(51)
سورة المُلك
بإِسمِ ذاتِيَ السُّلطانيّ الَّذي أزِمَّةُ الاُمورِ كُلّها بِيَدي مالِكَ المُلكِ الحَقيقيّ و بِإسمِ رحمانِيَّتي و رحيميَّتي اُوحي إليك :
تعاظَمَت بَرَكَةُ اللهِ الّذي بِيَدِهِ مَلَكوتِ السّماواتِ و الأرضِ و مِلكُها الحقيقيّ المُطلَق الدّائِم أزَلاً و أبَداً و تَزايَدَت خَيراتُهُ لِخَلقِهِ و هو عليٰ كُلِّ شييءٍ أرادَ بَرَكَتَهُ قَديرٌ ،
هو الّذي بِبَرَكَتِهِ خَلَقَ المَوتَ في الدُّنيا لِلأحياءِ كَي يَتَخَلَّصوا مِنَ القَفَصِ المادِّيِّ و السِّجنِ النّاسوتي و خَلَقَ الحَياةَ بِبَرَكتِهِ لِيَختَبِرَكُم أيُّكم أحسَنُ عَمَلاً و طاعَةً لهُ و هو العزيزُ الغفورُ لكُم ،
هو الّذي بِبَرَكَتِهِ خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ أطباقاً بَعضُها فَوقَ بَعضٍ بِنظامٍ مُتقَنٍ ما تَريٰ في خَلقِ الرَّحمانِ لها مِن تَفاوُتٍ واختِلافٍ و اختِلالٍ في نِظامِها فأرجِعْ إليها البَصَر هَل تَريٰ مِن شُقوقٍ فيها ؟؟؟
ثُمَّ راجِع البَصَر أيّها الإنسانُ كَرَّةً ثانِيَةً و كَرَّةً ثالِثَةً و تَصَفَّحِ السَّماءَ و الكَواكِبَ و المَجرّات والمَنظومات فاصِحاً عَن خِلَلٍ يَنقَلِب إليكَ البَصرُ فاشِلاً و هوَ عاجِزٌ عن إدراكِ نَقصٍ ،
و بالتأكيدِ كما جَعَلنا في السّماواتِ نُجوماً فَقَد زَيّنا السَّماءَ الدُّنيا بِآلِ مُحمّدٍ (ص) مَصابيحَ الدُّجيٰ و جَعَلناهُم راجِمينَ لِلشّياطينِ و المُنافِقين و أعتَدنا لهُم لَعنَة اللهِ عليهم عذابَ جهنّم السَّعير ،
و لِلّذين كَفروا بِرَبِّهم و لَم يُوالُوا مُحمّداً و آلَ محمّدٍ (ص) عذابُ جَهنَّمَ و بِئسَ المَصيرُ مَصيرُهُم و بِئسَ العذابُ عذابُهُم في جَهنّم ،
حينما يُلقون فيها مُكَبّين عليٰ رُؤسِهم يَسمَعونَ لها صوتَ شهيقٍ تَلتَهِمُ نيرانها كُلّ ما اُلقِيَ فيها و يَرَون أنّها تَفورُ و تَغلي ،
تَكادُ تَتَقَطَّعُ غَضَباً عليهِم مِن شِدَّة الغَيظِ عليهم كُلّما اُلقِيَ فيها فَوجٌ منهُم سَألَهُم خَزَنةُ جهنَّم مالِكٌ و رَبعُهُ ألَم يأتِكُم نَذيرٌ يُنذِركُم مِن أن تُعادوا آلَ مُحمّدٍ ؟
عَن ولايَةِ عليٍّ (ع) ،
فيقولونَ لِخَزَنَةِ جَهنّم نَحنُ لو كُنّا نَسمَعُ سَمعَ إيمانٍ آيات اللهِ النّازِلَةِ بِشَأنِ عليٍّ (ع) أو نَعقِلُ مَعناها لَما كُنّا اليوم في أصحابِ السَّعير نَحتَرِق ،
فَيَعتَرِفونَ في جَهنّم بِذَنبِهم و تَركِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و مُخالَفةِ أهل البَيْت (ع) لكن دونَ جَدويٰ فَبُعداً لأِصحابِ السَّعير مِن رَحمَةِ الله .
و بِالقَطعِ و اليَقينِ والحَتمِ إنَّ الّذين يَخشَونَ رَبَّهم بالغَيبِ و يَخافُونَهُ فَيُوالونَ آلَ محمّدٍ (ص) و يُشايِعونَهُم لهُم مَغفِرَةٌ مِنَ اللهِ و أجرٌ كبيرٌ يوم القيامه ،
فأسِرّوا قولَكُم أيّها المُنافِقونَ و تَتَهامَسون قائِلينَ لا يسمَعُكُم إلـٰهُ مُحمّدٍ أواجهَروا بالقَوْلِ عَليهِ فَهُوَ سوآءٌ عِندَ اللهِ إنّهُ عليمٌ بِخَفايا الصُّدورِ و الأسرارِ والنِيّاتِ و المَقاصِد ،
و كيف لا يكونُ سَواءً عِندَهُ و لا يكونُ عليماً بِذاتِ الصُّدورِ فاسألوا عُقولَكُم ألا يعلَم ذلك مَن خَلَقَ الإنسانَ و الخَلائِقَ و هو اللّطيفُ الخبيرُ بإسرارِ الإنسان ،
إنَّ اللهَ هو الذي جَعَل لكُم أيّها النّاس كُرَةَ الأرضِ ذَليلَةً تَحتَ تَصَرُّفِكم كيفَما أردتُم و سَخَّرها لَكُم فامشُوا في أطرافِها وازرَعوها و كُلوُا مِن رزقِ اللهِ و إليٰ اللهِ يكونُ نُشورَكُم مِنها ،
فَهَل أمِنتُم أيّها المُنافِقونَ مِن اللهِ إلـٰهَ السّماءِ أن يَخسِفَ بِكُمُ الأرضَ فتَبتَلِعُكُم كقارون أو بِزِلزالٍ فحينَئِذٍ فإذا هِيَ تَمورُ و تَهتَزُّ ،
أم أمِنتُم يا مُنافِقينَ مِن عذابِ مَن في السّماءِ مِن جَبّارِ السَّماواتِ و الأرضِ أن يُرسِلَ عليكُم مَطَر الحَصباءِ فَمَن قَريبٍ تَعلَمونَ كيفَ نَذيري إيّاكُم ،
و لَقَد كذَّبَ الّذين كانوا مِن قَبلِ هؤلاءِ المُنافِقينَ الَّذينَ كَذّبوا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و هَلَكوا كعادٍ و ثَمود وَ قومِ لوطٍ فَتذَكّروا كيفَ كانَ نكيري و عَذابي ،
هؤلاءِ المُنافِقون هَل هُم عُميٌ لا يَرونَ الطّيورِ فَوقَهُم في الفَضاءِ صافّاتٍ أجنِحَتَهُنَّ و يَقبِضنَها فلا يَقعَنَ إليٰ الأرضِ ما يُمسِكُهُنَّ إلاّ اللهُ ذوالرَّحمَةِ الشامِلَةِ لِجَميعِ الخَلقِ إنّهُ بِكُلّ شيءٍ أرادَهُ بَصيرٌ ،
أم إنّهُم لَم يَرَوا و لَم يُفَكِّروا مَن هذا الّذي هُو مُدافِعٌ عنكُم مُعينٌ لكُم يَنصُرُكُم مِنَ العَذابِ سِويٰ الله ؟ كَلاّ لا أحَدْ إنِ الكافِرونَ بالوِلايَةِ إلاّ في غُرورٍ و طُغيانٍ ،
أم مَن هو الّذي يَرزُقكم إن أمسَكَ اللهُ الرّازِقُ رِزقَهُ عنكم ؟ كَلاّ لا أحَدَ بل ألَحّوا في طغيانٍ و عُتُوٍّ و اِستِكبارٍ و إعراضٍ عَنِ الحَقّ ،
حَكِّموا عُقولَكُم هَل إنَّ مَن يَمشي مِشيَةً عَميآءَ ساقِطاً عليٰ وَجهِهِ إليٰ الأرضِ أهديٰ لِلسَّيْرِ في طريقِ الهِدايَةِ أم مَن يَمشي باعتِدالٍ يَبصُرُ الطّريقَ المُستقيمَ طريقَ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ؟؟؟
قُل لهم يا حبيبي : إنَّ اللهَ هو الّذي خَلَقكُم و جَعَلَ لكُم السَّمعَ بالاُذنِ و النظر بالأبصار و الوَعيَ بالقلوبِ فاشكروها بالوِلايَةِ و قليلاً ما تشكرون نِعمَة الوِلايَه ،
قُل لهم يا حبيبي : إنّ اللهَ هو الّذي خَلَقَكُم فِي عَالَمِ الذَّرِّ فَأجساداً في الأرضِ فكنتُم ذَرّاتٍ مَنَويّةٍ بعد أن كنتُم أرواحاً في الذَّرِّ ثُمَّ إليهِ بَعدَ الموتِ تُحشَرون ،
و يقولونَ هؤلاء المنافقون مَتيٰ هذا الوَعدُ بالحَشرِ بعدَ المَوتِ إن كنتُم صادِقين في دَعواكُم بِأنّا نُحشَرُ بعدَ المَوت ؟؟
قُل لهم يا حبيبي : إنّما العِلمُ بالسّاعَةِ والحَشرِ و يَوم القيامَةِ مُنحَصِرٌ عند اللهِ و هو الّذي يُطْلِعُ آلَ مُحمّدٍ (ص) بِهِ و إنّما أنا نَذيرٌ لكُم بَيِّنُ الإنذارِ لا أكثَر .
فَلَمّا رأوْا عليّاً (ع) وَ لهُ زُلفةً و قُربيٰ و مَقاماً عند اللهِ ورَسولِهِ و فَضَّلَهُ اللهُ عليهم سِيئَت و قَبُحَت واسوَدَّت وجوهُ المنافقين الّذين كفروا بِوِلايَتِهِ ،
و قيل لهُم والقائِلُ رسولُ اللهُ (ص) هذا الّذي كنتُم بِهِ تَدّعونَ كِذبَهُ و تَدّعونَ أنّي افتَريتُهُ و تَدّعونَ إستحالَتَه ،
قُل لَهُم يا حبيبي : يا تُريٰ لَو أهلَكَنِيَ اللهُ و عَليّاً والزَّهراءَ (ع) حينما تُريدونَ قَتلَنا و إهلاكنا أو يَرحَمنا فَيَدفَعُ كيدكُم عنّا فَمَنِ الّذي يُجيرُ الكافِرين بِوِلايَتِنا مِن إنتِقامِ اللهِ وَ عَذابِهِ الأليم ؟
قُل لَهُم ألّذي يُجيرُنا مِن كَيدِكُم هو الرَّحمانُ آمَنّا بِهِ يقيناً وَ عليهِ تَوكَّلنا في دَفعِ شَرِّكُم و سيَكفينا ذٰلك فَستَعلَمونَ مَن هو في ضَلالٍ بَيِّنٍ نَحنُ أم أنتُم ؟
قُل لَهُم يا تُريٰ لو استُشهِدَ آلُ مُحمّدٍ (ص) و قُتِلوا و غابَ مَهدِيُّهُم عَنكُم و أصبَحَ ماءُ وِلايَتِكُم غَوراً فَلَن تَصِلَ أيديكُم إليهِ فَمَن غير اللهِ يأتيكُم بالمَهديِّ إماماً ظاهِراً و مآءً مَعيناً ؟؟؟
نشر في الصفحات 1197-1191 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی