سورة الطّور
2017-02-20
سورة الزُّمَرْ
2017-02-20

(32)
سورة الإمتحان

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بإسمِ ذات جلالَتي المُستجمِعِ لجميعِ صفاتِ الكمالِ وَالجَلالِ و الجَمالِ و بإسم رحمانيَّتي ورَحيميَّتي اُوحي إليكَ :

( يا أيّها الّذين آمَنوا لا تَتّخِذوا عَدوّي وعَدوّكم أولياءَ تُلقونَ إليهِم بالمَوَدَّةِ )

يا أيّها الّذين آمَنوا باللهِ وَبولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) فَرَضتُ عليکم أن لا تَتّخِذوا الكافِرَ والمُشرِکَ والمُنافِقَ الّذى هو عدوّى وعدوّكم فى الخَفاءِ أولياءَ وخُلفاءَ تُلقونَ إليهم بالمَحبّة ،

( وَ قَد کَفروا بِما جاءَکم مِنَ الحَقّ يُخرِجونَ الرّسول )

وَ هؤلاءِ أعداء اللهِ و أعداءِکم أبوسفيان وَ حِزبهِ قَد کَفروا بِما جاءَکُم مِنَ الحَقِّ وَالوحيِ وَالدّينِ وَالشَّرع يُخرِجونَ رسولَ اللهِ مِن مَکَّةَ ،

( وَإيّاكم أن تُؤمِنوا باللهِ رَبِّكُم إن كنتم خَرجتُم جهادا” في سبيلي و ابتِغاءَ مَرضاتي )

و إيّاكم اُخاطِبُ أيّها المسلمون أن تُؤمنوا باللهِ ربّکم ولاتركنوا إليٰ بنى أميّةَ إن كنتُم خَرجتُم للجهادِ فى سبيلى و ابتِغاءِ مَرضاتي مَعَ النبيّ (ص) ضِدَّهُم ،

( تُسِرّونَ إليهم بالمَوَدّة وأنا أعلَمُ بما أخفيتُم وما أعلنتُم ومن يفعلهُ منکم فَقَد ضَلَّ سواءَ السّبيل )

فَأنتُم تُلقونَ إليهم سِرّا بالمَوَدّةِ والولاء وأنا أعلَمُ كامِلا” بما أخفيتُم مِنَ النِّفاق ومَوَدَّتِهِم وما أعلَنتُم مِنَ الإِسلام ومَن يَفعَلهُ منكم فقد ضَلَّ عن طريق الهُدی ،

( إن يَثقَفوکُم يکونوا لکم أعداءً و يَبسُطوا إليکم أيديَهُم و ألسنتَهم بالسّوء و وَدّوا لَو تکفرون )

إن يُصادفوكم و يَصيدوكم، يكونوا لكم أعداء” ويَمُدّوا إليكم أيديَهُم بالإنتقام وألسنتِهِم بالسَّبِّ ويَتَمنَّوْنَ لو تکفرونَ باللهِ ورسولهِ ،

( لَن تنفَعکم اُرحامُکم ولا أولادُکم يومَ القيامةِ يفصِلُ بَينَکُم واللهُ بما تَعمَلونَ بصيرٌ )

ولو تکفرونَ فَلَن تَنفَعکم قَرابتکم و نِسبَتِکُم من رسول اللهِ ولا بَناتِکُم الّتی تَزَوَّجنَ مِنهُ يوم القيامة فيومَئِذٍ يَفصِلُ اللهُ بين رسولِهِ و بينکم و اللهُ بصيرٌ بنفاقِکُم ،

( قد کانَت لکُم اُسوَةٌ حَسَنةٌ في إبراهيمَ والّذينَ مَعَهُ )

فيا أيُّها الّذين آمنوا و قُلنا لكم لاتَتّخِذوا عَدوّى وعدوّكم أولياءَ قد كانت لكُم اُسوَةٌ حَسَنةٌ فى إبراهيم الخَليل، وَمَن مَعَهُ في التَّبَرَي مِن أعداءِ الله

( إذ قالوا لِقومهم : إنّا بَرَؤاءُ مِنکُم وَمِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ الله )

حيث قال إبراهيمُ والّذين مَعَهُ لِقومِهم أتباعُ نَمرودَوها مانَ إنّا بريئونَ مِنکُم وَ مِمّا تَعبدونَ مِن دونِ الله کنمرودٍ والأصنام ،

( کفرنا بکُم و بَدا بينَنا و بينکُمُ العَداوةُ و البَغضاءُ أبَداً حتّی تُؤمنوا باللهِ وَحدَهُ )

فقالوا لهُم إنّا کفَرنا بِکُم و تبرَّأنا مِنکُم و ظَهَر بينَنا و بينَکُمُ العِداءُ و الکَراهَةُ والبُغضُ أبَداً حتّيٰ أن تُؤمِنوا فذلکَ کونوا أيُّها المُسلِمون وَ تَأَسّوا بإبراهيمَ و مَن مَعَهُ ،

( إلّا قولَ إبراهيم لِأبيهِ لَأستغفِرَنَّ لَکَ و ما أملِکَ لَکَ مِنَ اللهِ من شيءٍ )

إلاّ أنّهُ لا تتأسّوا بقولِ إبراهيمَ لِعَمّهِ آزَرَ الّذى رَبّاهُ سأطْلُبُ المَغفِرَةَ لكَ مِنَ اللهِ و ما أملِكُ شَفاعَةً لكَ مِنَ اللهِ شيئا” يُنجيكَ مِن عذابِهِ ،

( رَبّنا عليكَ تَوكّلنا وإليكَ أنَبنا وإليكَ المَصير )

فَبَعَدَ أن قال لِعَمّهِ آزَرَ أنا لا أملِك لَكَ مِنَ الشفاعَةِ إبتَهَلَ إليهِ قائِلاً : رَبّنا عليکَ توَکّلنا بالإيمان و إليکَ أنَبْنا و رَجَعنا مِنَ الإثم و إليکَ المَصير ليَفَهَمَ آزَر شرائِطَ النَّجاة ،

( رَبّنا لا تَجعلنا فِتنَةً لِلّذين کَفَروا و اغفِرلَنا رَبّنا إنّکَ أنتَ العزيزُ الحکيمُ )

وَأضافَ إبراهيمُ ربَّنا لاتجَعَلنا تحَتَ سُلطَةِ الكُفّار إمتحاناً لَهُم و اغفِرلنا وَعَدَنا لِعَمِّنا الكافِر بالإستغفارِ لَهُ إنّكَ أنتَ العزيزُ الحكيمُ فى سُلطانِه.

( لَقَد کانَ لکم فيهِم اُسوَةٌ حَسَنةٌ لِمَن كانَ يَرجوا اللهَ واليومَ الآخر )

لَقَدكانَ فى إبراهيمَ وَمَن مَعَهُ لكُم اُسوَةٌ حَسَنَةٌ تتَأسّونَ بِهِم في التَّبَريّ و العِداء لأِعداءِ اللهِ وذلك لِمَن كانَ يخافُ اللهَ و عذابَ اليومَ الآخر و يَرجو النّجاةَ ،

( وَمَن يَتوَلَّ فإِنَّ اللهَ هو الغَنُّى الحميدُ )

ومَن يُعرِض عن هذا الواجبِ الشَّرعيّ والفَرضِ الدّيني ولايَتَبَرّي مِن أعداءِ اللهِ وأعداءِ محُمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص) فَليَعلَم بِأنّ اللهَ غنيٌّ حميدٌ لِمَن لايُعرِض عَنهُ

( عَسى الله أن يجَعَلَ بينَكُم و بَيْن الّذين عادَيْتُم مِنهُم مَوَدَّة و اللهُ قَديرٌ واللهُ غفورٌ رحيم )

يا حبيبي عَسى اللهُ بِحكَمتِهِ أن يَجْعَلَ بَيْنكَ و بَيْن بَني اُميّةَ و أبي سفيان الّذين عادَيْتُم مَودَّﺓً فَتَتَزَوَّج بِنَتَهُ أمَّ حبيبةَ و اللهُ قادرٌ عليمٌ و هو رؤفٌ رحيمٌ بِک ،

( لاينَهاکُمُ اللهُ عنِ الّذين لَم يُقاتِلوكُم في الدّينِ ولم يُخرجوکم مِن ديارکم أن تَبَرّوهُم وتُقسِطوا إليهم إنَّ اللهَ يُحبُّ المُقسِطين )

لايَنهاکمُ اللهُ عن مَوادّةِ الّذين لم يُعادوکم فی الدّين مِن بَني اُميّة ولم يُقاتِلوکم و يُخرجوکم من بيوتکم فلا ينهاکم أن تُحسِنوا إليهم كمُعاوية الثّاني و تَعدِلوا فيهِم إنَّ اللهَ يُحِبُّ العُدُول منكم .

( إنّما ينهيٰكم اللهُ عن الّذين قاتَلوكم في الدّين و أخرَجوكُم مِن ديارِکُم و ظاهَروا عليٰ إخراجِكُم أن تَوّلَوهُم و مَن يتَولَّهُم فأولئِک هُمُ الظّالمون )

إنّما يَنهاكُمُ اللهُ عن مَوَدَّةِ الّذين قاتَلوكُم في الدّين مِنهُم و أَخرَجوكُم من بيوتِكُم و سانَدوا علي إخراجِكُم بِأن تَتَولّوهُم و مَن يَتَولّهُم فهوَ ليسَ فَقَط يُعينُ علي الظُّلم بَل أولئك هُمُ الظّالمون !

( يا أيُّها الذّين آمَنوا إذا جاءَكُمُ المُؤمِناتُ مُهاجراتٍ فامتحنوهُنَّ أللهُ أَعلَمُ بإيمانِهنَّ )

يا أيّها المُسلمون إذا جاءَتكُم المُؤمناتُ مُهاجراتٍ مِن دارِ الكُفرِ إلی الإسلام فاختَبِروهُنَّ فَرُبّما كُنّ جواسيس أو هارِباتٍ و لَسنَ مُسلماتٍ ،

( فَإِن عَلِمتُموهُنَّ مُؤمناتٍ فَلا تُرجِعوهُنَّ إلى الكُفّار لا هُنَّ حِلٌّ لهم و لا هُم يَحِلّون لَهُنّ )

فَإن عَرفتُموهُنَّ أَنَهُنّ مُؤمناٍت بالإسلام فَلا تَردّوهُنّ إلى أزواجِهِنّ الكُفّار لا هُنَّ حَلالٌ لأِزواجِهِم الکُفّار و لا هُم يَحِلّونَ لَهُنّ بَعدَ إسلامِهِنّ .

( و آتوهُم ما أنفَقوا و لاجُناحَ عليكُم أن تَنكِحوهُنَّ إذا آتيتموهُنّ اُجورَهُنّ )

و أمّا مهورَهُنّ مِن أزواجِهِنّ الكُفّار فآتوهُم ما أنفَقوا فيها و لا ضَيْر عليكم بعدَ ذلك أن تنكحوهُنّ إذا آتيتموهُنّ المَهر و عَقَدْتُم عليهِنّ بَعدَ العِدّة ،

( ولا تُمسِكوا بِعِصَمِ الكوافِر و اسألوا ما أنفَقتُم وليسئلوا ما أنفَقوا )

و لا تمُسِكوا إمساكَ نِكاحٍ بِمِعصَمِ الكافراتِ لا إبتداءً حيثُ يحَرُمُ نكاحُهُنّ ولا إستمرارا” إذا ارتَدَدْنَ وحينئذٍ طالِبوا ما أنفَقتُم عليهِنّ مِنَ المَهرِ وليَسألِ الكُفّارُ ما أنفَقوا علىٰ المُهاجرات ،

( ذلکُ حُکمُ الله يَحکُم بينَكُم وَاللهُ عَليمٌ حکيمٌ )

و هذا الحُكمُ الشَّرعيُّ هو حُكمُ اللهِ و ضَروريٌّ في دين الإسلام لا يَتَغيَّر إليٰ يوم القيامَةِ وَاللّهُ يحكُمُ بيْنَكُم و بَيْن الكُفّار واللهُ عليمٌ حكيمٌ بِمَصالِحِكُم ،

( وَإِن فاتَكُم شيءٌ مِن أزواجِكُم إليٰ الكُفّارفعاقَبتُم فآتوا الّذين ذَهَبت أزواجهم مِثلَ ما أنفَقوا )

و إن فاتَتكم بعضٌ مِن زوجاتِكم فَهَر بْنَ إليٰ الكُفّار فَعاقَبتُم و قاتَلتُم الكفّار فَغَنِمتُم فآتوا الّذين ذَهَبت زوجاتُهم مِثلَ ما أنفَقوا مهورَهُنّ مِن الغَنيمةِ ،

( وَاتَّقوا اللهَ الّذي أنتُم بهِ مُؤمنون )

وَاتَّقوا اللهَ بِمَنعِ حَقِّ مُسلمٍ من الغَنيمةِ واتّقوهُ بِأن تُخالِفوا أحكامَهُ فإنّكم آمَنتُم بهِ فَيَجِبُ عليكم أن تُطيعوه .

( يا أيّها النّبيُّ إذا جاءَكَ المؤمناتُ يُبايِعْنَكَ )

يا أيّها النَبيّ محمّد (ص) إذا جاءَتك النِّساءُ لِيُسلِمنَ فَأظَهَرنَ الإيمانَ و الشَّهادَتَيْن وجِئنَ يُبايِعنَكَ علىٰ الإسلام بهذِهِ الشّروط :-

( عليٰ أن لا يُشرِكنَ باللهِ شيئاً و لا يَسرِقنَ و لا يَزنينَ و لا يَقتُلنَ أولادَهُنَّ )

علیٰ شرطِ أن لايُشرِکنَ بعبادِةِ اللهِ و بطاعَتِهِ شيئاً دونَهُ و لا يَسرِقنُ مالَ مُسلِمٍ و لا يَزنينَ بأنواعِ الزّنا و لا يَقتُلنَ أولادَهُنّ إسقاطاً و غيرَهُ ،

( و لا يأتينَ بِبُهتانٍ يَفترينَهُ بَيْنَ أيديهِنّ و أرجُلِهِنَّ و لا يَعصينَكَ في مَعروفٍ )

وَلا يأتينَ بِبُهتانٍ في وَلَدٍ يَفترينَهُ بَيْنَ أيديهِنَّ و أرجُلِهِنّ فَيَنسِبنَهُ إليٰ غَيرِ أبيهِ و لا يَعصينَكَ في الحِجابِ و العِدّةِ و ما شاكَل ،

( فَبايِعهُنّ و استَغفِر لَهُنَّ اللهَ إنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ )

فإن بايَعنَكَ بهذهِ الشّروطِ صِدقاً فَبايِعهُنَّ واقبَل إسلامَهُنَّ واستَغفِر لَهُنّ ما سَلَفَ مِنهُنّ مِن الكُفرِ إنّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ لِمَن آمَن

( يا أيّها الذّين آمَنوا لا تَتَولَّوْا قوماً غَضِبَ اللهُ عليهم )

يا أيُّها الذّين آمَنوا باللهِ لا تَتَولَّوْا و لا تَتَّخِذوا أولياءَلَكُم قوماً مِنَ‌ المُنافقينَ أعداءَ محمّدٍ و أهل بيتِهِ (ع) غَضِبَ اللهُ عليهم لِظُلمِهِم آلَ مُحمدٍ (ص)

( قَد يَئِسوا مِنَ الآخِرةِ كما يَئِسَ الكُفّارُ مِن أصحابِ القُبور )

قَد يَئِسوا مِن شَفاعَةِ محُمّدٍ وآل محُمدٍ (ص) في الآخرة ويَئِسوا مِن رَحمَةِ اللهِ لِظُلمِهِم لآِلِ محمّدٍ كما يَئِسُ الكُفّارُ مِن قُريشٍ أصحاب القُبور مِن رَحمَةِ الله .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 870-864 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *