(50)
سورة الغاشِيَة
بإِسمِ ذاتِ جَلالَتيَ القُدسيّة الرُّبوبيّة إلالـٰهيّةِ و بإسمِ رحمانيّتِيَ الواسِعَة و رحيميّتِيَ الخاصّة اُوحي إليكَ :
هَل أتاكَ يا حبيبي بِواسِطَةِ جبرَئيلَ أمين الوَحي أو الرُّسُل قَبلَكَ أو مُشاهِداتِكَ لَيلَةَ المِعراجِ خَبَرُ القيامَةِ الغاشِيَةِ بأحوالِها المُنافقين ؟
فَخَبرُها هُوَ أنَّهُ وجوهٌ ناعِمَةٌ مُترِفَةٌ في الدّنيا سَتكونُ يَومَئِذٍ ذليلةٌ مُسوَدَّةٌ مُطاَطِئَةٌ كانَت عامِلَة بِظُلمِ آل مُحمّدٍ (ص) ناصِبَةٌ العِداءَ لهُم في الدّنيا ،
فوجوهُ النّواصِبِ تَصليٰ ناراً حامِيَةً في جَهنَّم و تُسقيٰ مِن عينٍ مَصهورَةٍ مِن صَديدِها ليسَ لهُم طعامٌ فيها إلاّ مِن القَتادِ و الشَّوْكِ المُرِّ لا يُسمِنُ آكِلُهُ و لا يُغني مِن جوعٍ
و مِن خَبَرِ القِيامَة أنَّ وجوهاً يومَئِذٍ ناعِمَةٌ بِنِعَمِ اللهِ مُشرِقَةٌ بأنوارِ آل مُحمّدٍ و نورِ وِلايَتِهم لِسَعيِها في الدَُّنيا وراءَ آل مُحمّدٍ (ص) راضِيَةٌ يومَذاك ،
فَتِلكَ الوجوهُ لِشيعَةِ آل مُحمّدٍ يومَئِذٍ في جَنّةٍ عالِيَةِ في جِوارِ آلِ مُحمّدٍ (ص) في مَقعَدِ صِدقٍ عِندَ مَليكٍ مُقتَدِرٍ و تِلكَ الوُجوهُ لا تَسمَعُ في الجَنَّة لغوَ لاغِيَةٍ ،
و في الجَنَّةِ العالِيَةِ لِشيعَةِ آل مُحمّدٍ عينٌ جارِيَةٌ باللَّبَن و العَسَل و السَّلسَبيل و شَراباً طهوراً و فيها أسِرَّةٌ مَرفوعَةٌ شَكلاً و مَعنيًٰ و لهُم فيها أكوابٌ مَوضوعَةٌ لديٰ السَّلسبيل لِيَشرَبوا بِها ،
و لهُم فيها نَمارِقُ و وَسائِدُ مُصَفّاةٌ مُهيّاةٌ لِجُلوسِهِم عَليها و لهُم فيها زَرابِيُّ و طَنافِسُ مِنَ البِساطِ الحَريريِّ النّاعِمِ مَبسوطَةٌ مَفروشَةٌ لهُم ،
فَهَل يُنكِر المُنافِقون كُلّ ذلكَ أفَلا ينظُرونَ إلي قُدرَةِ اللهِ في خَلقِ الإبِل كيفَ خُلِقَت لِلإنسانِ لِيَحمِلَ عليها و يَشرَبَ لَبَنها و يأكُلَ لحومَها و هيَ بَعَظَمَتِها ليسَ لها كِليٰ و تَتَحمَّلُ العَطَش و تَقتاتُ الشَّوكَ و تَعبُرُ رِمالَ الصَّحراء وَوَوَوَوَ ألخ
أفَلا ينظرونَ إليٰ عَظَمةِ السَّماءِ بِأفلاكِها و مَنظوماتِها و مَجرّاتِها كَيفَ رَفَعَها اللهُ بِقُدرَتِهِ و إليٰ الجِبالِ الشّامِخاتِ الرّاسِياتِ الشّاهِقاتِ كيفَ نَصَبها اللهُ بِقُدرَتِهِ ،
أفلا يَنظرونَ إليٰ الأرضِ كَيفَ بَسطَ اللهُ سَطحَها لكُم مَعَ أنّها كُرَويّةٌ لِتَحرَثوها وتَزرَعوها فلَو كانَت كلّها جَبَلِيّة لما تَمكّنتُم مِن ذلك ،
فَذَكِّر يا رسولَ اللهِ اُمّتَكَ بِوُجوبِ وِلايَةِ أهل بَيتِك (ع) إنّما أنتَ مُذَكِّرٌ لهُم فَحَسب و ليسَ عليكَ شييءٌ إن لَم يَتَذكَّروا ، لَستَ عليهِم بِمُسَلَّطٍ تُجبِرُهُم عليها ،
إلاّ أنّكَ مُسَلّطٌ عليٰ مَن تَولّيٰ و أعرَضَ عَن بَيْعَةِ عليٍّ (ع) يوم الغديرِ و كَفَر فَيَجِبُ أن تَقتُلَهُ لِارتِدادِهِ فيُعذِّبُهُ اللهُ العَذابَ الأكبَر يوم القيامَه ،
بالقَطعِ و اليَقينِ والتّأكيد أنَّ إلينا رُجوعَ اُمّتِكَ بعدَ المَوتِ ثُمَّ إنَّ عَلينا حِسابَهُم فَنَسألُهُم عَن وِلايَةِ عليّ بن أبيطالبٍ وَ وُلدِهِ (ع) .
نشر في الصفحات 1190-1188 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی