(77)
سورة النّازِعات
بِإسمِ ذاتِيَ ذي الجَلالِ و الكَمالِ خالِقِ الأرواحِ و الأشباحِ والإصباح و بإسمِ رحمانيَّتيَ الواسِعَةِ و رحيميَّتيَ الخاصَّةِ بالمُؤمِنين اُوحي :
قَسَماً بِمَلائِكَتيَ المُوكَّلَةِ لِقَبضِ أرواحِ أعداءِ آلِ مُحمّدٍ (ص) الكُفّار ، و المُنافِقينَ تَنزَعُها بِعُنفٍ و شِدَّةٍ و غَضَبٍ و غَيْظٍ ،
و قَسَماً بِمَلائِمكَةِ رَحمتيَ المُوَكَّلينَ لِإئتِمانِ أرواحِ شيعَةِ آل مُحمّدٍ (ص) بِسُرورٍ و فَرَحٍ و نِشاطٍ بِشَمِّ وَردٍ أو عِطرٍ مُنَشِّطٍ ،
و قَسَماً بِملائِكَتيَ المُقرَّبينَ السّابِحين الطّائِرينَ حَوْلَ العَرشِ المُحدِقينَ بِعَرشِ قُدرَةِ اللهِ يَطوفونَ حَوْلَهُ سَبحاً ،
و قَسَماً بِمَلائِكَتِيَ السّابقاتِ بِأرواحِ المُؤمِنينَ المُوالِينَ لِمُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ إليٰ الجَنَّةِ فَتَسبِقُ بِهِم أرواحَ غَيرِهِم سَبقاً .
و قَسَماً بِالمَلائِكَةِ العِظامِ كَجَبرَئِيلَ و ميكائِيلَ و دَردَائِيلَ و إسرافيل المُوَكَّلهِ بِتَدبيرِ الأقدارِ و الأرزاقِ و الآجالِ و الأعمارِ و إنزالِها لَيْلَةَ القَدرِ عليٰ إمامِ الزَّمانِ المَعصومِ (ع) ،
فَقَسماً بِكُلّها سَيأتي يَومٌ تَرجُفُ فيهِ الأرض الرّاجِفَةُ و تَهتَزُّ و تُزَلزَلُ ثُمَّ تَتَبَعُ الرَّجفَةَ والهَزَّةَ القِيامَةُ الرّادِفَةُ لِلأمواتِ في الحَشر ،
فيَومَئِذٍ ستكونُ قلوبٌ خائِفَةٌ مُضطَرِبَةٌ و هيَ قُلوبُ أعداءِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و تكونُ أبصارُهُم غاضَّةٌ مُنتَكِسَةٌ ذَليلَةٌ ،
يقولونَ المُنافِقونَ إستهزاءً هَل إنّا سَوفَ نُرَدُّ أحياءً في حُفرَتِنا ؟ و قُبورِنا بَعدَ أن كُنّا عِظاماً بالِيَةً كما يقولُ مُحمّدٌ ؟ ثُمَّ قالوا : إن كانَ كما يَقولُ فَتِلكَ إذاً رَجعَةٌ لَنا خاسِرَةٌ ،
فَلَيْسَت الكَرَّةُ إلاّ هِيَ زَجرَةٌ و نَفخَةٌ واحِدَةٌ بِمَشيئَتِنا فإذا هُم عليٰ أثَرها يُحشَرونَ مِن حُفرَتِهم بالسّاهِرَة مَيدان الحَشرِ الصّافِيَه ،
فيا حبيبي إنَّ لِكُلِّ موسيٰ فرعون زمانه فَهل أتاكَ حديثُ قِصَّةِ تاريخِ موسيٰ بن عمران ؟ إذ ناداهُ اللهُ في الوادي الغَريِّ المُقدَّسِ البَعيدِ عَن سينآء مُكلِّفاً ،
إذهب يا موسيٰ إليٰ فرعون مصر إنّه طغيٰ و تجبَّر و ادَّعيٰ الرُّبوبيَّة فقل له يا فرعون هل لكَ إستعدادٌ إليٰ أن تَتَزَكّيٰ مِنَ الكُفر و اُرشِدُكَ إليٰ خالقك فتَخافَهُ مِن إدّعاءِكَ الرُّبوبيَّةَ ؟ ،
فأراهُ المُعجِزة الإلـٰهيَّة و الآيةَ العظيمةَ عليٰ صِحَّةِ دَعواهُ و رِسالَتِهِ عَصاهُ الّتي بِيَدِهِ فكذّب بذلكَ فرعونُ و عصيٰ اللهَ ثُمَّ أعرَضَ عن موسيٰ يَسعيٰ نَحوَ السَّحَره ،
فَجَمَعَ النّاسَ و السَّحَرَةَ فناديٰ بِأعليٰ صَوتِهِ مُعلِناً يا شَعبَ مِصر أنا ربّكُم الأعليٰ دَرَجَةً و قُوَّةً مِن رَبِّ موسيٰ ،
فَنَتيجَة لذلك أخَذَ اللهُ فرعونَ بِعقابِ الدُّنيا و الآخِرَةِ فأغرَقَهُ في النّيل ثُمَّ أدخَلَهُ الجَحيمَ إنَّ في ذلِكَ لَعِبرَةً لِمَن يَخاف نَكالَ اللهِ و عِقابِهِ فيُوالي عليّاً (ع) ،
هَل أنتُم يا أعداءَ آلِ مُحمّدٍ (ص) أصعَبُ خِلقَةً و إيجاداً عليٰ اللهِ ، أمِ السَّماء الّتي بَناها فَرَفَعَ سُمكَ مَجرّاتِها فَعَدّلَها بالجاذِبيَّةِ و أظلَمَ لَيْلَ سماءِ الأرضِ و أخرَجَ ضُحاها بالشَّمس ،
ثُمَّ الأرضَ بَعدَ تَسوِيَةِ المَجَرَّة دحاها و بَسَطها مِن تَحتِ الكَعبَةِ و أخرَجَ مِنها عِيونَ ماءِها و مَراعيها و الجِبالَ أثبَتَها أوتاداً كُلّ ذلِكَ مِتعَةً لكُم و لِأنعامِكُم الثَّلاثَةِ و غيرها ،
فَتَذَكّروا حينَما تَجييءُ الدّاهِيَةُ الدَّهاءُ القِيامَة الّتي تَطُمّ الدَّواهي فَفي ذلِكَ اليَوْم يَتَذَكَّرُ الإنسانُ ما سَعيٰ في الدّنيا نَحوَ خَيْرٍ أو شَرٍِّ و اُبرِزَت جَهنَّمُ بِنِيرانِها لِلنُّظّارِ ،
فيَومئذٍ فكلُّ مَن طَغيٰ و عَصيٰ اللهَ و لَم يُوالِ محمّداً و آل محمدٍ (ص) و آثَرَ شَهَواتِ الحياةِ الدُّنيا عليٰ الآخِرَة فإنَّ الجَحيمَ هِيَ المَسكَنُ و المَلجَأُ لَهُ حَتماً ،
و أمّا حالُ مَن خافَ مَقامَهُ أمامَ رَبِّه يوم القيامَةِ و نَهيٰ نَفسَهُ عنِ الهَويٰ المُحَرَّمَةِ فإنَّ الجَنَّةَ هي مأواهُ و مَقَرُّهُ ،
يا رَسولَ الله إنَّ اُمَّتِكَ يسألونَكَ عَن مَوعِدِ السّاعَةِ و القيامَةِ مَتيٰ يكون رُسُوُّها وَ وُقوعُها وَ حُدوثُها ؟؟،
فأجِبْ يا حبيبي هذا السّائِل عَنِ السّاعَةِ و قُل لَهُ فِيمَ أنتَ و ما يُفيدُكَ ذِكريٰ السّاعَةِ و مَوعِدها ؟ إليٰ اللهِ مُوْكولٌ إعلان مُنتهيٰ وَقتها ،
فَلَسْتَ أنتَ يا رسولَ اللهِ إلاّ مُنذِرٌ بِها مَن يَخافَها و يَخشيٰ حِسابَها و عِقابَها و أما تَحديدُ ساعَتِها فَلَيْسَ مِن واجِبِكَ و لا تُخبِر بِهِ ،
كأنَّ حالُهُم يَوْمَ يَرَوْنَ القِيامَة أنَّهُم لَم يَلبَثوا في قُبورِهِم أمواتاً سِويٰ بِمِقدارِ لَيْلَةٍ أو ضَحوَةِ نَهارٍ فَلِماذا يَسألونَ عَن وَقتِها ؟ .
نشر في الصفحات 1471-1468 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی