سورة الغاشِيَة
2017-02-22
سورة أَبّا
2017-02-22

(51)
سورة المُلك

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ )

بإِسمِ ذاتِيَ السُّلطانيّ الَّذي أزِمَّةُ الاُمورِ كُلّها بِيَدي مالِكَ المُلكِ الحَقيقيّ و بِإسمِ رحمانِيَّتي و رحيميَّتي اُوحي إليك :

(‌ تَبارَكَ‌ الّذي بِيَدِهِ المُلكُ‌ و هو عليٰ كلِّ شيءٍ قَديرٌ )

تعاظَمَت بَرَكَةُ اللهِ الّذي بِيَدِهِ‌ مَلَكوتِ السّماواتِ و الأرضِ و مِلكُها الحقيقيّ المُطلَق الدّائِم أزَلاً و أبَداً و تَزايَدَت خَيراتُهُ لِخَلقِهِ و هو عليٰ كُلِّ شييءٍ أرادَ بَرَكَتَهُ قَديرٌ ،

( ألّذي خَلَقَ المَوتَ و الحَياةَ لِيَبلُوَكُم أيُّكم أحسَنُ عَمَلاً و هُوَ العزيزُ الغَفور )

هو الّذي بِبَرَكَتِهِ خَلَقَ المَوتَ في الدُّنيا لِلأحياءِ كَي يَتَخَلَّصوا مِنَ ‌القَفَصِ المادِّيِّ و السِّجنِ النّاسوتي و خَلَقَ الحَياةَ‌ بِبَرَكتِهِ لِيَختَبِرَكُم أيُّكم أحسَنُ عَمَلاً و طاعَةً لهُ و هو العزيزُ الغفورُ لكُم ،

(‌ ألّذي خَلَقَ سَبعَ سماواتٍ طِباقاً ما تَريٰ في خَلقِ الرَّحمٰنِ مِن تَفاوُتٍ فارِجِع البَصَر هَل تَريٰ مِن فُطورٍ )

هو الّذي بِبَرَكَتِهِ خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ أطباقاً بَعضُها فَوقَ بَعضٍ بِنظامٍ مُتقَنٍ ما تَريٰ في خَلقِ الرَّحمانِ لها مِن تَفاوُتٍ واختِلافٍ و اختِلالٍ في نِظامِها فأرجِعْ إليها البَصَر هَل تَريٰ مِن شُقوقٍ فيها ؟؟؟

( ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَينِ يَنقَلِب إليكَ البَصَرُ خاسِئاً و هو حَسيرٌ )

ثُمَّ راجِع البَصَر أيّها الإنسانُ كَرَّةً ثانِيَةً و كَرَّةً ثالِثَةً و تَصَفَّحِ السَّماءَ و الكَواكِبَ و المَجرّات والمَنظومات فاصِحاً عَن خِلَلٍ يَنقَلِب إليكَ البَصرُ فاشِلاً و هوَ عاجِزٌ عن إدراكِ نَقصٍ ،

(‌ و لَقَد زَيَّنا السّماءَ الدُّنيا بِمصابيحَ و جَعَلناها رُجوماً لِلشّياطينِ و أعتَدنا لَهُم عَذابَ السَّعير )

و بالتأكيدِ ‌كما جَعَلنا في السّماواتِ‌ نُجوماً فَقَد زَيّنا السَّماءَ الدُّنيا بِآلِ مُحمّدٍ (ص) مَصابيحَ الدُّجيٰ و جَعَلناهُم راجِمينَ لِلشّياطينِ و المُنافِقين و أعتَدنا لهُم لَعنَة اللهِ عليهم عذابَ جهنّم السَّعير ،

( و لِلّذين كفَروا بِرَبِّهم عَذابُ جَهنّمَ و بِئسَ المَصير )

و لِلّذين كَفروا بِرَبِّهم و لَم يُوالُوا مُحمّداً و آلَ محمّدٍ (ص) عذابُ جَهنَّمَ و بِئسَ المَصيرُ مَصيرُهُم و بِئسَ العذابُ عذابُهُم في جَهنّم ،‌

(‌ إذا اُلقوا فيها سَمِعوا لَها شَهيقاً و هِيَ تَفورُ )

حينما يُلقون فيها مُكَبّين عليٰ رُؤسِهم يَسمَعونَ لها صوتَ شهيقٍ تَلتَهِمُ نيرانها كُلّ ما اُلقِيَ فيها و يَرَون أنّها تَفورُ و تَغلي ،

(‌ تَكادُ تَميَّزُ مِنَ الغَيظِ كُلّما اُلقِيَ فيها فَوجٌ سَأَلَهُم خَزَنَتُها ألَم يأتِكُم نذير؟ )

تَكادُ تَتَقَطَّعُ غَضَباً عليهِم مِن شِدَّة الغَيظِ عليهم كُلّما اُلقِيَ فيها فَوجٌ منهُم سَألَهُم خَزَنةُ جهنَّم مالِكٌ و رَبعُهُ ألَم يأتِكُم نَذيرٌ يُنذِركُم مِن أن تُعادوا آلَ مُحمّدٍ ؟

( قالوا بَليٰ قَد جاءَنا نذيرٌ فكَذّبنا و قُلنا ما نَزَّلَ اللهُ مِن شيءٍ إن أَنتُم إلاّ في ضَلالٍ كَبيرٍ )

عَن ولايَةِ عليٍّ (ع) ،

( و قالوا لو كُنّا نَسمَعُ أو نَعقِلَُ ما كُنّا في أصحابِ السَّعير )

فيقولونَ لِخَزَنَةِ جَهنّم نَحنُ لو كُنّا نَسمَعُ سَمعَ إيمانٍ آيات اللهِ النّازِلَةِ‌ بِشَأنِ عليٍّ (ع) أو نَعقِلُ مَعناها لَما كُنّا اليوم في أصحابِ السَّعير نَحتَرِق ،

(‌ فاعتَرَفوا بِذَنبِهِم فَسُحقاً لأِصحابِ السَّعير )

فَيَعتَرِفونَ في جَهنّم بِذَنبِهم و تَركِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و مُخالَفةِ أهل البَيْت (ع) لكن دونَ جَدويٰ فَبُعداً لأِصحابِ السَّعير مِن رَحمَةِ الله .

(‌ إنَّ الّذين يَخشَون رَبّهمُ بالغَيْبِ لَهُم مَغفِرَةٌ و أجرٌ كبيرٌ )

و بِالقَطعِ و اليَقينِ والحَتمِ إنَّ الّذين يَخشَونَ رَبَّهم بالغَيبِ و يَخافُونَهُ فَيُوالونَ آلَ محمّدٍ (ص) و يُشايِعونَهُم لهُم مَغفِرَةٌ مِنَ اللهِ و أجرٌ كبيرٌ يوم القيامه ،

(‌ وَ أسِرّوا قولَكُم أو اجهَروا بهِ إنّهُ عليمٌ بذاتِ الصُّدور )

فأسِرّوا قولَكُم أيّها المُنافِقونَ و تَتَهامَسون قائِلينَ لا يسمَعُكُم إلـٰهُ مُحمّدٍ أواجهَروا بالقَوْلِ عَليهِ فَهُوَ سوآءٌ عِندَ اللهِ إنّهُ عليمٌ بِخَفايا الصُّدورِ و الأسرارِ والنِيّاتِ و المَقاصِد ،

(‌ ألا يَعلَمُ مَن خَلَقَ و هُوَ اللّطيفُ الخبير ؟)

و كيف لا يكونُ سَواءً عِندَهُ و لا يكونُ عليماً بِذاتِ الصُّدورِ فاسألوا عُقولَكُم ألا يعلَم ذلك مَن خَلَقَ الإنسانَ و الخَلائِقَ و هو اللّطيفُ الخبيرُ بإسرارِ الإنسان ،

( ‌هو الذي جَعَل لكُمُ الأرضَ ذَلولاً فامشُوا في مَناكِبِها و كُلوا مِن رزقِهِ و إليهِ النُّشور )

إنَّ اللهَ هو الذي جَعَل لكُم أيّها النّاس كُرَةَ الأرضِ ذَليلَةً تَحتَ تَصَرُّفِكم كيفَما أردتُم و سَخَّرها لَكُم فامشُوا في أطرافِها وازرَعوها و كُلوُا مِن رزقِ اللهِ و إليٰ اللهِ يكونُ نُشورَكُم مِنها ،

( ءَ أمِنتُم منَ السَّماء أن يَخسِفَ بِكُمُ الأرضَ فإذا هِيَ تَمور )

فَهَل أمِنتُم أيّها المُنافِقونَ مِن اللهِ إلـٰهَ ‌السّماءِ أن يَخسِفَ بِكُمُ الأرضَ فتَبتَلِعُكُم كقارون أو بِزِلزالٍ فحينَئِذٍ فإذا هِيَ تَمورُ و تَهتَزُّ ،

( أم أمِنتُم مَن في السّماءِ أن يُرسِلَ عليكُم حاصِباً فسَتَعلَمون كيفَ نَذير )

أم أمِنتُم يا مُنافِقينَ مِن عذابِ مَن في السّماءِ مِن جَبّارِ السَّماواتِ‌ و الأرضِ أن يُرسِلَ عليكُم مَطَر الحَصباءِ فَمَن قَريبٍ تَعلَمونَ كيفَ نَذيري إيّاكُم ،

(‌ و لَقَد كَذَّبَ الّذين مِن قَبلِهِم فَكيفَ كانَ نَكيرِ )

و لَقَد كذَّبَ الّذين كانوا مِن قَبلِ هؤلاءِ المُنافِقينَ الَّذينَ كَذّبوا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و هَلَكوا كعادٍ‌ و ثَمود وَ قومِ لوطٍ فَتذَكّروا كيفَ كانَ نكيري و عَذابي ،

(‌ أوَلَم يَرَوا إليٰ الطَّيْرِ فَوقَهُم صافّاتٍ‌ و يَقبِضنَ ما يُمسِكُهُنَّ إلاّ الرَّحمٰن إنّهُ بِكُلِّ شيءٍ بصير )

هؤلاءِ المُنافِقون هَل هُم عُميٌ لا يَرونَ الطّيورِ فَوقَهُم في الفَضاءِ صافّاتٍ أجنِحَتَهُنَّ و يَقبِضنَها فلا يَقعَنَ إليٰ الأرضِ ما يُمسِكُهُنَّ إلاّ اللهُ ذوالرَّحمَةِ الشامِلَةِ لِجَميعِ الخَلقِ إنّهُ بِكُلّ شيءٍ أرادَهُ بَصيرٌ ،

(‌ أمَّن هذا الّذي هو جندٌ يَنصُركُم مِن دونِ الرَّحمٰن إنِ الكافِرونَ إلاّ في غُرورٍ )

أم إنّهُم لَم يَرَوا و لَم يُفَكِّروا مَن هذا الّذي هُو مُدافِعٌ عنكُم مُعينٌ لكُم يَنصُرُكُم مِنَ العَذابِ سِويٰ الله ؟ كَلاّ لا أحَدْ إنِ‌ الكافِرونَ بالوِلايَةِ إلاّ في غُرورٍ و طُغيانٍ ،

( أمَّن هذا الّذي يَرزُقُكم إن أمسَكَ رِزقَهُ  بَل لَجّوا في عُتُوٍّ و نُفور )

أم مَن هو الّذي يَرزُقكم إن أمسَكَ اللهُ الرّازِقُ رِزقَهُ عنكم ؟ كَلاّ لا أحَدَ بل ألَحّوا في طغيانٍ و عُتُوٍّ و اِستِكبارٍ و إعراضٍ عَنِ الحَقّ ،

( أفَمَن يَمشي مُكِبّاً عليٰ وَجهِه أهديٰ أم مَن يَمشي سَويّاً عليٰ صِراطٍ مُستَقيمٍ )

حَكِّموا عُقولَكُم هَل إنَّ مَن يَمشي مِشيَةً عَميآءَ ساقِطاً عليٰ وَجهِهِ إليٰ الأرضِ أهديٰ لِلسَّيْرِ في طريقِ الهِدايَةِ أم مَن يَمشي باعتِدالٍ يَبصُرُ الطّريقَ المُستقيمَ طريقَ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ؟؟؟

( قُل هُو الّذي أنشَأكُم و جَعَلَ لَكُم السَّمعَ و الأبصارَ و الأفئِدَةَ قَليلاً ما تشكرون )

قُل لهم يا حبيبي : إنَّ اللهَ هو الّذي خَلَقكُم و جَعَلَ لكُم السَّمعَ بالاُذنِ و النظر بالأبصار و الوَعيَ بالقلوبِ فاشكروها بالوِلايَةِ و قليلاً ما تشكرون نِعمَة الوِلايَه ،

(‌ قُل هو الّذي ذَرَأَكُم في الأرضِ و إليهِ تُحشَرون )

قُل لهم يا حبيبي : إنّ اللهَ هو الّذي خَلَقَكُم فِي عَالَمِ الذَّرِّ فَأجساداً في الأرضِ فكنتُم ذَرّاتٍ مَنَويّةٍ بعد أن كنتُم أرواحاً في الذَّرِّ ثُمَّ إليهِ بَعدَ الموتِ تُحشَرون ،

( و يقولونَ مَتيٰ هذا الوَعدُ إن كنتُم صادِقين )

و يقولونَ هؤلاء المنافقون مَتيٰ هذا الوَعدُ بالحَشرِ بعدَ المَوتِ إن كنتُم صادِقين في دَعواكُم بِأنّا نُحشَرُ بعدَ المَوت ؟؟

( قُل إنّما العِلمُ عِندَ اللهِ و إنّما أنا نَذيرٌ مُبينٌ )

قُل لهم يا حبيبي : إنّما العِلمُ بالسّاعَةِ والحَشرِ و يَوم القيامَةِ مُنحَصِرٌ عند اللهِ و هو الّذي يُطْلِعُ آلَ مُحمّدٍ (ص) بِهِ و إنّما أنا نَذيرٌ لكُم بَيِّنُ الإنذارِ لا أكثَر .

( فَلمّا رَأوْهُ زُلفَةً سيئَت وُجوهُ الّذينَ كفروا )

فَلَمّا رأوْا عليّاً (ع) وَ لهُ زُلفةً و قُربيٰ و مَقاماً عند اللهِ ورَسولِهِ و فَضَّلَهُ اللهُ عليهم سِيئَت و قَبُحَت واسوَدَّت وجوهُ المنافقين الّذين كفروا بِوِلايَتِهِ ،

(‌ و قيلَ هذا الّذي كنتُم بِهِ تَدّعون )

و قيل لهُم والقائِلُ رسولُ اللهُ (ص) هذا الّذي كنتُم بِهِ‌ تَدّعونَ كِذبَهُ و تَدّعونَ أنّي افتَريتُهُ و تَدّعونَ إستحالَتَه ،

(‌ قُل أرايتُم أهلَكَنِيَ اللهُ وَ مَن مَعِيَ أو رَحِمَنا فَمَن يُجيُر الكافِرينَ مِن عذابٍ أليمٍ )

قُل لَهُم يا حبيبي : يا تُريٰ لَو أهلَكَنِيَ اللهُ‌ و عَليّاً والزَّهراءَ (ع) حينما تُريدونَ قَتلَنا و إهلاكنا أو يَرحَمنا فَيَدفَعُ كيدكُم عنّا فَمَنِ الّذي يُجيرُ الكافِرين بِوِلايَتِنا مِن إنتِقامِ اللهِ وَ عَذابِهِ الأليم ؟

( قُل هُو الرَّحمانُ آمنّا بِهِ و عليهِ توکّلنا فَستَعلَمونَ منَ هُوَ في ضَلالٍ مُبين )

قُل لَهُم ألّذي يُجيرُنا مِن كَيدِكُم هو الرَّحمانُ آمَنّا بِهِ يقيناً وَ عليهِ تَوكَّلنا في دَفعِ شَرِّكُم و سيَكفينا ذٰلك فَستَعلَمونَ مَن هو في ضَلالٍ بَيِّنٍ نَحنُ أم أنتُم ؟

(‌ قُل أرَايتُم إن أصبَحَ مآؤكم غَوراً فَمَن يأتيكُم بِماءٍ مَعينٍ )

قُل لَهُم يا تُريٰ لو استُشهِدَ آلُ مُحمّدٍ (ص) و قُتِلوا و غابَ مَهدِيُّهُم عَنكُم و أصبَحَ ماءُ وِلايَتِكُم غَوراً فَلَن تَصِلَ أيديكُم إليهِ فَمَن غير اللهِ يأتيكُم بالمَهديِّ إماماً ظاهِراً و مآءً مَعيناً ؟؟؟

( صَدَقَ اللهُ العليُّ العظيم )


نشر في الصفحات 1197-1191 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *