سورة الكَوْثَر
2017-04-14
سورة الماعُون
2017-04-14

(100)
سورة القِيامَةِ

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بِإسمِ ذاتِيَ الخَلاّقِ القادِرِ المُقتَدِرِ وَ بِإسمِ رَحمانيَّتيَ الشّامِلَةِ لِجَميعِ الخَلائِقِ وَ رَحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بالمُؤمِنينَ مِنهُم اُوحي :

(‌لا اُقسِمُ بيَومِ القِيامَةِ‌ ، وَ لا اُقسِمُ بالنَّفسِ اللَّوامَّة )

إعظاماً وَ‌ إجلالاً‌ وَ إكباراً لا اُقسِمُ بِيَومِ القِيامَةِ وَ النُّشورِ وَ الحِسابِ وَ‌ الجَزاءِ وَ كذلِكَ لا اُقسِمُ إِجلالاً‌ بالنَّفسِ الإنسانِيّةَ الَّلوامَّةِ للإنسانِ إذا ارتَكَبَ الإثم ،

(‌ أيَحسَبُ الإنسانُ ألَّن نَجمَعَ عِظامَه ؟ بَليٰ قادِرينَ عليٰ أن نُسَوِّيَ بَنانَه )

نَسألُ إستِنكاراً هَل يَحسَبُ الإنسانُ المُنافِقُ أنّنا سَوفَ لَن نَجمَعَ عِظامَهُ المُتَبَعثِرَةَ‌ في الأجداث ؟ بَليٰ فَليَعلَم أنّنا قادِرينَ عليٰ أن نُرَكِّبَ مَفاصِلَ أنامِلِهِ و نَجمَعُها ،

(‌ بَل يُريدُ الإنسانُ أن يَفجُرَ أمامَهُ ، يَسألُ أيّانَ يوم القيامَه )

فَذلِكَ أمرٌ مَحتومٌ لا يُنكِرُهُ عاقِلٌ بَل يُريدُ الإنسانُ المُنافِقُ بِإنكارِهِ عِناداً أن يستَمِرَّ بالفُجورِ في مُستَقبَلِ الزَّمانِ فَيَسألُ إستهزاءً مَتيٰ مَوْعِدُ يومِ القِيامَه ؟

( فإذا بَرِقَ البَصَرُ و خَسفَ القَمَرُ و جُمِعَ الشَّمسُ و القَمَر يَقولُ الإنسانُ يَومَئذٍ أيْنَ المَفَرّ )

فحينَما بَرِقَ البَصرُ حَيْرَةً و وَحشَةً مِن وُقوعِها و أهوالِها فَيَخسِفُ اللهُ‌ القَمَرَ و يَجمَعُ الشَّمسَ و القَمَرَ في مَدارٍ واحِدٍ يَومَئذٍ يَقولُ الإنسانُ المُنافِقُ إليٰ أيْنَ المَفَرّ حَتّيٰ أفِرّ ؟

(‌ كَلاّ لا وَزَرَ إليٰ رَبِّكَ يَومَئذٍ المُستَقَرّ يُنَبَّوءُ الإنسانُ يَومَئذٍ  بِما قَدَّمَ و أخَّر )

فيَأتي الخِطابُ كَلاّ و هَيْهاتَ مِنَ المَفَرِّ فَلا مَلجَاءَ لَكَ بَل إليٰ مَحكَمَةِ ربِّكَ يَومَئذٍ المُستَقَرّ فَيُخبَرُ الإنسانُ يَومَئذٍ بما قَدَّمَ مِن عَمَلٍ و ما أخّرَ في الدُّنيا ،

(‌ بَلِ الإنسانُ عليٰ نَفسِهِ بَصيرَة ، و لو ألقيٰ مَعاذيرَه )

و إنّما يُخبَرُ بهِ رَدّاً‌ لِلمَعاذِير فلَيسَ جاهِلٌ به‌ِ بَلِ الإنسانُ عليٰ نَفسِهِ‌ و أعمالِهِ بَصيرٌ خبيرٌ و لو ألقيٰ يَومَئذٍ مَعاذيرَهُ طَلَباً‌ لِلخَلاصِ و الفِرار ،

(‌ لا تُحَرِّك بِهِ لِسانَكَ لِتَعجَلَ بهِ ، إنَّ علَينا جَمعَهُ‌ و قُرآنَه )

ياحبيبي يا رسولَ الله إنّكَ عالِمٌ بِجَميعِ القُرآنِ جُملَةً واحِدَةً بَعدَ أن أنزلناهُ عليكَ لَيْلَةَ القَدرِ و لكِنْ لا تُحَرِّكْ بِه لِسانَكَ لِتَعجَلَ بإبلاغِهِ‌ إنَّ علَينا جَمعَهُ و قَراءَتَهُ‌ عليكَ بِواسِطَةِ جَبرَئيل جُزءاً جُزءاً‌ ،

(‌ فإذا قَرَءناهُ فاتَّبِع قُرآنَهُ ثُمَّ إنَّ علَينا بَيانَه )

فإذا قَرأناهُ عليكَ بِواسِطَةِ جَبرَئيل أمينِ الوَحيِ فاتَّبِع مِنهاجَ القَراءَةِ في الإبلاغِ بالمُناسِباتِ‌ ثُمَّ إنَّ علَينا بَيانَ تَفسيرِهِ و مَعانِيهِ لكَ و لَيْسَ لأِحَدٍ أن يَتَبَرَّعَ بِبَيانِهِ بِرَأيِه ،

(‌ كَلاّ‌ بَل تُحِبّونَ العاجِلَةَ و تَذَرونَ الآخِرَه )

كلاّ أيُّها المُنافِقون أعداءَ أهلِ البَيْتِ لا تُحبّونَ الآجِلَة و ثَوابَها وَ وِلايتَهَم (ع) بَل تُحِبّونَ الدُّنيا العاجِلَةَ‌ و شَهواتَها و تَذَرونَ الآخِرَة و نَعيمها ،

(‌ وُجوهٌ يَومَئذٍ ناضِرَةٌ إليٰ رَبّها ناظِرَه )

وُجوهٌ لِشيعَةِ آل مُحمّدٍ و مُحبّيهِم و مَوالِيهِم يَومَئذٍ علَيها نَضرَةَ السُّرورِ و الفَرَحِ و الفَوْزِ و الفَلاحِ وَ وُجوهِهِم إليٰ رَحمَةِ رَبّها ناظِرَةٌ و ثَوابِه ،

(‌ وَ وُجوهٌ يَومَئذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أن يُفعَلَ بِها فاقِرَة )

وَ‌ وُجوهٌ لِمُخالِفي آلِ مُحمّدٍ و مُناوِئيهِم يَومَئذٍ‌ عابِسَةٌ كالِحَةٌ مُسوَدَّةٌ مَغمومَةٌ‌ مَهمومَةٌ حَزينَةٌ كئيبَةٌ تَعلَمُ أنّهُ سيُفعَلُ بِها ما يَقصِمُ ظَهرَها و فِقرَةَ الظَّهر ،

( كَلاّ إذا بَلَغَتِ التّراقي و قِيلَ مَن راقٍ و ظَنَّ أنّهُ الفِراقُ والتَفَّتِ السّاقُ بالسّاقِ إليٰ ربِّكَ يَومَئذٍ المَساق )

فَنَزجُرُ المُنافِقينَ بهِ كَلاّ فَسيَعلَمون إذا بَلَغَتِ النَّفسِ التَّرقُوَةَ حينَ المَوت وقيل لِلمُسَجّيٰ مَنِ الشّافي لَكَ و تيَقَّنَ أنّهُ وَقتُ الفِراقِ والتَفَّتْ ساقُهُ بِساقِهِ عندئذٍ إليٰ حُكمِ رَبِّكَ يَومَئذٍ مَساقُهُ ،

(‌ فَلا صَدَّقَ و لا صَلّيٰ ولكِن كَذّبَ و تَوَلّيٰ ثُمَّ ذَهَبَ إليٰ أهلِهِ يَتَمَطّيٰ )

فَلا صَدَّقَ المُنافِقُ بالوِلايَةِ وَ لا صَلّيٰ مُخلِصاً لِلّهِ وَ لـٰكِنَّهُ كَذَّبَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) وَ تَوَلّيٰ مُعرِضاً عَنها ثُمَّ ذَهَبَ إليٰ أهلِهِ يَتَمَطّيٰ في مَشيِهِ المُطيْطاءَ عمر و صَخر .

( أوْليٰ لَكَ فَأوْليٰ ، ثُمَّ أوْليٰ لَكَ فَأوْليٰ )

فَأوليٰ لكَ أيّها الكافِرُ المُنافِقُ مِنَ اللهِ الوَيْلُ والثُّبورُ و اللَّعنُ و العَذابُ ثُمَّ أوْلاكَ اللهُ اللَّعنَةَ و العَذاب أيُّها المُكَذِّبُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) فَاليوَيْلُ لَكَ .

(‌ أيَحسَبُ الإنسانُ أن يُترَكَ‌ سُديٰ ؟)

نَسألُ إستِنكاراَ هَل يَحسَبُ الإنسانُ المُنافِقُ أن يُترَكَ طَليقاً مُهمَلاً حُرّاً مِنَ التَّكليفِ و الحِسابِ‌ والجَزاء ؟

(‌ ألَم يكُ نُطفَةً‌ مِن مَنِيٍّ يُمنيٰ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّيٰ ، فَجَعَلَ مِنهُ الزَّوجَيْنِ الذَّكَرَ و الاُنثيٰ )

ألَم يَكُنِ المُنافِقُ نُطفَةً مِن مَنيٍّ يُمنيٰ مِن صُلبِ الرَّجُلِ و بَيْضَتِهِ‌ في الرَّحِمِ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً في الرَّحِمِ‌ فَخَلَقَهُ اللهُ بَشَراً فَسَوّيٰ هَيكَلَهُ فَجَعلَ مِنهُ الزَّوجَيْنِ الذَّكَرَ و الاُنثيٰ بِحِكمَتِهِ و تَدبيرِهِ ،

(‌ ألَيسَ ذلِكَ بقادِرٍ عليٰ أن يُحيِيَ المَوتيٰ ؟)

فَكما جَعلَ النُّطفَةَ كذلِكَ فَهُوَ قادِرٌ عليٰ إعادَتِهِ و مَعادِهِ بَعدَ المَوْتِ فَنَسألُ تَقريراً و نَستَفهِمُ لِكي يَحَكِّمُ المُنافِقُ ضَميرَهُ و عَقلَهُ فيَفهَم ألَيسَ اللهُ بِقادِرٍ عليٰ أن يُحيِيَ المَوْتيٰ يَومَ القيامَةِ ؟؟ فَبَديهِيٌّ أنّهُ‌ قادِرٌ حَتماً .

(‌ صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1717-1714 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *