(103)
سورة المُرسَلات
بِإسمِ ذاتِيَ الحَكَمُ العَدلُ الجَبّارُ المُنتَقِمُ وَ بِإسمِ رَحمانيَّتِيَ الواسِعَةِ وَ رَحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بعِبادِيَ المُؤمنين اُوحي :
قَسَماً بالمَلائِكَة المُرسَلاتِ مِنَ السّماءِ إليٰ الأرضِ لأِداءِ المَعروفِ والخَيْرِ وَ قَسَماً بِها حينَما تَعصِفُ بالكُفّارِ عَصفاً و تَنشُرُ الخَيْر نَشراً و تَفرُقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالباطِلِ فَرقاً و تُلقي الوَحيَ وَ الآياتِ ذِكراً عليٰ الرُّسُلِ عُذراً أو إنذاراً ،
فَقَسماً بِكُلّ ما ذَكرنا أقول : إنّما تُوعَدونَ أيّها النّاسُ مِنَ المَعادِ و الحِسابِ وَ الميزانِ وَ الصِّراطِ وَ الجَنَّةِ وَ النّارِ سَيَقَعُ حَتماً لا مُحالَةَ ،
وَ مَوعِدُها حينَما تُطمَسُ و تُمحيٰ أنوار النُّجومِ و حينَما تُفرَجُ بانعِدامِ حُدودِ الجاذِبِيَّةِ بَيْنَ كواكِبِ السّماءِ و حينَما تُنسَفُ الجِبالُ فَوْقَ الأرضِ نَسفاً ،
وَ حينَما يَبعَثُ اللهُ الرُّسُلَ في المَحشَرِ في وَقتٍ واحِدٍ لِيَشهَدوا عليٰ اُمَمِهِم عندَ الحِسابِ و نَسألُ تَعظيماً لأِيّ يَومٍ أجَّلَ اللهُ الحِسابَ ،
فَنُجيبُ لِيَومِ الفَصلِ بَيْنَ الحَقِّ و الباطِلِ و العَدلِ و الظُّلمِ و الخَيْرِ و الشَّرِّ و ما أدراكَ ما عَظَمَةُ يَومِ الفَصلِ أيُّها المُكَذِّبُ بالوِلايَةِ وَيْلٌ و عَذابٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذِّبينَ بالوِلايَةِ ،
نُقَرِّرُ ألَم نُهلِكِ الأوّلينَ الَّذين كَذَّبوا رُسُلَهُم ثُمَّ ألَم نُتبِعُهُم بالآخَرينَ المُكَذِّبين ؟ فَكذلِكَ سَنفَعَلُ بالمُجرِمينَ المُكَذِّبينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ الطّاهرين وَيْلٌ يَومَئذٍ لِلمُكَذِّبينَ بِوِلايَتِهِم ،
و نُقَرِّرُ ألَم نَخلُقكُم مِن نُطفَةِ مَنيٍّ ماءٍ ضَعيفٍ فَجَعلناهُ في الرَّحِمِ في قَرارٍ حَريزٍ إليٰ أمَدٍ مَعلومٍ فَقَدرنا لَكُم النُّمُوَّ والتَّكامُلَ و الوِلادَةَ فَنِعمَ القادِرونَ نَحنُ ، وَيْلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكذِّبينَ بالوِلايَه ،
وَ نُقَرِّر ألَم نَجعَلِ الأرضَ جاذِبَةً لَكُم تَضُمُّكُم أحياءً و أمواتاً و جَعَلنا فيها الجِبالَ راسِياتٍ شامِخاتٍ عالِياتٍ حِفظاً مِنَ الهَزَّاتِ و أسقَيْناكُم ماءً عَذباً وَيْلٌ يَومَئذٍ لِلمُكذِّبينَ بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص)
فُيخاطِبُهُم الجَليلُ جَلَّ و عَلا يَومَئذٍ إنطَلِقوا أيّها المُنافِقونَ إليٰ قَسيمِ النّارِ وَالجَنَّةِ عليّ بن أبيطالبٍ و إليٰ ما كنتُم بِهِ تُكَذِّبونَ مِن العَذابِ ،
إنطَلِقوا إلي ظِلٍّ لِلَهَبِ النّارِ ذي ثَلاثِ فِرقَةٍ و شُعبَةٍ مُتَأجِّجَةٍ لِلخُلَفاءِ الثَّلاثَةِ لا ضَليلٍ يُضَلِّلُ عَن حَرارَةِ الشَّمسِ و لا يُغني و لا يَستُرُ مِنَ اللَّهَبِ المُحرِقِ إنّها تَرمي بِشَراراتٍ مُرتَفِعَةٍ كالقُصور ،
كَأنَّ الشَّرَرُ المُرتَفِعُ هُوَ جَمَلٌ أصفَرٌ في عِيرٍ مُتَّصِلٍ يَتلوا بَعضهُ الآخَر ، وَيْلٌ و عَذابٌ و ثُبورٌ يَومَئذٍ لِلمُكذِّبينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،
فَيَومُ الفَصلِ هذا يَومُ لا يَنطِقونَ فيهِ أعداءُ آل مُحمّدٍ و لا يؤذَنُ لَهُم فَيَعتَذِرونَ مِن تَركِ وِلايَتِهِم وَيْلٌ يَومَئِذٍ لِلمُكَذِّبينَ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرين ،
يقولُ لهُم عليٌّ (ع) هذا هُوَ يومُ الفَصلِ الّذي جَمعناكُم فيهِ مَعَ الأوّلينَ مِثلَكُم فإن كانَ لكُم كَيْدٌ و حِيلَةٌ لِلخَلاصِ مِنَ العَذابِ والنَّجاةِ والفِرارِ فَكيدوني يا أعدائي كما كنتُم تَكيدوني في الدّنيا ،
بالتأكيدِ إنَّ المُتَّقينَ يَومَئذٍ سيَكونونَ في ضَلالٍ لأِشجارِ الجَنَّةِ و قُصورِها و في عُيونٍ بمياهِها و في فَواكِهَ مِمّا يَشتَهونَ مِنها و يُقالُ لهُم : كُلوا و اشرَبوا هَنيئاً بِما كنتُم تَعمَلونَ في الدُّنيا مِن طاعَةٍ وَ وِلاءٍ ،
إنّا بِلُطفِنا و عَدلِنا وَ فَضلِنا كذلِكَ الجَزاءَ أولادَ في نَجزِي المُحسِنينَ المُوالِينَ لِمُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ وَ وَيْلٌ يَومَئذٍ لِلمُكذِّبينَ بِوِلايَتِهِم ،
فيا أعداءَ آل مُحمّدٍ كُلوا مِن الحَرامِ و تَمتَّعوا بالشَّهَواتِ قَليلاً في الدُّنيا إنّكُم مُجرِمونَ بِتَركِ الوِلايَةِ وَيْلٌ يَومَئذٍ لِلمُكذِّبينَ بالوِلايَةِ ،
و هؤلاءِ المُنافِقينَ المُجرمين حينَما يُقالُ لَهُم اركَعوا وَ اخْضَعوا لِوِلايَةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) لا يَركَعون وَيْلٌ يَومَئذٍ لِلمُكَذِّبينَ بِوِلايَةِ المَعصومين فَبِأيِّ حَديثٍ بعَدَ القُرآنِ يَأمُرُهُم بالوِلايَةِ يُؤمِنون ؟ قُبحاً لَهُم و تَعساً .
نشر في الصفحات 1725-1722 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی