنّاتِ عَدنٍ الّتي وَعدَتَهُم عليٰ لسانِ نَبيِّك و مَن صَلَحَ مِن آباءِهِم و أزواجِهِم و ذُريّاتِهم باتّباعِ آلِ مُحمّدٍ (ص) إنّكَ أنتَ العزيزُ العليمُ بِعواقِبِهم ،
و نَطلُبُ مِنكَ أن تَقيهِمُ الذّنوبَ و المَعاصيَ والآثامَ والرّكونَ إليٰ الظّالمينَ و مَن تَقِيَهُ ذلكَ في الدّنيا فَقَد رَحِمتَهُ مِن عذابِ الآخرةِ و ذلك هُوَ الفوزُ العظيمُ بالرِّضوان ،
إنَّ الذين كفروا باللهِ و بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) يُنادَوْنَ يومَ القيامةِ لَمَقتُ اللهِ لَكُم أكثَرُ مِن مَقتِكُم لأِنفُسِكُم لأِنّكم ظلمتموها حيثُ كُنتُم تُدعَوْنَ إليٰ الإيمانِ بولايةِ محمدٍ و آلهِ (ص) فَكُنتُم تكفرون ،
فيقولون : رَبّنا أنتَ أمَتتَّنا مَرّةً ثُمَّ أرجَعتَنا عِندَ قيامِ قائِمِ آلِ مُحمّدٍ (ص) فأمَتّنا عليٰ يَدِهِ ثانِيَةً فَقَد أحيَيتَنا مَرّةً عليٰ يَدِهِ و اُخريٰ في المَعادِ فاعتَرَفنا بذنوبِنا فَهَل إليٰ الخروجِ مِن النّار مِن طريقٍ ؟؟؟
فيَقال لهُم لا يوجَدُ سبيلٌ للخروجِ مِنَ النّارِ ذلكم لأِنّكم كنتُم إذا دُعِيَ اللهُ بالرّبوبيّةِ وَحدَهُ كفرتُم بهِ و إن يُشرَك بهِ طاعة خُلَفاءِ الجَوْرِ تُؤمِنوا بطاعَتِهم ،
فالحكمُ هذا اليومُ لِلّهِ العَليِّ الكبيرِ يَحكُمُ علَيكُم بِالخُلودِ في النّارِ لِتَركِكُم ولاية وَلِيِّهِ العَليّ الصّغير أمير المُؤمنين (ع) ،
فاللهُ سُبحانَهُ أوليٰ بالطّاعَةِ مِن وُلاةِ الجَوْر إذ هُوَ الّذي يُريكُم آيات فَضلِهِ و عَظَمَتِهِ و رُبوبيَّتِهِ و يُنَزِّل عليكم من السّمآءِ المَطَرَ رِزقاً فولاية آل مُحمّدٍ (ص) كالمَطَر و لا يتَذَكّرُ هذا إلاّ مَن يُنيبُ إليٰ اللهِ بولايتهم ،
فادعوا الله بالربوبيّةِ والاُلوهيّةِ مُخلِصينَ لهُ الطّاعَة و العِبادَةَ مُتعبّدينَ بدينِهِ الخالِص مِن بِدَعِ الخُلفاءِ و تَمسّكوا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و لا تركَنوا إليٰ وُلاةِ الجَوْر حتّيٰ و لو كَرِهَ الكافِرونَ بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) ،
إنَّ اللهَ هو رافِعُ الدَّرجاتِ و هو رافعٌ لِدَرَجاتِ آل محمّدٍ (ص) عليٰ غيرِهِم و هو صاحِبُ عَرشِ القُدرَةِ الكامِلَةِ المُهَيْمَنَةِ يُلقي روحُ القُدُسِ عليٰ مَن يشآءُ مَن عبادِهِ المعصومين لِيُنذِرَ بهِ حُلولَ يومِ لِقآءِ الله ،
و يوم لقاءِ اللهِ هوَ يومٌ هُم بارِزونَ فيهِ مِن أجداثِهِم للحسابِ والصِّراطِ و الميزان لا يَخفيٰ عليٰ اللهِ مِن أعمالِهِم و عقائِدِهم مِن شييءٍ ،
فعندئذٍ يسألهُم عليّ بن أبيطالب (ع) لِمَن المُلكُ هذا اليوم ؟ لَكُم أم لِلّه ؟ فيُجيبونَ آل محمدٍ (ص) و شيعَتِهم بَلِ المُلكُ اليومُ لِلّهِ الواحِدِ القَهّار لا لأِعدائِنا ،
و يقول لهُم إيضاً أليومَ تُجزيٰ كُلّ نَفسٍ جَزآءَُ ما كَسَبت في الدّنيا مِن عَملٍ بالعَدلِ لا ظُلمَ اليومَ عليٰ أحَدٍ إنّ اللهَ سريعُ الحِساب و أنا قَسيمُ الجنّةِ و النّار !!
فيا حبيبي أنذِر المُنافقينَ بعذابِ يوم الحسابِ القَريبِ حيثُ ستكونُ قلوبُهم لَدَيٰ جَناجِرِهم مِنَ الخوفِ مملوئين حُزناً و غَمّاً ،
فيومَئذٍ ليس للظّالمين بِحَقِّ آل محمدٍ (ص) و شيعتهم مِن صَديقٍ حميمٍ مُحِبٍّ و لا شفيعٍ مِن الشُّفعآءِ يُطاعُ في شَفاعَتِهِ كمُحمّدٍ و آلِه (ص) ،
فاللهُ سُبحانَهُ يعلَمُ خيانة عيونِ المنافقين بالهَمزِ واللَّمزِ عليٰ آل مُحمّدٍ (ص) و ما تُخفي الصّدورُ مِن حِقدِهِم لهُم و بُغضِهِم و عِداءِهم ،
وَيَومئذٍ فاللهُ يَقضي و يَحكُمُ بالعَدلِ والّذينَ مِن دونِ اللهِ مِن حُكّامِ الجَوْر فلا يَقضونَ بشيءٍ يومذاك إنَّ اللهَ هُوَ السَّميعُ لأِقوالِهِم والبَصيرُ لأِفعالِهِم ،
يا حبيبي أوَلَم يسيروا هؤلاء المُنافِقونَ في الأرض فينظُروا إليٰ آثارِ الاُمَمِ كيف كانَ عاقِبَتهم مِن قَبلِهِم و قد كانوا أشَدَّ مِن هؤلاءِ قُوّةً في العُدَّةِ والعَدَدِ فأهلَكَهُمُ الله ،
و قد كانوا أولئك أشَدّ مِن هؤلاءِ آثاراً في الأرض حيث بَنَوْا السُّدودَ و القِلاعَ و الحُصونَ فأخذَهُم اللهُ بذنوبِهم و معاصيهِم و ما كانَ لهُم مِنَ اللهِ مِن أحَدٍ يَقيهِم مِن عذابِهِ ،
ذلك العذابُ الذي نالَهُم بِسَبَبِ أنّهم كانَت تأتِيهِم رُسُلُهُم مِن قِبَلِ الله بالمُعجزاتِ و الآياتِ و الدّلائِل و البَراهين فكفروا بِها ،
فأخذَهُم اللهُ بذنوبِهم و مَعاصيهِم و كُفرهِم و عنادِهم فما قَبَهُم عليٰ ضَلالِهم إنّهُ قويٌّ لا يُغلَب شديدُ العِقابِ مُنتَقِم ،
فيا حبيبي لو أنّ بني اُميّةَ يُكذِّبونَكَ تذَكَّر لقد أرسَلنا موسيٰ بآياتِنا و إعجازٍ واضِحٍ إليٰ فرعونَ و هامانَ و قارونَ فقالوا : إنّهُ ساحِرٌ كذّابٌ فكذلك قولٌ فراعِنَة زمانِك ،
فلمّا جاءَهُم موسيٰ بالدَّعوة إليٰ الحَقِّ و إليٰ طاعَةِ اللهِ مِن قِبَلِ الله قالوا مُتآمِرينَ ضِدَّةَ اقتُلوا أبناءَ بني إسرائيلَ الّذين آمَنوا مَعَ موسيٰ
و قالوا استَبقوا النِّساءَ لِنَعمَل مَعَهُنَّ ما يُنا في الحَياءَ و كذلك تآمَرَ أعداءَكم أهل البَيْت ضِدّكُم و لكن ما كانَ كيدُ الفراعِنَة الكافرينَ إلاّ في ضَلالٍ و فَنآءٍ ،
و تذكّر يا حبيبي إذ قالَ فرعونُ لِجلاوِزَتِهِ و حِزبِه دَعوني أقتُل موسيٰ حينما كانوا يَمنَعونَهُ مِن ذلك و أضافَ فليدعوا موسيٰ رَبَّهُ لِيمَنَعَني مِنهُ ،
و قال فرعونُ إنّي أخافُ أن يُبَدِّلَ موسيٰ دينَكُم الّذي إبتَدَعْتُهُ لَكُم و أمرَتُكم بعبادتي ، أو أن يُظهِرَ موسيٰ في أرضِ مِصرَ الفَسادَ بِشقِّ عَصا طاعَتي
و تَذكّر يا حبيبي حينما قالَ موسيٰ إنّي عُذتُ بِرَبّي و ربّكم الله خالِقنا جميعاً و لَجَأتُ إليهِ واستَجَرتُ بهِ مِن شَرِّ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤمِنُ بيومِ المَعاد مِنَ الفَراعِنَه ،
و تذَكّر يا حبيبي إذ قالَ الرَّجُل الصِّدّيقُ مُؤمِنُ آل فرعون و هُوَ أحدُ الصدّيقون حِزقيل و حبيب النّجار و عليّ بن أبيطالب (ع) و كانَ حِزقيلُ يكتُمُ إيمانَهُ مِن فرعون ،
هل تَغزِمونَ عليٰ قَتلِ رَجُلٍ لأنّهُ يقول رَبِّيَ الله فليس هذا مستوجِبٌ لِقَتلِهِ إذِ العَقيدَةُ حُرَّةٌ و قد جاءَكُم موسيٰ بالمُعجزاتِ من الله تُصَدِّق دَعواهُ ،
و قال حزقيل : إن يَكُن موسيٰ كاذِباً في دَعواهُ فَعليهِ ضَرَرُ كِذبهِ و إن يَكُن صادِقاً فَيَنالُكُم بعضُ العذابِ الّذي يَتوَعَدّكُم بهِ إنَّ اللهَ لا يهدي مَن هُوَ مُسرِفٌ بِعقيدَتِهِ كذّابٌ في دَعواهُ ،
و أضافَ حِزقيلُ و قال : يا قومِ لكُمُ المُلك و الحُكمُ هذا اليومُ ظاهرينَ بالقُدرَةِ في أرضِ مِصرَ و لكن فَمَن يَنصُرُنا مِن عذابِ اللهِ الّذي يَتَوَعّدنا بهِ موسيٰ إن جاءَنا ؟ ،
فَأجابَهُ فرعونُ قائِلاً أنا ما أريكُم مِن رأيٍ في الموضوع إلاّ ما اَفَكِّرُ فيهِ كاملاً و ما أهديكم إلاّ سبيلَ الهدايةِ و العَقل فَيَجِبُ أن نَقتُل موسيٰ ،
و قالَ مُؤمِنٌ مِن آلِ فرعون ، ألصّديقُ يا قومِ إنّي أخافُ عليكم إن عصيتم موسيٰ مِثلَ عاقِبَةِ يوم هلاكِ الأحزابِ الكُفّار مِن قَبلِكم ،
إنّي أخافُ عليكم مِثلَ عادَةِ اللهِ بِعذابِ قومِ نوحٍ و عادٍ و ثَمودَ والّذينَ مِن بَعدِهِم فيُعذّبكم اللهُ مِثلَ عذابِهم و مااللهُ يُريدُ ظُلماً لِلعبادِ بَل هُوَ بِسَبَبِ كُفرِكُم ،
و يا قوم إنّي أخافُ عليكُم إن عادَيتُم موسيٰ و حارَبتُموهُ و عصيتُموهُ مِثلَ عذابِ يومِ الصّياحِ و الصُّراخِ والعَويلِ و الوَيْلِ والثُّبور للهالِكين ،
يومَ تُوَلّونَ وجوهَكُم بعضُكُم عن بَعضٍ مُدبرينَ ظهورِكم بعضُكُم عليٰ بَعضٍ تُنادون وانَفسآهُ ليس لكُم مِن عذابِ اللهِ من مانِعٍ و مَن يتركهُ اللهُ في ضلالَتِهِ فليسَ لهُ مِن هادٍ يَهديه ،
و يا قومِ لَقَد جاءَكم يوسُف بن يعقوب مِن قَبلِ موسيٰ بالبَراهينِ والمُعجِزاتِ فما زِلتُم في شَكٍّ من نُبُوَّتِهِ و ممّا جاءَكم مِنَ المَعاجِز يا أهلَ مِصر ،
( حتّيٰ إذا هَلَكَ قُلتُم لَن يَبعَث اللهَ مِن بَعدِهِ رسولاً ، كذلكَ يُضِلُّ اللهُ مَن هُوَ مُسرِفٌ مُرتابٌ )
فلمّا تُوفّي يوسُف قَلتُم لَن يَبعَث اللهُ مِن بعد يوسُفَ رسولاً أبَداً ، فهكذا يترُكُ الله مَن يُريدُ إضلالَهُ لأِنّهُ مُسرِفٌ في القَوْل كذّابٌ شَكّاكٌ ،
فيا حبيبي إنّ الّذين يُجادِلون مِن اُمّتِكَ في آياتِ اللهِ النّازلَةِ بِشأنِ أهل بيتك (ع) مِن دونِ بُرهانٍ أتاهُم بِخلافِها عَظُمَ مَقتاً جِدالُهُم عِندَالله ،
و عَظُمَ مَقتاً عندَ الذين آمَنوا بولايتِكم أهل البيت (ع) و بالجِدال حَوْلَ وِلايَتِكُم يَطبَعُ اللهُ عليٰ كلِّ قَلبٍ مُتَكبّرٍ عن التَّمسُّكِ بولايتكم جَبّارٍ بالنِّفاق و الضَّلال ،
و تَذَكّر إذ قَد قال فرعونُ لوزيرِهِ هامان : إبْنِ لي بُرجاً عالِياً لَعَلّي بالصُّعودِ عليهِ أبلُغُ النّوافِذ المُسبّبةِ إليٰ عَرشِ الله ،
: ألنّوافِذَ الموصِلَةِ إليٰ السّماواتِ السَّبعِ فأتَطَلَّعُ إليٰ إلـٰهِ موسيٰ بن عِمران الّذي هُوَ فوقِ العَرشِ و إنّي لَأظُنَّهُ كاذِباً فليسَ رَبُّهُ هُناك !!!
و كذلك زَيَّنَ الشّيطانُ لِفرعَوْنَ سوءَ عَمَلِهِ و صَدّهُ الشّيطانُ عن سبيلِ الحَقِّ و الإيمانِ باللهِ و بموسيٰ و ما كيدُ فرعونَ ضِدّ موسيٰ إلاّ في خُسرانٍ ،
و قالَ الّذي آمَنَ مِن آلِ فرعَونَ بموسيٰ و هُوَ حِزقيلُ يا قومِ فرعون :إتَّبِعوني أهديكم إليٰ طريقِ الخيرِ والسَّعادَةِ والفَوْزِ و الفَلاح ،
و قال : يا قومِ ليست هذهِ الحياةِ الدّنيئة إلاّ مِتعَةً زائِلَةً فانِيةً و إنّ الحياة الآخرة هي دارُ القَرارِ و الدَّوامِ والخُلود ،
ففي الأخرة مَن عَمَل سيّئةً في الدّنيا فلا يُجازيه اللهُ إلاّ جَزاءُ عَمَلِهِ السّيِيء و مَن عَمَلَ عَمَلاً صالِحاً مِن ذَكَرٍ أو اُنثيٰ مِن رجالٍ أو نسآءٍ
و كانَ هذا الذَّكَرُ أوِ الأُنثيٰ مُؤمِنٌ باللهِ و بولايةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) فأولئكَ المُؤمِنونَ يدخلون الجنّةَ يُرزَقون فيها مِن نِعَمِها بغيرِ حِسابٍ و لا عَدٍّ ،
و يا قومِ ما بالُكُم و ما بالي و شأنكم و شأني ؟ فإنّي أدعوكُم إليٰ النّجاةِ من غَضَبِ اللهِ و عذابهِ و أنتُم تدعونَني إليٰ نار جهنَّم و إتّباعِ فرعون ؟
أنتُم تدعونَني لأِكفُرَ باللهِ و اُشرِكَ بهِ بطاعةِ فرعون الّذي ليسَ لي دليلٌ عِلميٌّ عليهِ و أنا أدعوكُم إليٰ الإيمان باللهِ العزيزِ في حُكمِهِ ألغَفّارُ لِذنوبِ عبادِهِ ،
حَقّاً لا نتيجة غير أنّكم إنّما تدعونَني إليهِ مِنَ الكُفرِ و طاعةِ فرعون فليس لِفرعونُ دَعوَةٌ مُستَجابَةٌ عِندَ اللهِ في الدّنيا و لا في الآخرةِ حتّيٰ يكون شفيعيَ عندالله ،
و لا جَرَم أنّ مَرَدّنا نَحنُ و أنتُم بَعدَ الموتِ إليٰ مَحكَمةِ اللهِ و حِسابِه و جَزاءِهِ يومَ القيامَة و إنَّ المُسرِفين مِنّا في إعتقادِهِم هُم أصحابُ النّار ،
و حينما تُشاهِدونَ عذابَ اللهِ سَتَذكرونَ ما أقولُ لكُم مِنَ النُّصحِ والوَعظِ و اُفَوِّضُ أمري إليٰ اللهِ بَعدَ أداءِ واجبي إنَّ اللهَ بَصيرٌ بالعِبادِ و بِكُم ،
فَصانَهُ اللهُ مِن النّتائِجِ السَيّئَةِ لِمَكرِهِم بِهِ و عَزمِهِم عليٰ قَتلِهِ فبقي سالماً و حاقَ بآلِ فرعونَ و حزبهِ سوءَ العذابِ فأغرَقَهُم اللهُ في النّيل ،
فَمِن حينَ هلاكِهِم يُعرَضونَ عليٰ نارِ جَهنّمَ في قبورهِم صباحاً و مَسآءً إليٰ يوم القيامَةِ و عند ما تقومُ الساعةُ يُعرَضون عليٰ جهنَّم ،
فيأتي النِّداءُ مِنَ اللهِ جَلَّ جلالَهُ إليٰ ملائكةِ الغَضَب و خَزنَةِ جهنّم أدخِلوا آلَ فرعونَ و حزبَهُ في نارِ جهنّم و طبقاتِها السُّفليٰ أشَدّها عذاباً ،
فيا حبيبي نُخبِرُكَ عن حالِ المُنافقين إذ يتحاجّونَ في نار جهنّم فيقولُ الضُّعَفاءُ التّابعين لِلخُلَفاءِ الّذين استَكبَروا إنّا كُنّا لكم أتباعاً فَهَل تُفيدونا و تَرفَعوا عنّا جُزءً من النّار ؟
فيُجيبوهم حُكّام الجور الذين استكبَروا بِغَصبِ الخِلافَةِ و مُعاداةِ آل محمدٍ (ص) : إنّا جميعاً في النّار لا نُغني أنفُسَنا نصيباً منها فكيفَ بِكُم ، إنَّ اللهَ قد حَكَم بينَ العبادِ بِعَدلِهِ ،
وَ عِندَ ذلـٰكَ يقول الَّذين في النّار مِن أعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) لِخَزَنةِ جَهنّم مِنَ الملائكةِ اُدعوا ربّكم الله لِيُخَفِّفَ عنّا يوماً واحِداً من العذاب لِشدَّتِهِ ،
فنقول لهم خَزَنةُ جهنّم أوَلم تَكُ تأتيكم في الدّنيا رُسُلُكم مِن قِبَلِ اللهِ بالبَراهينِ و الآياتِ الواضِحَةِ تُحذّركم هذا اليوم فيُجيبونَ نَعَم أتَتنا ،
فيقولون لهم نَحنُ لا ندعوا الله لكم لِيُخَفِّفَ عنكم بل أنتُم اُدعوا اللهَ لِيُخَفِّفُ عنكم ولكن إعلَموا أنّ دُعآءَ الكافرين ليس إلاّ مَردوداً غيرَ مُستجابٍ !
فبالتأكيد أيّها النّاس : أنا و ملائكتي سَنَنصُرُ رسولَنا مُحمّداً (ص) و الأئِمّة مِن أهلِ بيتهِ (ع) و نَنصُر الذين آمَنوا بولايَتِهم في الحياةِ الدّنيا مَقابِلَ أَعداءِ آل محمدٍ (ص) و نَنصُرُهُم في الحياة الآخرة حينما يَشهَدُ لهمُ الأشهادُ مِنَ الملائكه ،
ففي ذلك اليوم لا ينفَعُ الظّالِمين لآِلِ مُحمّدٍ (ص) مَعذِرتَهُم إن اعتَذَروا إليهم بَل لهُمُ اللّعنَةُ من اللهِ و رسولهِ و أهل بيتهِ (ع) و شيعَتِهم و لَهُم سوءُ الدّارِ في النّار ،
فيا حبيبي لقد آتينا موسيٰ مِن قَبلِكَ الهُديٰ و الوَحيَ و أورَثنا بني إسرائيل التّوراةَ لكنّهم عانَدوهُ و خالَفوا التّوراةَ فهكذا المنافقين ،
و كانت التّوراةُ كتابَ هدايَةٍ و تَذكِرةٍ لأِهلِ العقولِ السِّليمَة و القُلوبِ الواعِيَةِ حيثُ دَعَت بني إسرائيلَ إليٰ ولايةِ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) ،
فيا حبيبي : عليكَ أن تَصبِر عليٰ أذيٰ المُنافقين و بَني اُمَيّةَ و خُلَفاءِ الجَوْرِ و الظّالمين ، إنّ وعدَ اللهِ بنُصرَتِكُم أهل البيت (ع) حَقٌّ واستَغفِر اللهَ لِذَنبِ شيعَتِكَ و سَبِّح بِحَمدِ اللهِ ليلَ نَهار ،
يا رسول الله إنّ الّذين يُجادِلونَ في آياتِ اللهِ النّازلَةِ بِشأن عليٍّ و أهل البيت (ع) وَ وِلايَتِهم و فَضائِلِهم ويُخاصِمونَ مِن غيرِ بُرهانٍ أتاهُم
فَهؤلاءِ المُنافقون ليس في قلوبِهِم سِويٰ كِبرٌ و نِفاقٌ و أمَلٌ بالإستعلاءِ عليكُم أهلَ البَيْتِ ما هُم ببالغي أمَلِهِم فاستَعِذ باللهِ منهُم ومِن شَرِّهِم إنّهُ هو السّميعُ لأِقوالِهم البَصيرُ لأِفعالِهم ،
إنّ هؤلاء المنافقين يُنكِرون البَعثَ و بالتأكيد إنَّ خَلقَ السّماواتِ السّبعِ والأرض و ما فيهِنَّ إبتداءً هو أكبَرُ و أعظَمُ مِن خَلقِ النّاسِ في البَعثِ و لكنَّ أكثَرهُم جاهِلون ،
و عندئذٍ لا يستوي في الحسابِ والجَزاءِ مَن هو أعميٰ في الدّنيا لا يَريٰ فضائِل آلِ محمدٍ (ص) و مَن بَصيرٌ مُتَمسِّكٌ بولايَتِهم مُؤمِنٌ و عَمِلَ الصّالحاتِ بِتَشيّعِهِ لهم فلا يستوي معهُ المُسييءُ إليهم قليلاً ما تَتَذكَّرون عَدلَ الله ،
إنَّ ساعةَ القيامَةِ والبَعثِ والنُّشورِ والحِسابِ والجَزاءِ لَآتِيَةٌ حتماً و يقيناً لاشَكَّ فيها و لكنّ أكثَر النّاسِ المُنافقين لا يُؤمنونَ بولايةِ آل محمدٍ (ص) ،
أيّها النّاس وَعَدكُمُ اللهُ إن آمنتُم بِولايةِ محمدٍ و آل مُحمّدٍ أن يستجيبَ دُعاءَكُم و قال : اُدعوني بجاهِ مُحمّدٍ و آلهِ (ص) و بِحَقِّهم و صَلّوا عليهِم فإنّي أستجيبُ لكُم دُعاءَكُم حتماً
وَ قدتَوَعَدَّ اللهُ المنافقينَ قائِلاً : إنّ الّذين يَستكبِرونَ عن ولايةِ مُحمّدٍ وَ آلهِ (ص) وَالصّلواةِ عليهِم و التَّوسُّلِ إليٰ اللهِ بِهِم سَيدخُلونَ جَهنّمَ صاغِرينَ يوم القيامَةِ .
كيف تعصونَ أمرَ اللهِ فهو الّذي جَعَلَ لكُم اللّيلَ مُظلِماً لِتَنامونَ فيهِ و تسكنونَ عن الجَدِّ والكَدِّ و العَمَلِ و جَعَل لكُم النّهارَ مُبصِراً لِتعمَلوا فيهِ و تَجِدّوا ،
إنّ ذلك جُزءٌ مِن فضلِ اللهِ الكثيرِ عليٰ النّاسِ فلو لا فَضلُهُ و رَحمَتُهُ لكانوا مِنَ الهالكين فَيَجِبُ عليهِم أن يشكروا اللهَ عليٰ فَضلِهِ و يُوالوا محمّداً و آلِهِ (ص) و لكنّ أكثَرَ النّاسِ لا يشكرون ،
ذلكُم هُوَ وَصفُ الله ربّكم و خالِقكُم خالِقُ كلِّ شييءٍ في الوجودِ لا إلـٰه إلاّ هوَ وَحدُهُ لا شريكَ لهُ فإليٰ أيْنَ تُعرِضونَ عن طاعَتِهِ و تُطيعونَ غَيرَهُ مِن الخُلَفاء ؟؟؟
فهكذا مَثَلُ إفك المُعرضينَ عن عبادَةِ اللهِ يُعرِضُ الّذين هُم بآياتِ اللهِ النّازلةِ بشأنِ آل مُحمّدٍ (ص) يَجحَدون عن الحَقِّ بعد أن عَرَفوهُ
فكيف تُعرِضونَ عن ولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) الّذي أمَركُمُ اللهَ بها و هو الّذي مَنَّ عليكم و جَعَلَ لكُمُ الأرض قَراراً لكم و السّمآءَ مُستقَرّاً كالبِِناءِ فوقَكُم و صَوَّرَ شكلكم فأحسَنَ صورةَ أبدانِكم ،
و قد تَفَضّلَ عليكم و رَزَقكُم من طيّباتِ الرّزقِ والفواكِهِ واللّحومِ والبقُولِ و المياهِ فذلكم اللهُ ربّكُم مُتَفَضِّلٌ عليكم فتبارَكَ اللهُ و عَظُمَت برَكَتُهُ و هو رَبّ العالَمين كلّها ،
ذلك هو اللهُ ربّكم الحَيُّ الّذي يُحييكُم لا إلـٰه إلاّ هُوَ وحدُهُ فاعبُدوهُ مُخلِصينَ لهُ العِبادَةَ مِن دونِ بِدعَةِ الخُلَفاءِ لهُ الدّينُ الكامِلُ بولايةِ عليٍّ (ع) ألحَمدُ لِلّهِ رَبِّ العالَمين عليٰ ولاية أمير المُؤمنين (ع) ،
قل للمنافقين يا حبيبي : إنَّ اللهَ نهاني مِن أن اُطيعَ الّذين تَدعونَني لِطاعَتِهم مِن دونِ اللهِ فَأنُصَّ عليهِم بالخِلافَةِ نَهاني لمّا جاءَتني الآياتُ البيّناتُ مِن اللهِ بِشأنِ عليٍّ (ع)
و قُل لهُم إنَّ اللهَ أمَرني أن اُطيعَ و اُسلِمَ لأِمرهِ و أنصِبَ عليّاً (ع) لإِمرَةِ المُؤمنينَ وَ وِلاية الأمرِ و آخُذ البَيْعةَ لهُ مِنكُم و لم يأمُرني بِسِواهُ فأنا أسلِمُ بولاية عليٍّ (ع) لِرَبِّ العالمَين ،
و قُل لهم يا حبيبي : إنَّ اللهَ هوَ الّذي ناصِيتُكُم بِيَدِهِ و هوَ مَوْلاكمُ الّذي خَلَقَكُم مِن تُرابٍ عند خَلقِ آدَم ثُمَّ مِن نُطفَةٍ من نَسلِهِ ثُمَّ مِن عَلَقَةٍ بعد النُّطفَةِ ثُمَّ يُخرِجُكم طِفلاً ثُمَّ تبلغون أشُدّكم ،
و بعد أن تبلغوا سِنَّ الرُّشدِ تكونون شيوخاً هَرِمينَ و مِنكُم مَن يُتوفّيٰ قبل ذلك و منكم من لا يُتَوفيّٰ إلاّ بعدَ الشّيخوخَةِ حتّي كُلٌّ يبلُغُ أجَلاً مُسمّيًٰ و لعلّكم بهذا المَثَلِ تَعقِلونَ ضَرورَة النَّصِّ عليٰ إمامٍ ،
واللهُ سُبحانَهُ هو الّذي يُحيي الأحياءَ و الأموات و يُميتُ الأحياءَ فإذا قَضيٰ أمراً بالإحياء أو الإماتَةِ فإنّما يقولُ لهُ كُن حيّاً أو مَيِّتاً فيكونُ كما قَضيٰ ،
نَسألُ تَعجُّباً و إستِنكاراً يا حبيبي : ألَم تَنظُر إليٰ الّذين يُجادِلون في آياتِ اللهِ النّازِلَةِ بشأنِ ولايةِ أهل بَيتِك (ع) ،كيفَ يُصرَفون عن ولايتهم ،
فَتوَعَّد هؤلاء المنافقين الّذين كذّبوا بالقرآنِ و بما أرسلناكَ بهِ مِنَ الدَّعوَةِ إليٰ ولايةِ أهلِ بيتك (ع) و أرسَلنا جَبرَئيلَ بذلك إيضاً فَسوفَ يعلَمون ما يُجزَوْنَ غَداً ،
إذ يُجزَوْنَ يوم القيامَةِ بالأغلالِ المُحماةِ في أعناقِهِم و السَّلاسِل في أيديهِم و أرجُلِهم يُسحَبونَ عليٰ وجوهِهِم في حَميمِ جهنَّمَ ثُمَّ في قَعرِ النّارِ يُحرَقون ،
ثُمَّ تقول لهُم خَزَنَةُ جهنَّم أيْن ما كنتُم تُشرِكونَ شِركَ طاعَةٍ لهُم مِن خُلَفاءِ الجَوْر و حُكّامِ الظُّلمِ مِن دونِ اللهِ و أولياءِه ؟
فيُجيبونَهم إنّ خُلَفاءَنا و شُفَعاءَنا قَد ضَلّوا عنّا في المَحشَرِ و الحِسابِ بَل نَحنُ لم نَكُن ندعوا مِن قَبلُ في الدّنيا شيئاً يُفيدُنا اليوم كذلك يَترُكُ اللهُ الكافرينَ بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) في ضَلالَتِهم ،
ذلكمُ العذابُ تُعذّبونَ بهِ جَزاءً بما كنتُم تفرَحون في الأرضِ بِغَصبِ حَقِّ آل مُحمّدٍ (ص) و غَصبِ الخِلافَةِ و الحكومَةِ منهُم مِن غَيْرِ أن يَحِقَّ لكُمُ الفَرَحُ بذلك و بما كنتُم تَلعُبونَ بالمُلكِ ،
فيُقالُ لكم جزآءُ فَرَحِكُم و مَرَحِكُم بِظُلمِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهم هُوَ أن تدخُلوا أبوابَ جَهنّم إليٰ قَعرِها خالدينَ فيها و هيَ أسوَءُ مَضجَعٍ لِلمُتكبّرينَ عن ولايةِ أمير المُؤمنين (ع) ،
فيا رسول الله نِوصيكَ أن تَصبِر عليٰ أذيٰ المُنافقين وَ عِدائِهِم لأِهلِ بيتِك ولِعَليٍّ والزَّهراءِ و ذُريّتهما (ع) فإنَّ وَعدَ اللهِ بالإنتقامِ منهُم حَقٌّ لاريْبَ فيه ،
فيا حبيبي فإمّا أن نُرِيَكَ بعضَ العذابِ الّذي نَتَوَعَّدُ بهِ أعداءِكم في حياتِكَ بسيفِ عليٍّ (ع) أو نَتَوفَينّكَ فنُعذِّبهُم بَعدَكَ بسيفِ المَهديِّ (عَجَّ) فإليٰ عذابِنا في الآخرةِ يُرجَعون ،
و بالتأكيد يا حبيبي نَحنُ أرسَلنا أنبياءَ مِن قَبلِكَ لِلنّاس مِنهُم مَن قَصَصنا عليكَ قِصّتُهُ و خَبَرَهُ و مِنهُم مَن لَم نَقصُص عليك في القرآنِ قِصَّتهُ بَل حَدّثَكَ عنهُ جَبرَئيل (ع) ،
و ما كانَ لكَ أن تذكُر قِصّتَهُم في القرآنِ و ما كانَ لِرسولٍ أن يأتيَ بآيَةٍ مِنَ الوَحيِ إلاّ بإذنِ اللهِ فكيفَ يقولونَ إنّ الأمَر بِبَيْعَةِ عليٍّ (ع) ليسَ مِنَ اللهِ بَل مِن نَفسِهِ كَذِبوا فإذا جآءَ أمرُ اللهِ بعذابِهم قُضِيَ بالحَقِّ و خَسِروا بِباطِلِهم ،
قُل لهم يا حبيبي لِيذكروا فَضلَ اللهِ و لا يَعصوهُ فاللهُ الّذي جَعَل لكُم الأنعامَ الإبِلَ والبَقَرَ و الغَنَمَ والماعِزَ و الضَّأنَ و الحُصُنَ والحَميرَ و البَغْلَ لتركبوا مِنها و منها تأكلونَ اللّحم ،
و جَعَلَ اللهُ لكُم في الأنعامِ مَنافِعُ اُخريٰ تَستفيدونَها مِن أوبارِها و جلودِها و حليبها و بَعرِها و رَوثها و لتبلُغوا عليها حاجَةً بِحَملِ الأثقالِ تقصدونَها و عليها و عليٰ السَّفُن تحملون للسّفر ،
واللهُ سُبحانَهُ بذلك كلّهِ يُريكُم آياتِ قُدرَتهِ و عَظَمتَهِ و فَضلِهِ و آلاءِهِ و نِعَمِهِ فَبِأيّ واحِدَةٍ من آياتِ اللهِ الّتي ذَكرنا أنتم تُنكِرون ؟ حاشاهُ ،
أفلَم يَسيروا هؤلاءِ المُنافقونَ في الأرضِ سائِحينَ مُسافِرينَ فينظروا إليٰ آثارِ الهالِكينَ كيفَ كانَ عاقِبَة الّذين مِن قَبلِهم مِنَ المُكذّبين ؟
فكانوا أولئِكَ أكثرُ عَدداً مِن هؤلاءِ و أشَدّ منهُم قُوّةً و أكثَرُ مِن هؤلاءِ آثاراً في الأرضِ منَ العِمارات فما أغنيٰ عَنهُم من العذاب ما كانوا يَكسِبونَ مِن قُوّةٍ ،
فلمّا جاءَتهم رُسُلهُم من جانِبِ اللهِ بالبيّناتِ و المُعجِزاتِ فَرِحوا بِما عِندَهُم مِنَ العِلمِ الحَديث فأخَذوا يَسخَرونَ مِنهُ فَنَزل بِهِمُ العَذابُ بما كانوا يَستَهزِؤنَ بالآيات ،
فلَمّا رأوا العَذابَ الشّديدَ قد نَزَل عليهِم قالوا : آمَنّا باللهِ وحدَهُ إلـٰهاً لنا و كَفَرنا بما كُنّا بِه مُشركينَ مَعَ اللهِ في الطّاعَةِ و العِبادَةِ ،
و لكنّ إيمانَهم عندَ نزولِ العَذابِ لم يَكُن يَنفَعُهم شيئاً لأِنّ الوقَتَ للتّوبَةِ انتَهَت فكانَ عليهِم أن يُؤمنوا قَبلَها إذ أنّها سُنّةَ اللهِ الّتي سَبَقَ أن أجراها في عبادِهِ و لا يُغَيّرها ،
و سُنّةُ اللهِ هذهِ تَجري في اُمّة الإسلام إيضاً فلا يَنفَعُهُم الإيمانُ بَعدَ أن يَرَوا عذابَ الله عِندَ قِيامِ القائِمِ المَهديِّ (ع) بَل خَسِرَ هُنالِكَ الكافرون بولايةِ آلِ محمّدٍ (ص) فَيَهلِكون .
نشر في الصفحات 1022-1000 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی