سورة الفَتحْ
2017-04-13
سورة النَّجويٰ
2017-04-13

(61)
سورة التَّغابُن

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بِإسمِ ذاتِيَ الرُّبوبيّ الوَاجِبِ الوُجود و المُوجِدِ للوُجودِ والواهِبِ لِلوُجود والسّالِب لِلوُجود و بِإسم رحمانيَّتي و رحيميَّتي اُوحي إليك :

(‌ يُسبِّحُ لِلّهِ ما في السَّماواتِ و ما في الأرضِ لهُ المُلكُ و لهُ الحَمدُ و هو عليٰ كُلِّ شيءٍ قَدير )

يُقَدِّسُ اللهَ و يُنَزِّهُهُ مِن كُلِّ نَقصٍ و عَيْبٍ بِلسانِ تكوينِهِ كلّ ما في السّماواتِ و ما في الأرضِ مِن مَوجودٍ و لِلّهِ المُلكُ الحَقيقيُّ لِما في الوُجودِ و لِلّهِ الحَمدُ و الثَّناءُ عليٰ ما أوْجَدَ و هُوَ قادِرٌ عليٰ ما يَشآءُ و يُوجِد ،

( هُو الّذي خَلَقكُم فَمِنكُم كافِرٌ و مِنكُم مُؤمِنٌ واللهُ بما تعمَلونَ بَصير )

وَ اللهُ جَلَّ جَلالهُ‌ هو الذي خَلقكُم عُقلاءَ مُكلَّفينَ مُختارينَ و هَداكُمُ النَّجدَيْن وَ دعاكُم إليٰ وِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) لكنّكُم مِنكُم مَن هُوَ كافِرٌ بوِلايَتِهِم و مَنكُم هُوَ مُؤمِنٌ‌ باختيارِهِ و اللهُ بِما تعمَلونَ في الدُّنيا بَصيرٌ ، يُحاسِبُكم عليهِ غَداً ،

(‌ خَلَقَ السَّماواتِ و الأرضَ بالحَقّ و صوَّرَكُم فأحسَنَ صُوَرَكُم و إليهِ المَصير )

واللهُ جَلَّ ثَناؤهُ‌ و عَمَّ نوالُهُ أوْجَدَ السَّماواتِ والأرضَ بما فيهِنَّ‌ بالحِكمَةِ و العَدلِ و صَوَّرَكُم يا بَني آدَمَ بِصُورَةِ الإنسان فَأحسَنَ تَصويرَكُم ، فالإنسانُ أحسَنُ‌ صُورَةٍ من الحيواناتِ و ستخلعون صورَتكُم بالمَوْتِ و إليهِ تَصيرونَ بِأرواحِكُم و صُوَرِكُمُ الحَقيقيَّه ،

(‌ يَعلَمُ ما في السّماواتِ و الأرضِ و يَعلَمُ ما تُسِرّونَ و ما تُعلِنون )

واللهُ‌ جَلَّت عَظَمَتُهُ عالِمٌ بِالذّاتِ يَعلَمُ ما في السماواتِ و الأرض مِن خفايا و غوامِضَ و أسرارَ و دَقائِقَ و يَعْلَمُ ما تُخفونَ مِن سِرٍّ و ما تُعلِنون ،

(‌ وَاللهُ عليمٌ بِذاتِ الصُّدور )

وَاللهُ عَزَّوَجَلَّ جِدُّ عالِمٍ مُحيطٍ بِعِلمِهِ الذّاتِيِّ الحُضوريِّ بِكُلّ مَعلومٍ مِن نِيّاتِ صُدورِكُم و ضَمائِرِكُم و قُلوبِكُم و مَقاصِدِكُم و أسرارها ،

( ألَم يأتِكُم نَبَاءُ الّذين كفَروا مِن قَبلُ فَذاقوا وَ بالَ أمرِهِم و لَهُم عَذابٌ أليمٌ )

والدّليلُ عليٰ ما ذَكرنا مِن صِفاتِ اللهِ هُو أنّهُ ألَم يَأتيكُم خَبَرُ الّذين كفَروا مِن قَبلُ كقومِ نوحٍ و عادٍ و ثَمود ، فكانَ اللهُ عليمٌ بِذاتِ صُدورهِم فعَذَّبَهُم فذاقوا عُقوبَة حالِهم و سيكونُ لهُم عذابٌ أليمٌ في جَهنّم ،

( ذلكَ‌ بِأنّهُ كانَت تَأتيهِم رُسُلهم بالبَيِّناتِ فقالوا أبَشَرٌ يَهدونَنا فكفروا وَ تَولَّوْا ؟؟!‌)

‌و ذلكَ العَذابُ و الهَلاكُ و الدِّمارُ و النِّقمَةُ عِقابٌ لهُم لأِنَّهُم كانَت تَأتيهِم رُسُلُهُم كنوحٍ و هُودٍ و صالِحٍ ‌و لوطٍ و غَيرَهُم بالدَّلائِلِ و البَراهين والمُعجِزات فقالوا مُستَهزِئينَ بِهِم ،‌هَل بَشَرٌ يَهدونَنا إليٰ الله ؟ ثُمَّ أعرَضوا عَن الإيمان ،

( واستَغنيٰ اللهُ و اللهُ غنيٌ حميدٌ )

واستغنيٰ عَن إيمانِهِم و طاعَتِهِم لِأنّهُ لا يَحتاجُ طاعَةَ عِبادِهِ و لا عِبادَتهم و إنّما أمَرَهُم بِها لِيَنَتفِعوا و يكملوا هُم بِها واللهُ عزَّوجَلَّ هُوَ الغَنيُّ بالذِّاتِ عن جميعِ خَلقِهِ و ما سِواهُ و حَميدٌ يُحمَدُ عليٰ جَميعِ فِعالِه ،

( زَعَمَ الّذينَ كفَروا أن لَن يُبعَثوا )

ظَنَّ الّذين كفَروا ، وادَّعَوا باطِلاً جميعُ الّذين كفَروا باللهِ و بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) بِأنَّهُم أبَداً‌ لَن يُبعَثوا بعدَ المَوْتِ لِلحسابِ و الجَزاء ،

(‌ قُل بَليٰ و رَبّي لَتُبعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤنَّ بما عَمِلتُم و ذلكَ عليٰ اللهِ يَسيرٌ )

قُل لهُم يا رسول الله كَذَّبتُم و خَسِئتُم وَ صَدَقنا نَحنُ بَليٰ قَسَماً بِرَبِّيَ المُحيي المُميت حَتماً‌ سَتُبعَثونَ بالتأكيدِ يوم القيامَةِ فتُحاسَبونَ و تُجزَوْنَ بِما عَمِلتُم في الدُّنيا و ذلِكَ البَعثُ عليٰ اللهِ سَهلٌ جِدّاً ،

( فآمِنوا باللهِ و رَسولِهِ والنّورِ الّذي أنزَلنا واللهُ بِما تعمَلونَ خَبيرٌ )

و قُل لَهُم يا حبيبي لِذلك فآمِنوا باللهِ و بِرِسالَتي . بِولايَةِ عليٍّ (ع) هو النّور الّذي أنزلناهُ في القرآن لِتُبصِروا طريقَ الهِدايَةِ واللهُ بما تعمَلونَ في الدّنيا خبيرٌ يُجازيكُم بهِ ،

(‌ يومَ يَجمعُكُم لِيَومِ الجَمعِ ذلِكَ يَومُ التَّغابُن )

فَهُوَ خبيرٌ يُجازيكُم بِعَمَلِكُم في اليَومِ الّذي يَجمَعُكُم في يَومِ حَشرِ الخَلائِقِ لِلحساب و هُوَ يومٌ يَريٰ المُخالِفُ‌ لِعليٍّ (ع) إنّهُ مَغبونٌ إذ أنّهُ هو قَسيمُ الجَنَّةِ والنّارِ فيهِ‌ و ساقِي الحَوْض ،

 ( وَ مَن يُؤمِن باللهِ وَ يَعمَل صالِحاً يُكفِّر عنهُ سَيّئاتِه )

وَ‌ هو يومٌ يكونُ فيهِ كُلُّ مَن يُؤمِن باللهِ و بِرَسولِهِ و أهل بَيْتِهِ (ع) و قد عَمِلَ صالِحاً‌ مَشمولاً بِشَفاعَتِهِم فَيُكفِّرُ اللهُ عَنهُ سَيِّئاتِهِ بِوِلايَتِهم و يَعفُو عَنهُ و يَغفِرُ لَهُ ،

(‌ و يُدخِلُهُ جَنّاتٍ تجري مِن تَحتِها الأنهارُ خالِدينَ فيها أبَداً ذلكَ الفَوْزُ العَظيم )

و يُدخِلهُ اللهُ بِشَفاعَتِهم جَنّاتٍ تَجري مِن خِلالِها أنهارُ العَسَلِ و المآءِ و الخَمرِ و الَلَّبَن خالِدينَ فيها إليٰ الأبَدِ لا يَخرجونَ مِنها و ذلكَ هُوَ الفَوْزُ العظيمُ لِشيعَةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ وَالّذينَ كفَروا و كذَّبوا بِآياتِنا أولئِكَ أصحابُ النّارِ خالِدينَ فيها و بِئسَ المَصير )

و في ذلكَ اليَوْم يكونُ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) و كَذَّبوا بآياتِنا النّازِلَةِ بِشَأنِ وِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) فَأولئِكَ يكونونَ أصحاب النّار خالِدين فيها إليٰ الأبَد و سآءَت مَصيراً لهُم ،

( ما أصابَ مِن مُصيبَةٍ إلاّ بِإذنِ الله )

ما أصابَ الإنسان مِن مُصيبَةٍ في نَفسِهِ أو مالِهِ أو وَلَدِهِ فَهُوَ بِقَضاءِ اللهِ و قَدَرِهِ و إن كانَ هُوَ المُسَبِّبُ لَهُ أو غيرُهُ ،

(‌ و‌ مَن يُؤمِن باللهِ يَهدِ قَلبَهُ و اللهُ بِكُلِّ شيءٍ عليم )

و مَن يُؤمِن باللهِ و بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ع) و يَرضيٰ بِقَضاءِ و قَدَرِهِ و يَصبِرُ عليٰ المُصيبَةِ للّهِ يَهدي اللهُ قَلبَهُ إليٰ الإطمئنانِ بالمَثوبَةِ و الأجرِ و اللهُ بِكُلِّ شَييءٍ‌ في القَضاءِ و القَدَرِ عليمٌ ،

(‌ وَ أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرَّسولَ فإن تَوَلّيتُم فإنّما عليٰ رَسولِنا البَلاغُ المُبين )

و نَأمُرُكُم أمراً وُجوبيّاً مَولَويّاً أَطيعوا اللهَ والرَّسولَ بِما يأمُرانِكُم مِن وِلايَةِ عليٍّ و أهل البَيْتِ (ع) فَإن تَوَلَّيتُم و أعرَضتُم عَن طاعَتِهما فاعلَموا أنّهُ ليسَ عليٰ رَسولِنا مُحمدٍ (ص) إلاّ البَلاغُ الواضِحُ البَيِّنُ‌ بِوِلايَةِ‌ عليٍّ (ع) لا أكثَر ،

( أللهُ لا إلـٰهَ إلاّ هُوَ و عليٰ اللهِ فَليَتَوكَّلِ المُؤمِنون )

أللهُ‌ عَزَّوجَلَّ هُوَ الإلـٰهُ الواحِدُ الأحَدُ لا إلـٰهَ إلاّ هُوَ وَحدَهُ فلا يجوزُ طاعَة غَيرِهِ من خلفاءِ الجَور و حُكّامِ الظُّلمِ و عليٰ اللهِ فليَتَوكّل المُؤمنون بِوِلايَةِ عليٍِّ (ع) ،

( يا أيّها الّذين آمَنوا إنَّ مِن أزواجِكم و أولادِكُم عَدُوّاً لكُم فاحذَروهُم )

يا أيّها الّذين آمَنوا سوآءً المَعصومينَ و غيرِهِم إعلَموا أنَّ مِن أزواجِكم كعائِشَةَ و حَفصَةَ و اُمّ حبيبَةَ و جُعدَةَ بنتِ الأشعَث و اُمّ الفَضلِ ، عَدُوّاتِ لِأزواجِهِنَّ و مِن أولادِكم كإبنِ نوحٍ هُوَ عَدُوٌّ لكُم فاحَذروهُم عليٰ دينِكم و دُنياكم ،

( وَ إن تَعفوا و تَصفَحوا و تَغفِروا فإنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ )

و إن تَعفوا عَن جَرائِمِهم و تَصفَحوا بِوُجوهِكم عنْهُم و تَغفِروا لهُم آثامَهُم فإنَّ اللهَ غفورٌ لكُم رحيمٌ بكم و هو سيُحاسِبُهُم غَداً ،

( إنّما أموالُكُم و أولادُكُم فِتنَةٌ‌ واللهُ عِندَهُ أجرٌ عظيمٌ‌ )

فَليسَت أموالُكُم و أولادُكُم إلاّ لِإختبارٍ و إمتحانٍ لكُم في هذِهِ الحياةِ الدُّنيا فلا تَركَنوا إليها واصبِروا واثبُتوا في الإمتحان واللهُ عندَهُ أجرٌ عظيمٌ عليٰ الفَوْزِ في الإمتحان ،

(‌ فاتّقوا الله ما استطعتُم واسمَعوا ، و أَطيعوا و أنفِقوا خَيْراً لِأنفُسِكُم )

و أطيعوا أيّها النّاسُ ربَّكم وَ والُوا آلَ محمدٍ‌ (ص) و أنفِقوا خُمسَ أموالِكم إليهِم و أَدّوا أجرَ الرِّسالَةِ بالمَوَدَّةِ بالقُربيٰ أهل بَيْتِ النّبيّ (ص) يكونُ خيراً لِأنفُسِكُم فَتُثابونَ عليهِ بالجَنّه ،

( و مَن يُوقَ‌ شُحَّ نَفسِهِ‌ فأولئِكَ هُمُ المُفلِحون )

و مَن يَقيهُ اللهُ بِتَوقّيهِ بُخلَ نَفسِهِ الأمّارَةِ‌ فلا يَمنَع حَقَّ آلَ محمدٍ (ص) في أموالِهِ فأولئِكَ المُخَمِّسونَ هُمُ المُفلِحونَ بِرِضَيٰ الله ،

( إن تُقرِضوا اللهَ قَرضاً حَسَناً يُضاعِفهُ لكُم و يَغفِر لكُم و اللهُ شَكورٌ حليمٌ )

و إن لم يكُن عليكم إنفاقٌ واجِبٌ كالخُمسِ فإنْ تُنفِقوا عليٰ آل محمدٍ (ص) و ذُرّيَتِهِم إستحباباً فإنّكُم تُقرِضوا اللهَ قَرضاً حَسَناً يُضاعِفُ رِزقَكُم و ثَوابَكم و أجرَكم و يَغفِر لكُم ذنوبَكُم واللهُ شكورٌ لكُم حليمٌ عنكُم ،

(‌ عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادَةِ العَزيزِ‌ الحكيم )

و إذ كانَ إنفاقكم سِرّاً عليٰ آلِ محمدٍ (ص) و ذُرّيَتِهم فاللهُ يعلَمُهُ حتماً بَل إنّما تُقرِضونَ اللهَ بذلكَ فهُوَ عالِمُ الغَيْبِ الخَفيِّ و عالِمُ الشَّهادة المَشهودِ وَ هوُ العزيزُ المُعِزُّ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) ألحكيمُ في فَرضِهِ لِلخُمس ،

(‌ صَدقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1360-1355 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *