سورة الرَّعد
2017-02-21
سورة التَّحريم
2017-02-21

(47)
سورة المائِدَة = الوِلايَة

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ )

بإِسمِ ذاتِيَ المُستَجمِعِ لِجميعِ صفاتِ الكمالِ و الجَمالِ و الجَلالِ و بإسمِ رحمانيّتيَ العامّةِ الشّامِلَةِ لجميعِ الخَلق و بِإسمِ رحيميَّتيَ الخاصَّةِ بالمُؤمنين أبَدأُ الوحيَ ،

( يا أيّها الّذينَ آمَنوا أوْفُوا بالعُقود )

أيُّها المُسلِمونَ يَجِب عليكُم وجوباً شرعيّاً ألوَفاءَ بِلوازِمِ العُقودِ الّتي تَعقِدونَها بَيْنَكُم بعضكُم مَعَ البَعض و بَيْنَكُم و بَيْنَ اللهِ و بِكُلِّ شروطِها و آثارِها سيّما عَقدُ بَيعة الوِلايَة ،

( ‌اُحِلَّت لَكُم بَهيمة الأنعامِ إلاّ ما يُتليٰ عليكم )

اُحِلّت لكُم لحومُ و ألبانُ‌ بَهيمَةِ الأنعامِ كُلّها عَديٰ ما يُتليٰ عليكُم في آيةِ حُرِّمَت عليكُم المَيتَةُ ألَخ بعد أن كان قِسماً مِنها مُحرَّماً عليٰ اليَهود ،

(‌غَيرَ‌ مُحِلِّي الصَّيدَ و أنتُم حُرُمٌ إنَّ اللهَ يحكُمُ ما يُريد )

و لا تُحَلِّلوا الصَّيدَ حالَما أنتُم مُحرِمونَ لِلعُمرَةِ‌ و الحَجِّ صَيداً‌ و أكلاً و حينما أنتُم حُرُمٌ داخِلَ حُدودِ الحَرَم الشَّريف و إن لم تكونوا في إحرامٍ إنّ اللهَ يَحكُمُ ما شاءَت إرادَتُهُ ،

( يا أيّها الذين آمنوا لا تُحِلّوا شعائِرَ اللهِ و لا الشَّهرَ الحَرامَ و لا الهَدْيَ و لا القَلائِد )

يا أيّها المُسلِمونَ لا تُحَلِّلوا هَتكَ شعائِرِ اللهِ والإستخفافِ بمعالِمِ الدّينِ و الإسلامِ و لا هتكَ حُرمَةِ الشَّهرِ الحَرام بالقِتال و لا حُرمَةَ الهَدي بالتَعرُّضِ لهُ و لا تَتَعَرّضوا لِنَباة الحَرَم ،

( و لا آمّينَ البَيتَ الحرام يَبتَغون فَضلاً مِن ربّهم و رِضواناً )

و لا تَتَعرَّضوا لِلّذين يَؤُمّونَ البَيتَ الحرامَ و يَقصِدونَهُ يطلبونَ‌ رِزقاً من اللهِ و أجراً و ثَواباً مِن قَصدِهِم فَتَمنَعونَهُم أو تُؤذونَهُم ،

(‌ ‌و إذا حَلَلتُم فاصطادوا و لا يَجرِمَنّكُم شَنآنُ قومٍ‌ أن صَدّوكُم عنِ المَسجدِ‌ الحرامِ‌ أن تَعتَدوا )

و إذا حَلَلتُم مِن إحرامِ الحَجّ والعُمرَة و خَرجتُم مِن حدودِ الحَرَم فاصطادوا الصَّيَد إن أرَدتُم و لا يَدعوكُم لارتِكاب الجَريمَةِ بُغض قَومٍ مَنعوكُم عن المَسجِدِ الحرام فَتَعتَدوا و تُقاتِلونَهُم ،

(‌ و تعاوَنوا عليٰ البِرّ و التَّقويٰ و لا تَعاوَنوا عليٰ الإثم و العُدوان )

و يَجِب عليكُم أيّها المُؤمِنون أن تَتَعاوَنوا مَعاً عليٰ عَمَلِ البِرّ و الخَيْرِ والتَّقويٰ والصَّلاح و يَحرُمُ عليكُم أن تَتَعاوَنوا عليٰ الإثمِ و المَعصِيَةِ و الظُّلمِ و العُدوان ،

( واتَّقوا اللهَ إنَّ اللهَ شديدُ العِقاب )

و خافوا اللهَ وَاخشَوا عِقابَهُ‌ و عَذابَهُ إن خالَفتُم هذهِ الأوامِر و الأحكام و الفرائِض والشَّرائِع إنَّ اللهَ شديدُ العِقابِ لِمَن يُخالِفُها ،

( حُرِّمَت عليْكُم المَيتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحمُ الخِنزيرِ وَ ما اُهِلّ لِغَيرِ اللهِ بِهِ‌‌ )

و أمّا الّذي قُلنا : إلاّ ما يُتليٰ عليكُم : فقد حُرِّمَت عليكُم البهيمَةُ المَيِّتَة و الدَّم و لحمَ الخنزيرِ و ما شابَهَهُ كما لكَلبِ والسِّباعِ و ما وُجِّه حينَ الذِّبحِ لِغَيرِ اللهَ وَ لَم يُذبَح عليٰ اسمِ الله ،

( والمُنخَنَقَةُ والمَوقوذَةُ والمُتَردِّيَةُ و النَّطيحَةُ و ما أكَلَ السَّبعُ إلاّ ما ذكّيتُم و ما ذُبِحَ عليٰ النُّصُب )

وَ البَهيمةُ المَيِّتةُ خَنقاً والمَقتولَةُ ضَرباً والسّاقِطَةُ مِن عُلوٍّ فَتموت و المَقتولَةُ المَنطوحَة بِقَرنِ غيرِها و ما صادَتهُ السِّباعُ إلاّ ما أدركتُموها حَيَّةً فذَكّيتُموها و ما ذُبِحَ منها عليٰ الأصنام ،

( وَ أن تَستَقسِموا بالأَزلام ذٰلِكُم فِسقٌ فَمَن اضطُرّ في مَخمَصةٍ غيرَ مُتجانِفٍ لإثمٍ‌ فإنّ اللهَ غفورٌ رحيم )

و حُرِّمَت عليكُم المُقامَرةَ بأن تَستَقسِموا بالقِدحِ و الزَّلَم ذلكم كلّها مَعصِيةٌ وإثمٌ فمن اضطُرَّ في مَجاعَةٍ لأكلِها غيرَ قاصِدٍ لِمَعصِيَتِهِ فإنَّ اللهَ غَفورٌ لَهُ رَحيمٌ ‌بِهِ ،

( أَليومَ يَئِسَ الَّذين كفروا مِن دينكم فَلا تخشَوهُم و اخشَونِ !! )

أليومَ أكمَلتُ‌ لكُم دينكم و أتمَمتُ عليكُم نِعمَتي و رَضيتُ لَكُمُ الإسلامَ ديناً أَليومَ أكملتُ أنا اللهُ‌ ربّكم لَكُمْ دينُكم بِولايَةِ‌ عليٍّ (ع) فَبِدونِهِ كان ناقِصاً‌ وَ‌ أَتمَمتُ عليكُم نُعمَتي بِوِلايَتِهِ‌ و رَضيتُ لكُمُ الإسلامَ بِشَرطِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ديناً .

( يسألونَكَ‌ ماذا اُحِلّ لهُم ؟ قُل اُحِلّ لكُم الطَيّباتُ و ما عَلِّمتُم من الجَوارِح مُكلّبين )

يَسألونك يا حبيبي ماذا أحَلَّ اللهُ لَهُم أكلَهُ ؟ فَقُل لَهُم جَوابا‌ً أحَلّ اللهُ‌ لكُم الأطعِمَةَ‌ و اللّحومَ الحَلالَةِ‌ الطّاهِرَةِ المُباحَةِ السّائِغَةِ و ما عُلِّمتم بِصَيدِهِ لِلطّيور الجارِحَةِ و الكِلاب ،

( تُعَلِّموهُنّ مِمّا عَلّمَكُمُ اللهُ فَكُلوا مِمّا أمسَكنَ‌ عليكُم واذكروا اسمَ اللهِ عَليهِ ) ،

تُعَلِّموهُنَّ و تُؤَدِّبوهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ مِن فَنِّ الصَّيدِ مِن دونِ أن يَأكُلنَ الصَّيد فَكُلوا مِمّا أمسَكنَ‌ لكُم مِنَ‌ الصَّيدِ بَعدَ إرسالِهِنّ واذكُروا اسمَ اللهِ ‌عليٰ الصَّيد ،

( واتّقوا اللهَ‌ إنَّ اللهَ سَريعُ‌ الحِساب )

واتَّقوا اللهَ و خافوهُ في تركِ هذِهِ الشّروطِ‌ و في أكلِ غَيرِ الطيّباتِ مِن السُّحتِ و الحَرامِ و الخَبائِثِ والصَّيدِ الحَرام إنَّ اللهَ سريعُ الحسابِ عليٰ ذلك

(‌ أليَوم اُحِلّ لكُمُ الطَيِّباتُ و طَعامُ الّذين اُوتوا الكِتابَ حِلٌّ لكُم و طعامُكُم حِلٌّ لهم )

لقد كان حراماً لكم طعام الحُنطةِ والشَّعيرِ و حُبوبِ الكُفّارِ و اليَوم اُحِلَّ لكُم جميعَ الحبوبِ‌ الطيّباتِ حتّيٰ و لو أخذتُموها مِنَ المُشرِكين و طعامُ أهلِ الكتابِ و حبوبِهم حَلالٌ لكم و طعامُكُم حَلالٌ‌ لهُم ،

( والمُحصَناتُ‌ مِنَ المُؤمنات و المُحصَناتُ منَ الّذينَ اُوتوا الكتابَ مِن قَبلِكُم إذا آتَيتُموهُنّ اُجورَهُنّ )

و اُحِلّ لكُم زَواجُ المُحصَناتِ من المُؤمناتِ‌ غير الزّانِياتِ والمُحصَناتِ مِن أهلِ الكِتابِ أليهوديّاتِ والمَسيحيّاتِ بالعَقدِ المُوَقَّت بِشَرطِ أن تُعطوهُنّ مُهورَهُنّ ،

( مُحصِنينَ غيرَ مُسافِحينَ و لا مُتّخِذي أخدانٍ و مَن يكفُر بالإيمان فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ و هو في الآخرةِ من الخاسرين )

بِشرطِ أن تقصدوا الزّواجَ لا الزِّنا و لا تُواعِدوهُنَّ سِرّاً بالزِّنا و مَن يكفُر بالإيمانِ و يَرتَدَّ فقد حَبَطَ عَملُهُ الصّالِح و بَطَلَ و هُوَ في الآخرةِ مِنَ الخاسِرينَ لِلرَّحمَةِ ،

( يا أيّها الّذين آمَنوا إذا قُمتُم إليٰ الصَّلاةِ فاغسِلوأ وجوهَکم و أيديکُم إليٰ المَرافِق )

يا أيّها المُسلِمونَ إذا قُمتُم لأِداءِ الصَّلوةِ فعليكم بالوُضوءِ بهذا الشَّكل فاغسِلوا وجوهَكُم مِن مَنبَتِ شعرِ الرَّأسِ إليٰ الذِّقن ما بَيْنَ الإبهامَيْن .و اغسِلوا أيديكم مِنَ الأعليٰ إليٰ الأسفَل حتّيٰ المَرافِق ،

(‌ وامسَحوا بِرُؤسِكم و أرجُلَكُم إليٰ الكَعبَيْن )

ثُمَّ امسَحوا باليَدِ اليُمنيٰ عليٰ مُقَدَّمِ رؤسِكم بِرُطوبَةِ الوُضوءِ وامسَحوا أرجُلَكُم مِن رؤسِ الأصابِعِ إليٰ الكَعبَيْن بِرُطوبَةِ الوُضوءِ و لا تَغسِلوا الرّأسَ و الرِّجلَيْن ،

( و إن كنتُم جُنُباً فاطّهَروا )

و يَجِب عليكُم إن كنتُم جُنُباً‌ بإنزالِ المَنيِّ أو إدخالِ الحَشَفَةِ في القُبُلِ أو الدُّبُرِ في الإنسانِ أو الحَيْوان أو بالإحتلامِ أن تَتَطَهَّروا بالإغتِسال .

( و إن كنتُم مَرضيٰ أو عليٰ سَفَرٍ أو جاءَ أحَدٌ منكم مِنَ الغائِطِ أو لا مَستُمُ النِّساءَ فَلَم تَجِدوا مآءً فَتَيمَّموا )

و يَجِب عليكُم إن كنتُم مَرضيٰ يَضُرّكُم الماءُ أو عليٰ سَفرٍ في الصَّحراءِ القاحِلَةِ فجاءَ أحَدٌ منكُم مِنَ الغائِطِ فيُريدُ الوُضوءَ أو لا مَستُمُ‌ النِّساءَ دُخولاً فَوَجَبَ الغُسلُ فَلَم تَجِدوا مآءً لِذلكَ فَتَيمَّموا بَدَلاً عنهُ ،

( صَعيداً طَيِّباً فامسَحوا بِوُجوهِكُم و أيديكُم منهُ )

و يَجِب أن يكونَ التَيَمُّمُ عليٰ الصَّعيدِ والتُّرابِ الطَّيِبِ الطّاهِر النَّظيف فامسَحوا بِكَفَّيْكُم بعدَ الضَّربِ عليهِ بجَبهَتِكُم كُلّها و امسَحوا أيدَيكُم مِنَ الظّاهِرِ بِتَمامِ الكَفَّيْن ،

( ما يُريدُ اللهُ لِيَجعَلَ عليكُم مِن حَرَجٍ و لكن يُريدُ لِيُطهِّركُم و لِيُتِمَّ نِعمَتَهُ عليكُم لَعلّكم تَشكرون )

و هذا الحُكمُ لا يُريدُ اللهُ بهِ لِيَجعَلَ عليكُم مِن مَشَقَّةٍ و لكن يُريدُ أن يُطَهِّركُم بهِ و يُريدُ أن يُتِمَّ نِعمَتَهُِ عليكُم بِأن يَجعَلَ لكُم طَهوراً بَدَلَ الماءِ و يُكمِلَ إيمانَكُم لَعلّكُم تَشكرونَهُ ،

( واذكروا نِعمَةَ اللهِ عليكم و ميثاقَهُ الّذي واثَقَكُم بهِ إذ قُلتُم سمعنا و أطَعنا )

واذكروا يا مَن حَضرتُم بَيْعَةَ الغَديرِ نِعمَةِ اللهِ عليكُم بِفَرضِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) عليكُم واذكُروا ميثاقَ اللهِ بِمُبايَعَةِ عليٍّ (ع) بالوِلايَةِ إذ قُلتُم بَخٍ بَخٍ يا علي(ع) و قُلتُم لِلنَّبيّ سَمِعنا و أطَعنا و بايَعتُموهُ ،

( واتَّقوا اللهَ‌ إنَّ اللهَ عليمٌ بِذاتِ الصُّدور )

واتّقوا اللهَ و لا تُنقِضوا ميثاقَهُ و لا تكفروا بِنِعمَةِ وِلايةِ عليٍّ (ع) و تنكُثونَ بَيْعَةَ يومِ ‌الغَديرِ و تَغتَصِبوا الخِلافَةَ مِنهُ إنّ اللهَ عليمٌ بِذاتِ صدورِكِم مِنَ النِيّات و المقاصِد والأحقاد والضّغائِن ،

(‌يا أيّها الذّين آمَنوا كونوا قَوّامينَ لِلّهِ شُهدآءَ بالقِسط )

يا أيّها المُسلِمون كونوا قائِمينَ باستمرارٍ عليٰ إطاعَةِ أمرِ اللهِ و مُوالاةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و كونوا شُهَدآءَ بالعَدلِِ و عَدلِيّونَ في الأصولِ و عُدولٌ في الأحكامِ و الفُروع ،‌

( و لا يَجرِمَنّكُم شَنَآنُ قومٍ عليٰ ألاّ تَعدِلوا إعدِلوا هُوَ أقرَبُ لِلتّقويٰ )

و لا يَدعوَنَّكم لاِرتكابِ الجَريمَةِ بُغض قومٍ عليٰ أن لا تَعدِلوا في الحُكمِ و القَضاءِ بَل إعدِلوا لهُم و عليهِم فالعَدلُ هُوَ أقرَبُ لِلتّقويٰ الواجِب ،

(‌ وَاتَّقوا اللهَ‌ إنَّ اللهَ خَبيرٌ بما تَعمَلون )

واتَّقوا اللهَ و لا تُخالِفوا العَدلَ و لا تَظلِموا حتّيٰ أعداءَكُم مِن دونِ استحقاقٍ إنَّ اللهَ خبيرٌ مُطَّلِعٌ بما تَعمَلونَ مِن عَدلٍ أو جَوْرٍ

( وَعَدَ اللهُ الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ لهُم مَغفِرةٌ و أجرٌ عظيمٌ )

فإذا عَدِلتُم فاعلَموا أنَّ اللهَ وَعَدَ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) و عَمِلوا الصّالِحات و سَيَفي بِوَعدِهِ حَتماً فَلَهُم مَغفِرَةُ و أجرٌ عظيمٌ في جنّاتِ عَدنٍ ،

( وَالّذين كفَروا وَ كَذّبوا بآياتِنا أولئِكَ أصحابُ الجحيم )

وَ وَعَدَ اللهُ الَّذين كفَروا بولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) و كَذّبوا بآياتِ اللهِ النّازِلَةِ بِشأنِ عليٍّ و أهل البَيْت (ع) أولئِك يُحكَمُ عليهِم بأنّهُم أصحابُ الجَحيم ،

(‌ يا أيّها الذّين آمَنوا اذكُروا نِعمَةَ اللهِ عليكم إذ هَمَّ قومٌ أن يبسطوا إليكم أيديهم )

يا أيّها الذين آمَنوا بولايةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) اذكروا نِعمَةَ اللهِ عليكم إذ هَمَّ أبوسفيان و حِزبَهُ أن يَبسُطوا إليكُم أيديهم فَيَقتُلوكم و يَأسِروكم و يُجرِحوكُم ،

( فَكفَّ أيديَهُم عنكم واتّقوا اللهَ وَ عليٰ اللهِ فليَتوكَّلِ‌ المُؤمِنون )

فَكَفَّ اللهُ أيديهم عنكم و صانَكُم مِن أذاهُم واتّقوا اللهَ و لا تَركَنوا إليهِم و عليٰ اللهِ فليتَوكَّلِ المُؤمِنونَ مِن شيعةِ أميرالمُؤمنين (ع) في دَفعِ شيعة آل أبي سُفيان و شَرِّهم عَنهُم ،

( وَ لَقد أخَذ اللهُ ميثاقَ بني إسرائيلَ و بَعثَنا مِنهُم اثنَي عَشَر نقيباً )

وَاذكُروا إذ أخَذ اللهُ ميثاقَ بني إسرائيلَ بِنُصرَةِ أوصياءِ موسيٰ و بَعثنا منهُم إثنَي عَشَر أسباطاً أوصياء و هكذا أنتُم فقد أخَذَ اللهُ ميثاقَكُم بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) وَ‌ أوصياءِهِ الإثنا عَشَر المَعصومين (ع) ،

( وَ قالَ‌ اللهُ إنّي مَعكُم لَئِن أقمتُمُ الصّلاةَ و آتيتُم الزَّكاة )

وَ قال اللهُ لَكُم عليٰ لسانِ موسيٰ والتّوراة إنّي معَكُم بِشَرطِ أن تُقيموا الصلاة و تُؤتو الزّكاة و إلاّ فَلا فهكذا أنتُم أيّها المُسلِمون فاللهُ مَعكُم لَئِن أقَمتُمُ الصّلاةَ المُحمّدِيّةَ العَلَويَّةَ و آتيتُم الزّكاة و الخُمس ،

( وَ آمَنتُم بِرُسُلي وَ‌ عَزَّرتُموهُم وَ أقرضتُم اللهَ قَرضاً حسناً )

وَ ‌قالَ لهُم إنّي مَعكُم لو آمنتُم بِرُسُلي جميعهم مِن آدَم حتّيٰ الخاتم مُحمّد بن عبد الله (ص) و نَصرتُموهُم و أقرَضتُمُ اللهَ قَرضاً حسَناً بالإنفاق في سبيلِهِ الخُمس و الزكاة ،

( لَاُكَفِّرنَّ عنكم سيّئاتِكم و لَاُدخِلَنّكم جنّاتٍ تجري من تَحتِها الأنهار )

و قال لهم لو فعَلتُم كلّ ذلك لَاُكَفِّرنَّ عنكُم سَيِّئاتِكم الصَّغيرَةَ و ذنوبكم و خطيئاتِكم و لَاُدخِلنّكم يوم القيامَةِ جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار و هكذا أنتُم يا اُمَّة الإسلام ،

( فَمَن كفَرَ بَعدَ ذلك منكُم فَقَد ضَلَّ سوآءَ السّبيل )

و قالَ اللهُ لهُم فَمن كفَرَ بعدَ الميثاق منكم فقد ضَلَّ عن الطَّريقِ المُستقيم فهكذا أنتُم يا اُمّةَ الإسلام فَمَن كَفَر بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) بَعدَ بَيعةِ الغديرِ فَقَد ضَلَّ عن طريقِ الهدايةِ والإسلام ،

( فَبِما نَقضِهِم ميثاقَهُم لَعنّاهُم و جَعلنا قلوبَهم قاسِيَةً يُحَرِّفونَ الكَلِمَ عن مَواضِعِهِ )

فَبِما أنّهُم نَقَضوا ميثاقَهُم مَعَ الله فَلَعنّاهُم و طَردناهُم مِن رَحمَتِنا و جَعَلنا قلوبَهم قاسِيَةً عن قبول الهدايةِ فَأخذوا يُحرِّفونَ البِشاراتِ بمجييءِ مُحمّدٍ و إيليا في التّوراة عن مَواضِعها ،

( و نَسوا حَظّاً مِمّا ذُكِّروا بهِ و لا تَزالُ تَطَّلِعُ عليٰ خائِنَةٍ منهُم إلاّ قليلاً منهم )

و تناسَوا عن قِسمٍ مِمّا ذُكِّروا بهِ منَ الميثاقِ و الأحكامِ في التّوراةِ وِ وُجوبِ الإيمانِ بمُحمّدٍ (ص) حينَ بِعثَتِهِ و لا تَزالُ يا رسولَ الله تَطَّلِعُ عليٰ خِيانَةٍ منهُم إلاّ قليلاً منهُم آمَنوا بِكَ ،

( فاعفُ عنهُم واصفَح إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنين )

فحينما تَطَّلِعُ عليٰ خِيانَةٍ سِرَّيةٍ غير عَلَنيَّةٍ منهُم يا رسول الله فلا تُعلِنها و لا تُعاقِبهُم بها بَل غُضَّ الطَّرفَ عنهُم و اهمِلهُم إنَّ اللهَ يُحِبُّ هذا الإحسان مِنك ،

( ومِنَ الذين قالوا إنّا نَصاريٰ أخذنا ميثاقَهُم فَنَسوا حَظّاً مِمّا ذُكِّروا بهِ )

و مِن أهل الكتابِ الذين قالوا إنّا نَصاريٰ أخَذنا ميثاقَهُم في الإنجيلِ عليٰ أن يُؤمِنوا بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) فَتَناسَوا عن قِسمٍ مِمّا ذُكِّروا بهِ في الإنجيلِ و لَم يُؤمِنوا بِهم ،

( فأغرَينا بَيْنَهُم العداوَةَ و البَغضاءَ إليٰ يومِ القيامَةِ و سوف يُنَبِّئُهُم اللهُ بما كانوا يَصنَعون )

فَأجْرَينا بَيْنَهُم العَداوَةَ والبَغضاءَ لِذلكَ إليٰ يومِ القيامَةِ فَيَتفَرَّقونَ مَذاهِبَ مُتباغِضَة و سوف يُخبِرُهُم اللهُ بما كانوا يَصنعونَ يوم القيامَه ،

( يا أهلَ الكتاب قد جاءَكُم رَسولُنا يُبيِّنُ لكُم كثيراً مِمّا كنتُم تُخفونَ مِنَ الكِتابِ و يَعفو عَن كثيرٍ )

يا أيّها اليَهود و النَّصاريٰ قد جاءَكُم رسولُنا مُحمّدٌ (ص) يُبيِّن لكم كثيراً مِمّا كنتُم تُخفونَ مِنَ التّوراةِ والإنجيلِ مِنَ الآياتِ المُبَشِّرة بِمُحمّدٍ (ص) و إيليا و يَعفو عن كثيرٍ مِن أخفاءِكُم فَضائِلُهُ ،

( قد جاءَكُم مِنَ اللهِ نورٌ و كتابٌ مُبينٌ )

و بالتأكيد قد جاءَكم أيّها اليهودُ و النّصاريٰ مِنَ اللهِ نورٌ بواسِطَةِ مُحمّدٍ و القرآن يُنير لكُمُ دروبَ الهِدايَةِ و السَعادَة و جاءَكم كتابٌ واضِحٌ بليغٌ

( يهدي بهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رضوانَهُ سُبُلَ السّلامِ و يُخرِجهُم من الظلمات إليٰ النّور بإذنِه )

يهدي اللهُ بمُحمّدٍ (ص) و الإسلام مَنِ اتَّبَعَ رضوان اللهِ إليٰ طُرُقِ السَّلامَةِ و السَعادَةِ و الأمنِ في الدّارَيْن و يُخرجهُم من الظلماتِ رسول الإسلام إليٰ النّور بإذنِ الله ،

(‌ و يَهديهِم إليٰ صراطٍ مُستَقيم )

و يهديهِم رسولُ اللهِ بإذنِ اللهِ إليٰ صراطِ ولايَةِ عليّ بن أبيطالب (ع) صِراطِ اللهِ المُستقيمِ المُوصِلِ إليٰ الكَمالِ و السَعادَةِ الأبَديَّةِ ،

( لَقَد كَفَر الّذين قالوا إنَّ اللهَ هو المسيحُ بن مريم )

بالتأكيد لَقَد كفروا باللهِ و بالمَسيحِ و الإنجيل ، ألّذينَ قالوا إنّ اللهَ هو المسيحُ بن مريمَ إذِ المَسيحُ رسولُ الله و كَلِمَتُهُ ،

( قُل فَمَن يَملِكُ من اللهِ شيئاً إن أرادَ أن يُهلِكَ المَسيحَ بن مريمَ و اُمَّهُ و مَن في الأرضِ جميعاً ؟ )

قُل لِهؤلاءِ يا حبيبي : إنَّ اللهَ خالِقُ المَسيحِ و مُميتُهُ فَمَن يَملِكُ مِنَ اللهِ قُدرَةً عليٰ خِلافِ إرادَتِهِ إن أرادَ أن يُهلِكَ المَسيحَ و اُمَّهُ و مَن في الأرضِ جميعاً فَبديهيٌّ لا أحَدَ يملِك ،

( و لِلهِ مُلكُ السماواتِ و الأرضِ و ما بينَهُما يخلُقُ ما يشآءُ و اللهُ عليٰ كلِّ شيءٍ قَديرٌ )

فلا أحَدَ يَملِكُ مِنَ اللهِ شيئاً و لِلّهِ مُلكُ السَّماواتِ و الأرضِ و إرادَتُهُ نافِذَةٌ في جميعِ مُلكِهِ و يَخلُقُ ما يشآءُ مِنَ الخَلقِ و يُفني ما يشآءُ و اللهُ عليٰ كلِّ شييءٍ أرادَهُ قَديرٌ

( وَ قالَتِ اليَهودُ والنّصاريٰ نحنُ أبناءُ اللهِ و أحِبّاؤهُ قُل فَلِمَ يُعذِّبكُم بِذنوبِكم بل أنتُم بَشَرٌ مِمَّن خَلَق )

و قالَت الفِرقةُ الضّالَّةُ مِنَ اليَهودِ و النّصاريٰ نَحنُ شَعبُ اللهِ المُختارُ وَ نَحنُ كأبناءِ اللهِ فَضَّلَنا عليٰ جميعِ الاُمَمِ و نَحنُ أحِبّاؤهُ دونَ النّاسِ قُل لهُم يا حبيبي إن كنتُم كما تقولونَ فَلِماذا يُعذِّبكُم بِذنوبِكم في الدّنيا بَل أنتُم بَشَرٌ كسائِرِ مِمَّن خَلَق ،

(‌ يَغفِرُ لِمَن يَشآءُ و يُعَذِّبُ مَن يشآءُ )

واللهُ عزَّو جَلَّ هو يَغفِرُ لِمَن يشآءُ غُفرانَهُ مِن عبادِهِ حتّيٰ و لو لَم يكُن يهوديّاً و لا نصرانيّاً و يُعذِّبُ مَن يشآءُ حتّيٰ و لو كان يهوديّاً أو نصرانيّاً ،

( و لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ وَ الأرضِ و ما بَينَهُما وَ إليهِ المَصير )

و لِلّهِ سُبحانَهُ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ و ما بَيْنَهما مِنَ‌ الخَلائِقِ فَيتَصرَّفُ فيهِم كيفَ يشآءُ و لا تُمنّيٰ عليهِ الأمانِيّ فَلستُم أبناؤهُ إليهِ المَصيرُ بعدَ المَوت ،

(‌ يا أهلَ الكتابِ قد جاءَكُم رسولنا يُبَيِّن لكُم عليٰ فَترةٍ مِنَ الرُّسُل )

يا أيّها اليَهودُ و النّصاريٰ قد جاءَكم رسولنا مُحمّدٌ (ص) يُبيِّن لكُم أحكامَ اللهِ و فرائِضَهُ و شرايِعَهُ بعدَ فتَرَةِ سِتمائَةَ سنةٍ خاليةٍ مِنَ الرُسُل ،

(‌ أن تقولوا ما جاءَنا مِن بَشيرٍ و لا نَذيرٍ فقد جاءَكُم بَشيرٌ و نذيرٌ واللهُ عليٰ كلِّ شيءٍ قَديرٌ )

قَبلَ أن تَقولوا هذهِ فَترَةٌ ما جاءَنا فيها مِن بَشيرٍ و لا نَذيرٍ مِن قِبَلِ اللهِ فَقد جاءَكُم مُحمّدٌ (ص) بشيرٌ و نذيرٌ واللهُ عليٰ كلِّ شييءٍ قديرٌ يُريكُم قُدرتَهُ

( وَ إذ قالَ‌ موسيٰ لقومهِ يا قومِ اذكُروا نِعمَة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء )

وَ تَذَكَّر إذ قال موسيٰ بن عمرانُ لِقومِه بني إسرائيل يا قومي اذكُروا نِعمَةَ‌ اللهِ عليكُم حيثُ جَعَل فيكُم أنبياءَ بني إسرائيل كشُعيبٍ و إسحاقَ و يعقوبَ يوسُف ،

( وَ جعلكُم مُلوكاً و آتاكُم ما لم يُؤتِ أحداً من العالمين )

وَاذكُروا إذ جعلكم مُلوكَ مِصرَ بعد الفراعِنَةِ و ملوكَ الشّامِ و فِلسطينَ الاُردُنّ و آتاكُم ما لَم يُؤتِ أحداً من العالمين مِنَ المَنِّ و السَّلويٰ و مَعاجِزَ موسيٰ (ع) ،

( يا قومِ ادخُلُوا الأرضَ المُقَدَّسةَ الّتي كَتَبَ اللهُ لكم )

وَ قال موسيٰ لِبَني إسرائيلَ يا قومِ ادخُلُوها بَيْتَ المَقدِسِ الأرضَ المُقدَّسَةَ الّتي كَتَبَ اللهُ لكُم دُخولَها و أمَركُم باستيطائِها ،

( و لا ترتَدّوا عليٰ أدبارِكُم فَتَنقَلِبوا خاسِرين )

وَ‌قالَ لهُم يا بَني إسرائيلَ لا تَرتَدّوا عليٰ أدبارِكُم أَمامَ العَدُوِّ المُهاجِم فَتَفِرّوا مِنَ الأرض المُقَدَّسةِ فتَنقَلِبوا خاسِرينَ لِفِلسطين ،

( قالوا يا موسيٰ إنَّ فيها قوماً جبّارين و إنّا لَن نَدخُلَها حتّيٰ يَخرُجوا منها فإن يَخرُجوا منها فإنّا داخِلون )

فَأجابوهُ بني إسرائيلَ قالوا يا موسيٰ إنّ فيها قوماً‌ أقوياءَ جَبّارينَ نَخافُهُم و إنّا لَن نَدخُلَها حتّيٰ يَخرُجوا مِنها مِن دونِ قِتالٍ فإن يَخرُجوا مِنها فإنّا داخِلونَ بَعدَهُم ،

(‌ قالَ رجُلانِ مِنَ الّذين يَخافونَ أنعَمَ اللهُ عليهِما ادخُلوا عليهِمُ ‌البابَ )

قالَ رجُلانِ مِنَ الّذين يخافونَ اللهَ و أنعَمَ اللهُ عليهِما بالشّجاعَةِ و الثَّباتِ و الحَزمِ والتَّدبيرِ هُما يُوشَع بن نونٍ و كالِب بن يُوحنّا : اُدخُلوا عليهِم من بابِ بَيْتِ المَقدِس ،

( فإذا دخلتُموهُ فإنّكُم غالِبون و عليٰ اللهِ فَتَوكّلوا إن كنتُم مُؤمنين )

فإذا دخلتُموهُ يا بني إسرائيلَ و لَم تَخافوهم فإنّكُم حَتماً غالِبونَ لهُم و عليٰ اللهِ فَتَوكّلوا في الغَلَبَةِ عليهِم إن كنتُم مُؤمنين باللهِ و بِرَسولهِ موسيٰ و بِنَصرِ الله لكم ،

( قالوا : يا موسيٰ إنّا لَن نَدخُلَها أبَداً ماداموا فيها )

مع ذلكَ كُلِّهِ أجاب بَنو إسرائيلَ و قالوا : يا موسيٰ إنّا أبَداً لا نَدخُل بَيتَ المَقدِس ماداموا هؤلاءِ الجَبّارينَ فيها فإنّا نَخافُهُم ،

( فَاذهَب أنتَ و ربُّكَ‌ فَقاتِلا أنّا ها هُنا قاعِدون )

و قالوا لِموسيٰ إذهَب أنتَ و رَبُّك الذّي أمَركَ بِدخولِ بَيْتِ المَقدِسِ فقاتِلا الجَبّارينَ إنّا هاهُنا قاعِدونَ حتّيٰ تَغلِبُهُم فَنَدخُلَها ،

( قالَ ربِّ إنّي لا أملِكُ إلاّ نفسي و أخي فافرُق بَيننا و بَين القومِ الفاسِقين )

عندئذٍ رَفَعَ يَدَيهِ موسيٰ مُبتَهِلاً قالَ رَبِّ إنّي لا أملِكُ إختيارَ أحَدٍ إلاّ نفسي و أخي هارون فافرُق بَيننا و بَينَ القوم الفاسِقينَ من بني إسرائيل ،

( قالَ فإنّما مُحرَّمةٌ عليهِم أربعينَ سَنَةٍ يتيهونَ في الأرضِ فلا تَأسَ عليٰ القومِ الفاسقين )

فأجابَهُ اللهُ قالَ إذاً إنَّ بيت المَقدِس‌ِ مُحرَّمَةٌ دخولها عليٰ بني إسرائيلَ أربعينَ سَنَةٍ يتيهونَ خِلالَها في الأرض في سيناء فلا تأسَف عليٰ القومِ الفاسِقين مِنهُم ،

( واتلُ عليهِم نَبَاءَ إبنَي آدَمَ بالحَقِّ إذ قَرّبا قرباناً فَتُقُبّلََ‌ مِن أحَدِهِما )

واتلُ عليهِم آيَةَ  خَبَرِ قِصَّةَ إبنَي آدمَ أبو البَشرِ هابيلَ و قابيلَ تِلاوةً بالحَقِّ و الصِّدقِ حيثُ قَرّبا إليٰ اللهِ قُرباناً بَعدَ تلنازُعِهما حَوْلَ الحوريّةِ فَتُقُبِّلَ القُربانُ و هو الكَبشُ مِن هابيل ،

( و لَم يُتَقَبَّل مِن الآخَر ، قالَ : لأقتُلنّكَ قالَ‌ إنّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقين )

و لَم يُتَقَبَّلُ القُربانُ و هو حَزمَةُ شعيرٍ مِن قابيل فَأحرَقتُه الصّاعِقَةُ فعندئذٍ حَسَدَ أخاهُ و قال : لَأقتُلنّكَ ، قالَ هابيلُ ما ذَنبي ؟ إنّما يَتَقَبَّلُ اللهُ القُربانَ مِنَ المُتَّقينَ فَقَط ،

( ‌لَئِن بَسَطتَ إليَّ يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أنا بِباسِطٍ يَدِيَ إليكَ لأِقتُلَك )

و قالَ لهُ يا أخي لو مَدَدتَ إليَّ يَدكَ لِتَقتُلَني فَأنا لَستُ بِباسِطٍ يَدِيَ نَحوَكَ لأِقتُلَكَ لأِنّك أخي و رَحِمي و لستُ جانِياً ،

(‌ إنّي أخافُ اللهَ رَبّ العالمين )

و قال لهُ يا قابيل إنّي أخافُ اللهَ رَبّ العالمين أن يُعاقِبَني و يُحاسِبَني عليٰ ذنبي لو مَدَدتُ إليكَ يَدي و إن كُنتَ ناوِياً لِقَتلي فكيفَ أقتَصُّ قَبلَ الجِنايَةِ ؟؟؟

(‌ إنّي اُريدُ أن تَبوء بِإثمي و إثمِكَ فتكونَ مِن أصحابِ النّارِ و ذلكَ جَزاؤُا الظّالمين )

و قال هابيلُ لِقابيل :‌ إنّي اُريدُ بِعَدَمِ القِصاصِ قَبلَ الجِنايَةِ مِنكَ أن تَرجِعَ لِلحِسابِ يوم القيامَةِ بإثمِ قَتلي عَلاوَةً عليٰ ذَنبِكَ مِن قَبلُ فَتكونَ مِن أصحابِ النّارِ و ذلكَ هو جَزاءُ الظّالِمين عِندَ الله .

( فَطَوَّعَت لهُ نَفسُهُ قَتلَ أخيهِ فَقَتَلهُ‌ فأصبَحَ مِن الخاسِرين )

فَطَوّعَت لهُ نَفسهُ الأمّارَةُ بالسؤءِ و قُوَّتُهُ الغَضَبيّة الحيوانيّة يَدَيهِ لِيَمُدّها نحوَ أخيهِ ليَقتُلَهُ فَقَتلَهُ مَظلوماً بَريئاً فَأصبَحَ بِقَتلِهِ مِنَ الخاسِرينَ‌ لِلدّنيا و الآخِرَه ،

( فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبحَثُ في الآرضِ لِيُرِيَهُ كيفَ يُواري سَوْأةَ أخيه )

و بَعدَ أن قَتَلَهُ تَحيَّرَ كيفَ يَستُرُ جَسَدهُ‌ عن آدَم و يَصونَهُ عنِ الأنظار فَبَعثَ اللهُ غُراباً يَبحَثُ في الأرضِ بِرجلَيْهِ و مِنقارِهِ و يَحفِرَها لِيَريٰ قابيلُ كيفَ يَحفُرُ قَبراً لأِخيهِ و يُواري فيهِ جَريمةَ قَتلِ أخيه ،

( قالَ‌ يا وَيْلَتيٰ أعجَزتُ أن أكونَ مِثلَ هذا الغُراب فاُواري سَوْأةَ أخي فَأصبَحَ مِنَ النّادِمين )

فعندئذٍ قال قابيلُ : ألوَيْلُ لي ثُمَّ الوَيْلُ لي هَل عَجَزْتُ أن أكونَ مِثلَ‌ هذا الغُراب فأحفِرَ قَبراً‌ فاُواري فيهِ‌ جَريمَةِ قتلِ أخي ؟ فأصبَحَ مِنَ‌النّادمين عليٰ جَريمَتِهِ ،

(‌ مِن أجلِ ذلكَ كَتَبنا عليٰ بني إسرائيلَ أنّهُ مَن قَتَلَ نَفساً بِغَيرِ نَفسٍ أو فَسادٍ‌ في الأرضِ فكأنّما قَتَلَ النّاسَ جميعاً )‌

فَمِن أجلِ إرتكابِ الجَريمَةِ هذهِ مِن دونِ رادِعٍ كَتَبنا عليٰ بَني إسرائيلَ‌ في التّوراة حُكمَ القِصاصِ أنّهُ مَن قَتَلَ نَفساً‌ بِغَيرِ أن تَقتُلَ نَفساً أو لأِجلِ‌ إفَسادٍ في الأرض فكأنّما قَتَلَ النّاسَ جميعاً

(‌ و مَن أحياها فَكأنَّما أحيا النّاسَ جميعاً‌‌ )

و كتَبنا فيها أنَّ مَن أحيا نَفساً مِنَ المَوْتِ و القَتلِ المُهَدَّدِ بهِ‌ فَكأنّما قد أحيا النّاسَ جميعاً و في القِصاصِ حياةٌ لِلنّاس ،

( ‌و لقد جاءَتهم رُسُلنا بالبيِّناتِ ثُمّ إنّ كثيراً منهُم بعدَ ذلكَ في الأرضِ لَمُسرِفون )

و لقد جاءَت بَني إسرائيلَ رُسُلنا بالأحكامِ الواضِحَةِ ثُمَّ إنّ كثيراً مِنهُم بعد ذلكَ في الأرضِ لَمُسرِفونَ بِقَتلِ الأبرِياءِ و يُخالِفونَ رُسُلنا ،

( إنّما جَزاءُ الّذينَ يُحارِبونَ اللهَ و رَسولَهُ و يَسعَوْنَ في الأرضِ فَساداً )

و شَرَعنا و فَرَضنا حُكمَ قِصاصِ المُحاربينَ لِلّهِ و رَسولِهِ مُحمّدٍ و أهل بيتِهِ (ع) و شيعَتِهِم و حَصرناهُ و ليسَ حُكمٌ غيرَهُ كما أنَّ حُكمَ المُفسِدينَ في الأرض إيضاً شَرَعناهُ ،

( أن يُقَتَّلوا أو يُصَلّبوا أو تُقَطّعَ أيديهِم و أرجُلُهُم مِن خِلافٍ أو يُنفَوْا مِنَ الأرض )

فَحُكمُهُم جَميعاً أن يُقَتّلوا فَقِصاصُهُمُ القَتلُ و لِوَليِّ الأمرِ المَعصومِ والوَليِّ الفَقيهِ الحاكِمِ أن يَختارَ لِلمُفسدينَ في الأرضِ الصَّلبَ أو قَطعِ الأيدي و الأرجُل مِن خِلافٍ ، لِغَيرِ القاتِل ، أو نَفيِهِم مِن بلادِ المُسلمينَ لِمَن أخافَهُم ،

( ذلكَ لهُم خِزيٌ في الدّنيا و لهُم في الآخِرَةِ عذابٌ عظيمٌ )

ذلكَ الجَزاءُ لهُم عارٌ و ذُلٌ لاحِقٌ بِهِم في الدّنيا و لهُم عِقابٌ في الآخِرَةِ و هو عذابٌ عظيمٌ في طبقاتِ الجَحيم ،

( إلاّ الّذينَ تابوا مِن قَبلِ أن تَقدِروا عَليهِم فاعلَموا أنَّ اللهَ غفورٌ رَحيمٌ )

فهذا جَزاءُ كلّ مُحاربٍ و مُفسِدٍ إلاّ الّذين تابوا مِنهُم مِن قَبلِ أن تُلقوا القَبضَ عليهِم و تأسِروهُم فَأمّا بعدَهُ فالتّوبَةُ لا تُسقِطُ الجَزاءَ فاعلَموا أنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ لِمَن تابَ سريعاً ،

( يا أيّها الّذين آمَنوا اتّقوا اللهَ و ابتَغوا إليهِ الوَسيلَةَ )

يا أيُّها المُسلِمونَ الذين آمَنوا باللهِ و رَسولِهِ اتَّقوا اللهَ واخشَوهُ و خافوا مِن حِسابهِ و عِقابِهِ عليٰ ذنوبِكُم وابتَغوا إليهِ الوَسيلَةَ لِلشّفاعَةِ مُحمّدٍ و أهل بيتِهِ (ع) ،

( و جاهِدوا في سبيلِهِ لَعلَّكُم تُفلِحون )

و جاهِدوا في سَبيلهِ ضِدَّ أعداءِهِ أولئِكَ‌ الوسيلَة الّتي تَبتَغونَهُم إليٰ اللهِ مُحمدٌ و آل مُحمّدٍ (ص) فجاهِدوا بَني اُمَيَّةَ و حِزبِهِم لَعلّكُم تُفلِحونَ بالجِهاد ،

( إنَّ الذين كَفروا لو أنَّ لهُم ما في الأرضِ جميعاً و مِثلَهُ مَعَهُ لِيَفتَدوا بهِ مِن عذابِ يوم القيامَة )

و بالتأكيد إنَّ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) لو كانَ لهُم كلّ ما في الأرضِ مِن كنوزٍ و ثَرَواتٍ جميعها و ضِعفُ مِقدارِها ثَرواتٍ مثلها فيُقَدِّموها فِداءً لأِنفُسِهم لِيَنجوا مِن عذابِ يوم القيامَه ،

(‌ ما تُقُبِّلَ مِنهُم و لهُم عذابٌ أليمٌ )

لا تُقتَبَلُ منهُم فِداءً بل يُعذّبونَ حتماً فكيف إنّهم لا يَملِكون كُلَّ الأرضِ جميعاً ؟ فَقَطعاً لا نَجاةَ لهُم و لهُم عذابٌ أليمٌ في الجَحيم ،

( ‌يُريدونَ أن يخرُجوا مِن النّارِ و ما هُم بخارِجينَ منها و لهُم عذابٌ مُقيمٌ )

و عند ما يُكَبّونَ عليٰ مَناخِرِهِم في النّارِ فَيَحتَرِقونَ فَيَسعونَ أن يخرُجوا مِنَ النّارِ و هَيْهاتَ فماهُم بخارِجينَ مِنها و لهُم عذابٌ مُقيمٌ و دائِمٌ فيها ،

( ‌و السّارِقُ والسّارِقَةُ فاقطَعوا أيدِيَهما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ )

وَ حدُّ عُقوبَةِ السّارِقِ لأِكثَرَ مِن رُبعِ دينارٍ صَيرَ فيٍّ بِشرائِطِه والسّارِقَةُ إيضاً فاقطَعوا أصابِعَ أيْديَهُما الأربعة جزاءً بما كَسَبا مِنَ الخِيانَةِ عِقاباً مِنَ اللهِ و اللهُ عزيزٌ في حُكمِهِ حكيمٌ في سُلطانِهِ ،

( فَمَن تابَ مِن بَعدِ ظُلمِهِ و أصلَحَ فإنَّ اللهَ يتوبُ عليهِ إنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ )

فَمَن تابَ مِن ذَنبِ سِرقَتِهِ قَبلَ الثّبوتِ عِندَ الحاكِمِ فَرَدَّ المالَ المَسروقَ لِصاحبهِ فَيَسقُطُ عنهُ الحَدَّ فإنَّ اللهَ يَتوبُ عليهِ إن تابَ إنَّ اللهَ غفورٌ لهُ رحيمٌ بعبادِهِ ،

( ألَم تَعلَم أنّ اللهَ لهُ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ يُعذِّبُ مَن يشآءُ و يَغفِرُ لِمَن يشآءُ و اللهُ عليٰ كلِّ شيءٍ قديرٌ )

نَسألُ تَقريراً ألَم تَعلَم أنّ اللهَ هو المالِكُ الحَقيقيُّ لا أنتُم فَلَهُ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ يُعذِّبُ مَن يشآءُ عذابَهُ و يَغفِرُ لِمَن يَشآءُ مَغفِرَتَهُ و اللهُ عليٰ كلِّ شييءٍ قدير ،

(‌ يا أيّها الرَّسولُ لا يَحزُنكَ الَّذينَ يُسارِعونَ في الكُفرِ مِنَ الَّذين قالوا آمنّا بأفواههم وَ لَم تُؤمِن قُلوبُهُم )

يا أيّها الرّسولُ الصّادِقُ الأمينُ لا يَحزُنكَ نِفاقُ الّذين يُسارِعونَ في إعلانِ الكُفرِ إذا قَدَروا عليهِ و هُم مِنَ الّذين قالوا آمَنّا باللهِ بألسِنَتِهم و لَم تُؤمِن قُلوبُهم بذلك ،

(‌ و مِنَ الّذين هادوا سمّاعونَ لِلكَذِبِ سَمّاعونَ لِقومٍ آخَرين )

و يا أيّها الرّسول لا يَحزُنكَ الّذين يُسارِعون في الكفرِ مِنَ اليَهودِ وَ هُم سَمّاعون لِلكَذِبِ الّذي اختَلَقَتهُ أحبارُهُم سمّاعونَ لِقومٍ آخَرين مِن اليَهود ،

( لم يَأتوكَ يُحرِّفونَ الكَلِمَ مِن بَعدِ مَواضِعِهِ يقولونَ إن اُوتيتُم هذا فخُذوهُ و إن لَم تُؤتَوهُ فاحذَروا )

هؤلاءِ اليهود لم يأتوكَ إيماناً بل يأتوكَ يسأَلونكَ عَن زِنا المُحصن فَعِندما تَحكُمُ بالرَّجمِ يُحرِّفونَ الكَلِمَ مِن بَعدِ مَواضِعِهِ يقولون إن اُوتيتُم هذا فَخُذوهُ أنتُم و إن لَم تُؤتَوهُ فاحذَروا الرَّجم ،

( و مَن يُرِدِ اللهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لهُ مِنَ اللهِ شيئاً )

واعلَم يا حبيبي إنَّ مَن يُريدُ اللهُ إمتحانَهُ و إختيارَهُ فأنتَ أبَداً لا تَملِكُ لهُ إسقاطَ التّكليفِ عَنهُ مِن قِبَلِ اللهِ شيئاً حتّيٰ و لو رَكعَةً مِنَ الصّلاة ،

( أولئِكَ الّذين لَم يُرِدِ اللهُ أن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم )

فيا حبيبي أولئِك المُنافقون هُمُ الذين ما يُريدُ اللهُ أن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم بولايَتِكم آلَ مُحمّدٍ (ص) لأِنّهُم لم يُريدوا وِلايَتَكُم إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيت (ع) و يُطَهِّركُم تَطهيراً فقط دونَ سِواكُم .

( لهُم في الدّنيا خِزيٌ و لهُم في الآخرةِ عذابٌ عظيمٍ )

فالمُنافقين لهُم في الدّنيا خِزيٌ و عارٌ و ذِلّةٌ تنالُهُم مِن تَركِ وِلايَةِ آلِ محمّدٍ (ص) و لهُم في الآخِرَة عذابٌ عظيمٌ و خلودٌ في نارِ الجَحيم ،

(‌ سَمّاعونَ لِلكَذِبِ أكّالونَ لِلسُّحتِ فإن جآؤكَ فاحْكُم بَينَهُم أو أعرِض عَنهُم )

إنَّ اليهودَ و المُنافِقينَ سَمّاعونَ لِلكَذِبِ مِن رُؤَسائِهم دائِماً أكّالونَ لِلحرامِ المَمنوعِ  باستمرارٍ فإن جآؤك يتحاكَمونَ إليكَ فأنتَ مُخيَّرٌ فاحكُم بَيْنَهُم أو أعرِض عنهُم لا تَحكُم ،

(‌ و إن تُعرِض عنهُم فَلَن يَضرّوكَ شيئاً و إن حَكَمتَ فاحكُم بَيْنَهُم بالقِسط أنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطين )

و إن تُعرِض بِوَجهِكَ عنهُم و لا تَحكُمُ بَينَهُم فلا خوفٌ عليكَ فَلَن يَضرّوكَ شيئاً و إن حَكَمتَ بَينَهُم فاحكُم بَينَهُم بالعَدلِ الإسلاميّ إنّ اللهَ يُحِبُّ الحاكِمينَ بالعَدل .

( و كيفَ يُحكِّمونَكَ و عِندَهُمُ التّوراةُ فيها حُكمُ اللهِ ثُمّ يتَولَّونَ مِن بعدِ ذلكَ و ما أولئِكَ بالمُؤمنين )

و كيفَ يُحكِّمونَكَ‌ اليهودُ و أتباعَهُم المُنافِقينَ و عِندَهُمُ التّوراةُ فيها حُكمُ اللهِ بِرَجمِ الزّاني المُحصِن ثُمَّ يُعرِضونَ مِن بعدِ ذلكَ عَن الحُكمِ و ما أولئِكَ بالمُؤمِنين بِحُكمِ الله ،

(‌ إنّا أنزَلنا التوراة فيها هُديًٰ و نورٌ يحكُمُ بها النّبيّونَ الّذين أسلَموا لِلّذينَ هادوا و الربّانيّون )

إنّا أنزَلنا التوراة عليٰ موسيٰ فيها هُديًٰ و نورٌ لأِنّها تَدعوُ إليٰ الإيمانِ بِرَسولِ الإسلامِ و أحكامِ الله يَحكُمُ بها النّبيّونَ مِن بَني إسرائيلَ الّذينَ أسلَموا وانقادوا لِليَهودِ و يَحكُمُ بها العُلَماءُ الرّبانِيّون ،

(‌ و الأحبارُ بما استُحفِظوا مِن كتابِ اللهِ و كانوا عليهِ شُهدآءَ فلا تَخشَوُا النّاسَ واخشَوْن )

و يَحكُمُ بها الأحبارُ الاُمَناءُ بما استُحفِظوا مِن التّوراةِ المُبَشِّرَة بِنَبيّ الإسلام و كانوا عليٰ ذلكَ شُهدآءَ و لم يُنكِروا مُحمّداً (ص) فَقُل لهُم لا تَخْشَوُا النّاسَ و لا تَخافوهُم بَل اخشَوني و خافوني ،

( و لا تَشتَروا بآياتي ثَمَناً قليلاً و مَن لم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ فأولئِكَ هُمُ الكافِرون )

و قُل لِلأحبارِ لا تَشتَروا و تَبيعوا بآياتِ التّوراةِ ثَمَناً زَهيداً تَأخُذونَهُ عليٰ كِتمانِها و قُل لهُم مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ مِنكُم فأولئِكَ هُمُ الكافِرون بالله و التّوراة ،

( و كتَبنا عليهِم فيها أنَّ النّفسَ بالنَّفسَ و العَيْنَ بالعَيْنِ و الأنفَ بالأنفِ و الاُذنَ بالاُذنِ والسِّنَّ بالسِنّ )

و كَتَبنا عليٰ اليهودِ في التوراةِ حُكمَ القِصاصِ أنَّ النَّفسَ قِصاصٌ بالنَّفسٍ و العَيْنَ بالعَيْنِ و الأنفَ بالأنفِ و الاُذنَ بالاُذنِ و السِّنَّ قِصاصٌ بالسِّنِّ المُشابِهِ وَ المُماثِل كمّاً و كَيفاً ،

( والجروح قِصاصٌ فَمَن تَصدَّقَ بهِ فهو كفّارَةٌ لهُ و مَن لَم يحكُم بما أنزَلَ‌ اللهُ فاُولئِكَ هُمُ الظّالِمون )

و كتبنا في التَّوراةِ أنَّ الجُروحَ قِصاصٌ إيضاً‌ مُعامَلَة بالمِثلِ و كَتَبنا أنَّ مَن تَصَدَّقَ بِتَقديمِ نَفسِهِ لِلقِصاصِ فَهُوَ كفّارَةٌ لِذَنبهِ و مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ فيها فأولئِكَ هُمُ الظّالِمون .

(‌ و قَفّينا عليٰ آثارِهِم بعيسيٰ بنِ مريَم مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التّوراةِ و آتيناهُ الإنجيل )

و أتبَعنا عليٰ آثارِ النَّبيّينَ مِن بَني إسرائيلَ بِنَبيٍّ رَسولٍ هُوَ عيسيٰ ابنُ مَريَم الصِّديقة فكانَ مُصدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوراةِ النّازِلَةِ عليٰ موسيٰ و آتيناهُ الإنجيلَ الكتابَ المُقَدَّس ،

( ‌فيهِ هُديًٰ و نورٌ و مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيْهِ منَ التّوراةِ و هُديًٰ و موعِظَةً لِلمُتّقين )

و جَعَلنا فيهِ هُديًٰ مِنَ الضَّلالَة لِبَني إسرائيلَ و غَيرِهم و نورٌ يدعو النّاسَ للإيمانِ بِخاتِم الأنبياءِ مُحمّدٍ (ص) و جَعلناهُ مُصدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِن أحكامِ التّوراةِ و هِدايَةً و مَوعِظَةً لِلمُتّقين ،

( ولْيَحكُم أهل الإنجيلِ بما أنزَلَ اللهُ فيهِ و مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ فاُولئِكَ هُمُ الفاسقون )

و أمَرنا و فَرَضنا و حَكَمنا بِأن يَحكُم أهل الإنجيل مِن أتباعِ المَسيحِ و النّصاريٰ بما أنزَلَ اللهُ فيهِ مِنَ البِشارَةِ بِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و مَن لَم يَحكُم بما أنزَلَ اللهُ بِشأنِ مُحمّدٍ و آلِهِ‌ (ع) فاُولئِكَ هُمُ الفاسِقون ،

( و أنزَلنا إليكَ الكِتابَ بالحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيهِ مِنَ الكِتابِ و مُهَيمِناً عَلَيه )

و بَعدَ‌ عيسيٰ و الإنجيلِ أنزَلنا إليكَ يا مُحمّد القُرآنَ بالحَقِّ مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيهِ من التوراةِ و الإنجيل و مُهَيمِناً و مُسَيطِراً عليها ناسِخاً لِبَعضِ أحكامِها ،

( فاحكُم بَينَهُم بما أنزَلَ اللهُ و لا تَتَّبِع أهواءَهُم عمّا جاءَكَ مِنَ الحَقّ )

فاحكُم يا حبيبي بَيْنَ اليَهودِ و النّصاريٰ بِما أنزَلَ اللهُ عليكَ في القرآنِ و لا تَتَّبِع أهواءَهُم بِأن تَتَّبِع شَرائِعَهُم و قِبلَتَهُم عمّا جاءَكَ مِنَ الحَقِّ في القُرآن ،

( ‌لِكُلٍّ جَعَلنا مِنكُم شِرعَةً و مِنهاجاً و لو شآءَ اللهُ لَجَعَلَكُم اُمّةً واحِدَةً و لكِن لِيَبلوكُم في ما آتاكُم )

لِكُلِّ اُمّةٍ منكُم جَعَلنا شريعةً ومِنهاجاً لِلعَمَل و العِبادَةِ و نَسَخنا الشّرايِعَ بالإسلامِ و لو شآءَ اللهُ إبتداءً لَجَعلَكُم اُمّةً واحِدَةً و لكن لَم يَشاء كي يَختَبِركُم بِشرائِعكُم ،

(‌ فاستَبِقوا الخَيراتِ إليٰ اللهِ مَرجِعُكم جميعاً فيُنَبِّئُكُم بما كُنتُم فيهِ تَختَلِفون )

فيا أيّها اليَهودُ و النَّصاريٰ و المُسلمون تَسابَقوا إليٰ تَحصيلِ الخَيْراتِ بالعَمَلِ بالقرآنِ إليٰ الله مَعادِكُم جَميعاً فيُخبِرُكم بما كنتُم في الدّنيا تَختَلِفونَ حَولَهُ ،

(‌ و أنِ احكُم بَينَهُم بما أنزَلَ اللهُ و لا تَتَّبِع أهواءَهُم واحذَرهُم أن يَفتِنوكَ عَن بَعضِ ما أنزَلَ اللهُ إليك )

و أمَرناكَ أنِ احكُم بَيْن أهلِ الكتابِ مِنَ اليَهودِ و النّصاريٰ بما أنزَلَ اللهُ في القرآنِ و لا تَتَّبِع أهواءَهُم النّفسانِيَّةَ و احذَرهُم أن يَصرِفوكَ عَن بَعضِ ما أنزَلَ اللهُ إليكَ في القرآن مِن نَصبِ عليٍّ للخِلافَةِ

(‌ فإن تَولَّوا فاعلَم أنّما يُريدُ اللهُ أن يُصيبَهُم بِبَعضِ ذُنوبِهِم و إنّ كثيراً مِنَ النّاسِ لَفاسِقون )

فإن تَولّوا عنكَ و أعرَضوا عنِ القرآن فاعلَم أنّما يُريدُ اللهُ أن يُصيبَهُم بالإعراضِ عِقاباً عن بعضِ ذُنوبِهم و إنّ كثيراً مِنَ النّاسِ اليَهودِ و النّصاريٰ لفاسقون مُعرِضون عن ولايَةِ عليٍّ (ع) ،

( أفَحُكمَ الجاهِليّة يَبغون ؟  و مَن أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لِقومٍ يُوقِنون )

فهؤلاءِ المُعرِضون عن القرآنِ هَل إنّهُم حُكمَ الجاهليّةِ الجَهلاءِ يَطلُبونَ ؟ فيا تُريٰ مَن أحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً ؟ فَحَتماً لا أحَدَ و ذلك لِقومٍ يُوقِنونَ باللهِ و بولايةِ أهل البَيت (ع) ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا لا تَتَّخِذوا اليَهودَ و النَّصاريٰ أولياءَ بَعضُهُم أولياءُ بَعضٍ )

يا أيُّها المُسلِمونَ المُؤمِنونَ باللهِ لا تَتَّخِذوا اليَهودَ و النَّصاريٰ أولياءَ تُطيعونَهُم و تُحِبّونَهُم مِن دونِ اللهِ فإنّهُم بَعضُهُم لِبَعضٍ أولياء و لَيسُوا أولياءَكُم ،

( و مَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فإنّهُ مِنهُم إنَّ اللهَ لا يَهدي القَومَ الظّالِمين )

و مَن يَتوَلَّ اليهودَ و النَّصاريٰ منكم أيّها المسلمون و يُطيعهم فإنّهُ عند اللهِ يُحسَبُ من اليهودِ والنّصاريٰ و ليس بِمُسلمٍ إنَّ اللهَ لا يهدي القومَ الظّالمين ،

( فتريٰ الذين في قلوبهم مَرَضٌ يُسارعون فيهم يقولون نَخشيٰ أن تُصيبَنا دائِرَةٌ )

فتريٰ يا حبيبي المنافقينَ الذين في قلوبهم مَرَضٌ مِنَ النِّفاق يُسارعونَ في وِلاءِ اليهودِ كأبي سُفيان و مُعاويَةَ و رَبعَهُما يقولون نَخافُ أن تُصيبنا أذيٰ دائِرة الزَّمانِ بِغَلَبَةِ اليَهود ،

(‌ فَعَسيٰ اللهُ أن يأتِيَ بالفَتحِ أو أمرٍ مِن عندِهِ فيُصبِحوا عليٰ ما أسَرّوا في أنفُسِهم نادِمين )

فَعَسيٰ اللهُ يا حبيبَ الله أن يأتِيَ بالفَتحِ لكَ عليهِم أو أمرٍ مِن عندِهِ يأمُرُكَ بِفَضحِ المُنافقين فيُصبحوا عليٰ ما أسَرّوا في أنفُسِهم مِن مُوالاةِ اليَهودِ نادِمين ،

(‌ و يَقولُ الذينَ آمَنوا أهؤلاءِ الّذين أقسَموا باللهِ جَهدَ أيْمانِهم إنّهُم معكم ؟)

و يقول الذين آمنوا بِولايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) هل هؤلاءِ المُوالينَ لِليَهودِ هُمُ الذين أقسَموا باللهِ بالأيْمانِ المُغَلَّظَةِ أنّهم معكم لا مَعَ العَدُوّفوا عَجَباً مِنهُم ،

( حَبِطَت أعمالُهُم فَأصبَحوا خاسِرين )

فَهؤلاءِ المُنافِقين المُوالينَ لِليَهودِ سِرّاً قَد بَطلَت أعمالهم البِرِّيَّةِ و إنفاقاتِهم و غيرها بذلك فأصبَحوا خاسِرينَ لِرَحمَةِ اللهِ و ثوابهِ ،

( يا أيّها الذين آمَنوا مَن يَرتَدَّ منكم عن دينِهِ فسوفَ يأتي اللهُ بِقَومٍ‌ يُحِبّهُم و يُحِبّونَهُ )

يا أيّها المُسلِمونَ المُؤمنونَ باللهِ و رسولِهِ مَن يَرتَدَّ منكُم عَن ولايةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) فَليَعلَم سوفَ يأتي اللهُ بِقَومٍ مِنَ الفُرسِ يُحبُّهُم و يُحبّونَهُ و يُوالون آلَ محمّدٍ (ص) ،

( أذِلّةً‌ عليٰ المُؤمنينَ أعِزّهً عليٰ الكافِرينَ يُجاهِدونَ في سبيلِ اللهِ و لا يَخافونَ لَومَة لائِمٍ )

و أولئِكَ الشّيعَةِ المُوالونَ لآِلِ محمّدٍ (ص) صِفَتُهُم أنَّهُم يَتواضَعونَ لِلمُؤمنينَ المُوالينَ لآِلِ‌ محمدٍ (ص) و يَعتَزّونَ و يَتَكبَّرونَ عليٰ الكافِرينَ و يُجاهِدونَ في سبيلِ اللهِ و لا يَخافونَ مَلامَةَ لائِمٍ ،

‌(‌ ذلك فَضلُ اللهِ يُؤتيهِ مَن يشآءُ و اللهُ واسِعٌ عليمٌ )

ذلك الوَصْفُ الحاصِلُ لِلشّيعَةِ المُؤمنينَ هُوَ فضلُ اللهِ الّذي آتاهُم بِهِ يُؤتيهِ مَن يشآءُ تَفضيلَهُ مِنَ النّاسِ و اللهُ واسِعُ الفَضلِ عليمٌ بالإفضال ،

(‌ إنّما وَليُّكُمُ اللهُ و رَسولُهُ و الّذينَ آمَنوا الّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ و يُؤتونَ الزّكاةَ و هُم راكِعون‌ )

إنّما الوِلايَةُ التكوينيّةُ والتَّشريعيَّةُ عليكُم مَنحَصِرَةٌ لِلّهِ و لِرَسولِهِ و لِعَليٍّ و‌َ وُلدِهِ (ع) المَعصومين الّذين يُقيمونَ الصَّلاةَ و يُؤتونَ الزّكاة و هُم راكِعونَ كعليٍّ (ع) و لَم يَفعَلها غيرَهُ و نَزَلَت في فَضلِهِ بالإجماع ،

( و مَن يتَولَّ اللهَ و رسولَهُ والّذين آمَنوا فإنَّ حِزبَ اللهِ هُمُ الغالِبون )

و من يتولّيٰ أولاءِ كامِلاً أللهَ ربَّهُ و رسولَهُ مُحمّداً (ص) ويتولّيٰ آلَ مُحمّدٍ (ص) الّذين آمَنوا باللهِ قَبلَ خَلقِ الخَلقِ فإنّهُم يكونونَ حِزبَ اللهِ و هُمُ الغالِبونَ عليٰ حِزبِ الشّيطان ،

( يا أيّها الّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذوا الّذين اتّخَذَوا دينَكُم هُزُواً و لَعِباً )

يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلامِ لا تَتَّخِذوا خُلَفاءَ الجَوْرِ الّذين اتّخَذوا دينَكُم هُزُواً و لَعِباً كأبي سُفيانَ و مُعاويَةَ و حِزبَهُما و هُم حَقيقَةً لَم يُؤمِنوا ،

(‌ مِنَ الّذين اُوتوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم و الكُفّارَ أولياءَ واتّقُوا اللهَ إنْ كنتُم مُؤمنين )

فلا تَتَّخِذوا الّذين كانوا يَهوداً و نصاريٰ من قبل الإسلام و كانوا من الكفّار و المُشركينَ كالخُلَفاءِ أولياءَ مِن دونِ آل مُحمّدٍ (ص) و خافوا اللهَ إن كنتُم مُؤمنين بعقابِ الله ،

( ‌و إذا نادَيتُم إليٰ الصَّلاةِ اتَّخَذوها هُزُواً و لَعِباً ذلك بأنّهُم قومٌ لا يَعقِلون )

و هؤلاءِ المُنافِقونَ إذا نادَيتُم و أذَّنتُم لِلصّلاةِ و قُلتُم أشهدُ أنَّ عليّاً (ع) وليُّ الله إتَّخَذوا الوِلايَةَ و الصَّلاةَ والشّهادَة بالوِلايَةِ مَسخَرَةً و اُضحوكَةً و مَهزَلَةً ذلك بأنّهم قومٌ أغنياءُ حَمقيٰ لا يعقِلونَ بِأنَّ شَرطَ قَبولِ الصَّلاةِ ولاية عليّ بن أبيطالب (ع)

(‌ قُل يا أهلَ الكِتابِ هَل تَنقِمونَ مِنّا إلاّ أن آمَنّا باللهِ و ما اُنزِلَ إلينا )

قُل يا حبيي لأِتباعِ اليهودِ و النّصاريٰ الذين يُعادونَكُم أهلَ البيت قل لهم إستنكاراً هَل تَنقِمونَ علينا بِسَبَبٍ غيرِ أنا آمَنّا باللهِ و بما اُنزِلَ علينا بِشأنِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ؟ كَلاّ ،

( و ما اُنزِلَ مِن قَبلُ و إنَّ أكثركُم فاسِقون )

و لا تَنقِموُنَ علينا إلاّ عليٰ ما اُنزِلَ مِن قَبلُ في التوراةِ و الإنجيلِ بِشأنِ إتّباعِ إيليا عليّاً (ع) و إنّ أكثركُم فاسِقونَ بِنَصِّ التّوراةِ و الإنجيلِ بِتَركِ وِلايَتِه ،

(‌ قُل هَل اُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ من ذلكَ مَثوبَةً عِندَ الله ؟)

قُل لهُم يا حبيبي هل اُخبِرُكم بأسوَءَ حالٍ مِن أولئِكَ الفاسِقونَ بِنَصِّ التّوراةِ و الإنجيلِ و أشَدُّ جَزاءً و عُقوبَةً عِندَ اللهِ ،

( مَن لَعنَهُ اللهُ و غَضِبَ عَلَيهِ )

فذلكَ هُوَ مَن لَعَنَهُ اللهُ و كانَ مِن الشَّجَرةِ المَعونَةِ في القرآنِ و مَن قالَ اللهُ فيهِ ألا لَعنَة اللهِ عليٰ القومِ الظالِمين و مَن غَضِبَ عليهِ اللهُ لِغَضَبِ فاطِمَةَ عليهِ ،

( و جَعَلَ منهُمُ القِرَدَةَ و الخنازير )

و جَعَلَ اللهُ مِنَ الشَّجَرةِ المَلعونَةِ بني اُمَيّة في القرآنِ القِرَدَة الّتي كانوا يَلعَبونَ بِها و خَنازيرَهم كَشِمرٍ و حَرمَلَةَ وابنَ زيادٍ ،

( وَ عَبَدَ الطّاغوتَ )

و منهُم إيضاً المُخالِفين لِمَذهَبِ أهلِ البَيْتِ (ع) و كلّ مَن عَبَدَ الطاغوتَ الخَليفَة الجائِرِ مَعَ الجِبتِ باتّباعِهِ و طاعَتِه ،

( أولئِكَ شَرٌّ مكاناً و أضَلُّ عن سواءِ السبيل )

أولئِكَ جميعهم بني اُمَيّة و خُلَفاءِ الجَور والذين غَضَبَتِ الزَّهراءُ عليهِم فَغَضَبَ اللهُ عليهِم لِغَضَبِها ، كُلُّهُم شَرٌّ مكاناً في الجَحيمِ مِنَ اليَهودِ و النّصاريٰ و أضَلُّ منهُم عَن جادَّةِ الحَقّ ،

(‌ وَ إذا جاؤكم قالوا آمَنّا و قَد دَخَلوا بالكُفرِ و هُم قَد خَرَجوا بهِ )

و إذا جاؤكم يا آلَ محمدٍ (ص) قالوا لكُم آمَنّا بِبَيعَةِ الغَديرِ و بالتأكيد إنّهُم دَخَلوا عليكُم بالكُفرِ باللهِ و بِولايَتِكم آل محمدٍ (ص) كما هُم حينَ خروجِهم مِن عِندكُم خَرَجوا بالكفرِ بولايَتِكم ،

( و اللهُ أعلَمُ بما كانوا يَكتُمون )

واللهُ أعلَمُ بما يكتُمونَ مِنَ البُغضِ و العِداءِ و الحِقدِ و الحَسَدِ و الضَّغينةِ لكُم يا آل مُحمّدٍ (ص) و يكتموها حتّيٰ وَفاة محمدٍ (ص) فيُظهِرونَها ،

( و تَريٰ كثيراً مِنهُم يُسارِعون في الإثمِ و العُدوانِ و أكلِهمُ السُّحتَ لَبِئسَ ما كانوا يعمَلون )

و أنتَ يا حبيبي تَريٰ كثيراً مِن أعداءِ عليٍّ (ع) يُسارِعونَ في الظُّلمِ و العُدوانِ عليهِ و عليٰ الزَّهراءِ و ذُرّيتهما (ع) و يُسارِعونَ في أكلِ المالِ المَغضوبِ الحَرامِ كَفَدكٍ و الخُمسِ لَبِئسَ ما كانوا يعمَلونَ مِنَ الظُّلمِ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ لولايَتها هُمُ الرَّبانيّونَ و الأحبار عَن قولِهِمُ الإثم ؟)

هَلاّ يَنهيٰ هؤلاءِ المُنافقينَ أصحابُ عليٍّ (ع) الرَّبانيّونَ كسلمانٍ و أبي ذَرٍ و المِقدادُ و عَمّارٌ و الأحبارُ مِن أصحابِهِ كابنِ عَبّاسٍ حَبرَالاُمّةِ و هَلاّ ينهاهُمُ أحبارُهُم اليَهودُ عن قولِهِم الإثمَ بأنَّ مُحمّداً (ص) لَم يُوحَ إليهِ بِشأنِ عليٍّ ،

(‌ و أكلِهِمُ السُّحتَ لَبِئسَ ما كانوا يَصنَعون )

و هَلاّ يَنهيٰ هؤلاء الظَّلَمَة أصحابُ مُحمّدٍ (ص) الرَّبانيّونَ عن أكلِ الحَرامِ و غَصبِ فَدَكٍ و الخُمس لَبِئسَ ما كانوا يَصنَعونَ مِن غَصبِ حَقِّ آل مُحمّدٍ (ص) ،

( و قالَت اليهودُ يَدُ اللهِ مَغلولَة غُلَّت أيديهِم وَ لُعِنوا بما قالوا )

و قالَت فِرقَةٌ مُفَوِّضَةٌ مِن يهودِ قُريشٍ يَدُ اللهِ مَغلولَةٌ بَعدَ أن خَلَقَ الخَلقَ فلا قُدرَةَ لهُ فيهِم بَل فَوَّضَ الأمرَ لهُم لكنّهُم غُلَّت أيديهِم في الجَحيمِ‌ و لَعَنَهُمُ اللهُ بما قالوا ،

( بَل يَداهُ مَبسطوطَتانِ يُنفِقُ كيفَ يَشآء )

فَليست يَدُ اللهِ مَغلولَة بَل قادِرٌ قديرٌ مُقتَدِرٌ عليٰ كلِّ شييءٍ يُريدُهُ وَ يَدا قُدرَتِهِ مَبسوطَتانِ عليٰ الإطلاقِ في جَميعِ خَلقِهِ جَوادٌ يُنفِقُ كيفَ يشآءُ بِحِكمَتهِ تعاليٰ ،

( و لَيَزيدَنَّ كثيراً مِنهُم ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّكَ طُغياناً و كُفراً )

و لَيَزيدَنّ كثيراً مِن يَهودِ قُريشٍ و حِزبِهم ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّكَ بِشأنِ ولايةِ عليٍّ (ع) و الأمرُ بإبلاغِهِ طُغياناً عليهِ و كُفراً بِوِلايَتِه ،

( و ألقَينا بَيْنَهُم العَداوَةَ و البَغضاءَ إليٰ يومِ القيامَه )

و ألقَينا بَيْنَ مُشركي قُريشٍ و المُنافِقينَ أتباعَ اليَهودِ و أعداءَ آل مُحمّدٍ (ص) العَداوَةَ و البَغضاءَ إليٰ يومِ القيامَةِ لِطُغيانِهم ،

( كُلّما أوقَدوا ناراً لِلحَربِ أطفَأها الله )

و كُلّما أوقَدَ أعداءُ عليٍّ (ع) ناراً لِلحَربِ مَعَ أهلِ البَيْتِ‌ (ع) و شيعَتِهِم لِيَقضوا عليهِم أطفأَها اللهُ بِقُدرَتِهِ و أبقاهُم رَغماً لهُم ،

( و يَسعَونَ في الأرض فساداً و اللهُ لا يُحِبّ المُفسِدين )

و هؤلاءِ المُنافقينَ المُخالِفينَ لِعليٍّ (ع) يَسعَونَ في الأرض فَساداً بِمُعاداةِ آل محمدٍ (ص) و شيعَتِهم لكنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدينَ ، فَيَدحَرْ كيدَهُم ،

( و لو أنّ أهل الكتابِ آمَنوا واتَّقَوا لكَفّرنا عنهُم سيّئاتِهم و لَأدخلناهُم جنّات النّعيم )

و لو أنَّ أهل القرآنِ والتّوراةِ والإنجيلِ آمَنوا بولايةِ عليٍّ (ع) جميعُهُم واتَّقَوا اللهَ و لم يُوالوا غيرَهُ لكَفّرنا عنهُم ذنوبَهُم و غفرناها و لَأدخلناهُم جَنّات النّعيم بِبَرَكَةِ وِلايةِ عليٍّ (ع)

( وَ لَو أنّهُم أقاموا التّوراةَ و الإنجيلَ و ما اُنزِلَ إليهِم مِن رَبِّهم )

و لو أنّهم أقاموا أحكامَ التوراةِ و الإنجيلِ و ما أنزِلَ إليهِم مِن ربِّهم فيها بِلُزومِ مُوالاةِ مادْ مادْ ، وفا رقليط ، و إيليا و شبر و شبير ، لَسَعَدوا في الدّنيا و الآخِره ،

( لَأكَلوا مِن فَوقِهِم و مِن تَحتِ أرجُلِهم )

فلو تَمسّكوا بولايَةِ الخَمسةِ أصحاب الكساءِ لأكَلوا مِن فَوقِ رؤسِهم من البَركاتِ السّماويّةِ و الثِّمار و مِن تَحتِ أرجُلِهِم مِنَ الزّروعِ و المَعادِن بِبَرَكةِ آل مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ مِنهُم اُمَّةٌ مُقتَصِدَةٌ و كثيرٌ منهُم سآءَ ما يَعمَلون )

و مِنَ اليَهودِ والنّصاريٰ طائِفةٌ كبيرةٌ موالِيَةٌ لآِلِ محمّدٍ (ص) عادِلَةٌ لا تُعادي آلَ مُحمّدٍ (ص) و كثيرٌ مِن هؤلاءِ المُنافقين سآءَ ما يعمَلونَ مِن مُعاداةِ آل مُحمّدٍ (ص)

( يا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغ ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّك )

يا أيّها الرَّسولُ مُحمّد (ص) بَلِّغ ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّك في عَليٍّ (ع) و نَصبِهِ لِلوِلايَةِ والخِلافَةِ والوِصايَةِ بَلِّغ ذلكَ إليٰ المُسلمينَ في غَديرِ خُمٍّ ،

( و إن لَم تَفعَل فَما بَلّغتَ رِسالَتَهُ )

و إن لَم تفعَل ما أمرناكَ بِهِ مِن إبلاغِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) إليٰ النّاسِ و أَخذِ البَيْعَةِ لَهُ مِنهُم فَاعلَم بأنّكَ ما بَلّغتَ رِسالَةَ اللهِ أبَداً ،!!!

( وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاس )

فَيا رَسولَ الله إن كُنتَ تَخشيٰ عليٰ عَليٍّ (ع) مِن كيدِ المُنافِقين و السَّفَلَةِ مِن كُفّارِ قُرَيشٍ كأبي سُفيانَ و حِزبِهِ فَاللهُ يَعصِمُكَ مِنهُم فَلا تَخشاهُم ،

( أنَّ اللهَ لا يَهدي القومَ الكافِرين )

إنَّ اللهَ أبَداً يا رسولَ الله لا يهدي القومَ الكافِرينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) إليٰ ما يَرومونَ مِن مَنعِكَ عَن نَصبِهِ لِلوِلايَةِ فاصدَع بِما تُؤمَر ،

( قُل يا أهلَ الكِتابِ لَستُم عليٰ شيءٍ حتّيٰ تُقيموا التّوراةَ و الإنجيل و ما اُنزِلَ إليكُم مِن رَبِّكم )

قُل يا حبيبي لليهود و النّصاريٰ و حِزبِهِم مِن قُريشٍ لستُم عليٰ دينِ موسيٰ و لا عيسيٰ حتّيٰ تُقيموا حُكمَ التّوراةِ و الإنجيل بِشَأنِ التَّمسُّكِ بوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) وَ ما اُنزِلَ إليكُم مِن رَبِّكُم فيهِم ،

( و لَيَزيدَنّ كثيراً منهُم ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّك طُغياناً و كُفراً )

و بالتأكيدِ لِيَزيدُ كثيراً مِن مُنافِقي قُريش ما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّك بِشَأنِ عليٍّ و ‌أهل البيت (ع) طُغياناً عليهِم . كُفراً بِولايَتِهم ،

( فلا تَأسَ عليٰ القومِ الكافرين )

فلا تأسَف يا حبيبي و لا تَحزَن عليٰ القومِ الكافِرين ل‍ِازديادِ عنادِهِم و بُغضِهِم لِعَليٍّ (ع) بَعدَ يومِ الغَديرِ فإنّما اختاروا ذلك هُم ،

( إنّ الّذين آمَنوا والّذين هادوا والصّابِئونَ والنّصاريٰ مَن آمَنَ باللهِ واليومِ الآخَر )

بالتأكيدِ إنّ الّذين آمَنوا بالإسلامِ والّذين كانوا يَهوداً والصّابِئونَ والنّصاريٰ كلٌّ مَن آمَنَ باللهِ وَ بِولايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ص) والمَعادِ منهُم ،

( و عَمِلَ صالِحاً فَلا خوفٌ علَيهِم وَ لا هُم يَحزَنون )

و مَن عَمِلَ صالِحاً منهُم و تَشيَّعَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و عَمِلَ بِسُنَّتِهم فلا خوفٌ عليهِم مِن عقابِ اللهِ وَ لا هُم يحزَنونَ يومَ القيامَةِ بَل سَيَفرَحون ،

( لَقَد أخذنا مِيثاقَ بني إسرائيلَ و أرسَلنا إليهِم رُسُلاً كلّما جاءَهُم رسولٌ بِما لا تَهويٰ أنفُسُهم فريقاً كذَّبوا و فَريقاً يَقتُلون )

فيا حبيبي إن يُكذِّبوك فَقَد أخذنا مِيثاقَ بني إسرائيلَ بَعدَ إنقاذِهِم مِن فِرعَوْنَ أن يُطيعوا الرُّسُلَ‌ و أرسَلنا إليهم رُسُلاً مِن بَعدِ موسيٰ كلّما جاءَهم رسولٌ بما لا تَهويٰ أنفُسَهُم مِن أحكامٍ فكانوا فَريقاً كذّبوهُم مِنَ الرُّسُل و فَريقاً يَقتلونَهُم ،

( و حَسِبوا ألاّ تكونَ فِتنَةٌ فعمَوا و صَمّوا ثُمّ تابَ اللهُ عليهِم ثُمّ عَموا و صَمّوا كثيرٌ منهُم واللهُ بَصيرٌ بِما يَعمَلون )

و حَسِبَ المُكذِّبونَ مِن بني إسرائيلَ أن لا تكونَ فِتنَةٌ و إمتِحانٌ لَهُم بعدَ تكذيبِهِم لِلرُّسُل فَتَعامَوا و تَصامّوا عَن الحَقِّ و الشَّرعِ فابتُلوا بالفِتَن فتابوا ثُمَّ تابَ اللهُ عليهِم و مَرّةً اُخريٰ كثيرٌ منهُم تعامَوا عَنِ الحَقِّ واللهُ بَصيرٌ بما يَعمَلون ،

‌(‌ لَقَد كفَرَ الذين قالوا : إنَّ اللهَ هُوَ المُسيحُ بن مريَم )

بالتأكيدِ لَقَد كفَرَ باللهِ النّصاريٰ الّذين قالوا باتِّّحادِ‌ الأقانيمِ الثَّلاثَةِ و قالوا إنَّ اللهَ هُوَ المَسيحُ عيسيٰ بن مَريَم لأِنَّ اللهَ لَم يَلِد و لَم يُولَد ،

( و قالَ المَسيحُ يا بَني إسرائيلَ اعبُدُوا اللهَ ربّي و ربِّكم )

و إن كانوا هؤلاءُ يُطيعونَ المَسيحَ و يُؤمِنونَ بهِ فَلَقَد قال المَسيحُ عليهِ السّلام يا بَني إسرائيلَ اعبُدُوا اللهَ وَحدَهُ فهوَ ربّي و ربّكم و خالِقي و خالِقُكُم ،

( إنّهُ مَن يُشرِك باللهِ فَقَد حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجَنّه )

و قالَ لهُم المَسيحُ اعلَموا يا بَني إسرائيلَ إنّهُ مَن يُشرِك باللهِ و يقولُ إنّي إبنُ الله أو مُتَّحِدٌ باللهِ فَقَد حَرَّمَ اللهُ عليهِ الجَنّةَ و يَخلُدُ في النّار ،

( و مأواهُ النّارُ و ما لِلظّالمين مِن أنصار )

فَمَأواهُ و مَصيرُهُ بعدَ الموتِ إليٰ النّارِ‌ و ما لِلظّالِمينَ المُشركينَ مِن أنصار يَنصُرونَهُم مِنَ النّار لا المَسيحُ و لا غيرُهُ فلا تَنالُهُم شَفاعَتُه ،

(‌ لَقَد كفَرَ الذين قالوا : إنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ و ما مِن إلـٰهٍ إلاّ إلـٰهٌ واحِدٌ )

بالتأكيدِ لَقَد كفَرَ النّصاريٰ الذّين قالوا إنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ هُم عيسيٰ و روحُ القُدُسِ مَعَ الله لأِنّهُم أشركوهُما مَعَهُ في الاُلوهِيَّةِ و ما مِن إلـهٍ إلاّ إلـٰـهٌ واحِدٌ هوَ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ،

( و إن لم يَنتَهوا عَمّا يقولونَ لَيَمَسَّنَّ الذين كفَروا مِنهُم عذابٌ أليمٌ )

و إن لَم ينتَهوا هؤلاءِ النّصاريٰ عمّا يقولونَ في عيسيٰ والثّالوث لَيَمَسَّنَّ الَّذينَ كَفَروا مِنَ النَّصاريٰ عذابٌ أليمٌ في الدّنيا و الآخِرَه ،

( أفَلا يَتوبونَ إليٰ اللهِ و يَستَغفِرونَهُ واللهُ غَفورٌ رحيمٌ )

نَستَفهِمُهُم تَوبيخاً ألا يَتوبونَ عاجِلاً إليٰ اللهِ مِن كُفرِهِم فيُوَحِّدونَهُ و يَستَغفِرونَهُ لِيَغفِرَ لهُم ذلكَ الذّنب و اللهُ غفورٌ لِمَن تابَ رحيمٌ لِمَن أناب ،

( ما المسيحُ بن مريَمَ إلاّ رسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُل و اُمُّهُ صِدّيقَةٌ )

ليسَ المسيحُ عيسيٰ بنُ مَريَمَ سِويٰ رسولٌ مِنَ اللهِ قَد سبَقَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ مِنَ اللهِ لِلبَشَر كموسيٰ و غَيرِهِ و لَيسَت اُمُّهُ‌ إلاّ صِدّيقَةٌ طاهِرَةٌ ،

( كانا يأكُلانِ الطَّعامَ اُنظُر كيفَ نُبيِّن لهُمُ الآياتِ ثُمّ انظُر أنّيٰ يُؤفَكون )

و أنتُم تعلَمونَ أنّهما كانا يأكُلانِ الطّعامَ لِحاجَتِهما إليهِ فإذا كانا إلـٰهَينِ لَما احتاجا اُنظُر يا حبيبي كيفَ نُبَيِّن لهُمُ الآياتَ و الدَّلائِلَ ثُمَّ انظُر كَيفَ يَصرِفونَ عَن التّوحيدِ إليٰ التَّثليث !

( قُل أتَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ ما لا يَملِكُ لكُم ضَرّاً و لا نَفعاً واللهُ هُوَ السّميعُ العليم )

قُل لهم يا حبيبي إستنكاراً هَل تَعبُدونَ مِن سِويٰ اللهِ مَن هُوَ مَخلوقٌ لِلّهِ لا يَملِكُ لكُم ضَرّاً و لا نَفعاً بِغَيرِ مَشيئَةِ اللهِ مَعَ أنّ اللهَ هوَ السَّميعُ العليمُ الّذي يَجِبُ أن تعبُدوُهُ ،

(‌ قُل يا أهلَ الكتابِ لا تَغلوُا في دينِكم غير الحَقّ )

قل لهم يا حبيبي و خاطِبهُم يا أهلَ الكتاب التوراة و الإنجيل و غيرها أيّها اليَهودُ و النّصاريٰ لا تَبتَدِعوا الغُلُوَّ في دينِكم بالباطِلِ كالتّثليثِ

( و لا تَتَّبِعوا أهواءَ قومٍ قَد ضَلّوا مِن قبلُ و أضَلّوا كثيراً و ضَلّوا عن سوآءِ السّبيل )

و لا تَتَّبِعوا بِدَعَ قومٍ قد ضَلّوا مِن قَبلِكُم و ماتوا عليٰ الشِّركِ و أضَلّوا كثيراً مِنَ النّاسِ بِضَلالَتِهِم و بِدَعِهِم و ضَلّوا هُم بذلكَ عن جادَّةِ الصّواب و طريقِ الحَقّ ،

( لُعِنَ الّذين كفروا مِن بَني إسرائيلَ عليٰ لسانِ داوُدَ و عيسيٰ بنِ مريم )

لُعِنَ الّذين أشرَكوا و كَفروا مِن بني إسرائيلَ عليٰ لسانِ داوُدَ والِدِ سُلَيمان و عيسيٰ بن مريم لِقَتلِهِمُ الأنبياءَ وارتِدادِهِم عن دينِهم ،

( ذلكَ بما عَصَوا و كانوا يَعتَدون )

و ذلك اللَّعنُ لهُم مِن داوُدَ و عيسيٰ كان نتيجةً لِما عَصَوا أمرَ اللهِ و تعاليمَ التوراةِ و أشركوا و عَبَدوا العِجلَ واعتَدَوا عليٰ هارونَ و اتَّبعوا السّامِريَّ و عِجلِهِ ،

( كانوا لا يَتَناهَون عن مُنكَرٍ فَعَلوهُ لَبِئسَ ما كانوا يفعلون )

كانوا أولئِكَ الملعونين لا يَتناهَون عن صَيدِ السَّمَكِ في السَّبتِ و مُخالَفَةِ الأنبياءِ و اتَّبعوا العِجلَ والسّامِريَّ لَبِئسَ ما كانوا يفعَلونَ مِنَ العِصيان ،

( تريٰ كثيراً منهُم يتولَّونَ الّذين كفروا لَبِئسَ ما قَدَّمَت لهُم أنفسهُم أن سَخَطَ اللهُ عليهِم )

تريٰ يا حبيبي كثيراً مِن قُريشٍ والمُنافقينَ يَتَولَّون الذين كفروا مِنَ اليهودِ لَبِئسَ الرَّذيلة ما قَدَّمتُه أيديهِم و نَتيجَتُها أن غَضِبَ اللهُ عليهِم و لَعَنَهُم مِن رَحمَتِهِ ،

( و في العذابِ هُم خالِدون )

و نَتيجة لِما قَدَّمت أيديهِم إيضاً أنّهم يوم القيامَةِ في العذابِ الحريقِ في جَهنَّمَ خالِدونَ إليٰ الأبَدِ و لا خَلاصَ لهُم مِنها ،

( و لو كانوا يُؤمِنونَ باللهِ و النّبيّ و ما اُنزِلَ إليهِ ما اتّخَذوهُم أولياء )

و لو كانوا هؤلاءِ المُنافِقينَ يُؤمِنون باللهِ و بِمُحمدٍ و آلِهِ (ص) نَبيّ الإسلامِ و ما اُنزِلَ إليهِ بشأنِ عليٍّ (ع) وَ وِلايَتِهِ مااتَّخذَهُم مُشرِكوا اليهودِ أولياءَ

(‌ وَ لـٰكنَّ كثيراً مِنهُم فاسقون )

و لكنَّ كثيراً مِن هؤلاءِ المُنافقين بِتَركِهِمُ الإيمانَ باللهِ و رَسولِهِ و أهلِ البَيتِ (ع) فاسِقونَ و عُصاة و مُجرمون ،

( لَتَجِدَنَّ أشَدّ النّاسِ عَداوَةً للذين آمَنوا اليَهودَ و الّذين أشرَكوا )

بالتأكيدِ يا حبيبي لَتَجِدَنَّ أشَدّ النّاسِ عَداوَةً للّذين آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آلِ محمدٍ‌ (ص) هُم ألفَسَقَةُ من اليهودِ والّذين أشرَكوا مِن قُريشٍ كآلِ أبي سُفيانَ و حِزبِهم ،

( و لَتَجِدَنَّ أقرَبَهُم مَوَدَّةً لِلّذين آمَنوا الّذين قالوا إنّا نَصاريٰ )

و لَتَجِدَنَّ أقرَبَ النّاسِ مَوَدَّةً لِلّذين آمَنوا بولايةِ محمّدٍ و آل محمدٍ (ص) الّذين قالوا إنّا نَصاريٰ مَسيحيّونَ أتباع عيسيٰ و الإنجيل ،

( ذلك بِأنَّ مِنهُم قِسّيسينَ و رُهباناً‌ و أنّهم لا يَستَكبِرون )

ولِأنّهُم أقرَبُ النّاس مَوَدّةً لهُم لِأنّ مِنهُم قِسّيسينَ و رُهباناً اشتَرَكوا في المُباهِلَةِ معَ‌ أصحابِ الكَساءِ فَسَلّموا و لَم يُباهِلوهُم و لِأنّهُم لا يستَكبِرونَ عليهِم ،

( و إذا ما سَمعوا ما اُنزِلَ إليٰ الرّسولِ تَريٰ أعيُنَهم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الحَقِّ )

و هؤلاء كالنَّجاشيِّ و غيرهِ إذا ما سَمعوا ما اُنزِلَ إليٰ الرّسولِ بِشأنِ ولايَةِ عليٍّ (ع) تَريٰ أعيُنَهم تَفيضُ بالدّموعِ خُشوعاً و فَرَحاً لأِنّهُ مذكورٌ في الإنجيلِ و مِمّا عَرَفوا مِنَ الحَقِّ فيهِ ،

(‌ يقولونَ رَبّنا آمَنّا فاكتُبنا مَعَ الشّاهِدين )

فيتولَّونَهُ و يُحبّونَهُ و يَوَدّونَهُ و يقولونَ : ربّنا آمنّا بِوِلايةِ عليّ بن أبيطالبٍ (ع) فاكتُبنا مِنَ الشّاهِدينَ المُقرِّينَ بِوِلايَتِهِ ،

( وَ‌ ما لَنا لا نُؤمِنُ باللهِ و ما جاءَنا مِنَ الحَقِّ و نَطمَعُ أن يُدخِلَنا رَبّنا مَعَ القومِ الصّالحين )

و يقولونَ‌ مُتسائِلينَ تَعجُّباً مالَنا نَحنُ لا نُؤمِنُ باللهِ و ما جاءَنا مِنَ الحَقِّ مِن عِندِهِ بِشأنِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ؟ فَهَل جُنِنّا ؟ كَلاّ و نَطمَعُ أن يُدخِلَنا اللهُ مَعَ شيعةِ عليٍّ (ع) القوم الصّالحين ،

(‌ فأثابَهُم اللهُ بِما قالوا جنّاتٍ تجري مِن تَحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها و ذلك جَزآءُ المُحسِنين )

فأثابَ اللهَُ النّجاشِيّ و مَن عليٰ شاكِلَتِهِ بما قالوا مِنَ الحَقِّ بعد مَوتِهم جنّات.

جنّاتٍ تجري مِن خِلالها الأنهارُ مِنَ الخَمرِ والمآءِ واللَّبَنِ وَ العَسَل خالِدينَ فيها إليٰ الأبَد و ذلكَ جَزآءُ المُحسِنينَ المُوالينَ لِعَليّ بن أبي طالِبٍ‌ (ع) ،

( وَالَّذينَ كفروا وَ كذّبوا بآياتِنا أولئِكَ أصحابُ الجَحيم )

و أمّا الّذين كفَروا بِوِلايَةِ  مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ كَذّبوا بآياتِ اللهِ النّازِلَةِ بَشأنِ وِلايَتِهم أولئِكَ حَتماً سيكونونَ أصحاب الجَحيمِ الحَريق ،

( يا أيّها الَّذين آمَنوا لا تُحرِّموا طيّباتِ ما أحَلَّ اللهُ لكم و لا تَعتَدوا إنَّ الله لا يحبّ المعتدين )

يا أيّها الذين آمَنوا ظاهِراً و أبطَنوا النِّفاقَ ، مِن الصّحابَةِ و غَيرهِم نَنهاكُم نَهياً باتّاً لا تُحَرِّموا مِتعَةَ النِّساءِ الطّيباتِ الّتي حَلّلَها اللهُ لِلمُسلمين ،

( وَ كُلوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ حلالاً طَيِّباً‌ )

وَ لا تأكلوا حَقّ آل مُحمّدٍ (ص) و خُمسِهِم و فَيئِهِم و فَدَكِ فاطِمَةَ و كُلوا مِمّا رَزَقكُمُ اللهُ بِبَرَكَتِهِم و بِإذنِهم و رِضاهُم فَقَط و ذلكَ الرِّزقُ كُلوهُ حَلالاً طيّباً

( وَاتّقوا اللهَ الّذي أنتُم بهِ مُؤمِنون )

وَاتّقوا اللهَ و خافوا عَذابَهُ و عِقابَهُ الأليم الشّديدَ و لا تَخافوا هذا النّهي و لا تُحَرِّموا المِتعَةَ لأِنّكم أظهرتُمُ الإيمانَ بهِ فالتَزِموا بِلَوازِمِه ،

( لا يُؤاخِذكُمُ اللهُ باللَّغو في أيْمانِكم )

أيّها المُسلِمونَ لا يُؤاخِذكُم اللهُ و لا يُعاقِبُكم باللَّغوِ في يَمينِكُم و حِلفِكُم بإسمِهِ وَ هُوَ ما كانَ مِن غَيرِ قَصدٍ أو كانَ لِتَقيَّةٍ و ضَرورَةٍ ،

( وَ لـٰكِن يُؤاخِذكُم بِما عَقَدتُمُ الأيمانَ فَكفّارَتُهُ إطعامُ عَشَرَةِ مساكين‌ )

و لكنَّ اللهَ يُؤاخِذُكُم و يُعاقِبُكُم باللَّغوِ في الأيمْانِ عَمداً و بِقَصدٍ و بِما عَقدتُمُ الإيمْانَ عليهِ خِلافاً لِلحَقيقَةِ من دونِ ضَرورَةٍ فكفّارَتُهُ إضافةً‌ عليٰ التَّوبةِ إطعامُ عَشَرَةَ مساكينَ مُؤمِنين ،

( مِن أوسَطِ ما تُطعِمونَ أهليكم أو كِسوَتُهُم أو تحريرُ رَقَبَةٍ )

و الإطعامُ يَجِبُ أن يكونَ مِن أوسَطِ ما تُطعِمونَ بهِ أنفُسَكم و أهليكُم غالِباً لا أقَلَّ مِن ذلكَ والزّائِدُ أفضَل أو كِسوَتِهم بما يَستُرُ أجسامَهُم مِنَ الكِساءِ أو تَحريرُ رَقَبَةٍ مَرقوقَةٍ مُؤمِنَةٍ

(‌ فَمَن لم يَجِد فَصِيامُ‌ ثلاثةَ أيّامٍ ذلكَ كفّارَةُ أيْمانِكم إذا حَلَفتُم )

فَمَن كانَ مِنكُم فقيراً‌ لَم يَجِد ما يُطعِمُ بهِ عَشَرَةَ مساكينٍ أو يكسوهُم أو يُحَرِّر رَقَبَةً فيَجِبُ عليهِ صيام ثلاثَةِ أيّامٍ مُتَتالِياتٍ ذلكَ حُكمُ كفّارةِ أيْمانِكم الباطِلَةِ أو الحَنثِ لأِيْمانِكم ،

(‌ واحفَظوا أيْمانَكُم كذلكَ يُبيِّنُ اللهُ لكُم آياتِهِ لَعلّكم تشكرون )

واحفَظوا أيْمانَكُم عَنِ الحَنثِ إن حَلَفتُم إلاّ لِضَرورةٍ عقليّةٍ أو شرعيّةٍ كذلكَ‌ يَشرَحُ اللهُ لكُم آياتِ أحكامِهِ لعلّكم تشكرونَ اللهَ فَتُطيعونَهُ ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا إنّما الخَمرُ و المَيْسِروُا الأنصابُ و الأزلامُ رِجسٌ من عَمَلِ الشّيطان )

يا أيّها الذين أظهَروا الإيمانَ باللهِ و رَسولهِ إنّما الخَمرُ و ما أسكَرَ و المَيْسِرَ و كُلّ قِمارٍ‌ و الأنصابُ و كُلّ الأصنامِ و الأزلامُ و كلّ قِدحِ لِلإستِقسامِ رِجسٌ حَرامٌ خَبَثٌ مِن عَمَلِ الشّيطانِ عَلَّمكُم بهِ ،

( فاجتَنِبوهُ لعلّكم تُفلِحون )

فاجتَنِبوا الرِّجسَ والشّيطان واجتَنِبُوا الخَمرَ و المَيْسِر و الأنصاب و الأزلام فإنّها كَبائِر مُحرَّمَه لا تَحِلُّ لكم أبَداً فاجتَنِبوها لعلّكم تُفلِحونَ باجتِنابِها فَتَنالوا شَفاعَةَ آل محمّدٍ (ص)

( إنّما يريدُ الشيطان أن يوقعَ بينكم العَداوةَ و البَغضاء في الخَمر و الميسَر و يَصُدَّكم عن ذكرِ اللهِ و عَن الصّلاةِ فَهَل أنتُم مُنتَهون )

والشيطانُ إنّما يُريدُ بذلكَ أن يَصُدّكم عَن ذكرِ اللهِ وَ وِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) وَ عَنِ الصّلاةِ الصَّحيحَةِ عليٰ مَذهَبِهِم فَهَل أنتُم مُنتَهونَ عَنِ الرِّجسِ أو تُعانِدون ؟

(‌ وَ أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرَّسولَ واحذَروا )

و أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرّسول أيّها المُسلِمونَ واحذَروا مِن مُخالَفَةِ اللهِ وَ رَسولِهِ و عِصيانِهما و لا تُطيعوا وُلاةَ الجَور و لا تُطيعوا الشّيطان ،

( فَإن تَولَّيْتُم فاعلَموا أنّما عليٰ رَسولِنا البَلاغُ المُبين )

فإن تَولّيتُم و أعرَضتُم عن طاعَةِ اللهِ و رَسولِهِ و لَم تُوالوا آلَ مُحمّدٍ (ص) و عصيتُمُ اللهَ و رَسولَهُ فاعلَموا أنّما عليٰ رَسولِنا مُحمّدٍ (ص) ألبَلاغُ البَيِّنُ وَ عاقِبَتكُم عليٰ الله ،

( ليسَ عليٰ الَّذين آمَنوا وَ عملوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِموا إذا ما اتَّقَوا و آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحات )

و قَبلَ التّحريمِ فَلَيسَ عليٰ الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ جُناحٌ و عِقابٌ فيما طَعِموا مِنَ الخَمرِ لأِنّهُ لم يُحرَّم حينَئذٍ إذا كانوا أتقياء و مُؤمنينَ‌ و صُلَحاءَ ،

( ثُمَّ اتّقوا و آمَنوا ثُمّ اتَّقَوا و أحسَنوا واللهُ يُحِبُّ المُحسِنين )

و ليسَ‌ جُناحٌ عليهِم فيما طَعِموا منهُ قبلَ التّحريمِ ثُمّ اتّقَوا اللهَ و آمَنوا بهِ بَعدَ التّحريمِ و لم يَشرَبوا ثُمَّ اتَّقَوا اللهَ و نَهَوا عنِ الخَمرِ و أحسَنوا الطّاعَةَ لِلّهِ و اللهَُ يُحِبُّ المُحسِنينَ المُطيعين ،

(‌ يا أيّها الذين آمَنوا لَيَبلُوَنَّكُم اللهُ بِشيءٍ من الصَّيدِ تَنالُهُ أيديكم و رِماحُكم )

يا أيّها المُسلِمون لِيَختَبِرنَّكُم اللهُ بَعدَ أن حَرَّمَ عليكُم الصَّيدَ في الحَرَمِ الشَّريفِ بشييءٍ مِنَ الصَّيدِ و الحيواناتِ‌ الوَحشيّةِ و فروخِها و البَيْض تنالُها أيديكُم و أسلِحَتكم ،

( لِيعلَمَ اللهُ مَن يَخافُهُ بالغَيْبِ فَمنَ اعتَديٰ بعدَ ذلكَ فلَهُ عذابٌ أليمٌ )

فاللهُ يعلَمُ مَن هوَ الّذي يَخافُهُ بالغَيْبِ و لكن لِيُظهِرَ عِلمَهُ بَعدَ إختبارِكم لكم فَمَن اعتَديٰ بَعدَ التَّحريمِ واصطادَ فلَهُ عذابٌ أليمٌ في الآخِرَة ،

(‌ يا أيّها الّذين آمَنوا لا تَقتُلوا الصَّيْدَ و أنتُم حُرُمٌ )

يا أيّها المُسلِمون لاتَقتُلوا الصَّيْدَ و أنتُم مُحرِمونَ بإِحرامِ الحَجِّ أو العُمرَةِ سواءَ كانَ في الحَرَمِ أو خارِجِهِ و سوآء اشتَريْتُموهُ أو مَسكتُموه ،

( و مَن قَتَلهُ منكم مُتعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحكُمُ بهِ ذوا عَدلٍ منكُم هَدياً بالِغَ الكعبَةِ )

و مَن قَتَلَ الصَّيدَ منكم و هو مُحرِمٌ مُتعَمِّداً لا خَطَاًء فَجزاءٌ دنيويٌّ لِفعلِهِ الحرام أن يُفدي مِثلَ ما قَتَلَ مِنَ النِّعَمِ فإن كانَ بَقرَاً وَحشيّاً فَبَقرَةٌ و إن كانَ نُعامَةً فإبِل يحكُمُ بِتَماثُلِهِ عَدلَيْنِ مُسلِمَيْنِ يَذبَحهُ في الحَرَم ،

(‌ أو كفّارةٌ طعامُ مساكينَ أو عَدلُ ذلكَ صِياماً لِيَذوقَ وَ بالَ أمرِهِ )

أو جزاءٌ لِعَمَلِهِ كفّارةُ إطعامُ مساكينَ مِن غالِبِ القُوتِ بقيمَةِ الهَدي أو ما يُعادِلُ ذلكَ الطّعام صياماً يومٌ عن كُلِّ مُدٍّ ليذوقَ ثِقلَ جَزاءَ عَمَلِهِ ،

( عَفا اللهُ عمّا سَلَف و مَن عادَ‌ فيَنتَقِمُ اللهُ مِنهُ و اللهُ عزيزٌ ذوانتِقام )

عَفَا اللهُ عَمّا سَلَف قبل التّحريمِ مِن صَيدِكُم و مِن عادَ بعدَ التَّحريمِ فاصطادَ فَيَنتَقِمُ اللهُ مِنهُ يومَ القيامَةِ‌ و اللهُ عزيزٌ ذوانتقامٍ منَ المُعتَدين ،

( اُحِلَّ لَكُم صَيْدُ البَحرِ و طَعامُهُ مَتاعاً لَكُم و لِلسَّيارَة )

اُحِلّ لكُم حَلالاً مِن جانِبِ اللهِ صَيدُ البَحرِ و اُحِلّ لكم طعامُهُ مِن الأسماكِ المُباحَةِ متاعاً لكُم و مَتاعاً لِلمُسافِرينَ السّائِرين ،

( ‌و حُرِّمَ عليكُم صَيدُ البَرّ ما دُمتُم حُرُماً واتّقوا اللهَ الّذي إليهِ تُحشَرون )

و حَرَّمَ اللهُ عليكم صَيدُ البَرِّ ما دُمتم حُرُماً مُحرِمينَ لِلحَجِّ أو العُمرَةِ واتَّقوا اللهَ الّذي إليهِ تُحشَرونَ و خافوهُ فإنّهُ سيُحاسِبُكم ،

(‌ جَعَلَ اللهُ الكَعبَةَ البَيْتَ الحَرام قِياماً لِلنّاس )

جَعَلَ اللهُ‌ الكَعْبَةَ في بَيتِ اللهِ الحَرامِ الّذي يَحرُمُ فيهِ الرَّفَثُ و الفُسوقُ و العِصيانُ و الصَّيد و يَحرُمُ دخول المُشركين فيهِ و دُخول الجُنبِ و الحائِضِ و جَعَلَها اللهُ قِياماً لِلنّاس بعبادَتِهِ و نُسُكِهِ ،

( ‌وَالشَّهرَ الحَرامَ والهَديَ و القَلائِدَ )

و جَعَلَ اللهُ الشَّهرَ الحَرامْ ذوالقِعدَه و ذوالحِجّة و المُحرَّم ، حُراماً فيهِ القِتال و جَعَلَ اللهُ الهَديَ في الحَجِّ هَديَّةً لِلمُحتاجينَ و القَلائِدَ تُهديٰ لهُم ،

(‌ ذلك لِتَعلَموا أنّ اللهَ يَعلَمُ ما في السماواتِ  و ما في الأرضِ و أنّ اللهَ بِكُلِّ شيءٍ عليم )

جَعَلَ اللهُ كلَّ ذلكَ لِتَعلَموا أيّها النّاس أنَّ اللهَ حكيمٌ يعلَمُ ما في السماواتِ و ما في الأرضِ مِن مَصالِحَ و مَفاسِدَ و بِحكمَتِهِ و عِلمِهِ يُشَرِّعُ و إن اللهَ بِكُلِّ شييءٍ منَ المَصلَحَةِ عليمٌ ،

( إعلَموا أنّ اللهَ شديدُ العِقابِ وَ أَنَّ اللهَ غفورٌ رحيم )

إعلَموا أيّها النّاسُ إنّ اللهَ شديدُ العِقابِ لِمَن هَتَكَ حُرمَةَ البَيْتِ الحَرامِ والشَّهرِ الحَرام و غَيرَ مَناسِكَ الحَجّ و اعلَموا أنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ لِمَن راعاها ،

( ما عليٰ الرَّسولِ إلاّ البَلاغُ و اللهُ يَعلَمُ ما تُبدونَ و ما تكتُمون )

إعلَموا أنّهُ ما عليٰ الرّسولِ وجوبٍ و مَسئوليّةٍ إلاّ أن يُبَلِّغكُم وِلايَةَ عليٍّ (ع) بَلاغاً كامِلاً في غَديرِ خُمٍّ و اللهُ يعلَمُ ما تُبدونَ مِن قَولِ بَخٍ بَخٍ‌ و ما تكتُمونَ مِن تآمُرِكُم ضِدَّهُ ،

( قُل لا يستوي الخَبيثُ والطيِّب و لو أعجَبَكَ كَثرَةُ الخَبيثِ )

قل يا حبيبي لاُِمّتِكَ أيّها النّاس لا يَستوي الخَبيثُ المُنافِقُ مَعَ الطَيِّبِ المُوالي لِعَليٍّ (ع) في القَدرِ و المَنزِلَةِ عندَ اللهِ و لو أعجَبَكَ كثرَةُ عَدَدِ الخُبثاء ؟؟؟

( فاتَّقوا اللهَ يا أولي الألبابِ لعلّكم تُفلِحون )

فاتّقوا اللهَ و لاتَتَّبِعوا الخَبيثَ المُنافِقَ و لا تَركَنوا إليٰ الخُبَثاءِ لِكِثرَتِهم يا أصحابَ العُقولِ السّليمَةِ و القُلوبِ الواعِيَةِ لعلّكم تُفلِحونَ بولايةِ آل محمدٍ (ص)

( يا أيّها الّذين آمَنوا لا تَسألوا عن أشيآءَ إن تُبْدَلَكُم تَسُؤكُم )

يا أيّها المُسلِمون لا تسأَلوا مِنَ النَبيِّ و أهل بَيتِهِ (ع) عن أشياءَ لم يُصَرِّحوا بِها لِمَصلَحَةٍ و إن تُبدَو تَظهَرُ لكُم جوابها تَسُؤكُم و تُحزِنُكُم

( و إن تسألوا عنها حينَ يُنَزّل القرآنُ تُبدَ لَكُم عَفا اللهُ عنها و اللهُ غفورٌ حليمٌ )

و لو تَسأَلوا عنها عند ما يَنزِلُ الوَحيُ القُرآنيُّ فيها تَظهَر لكُم جوابها فلا تَستَعجِلوا عَفا اللهُ عن إثمِها و اللهُ غفورٌ حليمٌ عن السّائِلين ،

( قد سَأَلَها قومٌ مِن قَبلِكُم ثُمَّ أصبَحوا بِها كافِرين )

قد سأَل هذهِ الأسئِلَةَ قومٌ مِن قَبلِكُم مِن رُسُلِهم فَبيّنوا لَهُمُ الأحكامَ في جوابِها فَخالَفوها فأصبَحوا بِها كافِرين ،

( ما جَعَلَ اللهُ مِن بَحيرَةٍ و لا سائِبَةٍ و لا وَصيلَةٍ و لا حامٍ )

ما شَرَعَ اللهُ و ما جَعَلَ في الدّين مِن بَحيرَةٍ تُخَصَّصُ ضَرعُها و لَبنُها لِلطّواغيت ولا سائِبَةٍ للأصنامِ و لا حاميٍ يُمنَعُ مِن رُكوبهِ إلاّ الطّواغيت ،

( و لكنّ الذين كفَروا يَفتَرونَ عليٰ اللهِ الكَذِبَ و أكثَرُهُم لا يَعقِلون )

و لكنّ المُشرِكينَ و المُنافِقينَ الّذين كَفروا باللهِ في الجاهِليّة شَرَّعوها يَفتَرونَ عليٰ اللهِ الكَذِبَ و أكثَرُهُم لا يَعقِلونَ بِأنّ الشَّرعَ بِيَدِ الله ،

( و إذا قيلَ لهُم تَعالَوا إليٰ ما أنزَلَ اللهُ و إليٰ الرَّسولِ قالوا : حسبُنا ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا )

و إذا قيل لِلمُنافقين تَعالَوا إليٰ إمتِثالِ ما أنزَلَ اللهُ مِن أحكامِ القرآنِ و إليٰ الرَّسولِ مُحمّدٍ (ص) فَأطيعوهُ قالوا حَسبُنا ما وَجَدنا عليهِ آباءَنا مِن الشَّرع ،

(‌ أوَ لَو كانَ آباؤهُم لا يَعلَمونَ شيئاً و لا يَهتَدون ؟)

أفَهل حَسبُهُم ذلكَ و لو كانَ آباؤهُم جُهّالاً لا يعلَمونَ شيئاً مِنْ أحكامِ اللهِ و وَحيِهِ و لا يَهتدونَ لِمَصالِحِ الأحكام ؟

( يا أيّها الّذين آمَنوا عليكُم أنفُسَكم لا يَضُرّكُم مَن ضَلَّ إذا اهتَديتُم )

يا أيّها الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و بايَعوا عليّاً (ع) و شايَعوهُ عليكُم مُراقِبَة أنفُسِكُم لا يَضُرّكُم ضَلالُ مَن ضَلَّ عن وِلايةِ عليٍّ (ع) إذا اهتَدَيْتُم بِوِلايَتِهِ ،

( إليٰ اللهِ مَرجِعُكُم جميعاً فيُنَبِّئكُمُ بِما كنتُم تَعمَلون )

إليٰ اللهِ و إليٰ مَحكَمَةِ عَدلِهِ و حِسابِهِ و جَزاءِهِ مَرجعكم أيّها النّاسُ جميعاً فيُنَبّعُكُم بما كنتُم تعمَلون في الدّنيا مِن عَمَلٍ ،

( يا أيّها الذين آمَنوا شَهادَة بَيْنِكم إذا حَضَر أحدكُم المَوْت حينَ الوَصيَّةِ إثنانِ ذوا عَدلٍ منكم )

يا أيّها المُسلِمونَ إنَّ حُكمَ الإشهادِ الشَّرعِيّ بينكم عند ما يَدنو أجَلُ مَوتِ أحَدِكُم أن يُشهِدَ حينَ الوصيَّة عليها رَجُلان ذَوا عَدالةٍ منكُم ،

( أو آخَرانِ مِن غَيرِكُم إن أنتُم ضَربتُم في الأرضِ فأصابَتكُم مُصيبَةُ المَوْت )

أو شاهِدانِ عادِلانِ مِن غَيرِ المُسلمينَ إن كنتُم مُسافرينَ ضَربتُم في الأرضِ سَفَراً و لَم يُوجَد غيرِهما مُسلِماً يَشهَدْ فَحانَ وُرود الأجَلِ فوصَّيتُم ،

(‌ تَحسِبونَهُما مِن بَعدِ الصّلاة فيُقسِمانِ باللهِ إن إرتَبتُم لا نَشتري بهِ ثَمناً )

و إن شَككتُم في شهادَتِهما فيَجوزُ أن تَحبِسونَهُما مِن بَعدِ صَلاة الجَماعَة عليٰ أن يُقسِما باللهِ و بكتابِهِم المُقَدَّس أنّهما لا يَشتَرِيانِ باللهِ و إسمِهِ نَفعاً ،

( و لو كانَ ذا قُربيٰ و لا نَكتُمُ شهادَة اللهِ إنّا إذاً لَمِنَ الآثِمين )

و يَحلِفانِ أنّهُما لا يَبغِيانِ باليَمينِ نَفعاً حتّيٰ و لو كانَ المَيِّتُ ذا قُربيٰ و يَحلِفانِ أنّهُما لا يَكتُمانِ شَهادَةَ اللهِ عليكُم بَل يَشهدانِ عليٰ الحَقيقَةِ و يُقرِّانِ إنْ فَعَلاً إذاً فَهُما لَمِنَ الآثِمين ،

(‌ فإن عُثِرَ عليٰ أنّهُما إستَحَقّا إثماً فآخَرانِ يَقومانِ مَقامَهُما مِن الّذينَ استحقّ عليهِما الأولَيان )

فإن انكَشَفَ لكم أنّهما شَهِدا بالكِذبِ واستَحقّا عِقاباً نتيجةً لإِثمِهما فَتَبطُل شهادَتِهما فَيَشهد آخَرانِ يقومانِ مَقامَهُما لِلشّهادَة مِنَ الّذين استَحقَّ عليهِما الأوليان ،

(‌ فَيُقسِمانِ باللهِ لَشَهادَتُنا أحَقُّ مِن شَهادَتِهما و ما اعتَدَينا إنّا إذاً لَمِنَ الظّالِمين )

فَيَحلِفانِ باللهِ و بكتابِهِ المُقَدَّس بِأنَّ شهادَتِهما أحَقُّ مِن شَهادَةِ ذَينِكَ الشاهِدانِ بالكِذبِ و يَحلِفانِ قائِلَيْن ما اعتَدَيْنا في الشَّهادَةِ و إن فَعَلنا إنّا إذاً لَمِنَ الظّالِمين فَعاقِبونا ،

( ذلكَ أدنيٰ أن يأتوا بالشَّهادَةِ عليٰ وَجهِها أو يَخافوا أن تُرَدّ أيمْانٌ بعد أيْمانِهم )

ذلك الشّرطُ يكونُ أقرَبُ لِنَتيجةٍ مأمولَةٍ أن يأتوا بالشَّهادَةِ عليٰ وَجهِها مِنَ الحقيقَةِ فيَخافونَ أن تُرَدّ الأيْمان بعد أيْمانِهم إليٰ وَرَثَةِ المَيِّت فَيَحلِفون هُم ،

( واتَّقوا اللهَ و اسمَعوا واللهُ لا يهدي القومَ الفاسِقين )

واتَّقوا اللهَ و خافوا عِقابَهُ أيّها الشّهودُ واسمَعوا و أطيعوا أحكامَ اللهِ و لا تُخالِفوها فاللهُ لا يَهدي القومَ الفاسِقينَ بِمُخالِفَتها ،

( يومَ يَجمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فيقولُ ماذا اُجِبتُم قالوا لا عِلمَ لَنا إنّك أنتَ عَلاّمُ الغُيوب )

و تَذكّروا يومَ القيامَةِ حيثُ يَجمَعُ اللهُ رُسُلَهُ فيقولُ لهُم ماذا اُجِبتُم حينما دَعَوتُم اُمَمَكُم لِلتّقويٰ و العَدلِ بَعدَ أن مَضَيتُم قالوا لا عِلم لَنا بِأحوالِهم بعدَ مَوتِنا إنّكَ أنتَ عَلاّمُ الغُيوب ،

( إذ قالَ اللهُ يا عيسيٰ بنَ مريم اذكُر نِعمَتي عَليكَ و عليٰ وَالِدَتِكَ إذ أيَّدتُكَ بِروحِ القُدُس )

و تَذكّروا إذ قالَ اللهُ في وَحيِهِ يا عيسيٰ بنَ مريم اذكُر نِعمَتي عليكَ و عليٰ والِدَتِكَ إذا أيَّدتُ رِسالَتك بِجبرَئيلَ أمينِ الوَحي و أنطَقتُكَ في المَهد ،

( تُكَلِّمَ النّاسَ في المَهدِ و كَهلاً و إذ عَلّمتُكَ الكِتابَ والحِكمَةَ والتّوراةَ و الإنجيل )

واذكُر نِعمَتي إذ كَلّمتَ النّاسَ في المَهدِ قائِلاً إنّي عبدُ اللهِ آتانِيَ الكتابَ و جَعَلَني نَبيّاً ألخ ، واذكُر نِعمَتي عليكَ إذ كُنتَ كَهلاً و إذ عَلّمتُكَ بالوَحيِ عِلمَ الكِتابِ التَّشريعيّ و الوِلايَةِ و الحِكمَةِ و عَلّمتُكَ أحكامَ التّوراةِ و الإنجيل ،

( و إذ تَخلُقُ مِنَ الطّينِ كَهَيئَةِ الطَّيْر بإذني فَتَنفُخُ فيها فَتكونَ طَيْراً بإذني )

واذكُر نِعمَتي عليكَ إذ مَنحتُكَ الوِلايَةَ التّكوينيَّة إذ تَخلُقُ بها مِنَ الطّينِ مُجَسَّمةَ الطَّيْرِ بِأمري فتنفُخُ فيها بِنَفخةِ الوِلايَةِ التكوينيَّةِ فتكونُ طَيْراً حقيقيّاً بِقُدرَتي و مَشيئَتي و إرادَتي ،

( و تُبرِيءُ الأكمَهَ و الأبرَصَ بإذني و إذ تُخرِجُ المَوتيٰ بإذني )

واذكُر نِعمَتي عليكَ إذ تُبرِيءُ الأعميٰ مِن اُمِّهِ فتَجعلُهُ سالِمَ العَينَين و تُبرِيءُ الأبرَصَ بِوِلايَتِكَ التكوينيّةَ بإذنِ اللهِ و إذ تُخرِجُ المَوتيٰ أحياءً مِن قبورِهِم بإذنِ الله ،

( و إذ كَفَفتَ بني إسرائيلَ عنكَ إذ جِئتَهُم بالبَيِّناتِ فقالَ الّذين كفَروا مِنهُم إن هذا إلاّ سِحرٌ مُبينٌ )

واذكُر إذ مَنَعتُ أذيٰ بَني إسرائيلَ عنكَ حينما هَمُّوا لِيَقتُلوكَ و يَصلِبوكَ فَشَبَّهنا لهُم فَأَخذوا غَيرَكَ مكانُكَ بعدَ إذ جِئتَهُم بالمَعاجِز فقالَ كفّارَهُم إن هذا إلاّ سِحرٌ واضِحٌ ،

( و إذ أوحَيْتُ إليٰ الحَواريّين أن آمِنوا بي و بِرَسولي قالوا آمَنّا و اشهَد بأنّنا مُسلِمون )

واذكُر إذ أوحَيْتُ إليٰ أوصياءِكَ الحَوارييّن أن آمِنوا بي و بِرَسولي خاتَمِ الأنبياءِ مُحمّدٍ (ص) قالوا آمَنّا بِكَ و بِعيسيٰ و بمُحمّدٍ و اشهَد اللهُمّ بِأَنّا مُسلِمونَ مُوالونَ لِمُحمدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) ،

( إذ قالَ الحوارِيّونَ يا عيسيٰ بنَ مَريم هَل يَستطيعُ ربّكَ أن يُنَزِّل علينا مائِدَةً مِن السّماء ؟ )

و تَذكّروا إذ قالَ الحوارِيّون لِعيسيٰ: يا عيسيٰ بنَ مَريم آمَنّا باللهِ و بِرسالَتِكَ وَ وِلايَتِكَ و لا نَعرِفُ حدودَها فَهَل يَستطيعُ رَبّكَ أن يَتحدّيٰ الأسبابَ و يُنَزِّلَ علينا مائِدَةً مِنَ السّماءِ خَرقاً لِلعادَةِ ؟؟؟

( قالَ اتّقوا اللهَ إن كنتُم مُؤمِنين )

قالَ عيسيٰ لِلحوارِيّين نَعَم مَعَ أنّ اللهَ تعاليٰ أبيٰ إلاّ أن يُجري الاُمورَ بِأسبابِها فبالزّراعَةِ تكسِبونَ قُوتَكُم لكن إتّقوا اللهَ واعلَموا أنَّ قُدرَتَهُ مُطلَقَةُ إن كنتُم مُؤمِنين باللهِ و قُدرَتِهِ ،

( قالوا نُريدُ أن نأكُلَ مِنها و تَطمَئِنَّ قُلوبُنا و نَعَلَم أن قد صَدَقَتَنا وَ نَكونَ عَلَيهٰـا مِنَ الشّاهِدين )

قالوَا الحَوارِيّونَ لِعيسيٰ نَحنُ نُريدُ أن نَتَبَرَّكَ بِمائِدَةِ الجَنّةِ فنأكُل منها تَبَرُّكاً و تَطمَئِنَّ قلوبَنا بِأنَّ الوِلايَةَ التكوينيّةَ مُطلَقَةٌ و نَعلَمَ يَقيناً أنّكَ صَدَقتنا حينما أخبَرتنا بِنُزولِ المائِدَةِ عليٰ آل محمدٍ (ص) و نَكونَ عليها مِنَ الشّاهِدينَ مُسبَقاً ،

( ‌قالَ عيسيٰ بنُ مَريم اللَّهُمَّ رَبَّنا أنزِل علينا مائِدَةً مِنَ السَّماء )

عندئذٍ دَعا ربَّهُ عيسيٰ قائِلاً‌ أللّهُمّ صَلِّ عليٰ مُحمّدٍ و آلِ محمّدٍ و بِحَقِّهِم أسألَكَ إن كُنتَ مُنزِلاً‌عليهِم مائِدَةً مِنَ السّماءِ رَبَّنا أنزِل علينا مائِدَةً مِنَ السّماءِ بِبَرَكتِهِم ،

( تكونُ لنا عيداً لِأوّلِنا و آخَرِنا و آيَةً مِنكَ وارزُقنا و أنتَ خيرُ الرّازِقين )

رَبّنا أنّ الحواريّين صاموا ثَلاثينَ يَوماً لكَ فأنزِل عليهِم المائِدَةَ تكونُ لَنا عيدَ الفِطر لأِوّلِنا إيماناً بِآلِ مُحمّدٍ و آخِرِنا إيماناً بِهِم و تكون آيَةً مِنكَ عليٰ وِلايَتِكَ التكوينيّةَ وارزُقنا مِن دونِ سَبَبٍ و أنتَ خَيرُ الرّازِقين ،

(‌ قالَ اللهُ إنّي مُنزِّلُها عليكُم فَمَن يكفُر بَعدُ مِنكم فإنّي اُعَذِّبُهُ عَذاباً لا اُعَذِّبُهُ أحداً مِنَ العالِمين )

فأوحيٰ اللهُ إليهِ إنّي مُنزِّلٌ ألمائِدَةَ عليكُم بِبَرَكَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) فَمَن يكفُر بعدَ نُزولِها منكُم بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) فإنّي اُعذِّبُهُ عَذاباً لا اُعذِِّبُهُ أحَداً مِنَ العالَمين فأمسَخُهُ قِرداً و خِنزيراً ،

( و إذ قالَ اللهُ يا عيسيٰ بنَ مَريم ءَأنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتَّخِذوني و اُمّي ألـٰهَيْنِ مِن دونِ الله ؟ )

و تَذكّروا إذ يقولُ اللهُ يوم القيامَة توبيخاً لِمُشركي النَّصاريٰ يا عيسيٰ ابنَ مَريم ءَأنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتَّخِذوني و اُمّي إلـٰهَيْنِ مِن دونِ اللهِ أم الشّيطان ؟

(‌ قالَ سُبحانَكَ ما يكونُ لي أن أقولَ ما ليسَ لي بِحَقٍّ )

فيقولُ عيسيٰ مُجيباً سُبحانَكَ اللّهُمَّ تَقَدَّسَت و تَعالَيْتَ ما قُلتُ لهُم ذلكَ و ما يكونُ لي أن أقولَ ما ليسَ لي بِحَقٍّ و أنا عبدُكَ و مَخلوقُكَ و كذلكَ اُمّي مَريَم ،

(‌ إن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ ما في نَفسي و لا أعلَمُ ما في نَفسِك )

و يقولُ إلـٰهي إن كُنتُ قُلتُ ذلكَ فَقَد عَلِمتَهُ و لَم يَخفِ عَلَيكَ تَعلَمُ ما في نَفسي مِن نِيَّةٍ فَلَم أنوِ ذلكَ لَحظَةً واحِدَةَ فكيفَ أقولُهُ و أنا كيفَ أكونُ إلـٰهاً مَعَ أنّي لا أعلَمُ ما في ذاتِكَ مِنَ العلومِ الذّاتيَِّةِ و العلومِ الغَيبيَّةِ ،

( إنّكَ أنتَ عَلاّمُ الغُيوب )

إنّكَ يا ألـٰهي أنتَ عَلاّمُ الغيوبِ كُلّها ذاتاً و لا يَعلَمُها غيرُك إلاّ بِتَعليمِكَ فسُبحانَكَ لا شريكَ لَكَ ،

( ما قُلتُ لَهُم إلاّ ما أَمَرتَني بِهِ‌ أَنِ‌ اعبُدوا اللهَ ربّي و رَبّكم و كُنتَ عليهِم شهيداً ما دُمتُ فيهِم )

أنا يا إلـٰهي ما قُلتُ لِبَني إسرائيلَ إلاّ ما أمَرتَني بهِ أن أقولَهُ و هو أنِ اعبُدوا اللهَ ربّي و رَبّكم وَ وَحِّدُوهُ و كنتُ عليهِم رَقيباً أرقَبُهُم أن لا يُشرِكوا ما دُمتُ بَينَهُم ،

(‌ فَلَمّا تَوفَّيتَني كُنتَ أنتَ الرَّقيبَ عليهِم و أنتَ عليٰ كلّ شيءٍ شهيدٍ )

فلمّا رَفعتَني إليٰ السّماءِ الرّابِعَةِ حينما أرادوا قَتلي كُنتَ يا إلـٰهي أنتَ الرَّقيبَ عليهِم تَشهَدُ أحوالَهُم إليٰ أن بَعثتَ خاتِم الأنبياءِ مُحمّداً (ص) و أنتَ عليٰ كلِّ شييءٍ شاهدٌ رقيبٌ ،

( إن تُعَذّبهُم فإنّهُم عِبادُكَ و إن تَغفِر لهُم فإنّكَ أنتَ العَزيزُ الحكيم )

و قالَ‌ عيسيٰ إلـٰهي إن تُعَذِّب أتباعي و بَني إسرائيلَ فإنّهم عَبيدُكَ الّذينَ خَلَقتَهُم تَملِكُ ناصيَتِهِم و بالعَدلِ تُعَذِّبَهُم و إن تَغفِر لهُم بِشَرطِ مُِوالاةِ مُحمّدٍ و آل محمدٍ (ص) فإنّكَ أنتَ‌ العَزيزُ الحَكيمُ في خَلقِكَ .

( قالَ اللهُ هذا يَومُ يَنفَعُ الصّادِقينَ صِدقُهُم لهُم جنّاتٌ تَجري مِن تَحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها أبَداً )

فَيقولُ اللهُ في جَوابهِ يَوم القيامَة هذا يومُ يَنفَعُ الصّادِقين المُصَدِّقينَ بِولايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ص) صِدقُهُم لَهُم جنّاتٌ تجري مِن تحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها حتّيٰ الأبَد ،

( ‌رَضِيَ اللهُ عنهُم و رَضوا عَنهُ ذلِكَ الفَوْزُ العَظيم )

كُلُّ ذلكَ لِأجلِ أن رَضِيَ اللهُ عَن شيعَةِ آل مُحمّدٍ (ص) و رَضوا هُم عَنِ اللهِ لِما أثابَهُم عليٰ مُوالاتِهِم و ذلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظيمُ الّذي نالوهُ ،

(‌ لِلّهِ مُلكُ‌ السّماواتِ و الأرضِ و ما فيهِنَّ و هوَ عليٰ كلِّ شيءٍ قديرٌ )

واعلَموا أيّها النّاسُ جَميعاً أنّ لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ و ما فيهِنَّ عليٰ الحَقيقَةِ و الواقِع مِلكاً صِرفاً تامّاً مِن غَيرِ شِركَةٍ ثابِتاً أزلِيّاً و أبَدِيّاً فلَهُ الوِلايَةُ المُطلَقَةُ التّامَّةُ عليها و قَد مَنَحها لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ص) مِن جانِبِهِ و هو عليٰ كلِّ شييءٍ قَديرٌ

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1178-1125 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *