سورة المُلك
2017-02-22
سورة صٰ
2017-02-22

(52)
سورة أَبّا = عَبَس

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ )

بإِسمِ ذاتِيَ القُدسيِّ الإلـٰهيِّ الرُّبوبيِّ الفَردِ الأحَدِ‌ الوِترِ و بإسمِ رحمانيَّتي وَ رَحيميّتي أبدَأُ الوحيَ إليكَ :

( عَبَسَ و تَوَلّيٰ أن جاءَهُ الأعميٰ )

عَبَسَ أبوجَهلِ بن هُشامٍ شيخ الاُمَويّينَ و تَوَلّيٰ و أعرَضَ بِوَجهِهِ حينما جآءَ رسولَ اللهِ‌ (ص) الرَّجُلُ الأعميٰ إبن اُمّ مكتومٍ يَسمَعُ منهُ القرآن ،

( وَ ما يُدريكَ لَعلّهُ يَزكّيٰ أو يَذّكَر فَتنفَعُهُ الذِّكريٰ )

وَ ما يُدريكَ أيّها العابِسُ العَبوسُ لعَلّ إبنَ‌ اُمِّ مكتومٍ الأعميٰ مِن سِماعِ القرآنِ‌ يَتَزكّيٰ أو يَتَذكَّر كَلامَ اللهِ فَتَنفَعُهُ الذِّكريٰ فَيَخشَع ،

( أمّا مَن استَغنيٰ ، فَأنتَ لَهُ تَصدّيٰ ، وَ ما عليكُ ألاّ يَزَّكّيٰ )

أمّا أبوجَهلٍ و أبوسفيان وَ مَن مِثلَهُما مِمَّن استَغنيٰ بالثَّرَواتِ و الأموالِ فَيَجِبُ عليكَ أن تَتَصَدّيٰ لَهُ و تَرُدَّ علَيهِ‌ وَ لا تَهتَمَّ بِمُلاطِفَتِهِ لِيَتَزَكّيٰ فَما عليكَ أن لا يَتَزَكّيٰ ،

( و أمّا مَن جاءَكَ يَسعيٰ و هو يَخشيٰ، فَأنتَ عنهُ تَلَهّيٰ )

و أمّا مَن جاءَكَ يَسعيٰ إليكَ مُسرِعاً و هو يَخشيٰ مِن أبي جَهلٍ و حِزبِه بَني اُمَيَّه و يَخافهُم فَيَجِبُ عليكَ أن تَتَلَهّيٰ عنهُ و تَستَخِفَّ بِهِم كي يَهدَأ رَوْعَهُ و لا يَخافهُم ،

( كَلاّ إنّها تَذكِرَةٌ فَمَن شآءَ ذَكَرَه )

كلاّ لا تَخشَوْا أعداءَ آلِ محمّدٍ (ص) فإنّ الآياتِ النّازِلَةِ بِشأنِ وِلايَتِهِم تَذكِرَةٌ لِلنّاسِ تَذَكِّرُهُم أمرَ اللهِ بطاعَتِهِم فَمَن شاءَ ذَكَرَ أمرَ الله ،

(‌ في صُحُفٍ مُكَرَّمَةِ مَرفوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ )

فآياتُ وِلايَةِ آل محمّدٍ (ص) هي في صُحُفٍ سماويَّةٍ مُكَرَّمَةٍ مَرفوعَةِ القَدرِ المَنزِلَةِ عِندَ اللهِ و الأنبياءِ و المَلائِكَةِ و مُطَهَّرةٍ لم يَمسّها إلاّ المُطَهَّرون ،

( ‌بِأيدي سَفَرَةٍ ، كِرامٍ‌ بَرَرَةٍ )

نَزَلَت بِأيدي سُفراءِ اللهِ إليٰ رَسولِهِ كجبرئيلَ و ميكائِيلَ و مَن مَعَهُما مِنَ المَلائِكَةِ الكِرامِ المُقرَّبينَ البَرَرةِ‌ الاُمَناءِ علي الوَحي ،

(‌ قُتِلَ الإنسانُ ما أكفَره )

قاتَلَ اللهُ الإنسانَ المُعادي لآِل محمّدٍ (ص) ألمُنكِرُ لِوِلايَتِهم فما أكفَرَهُ باللهِ و بالحَقِّ و العَدلِ فالنّاصِيُّ أكفَرُ مِن جميعِ الكُفّار ،

( مِن أيِّ شيءٍ خَلَقَهُ ، مِن نُطفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّره ،‌ ثُمَّ السَّبيل يَسَّرَه )

و كيف يكفُر الإنسانُ مَعَ أنَّ اللهَ هُوَ خَلَقَهُ و لولاهُ لَم يُخلَق ثُمَّ فَلينظُر مِن أيِّ شييءٍ خَلَقَهُ ؟ مِن نُطفَةِ مَنيٍّ خَلَقَهُ فَقَدَّرهُ إنساناً ثُمَّ يَسَّرلَهُ سبيلَ الخروجِ مِنَ الرَّحِم ،

(‌ ثُمَّ أماتَهُ فَأقبَرهُ ثُمَّ إذا شآءَ أنشَرَهُ )

ثُمَّ إنّ اللهَ كما خَلَقَ الإنسانَ و مَنحَهُ الحياةَ هو الّذي أماتَهُ‌ و دَفَنهُ و مَحاهُ مِنَ الوُجودِ ثُمَّ إنَّ اللهَ هو الذي حينما يشآءُ يُنشِرُهُ يوم القيامَه ،

( ‌كَلاّ لَمّا يَقضِ ما أمَرَه )

و‌ مَعَ ذلك كلِّهِ لَم يَمتَثِل الإنسانُ الكافِرُ ما أمَرَهُ اللهُ‌ مِن وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) و لَم يُطعِهُم و لَم يَتَشَيَّع لهُم و لم يُسَلِّمهُمُ الخِلافَةَ ،

( فليَنظُرِ الإنسانُ إليٰ طَعامِهِ‌‌ )

فَليَنظُرِ الإنسانُ نَظَر تَفَكُّرٍ و تَدَبُّرٍ إليٰ طَعامِهِ الرّوحيّ و الفِكريّ و العَقيديّ و طعامِهِ الجِسميّ و لِيَختارَ السَّليمَ و يَدَعَ السَّقيم ،

( أنّا صَبَبْنا الماءَ صَبّاً ، ثُمَّ شَقَقْنا الأرضَ‌ شَقّاً ، فَأنبَتنا فيها حَبّاً و عِنَباً و قَضباً )

و لِيَعلَمِ الإنسانُ أنّا بِفَضلِنا صَبَبْنا الماءَ مِنَ‌ السّماءِ عليهِ صَبّاً ثُمَّ شَقَقنا الأرضَ بالزَّرعِ شَقّاً‌ فأنبَتنا فيها حُبوباً يأكلَها والعِنَبَ و الرُّطَب ،

( و زيتوناً و نَخلاً ، و حدائِقَ غَلباً و فاكِهَةً و أبّاً )

و أنبَتنا فيها زيتوناً و نَخيلاً و تموراً و حدائِقَ و بساتينَ كثيرةَ الأشجارِ و الأزهارِ و الثِّمارِ و فاكِهَةً و مَرتَعاً‌ لَم يَعرِفُهُ أبوبَكرٌ و أعلَنَ جَهلَهُ بِهِ ،

(‌ مَتاعاً لكُم و لأِنعامِكُم )

و لَم يَفهَمِ الخَليفَةُ الجاهِلُ مَعنيٰ الأَبّا فَإنّ اللهَ عَقَّبَ ذلك بِقولِهِ مَتاعاً‌ لكُم هِيَ الحَبُّ والزّيتونُ و الفواكِهُ و لأِنعامِكُم هِيَ الأبّ فما أجهَلَهُ بالقرآن .

( فإذا جاءَتِ الصّاخَّةُ ، يومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أخيهِ و اُمِّهِ و أبيهِ و صاحِبَتِهِ و بَنيه )

فحينما تَجييءُ صَيْحَة القِيامَةِ الّتي تَصُخُّ آذانَ المُنافِقين فيَومَئِذٍ يَفِرُّ المَرءُ المُنافِقُ عَدوُّ آل مُحمّدٍ (ص) مِن أخيهِ و.اُِمّهِ و أبيهِ و صاحِبَتِهِ و بَنيهِ يُنادي و انفَساهُ ،

( لِكُلِّ امرِءٍ مِنهُم يَومَئِذٍ شَأنٌ يُغنيهِ )

لِكُلِّ فَردٍ مِنَ المُنافِقينَ يوم القيامَةِ شأنٌ لِوَحدِهِ يُشغِلُهُ عَن غَيرِهِ يُفَكِّرُ في نَجاةِ نَفسِهِ مِنَ العَذابِ و هَيْهات ،

( وُجوهٌ يَومَئِذٍ مُسفِرَةٌ )

وُجوهٌ لِشيعَةِ آل محمّدٍ يوم القيامَة ويوم الصّاخَّةِ مُبتَشَّةٌ‌ مُضيئَةٌ‌ بِنورِ الوِلايَةِ واثِقَةٌ بِشَفاعَةِ أهل البيت (ع)

( ضاحِكةٌ مُستَبشِرَةٌ‌‌ )

و يومَئِذٍ تَكونُ وجوهُ شيعة أهل البَيْت مِنَ الفَرَحِ والسُّرورِ بالفَوز و الفَلاحِ مُبتَسِمَةٌ ضاحِكةٌ يُبَشِّرُ بعضُهُم البَعْضَ بالجَنّةِ ،

( وَ وُجوهٌ يومَئِذٍ عليها غَبَرَةٌ تَرهَقُها قَتَرةٌ )

وَ‌ وُجوهٌ يوم القيامَةِ لِلمُنافِقينَ مُخالِفي أهل البَيْتِ (ع) يكونُ عَليها غُبارٌ مِنَ الذُّلِّ و العارِ و الخِزيِ تَغشاها الظُلمَةُ والسَّوادُ والبُؤس ،

( أولئِك هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَة )

أولئِك أصحابُ الشِّمالِ و أصحابُ النّارِ و العَذابِ المُسوَدَّةِ وُجوهُهُم هُمُ الذين كانوا في الدّنيا نَواصِبَ كَفَرةً و أعداءً لآِلِ مُحمّدٍ (ص) و فَجَرَةً بالفُجور .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1201-1198 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *