سورة الهُمَزَة
2017-04-13
سورة ق
2017-04-13

(75)
سورة الطَّلاق

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بِإسمِ ذاتِيَ الرُّبوبيّ الإلـٰهيّ المُشَرِّع و بإسمِ رحمانِيَّتيَ الواسِعَة الشّامِلَة لِجَميعِ خَلقي و رَحيميَّتيَ المُختَصَّةِ بالمُؤمِنين اُوحي :

( يا أيّها النّبيُّ إذا طَلَّقتُمُ النِّساءَ‌ فَطَلِّقوهُنّ لِعِدَّتِهِنّ )

يا خاتَمَ الأنبياء و الشَّرائِع شَرِّع لاُمّتِكَ أحكامَ طَلاقِ النِّساءِ و قُل لهُم : إذا طَلّقتُمُ‌ النِّساءَ‌ فَطَلِّقوهُنّ في طُهرِ غَيرِ المُواقَعَةِ يكونُ أوّل عِدَّتِهِنّ ،

( و أَحصُوا العِدَّةَ واتَّقوا اللهَ رَبّكم لا تُخرِجوهُنّ مِن بُيوتِهِنَّ )

و يَجِبُ عليكُم إحصاء عِدَّةِ الطَّلاقِ كامِلاً فلا تَحِلُّ إلاّ بانقِضاءِهِ تَماماً و خافُوا اللهَ و عِقابَهُ و لا تُخرِجوهُنَّ في العِدَّةِ من بُيوتِهِنّ فالمُعتَدَّةُ لها حَقُّ السُّكنيٰ ،

(‌ ولا يُخرَجنَ إلاّ أن يَأتينَ بِفاحِشَةً مُبيَّنَةٍ )

و لا يَجوزُ إخراجُهُنَّ مِن بُيوتِهِنّ إليٰ انقِضاءِ العِدَّةِ إلاّ أن يَتسَبَّبنَ النُّشوزَ بِإتيانِ الفاحِشَةِ العُلَنِيَّة فيُخرَجنَ لِلحَدِّ ،

(‌ و تلكَ حُدودُ اللهِ و مَن يَتَعَدَّ حُدودَ اللهِ فَقَد ظَلَمَ نَفسَه )

تِلكَ الأحكامُ الشَّرعيَّةُ هيَ حُدودُ اللهِ الّتي حَدَّها لِلطّلاق و شَرَّعَها و عَيَّنها و أوجَبَها و فَرَضها و مَن يَتَعَدَّ و يَتجاوَزَ حُدودَ اللهِ فَقَد ظَلَمَ نَفسَهُ بِجَلبِهِ سَخَطَ اللهِ و إستِحقاقِهِ العذابَ‌ الإلـٰهيّ ،

(‌ لا تَدري لَعَلَّ اللهُ‌ يُحدِثُ بَعدَ ذلِكَ أمراً )

لا تَدري أيّها الإنسانُ‌ حِكمَةَ تَشريعِ العِدَّةِ فَرُبّما حَصلَ النَّدَمُ و لَعَلَّ اللهُ يُحدِثُ بَعدَ الطَّلاقِ رُجوعاً والعِدَّةُ تَمنَعُ مِن اختِلاطِ المِياهِ والنَّسَب ،

( فإذا بَلَغنَ أجَلَهُنّ فَأمسِكوهُنّ بِمَعروفٍ أو فارِقوهُنُّ بِمَعروفٍ )

فإذا قَضَيْنَ مُدَّةَ عَدَّتِهِنَّ و وَصَلنَ إليٰ آخَرِ ساعَةٍ مِن عِدَّتِهِنَّ قَبلَ الإنتهاءِ ،

فَأنتُم مُختارونَ فإمّا أمسِكوهُنَّ بالرُّجوعِ عَن طَلاقِهِنّ مِن غَيْرِ إضرارٍ بِهِنّ أو لا فَفارِقوهُنَّ بإحسانٍ ،

(‌ و أشهِدوا ذَوَيْ عَدلٍ منكُم و أقيموُا الشَّهادَةَ لِلّه )

و يَجِبُ عليكم كَشَرطٍ لِصِحَّةِ الطَّلاقِ إشهادُ رَجُلَيْنِ ذَوَيْ عَدلٍ عادِلَيْنِ مُؤمِنَيْنِ مِنكُم لا مِنَ المُخالِفينَ و أقيموا الشَّهادَةَ عليٰ الطّلاقِ لِلّه‌، لَكُم أو علَيكُم ، واللهُ يُؤجِرُكُم ،

(‌ ذلِكُم يُوعَظُ بهِ مَن كانَ يُؤمِنُ‌ باللهِ و اليَوْمِ الآخَر )

ذلِكَ الحُكمُ و الأمرُ يُوعَظُ بهِ و يُنصَحُ مَن كانَ يُؤمِنُ باللهِ و اليَوْمِ الآخِر و حسابِهِ و جَزاءِهِ و بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و سُنَّتِهم ،

( وَ مَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجاً و يَرزُقهُ مِن حيثُ لا يَحتَسِب )

و نُوعِظُهُم إيضاً بِأنَّ مَن يَتَّقِ اللهَ و يُطيعُ أوامِرَهُ و أحكامَهُ فيُجازيهِ الله بان يجعل له مخرجاً‌

اللهُ بِإن يَجعَل لهُ مَخرَجاً مِنَ الغُمومِ و الفَقرِ و يَرزُقهُ مِن حيثُ لايَحتَسِب الرِّزقَ هُناك ،

(‌ وَ مَن يَتَوكَّل عليٰ اللهِ فَهُوَ حسبُهُ إنَّ اللهَ بالِغُ أمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شييءٍ قَدراً )

وَ مَن يَتَوكّل عليٰ اللهِ في اُمورِهِ مِنَ المُؤمِنينَ فَاللهُ هُوَ حَسبُهُ وكيلاً يَكفيهِ مُهمّاتَهُ إنَّ اللهَ نافِذٌ قَضاؤه و قَدَرُهُ و قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلّ شييءٍ قَضاءً و قَدَراً‌ ،

( وَالّلائي يَئِسنَ مِنَ المَحيضِ مِن نِساءِكُم إن ارتَبتُم فَعِدَّتهنّ ثَلاثَةَ أشهُرٍ و الّلائي لَم يَحِضن )

والنّساءُ الّلاتي بَلَغنَ سِنَّ اليَأسِ أي الخَمسين لِغَيرِ الهاشميَّةِ والسِّتينِ لَها مِن نساءِكُم إن شَكَكتُم فيهِ فَمُدَّةِ عِدَّتِهِنَّ ثَلاثَةُ أشهُرٍ عُدِّتها و الّلاتي في سِنّ المحَيْضِ و لَم يَحِضنَ فَمِثلُهُنّ ،

( و اُولات الأحمالِ أجَلَهُنَّ أن يَضَعنَ حَملَهُنّ )

و أمّا عِدَّةُ طَلاقِ النِّساءِ اُولات الأحمالِ الحَوامِل فَأجَلُ عِدَّتِهِنّ هُوَ أن يَضَعنَ حَملَهُنّ سواءً طالَ أم قَصُر بِخِلافِ عِدَّةِ وَفاتِهنّ ،

(‌ و مَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَل لهُ مِن أمرهِ يُسراً )

و مَن يَخافُ اللهَ و يُراعي أحكامَ العِدَّة و يَلتَزِم بِها و لا يُخالِفها سيَجعَلُ اللهُ لهُ مِن أمرهِ يُسراً في الدُّنيا و يَكفيهِ الشّدائِد ،

(‌ ذلِكَ أمرُ الله أنزَلَهُ إليكُم )

ذلكَ‌ الحُكمُ بالنِّسبَةِ للّطَلاقِ هُوَ أمرُ اللهِ الوُجوبيِّ الفَرضِ الَّذي شَرَّعَهُ و أنزَلَهُ في القرآِنِ إليكُم لِتَعمَلوا بِهِ ،

(‌ وَ مَن يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّر عنهُ سَيِّئاتِهِ و يُعظِمُ لَهُ أجراً )

و مَن يَتَّقِ اللهَ في أمرِهِ فيُطيعُهُ و يعمَل بهِ و لا يُخالِفُهُ يُكَفِّر اللهُ عنهُ سيّئاتَهُ و ذُنوبَهُ و يَمحوها و يَغفِرها و يَزيدُ لَهُ ثَوابُهُ يومَ القيامةِ ،

( أسكِنوهُنَّ مِن حيثُ سَكنتُم مِن وُجدِكُم و لا تُضاروهُنَّ لِتُضَيِّقوا عليهِنّ )

أسكِنوا النّساءَ أيّامَ عِدَّةِ طَلاقِهِنَّ مِن حيثُ سَكنتُم في بُيوتِكم مِن وُسعِكم و جِدَتِكُم لا فوقَها و لا تُضاروهُنّ إضراراً فَتُضَيِّقوا عليهِنَّ في المَسكَنِ ،

( و إن كُنَّ أولاتِ حَملٍ فَأنفِقوا عليهِنّ حَتّيٰ يَضَعْنَ حَملَهُنّ )

و إن كُنَّ المُطَلَّقاتُ صاحِباتُ حَملٍ في بُطونِهِنّ فَيَجِبُ عليكُمُ الإنفاقُ عليهِنّ بالنَّفَقَةِ‌ العادِلَةِ حتّيٰ يَضَعْنَ حَملَهُنَّ و يَلِدنَ ،

( فَإن أرضَعنَ لكُم فآتوهُنّ اُجورَهُنَّ وأتَمِروا بَيْنَكُم بِمَعروفٍ و إن تَعاسَرتُم فَسَتُرضِعُ لهُ اُخريٰ )

فَإن أرضَعن لَكُم أولادَكُم مِنهُنّ فَأعطوهُنَّ اُجورَهُنَّ عليٰ الرِّضاعِ واتَّفِقوا حَوْلَ أمرِ الرِّضاعِ بَيْنكُم بِمَعروفٍ و إن تَعاسَرتُم في الإنفاقِ حَوْلَ الإرضاعِ لِمِقدارِ الاُجرَةِ أو غَيرهِ فَتَسقُطُ حَقّها في الإرضاعِ و لا تُجبَرُ عليهِ فَسَتُرضِع الطِّفلَ إمرَأةً اُخريٰ ،

( لِيُنفِق ذو سَعَةٍ مِن سَعَتِهِ و مَن قُدِرَ عليهِ رِزقُهُ فَليُنفِق مِمّا آتاهُ الله )

نأمُرُكم لِيُنفِق كُلّ رَجْلٍ ذو سِعَةٍ من المالِ والثَّروَةِ عليٰ عِيالِهِ زَوجته و أطفاله مِن سِعَةِ مالِهِ فَيُوسِّع عليهِمُ الإنفاقَ و مَن ضُيِّقَ عليهِ رِزقهُ فَليُنفِق عليٰ حَدِّ ما آتاهُ اللهُ مِنَ الرِّزق ،

( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفساً إلاّ ما آتاها سَيَجعَل اللهُ بَعدَ عُسرٍ يُسراً )

لا يُكَلِِّفُ اللهُ نَفساً مِنَ البَشَرِ بالإنفاقِ إلاّ في حدودِ ما آتاها مِن رزقٍ لا أكثَر سَيَجعَلُ‌ اللهُ بَعدَ عُسرٍ في العَيْشِ لكُم يُسراً بالإنفاق .

(‌ و كَأيِّن مِن قَريَةٍ عَتَت عَن أمرِ رَبِّها و رُسُلِهِ فحاسَبناها حِساباً شديدا‌ً و عَذّبناها عَذاباً نُكراً )

و كم هِيَ مِن قَريَةً عَصَت أهلُها وامتَنَعَت عن إطاعَةِ‌ أمرِ رَبِّها و رُسُلِهِ فحاسَبناها سَريعاً و عاقَبناها شَديداً و عَذَّبناها عَذاباً فَظيعاً ،

(‌ فَذاقَت وَ بالَ أمرَها و كانَ عاقِبَةُ أمرِها خُسراً )

فذاقَت نتيجةَ عِصيانِها و نالَت جَزاءَ أعمالِها و كانَ عاقِبَةُ حالِها خَساراً و خُسراناً و هَلاكاً و دِماراً ،

(‌ أعَدَّ اللهُ لهُم عَذاباً شديداً فاتَّقوا اللهَ يا اُولي الألباب )

ثُمَّ بعدَ الهَلاكِ هَيَّاءَ اللهُ لهُم في الجَحيمِ عذاباً شديداً فاتّقوا اللهَ و خافوُا عِصيانَهُ يا أصحابَ العقولِ وَ والوُا مُحمّداً و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( ألّذينَ آمَنوا قَد أنزَلَ اللهَ اليكُم ذِكراً )

أيُّها المُسلِمون إعلَموا أنّه قَد أنزَلَ اللهُ إليكُم بِواسِطَةِ جَبرئيل و مُحمّدٍ (ص) وِلايَةَ عليٍّ (ع) ذِكراً يُسعِدُكُم في الدُّنيا والآخرِه ،

(‌ رَسولاً يَتلو عليكُم آياتِ اللهِ مُبيِّناتٍ )

و أرسَلَ إليكُم مُحمّداً (ص) رَسولاً يتلوا عليكُم آياتِ‌ اللهِ مِن القُرآنِ واضِحاتٍ بِشأنِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و فضائِلِهِ ،

( لِيُخرِجَ الّذين آمَنوا و عَمِلوا الصّالِحاتِ مِنَ الظُّلَماتِ إليٰ النّور )

لِكَي يُخرِجَ الّذين آمَنوا بِوِلايَتِهِ و عَمِلوا الصّالحاتِ مِن ظُلُماتِ الكُفرِ و النِّفاقِ و الجَهلِ و الظُّلمِ إليٰ نورِ الحَقِّ و العَدلِ و الهُديٰ ،

(‌ و مَن يُؤمِن باللهِ و يَعمَل صالِحاً يُدخِلهُ جَنّاتٍ تَجري مِِن تَحتِها الأنهار )

و مَن يُؤمِن باللهِ كامِلاً فيُوالي مُحمّداً و آلَ مُحمّدٍ (ص) و يَعمَل صالِحاً و يَتَمسَّك بالثَّقَلَيْن يُدخِلهُ اللهُ غَداً جنّاتٍ تجري مِن خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَه ،

(‌ خالِدينَ فيها قَد أحسَنَ اللهُ لهُ رِزقاً )

و يَجعَلهُم خالِدينَ في الجنّاتِ إليٰ الأبَدِ و بالتَّحقيقِ سيَكونُ قَد أحسَنَ اللهُ لهُ رِزقاً في الجَنّاتِ فَيرزُقُهُ الحورَ و الوِلدانَ و الطَّعامَ و الشَّرابَ و ما تَشتَهيهِ الأنفُسُ وَ‌ تَلَذّ الأعيُن ،

(‌ أللهُ الّذي خَلَقَ سَبعَ سَماواتٍ و مِنَ الأرضِ مِثلَهُنّ )

فاللهُ جَلّ جَلالُهُ هو الّذي خَلَقَ و أوجَدَ سَبعَ سماواتٍ طِباقاً و خَلَقَ مِن كُرَةٍ كالأرضِ سَبعاً مِثلَهُنّ عَدداً ،

( يَتَنَزَّلُ الأمرُ بَيْنَهُنّ )

و بِأمرِ اللهِ يَتَنَزَّلُ الملائِكَةُ والرُّوحُ في لَيْلَةِ القَدرِ بِكُلّ أمرٍ مُقَدَّرٍ بَيْن السّماواتِ و الأرضِ عليٰ الإمامِ المَعصومِ مِن آلِ محمدٍ (ص) ،

( لِتَعلَموا أنَّ اللهَ عليٰ كلِّ شيءٍ قَدير )

فَعلَيْكُم أن تَعلَموا أيّها النّاس أنّ اللهَ هُوَ الّذي يَنصِبُ الوَلِيَّ لِلوِلايَةِ و الإمامَ لِلإمامَةِ و الَيسَ بِعاجِزٍ عَنهُ كَي تَختارُوهُ أنتُم بَل هُوَ عليٰ كلِّ شييءٍ قَديرٌ

( و إنَّ اللهَ قَد أحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلماً )

و عليكُم أن تَعلَموا أنَّ اللهَ حكيمٌ خَبيرٌ مُدَبِّرٌ عليمٌ يَعلَمُ لِمَن يَختار و يَصطَفي لِرسالَتِهِ وَ وِلايَتِهِ و لذلكَ إصطفيٰ مُحمّداً و آلَهُ (ص) فَهُوَ قَد أحاطَ بِكُلِّ شييءٍ عِلماً بِمَصالِحِه ،

(‌ صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1457-1451 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *