(46)
سورة الرَّعد
بإِسمِ ذاتِيَ القُدسيّ و رحمانيّتيَ الشّامِلَةِ العامَّةِ وَ رحيميّتِيَ الخاصّة بِمَن اُحِبّ أبدَأُ الوَحيَ إليكَ بِرَمزِ ألِف لام ميم النّوراني ،
تلك آيات القران الّتي سَبَقَت والوحيُ الّذي اُنزِل إليكَ بشأنِ عليٍّ (ع) مِن ربّك هُوَ الحَقُّ اليَقينُ الفَرضُ الواجِبُ و لكنَّ أكثَر النّاسِ لا يُؤمِنونَ بِولايَتِه ،
اللهُ جَلّ جَلالهُ هو الّذي رَفَعَ السّماواتِ كَسَقفٍ مُحيطٍ بالأرضِ بقُوّةِ الجاذبيّةِ في الكُرات مِن غيرِ أعمِدَةٍ و اُسطواناتٍ تَرفَعُها ثُمّ استَويٰ بولايَتِها عليٰ عَرشِ القُدرَةِ ،
و بولايَتِهِ واستواءِهِ عليٰ عرشِ القُدرَةِ سَخَّرَ الشَّمسَ و القَمَر في مَسيرٍ مُحَدّدٍ كي تُنتِج الفصولِ الأربَعةَ والشُّهور و كلُّ منها يَسيرُ لأِمَدٍ مُعيَّنٍ مُحَدّد ،
و هو سُبحانَهُ يُدبِّرُ أمرَ السّماءِ و الأرضِ و يتولّيٰ شُؤونَ الخَلائِق يَشرَحُ لكم الآياتِ لعلّكم أيّها الناسُ بلِقاءِ ربِّكم في المَعادِ تَتَيقَّنون ،
و هو جَلّت عَظَمَتُهُ هو الّذي بَسَطَ الأرضَ و جَعَلَ فيها جِبالاً رَواسيَ ثابِتاتٍ شامِخاتٍ و خَلَق فيها أنهاراً جاريات ،
و مِن كُلِّ نَوعٍ و صِنفٍ منَ الثّمرات والزّروعِ والنّباتاتِ خَلَق في الأرضِ زَوجَيْن مُذكّر و مُؤنّث و جَعَل الّليل يُغطّي النّهارَ لِتَرتاحَ إنَّ في ذلكَ لَدِلالاتٍ عليٰ ولايةِ اللهِ يَفهَمُها المُتَفكِّرون ،
وانظروا كيفَ جَعَلَ في الأرضِ بِقاعٍ مُتقارِباتٍ مُختلَفةٍ وَ بساتَينَ من أعنابٍ و زَرعٍ و تُمورٍ متشابِهاتٍ بعضُها البَغضَ و غير مُتشابهاتٍ كلّها يُسقيٰ بالماءِ الحُلوِ و المَطَر ،
و بِحِكمَتِنا وَ وِلايَتِنا نُفَضِّلُ بَعضَ الثِّمارِ والزّروعِ عليٰ بعضِها الآخَر في الطّعمِ و المَأكَل إنّ في ذلك لَآياتٍ عليٰ ولايةِ اللهِ لِقَومٍ يَعقِلون الآيات .
و إن تَعجَب يا حبيبي مِن قولِ المُنافِقين فَعَجبٌ يَقتضي قولهم ءَإذا كُنّا تُراباً في القَبرِ كيفَ نكونُ بعدَ ذلك نُبعَثُ في خَلقٍ جديدٍ فَيَنسونَ خَلَقَهُمُ الأوّل !!!
أولئك المُنكرينَ لِلبَعث همُ الذين كفروا باللهِ و بولايَتِكم أهل البيت و يومَ القيامةِ تكونُ الأغلالُ المُحماةُ في أعناقِهِم و هُم أصحابُ النّارِ الدّائِمونَ فيها إليٰ الأبَد ،
و يا حبيبي يَستعجِلونَكَ بِطَلَبِ العَذابِ السَيِّيء قَبلَ أن يطلُبُوا العَفوَ و الغُفرانَ و يتوبوا و قَد سَبَقَت مِن قَبلِهمُ العُقوبات النّازِلَة بالأقوام الهالِكه ،
و بالتأكيد إنّ اللهَ ربّك لَذو مَغفِرةٍ للناس عليٰ ظُلمِ الظّالمين لآِل محمدٍ (ص) فلا يُنزِلُ العَذابَ عليٰ النّاس بِظُلمِ أولئك و حَتماً إنّ اللهَ لَشديدُ العِقابِ للظاّلِمين يومَ القيامَه ،
و يقول الّذين كفَروا بولايةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) هَلاّ اُنزِلَ عليٰ مُحمّدٍ آيَةٌ من رَبِّهِ بشأنِ رؤسائِنا و اُمَراءِنا و فَضائِلهم ؟؟
فلستَ يا حبيبي إلاّ مُنذِرٌ لهم مِن تركِ ولايةِ عليٍّ (ع) تُنذِرُهُم بالعذاب و العِقابِ فَتَهديهِم إليٰ ولايةِ عليٍّ (ع) فِلِكُلّ قومٍ مِنَ الأقوامِ هادٍ مِن قِبَلِ اللهِ يَهديهم ،
واللهُ وَليُّ عبادِهِ يَعلَمُ ما تَحمِلُ كلّ اُنثيٰ مِنَ الإنسان و الحيوان و غيرها مِن حَملٍ و ما تَنقصُ مُدّة حَملِ الأرحامِ و ما تَزدادُ و كلّ شييءٍ عندَهُ بِمقدارٍ مُعيَّنٍ فيُخبِر بِهِ وليُّهُ المَعصوم ،
و هو سبحانَهُ عالِمُ الغَيْبِ فَيُطلِع عليٰ الغَيْبِ وَليَّهُ المعصومُ مِن آلِ محمدٍ (ص) كما هُوَ عالِمُ الشَّهادَةِ و مِن عِلمِهِ يكونُ الإمامُ شاهِداً و هو الكبيرُ المُتَعالُ عليٰ خَلقِهِ ،
فسواءٌ في علمِهِ تعاليٰ مَن أسَرَّ القَولَ منكم و مَن جَهَرَ بهِ فهو يعلَمُهُ و مَن هو مُستَخفٍ منكُم باللّيل مُستَتِر بالظُّلمَةِ و مَن هو سائِرٌ في السِّرب بالنّهار ،
فكلٌ منكُم لهُ ملائِكةٌ تُعقِّبُهُ و تَتَبَعُهُ و تُراقِبُهُ مِن قُدّامِهِ و مِن خَلفِهِ يَحفَظونَ عليهِ أعمالَهُ و أقوالَهُ بِأمرِ اللهِ سُبحانَه ،
و بالتأكيد إنَّ اللهَ لا يُغيِّرُ ما بِقَومٍ حتّيٰ مِن نِعَمَةٍ و سَعادَةٍ و لا يَسلُبُهم إيّاها حتّيٰ يُغَيِّروا هُم بالمَعصِيَةِ و الإثمِ ما بأنفُسِهم ،
واعلَموا إذا أرادَ اللهُ بِقَومٍ عِقاباً أو عَذاباً يَسلُبهم نِعَمَهُ فلا مَردَّ لِعذابهِ عنهُم أبَداً و ليس لهُم من دونِ اللهِ مِن وَليٍّ يَدفَعُ عنهُم عذابَهُ ،
واللهُ جَلّت عَظَمتُهُ هو الّذي يُريكُم مِن إصطِكاكِ الغيومِ السّالِبَةِ والمُوجبةِ طاقتها ألبَرقَ يَبرُقُ فَيُخيفُ البَعضَ و يُفرِّحُ آخَرينَ طَمَعاً في المَطَر و يَخلُقُ الغُيومَ الثّقيلَةَ بالمَطَر ،
و صوتُ الرَّعدِ و البَرقِ الّذي تَسمَعونَهُ هو تسبيحٌ تكوينيٌّ بِحَمدِ اللهِ و الثّنآءِ عليهِ و تُسبِّحُ الملائِكةُ إيضاً بِحَمدِهِ مِن خشيتِهِ تعاليٰ و عَظمَتِهِ و جَبَروتِه ،
واللهُ الجَبّارُ القَهّارُ هو الذّي يُرسِلُ الصّواعِقَ المُحرِقَةَ و الشُّهُب النّاريّة و المُدَمِّرَة فيُصيبُ بِها مَن يَشآءُ مِن عبادِهِ عِقاباً و عَذاباً ،
فَهٰذهِ كُلّها آياتُ قُدَرةِ اللهِ و عَظَمَتهِ وَ وِلايَتهِ و مَعَ ذلك كُلِّه فهؤلاءِ المُنافِقون هُم يُجادِلونَ في ولايَتِه اللهِ و هوَ سُبحانَهُ شديدُ الأخذِ و العِقابِ و الحَوْل و القُوّه ،
واللهُ سُبحانَهُ له دَعوة الحَقِّ لِلنّاس إليٰ وِلايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و أمّا الّذين يَدعونَ مِن دونِ اللهِ مُتابِعَةَ وُلاةِ الجَوْر و الخُلَفاءِ فهُم لا يَستجيبونَ لأِتباعِهم بِشَييءٍ مِنَ الشّفاعَه ،
فليست إستجابَتهم لِطَلَبِهم إلاّ كمَن هو باسِطٌ كفَيّهِ إليٰ ماءٍ لِيَغتَرِفَ منهُ لِيَبلُغَ الماءُ فَمَهُ و ما هُوَ ببالِغٍ فَمَه و ما دَعوة الكافرين لِخُلفاءِهم لِلشَّفاعَة إلاّ في ضياع ،
و للهِ يسجُدُ تكويناً و إقتضاءً كلّ ذي روحٍ في السّماواتِ و الأرض طَوعاً كالملائكةِ و كُرهاً كالمُنافقين و لِلّهِ يسجُدُ ضِلالُهم و أرواحهم تكويناً صَباحاً و مَساءً ،
قُل لهم يا حبيبي مَن هوَ رَبّ السماواتِ و الأرضِ و خالِقُها و باريها و مُصوِّرها ؟ و مُدبِّرها و مُتَوَلّيها ؟ ثُمّ أجِب و قُل أللهُ هوَ رَبُّ السماواتِ و الأرضِ لا غَيرَه ،
فَقُل لهُم إستنكاراً هَلِ اتَّخَذتُم هؤلاءِ المُنافقينَ بني اُمَيّةَ و حزبهم أولياءَ مِن دون اللهِ لا يملكونَ لأِنفُسِهم من دونِه نَفعاً و لا ضَرّاً و لا يَملِكونَ العِصمَة و الوِلاية ؟،
فَقُل لهُم هل يستوي الأعميٰ والبَصيرُ عَقلاً و شَرعاً في الرُؤيةِ ؟ أم هل تستوي الظُلُماتُ و النّورُ في الشأنِ فآلُ مُحمّدٍ هُم النّورُ و غيرهم هُمُ الظلمات ،
و نَسألُ مُستَنكِرين هَل جَعلوا اللهِ شُرَكاءَ في الطّاعَةِ مِن وُلاةِ الجَوْر لأِجلِ أنّهُم خَلَقوا خَلقاً كخَلقِ اللهِ فكانَ خَلقُهُم شبيهاً بِخَلقِ الله ؟ حاشا و كّلا و هَيهات ،
قُل لهم يا حبيبي : إنَّ اللهَ وحدَهُ هو خالِقُ كلِّ شييءٍ في الوُجود حتّيٰ وُلاتِكم فهُم مخلوقون و اللهُ جَلَّت عَظَمَتُهُ هو الواحِدُ الفَردُ القَهّارُ لِعبادِه ،
فاللهُ سُبحانَهُ أنزَلَ مِنَ السماءِ ولاية آل محمّدٍ (ص) كما أنزل ماءً فسالت المياهُ و العُيونُ و الأنهارُ في الوِديانِ بِقَدَرِ وُسعِها و رُبَّما كان سَيلاً يعلوهُ وَ غَفاً يَجرُفُ الطّينَ الرّائِب ،
و كذلك فولاية آل محمّدٍ (ص) هو كالذَّهَب و الفِضَّةِ الخالِصَةِ يَشبَهُها المَغشوشُ المَطِليُّ في الظّاهِر لكنّهُ وَغَفٌ كَزبَدِ السَّيل يَذهَبُ و هكذا يضرب الله مَثَلاً لِلحَقَّ و الباطِل ،
فأمّا في النّتيجةِ والعاقِبَةِ فالزَّبَدُ الطّافي عليٰ السَّيْل أو المَطليّ المَغشوش فَيَذهَبُ باطِلاً و أمّا ما يَنفَعُ النّاسَ و هوَ وِلايةُ آلِ محمّدٍ فيَمكُثُ في الأرضِ كذلكَ يَضرِبُ اللهُ الأمثال لِتَفهَموها ،
لِلّذين استَجابوا لأِمرِ ربّهم بالتَمسُّكِ بولايةِ آل محمّدٍ (ص) العاقِبَة الحُسنيٰ والأجرُ الجَميلُ الجَزيلُ والّذين لَم يَستجيبوا لهُ لو أنّ لهُم ما في الأرضِ كلّه يتمَنّوْنَ يُقَدِّموهُ فِداءً لأِنفُسِهم لِيَنجوا مِنَ العَذاب ،
اُولئِك الّذين لم يَستجيبوا لِولايَهِ آل مُحمّدٍ (ص) لهُم سؤءُ الحِسابِ يومَ القيامَةِ و مَصيرُهُم إليٰ جَهنّمَ و أسوَاءَ القَرارِ و المَقام و مكانَ البُؤسِ والشِّدَّه ،
هَل إن مَن يعلَمُ عِلمَ اليَقين إنّما اُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّكَ بِشأنِ عليٍّ (ع) هو الحَقُّ كَمَن هو مُنافِقٌ أعميٰ لم يُؤمِن مِثلَهُ ؟ كَلاّ فَلَيْسآ سواء إنّما يتذكَّرُ قولنا اُولوا العُقول و القُلوبِ السّليمَه ،
فأصحابُ العقولِ السَّليمَةِ هُمُ الّذين يُوفونَ بِعَهدِ اللهِ و بَيْعَةِ يومِ غَديرِ خُمٍّ فيُوالونَ عليّاً (ع) و لا يُنقِضونَ ميثاقَ الوِلايَةِ بعد النَبيّ (ص) ،
و أولئِكَ هُمُ الّذينَ يَصِلونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أن يُوصَلَ مِنَ المَودَّةِ في قُربيٰ النَبيّ و التّمَسُّكِ بِثِقلِهِ أهل بَيتِهِ (ع) و لا يَقطَعونَ حَبلَ الوِلايَة ،
و هُمُ الذين يخافون عذاب ربّهم في تركِ أهل البيت (ع) فيتمسّكون بولايتهم و يُتابِعونَهُم و يُطيعونهم و يخافون سوء الحِساب يوم القيامه ،
و هُمُ الّذين صَبَروا عليٰ أذيٰ المُخالِفين و ظُلمِ أعداءِ آل مُحمّدٍ (ص) طَلَباً لِمَرضاةِ رَبِّهِم و أقاموا الصلوة المُحمَديَّةَ العَلَويَّةَ و أنفَقوا الخُمسَ و الزَّكاةَ مِمّا رزقناهُم تَقيَّةً و سِرّاً و جَهراً علناً ،
و هُمُ الّذين يَدرَؤنَ بالتّقِيَّة الخَطَر عن دينِهم و مَذهَبِهم و أرواحِهم و أعراضِهم أولئِكَ لهُم عاقِبةَ الدّنيا و الآخِرَة و سَعادَتِهما
و أولئِكَ الشيعَة لهُم جنّات خلودٍ و ثَباتٍ يَدخلونَها هُم و مَن صَلَحَ مِن آباءِهِم و أزواجِهم و ذُريّاتِهم و أصبَحَ شيعيّاً تَقِيّاً و الملائِكةُ تَدخُلُ عليهِم فيها مِن كُلّ بابٍ ،
فتدخُلُ الملائِكةُ عليهم مِن كُلّ بابٍ لِغُرَفِهِم و قُصورِهِم و تقول لهُم : سلامٌ عليكُم مِنَ اللهِ بما صَبَرتُم عليٰ أذيٰ أعداءِ اللهِ فَنِعمَ عُقبيٰ الدّارِ عاقِبَتِكُم ،
و أمّا الّذين يُنقِضونَ عَهدَ اللهِ بولايةِ عليٍّ (ع) مِن بَعدِ بَيْعَةِ غَديرِ خُمٍّ و يَقطعونَ ما أمَر اللهُ بهِ أن يُوصَلَ مِن رَحِمِ رسولِ اللهِ و مَودَّةَ قُرباهُ ،
ثُمّ إنّهم يُفسِدونَ في الأرضِ بِغَصبِ ولايةِ آل محمّدٍ (ص) مِنهُم و تَركِ وِلايَتِهم اُولئِك لهُمُ اللَّعنَةُ مِنَ اللهِ و لهُم سوءُ الدّارِ الجَحيمِ و العَذاب ،
إنَّ اللهَ لِحِكمَتِهِ تَعاليٰ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشآءُ و يُضيِّقُهُ لِمَن يَشآءُ إختِباراً و إمتحاناً و هؤلاءِ المُنافِقون فَرِحوا بالحَياةِ الدُّنيا و المالِ و البَنون و الجاهِ و المُلكِ و الخِلافَة ،
و لكنّ الحَياة الدّنيا الّتي فَرِحوا بها سيُفارِقونَها و تَفنيٰ و ما الحياةُ الدُّنيا في جَنبِ الآخرةِ إلاّ كمتاعٍ زائِلٍ لِفَترةٍ قَصيرةٍ ،
و يقولُ الذين كفَروا بولايةِ عليٍّ (ع) هَلاّ اُنزِلَ عليٰ مُحمّدٍ (ص) آية مِن رَبِّه بِشأنِ رؤساءِ قُريشٍ و فَضائِلِ مُناوِئي عليّ (ع) ؟؟؟
فَقُل لهُم يا حبيبي إنَّ اللهَ يَدَعُ مَن ضَلَّ عن وِلايةِ عليٍّ (ع) مِمَّن يشآءُ في ضَلالَتِهِ و يَهدي إليهِ بِمُوالاةِ عليٍّ (ع) مَن أنابَ إليٰ الله ،
واللهُ يَهدي إليهِ الّذين آمَنوا بولايةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) و تَطمَئينُّ قُلوبُهم بِذكرِ اللهِ فَضائِلِ آل محمّدٍ (ص) في القرآن ، ألا فاعلَموا إنَّ بِذكرِ اللهِ فضائِلِ آل مُحمّدٍ (ص) تَطمَئِنُّ القُلوبُ المُؤمِنَة ،
و هؤلاءِ المُطمَئِنّةُ قلوبُهم بذكرِ اللهِ هُمُ الّذين آمَنوا بولايةِ محمّدٍ و آلِ محمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ بِتَمَسُّكِهم بولايَتِهم لهُم غُصنٌ مِن شَجَرَةِ الطّوبيٰ في الجَنّةِ أصلُها عِندَ أهل البَيْت و لَهُم حُسنُ المآب ،
كذلك يهدي اللهُ إليهِ مَن أنابَ فأرسَلناكَ في اُمّةِ العَرَب قَد سَبَقَت من قبلها اُمَمٌ كان فيهم رُسُلٌ فأرسلناكَ لِتَتلوا عليهم الذي أوحينا إليك بشأن عليٍّ (ع)
و حينما كَتَبَ عليٌّ (ع) في الحُديبيّةِ بِسمِ اللهِ الرَّحمان قالوا نحنُ لا نَعرِفُ الرَّحمانَ قُل لهم يا حبيبي : إنّهُ إسم ربّي لا إلـٰهَ إلاّ هوَ عليهِ تَوكّلتُ في دَعوتي و إليه أتوبُ مِن قولكم ،
و لو أنَّ قرآناً سُيِّرَت بهِ الجبال كما طلب عبد الله بن أبي اُميّة و أبو جَهلٍ أو قُطِّعَت بهِ الأرضُ أنهاراً أو كُلِّمَ بهِ المَوتيٰ مِن آباءِهِم كاُمّيةِ و عبد شَمسٍ لما آمنوا بل لِلّهِ الأمرُ جميعاً لا لَهُم ،
أفَلم يَيْأس الذين آمنوا بمحمّدٍ (ص) مِن إيمانِ بَني اُمَيّةَ و المُنافقين حيثُ يقولون لِرسولِ اللهِ سَيِّر الجِبالَ كي يُؤمنوا ، ألَم يَعلَموا لو يشآء اللهُ مَشيئَةَ حَتمٍ لَهديٰ النّاسَ جميعاً بِمَشيئَتِهِ ،
و لا يزالُ الّذين كفَروا في عداءِهِم لِعَليٍّ (ع) حتّيٰ تُصيبُهُم بِسَيفِه في بَدرٍ و اُحُدٍ و غيرها قارِعَةٌ تُقرِعُهُم من القَتلِ أو تَحُلّ قريباً مِن دارِهِم بِمَكّه حتّي يأتي وَعدُ اللهِ لكَ عليٰ يَدِ عليٍّ (ع) إنَّ اللهَ لا يُخلِفُ الميعاد ،
فيا حبيبي إن يَستَهزِيءُ المنافقون منكَ لِنَصبِكَ عليّاً (ع) لِلوِلايَةِ فَلَقَد استُهزِيءَ بِرُسُلٍ مِن قَبلِكَ فأمهَلتُ الذينَ كفروا إتماماً لِلحُجّةِ ثُمَّ أخَذتُهُم بالعذابِ فكيفَ كانَ عقابي لهُم يا تُريٰ ؟؟؟
أفَهل يَعقِلُ أن يَكونَ شريكٌ في الطّاعَةِ لِلّهِ الّذي هو قائِمٌ عليٰ كلِّ نَفسٍ ما عَمِلَت مِن خَيرٍ و شَرٍّ يُحصيهِ و يُحاسِبُهُ عليهِ و هؤلاء المنافقين جَعَلوا لِلّهِ شُرَكاءَ مِن وُلاةِ الجَوْر قل لهم يا حبيبي فليذكروا أسماءَهُم ،
و قُل لهُم هل تُخبِرونَ اللهَ بإسمِ شريكٍ لهُ في الطّاعَةِ و هو لا يَعلَمُ لِذاتِهِ الرُّبوبيّ شريكٌ في الأرضِ بَل إنَّ إدّعائِكم هو بظاهرٍ مِنَ القَولِ باطلٍ و لَغوٍ ،
بل الشّيطانُ زَيَّنَ للذين كفروا بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) مَكرَهُم بآلِ محمدٍ (ص) وَ صدَّهُم عن سبيلِ وِلايَتِهِم و مَودَّتِهم و مَن يُضلِلهُ اللهُ بِتَركِهِ في ضَلالَتِهِ فليس لهُ هاديٍ يَهديهِ بَعدَهُ ،
قُل لهُم يا حبيبي سيَكونُ لَهُم عذابٌ في الحياةِ الدُّنيا بسيفِ عليٍّ (ع) و سيفِ المهديِّ (عج) و بالتأكيد لهُم عذابٌ في الآخرةِ في الجحيم أشَقُّ من عذاب الدنيا و ما لهم من اللهِ مِن واقٍ يَقيهِم مِن عذابِه ،
و أمّا صِفَة الجَنّةِ الّتي وُعِدَ المُتّقونَ مِن شيعةِ أمير المُؤمينن (ع) جِنانٌ تجري من خِلالها و تَحتَ قصورِها الأنهارُ و فَواكِهُها و ظِلالُها دائميّة لا مَوسِميَّه ،
تِلكَ هيَ عاقِبَة أمر الّذين اتّقَوا اللهَ وَ وَالَو آلَ محمّدٍ (ص) و أمّا عُقبيٰ الكافِرين بولايةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فَهِيَ الخُلودُ في النّارِ الجَحيم إليٰ الأبَد ،
والّذين آتيناهُمُ القرآن يَفرَحونَ بما اُنزِلَ إليكَ في عليٍّ (ع) و يُبايِعونَهُ مُستَبشِرينَ فَرِحينَ مَسرورينَ يومَ غديرِ خُمٍّ و قَبلَهُ و بَعدَهُ ،
و لكن مِنَ الأحزابِ المُنافِقين و بَني اُمَيَّةَ و مَن شاكَلَهُم مَن يُنكِرُ بَعضَ القرآنِ النّازِل بِشأنِ عليٍّ (ع) قُل لهُم إنّما اُمِرتُ أن أعبُدَ اللهَ بِمَحبّةِ عليٍّ (ع) و لا اُشرِكَ بهِ ،
فأنا بِدَعوتي لَكُم بمُبايَعَةِ عليٍّ (ع) بالولايةِ إليٰ اللهِ أدعوا ، و إذ إليٰ اللهِ مَرجعي بَعدَ حِجّةِ الوِداع فلا بُدَّ لي مِن دَعوَتِكُم لِولايةِ عليٍ (ع) ،
و كذلك الوَحيُ أنزلناهُ حُكماً لِساناً عربيّاً لِيَفهَموُهُ و يُوالوا عليّاً (ع) و لو أنّك اتَّبَعتَ أهواءَهُم بِنَصبِ غير عليٍّ لِلخِلافَةِ بَعدَ ما جاءَكَ مِن العِلمِ وَحياً ليس لكَ بَعدَهُ مِن واقٍ يَقيكَ مِنَ الله ،
و إن يُعيروكَ يا حبيبي بِكِثرَةِ أزواجِكَ و مَحبّتِكَ لِذُريّتِكَ فَلَقد أرسَلنا رُسُلاً مِن قَبلِكَ و جَعلنا لهُم مِثلَكَ أزواجاً و ذُريّةً فلِماذا يُعيروك ؟
و إن طلبوا منك أن تأتيهم بمعجزةٍ اقتَرحوها كَإزالَة جَبَلِ أبي قُبَيسٍ فما كان لِرسولٍ أن يأتيَ بآيةٍ إلاّ بإذنِ اللهِ و لكُلِّ مَوعدٍ لِلمُعجِزَة كتابٌ مَمضيٰ في اللّوحِ المَحفوظ ،
واللهُ سُبحانَهُ هو الذي يَمحو ما يشآءُ مِن المُقَدّراتِ في اللّوحِ المحفوظِ و هو الّذي يُثبِتُ فيهِ ما يشآءُ لِمَن يشآءُ و عِندَهُ أصلُ كتابِ اللّوحِ المحفوظِ
فيا حبيبي نَحنُ إمّا نُرِيَنَّكَ بعضَ الّذي نَعِدُهُم مِنَ العذابِ في حياتِكَ و إمّا نَتَوفَيَنَّكَ و لا نُرينَّكَ فسواءٌ ذلك فإنّما عليكَ البَلاغُ بِولاءِ عليٍّ (ع) و علينا الحسابُ لهُم عليٰ وِلايَتِهم لهُ ،
أوَلَم يَرَوا هؤلاء أنّا نأتي الأرضَ نَنقُصُها مِن أطرافِها بِمَوتِ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) واللهُ يَحكُمُ بذلكَ لِحِكمَتِهِ لا رادَّ لِحُكمِهِ و هو سريعُ الحِسابِ يومَ القيامَه ،
فإن يَمكرونَ بِكَ لِيَقتُلوكَ و يُدَحرِجونَ الدِّبابَ أمامَكَ و يَمكرونَ بِكَ لِيُؤذو أهلَ بَيتِك مِن بَعدِكَ فَقَد مَكَر الّذين مِن قَبلِهِم بالأنبياءِ فَلِلّهِ التّدبيرُ الكامِلُ ضِدّ مَكرِهِم فَهُوَ يَمكُرُ بِهِم ،
واللهُ سُبحانَهُ يَعلَمُ كامِلاً عِلماً إحاطيّاً بما تَكسِبُ كُلّ نَفسٍ مِن عَمَلٍ في الدّنيا و لا تَخفيٰ عليهِ خافِيَة و سَيَعلَمُ الكُفّارُ لِمَن سَيَكونُ العاقِبَة الحُسنيٰ في الدّنيا و الآخِرَه ،
و يقولُ الّذين كَفروا بِوِلايَتِكَ يا رسولَ الله لَستَ مُرسَلاً لِتُبَلِّغَ ولايةَ عليٍّ (ع) قُل لهُم كفيٰ باللهِ شاهِداً بَيْني و بَيْنِكم و كفيٰ بِعَليٍّد شاهِداً عِندَهُ عِلمُ القُرآن ،
نشر في الصفحات 1124-1109 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی