(48)
سورة التَّحريم
بإِسمِ ذاتِ جَلالَتيَ القُدسيِّ الواجِبِ الوُجودِ الواهِبِ لِلوجودِ ألمُستَجمِعِ لِجَميعِ صِفاتِ الجَلالِ و الجَمالِ و الكَمالِ و بإسمِ رحمانيَّتي و رحيميَّتي أبدَاءُ الوَحي ،
يا أيّها النبيّ مُحمّدٍ (ص) لا تَعتَني بِعائِشَةَ و حَفصَةَ و اُمّ حبيبةَ ، لِماذا تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللهُ لكَ مِنَ الإماءِ كما رِيَةِ القِبطِيَّةِ تَبتَغي مَرضاة حَفصةَ و صُوَ يحِباتِها و اللهُ غفورٌ لكَ رحيمٌ بِكَ ،
قد فَرَض اللهُ كفّارَةَ حَلِّ اليَمينِ الّذي حَلَفتَ أن لا تَقرُبَ مارِيَةَ و هِيَ إطعامُ عَشَرَةِ مساكينَ أو كِسوَتِهم فافعَل ذلكَ و َحَلِّلها واللهُ مَولاكُما و هُوَ العليمُ الحكيمُ في حُكمِه ،
تَذكّروا يا مُسلمينَ أذ أسَرَّ النبيُّ إليٰ حَفصَةَ و عائِشَةَ حديثاً فَخانَتاهُ سِرَّهُ فلمّا نَبَّأَت بهِ و أظهَرهُ اللهُ عليهِ بالوحيِ عَرفَ بَعضَ الخِيانَةِ لِحَفَصَةَ و عائِشَةَ و أعرَضَ عن بعضِ خياناتِهِنّ بِهِ ،
فَلَمّا أخبَرَ حَفَصَةَ بالخِيانَةِ و كَشْفِها لِسِرّهِ قالَت لَهُ مَن أنبَأكَ بِخيانَتي هذا قالَ النّبيُّ لَها أخبَرَنيَ العَليمُ الخَبيرُ بأسرارِكِما ،
إن تَتوبا يا عائِشَةَ و حَفَصَةَ إليٰ اللهِ مِن خِيانَتِكُما بِحَقِّ رَسولِِ اللهِ (ص) و عِصيانِكُما لَهُ و تَطلُبا العَفوَ مِنَ اللهِ و رَسولِهِ فَقَد مالَت قُلوبَكُما لِتَحليلِ مارِيَةَ ،
و إن تَتَعاضَدا عليٰ إيذاءِ النَّبيِّ يا عائِشَةَ و حَفصَةَ فاعلَما أنّ اللهَ هُوَ ناصِرُهُ و جَبرئيلُ يَنصُرهُ و عليٌّ (ع) صالِحُ المُؤمِنينَ ناصِرُهُ وَ وَليُّهُ والملائِكَةُ بعدَ ذلكَ ظهيرٌ لِعَليٍّ (ع) بالنُّصرَةِ ،
عَسيٰ رَبّ مُحمّدٍ (ص) أرادَ أن يُطَلِّقُكُنَّ كما وَكَّلَ عَليّاً (ع) لِلطَّلاقِ أن يُبدِلَهُ اللهُ زَوجاتٍ خيراً مِنكُنَّ و أنتُنَّ شَرٌّ مِنهُنّ ،
فَيُزَوِّجُهُ اللهُ نِساءً مُسلِماتٍ أكمَلَ اللهُ إسلامَهُنَّ بِولايَةِ عليٍّ (ع) مُؤمِناتٍ بِولايَةِ آل محمدٍ (ص) قانِتاتٍ لهُ مُطيعاتٍ لامِثلَكُنَّ عاصِياتٍ بَل تائِباتٍ عابِداتٍ كاُمِّ سَلَمه و اُمّ أيْمَن و مُهاجِراتٍ ،
عسيٰ ربّهُ أن يُبدِلَهُ عَنكُنّ يا عائِشَةَ و حَفصَةَ و اُمّ حَبيبَة نساءً ثَيِّباتٍ و أبكاراً كزَينَب والّتي خَدَعتُماها فَتَعوَّذت مِنهُ فَتَركها ،
يا أيّها الّذين آمَنوا ظاهِراً بألسِنَتِهم بِرَسولِ اللهِ تَوقّوا و أبعِدوا أنفُسَكُم و بَناتكُم عائِشَةَ و حَفصَةَ و اُمّ حَبيبَةَ عن نارٍ يكون وَقودُها النّاسُ المُنافِقينَ مَعَ أوثانِهم ،
تلكَ النّارُ الّتي عليها مَلائِكَةُ الغَضَبِ و خَزَنَة جَهنَّم غِلاظٌ شِدادٌ في بَطشِهِم بِكُم لا يَعصونَ اللهَ ما أمَرَهُم مِن تَعذيبِكُم و يَفعَلونَ ما يُؤمَرونََ بهِ مِن تعذيبِكم ،
فتُخاطِبُهُم الملائِكةُ الغِلاظُ الشِّدادُ حينما يَستَغيثونَ مُعتَذِرينَ يا : أيُّها الّذين كفَروا بِولايَةِ آل محمّدٍ (ص) لا تَعتَذِروا اليومَ إنّما تُجزَونَ جَزاءَ ما كنتُم تَعمَلون في الدُّنيا مِنَ النِّفاق ،
يا أيّها الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) تُوبوا إليٰ اللهِ مِن خَطاياكُم و زَلاّتِكُم تَوبَةً نَصوحاً صحيحاً صادِقاً عَسيٰ رَبّكم أن يُكَفِّرَ عنكُم سَيِّئاتِكم بالوِلايَة ،
و عسيٰ ربّكم أن يُدخِلَكُم جَنّاتٍ تجري مِن خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَةُ يومَ القيامَةِ يومَ لا يُخزي اللهُ النَبيَّ و أهل بَيتِهِ (ع) و شيعَتِهِمُ الّذين آمَنوا مَعَهُ بعِقابِ شيعَتِهم عليٰ ذُنوبِهم ،
و يومَذاكَ يُحشَر الشّيعة حالِكَوْ مِنهِم نُورُهُم يَسعيٰ بَيْنَ أيديهِم و عليٰ الجانِبَيْن فيقولونَ رَبّنا أتمِم لَنا نَورَنا بإشراقِ أنوارِ آلِ مُحمّدٍ (ص) عَلَينا واغفِرلَنا إنّك عليٰ كلِّ شييءٍ قدير ،
يا أيّها النَبيّ مُحمّد (ص) مِنَ الآنِ فَصاعِداً جاهِدِ الكُفّارَ و المُنافِقينَ المُناوِئينَ لِعَليٍّ (ع) واغلُظ عليهِم في القَوْلِ واعلَم أنّ مَصيرَهُم إليٰ جَهنَّم وَ بِئسَ المَصيرِ لهُم
ضَرَبَ اللهُ مَثلاً لِلّذين كفَروا بِولايةِ آل مُحمّدٍ (ص) و قالوا بِتَقديسِ عائِشَةَ و حَفصَة لأِنّهما زَوجَتا رسولِ اللهِ إمرَأةَ نوحٍ و إمرَأَةَ لوطٍ كانَتا زَوجَتا رَسولَيْنُ مَعصومَيْنِ فَخانَتاهُما فكذلِكَ عائِشَةَ و حَفصَة ،
فَلَم يُغنِيا نُوحٌ و لوطٌ عَن زَوجَتَيْهِما مِنَ اللهِ شيئاً مِنَ الشَّفاعَةِ و قيلَ لهُما ادخُلا النّارَ لِخِيانَتِكُما لِزَوجَيْكُما مَعَ الدّاخِلينْ و كذلِكَ يُقالُ لِعائِشَةَ و حَفصَةَ مِثلَهُما فَيدخُلانِ مَعَهُما النّار مَعَ الدّاخِلين ،
و ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلّذين آمَنوا بِوِلايَةِ آل محمدٍ (ص) عَن تزويج النّبيِّ (ص) بَنات خَديجَةَ لِعُثمان بن عفّان و ما شاكَل ، إمرَأَةَ فِرعَون آسِيَةَ بِنت مُزاحِم ،
إذ قالَت آسِيَةُ رَبِّ ابنِ لي عندَكَ بَيتاً في الجَنّةِ وانقُلني إليها من بَيتِ فرعون و قَصرِهِ و نَجِّني مِن فِرعَونَ و عَمَلِهِ و ظُلمِهِ و نَجّني مِنَ القومِ الظّالِمينَ حِزبَه ،
و ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلّذين آمَنوا بِوِلايَةِ أهل البيت (ع) عَن طهارَةِ فاطِمَةَ الزَّهراءِ مريَم ابنَةَ عِمران البَتولِ العَذراء الَّتي أَحصَنَت فَرجَها عنِ البَشَر ،
فلذلكَ نَفَخنا فيها مِن رُوحِنا فَحَمَلَت بعيسيٰ مِن غَيرِ أبٍ و صَدّقت بِكلماتِ رَبِّها الّتي سَمِعَتها وَحياً و صَدّقَت بِكُتُبِه التّوراة والإنجيل و كانَت مِنَ القومِ القانِتينَ و مِثلَها فاطِمَة الزَّهراءِ حيثُ بارَكَ اللهُ في نَسلِها و ذُريّتَها و جَعَلَهُم الأئِمّة المَعصومينَ و صَدَّقَت بِكلماتِ رَبِّها الّتي سَمِعَتها و صَدّقَت بِكُتُبِهِ و كانَت سيّدةُ نِسآءِ العالَمين .
نشر في الصفحات 1184-1179 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی