سورة الفيل و قُرَيْش
2017-04-14
سورة الشَّمسْ
2017-04-14

(95)
سورة القَلَمْ

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم ن)

بِإسمِ ذاتِيَ القُدسيّ الإلـٰهيّ الجَبّار المُنتَقِم الغالِب وبإسمِ رحمانيَّتي الواسِعةِ و رحيميَّتِيَ الخاصَّة بعِباديَ المُؤمِنين اُوحي إليكَ و أرمِزُ بِحرَفِ نُونٍ ،

( وَالقَلَمِ و ما يَسطُرون )

قَسَماً اُقسِمُ بالقَلَمِ الإلـٰهيّ الّذي يَكتُبُ و يُقَدِّرُ جميعَ المُقَدَّراتِ لِلمَخلوقاتِ في الَّلوْحِ المَحفوظِ و قَسَماً بِما يَسطُرونَ الأملاكُ في صَحائِفِ الأعمال ،

( ما أنتَ بِنِعَمَةِ رَبِّكَ بَمَجنونٍ )

ما أنتَ يا مُحمّدُ (ص) كما يَقولُ أعداءِكَ بِنِعمَةِ رَبِّكَ وِلايَةِ عليٍّ (ع) بِمَجنونٍ بَل إنَّ مَوَدَّةَ عليٍّ (ع) و مَحَبَّتَهُ وَ‌ وِلاءَهُ هِيَ دَليلُ العَقلِ و الفَهمِ‌ و الكِياسَةِ ،

( وَ إنّ لَكَ لَأجراً غَيرَ مَمنونٍ )

و بالتّأكيدِ إنَّ لكَ يا حبيبي لَأجراً و ثَواباً و جَزاءً عِندَ اللهِ في أعليٰ دَرَجاتِ الجِنانِ أعَدَّهُ لَكَ لِما بَلَّغتَ ما أنزَلَ إليكَ في وِلايَةِ عليٍّ (ع) من غَيرِهِ مِنّةٍ و إمتِنانٍ علَيك ،

( وَ إنّكَ لَعَليٰ خُلُقٍ عَظيم )

وَ حَقّاً إنّكَ يا رسولَ اللهِ وَ يا سَيّدَ الخَلائِقِ و أشرَفَ المُرسَلين لَعليٰ أخلاقٍ و مُثُلٍ و فَضائِلَ و مَحامِدَ عَظيمَةٍ عالِيَةٍ راقِيَةٍ جَميلَةٍ و كَمالاتٍ نَفسانِيَّةٍ تَفوقُ ما سِويٰ الله ،

(‌ فَسَتُبصِرُ و يُبصِرونَ بِأيّيكُمُ المَفتون )

فَسَتَنظُر و يَنظُرونَ أعداءِك إليٰ عاقِبَةِ أمرِكَ و أمرِهِم فَيَعرِفونَ بِأيٍّ مِنكُم يَنسَبُ الجُنونُ هُم أم أنتَ ؟ حاشاك ،

(‌ إنَّ رَبَّكَ هو أعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سبيلِهِ و هُوَ أعلَمُ بالمُهتَدين )

إنَّ ربَّكَ يا حبيبي هو أعلَمُ بِعاقِبَةِ مَن يَضِلُّ عَن سبيلِ اللهِ وَ وِلايَتِكُم و اللهُ هُوَ أعلَمُ بِحالِ المُهتَدينَ بِوِلايَتِكُم و عاقِبَتِهِم ،

(‌ فَلا تُطِعِ المُكَذِّبين ، وَدّوا لَوْ تُدهِنُ فيُدهِنون )

فلا تُطِع يا رسولَ اللهِ طَلَبَ المُكَذِّبينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) حينَما يَطلُبونَ مِنكَ أن تُداهِن فيهِ‌ فإنَّهُم وَدُّوا لَوْ تُداهِنُ‌ فيُداهِنونَ و يَغُشّوك ،

( و لا تُطِع كُلَّ حَلاّفٍ مَهينٍ هَمّازٍ مَشّآءٍ بِنَميمٍ مَنّاعٍ لِلخَيرِ مُعتَدٍ أثيمٍ عُتُلٍّ بَعدَ ذلِكَ زَنيم )

و لا تُطِع كُلّ مُنافِقٍ حَلاّفٍ يَعقِدُ الحِلفَ ضِدَّكُم في الصَّحيفَةِ و يَدفُنها في الكَعبَةِ وَ هُوَ حَقيرٌ‌ عَيّابٌ نَمّامٌ ساعٍ بِالنَّميمَةِ مَنّاعٌ لِلخُمسِ مُعتَدٌ عليٰ أهل بَيتِكَ آثِمٌ جِلفٌ جافٌّ دَعِيٌّ إبن زِنا كالوَليدِ بن مُغْيرَةَ وَابن الخطاب وَ زيادِ ابن أبيهِ وَ مُعاويَة و عَمر و بن العاص .

( أن كانَ ذا مالٍ وَ بَنينَ إذا تُتليٰ عَلَيهِ آياتُنا قالَ أساطِيرُ الأوَّلين )

و لا تُطِعهُ لأِنَّهُ كانَ ذا مالٍ و بَنينَ و ثَروَةٍ و عَشيرَةٍ فإنَّهُ كافِرٌ إذا تُتليٰ عليهِ آياتُنا النّازِلَةِ بِشَأنِ عَليٍّ (ع) قالَ هذهِ أساطيرُ الأوّلينَ و أكاذيبهم ،‌

( سَنَسِمُهُ عليٰ الخُرطوم )

سَنَسِمُهُ بِسِمَةٍ و عَلامَةٍ عليٰ خُرطومِهِ‌ و أنفِهِ الطّويلِ الضَّخمِ بِسَيفِ عليٍّ (ع) يَومَ بَدرٍ يُعرَفُ بِها إنّهُ مُشرِك ،

(‌ إنّا بَلَوْناهُم كما بَلَوْنا أصحابَ الجَنَّةِ‌ إذ أقسَموا لَيصرِمُنّها مُصبِحينَ لا يَستَثنون )

إنّا اختَبرنا بَني اُمَيَّةَ كما اختَبرنا أصحابَ‌ البَساتين في صَنعاءِ اليَمَن حيثُ أقسَموا بَيْنَهُم أنَّهُم بالتأكيد لَيَقطَعونَ ثِمارَ أشجارِها صَباحاً و لا يَستَثنونَ مَشيئَةُ الله ،

( فَطافَ عليهِم طائِفٌ مِن ربِّكَ و هُم نائِمونَ فأصبَحَت كالصَّريم )

فَطافَ و دارَ عليهِم بَلاءٌ طائِفٌ مِن رَبِّكَ فَأحاطَ بَساتِينهم فأتْلَفَها و أحرَقَها فَأصبَحَت كالبُستانِ المَصرومِ ثَمَرُهُ و المَقطوعِ شَجَرُه ،

(‌ فَتَنادَوا مُصبِحينَ أنِ اغدُوا عليٰ حَرثِكُم إن كُنتُم صارِمين )

فَتَنادَوْا بَيْنَهم صَباحاً فَناديٰ بعضَهُمُ البَعضَ أنِ امشُوا إليٰ حَرثِكُم و زَرعِكُم إن كنتُم صارِمينَ‌ لِلثَّمَرِ و حاصِدينَ‌ و مُجتَنينَ ،

(‌ فانطَلَقوا و هُم يَتَخافَتون أن لا يَدخُلَنّها اليوم‌َ عليكُم مِسكينٍ و غَدَوْا عليٰ حَردِ قادِرين )

فانطَلَقوا و هُم يَتَهامَسون بَيْنَهُم قائِلينَ : لا تَدَعُوا أن يَدخُلَنّها اليَومَ عليكُم فَقيرٌ جائِعٌ و غَدَوْا عازِمينَ عليٰ مَنعٍ و حَردٍ و رَدعٍ لِلمَساكينِ و هُم يَظُنّونَ أنّهُم قادِرين ،

(‌ فَلَمّا رَأوْها قالوا إنّا لَضالّونَ بَل نَحنُ مَحرومون )

فَلَمّا رَأوْها قالوا إنّا لَضالّونَ عَن طُرُقِ بَساتينِنا إنّها لَيْسَت هِيَ و لَمّا تيَقّنوا قالوا بَل نَحنُ مَحرومونَ مِنها و مِن خَيراتِها و ثِمارِها ،

(‌ قالَ أوسَطُهُم ألَم أقُل لَكُم لو لا تُسَبِّحون )

قالَ لهُم المُؤمِنُ الّذي كانَ في وَسَطِهِم و بَيْنَهُم ألَم أقُل لَكُم أمسُ هَلاّ تُسَبِّحونَ لِلّهِ و تَستَغفِرونَ و تَتَوَكّلونَ عَلَيه ؟

(‌ قالوا سُبحانَ رَبِّنا إنّا كُنّا ظالِمينَ فَأقبَلَ بَعضَهم عليٰ بعضٍ يَتَلاوَمون )

قالوا سُبحانَ اللهِ رَبّنا تُبنا إليهِ إنّا كُنّا ظالِمينَ لأِنفُسِنا بالطُّغيانِ فَأقبَلَ‌ بعضهم عليٰ بَعضٍ يَتَلاوَمونَ لِما صَدَرَ مِنهُم بِأمس ،

(‌ قالوا يا وَيلَنا إنّا كُنّا طاغينَ‌ عَسيٰ ربّنا أن يُبدِلَنا خَيْراً مِنها إنّا إليٰ رَبِّنا راغِبون )

قالوا يا وَيْلَنا إنّا كُنّا طاغينَ‌ عسيٰ اللهُ ربّنا أن يُبدِلَنا خَيْراً مِنها بَعدَ هذا حيثُ تُبنا إنّا إليٰ رَبِّنا راغِبونَ بالطّاعَةِ و العِبادَةِ ،

( ‌كذلِكَ العَذابُ و لَعذابُ الآخِرةِ أكبَرُ لو كانوا يَعلَمون )

كذلِكَ العَذابُ سَيكونُ لِبَني اُمَيَّةَ و لَعذابُ الآخِرَةِ لَهُم أكبَرُ مِن عذابِ الدُّنيا و لَو كانوا يعلَمونَ‌ ما أعَدَّ اللهُ لَهُم مِن العَذاب ،

(‌ إنَّ لِلمُتَّقينَ عِندَ رَبِّهِم جَنّات النّعيم )

بالتّأكيدِ و اليَقينِ إنَّ لِلمُتّقينَ المُوالِين لِمُحمّدٍ‌ و آلِهِ الطَيِّبين (ع) عندَ ربِّهم يوم القيامَةِ جَنّات النّعيمِ يَتَنَعَّمون فيها بِنَعيمِها ،

(‌ أفنَجعَلُ المُسلِمينَ كالمُجرِمين ؟ ما لَكُم كَيْفَ تَحكُمون )

فَنَسألُ عُقولَكُم وَ وِجدانَكُم فَأجيبوُا بالإنصافِ أفَهَل نَجعَلُ المُسلِمينَ كالمُجرِمينَ يَومَ القِيامَةِ كَلاّ و هَيْهاتَ و حاشا فَما لَكُم كَيْفَ تَحكُمونَ بِنَجاةِ المُجرمين ؟؟

(‌ أم لَكُم كِتابٌ فيهِ تَدرُسون ؟ إنَّ لكُم فيهِ لما تَخيَّرون )

نَسألُ مُوَبِّخينَ مُستَنكِرينَ هل لكُم كتابٌ من الله بذلك فيهِ تَقرَؤنَ نَجاتَهُم ؟ كَلاّ و إنَّ لكُم فيهِ حُكمٌ مِن اللهِ عليٰ ما تَختارون ؟؟

( أم لكُم أيْمانٌ علَينا بالِغَةٌ إليٰ يَومِ القِيامَةِ إنَّ لَكُم لَما تَحكُمون )

أم لَكُم علَينا أيْمانٌ و عُهودٌ إقسَمنا بِها لَكُم بالنَّجاةِ و هِيَ بالِغَةٌ إليٰ يَومِ القِيامَةِ و قُلنا لَكُم إنَّ لَكُم كُلّ ما تَحكُمون بِهَواكُم ،

(‌ سَلهُم أيُّهُم بِذلِكَ زَعيمٌ أم لَهُم شُرَكاءَ فَليَأتوا بِشُرَكاءِهِم إن كانوا صادِقين )

إسألهُم يا حبيبي أيُّهُم بِذلِكَ زاعِمٌ يَدّعيهِ ، هَل لهُم شُرَكاءٌ مَعَ اللهِ فليَأتوا بِشُركاءِهِم إن كانوا صادقين في شِركِهم قَبَّحَهُمُ الله ،

(‌ يَومَ يُكشَفُ عن ساقٍ و يُدعَوْنَ إليٰ السُّجودِ فلا يَستَطيعونَ خاشِعَة أبصارهُم تَرهَقُهُم ذِلّةٌ و قد كانوا يُدْعَوْنَ إليٰ السُّجودِ و هُم سالِمون )

يَومَ يُكشَفُ بِواسِطَةِ مَلائِكَة الغَضَبِ عَن ساقِ أعداءِ آلِ مُحمّدٍ لِتُشَدَّ بالأغلالِ و يُؤمَرونَ بالسُّجودِ عليٰ وُجوهِهِم بَيْنَ يَدَيِ اللهِ فلا يستَطيعونَ لِشِدَّةِ وِثاقِهِم و قَد كانوا يُدعَوْنَ لِلسّجوُد فَيَعصوُن و هُم سالِمون ،

( فَذَرني و مَن يُكَذِّبُ بِهذا الحَديثِ سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ و اُملي لَهُم إنَّ كَيْدي مَتين )

فَدَعني أنا و مَن يُكَذِّبُ بِحَديثِ وِلايَةِ‌ عليٍّ (ع) سَنَستَدرِجُهُم أنا و مَلائِكَتي لِلعَذابِ مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ و اُملي لَهُم إتماماً لِلحُجَّةِ إنَّ كَيْدي بِهِم مَتينٌ قَويٌّ ،

(‌ أم تَسألهُم أجراً فَهُم مِن مَغرَمٍ مُثقَلون ؟!! )

فَما بالُهُم قَبَّحَهُمُ اللهُ لا يُوالونَ عَلِيّاً (ع) هَل تَسألهُم أجراً مادِّياً كَثيراً فَهُم مِن دَفعِ الغرامَةِ مُثقَلونَ يَشُقُّ عليهِم كثيراً ؟ كَلاّ فلَيس كذلك ،

( ‌أم عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُم يَكتُبون )

أم عِندَهُمْ عِلمُ الغَيْبِ كما تَعلَمُهُ أنتَ و عليٌّ (ع) فَهُم يَكتُبونَ به‌ِ ما يَكتُبونَهُ في الصَّحيفَةِ مِن حِرمانِ عليٍّ (ع) مِنَ الخِلافَه ،

( ‌فاصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ و لا تَكُن كصاحِبِ الحُوتِ إذْ ناديٰ و هو مَكظوم )

فاصبِر يا رَسولَ اللهِ لِحُكم رَبِّكَ مِن تَأخيرِ عَذابِ المُنافِقين و لا تَكُن كَيُونُسَ النّبيّ (ص) صاحِبِ الحُوتِ إذ ناديٰ رَبَّهُ داعِياً عليٰ قَومِهِ و هُوَ مَكظومٌ مِنهُم ،

(‌ لولا أن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبِّهِ لَنُبِذَ بالعَراءِ و هُوَ مَذمومٌ )

فإنّهُ لَو لا أن تَدارَكَهُ نِعمَةٌ مِن رَبّهِ فَتَوَسَّلَ بِمُحمّدٍ و عليٍّ إليٰ اللهِ فَنَجيٰ لَولاهُ لَنُبِذَ بالصَّحراءِ عُرياناً و هُوَ مَذمومٌ عِندَ الله ،

( فاجتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصّالِحين )

لكِنّهِ سَبَّحَ اللهَ و قَدَّسَهُ و تَوَسَّلَ بِكُم أهلَ البَيْتِ فاجتَباهُ اللهُ ثانِيَةً بالنُّبوَّةِ فجعَلَهُ من الصّالِحين المُوالينَ لِمُحمدٍ و آلِهِ الطّاهِرين ،

(‌ و إن يكادُ الّذينَ كفَروا لَيُزلِقونَكَ بأبصارِهِم )

و إن يَكيدُ الّذين كفَروا بِوِلايَتِكُم لِكَي يُزلِقونَكَ بأذيٰ عُيونِهم الحاسِدَةِ حينَما رَفَعتَ عَلِيّاً (ع) يَومَ الغديرِ فبانَ بَياضُ إبطَيْكُما ،

(‌ لَمّا سَمِعوا الذِّكرَ و يَقولونَ إنّهُ لَمَجنونٌ )

لَمّا سَمِعوا مِنكَ ذِكرَ عليٍّ (ع) بالوِلايَةِ فَقُلتَ مَن كُنتُ مَولاهُ فهذا عليٌّ (ع) مَولاهُ و يَقولونَ إنَّ مُحمَّداً لمَجنُونٌ بِنَصبِ عليٍّ لِلوِلايَةِ ،

(‌ وَ ما هُوَ إلاّ ذِكرٌ لِلعالَمين )

و ما هُوَ إلاّ ذِكرٌ لِلعالَمينَ أجمَعينَ مِنَ الجِنِّ و الإنسِ و المَلائِكَةِ أمَرَهُ اللهُ بِإبلاغِهِ إليهِم .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1691-1685 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *