(47)
سورة المائِدَة = الوِلايَة
بإِسمِ ذاتِيَ المُستَجمِعِ لِجميعِ صفاتِ الكمالِ و الجَمالِ و الجَلالِ و بإسمِ رحمانيّتيَ العامّةِ الشّامِلَةِ لجميعِ الخَلق و بِإسمِ رحيميَّتيَ الخاصَّةِ بالمُؤمنين أبَدأُ الوحيَ ،
أيُّها المُسلِمونَ يَجِب عليكُم وجوباً شرعيّاً ألوَفاءَ بِلوازِمِ العُقودِ الّتي تَعقِدونَها بَيْنَكُم بعضكُم مَعَ البَعض و بَيْنَكُم و بَيْنَ اللهِ و بِكُلِّ شروطِها و آثارِها سيّما عَقدُ بَيعة الوِلايَة ،
اُحِلّت لكُم لحومُ و ألبانُ بَهيمَةِ الأنعامِ كُلّها عَديٰ ما يُتليٰ عليكُم في آيةِ حُرِّمَت عليكُم المَيتَةُ ألَخ بعد أن كان قِسماً مِنها مُحرَّماً عليٰ اليَهود ،
و لا تُحَلِّلوا الصَّيدَ حالَما أنتُم مُحرِمونَ لِلعُمرَةِ و الحَجِّ صَيداً و أكلاً و حينما أنتُم حُرُمٌ داخِلَ حُدودِ الحَرَم الشَّريف و إن لم تكونوا في إحرامٍ إنّ اللهَ يَحكُمُ ما شاءَت إرادَتُهُ ،
يا أيّها المُسلِمونَ لا تُحَلِّلوا هَتكَ شعائِرِ اللهِ والإستخفافِ بمعالِمِ الدّينِ و الإسلامِ و لا هتكَ حُرمَةِ الشَّهرِ الحَرام بالقِتال و لا حُرمَةَ الهَدي بالتَعرُّضِ لهُ و لا تَتَعَرّضوا لِنَباة الحَرَم ،
و لا تَتَعرَّضوا لِلّذين يَؤُمّونَ البَيتَ الحرامَ و يَقصِدونَهُ يطلبونَ رِزقاً من اللهِ و أجراً و ثَواباً مِن قَصدِهِم فَتَمنَعونَهُم أو تُؤذونَهُم ،
و إذا حَلَلتُم مِن إحرامِ الحَجّ والعُمرَة و خَرجتُم مِن حدودِ الحَرَم فاصطادوا الصَّيَد إن أرَدتُم و لا يَدعوكُم لارتِكاب الجَريمَةِ بُغض قَومٍ مَنعوكُم عن المَسجِدِ الحرام فَتَعتَدوا و تُقاتِلونَهُم ،
و يَجِب عليكُم أيّها المُؤمِنون أن تَتَعاوَنوا مَعاً عليٰ عَمَلِ البِرّ و الخَيْرِ والتَّقويٰ والصَّلاح و يَحرُمُ عليكُم أن تَتَعاوَنوا عليٰ الإثمِ و المَعصِيَةِ و الظُّلمِ و العُدوان ،
و خافوا اللهَ وَاخشَوا عِقابَهُ و عَذابَهُ إن خالَفتُم هذهِ الأوامِر و الأحكام و الفرائِض والشَّرائِع إنَّ اللهَ شديدُ العِقابِ لِمَن يُخالِفُها ،
و أمّا الّذي قُلنا : إلاّ ما يُتليٰ عليكُم : فقد حُرِّمَت عليكُم البهيمَةُ المَيِّتَة و الدَّم و لحمَ الخنزيرِ و ما شابَهَهُ كما لكَلبِ والسِّباعِ و ما وُجِّه حينَ الذِّبحِ لِغَيرِ اللهَ وَ لَم يُذبَح عليٰ اسمِ الله ،
وَ البَهيمةُ المَيِّتةُ خَنقاً والمَقتولَةُ ضَرباً والسّاقِطَةُ مِن عُلوٍّ فَتموت و المَقتولَةُ المَنطوحَة بِقَرنِ غيرِها و ما صادَتهُ السِّباعُ إلاّ ما أدركتُموها حَيَّةً فذَكّيتُموها و ما ذُبِحَ منها عليٰ الأصنام ،
و حُرِّمَت عليكُم المُقامَرةَ بأن تَستَقسِموا بالقِدحِ و الزَّلَم ذلكم كلّها مَعصِيةٌ وإثمٌ فمن اضطُرَّ في مَجاعَةٍ لأكلِها غيرَ قاصِدٍ لِمَعصِيَتِهِ فإنَّ اللهَ غَفورٌ لَهُ رَحيمٌ بِهِ ،
أليومَ أكمَلتُ لكُم دينكم و أتمَمتُ عليكُم نِعمَتي و رَضيتُ لَكُمُ الإسلامَ ديناً أَليومَ أكملتُ أنا اللهُ ربّكم لَكُمْ دينُكم بِولايَةِ عليٍّ (ع) فَبِدونِهِ كان ناقِصاً وَ أَتمَمتُ عليكُم نُعمَتي بِوِلايَتِهِ و رَضيتُ لكُمُ الإسلامَ بِشَرطِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ديناً .
يَسألونك يا حبيبي ماذا أحَلَّ اللهُ لَهُم أكلَهُ ؟ فَقُل لَهُم جَواباً أحَلّ اللهُ لكُم الأطعِمَةَ و اللّحومَ الحَلالَةِ الطّاهِرَةِ المُباحَةِ السّائِغَةِ و ما عُلِّمتم بِصَيدِهِ لِلطّيور الجارِحَةِ و الكِلاب ،
تُعَلِّموهُنَّ و تُؤَدِّبوهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ مِن فَنِّ الصَّيدِ مِن دونِ أن يَأكُلنَ الصَّيد فَكُلوا مِمّا أمسَكنَ لكُم مِنَ الصَّيدِ بَعدَ إرسالِهِنّ واذكُروا اسمَ اللهِ عليٰ الصَّيد ،
واتَّقوا اللهَ و خافوهُ في تركِ هذِهِ الشّروطِ و في أكلِ غَيرِ الطيّباتِ مِن السُّحتِ و الحَرامِ و الخَبائِثِ والصَّيدِ الحَرام إنَّ اللهَ سريعُ الحسابِ عليٰ ذلك
لقد كان حراماً لكم طعام الحُنطةِ والشَّعيرِ و حُبوبِ الكُفّارِ و اليَوم اُحِلَّ لكُم جميعَ الحبوبِ الطيّباتِ حتّيٰ و لو أخذتُموها مِنَ المُشرِكين و طعامُ أهلِ الكتابِ و حبوبِهم حَلالٌ لكم و طعامُكُم حَلالٌ لهُم ،
و اُحِلّ لكُم زَواجُ المُحصَناتِ من المُؤمناتِ غير الزّانِياتِ والمُحصَناتِ مِن أهلِ الكِتابِ أليهوديّاتِ والمَسيحيّاتِ بالعَقدِ المُوَقَّت بِشَرطِ أن تُعطوهُنّ مُهورَهُنّ ،
بِشرطِ أن تقصدوا الزّواجَ لا الزِّنا و لا تُواعِدوهُنَّ سِرّاً بالزِّنا و مَن يكفُر بالإيمانِ و يَرتَدَّ فقد حَبَطَ عَملُهُ الصّالِح و بَطَلَ و هُوَ في الآخرةِ مِنَ الخاسِرينَ لِلرَّحمَةِ ،
يا أيّها المُسلِمونَ إذا قُمتُم لأِداءِ الصَّلوةِ فعليكم بالوُضوءِ بهذا الشَّكل فاغسِلوا وجوهَكُم مِن مَنبَتِ شعرِ الرَّأسِ إليٰ الذِّقن ما بَيْنَ الإبهامَيْن .و اغسِلوا أيديكم مِنَ الأعليٰ إليٰ الأسفَل حتّيٰ المَرافِق ،
ثُمَّ امسَحوا باليَدِ اليُمنيٰ عليٰ مُقَدَّمِ رؤسِكم بِرُطوبَةِ الوُضوءِ وامسَحوا أرجُلَكُم مِن رؤسِ الأصابِعِ إليٰ الكَعبَيْن بِرُطوبَةِ الوُضوءِ و لا تَغسِلوا الرّأسَ و الرِّجلَيْن ،
و يَجِب عليكُم إن كنتُم جُنُباً بإنزالِ المَنيِّ أو إدخالِ الحَشَفَةِ في القُبُلِ أو الدُّبُرِ في الإنسانِ أو الحَيْوان أو بالإحتلامِ أن تَتَطَهَّروا بالإغتِسال .
و يَجِب عليكُم إن كنتُم مَرضيٰ يَضُرّكُم الماءُ أو عليٰ سَفرٍ في الصَّحراءِ القاحِلَةِ فجاءَ أحَدٌ منكُم مِنَ الغائِطِ فيُريدُ الوُضوءَ أو لا مَستُمُ النِّساءَ دُخولاً فَوَجَبَ الغُسلُ فَلَم تَجِدوا مآءً لِذلكَ فَتَيمَّموا بَدَلاً عنهُ ،
و يَجِب أن يكونَ التَيَمُّمُ عليٰ الصَّعيدِ والتُّرابِ الطَّيِبِ الطّاهِر النَّظيف فامسَحوا بِكَفَّيْكُم بعدَ الضَّربِ عليهِ بجَبهَتِكُم كُلّها و امسَحوا أيدَيكُم مِنَ الظّاهِرِ بِتَمامِ الكَفَّيْن ،
و هذا الحُكمُ لا يُريدُ اللهُ بهِ لِيَجعَلَ عليكُم مِن مَشَقَّةٍ و لكن يُريدُ أن يُطَهِّركُم بهِ و يُريدُ أن يُتِمَّ نِعمَتَهُِ عليكُم بِأن يَجعَلَ لكُم طَهوراً بَدَلَ الماءِ و يُكمِلَ إيمانَكُم لَعلّكُم تَشكرونَهُ ،
واذكروا يا مَن حَضرتُم بَيْعَةَ الغَديرِ نِعمَةِ اللهِ عليكُم بِفَرضِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) عليكُم واذكُروا ميثاقَ اللهِ بِمُبايَعَةِ عليٍّ (ع) بالوِلايَةِ إذ قُلتُم بَخٍ بَخٍ يا علي(ع) و قُلتُم لِلنَّبيّ سَمِعنا و أطَعنا و بايَعتُموهُ ،
واتّقوا اللهَ و لا تُنقِضوا ميثاقَهُ و لا تكفروا بِنِعمَةِ وِلايةِ عليٍّ (ع) و تنكُثونَ بَيْعَةَ يومِ الغَديرِ و تَغتَصِبوا الخِلافَةَ مِنهُ إنّ اللهَ عليمٌ بِذاتِ صدورِكِم مِنَ النِيّات و المقاصِد والأحقاد والضّغائِن ،
يا أيّها المُسلِمون كونوا قائِمينَ باستمرارٍ عليٰ إطاعَةِ أمرِ اللهِ و مُوالاةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و كونوا شُهَدآءَ بالعَدلِِ و عَدلِيّونَ في الأصولِ و عُدولٌ في الأحكامِ و الفُروع ،
و لا يَدعوَنَّكم لاِرتكابِ الجَريمَةِ بُغض قومٍ عليٰ أن لا تَعدِلوا في الحُكمِ و القَضاءِ بَل إعدِلوا لهُم و عليهِم فالعَدلُ هُوَ أقرَبُ لِلتّقويٰ الواجِب ،
واتَّقوا اللهَ و لا تُخالِفوا العَدلَ و لا تَظلِموا حتّيٰ أعداءَكُم مِن دونِ استحقاقٍ إنَّ اللهَ خبيرٌ مُطَّلِعٌ بما تَعمَلونَ مِن عَدلٍ أو جَوْرٍ
فإذا عَدِلتُم فاعلَموا أنَّ اللهَ وَعَدَ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) و عَمِلوا الصّالِحات و سَيَفي بِوَعدِهِ حَتماً فَلَهُم مَغفِرَةُ و أجرٌ عظيمٌ في جنّاتِ عَدنٍ ،
وَ وَعَدَ اللهُ الَّذين كفَروا بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) و كَذّبوا بآياتِ اللهِ النّازِلَةِ بِشأنِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) أولئِك يُحكَمُ عليهِم بأنّهُم أصحابُ الجَحيم ،
يا أيّها الذين آمَنوا بولايةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) اذكروا نِعمَةَ اللهِ عليكم إذ هَمَّ أبوسفيان و حِزبَهُ أن يَبسُطوا إليكُم أيديهم فَيَقتُلوكم و يَأسِروكم و يُجرِحوكُم ،
فَكَفَّ اللهُ أيديهم عنكم و صانَكُم مِن أذاهُم واتّقوا اللهَ و لا تَركَنوا إليهِم و عليٰ اللهِ فليتَوكَّلِ المُؤمِنونَ مِن شيعةِ أميرالمُؤمنين (ع) في دَفعِ شيعة آل أبي سُفيان و شَرِّهم عَنهُم ،
وَاذكُروا إذ أخَذ اللهُ ميثاقَ بني إسرائيلَ بِنُصرَةِ أوصياءِ موسيٰ و بَعثنا منهُم إثنَي عَشَر أسباطاً أوصياء و هكذا أنتُم فقد أخَذَ اللهُ ميثاقَكُم بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) وَ أوصياءِهِ الإثنا عَشَر المَعصومين (ع) ،
وَ قال اللهُ لَكُم عليٰ لسانِ موسيٰ والتّوراة إنّي معَكُم بِشَرطِ أن تُقيموا الصلاة و تُؤتو الزّكاة و إلاّ فَلا فهكذا أنتُم أيّها المُسلِمون فاللهُ مَعكُم لَئِن أقَمتُمُ الصّلاةَ المُحمّدِيّةَ العَلَويَّةَ و آتيتُم الزّكاة و الخُمس ،
وَ قالَ لهُم إنّي مَعكُم لو آمنتُم بِرُسُلي جميعهم مِن آدَم حتّيٰ الخاتم مُحمّد بن عبد الله (ص) و نَصرتُموهُم و أقرَضتُمُ اللهَ قَرضاً حسَناً بالإنفاق في سبيلِهِ الخُمس و الزكاة ،
و قال لهم لو فعَلتُم كلّ ذلك لَاُكَفِّرنَّ عنكُم سَيِّئاتِكم الصَّغيرَةَ و ذنوبكم و خطيئاتِكم و لَاُدخِلنّكم يوم القيامَةِ جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار و هكذا أنتُم يا اُمَّة الإسلام ،
و قالَ اللهُ لهُم فَمن كفَرَ بعدَ الميثاق منكم فقد ضَلَّ عن الطَّريقِ المُستقيم فهكذا أنتُم يا اُمّةَ الإسلام فَمَن كَفَر بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) بَعدَ بَيعةِ الغديرِ فَقَد ضَلَّ عن طريقِ الهدايةِ والإسلام ،
فَبِما أنّهُم نَقَضوا ميثاقَهُم مَعَ الله فَلَعنّاهُم و طَردناهُم مِن رَحمَتِنا و جَعَلنا قلوبَهم قاسِيَةً عن قبول الهدايةِ فَأخذوا يُحرِّفونَ البِشاراتِ بمجييءِ مُحمّدٍ و إيليا في التّوراة عن مَواضِعها ،
و تناسَوا عن قِسمٍ مِمّا ذُكِّروا بهِ منَ الميثاقِ و الأحكامِ في التّوراةِ وِ وُجوبِ الإيمانِ بمُحمّدٍ (ص) حينَ بِعثَتِهِ و لا تَزالُ يا رسولَ الله تَطَّلِعُ عليٰ خِيانَةٍ منهُم إلاّ قليلاً منهُم آمَنوا بِكَ ،
فحينما تَطَّلِعُ عليٰ خِيانَةٍ سِرَّيةٍ غير عَلَنيَّةٍ منهُم يا رسول الله فلا تُعلِنها و لا تُعاقِبهُم بها بَل غُضَّ الطَّرفَ عنهُم و اهمِلهُم إنَّ اللهَ يُحِبُّ هذا الإحسان مِنك ،
و مِن أهل الكتابِ الذين قالوا إنّا نَصاريٰ أخَذنا ميثاقَهُم في الإنجيلِ عليٰ أن يُؤمِنوا بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) فَتَناسَوا عن قِسمٍ مِمّا ذُكِّروا بهِ في الإنجيلِ و لَم يُؤمِنوا بِهم ،
فَأجْرَينا بَيْنَهُم العَداوَةَ والبَغضاءَ لِذلكَ إليٰ يومِ القيامَةِ فَيَتفَرَّقونَ مَذاهِبَ مُتباغِضَة و سوف يُخبِرُهُم اللهُ بما كانوا يَصنعونَ يوم القيامَه ،
يا أيّها اليَهود و النَّصاريٰ قد جاءَكُم رسولُنا مُحمّدٌ (ص) يُبيِّن لكم كثيراً مِمّا كنتُم تُخفونَ مِنَ التّوراةِ والإنجيلِ مِنَ الآياتِ المُبَشِّرة بِمُحمّدٍ (ص) و إيليا و يَعفو عن كثيرٍ مِن أخفاءِكُم فَضائِلُهُ ،
و بالتأكيد قد جاءَكم أيّها اليهودُ و النّصاريٰ مِنَ اللهِ نورٌ بواسِطَةِ مُحمّدٍ و القرآن يُنير لكُمُ دروبَ الهِدايَةِ و السَعادَة و جاءَكم كتابٌ واضِحٌ بليغٌ
يهدي اللهُ بمُحمّدٍ (ص) و الإسلام مَنِ اتَّبَعَ رضوان اللهِ إليٰ طُرُقِ السَّلامَةِ و السَعادَةِ و الأمنِ في الدّارَيْن و يُخرجهُم من الظلماتِ رسول الإسلام إليٰ النّور بإذنِ الله ،
و يهديهِم رسولُ اللهِ بإذنِ اللهِ إليٰ صراطِ ولايَةِ عليّ بن أبيطالب (ع) صِراطِ اللهِ المُستقيمِ المُوصِلِ إليٰ الكَمالِ و السَعادَةِ الأبَديَّةِ ،
بالتأكيد لَقَد كفروا باللهِ و بالمَسيحِ و الإنجيل ، ألّذينَ قالوا إنّ اللهَ هو المسيحُ بن مريمَ إذِ المَسيحُ رسولُ الله و كَلِمَتُهُ ،
قُل لِهؤلاءِ يا حبيبي : إنَّ اللهَ خالِقُ المَسيحِ و مُميتُهُ فَمَن يَملِكُ مِنَ اللهِ قُدرَةً عليٰ خِلافِ إرادَتِهِ إن أرادَ أن يُهلِكَ المَسيحَ و اُمَّهُ و مَن في الأرضِ جميعاً فَبديهيٌّ لا أحَدَ يملِك ،
فلا أحَدَ يَملِكُ مِنَ اللهِ شيئاً و لِلّهِ مُلكُ السَّماواتِ و الأرضِ و إرادَتُهُ نافِذَةٌ في جميعِ مُلكِهِ و يَخلُقُ ما يشآءُ مِنَ الخَلقِ و يُفني ما يشآءُ و اللهُ عليٰ كلِّ شييءٍ أرادَهُ قَديرٌ
و قالَت الفِرقةُ الضّالَّةُ مِنَ اليَهودِ و النّصاريٰ نَحنُ شَعبُ اللهِ المُختارُ وَ نَحنُ كأبناءِ اللهِ فَضَّلَنا عليٰ جميعِ الاُمَمِ و نَحنُ أحِبّاؤهُ دونَ النّاسِ قُل لهُم يا حبيبي إن كنتُم كما تقولونَ فَلِماذا يُعذِّبكُم بِذنوبِكم في الدّنيا بَل أنتُم بَشَرٌ كسائِرِ مِمَّن خَلَق ،
واللهُ عزَّو جَلَّ هو يَغفِرُ لِمَن يشآءُ غُفرانَهُ مِن عبادِهِ حتّيٰ و لو لَم يكُن يهوديّاً و لا نصرانيّاً و يُعذِّبُ مَن يشآءُ حتّيٰ و لو كان يهوديّاً أو نصرانيّاً ،
و لِلّهِ سُبحانَهُ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ و ما بَيْنَهما مِنَ الخَلائِقِ فَيتَصرَّفُ فيهِم كيفَ يشآءُ و لا تُمنّيٰ عليهِ الأمانِيّ فَلستُم أبناؤهُ إليهِ المَصيرُ بعدَ المَوت ،
يا أيّها اليَهودُ و النّصاريٰ قد جاءَكم رسولنا مُحمّدٌ (ص) يُبيِّن لكُم أحكامَ اللهِ و فرائِضَهُ و شرايِعَهُ بعدَ فتَرَةِ سِتمائَةَ سنةٍ خاليةٍ مِنَ الرُسُل ،
( أن تقولوا ما جاءَنا مِن بَشيرٍ و لا نَذيرٍ فقد جاءَكُم بَشيرٌ و نذيرٌ واللهُ عليٰ كلِّ شيءٍ قَديرٌ )
قَبلَ أن تَقولوا هذهِ فَترَةٌ ما جاءَنا فيها مِن بَشيرٍ و لا نَذيرٍ مِن قِبَلِ اللهِ فَقد جاءَكُم مُحمّدٌ (ص) بشيرٌ و نذيرٌ واللهُ عليٰ كلِّ شييءٍ قديرٌ يُريكُم قُدرتَهُ
وَ تَذَكَّر إذ قال موسيٰ بن عمرانُ لِقومِه بني إسرائيل يا قومي اذكُروا نِعمَةَ اللهِ عليكُم حيثُ جَعَل فيكُم أنبياءَ بني إسرائيل كشُعيبٍ و إسحاقَ و يعقوبَ يوسُف ،
وَاذكُروا إذ جعلكم مُلوكَ مِصرَ بعد الفراعِنَةِ و ملوكَ الشّامِ و فِلسطينَ الاُردُنّ و آتاكُم ما لَم يُؤتِ أحداً من العالمين مِنَ المَنِّ و السَّلويٰ و مَعاجِزَ موسيٰ (ع) ،
وَ قال موسيٰ لِبَني إسرائيلَ يا قومِ ادخُلُوها بَيْتَ المَقدِسِ الأرضَ المُقدَّسَةَ الّتي كَتَبَ اللهُ لكُم دُخولَها و أمَركُم باستيطائِها ،
وَقالَ لهُم يا بَني إسرائيلَ لا تَرتَدّوا عليٰ أدبارِكُم أَمامَ العَدُوِّ المُهاجِم فَتَفِرّوا مِنَ الأرض المُقَدَّسةِ فتَنقَلِبوا خاسِرينَ لِفِلسطين ،
فَأجابوهُ بني إسرائيلَ قالوا يا موسيٰ إنّ فيها قوماً أقوياءَ جَبّارينَ نَخافُهُم و إنّا لَن نَدخُلَها حتّيٰ يَخرُجوا مِنها مِن دونِ قِتالٍ فإن يَخرُجوا مِنها فإنّا داخِلونَ بَعدَهُم ،
قالَ رجُلانِ مِنَ الّذين يخافونَ اللهَ و أنعَمَ اللهُ عليهِما بالشّجاعَةِ و الثَّباتِ و الحَزمِ والتَّدبيرِ هُما يُوشَع بن نونٍ و كالِب بن يُوحنّا : اُدخُلوا عليهِم من بابِ بَيْتِ المَقدِس ،
فإذا دخلتُموهُ يا بني إسرائيلَ و لَم تَخافوهم فإنّكُم حَتماً غالِبونَ لهُم و عليٰ اللهِ فَتَوكّلوا في الغَلَبَةِ عليهِم إن كنتُم مُؤمنين باللهِ و بِرَسولهِ موسيٰ و بِنَصرِ الله لكم ،
مع ذلكَ كُلِّهِ أجاب بَنو إسرائيلَ و قالوا : يا موسيٰ إنّا أبَداً لا نَدخُل بَيتَ المَقدِس ماداموا هؤلاءِ الجَبّارينَ فيها فإنّا نَخافُهُم ،
و قالوا لِموسيٰ إذهَب أنتَ و رَبُّك الذّي أمَركَ بِدخولِ بَيْتِ المَقدِسِ فقاتِلا الجَبّارينَ إنّا هاهُنا قاعِدونَ حتّيٰ تَغلِبُهُم فَنَدخُلَها ،
عندئذٍ رَفَعَ يَدَيهِ موسيٰ مُبتَهِلاً قالَ رَبِّ إنّي لا أملِكُ إختيارَ أحَدٍ إلاّ نفسي و أخي هارون فافرُق بَيننا و بَينَ القوم الفاسِقينَ من بني إسرائيل ،
فأجابَهُ اللهُ قالَ إذاً إنَّ بيت المَقدِسِ مُحرَّمَةٌ دخولها عليٰ بني إسرائيلَ أربعينَ سَنَةٍ يتيهونَ خِلالَها في الأرض في سيناء فلا تأسَف عليٰ القومِ الفاسِقين مِنهُم ،
واتلُ عليهِم آيَةَ خَبَرِ قِصَّةَ إبنَي آدمَ أبو البَشرِ هابيلَ و قابيلَ تِلاوةً بالحَقِّ و الصِّدقِ حيثُ قَرّبا إليٰ اللهِ قُرباناً بَعدَ تلنازُعِهما حَوْلَ الحوريّةِ فَتُقُبِّلَ القُربانُ و هو الكَبشُ مِن هابيل ،
و لَم يُتَقَبَّلُ القُربانُ و هو حَزمَةُ شعيرٍ مِن قابيل فَأحرَقتُه الصّاعِقَةُ فعندئذٍ حَسَدَ أخاهُ و قال : لَأقتُلنّكَ ، قالَ هابيلُ ما ذَنبي ؟ إنّما يَتَقَبَّلُ اللهُ القُربانَ مِنَ المُتَّقينَ فَقَط ،
و قالَ لهُ يا أخي لو مَدَدتَ إليَّ يَدكَ لِتَقتُلَني فَأنا لَستُ بِباسِطٍ يَدِيَ نَحوَكَ لأِقتُلَكَ لأِنّك أخي و رَحِمي و لستُ جانِياً ،
و قال لهُ يا قابيل إنّي أخافُ اللهَ رَبّ العالمين أن يُعاقِبَني و يُحاسِبَني عليٰ ذنبي لو مَدَدتُ إليكَ يَدي و إن كُنتَ ناوِياً لِقَتلي فكيفَ أقتَصُّ قَبلَ الجِنايَةِ ؟؟؟
و قال هابيلُ لِقابيل : إنّي اُريدُ بِعَدَمِ القِصاصِ قَبلَ الجِنايَةِ مِنكَ أن تَرجِعَ لِلحِسابِ يوم القيامَةِ بإثمِ قَتلي عَلاوَةً عليٰ ذَنبِكَ مِن قَبلُ فَتكونَ مِن أصحابِ النّارِ و ذلكَ هو جَزاءُ الظّالِمين عِندَ الله .
فَطَوّعَت لهُ نَفسهُ الأمّارَةُ بالسؤءِ و قُوَّتُهُ الغَضَبيّة الحيوانيّة يَدَيهِ لِيَمُدّها نحوَ أخيهِ ليَقتُلَهُ فَقَتلَهُ مَظلوماً بَريئاً فَأصبَحَ بِقَتلِهِ مِنَ الخاسِرينَ لِلدّنيا و الآخِرَه ،
و بَعدَ أن قَتَلَهُ تَحيَّرَ كيفَ يَستُرُ جَسَدهُ عن آدَم و يَصونَهُ عنِ الأنظار فَبَعثَ اللهُ غُراباً يَبحَثُ في الأرضِ بِرجلَيْهِ و مِنقارِهِ و يَحفِرَها لِيَريٰ قابيلُ كيفَ يَحفُرُ قَبراً لأِخيهِ و يُواري فيهِ جَريمةَ قَتلِ أخيه ،
فعندئذٍ قال قابيلُ : ألوَيْلُ لي ثُمَّ الوَيْلُ لي هَل عَجَزْتُ أن أكونَ مِثلَ هذا الغُراب فأحفِرَ قَبراً فاُواري فيهِ جَريمَةِ قتلِ أخي ؟ فأصبَحَ مِنَالنّادمين عليٰ جَريمَتِهِ ،
فَمِن أجلِ إرتكابِ الجَريمَةِ هذهِ مِن دونِ رادِعٍ كَتَبنا عليٰ بَني إسرائيلَ في التّوراة حُكمَ القِصاصِ أنّهُ مَن قَتَلَ نَفساً بِغَيرِ أن تَقتُلَ نَفساً أو لأِجلِ إفَسادٍ في الأرض فكأنّما قَتَلَ النّاسَ جميعاً
و كتَبنا فيها أنَّ مَن أحيا نَفساً مِنَ المَوْتِ و القَتلِ المُهَدَّدِ بهِ فَكأنّما قد أحيا النّاسَ جميعاً و في القِصاصِ حياةٌ لِلنّاس ،
و لقد جاءَت بَني إسرائيلَ رُسُلنا بالأحكامِ الواضِحَةِ ثُمَّ إنّ كثيراً مِنهُم بعد ذلكَ في الأرضِ لَمُسرِفونَ بِقَتلِ الأبرِياءِ و يُخالِفونَ رُسُلنا ،
و شَرَعنا و فَرَضنا حُكمَ قِصاصِ المُحاربينَ لِلّهِ و رَسولِهِ مُحمّدٍ و أهل بيتِهِ (ع) و شيعَتِهِم و حَصرناهُ و ليسَ حُكمٌ غيرَهُ كما أنَّ حُكمَ المُفسِدينَ في الأرض إيضاً شَرَعناهُ ،
فَحُكمُهُم جَميعاً أن يُقَتّلوا فَقِصاصُهُمُ القَتلُ و لِوَليِّ الأمرِ المَعصومِ والوَليِّ الفَقيهِ الحاكِمِ أن يَختارَ لِلمُفسدينَ في الأرضِ الصَّلبَ أو قَطعِ الأيدي و الأرجُل مِن خِلافٍ ، لِغَيرِ القاتِل ، أو نَفيِهِم مِن بلادِ المُسلمينَ لِمَن أخافَهُم ،
ذلكَ الجَزاءُ لهُم عارٌ و ذُلٌ لاحِقٌ بِهِم في الدّنيا و لهُم عِقابٌ في الآخِرَةِ و هو عذابٌ عظيمٌ في طبقاتِ الجَحيم ،
فهذا جَزاءُ كلّ مُحاربٍ و مُفسِدٍ إلاّ الّذين تابوا مِنهُم مِن قَبلِ أن تُلقوا القَبضَ عليهِم و تأسِروهُم فَأمّا بعدَهُ فالتّوبَةُ لا تُسقِطُ الجَزاءَ فاعلَموا أنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ لِمَن تابَ سريعاً ،
يا أيُّها المُسلِمونَ الذين آمَنوا باللهِ و رَسولِهِ اتَّقوا اللهَ واخشَوهُ و خافوا مِن حِسابهِ و عِقابِهِ عليٰ ذنوبِكُم وابتَغوا إليهِ الوَسيلَةَ لِلشّفاعَةِ مُحمّدٍ و أهل بيتِهِ (ع) ،
و جاهِدوا في سَبيلهِ ضِدَّ أعداءِهِ أولئِكَ الوسيلَة الّتي تَبتَغونَهُم إليٰ اللهِ مُحمدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) فجاهِدوا بَني اُمَيَّةَ و حِزبِهِم لَعلّكُم تُفلِحونَ بالجِهاد ،
و بالتأكيد إنَّ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) لو كانَ لهُم كلّ ما في الأرضِ مِن كنوزٍ و ثَرَواتٍ جميعها و ضِعفُ مِقدارِها ثَرواتٍ مثلها فيُقَدِّموها فِداءً لأِنفُسِهم لِيَنجوا مِن عذابِ يوم القيامَه ،
لا تُقتَبَلُ منهُم فِداءً بل يُعذّبونَ حتماً فكيف إنّهم لا يَملِكون كُلَّ الأرضِ جميعاً ؟ فَقَطعاً لا نَجاةَ لهُم و لهُم عذابٌ أليمٌ في الجَحيم ،
و عند ما يُكَبّونَ عليٰ مَناخِرِهِم في النّارِ فَيَحتَرِقونَ فَيَسعونَ أن يخرُجوا مِنَ النّارِ و هَيْهاتَ فماهُم بخارِجينَ مِنها و لهُم عذابٌ مُقيمٌ و دائِمٌ فيها ،
وَ حدُّ عُقوبَةِ السّارِقِ لأِكثَرَ مِن رُبعِ دينارٍ صَيرَ فيٍّ بِشرائِطِه والسّارِقَةُ إيضاً فاقطَعوا أصابِعَ أيْديَهُما الأربعة جزاءً بما كَسَبا مِنَ الخِيانَةِ عِقاباً مِنَ اللهِ و اللهُ عزيزٌ في حُكمِهِ حكيمٌ في سُلطانِهِ ،
فَمَن تابَ مِن ذَنبِ سِرقَتِهِ قَبلَ الثّبوتِ عِندَ الحاكِمِ فَرَدَّ المالَ المَسروقَ لِصاحبهِ فَيَسقُطُ عنهُ الحَدَّ فإنَّ اللهَ يَتوبُ عليهِ إن تابَ إنَّ اللهَ غفورٌ لهُ رحيمٌ بعبادِهِ ،
نَسألُ تَقريراً ألَم تَعلَم أنّ اللهَ هو المالِكُ الحَقيقيُّ لا أنتُم فَلَهُ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ يُعذِّبُ مَن يشآءُ عذابَهُ و يَغفِرُ لِمَن يَشآءُ مَغفِرَتَهُ و اللهُ عليٰ كلِّ شييءٍ قدير ،
يا أيّها الرّسولُ الصّادِقُ الأمينُ لا يَحزُنكَ نِفاقُ الّذين يُسارِعونَ في إعلانِ الكُفرِ إذا قَدَروا عليهِ و هُم مِنَ الّذين قالوا آمَنّا باللهِ بألسِنَتِهم و لَم تُؤمِن قُلوبُهم بذلك ،
و يا أيّها الرّسول لا يَحزُنكَ الّذين يُسارِعون في الكفرِ مِنَ اليَهودِ وَ هُم سَمّاعون لِلكَذِبِ الّذي اختَلَقَتهُ أحبارُهُم سمّاعونَ لِقومٍ آخَرين مِن اليَهود ،
هؤلاءِ اليهود لم يأتوكَ إيماناً بل يأتوكَ يسأَلونكَ عَن زِنا المُحصن فَعِندما تَحكُمُ بالرَّجمِ يُحرِّفونَ الكَلِمَ مِن بَعدِ مَواضِعِهِ يقولون إن اُوتيتُم هذا فَخُذوهُ أنتُم و إن لَم تُؤتَوهُ فاحذَروا الرَّجم ،
واعلَم يا حبيبي إنَّ مَن يُريدُ اللهُ إمتحانَهُ و إختيارَهُ فأنتَ أبَداً لا تَملِكُ لهُ إسقاطَ التّكليفِ عَنهُ مِن قِبَلِ اللهِ شيئاً حتّيٰ و لو رَكعَةً مِنَ الصّلاة ،
فيا حبيبي أولئِك المُنافقون هُمُ الذين ما يُريدُ اللهُ أن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم بولايَتِكم آلَ مُحمّدٍ (ص) لأِنّهُم لم يُريدوا وِلايَتَكُم إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيت (ع) و يُطَهِّركُم تَطهيراً فقط دونَ سِواكُم .
فالمُنافقين لهُم في الدّنيا خِزيٌ و عارٌ و ذِلّةٌ تنالُهُم مِن تَركِ وِلايَةِ آلِ محمّدٍ (ص) و لهُم في الآخِرَة عذابٌ عظيمٌ و خلودٌ في نارِ الجَحيم ،
إنَّ اليهودَ و المُنافِقينَ سَمّاعونَ لِلكَذِبِ مِن رُؤَسائِهم دائِماً أكّالونَ لِلحرامِ المَمنوعِ باستمرارٍ فإن جآؤك يتحاكَمونَ إليكَ فأنتَ مُخيَّرٌ فاحكُم بَيْنَهُم أو أعرِض عنهُم لا تَحكُم ،
و إن تُعرِض بِوَجهِكَ عنهُم و لا تَحكُمُ بَينَهُم فلا خوفٌ عليكَ فَلَن يَضرّوكَ شيئاً و إن حَكَمتَ بَينَهُم فاحكُم بَينَهُم بالعَدلِ الإسلاميّ إنّ اللهَ يُحِبُّ الحاكِمينَ بالعَدل .
و كيفَ يُحكِّمونَكَ اليهودُ و أتباعَهُم المُنافِقينَ و عِندَهُمُ التّوراةُ فيها حُكمُ اللهِ بِرَجمِ الزّاني المُحصِن ثُمَّ يُعرِضونَ مِن بعدِ ذلكَ عَن الحُكمِ و ما أولئِكَ بالمُؤمِنين بِحُكمِ الله ،
إنّا أنزَلنا التوراة عليٰ موسيٰ فيها هُديًٰ و نورٌ لأِنّها تَدعوُ إليٰ الإيمانِ بِرَسولِ الإسلامِ و أحكامِ الله يَحكُمُ بها النّبيّونَ مِن بَني إسرائيلَ الّذينَ أسلَموا وانقادوا لِليَهودِ و يَحكُمُ بها العُلَماءُ الرّبانِيّون ،
و يَحكُمُ بها الأحبارُ الاُمَناءُ بما استُحفِظوا مِن التّوراةِ المُبَشِّرَة بِنَبيّ الإسلام و كانوا عليٰ ذلكَ شُهدآءَ و لم يُنكِروا مُحمّداً (ص) فَقُل لهُم لا تَخْشَوُا النّاسَ و لا تَخافوهُم بَل اخشَوني و خافوني ،
و قُل لِلأحبارِ لا تَشتَروا و تَبيعوا بآياتِ التّوراةِ ثَمَناً زَهيداً تَأخُذونَهُ عليٰ كِتمانِها و قُل لهُم مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ مِنكُم فأولئِكَ هُمُ الكافِرون بالله و التّوراة ،
و كَتَبنا عليٰ اليهودِ في التوراةِ حُكمَ القِصاصِ أنَّ النَّفسَ قِصاصٌ بالنَّفسٍ و العَيْنَ بالعَيْنِ و الأنفَ بالأنفِ و الاُذنَ بالاُذنِ و السِّنَّ قِصاصٌ بالسِّنِّ المُشابِهِ وَ المُماثِل كمّاً و كَيفاً ،
و كتبنا في التَّوراةِ أنَّ الجُروحَ قِصاصٌ إيضاً مُعامَلَة بالمِثلِ و كَتَبنا أنَّ مَن تَصَدَّقَ بِتَقديمِ نَفسِهِ لِلقِصاصِ فَهُوَ كفّارَةٌ لِذَنبهِ و مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ فيها فأولئِكَ هُمُ الظّالِمون .
و أتبَعنا عليٰ آثارِ النَّبيّينَ مِن بَني إسرائيلَ بِنَبيٍّ رَسولٍ هُوَ عيسيٰ ابنُ مَريَم الصِّديقة فكانَ مُصدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوراةِ النّازِلَةِ عليٰ موسيٰ و آتيناهُ الإنجيلَ الكتابَ المُقَدَّس ،
و جَعَلنا فيهِ هُديًٰ مِنَ الضَّلالَة لِبَني إسرائيلَ و غَيرِهم و نورٌ يدعو النّاسَ للإيمانِ بِخاتِم الأنبياءِ مُحمّدٍ (ص) و جَعلناهُ مُصدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِن أحكامِ التّوراةِ و هِدايَةً و مَوعِظَةً لِلمُتّقين ،
و أمَرنا و فَرَضنا و حَكَمنا بِأن يَحكُم أهل الإنجيل مِن أتباعِ المَسيحِ و النّصاريٰ بما أنزَلَ اللهُ فيهِ مِنَ البِشارَةِ بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ بِشأنِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) فاُولئِكَ هُمُ الفاسِقون ،
و بَعدَ عيسيٰ و الإنجيلِ أنزَلنا إليكَ يا مُحمّد القُرآنَ بالحَقِّ مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيهِ من التوراةِ و الإنجيل و مُهَيمِناً و مُسَيطِراً عليها ناسِخاً لِبَعضِ أحكامِها ،
فاحكُم يا حبيبي بَيْنَ اليَهودِ و النّصاريٰ بِما أنزَلَ اللهُ عليكَ في القرآنِ و لا تَتَّبِع أهواءَهُم بِأن تَتَّبِع شَرائِعَهُم و قِبلَتَهُم عمّا جاءَكَ مِنَ الحَقِّ في القُرآن ،
لِكُلِّ اُمّةٍ منكُم جَعَلنا شريعةً ومِنهاجاً لِلعَمَل و العِبادَةِ و نَسَخنا الشّرايِعَ بالإسلامِ و لو شآءَ اللهُ إبتداءً لَجَعلَكُم اُمّةً واحِدَةً و لكن لَم يَشاء كي يَختَبِركُم بِشرائِعكُم ،
فيا أيّها اليَهودُ و النَّصاريٰ و المُسلمون تَسابَقوا إليٰ تَحصيلِ الخَيْراتِ بالعَمَلِ بالقرآنِ إليٰ الله مَعادِكُم جَميعاً فيُخبِرُكم بما كنتُم في الدّنيا تَختَلِفونَ حَولَهُ ،
و أمَرناكَ أنِ احكُم بَيْن أهلِ الكتابِ مِنَ اليَهودِ و النّصاريٰ بما أنزَلَ اللهُ في القرآنِ و لا تَتَّبِع أهواءَهُم النّفسانِيَّةَ و احذَرهُم أن يَصرِفوكَ عَن بَعضِ ما أنزَلَ اللهُ إليكَ في القرآن مِن نَصبِ عليٍّ للخِلافَةِ
فإن تَولّوا عنكَ و أعرَضوا عنِ القرآن فاعلَم أنّما يُريدُ اللهُ أن يُصيبَهُم بالإعراضِ عِقاباً عن بعضِ ذُنوبِهم و إنّ كثيراً مِنَ النّاسِ اليَهودِ و النّصاريٰ لفاسقون مُعرِضون عن ولايَةِ عليٍّ (ع) ،
فهؤلاءِ المُعرِضون عن القرآنِ هَل إنّهُم حُكمَ الجاهليّةِ الجَهلاءِ يَطلُبونَ ؟ فيا تُريٰ مَن أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً ؟ فَحَتماً لا أحَدَ و ذلك لِقومٍ يُوقِنونَ باللهِ و بولايةِ أهل البَيت (ع) ،
يا أيُّها المُسلِمونَ المُؤمِنونَ باللهِ لا تَتَّخِذوا اليَهودَ و النَّصاريٰ أولياءَ تُطيعونَهُم و تُحِبّونَهُم مِن دونِ اللهِ فإنّهُم بَعضُهُم لِبَعضٍ أولياء و لَيسُوا أولياءَكُم ،
و مَن يَتوَلَّ اليهودَ و النَّصاريٰ منكم أيّها المسلمون و يُطيعهم فإنّهُ عند اللهِ يُحسَبُ من اليهودِ والنّصاريٰ و ليس بِمُسلمٍ إنَّ اللهَ لا يهدي القومَ الظّالمين ،
فتريٰ يا حبيبي المنافقينَ الذين في قلوبهم مَرَضٌ مِنَ النِّفاق يُسارعونَ في وِلاءِ اليهودِ كأبي سُفيان و مُعاويَةَ و رَبعَهُما يقولون نَخافُ أن تُصيبنا أذيٰ دائِرة الزَّمانِ بِغَلَبَةِ اليَهود ،
فَعَسيٰ اللهُ يا حبيبَ الله أن يأتِيَ بالفَتحِ لكَ عليهِم أو أمرٍ مِن عندِهِ يأمُرُكَ بِفَضحِ المُنافقين فيُصبحوا عليٰ ما أسَرّوا في أنفُسِهم مِن مُوالاةِ اليَهودِ نادِمين ،
و يقول الذين آمنوا بِولايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) هل هؤلاءِ المُوالينَ لِليَهودِ هُمُ الذين أقسَموا باللهِ بالأيْمانِ المُغَلَّظَةِ أنّهم معكم لا مَعَ العَدُوّفوا عَجَباً مِنهُم ،
فَهؤلاءِ المُنافِقين المُوالينَ لِليَهودِ سِرّاً قَد بَطلَت أعمالهم البِرِّيَّةِ و إنفاقاتِهم و غيرها بذلك فأصبَحوا خاسِرينَ لِرَحمَةِ اللهِ و ثوابهِ ،
يا أيّها المُسلِمونَ المُؤمنونَ باللهِ و رسولِهِ مَن يَرتَدَّ منكُم عَن ولايةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) فَليَعلَم سوفَ يأتي اللهُ بِقَومٍ مِنَ الفُرسِ يُحبُّهُم و يُحبّونَهُ و يُوالون آلَ محمّدٍ (ص) ،
و أولئِكَ الشّيعَةِ المُوالونَ لآِلِ محمّدٍ (ص) صِفَتُهُم أنَّهُم يَتواضَعونَ لِلمُؤمنينَ المُوالينَ لآِلِ محمدٍ (ص) و يَعتَزّونَ و يَتَكبَّرونَ عليٰ الكافِرينَ و يُجاهِدونَ في سبيلِ اللهِ و لا يَخافونَ مَلامَةَ لائِمٍ ،
ذلك الوَصْفُ الحاصِلُ لِلشّيعَةِ المُؤمنينَ هُوَ فضلُ اللهِ الّذي آتاهُم بِهِ يُؤتيهِ مَن يشآءُ تَفضيلَهُ مِنَ النّاسِ و اللهُ واسِعُ الفَضلِ عليمٌ بالإفضال ،
إنّما الوِلايَةُ التكوينيّةُ والتَّشريعيَّةُ عليكُم مَنحَصِرَةٌ لِلّهِ و لِرَسولِهِ و لِعَليٍّ وَ وُلدِهِ (ع) المَعصومين الّذين يُقيمونَ الصَّلاةَ و يُؤتونَ الزّكاة و هُم راكِعونَ كعليٍّ (ع) و لَم يَفعَلها غيرَهُ و نَزَلَت في فَضلِهِ بالإجماع ،
و من يتولّيٰ أولاءِ كامِلاً أللهَ ربَّهُ و رسولَهُ مُحمّداً (ص) ويتولّيٰ آلَ مُحمّدٍ (ص) الّذين آمَنوا باللهِ قَبلَ خَلقِ الخَلقِ فإنّهُم يكونونَ حِزبَ اللهِ و هُمُ الغالِبونَ عليٰ حِزبِ الشّيطان ،
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلامِ لا تَتَّخِذوا خُلَفاءَ الجَوْرِ الّذين اتّخَذوا دينَكُم هُزُواً و لَعِباً كأبي سُفيانَ و مُعاويَةَ و حِزبَهُما و هُم حَقيقَةً لَم يُؤمِنوا ،
فلا تَتَّخِذوا الّذين كانوا يَهوداً و نصاريٰ من قبل الإسلام و كانوا من الكفّار و المُشركينَ كالخُلَفاءِ أولياءَ مِن دونِ آل مُحمّدٍ (ص) و خافوا اللهَ إن كنتُم مُؤمنين بعقابِ الله ،
و هؤلاءِ المُنافِقونَ إذا نادَيتُم و أذَّنتُم لِلصّلاةِ و قُلتُم أشهدُ أنَّ عليّاً (ع) وليُّ الله إتَّخَذوا الوِلايَةَ و الصَّلاةَ والشّهادَة بالوِلايَةِ مَسخَرَةً و اُضحوكَةً و مَهزَلَةً ذلك بأنّهم قومٌ أغنياءُ حَمقيٰ لا يعقِلونَ بِأنَّ شَرطَ قَبولِ الصَّلاةِ ولاية عليّ بن أبيطالب (ع)
قُل يا حبيي لأِتباعِ اليهودِ و النّصاريٰ الذين يُعادونَكُم أهلَ البيت قل لهم إستنكاراً هَل تَنقِمونَ علينا بِسَبَبٍ غيرِ أنا آمَنّا باللهِ و بما اُنزِلَ علينا بِشأنِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ؟ كَلاّ ،
و لا تَنقِموُنَ علينا إلاّ عليٰ ما اُنزِلَ مِن قَبلُ في التوراةِ و الإنجيلِ بِشأنِ إتّباعِ إيليا عليّاً (ع) و إنّ أكثركُم فاسِقونَ بِنَصِّ التّوراةِ و الإنجيلِ بِتَركِ وِلايَتِه ،
قُل لهُم يا حبيبي هل اُخبِرُكم بأسوَءَ حالٍ مِن أولئِكَ الفاسِقونَ بِنَصِّ التّوراةِ و الإنجيلِ و أشَدُّ جَزاءً و عُقوبَةً عِندَ اللهِ ،
فذلكَ هُوَ مَن لَعَنَهُ اللهُ و كانَ مِن الشَّجَرةِ المَعونَةِ في القرآنِ و مَن قالَ اللهُ فيهِ ألا لَعنَة اللهِ عليٰ القومِ الظالِمين و مَن غَضِبَ عليهِ اللهُ لِغَضَبِ فاطِمَةَ عليهِ ،
و جَعَلَ اللهُ مِنَ الشَّجَرةِ المَلعونَةِ بني اُمَيّة في القرآنِ القِرَدَة الّتي كانوا يَلعَبونَ بِها و خَنازيرَهم كَشِمرٍ و حَرمَلَةَ وابنَ زيادٍ ،
و منهُم إيضاً المُخالِفين لِمَذهَبِ أهلِ البَيْتِ (ع) و كلّ مَن عَبَدَ الطاغوتَ الخَليفَة الجائِرِ مَعَ الجِبتِ باتّباعِهِ و طاعَتِه ،
أولئِكَ جميعهم بني اُمَيّة و خُلَفاءِ الجَور والذين غَضَبَتِ الزَّهراءُ عليهِم فَغَضَبَ اللهُ عليهِم لِغَضَبِها ، كُلُّهُم شَرٌّ مكاناً في الجَحيمِ مِنَ اليَهودِ و النّصاريٰ و أضَلُّ منهُم عَن جادَّةِ الحَقّ ،
و إذا جاؤكم يا آلَ محمدٍ (ص) قالوا لكُم آمَنّا بِبَيعَةِ الغَديرِ و بالتأكيد إنّهُم دَخَلوا عليكُم بالكُفرِ باللهِ و بِولايَتِكم آل محمدٍ (ص) كما هُم حينَ خروجِهم مِن عِندكُم خَرَجوا بالكفرِ بولايَتِكم ،
واللهُ أعلَمُ بما يكتُمونَ مِنَ البُغضِ و العِداءِ و الحِقدِ و الحَسَدِ و الضَّغينةِ لكُم يا آل مُحمّدٍ (ص) و يكتموها حتّيٰ وَفاة محمدٍ (ص) فيُظهِرونَها ،
و أنتَ يا حبيبي تَريٰ كثيراً مِن أعداءِ عليٍّ (ع) يُسارِعونَ في الظُّلمِ و العُدوانِ عليهِ و عليٰ الزَّهراءِ و ذُرّيتهما (ع) و يُسارِعونَ في أكلِ المالِ المَغضوبِ الحَرامِ كَفَدكٍ و الخُمسِ لَبِئسَ ما كانوا يعمَلونَ مِنَ الظُّلمِ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) ،
هَلاّ يَنهيٰ هؤلاءِ المُنافقينَ أصحابُ عليٍّ (ع) الرَّبانيّونَ كسلمانٍ و أبي ذَرٍ و المِقدادُ و عَمّارٌ و الأحبارُ مِن أصحابِهِ كابنِ عَبّاسٍ حَبرَالاُمّةِ و هَلاّ ينهاهُمُ أحبارُهُم اليَهودُ عن قولِهِم الإثمَ بأنَّ مُحمّداً (ص) لَم يُوحَ إليهِ بِشأنِ عليٍّ ،
و هَلاّ يَنهيٰ هؤلاء الظَّلَمَة أصحابُ مُحمّدٍ (ص) الرَّبانيّونَ عن أكلِ الحَرامِ و غَصبِ فَدَكٍ و الخُمس لَبِئسَ ما كانوا يَصنَعونَ مِن غَصبِ حَقِّ آل مُحمّدٍ (ص) ،
و قالَت فِرقَةٌ مُفَوِّضَةٌ مِن يهودِ قُريشٍ يَدُ اللهِ مَغلولَةٌ بَعدَ أن خَلَقَ الخَلقَ فلا قُدرَةَ لهُ فيهِم بَل فَوَّضَ الأمرَ لهُم لكنّهُم غُلَّت أيديهِم في الجَحيمِ و لَعَنَهُمُ اللهُ بما قالوا ،
فَليست يَدُ اللهِ مَغلولَة بَل قادِرٌ قديرٌ مُقتَدِرٌ عليٰ كلِّ شييءٍ يُريدُهُ وَ يَدا قُدرَتِهِ مَبسوطَتانِ عليٰ الإطلاقِ في جَميعِ خَلقِهِ جَوادٌ يُنفِقُ كيفَ يشآءُ بِحِكمَتهِ تعاليٰ ،
و لَيَزيدَنّ كثيراً مِن يَهودِ قُريشٍ و حِزبِهم ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّكَ بِشأنِ ولايةِ عليٍّ (ع) و الأمرُ بإبلاغِهِ طُغياناً عليهِ و كُفراً بِوِلايَتِه ،
و ألقَينا بَيْنَ مُشركي قُريشٍ و المُنافِقينَ أتباعَ اليَهودِ و أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) العَداوَةَ و البَغضاءَ إليٰ يومِ القيامَةِ لِطُغيانِهم ،
و كُلّما أوقَدَ أعداءُ عليٍّ (ع) ناراً لِلحَربِ مَعَ أهلِ البَيْتِ (ع) و شيعَتِهِم لِيَقضوا عليهِم أطفأَها اللهُ بِقُدرَتِهِ و أبقاهُم رَغماً لهُم ،
و هؤلاءِ المُنافقينَ المُخالِفينَ لِعليٍّ (ع) يَسعَونَ في الأرض فَساداً بِمُعاداةِ آل محمدٍ (ص) و شيعَتِهم لكنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ ، فَيَدحَرْ كيدَهُم ،
و لو أنَّ أهل القرآنِ والتّوراةِ والإنجيلِ آمَنوا بولايةِ عليٍّ (ع) جميعُهُم واتَّقَوا اللهَ و لم يُوالوا غيرَهُ لكَفّرنا عنهُم ذنوبَهُم و غفرناها و لَأدخلناهُم جَنّات النّعيم بِبَرَكَةِ وِلايةِ عليٍّ (ع)
و لو أنّهم أقاموا أحكامَ التوراةِ و الإنجيلِ و ما أنزِلَ إليهِم مِن ربِّهم فيها بِلُزومِ مُوالاةِ مادْ مادْ ، وفا رقليط ، و إيليا و شبر و شبير ، لَسَعَدوا في الدّنيا و الآخِره ،
فلو تَمسّكوا بولايَةِ الخَمسةِ أصحاب الكساءِ لأكَلوا مِن فَوقِ رؤسِهم من البَركاتِ السّماويّةِ و الثِّمار و مِن تَحتِ أرجُلِهِم مِنَ الزّروعِ و المَعادِن بِبَرَكةِ آل مُحمّدٍ (ص) ،
و مِنَ اليَهودِ والنّصاريٰ طائِفةٌ كبيرةٌ موالِيَةٌ لآِلِ محمّدٍ (ص) عادِلَةٌ لا تُعادي آلَ مُحمّدٍ (ص) و كثيرٌ مِن هؤلاءِ المُنافقين سآءَ ما يعمَلونَ مِن مُعاداةِ آل مُحمّدٍ (ص)
يا أيّها الرَّسولُ مُحمّد (ص) بَلِّغ ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّك في عَليٍّ (ع) و نَصبِهِ لِلوِلايَةِ والخِلافَةِ والوِصايَةِ بَلِّغ ذلكَ إليٰ المُسلمينَ في غَديرِ خُمٍّ ،
و إن لَم تفعَل ما أمرناكَ بِهِ مِن إبلاغِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) إليٰ النّاسِ و أَخذِ البَيْعَةِ لَهُ مِنهُم فَاعلَم بأنّكَ ما بَلّغتَ رِسالَةَ اللهِ أبَداً ،!!!
فَيا رَسولَ الله إن كُنتَ تَخشيٰ عليٰ عَليٍّ (ع) مِن كيدِ المُنافِقين و السَّفَلَةِ مِن كُفّارِ قُرَيشٍ كأبي سُفيانَ و حِزبِهِ فَاللهُ يَعصِمُكَ مِنهُم فَلا تَخشاهُم ،
إنَّ اللهَ أبَداً يا رسولَ الله لا يهدي القومَ الكافِرينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) إليٰ ما يَرومونَ مِن مَنعِكَ عَن نَصبِهِ لِلوِلايَةِ فاصدَع بِما تُؤمَر ،
قُل يا حبيبي لليهود و النّصاريٰ و حِزبِهِم مِن قُريشٍ لستُم عليٰ دينِ موسيٰ و لا عيسيٰ حتّيٰ تُقيموا حُكمَ التّوراةِ و الإنجيل بِشَأنِ التَّمسُّكِ بوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) وَ ما اُنزِلَ إليكُم مِن رَبِّكُم فيهِم ،
و بالتأكيدِ لِيَزيدُ كثيراً مِن مُنافِقي قُريش ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّك بِشَأنِ عليٍّ و أهل البيت (ع) طُغياناً عليهِم . كُفراً بِولايَتِهم ،
فلا تأسَف يا حبيبي و لا تَحزَن عليٰ القومِ الكافِرين لِازديادِ عنادِهِم و بُغضِهِم لِعَليٍّ (ع) بَعدَ يومِ الغَديرِ فإنّما اختاروا ذلك هُم ،
بالتأكيدِ إنّ الّذين آمَنوا بالإسلامِ والّذين كانوا يَهوداً والصّابِئونَ والنّصاريٰ كلٌّ مَن آمَنَ باللهِ وَ بِولايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ص) والمَعادِ منهُم ،
و مَن عَمِلَ صالِحاً منهُم و تَشيَّعَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و عَمِلَ بِسُنَّتِهم فلا خوفٌ عليهِم مِن عقابِ اللهِ وَ لا هُم يحزَنونَ يومَ القيامَةِ بَل سَيَفرَحون ،
فيا حبيبي إن يُكذِّبوك فَقَد أخذنا مِيثاقَ بني إسرائيلَ بَعدَ إنقاذِهِم مِن فِرعَوْنَ أن يُطيعوا الرُّسُلَ و أرسَلنا إليهم رُسُلاً مِن بَعدِ موسيٰ كلّما جاءَهم رسولٌ بما لا تَهويٰ أنفُسَهُم مِن أحكامٍ فكانوا فَريقاً كذّبوهُم مِنَ الرُّسُل و فَريقاً يَقتلونَهُم ،
و حَسِبَ المُكذِّبونَ مِن بني إسرائيلَ أن لا تكونَ فِتنَةٌ و إمتِحانٌ لَهُم بعدَ تكذيبِهِم لِلرُّسُل فَتَعامَوا و تَصامّوا عَن الحَقِّ و الشَّرعِ فابتُلوا بالفِتَن فتابوا ثُمَّ تابَ اللهُ عليهِم و مَرّةً اُخريٰ كثيرٌ منهُم تعامَوا عَنِ الحَقِّ واللهُ بَصيرٌ بما يَعمَلون ،
بالتأكيدِ لَقَد كفَرَ باللهِ النّصاريٰ الّذين قالوا باتِّّحادِ الأقانيمِ الثَّلاثَةِ و قالوا إنَّ اللهَ هُوَ المَسيحُ عيسيٰ بن مَريَم لأِنَّ اللهَ لَم يَلِد و لَم يُولَد ،
و إن كانوا هؤلاءُ يُطيعونَ المَسيحَ و يُؤمِنونَ بهِ فَلَقَد قال المَسيحُ عليهِ السّلام يا بَني إسرائيلَ اعبُدُوا اللهَ وَحدَهُ فهوَ ربّي و ربّكم و خالِقي و خالِقُكُم ،
و قالَ لهُم المَسيحُ اعلَموا يا بَني إسرائيلَ إنّهُ مَن يُشرِك باللهِ و يقولُ إنّي إبنُ الله أو مُتَّحِدٌ باللهِ فَقَد حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجَنّةَ و يَخلُدُ في النّار ،
فَمَأواهُ و مَصيرُهُ بعدَ الموتِ إليٰ النّارِ و ما لِلظّالِمينَ المُشركينَ مِن أنصار يَنصُرونَهُم مِنَ النّار لا المَسيحُ و لا غيرُهُ فلا تَنالُهُم شَفاعَتُه ،
بالتأكيدِ لَقَد كفَرَ النّصاريٰ الذّين قالوا إنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ هُم عيسيٰ و روحُ القُدُسِ مَعَ الله لأِنّهُم أشركوهُما مَعَهُ في الاُلوهِيَّةِ و ما مِن إلـهٍ إلاّ إلـٰـهٌ واحِدٌ هوَ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ،
و إن لَم ينتَهوا هؤلاءِ النّصاريٰ عمّا يقولونَ في عيسيٰ والثّالوث لَيَمَسَّنَّ الَّذينَ كَفَروا مِنَ النَّصاريٰ عذابٌ أليمٌ في الدّنيا و الآخِرَه ،
نَستَفهِمُهُم تَوبيخاً ألا يَتوبونَ عاجِلاً إليٰ اللهِ مِن كُفرِهِم فيُوَحِّدونَهُ و يَستَغفِرونَهُ لِيَغفِرَ لهُم ذلكَ الذّنب و اللهُ غفورٌ لِمَن تابَ رحيمٌ لِمَن أناب ،
ليسَ المسيحُ عيسيٰ بنُ مَريَمَ سِويٰ رسولٌ مِنَ اللهِ قَد سبَقَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ مِنَ اللهِ لِلبَشَر كموسيٰ و غَيرِهِ و لَيسَت اُمُّهُ إلاّ صِدّيقَةٌ طاهِرَةٌ ،
و أنتُم تعلَمونَ أنّهما كانا يأكُلانِ الطّعامَ لِحاجَتِهما إليهِ فإذا كانا إلـٰهَينِ لَما احتاجا اُنظُر يا حبيبي كيفَ نُبَيِّن لهُمُ الآياتَ و الدَّلائِلَ ثُمَّ انظُر كَيفَ يَصرِفونَ عَن التّوحيدِ إليٰ التَّثليث !
قُل لهم يا حبيبي إستنكاراً هَل تَعبُدونَ مِن سِويٰ اللهِ مَن هُوَ مَخلوقٌ لِلّهِ لا يَملِكُ لكُم ضَرّاً و لا نَفعاً بِغَيرِ مَشيئَةِ اللهِ مَعَ أنّ اللهَ هوَ السَّميعُ العليمُ الّذي يَجِبُ أن تعبُدوُهُ ،
قل لهم يا حبيبي و خاطِبهُم يا أهلَ الكتاب التوراة و الإنجيل و غيرها أيّها اليَهودُ و النّصاريٰ لا تَبتَدِعوا الغُلُوَّ في دينِكم بالباطِلِ كالتّثليثِ
و لا تَتَّبِعوا بِدَعَ قومٍ قد ضَلّوا مِن قَبلِكُم و ماتوا عليٰ الشِّركِ و أضَلّوا كثيراً مِنَ النّاسِ بِضَلالَتِهِم و بِدَعِهِم و ضَلّوا هُم بذلكَ عن جادَّةِ الصّواب و طريقِ الحَقّ ،
لُعِنَ الّذين أشرَكوا و كَفروا مِن بني إسرائيلَ عليٰ لسانِ داوُدَ والِدِ سُلَيمان و عيسيٰ بن مريم لِقَتلِهِمُ الأنبياءَ وارتِدادِهِم عن دينِهم ،
و ذلك اللَّعنُ لهُم مِن داوُدَ و عيسيٰ كان نتيجةً لِما عَصَوا أمرَ اللهِ و تعاليمَ التوراةِ و أشركوا و عَبَدوا العِجلَ واعتَدَوا عليٰ هارونَ و اتَّبعوا السّامِريَّ و عِجلِهِ ،
كانوا أولئِكَ الملعونين لا يَتناهَون عن صَيدِ السَّمَكِ في السَّبتِ و مُخالَفَةِ الأنبياءِ و اتَّبعوا العِجلَ والسّامِريَّ لَبِئسَ ما كانوا يفعَلونَ مِنَ العِصيان ،
تريٰ يا حبيبي كثيراً مِن قُريشٍ والمُنافقينَ يَتَولَّون الذين كفروا مِنَ اليهودِ لَبِئسَ الرَّذيلة ما قَدَّمتُه أيديهِم و نَتيجَتُها أن غَضِبَ اللهُ عليهِم و لَعَنَهُم مِن رَحمَتِهِ ،
و نَتيجة لِما قَدَّمت أيديهِم إيضاً أنّهم يوم القيامَةِ في العذابِ الحريقِ في جَهنَّمَ خالِدونَ إليٰ الأبَدِ و لا خَلاصَ لهُم مِنها ،
و لو كانوا هؤلاءِ المُنافِقينَ يُؤمِنون باللهِ و بِمُحمدٍ و آلِهِ (ص) نَبيّ الإسلامِ و ما اُنزِلَ إليهِ بشأنِ عليٍّ (ع) وَ وِلايَتِهِ مااتَّخذَهُم مُشرِكوا اليهودِ أولياءَ
و لكنَّ كثيراً مِن هؤلاءِ المُنافقين بِتَركِهِمُ الإيمانَ باللهِ و رَسولِهِ و أهلِ البَيتِ (ع) فاسِقونَ و عُصاة و مُجرمون ،
بالتأكيدِ يا حبيبي لَتَجِدَنَّ أشَدّ النّاسِ عَداوَةً للّذين آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) هُم ألفَسَقَةُ من اليهودِ والّذين أشرَكوا مِن قُريشٍ كآلِ أبي سُفيانَ و حِزبِهم ،
و لَتَجِدَنَّ أقرَبَ النّاسِ مَوَدَّةً لِلّذين آمَنوا بولايةِ محمّدٍ و آل محمدٍ (ص) الّذين قالوا إنّا نَصاريٰ مَسيحيّونَ أتباع عيسيٰ و الإنجيل ،
ولِأنّهُم أقرَبُ النّاس مَوَدّةً لهُم لِأنّ مِنهُم قِسّيسينَ و رُهباناً اشتَرَكوا في المُباهِلَةِ معَ أصحابِ الكَساءِ فَسَلّموا و لَم يُباهِلوهُم و لِأنّهُم لا يستَكبِرونَ عليهِم ،
و هؤلاء كالنَّجاشيِّ و غيرهِ إذا ما سَمعوا ما اُنزِلَ إليٰ الرّسولِ بِشأنِ ولايَةِ عليٍّ (ع) تَريٰ أعيُنَهم تَفيضُ بالدّموعِ خُشوعاً و فَرَحاً لأِنّهُ مذكورٌ في الإنجيلِ و مِمّا عَرَفوا مِنَ الحَقِّ فيهِ ،
فيتولَّونَهُ و يُحبّونَهُ و يَوَدّونَهُ و يقولونَ : ربّنا آمنّا بِوِلايةِ عليّ بن أبيطالبٍ (ع) فاكتُبنا مِنَ الشّاهِدينَ المُقرِّينَ بِوِلايَتِهِ ،
و يقولونَ مُتسائِلينَ تَعجُّباً مالَنا نَحنُ لا نُؤمِنُ باللهِ و ما جاءَنا مِنَ الحَقِّ مِن عِندِهِ بِشأنِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ؟ فَهَل جُنِنّا ؟ كَلاّ و نَطمَعُ أن يُدخِلَنا اللهُ مَعَ شيعةِ عليٍّ (ع) القوم الصّالحين ،
فأثابَ اللهَُ النّجاشِيّ و مَن عليٰ شاكِلَتِهِ بما قالوا مِنَ الحَقِّ بعد مَوتِهم جنّات.
جنّاتٍ تجري مِن خِلالها الأنهارُ مِنَ الخَمرِ والمآءِ واللَّبَنِ وَ العَسَل خالِدينَ فيها إليٰ الأبَد و ذلكَ جَزآءُ المُحسِنينَ المُوالينَ لِعَليّ بن أبي طالِبٍ (ع) ،
و أمّا الّذين كفَروا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ كَذّبوا بآياتِ اللهِ النّازِلَةِ بَشأنِ وِلايَتِهم أولئِكَ حَتماً سيكونونَ أصحاب الجَحيمِ الحَريق ،
يا أيّها الذين آمَنوا ظاهِراً و أبطَنوا النِّفاقَ ، مِن الصّحابَةِ و غَيرهِم نَنهاكُم نَهياً باتّاً لا تُحَرِّموا مِتعَةَ النِّساءِ الطّيباتِ الّتي حَلّلَها اللهُ لِلمُسلمين ،
وَ لا تأكلوا حَقّ آل مُحمّدٍ (ص) و خُمسِهِم و فَيئِهِم و فَدَكِ فاطِمَةَ و كُلوا مِمّا رَزَقكُمُ اللهُ بِبَرَكَتِهِم و بِإذنِهم و رِضاهُم فَقَط و ذلكَ الرِّزقُ كُلوهُ حَلالاً طيّباً
وَاتّقوا اللهَ و خافوا عَذابَهُ و عِقابَهُ الأليم الشّديدَ و لا تَخافوا هذا النّهي و لا تُحَرِّموا المِتعَةَ لأِنّكم أظهرتُمُ الإيمانَ بهِ فالتَزِموا بِلَوازِمِه ،
أيّها المُسلِمونَ لا يُؤاخِذكُم اللهُ و لا يُعاقِبُكم باللَّغوِ في يَمينِكُم و حِلفِكُم بإسمِهِ وَ هُوَ ما كانَ مِن غَيرِ قَصدٍ أو كانَ لِتَقيَّةٍ و ضَرورَةٍ ،
و لكنَّ اللهَ يُؤاخِذُكُم و يُعاقِبُكُم باللَّغوِ في الأيمْانِ عَمداً و بِقَصدٍ و بِما عَقدتُمُ الإيمْانَ عليهِ خِلافاً لِلحَقيقَةِ من دونِ ضَرورَةٍ فكفّارَتُهُ إضافةً عليٰ التَّوبةِ إطعامُ عَشَرَةَ مساكينَ مُؤمِنين ،
و الإطعامُ يَجِبُ أن يكونَ مِن أوسَطِ ما تُطعِمونَ بهِ أنفُسَكم و أهليكُم غالِباً لا أقَلَّ مِن ذلكَ والزّائِدُ أفضَل أو كِسوَتِهم بما يَستُرُ أجسامَهُم مِنَ الكِساءِ أو تَحريرُ رَقَبَةٍ مَرقوقَةٍ مُؤمِنَةٍ
فَمَن كانَ مِنكُم فقيراً لَم يَجِد ما يُطعِمُ بهِ عَشَرَةَ مساكينٍ أو يكسوهُم أو يُحَرِّر رَقَبَةً فيَجِبُ عليهِ صيام ثلاثَةِ أيّامٍ مُتَتالِياتٍ ذلكَ حُكمُ كفّارةِ أيْمانِكم الباطِلَةِ أو الحَنثِ لأِيْمانِكم ،
واحفَظوا أيْمانَكُم عَنِ الحَنثِ إن حَلَفتُم إلاّ لِضَرورةٍ عقليّةٍ أو شرعيّةٍ كذلكَ يَشرَحُ اللهُ لكُم آياتِ أحكامِهِ لعلّكم تشكرونَ اللهَ فَتُطيعونَهُ ،
يا أيّها الذين أظهَروا الإيمانَ باللهِ و رَسولهِ إنّما الخَمرُ و ما أسكَرَ و المَيْسِرَ و كُلّ قِمارٍ و الأنصابُ و كُلّ الأصنامِ و الأزلامُ و كلّ قِدحِ لِلإستِقسامِ رِجسٌ حَرامٌ خَبَثٌ مِن عَمَلِ الشّيطانِ عَلَّمكُم بهِ ،
فاجتَنِبوا الرِّجسَ والشّيطان واجتَنِبُوا الخَمرَ و المَيْسِر و الأنصاب و الأزلام فإنّها كَبائِر مُحرَّمَه لا تَحِلُّ لكم أبَداً فاجتَنِبوها لعلّكم تُفلِحونَ باجتِنابِها فَتَنالوا شَفاعَةَ آل محمّدٍ (ص)
والشيطانُ إنّما يُريدُ بذلكَ أن يَصُدّكم عَن ذكرِ اللهِ وَ وِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) وَ عَنِ الصّلاةِ الصَّحيحَةِ عليٰ مَذهَبِهِم فَهَل أنتُم مُنتَهونَ عَنِ الرِّجسِ أو تُعانِدون ؟
و أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرّسول أيّها المُسلِمونَ واحذَروا مِن مُخالَفَةِ اللهِ وَ رَسولِهِ و عِصيانِهما و لا تُطيعوا وُلاةَ الجَور و لا تُطيعوا الشّيطان ،
فإن تَولّيتُم و أعرَضتُم عن طاعَةِ اللهِ و رَسولِهِ و لَم تُوالوا آلَ مُحمّدٍ (ص) و عصيتُمُ اللهَ و رَسولَهُ فاعلَموا أنّما عليٰ رَسولِنا مُحمّدٍ (ص) ألبَلاغُ البَيِّنُ وَ عاقِبَتكُم عليٰ الله ،
و قَبلَ التّحريمِ فَلَيسَ عليٰ الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ جُناحٌ و عِقابٌ فيما طَعِموا مِنَ الخَمرِ لأِنّهُ لم يُحرَّم حينَئذٍ إذا كانوا أتقياء و مُؤمنينَ و صُلَحاءَ ،
و ليسَ جُناحٌ عليهِم فيما طَعِموا منهُ قبلَ التّحريمِ ثُمّ اتّقَوا اللهَ و آمَنوا بهِ بَعدَ التّحريمِ و لم يَشرَبوا ثُمَّ اتَّقَوا اللهَ و نَهَوا عنِ الخَمرِ و أحسَنوا الطّاعَةَ لِلّهِ و اللهَُ يُحِبُّ المُحسِنينَ المُطيعين ،
يا أيّها المُسلِمون لِيَختَبِرنَّكُم اللهُ بَعدَ أن حَرَّمَ عليكُم الصَّيدَ في الحَرَمِ الشَّريفِ بشييءٍ مِنَ الصَّيدِ و الحيواناتِ الوَحشيّةِ و فروخِها و البَيْض تنالُها أيديكُم و أسلِحَتكم ،
فاللهُ يعلَمُ مَن هوَ الّذي يَخافُهُ بالغَيْبِ و لكن لِيُظهِرَ عِلمَهُ بَعدَ إختبارِكم لكم فَمَن اعتَديٰ بَعدَ التَّحريمِ واصطادَ فلَهُ عذابٌ أليمٌ في الآخِرَة ،
يا أيّها المُسلِمون لاتَقتُلوا الصَّيْدَ و أنتُم مُحرِمونَ بإِحرامِ الحَجِّ أو العُمرَةِ سواءَ كانَ في الحَرَمِ أو خارِجِهِ و سوآء اشتَريْتُموهُ أو مَسكتُموه ،
و مَن قَتَلَ الصَّيدَ منكم و هو مُحرِمٌ مُتعَمِّداً لا خَطَاًء فَجزاءٌ دنيويٌّ لِفعلِهِ الحرام أن يُفدي مِثلَ ما قَتَلَ مِنَ النِّعَمِ فإن كانَ بَقرَاً وَحشيّاً فَبَقرَةٌ و إن كانَ نُعامَةً فإبِل يحكُمُ بِتَماثُلِهِ عَدلَيْنِ مُسلِمَيْنِ يَذبَحهُ في الحَرَم ،
أو جزاءٌ لِعَمَلِهِ كفّارةُ إطعامُ مساكينَ مِن غالِبِ القُوتِ بقيمَةِ الهَدي أو ما يُعادِلُ ذلكَ الطّعام صياماً يومٌ عن كُلِّ مُدٍّ ليذوقَ ثِقلَ جَزاءَ عَمَلِهِ ،
عَفَا اللهُ عَمّا سَلَف قبل التّحريمِ مِن صَيدِكُم و مِن عادَ بعدَ التَّحريمِ فاصطادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنهُ يومَ القيامَةِ و اللهُ عزيزٌ ذوانتقامٍ منَ المُعتَدين ،
اُحِلّ لكُم حَلالاً مِن جانِبِ اللهِ صَيدُ البَحرِ و اُحِلّ لكم طعامُهُ مِن الأسماكِ المُباحَةِ متاعاً لكُم و مَتاعاً لِلمُسافِرينَ السّائِرين ،
و حَرَّمَ اللهُ عليكم صَيدُ البَرِّ ما دُمتم حُرُماً مُحرِمينَ لِلحَجِّ أو العُمرَةِ واتَّقوا اللهَ الّذي إليهِ تُحشَرونَ و خافوهُ فإنّهُ سيُحاسِبُكم ،
جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ في بَيتِ اللهِ الحَرامِ الّذي يَحرُمُ فيهِ الرَّفَثُ و الفُسوقُ و العِصيانُ و الصَّيد و يَحرُمُ دخول المُشركين فيهِ و دُخول الجُنبِ و الحائِضِ و جَعَلَها اللهُ قِياماً لِلنّاس بعبادَتِهِ و نُسُكِهِ ،
و جَعَلَ اللهُ الشَّهرَ الحَرامْ ذوالقِعدَه و ذوالحِجّة و المُحرَّم ، حُراماً فيهِ القِتال و جَعَلَ اللهُ الهَديَ في الحَجِّ هَديَّةً لِلمُحتاجينَ و القَلائِدَ تُهديٰ لهُم ،
جَعَلَ اللهُ كلَّ ذلكَ لِتَعلَموا أيّها النّاس أنَّ اللهَ حكيمٌ يعلَمُ ما في السماواتِ و ما في الأرضِ مِن مَصالِحَ و مَفاسِدَ و بِحكمَتِهِ و عِلمِهِ يُشَرِّعُ و إن اللهَ بِكُلِّ شييءٍ منَ المَصلَحَةِ عليمٌ ،
إعلَموا أيّها النّاسُ إنّ اللهَ شديدُ العِقابِ لِمَن هَتَكَ حُرمَةَ البَيْتِ الحَرامِ والشَّهرِ الحَرام و غَيرَ مَناسِكَ الحَجّ و اعلَموا أنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ لِمَن راعاها ،
إعلَموا أنّهُ ما عليٰ الرّسولِ وجوبٍ و مَسئوليّةٍ إلاّ أن يُبَلِّغكُم وِلايَةَ عليٍّ (ع) بَلاغاً كامِلاً في غَديرِ خُمٍّ و اللهُ يعلَمُ ما تُبدونَ مِن قَولِ بَخٍ بَخٍ و ما تكتُمونَ مِن تآمُرِكُم ضِدَّهُ ،
قل يا حبيبي لاُِمّتِكَ أيّها النّاس لا يَستوي الخَبيثُ المُنافِقُ مَعَ الطَيِّبِ المُوالي لِعَليٍّ (ع) في القَدرِ و المَنزِلَةِ عندَ اللهِ و لو أعجَبَكَ كثرَةُ عَدَدِ الخُبثاء ؟؟؟
فاتّقوا اللهَ و لاتَتَّبِعوا الخَبيثَ المُنافِقَ و لا تَركَنوا إليٰ الخُبَثاءِ لِكِثرَتِهم يا أصحابَ العُقولِ السّليمَةِ و القُلوبِ الواعِيَةِ لعلّكم تُفلِحونَ بولايةِ آل محمدٍ (ص)
يا أيّها المُسلِمون لا تسأَلوا مِنَ النَبيِّ و أهل بَيتِهِ (ع) عن أشياءَ لم يُصَرِّحوا بِها لِمَصلَحَةٍ و إن تُبدَو تَظهَرُ لكُم جوابها تَسُؤكُم و تُحزِنُكُم
و لو تَسأَلوا عنها عند ما يَنزِلُ الوَحيُ القُرآنيُّ فيها تَظهَر لكُم جوابها فلا تَستَعجِلوا عَفا اللهُ عن إثمِها و اللهُ غفورٌ حليمٌ عن السّائِلين ،
قد سأَل هذهِ الأسئِلَةَ قومٌ مِن قَبلِكُم مِن رُسُلِهم فَبيّنوا لَهُمُ الأحكامَ في جوابِها فَخالَفوها فأصبَحوا بِها كافِرين ،
ما شَرَعَ اللهُ و ما جَعَلَ في الدّين مِن بَحيرَةٍ تُخَصَّصُ ضَرعُها و لَبنُها لِلطّواغيت ولا سائِبَةٍ للأصنامِ و لا حاميٍ يُمنَعُ مِن رُكوبهِ إلاّ الطّواغيت ،
و لكنّ المُشرِكينَ و المُنافِقينَ الّذين كَفروا باللهِ في الجاهِليّة شَرَّعوها يَفتَرونَ عليٰ اللهِ الكَذِبَ و أكثَرُهُم لا يَعقِلونَ بِأنّ الشَّرعَ بِيَدِ الله ،
و إذا قيل لِلمُنافقين تَعالَوا إليٰ إمتِثالِ ما أنزَلَ اللهُ مِن أحكامِ القرآنِ و إليٰ الرَّسولِ مُحمّدٍ (ص) فَأطيعوهُ قالوا حَسبُنا ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا مِن الشَّرع ،
أفَهل حَسبُهُم ذلكَ و لو كانَ آباؤهُم جُهّالاً لا يعلَمونَ شيئاً مِنْ أحكامِ اللهِ و وَحيِهِ و لا يَهتدونَ لِمَصالِحِ الأحكام ؟
يا أيّها الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و بايَعوا عليّاً (ع) و شايَعوهُ عليكُم مُراقِبَة أنفُسِكُم لا يَضُرّكُم ضَلالُ مَن ضَلَّ عن وِلايةِ عليٍّ (ع) إذا اهتَدَيْتُم بِوِلايَتِهِ ،
إليٰ اللهِ و إليٰ مَحكَمَةِ عَدلِهِ و حِسابِهِ و جَزاءِهِ مَرجعكم أيّها النّاسُ جميعاً فيُنَبّعُكُم بما كنتُم تعمَلون في الدّنيا مِن عَمَلٍ ،
يا أيّها المُسلِمونَ إنَّ حُكمَ الإشهادِ الشَّرعِيّ بينكم عند ما يَدنو أجَلُ مَوتِ أحَدِكُم أن يُشهِدَ حينَ الوصيَّة عليها رَجُلان ذَوا عَدالةٍ منكُم ،
أو شاهِدانِ عادِلانِ مِن غَيرِ المُسلمينَ إن كنتُم مُسافرينَ ضَربتُم في الأرضِ سَفَراً و لَم يُوجَد غيرِهما مُسلِماً يَشهَدْ فَحانَ وُرود الأجَلِ فوصَّيتُم ،
و إن شَككتُم في شهادَتِهما فيَجوزُ أن تَحبِسونَهُما مِن بَعدِ صَلاة الجَماعَة عليٰ أن يُقسِما باللهِ و بكتابِهِم المُقَدَّس أنّهما لا يَشتَرِيانِ باللهِ و إسمِهِ نَفعاً ،
و يَحلِفانِ أنّهُما لا يَبغِيانِ باليَمينِ نَفعاً حتّيٰ و لو كانَ المَيِّتُ ذا قُربيٰ و يَحلِفانِ أنّهُما لا يَكتُمانِ شَهادَةَ اللهِ عليكُم بَل يَشهدانِ عليٰ الحَقيقَةِ و يُقرِّانِ إنْ فَعَلاً إذاً فَهُما لَمِنَ الآثِمين ،
فإن انكَشَفَ لكم أنّهما شَهِدا بالكِذبِ واستَحقّا عِقاباً نتيجةً لإِثمِهما فَتَبطُل شهادَتِهما فَيَشهد آخَرانِ يقومانِ مَقامَهُما لِلشّهادَة مِنَ الّذين استَحقَّ عليهِما الأوليان ،
فَيَحلِفانِ باللهِ و بكتابِهِ المُقَدَّس بِأنَّ شهادَتِهما أحَقُّ مِن شَهادَةِ ذَينِكَ الشاهِدانِ بالكِذبِ و يَحلِفانِ قائِلَيْن ما اعتَدَيْنا في الشَّهادَةِ و إن فَعَلنا إنّا إذاً لَمِنَ الظّالِمين فَعاقِبونا ،
ذلك الشّرطُ يكونُ أقرَبُ لِنَتيجةٍ مأمولَةٍ أن يأتوا بالشَّهادَةِ عليٰ وَجهِها مِنَ الحقيقَةِ فيَخافونَ أن تُرَدّ الأيْمان بعد أيْمانِهم إليٰ وَرَثَةِ المَيِّت فَيَحلِفون هُم ،
واتَّقوا اللهَ و خافوا عِقابَهُ أيّها الشّهودُ واسمَعوا و أطيعوا أحكامَ اللهِ و لا تُخالِفوها فاللهُ لا يَهدي القومَ الفاسِقينَ بِمُخالِفَتها ،
و تَذكّروا يومَ القيامَةِ حيثُ يَجمَعُ اللهُ رُسُلَهُ فيقولُ لهُم ماذا اُجِبتُم حينما دَعَوتُم اُمَمَكُم لِلتّقويٰ و العَدلِ بَعدَ أن مَضَيتُم قالوا لا عِلم لَنا بِأحوالِهم بعدَ مَوتِنا إنّكَ أنتَ عَلاّمُ الغُيوب ،
و تَذكّروا إذ قالَ اللهُ في وَحيِهِ يا عيسيٰ بنَ مريم اذكُر نِعمَتي عليكَ و عليٰ والِدَتِكَ إذا أيَّدتُ رِسالَتك بِجبرَئيلَ أمينِ الوَحي و أنطَقتُكَ في المَهد ،
واذكُر نِعمَتي إذ كَلّمتَ النّاسَ في المَهدِ قائِلاً إنّي عبدُ اللهِ آتانِيَ الكتابَ و جَعَلَني نَبيّاً ألخ ، واذكُر نِعمَتي عليكَ إذ كُنتَ كَهلاً و إذ عَلّمتُكَ بالوَحيِ عِلمَ الكِتابِ التَّشريعيّ و الوِلايَةِ و الحِكمَةِ و عَلّمتُكَ أحكامَ التّوراةِ و الإنجيل ،
واذكُر نِعمَتي عليكَ إذ مَنحتُكَ الوِلايَةَ التّكوينيَّة إذ تَخلُقُ بها مِنَ الطّينِ مُجَسَّمةَ الطَّيْرِ بِأمري فتنفُخُ فيها بِنَفخةِ الوِلايَةِ التكوينيَّةِ فتكونُ طَيْراً حقيقيّاً بِقُدرَتي و مَشيئَتي و إرادَتي ،
واذكُر نِعمَتي عليكَ إذ تُبرِيءُ الأعميٰ مِن اُمِّهِ فتَجعلُهُ سالِمَ العَينَين و تُبرِيءُ الأبرَصَ بِوِلايَتِكَ التكوينيّةَ بإذنِ اللهِ و إذ تُخرِجُ المَوتيٰ أحياءً مِن قبورِهِم بإذنِ الله ،
واذكُر إذ مَنَعتُ أذيٰ بَني إسرائيلَ عنكَ حينما هَمُّوا لِيَقتُلوكَ و يَصلِبوكَ فَشَبَّهنا لهُم فَأَخذوا غَيرَكَ مكانُكَ بعدَ إذ جِئتَهُم بالمَعاجِز فقالَ كفّارَهُم إن هذا إلاّ سِحرٌ واضِحٌ ،
واذكُر إذ أوحَيْتُ إليٰ أوصياءِكَ الحَوارييّن أن آمِنوا بي و بِرَسولي خاتَمِ الأنبياءِ مُحمّدٍ (ص) قالوا آمَنّا بِكَ و بِعيسيٰ و بمُحمّدٍ و اشهَد اللهُمّ بِأَنّا مُسلِمونَ مُوالونَ لِمُحمدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) ،
و تَذكّروا إذ قالَ الحوارِيّون لِعيسيٰ: يا عيسيٰ بنَ مَريم آمَنّا باللهِ و بِرسالَتِكَ وَ وِلايَتِكَ و لا نَعرِفُ حدودَها فَهَل يَستطيعُ رَبّكَ أن يَتحدّيٰ الأسبابَ و يُنَزِّلَ علينا مائِدَةً مِنَ السّماءِ خَرقاً لِلعادَةِ ؟؟؟
قالَ عيسيٰ لِلحوارِيّين نَعَم مَعَ أنّ اللهَ تعاليٰ أبيٰ إلاّ أن يُجري الاُمورَ بِأسبابِها فبالزّراعَةِ تكسِبونَ قُوتَكُم لكن إتّقوا اللهَ واعلَموا أنَّ قُدرَتَهُ مُطلَقَةُ إن كنتُم مُؤمِنين باللهِ و قُدرَتِهِ ،
قالوَا الحَوارِيّونَ لِعيسيٰ نَحنُ نُريدُ أن نَتَبَرَّكَ بِمائِدَةِ الجَنّةِ فنأكُل منها تَبَرُّكاً و تَطمَئِنَّ قلوبَنا بِأنَّ الوِلايَةَ التكوينيّةَ مُطلَقَةٌ و نَعلَمَ يَقيناً أنّكَ صَدَقتنا حينما أخبَرتنا بِنُزولِ المائِدَةِ عليٰ آل محمدٍ (ص) و نَكونَ عليها مِنَ الشّاهِدينَ مُسبَقاً ،
عندئذٍ دَعا ربَّهُ عيسيٰ قائِلاً أللّهُمّ صَلِّ عليٰ مُحمّدٍ و آلِ محمّدٍ و بِحَقِّهِم أسألَكَ إن كُنتَ مُنزِلاًعليهِم مائِدَةً مِنَ السّماءِ رَبَّنا أنزِل علينا مائِدَةً مِنَ السّماءِ بِبَرَكتِهِم ،
رَبّنا أنّ الحواريّين صاموا ثَلاثينَ يَوماً لكَ فأنزِل عليهِم المائِدَةَ تكونُ لَنا عيدَ الفِطر لأِوّلِنا إيماناً بِآلِ مُحمّدٍ و آخِرِنا إيماناً بِهِم و تكون آيَةً مِنكَ عليٰ وِلايَتِكَ التكوينيّةَ وارزُقنا مِن دونِ سَبَبٍ و أنتَ خَيرُ الرّازِقين ،
فأوحيٰ اللهُ إليهِ إنّي مُنزِّلٌ ألمائِدَةَ عليكُم بِبَرَكَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) فَمَن يكفُر بعدَ نُزولِها منكُم بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) فإنّي اُعذِّبُهُ عَذاباً لا اُعذِِّبُهُ أحَداً مِنَ العالَمين فأمسَخُهُ قِرداً و خِنزيراً ،
و تَذكّروا إذ يقولُ اللهُ يوم القيامَة توبيخاً لِمُشركي النَّصاريٰ يا عيسيٰ ابنَ مَريم ءَأنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتَّخِذوني و اُمّي إلـٰهَيْنِ مِن دونِ اللهِ أم الشّيطان ؟
فيقولُ عيسيٰ مُجيباً سُبحانَكَ اللّهُمَّ تَقَدَّسَت و تَعالَيْتَ ما قُلتُ لهُم ذلكَ و ما يكونُ لي أن أقولَ ما ليسَ لي بِحَقٍّ و أنا عبدُكَ و مَخلوقُكَ و كذلكَ اُمّي مَريَم ،
و يقولُ إلـٰهي إن كُنتُ قُلتُ ذلكَ فَقَد عَلِمتَهُ و لَم يَخفِ عَلَيكَ تَعلَمُ ما في نَفسي مِن نِيَّةٍ فَلَم أنوِ ذلكَ لَحظَةً واحِدَةَ فكيفَ أقولُهُ و أنا كيفَ أكونُ إلـٰهاً مَعَ أنّي لا أعلَمُ ما في ذاتِكَ مِنَ العلومِ الذّاتيَِّةِ و العلومِ الغَيبيَّةِ ،
إنّكَ يا ألـٰهي أنتَ عَلاّمُ الغيوبِ كُلّها ذاتاً و لا يَعلَمُها غيرُك إلاّ بِتَعليمِكَ فسُبحانَكَ لا شريكَ لَكَ ،
أنا يا إلـٰهي ما قُلتُ لِبَني إسرائيلَ إلاّ ما أمَرتَني بهِ أن أقولَهُ و هو أنِ اعبُدوا اللهَ ربّي و رَبّكم وَ وَحِّدُوهُ و كنتُ عليهِم رَقيباً أرقَبُهُم أن لا يُشرِكوا ما دُمتُ بَينَهُم ،
فلمّا رَفعتَني إليٰ السّماءِ الرّابِعَةِ حينما أرادوا قَتلي كُنتَ يا إلـٰهي أنتَ الرَّقيبَ عليهِم تَشهَدُ أحوالَهُم إليٰ أن بَعثتَ خاتِم الأنبياءِ مُحمّداً (ص) و أنتَ عليٰ كلِّ شييءٍ شاهدٌ رقيبٌ ،
و قالَ عيسيٰ إلـٰهي إن تُعَذِّب أتباعي و بَني إسرائيلَ فإنّهم عَبيدُكَ الّذينَ خَلَقتَهُم تَملِكُ ناصيَتِهِم و بالعَدلِ تُعَذِّبَهُم و إن تَغفِر لهُم بِشَرطِ مُِوالاةِ مُحمّدٍ و آل محمدٍ (ص) فإنّكَ أنتَ العَزيزُ الحَكيمُ في خَلقِكَ .
فَيقولُ اللهُ في جَوابهِ يَوم القيامَة هذا يومُ يَنفَعُ الصّادِقين المُصَدِّقينَ بِولايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) صِدقُهُم لَهُم جنّاتٌ تجري مِن تحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها حتّيٰ الأبَد ،
كُلُّ ذلكَ لِأجلِ أن رَضِيَ اللهُ عَن شيعَةِ آل مُحمّدٍ (ص) و رَضوا هُم عَنِ اللهِ لِما أثابَهُم عليٰ مُوالاتِهِم و ذلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظيمُ الّذي نالوهُ ،
واعلَموا أيّها النّاسُ جَميعاً أنّ لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ و ما فيهِنَّ عليٰ الحَقيقَةِ و الواقِع مِلكاً صِرفاً تامّاً مِن غَيرِ شِركَةٍ ثابِتاً أزلِيّاً و أبَدِيّاً فلَهُ الوِلايَةُ المُطلَقَةُ التّامَّةُ عليها و قَد مَنَحها لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ص) مِن جانِبِهِ و هو عليٰ كلِّ شييءٍ قَديرٌ
نشر في الصفحات 1178-1125 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی