سورة أَبّا
2017-02-22
سورة الأبرار (ع)
2017-02-22

(53)
سورة صٰ = ألصَّلَوات

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ )

بإِسمِ ذاتِيَ الواجِبِ الوُجود مَعدَنِ الكمالِ و الفَيْض واللُّطف و بِإسمِ رحمانيَّتي و رحيميّتي اُوحي إليكَ بِصاد ،

(‌ ص )

رَمزَ الصَّلَوات أي صَلواتُ اللهِ الزّاكياتِ النّامياتِ الدّائِماتِ المُتَتالِياتِ عَليكُم يا أهلَ البَيْتِ المَعصومين‌ (ع) ،

(‌ وَالقُرآنِ ذي الذِّكر )

وَ حَقّ القُرآن وَ قَسَماً بالقُرآنِ كلامُ اللهِ النّازِل عَليكَ الَّذي يُذَكِّرُ النّاسَ بِولايَتِكُم و أهلَ البَيْت (ع) ،

(‌ بَلِ الَّذين كفَروا في عِزَّةٍ و شِقاق )

إنَّ المُنافقينَ لا ينفَعُهُمُ الذِّكرُ بَلِ الَّذين كَفَروا بِوِلايَتِكُم أهلَ البَيْتِ في حَميّةِ الجاهِليَّةِ‌ و الطُّغيانِ و الخِلافِ ضِدَّكُم و النِّفاق ،

( كَم أهلَكنا مِن قَبلِهِم مِن قَرنٍ فَنادَوْا و لاتَ حينَ مَناصٍ )

فتَذَكّر يا حبيبي كَم أهلَكنا مِن قَبلِ المُنافِقينَ مِن اُمَّةٍ ماضِيَةِ و حينَ إهلاكِهِم بالعَذابِ نادَتْهُم ملائِكَتُنا أيْنَ تَفِرّونَ الآنَ وَ لاتَ حينَ مَهرَبٍ ،

( و عَجِبوا أن جاءَهُم مُنذِرٌ منهُم و قالَ الكافِرون هذا ساحِرٌ كَذّابٌ )

و عَجِبوا هؤلاءِ المُنافِقونَ أبوسفيانٍ و حِزبَهُ أن جاءَهُم محمّدٌ (ص) مُنذِرٌ لهُم مِن عَشيرَتِهم يُنذِرُهُم بعذابِ اللهِ و قالوا هؤلاءِ الكافِرون بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) : هذا ساحِرٌ كذّابٌ‌ بَل هُوَ الصّادِقُ‌ الأمين ،

( أجَعَلَ الآلِهَةَ إلـٰهاً واحِداً إنّ هذا لَشيءٌ عُجابٌ )

و سَألوا مُتَعجِّبينَ أجَعَلَ مُحمّدٌ الآلِهَةَ المُتَعدِّدَة الكثيرَةَ إلـٰهاً واحِداً ، غيرَ أصنامِنا إن هذا لَشييءٌ غريبٌ عجيبٌ كثير العَجَب ،

( وانطَلَق المَلاءُ منهُم أنِ امشُوا واصبِروا عليٰ آلِهَتِكم إنَّ هذا لَشييءٌ يُراد )

وانطَلَقَ رَؤساء المنافِقينَ مِن دارِ أبي طالِبٍ عليه السّلام بَعدَ الطّعامِ مُشرِعينَ قائِلينَ بعضَهُم لِبَعضٍ إذهَبوا واتبُتوا عليٰ عِبادَةِ أصنامِكُم فذلكَ هُوَ المَطلوبُ مِنّا ،

( ما سَمِعنا بِهذا في المِلَّةِ الآخِرةِ إنْ هذا إلاّ اختِلاق )

و قالوا ما سَمِعنا بهذا الإدّعاء الّذي يَدّعيهِ مُحمّدٌ في المِلَّةِ الجاهِليَّةِ الأخيرَةِ إن هذا الإدِعاءُ إلاّ افتِعالٌ كاذِبٌ وادِّعاءٌ باطِلٌ ،

( ءَاُنزِلَ عليهِ الذِّكرُ مِن بَينِنا بَل هُم في شَكٍّ مِن ذِكري بَل لَمّا يذوقوا عذابِ )

وسَألوا مُستَنكِرينَ هَل اُنزِلَ عليهِ الوَحيُ مِن بَيْنِنا و لَم يُنزَل علينا ؟

نَعَم رَغماً لِمَعاطِسِهم بَل هُم في شَكٍّ مِنَ‌ الوَحيِ والرِّسالَةِ و الوِلايَةِ بَل هُم فيهِ‌ حتّيٰ يذوقوا عَذابي فيُخزيهِم ،

( أم عِندَهُم خَزائِنُ رَحمَةِ رَبِّكَ العزيزُ الوهّاب )

إنّا نَسألُهُم توبيخاً‌ هَل عِندَهُم خزائِنُ رَحمَةِ ربِّكَ مِنَ العِصمَةِ و الوِلايَةِ والنُّبُوَّةِ حتّيٰ يَهِبونَها لِمَن أحَبّوا بَلِ اللهُ يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشآءُ إختيارَهُ لِلوِلايَةِ و هو العزيزُ الوَهّاب ،

( أم لهُم مُلكُ السماواتِ و الأرضِ و ما بَينَهما فَليَرتَقوا في الأسباب )

و نَسألُهُم إستنكاراً هَل لِلمنافقين مُلكُ السماواتِ و الأرض و ما بينهما حتّيٰ يُحرِموا مُحمّداً و آلهِ (ص) منها فَليَرتَقوا درجاتٍ في الأسبابِ المُوصِلَةِ إليٰ الوَحيِ‌ فيَحتَكِروها لأِنفُسِهم ،

(‌ جُندٌ ما هُنالِكَ مَهزومٌ مِنَ الأحزاب )

هؤلاءِ المُنافِقون يا حبيبي جُندُ الشّيطانِ ضُعَفاءٌ هنالِكَ عِندَ تكذيبِهم لَكَ و جُندٌ مهزومٌ بِسَيفِ عليّ بنِ أبيطالبٍ‌ (ع) مَعَ الأحزابِ في حَربِ الأحزاب ،

( كَذَّبَت قَبلَهُم قومُ نوحٍ و عادٌ و فِرعَونُ ذو الأوتاد )

كَذَّبت قَبلَ المُنافقين أنبياءَها أقوامُ نوحٍ و عادٍ و قوم فِرعَونَ صاحِبِ الأوتادِ الّتي كانَ يُعَذِّبُ بِها المُؤمنينَ باللهِ و بِموسيٰ (ع) ،

( و ثَمود و قوم لوطٍ و أصحاب الأيكَةِ أولئِكَ الأحزاب )

و كَذَّبت قَبلَهُم قومُ ثمودٍ صالِحاً و قَومُ لوطٍ لوطاً و كَذَّبت أصحابُ الأيكَةِ شُعيباً أولئِكَ الأحزابُ المُكذِّبون الّذين أهلكناهُم قَبلَهُم ،

( إنْ كُلٌّ إلاّ كَذّبَ الرُّسُلَ فَحَقّ عقابِ‌ )

إنْ كُلٌ مِن هؤلاءِ الأحزاب إلاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ الذين أرسَلناهُم إليهِم فَحَقِّ عليهِم عقابي فأهلكتُهُم بِعَذابي ليس إلاّ فَسَأهلِكُ‌ هؤلاءِ مِثلَهُم ،

( و ما ينظُرُ هؤلاءِ إلاّ صَيحَةً واحِدَةً مالَها مِن فَواقٍ )

و ما يَنتِظُرُ هؤلاءِ المُنافقون إلا صَيحَةً واحِدَةً ( مِن علاماتِ ظهورِ المَهديِّ ) بالعذابِ تَنزِلُ عليهِم فتُهلِكُهُم مالَها مِن مُهلَةٍ لهُم بِمِقدارٍ فَواقِ النّاقَةِ و فُرصَة ما بَيْن الحَلبَتَيْنِ لها ،

( و قالوا رَبَّنا عَجِّل لَنا قِطَّنا قَبلَ يومِ الحِساب )

و قالوا هؤلاءِ المُنافِقون إستهزاءً‌ رَبَّنا عَجِّل لنا قِسطَنا و حِصَّتنا مِنَ العذابِ الّذي تَعِدُنا بهِ مَعَ ظهورِ المَهديّ (ع) قَبلَ يومِ الحِساب ،

( إصبِر عليٰ ما يقولونَ واذكُر عبدَنا داوُدَ ذا الأيدِ إنَّهُ أوّابٌ )

إصبِر يا مُحمّد عليٰ ما يقولونَ هؤلاءِ المُنافِقون واذكُر عبدَنا داوُدَ والِدِ سُليمان صاحِبَ الأيدي القَويّةِ في الحُكمِ إنّهُ كانَ أوّاباً إلينا دُوماً ،

( إنّا سَخَّرنا الجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحنَ بالعَشِيِّ و الإشراق )

إنّا وَهَبنا لهُ الحُكمَ والقُوّةَ فسَخَّرنا الجِبالَ لهُ فعِند ما كانَ يُسبِّحَنا بِصوتِهِ الدّاووديِّ و يُناجينا كانَت الجِبالُ يُسَبِّحنَ مَعَهُ ليلاً و صَباحاً مَعَ إشراقَةِ الشَّمس ،

( والطَّيرَ مَحشورَةً كلٌّ لَهُ أَوّاب )

و سَخَّرنا لَهُ جميعَ أصنافِ الطَّيْر مَحشورَةً بَيْنَ يَدَيهِ إذا أرادَ تُسَبِّحُ بَيْنَ يَدَيهِ مُطيعَةً ذاهِبَةً بأمرِهِ و أوّابَةً تَرجِعُ إليه ،

(‌ و شَدَدنا مُلكَهُ و آتيناهُ الحِكمَةَ‌ و فَصلَ الخِطاب )

و قَوّينا بِشِدّةٍ مُلكَهُ بالعُدَّةِ و العَدَد و آتيناهُ النُّبوَّةَ و العِصمَة و آتيناهُ فَصلَ القَضاءِ و الحُكمِ في الخُصومَةِ ،

( و هَل أتاكَ نَبَاءُ الخَصمِ إذ تَسَوّروا المِحراب )

فما أعدَلَهُ في القَضاءِ فَهَل أتاكَ يا حبيبي خَبَرُ قضاءِه بَيْنَ الخَصمَيْنِ حينما جاءهُ إذ تَسَوَّر و اسوَر المِحرابِ في الأقصي و لم يدخُلوا مِن الباب ؟

( إذ دَخَلوا عليٰ داوُدَ فَفَزِعَ منهُم قالوا لا تَخَف خَصمانِ بَغيٰ بَعضَنا عليٰ بَعضٍ )

إذ دَخلوا عليٰ داودَ في المِحرابِ مِن سُورهِ فَفَزِعَ منهُم خَشيةَ أن يكونا عَدُّوَيْنِ لهُ لِدُخولِهما مِنَ‌ السّورِ في وَقتِ‌ صَلاتِهِ قالوا لَهُ لا تَخَف فإنّنا خَصمانِ بَغيٰ أحدُنا عليٰ الآخَر ،

( فاحكُم بَيْنَنا بالحَقِّ و لا تُشطِطِ و اهدِنا إليٰ سَوآءِ الصِّراط )

فَحضَرنا عندَكَ لِلتّحاكُمِ فاحْكُم بَيْنَنا بالعَدلِ و لا تَجُر في حُكمِكَ و اهدِنا إليٰ جادَّةِ الحَقِّ و الصَّوابِ و طريقِ العَدلِ و الشَّرع ،

(‌ إنَّ هذا أخي لهُ تِسعٌ و تِسعونَ نَعجةً ولِيَ نَعجَةٌ واحِدَةٌ فقالَ اكفَلنيها و عَزّني في الخِطاب )

قالَ‌ أحدُهما إنَّ هذا أخي لهُ تِسعٌ و تِسعونَ نَعجَة خروفٍ ولي نَعجَةٌ‌ واحِدَةٌ فقالَ لي إكفَلني نَعجَتكَ حتّيٰ يَكمُلُ العَدَدُ و غَلَبني في هذا الكلام ،

( قالَ‌ لَقَد ظَلَمكَ بِسؤالِ نَعجَتِكَ إليٰ نِعاجِه )

فقالَ داوُدُ لهُ بَدَلَ أن يُعطيكَ مِن نِعاجِهِ لَقَد ظَلَمَكَ أخوكَ بِمطالِبَتِهِ نَعجَتَك ،

نَعجَتكَ لِيَضُمّها إليٰ نِعاجِهِ لِيَكمُلُ العَدَدُ مأة لأِنّهُ يَجِب عليهِ أن يَدفَعَ لكَ زكاةَ غَنَمِه ،

(‌ و إنّ كثيراً مِنَ الخُلَطاءِ لَيبغي بَعضُهُم عليٰ بعضٍ إلاّ الذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ و قليلٌ ما هُم )

و أضافَ داوُدُ قائِلاً و إنّ كثيراً مِنَ الشُركاءِ لَيظلِم بعضُهُم في القِسمَةِ شريكَهُ إلاّ الذين آمَنوا باللهِ و أحكامِهِ وعَمِلوا الصّالحاتِ فإنّهم لا يَظلِمونَ و قليلونُ مِثلَ هؤلاء ،

( و ظَنَّ داوُدُ انّما فَتَنّاهُ فاستَغَفَر ربَّهُ و خَرَّ راكِعاً و أناب )

عندئِذٍ غابَ الخَصمانِ المَلَكانِ فَعَلِمَ داوُدُ أنّما اختَبرناهُ كي نَريٰ هَل يحكُمُ بالعَدلِ أم لا فاستَغَفَر اللهَ لِنِسبَتِهِ الظُّلمَ إليٰ المَلائِكَةِ و خَرَّ راكِعاً لِلّهِ و تابَ إليه ،

( فغفرنا لهُ ذلكَ و إنّ لهُ عِندنا لَزُلفيٰ و حُسنَ مَآبٍ )

فَغفَرنا لهُ نِسبَتَهُ الظُّلمَ إليٰ المَلَكِ‌ لأنّهُ لم يُعَرِّفهُ نَفسَهُ مُسبَقاً فَلَم يَتَعَمَّد ذلكَ و إنّ لهُ عندنا مَقامَ القُربِ و مَنزِلَة المُقَرّبين و العاقِبَة الحَسَنه ،

( يا داودُ إنّا جَعلناكَ خليفةً في الأرض )

فعندَئِذٍ‌ بعدَ الإختبار أوْحَينا إليهِ يا داوُد إنّا جَعلناكَ خليفةً في الأرضِ فالخِلافَةُ جعلِيَّةٌ مِنَ اللهِ‌ و ليسَ لِلنّاس أن يَجعلوا أحَداً خَليفَةً‌ ،

( فاحكُم بَيْنَ النّاس بالحَقِّ )

و أمرناهُ بعدَ أن جَعلناهُ خليفةً أنِ احكُم بَيْن النّاسِ بالحَقِّ و العَدلِ فليسَ لِلخَليفَةِ أن يحكُمَ بالجَوْر و الباطِل ،

(‌ و لا تَتَّبِعِ الهَويٰ فيُضِلَّكَ عن سبيلِ اللهِ )

و نَهيناهَ بَعدَ أن جَعلناهُ خَليفَةً و قُلنا و لا تَتَّبِعِ الهَويٰ فيُضِلّكَ إتّباع الهَويٰ عن سبيلِ الله فالخليفةُ لا يجوزُ لهُ مُتابِعَة الهَويٰ و مَن فَعَلَ فَقَد ضَلَّ عن سبيلِ الله ،

(‌ إنّ الّذين يضلّون عَن سبيل اللهِ لهُم عذابٌ شديدٌ بما نَسَوا يومَ الحِساب )

إنّ الَّذين يضِلّونَ‌ عَن سَبيلِ الله بِمُتابِعَةِ الهَوي أولئِكَ الخُلَفاءُ الجائِرينَ الظّالِمينَ لهُم عذابٌ شديدٌ بما نَسَوا حُكمَ اللهِ يَنالُهُم يومَ الحِسابِ و العِقاب ،

( و ما خَلَقنا السَّماءَ و الأرضَ و ما بَيْنَهما باطِلاً )

و ما خَلَقنا السّماءَ و الأرضَ و ما بَيْنَهما مِنَ الخَلائِقِ و الجِنّ و الإنسِ و المَلائِكَةِ و الحيوان بِغَيرِ حِكمَةٍ و عَدلٍ حتّيٰ نَدَعها بِغَيرِ خَليفَةٍ مَعصومٍ فيها ،

( ذلكَ ظَنُّ الّذين كَفروا فَويْلٌ لِلّذين كَفَروا مِنَ النّار )

إنَّ الظَّنَّ بِأنَّ خَلقَنا لَها بِغَيرِ العَدلِ و الحِكمَةِ فلا يَجِب أن نَجعَل فيها خليفةً معصومٍ فذلك ظَنُّ الّذين كَفروا بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) فَوَيْلٌ و ثُبورٌ لِلّذين كفَروا بِوِلايَتِهِم مِنَ النّارِ تُحرِقُهُم ،

( أم نَجعَلُ الّذين آمَنوا و عَملوا الصّالِحاتِ كالمُفسدين )

أم ظَنّوا هؤلاءِ المُنافقين أنّنا نَجعَلُ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ كالمُفسدينَ المُخالفينَ لِولايَتِهم ؟ هَيهات ،

( أم نَجعَلُ المُتّقينَ كالفُجّار ؟)

أم ظَنّوا هؤلاءِ المُفسدين أن نَجعَل المُتّقينَ الشّيعَةَ المُوالينَ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) كالفُجّارِ المُخالِفينَ لَهُم سَواسِيَةً في الجَزاءِ كَلاّ وَ هيهات .

( كتابٌ أنزلناهُ إليكَ مُبارَكٌ لِيدَّبَّروا آياتِهِ و ليتذكَّر اُولو الألبابِ ‌)

فالقرآنُ كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ يا مُحمّد مُبارَكٌ كثيرُ البَرَكاتِ في الدّنيا و الآخِرَةِ لِلمُتَمسِّكينَ‌ بالثَّقَلَيْن ألمُتفكِّرينَ في آياتِهِ ألمُتذَكِّرينَ بهِ أصحابُ العُقولِ و القُلوبِ السَّليمَة ،

( و وَهبنا لِداوُدَ سُليمانَ نِعمَ العَبد إنّه أوّابٌ )

و وَهبنا لِداوُد النّبيّ‌ ذُريّةً طيِّبَة و وَلداً‌ صالِحاً‌ يَرِثُهُ هو سُليمانٌ و هو نِعمَ العَبد لنا مُطيعاً‌ إنّهُ أوّابٌ إلينا بالمُناجاتِ و العِبادات ،

( إذ عُرِضَ عليهِ بالعَشيِّ الصّافِناتِ الجِياد )

تَذَكّر إذ عُرِضَ عليهِ في وَقتِ العَشاءِ الجِيادِ مِنَ الخَيلِ المُهيَّأَةِ للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ و هُنّ صافِناتٍ رافِعاتٍ حَوافِرِها في عَدوِها ،

( فقالَ إنّي أحبَبتُ حُبّ الخَير عن ذِكرِ ربّي حتّيٰ تَوارَت بالحِجاب )

فَوقَفَ يَستعرِضُهُنَّ مَشعوفاً بالنَّظَرِ إليهِنَّ طِوالَ اللَّيل فالتَهيٰ بِهِنَّ عن نافِلَةِ‌ اللّيلِ حتّيٰ تَوارَت قافِلتُها مُحَتجِبَةً‌ عن نَظَرهِ في الاُفُق واختَفَت ،

(‌ رُدّوها عَليَّ فَطَفِقَ مَسحاً‌ بالسُّوقِ و الأعناق )

فناديٰ سُليمانُ قائِلاً رُدّوا الجيادَ علَيَّ ثانِيَةً فَرَدّوها فأخَذَ يَسمَحُ أعناقَها و سيقانِها و يُدَلِّلُها حُبّاً لَها لِجادِها في سبيلِ الله ،

( و لَقَد فَتَنّا سُليمانَ و ألقَينا عليٰ كُرسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أناب )

و لَقَد إختَبرنا سليمانَ بِقَبضِ روحِ وَلَدِهِ و ألقينا عليٰ كُرسيِّهِ جَسَداً لإِبنِهِ مَيِّتاً فَنَجحَ في الإختبارِ و صَبَر ثُمَّ أنابَ إلينا ،

(‌ قالَ ربِّ اغفِرلي وَهَبْ لي مُلكاً لا ينبغي لأِحَدٍ مِن بَعدي )

فابتَهَلَ إلينا قالَ رَبِّ اغفِرلي إنشِغالي بالسَّلطَنَةِ و هَبْ لي مُلكاً دُنيويّاً لا يَنبَغي لأِحدٍ مِن بَني إسرائيلَ مِن بَعدي ،

( إنّك أنتَ الوَهّاب )

إنّك يا رَبِّ أنتَ الوَهّابُ لِلمُلكِ و السُّلطانِ لِذي القَرنَيْن و المَهديِّ القائِمِ مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) فَهَبني مُلكاً كَمُلكِهِما ،

( ‌فَسَخّرنا لَهُ الرّيحَ تَجري بِأمرهِ رُخآءً حيثُ أصاب )

و لمّا طَلَب مِنّا مُلكاً كَمُلكِ مَهديِّ آلِ مُحمّدٍ (ص) فَسَخَّرنا له الرّيحَ مُطيعَةً بِأمرِهِ تَذهَبُ و تَروحَ حيثُما أمَرَها و أصابَ رأيَهُ و إرادَتهُ ،

( والشّياطينَ كلّ بَنّاءٍ و غَوّاصٍ و آخَرينَ مُقَرّنينَ في الأصفادِ )

و سَخّرنا لهُ الجِنَّ و الأبالِسَة الشّياطين مِن نَسلِ إبليسَ كلّ جِنيٍّ بَنّاءٍ يَبني و غَوّاصٍ يَغوصُ و آخَرينَ مِنَ الشّياطينَ مُقَرَّنينَ بالسَّلاسِلِ‌ مَكتوفي الأيدي ،

( هذا عطآؤنا فَامنُن أو أمسِك بِغَيرِ حِسابٍ )

فَلمّا وَهبناهُ ذلكَ قُلنا لَهُ هذا عَطاؤنا لكَ فامنُن و تَفَضَّل عليٰ مَن شِئتَ بالعطآءِ أو أمسِكِ المُلكَ و لا تُعطي مِنهُ فلا نُحاسِبُكَ بِشَييءٍ ،

( و إنَّ عِندَنا لَزُلفيٰ و حُسن مَآب )

و مَعَ ذلكَ المُلك والقُوّة والسُلطان الّذي وَهبناهُ‌ فإنَّ لهُ عِندَنا في الآخِرَة لَقُربيٰ و مَنزِلَة في الجنّةِ و حُسنَ المَرجعِ . العاقِبَه ،

( والذكُر عبدَنا أيّوبَ إذ ناديٰ رَبَّهُ أنّي مَسّنِيَ الشّيطانُ بِنَصبٍ و عَذابٍ )

واذكُر يا حبيبي عبدَنا المُطيع أيّوب الصّابِر إذ ناديٰ رَبّهُ الّذي امتَحَنَهُ قائِلاً : رَبِّ إنّي مَسَّنِيَ الشّيطانُ بِنُصبٍ و تَعَبٍ و ألَم و ضُرٍّ ،

( اُركُض بِرِجلِكَ هذا مُغتَسلٌ بارِدٌ و شَرابٌ )

فَقُلنا لهُ سَنَرفَعُ عنكَ النَّصَبَ و العَذابَ و نَدحَرُ الشيطان عَدُوّك فاضرِب بِقَدَمِكَ الأرضَ يَنبُعُ ماءٌ مِن عَينٍ هذا مُغتَسَلٌ تغسِل بِهِ جِسمَكَ و ماءٌ بارِدٌ تَشرَبُ مِنهُ متُعافيٰ ،

( و وَهبنا لهُ أهلَهُ و مِثلَهُم مَعَهُم رَحمَهً مِنّا و ذِكريٰ لِاُولي الألباب )

و وَهبنا لهُ زَوجَتَهُ و أولاداً و ذُرّيةً منها بِعَدَدِ مَن ماتَ مِنهُ قَبلاً و أضفناهُ‌ مِثلَ‌ عَدَدِهِم أولاداً مِثلَهُم بَنينَ و بَناتٍ رَحمَةً مِنّا و مَوعِظَةً لِأصحابِ العقولِ‌ السّليمَةِ‌ ،

( و خُذ بِيَديكَ ضِعثاً فاضرِبْ بِهِ و لا تَحنَث )

و قُلنا لهُ لأِنّك قَد سَبَق أن حَلَفتَ أن تَضرِبَ زوجَتَكَ مأَةَ سوطٍ لِنَميمَةِ الشّيطانِ فَخُذ بِيَدِكَ الآن ضِعثاً فيهِ مأَةَ فرعٍ فاضرِب بهِ أهلَكَ و لا تَحنَث باليَمين

(‌ إنّا وَجدناهُ صابِراً نِعمَ العَبدُ إنّه أوّابٌ )

إنّا وجَدنا أيّوبَ صابِراً عليٰ البَلاءِ و لَم يَجزَع و وَجدناهُ نِعمَ العَبدُ المطيعُ لنا مُحارِبٌ للشيطانِ و وَجدناهُ إنّهُ أوّابٌ إلينا دوماً ،

( واذكُر عبادَنا إبراهيمَ و إسحاقَ و يَعقوبَ اُولي الأيدي و الأبصار )

واذكُر يا حبيبي عِبادَنا الأنبياءَ قَبلَكَ جَدّكَ إبراهيمَ و إبنَهُ إسحاقَ و إبنَهُ يعقوبَ أصحابَ الأيدي الباطِشَةِ بالأصنامِ و البَصائِرَ في الدّين ،

( إنّا أخلَصناهُم بِخالِصَةٍ ذِكريٰ الدّار )

إنّا أخلصناهُم لنا و اختَصَصناهُم لِخِصلَةٍ أخلَصوها لنا هِيَ تَذَكُّرٌ دوماً ذِكريٰ الدّارَ الآخِرَة و عَمَلَهُم لها ،

( و إنّهُم عِندنا لَمِنَ المُصطَفين الأخيار )

و إنّهُم يُسَمّونَ عِندنا في العَرشِ الأعليٰ لَمِن زُمرَةِ المُصطَفيْن الأخيار مُحمّدٍ و أهل بيتِهِ الأطهارِ الأبرار ،

( واذكُر إسماعيلَ‌ واليَسَعَ و ذا الكِفلِ و كُلٌّ مِنَ الأخيار )

واذكُر يا حبيبي إسماعيلَ جَدّكَ و اليَسَع النّبيّ‌ و ذالكِفْل النَّبيّ و كُلُّ نَبيّ ، مِن هؤلاءِ هُوَ مِن زُمرَةِ الأخيارِ آل مُحمّدٍ الأطهار غَداً ،

( هذا ذِكرٌ و إنّ لِلمُتّقينَ لَحُسنُ مَآبٍ )

هذا ذِكرٌ للأِنبياءِ و فَضائِلِهم و إنَّ لِلمُتّقينَ أهلَ‌البَيْتِ المَعصومينَ و شيعَتِهِمُ المُخلصين لَحُسن العاقِبَةِ و المَرجَعِ و المَصير ،

( جَنّاتِ عَدنٍ مُفتَّحةً لَهُمُ الأبوابُ مُتّكَئِينَ فيها يَدعون فيها بِفاكِهَةٍ كثيرَةٍ و شَرابٍ )

مآبُهُم إليٰ جنّاتِ عَدنٍ في أعليٰ عِليّين مِنَ الجِنان مُفتَّحَةً لَهُم أبوابُ قصورِها يَجلسون فيها مُتَّكئِينَ عليٰ النَّمارِقِ يأمُرونَ الغِلمانَ فيَدعونَ بِفاكِهَةٍ كثيرَةٍ و شَرابٍ لَذيذٍ ،

( و عِندَهُم قاصِراتُ الطَّرفِ أتراب ، هذا ما تُوعَدونَ لِيَومِ‌ الحِساب )

و عندَهُم حورٌ عينٌ تُؤنِسُهُم خافِضاتِ العيونِ دَلالاً و كُلّهُنَّ في سِنٍّ واحِدٍ هذا هو ما تُوعَدونَ بهِ يا شيعةَ آلَ مُحمّدٍ ليومِ الحِسابِ و الثَّواب ،

(‌ إنَّ هذا لَرِزقُنا ما لَهُ‌ مِن نَفادٍ )

إنَّ هذا الجَزاءِ و الثَّوابِ‌ هو رِزقُنا لِلشّيعَةِ‌ المُتّقينَ‌ أبَدِيٌّ خالِدٌ سَرمَدِيٌّ لا يَنتهي و لا يَفنيٰ و لا يَزولُ و ما لَهُ مِن نَفادٍ ،

(‌ هذا و إنّ لِلطّاغينَ لَشَرَّ مآبٍ ،جَهَنَّمَ‌ يَصلَوْنَها فَبِئسَ المِهاد )

هذا ذِكرُ الشّيعَةِ‌ المُتّقين و إنَّ لِلطّاغينَ المُنافِقينَ المُخالِفينَ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) لَشَرُّ مَصيرٍ و مَرجَعٍ فمآبُهُم إليٰ جَهَنَّمَ ينالونَها خالِدينَ فَبِئسَ المَسكَنِ لَهُم ،

( هذا فَليَذوقوهُ حَميمٌ و غَسّاقٌ ، و آخَرُ مِن شَكلِهِ أزواج )

هذا العَذابُ لهُم فَليَذوقوهُ‌ الصَّديدَ المُذابَ بَدَلَ الماءِ و المَعادِنَ المَصهورَةِ السّائِلَةِ و عَذابٌ آخَرٌ مِن مِثلِهِ أنواعٌ مُشابِهَةٌ ،

( هذا فَوجٌ مُقتَحِمٌ مَعَكُم لا مَرحباً بِهِم إنّهم صالوا النّار )

فيُقال لهُم انظُروا إليٰ أتباعِكُم هذا فوجٌ مَزدَحِمٌ مِنهُم مُقتَحِمٌ مَعَكُم النّار فيقولونَ لا مَرحباً بِهِم إذ يَستَغيثُ أهل النّارِ مِن عَذابِهم إنّهم يَزيدونَ في حَريقِ النّار ،

( قالوا بَل أنتُم لا مَرحباً بِكُم أنتُم قَدَّمتُموهُ لَنا فَبِئسَ القَرار )

فيُجيبونَهُم أتباعَهُم قائِلينَ بَل أنتُم لا مَرحباً بِكُم و بلِقاءِكُم إذا أنتُم قَدَّمتُم هذا العَذابَ لنا إذ ضَللتُموُنا عن وِلايَةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) فَبِئسَ القَرارُ لَكُم النّار .

( قالوا رَبّنا مَن قَدَّمَ لنا هذا فَزِدهُ عَذاباً ضِعفاً في النّار )

عِندَئِذٍ يَستغيثونَ إليٰ اللهِ قائِلينَ : رَبّنا مَن قَدَّمَ لنا هذا العَذابَ مِن خُلَفاءِنا فَزِدهُ عَذاباً مُضاعَفاً مِن عَذابِنا في النّارِ أضعافاً مُضاعَفَةً‌ ،

( و قالوا ما لَنا لا نَريٰ رِجالاً كُنّا نَعِدُّهُم مِن الأشرار )

و يقولونَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ما لَنا لا نَريٰ في النّارِ مَعَنا رِجالاً مِن شيعَةِ عليٍّ (ع) كُنّا نَعدُّهُم مِنَ الأشرارِ فَهَل شَفَعَ لهُم عليٌّ (ع) إمامُهم ؟؟؟

( ‌أتَّخذناهُم سِخريّاً أم زاغَت عنهُم الأبصارُ ،‌إنَّ ذلكَ‌ لَحَقٌ تَخاصُمُ أهلِ النّار )

أولئِكَ الشّيعَةُ إتّخَذناهُم سِخريّاً نَسخَرُ بِهِم و نَستَهزِيءُ بِهم ، فَلِماذا لا نُشاهِدُهُم هُنا ؟ فَهَل مالَت عنهُم أبصارُنا فَبَعضٌ يقولُ نَعَم و بَعضٌ يقولُ لا إن ذلكَ مُؤَكَّدٌ‌ وَ‌ حتميٌّ تَخاصُمُ أهل النّار ،

(‌ قُل إنّما أنا مُنذِرٌ و ما مِن إلـٰهٍ إلاّ اللهُ الواحِدُ القَهّار رَبّ السّماواتِ و الأرضِ و ما بَيْنَهما العَزيزُ الغَفّار )

قُل يا حبيبي لَستُ أنا إلاّ مُنذِرٌ لكُم إذا خالَفتُم أهل بَيْتي اُنذِركُم النّارَ واعلَموا يَقيناً أنّهُ لا إلـٰه إلاّ اللهُ الواحِدُ القَهّارُ رَبِّ السّماواتِ و الأرضِ العَزيز الغَفّار فلا تُطيعوا غيرَهُ ،

(‌ قُل هُوَ نَبَاءٌ عظيمٌ ، أنتُم عَنهُ مُعرِضون )

قُل يا مُحمّد (ص) إنَّ إنبائي بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) عَنِ اللهِ هُوَ نَبَاءٌ عظيمٌ تَكفَّلتْهُ و تَضَمَّنْتهُ نُبُوَّتيَ‌ الخاتِميّةِ و لكن أنتُم يا مُنافقينَ عَنهُ مُعرضين ،

( ما كانَ لي مِن عِلمٍ بالمَلاَء ألا عليٰ إذ يَختَصِمون )

و قُل لهُم إنَّ دليلَ صِدقي في إنبائي عَن اللهِ هُوَ أنّهُ بَعثَني وَ ما كانَ‌ لي مِن عِلمٍ بالمَلَاء الأعليٰ و المَلائِكَةِ المُقرَّبينَ حتّيٰ اُخبِركُم عَن أحوالِهم إذ يَختَصِمونَ حَوْلَ عليٍّ (ع) إنّهُ بَشَرٌ أو مَلَك ،

( ‌‌إن يُوحيٰ إليَّ إلاّ أنَّما أَنا نَذيرٌ مُبين )

إن يُوحيٰ إليَّ ذلكَ مِنَ‌ اللهِ بواسِطَةِ جبرئيل و لَستُ أنا إلاّ نَذيرٌ لكم من جانِبِ اللهِ بَيِّنُ الإنذارِ فإيّاكُم و مُخالَفَةِ عليٍّ (ع) ،

( إذ قالَ ربُّكَ لِلمَلائِكَةِ إنّي خالِقٌ بَشَراً مِن طينٍ فإذا سَوّيتُهُ و نَفَختُ فيهِ مِن روحي فقَعوا لَهُ ساجِدين )

و تَذكَّر إذ قالَ اللهُ ربّكَ لِلمَلائِكَةِ إنّي سَأخلُقُ بَشَراً مِن طينٍ هُوَ آدَمٌ و سَأجعَلُ في صُلبِهِ و مِن ذُريِتِهِ مُحمّداً‌ و آلَ محمّدٍ و آلَ محمّدٍ‌ (ص) فإذا سَوّيتُ خَلقَهُ و نَفَختُ فيهِ الرّوحَ مِن روحي فَقَعوا لهُ ساجِدينَ لي شُكراً و حَمداً عليٰ أن جَعلتُهُ أباً لِمُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) ،

( فَسَجدَ المَلائِكَةُ كلّهُم أجمَعونَ إلاّ إبليسَ ‌استَكبَرَ و كانَ مِنَ الكافِرين )

فَسَجَد الملائِكَةُ كلّهم أجمَعونَ إلاّ أنَّ إبليسَ الجِنيّ الّذي كانَ في صَفِّ المَلائِكَة استَكبَرَ عَن السُّجودِ لآدمَ و كانَ مِنَ الكافِرينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ ،

( قالَ يا أبليسُ ما مَنَعكَ أن تَسجُدَ لِما خَلَقتُ بِيَديَّ استَكبَرتَ أم كُنتَ مِن العالين ؟ )

قالَ اللهُ يا إبليس ما مَنَعكَ أن تَسجُدَ‌ لآِدمِ الّذي خَلَقْتُهُ بِيَدِ قُدرَتي و عَظَمَتي هَل استَكبَرتَ أم كُنتَ مِن العالينَ عليٰ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) ؟؟؟

(‌ قالَ أنا خيرٌ مِنهُ خَلقتَني مِن نارٍ و خَلقتَهُ مِن طين )

‌أجابَ إبليسُ و هو أوّلُ مَن قاسَ و لا قِياسَ في الدّينِ فقال : أنا خَيرٌ مِن آدَم خَلَقتَني مِن نارٍ و خَلقتَهُ مِن طينٍ فَلَم يَفطِن لِعَظَمَةِ ما في صُلبِهِ مِن أنوارِ مُحمّدٍ‌ و آلِهِ (ص) ،

( ‌قالَ فاخرُج مِنها فإنّكَ رجيمٌ و إنَّ عليكَ لَعنَتي إلي يومِ الدّين )

قالَ اللهُ لإبليس فاخرُج مِن دائِرَةِ رَحمَتي و مِن صَفِّ مَلائِكَتي فإنّكَ مَرجومْ بِعذابي مَطرودٌ مِن رَحمَتي و إنَّ عليكَ لَعنَتي إليٰ يومِ القيامَه ،

( قالَ رَبِّ فَأنظِرني إليٰ يومِ يُبعَثون )

قالَ رَبِّ إنّي عَبَدتُكَ سِتّةَ آلافِ سَنَةٍ فأعطِني أجرَها و ثَوابَها فَأنتَ عادِلٌ واجعَل أجرَها إمهالي إليٰ يومِ يُبعَثونَ آدَمُ و ذُرّيَتِه ،

( قالَ فإنّكَ مِنَ المُنظَرينَ إليٰ يومِ الوَقتِ المَعلوم )

قالَ اللهُ‌ لهُ نَعَم فإنّكَ مِنَ المُنظِرينَ لِسِتّةِ آلافِ سَنَةٍ مُقابِلَ عِباداتِك بِمِقدارِها لا إليٰ يومِ يُبعَثونْ بَل إليٰ يَومِ قيامِ قائِمِ آلِ مُحمّدٍ (ص) فَذلِكَ الوَقتَ المَعلومِ لَهُم ،

(‌ قالَ فَبِعزَّتِكَ‌ لَاُغوِيَنَّهُم أجمَعينَ إلاّ عِبادَكَ مِنهُم المُخلَصين )

فقالَ إبليسُ لَعَنَةُ اللهُ قَسَماً بِعِزَّتِكَ يا إلـٰهي لَاُغوِيَنَّ ذُرِيّةَ آدَمَ أجمعين إلاّ عِبادَكَ المُخلَصين مِنهُم ألمَعصومينَ‌ والمُتّقينَ والمُوالِينَ لِمُحمدٍ و آلِهِ الطّاهرين ،

(‌ قالَ : فالحَقُّ و الحَقَّ أقولُ لَأملَأَنَّ جَهنَّمَ مِنكَ و مِمَّن تَبِعَكَ مِنهُم أجمعين )

قالَ اللهُ تعاليٰ فالحَقُّ العَدلُ مِنّي جَزاءً لَكَ و الحَقّ أقولُ و الصِّدق الّذي ليسَ غَيرَهُ لَأملَأنَّ جَهنّمَ مِنكَ و مِمَّن تَبِعَكَ و لَم يَشكُر نِعمَةَ وِلايَةَ محمدٍ و آلِهِ (ص) مِنَ البَشَر أجمعين ،

(‌ قُل ما أسألُكُم عليهِ مِن أجرٍ و ما أنا مِنَ المُتَكَلِّفين )

قُل يا حبيبي لِاُمّتِكَ ما أسألَُكُم عليٰ تَبليغي وَحيَ ربّي مِن أجرٍ مادِيٍّ مِنكُم بَل أسألُكُمُ المَودَّة في قُربايَ أهل بيتي و ما أنا مِنَ المُتَكلِّفينَ لَكُم بِأكثَرَ مِن وِلايَتِهم ،

(‌ إن هوَ إلاّ ذِكرٌ لِلعالَمين )

فَإبلاغُ ما اُنزِلَ إليَّ مِن ربّي بِشَأنِ وِلايَةِ‌ عليٍّ (ع) إليكُم وَ نَصبي لَهُ‌ لِلخِلافَةِ و الوِلايَةِ و الوِصايَةِ إن هُوَ إلاّ‌ ذِكرٌ مِنَ اللهِ للعالَمين إليٰ يومِ الدّين ،

(‌ و لَتَعلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعدَ حينٍ )

و بِالتأكيدِ سَوفَ تَعلَمونَ نَبَاءَ حُكومَةِ آل مُحمّدٍ (ص) و حَقيقَةَ وِلايَتِهِم بَعدَ حينٍ وَ مُدَّةٍ مِن غَيبَةِ وَلَديَ المَهديّ (ع) عِندَ ظهورِهِ فَتَزدَهِرُ الدُّنيا بِعَدلِهِ ،

( صَدَقَ اللهُ العليُّ العظيم )


نشر في الصفحات 1217-1202 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *