(93)
سورة الفَجر
بِإسمِ ذاتِيَ الرُّبوبيِّ المُستَجمِعِ لِجَميعِ صِفاتِ الكمالِ و الجَمالِ و الجَلالِ و بِرَحمانيّتِيَ الواسِعَة و رحيمِيَّتِيَ الخاصَّةِ بالمُؤمِنين اُوحي :
قَسَماً بِفَجرِ بُزوغِ نُورِ مُحمّدٍ (ص) و قَسماً بِلَيالِي مِيلادِ عَشرٍ مِنَ الأئِمَّةَ المَعصومين ألحُسين و أولادِهِ التِّسعَةِ و قَسَماً بالشَّفعِ بِعَليٍّ والزَّهرآءِ و بِالوَترِ ألحَسَنِ الزَّكيّ (ع)
و قَسَماً بِلَيْلِ مَغيبِ المَهديّ حينَما يَسري و يَنتَهي بِظُهورِهِ فَيَقومُ لِلثَّأرِ لِدِماءِ آلِ مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهِم مِن أعدائِهِم ،
فَنَسألُ تَقريراً هَل في ذلِكَ القَسَم بِمُحمّدٍ وَ أهل بَيْتِهِ المَعصومينَ (ع) الأربَعَةَ عَشَر قَسَمٌ كافٍ لذِي عَقلٍ وَ فَهمٍ وَ شُعورٍ يُدرِكُ عَظَمَتِهم ،
و نُقَرِّرُ ألَم تَرَ كيفَ فَعَلَ رَبُّكَ يا مُحمّد بِقَومِ عادٍ الكُفّار و مَدينَةَ إرَمٍ ذاتِ الأعمِدَةِ و الأبنِيَةِ الشّاهِقَةِ الّتي لَم يُصنَع مِثلُها في البُلدان ، فَدَمَّرها عليهِم ،
و ما فَعَلَ رَبُّكَ بِقَومِ ثَمودٍ الكُفّارِ الّذين نَقَلوا الصُّخورَ بالوادي بُيوتاً حَصينَةً لَهُم لكِنّها لَم تَحفَظهُم مِنَ الهَلاك ،
وَ ما فَعَلَ ربّكَ بِفِرعَوْنَ مِصرَ صاحِبَ الأوْتادِ الأربَعَةِ الّتي كانَ يَتِدُ بِها النّاسَ و يَصلُبُهُم بِها هُوَ و رَبعُهُ الّذين طَغَوْا في البِلادِ المِصريَّةَ فَأكثَروا فيها الفَسادَ والظُّلم ،
فَصَبَّ عليهِم ربُّك يا مُحمّد سَيْلَ العَذابِ و أوجَعَهُم بهِ كالسَّوْطِ المُؤلِم إنَّ رَبّكَ يا حبيبي بالتّأكيدِ لَبِالمِرصادِ لِلظّالِمينَ و الجائِرين ،
فَأمّا الإنسانُ المُنافِق غَيرُ المُؤمِن إذا ما اختَبَرَهُ اللهُ فَأكرَمَهُ بالمالِ و الوَلَدِ و الجاهِ و العافِيَةِ و نَعَّمَهُ بالنِّعَمِ الدُّنيَويَّةِ فيقولُ إنَّ ربّي أكرَمَني لِأنّني أهلٌ لِلكَرامَةِ و يَنسيٰ الإختِبار ،
و أمّا إذا ما امتَحَنَهُ اللهُ وابتَلاهُ واختَبَرَهُ بِالفَقرِ فَضيَّقَ عليهِ رِزقَهُ فلا يَصبِر بَل يَقولُ إنَّ ربّي أهانَني بالفَقرِ فَيَكفُر ،
كَلاّ يا مُنافِقينْ إنّكُم مُخطِئونَ في ذلِكَ فَلَيْس كما تقولونَ بَل إنّكُم لا تُكرِمونَ اليَتيمَ مِن آلِ مُحمّدٍ (ص) بِدَفعِ الخُمسِ إليهِ ،
وَ لا تَحُثّونَ بَعضَكُم البَعضَ عليٰ الإهتِمامِ بِطَعامِ المِسكينِ مِن شيعَةِ آل محمّدٍ و إطعامِهِ فَأنتُم الظّالِمون ،
وَ أنتُم يا أعداءَ آلِ محمّدٍ تَأكُلونَ تُراثَ آل مُحمّدٍ و ميراثِ النَّبيِّ (ص) و فَدَكاً أكلاً كامِلاً لَمّاً لِلحَرامِ مَعَ غيرِهِ ،
وَ أنتُم يا أعداءَ آلِ مُحمّدٍ تُحِبّونَ المالِ الحَرامِ و المَغضوبِ حُبّاً كثيراً فلا تَتَوَرَّعونَ في اكتِسابِهِ نَهباً و سَلباً و سَرِقَةً و خِيانَةً ،
كَلاّ يا أعداء آل مُحمّدٍ ليسَ الأمرُ كما تَظُنّون إنَّ المُلكَ لِمَن غَلَب فَسَتَعلَمونَ حينَما تُدَكُّ الأرضُ دَكّاً لِلحَشرِ و الحِساب ،
وَجاءَ وليُّ رَبِّكَ عليٌ (ع) قَسيمُ النّارِ وَ الجَنَّةِ مَعَ المَلائِكَةِ صَفّاً صَفّاً مُصطَفّينَ يأتَمِرونَ بِأوامِرِهِ فَيَأمُرُ بِكُم إليٰ النّار ،
و يَومَئِذٍ سَتَرَوْنَ بِاُمِّ أعيُنِكُم حينَما تَجييءُ خَزَنَة النّارِ حامِلَةٌ لِلسَّلاسِلِ و الأغلالِ النّاريَّةِ إليكُم يَومَئذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسانُ المُنافِقُ و أنّيٰ لَهُ أن تَنفَعُهُ الذِّكريٰ هَيْهات ،
فيَومَئِذٍ يَقولُ بالحَسَراتِ و الآهاتِ يالَيْتَني قَدَّمتُ لِحَياتيَ الآخِرَة وِلايَةَ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ زاداً في الدُّنيا ،
فَيَومَئِذٍ لا يُعَذِّبُ اللهُ عذابَ عَدوِّ آلِ مُحمّدٍ (ص) أحداً غيرَهُ و لا يُوثِقُ وِثاقَهُ بالسَّلاسِلِ و الأغلالِ أحداً غيرَه ،
و يَومَئِذٍ يَأتي الخِطابُ مِنَ اللهِ لأِهلِ الجَنَّةِ و إليٰ النَّفسِ المؤمِنَةِ المُوالِيَةِ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) قائِلاً يا أيَّتُها النَّفسُ المُطمَئينَّةُ بمُوالاتِهِم ،
إرجِعي اليومَ إليٰ رَحمَةِ ربِّكِ و فَضلِهِ و عِنايَتِهِ راضِيَةً مِن جَزاءِهِ و ثَوابِهِ و مَرضِيَّةً عِندَهُ و عِندَ أولِياءِهِ ،
فادخُلي في زُمرَةِ عِباديَ الصّالِحينَ مُحمّدٍ و آلِهِ الطّاهِرينَ و الأنبياءَ والشُّهَداءَ والصِّدّيقِين ،
وَادخُلي جَنّتيَ الّتي أعدَدتُها لَكِ فيها ما تَشتَهي الأنفُسُ وَتَلَذُّ الأعيُن جَزاءً لِمُالاتِك لِمُحمَّدٍ وَ آل مُحمّد (ص)
نشر في الصفحات 1682-1678 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی