(60)
سورة الفَتحْ
بإِسمِ ذاتِيَ الفَتّاحُ المُفَتِّحُ القاهِرُ النّاصِرُ المُستَجِمعُ لِجَميعِ صفاتِ الجَلالِ و الجَبَروتِ و العَظَمَةِ و المَلَكوتِ و بِإسمِ رحمانِيَّتيَ الواسِعَةِ و رحيميَّتِيَ الخاصَّةِ اُوحي إليك :
إنّا فَتَحنا لَكَ بِسَيفِ عليٍّ مَكَّةَ فَتحاً مُبيناً غَلَبتَ فيهِ الحِزبَ الاُمَويَّ و أسَرتَهُم ثُمَّ قُلتَ لهُم إذهَبوا فَأنتُمُ الطُّلَقاءُ ثُمَّ رَقيٰ عليٌّ (ع) مَنكبِكَ وَ حَطَّم الأصنامَ عَنِ الكعبَة ،
و مَعَ هذا الفَتحُ نَعِدُكَ ليَغفِرَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ غَيرَ المُتَعَمَّدِ مِن صُحبَةِ المُنافِق في الغارِ و ما تَأَخَّر كذلك مِن مُصاهَرَةِ المُنافِقين ،
و يَعِدُكَ رَبُّكَ بأنّهُ سَيُتِمُّ نِعمتَهُ عليكَ بِأن يَختارَ عليّاً (ع) لِلخِلافَةِ من بَعدَكَ و يَهدِيَكَ وَ يأمُرَكَ بِإبلاغِ ذلِكَ في غَديرِ خُمٍّ و أخذِ البَيعَةِ لَهُ مِنَ المُسلِمين ،
و يَعِدُكَ اللهُ بِأن يَنصُركَ عليٰ أعداءِكَ المُنافِقينَ الحِزبَ الاُمَويّ بِسَيفِ عليّ بن أبيطالبٍ (ع) نَصراً مُعزَّزاً لا يُخذَل ،
واللهُ جَلَّ جَلالَهُ هُو الّذي أنزَلَ الطُمأنينَةَ في قلبِ عليٍّ (ع) حينما باتَ في فِراشِكَ وَ حينما جاهَدَ لِلّهِ لِيَزدادَ إيماناً معَ إيمانِهِ الكامِل بِنَصرِ اللهِ ،
وَ لِلّهِ نُصرَةُ جنود السّماواتِ مِن المَلائِكَةِ الّتي أنزَلَها في بَدرٍ و جُنود الأرضِ و هُم عليٌّ (ع) وَ رَبعُهُ و كانَ اللهُ عليماً بجهادِهِم حكيماً بِنَصرِهِم ،
وَ يَعِدُكَ اللهُ أنّهُ حتماً سيُدخِلِ المُؤمنينَ و المُؤمناتِ مِن شيعَةِ عليٍّ أمير المُؤمنين (ع) جَنّاتٍ تجري من خِلالَها الأنهارُ و هُم خالِدون فيها إليٰ الأبَد ،
و يَعِدُكَ يا حبيبي أنّهُ و يَجعَلُ الوِلايَةَ كفّارَة عن سيّئاتِهِم و يُكفِّرها عَنهُم بالوِلايَةِ و كانَ ذلكَ التَّكفيرُ عِندَ اللهِ فَوْزاً عظيماً يَنالُوهُ غَداً ،
و يَعِدُكَ اللهُ بأنّهُ سيُعَذِّب المُنافقينَ مِن أصحابِكَ و المُنافِقات مِن زوجاتِكَ و يُعَذِّب المُشرِكين كأبي سُفيانَ و حِزبِهِ و المُشرِكات مِن نساءِهِم كَهِندٍ و الظّانّينَ باللهِ بأنّهُ لا يَنصُرُكَ عليهِم ظَنَّ السَّوْءِ مِن النِّفاق ،
و سَتَدورُ عليهِم دائِرَةُ الحَربِ و الهَزيمَةِ والذُّلِّ و الصَّغارِ و غَضَب اللهُ عليهِم و لَعَنَهُم مِن رَحمَتِهِ و أعَدَّ لهُم جَهَنَّم و يَدخُلونَها و ساءَت لهُم مَصيراً ،
و مَرّةً ثانِيَةً نُؤَكِّدُ أنَّ لِلّهِ جُنودُ السّماواتِ من الملائِكَةِ و جُنودُ الأرضِ عليٌّ (ع) و رَبعُهُ المُؤمنينَ المُجاهدين فَهُوَ سَيَنصُرُهُم عليٰ الحِزبِ الاُمَويِّ و كانَ اللهُ عزيزاً مُعِزّاً لهُم حكيماً بِهم ،
يا حبيبنا يا رسولَ الله (ص) : إنّا أرسَلناكَ بالرِّسالَة الخاتِميَّةِ لِتكونَ شاهِداً عليٰ النّاسِ عندَ اللهِ كيفَ يَتَّبِعونَ الرِّسالَةَ و مُبَشِّراً لِلمُوالينَ لكَ و لِأهلِ بَيتِكَ (ع) و نَذيراً لِمَن تَرَكَ وِلايَتَكُم ،
والغايَةُ مِن إرسالِ محمّدٍ (ص) هُوَ لِتُؤمِنوا باللهِ و بِرَسولِهِ و أهل بَيتِهِ (ع) أيّها النّاسُ و تَنصرونَهُ و تُعَظِّمونَهُ و تُوالونَهُ في أهلِ بَيْتِهِ (ع) و تُقَدِّسونَهُ عمّا يُنافي العِصمَةَ و تُصَلّونَ عليهِ صَباحاً و مَساءاً في الصَّلاة و غيرِها ،
إنَّ الّذين يُبايِعونَكَ يا رسولَ الله (ص) في الحُديبيَّةِ و غَديرِ خُمٍّ لِيَعلَموا أنَّهُم إنّما يُبايِعونَ اللهَ فَوِلايَتِكُم وِلايَةُ اللهِ و لِيَعلَموا أنَّ يَدَ وِلايَةِ اللهِ و قُدرَتِهِ فَوْقَ أيديهِم فَهُوَ الغالِبُ القاهِرُ ،
فعَليهِ إنَّ مَن نَكَثَ بَيْعَةَ الغَديرِ فإنّما يَنكُثُ والضَّرَرُ عليٰ نَفسِهِ فيُعَذِّبُهُ اللهُ و يَلعَنُهُ و أمّا مَن وَفيٰ بِبَيْعَةِ عليٍّ (ع) بِما عاهَدَ عليهِ اللهَ مِن يَيْعَتِهِ فسيُؤتيهِ اللهُ أجراً عظيماً في الجَنّه ،
سَيَقولُ لَكَ يا مُحمّد المُتَخَلَّفونَ عَن البَيْعَةِ مِن الأعرابِ الّذين هُم أشَدُّ كُفراً و نِفاقاً مُعتَذِرينَ بأنّنا شَغَلَتنا أموالنا و أهلونا عَنها فاستَغفِرِ اللهَ لنا ،
و لكنَّ هؤلاءِ المُنافِقونَ يَقولونَ ذلِكَ بألسِنَتِهِم لِيُرضوكَ و لَم يُؤمِنوا بذلكَ في قُلوبِهم بَل يَعتَقِدونَ خِلافَهُ فَرِحينَ بِتَخلُّفِهِم ،
قُل لهُم يا حبيبي باستِفهامِ نَفيٍ فَمَن هُوَ يَملِكُ لكُم مِنَ اللهِ شيئاً مِنَ المَغفِرَةِ بَعدَ أن تَخَلَّفتُم عَنِ البَيْعَةِ لو أرادَ اللهُ بِكُم عِقاباً أو أرادَ بِكُم غُفراناً بَل كانَ اللهُ بِما تَعمَلونَ مِنَ النِّفاقِ خبيراً ،
إنّكُم أيّها المُتَخلِّفونَ لا تُصَدِّقونَ بَل ظَننتُم ظَنَّ سوءٍ أن لَن يَنقَلِبَ رسول الله و المُؤمنينَ و مَن مَعَهُما و يرجعوا إليٰ المَدينَةِ أبَداً و لا يَنجوَ مِنَ الحِزبِ الاُمَويّ ،
و زَيَّنَ الشّيطانُ ذلِكَ في قُلوبِكُم و تَمنَّيْتُموهُ و ظَننتُم بِذلكَ ظَنّ السّؤءِ و هو إثمٌ و كنتُم بِتَمنّيكُم قَتلَ النَّبيِّ و عليّاً قَوماً حَكَمَ اللهُ بِبَوارِكُم و فَناءِكم ،
و كُلّ مَن لَم يُؤمِن باللهِ و رَسولِهِ وَ وِلايَةِ أهل بَيْتِهِ (ع) فإنّا هَيّأنا لَهُ و لِلكافِرينَ باللهِ و رَسولِهِ و أهلِ بَيْتِهِ (ع) ناراً سَعيراً نُعَذِّبُهُ فيها ،
فَلِلّهِ الوِلايَةُ التّامَّةُ المُطلَقَةُ الحقيقيَّةُ المالِكيّةُ عليٰ السّماواتِ و الأرضِ و مَن فيها فهُوَ يَغفِرُ لِمَن يَشآءُ مِن شيعةِ آل محمدٍ (ص) و يُعَذِّبُ مَن يشآءُ مِن غَيرِهِم و كانَ اللهُ غَفوراً رَحيماً بالشّيعَه ،
سَيَقولُ لَكُم أيّها المُجاهِدونَ مَعَ رَسولِ اللهِ (ص) هؤلاءِ المُتَخَلِّفونَ عَنِ الجِهادِ حينما تَنطَلِقونَ قاصِدينَ إلي مَغانِمَ الحَربِ لِتَجمَعوها دَعونا نُتابِعُكم في إنطِلاقِكُم ،
و هُم بِذلكَ يُريدونَ أن يُبَدِّلوا حُكمَ اللهِ في إنحِصارِ الغَنيمَةِ لِلمُجاهِدين و حِرمانِ المُتَخَلِّفينَ قُل لهُم يا حبيبي : أبَداً لا يجوزُ أن تَتَّبِعونا فكذلكَ قالَ اللهُ مِن قَبلُ في حُكمِهِ ،
و عندما تُجيبُهم بذلكَ فسَيقولونَ لَكُم بَل إنّكُم تَحسُدونَنا و تُريدونَ حِرمانَنا مِنَ الغَنائِمِ و ليسَ ذلكَ حُكمُ اللهِ خَسِئوا بَل كانوا لا يَفقَهونَ الشَّرعَ إلاّ قَليلاً يَسيراً ،
قُل يا رسول الله (ص) لِلمُتَخَلِّفينَ عَنِ الجِهادِ مِنَ الأعرابِ المُنافِقين والحِزب الاُمَويّ سَتُدعَوْنَ لِتَنفيذِ جَيشِ اُسامَة و الخُروجِ إليٰ جِهادِ الرُّومِ و هُم قَوْمٌ اُولوا قُوَّةٍ و عُدَّةٍ لِتُقاتِلوهُم أو يُسلِمون ،
فإن تُطيعوا أمري و تُنَفِّذوا جَيشَ اُسامَةَ يُعطيكُمُ اللهُ ثَواباً عظيماً و تَغنَمونَ و تَغلِبونَ و إن تَتَوَلَّوا و تَتَخلَّفوا في سَقيفَةِ بَني ساعِدَة كما تَوَلّيتُم و فَرَرتُم مِنَ الزَّحفِ في اُحُدٍ و خَيبَرٍ فسيُعذِّبُكُم اللهُ عَذاباً أليماً في النّار ،
ليسَ عليٰ الأعميٰ إحراجٌ مِنَ التَخلُّفِ مَعَ عليٍّ (ع) في المَدينَةِ و عَدَمِ الخُروجِ مَعَ اُسامَه و لا عليٰ الأعرُجِ رِجلُهُ حَرَجٌ مِنَ التَخلُّفِ و لا عليٰ المَريضِ المُسجّيٰ أو المُقعَدِ حَرَجٌ ،
و مَن يُطِع أمرَ اللهِ و رَسولَهُ فَيَلتَحِق بِجَيْشِ اُسامَة و يُجاهِد الرّومَ يُدخِلهُ اللهُ يومَ القيامَةِ جنّاتٍ تَجري مِن خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَه ،
و أمّا مَن يُعرِض و يَتَولّيٰ مُعرِضاً عَن طاعَةِ اللهِ و رَسولِهِ (ص) و يَتَخلَّف عن جَيْشِ اُسامَة تَشملُهُ قَولُهُ لَعَنَ اللهُ المُتَخَلِّف عَن جَيشِ اُسامَه فَيُعَذِّبُهُ اللهُ عذاباً أليماً ،
يا حبيبي بالتّأكيد لَقَد رَضِيَ اللهُ عَن عليٍّ (ع) و رَبعِهِ المُؤمنينَ دونَ غَيرِهِم منَ المُنافِقين حينما يُبايِعونَكَ بيْعَة الرِّضوان تَحتَ الشَّجرَةِ وَفَوْا بِبَيْعَتِهِم ،
فَيَعلَم اللهُ ما في قلوبِهِم من الإيمانِ وَ الوَفاءِ و الإخلاصِ في البَيْعَةِ كما عَلِمَ ما في قُلوبِ غيرِهم منَ النّفاق فأنزَلَ اللهُ الطُمَأنينَةَ في قلوبِ عليٍّ (ع) و رَبعِهِ و أثابَهُم و جازاهُم عليٰ بَيْعَتِهِم فَتحاً قريباً عليٰ الأعداءِ هُوَ فَتحُ خَبيرٍ ،
و أثابَهُم و جازاهُم بِإخلاصِهِم في البَيْعَةِ مَغانِمَ كثيرةً يَأخُذونَها مِن حُصونِ خَيبَرٍ و كانَ اللهُ عزيزاً يُعِزُّ عَليّاً (ع) بِفَتحِهِ خَيبَرَ حكيماً في نُصرَةِ عليٍّ (ع) مَرحَب ،
وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كثيرةً تَأخُذونها أيّها المُسلِمونَ بِبَرَكَةِ سيفِ عليٍّ (ع) و جِهادِهِ فَعَجَّلَ لكُم خَيْبَر هذهِ و مَنَعَ أيدي اليَهودِ عنكُم و لِتكونَ آيَةً لِلمُؤمنينَ عَليٌ وِلايَةِ عليٍّ أمير المُؤمنين (ع) و يَهدِيَكُم لِوِلايَتِهِ صِراطاً مُستقيماً ،
و وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كثيرةً اُخريٰ مِنَ الفُرسِ أنتُم لَم تَقدِروا عليٰ فَتحِ فارِسَ قَد أحاطَ اللهُ عِلماً بِأنّها سَتُفتَح بِتَخطيطِ عليٍّ (ع) و قِيادَةِ الحَسَن بن عليٍّ و كانَ اللهُ عليٰ كُلِّ شَييءٍ يَعِدُكُم قَديراً ،
و لو قاتَلَكُمُ الّذينَ كفَروا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) مِن قُرَيشٍ و غَيرهِم و بَني اُمَيَّةَ و المُغيرَة لَوَلّوْا الأدبارَ مُنهَزِمينَ مِن سَيفِ عليٍّ (ع) ثُمَّ لا يَجِدونَ وَلِيّاً و لا نَصيراً يَنصُرُهُم مِن سَيفِهِ ،
و تِلكَ الحالَةُ هِيَ سُنّةَ اللهِ الّتي قَد سَبَقَت مِن قَبلُ بِنُصرَةِ أنبياءِهِ و رُسُلِهِ كنوحٍ و إبراهيمَ و موسيٰ و غيرِهِم و سَوْفَ لن تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ هذِهِ تَبديلاً بَل سَيَنْصُرُ عليّاً (ع)
واللهُ سُبحانَهُ هو الّذي صَدَّ أيدي المُشركينَ و الحِزبِ الاُمَويّ عنكُم في الحُديبِيَةِ و كَفَّ أيدِيكُم عَنهُم بِعَقدِ الصُّلحِ في مَركَزِ قُوَّتِهم و في قَلبِ العَدُوّ
و لَم يَكُفّ اللهُ أيدِيَكُم عنهُم لِضَعفِكُم بَل مِن بَعدِ أن أظفَركُم بالغَلَبَةِ عليهِم و كانَ اللهُ بما تعمَلونَ مِن عَقدِ الصُّلحِ بَصيراً بِحِكمَتِهِ و هكذا سيَكونُ صُلح الإمامِ الحَسَن (ع) ،
إنَّ المُشركينَ هُمُ الّذين كفَروا باللهِ و مَنَعوكُم عَن الوُصولِ إليٰ المَسجِدِ الحرامِ لِلحَجِّ بِقِيادَةِ خالِدِ بن الوَليدِ سيف الشّيطان و مَنَعوا الهَديَ مَربوطاً أن يَبلُغَ المَنحَر في مِنيٰ ،
و لو لا وُجود رِجالٌ مُؤمِنونَ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) و نِسآءٌ مُؤمِناتٌ مِثلَهُم في مَكّةَ مَعَ المُشرِكينَ لا تَعرِفونَهُم لِتَقِيَّتِهِم و نَخشيٰ أن تَسحَقوهُم و تَقتُلوهُم إذا أمرناكُم بِفَتحها فَيَنَالُكُم بِذلكَ إثمٌ غَيرُ مُتَعَمَّدٍ ،
و لأِجلِ أن يُدخِلُ اللهُ في الإسلامِ و رَحمَتِهِ مَن يشآءُ مِن قُريش فيما بَعدُ إذ لو تَميَّزَ المُؤمِنونَ مِن غَيرِهِم لَعَذّبنا الّذين كفَروا بِمُحمدٍ و آلِهِ (ع) مِن قُريشٍ عَذاباً أليماً ،
و تَذكّروا إذ جَعَلَ الحِزبُ الأمَويِّ و مُشرِكي قُريشٍ الّذين كفَروا بمحمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) في قُلوبِهِمُ العَصبيَّةَ القَبَلِيَّةَ و هي عَصَبِيَّةٌ جاهِليّةٌ ضِدَّ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ع) لِيَصدّوهُم عَن مَكّه ،
فَقابَلَ اللهُ عَصبيَّتِهِمُ الجاهِليَّةَ فَأنزَلَ الطُمَأنينَةَ عليٰ رَسولِهِ محمدٍ (ص) و عليٰ أهل بَيْتِهِ (ع) و شِيعَتِهِمُ المُؤمِنينَ و ألزَمَ المُؤمنينَ كَلِمَةَ الشَّهادَةَ الثّالِثَةَ بالوِلايَه ،
و كانَ الرّسولُ و أهل بَيتِهِ و شيعَتِهِمُ المُؤمنينَ أحَقّ بالسّكينَةِ و الأمان و أحَقُّ بِكَلِمَةِ الوِلايَةِ و هُم أهلُ الوِلايَةِ و كانَ اللهُ بِكُلِّ شَييءٍ يَمنَحُهُم عليماً
بالتأكيدِ لَقَد صَدَقَ اللهُ رَسولَهُ وَعدَهُ في الرُّؤيا الّتي رَآها بالحَقّ أنّهُ دَخَلَ مَكّة عَنوَةً فعَليهِ لَتدخُلُنَّ يا أصحابَ محمدٍ (ص) و شيعَتِهِ المَسجِدَ الحَرامَ حَتماً و لكِن في العامِ المُقبِل لِمَكانِ شَرطِ المَشيئَةِ الإلـٰهيَّةِ ،
و سَتَدخُلونَ المَسجِدَ الحَرامَ و أنتُم آمِنونَ مِن أذيٰ المُشركينَ و مُحلِّقينَ رُؤسَكُم لِلحَجِّ و مُقَصِّرينَ لِلعُمرَةِ لا تَخافونَ قُريشاً فَعَلِمَ اللهُ ما لَم تعلَموا فَجَعلَ مِن قَبلِ فَتحِ مَكَّةَ فَتحَ خَيبَرٍ بِيَدِ عليٍّ (ع) قَريباً .
اللهُ جَلَّ جَلالَهُ و عَمَّ نَوالُهُ هُوَ الّذي أرسَلَ رَسولَهُ مُحمّداً (ص) بِما يَضمَن لكُمُ الهِدايَةَ أرسَلَهُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و دينِ الحَقّ الّذي أكمَلَهُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و خَتَمَ بهِ الأديان ،
و إنّما أرسَلَ اللهُ رَسولَهُ مُحمّداً (ص) إليكُم بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) لِيُظهِرَهُ و يُغلِب وِلايَتَهُ عليٰ جميعِ الأديانِ و المَذاهِبِ كُلّها قاطِبَةً و هذا سَيكونُ عِندَ قيامِ وَلَدِهِ المَهديّ (عج) و كفيٰ باللهِ شاهِداً عليٰ غايَةِ إرسالِهِ ،
مُحَمّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ بنِ هاشِمٍ هُوَ رَسولُ اللهِ المَعصومِ إليٰ البَشَريَّةِ كافَّةً و هُوَ مَعَ عليٍّ (ع) و حِزبِهما المُؤمِنينَ يَتَّصِفونَ أنّهُم قُساةٌ أقوياءُ عليٰ الكُفّارِ وَ الاُمَويّينَ و رُحَماءُ فيما بَيْنَهُم ،
و صِفَتُهُم أنّكَ تراهُم دائِماً يُصلّونَ لِلّهِ رُكّعاً و سُجّداً بَيْنَ يَدَيهِ يَبتَغونَ بِذلكَ و يَطلُبونَ رِضيٰ اللهِ و ثَوابِهِ و رِضواناً مِنهُ في الدُّنيا و الآخِرَه ،
و عليٌ (ع) و شَيعَتُهُ هؤلاءِ علاماتُهُم في جِباهِهِم مِن أثَرِ السُّجودِ الكثيرِ لِلّهِ كَثِفنَةِ البَعيرِ و ذلكَ وَصفُهُم المَذكور في التَّوراةِ و الإنجيل قَبْلاً ،
وَمثَلُهُم إيضاً أنَّهُم كَزَرعٍ أخرَجَ فروعَهُ فَقوّيٰ فَرعهُ أصلَهُ و شَدَّ أصلهُ فَغَلُظَ واستَقامَ عليٰ ساقِهِ قائِماً يَجلِبُ أنظارَ الزُّرّاعِ لِحُسنِهِ ،
فَيَشُدّ اللهُ أزرَ مُحمّدٍ (ص) بِعَليٍّ (ع) و ذُرّيَتِهِ و شيعَتِهِ لِيُغيظَ اللهُ بِهِمُ الكُفّارَ بِوِلايَتِهِ فيَموتوا بِغَيظِهِم حَسَداً و حَسرَةً ،
وَعَدَ اللهُ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ و تَمَسَّكوا بِوِلايَتِهِم واقتَفَوْا بِسُنَّتِهِم و هُداهُم مَغفِرَةً لِذُنوبِهم و أجراً عظيماً يُجازيهِم في الجَنّه
نشر في الصفحات 1354-1343 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی