سورة النِّسآء
2017-02-22
سورة التَّغابُن
2017-04-13

(60)
سورة الفَتحْ

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم ِ)

بإِسمِ ذاتِيَ الفَتّاحُ المُفَتِّحُ القاهِرُ النّاصِرُ المُستَجِمعُ لِجَميعِ صفاتِ الجَلالِ و الجَبَروتِ و العَظَمَةِ و المَلَكوتِ و بِإسمِ رحمانِيَّتيَ الواسِعَةِ‌ و رحيميَّتِيَ الخاصَّةِ اُوحي إليك :

(‌ إنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُبيناً )

إنّا فَتَحنا لَكَ‌ بِسَيفِ عليٍّ مَكَّةَ فَتحاً مُبيناً غَلَبتَ فيهِ الحِزبَ الاُمَويَّ و أسَرتَهُم ثُمَّ‌ قُلتَ لهُم إذهَبوا فَأنتُمُ الطُّلَقاءُ ثُمَّ رَقيٰ عليٌّ (ع) مَنكبِكَ وَ حَطَّم الأصنامَ عَنِ الكعبَة ،

( لِيَغفِرَ‌ لكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ و ما تَأخَّر )

و مَعَ هذا الفَتحُ نَعِدُكَ ليَغفِرَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ غَيرَ المُتَعَمَّدِ مِن صُحبَةِ المُنافِق في الغارِ و ما تَأَخَّر كذلك مِن مُصاهَرَةِ المُنافِقين ،

( و يُتِمّ نِعمَتَهُ‌ عليكَ وَ‌ يَهدِيَكَ صِراطاً مُستقيماً )

و يَعِدُكَ رَبُّكَ بأنّهُ سَيُتِمُّ نِعمتَهُ عليكَ بِأن يَختارَ عليّاً (ع) لِلخِلافَةِ من بَعدَكَ و يَهدِيَكَ وَ يأمُرَكَ بِإبلاغِ ذلِكَ في غَديرِ خُمٍّ و أخذِ البَيعَةِ لَهُ مِنَ المُسلِمين ،

(‌ و ينصُرَكَ اللهُ نَصراً عزيزاً )

و يَعِدُكَ اللهُ بِأن يَنصُركَ عليٰ أعداءِكَ المُنافِقينَ الحِزبَ الاُمَويّ بِسَيفِ عليّ بن أبيطالبٍ (ع) نَصراً مُعزَّزاً لا يُخذَل ،

(‌ هُوَ الَّذي أنزَلَ السّكينَةَ‌ في قُلوبِ المُؤمِنينَ لِيَزدادوا إيماناً‌ مَعَ إيمانِهم )

واللهُ جَلَّ جَلالَهُ هُو الّذي أنزَلَ الطُمأنينَةَ في قلبِ عليٍّ (ع) حينما باتَ في فِراشِكَ وَ حينما جاهَدَ لِلّهِ لِيَزدادَ إيماناً معَ إيمانِهِ الكامِل بِنَصرِ اللهِ‌ ،‌

( وَ لِلّهِ جُنودُ السّماواتِ و الأرضِ وَ ‌كانَ اللهُ عليماً‌ حكيماً )

وَ لِلّهِ نُصرَةُ جنود السّماواتِ مِن المَلائِكَةِ الّتي أنزَلَها في بَدرٍ و جُنود الأرضِ و هُم عليٌّ (ع) وَ رَبعُهُ و كانَ اللهُ عليماً بجهادِهِم حكيماً بِنَصرِهِم ،

(‌ لِيُدخِلَ المُؤمِنينَ و المُؤمِناتِ جنّاتٍ تجري مِن تَحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها )

وَ يَعِدُكَ اللهُ أنّهُ حتماً سيُدخِلِ المُؤمنينَ و المُؤمناتِ مِن شيعَةِ عليٍّ أمير المُؤمنين (ع) جَنّاتٍ تجري من خِلالَها الأنهارُ و هُم خالِدون فيها إليٰ الأبَد ،

( و يُكَفِّر عنهُم سيِّئاتِهِم و كانَ ذلك عِندَ اللهِ فَوْزاً‌ عظيماً )

و يَعِدُكَ يا حبيبي أنّهُ و يَجعَلُ الوِلايَةَ كفّارَة عن سيّئاتِهِم و يُكفِّرها عَنهُم بالوِلايَةِ و كانَ ذلكَ التَّكفيرُ عِندَ اللهِ فَوْزاً عظيماً يَنالُوهُ غَداً ،

(‌ و يُعَذِّبَ المُنافِقينَ و المُنافِقاتِ و المُشرِكينَ و المُشرِكاتِ الظّانّينَ باللهِ ظَنَّ السَّوْءِ )

و يَعِدُكَ اللهُ بأنّهُ سيُعَذِّب المُنافقينَ مِن أصحابِكَ و المُنافِقات مِن زوجاتِكَ و يُعَذِّب المُشرِكين كأبي سُفيانَ و حِزبِهِ و المُشرِكات مِن نساءِهِم كَهِندٍ و الظّانّينَ باللهِ بأنّهُ لا يَنصُرُكَ عليهِم ظَنَّ السَّوْءِ‌ مِن النِّفاق ،

( عليهِم دائِرَةُ السَّوْءِ و غَضِبَ اللهُ عليهِم و لَعَنَهُم و أعَدَّ لهُم جهنَّمَ و ساءَت مَصيراً )

و سَتَدورُ عليهِم دائِرَةُ الحَربِ و الهَزيمَةِ والذُّلِّ و الصَّغارِ و غَضَب اللهُ عليهِم و لَعَنَهُم مِن رَحمَتِهِ و أعَدَّ لهُم جَهَنَّم و يَدخُلونَها و ساءَت لهُم مَصيراً ،

( و لِلّهِ جُنودُ السماواتِ و الأرضِ و كانَ اللهُ عَزيزاً حكيماً )

و مَرّةً ثانِيَةً نُؤَكِّدُ أنَّ لِلّهِ جُنودُ السّماواتِ من الملائِكَةِ و جُنودُ الأرضِ عليٌّ (ع) و رَبعُهُ المُؤمنينَ المُجاهدين فَهُوَ سَيَنصُرُهُم عليٰ الحِزبِ الاُمَويِّ و كانَ اللهُ عزيزاً مُعِزّاً لهُم حكيماً بِهم ،

( إنّا أرسَلناكَ شاهِداً و مُبَشِّراً و نَذيراً )

يا حبيبنا يا رسولَ الله (ص) : إنّا أرسَلناكَ بالرِّسالَة الخاتِميَّةِ لِتكونَ شاهِداً عليٰ النّاسِ عندَ اللهِ كيفَ يَتَّبِعونَ الرِّسالَةَ و مُبَشِّراً لِلمُوالينَ لكَ و لِأهلِ بَيتِكَ (ع) و نَذيراً لِمَن تَرَكَ وِلايَتَكُم ،

(‌ لِتُؤمِنوا باللهِ و رَسولِهِ و تُعَزِّروهُ و تُوَقِّروهُ و تُسَبّحوهُ بُكرَةً و أصيلاً )

والغايَةُ مِن إرسالِ محمّدٍ (ص) هُوَ لِتُؤمِنوا باللهِ و بِرَسولِهِ و أهل بَيتِهِ (ع) أيّها النّاسُ و تَنصرونَهُ و تُعَظِّمونَهُ و تُوالونَهُ في أهلِ بَيْتِهِ (ع) و تُقَدِّسونَهُ عمّا يُنافي العِصمَةَ و تُصَلّونَ عليهِ صَباحاً و مَساءاً في الصَّلاة و غيرِها ،

( إنَّ الّذين يُبايِعونَكَ إنّما يُبايِعونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أيديهِم )

إنَّ الّذين يُبايِعونَكَ يا رسولَ الله (ص) في الحُديبيَّةِ و غَديرِ خُمٍّ لِيَعلَموا أنَّهُم إنّما يُبايِعونَ اللهَ فَوِلايَتِكُم وِلايَةُ اللهِ و لِيَعلَموا أنَّ‌ يَدَ وِلايَةِ اللهِ و قُدرَتِهِ فَوْقَ أيديهِم فَهُوَ الغالِبُ القاهِرُ ،

(‌ فَمَن نَكَثَ فإنّما يَنكُثُ عليٰ نَفسِهِ و مَن أوفيٰ بما عاهَدَ عليهُ الله فَسيُؤتيهِ أجراً عظيماً )

فعَليهِ إنَّ مَن نَكَثَ بَيْعَةَ الغَديرِ فإنّما يَنكُثُ والضَّرَرُ عليٰ نَفسِهِ فيُعَذِّبُهُ اللهُ و يَلعَنُهُ و أمّا مَن وَفيٰ بِبَيْعَةِ عليٍّ (ع) بِما عاهَدَ عليهِ اللهَ مِن يَيْعَتِهِ فسيُؤتيهِ اللهُ أجراً عظيماً في الجَنّه ،

( سَيَقولُ لَكَ المُخلَّفونَ مِنَ الأعرابِ شَغَلَتنا أموالُنا و أهلَونا فاستَغفِر لَنا )

سَيَقولُ لَكَ‌ يا مُحمّد المُتَخَلَّفونَ عَن البَيْعَةِ مِن الأعرابِ الّذين هُم أشَدُّ كُفراً و نِفاقاً مُعتَذِرينَ بأنّنا شَغَلَتنا أموالنا و أهلونا عَنها فاستَغفِرِ اللهَ لنا ،

( يَقولونَ بِألسِنَتِهِم ما لَيسَ في قُلوبِهم )

و لكنَّ هؤلاءِ المُنافِقونَ يَقولونَ ذلِكَ بألسِنَتِهِم لِيُرضوكَ و لَم يُؤمِنوا بذلكَ في قُلوبِهم بَل يَعتَقِدونَ خِلافَهُ فَرِحينَ بِتَخلُّفِهِم ،

( ‌قُل فَمَن يَملِكُ لكم مِنَ اللهِ شيئاً إن أرادَ بِكُم ضَرّاً أو أرادَ بِكُم نَفعاً بَل كانَ اللهُ بما تعمَلونَ خبيرا )

قُل لهُم يا حبيبي باستِفهامِ نَفيٍ فَمَن هُوَ يَملِكُ لكُم مِنَ اللهِ شيئاً مِنَ المَغفِرَةِ بَعدَ أن تَخَلَّفتُم عَنِ البَيْعَةِ لو أرادَ اللهُ بِكُم عِقاباً أو أرادَ بِكُم غُفراناً بَل كانَ اللهُ بِما تَعمَلونَ مِنَ النِّفاقِ خبيراً ،

( بَل ظَننتُم أن لَن يَنقَلِبَ الرَّسولُ و المُؤمِنونَ إليٰ أهليهِم أبَداً )

إنّكُم أيّها المُتَخلِّفونَ لا تُصَدِّقونَ بَل ظَننتُم ظَنَّ سوءٍ أن لَن يَنقَلِبَ رسول الله و المُؤمنينَ و مَن مَعَهُما و يرجعوا إليٰ المَدينَةِ أبَداً و لا يَنجوَ مِنَ الحِزبِ الاُمَويّ ،

( و زُيِّنَ ذلكَ في قُلوبِكُم و ظَنَنتُم ظَنَّ السّوء و كنتُم قَوماً بُوراً )

و زَيَّنَ الشّيطانُ ذلِكَ في قُلوبِكُم و تَمنَّيْتُموهُ و ظَننتُم بِذلكَ ظَنّ‌ السّؤءِ و هو إثمٌ و كنتُم بِتَمنّيكُم قَتلَ النَّبيِّ و عليّاً قَوماً حَكَمَ اللهُ بِبَوارِكُم و فَناءِكم ،

( و مَن لَم يُؤمِن باللهِ و رَسولِهِ فإنّا أعتَدنا لِلكافِرينَ سعيراً )

و كُلّ مَن لَم يُؤمِن باللهِ و رَسولِهِ وَ وِلايَةِ أهل بَيْتِهِ (ع) فإنّا هَيّأنا لَهُ و لِلكافِرينَ باللهِ و رَسولِهِ و أهلِ بَيْتِهِ (ع) ناراً سَعيراً نُعَذِّبُهُ فيها ،

(‌ و لِلّهِ مُلكُ السّماواتِ و الأرضِ يغفِرُ لِمَن يَشآءُ و يُعَذِّبُ مَن يَشآءُ و كان اللهُ غوراً رحيماً )

فَلِلّهِ الوِلايَةُ التّامَّةُ‌ المُطلَقَةُ الحقيقيَّةُ المالِكيّةُ عليٰ السّماواتِ و الأرضِ و مَن فيها فهُوَ يَغفِرُ لِمَن يَشآءُ مِن شيعةِ آل محمدٍ (ص) و يُعَذِّبُ مَن يشآءُ مِن غَيرِهِم و كانَ اللهُ غَفوراً‌ رَحيماً بالشّيعَه ،

( سَيَقولُ‌ المُخَلَّفونَ إذا انطَلَقتُم إليٰ مَغانِمَ لِتَأخُذوها ذَرونا نَتَّبِعكُم )

سَيَقولُ لَكُم أيّها المُجاهِدونَ مَعَ رَسولِ اللهِ (ص) هؤلاءِ المُتَخَلِّفونَ عَنِ الجِهادِ حينما تَنطَلِقونَ قاصِدينَ إلي مَغانِمَ الحَربِ لِتَجمَعوها دَعونا نُتابِعُكم في إنطِلاقِكُم ،

( يُريدونَ أن يُبَدِّلوا كلامَ اللهِ ، قُل لَن تَتَّبِعونا كذلكُم قالَ اللهُ مِن قَبلُ )

و هُم بِذلكَ يُريدونَ أن يُبَدِّلوا حُكمَ اللهِ في إنحِصارِ الغَنيمَةِ لِلمُجاهِدين و حِرمانِ المُتَخَلِّفينَ قُل لهُم يا حبيبي : أبَداً لا يجوزُ أن تَتَّبِعونا فكذلكَ قالَ اللهُ مِن قَبلُ في حُكمِهِ ،

( فَسيَقولونَ بَل تَحسُدونَنا بَل كانوا لا يَفقَهونَ إلاّ قَليلا )

و عندما تُجيبُهم بذلكَ فسَيقولونَ لَكُم بَل إنّكُم تَحسُدونَنا و تُريدونَ حِرمانَنا مِنَ الغَنائِمِ و ليسَ ذلكَ حُكمُ اللهِ خَسِئوا بَل كانوا لا يَفقَهونَ الشَّرعَ إلاّ قَليلاً يَسيراً ،

( قُل لِلمُخَلّفينَ مِنَ الأعرابِ سَتُدعَوْنَ إليٰ قَومٍ اُولي بَأسٍ شَديدٍ تُقاتِلونَهُم أو يُسلِمون )

قُل يا رسول الله (ص) لِلمُتَخَلِّفينَ عَنِ‌ الجِهادِ مِنَ الأعرابِ المُنافِقين والحِزب الاُمَويّ سَتُدعَوْنَ لِتَنفيذِ جَيشِ اُسامَة و الخُروجِ إليٰ جِهادِ الرُّومِ و هُم قَوْمٌ اُولوا قُوَّةٍ و عُدَّةٍ‌ لِتُقاتِلوهُم أو يُسلِمون ،

(‌ فَإن تُطيعوا يُؤتِكُمُ اللهُ أجراً حَسَناً و إن تَتَوَلّوا كما تَولّيْتُم مِن قَبلُ يُعذِّبكُم عَذاباً أليماً )

فإن تُطيعوا أمري و تُنَفِّذوا جَيشَ اُسامَةَ‌ يُعطيكُمُ اللهُ ثَواباً عظيماً و تَغنَمونَ و تَغلِبونَ و إن تَتَوَلَّوا و تَتَخلَّفوا في سَقيفَةِ بَني ساعِدَة كما تَوَلّيتُم و فَرَرتُم مِنَ الزَّحفِ في اُحُدٍ و خَيبَرٍ فسيُعذِّبُكُم اللهُ عَذاباً أليماً في النّار ،

( ‌ليسَ عليٰ الأعميٰ حَرَجٌ و لا عليٰ الأعرَجِ حَرَجٌ و لا عليٰ المَريضِ حَرَجٌ )

ليسَ عليٰ الأعميٰ إحراجٌ مِنَ التَخلُّفِ مَعَ عليٍّ (ع) في المَدينَةِ و عَدَمِ الخُروجِ مَعَ اُسامَه و لا عليٰ الأعرُجِ رِجلُهُ حَرَجٌ مِنَ التَخلُّفِ و لا عليٰ المَريضِ المُسجّيٰ أو المُقعَدِ حَرَجٌ ،

( و مَن يُطِعِ اللهَ و رَسولَهُ يُدخِلهُ جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِها الأنهار )

و مَن يُطِع أمرَ اللهِ و رَسولَهُ فَيَلتَحِق بِجَيْشِ اُسامَة و يُجاهِد الرّومَ يُدخِلهُ اللهُ يومَ القيامَةِ جنّاتٍ تَجري مِن خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَه ،

( و مَن يَتَوَلّ يُعَذِّبهُ عَذاباً أليماً )

و أمّا مَن يُعرِض و يَتَولّيٰ مُعرِضاً عَن طاعَةِ اللهِ و رَسولِهِ (ص) و يَتَخلَّف عن جَيْشِ اُسامَة تَشملُهُ قَولُهُ لَعَنَ اللهُ المُتَخَلِّف عَن جَيشِ اُسامَه فَيُعَذِّبُهُ اللهُ عذاباً أليماً ،

( لَقَد رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤمنين إذ يُبايِعونَكَ تَحتَ الشَّجرَه )

يا حبيبي بالتّأكيد لَقَد رَضِيَ اللهُ عَن عليٍّ (ع) و رَبعِهِ المُؤمنينَ دونَ غَيرِهِم منَ المُنافِقين حينما يُبايِعونَكَ بيْعَة الرِّضوان تَحتَ الشَّجرَةِ وَفَوْا بِبَيْعَتِهِم ،

( فَعَلِمَ ما في قُلوبِهِم فَأنزَلَ السّكينَةَ عليهِم و أثابَهُم فَتحاً قريباً )

فَيَعلَم اللهُ ما في قلوبِهِم من الإيمانِ وَ الوَفاءِ و الإخلاصِ في البَيْعَةِ كما عَلِمَ ما في قُلوبِ غيرِهم منَ النّفاق فأنزَلَ اللهُ الطُمَأنينَةَ في قلوبِ عليٍّ (ع) و رَبعِهِ و أثابَهُم و جازاهُم عليٰ بَيْعَتِهِم فَتحاً قريباً عليٰ الأعداءِ هُوَ فَتحُ خَبيرٍ ،

( وَ مَغانِمَ كثيرةً يأخُذونَها و كانَ اللهُ عَزيزاً حكيماً )

و أثابَهُم و جازاهُم بِإخلاصِهِم في البَيْعَةِ مَغانِمَ كثيرةً يَأخُذونَها مِن حُصونِ خَيبَرٍ و كانَ اللهُ عزيزاً يُعِزُّ عَليّاً (ع) بِفَتحِهِ خَيبَرَ حكيماً في نُصرَةِ عليٍّ (ع) مَرحَب ،

( وَعَدكُمُ اللهُ مَغانِمَ كثيرةً تَأخُذونَها فَعَجَّلَ لكُم هذِهِ و كَفَّ أيديَ النّاسِ عنكُم و لِتكونَ آيَةً لِلمُؤمِنينَ و يَهدِيَكُم صِراطاً مُستقيماً )

وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كثيرةً‌ تَأخُذونها أيّها المُسلِمونَ بِبَرَكَةِ سيفِ عليٍّ (ع) و جِهادِهِ فَعَجَّلَ لكُم خَيْبَر هذهِ و مَنَعَ أيدي اليَهودِ عنكُم و لِتكونَ‌ آيَةً‌ لِلمُؤمنينَ عَليٌ وِلايَةِ عليٍّ أمير المُؤمنين (ع) و يَهدِيَكُم لِوِلايَتِهِ صِراطاً مُستقيماً ،

(‌ و اُخريٰ لَم تَقدِروا علَيها قَد أحاطَ اللهُ بِها و كانَ اللهُ عليٰ كُلِّ شيءٍ‌ قَديراً )

و وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كثيرةً اُخريٰ مِنَ الفُرسِ أنتُم لَم تَقدِروا عليٰ فَتحِ فارِسَ قَد أحاطَ اللهُ عِلماً بِأنّها سَتُفتَح بِتَخطيطِ عليٍّ (ع) و قِيادَةِ‌ الحَسَن بن عليٍّ و كانَ اللهُ عليٰ كُلِّ شَييءٍ يَعِدُكُم قَديراً ،

(‌ و لو قاتَلَكُمُ الّذين كفَروا لَوَلّوا الأدبارَ ثُمَّ لا يَجِدونَ وَليّاً و لا نَصيراً )

و لو قاتَلَكُمُ الّذينَ كفَروا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) مِن قُرَيشٍ و غَيرهِم و بَني اُمَيَّةَ و المُغيرَة لَوَلّوْا الأدبارَ مُنهَزِمينَ مِن سَيفِ عليٍّ (ع) ثُمَّ لا يَجِدونَ وَلِيّاً و لا نَصيراً يَنصُرُهُم مِن سَيفِهِ ،

(‌ سُنَّةَ‌ اللهِ الّتي قَد خَلَت مِن قَبلُ و لَن تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تَبديلاً )

و تِلكَ الحالَةُ هِيَ سُنّةَ اللهِ الّتي قَد سَبَقَت مِن قَبلُ بِنُصرَةِ أنبياءِهِ و رُسُلِهِ كنوحٍ و إبراهيمَ و موسيٰ و غيرِهِم و سَوْفَ لن تَجِدَ لِسُنّةِ اللهِ هذِهِ تَبديلاً بَل سَيَنْصُرُ عليّاً (ع)

(‌ و هو الّذي كَفَّ أيدِيَهُم عنكُم و أيدِيَكُم عنهُم بِبَطنِ مَكَّةَ )

واللهُ سُبحانَهُ هو الّذي صَدَّ أيدي المُشركينَ و الحِزبِ الاُمَويّ عنكُم في الحُديبِيَةِ و كَفَّ أيدِيكُم عَنهُم بِعَقدِ الصُّلحِ في مَركَزِ قُوَّتِهم و في قَلبِ العَدُوّ

(‌ مِن بَعدِ أن أظفَركُم عليهِم و كانَ اللهُ بِما تعمَلونَ بَصيراً )

و لَم يَكُفّ اللهُ أيدِيَكُم عنهُم لِضَعفِكُم بَل مِن بَعدِ أن أظفَركُم بالغَلَبَةِ عليهِم و كانَ اللهُ بما تعمَلونَ مِن عَقدِ الصُّلحِ بَصيراً بِحِكمَتِهِ و هكذا سيَكونُ صُلح الإمامِ الحَسَن (ع) ،

( هُمُ الّذين كفَروا و صَدّوكُم عَن المَسجِدِ الحَرامِ و الهَديَ مَعكوفاً أن يَبلُغَ مَحِلّه )

إنَّ المُشركينَ هُمُ الّذين كفَروا باللهِ و مَنَعوكُم عَن الوُصولِ إليٰ المَسجِدِ الحرامِ لِلحَجِّ بِقِيادَةِ خالِدِ بن الوَليدِ سيف الشّيطان و مَنَعوا الهَديَ مَربوطاً أن يَبلُغَ المَنحَر في مِنيٰ ،

( ‌و لو لا رجالٌ مُؤمِنونَ و نِسآءٌ‌ مُؤمِناتٌ لَم تَعلَموهُم أن تَطَؤهُم فَتُصيبَكُم مِنهُم مَعَرَّةٌ بغيرِ عِلمٍ )

و لو لا وُجود رِجالٌ مُؤمِنونَ بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) و نِسآءٌ مُؤمِناتٌ مِثلَهُم في مَكّةَ مَعَ المُشرِكينَ لا تَعرِفونَهُم لِتَقِيَّتِهِم و نَخشيٰ أن تَسحَقوهُم و تَقتُلوهُم إذا أمرناكُم بِفَتحها فَيَنَالُكُم بِذلكَ إثمٌ غَيرُ مُتَعَمَّدٍ ،

(‌ لِيُدخل اللهُ في رَحمَتهِ مَن يشآءُ لو تَزَيَّلوا لَعذّبنا الّذين كفَروا مِنهُم عَذاباً أليماً )

و لأِجلِ أن يُدخِلُ اللهُ في الإسلامِ و رَحمَتِهِ مَن يشآءُ مِن قُريش فيما بَعدُ إذ لو تَميَّزَ المُؤمِنونَ مِن غَيرِهِم لَعَذّبنا الّذين كفَروا بِمُحمدٍ و آلِهِ (ع) مِن قُريشٍ عَذاباً أليماً ،

( إذ جَعَلَ الّذين كفَروا في قُلوبِهِم الحَميَّةَ حَمِيَّةَ الجاهِليَّة )

و تَذكّروا إذ جَعَلَ الحِزبُ الأمَويِّ و مُشرِكي قُريشٍ الّذين كفَروا بمحمدٍ و آلِ محمدٍ (ص) في قُلوبِهِمُ العَصبيَّةَ‌ القَبَلِيَّةَ و هي عَصَبِيَّةٌ جاهِليّةٌ ضِدَّ محمدٍ و آلِ محمدٍ (ع) لِيَصدّوهُم عَن مَكّه ،

( فَأنزَلَ اللهُ سَكينَتَهُ عليٰ رَسولِهِ و عليٰ المُؤمِنينَ و ألزَمَهُم كَلِمَةَ التَّقويٰ )

فَقابَلَ اللهُ عَصبيَّتِهِمُ الجاهِليَّةَ فَأنزَلَ الطُمَأنينَةَ‌ عليٰ رَسولِهِ محمدٍ (ص) و عليٰ أهل بَيْتِهِ (ع) و شِيعَتِهِمُ المُؤمِنينَ و ألزَمَ المُؤمنينَ كَلِمَةَ الشَّهادَةَ الثّالِثَةَ بالوِلايَه ،

( و كانوا أحَقّ بِها و أهلَها و كانَ اللهُ بِكُلّ شيءٍ عليماً )

و كانَ الرّسولُ و أهل بَيتِهِ و شيعَتِهِمُ المُؤمنينَ أحَقّ بالسّكينَةِ و الأمان و أحَقُّ بِكَلِمَةِ الوِلايَةِ و هُم أهلُ الوِلايَةِ و كانَ اللهُ بِكُلِّ شَييءٍ يَمنَحُهُم عليماً

(‌ لَقَد صَدَقَ اللهُ رَسولَهُ الرُّؤيا بِالحَقِّ لَتَدخُلُنَّ المَسجِدَ الحَرامُ إن شآءَ الله )

بالتأكيدِ لَقَد صَدَقَ اللهُ رَسولَهُ وَعدَهُ في الرُّؤيا الّتي رَآها بالحَقّ أنّهُ دَخَلَ مَكّة عَنوَةً فعَليهِ لَتدخُلُنَّ يا أصحابَ محمدٍ (ص) و شيعَتِهِ المَسجِدَ الحَرامَ حَتماً و لكِن في العامِ‌ المُقبِل لِمَكانِ شَرطِ المَشيئَةِ الإلـٰهيَّةِ ،

( آمِنينَ مُحَلِّقينَ رُؤسَكُم و مُقَصِّرينَ لا تَخافونَ فَعَلِمَ ما لَم تَعلَموا فَجَعلَ مِن دونِ ذلكَ فَتحاً قريباً )

و سَتَدخُلونَ المَسجِدَ الحَرامَ و أنتُم آمِنونَ مِن أذيٰ المُشركينَ و مُحلِّقينَ رُؤسَكُم لِلحَجِّ و مُقَصِّرينَ‌ لِلعُمرَةِ لا تَخافونَ قُريشاً فَعَلِمَ اللهُ ما لَم تعلَموا فَجَعلَ مِن قَبلِ فَتحِ مَكَّةَ فَتحَ خَيبَرٍ بِيَدِ عليٍّ (ع) قَريباً .

(‌ هُوَ الّذي أرسَلَ رَسولَهُ بالهُديٰ و دينِ الحَقّ )

اللهُ جَلَّ جَلالَهُ و عَمَّ نَوالُهُ هُوَ الّذي أرسَلَ رَسولَهُ مُحمّداً (ص) بِما يَضمَن لكُمُ الهِدايَةَ أرسَلَهُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و دينِ الحَقّ الّذي أكمَلَهُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و خَتَمَ بهِ الأديان ،

(‌ لِيُظهِرَهُ عليٰ الدّينِ كُلِّهِ و كفيٰ باللهِ شَهيدا )

و إنّما أرسَلَ اللهُ رَسولَهُ مُحمّداً (ص) إليكُم بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) لِيُظهِرَهُ و يُغلِب وِلايَتَهُ عليٰ جميعِ الأديانِ و المَذاهِبِ كُلّها قاطِبَةً و هذا سَيكونُ عِندَ قيامِ وَلَدِهِ المَهديّ (عج) و كفيٰ باللهِ شاهِداً عليٰ غايَةِ إرسالِهِ ،

( مُحمدٌ (ص) رَسولُ اللهِ والّذين مَعَهُ أشِدّاءُ عليٰ الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُم )

مُحَمّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ بنِ هاشِمٍ هُوَ رَسولُ اللهِ المَعصومِ إليٰ البَشَريَّةِ كافَّةً و هُوَ مَعَ عليٍّ (ع) و حِزبِهما المُؤمِنينَ يَتَّصِفونَ أنّهُم قُساةٌ أقوياءُ عليٰ الكُفّارِ وَ الاُمَويّينَ و رُحَماءُ فيما بَيْنَهُم ،

( تَراهُم رُكّعاً سُجّداً يَبتَغونَ فَضلاً ‌مِنَ اللهِ و رِضواناً )

و صِفَتُهُم أنّكَ تراهُم دائِماً يُصلّونَ لِلّهِ رُكّعاً و سُجّداً بَيْنَ يَدَيهِ يَبتَغونَ بِذلكَ و يَطلُبونَ رِضيٰ اللهِ و ثَوابِهِ و رِضواناً مِنهُ‌ في الدُّنيا و الآخِرَه ،

( سيماهُم في وُجوهِمِ مِن أثَرِ السُّجودِ ذلكَ مَثَلُهُم في التّوارةِ و مَثَلُهُم في الإنجيل )

و عليٌ‌ (ع) و شَيعَتُهُ هؤلاءِ علاماتُهُم في جِباهِهِم مِن أثَرِ السُّجودِ الكثيرِ لِلّهِ كَثِفنَةِ البَعيرِ و ذلكَ وَصفُهُم المَذكور في التَّوراةِ و الإنجيل قَبْلاً ،

(‌كَزَرعٍ‌ أخرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فاستَغلَظَ فاستويٰ عليٰ سوقِهِ يُعجِبُ الزُّرّاعَ )

وَ‌مثَلُهُم إيضاً‌ أنَّهُم كَزَرعٍ‌ أخرَجَ فروعَهُ فَقوّيٰ فَرعهُ أصلَهُ و شَدَّ أصلهُ فَغَلُظَ واستَقامَ عليٰ ساقِهِ قائِماً يَجلِبُ أنظارَ الزُّرّاعِ لِحُسنِهِ ،

(‌ لِيَغيظَ بِهِمُ الكُفّار )

فَيَشُدّ اللهُ أزرَ مُحمّدٍ (ص) بِعَليٍّ (ع) و ذُرّيَتِهِ و شيعَتِهِ لِيُغيظَ اللهُ بِهِمُ الكُفّارَ بِوِلايَتِهِ فيَموتوا بِغَيظِهِم حَسَداً و حَسرَةً ،

( وَعَدَ اللهُ الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ مِنهُم مَغفِرَةً و أجراً عظيماً )

وَعَدَ اللهُ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ‌ محمدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و عَمِلوا الصّالِحاتِ و تَمَسَّكوا بِوِلايَتِهِم واقتَفَوْا بِسُنَّتِهِم و هُداهُم مَغفِرَةً لِذُنوبِهم و أجراً عظيماً يُجازيهِم في الجَنّه

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيم )


نشر في الصفحات 1354-1343 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *